كيف استطعت أن تجمع بين طلب العلم وبين العمل في مهنتك ؟
الشيخ : يعني الصنعة تقصد ؟
السائل : الصنعة ، نعم .
الشيخ : ما يسمعك واحد مثل ذاك فيستغلها منك ويقول الشيخ كان موظَّف .
نعم ، هذا أمر يعني -الحمد لله- من توفيقات الله عز وجل ، كما كنتُ حين كنتُ عند والدي أغتنم فرصة فراغ وعدم وجود عمل عند والدي كنت أنطلق إلى السوق وإلى ذاك المصري لأقلِّب ما عنده مِن كتب ، فيما بعد أصبحت حُرًّا طليقًا ، لما استقللت في الدكان ، ويبدو أن ربنا عز وجل يعني فطرني على القَناعة ، وبخاصَّة حينما أمَّنت لي دُكَّاناً ، وأمَّنت لي داراً ، فتخلَّصت من أجرة الدار والدكان ، وقلت لك آنفاً : أني لما خرجت من والدي واستقللت بدكَّاني وعملي ، قلت : وقال الكريم : خُذْ ، يعني الزبائن كَثُرت ، فوفَّرت ما به استطعتُ أن أشتري قطعة أرض خارج التنظيم ، تبقى رخيصة هذه ، وبنيت أيضًا بدون رخصة ، لأنه ما هي مُنظَّمة المنطقة ، فتآويت في هذه الدار ، دار متواضعة ، يعني قَدّ ربع أو أقل مِن هذه الدار التي رأيت بعضها ، فخلصت من أُجرة السكن ، ثم وفَّرت شيئاً وأعانني أيضاً بعضهم قرضاً حسناً فاشتريت قطعة أرض بقيَّة دار كان مرَّ عليها الطريق ، فبقي مكان منها لدكان فعمَّرتها ، وسكنت فيها واستغنيت ، فما بقي عليَّ أن أؤمن مِن الكسب إلا مقدار ما أُعين نفسي وزوجتي ثم أولادي .
لهذا بعد أن استقررت هذا الاستقرار كنت أعمل في دكاني ساعة ساعتين من الزمن إلى الساعة الثامنة أو التاسعة حينما تفتتح المكتبة الظاهرية أبوابها ، فأُغلق الباب وأنطلق للمكتبة الظاهرية ثلاث ساعات على الأقل قبل الظهر ، ثم أُصلي الظهر هناك جماعة مع بعض المرتادين على المكتبة ، فإذا أَغلقت أبوابها ذهبت إلى دكاني ، عملت فيها نصف ساعة ساعة من الزمن إلى أن يحضر وقت الغداء ، فأذهب إلى الدار ، وكنتُ اشتريت دراجة عادية فأركبها ، وللتاريخ أقول : لأول مرَّة رأى الدِّمشقيون شيخًا بعمامة بيضاء، عمامة بيضاء مكورة مش هذه .
السائل : الغترة !
الشيخ : الغترة يركب دراجة عادية ، حتى قيل لي أنا ما رأيت : كان عندنا مجلة تسمَّى بـ * المضحك المبكي * يصدرها رجل لعله نصراني ، كان ذكر هيك بعض الغرائب والنكت ، فذكر منها أن شيخ يركب دراجة عادية.
السائل : قصدك أنت أستاذي ؟!
الشيخ : إي نعم ، لأن ما في غيري يومئذٍ يعني ، وأنا لا أبالي بالتقاليد والعادات ، أنا بهمني أوفر وقتي ، وبلا شك لو عندي استطاعة إني اشتري سيارة ما رَحْ أركب دراجة ، وكنت يومئذٍ متعمماً بناء على الأفكار المذهبية السابقة وبعض الأحاديث الضعيفة بل الموضوعة : ( صلاة بعمامة تفضل سبعين صلاة بغير عمامة ) ، إي نعم ، وكنت ألبس أيضًا جُبَّة ، ولو أني اشتريتها لضيق ذات اليد جاهزة ، لكن مع الزمن عرفت أن هذه التقاليد ما أنزل الله بها مِن سلطان ، فطاحت الجبَّة ، وطاحت العمامة ، وأخذت ألبس ما يلبس الناس .
السائل : إيش طيب لون العمامة كنت تلبسها ؟
الشيخ : عمامة بيضاء مثل ما بتشوف هنا مثلًا !
السائل : اللفة يعني .
الشيخ : نعم اللَّفَّة مثلًا لفة وزيركم تبع الأوقاف .
السائل : نعم زيها.
الشيخ : على طربوش أحمر زي والدي يعني.
السائل : الأزهرية عندنا كدا .
الشيخ : بس لفَّة الأزهريين يعني بسيطة ، يعني ما فيها هالدرجات وهالطبقات أنت ما رأيتها ؟
السائل : ما رأيتها .
الشيخ : ما رأيتها .
المقصود فكنت أقنع من العمل بالشيء القليل ، وأوفر سائر الوقت للمكتبة الظاهرية .
تتمة كلام الشيخ حول التوفيق بين عمله وطلبه للعلم وشيء من سيرته.
أنّه ما بيجوز يعمل شهرين ثلاثة يأخذ مبادئ العلم في الوقت الذي أنا بكون ما بستفيد منه شيء إطلاقًا ، لأنه بكون جهدي كله موجَّه إلى تعليمه ، فإذا ما شعر بشيء مِن العلم ولَّى الأدبار وتركني قد استفاد ولم يُفدني شيئاً ، والرجل كنت أظن فيه الخير فوعدني خيرًا ، وفعلًا هذا الأجير بقيَ عندي سنين حتى قلتُ : باستطاعتك الآن أنت أن تستقل تفتح دكانًا ، ففتح دكانًا في قرية اسمها * القابون * هناك حيث كان ساكناً هو وأبيه .
السائل : كان طالب علم ؟
الشيخ : لا ما كان طالب علم .
