تحت باب شروطه وما نهي عنه.
مناقشة ما سبق.
الطالب : أربعة شروط .
الشيخ : ها !
الطالب : أن يقصده الحاضر .
الشيخ : أن يقصده الحاضر ، يعني يذهب إليه ويقول : أريد أبيع لك ، فإن قصد هو الحاضر على كلام الفقهاء ، فإنه يصح ، يقولون التعليل : لأن البادي مصمم على أن الحاضر يبيع له وإلا رجع ، طيب هذه واحدة ، الثانية عبد الرحمن ؟
الطالب : أن يكون البادي جاهلا بالسعر .
الشيخ : أن يكون البادي جاهلا بالسعر ، فإن كان عالما فلا فرق بين أن يبيع هو بنفسه أو يبيع له الحاضر ، -اصبر- وحينئذ يكون ليس للنهي محل ، إذا كان عالما بالسعر فليس للنهي محل الشرط الثالث .
الطالب : أن يكون بالناس حاجة إليها .
الشيخ : أن يكون بالناس حاجة إليها كالقوت والمواشي وشبهها ، أما ما لا حاجة إليه كالأمور الكمالية فلا بأس ، طيب الرابع ؟
الطالب : أن تكون بسعر يومها .
الشيخ : نعم أن يريد أن يريد بيعها بسعر يومها ، نعم ، طيب فإن كان البادي يريد أن يبيعها بغير السعر ، بحيث أنه يبقيها في المخازن ، يبقيها في مخازن ويبيعها شيئا فشيئا ، قالوا : فلا بأس أن يبيع الحاضر للبادي .
وهذه الشروط كلها قد تكون مفهومة من التعليل إلا مسألة واحدة ، وهي قولهم : وبالناس حاجة إليها ، فإن ظاهر الحديث العموم ، وإذا جعلنا العلة : هو أنه إذا باع الحاضر للبادي حال بين الناس وبين الربح المتوقع من الشراء من هذا البادي ، فإنه لا فرق بين الأمور الكمالية والأمور التي يحتاج الناس إليها ، طيب .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تلقوا الجلب فمن تلقي فاشتري منه ، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار ) . رواه مسلم .
" وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تلقَّوا الجَلَب فمن تلقي فاشترى منه ، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار ) رواه مسلم " :
قوله : ( لا تلقوا الجلب ) نقول فيها كما قلنا في : ( لا تلقوا الركبان ) ، لكن هنا الجلب فعل بمعنى مفعول ، أي : لا تلقوا المجلوب .
( فمن تلقى فاشترى منه ) أي : من هذا المجلوب ( فإذا أتى سيده ) أي : سيد المجلوب وهو مالكه الأول ، ( فهو بالخيار ) طيب .
النهي هنا يراد به : النهي عن التلقي والشراء ، أما مجرد تلقي الجلب من أجل أن يضيفهم أو يرحب بهم أو ما أشبه ذلك فإن النهي لا يرد على هذا .
وقوله : ( فمن تلقى فاشترى منه ) أي : من هذا الجلب أي : المجلوب ، ( فإذا أتى سيدُه ) سيد الجلب وهو المالك الأول ، لأن السيد يطلق على المالك وله إطلاقات كثيرة متعددة معروفة في اللغة .
وقوله : ( فإذا أتى سيده السُّوق ) يعني : سوق التجارة الذي يباع فيه ويشترى فأل في قوله : ( السوق ) للعهد ، أي العهود ؟ العهد الذهني ، لأن العهود ثلاثة : عهد ذكري ، وعهد ذهني ، وعهد حضوري :
فالعهد الذكري : أن يكون مدخول أل سبق ذكره مثل قوله تعالى : (( كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول )) ، من الرسول ؟ المذكور . وأما العهد الحضوري فهو أن تكون أل بمنزلة اسم الإشارة ، مثل : (( اليوم أكملت لكم دينكم )) ، فإن تقديره : هذا اليوم أكملت لكم دينكم ، فتشير أل إلى شيء حاضر .
أما العهد الذهني فأن يكون مدخول أل معلوما بالذهن ، يعني مفهوما عند الناس ، كما لو قلت : ذهب فان وفلان إلى القاضي ، مَن القاضي ؟ آه معروف ينصرف على طول إلى المحكمة ، إلى القاضي في المحكمة ، نقول : أل هنا إيش ؟ للعهد ، أي العهود ؟ الذهني .
هنا : ( إذا أتى سيده السوق ) السوق أل للعهد ، أي العهود ؟
الطالب : الذهني .
الشيخ : الذهني ، لأنه لم يسبق له ذِكر ، ولم تكن أل بمعنى اسم الإشارة فكانت أل للعهد الذهني ، يعني سوق التجارة الذي يباع فيه ويشترى .
وقوله : ( فهو بالخيار ) الخيار يعني اسم مصدر اختار ، لأن مصدر اختار إيش ؟ اختياراً ، واسم المصدر خيار ، واسم المصدر هو : ما دل على معنى المصدر دون حروفه ، أو ما تضمن معنى المصدر دون حروفه مثل : كلام من كلم ، والمصدر تكليم ، سلام من سلم والمصدر تسليم ،هنا خيار من اختار والمصدر اختيار .
طيب إذًا فهو بالاختيار أي : ينظر ما هو خير له من إمضاء البيع أو الفسخ ، والحكمة من النهي عن تلقي الجلب هو ما أشرنا إليه فيما سبق ، أن فيه إضرارا بالبائع وإضرارا بأهل السوق ، أما البائع فلأن المتلقي غلبا يغبن المتلقى أليس كذلك ؟ ولو لم يغبنه ما ذهب يتكلف ويخرج .
والثاني : الإضرار بالبلد حيث يحرمهم الربح المتوقع من الشراء من هذا الإيش ؟ الجالب من هذا الجالب طيب .
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تلقوا الجلب فمن تلقي فاشتري منه ، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار ) . رواه مسلم . أستمع حفظ
فوائد حديث :( لا تلقوا الجلب فمن تلقي فاشتري منه ... ).
أولاً : عموم الشريعة الإسلامية، وأنها كما جاءت في إصلاح الخلق في العبادات، وهي معاملتهم فيما بينهم وبين الله، جاءت بإصلاح الخلق في العقود وهي المعاملة فيما بين الناس.
ثانيًا : الرد على من زعم أن الدين الإسلامي ينظم العبادة فقط، وهي المعاملة مع الله، فإن الدين الإسلامي ينظم العبادة والمعاملة ولا غرابة، فإن أطول آية في كتاب الله آية الدين، وكلها في معاملة الخلق، ويكون هذا حجراً يُقذف في فم من قال : إن الدين الإسلامي لا ينظم إلا العبادات، نقول : الدين الإسلامي ينظم العبادات والمعاملات جميعا .
ومن فوائد الحديث : حماية حقوق الناس ، لأننا ذكرنا أن العلة في النهي عن تلقي الجَلَب هو: دفع الضرر الحاصل على البائع وعلى أهل البلد.
ومن فوائد الحديث : أن من تلقى فاشترى فشراؤه صحيح، لكن للمشتري الخيار، أليس كذلك ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : إذا قال قائل : بم استدللتم على الصحة ؟ نقول : بإثبات الخيار للبائع ، لأن إثبات الخيار فرع عن الصحة .
