تحت باب الصيد والذبائح.
تتمة شرح حديث: ( وعن رافع بن خديج رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر أما السن فعظمٌ وأما الظفر فمدى الحبشة ) متفقٌ عليه. ).
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : الظاهر أنّ المراد ظفر الإنسان ويؤيّد هذا قوله: ( أمّا الظّفر فمدى الحبشة ) لأنّ الحبشة هم الذين يطيلون أظفارهم ويذبحون بها، وإلاّ لقلنا: إنّ الظّفر عامّ كما قلنا: إنّ السّنّ عامّ.
2 - تتمة شرح حديث: ( وعن رافع بن خديج رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر أما السن فعظمٌ وأما الظفر فمدى الحبشة ) متفقٌ عليه. ). أستمع حفظ
فوائد حديث :( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه ... ).
وليعلم أنّ أكمل الحالات أن يقطع الأشياء الأربعة: الودجين والحلقوم والمريء هذا أطيب شيء وأذكى شيء تقطع الأربعة، يحصل بذلك إنهار الدّم وقطع مادّة الحياة التي هي الحلقوم، والثّاني: المريء لأنّ الحلقوم فيه قطع النّفس، والمريء قطع الطّعام والشّراب وبالنّفس والشّراب تكون الحياة، كما أنّ بالدّم تكون الحياة فأكمل ذلك أن تقطع الأربعة، يلي هذا أن تقطع الودجين والمريء فإنّ الصّحيح أنّ الذّبيحة تحلّ بقطع الودجين والمريء، يلي ذلك قطع الودجين مع المرئ ...
الطالب : ...
الشيخ : لا، أنا أردت الحلقوم، أن يقطع الودجين والحلقوم هي المرتبة الثانية، الثالثة أن يقطع الودجين والمريء وهذه صعبة لأنّ المريء داخل الحلقوم يعني تحته، لكن قد يكون مثلًا الإنسان رمى ببندقية وأصابت الودجين، يعني: ولكن أصاب الودجين والمريء المهم أن يكون هو المرتبة الثالثة، المرتبة الرابعة: قطع الودجين فقط، قطع الودجين فقط وهذا أيضًا تحلّ، تحلّ الذّبيحة إذا قطع الودجين فقط، الدّليل؟ أنّ في ذلك إنهارًا للدّم، ولهذا إذا قطع الودجين فإنه يراهما يشخبان دمًا، المرتبة الخامسة: أن يقطع المريء والحلقوم دون الودجين ففي حِلّ ذلك خلاف والمشهور من المذهب أنّها تحلّ وأنّ الشّرط هو قطع الحلقوم والمريء وإن لم يقطع الودجين، لكنّ القول بالحِلّ هنا فيه نظر، وجه النّظر أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( ما أنهر الدّم وذكر اسم الله عليه فكُل ) وهذا لا ينهر الدّم لا شكّ، صحيح أنّه بعد مدّة طويلة يموت الحيوان لأنه ينضب الدّم لكنه لا ينهره، وأيضًا قد روى أبو داود في سننه أنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ( نهى عن شريطة الشيطان ) وهي التي تذبح ولا تفرى الأوداج، وهذا الحديث وإن كان فيه مقال لكنّه يشهد له حديث: ( ما أنهر الدّم وذكر اسم الله عليه فكُل )، السادسة: أن يقطع الحلقوم وحده أو المريء وحده نخلّيها صورتين في صورة أو صورة واحدة أن يقطع الحلقوم وحده فقط فهذه لا تجزئ قولًا واحدًا حتى على المذهب لا تجزئ، السابعة أن يقطع المريء وحده فهذه أيضًا لا تجزئ، إيش بقي عندنا؟
الطالب : أحد الودجين.
الشيخ : أن يقطع أحد الودجين فهذه أيضًا لا تحلّ، لأنّه لا يحصل بذلك إنهار الدّم، فصار عندنا أكمل الحالات في الذّكاة أن يقطع الأربع: الودجين والحلقوم والمريء.
من فوائد الحديث أنه لا بدّ آه؟ كيف؟
الطالب : ...
الشيخ : ليش؟
الطالب : ...
الشيخ : الإنهار لا بدّ يكون يندفع بقوّة كالنّهر.
طيب، ومن فوائد الحديث: أنّ الذّبيحة لا تحلّ إلاّ إذا ذكر اسم الله عليها لقوله: ( وذكر اسم الله عليه ) بأن يقال: بسم الله، طيب لو أنّ إنسانا قال يا الله؟
الطالب : لا يجزئ.
الشيخ : يجزئ أو لا يجزئ؟
الطالب : لا.
الشيخ : يعني بعد أن أضجع الذّبيحة قال يا الله ثمّ ذبح فهذا لا يجزئ، لأنّ هذا لا يقال له ذكر يقال له دعاء ولا بدّ من ذكر اسم الله.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه إذا نسي اسم الله أي نسي أن يذكر اسم الله عليه فإن الذبيحة لا تحلّ، وجه الدّلالة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم جعل ذكر اسم الله شرطًا، والشّرط لا يسقط بالنّسيان، ولأنّ الله تعالى قال في القرآن الكريم: (( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه )) فنهانا أن نأكل مما لم يذكر اسم الله عليه سواء تركت التّسمية عمدًا أو سهوًا أو جهلًا، فإن قال قائل: أليس الله يقول: (( ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ))؟ قلنا: بلى، ولهذا لو أكل الإنسان ممّا لم يسمّ عليه ناسيًا أو جاهلًا لم يعاقب ولم يؤاخذ، لكن هنا شيئان: فعل الذّابح وفعل الآكل كلاهما إذا وقع نسيانًا أو جهلًا فلا إثم فيه، فالذّابح إذا نسي أن يسمّي لا إثم عليه، وإذا جهل فلا إثم عليه يبقى عندنا الآكل، الآن وقف هذا الآكل على ذبيحة لم يسمّ عليها فهل له أن يأكل؟ لا، لأنّ الذي سقط عنه الإثم مَن؟
الطالب : الذّابح.
الشيخ : الذّابح، أما الآكل فالآن هو يعلم أنّ هذه ذبيحة لم يسمّ عليها فيحرم عليه الأكل، فإن أكل ناسيًا أو جاهلًا يظنّ أنها قد سمّي عليها فلا شيء عليه، لا إثم عليه، وليس في هذا معارضة للآية التي فيها قوله تعالى: (( ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) لأنّنا نقول: إذا أكل من الذّبيحة التي لم يسمّ عليها ناسيًا أو جاهلًا فلا إثم عليه، والشّرط لا يسقط بالنّسيان بدليل أنّ الرّجل لو صلّى بلا وضوء ناسيًا لم تصحّ صلاته ولم يأثم، كذلك بالصلاة محدثًا وهو ناسٍ لأنه معفوّ عنه، لكنها لا تبرئ بها ذمّته لأنّ الطّهارة شرط لصحّة الصّلاة، فإن قال قائل: ألستم تقولون إنّ الإنسان إذا صلّى في ثوب نجس ناسيًا فصلاته صحيحة مع اشتراطكم طهارة الثوب للصّلاة؟ قلنا: بلى نقول بهذا، لكن اشتراطنا طهارة الثّوب للصّلاة اشتراط عدميّ، ما معنى اشتراط عدميّ؟ أن لا يكون الثّوب نجسًا، وأما اشتراطنا للوضوء إذا صلّى ناسيًا فهو شرط وجوديّ لا بدّ من وجوده هذا هو الشّرط، فإن قال قائل: إذا حرّمتم متروك التّسمية سهوًا أو جهلًا أضعتم الأموال، لأنّ هذا يقع كثيرًا في النّاس، قلنا: الأمر بالعكس لأننا إذا قلنا بتحريم متروك التّسمية سهوًا أو جهلًا استقام الناس على الذّكر، لأنّ الإنسان إذا حرم بعيره وهي بخمسة آلاف ريال وقلنا حرم أكلها يريمها للكلاب، فهل ينسى في المرّة الثانية أن يسمّي؟
الطالب : ما ينسى.
