يقال أن الطبيب يستطيع أن يتحكم في نوعية الحمل ذكر أو أنثى أو توأم ، هل هذا يتعارض مع الشرع ؟
الشيخ : هذا السؤال الثاني هو الصواب ، أما شرعًا ممكن ، هذا ما له علاقة بالشرع ، لكن هل هذا الادِّعاء يخالف الشرع ؟
نقول : كل اكتشاف لأمرٍ غيبي بالنسبة لعامَّة الناس هذا الاكتشاف قائم على وسيلة مِن الوسائل العلمية التي ذلَّلها الله عز وجل لعباده ، فهذا ليس له علاقة بالاطَّلاع على الغيب إطلاقًا ، ولا فرق بين هذا الاكتشاف الجديد الذي دار السؤال حولَه وبين الاكتشاف القديم وهو : الإخبار قبل لا أقول : قبل شهور بل قبل سنين ، بل وقبل دهور أنَّ الشمس تنكسف في يوم كذا في مكان كذا في ساعة كذا في دقيقة كذا ، بل وفي ثانية كذا ، وفي مكان آخر أو منطقة أخرى أو بلدةٍ أخرى في ساعة كذا في دقيقة كذا في كذا ، لا فرق بين هذا وبين هذا ، اللهم إلا من ناحية واحدة :
أن الناس اعتادوا الإخبار من الفلكيين بوقوع الكسوف قبل أوانه ، اعتادوا هذا الشيء فصار كأي شيء يعني معتاد ، أما اتخاذ التكون الخاص الطبي الذي يكتشف ما في رحم المرأة مِن الأجنَّة فهذا أمرٌ حادث ، ويوم يمضي عليه بضع سنين يصبح نسيًا منسيًّا ، ويكون شأنه تمامًا شأن الإخبار الفلكي بما لا يعلمه جماهير الناس ، فهذا لا يتنافى أبدًا .
السائل : التحكم بالذكر أو أنثى ؟
الشيخ : ماذا تعني بالتحكم ؟
السائل : يعني يستطيع الطبيب بمواصفات معينة يتخذها مع الرجل أو مع الرجل والمرأة يستطيع يتحكم أنّ نوعية المولود ذكر أو أنثى ؟
الشيخ : أيضًا لا يتنافى ، أيضًا يعود إلى استعمال الوسائل العلمية التي مكَّنهم الله عز وجل منها ، لكن أنا علمي أن هذا لم يصر شيئًا معلومًا ، وإنما هو مجرد رأي أو محاولات .
السائل : حصلت بعض المحاولات ونجحت في بعضها شيخنا ؟
الشيخ : إي ، بس هذا يمكن يكون من طريق المصادفة ، لأنّ هذه ما بتصير حقيقة علمية بمجرَّد ما تصير القضية مرَّة أو مرَّتين أو ثلاثة .
السائل : طيب ، لو أصبحت حقيقة علمية ؟
الشيخ : أجبتك سلفًا ، فأرِحْ نفسك .
السائل : طيب ، شو بنفهم الآية : (( يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور )) ؟
الشيخ : وإيش الفرق ؟ شو علاقته ؟ كله بمشيئة الله ، هذه الآلات أليست بمشيئة الله ؟
السائل : بلى .
الشيخ : وتلك الأشياء أيضًا ما خرجت عن مشيئة الله .
السائل : يقول شيخنا أنه يعني هذا الطبيب شاء ولد فجاب ولد ، شاء بنت فجاب بنت فيتعلق بالنفس ؟
الشيخ : ما له علاقة الإنسان بالمشيئة ؟
السائل : له .
الشيخ : خلصت ، (( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين )) .
السائل : يعني ليس هو الذي خلق الذكر أو جعله ذكرًا أو أنثى ، ولكن بوسائل علمية إذا صحت ؟
الشيخ : أي نعم ، يعني كل ما في الأمر أنّه هو يتصرف فيما خلق الله .
السائل : يعني هو لا يتنافى مع الشَّرع هذا .
الشيخ : أبدًا .
1 - يقال أن الطبيب يستطيع أن يتحكم في نوعية الحمل ذكر أو أنثى أو توأم ، هل هذا يتعارض مع الشرع ؟ أستمع حفظ
إذا نسي الإمام قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية فكيف أعلمه بخطئه هل أقول سبحان الله ! أم أبدأ له بقراءة الفاتحة فأقول : (( الحمد لله رب العالمين )) ؟
الشيخ : أنا إذا اكتفيت بسؤالك هذا المــــُجمل وهو لا يغني عن المـــــُفصَّل ، فأقول لك : بيجوز ، لكن كيف يكون الفتح هنا ؟
هذا المهم في الموضوع ، مش هل يجوز الفتح ، نعم يجوز .
السائل : هنا بدأ يقرأ في سورة غير الفاتحة .
الشيخ : كويس .
السائل : ثم قلت فنبَّهته كقولك : سبحان الله ! فلم يتنبَّه إلى ذلك ، وما يدري ما يفعل هو ، فترشده إلى أن يقرأ سورة الفاتحة .
الشيخ : قل لي يا أخي ماذا تقول ؟
السائل : (( الحمد لله رب العالمين )) .
الشيخ : هذا السؤال ، ههههه نعم يجوز .
السائل : جزاك الله خير .
الشيخ : وإياك .
السائل : لكن ابتداءً أي أحد يقول له : سبحان الله .
الشيخ : هذا هو.
السائل : إذا كان أحد قصر !
الشيخ : إذا إيش ؟
السائل : إذا فتح عليه بـــــ (( الحمد لله رب العالمين )) ؟
الشيخ : ابتداءً ( من نابَه شيءٌ فَليُسبِّحْ ) ، هذه قاعدة ، لا يجوز الخروج عن القواعد إلا بمقتضياتٍ طارئة ، فهو يقول : سبحان الله ، ولا شكّ أنّ إمام ممكن نتصوَّر أنّه مجرَّد ما يسمع : سبحان الله ينتبه لنفسه ويعود لصوابه ، لكن إذا كان سادر في نسيانه ، وهو هذا الذي بيفتح له بيقول له : سبحان الله وهو ماضي في قراءته ، وبكرِّر عليه : سبحان الله ، لا ، تقول له بعدين : (( الحمد لله رب العالمين )) ، حينئذٍ سيتنبَّه ويعود إلى صوابه ، لكن رأسًا يقول له : (( الحمد لله رب العالمين )) ، لا .
