باب : " باب من لم يواجه الناس بكلامه " الكلام على إسناد حديث أنس رضي الله عنه : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم قل ما يواجه الرجل بشيء يكرهه فدخل عليه يوما رجل وعليه أثر صفرة فلما قام قال لأصحابه لو غير أو نزع هذه الصفرة )
وقرأنا فيه حديث عائشة ( سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ترخّص فيه فتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فخطب فحمد الله ثم قال ما بال أقوام يتنزهون عن شيء أصنعه والله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية ) .
وعلقنا على هذا الحديث بما يناسب المقام .
أما الحديث الذي بعده في هذا الباب فهو حديث ضعيف فعلى ذلك نحن نعرض عنه
1 - باب : " باب من لم يواجه الناس بكلامه " الكلام على إسناد حديث أنس رضي الله عنه : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم قل ما يواجه الرجل بشيء يكرهه فدخل عليه يوما رجل وعليه أثر صفرة فلما قام قال لأصحابه لو غير أو نزع هذه الصفرة ) أستمع حفظ
شرح باب : " باب من قال لآخر يا منافق في تأويل تأوله "
قوله : " باب من قال لآخر يا منافق في تأويل تأوله " .
في الأحاديث السابقة كان هناك حكم خاص من الشارع الحكيم يحذر فيه الرسول صلوات الله وسلامه عليه المسلم أن يتهم أخاه المسلم بشيء ليس فيه كأن يقول له يا كافر أو يا عدو الله أو ما أشبه ذلك الآن وهذا من فقه الإمام البخاري رحمه الله يعقد بابا ليلفت النظر إلى أن الحكم السابق ليس على إطلاقه دائما وأبدا فقد يخاطب المسلم أخا له مسلما بمثل تلك الكلمة كافر أو منافق وله عذر في ذلك في تأويل تأوله يعني اجتهاد اجتهده فإذا قال المسلم لأخ له مسلم كافر أو منافق أو عدو الله أو أي شيء لم يقله عن هوى في نفسه وعن إرواء لغيظ قلبه وإنما قال ذلك لما بدا له من عمل متعلق بذاك الذي قال له يا كافر.
هذا الباب يشير إلى هذا الحكم ويسوق الآن هنا حديثا صحيحا فيه الدليل على ما ترجم له في هذا الباب أي أنه لا يشمل ذلك الحكم من قال لأخيه المسلم منافق باجتهاد وبتأويل .
شرح حديث علي رضي الله عنه قال : ( بعثني النبي صلى الله عليه وآله وسلم والزبير بن العوام وكلنا فارس فقال انطلقوا حتى تبلغوا روضة كذا وكذا وبها امرأة معها كتاب من حاطب إلى المشركين ... )
عن أبي عبد الرحمن السلمي قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول : ( بعثني النبي صلى الله عليه وآله وسلم والزبير بن العوام وكلنا فارس فقال انطلقوا حتى تبلغوا روضة كذا وكذا وبها امرأة معها كتاب من حاطب إلى المشركين فأتوني بها فوافيناها تسير على بعير لها حيث وصف لنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا الكتاب الذي معك قالت ما معي كتاب فبحثناها وبعيرها فقال صاحبي ما أرى فقلت ما كذب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذي نفسي بيده لأجردنك أو لتخرجنه فأهوت بيدها إلى حجزتها وعليها إزار صوف فأخرجت فأتينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال عمر خان الله ورسوله والمؤمنين ) .
هنا الشاهد أن عمر يقول في حاطب وهو رجل من أهل بدر ممن شهد بدر كما ستسمعن فيما يأتي مع ذلك قال فيه عمر بن الخطاب : ( خان الله ورسوله والمؤمنين ) لكن قال هذا لما شاهد من الفعل القبيح فلم يؤاخذه الرسول عليه السلام وما طبق عليه الأحاديث السابقة ( من قال لأخيه المسلم يا كافر فقد باء به أحدهما ) ما طبق عليه هذا الحكم لأن عمر قال هذا الكلمة وخوّن حاطبا معتمدا على ما بدا من عمله الذي هو عمل المنافقين قال ( فقال عمر خان الله ورسوله والمؤمنين دعني أضرب عنقه وقال: ما حملك فقال ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله وأردت أن يكون لي عند القوم يد قال صدق يا عمر أوليس قد شهد بدرا لعل الله اطلع إليهم فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة فدمعت عينا عمر وقال الله ورسوله أعلم ).
نعود إلى الحديث ونسمع بعض الكلمات منه ثم نعلق عليه بما يسر .