من فوائد الحديث : إثبات خيار الغَبِن ، لأن الشرع إنما جعل الخيار للمشترى منه المتلقى لأنه غالبا إيش ؟ يُغبن ، ووجه ذلك أن هذا الذي اشترُي منه إذا أتى السوق ووجد أن القيمة مناسبة هل يختار الفسخ ؟ آه ؟ لا ، إنما يختار الفسخ إذا وجد أنه قد غبن ، إذًا فعلة ثبوت الخيار له هي الغبن ، وعلى هذا فيكون في الحديث دليل على ثبوت خيار الغبن .
ولكن هل الغبن ثابت في كل عقد يحصل به الغبن أم في صور معينة ؟
في هذا خلاف بين العلماء ، فمنهم من قال : إنه خاص في صور معينة وهي : ما يحصل بالنجش أو بالاسترسال أو بتلقي الجَلَب.
ومن العلماء من يقول : إنه ثابت في كل غبن حتى لو غُبن من يحسن المماكسة ويعرف كيف يبيع ويشري ، ولكن غبن لغفلة منه أو لجهله بالسعر لكون الأسعار هبطت بسرعة فإن له الخيار ، سواء كان بائعا أو مشتريا ، وعلى هذا فلو أرسلت صبيك ليشتري لك ، ماذا نقول ؟
الطالب : أي شيء.
الشيخ : خبزا ، الخبز الأربعة بريال ، فقالوا للصبي : الأربعة بريالين ، فأعطاهم الريالين وأخذ الأربعة ، وجاء إليك بأربعة وأنت أعطيته ريالين تنتظر أن يأتي بكم ؟ بثمان ، لك الخيار ولا لا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لك الخيار طيب واضح هذا لأن الصبي لا يحسن أن يماكس وهو جاهل بالقيمة ، مثال آخر : قدم مسافر إلى بلد ووقف على صاحب بقالة وقال : أطلب منك خبزا بريال ، فأعطاه خبزتين ، وأطلب منك مربى طماطم قوتي ، لأجل أن يكون إدام للخبز ، فأعطاه القوتي هذا بريال ، أنا أجهل القيمة ، بريالين ، آه طيب بريالين ، إذًا أعطاه خبزتين بريال وقوتي طماطم بريالين ، هو مسافر وجيد في البيع والشراء لكن ما يعرف السعر في هذا البلد فالصحيح أن له الخيار .
ويرى بعض العلماء أنه لا خيار له لأنه يعرف يماكس ، ويرون أن المسترسل هو الذي يجهل القيمة ولا يحسن المماكسة ، والصحيح أن كل من جهل القيمة فإن له الخيار ، فهؤلاء الجلبة الذين تُلقوا قد يكونون من أحسن الناس أو من أشد الناس معرفة بالقيم ولكن يجهلون القيمة فلهذا غبنوا .
طيب وفي الحديث ، من فوائد الحديث : إطلاق لفظ السيد على المالك ، وهو كذلك ، لأن أصل السيادة من الشرف ومعلوم أن للمالك شرفا على من؟ على المملوك، ولهذا سمينا مالك العبد سيدا ونسمي مالك البهائم ومالك الطعام نسميه أيضا سيدا ، ولهذا قال : ( إذا أتى سيده السوق فهو بالخيار ) .
ومن فوائد الحديث : أن التلقي هو : ما كان قبل وصول الجلب إلى السوق ولو داخل المدينة ، وقال بعض أهل العلم : إن التلقي لا يكون إلا من خارج المدينة، لأن التلقي عادة يكون خارج المدن ، ولهذا يقال : تلقى المسافر أي : خرج لاستقباله .
وهذه المسألة فيها خلاف فمن العلماء من يقول : إن التلقي يصدق باستقبال الجلب قبل دخولهم السوق ولو في المدينة واستدلوا لذلك بقوله : ( فإذا أتى سيده السوق ) ، ولم يقل : إذا دخل البلد ، فعليه لو كانت البلدة واحدة والسوق في وسطها في قصبة البلد واستقبلهم أناس في أطراف البلد واشتراه منهم ، فإنه يكون داخلا في الحديث ، أي : فاعلا للنهى وللجالب الخيار ، وهذا أقرب إلى المعنى لأنه لا فرق بين أن يتلقاهم في المدينة وبين أن يتلقاهم في داخلها قبل أن يصلوا إلى السوق ، فإن قال قائل : فما تقولون في جلب مروا بالمدينة ولا يريدون دخولها فاشترى منهم شخص وهم سائرون إلى مدينة أخرى هل يجوز أو لا ؟
الطالب : لا يجوز .
طالب آخر : يجوز .
الشيخ : إي فيها خلاف بينكم ، هم لا يريدون الدخول ، مثلا افرض أنهم الآن مروا ببلدنا هذه وهم قاصدون الرياض يعني جاؤوا مثلا من الحجاز من جدة معهم سلع يريدون الرياض ، الظاهر أنه يجوز ، لأنهم الآن لم يقصدوا هذا البلد هم سفرية كما يجوز أن تشتري من المسافر .
الطالب : ما يعتبر تلقي ؟
الشيخ : طيب نعم ؟ لا لا مو تلقي ، لأن قوله : ( فإذا أتى سيده إلى السوق ) : يعني سوق البلد الذي حصل فيه التلقي وهؤلاء ما قصدوا هذا البلد ، ولذلك يبعد أن يبيعوا على هذا المتلقي لأنهم سيقولون : إن جلبنا إلى الرياض ، اللهم إلا أن يحتاجوا دراهم في طريقهم فإنهم في هذه الحال قد يبيعون ، طيب ما تقولون في رجل خرج يتمشى خارج البلد وإذا هو بقوم معهم جلب هل يجوز أن يشتري منهم أو لا يجوز ؟
الطالب : قلنا لا يجوز .
الشيخ : تكلمنا عليها وقلنا : لا يجوز ، لأن أصل النهي عن الشراء والتلقي وسيلته .
وعنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن يبيع حاضر لباد ، ولا تناجشوا ، ولا يبيع الرجل على بيع أخيه ، ولا يخطب على خطبة أخيه ، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها . متفق عليه ، ولمسلم : ( لا يسم المسلم على سوم أخيه ) .
قال : ( ولا تناجشوا ) وسبق الكلام عليه أيضا .
" ( ولا يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه ) " :
( ولا يبع الرجل الرجل على بيع أخيه ) : هذا لم يتقدم الكلام عليه .
( لا يبع الرجل ) : كلمة الرجل لم تذكر للتقييد ولكن ذكرت للغالب ، وإذا كان الشيء ذكر للغالب فإنه لا مفهوم له ، " كل قيد ذكر بناء على الغالب فإنه ليس له مفهوم " .
وقوله : ( لا يبيع الرجل ) روي بوجهين : ( لا يبع الرجل ) ، والوجه الثاني : ( لا يبيع الرجل ) :
أما ( لا يبع الرجل ) : فلا إشكال فيه ، لأن لا ناهية ، ويبع فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، ولكنه حرك بالكسر لالتقاء الساكنين .