السائل : نحن في العادة يا شيخنا لما منفتح على الإمام ومنسمع فتح الإمام بكون بوسط السورة أخطأ بالآية أو شي بنردُّه .
الشيخ : إي بس هنيك رأسًا بيمسك الموضوع .
السائل : آه .
الشيخ : يعني واضح تمامًا ، إي نعم .
2 - إذا نسي الإمام قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية فكيف أعلمه بخطئه هل أقول سبحان الله ! أم أبدأ له بقراءة الفاتحة فأقول : (( الحمد لله رب العالمين )) ؟ أستمع حفظ
رجل دخل مع الإمام في الركعة الثانية ولما سلم الإمام سلم معه ، فسأل ماذا يفعل، ولم يجد أحد يجيبه فخرج من المسجد ولم يفعل شيئاً ، فما هو الحكم في ذلك ؟
الشيخ : يعني فاته ركعة ؟
السائل : فاته ركعة ، فبدأ يعني يبحث يسأل شو يعمل ، ما وجد أحد ، لكن ترك المسجد وخرج من المسجد إلى مكان آخر ، والتقى فيه أحد يعني الشباب وسأله : ماذا فعلت ؟ ما هو السبب لفعل هذا ؟ لما بيترك المكان المسجد ، يعني أستاذ لو كان هذا لسَّا داخل المسجد نقول له : صلِّ ركعة مباشرةً مع سجود السهو ، لكن تركه لهذا المسجد وانتقاله لمكان ثاني شو بصير الحكم أستاذنا ؟
الشيخ : إذا كان فعل ذلك في سبيل الإصلاح ما أخطأ فيه فالأمر جائز ، كما لو فعل ذلك في موضع صلاته ، أما إذا كان انطلق لعمله وبعدين تيسر له إنسان سأله .
السائل : نعم هذا
الشيخ : إي هذا لازم يعيد صلاته .
السائل : يعيد صلاته .
الشيخ : ظهر لك الفرق بين الأمرين ؟
السائل : إي نعم ، ولكن مباشرةً يصلي ، أما عشان انطلق من هذا المكان ؟
الشيخ : لا ، ليس هذا فقط ، إذا انطلق مِن المكان الذي صلى فيه وسها عن الركعة الأولى ، انطلق يسأل لتصحيح موقفه ، ليعلم ماذا يفعل ، وما تيسَّر له إلا خارج المسجد ، وإلا خارج الدار .
ظهر لك شو الفرق ؟
3 - رجل دخل مع الإمام في الركعة الثانية ولما سلم الإمام سلم معه ، فسأل ماذا يفعل، ولم يجد أحد يجيبه فخرج من المسجد ولم يفعل شيئاً ، فما هو الحكم في ذلك ؟ أستمع حفظ
كيف تم اختياركم للتدريس في الجامعة الإسلامية والمعروف أن مثل هذا التدريس الأكاديمي يحتاج إلى الدكتوراة ؟
السائل : طيب كان في سؤال ، وهو بالنسبة لاختياركم للتدريس في الجامعة الإسلامية ، يعني كيف تم مع أن الدراسة العادية الأكاديمية تحتاج للدكتوراة والتحضير والحاجات دي ؟
الشيخ : الحقيقة لأول مرة أُسأل مثل هذا السؤال ، الذي يحضرني الآن من الجواب يعود إلى أمرين اثنين :
الأمر الأول : أن الجامعة كانت حديثة عهد بالتدريس الجامعي ، وخاصة في البلاد السعودية ، حيث أنها هي أيضًا كدولة حديثة عهد بالاصطلاحات العصرية ، هذا من جهة ، أو السبب الأول .
السبب الثاني : هو شهرة بعض المؤلفات ، ورضاء الجماعة هناك عنها ، وفيما يبدو تقديرهم لها حقَّ قدرها هو الذي دفعهم إلى أن يُرسلوا إليَّ وأنا ما طلبت ، ولن أطلب ، وعشت هكذا والحمد لله ، لا أطلب وظيفةً ما ، فأنا منذ -كما علمت مما مضى- منذ نعومة أظفاري كنت أكسب قوت يومي مِن كدِّ يمين وعرق جبيني ، وأنا في هذا الصدد مِن الكسب جاءني طلب مِن الشيخ محمد آل إبراهيم حيث كان هو مفتي المملكة وكان رئيس الجامعة ، يطلب مني الموافقة على تدريس مادة الحديث في الجامعة الإسلامية التي ستَفتتِح أبوابها عين وقتًا معيَّنًا ، وأنا تشاورت مع إخوانا هناك الذين أثقُ بفهمهم وعلمهم ، فقال لي أحدهم مِن أذكيائهم ومِن أخلص الإخوان لي : جرِّب ، فإن رأيت أنك تُفيد الطلاب ، لأني أنا ذكرت أنّي أنا ما عندي شهادات أولًا ، وبعدين بصورة عامَّة الدراسة في الجامعات ما تتناسب مع دعوتي أنا ، فكنت متردِّدًا جدًّا ، فما أقنعني إلا هذا الأخ حين فقال : جرب سَنة ، فإن آنستَ من تدريسك خيرًا واظبت على تدريس ما كُتب لك ، وإلَّا تنتهي السنة وترجع إلى مِهنتك ، وهكذا كان ، لكن الحقيقة أنا وجدت هناك يعني جوًّا رائعًا جدًّا مستعدًّا لتقبل الدَّعوة أولًا ، والمنهج العلمي الذي أنا فُطرت عليه وجريتُ عليه ثانيًا .
4 - كيف تم اختياركم للتدريس في الجامعة الإسلامية والمعروف أن مثل هذا التدريس الأكاديمي يحتاج إلى الدكتوراة ؟ أستمع حفظ
حديث الشيخ عن حياته وتدريسه في الجامعة الإسلامية .