قال علي : ( بعثني النبي صلى الله عليه وآله وسلم والزبير بن العوام وكلانا فارس ) أي راكب كل واحد راكب على فرسه وكان ذلك للحاق بالمرأة التي أرسل الخطاب معها إلى المشركين هذه المرأة أرسل معها حاطب بن أبي بلتعة هذا خطابا إلى المشركين في مكة ينذرهم أن الرسول عليه السلام يريد أن يحاربهم وأن يهاجمهم ولا شك أن مثل هذا العمل فيه خطورة كبيرة جدا لأنه فيه تنبيه الأعداء المشركين أن استعدوا لمجيء الرسول عليه السلام مقاتل لكم هذا بلا شك عمل المنافقين لكن الله عز وجل الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء أوحى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنه امرأة صفتها كذا وكذا ترسل معها خطاب إلى المشركين وهي في مكان كذا فأرسل الرسول عليه السلام هذين الصاحبين الجليلين علي والزبير وكلاهما على فرس منشان المطاردة والسرعة واللحاق بالمرأة قبل أن تفوتهم قال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( انطلقوا حتى تبلغوا روضة كذا وكذا ) لم يفصح الراوي هنا عن اسم الروضة وهذا يشعر الباحثين بأنه مما ذهب عن حفظ الراوي اسم الروضة لأنه الرسول عليه السلام لا يمكن لا يعقل أن يقول لعلي والزبير حتى تأتوا روضة كذا وكذا لابد ما يسميها بعينها كيف يقول الراوي هنا روضة كذا وكذا أي لم يحفظ الاسم أحد الراوة في هذا الكتاب ولكن الإمام البخاري نفسه في كتابه الصحيح وكذلك الإمام مسلم رويا هذه القصة بأكمل مما هنا وفيها فوائد أكثر مما هنا .
من ذلك أن الرواية هناك كشفت عن اسم الروضة فقال لهما ( حتى تأتوا روضة خاخ ) خائين بينهما ألف روضة خاخ هكذا اسم ذلك المكان الشاهد أن الرسول عليه السلام عيّن لهم المكان الذي على الفارسين علي والزبير أن يتقصداه ليجدا المرأة هناك قال لهما ( انطلقوا حتى تبلغوا روضة كذا وكذا وبه امرأة معها كتاب من حاطب إلى المشركين فأتوني بها ) فهنا يقول فوافيناها تسير على بعير لها هنا كلام فيه طي يعني فانطلقنا واستمررنا نسير حتى وجدناها تسير على بعير لها حيث وصف لنا النبي صلى الله عليه وسلم أي عند روضة خاخ فقلنا ( الكتاب الذي معك ) يعني أخرجي الكتاب الذي معك ( قالت ما معي كتاب ) بطبيعة الحال امرأة مثل هذه آخذة أجر لتبليغ الكتاب للمشركين سوف لا تبادر إلى الاعتراف بالكتاب الذي معها وإنما تجحد وتنكر فبحثناها وبعيرها فتشوها تفتيش بقدر ما يساعد على ذلك الإسلام مبدئيا لأنه الرجل ممكن تفتيشه تفتيشا أدق من المرأة ففتشوها تفتيش شكلي حتى فتشوا البعير الذي كانت تركبه ما وجدا الكتاب فما كان لهم إلا أن يهدداها لكن جرى نوع من المباحثة بين الصاحبين بين علي وبين الزبير قال صاحبي علي يقول عن صاحبه الزبير ( ما أرى ) يعني ما أظن الكتاب معها فقلت ( ما كذب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) وهنا فائدة لغوية قول علي ( ما كذب النبي ) لا يعني بلفظة الكذب الذي هو ضد الصدق وإنما يعني بالكذب الخطأ لأنه بعيد عن الزبير أن يدور في خلده أو في ذهنه إنه الرسول عليه السلام بيكذب هذا أبعد ما يكون خطوره على بال المسلم بل على بال رجل من العشرة المبشرين بالجنة لكن الذي ممكن أن يرد على بال أحد هو أن يكون الرسول أخطأ خطأ أما يتعمد الكذب فهذا ما يتصور لذلك قول علي ردا على الزبير لما قال ما أرى الكتاب قوله ( ما كذب النبي ) يعني ما أخطأ أبدا ولا يمكن إلا أن يكون الأمر كما قال عليه السلام ما يخالفه شيء من الخطأ مطلقا ومعنى هذا أن عليا كان أدق نظرا وأكثر إيمانا بالرسول عليه السلام من صاحبه الزبير وهذه على كل حال درجات فقلت ( ما كذب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذي نفسي بيده ) توجه الآن بالخطاب إلى المرأة ( لأجردنك أو لتخرجنه ) يعني بعد ما فتشناك التفتيش الذي يساعدنا عليه الإسلام والمروءة والغيرة وما وجدنا ونبينا صادق بالنسبة لهذه المرأة المشركة وليس بكاذب فإما أن تخرجي الكتاب باختيارك أو نجردك من ثيابك ربي كما خلقتني حينئذ لما وجدت حالها لابد من أن تخرج الكتاب وإلا تعرضت للبهدلة قال الراوي هنا ( فأهوت بيدها إلى حجزتها ) الحجزة هو تحت الخاصرة هو العظمة تبع الفخذ اللي هو معقد الإزار الدقّي يعني حيث لا يقع ولا تهبط هي الحجزة فهي كانت لابسة ثياب ثقيلة وحاطة هناك في حجزتها الخطاب مخبيته هذه الراوية هكذا تقول ( فأهوت بيدها إلى حجزتها وعليها إزار صوف فأخرجت ) لكن رواية الصحيحين في البخاري ومسلم وهما بلا شك أصح من رواية كتابنا هذا تقول رواية الصحيحين بأنها أخرجت الكتاب من شعرها من ظفيرتها ولفظ الحديث هناك ( فأخرجه من عقاصها ) يعني علي أخرج الكتاب من عقاصها والعقاص هو الخيط الذي يعطف فيه أطراف الزوائد أو الشعر المظفور أنتم أعرف طبعا بالخيطان اللي تشد فيها الظفائر والشعور فهناك كانت لافة الخطاب بطريقة سترتها هذه الثياب أخرجت الكتاب من هناك وهذه الرواية رواية الصحيحين أصح من هذه
3 - شرح حديث علي رضي الله عنه قال : ( بعثني النبي صلى الله عليه وآله وسلم والزبير بن العوام وكلنا فارس فقال انطلقوا حتى تبلغوا روضة كذا وكذا وبها امرأة معها كتاب من حاطب إلى المشركين ... ) أستمع حفظ
تتمة شرح حديث علي رضي الله عنه قال : ( فأتينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال عمر خان الله ورسوله والمؤمنين ... ) .
