سلسلة الهدى والنور-230
الشيخ محمد ناصر الالباني
سلسلة الهدى والنور
ما حكم الشرع فيما يفعله بعض من ينتسب إلى السنة من تأسيس أحزاب وتنظيمات وجبهات إسلامية للمقاومة وهل إستدلالهم بالقاعدة ( ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ) صحيح .؟
الشيخ : عسـاك بخير ، من أي الجزائر ؟
السائل : أنا من البُليدة .
الشيخ : بُليدة، هذه تبعد عن العاصمة كثيراً ؟!
السائل : أربعين كيلو.
الشيخ : أربعين كيلو .. هيـه ، وهي قرية أم بلدة كبيرة .
السائل : بلدة كبيرة ..
الشيخ : كبيرة !
السائل : ولاية .
الشيخ : ولاية .. وكيف الدعوة هناك فيه نشاط أو لا ؟
السائل : فيه نشاط .
الشيخ : أو حديثة العهد .؟
السائل : فيه نشاط . نشاط كبير. وهناك بعض النقط .؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : نحن جئنا من أجل تلك النقط يا شيخ .
الشيخ : ما فهمنا .
السائل : نحن جئنا نسأل عن الأحزاب في الحقيقة .
الشيخ : تريد أن تسأل عن شيء .؟ تفضل .
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فما هو حكم الشرع الحنيف بما نراه من بعض إخواننا المنتسبين إلى السنة في بعض البلاد إذا أسسوا أحزابا وجبهات وتنظيمات إسلامية لمواجهة القوى المعادية للإسلام -كما يقولون- وبخاصة أنهم يستدلون أحياناً بقاعدة فقهية تقول : " ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب " فهل هناك أدلة شرعية من كتاب ربنا سبحانه وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم تجيز لهم مثل هذا التحزب ؟ ، أفيدونا نفع الله بكم ، وبارك فيكم وجزاكم خيراً.
الشيخ : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، لا يوجد -كما هو معلوم عند أهل العلم- أي دليل في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجيز للمسلمين أن يتفرقوا شيعاً وأحزاباً، وإنما يوجد في الكتاب والسنة خلاف ذلك تماماً، حيث قال تعالى : (( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة ) قالوا : من هي يا رسول الله؟ قال : ( هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي ) وفي الرواية الأشهر : ( هي الجماعة ) وإنما تكون الجماعة جماعة حقيقية إذا كانت تتمسك بالكتاب والسنة تمسكاً فعلياً وليس تمسكاً قولياً، ولذلك هنا لابد من لفت النظر إلى حقيقة طالما أصبحت اليوم تتكرر ألفاظها وتخفى حقائقها، وهي أن من موضة العصر الحاضر اليوم أن كل حزب صار ينتمي إلى الكتاب والسنة، بعد أن لم يكن للكتاب والسنة ذكر على ألسنتهم قبل نحو ربع قرن من الزمان، ولكن بفضل الله ورحمته، لما بدأت دعوة الكتاب والسنة تعلو على كل الدعوات ، وأصبحت لها الهيمنة والسيطرة على كل الدعوات صار من مصلحة الدعوات الأخرى أن يتبنوا الانتسابة إلى الكتاب والسنة، ولكن شتان بين من ينتسب إلى الكتاب والسنة اسماً، وبين من ينتسب إليها اسماً وفعلاً، ولذلك فلا ينبغي لنا أن نظن أن كل من كان يدعو أو يقول نحن على الكتاب والسنة إنهم كذلك على الكتاب والسنة، وإنما علينا أن نقارن بين القول وبين الفعل، فمن كان فعله يصدق قوله فنحن نكون معه ليس حزباً، وإنما جماعةً واتباعاً للحديث السابق : قالوا : من هي؟ -أي الفرقة الناجية- قال : ( الجماعة ) وفي الرواية الأولى أو الأخرى : ( هي التي على ما أنا عليه وأصحابي ) ، فمن كان فعله يطابق قوله كنّا معه وكنا جماعة واحدة، وليس فرقاً وأحزاباً، كل حزبٍ بما لديهم فرحون.