في الدرس النظامي صحيح أنا كنت معهم واسعًا أيضًا ، لكن مع ذلك فالأمر لا بدَّ من حدود يعني وقيود ، فهذه صورة تفرَّد الألباني من بين كل الأساتذة هناك في الجامعة ، وكان له آثار أخرى طيبة ، مثلًا الألباني إذا دخل الجامعة قبل الدرس مثلاً بدقائق تحلقوا حول السيارة حتى ضاعت السيارة بينهم لا تُرى ، وكل واحد يُسابق أخاه لكي يتوجَّه بسؤال لديه ، وإذا خرجتُ تسابقوا أيضًا ليركبوا معه إلى المدينة ، أولًا حتى لا يتأخَّروا بالذهاب .
ثانيًا : يكسبونها فرصة كما يفعل صاحبنا ، هههههه ، وهكذا كان ديدني في الذهاب والإياب ، مع أنّه ليس معي أحد في سيارتي لكنها مشحونة بالطلاب ذهابًا وإيابًا .
في الذهاب أجد طلابًا منقطعين في الطريق بالرغم أنّهم كان لهم باص خاص ، يقف الباص عند المسجد النبوي وفي ساعة مُعيَّنة ينطلق ، ولا بد أن بعض الطلاب يتأخرون فيركضون سيرًا على الأقدام مِن المدينة إلى الجامعة ، فأنا التقطهم بالسيارة ، وأحمِّلها فوق وزنها المعتاد في سبيل أنهم يُدركون الدرس في أوله ، بينما كنت ترى الأساتذة الآخرين كأنهم ملوك ، ما يركبون معهم أحدًا إطلاقًا ، فلا يخفاك يعني هذا الوضع أوجد في نفوس الطلاب تعلقًا بالألباني وحبًّا عجيبًا جدًّا ، زِدْ على ذلك أنه جاءهم بعلم ما سمعوا به من قبل ، أستاذ التفسير الفقه الأصول يروون لهم أحاديث تتناسب دروسهم ، فصاروا الأساتذة أنفسهم يسمعوا لغة جديدة ، يا أستاذ هذا الحديث مين رواه ؟ فلان . طيب ، إسناده صحيح ؟ فُوجئ الأساتذة بمثل هذه النغمة .
وأذكر أيضًا جيِّدًا حادِثة وقعت : أُستاذ الأصول جاء بالحديث ، حديث له علاقة بالأصول ، أيوا : ( اختلاف أمتي رحمة ) ، أظن هذا أو نحوه تذكرون حديثًا يُشابهه وهو غير صحيح ؟
السائل : ... .
الشيخ : لا هذا صحيح ، المهم .
السائل : ... .
الشيخ : لأ ، هذا الحديث حديث معاذ بن جبل ، حديث معاذ بن جبل : ( بم تحكم ؟ قال : بكتاب الله ... ) .
فجاء لهم بهذا الحديث في درس الأصول محتجًّا به على القياس طبعًا ، كان في الدرس أخونا عبد الرحمن عبد الخالق الذي هو في الكويت ، هذه كانت السنة الثالثة ، قال لي : يا أستاذ ، هذا حديث صحيح ؟ قال له : نعم . قال : سمعنا الشيخ الألباني يقول : أنّ هذا حديث منكر . ما أدري إيش كان جوابه ، لكن كان طبعًا غير راضي عن الموقف مِن هذا الطالب ، بعد أيام جاءني الشيخ المدرِّس في مادة الأصول إلى داري ، قال لي : بلغني كذا وكذا ، أنك تقول عن هذا الحديث بأنه منكر . قلت : نعم . قال : أين أنت كاتب شيء في هذا الموضوع ؟ قلت : نعم ، في * سلسلة الأحاديث الضعيفة * ، وهذا في المجلد الثاني كما تعلمون ولم يكن قد طُبِعَ يومئذٍ ، قال : ممكن أطَّلع عليه ؟ قلت : نعم . وريته المقال ، فأنا أوردت هناك كل ما يُقال مِن طرق وبيَّنت عللها الواهية ، وإذا به في درس آخر يؤكد لهم أنّ الحديث صحيح والشيخ الألباني نفسه أتى بهذا الحديث بطرق تقوِّيه ، بينما هي لا تزيده إلا وَهنًا على وهن .
يعني مثل هذه الصورة ، وهذه الظاهرة الغريبة جدًّا في جامعة ، وتكتُّل الطلاب حولي أثار حفيظة بعض الأساتذة ، فكتبوا إلى المفتي -والله أعلم- مباشرةً أو إلى الملك ، وصوَّروا لهم بأنّ هو مشكِّل حزب ويُخشى أن يعمل شيء وانتهت السنة الثالثة ، وأنا رجعت إلى دمشق مقرِّي لقضاء العطلة الصيفية ، كان يومئذٍ الشيخ ابن باز -جزاه الله خير- هو نائب الرئيس ، أو هو الرئيس الفعلي ، هداك رئيس فخري ، وإذا به يكتب إليَّ قبل أُسبوع أو أسبوعين من رجوعي للمدينة ، وأذكر جيِّدًا أن بعض أولادي وهو عبد اللطيف كان عليه إِكمال في درس من الدروس ، فأرسلته أَمامي حتى يقدِّم الامتحان ، وإذا بي أُفاجئ بالخطاب من الشيخ ابن باز بأنه جاءه خطاب من قبل المفتي بأنّ ما في داعي هذه السنة لتجديد العقد مع الشيخ الألباني ، وبذلك انتهت علاقتي بالجامعة ، وكتب لي كلمة طيبة جزاه الله خير يقول : " ومثلك يعني في أيِّ ثغرة كان فهو يقوم بواجبه "، إي نعم .
فخلاصة الجواب أنّي أنا طُلبت للتدريس ، يظهر لأنهم بعد ما كانوا ملتزمين بالقوانين الجامعية ، ولأنهم بحاجة إلى شخص يثقون بعلمه وبعقيدته في آنٍ واحد ، فهذا وذاك هو الذي حملهم على أن ينتدبوني إلى التدريس .
يذكر مواقف حصلت له مع الشيخ شعيب الأرناوؤط .
الشيخ : نعم.