الشيخ : ما ينسى ربما سمّى عشر مرات، يقول: أخشى أن التّسمية الأولى فيها نقص حركة وإلاّ شيء! نعم ما ينسى، لكن لو قلنا: إنه مسامح فربما يتهاون ولا يتذكّر، ونظير هذا الاعتراض أعني أن يعترض الإنسان فيقول إذا حرّمتم متروك التّسمية سهوًا أضعتم أموالًا كثيرة نظير هذا من اعترض على قطع يد السارق وقال: إذا قطعتم يد السارق جعلتم نصف الشّعب أشلّ أو أقطع على الأصحّ، وهذا رأيناه وقرأناه في بعض المجلاّت نقول: بالعكس، بل إذا قطعنا يد السّارق قلّت السّرقة،، -اللهمّ ربّ هذه الدّعوة التّامّة والصّلاة القائمة آت محمّدا الوسيلة والفضيلة ، نعم يا خالد؟
السائل : ...
الشيخ : إيش؟
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : إيش؟
السائل : اسم الرّؤوف.
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : لئلاّ يذكرها ذاكر وهو يريد غير الله.
سؤال عن حكم التسمية على الذبيحة باسم يشترك الله فيه وخلقه ؟
الشيخ : إيش؟
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : إيش؟
السائل : اسم الرّؤوف.
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : لئلاّ يذكرها ذاكر وهو يريد غير الله.
الشيخ : افرض أن رافضيًّا قال بسم عليّ أو بسم العليّ مثلًا؟ يعني مشكلة.
السائل : ألا ترجع إلى نيّته؟
الشيخ : لا لا ... لأنّ هذا يؤدّي أنّ هذا الذي يذكر اسمًا يريد به غير الله وهو محتمل لهذا، لا سيما أيضًا إذا قوي الإحتمال، أما إذا كان لا يطلق على الله إلاّ نادرًا فقد يقال يؤخذ بالأغلب، نعم عبد الله؟
السائل : أحسن الله إليك يا شيخ، ألا نقيّد السّنّ والظّفر ... لأنّ أهل الحبشة كانوا يطيلون أظفارهم ويقتلون بها ويذبحون من هذا القبيل ...
سؤال عن حكم التذكية بالظفر ؟
السائل : ورد يا شيخ أنهم كانوا ..
الشيخ : هو الرّسول علّل قال: ( أما السّنّ فعظم ).
السائل : ...
الشيخ : كفاك الله شرّ عضّ الحبشة، أما الظّفر فسيأتينا إن شاء الله في ذكر الفوائد أنّ فيه احتمالًا أنّ المراد بذلك ظفر الإنسان المتصل فيه احتمال قويّ، لأنّ هذا فعل الحبشة لكن ما دام أنّ الرّسول علّل في السّنّ أنّه عظم.
السائل : ...
الشيخ : لا، لا تسأل.
السائل : ...
الشيخ : سمّ وكُل، حميد؟
السائل : قلنا إنّ الطّهارة شرط عدميّ.
الشيخ : نعم.
السائل : ... شرط وجوديّ.
ما الفرق بين الشرط العدمي والشرط الوجودي ؟
الشيخ : أي نعم، لأنّ العدمي إذا فعله الإنسان جاهلًا أو ناسيًا فقد رفع عنه الإثم، رفع عنه الإثم وليس مطلوبًا بشيء معيّن لا بدّ من وجوده، مطلوب أن لا يكون الثّوب نجسًا، فهو نفسه إذا صلّى بثوب نجس يعفى عنه وإذا عفي عنه ارتفع عنه الإثم والفساد، وأما الشّيء الوجودي فلا بدّ أن يوجد، لا بدّ من الوضوء مثلًا فإذا صلّى بغير وضوء ناسيًا ارتفع الإثم لكن لا بدّ أن يتوضّأ، واضح؟
السائل : الشّرط العدميّ المطلوب أن نعرف ...
الشيخ : لا لا، العدمي مطلوب عدمه، والوجودي مطلوب وجوده، فالوضوء مثلًا مطلوب وجوده، النّجاسة مطلوب عدمها.
الطالب : انتهى الوقت.
الشيخ : انتهى الوقت؟
كلمة عن أهمية العلم الصحيح وكيفية تحصيله.
وعلى الإنسان أيضًا أن يتخلّق بما علمه من شريعة الله في نفسه أوّلًا لأنّه مسؤول عن نفسه قبل كلّ شيء، ثم بأهله ومن حوله الأقرب فالأقرب ثمّ مع إخوانه وزملائه لأنه لا بدّ أن يكون هناك تقصير من بعض الزّملاء يحتاجون إلى تذكير وتنبيه وتعليم فإنّ فوق كلّ ذي علم عليم، وعلينا أيضًا أن نجتهد في طلب العلم وأن لا نرهق أنفسنا في أمر قد لا نطيقه فيفوت علينا هذا وهذا لأنّ الإنسان إذا مضغ اللّقمة مضغًا جيّدًا هضمها بسرعة، لكن إذا أدخل لقمة على لقمة بدون هضم جيّد فإنّها تتزاحم اللّقم ويحصل الغصّة، والعلم هو العلم الراسخ، ليس العلم الذي يأخذه الإنسان هكذا بدون أن يتأمّل ويتأنّى ويبحث ويناقش وأهمّ شيء في ذات العلوم وأنفع شيء في ذات العلوم أن يكون العلم مبنيًّا على الكتاب والسّنّة لأنّ هذا هو الذي تعبّدنا الله به (( ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين )) ولا يعني هذا أن ندع كلام العلماء السابقين فإنهم جزاهم الله خيرًا فتحوا لنا أبواب المعرفة.
ومن المهم أيضًا أن يكون علمك مبنيًّا على قواعد وضوابط، لأنّ القواعد والضّوابط تجمع للإنسان المسائل الفرديّة والجزئيّة، أما من أخذ العلم مسألة مسألة فإنه كالذي يطارد الجراد تطير جرادة و تبقى أخرى، لكن الذي يبني على الأصول هذا هو طالب العلم حقّا، وقد جرّبنا وجرّب غيرنا أنّ البناء على الأصول هو العلم، حتى يكون الإنسان إذا وردت عليه مسائل فرديّة وما أكثرها يردّها إلى الأصول أوّلًا من الكتاب والسّنّة ثمّ إلى القواعد المعروفة في الشّريعة، لأنّ في الشّريعة قواعد عامّة انبنت عليها، وهي تحصيل المصالح بحسب الإمكان وتقليل المفاسد بحسب الإمكان، ومن تأمّل النّصوص الشّرعية وجدها كذلك، فنجد أنّ الله حرّم بعض الأشياء لأنّ مفسدتها أعظم وإن كان فيها مصلحة لكن مراعاة للأكثر، ولا يصحّ أن نقول إذا تعارض مفسدة ومصلحة خذ بما يدفع المفسدة وأنّ درء المفاسد أولى من جلب المصالح على الإطلاق بل هذا مقيّد بما عرفناه من قبل وشرحناه، وهو ما إذا تساوت فإنه يقدّم درء المفاسد لأنّ ذلك أسلم، أما مع ترجّح المصلحة فتقدّم المصلحة وتنغلب المفسدة فيها، وكذلك لو أنّ المفسدة صارت أكبر فإنها تغلّب فالتّقديم عند التّساوي يقدّم درء المفاسد، أمّا مع الرّاجح فيتبع الراجح سواء كان جلب المصالح أو من باب درء المفاسد، ثم لنحرص على حفظ المتون فإنّ الحفظ هو العلم وما تقرّر عندنا وما بقي في أفكارنا إلاّ ما حفظناه من قبل فلا تستهينوا بحفظ المتون، لأنه يقال إن بعض الناس يقولون الفهم الفهم، ولكن نحن نقول الحفظ الحفظ أوّلًا ثمّ الفهم، وكم من إنسان ضاع منه علم كثير بسبب عدم الحفظ، واعرض نفسك الآن لو حفظت عشرة أبيات من الألفيّة ما دمت تتذكّر هذه الأبيات فسوف تعرف الأحكام التي دلّت عليها هذه الأبيات، لكن إذا نسيتها تلخبطت ونسيت الأحكام وإن كنت في الأول متقنها، ولكن لم تحفظ فإنه سيطير عنك العلم فالحفظ الحفظ، ومن المعلوم أنّ أول ما نحفظ كتاب الله عزّ وجلّ ثمّ ما تيسّر من سنّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولنحرص على أن نحفظ الأحاديث الصّحيحة، حتى لا يحتاج الإنسان فيما بعد عند سياقها استدلالًا بها إلى مراجعة الأصول ليتبيّن له الصّحّة، ومن ثمّ ألّف بعض العلماء في الأحاديث الثّابتة في الصّحيحين مثلًا مثل: " عمدة الأحكام " وألّف آخرون أحاديث من الأصول السّتّة ومن غيرها لكن بيّنوا درجاتها مثل: " بلوغ المرام " وألّف آخرون كذلك لكنّهم لم يتكلّموا على السّند ومرتبة الحديث اعتمادًا على بحث الطالب حتى يتعوّد الطالب نفسه في بحث الأحاديث إسنادًا ومتنًا، ونسأل الله لنا ولكم الهداية والاستقامة إنّه على كلّ شيء قدير.