هذه الملاحظة يجب أن نلاحظها لأننا نسمع اليوم دعوات كثيرة بينها إختلاف كبير جداً ومع ذلك فكل منهم يدعي أنه على الكتاب والسنة، وكما قيل قديماً:
وكلٌ يدعي وصلاً بليلى * * * وليلى لا تقر لهم بذاك
وربنا عز وجل يقول في الكتاب الكريم كما هو معلوم : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ )) ، تجد مثلاً على سبيل المثال، تجد كثيرا من الناس يقولون: نحن على الكتاب والسنة، ونحن على منهج السلف الصالح ، لكنك إذا نظرت إلى مظهرهم رأيت مظهرهم لا ينبي عن شيءٍ من ذلك الإتباع للمنهج ، منهج السلف الصالح، فكثيرٍ منهم يتزيون بزي الأجانب، كثيرٍ منهم لا يتشبهون بنبيهم صلى الله عليه وسلم الذي مثلاً كان يقول : ( حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى ) فتجد الكثير من هؤلاء المدعين الانتساب إلى الكتاب والسنة أو الانتساب إلى السلفية يخالف فعلهم قولهم، يخالف مخبرهم خَبرهم، فلذلك هؤلاء ينبغي نحن أن لا نحشرهم في زمرة الجماعة التي لا تفرق فيها، ولا أحزاب فيها، وإذا عرفنا هذه الحقيقة سَهُل علينا تماماً أن نفهم أن من كان يدعي الانتساب إلى الكتاب والسنة ومع ذلك فهم فرق وشيع وأحزاب، فليسوا على الكتاب والسنة ، لأنه هذا التفرق وهذا التحزب، هو خلاف الكتاب والسنة.
ما أدري إذا كان كأنه في بقية للسؤال لو ذكرتني حتى ندندن حوله.
السائل : إذا أسسوا أحزاب وجبهات وتنظيمات إسلامية لمواجهة القوى المعادية للإسلام -كما يقولون- وبخاصة أنهم يستدلون أحياناً بقاعدة تقول : ( ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب ).؟
الشيخ : طيب، محاربة القوى المحاربة للإسلام لا تكون بالتفرق، وإنما تكون بالتجمع، وهو ما أشرنا إليه آنفاً أن يكونوا جماعة واحدة ويربطهم منهج واحد، وليس هناك منهج إلا منهج الكتاب والسنة وما كان عليهم سلفنا الصالح، كما اشتهر عن الإمام ابن قيم الجوزيّة رحمه الله أنه كان يقول -ونعم ما كان يقول- :
العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذرا من التشبيه والتمثيل
نحن نجد هؤلاء الأحزاب أكثرهم لا يهتمون بتصحيح عقائدهم وأفكارهم، لا يهتمون بتصليح عباداتهم و صيامهم ومناسك حجهم، وإنما الحقيقة كلُّ حزبٍ منهم يتحزب للمذهب الذي عاش عليه، فعندكم مثلاً ، يغلب التحزب للإمام مالك رحمه الله، في بلاد أخرى كتركيا مثلاً لا يعرفون الإسلام إلا من زاوية مذهب أبي حنيفة فقط، وفي بلاد أخرى كسوريا مثلاً ومصْر مثلاً وهذه بلاد يعرفون مذهبين اثنين وهو الشافعي والحنفي، وعلى العكس من ذلك مثل في نجد مثلاً ما يعرفون مذهباً إلا المذهب الحنبلي، في الحجاز يعرفون المذهب الشافعي أكثر وهكـذا، هذا ليس هو منهج السلف الصالح، منهج السلف الصالح كما أسمعناكم آنفاً من قول ابن القيم رحمه الله: العلم قال الله قال رسوله .
هؤلاء الأحزاب من كان يقول نحن على الكتاب والسنة ويصدق فعله قوله كما قلنا آنفاً فهو من الجماعة ونحن معهم أين ما كانوا ومن كانوا، أما استغلال هذه الدعوة في سبيل تجميع الناس وتكتيلهم وتحزيبهم، ولو بزعم محاربة القوى المحاربة للإسلام، وهي قوى إما أن تكون كافرة كفراً محضاً، وإما أن تكون منحرفة عن الإسلام كثيراً أو قليلاً، فما يكون أبداً محاربة القوى التي تعادي الإسلام إلا بالرجوع إلى الكتاب والسنة في كل شؤون الحياة.