السائل : علم الساعات .
الشيخ : إي الساعات ، فالمهم هذا كان أيضًا يُعنيني ، أهيِّئ له الساعات والأشياء التي هو لا يستطيعها ، فتوفَّر أيضاً بواسطته شيء من الوقت لي ، فبهذه الصورة كنت يعني وفَّرت وقتًا طويلًا لدراسة العلم وبواسطة المكتبة الظاهرية .
وكذلك كان مما يسَّر الله لي بعض المكاتب الخاصة التي تبيع الكتب للناس ، فكانت تُعيرني ما ليس عندي ، وأنا ليس عندي شيء ، لأني ناشئ وما عندي ولا كتاب ، ولا أستطيع أن أشتري كتب ، فكنت آخذ الكتاب والكتابين والأكثر من ذلك من المكاتب الخاصة ، وأدعها عندي في الدكان حتى إذا لم يبقَ عند المعير نسخة أخرى وجاء شخص يريد أن يشتري التي عندي يرسل لي خبر فأرسل إليه النسخة ، وقد تبقى النسخة عندي سنين لا أحد يطلبها ، خاصة علم الحديث كما تعلم هو كان أمراً مهجورًا ما في رغاب فيه ، فمكتبة الظاهرية ، مكتبة القصيباتي ، مكتبة العربية الهاشمية ، كانوا أيضًا من الأسباب التي سخَّرها الله لي حتى انتفعت بكتبهم كما لو كانت من ممتلكاتي .
السائل : أستاذي !
الشيخ : وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
السائل : أستاذي بخصوص الورقة التي كانت ضائعة مرة .
الشيخ : نعم هو يعرف قصتها لأنها مسجلة في مقدمة فهرس المخطوطات الظاهرية .
السائل : ما وقفت عليها .
الشيخ : الفهرس ما عندك ؟
السائل : ما وقفت عليه .
الشيخ : فهرس المكتبة الظاهرية ؟!
السائل : نعم هو لكم ليس عندنا في مصر إطلاقاً ولا يُعرف .
الشيخ : آه إذن أنت أحق الناس ، عندي نسختين فممكن أعطيك نسخة منها .
السائل : جزاك الله خير يا شيخ .
الشيخ : إن شاء الله ما دام ما عندكم .
السائل : طيب ممكن أن تسرد لي آخذها سماعاً .
الشيخ : كيف ؟
السائل : حكاية الورقة هذه .
الشيخ : كمان هنا في علو ؟!
السائل : آخذها سماعاً .
الشيخ : هذه قصة عجيبة ، لكن ما في وقت يا أستاذ ، أجلها لمرة أخرى إن شاء الله أعطيهم خبر ، صارت الساعة التاسعة خلص إن شاء الله في فرصة أخرى إن شاء الله .
السائل : طيب بالنسبة لفهرس الظاهرية ؟!
الشيخ : بالنسبة إيش ؟
السائل : لفهرس .
سائل آخر : اشرب قهوة يا أستاذي .
الشيخ : قلها صارت الساعة تسعة .
السائل : بيقول بيشربوا قهوة .
الشيخ : بيخلصوا هو فنجان .
السائل : زي ما قلت للدكتور عصام لما كنت مريض من غير اليوم الحمد لله على سلامتكم .
الشيخ : إي .
السائل : قلت له تشاطرت علي هلأ.
السائل : كيف أصبح شيخنا ؟
الشيخ : الحمد لله بخير .
السائل : جزاك الله خير على الكتاب يا شيخ .
الشيخ : ولك مثل ذلك وخير من ذلك .
السائل : طيب إن شاء الله نكمل الترجمة ؟
الشيخ : كما تريد .
حديث الشيخ عن قصة الورقة الضائعة عند تكليفه لأحد النساخ أن ينسخ له كتاب : * ذم الملاهي * لأبي الدنيا من المكتبة الظاهرية وجرده لمئة وخمسين مجلداً من المجاميع.
الشيخ : الورقة الضائعة ؟
السائل : الورقة الضائعة.
الشيخ : ألا يكفي أن أُحيلك على الكتاب الذي صار في ملكك ، أم لا بد أن تسمع من فمي ؟
السائل : إي نعم .
الشيخ : هكذا ترغب ، الحقيقة أنني كنت أُصبت بعرض في عيني اليمنى ، كنت إذا نظرت إلى الجدار الأبيض فأرى خيال شيء في عيني كالذبابة يتحرَّك ، ولما عرضت نفسي على الطبيب قال : هذا يسمَّى عندهم بالذبابة الطائرة ، وهذا عبارة عن عرق دقيق متفسِّخ ، وخرج منه قطرة دقيقة جدًّا مِن الدم ، فنزل على العين ، فهي التي تراها تذهب وتجيء ، فالمهم سألني : ما عملك ؟ قلت له : ساعاتي . قال : هذا هو ، جاءك هذا من التعب ، فبيَّنت له واقعي أني ساعاتي ومُطالع كثيرًا ، فطلب مني الراحة مقدار ست أشهر ، وبعض القطرات والعلاجات .
فرجعت إلى دكاني وبدأت أجلس في الدكان ، لا أعمل شيئاً لا في المهنة ولا في القراءة والمطالعة ، مضى عليَّ نحو أسبوع وأسبوعين ، بدأ الملل يتسرَّب إليَّ ، فأخذت أمنِّي نفسي وأعلِّلها بشتى التعليلات، وخطر في بالي أن في المكتبة الظاهرية مجموع لرسائل عديدة إحداها في *ىذم الملاهي * لابن أبي الدنيا ، فخطَّطت في ذهني أن أكلِّف الخطاط هناك النَّسَّاخ أن ينسخ هذه الرسالة ، ولبينما ينتهي من النسخ بكون أنا ربما استجممت واسترجعت شيء من راحتي وسلامة عيني .