وأما ( لا يبيع الرجل ) بالرفع ففيه إشكال ، وهو أن لا نافية ، فهل النفي يفيد النهي ؟ والجواب : نعم ، قد يكون نفياً ويراد به النهي ، فتكون الجملة خبرية إنشائية ، خبرية باعتبار اللفظ ، إنشائية باعتبار المعنى ، لأنها خبر يراد به النهي.
قال أهل العلم : " وكما يجيء الخبر في موضع النهي يجيء الطلب في موضع الخبر " ، يجيء الطلب في موضع الخبر ومثلوا لذلك بقوله تعالى : (( وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم )) فإن اللام للأمر ولكن المراد الخبر ، لأن المعنى : ونحن نحمل خطاياكم .
طيب الكلام على أن يبيع فيها وجهان : ( ولا يبع ) و ( لا يبيع ) فعلى الوجه الأول الأخ ؟ أي نعم !
الطالب : أن لا ناهية .
الشيخ : ناهية ، ويبع فعل مضارع .
الطالب : فعل مضارع منصوب ، حرك بالكسر للتقاء الساكنين.
الشيخ : أحسنت طيب ، وعلى رواية الرفع ياسر ؟
الطالب : على رواية الرفع .
الشيخ : تكون لا ؟ ها ؟
الطالب : نافية ناهية .
الشيخ : لا ، نافية ناهية ؟! تكون نافية لكن بمعنى النهي ، نعم النفي بمعنى النهي ، طيب .
الرجل قلنا إنه قيد بالرجولة بناء على الأغلب .
( على بيع أخيه ) : أخيه في النسب ؟ لا ، أخيه في الإنسانية ؟ لا ، أخيه في الدين ؟ نعم ، كذا ؟! لأن الأخوة الإنسانية غير مقصودة شرعاً ، وليس بين الناس أخوة إنسانية ، ولكن بينهم جنسية إنسانية ، يعني أن الكافر من جنس المسلم في الإنسانية ، لكن ليس أخاه ، ألم تروا إلى نوح قال : (( رب إنَّ ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال ينوح إنه ليس من أهلك )) آه ؟ المهم أنه ليس من أهلك ، مع أنه ابنه ، ومن زعم أن هناك أخوة إنسانية بين البشر فقد أبعد النعجة ، لأن الأخوة إما دينية كما في قوله : (( فإخوانكم في الدين )) ، ومثلها الأخوة الإيمانية كما في قوله : (( إنما المؤمنون إخوة )) .
وإما أخوة في النسب كقوله تعالى: (( وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذَّكر مثل حظ الأنثيين )) ، وقوله : (( وإلى مدين أخاهم شعيبًا )) : هذه نسب ، وأما قوله : (( كذب أصحاب الأيكة المرسلين * إذ قال لهم شعيب )) ولم يقل : أخوهم ، لأن أصحاب الأيكة غير أصحاب مدين ، غير مدين بل هم قوم آخرون إما تابعون لهم أو مستقلون ، المهم أن شعيبا ليس منهم ، ولهذا لم يقل : كذبت أصحاب الأيكة المرسلين ، إذا قال لهم أخوهم شعيب ، بل قال : (( إذا قال لهم شعيب )) ، إذًا ( على بيع أخيه ) : أي ؟ نعم ، أي : في الدين والإيمان .
صورة ذلك : أن يشتري شخص من إنسان سلعة بعشرة ، ثم يأتيه آخر ويقول : أعطيك مثلها بتسعة هذا بيع على بيع ولا شراء على شراء ؟ آه ؟
الطالب : بيع على بيع .
الشيخ : طيب أو يقول : أعطيك أحسن منها بعشرة ، هذا بيع على بيع ، طيب ما نقص الثمن ، لكن أفضل منها أحسن منها ، نعم اختلفت صفة المبيع ، هذا بيع على بيع ، فهذا حرام ، وإذا فعل فالبيع باطل ، لورود النهي عنه بعينه : " وكل عقد أو عبادة ورد النهي عنها بعينها فهي باطلة ولا يمكن تصحيحها لأن تصحيحها جمع بين الضدين " .
طيب ، هل البيع حرام سواء كان ذلك في مدة الخيار أو بعد انتهاء مدة الخيار ؟ ما تقولون ؟
في ذلك خلاف فبعض العلماء يقول : إن النهي خاص فيما إذا كان ذلك في زمن الخيارين : خيار المجلس ، أو خيار الشرط .
ومن العلماء من قال : إنه عام .
فمن قال بالأول قال : إن علة النهي لئلا يفسخ البيع ويعقد مع الثاني ، فيكون في ذلك حسد على البائع الأول ، أو ما فهمتم ؟ آه ؟
الطالب : نريد مثال .
الشيخ : طيب لعلها بالمثال تتضح ، باع زيد على عمرو بيتا بمئة ألف ريال ، واشترط الخيار لمدة أسبوع ، فعلم بكر بالعقد ، فذهب إلى عمرو وقال : اشتريت فلة فلان بمئة ألف ، أنا عندي لك فلة أحسن منها بثمانين ألف وتفضل معي ، فذهب فرأى فلته أحسن ، والثمن أقل ، فذهب إلى زيد ، فذهب عمرو إلى زيد قال : والله أنا هونت ، له يهون ولا ما يهون ليش ؟
الطالب : له يهون ، لأن في زمن الخيار .
الشيخ : لأنه في زمن الخيار طيب ، زمن خيار المجلس ، باع زيد على عمرو فلته بمئة ألف ريال ، وهم جالسين ، فسمع شخص بذلك فجاء إليهم وهم جلوس وقال : يا فلان أنا أعطيك بيتي فلتي بثمانين ألف ريال وهي أحسن من فلة فلان ، قال : إذًا هونت ، هذا في زمن أي خيار ؟
الطالب : المجلس .
الشيخ : المجلس ، والأول في زمن خيار الشرط ، سيكون بين زيد وبين هذا الداخل عداوة سب وشتم ليش تجي ليش تفعل ؟ أنت مثل الشيطان أنت حسود أنت كذا ، ويمكن تصل إلى الضرب أو تصل إلى السلاح ، ولهذا نهى الشارع عنها .
طيب نشوف إذا كان بعد زمن الخيارين ، يعني بعد أن اشترى الرجل من عمرو الفلة ، وتفرقوا ، ولزم البيع ، جاء شخص آخر وقال : أنا أبيع عليك فلة أحسن منه بثمانين ألف ، فلان غالبك ، هل يمكن أن يرجع ويفسخ البيع ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : لأنه انتهى زمن الخيار .
الشيخ : لأنه انتهى زمن الخيار ، ولكن سيكون في قلب المشتري ندم وحسرة ، ليتني ما تعجلت ، ليتني ما تسرعت ، وسيكون في قلبه أيضًا حقد وغل على من ؟ على البائع ، خدعني غلبني وما أشبه ذلك .
طيب القول الثاني في المسألة يقول : حتى بعد زمن الخيارين ، ويرون أن العلة في ذلك هو : إيقاع الندم في قلب المشتري ، والثاني : العداوة ، إلقاء العداوة بينه وبين البائع هذه اثنتين . ثالثاً : ربما يتحيل فيبحث عن سبب يبيح له الرد والفسخ ، ربما يتحيل ويكون بالأول قانع فيها ثم يروح يدور عيب لو يجد له شطب في تلييس نعم جاء يقول : هذا عيب ، واضح ؟ طيب أيهما إذًا أرجح القول بالعموم أو تقييد ذلك بزمن الخيارين ؟
الطالب : العموم .