هذا خطاب من رجل من كبار الصحابة ومن أهل بدر وهو حاطب بن أبي بلتعة فعل هذا الفعل الذي هو فعل المنافقين فتوجه الناس إلى عمله هذا القبيح بالنقمة والشدة وخاصة عمر بن الخطاب الذي عرف بشدته في الله عز وجل ولذلك ما كان يسمع مضمون هذا الكتاب إلا واندفع بكل حرارة ليقول ( خان الله ورسوله والمؤمنين دعني أضرب عنقه ) في تلك الرواية رواية الصحيحين ( يا رسول الله إنه منافق دعني أضرب عنقه ) حكم هناك بأنه رجل منافق فالتفت الرسول عليه السلام بعد أن صاح عمر هذه الصيحة الإسلامية التفت بكل هدوء لأنه يعلم ما لا يعلم الناس كما قال عمر في آخر الحديث : ( الله ورسوله أعلم ) التفت إلى حاطب ليقول له ( ما حملك ) يعني هذا العمل عمل المنافقين وأنت من المسلمين السابقين ومن الذين شهدوا بدرا ما حملك على هذا هنا يقول كلام يجمع بين الأمرين بين اعترافه وتأكيده إسلامه واعترافه بالسبب الذي دفعه إلى هذه الكتابة قال ( ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ) أي أنا لست منافقا وأنا لا أزال كما تعهدونني مؤمنا بالله عز وجل ولا أكون إلا كذلك ( ولكن أردت أن يكون لي عند القوم يدا ) في رواية الصحيحين قال حاطب إنه أنا أردت أن يكون لي يد عند قريش لأني لست منهم لست قرشيا يعني له مصالح .
السائلة : هو يهودي .
الشيخ : مين يهودي .
السائلة : حاطب .
الشيخ : هذا حاطب بن أبي بلتعة فهذا كان له مصالح عند قريش وليس من قريش أنفسهم قال ( أردت أن أتخذ عندهم يدا ) حتى إذا ما وقعت حرب بين المسلمين وبين المشركين ما يعتدوا على من كان له هناك هو من أقارب لأنه دخيل في قريش وليس أصيلا فإذا هو وصل هذا الخطاب إليهم بيصير له يد عندهم يعني يشوفوا خاطره فيما إذا صار فيه غزو صار قتال فحينئذ لا يعتدون على أقاربه ولا يسلبون وينهبون أمواله طبعا هذا ليس عذرا لكنه يبين الحقيقة فهو أتى عملا منكرا جدا إلا أن الله عز وجل قد شمل فعله هذا بالعفو والمغفرة لأنه كان من أهل بدر ولذلك التفت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى عمر بعد أن سمع اعتراف حاطب بقوله ( أردت أن يكون لي عند القوم يد قال عليه الصلاة والسلام صدق يا عمر ) يعني الرجل عم يحكي بدون يعني مراوغة وبدون إيش ... عم يحكي بكل صراحة ( صدق يا عمر أوليس قد شهد بدرا لعل الله اطلع عليهم فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة ) الحديث في الصحيحين يقول الرسول عليه السلام لعمر ( لعل الله عز وجل اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم ) اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم معنى هذا الحديث تبشير للصحابة الذين ثبتوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وجاهدوا في غزوة بدر أن الله عز وجل قد غفر لهم ذنوبهم كلها المتقدمة منها والمتأخرة ( اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم ) فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لعمر إنه هذا أتى عملا مكره ولا شك في ذلك حيث كتب إلى المشركين يحذرهم منا ولكن هذا رجل من أهل بدر وقد قال الله عز وجل لأهل بدر ( اعملوا ما شئتم فإن الله قد غفر لكم ) حين ذاك دمعت عينا عمر وقال : ( الله ورسوله أعلم ) .