وذهبت إلى المكتبة الظاهرية وكلَّفت صاحبنا هذا في أن ينسخ الرسالة ، وبدأ فعلًا ، لما وصل إلى منتصفها جاء إليَّ ليقول : إن الرسالة فيها خرم فيها نقص ، فذهبت إلى هناك إلى المكتبة ، اطَّلعت على الرسالة فعلاً فيها نقص ، قلتُ له : امضِ في سبيلك ، ويخلق الله ما لا تعلمون ، انتهى الرجل من نسخ الرسالة .
وكان كما يقولون : عقلي الباطن يشتغل ليلًا نهارًا في البحث أين ذهب هذا النقص ، فافترضت أن هذه الرسائل لما جُمعت في هذا المجلد كغيره من المجلدات ربما سقط من المـــُجَلِّد لهذا المجلَّد الورقة أو الورقتان المفقودتان ، فخيَّطها في مجموعٍ آخر ، فإذاً لا سبيل إلا للبحث في المجاميع الموجودة في المكتبة الظاهرية ، وكتب المكتبة الظاهرية المخطوطة هي مرتبة على العلوم كان هو النظام العام في كل مكاتب الدنيا ، إلا أن هناك نحو مائة وخمسين مجلدًا تُسمَّى بـــــ " المجاميع " ، وهو اسم على مسمَّى ، لأنه كل مجمَّع يجمع عديدًا من الرسائل مختلفة النظام والترتيب والمواضيع ، ولذلك وضعوها تحت عنوان " المجاميع " ، فقلت في خاطري الأحسن البدء بهذه المجاميع ، فبدأت ، ثم مما ييسر البحث أن هذه المجاميع كما أنَّها مختلفة المواضيع والمؤلفين فهي مختلفة نوعية الورق أيضًا ، فتجد شيء طويل وشيء قصير وشيء أبيض وشيء رمادي وشيء أزرق أحيانًا وهكذا ، فمن السهل أنه الإنسان يقلِّب هذه المجاميع ، هذا كله كان يسهِّل لي طريقة البحث .
فبدأت مجلد أول ثاني ثالث ما عاد أذكر بالضبط وإذا بي أعثر على عنوان رسالة ، والله هذه رسالة مهمَّة ، لكن أجد الجزء الثاني ، لو كان الجزء الأول كان كمُل الأمر ، وكنت أسجله عندي لَيوماً ما ننسخه ونستفيد منه ، فلما أجد الجزء الثاني أو الثالث أعرض عنه ، ومضيت بعد عديد من المجلدات وإذا بي أعثر على المجلد الأول لرسالة من تلك الرسائل ، فأتحسَّر وأندم وأقول : ليتني كتبت عنوان ورقم الجزء الثاني وهَيْ الجزء الأول ، إذًا أخذتها عبرة ، فبدأت أسجِّل أيَّ شيء يعجبني ولو كان ناقصًا ، وتُلاحظ هنا بأنه كنت في شيء وصرت في شيء آخر ، كنت أبحث عن الورقة الضائعة وإذا أنا الآن أسجل العناوين التي هي كنوز تُعتبر ، ولو كانت يعني غير تامة ، فالمهم انتهيت من مائة وخمسين مجلد وما حصَّلت على الورقة الضائعة ، لكني خرجت بربح كبير جدًّا من الناحية العلمية .
3 - حديث الشيخ عن قصة الورقة الضائعة عند تكليفه لأحد النساخ أن ينسخ له كتاب : * ذم الملاهي * لأبي الدنيا من المكتبة الظاهرية وجرده لمئة وخمسين مجلداً من المجاميع. أستمع حفظ
تتمة الشيخ للحديث عن تفتيشه عن الورقة الضائعة في مخطوطات المكتبة الظاهرية وما حصل له من هذا التفتيش من فوائد كثيرة.
وكما يقولون عندنا في الشام : " بلا طول سيرة " يعني باختصار : أتيتُ على كل المخطوطات الموجودة في المكتبة الظاهرية ، وأنا طامِع أنه لعله في العلم الفلاني لعله لعله ، لأنه قضية خطأ من المـــــُجلِّد ، فأتيت على كتب السيرة وكتب التاريخ كتب الأدب كتب التصوف ، يعني كل العلوم التي فيها كتب مخطوطة ، ويسَّر الله عز وجل لي هذا البحث بحيث لا يتيسَّر إلا لموظَّف رسمي مكلَّف ، وصل التيسير إلى درجة أنني كنت أضع السُّلَّم على الخزائن ، لأنه في رفوف عالية لا تطولها اليد ، فأقف على السُّلم ، والرَّف مثلًا - طوله متر -، أبدأ من هنا أسحب أنتهي من هنا وأنا على السلم ، إذا وجدت شيئًا نفيسًا نزلت وسجَّلت ، ثم تابعت مسيرتي ، وهكذا مررتُ على المكتبة كلها وما عثرت على الورقة الضائعة ، لكني شاعر بأني أنا الرابِح ، صار عندي مئات الأسماء والعناوين مِن الكتب النفيسة .
في الأخير أعلم عندهم شيء يسمَّى بـ " الدَّست " أو " الدَّشت " لغة ، وهي عبارة عن أوراق مكدَّسة في خزائن ما أحد يتردَّد عليها أو يمد يده إليها ، فسألت الموظف المختص ، وكان يعني ممن يسَّره الله لخدمتي العِلمية ، فكان يتجاوب معي ، قلت له : يا أبو مهدي ، وين الدَّشت هذا ؟ قال لي : هَيْ ورَّاني خزانتين ثلاثة ، فأخذت أبحث في هذه الورقات الفلتانِة فما وجدت شيئًا ، لكني وجدت أيضًا نفائس ، ومنها عندنا في المكتبة الظاهرية نسختان مِن * مسند الشهاب * للقُضاعي ، وكلتاهما ناقصتان ، إحداهما شرقية والأخرى مغربية ، والمغربية خطُّها مغربي جميل جدّاً ومُعتنى بها من بعض الحفَّاظ أهل الحديث ، ومكتوب بجانب كثير أن لم أقل كل الأحاديث : ضعيف موضوع إلى آخره ، لكن ينقص منها الكرَّاس الأول ، والنسخة الأخرى مشرقية ما لنا ولها الآن .