ونحن نعلم من واقع الجماعات والأحزاب المعروفة اليوم على وجه الأرض أنها فقط تهتم بالكلام، ولا تهتم بمعرفة الإسلام وفهمه فهماً صحيحاً أولاً، ثم بتطبيق هذا الإسلام على أنفسهم وعلى ذويهم و أهليهم ثانياً، هذا نادر جداً و هذا الذي نحن نهتم به من أن يكون فهمنا للإسلام فهماً صحيحاً، على منهج قال الله قال رسول الله قال سلفنا الصالح، ثم تطبيق ذلك في كل شؤون حياتنا فيما استطعنا إليه سبيلاً. هذا هو جواب هذا السؤال، أما السؤال الثاني ما هو ؟
السائل : سيخنا لو تكلمت عن القاعدة : " ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ".
الشيخ : نعم!
السائل : لو تم الإشارة عليها بشكل ... .
الشيخ : هيـه، صحيح ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب، هذه قاعدة معترف فيها بين أهل العلم، لكنهم يتغافلون عن الحقيقة التي سبقت الإشارة إليها، وهي أن التجمع والتكتل لمحاربة القوى المحاربة للإسلام والمعادية له يجب أن يكون على أساس الكتاب والسنة، فيجب قبل كل شيء أن نتدارس الكتاب والسنة، وأن يظهر فقهه في ذوات أنفسنا، وهذا هو الذي يجمعنا بعضنا إلى بعض، وهذه القوة هي التي تستطيع من قريب إن شاء الله أن تحارب القوى المعادية للإسلام وليس بمجرد التحزب والتكتل، والدليل على ذلك أن بعض الجماعات الإسلامية المعروفة اليوم مضى عليها قرن من الزمان وهي تدعو إلى الإسلام اسماً، ولكنها لم تستطيع أن تزرع الإسلام في صدور المنتسبين إليها فضلاً أن يتمكنوا من محاربة أعدائهم، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، الذي يفقد السلاح لمحاربة الأعداء لا يستطيع أن يحاربهم، والسلاح هنا في محاربتهم ليس إلا فهم الإسلام فهماً صحيحاً، وتطبيقه تطبيقاً صحيحاً . غيره شوه كان السؤال الثاني ؟!
السائل : أنا من البُليدة .
الشيخ : بُليدة، هذه تبعد عن العاصمة كثيراً ؟!
السائل : أربعين كيلو.
الشيخ : أربعين كيلو .. هيـه ، وهي قرية أم بلدة كبيرة .
السائل : بلدة كبيرة ..
الشيخ : كبيرة !
السائل : ولاية .
الشيخ : ولاية .. وكيف الدعوة هناك فيه نشاط أو لا ؟
السائل : فيه نشاط .
الشيخ : أو حديثة العهد .؟
السائل : فيه نشاط . نشاط كبير. وهناك بعض النقط .؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : نحن جئنا من أجل تلك النقط يا شيخ .
الشيخ : ما فهمنا .
السائل : نحن جئنا نسأل عن الأحزاب في الحقيقة .
الشيخ : تريد أن تسأل عن شيء .؟ تفضل .
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فما هو حكم الشرع الحنيف بما نراه من بعض إخواننا المنتسبين إلى السنة في بعض البلاد إذا أسسوا أحزابا وجبهات وتنظيمات إسلامية لمواجهة القوى المعادية للإسلام -كما يقولون- وبخاصة أنهم يستدلون أحياناً بقاعدة فقهية تقول : " ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب " فهل هناك أدلة شرعية من كتاب ربنا سبحانه وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم تجيز لهم مثل هذا التحزب ؟ ، أفيدونا نفع الله بكم ، وبارك فيكم وجزاكم خيراً.