السائل : حبذا لو قد حان يعني موعد الوفاء ؟
الشيخ : قلت لك لمــَّحت لك بأنك إذا رجعت إلى الاستدراك المذكور في آخر * شرح العقيدة الطحاوية * فيه تنبيه أنّي أنا قلت في الحديث الفلاني : لم أجده ، وهذا سهوٌ مني ، لأن الحديث خرَّجته في * المشكاة * ، وعزوته للترمذي ، وبيَّنت أنه ضعيف ، هذا الكلام الذي طُبِع في * تخريج الطحاوية * أشرف هو على تصحيح تجاربه ، فما نبَّه زهيراً إلى هذا السهو إلا بعد أن تمَّ طبع الكتاب ، وكنت يومئذٍ في الجامعة ، فأرسلَ إليَّ ملاحظة الشيخ التي قدَّمها لـزهير، فاكتب لنا جواب حتى نستدركه في آخر الكتاب ، فكتبت الجواب بتصويب ما ذَكر وأكَّدت ذلك أنّي أنا نفسي كنت خرَّجت الحديث في * المشكاة * الذي هو مطبوع قبل العقيدة بزمن طويل ، وهناك يعني حوادث كثيرة جدًّا تدل أن الرجل كان يعني غير متجرِّد في قيامه على تصحيح ملازم الكتب التي يطبعها * زهير * ويقوم هو على تصحيح تجاربها .
والآن عهدي بعيد في بعض الحوادث الأخرى التي يحسن أن تُذكر كمثال ، لكن هذا المثال يعني الحقيقة مسجَّل ولا يُمحى مع التاريخ .
ما موقفكم مما حصل في الحرم من الأحداث التي ادعى فيها جهيمان أنه المهدي ؟
الشيخ : إي نعم .
السائل : فهذه المسألة نريد يعني إجلاءَها ؟
الشيخ : أنا كغيري من الناس لم يكن عنده علم بذلك إطلاقًا ، لكن السنة التي أو الموسم الذي تلته الفتنة كنت أنا كالعادة في الحج ، وأنا كنتُ من فضل الله عليَّ عندي سيارة عجوز كنت أحج بها وأعتمر كل سنة ، فتلك السنة استغربت وخوف يلحقنا بعض الشباب المسلم اللي يلتزم الكتاب والسنة ، وأنا كنت أنزل في خيمة لأحد إخوانا المصريين المقيمين في السعودية وهو الشيخ محمد بن عبد الوهاب البنا ، وهو كان جاري في المدينة في التدريس ، وكان أيضًا يدرِّس في الجامعة في الثانوي ، وكنَّا معه يعني في أَحسن تفاهم مع بعض تدريسًا وجِوارًا ، حتى اتفقنا معه على اقتراح قدَّمناه للشيخ ابن باز أن نعمل للطلاب رحلة في كل يوم خميس ، ينتهي الدرس مَع صلاة الظهر فنخرج معهم إلى بعض القرى أو البلاد تارةً إلى ساحل البحر الأحمر ، فكنا نركب الباص فيه ما بين أربعين وخمسة وأربعين طالبًا ، تارةً من العالي ، تارةً من الثانوي ، أنا والشيخ البنا هذا ، وكان يصير خير كثير جدًّا ، وشيء يُلفت النظر ويُفرِح القلب ، كان الباص ينقلب إلى المدرسة مِن خروجه من الجامعة إلى المحطة التي كانوا مقرَّر ننزل فيها ، ثم ليس هكذا ، لا تكاد أول خيمة تُنصب إلا يجلس الألباني فتُعقد الحلقة حوله ، وهكذا ليلًا نهارًا ، وكان من المقرر أن نبات هناك ليلتين ، ليلة الجمعة وليلة السبت ، والصبح نكون في الجامعة ، هذا الشيخ البنا -جزاه الله خير- كنت إذا حجَجْت نزلت في خيمته ، فلاحظت تلك السنة كثرة الطلاب من هؤلاء الإخوان الذين يتبنَّون دعوة الكتاب والسنة في أسئلةٍ حول المهدي ، ومتى يخرج وو إلى آخره ، وأنا أسمع منهم بأن المهدي خرج ، أين ؟
يقولون لي نسيت والله يقولون مدري حائل ، مدري إيش البلدة التي كانوا يسمُّونها ، فأنا أتعجَّب منهم من جهة وأباسطهم من جهة أخرى ، بقول : يا جماعة شو جاب المهدي لعندكم ؟ المهدي بيطلع عنَّا نحن ، يعني في دمشق ، والمهدي موجود ! وسمُّوه هذا الاسم سمعتوه في الجريدة محمد بن عبد الله القحطاني .
فسبحان الله ! يعني كنتُ أتساءل أنَّه إيش معنى هذا الكلام ، ويقولوا من الأدلة على أن المهدي هو هذا أن الرؤى تواطأت ، ويستدلون بالحديث لما الصحابة رأت أنّ ليلة سبعة وعشرين هي ليلة القدر ، فقال عليه السلام : ( أرى رؤاكم تواطأت ) ، فيحتجُّون بتواطؤ رؤى الصحابة ، فكنت أقول لهم : أين أنتم وأين الصحابة ؟ !
حديث الشيخ عن رحلاته للحج والعمرة وانعقاد الدروس والجلسات هناك وما وقع له من أسئلة حول المهدي في العام الذي ظهر فيه جهيمان .
والشاهد : أنني رجعت مِن الموسم إلى دمشق ، ثم بعدما استرحتُ قليلاً ورجعت إلى عمان عند صهري نظام ، صباح ثاني يوم أو ثالث يوم أسمع الراديو من السعودية يقول بحادِثة الحرم ، ساعتئذٍ عرفت ما كان يتحدثون به أنه كان عن تخطيط ، فقلت لصهري وابنتي : تعرفوا هدول مين الذين قاموا بالفتنة ؟ قالوا : لا . قلت لهم : أنا أظن أنهم جماعة السلفيين اللي كانوا يسألونني عن المهدي في مِنى ، ثم انكشفت الأخبار وتبيَّن فعلًا أنهم هم من السلفيين فعلًا ، ورئيسهم هذا جهيمان كان في المدينة ، وكان يتردد عليَّ ويسألني ، وكان هو مع مقبل الذي هو الآن في اليمن ويخدم الحديث ، كان مقبل طالب في الجامعة ، وكانوا يجتمعون عند المكتبة وعند المسجد ، فقلت : سبحان الله ! هذا ما لم يكن في الحسبان ، وهذه مما نخشاه مِن القيام بثورات وانقلابات بزعم الإصلاح ، وهذا ينافي في ما تبنَّيته من نحو عشرين سنة ، أن الإصلاح لا يكون إلا بالتصفية والتربية.