وإذا بي أُفاجئ بهذا " الدَّشت " وجدت الكرَّاس الناقص من النسخة المغربية ، وبذلك تمَّت النسخة النفيسة ، فأخذتها فرِحًا مسرورًا وانطلقت إلى المدير المسؤول عن المخطوطات ، قلت له : هذا الكرَّاس مِن " الدَّشت " ، وهذا هو الكتاب الموضوع عندكم في الفهرس أنه مجهول الهوية لا يُعرف مين المؤلف وإيش الكتاب ، فقلت له : هذا هو الكتاب وهذا المؤلف ، وما اهتم في ذلك ، لأنه كما يقولون عندنا في الشام : " كلٌّ مين يغني على ليله ! " ، فأنا بهمني هذا البحث هو ما بهمُّه .
ثم دارت السنين والأيام وإذا به أخونا عبد المجيد السلفي يقوم بطباعة تحقيق هذا الكتاب من هذه النسخة ، والشيء بالشيء يُذكر لتعرف طبائع الناس ، طبع الكتاب * مسند الشهاب * للقضاعي في المكتب الذي يعمل فيه شعيب.
السائل : مؤسسة الرسالة .
الشيخ : نعم ؟
السائل : مؤسسة الرسالة ؟
الشيخ : مؤسسة الرسالة ، فأنا كنت كتبت للتاريخ على هذا الكرَّاس : " استخرجه من الدَّشت ناصر " ، كلمة ناصر فقط ، فهو ماذا فعل ، وضع ورقة وغطَّى هذه الحقيقة ، والآن تجد صورة للعنوان الرئيسي لهذا الكتاب في نسخة * مسند الشهاب * التي حقَّقها أخونا حمدي ومطموس على هذه الحقيقة العلمية ، ما الذي يدفعه لذلك ؟ الجواب تعرفه !
الشاهد : هذا من النفائس التي حصَّلت عليها في هذا البحث.
وأخيرًا يئست من الحصول على الورقة الضائعة ، لكن ما ندمت أبداً ، لأن المكسب كان أكثر مما أتصور .
المهم رجعت فيما بعد إلى الأسماء التي كنت سجَّلتها لهذه المؤلفات والمؤلفين فكتبتها مِن جديد على بطاقات ، ورتَّبت البطاقات على أسماء المؤلفين كل مؤلف وما له .
السائل : هذا مجهود لك لنفسك فردي يعني ؟
الشيخ : طبعاً فردي ، أنا ما عملت يوماً ما موظَّفًا في دائرة من الدوائر ، وهذا من فضل الله عليَّ .
ثم بعد أن انتهيت مِن ترتيب هذه القصاصات على أسماء المؤلفين ، رتَّبت المؤلفات على الترتيب الهجائي ، وكان من ذلك * فهرس لمنتخبات لمخطوطات المكتبة الظاهرية * .
ثم جاءت المرحلة الأخيرة وهي الثمرة المباركة من ذاك الجهد الأول ، فبدأت أقرأ هذه المخطوطات وأستخرج منها الفوائد الحديثية بأسانيدها ، وعندي الآن وهي التي تُساعدني على تغذية مشاريعي العلمية نحو أربعين مجلد ، فيها الأحاديث التي استخرجتها من هذه المخطوطات بأسانيدها ، ورتَّبتها لتسهيل المراجعة أيضًا على الحروف الهجائية ، فهذا مختصر عن قصة الورقة الضائعة ، ولكي لا نضيِّع شيئًا مِن الوقت في أمر قد لا يهمك ، منشوف إيش عندك من سؤال آخر .
4 - تتمة الشيخ للحديث عن تفتيشه عن الورقة الضائعة في مخطوطات المكتبة الظاهرية وما حصل له من هذا التفتيش من فوائد كثيرة. أستمع حفظ
قرأت في بعض كتبكم أنه كان لكم حجرة مخصصة في المكتبة الظاهرية ، كيف توصلتم إلى هذه المرتبة مع أن ذلك صعب ؟
الشيخ : هو كذلك .
السائل : نعم ، كيف توصَّلتم إلى هذه المرتبة مع أن هذه تكاد تكون صعبة ؟
الشيخ : في البلاد الإسلامية !
السائل : نعم .
الشيخ : هههههه هذا صحيح ، لا أذكر الآن جيِّدًا ، هو إمَّا أن يكون بسبب شعور المسؤولين في المكتبة الظاهرية أَنّي أنا رجل علم ، هاوي للعلم ، فكنت أجلس في القاعة العامة فأقول : يا أبو مهدي أَعطني -طبعًا بوصل- الكتاب الفلاني المخطوط يعني ، فلا أكاد أنتهي منه إلا أطلب كتاب ثاني وثالث ورابع ، وأنت تعلم أن هذا غير مُتَّبع في المكاتب .
السائل : أي نعم.
الشيخ : فأحيانا كان يجتمع عندي كوم من المخطوطات على الطاولة ، والطاولة وُضعت لأربعة أشخاص ، اثنين في هذه الجهة ، واثنين في الجهة الأخرى ، فبحكم هذا الواقع كان لا يستطيع أحد من الطلاب أن يأتي ليشاركني في الجلوس على هذه الطاولة ، بلا شك هذا يوجد شيء من الاعتراض مِن الطلبة ، فالظاهر أنهم يذكرون للإدارة ، يدخل الطالب أو الطلاب بدهم مكان ما بيلاقوا مكان ، خاصَّة في أوقات الامتحان ، فكأنَّ المسؤولين هناك وجدوا حلًّا للمشكلة ، عندهم غرفة مظلمة لا تصلح لجمع الحطب وتكديس الحطب فيها ، فعرضوا عليَّ ذلك ، قلت في نفسي كما أقول لإخوانا : أنا رجل ما بلقى مزح ، وأنا ما بهمّني قضيَّة أنّها صحِّيّة وما صحِّيًة.