نعم يقول اقتراح وهو تفسير ما هو ساقط من الأشرطة من سورة البقرة ويكون هذا في يومي التّفسير بين الأذان والإقامة لاحتياج الناس لذلك لما فيها من الأحكام، ولقد تشاورنا مع الدّكتور سليمان أبا الخيل على القيام ... قال ما عندنا مانع إذا يقول فضيلة الشّيخ كلّفنا بذلك والله الموفّق ماذا تقولون في هذا الاقتراح؟
الطالب : ...
الشيخ : أي بس البقرة كلها ...
الطالب : سقط منها بعضها.
الشيخ : كم الساقط؟
الطالب : البعض في أوّلها ...
الشيخ : نشوف إذا كان ما هو كثير نشوف إن شاء الله بعد أن نتحرّى السّاقط، غامدي؟
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " في باب الصّيد والذّبائح عن رافع بن خديج رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكُل، ليس السنَّ والظفر، أما السنّ فعظمٌ، وأما الظفر فمدى الحبشة ) متفقٌ عليه.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيءٌ من الدواب صبرًا ) رواه مسلمٌ.
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ) رواه مسلمٌ.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذكاة الجنين ذكاة أمه ) رواه أحمد وصححه ابن حبان.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين يذبح، فليسم، ثم ليأكل) أخرجه الدارقطني، وفيه راوٍ في حفظه ضعف، وفي إسناده محمد بن يزيد بن سنان، وهو صدوق ضعيف الحفظ، وأخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى ابن عباس، موقوفًا عليه، وله شاهد عند أبي داود في مراسيله بلفظ: ( ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله عليها أو لم يذكر ) ورجاله موثقون ".
تتمة شرح حديث: ( وعن رافع بن خديج رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر أما السن فعظمٌ وأما الظفر فمدى الحبشة ) متفقٌ عليه. ).
نحن في باب الصّيد والذّبائح وقد تقدّمت الأحاديث في هذا الباب، أمّا الآن فنذكر ما نقله المؤلّف عن رافع بن خديج رضي الله عنه ..
الطالب : شرحناه شرحناه.
الشيخ : أي.
الطالب : ما كملنا الفوائد.
الشيخ : شرحناه؟ ما كمّلنا الفوائد؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكُل، ليس السن والظفر أما السن فعظمٌ وأما الظفر فمدى الحبشة ) أولًا: فيه إشكال في الإعراب وهو قوله: ( ليس السّنَّ والظّفر ) فلماذا لم تكن مرفوعة على أنّها اسم ليس؟ يقولون: إنّ هذه يعني ليس في هذا المكان وما أشبهها أداة استثناء، واسمها محذوف وجوبًا وعلى هذا فنقول ليس فعل ماضٍ وهو أداة استثناء، وإن شئنا قلنا: السّنّ مستثنى كما نقول ذلك فيما بعد إلاّ أو نقول اسمها مستتر وجوبًا والسّنّ خبرها، والسّنّ بيّن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أنّه عظم العلّة فيها أنّه عظم، والظّفر العلّة فيه أنّه مدى الحبشة وتكلّمنا على ذلك أليس هكذا؟
الطالب : ...
8 - تتمة شرح حديث: ( وعن رافع بن خديج رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر أما السن فعظمٌ وأما الظفر فمدى الحبشة ) متفقٌ عليه. ). أستمع حفظ
تتمة فوائد حديث :( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه ... ).
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب، إذن الفوائد، من فوائد هذا الحديث: أنّه لا بدّ في الذّبيحة من إنهار الدّم لقوله: ( ما أنهر الدّم ) ولكن هل هو من أيّ موضع؟ لا، لأنّ إنهار الدّم إلاّ من موضع واحد وهو الرّقبة لأنّها مجمع العروق، ويكون إنهار الدّم بقطع الودجين وهما العرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا حصل إنهار الدّم حلّت الذّبيحة وإن لم يقطع الحلقوم المريء، وهذا هو القول الراجح، والمسألة فيها أقوال متعدّدة تبلغ إلى ستة أقوال، ولكن كلّها ليس عليها دليل واضح إلاّ هذا القول أنّ الواجب هو قطع الودجين لأنّ بهما إنهار الدّم، لكن الأكمل أن يقطع الأجزاء الأربعة وهما الودجان والحلقوم والمريء، الحلقوم مجرى النّفس، والمريء مجرى الطعام والشّراب.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا تحلّ الذّبيحة إلاّ إذا ذكر اسم الله عليها لقوله: ( وذكر اسم الله عليه ) لأنّ ذكر اسم الله عليه هذه معطوفة على الشرط، والمعطوف على الشّرط يكون شرطًا مثله، والجواب قوله: ( فكُل ) واختلف العلماء في هذه المسألة فمنهم من يقول: إنّ التّسمية سنّة وليست بواجبة، فإذا ذبح وسمّى فهو أكمل وإذا ذبح ولم يسمّ فالذّبيحة حلال ولو كان عمدًا، ومنهم من قال: إنّها واجبة ولكنّها تسقط بالسّهو والجهل لقول الله تعالى: (( ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) وقوله: (( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمّدت قلوبكم ))، ومنهم من يقول: إنّها لا تحلّ لأنّ التّسمية شرط ولا تحلّ الذّبيحة بدونها سواء تركها سهوًا أو جهلًا وهذا القول أصحّ الأقوال وأشدّها انطباقًا على القواعد، وذلك لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اشترط لحلّ الأكل شرطين: الأول: التّسمية، والثاني؟ الأوّل: إنهار الدّم، والثاني: التّسمية فإذا كان اختلاف الشّرط الأوّل وهو إنهار الدّم موجب لتحريم الذّبيحة فكذلك إذا اختل الشّرط الثاني ولا فرق، أرأيت لو أنّ إنسانًا نسي وذبح الذّبيحة من خلف العنق وماتت الذّبيحة صار الدّم يخرج منها حتى نفذ الدّم وماتت لكنه ناسٍ أتحلّ الذّبيحة أو لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا تحلّ، وكذلك لو كان جاهلًا فذبحها من على الرّقبة حتى نضب الدّم وماتت فإنّها لا تحلّ، إذن مالنا نقول إذا نفس التّسمية حلّت وإذا جهل وجوبها حلّت مع أنّ كلا الأمرين في شرط واحد؟ لا وجه لذلك، وأما قوله تعالى: (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) فنقول نعم لا يؤاخذ الإنسان إذا ذبح بدون تسمية جاهلًا أو ناسيًا، وليس الشّأن بالذّبح الآن نحن ما نتكلّم عن الذّبح، الذّبح إذا كان ناسيًا أو جاهلًا فإنه لا يأثم به بلا شكّ الكلام على الأكل، هذا الذي يأكلها عالمًا ذاكرًا غير مكره قد تعمّد المعصية لقول الله تعالى: (( ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه )) ولهذا لو أنّ الإنسان أكل من هذه الذّبيحة التي لم يسمّ عليها جهلًا أو نسيانًا فلا شيء عليه، لأنّ هناك فرقًا بين الذّبح الذي هو فعل الذّابح وبين الأكل الذي هو فعل الآكل، فهما حكمان مفترقان، فالذّبح إذا تعمّد الإنسان ترك التّسمية فإنها لا تحلّ ولا إشكال، لو نسي أو جهل فإنه ليس عليه إثم لأنه ناس أو جاهل لكن يبقى الآكل إذا أراد أن يأكل، قيل له: هذه الذّبيحة لم يسمّ الله عليها إذا أكل فقد تعمّد مخالفة قول الله تعالى: (( ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه )) وإذا تأمّل الإنسان المسألة وجد أنّ هذا هو الصّواب من وجهين، أوّلًا: لظاهر النّصوص، وثانيًا: لأنّه أقرب للقواعد لأنّ الشّرط لا يسقط سهوًا ولا جهلًا، ولذلك لو أنّ الإنسان صلّى بلا وضوء جاهلًا هل تصحّ صلاته؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ولو صلّى بغير وضوء ناسيًا لا تصحّ صلاته، وهكذا شأن الشّروط، يقول بعض الناس: إنه لو قيل بتحريم ما نسي ذكر اسم الله عليه لأدّى ذلك إلى ضياع أموال كثيرة لأنّ النّسيان يقع كثيرًا في النّاس فإذا قلنا هذه البعير التي تساوي عشرة آلاف نسي أن يسمّي الله عليها نقول هي حرام كيف نتلف هذا المال العظيم؟ نقول لأنّه لم يكن مالًا حينئذ، حينما نسي أن يسمّي الله عليه لم يكن مالًا بل صار ميتة ولا إضاعة فيه، ثمّ إنّه فيما لو أراد أن ينحر بعيرًا مرّة أخرى هل ينسى؟