لماذا بكى عمر يا ترى لأنه فوجئ بشيء لم يكن في حسبانه بينما اندفع بتلك الحرارة ليقول للرسول صلى الله عليه وآله وسلم إنه هذا رجل منافق دعني أضرب عنقه وإذا به يصدم بخبر من الله عز وجل إنه هذا الذي تريد أن تضرب عنقه قد حشره الله عز وجل في زمرة من غفر الله له لأنه من أهل بدر فقال عز وجل كما حكى لنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ( اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم ) حين ذاك بكى عمر متأسفا على ما بدر منه من التهجم على حاطب بينما كان الرسول عليه السلام كما رأيتن هادئا سائلا ( ما حملك على هذا ) فلما قال ما سمعتم قال عليه السلام ( صدق ) ثم أتبعه بخبر إن الله عز وجل قد غفر لأهل بدر فبكى عمر ثم اعترف بقول الحقيقة وهي قوله ( الله ورسوله أعلم ) .
4 - تتمة شرح حديث علي رضي الله عنه قال : ( فأتينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال عمر خان الله ورسوله والمؤمنين ... ) . أستمع حفظ
التنبيه على خطأ يقع فيه بعض الناس، وهو قول: ( الله ورسوله أعلم ) لأمور تفعل بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلمها إالا الله.
أما اليوم فلا يجوز استعمال هذه الكلمة يعني لأبسط لأدنى مناسبة يسأل أحدنا الآخر يقول مثلا البارح عرفت وين صرنا عرفت شو طبخنا أسئلة ناسي الإنسان شو بيكون الجواب الله ورسوله أعلم الشاهد بيكون الجواب الله ورسوله أعلم هنا الرسول لا ينبغي أن يقرن مع الله لأن الرسول عليه السلام الآن في البرزخ هو الآن ينال شيء من ما وعده الله تبارك وتعالى من الجزاء الحسن فهو ليس معنا كالله كما قال تعالى (( وهو معكم أينما كنتم )) يعني بعلمه فإذا الآن سئلنا أي سؤال سئلنا إن كان مهما أو كان ... تعرف شو بتقول الله أعلم ما بتقول الله ورسوله أعلم الله أعلم لأننا إذا قلنا الله أعلم هذا كلام حق لأن الله لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء أما الله ورسوله أعلم اليوم بكل حركة بكل سكنة هذا خطأ وهذا يعتبر من شرك الألفاظ أما إذا كان شرك المعاني هذا بيكون ردة في ناس بيعتقدوا اليوم إنه الرسول عليه السلام موجود في كل مجلس موجود في كل مكان يعني كما يعتقدون في ربهم تبارك وتعالى هذا شرك صريح كفر ردة لكن هاللي ما بيعتقد هذا الاعتقاد ومع ذلك يتلفظ بهذا التلفظ الله ورسوله أعلم هذا اسمه شرك لفظي يعني لازم ينزه لفظه ويطهره مما فيه دنس الشرك ولوثة الشرك إذن إذا سئلنا اليوم عن شيء ما وما بنعرفه بنقول الله أعلم وما بنقول الله ورسوله أعلم .
وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .
5 - التنبيه على خطأ يقع فيه بعض الناس، وهو قول: ( الله ورسوله أعلم ) لأمور تفعل بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلمها إالا الله. أستمع حفظ
بيان تهيئة الأسباب للنبي عليه الصلاة والسلام ليتحمل الرسالة وتبليغ دين الله.
باب : " باب من قال لأخيه يا كافر " شرح حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( أيما رجل قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما ) .
" باب من قال لأخيه يا كافر " .
الحديث الذي أورده في الباب كان قد تقدم برواية أخرى وكأنه يلفت النظر الآن إلى معنى آخر يلتقي مع المعنى السابق أنه يروي هنا بالسند الصحيح .
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( أيما رجل قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما ) .
هذا الحديث تقدم في باب سابق بلفظ : ( لا يرمي رجل رجلا ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك ) .
فهذا الحديث من حيث المعنى يؤكد معنى الحديث السابق فيقول أيما رجل قال لأخيه كافر يعني أنت كافر أو هو كافر هذا تقدير المعنى فقد باء بها أحدهما فقد عرفنا المعنى الصحيح لمثل هذه الجملة من الدرس السابق باء بها أحدهما إن كان المقول له كافر فعلا فقد وقعت الكلمة في محلها وإن كان المقول له ليس كافرا بل هو مسلم ولكن قد يكون فاسقا بل وقد يكون صالحا فيعود اسم من أطلق على ذاك المسلم كلمة كافر على هذا المطلق .