الشيخ : القول بالعموم كما هو ظاهر الحديث : ( لا يبيع الرجل على بيع أخيه ) .
طيب هل هل يقاس على البيع الشراء ؟ لا يشتر على شراء أخيه ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم ، نقول : وكذلك الشراء ، لا يجوز أن يشتري على شراء أخيه ، وصورة الشراء : أن يقول لمن باع -انتبهوا للمثال عشان يقرب لكم الموضوع- في صورة البيع أن نقول لمن اشترى ، وفي صورة الشراء أن تقول : لمن باع ، هذا يسهل عليك التصوير ، لأن بعض الناس يشتبه عليه الأمر ففي صورة البيع أن تقول : لمن اشترى ، وفي صورة الشراء أن تقول : لمن باع طيب .
علمت أن زيدا باع على عمرو فلته بمئة ألف ، فذهبت إلى مَن ؟
الطالب : البائع .
الشيخ : من هو ؟
الطالب : إلى زيد .
الشيخ : إلى زيد ، فذهبت إلى زيد وقلت : يا فلان أنت بعت فلتك على عمرو بمئة ألف، أنا أعطيك مئة وعشرين ألف ، إن كانا في زمن الخيارين المجلس أو الشرط فهو حرام ، حرام على كلا القولين ، وإن كان بعد انتهاء زمن الخيارين فهو حرام على أحد القولين ، والصحيح هو هذا : أن الشراء على شرائه حرام في زمن الخيارين وبعد انتهاء زمن الخيارين ، فإذا قال قائل : بم أدخلتم صورة الشراء ولم ؟ والنبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا بيع ) فالجواب من وجهين :
أولا : أن الشراء يطلق عليه البيع ، قد يطلق عليه البيع .
ثانيا : أن الشراء في معنى البيع ، والشارع لا يفرق بين متماثلين أبدا ، فإذا حرم البيع على بيعه حرم الشراء على شرائه من باب أولى ، يحرم الشراء على شرائه .
ثالثا : أن في رواية مسلم : ( ولا يسُم على سومه ) ، والشراء على شرائه أبلغ من السوم على سومه - كما سيأتي إن شاء الله في تفصيل السوم - .
طيب فإذا قال قائل : هل تلحقون في البيع ما سواه كالإجارة ؟
فالجواب : نعم ، وذلك من وجهين أيضا : إما أن نقول : إن الإجارة بيع المنافع ، فتدخل في البيع .
وإما أن يقال : لا تدخل في البيع لكن المعنى الذي في البيع موجود في الإجارة ، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يؤجر على إجارة أخيه ، ولا أن يستأجر على استئجار أخيه ،
أن يؤجر على إجارة أخيه مثل أن يسمع أن زيدا آجر عمرا بألف ريال في السنة ، فذهب إلى عمرو وقال : أنا أعطيك منزلا أحسن من هذا بثمانمئة ريال في السنة ، هذا إجارة على إجاره .
أو يذهب إلى زيد فيقول : أنا أعطيك أجرة ألف ومئتين ، هذا استئجار على استئجاره ، فصار الآن البيع على البيع والشراء على الشراء والإجارة على الإجارة والاستئجار على الاستئجار والسوم على السوم كل ذلك محرم .
وهل يصح العقد ؟ الجواب : لا يصح ، لا في البيع على بيعه ، ولا في الشراء على شرائه ، ولا في الإجارة على إجارته ، ولا في الاستئجار على استئجاره ، ووجه ذلك : أن النهي عائد إلى العقد نفسه ، ولا يمكن أن يرد نهي على مأذون فيه ، فإذا ورد نهي عن شيء بعينه صار ذلك الشيء باطلا لا يصح ، نعم .
5 - وعنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن يبيع حاضر لباد ، ولا تناجشوا ، ولا يبيع الرجل على بيع أخيه ، ولا يخطب على خطبة أخيه ، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها . متفق عليه ، ولمسلم : ( لا يسم المسلم على سوم أخيه ) . أستمع حفظ
مناقشة ما سبق أخذه.
الطالب : الجلب : تلقي السلع قبل دخولها وبيع هذه السلع .
الشيخ : فعل بمعنى مفعول ، ولا بمعنى فاعل ؟ ها ؟
الطالب : مفعول .
الشيخ : بمعنى مفعول ، طيب ، نعم ؟
الطالب : أي مجلوب .
الشيخ : أي مجلوب ، طيب والمراد بالنهي عن التلقي إيش ؟
الطالب : نعم ؟
الشيخ : النهي عن التلقي ؟
الطالب : الشراء .
الشيخ : المراد به غايته وهو الشراء .
طيب قوله : ( فإذا أتى سيده ) أحمد ، سيده من المراد بالسيد هنا ؟
الطالب : المالك الأول .
الشيخ : المالك الأول الذي هو البائع .
طيب والسوق أل يا عبد الرحمن في السوق ؟
الطالب : للعهد الذهني .
الشيخ : للعهد الذهني أي سوق ؟
الطالب : أي : السوق الذي يجلب إليه هذا .
الشيخ : الذي يجلب إليه السلع .
طيب قوله : ( فهو بالخيار ) أو ما حضرت ؟! هداية الله ما معنى ( فهو بالخيار ) ؟
الطالب : يعني فهو بالاختيار .
الشيخ : بالاختيار إن شاء ؟
الطالب : إن شاء أمضى البيع ، وإن شاء فسخ العقد .
الشيخ : صح طيب .
ما تقول فيما لو اشترى سامي اشترى من الجلب بثمن هو قيمته ، فهل للمتلقى الخيار أو لا ؟
الطالب : لو اشترى ؟ ظاهر الحديث نعم .
الشيخ : ظاهر الحديث نعم ، يعني أن له الخيار سواء غبن أم لم يغبن ، حتى لو اشتراه بقيمته العادية فله الخيار .
طيب فيه خلاف ؟ لا اللي وراء ها ؟ أنت أنت !
الطالب : إذا تلقى الجلب فهو بالخيار .
الشيخ : أقول : هل فيه خلاف أن المتلقي إذا اشتراه بنفس السعر فليس للبائع الخيار ؟ يعني يقول : إنه ليس له الخيار إلا إذا غُبن ها ؟
الطالب : ليس له الخيار .
الشيخ : لكن سامي يقول ظاهر الحديث أن له الخيار مطلقا ، يقول : ( فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار ) ، فماذا تقول أنت ؟
الطالب : إذا غبن فله الخيار .
الشيخ : وإذا لم يغبن ؟
الطالب : ما الفائدة يعني !
الشيخ : يكون رأى أنه ما يبيعها ، رأى بعد أن أتى يبيعها فكر فكر نعم ؟
الطالب : له الخيار .
الشيخ : وإن لم يغبن ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : إي ، يعني إذًا توافق سامي ؟ طيب غانم !
الطالب : له الخيار لأنه فيه غبن ، إذا فيه ضرر للبائع .
الشيخ : إذا فيه ضرر للبائع ، فإذا لم يتضرر ؟
الطالب : إذا لم يتضرر فالبيع صحيح .