الطالب : لا ينسى.
الشيخ : نعم أبدًا لن ينسى، وأظنّه سوف يذكر اسم الله وهو مقبل على البعير قبل أن يبدأ في النّحر، لأنّه يذكر الحال الأولى وما هذه العلّة إلاّ كتعليل بعضهم قطع يد السارق بأننا لو قطعنا يد السارق لزم إيش؟ أن يكون نصف المجتمع أشلًّا، نقول: هذا خطأ، إذا قطعنا يد السارق امتنع أمّة تريد السّرقة، ومنهم من قال: القصاص أو قتل النّفس بالنّفس يؤدّي أيضًا إلى كثرة الأموات والقتلى نقول هذا غير صحيح لأنّ الله يقول: (( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب )).
من فوائد هذا الحديث: هذا التّأثير العظيم للتّسمية، إذ لا تحلّ الذّبيحة إلاّ بها ممّا يدلّ على بركة اسم الله عزّ وجلّ وأنه يؤثّر في نتائج الأعمال وثمراتها، وهل هناك شيء يجب ذكر اسم الله عليه؟ الوضوء على قول كثير من العلماء يجب أن يسمّي عند الوضوء، وقاس عليه بعض العلماء الغسل والتيمّم، وكذلك يجب على القول الراجح عند الأكل والشّرب لأنّه إذا لم يسمّ الله عند أكله وشربه شاركه الشّيطان في ذلك.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الأمر يستعمل بمعنى الإباحة، وذلك فيما إذا كان الحظر متوهّمًا فإن الأمر يكون للإباحة لقوله: ( فكُل ) لأنّ معنى ( فكُل ) فقد أبح لك الأكل وليس المعنى أن الإنسان يلزم بأن يأكل أو يندب له أن يأكل من الذّبيحة ولكن المعنى أنّه رفع عنه المنع.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ التّذكية بالعظم والسّنّ غير صحيحة ولو كان جاهلًا؟ نعم ولو كان جاهلًا، فلو أنّ الإنسان ذبح أرنبًا بعظم حادّ وأنهر الدّم فإنها لا تحلّ لماذا؟ لأنّ الآلة غير شرعية مستثناة، ( ليس السّنَّ والظّفر ) فإن قال قائل: لو ذبح بسكيّن مغصوبة فاستعمال السّكّين الآن محرّم لأنها لغيره ولا يحل للإنسان أن يتصرّف في مال غيره إلاّ بإذنه فهل تحلّ الذّبيحة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم تحلّ، وذلك لأنّ السّكّين في حدّ ذاتها آلة ذبح، وإنما يحرم الذّبح بها لأنها إيش؟ ملك الغير، ثمّ إنّ استعمال السّكّين في الذّبح ليس منهيًّا عنه لذاته، وإنما المنهي عنه استعمال المغصوب في أيّ وجه من وجوه الانتفاع وعلى هذا فنقول لو ذبح بآلة مغصوبة فعمله محرّم والذّبيحة حلال.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الذّكاة لا تصحّ بالظّفر لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ( ليس السّنَّ والظّفر ) لكن هل المراد ظفر الإنسان أو أيّ ظفر يكون؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟ فيه خلاف بعض العلماء يقول: المراد بذلك ظفر الإنسان، ومنهم من يقول: أيّ ظفر يكون؟ والأمر محتمل أن يكون أيّ ظفر يكون ويحتمل أن يكون ظفر الإنسان، وهذا يرجع إلى عادة الحبشة هل يذبحون بالأظفار أي أظفارهم أو بكلّ ظفر حيوان؟ الظاهر الأوّل وأنّ المراد ظفر الآدميّ لأنّ استعمال الظّفر آلة للذّبح يستلزم أن يبقيه الإنسان ولا يقلّمه وهذا خلاف إيش؟ خلاف الفطرة التي فطر الله سبحانه الخلق عليها، فإنّ تقليم الأظفار من الفطرة وإذا كان الإنسان يستعملها للذبح يقول خلّيها تبقى من أجل إذا وجدت حيوانًا وليس معي مدية أن أذيح بالظّفر فيكون في ذلك مخالفة لما تقتضيه الفطرة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يحلّ الذّبح بأي عظم، من أين يؤخذ؟ من عموم العلّة في قوله: ( أما السّن فعظم ) وذهب بعض أهل العلم إلى أنّ هذه العلّة قاصرة وأنّ العلّة مجموع الأمرين أنّه سنّ وأنّه عظم، وإنما حرّمت الذّكاة في السّنّ الذي هو عظم لأنّ ذلك يشبه افتراس الذّئب والسّباع والإنسان منهيّ عن أن يتشبّه بالسّباع والذّئاب، والذين رجّحوا هذا القول قالوا: لو كان الأمر للعموم لكان النّبي صلى الله عليه وسلم يقول ليس العظم فلا يخص السن، فكونه يختص السّنّ ثم يقول العظم يدلّ على أنّ هذا جزء العلّة وليس هذا هو العلّة كاملة، ولكن القول الثاني في هذه المسألة يقول: إن المراد جميع العظام وأنّ قوله: ( ليس السّنّ والعظم ) إنّما ذكر السّنّ فقط دون بقيّة العظام لأنه هو الذي كان المعهود في التّذكية به، فذكر السّنّ لأنّ هذا هو المعهود أن يذكّى به فلهذا نهى عنه واستثناه، والذين قالوا بالعموم أيضًا علّلوا تعليلًا جيّدًا قالوا: لأنّ العظم إما أن يكون عظم مذكّاة أو عظم ميتة فإن كان عظم مذكّاة لزم أنه عدوان على الجنّ، لأنّ الجنّ جعل النّبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لهم ضيافة فقال: ( لكم كلّ عظم ذكر اسم الله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحمًا ) سبحان الله! العظام التي نرميها بعد أن نأكل لحمها يجدها الجنّ أوفر ما تكون لحمًا مكسوّة باللحم فيأكلونها، فإذا قال قائل: كيف هذا ألسنا نشاهد العظام ونحن نطرحها ثمّ لا نجد عليها لحمًا؟ قلنا له: كن جنيًّا تجد اللحم، نعم لماذا؟ لأنّ الرّسول صلى الله عليه وسلّم جعلها لحمًا لمن؟ للجنّ أمّا أنت آدميّ وقد أخذت ما ينتفع به منها قبل ذلك، وهذا مما يدل على فضل الإنس على الجنّ، أما الجنّ لا يأكلون إلاّ فضلاتنا، وهذا من أمور الغيب التي يجب على المؤمن أن يصدّق بها، أليس الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أخبر بأنّ الإنسان أكل ولم يسمّ شاركه الشّيطان هل نرى الشّيطان؟ أبدًا لا نراه لكن هذا من أمور الغيب التي يجب علينا أن نصدّق بها ونقول سمعنا وآمنّا ولا نتعرّض لأيّ إيراد يورده الذّهن، أو أن نجيب عن كلّ مورد في هذه الأمور إلاّ بأن نقول هذا خبر من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وخبره صدق، طيب إذا كان عظم لحم غير مذكّى فإنّه يكون نجسًا، والنّجس لا يليق أن يكون سببًا للذّكاة والتطهير، الذّكاة طهور للحيوان فكيف تكون آلة التّطهير نجسة؟ هذا خلاف الحكمة ولهذا نقول: إذا كانت العظام نجسة فوجه العلّة أنّه لا يليق أن يكون الشّيء النّجس بذاته سببًا لتطهير غيره.