أريد أن أؤكد ما شرحته في الدرس السابق الحديث يعطينا شيئين:
الشيء الأول أنه لا يجوز للمسلم أن يكفر مسلما وهذا أمر واضح الشيء الثاني وهنا الدقة إذا قال المسلم لأخيه المسلم كافر وكان هذا المكفر هذا الذي قيل له من مسلم قيل له كافر الظاهر مسلم لكن في الحقيقة يعلم الله أنه كافر فقد وقعت الكلمة في محلها ولا إثم على الذي أطلق عليه كلمة الكفر فهذا واضح أيضا لكن الدقة إذا كان الأمر ليس كذلك أي إذا كان المكفر في علم الله عز وجل ليس كافرا ولا يستحق كلمة الكفر فماذا يصيب الذي كفر الذي قال لذاك المسلم أنت كافر وهو حقيقة عند الله ليس بكافر فما الذي يلحق المكفّر ظاهر الحديث إنه بيرجع هو بيصير كافر ما بيصير كافر إذن شو المعنى يلحقه إثم الكفر إثم الكفر زيد قال لعمرو أنت كافر عمرو المكفّر له حالة من حالتين إما أن يكون حقيقة عند الله كافر فالكلمة أصابت محلها ولا إثم على المكفّر وإن كان الحقيقة أن المكفَّر الذي هو عمرو هو في واقع علم الله عز وجل ليس كافرا بل هو مسلم يعود على المكفّر إثم التكفير يعود عليه إثم التكفير لا يعود عليه التكفير مفهوم عمل القضية هي يعني أنا لا سمح الله إذا قلت لواحد من المسلمين أنت كافر إذا كان هذا في الظاهر يبدو لنا أنه مسلم لكن أنا استشهدت حقيقة أمره فقلت له أنت كافر وفعلا هو عند الله كافر ما فيها شيء فالكلمة هي أصابت محلها لكن لا سمح الله إذا كان هو مسلم عند الله عز وجل وأنا إما يعني متقصد نكايته والطعن فيه بغير حق أو إني غلطت فحينئذ هو لا يمسه هالكلمة بسوء يبقى مسلما كما يعلمه الله عز وجل لكن أنا بأى لما قلت له كافر وليس بكافر الحديث يقول ( فقد باء بها أحدهما ) هذاك قلنا مسلم ليس بكافر إذن هل أبوء أنا بهذا التكفير؟
الجواب أنا أبوء لا سمح الله بإثم التكفير مش بحكم التكفير وضحت لكم القضية هذه لأنه هذه مهمة جدا لأنه كثير من الناس بيفهموا مجرد ما يقول واحد للثاني يا كافر أو كما مضى في الحديث السابق يا عدو الله بيرجع هو بيصير ايش؟ كافر بمجرد الكلمة هي اللي اتهم بها أخوه المسلم أو بمجرد ما قال له يا عدو الله صار هو عدو الله لا إذا كان هذاك مسلم وليس كافرا وليس عدو الله بيلحق الملقب له بهذه الكلمة بيلحقه إثم التكفير وليس حكم التكفير فالمصنف كأنه أعاد هذا الباب لتتركز هذه الحقيقة في ذهن المسلم.
بنفس المعنى الحديث الثاني في هذا الباب وهو أيضا عن ابن عمر لكن بلفظ ( إذا قال للآخر كافر فقد كفر أحدهما إن كان الذي قال له كافرا فقد صدق وإن لم يكن كما قال له فقد باء الذي قال له بالكفر ) هذه احفظوها بدل بالكفر بإثم الكفر أو بإثم التكفير هذا أصح
7 - باب : " باب من قال لأخيه يا كافر " شرح حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( أيما رجل قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما ) . أستمع حفظ
شرح باب : " باب شماتة الأعداء "
يقول : " باب شماتة الأعداء "
شماتة الأعداء مفهوم شو هي الشماتة قال في الحديث وأقولها من باب رمي عصفورين بحجر واحد كما يقال في الحديث المشهور وهو غير صحيح ( لا تظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك ) قد يصح هذا المعنى أحيانا لكن المهم الناحية الحديثية حديث غير صحيح لا تظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك شو معنى هذا الكلام إذا قال لك شخص عدو خلاف نزاع شخصي مادي إلى آخره فلا تفرح بما يصيبه من بلاء كما يقال لذاك المسلم لا تفرح لما يصيب أخاك المسلم من بلاء لأنه هذا لا يجوز شرعا لأنه الرسول عليه السلام يقول في الحديث الصحيح المشهور ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) فهل أنت بتحب أن تصاب بمصيبة فيشمت بها عدوك؟ الجواب لا كذلك أنت لا تشمت ببلية تصيب أخاك المسلم لأنه هذا ينافي الإيمان الكامل الصحيح .
شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من سوء القضاء وشماتة الأعداء ) .
تحت هذا الباب شماتة الأعداء أورد هذا الحديث الصحيح .
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من سوء القضاء وشماتة الأعداء ) .
ماهو سوء القضاء سوء القضاء يعني سوء المقضي يعني سوء الشيء المخلوق الذي يخلقه الله عز وجل بحكمة لكن فيه أذى وفيه مصيبة لبعض الناس فالرسول صلى الله عليه وسلم يتعوذ من سوء القضاء يعني سوء الشيء المقضي .
نحن المسلمين دائما نذكر شروط الإيمان أو من شروط الإيمان الإيمان بالقضاء والقدر أو بالقدر والقضاء فهل هناك فرق بين القدر وبين القضاء أو بين القضاء والقدر؟
هناك فرق نعم وفرق دقيق لكن كل من القدر والقضاء أمران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر مع إنه هناك فرق القدر هو الشيء الذي قدره الله عز وجل منذ الأزل في اللوح المحفوظ هذا هو القدر فلو فرضنا إنه بعد مئة سنة مثلا نقدر بإنه يقع شيء لسى ما وقع فما دام أنه ما وقع لا يسمى قضاء فإذا ما وقع القدر المقدر صار قضاء فهذا هو المعنى الذي قلت إنه مافي انفصال بين القضاء والقدر بمعنى كل شيء مقدر لابد أن يقع وكل ما وقع وقضي وحكم به لابد أن يكون مقدرا في السابق
لكن قد يتأخر القدر لأنه شو معنى القدر كما قال تعالى (( وكل شيء قدرناه تقديرا )) القدر هو تنظيم الأمور بدقة متناهية ووضع كل شيء في محله فربنا عز وجل إذا كان مقدر مثلا نزول عيسى عليه السلام بعد ألف سنة فهذا مقدر لكن ما بيصير قضاء حتى يصبح حقيقة واقعة .