الخلاصة : جعلوني في هذه الغرفة ، ووضعوا لي ما أحتاج من الكتب كمراجع حتى ما أُتعب الموظَّفين هناك هات الكتاب الفلاني وخذ الكتاب الفلاني ، حتى بعض المخطوطات يعني تركوها عندي ، هذا الاحتمال الأول ، وهو الأغلب في ظني لأنّه بعُد العهد عنِّي .
الاحتمال الثاني: أنَّ كلية الشريعة في الجامعة السورية عملوا الظاهر اجتماعات عديدة ، وقرَّروا بينهم أن يضعوا نَواة لموسوعة الحديث ، ومع الأسف أقول : لا يجدون مِن دكاترتهم مَن يقوم بهذا الأمر ، فأرسلوا خلفي للتداول في موضوع عِلمي هام ، فالتقيت معهم في الجامعة ، فعرضوا عليَّ الفكرة وطلبوا مِني أن أعمل في منهج وضعوه هم ، وبعد المداولة في الموضوع اتفقتُ معهم على أن أعمل لهم في كلّ يوم أربع ساعات ، وبقية الساعات لعملي الخاص ، وبشرط أن يُسمح لي في المكتبة الظاهرية بالدخول في أيِّ وقت شئت من ليل أو نهار ، لا يخفاك أن هناك نظام ، تفتح الدائرة أو المكتبة الساعة ثمانية مثلًا صباحًا ، الساعة اثنا عشر ينتهي الدوام ، الساعة الرابعة يبتدئ الدوام المسائي ، ينتهي الساعة تسعة مثلًا ، فقلت لهم : إذا كان يعني المسؤولين في المكتبة يسمحون لي بذلك فأنا أُعطيكم كل يوم أربع ساعات ، قالوا : نحن نتكلم مع المدير المسؤول هناك ، وفعلًا وأنا في هذه الغرفة المظلمة كنت أُشرف على الداخل والخارج ، وأنا لا أُرى لأنها لا تُلفت النظر .
السائل : فكيف كنت تكتب ؟
الشيخ : في نور طبعاً كهرباء .
السائل : آه، نعم .
الشيخ : آه نعم ، المهم جاء أظن يومئذٍ ما عاد أذكر السباعي ، مصطفى السباعي أو محمد المبارك وصعد إلى المدير المسؤول وتكلم في الموضوع ، فأرسلوا خلفي وقالوا : نحن اتفقنا مع المدير على أن يأمر الآذن الحارس أنّه كلما جئت أنت يفتح لك الباب ، فمفتاح المكتبة بجيبي ، الباب الرسمي طبعًا الحارس ، فكنت أدق الجرس قبل الساعة الثامنة ، أصلي الصبح في الدار وأنطلق إلى المكتبة ، فيفتح لي وقد استيقظ مِن نومه ، يعني مضطرًّا مُكرهًا ، وهكذا وفَّرت أربع ساعات لهم ، فكنتُ أعمل في مشروع موسوعة أحاديث البيوع ، لعلَّك تذكر أنني أعزو إلى هذا المشروع أحيانًا .
السائل : تم يا شيخنا ؟
الشيخ : لا ، ما تم ، أو تم له بحثٌ آخر .
الشاهد : الآن أنا الحقيقة ما أستطيع أن أقطع هل بهذه المناسبة فرغوا لي هذه الغرفة أم من قبل ذلك وهذا الذي يترجَّح عندي ، إنما أعطوني هذا الإذن الخاص في الدخول متى شئت من ليل أو نهار ، فهذه قصة الغرفة هذه التي تفرَّدت بها دون كل المراجعين هناك .
5 - قرأت في بعض كتبكم أنه كان لكم حجرة مخصصة في المكتبة الظاهرية ، كيف توصلتم إلى هذه المرتبة مع أن ذلك صعب ؟ أستمع حفظ
ذكرتم أنكم استأجرتم داراً في دمشق لأجل أن تعطوا بها دروساً ، ما هو المنهج المتبع عندكم آنذاك هل كنتم تقرؤون كتاباً أم هي دورس عامة ؟
الشيخ : آه للدروس .
السائل : دورساً للسلفية ونحو ذلك ، إيه المنهج المتَّبع عندكم آنذاك تقرؤون كتابًا ولَّا هي دروس عامة بالنسبة للطلبة ؟
الشيخ : لا ، هو أذكر أنني أول شيء درَّست على الإخوان منه هو كتاب * زاد المعاد في هدى خير العباد * لابن قيم الجوزية ، فكنت أقرأ عليهم المقطع من كتاب * الزاد * ، ثم أُعلق عليه بما عندي من علم سابق أو من تعليقات استحضرتها قبل أن أحضر للدرس ، وكان الدرس يومئذٍ ما بين ثلاث أرباع الساعة والساعة الكاملة ، ثم بعد ذلك نصف ساعة للإجابة عن الأسئلة ، وبعد أن انتهيت مِن الجزء الأول من *زاد المعاد* أظن والله أعلم إن لم أكن نسيت طلبوا مني أن أدرِّس عليهم كتاب *الروضة النديَّة شرح الدرر البهيَّة* ، لأنّ الحقيقة أن كتاب *زاد المعاد* كتاب علمي يعني ما يتحمَّله كل الطلبة ، بينما *الروضة الندية* مكثف يعني مواده ، ففعلًا درَّست عليهم هذا الكتاب من أوله إلى آخره .