الشيخ : نعم ، وعلى كل حال من نظر إلى أن المقصود الإضرار بالبائع قال : ليس له الخيار إلا إذا غبن ، أما إذا لم يغبن فلا خيار ، ومن نظر إلى ظاهر الحديث قال : له الخيار مطلقا ، وأنه يراعى في ذلك التعزير تعزير من ؟ المتلقي حتى لا يعود ، لأجل أن يقول البائع : أنا باخذ سلعتي ، إذا قال ما غبنتك قال : ولو لم تغبن ، لأنك منهي عن التلقي ، فيكون إثبات الخيار للبائع مطلقا من باب إيش ؟ من باب التعزيز لئلا يعود ، لأنه إذا عرف أنه في المستقبل سيرد المبيع أو سيرد البيع ، سيقول : إذًا لا فائدة من الظهور إلى خارج البلد للتلقي ، وهذا المعنى لا شك أنه ملاحظة جيدة وهو أننا نقول بظاهر الحديث ونجعل العلة وإن لم تكن الغبن فهي إيش ؟ التعزير لتفويت الفرصة عليه.
في الحديث الثاني وأنتم ما قرأتموه لكن أظن أننا أخذنا منه طيب ، ( نهى أن يبيع حاضر لباد ) بماذا فسره ابن عباس رضي الله عنه ؟
الطالب : ( نهى أن يبيع حاضر لباد ) بالسمسار .
الشيخ : ها ؟
الطالب : بأنه هو السمسار .
الشيخ : ما معنى السمسار ؟
الطالب : السمسار هو الذي يأخذ عوضًا ، هو الذي يأخذ من البائع سلعته ويبيعها له بعوض .
الشيخ : هو الذي يبيعها بعوض وهو الدلال ، كذا طيب ، على تفسير ابن عباس لو باع حاضر لباد تبرعاً وإحسانًا .
الطالب : لا يدخل في هذا .
الشيخ : ها ؟
الطالب : فلا يدخل في قول ابن عباس .
الشيخ : أنا أسألك على تفسير ابن عباس هل يدخل في الحديث من باع للبادي تبرعاً وإحساناً ؟
الطالب : لا يدخل .
الشيخ : ها ؟
الطالب : لا يدخل في الحديث .
الشيخ : لا يدخل في الحديث ، طيب ، وهل الأولى أن نأخذ بقول الغبن أو بالعموم عبد المنان ؟
الطالب : الأولى بالعموم .
الشيخ : الأولى أن نأخذ بالعموم ، لأن الحديث عام ومراعى فيه مصلحة أهل البلد .
طيب قوله : ( لا يبع الرجل على بيع أخيه ) ما تقول يا حسين فيما لو باع رجل على بيع ذمي ؟
الطالب : فيه خلاف على قولين .
الشيخ : نعم ، ما الذي تفهمه من الحديث ؟
الطالب : أنه يجوز ، أنه !!
الشيخ : يجوز ، يجوز أن يبيع على بيع الذمي لأن الذمي ليس أخا للمؤمن ، كذا ؟! طيب ، وهذا أحد القولين في المسألة .
فيه رأي آخر يقول : إنه لا يجوز البيع على بيع الذمي -يا إبراهيم- ، لأن الذمي محترم المال والدم فلا يجوز الاعتداء على حقوقه فما رأيك في هذا القول فإن وافقته فما جوابك على الحديث ؟
الطالب : على ظاهر الحديث يا شيخ ، أجيب عن ظاهر الحديث يعني ؟
الشيخ : أقول : هل توافق هذا الرأي الذي يقول قائله : إنه يجوز البيع على بيع الذمي ؟
الطالب : غير صحيح .
الشيخ : لا توافق عليه ؟!
الطالب : لأن الذمي محترم بين المسلمين ، لكن ظاهر الحديث أنو ما هو صحيح .
الشيخ : يعني نقول .
الطالب : ظاهر الحديث أنه يجوز البيع عليه .
الشيخ : أنه يجوز ، إذًا نأخذ بظاهر الحديث ؟
الطالب : نأخذ بظاهر الحديث .
الشيخ : طيب زين ، إذا أخذنا بظاهر الحديث يرد علينا إشكال : وهو أن الذمي محترم المال والدم ، نعم يا ؟ إي نعم آه ، كيف نجيب عن هذا الإشكال ؟
الطالب : الذمي محترم .
الشيخ : محترم المال والدم ما يجوز نعتدي عليه .
الطالب : يمكن يا شيخ لا نأخذ بظاهر الحديث .
الشيخ : أقول : إذا قلنا بأنه محترم الآن ، فهل نأخذ بالقاعدة هذه ونطلب مخرج من الحديث من ظاهر الحديث أم ماذا ؟
الطالب : الله سبحانه وتعالى أمرنا بالقسط لأهل الذمة .
الشيخ : طيب .
الطالب : وقال : (( إن الله يحب المقسطين )) ، وعدم البيع على بيعهم هذا نوع من أنواع القسط .
الشيخ : طيب إذًا كيف تجيب عن ظاهر الحديث ؟
الطالب : حديث النبي صلى الله عليه وسلم أتى من باب التغليب .
الشيخ : نعم ، من باب التغليب .
الطالب : العموم .
الشيخ : لا ، من باب التغليب ، طيب ، يعني بناء على الغالب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يتكلم في بلاد الإسلام ، وأكثر من في الدار مسلمون فبنى على الغالب وقال : ( لا يبع على بيع أخيه ) .
إذًا البيع على بيع الذمي حرام ، والجواب عن ظاهر الحديث هو ما ذكر ، بأن هذا بناء على الأغلب .
طيب هل الشراء على شرائه يا عبد الرحمن إبراهيم جائز أو لا ؟
الطالب : لا ، لا يجوز ، لأن الشراء على الشراء يسمى بيعا ، وهو أيضا يؤخذ من القياس الأولوي أو المماثل للبيع .
الشيخ : نقول : الشراء على شرائه حرام ، فإما أن يدخل في لفظ البيع ، وإما بالقياس ، لأن كلاهما عدوان على الغير ، مثِّل للشراء على شرائه ؟
الطالب : أن يقول للبائع أنا أشتري منك هذا .
الشيخ : يقول لمن باع سلعة !
الطالب : يقول لمن باع سلعة بخمسة أنا أشتريها منك بسبعة .
الشيخ : طيب ، هذا شراء على شرائه ؟
الطالب : أي نعم .
الشيخ : يقول لمن باع سلعة خمسة أنا أعطيك تسعة مثلها .
تتمة شرح حديث :( ........... ولا يخطب على خطبة أخيه ، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها . متفق عليه ، ولمسلم : ( لا يسم المسلم على سوم أخيه ) .
( ولا يخطب ) : يعني الرجل ( على خطبة أخيه ) ، على خطبة أخيه ، يعني إذا خطب شخص امرأة فإنه لا يحل لرجل آخر أن يذهب ويخطبها من أهلها ، لأن ذلك عدوان على حق أخيه ، والله سبحانه وتعالى يقول : (( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) ويقول : (( ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين )) .
طيب وقوله : ( على خطبة أخيه ) : نقول فيها مثل ما قلنا في قوله : ( على بيع أخيه ) ، فلو خطب رجل نصراني امرأة فإنه لا يجوز لمسلم أن يخطبها ؟
الطالب : لا يجوز .