هذا خلاصة يعني الجواب عن سؤالك .
وباختصار بطبيعة الحال أنا لم يكن لي علم إطلاقًا بهذا الذي سيقع وبما وقع إلا بعد أن أَذاع ذلك الإذاعة السعودية ، لكن الإذاعة السعودية عفوًا الدولة السعودية بلغني فيما بعد إخوانا وأنا في دمشق أنّهم بعدما وقعت هذه الواقعة بطبيعة الحال انتشرت الشرطة في كل مجالات المدينة بل المملكة ، ومن ذلك أنهم أخذوا يتردَّدون على المستشفيات ، لأنّهم تصوروا أنّه لا بد ما يكون وقع جرحى من هؤلاء ونُقلوا إلى المستشفيات ، فيريدون أن يحصلوا عليهم ، فكانوا يأتون بأسماء إلى المستشفيات قوائم أنه إذا جاءكم اسم كذا وكذا وكذا لازم تخبرونا ، فأحد الأطباء هناك ممن له علاقة ببعض أصدقائنا في دمشق أخبره بأنّ اسم فلان مذكور في القائمة ، إي نعم ، فأنا لما علمت ذلك اتَّصلت مع الشيخ ابن باز لأنّه جاء الموسم التالي ، وسألته رأيه : يعني إيش ترى أحجُّ كالعادة ولَّا لأ ؟ فكان جوابه التريُّث ، وهكذا مضى تقريبًا ثلاث سنوات أو أربع وأنا لا أحج ولا أعتمر كعادتي ، لما يعني تكشفت الأمور للسلطات هناك وتبيَّنت لهم الحقيقة وبخاصة بعض الأشرطة التي منها شريط تبع علي مشرف ، لأنّ علي مشرف استُدعي من جملة من استُدعي ، شو حكى الشيخ الألباني ؟ قال لهم : هَايْ هَايْ أشرطة ، كلام طبعًا نحن ما نؤيد كل هذه الثورات والانقلابات ، فلما تبيَّنت لهم هذه الحقيقة وفي الأصل ما في عليَّ حظر يعني رسمي ، فبدأتُ أتردد كما كنت سابقًا والحمد لله .
8 - حديث الشيخ عن رحلاته للحج والعمرة وانعقاد الدروس والجلسات هناك وما وقع له من أسئلة حول المهدي في العام الذي ظهر فيه جهيمان . أستمع حفظ
ما حكم الشباب الذين شاركوا في أحداث الحرم، وهل قتلهم وقتالهم جائز ؟
الشيخ : نعم.
السائل : وهو يعني ما رأيكم بالنسبة مِن الناحية الفقهية لصنيع هؤلاء في المسجد الحرام ؟
الشيخ : هم إذا فعلوا ذلك في العراء لا يجوز ، فما بالك بالمسجد الحرام ؟!
السائل : يعني حدُّهم القتل ؟
الشيخ : طبعًا .
السائل : حتى وإن تأولوا ؟
الشيخ : وإن تأولوا ، الخوارج متأولون ، الخوارج متأولون ، ولذلك لما سُئل علي رضي الله عنه وقد قاتلهم : " أكفَّارٌ هم ؟ قال : لا ، مِن الكفر فرُّوا " ، لكن أثاروها فتنة عمياء فلقوا جزاءهم ، هذا الخروج لا يجوز إسلاميًّا مطلقًا ، فما بالك في المسجد الحرام ؟! هذا إثم أكثر .
اشتهر عندنا أن سبب منعك من دخول السعودية هو أنك أفتيت بعدم قتل المعتدين في الحرم خلافا لما قال الشيخ ابن باز ؟
الشيخ : لأ ، هذا ما له أصل إطلاقًا ، يعني كون عدم الدخول ما له علاقة إطلاقًا إنما هذا التحفُّظ مني .
السائل : إي نعم .
سائل آخر : لكن أسلوب الدخول واقتحام المسجد واستعمال السلاح والغازات السامة ، هل هذا أيضًا يجوز ؟
الشيخ : والله هذا أمور تتعلق بالفتنة القائمة، إذا فرضنا أنهم يستطيعون القضاء عليها بغير هذه الطرق فهو الواجب ، والحقيقة أنّ هذه المسألة تحتاج إلى دراسة دقيقة جدًّا مِن أهل العلم وأهل السياسة المتدينين منهم ، ولَّا هذا خلاف الأصل.
السائل : ما قاموا به أشد مما قام به الحجاج في فتنة ابن الزبير .
الشيخ : ماذا فعلوا مثلاً ؟
السائل : يقال سلطوا عليهم ...
الشيخ : هي المشكلة بقى ، يُقال يقال ، هذا صحيح ولَّا لأ ؟!
السائل : صحيح .
الشيخ : على كل حال التعذيب منهيٌّ عنه ، معروف هذا .
السائل : إيش شيخنا ؟
الشيخ : التعذيب منهي عنه .
السائل : يعني هذا من باب التضييق عليهم ...
10 - اشتهر عندنا أن سبب منعك من دخول السعودية هو أنك أفتيت بعدم قتل المعتدين في الحرم خلافا لما قال الشيخ ابن باز ؟ أستمع حفظ
ذكرتم في بعض كتبكم على وجه الإجمال دخولكم إلى عمان ثم رجوعكم إلى سوريا مرة أخرى تحت ظروف قاهرة فنرجو أن تبينوا لنا ذلك ؟
الشيخ : هذه معروفة أنا كنت سكنت هنا في دار متواضعة صغيرة تحت ريثما كنت أفتش على أرض أبني عليها دارًا ، فوقع اختياري على هذه الأرض وبدأت بالبِنَاء ، وكانوا إخوانا طبعًا حريصين جدًّا على أن أعطيهم دروسًا كما كنت مِن قبل ، قبل استيطاني هنا كنت آتي كل شهر شهرين ثلاثة حسب ظروفي ، فأُلقي بعض الدروس في دار هنا الشيخ أحمد عطية ، وكنا نتردد أيضًا على الزرقاء ونلقي هناك بعض الدروس ، وربما في الصويلح.