وهكذا فيما بعد أظن جاء دور * الترغيب والترهيب * ، ومن كل هذه الدراسات كان هناك مجهود عِلمي الأصل فيه هو التحضير ، وكان من آثار ذلك * التعليقات الجياد على زاد المعاد * أعني الجزء الأول ، وتعليقات موجودة على هامش * الروضة الندية * ، و* التعليق الرَّغيب على الترغيب والترهيب * ، لأنّه كانت طبيعتي أن لا أُلقي عليهم حديثًا إلا بعد التثبُّت من صحته والتأكد مما يعني يُراد من فقهٍ أو معنى ، هكذا كان إلقائي للدَّرس هناك .
لكن لا بدَّ من استدراك :
كنا استأجرنا في بعض المراحل فعلاً غرفة من دار ، لكن فيما بعد أحد إخوانا تطوَّع بشقَّة له ، فجعلها شِبه وقف على هذا الدرس ، وكانت الشقة عبارة عن أربع محلات ، لكنه لم يرفع الجُدُر الفاصلة بينها ، فأصبحت كمسجد يعني ليس فيه جُدُر ، فكان يعني يمتلئ هذا المكان بالرَّاغبين في تلقِّي العلم ، والآن لعلنا نكتفي بهذا إلى يوم آخر ، وليكن ذلك غدًا -إن شاء الله- .
6 - ذكرتم أنكم استأجرتم داراً في دمشق لأجل أن تعطوا بها دروساً ، ما هو المنهج المتبع عندكم آنذاك هل كنتم تقرؤون كتاباً أم هي دورس عامة ؟ أستمع حفظ
ذكر الشيخ شعيب الأرناؤوط بأنه كان أشار عليكم بتدريس بعض الكتب لصعوبة ما كنتم تُدرسون فاستجبتم له فهل هذا صحيح ؟
الشيخ : على ذمَّته ، أنا درَّست * الباعث الحثيث * فعلًا ، أما أن هذا كان باقتراح من عنده !
هو لم يكن يعني من الصلة بيني وبينه بحيث أنه يسوِّغ له أن يقدِّم مثل هذا الاقتراح ، وأنا لا أبرِّئ نفسي مِن النسيان ، لكن هو في الواقع مع الأسف في موضع التهمة ، فالأصل فيه أنه لا يُصدَّق فيما يقول إلا إن جاء بشاهد ، إي نعم ، فأنا ما أذكر هذه .
السائل : ذكر كذلك أنكم كنتم تدرِّسون * سبل السلام * ، قال هذا يعني منهاج ثقيل على الطلبة .
الشيخ : * سبل السلام * ما درَّسته إلا في الجامعة الإسلامية كما.
السائل : هو يقول أنّ هذا ثقيل على الطلبة ، وطلب منك تدريس * زاد المعاد *.
الشيخ : هذا يؤكد أيضًا إما أنه ينسى مثلي أو قد يفعل ما لا أفعله أو يفعله مثلي .
7 - ذكر الشيخ شعيب الأرناؤوط بأنه كان أشار عليكم بتدريس بعض الكتب لصعوبة ما كنتم تُدرسون فاستجبتم له فهل هذا صحيح ؟ أستمع حفظ
من خلال تردُّدكم على الظاهرية مَن تعرفون من طلبة العلم كانوا آنذاك مجدِّين معاصرين لكم ؟
الشيخ : أنا - مع الأسف - ما كنت أرى أحدًا يتردَّد على المكتبة الظاهرية ، لا من الطلبة ، ولا من المشايخ ، ولا من الدكاترة ، لكن موجود هناك الشيخ عبد القادر أرناؤوط فهو يعني لا بأس فيه ، وهو مثل شعيب يعني أو قريبًا منه .
السائل : تنصحنا بزيارته ؟
الشيخ : لمين شعيب ولا عبد القادر ؟
السائل : عبد القادر ؟
الشيخ : وين تشوفه ؟ أنت تذهب يعني إلى دمشق ؟
السائل : موجود في الأردن
الطالب : مش موجود
الشيخ : لا مش موجود
الطالب : وعليكم السلام .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، حسبنا ...
السائل : عبد القادر يا شيخ ومن غير الشيخ عبد القادر ؟
الشيخ : ما أعلم .
السائل : مصطفى السباعي
الطالب : توفي
الشيخ : السباعي مات ، وليس من أهل الحديث
السائل : ليس من أهل الحديث .
الشيخ : نعم .
8 - من خلال تردُّدكم على الظاهرية مَن تعرفون من طلبة العلم كانوا آنذاك مجدِّين معاصرين لكم ؟ أستمع حفظ
هل درستم كتاب * اقتضاء الصراط المستقيم * وهل هو يصلح للتدريس ؟
الشيخ : أخرى .
السائل : طيب بالنسبة لكتاب * اقتضاء الصراط المستقيم * درَّستموه فعلًا ؟
الشيخ : درَّست منه ما أظن كله يعني .
السائل : نعم لكن هذا الكتاب يصلح للتدريس فعلاً ؟
الشيخ : لا ، هو مبسَّط مثل * زاد المعاد * ، لكن المشكلة أنا أنا كنت أنطلق بدون تجارب سابقة وبدون موجِّه ، ظهر لك السبب يعني ، ولذلك فقد لا يكون في تدريسي أنا منطلِق على منهج علمي دقيق يتبع عادةً بين المشايخ أو بين الأساتذة ، لأن هذا جهد فردي خاص لم يستفد من الآخرين تجاربهم إطلاقاً .
السائل : نعم.
الشيخ : هو هذا .
هل تلقيت شيئاً من العلوم عند الشيخ محمد بهجت البيطار، وكيف كانت علاقتك به ؟
الشيخ : نعم .
السائل : هو من نفس الطبقة أم هو من الطبقة السابقة لكم ؟
الشيخ : لا ، السابقة طبعاً.
السائل : السابقة ؟
الشيخ : آه.