طالب آخر : يجوز .
الشيخ : الآن لو خطب نصراني نصرانية ، ما هو يجوز للمسلم أن يخطب نصرانية ؟ يجوز ، فلما علم أن هذا النصراني خطب نصرانية ذهب وخطبها ، نقول : لا يجوز ، وقوله : ( على خطبة أخيه ) بناء على الغالب ، والذمي له حق محترم .
وقوله : ( لا يخطب ) يعني الرجل على خطبة أخيه ، لو كانت المرأة هي الخاطبة على خطبة أختها يجوز ولا لا ؟ لا يجوز لأن العلة واحدة ، لو سُمع بامرأة أن فلانا خطب فلانة ، وكانت تريد أن تتزوج به فذهبت إليه وقالت : أريد أن ، وعرضت نفسها عليه ، فهذا لا يجوز لأنه عدوان على حق الغير . ولكن قد يقول قائل : هناك فرق بين خطبة الرجل وخطبة المرأة ، لأنه لا يلزم من خطبة الثانية أن يدع الأولى ، إذ بإمكانه أن يجمع بينهما ، أليس كذلك ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : بخلاف الرجل، والجواب على لك أن يقال : نعم هذا ممكن ، لكن من الذي قال : إن هذا الرجل يمكنه أن يأخذ اثنتين وهو لا يقدر إلا بواحدة ، فما يستطيع يأخذ الأخرى ، فيكون في هذا في خطبة هذه على خطبة أختها يكون في ذلك عدوان.
الصحيح أنه لا لا يجوز .
وقوله : ( على خطبة أخيه ) : يدل على أنه ما دامت الخطبة غيرَ قائمة فله أن يخطب ، وكيف تكون غير قائمة ؟ إذا رُد الخاطب ، مثاله خطب فلان من جماعة ، ورفضوه ، فهل يجوز أن يخطب الثاني ؟ نعم .
لو قال قائل : لا يجوز لاحتمال أن يعيد الخطبة مرة أخرى لأن بعض الناس إذا رد أول مرة ذهب ما شاء الله ثم عاد ، ما دام له رغبة في الزوجة في المرأة فما تقولون ؟
نقول : هذا نعم هذا وارد ، لكن ما دام رد فله أن يذهب ويخطب ، يجوز أن يذهب ويخطب هذه المرأة ، طيب .
( ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه ) : لو أذن له الخاطب الأول ، بأن سمع زيد بأن عمرا خطب فلانة فذهب إليه وقال : يا فلان الخطبة هذه أنا راغب فيها ، فقال : إذًا أنا متنازل ، هل يجوز ولا لا ؟
الطالب : نعم يجوز .
الشيخ : نعم يجوز لماذا ؟ لأن الخطبة الآن صارت غير قائمة .
طيب لو أن الرجل خطب المرأة وهي مخطوبة لرجل لكن هو لم يعلم فهل يجوز أو لا ؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : ليش ؟
الطالب : لا يعلم .
الشيخ : نعم ، لأن الرسول قال : ( لا يخطب على خطبة أخيه ) وهذا ما خطب على خطبة أخيه ، تقدم لخطبة المرأة وهو لا يعلم أن أخاه قد خطبها .
طيب فإن فإن علم أنه خطب لكن لا يعلم هل ردوه أم قبلوه ، فهل له أن يخطب ؟
الطالب : لا .
الشيخ : الصحيح أنه ليس له أن يخطب خلافا لمن قال : إن هذا خاص فيما إذا قبلوه ، وأما إذا ردوه أو جهل هل ردوه أم لا فله أن يخطب فهذا ليس بصحيح .
والحاصل أن خطبة الرجل الأول : إما أن يقبل أو يرد أو لا يدرى حاله ، فإن قبل فالخطبة حرام ، ولا إشكال فيه ، وإن رد فالخطبة جائزة ولا إشكال فيها ، وإن جُهل لا يدري هل ردوه أو قبلوه إلى الآن : فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين ، والصحيح أنه لا يخطب ، لأن الخطبة قائمة الآن ، وقد يكون في إرادتهم أنهم سيوافقون لولا خطبة الثاني ، فالصحيح أنه جهل الإنسان هل رد أو قبل أنه لا يخطب ، فإن أذن ؟
الطالب : جاز .
الشيخ : أذن الخاطب الأول للثاني فإنه جائز ، لأن الحق له وقد أذن فيه .
طيب وإن جهل الثاني خطبة الأول جائز أيضا ، جائز ، وعلى هذا يحمل خطبة أسامة ومن ؟
الطالب : أبو جهم .
الشيخ : وأبو جهم ومعاوية ، ثلاثة ، خطبوا امرأة واحدة .
المهم أن نقول مع العلم لا يصح ولكن إذا أذن هل يجب عليه أن يسحب الخطبة أو له أن يبقى ؟
الطالب : يجب أن يسحب .
الشيخ : هو على كل حال ، هو إذا سأل الخاطب الأول وقال : أذنت لك ، إذا لم يسحب : أولا نقول : إن هذا الرجل خطب على وجه مباح فلا يلزمه أن يسحب خطبته ... .
ثم قال : ( ولا تسأل المرأة ) : لما ذكر حق الرجل على الرجل ، ذكر حق المرأة على المرأة ، قال : ( ولا تسألَ المرأة طلاق أختها ، لتكفأ ما في إنائها ) .
الطالب : هي بالرفع .
الشيخ : إي نعم معطوفة على لا يبع .
" ( ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها ) متفق عليه " :
لا تسأل المرأة : المرأة هل المراد بها الزوجة ، أو هي عامة ؟
الطالب : عامة .
الشيخ : الظاهر العموم يعني سواء كانت الزوجة هي التي تسأل طلاقها أو غير لك ، فنهاها النبي عليه الصلاة والسلام أن تسأل طلاق أختها ، أختها من أن ؟ أختها المسلمة ، يعني لا يجوز للمرأة أن تقول للرجل : طلق فلانة ، وقوله : ( لتكفأ ما في إنائها ) : اللام هنا للعاقبة أو للتعليل ؟
الطالب : للعاقبة .
الشيخ : للعاقبة ، اللام للعاقبة ، لأن النهي عن الطلاق سواء لهذا الغرض أو لغيره ، إلا إذا كانت المصلحة ونتكلم عليها .
طيب وقوله : ( لتكفأ ما في إنائها ) : كناية عن قلب الزوج الإناء ، لأن الزوج إذا أنفق على زوجته يأتي لها بالطعام في الإناء ، فإذا طلقت فكأن الي طلبت الطلاق حرمتها هذا الطعام فقال : ( لتكفأ ما في إنهائها ) .
وقوله : ( طلاق أختها ) : يعني أختها من النسب أو من الرضاعة ؟
الطالب : لا لا ، عام ، في الدين .
الشيخ : أختها في الدين كذا طيب ، لكن يؤخذ من هذا الحديث من قوله : ( طلاق أختها ) : أن الرسول نهى عن هذا ، والمراد بالأخت : الأخت في الدين فهل نقول : إنها إذا سألت طلاق امرأة نصرانية تزوجها مسلم فلها ذلك ؟ لا ، نقول هذا بناء على إيش ؟ على الغالب .
هذا الحديث فيه عدة فوائد نأخذها الآن إن شاء الله :
الطالب : وفي رواية .