السائل : البقعة .
الشيخ : آه، البقعة ، أيوا المهم هكذا كانت عادتي قبل استيطاني ، ولما استوطنت شغلت ببناء الدار ، كانوا يناشدون وأعدهم بعد الانتهاء من الدرس من البِنَا إن شاء الله نتوجه للتدريس ، وبنينا وسكنَّا والحمد لله فأعادوا الطلب .
السائل : طلب ؟!
الشيخ : التدريس .
السائل : نعم.
الشيخ : ألقينا أول درس على سطح دار الشيخ أحمد هنا غير الدار السابقة التي كنت أُعطي فيها الدروس ، فامتلأ السطح على سَعته ، والأسبوع الثاني يمكن كان يوم الثلاثاء أبو عبد الله ولَّا ؟
السائل : الثلاثاء
الشيخ : الثلاثاء .
السائل : إي نعم ، الثلاثاء .
الشيخ : المهم الأسبوع الثاني كذلك ، وكان الدرس في * رياض الصالحين * يمكن نحو ثلاث أرباع الساعة ، ثم بعد ذلك أسئلة وأجوبة ، ما جاء الدرس الثالث إي نعم، إلا جاءت المخابرات هنا ورائي وقد صليت الظهر في مسجد هنا يُسمَّى مسجد النور ، أنا وأخي أكبر مني اسمه محمد ناجي أبو أحمد ، وكان أيضًا يومئذٍ معي ابني عبد المصوِّر ، وهو مقيم في جِدة الآن ، كان زائرًا ، وأنا صاعد وخلفي أخي ثم ابني ، وإذا واحد بيصعد لابس ... ، السلام عليكم ، وعليكم السلام ، بقول لأخي : أنت فلان ؟ فقلت له ، أنا بقول له : أنا فلان ، أمر ؟ قال : عاوزينك شويَّة ، وإذ السيارة هنا في الممر ، فالمهم أخذوني فورًا للمخابرات ، هناك مِن غرفة إلى غرفة وصلنا إلى غرفة فيها الذي جاء وأخذني ، هويتك ، أعطينا الهوية ، شيء روتيني يعني نظام مُتَّبع ، شو بتعمل ؟ شو بتشغل ؟ إلى آخره .
ومع الحديث بيدخل موظف يبدو أنه كبير مربوع القامة وواضع نظَّارة ، بيلتفت إليّ بيقول لي : يا شيخ أنت غير مرغوب بإقامتك هنا في هذا البلد . قلت له : ليش ؟ أنا ما جئت اليوم أو أمس أو قبل أسبوع أو أُسبوعين ، أنا صار لي هنا مقيم سنة ، وليس هذا فقط ، بل اشتريت أرضًا بإذن الدولة ، وكان لغيري ما يسمحون للغرباء كما يقولون بالشراء والاستملاك إلا بعد تقديم استدعاء ، وتُحوَّل هذه إلى المخابرات ، إلى رئيس الوزراء ، لا بد يوقِّع ويوافق ، فأنا أُشير إلى هذه الحقيقة أنّي أنا اشتريت أرض بإذن الدولة ، ليس هذا فقط ، بل وبنيت عليها دارًا بإذن الدولة ، وليس هذا فقط ، وتزوَّجت من نسائها ، فصمٌّ بكم ، أدار ظهره وما أدري شو وسوس إلى الموظف وخرج.
كان قال لي : مش مرضي لما قال مش مرضي عن البقاء هنا فاختر أي دولة من الدول العربية ، لكن لما أنا ردِّيت عليه هذا الرد وانسحب نقلوني أيضًا إلى غرفة وبدأ يستوجبني ، وإذا به أيضًا كأنها تمثيلية ، بيعمل هيك كأنه كان ناسيًا الشيء فتذكَّره ، ويخرج ، فيأتي شرطي ويأخذني إلى مكان آخر ويأخذ هويتي وما أدري إيش يسجِّل ، ثم أنزلوني مع جندي إلى الأسفل ، وأركبوني سيارة لندروفر عسكرية .
11 - ذكرتم في بعض كتبكم على وجه الإجمال دخولكم إلى عمان ثم رجوعكم إلى سوريا مرة أخرى تحت ظروف قاهرة فنرجو أن تبينوا لنا ذلك ؟ أستمع حفظ
تتمة كلام الشيخ حول ترحيله من الأردن لسوريا ثم إلى لبنان ثم إلى الإمارات ثم عودته للأردن بإذن من الملك حسين رحمه الله.
السائل : مجرمين يعني .
الشيخ : مجرمين ، مجمّعين الشناتي وهن ملتفين حول الشناتي ، وهناك سيارة جيش أمامهم بعيدة عنهم ، فعلمتُ أن هؤلاء يُرحَّلون ، وفي مركز من المراكز التي نقلوني إليها أخبرني أحدهم أنّك أنت الآن يُراد نفيك إلى سوريا ، ولما وصلنا للمركز الذي فيه الناس والشناني إجا شاويش بيقول لهم : يالله يا شباب اركبوا ، كنت أنا آخر واحد ، أنا استعصيت ، وقلت للشاويش تبعهم : أنا ما بروح لسوريا ، علمًا أنّي أنا خروجي كان من سوريا طبيعي أيضًا وهذه النقطة يجهلها كثير من الناس ، لأني بعد خروجي أنا بأشهر وقعت الثورة السورية ، فأنا خروجي كان طبيعي ، لكن بعد ما أقمت هنا واستحسنت أني ما أرجع لسوريا خشية أنّ يحطوني تحت استجواب واستنطاق ، وأنا مقرِّر أني أقيم هنا ، ولذلك ما رأيت أن أرجع إلى سوريا ، فالشاويش يعني غرَّر بي وكذب عليَّ وقال لي : ما راح نأخدك لسوريا نأخدك ... ، المهم ركبنا عاد السيارة حتى وصلونا للحدود الأردنية السورية ، هناك استلمني ضابط أردني ، وسألني شو قصتك وكذا ؟
طبعًا هو عنده الخبر ، فسمح لي أنّي أروح للحدود السورية ، الحدود السورية طبعًا بدك تخرج تدخل بطريق رسمي ، فاستنطقوني أيضًا ، استجوبوني ، فذكرت لهم القصة فأعطوني ورقة مطبوعة طبعًا ، وفيها قرارات المسموح والممنوع ويقولوا تحت في الحاشية ملاحظة : يجب مراجعة المخابرات السورية في مهلة ثلاث أيام ، تحت طائلة الملاحقة عند التخلف ، فأنا وصلت دمشق بنصِّ الليل ونزلت في دار أخ لي هناك ، المهم بقيت هناك ليلتين وأنا أتشاور مع إخوتي وإخواننا ، هل أنا أذهب إلى المخابرات السورية ولَّا تابع طريقي وأخرج مِن سوريا ؟ فالآراء متفقة أنّو خير لك ألا تقابل المخابرات ، ما تدري ماذا يعني يُفعل بك ، وعلى هذا قرَّرت وسافرت إلى لبنان ، بقيتُ في لبنان تقريبًا ست أشهر أو أقل أو أكثر ما أذكر جيِّدًا ، ثم جاء أحد إخوانا مِن الإمارات ، وجاءني برخصة دخول إليها ، وقضيتُ فيها شهورًا ، ثم سعى بعض إخوانا هنا مثل أبو مالك وغيره ، تواصلوا مع المسؤولين ، حتى وصَّلوا الأمر للملك أن الشيخ لا هو يعني رجل ثورجي ولا هو رجل سياسي ، هو رجل علم ، ونظام هذا قدم يومئذٍ وهو وبدران ، قدم له صندوقين من الكتب ، قال له : هذا الشيخ ، تعجَّب .