الظّفر كما قال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: ( مُدى الحبشة ) فهل نقول كلّ سكّين للحبشة لا يذبح بها إلاّ الحبشة فإنه لا يجوز التّذكية بها كما قلنا في قوله: ( أمّا السّنّ فعظم )؟ لا، لأنّ هذا بيان للواقع، وقد علمنا فيما سبق أنّ ما كان قيدًا لبيان الواقع فإنه لا مفهوم له، وعلى هذا فلو قدّر أنّ هناك سكاكين لا يستعملها إلاّ الحبشة فهل نقول إنّه يحرم علينا أن نذكّي بها وأنّنا لو ذكّينا بها لكانت الذّكاة حرامًا؟ الجواب: لا.
ثمّ قال وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ..
الطالب : انتهى الوقت.
الشيخ : كيف؟
الطالب : ...
الشيخ : لا إله إلاّ الله أي نعم انتهى، نعم؟
الطالب : شيخ هل يدخل في ذلك ..
الشيخ : إيش؟
الطالب : هل يدخل في ذلك ...
الشيخ : أي نعم يدخل ... بما يباح الذّكاة به لكن بشرط أن تنهر الدّم أما أن تنصعه نصعًا ما يستقيم لكن إذا كان حادًّا وذبح به أجزأ، نعم.
هل التسمية للذبيحة لابد أن تكون عند قطع الرقبة أم تجزئ أن تكون قبلها بيسير ؟
الشيخ : أي لا، التّسمية عليه، انتبه لعلى، على من الاستعلاء والعلوّ على الشّيء يقتضي ملاصقته.
السائل : ...
الشيخ : ... نعم، تضع يدك على الرّقبة وتمسك الرّأس وتذبح وتقول بسم الله.
السائل : في هذا الوقت؟
الشيخ : في هذا الوقت لا بدّ، تقديمها بيسير لا بأس لو مثلًا الإنسان عندما عالجها سمّى ثمّ هي جعلت تعاكسه حتى بقي دقيقة أو دقيقتان في المعالجة لا بأس، لكن إذا سمّى عليها ثمّ بعد مدّة يذبحها ما ينفع. نعم؟
السائل : صيد صغير كالعصفور بعضهم يقطع الرقبة باليد؟
الشيخ : ينصعها نصعًا ما يجوز، هذا لا يحلّ، لا بدّ من إنهار الدّم.
السائل : أنهر الدّم يا شيخ.
الشيخ : لا ... يمكن يوجد أقوياء إذا جاءهم الصغير من الضأن يمكن ينزعه ... نعم؟
السائل : ...
الشيخ : إيش؟
السائل : ...
الشيخ : نعم؟
السائل : ... واحدة.
هل يجزئ التسمية الواحدة على عدة ذبيحات ؟
الشيخ : آه، التّسمية واحدة، كلّ ذبيحة لها تسمية إلاّ إذا كانت الآلة إذا حرّكتها ذبحت عدّة ذبائح فيكفي التسمية عند تحريك الآلة هذه، يعني يوجد الآن في الذين يذكّون الدّجاج يضعونها في سلسلة ثمّ يقول: بسم الله ويحرّك الآلة وهذه الأمواس تمشي عليها يكفي هذا، كما لو رمى وأصاب صيدًا عددًا فإنّه يجوز التّسمية الواحدة، نعم؟
الطالب : بارك الله فيكم، بعض الطيور بعد أن تذبح يتأخر موتها كثيرًا فإما أن يكسر عظم الرّقبة ... أو ...
بعض الذبائح يتأخر موتها كثيرا فهل يجوز أن الإنسان يكسر الرقبة حتى تموت أو يقطعها ؟
الطالب : كسر الرّقبة.
الشيخ : هاه؟
الطالب : قصّ الرّقبة.
الشيخ : قصّ الرّقبة هذا أسهل، وقد قال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: ( إذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة ) فقطع الرّأس حتى تموت سريعًا أحسن من بقائها، أما ما كان معتادًا كالضّان والبقر والإبل فيبقى على ما هو عليه، لكن في الحيوانات ما إذا قطعت رقبته وأبنت رأسه بقي حيًّا مثل الضّبّ، الضّبّ يبقى حيًّا مدّة طويلة حتى لو نضب دمه كلّه وبقي سبحان الله يتحرّك وربّما يخرج منه الخارج أيضًا بعد ما يذبح بالنّهاية هذا ما لك فيه حيلة.
ما حكم التسمية بالبسملة المعروفة " بسم الله الرحمن الرحيم " ؟
الشيخ : نعم، لا بأس، لا بأس أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم، فإن قال قائل: الرّحمة تنافي الذّبح لأنّ الذّابح ما يرحم الذّبيحة لو رحمها ما ذبحها، قلنا: لكنّ ذبح الحيوان وإباحته من رحمة الله لمن؟
السائل : للذابح.
الشيخ : لبني آدم فهو من رحمة الله، فالمهم أنه لا ينهى عن ذلك لكن العلماء قالوا في هذا المكان لا يصلّي على النّبيّ صلى الله عليه وسلم، لأنّ الذّبح عبادة فينبغي أن يكون خالصًا لله تعالى، كيف ... نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : نكمّل اليوم، نعم؟
السائل : ...
الشيخ : هاه؟
السائل : لو كانت الشاة أو البقرة مريضة؟
الشيخ : أي نعم بعد الأذان.
ما حكم ذبح البهمية المريضة ؟
الشيخ : أي نعم بعد الأذان.