الشيخ : نعم في رواية ، " وفي رواية لمسلم : ( ولا يسم ) " : يسم هذه لا ناهية ، لأنها جزمت الفعل ، ( ولا يسم المسلم على سوم المسلم ) :
السوم هو تقدير الثمن من المشتري ، تقدير الثمن من المشتري وهو معروف . ولكن السوم على نوعين : سوم فيه مزايدة . وسوم يطمئن إليه البائع ... العقد .
أما الأول فيجوز بالاتفاق ، البيع بالزيادة كل الناس يشترون سلعا ، فإن المشترين يتزايدون ، هذا يقول : بعشرة ، فيقول الثاني يقول : إحدى عشر الثالث : ثلاثة عشر وهكذا ، لكن إذا ركن البائع إلى المشتري ولم يبق إلا موجب العقد - يرحمك الله - فإنه لا يجوز لأحد أن يتقدم إلى البائع ، لأن البائع رضي ، أما لو قال البائع : من يزيد ؟ أو بعد أن ركن إليه سمع بأن فلانا يريد هذه السلعة فذهب فطلب زيادة من الأول ، فذهب للثاني فهذا لا يجوز .
7 - تتمة شرح حديث :( ........... ولا يخطب على خطبة أخيه ، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها . متفق عليه ، ولمسلم : ( لا يسم المسلم على سوم أخيه ) . أستمع حفظ
فوائد حديث : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن يبيع حاضر لباد ، ولا تناجشوا .... ).
أولا : تحريم بيع الحاضر على البادي ، لقول أبي هريرة : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد ) والأصل في النهي التحريم ، ولكن عرفتم أن الفقهاء رحمهم الله جعلوا لذلك شروطا ، ومنها ما ذكره ابن عباس رضي الله عنهما : " ألا يكون له سمسارا " .
ثانيا : أنه لو باع حاضر لباد فإن البيع لا يصح ، لماذا ؟ لأن النهي عائد إليه ، وما عاد النهي إليه فلن يكون صحيحا ، لكن بعض أهل العلم صحح البيع وقال : إن النهي هنا لا يعود إلى معنى يختص بالبيع ، وإنما يعود إلى حق البائع ، أو الناس ، ولكن الصحيح أن البيع لا يصح ، لأنه قد ورد النهي عنه ، وما ورد النهي عنه فلن يكون مقبولا ولا نافذا ، كيف وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) ؟!! .
ومن فوائد الحديث : تحريم النَّجش ، لقوله : ( ولا تناجشوا ) ، فإذا وقع النجش ثم بيع على من نجش عليه فهل البيع صحيح ؟
الجواب : نعم ، لأن النهي ليس عن البيع بل عن النجش ، لكن للمنجوش إذا غُرر به أن يفسخ العقد ، يعني له أن يرجع ، يعني لما رأى المنجوش هذا الرجل يزيد في السلعة وهو رجل له خبرة ، ظن أن السلعة ... ثم تبين له بعد ذلك أن ذلك الذي فعل إيش ؟ نجش ، كان نجشا ، فإن له الخيار لأنه قد غرر به وخدع .
من فوائد الحديث : تحريم بيع الرجل على بيع أخيه ، لقوله : ( ولا يبع الرجل على بيع أخيه ) ، وعرفتم في الشرح هل يدخل فيه لقوله : ( أخيه ) الذمي ؟ وبينا أنه فيه خلاف والصحيح أنه يدخل .
طيب هل يلحق بالبيع الشراء ؟ الجواب : نعم ، لأننا إن قلنا بأن البيع لفظ مشترك بين البيع والشراء فالأمر واضح ، وإن قلنا : بأن البيع خاص بالبيع والشراء له معنى مستقل ، فإنه القياس ، أي قياس هو ؟ قياس المساواة .
وهل يقاس على البيع الإجارة ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم ، النهي عن البيع والإجارة وجميع العقود ، لأن العلة واحدة وهي العدوان على حق الغير .
ومن فوائد الحديث : تحريم الخطبة على خطبة المسلم ، لقوله : ( ولا يخطب على خطبة أخيه ) ، ونقول : في الذمي ما قلنا في البيع .
طيب من فوائد الحديث : أنه إذا رُد الخاطب أو أذن أو كان الخاطب الثاني جاهلا فلا تحريم ، لأن الخطبة تكون غير قائمة إذا رد واضح ، وإذا أذن كذلك ، وإذا جهل فإنه لم يخطب على خطبة أخيه لأنه لا يدري ، ونقول في الخطبة على خطبة الذمي ما قلنا في البيع على بيعه ، والصحيح أنه لا يجوز لما في ذلك من العدوان ، والذمي له حق .
هل يقاس على ذلك خطبة المرأة على خطبة المرأة ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ذكرنا أنه يقاس بجامع العدوان والظلم ، والشيء إذا ورد منصوص عليه في العلة فهو مردود .
طيب ومن فوائد الحديث : تحريم سؤال المرأة لطلاق أختها ، لقوله : ( ولا تسأل المرأة طلاق أختها ) .
ولكن هل هذا التحريم خاص بما إذا أرادت قطع رزقها ، لقوله : ( لتكفأ ما في إنائها ) ؟ الجواب : لا ، إن قلنا : اللام للتعليل فهو خاص بذلك ، وإن قلنا : اللام للعاقبة لم يكن مختصا ، ومن تأمل عموم النصوص تبين له أن اللام للعاقبة ، وأنه حتى وإن لم تطلب قطع رزقها فإنما قصدت الإضرار بها ، فإن سؤال الطلاق حرام .
ومن فوائد الحديث : بيان ضعف قول من قال مِن أهل العلم : إن المرأة إذا تزوجت بشرط أن يطلق زوجته الأولى فالشرط باطل ، خلافا للمشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- لأنهم يقولون بجواز ذلك ، لكنه قول مخالف للنص ، فإذا اشترطت هذا الشرط وتزوجت على هذا الشرط ، ولكنه بعد أن تزوج قال : الشرط باطل ولم أطلق الزوجة الأولى ، فهل للزوجة الثانية الجديدة المشترطة فسخ النكاح ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ينظر : إن كانت لا تعلم حكم الشرع فلها الفسخ ولها الخيار ، لأنها لا تعلم ، ولها الخيار ، ولا يمكن أن نعاقبها بأمر لم تعلم به ، وإذا أُخبرت أن هذا حرام فإنه ليس لها الخيار ، ولكن يبقى النظر في الزوج هل يؤدب أو لا يؤدب ؟
نعم إذا كان يعلم بالحديث نعم فإنه يؤدب ، لماذا ؟ لأنه غرر وخدع .
طيب لو سألت المرأة طلاق أختها لمصلحتها بأن تكون المرأة قد سئمت من زوجها ، وجاءت بامرأة أخرى وقالت : تزوجيه وفكيني من هالزوج واشترطي الطلاق فما تقولون ؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : جائز ؟! نعم جائز بل قد يكون محمودا ، لأن فيه إنقاذا لها مما هي عليه من سوء العشرة .
طيب لو سألت طلاق أختها لمصلحة الزوج لا لمصلحة الزوجة ؟
الطالب : لا يجوز .
الشيخ : لمصلحة الزوج ؟
الطالب : ينظر .