والمهم سمح الملك للمسؤولين بأنه اسمحوا للشيخ بأنه يدخل ، وهكذا كان الأمر ، هذه قصة ما سألتَ عنه .
السائل : وقت محدد ... ؟
الشيخ : لا الآن يسأل الشيخ حتى يصير الصلاة نذهب نصلي، أنت متى سفرك ؟
السائل : الليلة ، لكن ممكن يا شيخنا يعني نصلي ثم فقط آخذ خمس دقائق ؟
الشيخ : خذها الآن .
السائل : لا بعد الصلاة قلبي مطمئن .
الشيخ : كم باقي للصلاة ؟
السائل : عشر دقائق.
الشيخ : تفضل كمل يلا.
12 - تتمة كلام الشيخ حول ترحيله من الأردن لسوريا ثم إلى لبنان ثم إلى الإمارات ثم عودته للأردن بإذن من الملك حسين رحمه الله. أستمع حفظ
كيف تم خروجكم من سوريا وهل كنتم ملاحقون ؟
الشيخ : نعم .
السائل : كيف تم ، مع أن !
الشيخ : الخروج من سوريا كان طبيعي عن تخطيط للمستقبل ، يعني أنا خططت في نفسي أنّي في آخر حياتي وعمري ، وفي مثل سوري بيقول : " ما بقى بالكرم إلا الحطب " ، تدرون هذا ما يعني ؟ !
يعني الكرم يبس ، ما بقى إلا حطب ، وهكذا شأني أنا في آخر حياتي قلت : ما بقي من عمري لازم أنزوي عن الناس ، وأكرِّس ما بقي مِن عمري لإتمام مشاريعي أو بعض مشاريعي على الأقل ، تعرف هناك في الشام يعني كان عندي انطلاق واسع ، يعني من دمشق إلى حمص إلى حماة إلى حلب إلى إدلب إلى اللاذقية ، فأنا تصورت أني بدي أنشغل بالناس عن إتمام مشاريعي العلمية ، إذن أنا أذهب إلى بلد لست مشهورًا فيها ، لكن الحقيقة انعكست معي تمامًا ، وهذا كما يُقال في بعض الإسرائيليات : " عبدي تريد وأريد ، ولا يكون إلا ما أُريد " ، وهذا حق بلا شك .
السائل : نعم.
الشيخ : المهم أنا جيت لهذه الغاية لأسكن هنا بعيدًا عن المراجعات والأسئلة وإلى آخره ، وأتفرَّغ للعلم ، فخروجي كان طبيعي تمامًا .
السائل : مِن على الحدود يعني ؟
الشيخ : آه.
السائل : وما فيش لا تفتيش ولا ؟
الشيخ : إيش تفتيش ، إيش بدهم يفتشو ؟
السائل : يعني مثلًا بعد وقوع الأحداث في سوريا .
الشيخ : ما أنا بقول لك خرجت قبل الأحداث.
السائل : يعني مِن خروجك بعدما دخلت أنت لما أخذوك من عمان هنا إلى سوريا ، أنت خرجت إلى لبنان ؟
الشيخ : طيب ، وما دخلت سوريا .
السائل : أنت تقول دخلت دمشق ، ما كان اسمك عالحدود مطلوب القبض عليه ونحو ذلك ؟
الشيخ : لما دخلت من هنا إلى سوريا ؟
السائل : لا ، لما دخلت من سوريا إلى لبنان ، على أساس أنّ كانت الثورة قامت يعني ؟
الشيخ : لما خرجت من سوريا لسا ما كان في شيء ، لأنهم هم كاتبين معي مهلة ثلاث أيام ، إذا بعد ثلاثة أيام يعني ما كنت أنت أثبت حالك فتلاحق ، أنا كنت صرت برا ، يعني أفلت من أيديهم .
السائل : أي نعم .
الشيخ : عرفت كيف ؟
السائل : أي نعم .
الشيخ : فلذلك بعدما سافرت جاء الطلب لابني هناك ، الساعتي محجور عليه ، في الوقت الذي كان نزولي من قبل الآن ما بيسمحولي بالخروج وهذا ظلم بلا شك ، لأنّي ثابت لديهم أني أنا ما في عليَّ شيء إطلاقًا من قبل يعني ، بالرغم أنهم سجنوني مرتين ، لكن هذا سجن سياسي ، ما هو مثلاً إجرام أو ثورة أو ما شابه ذلك ، فأنا خروجي من سوريا إلى لبنان كان في نفس المهلة التي حدُّدوا لي ياها نظام المخابرات .