هنا نرى كان الرسول عليه السلام يفعل كان يتعوذ من سوء القضاء أو من سوء المقضي أي الشيء الذي خلق وقضي وانتهى أمره وهذا سوء القضاء ممكن أن يفسّر بالنسبة للمسلم على معنيين لا شك أن المسلم يعيش بين الخير وبين الشر والشر كل إنسان يتأذى به ولكن إذا ما تذكرنا صفة المسلم الحقيقية الصفة الحقيقية التي يجب على كل مسلم أن يتلبس بها نتذكر أن السوء الذي يقدر على المسلم يعود بالنسبة إليه خيرا فإذا لم يعد عليه خيرا كان بالنسبة إليه شرا وكان سوءا أريد بهذا الكلام التذكير بالحديث الصحيح وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( عجب أمر المؤمن كله ) ( عجب أمر المؤمن كله إن أصابه خير حمد الله وشكر فكان خيرا له ) إن أصابه ما يسره ما يرضيه حمد الله فكان خيرا له ( وإن أصابه ما يكربه وما يحزنه صبر فكان خيرا ) فهذا السوء الذي أصابه حينما صبر عليه انقلب خيرا فالمسلم حينما يقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم ويتعوذ من سوء القضاء شو معناه هل معنى ذلك إنه هذا القضاء لا يقع لا يمكن كل شيء كما ذكرنا آنفا مقدر لابد ما يقع فيصبح قضاء واقعا لكن هذا القضاء الواقع إن كان شيء يسيء للمسلم وبيحزنه فما فائدة الاستعاذة من هذا السوء هو أن يصبر عليه الاستعاذة من السوء هو أن يرضينا الله عز وجل من شر هذا القضاء ولو بأن يقول رضيت بما قدره الله عز وجل فينقلب هذا الشر حينئذ بالنسبة إليه خيرا هذا فائدة الاستعادة من سوء القضاء ليس معناه إنه يصرف عنا القضاء المقضي لابد أنه واقع ولكن بالنسبة بأى للمسلم لما بيتلقى هذا القضاء بطيب نفس وبصبر حينئذ هذا القضاء اللي هو سيء واقعيا سيء ينقلب إلى صالح هذا العبد المسلم .
( فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من سوء القضاء وشماتة الأعداء ) شوفوا كيف إنه الرسول صلوات الله وسلامه عليه في جملتين يجمع بين ما يجب أن يكون عليه المؤمن بالنسبة لرضاه بقضاء الله عز وجل وقدره والصبر عليه وهذا فيه إلزام على خلاف طبيعة الإنسان هذا من جهة من جهة أخرى يتجاوب مع طبيعة الإنسان ويبيح له أن يستعيذ بالله عز وجل من شماتة الأعداء لأنه هذا حق النفس يعني أنا أعوذ بالله عز وجل من أن أصاب بمصيبة يفرح بها عدوي إذن هذا حق نفسي أنا ألا يفرح بي عدوي فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن للمسلم هذا الحق أن يستعيذ من شماتة الأعداء ومعنى هذا في الواقع ألا يبتلي الله المسلم بمصيبة فيفرح بها عدوه ويشمت من أجلها عدوه بهذا المسلم فأنا أعوذ بالله عز وجل من شماتة الأعداء هذا من حق النفس لكن حق النفس ليس كله مشروع في شيء منه مشروع وهذا منه أن نستعيذ بالله عز وجل من شماتة الأعداء وفيه شيء غير مشروع وذلك مما ذكرنا آنفا واحد زعل من الثاني بيروح بيسبه بيقول له كافر عدو الله أو كلمة تقوم مقامها من الألفاظ المبتذلة المستعملة اليوم مثلا لأدنى خطأ بيقول له أنت ... أنت ما بتفهم إلى آخره كلمات معروفة بين الناس تماما
فعلى المسلم إذن من ناحية أن يضبط ألفاظه وألا يتكلم كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ( لا تكلمن بكلام تعتذر به عند الناس ) والله أنا ما قصدت أنا أنا قلت هيك لكن ما قصدت المعنى هاللي أنت فهمته يقول بعض الحكماء " لسان العاقل وراء عقله ولسان المنافق أو الفاسق بعد إيش قبل عقله " يعني بيتكلم بالكلمة بعدين يفكر فيها يعني مو طيب الإنسان العاقل الحكيم قبل أن يتلفظ بهذه الكلمة يا ترى هل الناس ... يا ترى هل وضعها في محلها هذا من معاني قوله عليه السلام ( لا تكلمن بكلام تعتذر به عند الناس ) وكما قال في الحديث الآخر ( إياك وما يعتذر منه ) إياك وما يعتذر منه هذه الجملة القصيرة أبلغ من الجملة السابقة السابقة خاصة في الكلام ( لا تكلمن بكلام تعتذر به عند الناس ) أما قوله عليه السلام في الحديث الآخر ( إياك وما يعتذر منه ) أي إياك أن تتكلم أن تعمل أم أم أي شيء تكتب فتضطر إلى أن تعتذر إياك وما يعتذر منه سواء كان كلاما أو كتابة أو فعلا أو نحو ذلك فمن هذا الباب لا تقل للمسلم يا كافر فقد باء بها أحدهما ومن الأدب إذن الذي قلّ التأدب به بين المسلمين لجهلهم بالسنة الاستعاذة من سوء القضاء وشماتة الأعداء
9 - شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من سوء القضاء وشماتة الأعداء ) . أستمع حفظ
باب : " باب السرف في المال " شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ... ) .