الشيخ : بهيمة مريضة وأراد الإنسان أن يذبحها لإراحتها فهل تحلّ أو لا؟ نقول: ( ما أنهر الدّم وذكر اسم الله عليه فكُل ) فهي حلال، لكن هل يحلّ لهذا الرّجل الذي ذبح هذه المريضة أن يأكلها؟ ينظر إذا كان مرضها قد أثّر في لحمها وكان أكله للحمها يتضمّن ضررًا عليه كان أكلها حرامًا ولا يحلّ، أما إذا كان مرضًا لا يؤثّر كما لو كان كسرًا مثلًا أو أشبه مما لا يؤثّر فهنا يأكلها لأنّها حلال، ولكن إذا كان مرضها شديدًا وهو لا يريد أكلها فهل يذبحها للإراحة؟ نقول: إن كان له ولاية عليها فليذبحها ولا حرج، لأنّ أدنى ما في ذلك من المصلحة أن يسلم من الإنفاق عليها، يجب أن ينفق عليها فلو كانت البهيمة حمارًا مريضًا أو مكسورًا، واعلموا أنّ كسر الحمار من المرض الذي لا يرجى برؤه، من المرض الذي لا يرجى برؤه، الحمار إذا انكسر ما يجبر إطلاقًا، فهل نقول في هذه الحال يقتله ليستريح منه وليرح الحيوان؟ الجواب: نعم يقتله، لأنّ بقاؤه حيًّا سيلزمه غرامة وتعبًا وهو في حلّ من ذلك.
تتمة فوائد حديث :( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه ... ).
الطالب : درس.
الشيخ : هاه؟ اقرأ، عامر اقرأ سمّع لنا.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
" وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيءٌ من الدواب صبراً ) رواه مسلمٌ.
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ) رواه مسلمٌ.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذكاة الجنين ذكاة أمه ) رواه أحمد وصححه ابن حبان.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين يذبح، فليسم، ثم ليأكل) أخرجه الدارقطني، وفيه راوٍ في حفظه ضعف، وفي إسناده محمد بن يزيد بن سنان، وهو صدوق ضعيف الحفظ، وأخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى ابن عباس موقوفًا عليه، وله شاهد عند أبي داود في مراسيله بلفظ: ( ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله عليها أو لم يذكر ) ورجاله موثقون ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين .
انتهى الكلام على حديث رافع بن خديج وبيان فوائده أليس كذلك؟ طيب إذن لا حاجة للإعادة، فأين الفوائد؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : ذكرنا الفائدة؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟ هذا هو.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيءٌ من الدواب صبراً ) رواه مسلمٌ.
( نهى ) النّهي قال العلماء هو طلب الكفّ على وجه الاستعلاء عكس الأمر، الأمر طلب الفعل على وجه الاستعلاء وهذا طلب الكفّ أي التّرك على وجه الاستعلاء أي أنّ الناهي يشعر بأنّه مستعلٍ على المنهيّ هذا هو النّهي، وقد مرّ علينا في الأصول هل النّهي المطلق يقتضي التّحريم أو الكراهة؟ وبيّنّا أنّ للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال، الأوّل: أنّه يقتضي التّحريم، والثاني: الكراهة، والثالث: التّفريق بين العبادات والعادات، وقوله: ( أن يقتل شيء من الدّواب صبرًا ) الدّواب جمع دابّة، والمراد بها كلّ ما دبّ على الأرض سواء كان حلالًا أو حرامًا، وقوله: ( صبرًا ) أي: حبسًا والمعنى أنّه يحبس ثمّ يقتل، وهذا كالنّهي عن اتّخاذ ما فيه الرّوح غرضًا، مثال ذلك: أن يمسك الإنسان بالدّابّة ثمّ يأتي شخص آخر يرميها بالسّهم هذا منهيّ عنه لأنّه إفساد ولا تحل به هذه المقتولة لأنّه مقدور على ذبحها، والمقدور على ذبحها لا يحلّها الرّمي بالسّهم، لأنّ رمي السّهم إنما هو لماذا؟ لما لا يقدر عليه، وأما ما يقدر عليه فلا بدّ أن يذبح أو ينحر.
16 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيءٌ من الدواب صبراً ) رواه مسلمٌ. أستمع حفظ
فوائد حديث : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيءٌ من الدواب صبراً ).
ومن فوائده: النّهي عن إضاعة المال، لأنّ قتل الدّوابّ صبرًا إضاعة للمال، إذ أنّها لا تحلّ بها القتل إذا كان مما يؤكل فتضيع ماليتها، وإن كان ممّا لا يؤكل لكن يركب كالحمير مثلًا ضاعت ماليتها أيضًا فينهى عن ذلك.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ ما يقدر على ذبحه لا يحلّ برميه، ولعلّ المؤلّف رحمه الله ساقه في هذا الباب من أجل هذه الفائدة أنّ كلّ ما يقدر عليه فلا بدّ فيه من الذّبح أو النّحر، الذي لا يقدر عليه يحلّ بقتله بأيّ موضع من بدنه كالصّيود الطائرة أو العادية، وكالذي سقط في بئر ولم يقدر عليه فإنّه يصحّ أن نرميه وفي أيّ موضع أصابه السّهم ومات به يحلّ، وكذلك إذا ندّت الإبل، أو البقر، أو الغنم يعني هربت وعجزنا عن إمساكها ورميناها حلّت في أيّ موضع كانت إصابة السهم.
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ) رواه مسلمٌ.
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني، المراد هو الثاني ولهذا نرى أنّ الرّجل إذا زنا وهو محصن فرجم بالحجارة نرى أنّ هذا من إحسان القتلة لموافقته للشّرع، مع أنّه لو قتل بالسّيف لكان أسهل.
وقوله: ( القِتلة ) ولم يقل القَتلة والفرق بينهما أنّ فِعلة للهيئة وفَعلة للمرّة، كما قال ابن مالك رحمه الله في الألفيّة:
" وفَعلة لمرّة كجَلسة *** وفِعلة لهيئة كجِلسة "
وعلى هذا فإذا قلت وثب الرّجل على المعتدي وَثبة الأسد أو وِثبة الأسد؟
الطالب : وِثبة.
الشيخ : وِثبة بالكسر لأنّ المراد الهيئة، أمّا المرّة فهذه تعود إلى نفس الأسد، طيب وعلى هذا فيكون القِتلة بالكسر أي هيئة القتل ( وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة ) يقال فيها مثل ما قيل في قوله: ( إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ) لكنّ هذه فيما يؤكل، وكذلك إذا نحرتم فأحسنوا النحر وإذا رميتم فأحسنوا الرّمي، المهمّ أنّ هذين المثالان ليسا على سبيل الحصر.
ثمّ قال: ( وليحدّ أحدكم شفرته ) اللّام هنا لام الأمر، ولهذا جاءت ساكنة بعد الواو، لأنّ لام الأمر تسكّن إذا وقعت بعد حروف ثلاثة وهي: الواو وثمّ والفاء، قال الله تعالى: (( ثمّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم )) وقال تعالى: (( ثمّ ليقطع ثمّ لينظر هل يذهبنّ كيده ما يغيظ ))، وأما لام التّعليل فإنّها مكسورة بكلّ حال وإن وقعت بعد هذه الحروف، وبهذا نعرف غلط من يقرأ قول الله تعالى: (( هذا بلاغ للناس )) ولْينذروا به ولْيعلموا أنّما هو إله واحد، وجه الغلط؟
الطالب : أنه سكن اللام.
الشيخ : أنّه سكّن اللاّم مع وجوب الكسر، وهذا اللّحن هل يغيّر المعنى؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم يغيّر المعنى، ولهذا يجب الفتح على الإمام إذا قرأ هكذا ولْينذروا به ولْيذكّر ويقال: (( ولِينذروا به ولِيذكّر أولو الألباب )) لئلا يختلف المعنى، وقوله: ( شفرته ) الشّفرة قيل إنّها السّكّين العظيمة الكبيرة، والأظهر أنّ مراد النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في هذا مطلق السّكاكين يعني سكّينة، وقوله: ( شفرته ) أي: الشّفرة التي يذبح بها سواء أكانت ملكًا له أم ملكًا لغيره، يعني الإنسان قد يستعير السّكّين ويذبح بها ولكنّها أضيفت إليه، والإضافة تكون لأدنى ملابسة. ( وليرح ذبيحته ) اللّام هنا لام؟ الأخ؟ قل أنت.