الشيخ : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، لا يوجد -كما هو معلوم عند أهل العلم- أي دليل في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجيز للمسلمين أن يتفرقوا شيعاً وأحزاباً، وإنما يوجد في الكتاب والسنة خلاف ذلك تماماً، حيث قال تعالى : (( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة ) قالوا : من هي يا رسول الله؟ قال : ( هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي ) وفي الرواية الأشهر : ( هي الجماعة ) وإنما تكون الجماعة جماعة حقيقية إذا كانت تتمسك بالكتاب والسنة تمسكاً فعلياً وليس تمسكاً قولياً، ولذلك هنا لابد من لفت النظر إلى حقيقة طالما أصبحت اليوم تتكرر ألفاظها وتخفى حقائقها، وهي أن من موضة العصر الحاضر اليوم أن كل حزب صار ينتمي إلى الكتاب والسنة، بعد أن لم يكن للكتاب والسنة ذكر على ألسنتهم قبل نحو ربع قرن من الزمان، ولكن بفضل الله ورحمته، لما بدأت دعوة الكتاب والسنة تعلو على كل الدعوات ، وأصبحت لها الهيمنة والسيطرة على كل الدعوات صار من مصلحة الدعوات الأخرى أن يتبنوا الانتسابة إلى الكتاب والسنة، ولكن شتان بين من ينتسب إلى الكتاب والسنة اسماً، وبين من ينتسب إليها اسماً وفعلاً، ولذلك فلا ينبغي لنا أن نظن أن كل من كان يدعو أو يقول نحن على الكتاب والسنة إنهم كذلك على الكتاب والسنة، وإنما علينا أن نقارن بين القول وبين الفعل، فمن كان فعله يصدق قوله فنحن نكون معه ليس حزباً، وإنما جماعةً واتباعاً للحديث السابق : قالوا : من هي؟ -أي الفرقة الناجية- قال : ( الجماعة ) وفي الرواية الأولى أو الأخرى : ( هي التي على ما أنا عليه وأصحابي ) ، فمن كان فعله يطابق قوله كنّا معه وكنا جماعة واحدة، وليس فرقاً وأحزاباً، كل حزبٍ بما لديهم فرحون.
هذه الملاحظة يجب أن نلاحظها لأننا نسمع اليوم دعوات كثيرة بينها إختلاف كبير جداً ومع ذلك فكل منهم يدعي أنه على الكتاب والسنة، وكما قيل قديماً:
وكلٌ يدعي وصلاً بليلى * * * وليلى لا تقر لهم بذاك
وربنا عز وجل يقول في الكتاب الكريم كما هو معلوم : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ )) ، تجد مثلاً على سبيل المثال، تجد كثيرا من الناس يقولون: نحن على الكتاب والسنة، ونحن على منهج السلف الصالح ، لكنك إذا نظرت إلى مظهرهم رأيت مظهرهم لا ينبي عن شيءٍ من ذلك الإتباع للمنهج ، منهج السلف الصالح، فكثيرٍ منهم يتزيون بزي الأجانب، كثيرٍ منهم لا يتشبهون بنبيهم صلى الله عليه وسلم الذي مثلاً كان يقول : ( حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى ) فتجد الكثير من هؤلاء المدعين الانتساب إلى الكتاب والسنة أو الانتساب إلى السلفية يخالف فعلهم قولهم، يخالف مخبرهم خَبرهم، فلذلك هؤلاء ينبغي نحن أن لا نحشرهم في زمرة الجماعة التي لا تفرق فيها، ولا أحزاب فيها، وإذا عرفنا هذه الحقيقة سَهُل علينا تماماً أن نفهم أن من كان يدعي الانتساب إلى الكتاب والسنة ومع ذلك فهم فرق وشيع وأحزاب، فليسوا على الكتاب والسنة ، لأنه هذا التفرق وهذا التحزب، هو خلاف الكتاب والسنة.
ما أدري إذا كان كأنه في بقية للسؤال لو ذكرتني حتى ندندن حوله.