" باب السرف في المال "
أي ما حكم السرف في المال بيذكر الآن حديثا بإسناده الصحيح .
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ) .
في هذا الحديث خصال يرضاها الله عز وجل منا وأخرى يكرهها منا يقول عليه الصلاة والسلام ( إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ) ليس المقصود هنا في هذا الحديث من لفظة الرضا مجرد أن الله عز وجل يحب ذلك من عبده المؤمن لأن الله عز وجل يحب من عبده المؤمن كل خصال الخير وكل أعمال الخير يحب مثلا أن يتصدق الإنسان بأكبر كمية من المال فوق الزكاة التي أمره الله بها يحب منه ويرضى له أن يصلي في الليل والناس نيام فوق صلاته الصلوات الخمس فهنا يرضى لفظة يرضى رضاء آمرا به وأول الأمر أول ما يؤمر به الإنسان كما قال ربنا عز وجل في القرآن (( يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر )) .
فأول شيء يؤمر به الإنسان هو عبادة الله عز وجل وتوحيده فحينما قال هنا يرضى لكم لا يعني إنه فعلته منيح يرضى منكم وما فعلته ما عليك شيء لأنه هذا رضا بأمر مأمور به .
فقال عليه السلام : ( إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ) .
يجب أن تلاحظوا مثل هذا التعبير النبوي الذي يتكرر في كثير من الأحاديث الصحيحة أن تعبدوا الله ولم يسكت ما قال عليه السلام يرضى لكم أن تعبدوا الله وإنما عطف على هذه الجملة جملة أخرى فقال ( ولا تشركوا به شيئا ) هذه الجملة المعطوفة على الأولى ليست عبثا بل هي تمام التوحيد لأن الله عز وجل حينما قال لنبيه عليه السلام مخاطبا في شخصه أمته (( فاعلم أنه لا إله إلا الله )) لم يقل فاعلم أن الله موجود لا (( لا إله إلا الله )) في نفي وفي إثبات فإذا واحد عبد الله عبد الله ولكن ربما يعبد مع الله غيره فهذا ما حقق لا إله إلا الله كذلك لم يحقق قول الرسول عليه السلام فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا فالذي يعبد الله ويعبد معه غيره حقق الجملة الأولى فاعبدوا الله وما حقق الجملة الأخرى ( ولا تشركوا به شيئا ) هذا هو التوحيد وهذه الحقيقة مع الأسف الشديد يغفل عنها كثير من علماء المسلمين فهما وأكثر المسلمين عملا هذه المصيبة الكبرى ذلك لأنهم لا يفهمون من الكلمة الطيبة كلمة التوحيد لا إله إلا الله إلا عبادة الله ليس هذا فقط وإنما إلا عبادة الله وحده لا شريك له فمن عبد الله وعبد معه غيره فما وحده
لذلك علماء المسلمين المحققين وأظن ذكرت لكم هذا أكثر من مرة بيجعلوا التوحيد ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الصفات فكما يجب أن نعتقد أن الله عز وجل واحد في ذاته يعني مافي معه خالق ثاني وهذا يشترك فيه كل العالم لا فرق بين مسلم وبين كافر بين مسلم بين يهودي بين نصراني بين بوذي بين كفشيوسي إلى آخره كلهم يعتقدون أن هذا الكون له خالق وهذا أمر بدهي فطري كما قال تعالى (( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون )) هذا مستحيل هذا اسمه توحيد الربوبية يشترك فيه كل المؤمنون بأن لهذا الكون خالقا فهل لذلك يصبح هذا الموحد توحيد الربوبية مسلما؟ الجواب لا لابد أن يضم إلى توحيد الربوبية توحيد الألوهية وبعبارة أخرى توحيد العبادة أي كما أننا نعتقد أن الله عز وجل واحد في ذاته لا شريك معه يخلق معه كذلك يجب أن نعتقد مع هذا التوحيد أن الله عز وجل يجب أن يوحد وحده أن يعبد وحده ولا يعبد معه سواه فالمشركون الذين بعث إليهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه التوحيد الأول كانوا يؤمنون به كانوا يعتقدون أن الله هو الذي خلق السماوات والأرض
وهناك آيات كثيرة جدا في القرآن الكريم تصرح أن المشركين إذا قيل لهم من خلق السماوات والأرض قالوا الله فهم يؤمنون بهذا لكان إلى ماذا دعاهم الرسول عليه السلام فاستعصوا عليه في الدعوة فقاتلهم عليه الصلاة والسلام دعاهم إلى أن يوحدوا هذا الذي يعتقدون أنه خلقهم وخلق الدنيا كلها أن يعبدوه وحده لا شريك له فأنكروا ذلك عليه وقالوا (( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب ))