الطالب : لام الأمر.
الشيخ : الدّليل على أنّها لام الأمر؟
الطالب : لأنّه ...
الشيخ : وليرح.
الطالب : نعم وليرح.
الشيخ : وجه الدّلالة؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، نحن نريد الاستدلال على أنّها أمر.
الطالب : تسكين اللاّم بعد الواو.
الشيخ : تسكين اللاّم بعد الواو، فإذا قال قائل: ... نقول فيه دليل في الفعل لأنّها لو كانت لام التّعليل لقال وليريح ذبيحته، طيب وقوله: ( ذبيحته ) فعيلة بمعنى مفعولة أي مذبوحته، وهل الجملتان بمعنى واحد ( وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ) لأنّ حدّ الشّفرة يريح الذّبيحة أو هما معنيان مختلفان؟ الجواب: الثاني معنيان مختلفان الرّاحة لا شكّ أنّ حدّ الشّفرة مريح للذّبيحة، ولكن المراد بالإراحة ما هو أشمل وأعمّ، وذلك بأن يذبحها بقوّة ونشاط وعزم لا يقيّده عند الذّبح، بل يجذب بقوّة هذا هو الإراحة، السّكّين إذا كانت حادّة لكن الذّابح ضعيف ... خفيف هل تنفعه حدّة الشّفرة؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ولهذا قال: ( وليرح ذبيحته ) بحيث يذبح بقوّة ونشاط وسرعة.
18 - وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ) رواه مسلمٌ. أستمع حفظ
فوائد حديث : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الإحسان شامل في كلّ شيء، كلّ شيء إن قابلت أخاك فهذا إيش؟ إحسان، وإن قابلته بوجه عابس، فهذا إحسان!
الطالب : لا لا.
الشيخ : لا إله إلاّ الله، لماذا لا تفصّلون؟ إذا كانت المصلحة تقتضي بأن تقابله بوجه عابس فهذا إحسان، ولهذا نجلد الزّاني ونرجمه ويؤدّي ذلك إحسانًا له ولغيره، أمّا لغيره فظاهر فإنّ الإنسان إذا فعل الفاحشة حدّ بالجلد أو بالرّجم امتنع وهو إحسان له أيضًا، لأنّ هذا الحدّ يكون كفّارة له لا يعاقب عليه في الآخرة ولا يجمع الله له بين عقوبتين، طيّب إذن إن قابلت أخاك بوجه طلق فهو إحسان كذا؟ بوجه عابس فهو إحسان لكن لا بدّ له من قيد وهو إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك، طيّب هل لنا أن نقول إذا قابلت أخاك بوجه منبسط فهو إساءة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم يمكن، لكن بشرط إذا كان هذا يؤدّي إلى تماديه في الإفساد إنسان يعرف أنّ هذا رجل مجرم ثمّ إذا قابله قابله بوجه الرّضا والانبساط، هذا العمل وإن كان خيرًا في ذاته ولكن يؤدّي إلى مفسدة وهو استمرار هذا المجرم في إجرامه، وبهذا نعرف أنّ المصالح الشّرعيّة ليست مرتّبة على الهيئات والأحوال بل على إيش؟ على تحقيق المصالح الخالصة والراجحة.
من فوائد هذا الحديث: وجوب إحسان القِتلة، إذا وجب على الإنسان قتل فإنّه يجب إحسان القتلة، طيب يسلك في قتله أقرب الطرق إلى إزهاق روحه بدون تعذيب، أفهمتم؟ وأقرب شيء في ذلك هو السيف، أن يقتل بالسّيف، ولكن لو قال قائل: إذا وجدنا طريقًا أسهل من القتل بالسّيف بأن يقتل بالرّصاص على نخاعه أو في رأسه، أو بالصّعق الكهربائي فهل نسلكه؟
الطالب : لا.
الشيخ : جزمًا؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟ أو فيها قولان؟
الطالب : ...
الشيخ : قولان كالمنسوبين لابن جنّي! نعم إذا عجز عن مسألة يقول فيها قولان، قد يقول قائل: إنّ الصّعق الكهربائي أسهل، وقد يقول قائل: ليس بأسهل وحينئذ نرجع إلى رأي مَن؟ إلى رأي الاختصاصيّين في هذا، ولا يرد على ذلك أن يقال إنّ هذا لم يقع في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لأنّه لم توجد هذه الأداة في عهد الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، أمّا قتله بالرّصاص فهذا قد جرى به العرف الآن كثير ممّن يقتلون يقتلون بالرّصاص ليس كلّهم، كثير منهم بالرّصاص، فإذا ثبت أنّ هذا أسهل فإنه يسلك، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر بإحسان القتلة ولم يعيّن، فيرجع إلى أهل الاختصاص في هذا، طيب هل يقاس على ذلك إذا قطعتم عضوًا في قصاص أو حدٍّ فأحسنوا القطع؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يدخل في هذا، طيب إذا وجب قطع يد قصاصًا فلا شكّ أنّ من الإحسان أن يبنّج من تقطع يده، فهل يبنّج؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، لأنّنا إذا بنّجناه أحسنّا من وجه وأسأنا من وجه آخر، أحسنّا من جهة راحة هذا المقطوع لكن أسأنا القصاص، لأنّ الذي اعتدي عليه قد ذاق ألم القطع، وتمام القصاص أنّ المقتصّ منه يذوق الألم كما ذاقه الأوّل، في السّرقة هل يجوز أن يستعمل البنج عند قطع يد السّارق؟ الجواب: نعم، لأنّ هذا ليس قصاصًا بل المقصود قطع اليد وقد حصل فيفرّق بين هذا وهذا.
ومن فوائد هذا الحديث: وجوب الإحسان في الذّبح، وجوب الإحسان في الذّبح، وذلك بأن يضجع البهيمة برفق عند ذبحها على الجنب الأيسر إن كان ممّن يذبح باليمنى، أو الأيمن إن كان ممّن يذبح باليسرى لأنّ هذا هو الذي به الرّاحة، لأنّ الذي يذبح باليمنى إذا أضجعها على الجنب الأيسر سهل عليه الذّبح لأنّه سوف يضع رجله على صفحتها، صفحة العنق ويمسك بالرّأس ويذبح، والذي لا يذبح إلاّ باليسرى لو أنّه أضجعها على الجنب الأيسر لكان في ذلك تعب عليه وعلى البهيمة فتضجع على الجنب الأيمن ويمسك الرأس باليد اليمنى ويضع رجله على صفحة العنق ويذبح باليسرى، وهل من ذلك أن يعرضها على الماء؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : نقول: في هذا تفصيل، إذا كان يخشى أنّها عطشانة فليرق الماء عليها، وإلاّ فلا حاجة، لو كان يعلم أنّها في الشّتاء ولا تحتاج إلى ماء، أو أنّها في الصّيف ولكنّها شربت قبل قليل فلا حاجة، ولهذا فلا أذكر أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يعرض الماء على الذّبيحة إذا ذبحها، ولو كان هذا من السّنّة المطلقة لبيّنه النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام بقوله أو بفعله، لكنّه إذا يخشى أن تكون عطشانة وعرض عليها الماء لتبرأ ذمّته من إساءة الإنفاق عليها ومراعاتها فهذا حسن لا بأس به، وهل من الإحسان أن يمسك بيديها ورجليها أو لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : أي نعم ليس من الإحسان، بل الإحسان أن يدعها تتحرك بأرجلها الأربع لأنّ هذا أريح لها، ولأنّ هذا أشدّ في تفريغ الدّم، وتفريغ الدّم أمر مقصود للشّرع، وأما ما يفعله بعض الناس الآن تجد الرّجل القويّ الكبير الجسم إذا أراد الذّابح أن يذبح البهيمة برك عليها وأمسك بيديها ورجليها فهذا لا شكّ أنه تعذيب لها، لأن هذا الرجل كبير الجسم إذا برك عليها سوف يؤلمها ويضيّق نفسها، فالأولى أن لا تمسك اليدان والرجلان، الرّقبة؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : يوضع رجله عليها، لأنّ هذا أريح للذّبيحة عند ذبحها، طيب هل من الإحسان أن توجّه إلى القبلة؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : ذكر الفقهاء أنّه يستحبّ أن توجّه إلى القبلة إذا كانت تذبح تعبّدًا مثل؟
الطالب : الأضحية.