السائل : إذا أسسوا أحزاب وجبهات وتنظيمات إسلامية لمواجهة القوى المعادية للإسلام -كما يقولون- وبخاصة أنهم يستدلون أحياناً بقاعدة تقول : ( ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب ).؟
الشيخ : طيب، محاربة القوى المحاربة للإسلام لا تكون بالتفرق، وإنما تكون بالتجمع، وهو ما أشرنا إليه آنفاً أن يكونوا جماعة واحدة ويربطهم منهج واحد، وليس هناك منهج إلا منهج الكتاب والسنة وما كان عليهم سلفنا الصالح، كما اشتهر عن الإمام ابن قيم الجوزيّة رحمه الله أنه كان يقول -ونعم ما كان يقول- :
العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذرا من التشبيه والتمثيل
نحن نجد هؤلاء الأحزاب أكثرهم لا يهتمون بتصحيح عقائدهم وأفكارهم، لا يهتمون بتصليح عباداتهم و صيامهم ومناسك حجهم، وإنما الحقيقة كلُّ حزبٍ منهم يتحزب للمذهب الذي عاش عليه، فعندكم مثلاً ، يغلب التحزب للإمام مالك رحمه الله، في بلاد أخرى كتركيا مثلاً لا يعرفون الإسلام إلا من زاوية مذهب أبي حنيفة فقط، وفي بلاد أخرى كسوريا مثلاً ومصْر مثلاً وهذه بلاد يعرفون مذهبين اثنين وهو الشافعي والحنفي، وعلى العكس من ذلك مثل في نجد مثلاً ما يعرفون مذهباً إلا المذهب الحنبلي، في الحجاز يعرفون المذهب الشافعي أكثر وهكـذا، هذا ليس هو منهج السلف الصالح، منهج السلف الصالح كما أسمعناكم آنفاً من قول ابن القيم رحمه الله: العلم قال الله قال رسوله .
هؤلاء الأحزاب من كان يقول نحن على الكتاب والسنة ويصدق فعله قوله كما قلنا آنفاً فهو من الجماعة ونحن معهم أين ما كانوا ومن كانوا، أما استغلال هذه الدعوة في سبيل تجميع الناس وتكتيلهم وتحزيبهم، ولو بزعم محاربة القوى المحاربة للإسلام، وهي قوى إما أن تكون كافرة كفراً محضاً، وإما أن تكون منحرفة عن الإسلام كثيراً أو قليلاً، فما يكون أبداً محاربة القوى التي تعادي الإسلام إلا بالرجوع إلى الكتاب والسنة في كل شؤون الحياة.
ونحن نعلم من واقع الجماعات والأحزاب المعروفة اليوم على وجه الأرض أنها فقط تهتم بالكلام، ولا تهتم بمعرفة الإسلام وفهمه فهماً صحيحاً أولاً، ثم بتطبيق هذا الإسلام على أنفسهم وعلى ذويهم و أهليهم ثانياً، هذا نادر جداً و هذا الذي نحن نهتم به من أن يكون فهمنا للإسلام فهماً صحيحاً، على منهج قال الله قال رسول الله قال سلفنا الصالح، ثم تطبيق ذلك في كل شؤون حياتنا فيما استطعنا إليه سبيلاً. هذا هو جواب هذا السؤال، أما السؤال الثاني ما هو ؟
السائل : سيخنا لو تكلمت عن القاعدة : " ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ".
الشيخ : نعم!
السائل : لو تم الإشارة عليها بشكل ... .
الشيخ : هيـه، صحيح ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب، هذه قاعدة معترف فيها بين أهل العلم، لكنهم يتغافلون عن الحقيقة التي سبقت الإشارة إليها، وهي أن التجمع والتكتل لمحاربة القوى المحاربة للإسلام والمعادية له يجب أن يكون على أساس الكتاب والسنة، فيجب قبل كل شيء أن نتدارس الكتاب والسنة، وأن يظهر فقهه في ذوات أنفسنا، وهذا هو الذي يجمعنا بعضنا إلى بعض، وهذه القوة هي التي تستطيع من قريب إن شاء الله أن تحارب القوى المعادية للإسلام وليس بمجرد التحزب والتكتل، والدليل على ذلك أن بعض الجماعات الإسلامية المعروفة اليوم مضى عليها قرن من الزمان وهي تدعو إلى الإسلام اسماً، ولكنها لم تستطيع أن تزرع الإسلام في صدور المنتسبين إليها فضلاً أن يتمكنوا من محاربة أعدائهم، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، الذي يفقد السلاح لمحاربة الأعداء لا يستطيع أن يحاربهم، والسلاح هنا في محاربتهم ليس إلا فهم الإسلام فهماً صحيحاً، وتطبيقه تطبيقاً صحيحاً . غيره شوه كان السؤال الثاني ؟!