السائل : طيب ، يعني تلقَّيت عليه شيئًا من العلوم ؟
الشيخ : لا ، لكن كان هناك حلقة أدبيَّة يلتقون فيها في منطقة اسمها *الميدان* حيث كان الشيخ بهجت يسكن فيها ، وكان يحضرها كبار الأدباء المعروفين يومئذٍ في دمشق وهم من أعضاء المجمع العلمي العربي في دمشق ، منهم مثلًا الأستاذ عز الدين التنوخي - رحمه الله - ، وغيرهم مثل مصطفى الشهابي ، كانوا يجتمعون ويتدارسون *الحماسة * ، كتاب * الحماسة *، والمختص منهم كالتنوخي عز الدين كان يتولى التعليق والشرح والبيان ، فكنت أنا وأخ لي توفي إلى رحمة الله ، اسمه منير أبو عبد الله ، كنا نتقصَّد ونحضر هذه الجلسة تباعًا من أجل تقوية اللغة العربية والتأدُّب بشيء مِن آدابها ، هذا كل ما كان مما يتعلق بالعلم نحضر هذه الحلقة التي كان مِن أعضائها الشيخ بهجت البيطار ، لكن أنا ما تلقيت عنه شيئاً من العلم .
السائل : طيب العلاقة العامة بالشيخ بهجت ؟
الشيخ : طيبة كانت .
السائل : يعني كان لكم مجالس تتذاكرون فيها ونحو ذلك ؟
الشيخ : لا ، إنما كان يخطب يوم الجمعة هناك في مسجده فكنَّا نتقصَّد الصلاة عنده كما نفعل الآن مع مسجد أبو مالك محمد شقرة ، لأنه سلفي العقيدة ، وما يتحدث بأمور تخالِف العقيدة ، لكن هو كان يغلب عليه التمذهب بالمذهب الشافعي ، ما كان في عنده دراسة يعني في الفقه المقارن ، كما أنّه ما كان عنده عمل في مجال الحديث تصحيحًا وتضعيفًا ، لكن هو سلفي العقيدة مئة في المئة .
هل التقيت بالكوثري ؟
الشيخ : لا ، لا أعرفه إلا ببعض آثاره .
السائل : مع أنه كان معاصر يعني لكم .
الشيخ : إي لكن هو في مصر وأنا في دمشق
السائل : نعم
الشي : إي نعم ، وأنا ما جئت مصر وهو حي .
كيف اتفقتم مع الاستاذ زهير الشاويش على طبع الكتب وهو كان مع الإخوان المسلمين ؟
الشيخ : نعم .
السائل : هذه كيف تمَّت يعني والأستاذ زهير كان في الإخوان كما نعلم ؟
الشيخ : إي نعم ، هو كان من قبل من الإخوان ومِن أعداء السلفية ، أول ما أحيينا سنَّة صلاة العيد في المصلَّى خرجنا بنحو عشرين شخصًا مِن إخواننا السلفيين لأول مرة لصلاة العيد خارج البلد وخارج منطقة الميدان التي كان يسكن فيها زهير وكثير مِن الإخوان المسلمين ، صلينا صلاة العيد ثم رجعنا أدراجَنا ، فحوَّلنا لزيارة مركز أو فرع مِن فروع مركز الإخوان المسلمين هناك في حيِّ الميدان ، وكان زهير بطبيعة الحال مِن جملة الأعضاء هناك ، فجرى نقاش في بعض المسائل التي كانت تُؤخذ على السلفيين ، وقضية البدعة والسنة ، وصحيح وضعيف إلى آخره ، فلأول مرَّة زهير يُتاح له أن يسمع مثل هذا الكلام في الوقت الذي أنا كنت أتردَّد سابقًا على مركز الإخوان المسلمين في * باب الجابية * مكان هناك يُعرف .
الشاهد : أن زهيرًا من تلك الجلسة سرت إليه العدوى ، عدوى السلفية ، وبدأت تتكاثر الجلسات بيننا وبينه ، ثم هو افتتح مكتبة للطباعة في محلَّة اسمها * الحلبوني * ، فبسبب هذا التعارف الذي جَدَّ وأنا بدأت يعني ببعض التآليف ، وبدأ هو يطبع رسائلي بعد هذا التعارف والمودة التي حصلت بيني وبينه ، هكذا كان ابتداء التعارف .
السائل : وأول شيء طُبع لك في المكتب الإسلامي * صفة الصلاة * ولَّا كتاب آخر ؟
الشيخ : أظن هو هذا * صفة الصلاة * ، كنت طبعت * آداب الزفاف * رسالة صغيرة ، بعدين لما أضفت إليها إضافات أخرى قام هو بطبعه - أيضًا - لكن ما عاد أذكر إلا أن * صفة الصلاة * هو أول ما طبعه .
السائل : نعم .
عندنا في مصر يقال أن بين الشيخ الألباني وزهير الشاويش تطاحن فهل هذا صحيح ؟
الشيخ : لا، هذا كذب ، كل ما في الأمر أنّ الأحداث التي وقعت في لبنان وانتقالي من دمشق إلى هنا ، انقطعت العلاقة الطبعية التي كانت بيننا وبينه ، فتن في لبنان بسبب الحرب اللبنانية من جهة ، وعدم إمكان الاتصال به شخصيًّا كما كنت أفعل سابقًا ، حيث أذهب بسيارتي مِن دمشق إلى بيروت للتداول في قيامه بطباعة بعض الأمور .
السائل : نعم.
الشيخ : إي نعم ، وإلا هذه الدعوة كاذبة بلا شك ، لكن هالذي وقع أنّه بسبب البعد صار هو يعني يجتهد في بعض الأمور فيعلِّق مثلًا على بعض الرسائل تعليقات من رأيه واجتهاده ، ويظنُّ أن ذلك لا بأس به ، أما هذه المبالغة التي حكيتَها فالحمد لله لا أصل لها .
السائل : لا أصل لها .