لكن لما مضت المهلة وشافوا أنّي أنا ما راجعتهم حسب طلبهم قعدوا بقى يبحثوا يسألوا ، إجوا أول شي عند ابني الساعاتي ، وينو أبوك ؟ والله ما أدري ، فعذبوه يعني وفرضوا عليه كل شهر أن يراجع المخابرات ، بالرغم أنُّو ما في عليه شيء وعلى عليه شيء إطلاقًا ، فهذا جواب السؤال .
بيان سبب سجن الشيخ في سوريا لمرتين وإحداهما حصل بها اختصار صحيح مسلم .
الشيخ : إي نعم في إحداها .
السائل : في الأولى ولا الثانية ؟
الشيخ : الثانية .
السائل : طيب ، إيش الملابسات فيها ؟
الشيخ : واحدة كانت بمناسبة ضرب الطائرات اليهودية لدمشق ، أنتو بقى اعرفوا إيمتى كان هذا ؟
السائل : ضربوها كثير .
الشيخ : لا ، بس يعني أول حركة هذه كانت ، فالظاهر أنّ الدولة خافت أن المشايخ يثوروا : " وما لجرحٍ بميِّتٍ إيلام " ، فاحتياط من التحرك ألقوا القبض عالمشايخ ، إي نعم ، وما أدري كيف أنا اعتبروني من المشايخ .
إي نعم ، هذه مرة ، والمرة الأخرى .
السائل : الأولى ثلاث أشهر يا شيخنا ؟
الشيخ : والله ما عاد أذكر بعض التفاصيل .
في المرة الثانية استدعوني ، المخابرات استدعوني ، الظاهر كانوا مبيتين أمر فبدهم يحركوا سبب يعني ، قالوا لي : شو رأيك بحكام اليوم ؟ قلت لهم متبالهًا : ما أعرفهم . قالوا لي : شو رأيك بالنظام الحاكم تؤيده ؟ قلت : لا ، قال : لِمَ ؟ قلت : لأنه يخالف الإسلام . حققوا معي وركَّبوني على سيارة كمان لاندروفر ، ونقلوني من مكان إلى مكان مركز شرطة .
السائل : ... ولا قبله ؟
الشيخ : قبله .
حطوني بمركز شرطة على أساس أنّ بدهم يرجعوا شرطيين ويأخدوني ما أدري لوين ، مرَّ بي أحد بني قومي الذين يُسمَّون بالأرناؤوط ، قلت له شوف الجماعة شو طالبين ، والله الرجل تحمَّس وفات لجوا ، بقول لي : هدول مقرِّرين نفيك إلى الحسكة ، يعني شمال شرق سوريا ، قلت له : فورًا تعمل معروف تصل رأسًا لعند ابني في الدكان ، وبتقول له : يروح عالمخيم اليرموك ، ويجيب لي بالشنطة نسخة * صحيح مسلم * وبراية وقلم رصاص ومحاية وإلى آخره .
السائل : عدَّة الشغل .
الشيخ : نعم ؟
السائل : عدة الشغل .
الشيخ : عدة الشغل ، إي نعم ، ويدركني هنا ، وإلا يلحقني لمنطلق السيارات إلى حلب ، والله الرجل -جزاه الله خير- ما أنساها له أبدًا ، راح لعند ابني ، وابني أيضًا سارع وذهب إلى داري في مخيم اليرموك ، وأخذ كل شيء ووضعه في الشنطة ، وأدركني في منطلق السيارات ، والسيارة ترجع القهقرى لتنطلق ، فصعد إليَّ وسلَّم عليَّ وعانقني وودَّعني ، وانطلقت السيارة بنا إلى حلب ، ومِن حلب إلى الحسكة ، الحسكة فيها سجن جديد مِن فضائل ناصركم ، سجن واسع جدًّا عالي أضعاف هذا الارتفاع .
المهم أدخلوني وسبحان الله يعني (( ذلك تقدير العزيز العليم )) إلى كاووش طويل جدًّا ، وإذا فيه شباب من المسلمين من حزب التحرير ، ورئيسهم كان يحضر دروسي في حلب ، سلفي يعني ، بعدين انحرف مع حزب التحرير ، قلنا : ربَّ ضارَّة نافعة ، وكنت ترانا ليلًا نهارًا في نقاش مع الجماعة .
السائل : ... .
الشيخ : أبداً ما في شي ، بس أنا جايب زادي بدي أشتغل ، وين اللَّمبة هَيْ حاطينها فوق هنيك لصق السقف ، والسقف عالي جدًّا ، ما أستفيد شيئًا منها ، حكيت مع صاحبنا هذا الذي كان سلفي اسمه الشيخ مصطفى ، وإذ هم مضى عليهم في السجن مع الأسف نحو سنتين ، وبسبب طول المكث هناك صار بينهم وبين مدير السجن صحبة ، ومدير السجن حوراني ، والظاهر في عنده شيء مِن الفكرة ، ولو أنّه بعثي يعني ، فكان يتجاوب فعلًا مع الشيخ مصطفى ومع المسلمين هدول ، ويساعدهم بقدر الإمكان ، وكانوا مشتركين على الطعام ، طعام السجن يعني " قوت ولا يموت " فقط يعني ، فكانوا مشتركين مع بعض ، اشتركت أنا معهم وكانوا يصنعون الطعام ، المهم الآن بدنا كهربا ، حكى مع مدير السجن أنّ عنَّا ما أدري شو حكى يعني طالب علم الشيخ الالباني كذا ، وبدو يشتغل جايب معه كتبه ، فوالله طلع الرجل طيب ، بس نحن هالذي بدو ياه نحن منجيب له ياه بس على حسابه ، طيب شو بدكن ؟!
بدهن سراسب مشان ينزلوا إيش ؟ اللمبة من فوق لتحت ، قلنا له : سهل ، يجيبوا هالذي بدهن ياه لندفع ، كان في سرير طبعًا إلي ، فنزلت اللمبة هادي من فوق هنيك فوق راسي تمامًا ، كيَّفت ، ولا أحسست بالغربة وبالسجن إطلاقًا ، ومثل ما قيل ، شو قال ابن تيمية الله يرحمه ؟
السائل : " أنا سجني خلوة " .
الشيخ : " سجني خلوة " ، نروح نصلي.
السائل : ونكمل يا شيخنا بعد !
الشيخ : تكمل الخمس دقائق ؟
السائل : نكمل إلى !