الشيخ : الأضحية، وأما ذبح الأكل والشّرب فلا، قلت للشرب سبق لسان، إلاّ إذا قصدت بذلك شرب المرق فله وجه، طيب فهذه ليست عبادة فلا يتوجّه القول باستحباب استقبال القبلة، لكن على كلّ حال حتى لو كانت الذّبيحة تعبّدًا لله فإنّ استقبال القبلة ليس بشرط خلافًا للعامة، العامّة يقولون لا بدّ من استقبال القبلة ويرون أنّه من شروط صحّة الذّكاة، ومثل هذه الأمور ينبغي لطلبة العلم أن ينشروا بيان حكمها للعامّة، لأنه ربّما يذبح العامّي في مكان ليس عنده طالب علم فإذا ذبح على غير القبلة قام يسترجع إنّا لله وإنّا إليه راجعون حرمت الذّبيحة جرّها يا ولد للكلاب! فلا بدّ أن يبلّغ بالحكم الشّرعي للعوامّ حتى لا يضلّوا، ومن إحسان الذّبيحة أن لا يعجّل كسر عنقها أو سلخها قبل أن تموت موتًا نهائيًّا لأنّ في ذلك تعذيبًا لها بدون فائدة.
ومن فوائد الحديث: وجوب حدّ الشّفرة لقوله إيش؟
الطالب : ( وليحدّ أحدكم شفرته ).
الشيخ : ( وليحدّ أحدكم شفرته ) وإذا قلنا بوجوب حدّ الشّفرة صار الذّبح بشفرة ليست حادّة إيش؟ حرامًا ولكن هل تحلّ الذّبيحة؟
الطالب : تحلّ.
الشيخ : نعم تحلّ مع تحريم الفعل لأنّه انطبق عليها قول الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( ما أنهر الدّم وذكر اسم الله عليه فكُل ).
ومن فوائد هذا الحديث: وجوب إراحة الذّبيحة لقوله: ( وليرح ذبيحته ) فيسلك أقرب الطّرق لما فيه الإراحة لأنّ الأصل أن إيلام الحيوان محرّم، لكن أباحه الله عزّ وجلّ لمصلحة العباد وعليه فنقتصر على قدر الضّرورة في إيلامه، وليرح الذّبيحة بما ذكرنا لكم من قبل أنّ من إراحتها أن تكون الشّفرة حادّة، ومن إراحتها أن يذبحها بعزيمة وقوّة وسرعة.
19 - فوائد حديث : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ). أستمع حفظ
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذكاة الجنين ذكاة أمه ) رواه أحمد وصححه ابن حبان.
الذّكاة هي الذّبح أو النّحر وسمّيت ذكاة لأنّها تذكّي المذبوح والمنحور فيكون طيّبًا، ولو مات هذا المذبوح أو المنحور حتف أنفه لكان خبيثًا نجسًا، وقوله: ( الجنين ) الجنين هو الحمل في البطن سمّي بذلك لأنّه مستتر، وهذه المادّة أعني: الجيم والنّون في جميع تصاريفها تدلّ على السّتر، فمنه الجَنّة للبستان كثير الأشجار، ومنه الجُنّة التي يستتر فيها للمقاتل عند القتال، ومنها الجِنَّة وهم الجنّ لأنّهم مستترون عن الأعين، الجنين هو الحمل لأنّه مستتر، ذكاة أمّه يعني بذكاة أمّه، وهنا نسأل أوّلًا عن الجملة هذه هل الخبر ذكاة الجنين أو الخبر ذكاة أمّه؟
الطالب : ذكاة أمّه.
الشيخ : نعم؟
الطالب : ذكاة الجنين ...
الشيخ : ههه ... واحد منكم يقول ذكاة الجنين وذاك يقول ذكاة أمّه! كمّلوا الجملة.
الطالب : ...
الشيخ : ذكاة الجنين مبتدأ، وذكاة أمّه خبر هذا قول، فيه قول ثانٍ: ذكاة أمّه ذكاة الجنين، طيب نشوف هل يختلف المعنى وإلاّ لا؟ إذا قلنا: ذكاة الجنين ذكاة أمّه احتمل أن تكون الجملة هنا جملة تشبيهيّة تشبيهًا بليغًا، ويكون المعنى ذكاة الجنين كذكاة أمّه، كذكاة أمّه عرفتم وإلاّ لا، كما لو قلت: فلان بحر في الكرم يعني معناه هذا التّشبيه حذفت منه أداة التشبيه، فإذا قلنا: فلان بحر صار تشبيهًا بلييغًا، وعلى هذا يكون الحديث يحتمل معنيين، إذا قلنا: ذكاة مبتدأ وذكاة أمّه خبر صار الحديث يحتمل معنيين: المعنى الأوّل: أنّ ذكاة الجنين كذكاة أمّه وإلى هذا ذهب أبو حنيفة والظاهرية وقالوا: إنّ الجنين إذا ذكّيت أمه فخرج ميّتًا ولم يذكَّى صار حرامًا لأنّ مراد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام بقوله: ( ذكاة الجنين ذكاة أمّه ) مراده أنّ ذكاة الجنين كذكاة أمّه فهمت؟ ويحتمل أن تكون جملة على غير التشبيه أي أنّ ذكاة الجنين بذكاة أمّه، بذكاة أمّه، ويؤيّد هذا ما جاء في بعض ألفاظه: ( ذكاة الجنين بذكاة أمّه ) أي أنّ الأمّ إذا ذكّيت فذكاتها ذكاة لجنينها لا يحتاج إلى أن يذكّى مرّة أخرى، هذا إذا قلنا إنّ ذكاة الجنين مبتدأ وذكاة أمّه خبر، إذا قلنا بالعكس ذكاة أمّه ذكاة الجنين، ذكاة مبتدأ وذكاة الجنين خبر، صار المعنى أنّ ذكاة الأمّ إيش؟ ذكاة للجنين ولا يحتمل وجهًا آخر، لكنّ هذا التّقدير فيه إعادة الضّمير المتأخّر على سابق فيقال هذا لا يضرّ، لأنّ هذا السابق متقدّم لفظًا ويجوز عود الضّمير على متقدّم لفظًا متأخّر رتبة، نعود إلى التّقدير الأوّل أنّ ذكاة الجنين مبتدأ، وذكاة أمّه خبر، فنقول: من جعل هذا على سبيل التّشبيه فإنّ عليه ملاحظتين: الملاحظة الأولى: إذا قلنا ذكاة الجنين كذكاة أمّه صار الحديث ليس له معنى، لأنّه من المعلوم أنّ كلّ حيّ فإنّ ذكاته ذكاة الحيّ الآخر، واضح؟ يكون الحديث عديم الفائدة كقول القائل: السّماء فوقنا والأرض تحتنا، وهذا لا شكّ أنّه لا فائدة فيه، ثانيًا: إذا أخذناه بظاهره قلنا ذكاة الجنين فهو إذا خرج لم يكن جنينًا.