علمت من الشيخ شعيب الأرناؤوط أن عملكم مع المكتب الإسلامي كان براتب، وقد قال : عملت مع الشيخ ناصر خمسة عشر سنة على طاولة واحدة، فما رأيك بهذا الكلام ؟
الشيخ : إي نعم ، كنت بضع سنين كنت أعمل له أربع ساعات ... حينما يعني بعدما انتقل هو إلى بيروت في مكتبه ، وأبقى له فرعًا في دمشق فلم يبقَ بيننا وبينه مثل هذا التعامل ، هذا صحيح كان يومًا ما .
السائل : الشيخ شعيب يقول : أنا عملت مع الشيخ ناصر خمسة عشر سنة على طاولة واحدة ؟
الشيخ : كذَّاب كذَّاب.
السائل : يعني هذا لم يحدث ؟!
الشيخ : هو كان موظَّفًا رسميًّا في المكتب الإسلامي ، هذه واحدة ، لبرهة من الزمن وفي آخر الزمن زين له المكتبة الظاهرية ، هو كان يعمل عند زهير في بيروت ، ثم نُقل إلى فرعه في دمشق ، فهناك انتقل إلى المكتبة الظاهرية ، وفعلًا جلس على الطاولة ، أمَّا مثل هذا التعبير فيه مبالغة من ناحيتين :
الناحية الأولى: الزمن خمسة عشر سنة !!
الناحية الأخرى: في طاولة واحدة ، أنا كان لي طاولة في المكتبة الظاهرية قبل انتقالي إلى الغرفة وهي طاولتين ، طاولة تبع المكتبة ، وطاولة أضفتها أنا ، وفي زاوية من زوايا المكتبة بحيث لا أحد يستطيع أن يدخل إليَّ ، لأن المدخل بعرض الإنسان ، لكن هو كان له طاولة مقابلة فعلًا ، طاولة من طاولات المكتبة يعني ، فما أدري ما الذي هو ، هو لو كان - مثلًا - يعني حبيب غير بغيض فأفهم أنُّ هذا الكلام المقصود فيه التقرب إلى الشيخ يعني ، أنّ هو عمل معه خمسة عشر سنة ، هذا الكلام غير صحيح ، بعدين في ما سبق ما يحسن أن نتوسع في الموضوع لأن هذا شيء راح فما نتعرض فيه للناس.
14 - علمت من الشيخ شعيب الأرناؤوط أن عملكم مع المكتب الإسلامي كان براتب، وقد قال : عملت مع الشيخ ناصر خمسة عشر سنة على طاولة واحدة، فما رأيك بهذا الكلام ؟ أستمع حفظ
كنتم قد شرعتم بتحقيق تاريخ دمشق والتعليق عليه فهل تم لكم ذلك ؟
الشيخ : * تاريخ دمشق * ؟
السائل : * تاريخ دمشق * .
الشيخ : إي نعم ، كنت بدأت فيه نسخته ، لكن بعدين انصرفت عنه .
السائل : موجود عندك يعني مخطوط معلِّق عليه أنت جاهز للطبع ولَّا ؟
الشيخ : لا ، هو أنا جاءني خطاب فيما بعد من أحد الكُتَّاب أو الأدباء أو الدكاترة من العراق ، لأني أنا يمكن كاتب عنه كلمة في *فهرسي* هذا .
السائل : نعم هذا .
الشيخ : آه .
السائل : " وقد شرعت في تحقيقه " .
الشيخ : إي هذا هو ، فجاءني مِن أحدهم من العراق أنّك أنت ذكرت هذا ، انتهى المشروع ؟
فأرسلت إليه الخطاب بأنَّ المشروع ما انتهى ، ولا أظن نفسي متفرغًا لإتمامه فإذا شئتَ فعلتَ ، وأظن أنه صدر هذا الكتاب ، رأيته ؟
السائل : أجزاء منه .
بالنسبة للدروس التي انتهجتها في سوريا عمومًا في المحافظات ما هي الخطة التي كنتم تتَّبعونها ؟
الشيخ : ما في عندي خطة ، عالبركة عالدروشة !
السائل : يعني الدروس ما كان لها منهج أنت وضعته بنفسك ؟
الشيخ : لا أبداً ، في سفراتي إلى حلب كنت أدرِّس عليهم * الترغيب والترهيب * يعني الصحيح منه ، بالطبع ، كنت أعلق ، يعني أقرأ الحديث وإذا كان في بعض الكلمات التي تدخل في غريب الحديث شرحتها ، وبعض الجمل أيضًا بيَّنتها ، ثم أذكر بعض الأحكام التي تُستنبط منها ، وإذا كان هناك مجال لشيء من الوعظ والتذكير فعلتُه ، وهذا كما ذكرت لك في جلسة سابقة أن الوقت يأخذ.
أنتقل إلى بعض البلاد الأخرى التي هي حول حلب، وهذا يختلف طبعًا باختلاف الزمان ، لأنه كان لي دور واسع جدًّا في اللاذقية نفسها سنين طويلة ، كنت أنتقل إليها من حلب إلى اللاذقية ، أحيانًا أعكس أذهب مباشرةً من دمشق إلى اللاذقية ومنها إلى حلب ، فما عندي يعني منهج خاص أستطيع أن أبيِّنه للناس .
السائل : يعني كم سنة * الترغيب والترهيب * ظللت تشرحه يا شيخنا ؟
الشيخ : أولًا : ما انتهيت منه .
السائل : حتى هذه الساعة ؟
الشيخ : إي نعم .
السائل : سبحان الله !
الشيخ : ما انتهيت منه يعني تدريسًا ، وإن كنت انتهيت منه تعليقًا وتحقيقًا .
السائل : إي نعم .
الشيخ : إي نعم ، وظللت بضع سنين ما أدري طبعًا بالضبط كم ، لكن في بضع سنين .
السائل : إي نعم .