1 - ما حكم الشرع فيما يفعله بعض من ينتسب إلى السنة من تأسيس أحزاب وتنظيمات وجبهات إسلامية للمقاومة وهل إستدلالهم بالقاعدة ( ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ) صحيح .؟ أستمع حفظ
ما نصيحتكم للدعاة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وهم أنفسهم فيهم مخالفات شرعية وتقصير في القيام بواجب التصفية والتربية .؟
السائل : يسأل السائل : هل يجوز لبعض الدعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع أنهم هم أنفهسم فيهم مخالفات شرعية، وعدم قيام بواجب التصفية والتربية.؟!
الشيخ : نعم ، هذا سؤال كأني أشعر بأن الجواب السابق عن السؤال الأول يتضمن شيئاً من الجواب عن هذا السؤال ، ولكن الأمر يحتاج إلى تفصيل.
أفهم من السؤال أن الذين يريدون أن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر ولا يهتمون بالتصفية والتربية معنى ذلك أنهم يهتمون فقط بالاسم، ألا وهو الإسلام، وبهذا الاسم ربما يريدون بمحاربة المنكر والأمر بالمعروف فيما يتعلق بالنواحي السياسية، لأنهم لو كانوا يريدون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمعنى الواسع الذي لا يختص بالحُكَّـام وإنما يشمل الحاكم والمحكوم معاً، حينئذ نقول، هذا تمام الجواب على هذا السؤال، وهذا هو منتهى العلم والإنصاف في اعتقادي.
نقول: لا يمكن أن نجد إنساناً كاملاً، يأتي بكل شيءٍ من الشرع سواءٌ كان واجباً أو مستحباً أو مندوباً، لابد من أن يكون فيه نقص ما، لكن ماذا يكون الغالب عليه.؟
يكون الغالب عليه التمسك بالشريعة، ويكون شذوذاً منه أن يخالف الشرع في مسائل قد تكون محدودة، فإذا كان الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يغلب عليه التمسك بالكتاب والسنة لكن له بعض الأوهام والأخطاء فعلية أو قولية، فهذا لا ينبغي أن نتصور أنه لا يجوز له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأنه حينئذ ينبغي أن نسد باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأنه ليس هناك إنسان كامل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك أذكر جيداً أن الإمام القرطبي رحمه الله كان ذكر رواية عن الإمام مالك رحمه الله فيه منتهى الحكمة، حيث سئل الإمام مالك : هل يجوز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شخص لم يكتمل بعد.؟
قال : " نحنُ إذا اشترطنا على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الكمال، عطّلنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأنه لا كمال لإنسان على وجه الأرض، وإنما الأمر بما يغلب عليه كما قال عليه السلام : ( ساددوا وقاربوا ) ".
فإذاً خلاصةُ الجواب، إذا كان الذي يريد أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يهتم بإصلاح نفسه وإصلاح ذويه بقدر الإمكان ثم يهتم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فله ذلك بل ذلك مما يجب عليه، أما أن يقال: لا ، لأنه ناقص، فأينا الكامل ؟! لا يوجد فينا كامل إطلاقاً.
الشيخ : نعم ، هذا سؤال كأني أشعر بأن الجواب السابق عن السؤال الأول يتضمن شيئاً من الجواب عن هذا السؤال ، ولكن الأمر يحتاج إلى تفصيل.
أفهم من السؤال أن الذين يريدون أن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر ولا يهتمون بالتصفية والتربية معنى ذلك أنهم يهتمون فقط بالاسم، ألا وهو الإسلام، وبهذا الاسم ربما يريدون بمحاربة المنكر والأمر بالمعروف فيما يتعلق بالنواحي السياسية، لأنهم لو كانوا يريدون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمعنى الواسع الذي لا يختص بالحُكَّـام وإنما يشمل الحاكم والمحكوم معاً، حينئذ نقول، هذا تمام الجواب على هذا السؤال، وهذا هو منتهى العلم والإنصاف في اعتقادي.