ماهي الآلهة التي كان يتخذها المشركون يعبدونها من دون الله تبارك وتعالى هل هي تخلق مع الله في اعتقادهم الجواب لا كما في القرآن الكريم وفي التفسير الصحيح بالنسبة لنوح عليه السلام لما وعظ قومه وأنذرهم وكفر جمهورهم به فتناصحوا بينهم زعموا فقال بعضهم لبعض لا تذروا آلهتكم (( وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا )) شو هذول الأشخاص كانوا أرباب يعتقدون أنهم يخلقون مع الله الجواب لا الجواب كما قال ابن عباس " هؤلاء خمسة صالحين كانوا في قومهم " ناس صالحين فلما ماتوا القصة طويلة ما لنا فيها الوقت انتهى إنما " غلو فيهم فعبدوهم من دون الله عز وجل " صاروا يسجدوا لهم صاروا ينذروا لهم ويذبحوا لهم كما يفعل كثير من المسلمين اليوم مع الأسف الشديد فاتخذوهم آلهة وسموهم هن عم يقولوا بلسانهم لا تذرن آلهتكم إذن كل شخص ولو كان مخلوقا يخضع له ويعبد ولو كان يعبد من جهة أخرى ربه زعم لكن ما دام عبد مع الله غيره فقد أشرك معه في الربوبية لا وإنما في الألوهية أو في العبادة لذلك فهذا النوع الثاني من التوحيد الأول توحيد الربوبية الثاني توحيد الألوهية ويسمى توحيد أيضا العبادة لأنه الذي آمن بالتوحيد الأول عبد الله عز وجل وحده لم يشرك به شيئا هل يكفي هذا أيضا هل هو مسلم بمجرد ما يجمع في نفسه وفي شخصه الاعتقاد بأن الخالق واحد وهو الله والاعتقاد بأنه لا يستحق العبادة إلا الله صار بذلك مسلما؟ الجواب هذا لا يكفي أيضا لابد من توحيد ثالث اسم هذا التوحيد في اصطلاح العلماء توحيد الصفات توحيد الصفات معناه إذا اعتقدت أن الله خالق وعبدته وحده ما بتشرك معه غيره فيجب أن تعتقد أيضا إنه كما هو واحد في ذاته فهو واحد في صفاته كلها فكما أنه تبارك وتعالى لا يشبهه أحدا في شخصه في ذاته من مخلوقاته كذلك لا يشبه أحدا من مخلوقاته في صفاته ولا أحد من مخلوقاته يشبه في صفة من صفاته صفة من صفات الله عز وجل فالمسلم الذي يجمع في قرارة نفسه هذا الفهم للتوحيد بأنواعه الثلاثة والإيمان به إيمانا جازما فهو الموحد وهو الذي ينجو من الخلود في النار مهما كانت سيئاته كثيرة والعكس بالعكس الذي لا يعتقد التوحيد بأنواعه الثلاثة في نفسه مهما كان صالحا فهو مشرك والله عز وجل يقول في صريح القرآن الكريم (( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )) إذا عرفنا ذلك يتبين لنا السر في قول الرسول عليه السلام ( يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ) ففي شيء إثبات وفي شيء نفي لابد من الجمع بين الإثبات وبين النفي أن تعبد الله ولا تعبد غير الله فهناك كثيرين يعبدون الله يمكن يكونوا يعني يقومون الليل والناس نيام ويصومون النهار والناس مفطرون وإلى آخره ولكن هو في نفسه مشرك كيف ذلك وهو يقول في الصلاة (( إياك نعبد وإياك نستعين )) سوى إنه بينذر نذر للست زينب مثلا بينذر نذر للشيخ عبدالقادر مين مين إلى آخره مجرد ما ينذر النذر لغير الله عبده مجرد ما ينذر هالنذر لغير الله عبد هذا المنذور له دون الله وحين ذلك أشرك مع الله ولم يحقق هذا الحديث ( أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ) ولذلك أخيرا أقول جاء في الصحيحين من حديث معاذ بن جبل أنه عليه الصلاة والسلام لما أرسل معاذا إلى اليمن قال له ( ادعهم أول ما تدعوهم إليه أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا ) لأنه هو ذاهب إلى بلاد بعضهم كانوا مشركين وبعضهم كانوا نصارى بلاد اليمن يومئذ كان فيها نصارى من الحبشة فقال عليه السلام لمعاذ ( ليكن أول ما تدعوهم إليه أن اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ) هذا هو التوحيد وهذا هو الذي ينجي العبد يوم القيامة من الخلود في النار وإلا فمهما كان رجلا صالحا ولم يكن موحدا بأنواعه الثلاثة فسوف يكون من الخاسرين نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الموحدين ومن القائمين بحقيقة هذه الكلمة الطيبة لا إله إلا الله .
والسلام عليكم ورحمة الله