نقول: لا يمكن أن نجد إنساناً كاملاً، يأتي بكل شيءٍ من الشرع سواءٌ كان واجباً أو مستحباً أو مندوباً، لابد من أن يكون فيه نقص ما، لكن ماذا يكون الغالب عليه.؟
يكون الغالب عليه التمسك بالشريعة، ويكون شذوذاً منه أن يخالف الشرع في مسائل قد تكون محدودة، فإذا كان الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يغلب عليه التمسك بالكتاب والسنة لكن له بعض الأوهام والأخطاء فعلية أو قولية، فهذا لا ينبغي أن نتصور أنه لا يجوز له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأنه حينئذ ينبغي أن نسد باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأنه ليس هناك إنسان كامل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك أذكر جيداً أن الإمام القرطبي رحمه الله كان ذكر رواية عن الإمام مالك رحمه الله فيه منتهى الحكمة، حيث سئل الإمام مالك : هل يجوز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شخص لم يكتمل بعد.؟
قال : " نحنُ إذا اشترطنا على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الكمال، عطّلنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأنه لا كمال لإنسان على وجه الأرض، وإنما الأمر بما يغلب عليه كما قال عليه السلام : ( ساددوا وقاربوا ) ".
فإذاً خلاصةُ الجواب، إذا كان الذي يريد أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يهتم بإصلاح نفسه وإصلاح ذويه بقدر الإمكان ثم يهتم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فله ذلك بل ذلك مما يجب عليه، أما أن يقال: لا ، لأنه ناقص، فأينا الكامل ؟! لا يوجد فينا كامل إطلاقاً.
2 - ما نصيحتكم للدعاة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وهم أنفسهم فيهم مخالفات شرعية وتقصير في القيام بواجب التصفية والتربية .؟ أستمع حفظ
بيان الشيخ الحكمة في الدعوة إلى الله ؟ وأمثلة على ذلك ؟
الشيخ : لكن هنا في هذه المناسبة لابد أن نذكر قيداً ، لابد أن يقترن مع فكر الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر فكراً وعملاً، ألا وهو أن يكون أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر أن يكونَ كلُّ ذلك بالمعروف، أن يكون أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بالمعروف من أساليب الشريعة، فكلنا يعلم قول ربنا تبارك وتعالى في القرآن الكريم : (( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) ، الحكمةُ هنا أول ما يتبادر إلى ذهننا وذهن غيرنا أيضا هو اللين وترك الشدة والغلظة، كما قال تعالى : (( وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ )) ، وهذا أمر ملاحظ في هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي سنته العملية، لقد كان بأمته رؤوفاً رحيماً كما وصفه ربنا تبارك وتعالى في القرآن الكريم : (( بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )) ، لقد كان صلى الله عليه وسلم كذلك في أسلوب حياته وتعليمه لأمته، ولعل الحاضرين جميعاً كلنا يعرف قصة ذلك الأعرابي الذي يبدو أنه كان حديث عهد بالإسلام وأنه لمّا يتعلم بعد الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية ، ذلك أنه حاول أن يبول في المسجد النبوي ، وتعلمون أن المسجد النبوي كان مفروشاً بالحصباء، فلما رأى ذلك منه أصحابه عليه السلام همّوا به أن يضربوه، فقال صلى الله عليه وسلم لهم : ( لا تزرموه ) أي لا تقطعوا عليه بوله، ( إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسّرين ) وتركه صلى الله عليه وسلم يقضي بوله حتى ارتاح، لكن الرجل بقدر من سره من لطفه صلى الله عليه وسلم به انغاظ من غلظة أصحابه ، وبدا ذلك في دعاءه بعد الصلاة حيث قال : " اللهم ارحمني ومحمداً ولا تشرك معنا أحداً ، اللهم ارحمني ومحمداً ولا تشرك معنا أحداً " محمد يستحق الرحمة لأنه رحيم، أما هؤلاء الجفاة الغلاظ القلوب فهؤلاء لا يستحقون الرحمة " اللهم ارحمني ومحمداً ولا تشرك معنا أحداً " فعاد الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمه يقول له : ( لقد حجّرت واسعاً من رحمة الله ) حجَرت أي ضيّقت واسعاً من رحمة الله تبارك وتعالى، فهذا أسلوب من أساليب الرسول صلى الله عليه وسلم الهينة اللينة في تأديبه لأصحابه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
لكن هناك قصة تشبه هذه، وقد لا يعرفها كثيرٌ من الناس، وهي قصة ذلك الصحابي الذي تكلم في الصلاة وحاول من حوله أن يسكتوه بالضرب على أفخاذهم ، ألا وهو الذي يُعرف بـماذا ؟ معاوية بن الحكم السُلمي، هذا معاوية غير معاوية بن أبي سفيان الذي صار فيما بعد خليفة المسلمين، يقول هو نفسه معاوية بن الحكم السلمي : صليت يوماً وراء النبي صلى الله عليه وسلم ، فعطس رجلٌ بجانبي، فقلت له : يرحمك الله فنظر إليّ ـ يعني نظرة مسكته، مَنْ حولهـ فضاق بهم ذرعاً، ونادى بأعلى صوته : " واثُكل أميّاه ". هو يصلي ينادي بأعلى صوته: " واثُكل أميّاه " -أي فقدتني أمي- ، يدعو على نفسه، لماذا تنظرون إليّ ؟ ما لكم تنظرون إلي؟ فأخذوا ضرباً على أفخاذهم . اسكت الآن ليس وقتاً للكلام، قال -وهنا الشاهد- : ( فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إليّ، فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني ، وإنما قال لي : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) إلخ الحديث والحديث فيه طول ولو أنه فيه فوائد، لكن ما نطيل عليكم الآن.
فالشاهد أن الرجل شعر بأنه أخطأ في الصلاة من نظرات الصحابة إليه، نظرات إنكار في الصلاة، ثم من ضربهم على أفخاذهم تسكيتاً له، فعرف أنه كان مخطئاً ، ومثله يتصور ويحدث نفسه : الآن يا ترى بعد الصلاة شو بده يعاقبني الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الخطأ الذي ارتكبته.؟، فيجيب نفسَه بنفسِه، فيقول : ( فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي : هذه الصلاة لا يجوز فيها هذا الكلام ) أقول الأمر بالمعروف يجب أن يكون بالمعروف ، لكن هنا الشيء الذي ينبغي التنبه له والتنبيه عليه ، لكن أحياناً لابد من استعمال الشدة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ... .
لكن هناك قصة تشبه هذه، وقد لا يعرفها كثيرٌ من الناس، وهي قصة ذلك الصحابي الذي تكلم في الصلاة وحاول من حوله أن يسكتوه بالضرب على أفخاذهم ، ألا وهو الذي يُعرف بـماذا ؟ معاوية بن الحكم السُلمي، هذا معاوية غير معاوية بن أبي سفيان الذي صار فيما بعد خليفة المسلمين، يقول هو نفسه معاوية بن الحكم السلمي : صليت يوماً وراء النبي صلى الله عليه وسلم ، فعطس رجلٌ بجانبي، فقلت له : يرحمك الله فنظر إليّ ـ يعني نظرة مسكته، مَنْ حولهـ فضاق بهم ذرعاً، ونادى بأعلى صوته : " واثُكل أميّاه ". هو يصلي ينادي بأعلى صوته: " واثُكل أميّاه " -أي فقدتني أمي- ، يدعو على نفسه، لماذا تنظرون إليّ ؟ ما لكم تنظرون إلي؟ فأخذوا ضرباً على أفخاذهم . اسكت الآن ليس وقتاً للكلام، قال -وهنا الشاهد- : ( فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إليّ، فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني ، وإنما قال لي : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) إلخ الحديث والحديث فيه طول ولو أنه فيه فوائد، لكن ما نطيل عليكم الآن.
فالشاهد أن الرجل شعر بأنه أخطأ في الصلاة من نظرات الصحابة إليه، نظرات إنكار في الصلاة، ثم من ضربهم على أفخاذهم تسكيتاً له، فعرف أنه كان مخطئاً ، ومثله يتصور ويحدث نفسه : الآن يا ترى بعد الصلاة شو بده يعاقبني الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الخطأ الذي ارتكبته.؟، فيجيب نفسَه بنفسِه، فيقول : ( فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي : هذه الصلاة لا يجوز فيها هذا الكلام ) أقول الأمر بالمعروف يجب أن يكون بالمعروف ، لكن هنا الشيء الذي ينبغي التنبه له والتنبيه عليه ، لكن أحياناً لابد من استعمال الشدة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ... .
اضيفت في - 2004-08-16