طالب آخر : لا يجوز ، الزوج يعرف مصلحته .
الشيخ : هذه امرأة تزوجت رجلا وتتعب زوجها ، كل يوم تقول : هات نوع من الأرز ، كل يوم تقول هات نع من الخبز ، كل يوم تقول هات نوع من اللباس ، والزوج معها كالشاة مع الراعي ، فأرادت الأخرى أن تنقذ الزوج من هذه المرأة فذهبت تطلب الطلاق ، هل يجوز أو لا ؟
هو جائز بل قد يكون محمودا ، لأن فيه إنقاذا لهذا الرجل المغلوب على أمره ، ... .
إذًا نقول : إذا سألت المرأة طلاق أختها فلا يخلو من ثلاث حالات :
أن يكون لمصلحة الزوج أو لمصلحة المرأة وهذا جائز .
أن يكون لقطع رزق المرأة ، فهو حرام لأن الإضرار بالمرأة حرام .
طيب إذا سأل الرجل طلاق المرأة من زوجها ، سأل رجل زوجًا أن يطلق زوجته ؟ إذا كان لمصلحة الزوج فجائز ، لمصلحة الزوجة فلا يأثم ، لقطع رزقها لا يجوز .
إذا كان لغرض نفسي للسائل هو نفسه يريد هذه المرأة ؟
الطالب : لا يجوز .
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : لا يجوز .
الشيخ : لأنه عدوان ، وقد أنكر الإمام أحمد -رحمه الله- من سأل من رجل خلعه ليتزوج المرأة ، مع أنه دفع له الدراهم ، يقول له :طلق زوجتك أعطيك عشرة آلاف ، سمع الرجل فطلق وأعطاه عشرة آلاف ، وقلنا له ... فهذا أنكره الإمام أحمد ، كيف يكون هذا ؟! إذا كان الشارع نهى أن تخطب المرأة المعتدة فكيف بالمتزوجة ؟! طيب نكمل .
8 - فوائد حديث : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن يبيع حاضر لباد ، ولا تناجشوا .... ). أستمع حفظ
قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ولا يبيع الرجل على بيع أخيه ) فما حكم من يقول ذلك وهو لا يريد أن ينفع نفسه وإنما يريد أمن ينفع المشتري فقط يعني الشيء الذي يريد أن يبيعه ليس له ؟
الشيخ : لا يجوز حتى لو ما أنت بنافع نفسك .
السائل : أنا خارج عن الاثنين .
الشيخ : ولو خارج ، ما يجوز هذا غير جائز .
9 - قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ولا يبيع الرجل على بيع أخيه ) فما حكم من يقول ذلك وهو لا يريد أن ينفع نفسه وإنما يريد أمن ينفع المشتري فقط يعني الشيء الذي يريد أن يبيعه ليس له ؟ أستمع حفظ
سؤال عن الخطبة على خطبة أخيه؟
السائل : الخاطب يقول : إذا ما علمت ما عليه يتوقف ما يخطب ، يعني ما يدري أنه أعطاوه أو ما أعطاوه .
الشيخ : أي نعم .
السائل : طيب ما نقول إنه ينتظر يتحرى مدة يعني مثلا أيام ؟ .
الشيخ : يعني ربما نقول : إنه يعتبر مشاورات .
السائل : ذهب يفكر .
الشيخ : ها .
السائل : يعني ينتظر يتحرى المدة بعدين يتقدم .
الشيخ : ... عجال يشوف يقبل أو لا يقبل .
تتمة شرح حديث:( .... ولمسلم : ( لا يسم المسلم على سوم أخيه ) .
الطالب : عندي لا يسوم .
الشيخ : لا عندي لا يسم بالجزم ، هذا ما أدري هذا يرجع للفظ الذي عندنا هكذا ( لا يسم المسلم ) : فيسم هذا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وحذفت الواو للجزم ولا لإيش ؟
الطالب : لالتقاء الساكنين .
الشيخ : لالتقاء الساكنين ، لأنه لا يمكن أن يحذف حرف من وسط الكلمة من أجل الجزم ، أي : لا يمكن أن يكون عامل الجزم هو الذي حذفها ، إنما يحذف الحرف للجزم من آخر الكلمة ، معلوم هذا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لا يمكن أن يحذف حرف العلة أو غير حرف العلة من وسط الكلمة لتسلط العامل عليه ، لأن الحرف الذي يحذف لتسلط العامل ما كان في الآخر ، مثل : لم يرم ، ولم يخش ، ولم يدع حذف حرف العلة لأجل الجزم ، أما إذا كان في وسط الكلمة فإن علة الحذف غير الجزم تسلط العامل على هذا الحرف ، فالعلة هنا ( لا يسم ) العلة التقاء الساكنين ، لأنه إذا جزم الفعل صار آخره ساكنا ، فيلتقي آخر الساكن مع الواو الساكنة والواو حرف علة فتحذف.
المهم ( لا يسم على سومه ) : يعني : أنه إذا سام المسلم شيئا وركن البائع إليه فإنه لا يجوز لشخص آخر أن يأتي ويزيد عليه ، لأن البائع قد ركن إليه .
أما إذا كانت المسألة من باب المزايدة ، فإن هذا جائز بإجماع المسلمين ، وليس فيه حرج ، يعني رجل يعرض سلعته من يسوم من يسوم فقام آخر : فقال : أنا أسومها بعشرة فهل يجوز أن أزيد عليه وأقول : بإحدى عشر ؟ نعم يجوز أن أقول بإحدى عشر أو باثني عشر أو ما أشبه هذا .
وكذلك لو أن البائع هو الذي عرضها فإنه لا بأس أن أزيد على من سامها أولا ، أما إذا رأيت أن البائع قد اطمأن لم يبق عليه إلا أن يوجب البيع ، فإنه لا يجوز لي أن أسوم على سومه لما في ذلك من العدوان على حقه ، ولأن هذا يوجب العداوة والبغضاء بين المسلمين .
طيب وهل مثل ذلك السوم على السوم في البيع ؟ يعني بأن يجد الإنسان شخصا يريد أن يشتري شيئاً وقد ركن إلى قول البائع ، ولم يبق عليه إلا أن يوجب البيع ، فيأتي إنسان آخر فيقول : أنا أعطيك مثله أو أحسن منه بكذا وكذا ؟
فالجواب : نعم ، لأن العلة واحدة وهي العدوان على حق الغير ، ولكن في مسألة السوم ، لو أنه عقد البيع مع الذي سام على سوم أخيه فهل يصح ؟ الجواب : نعم ، لأن النهي عن السوم ، وأما في البيع على بيعه أو الشراء على شرائه فإنه لا يجوز ، لا يصلح البيع ، لأن النهي وارد على نفس العقد وقد سبق لنا قاعدة مهمة في هذا الباب وهي : " أن النهي إذا عاد إلى ذات الشيء فإنه لا يمكن أن يقع صحيحا من أجل التضاد ، أما إذا ورد النهي، أو إذا عاد النهي إلى أمر خارج فإنه يأثم ولكن يصح العقد " .
ثم قال المؤلف : " عن أبي أيوب " ، أو نقل عن أبي أيوب الأنصاري .
الطالب : الفوائد !
الشيخ : أخذنا الفوائد ، السوم على السوم ما تبي فائدة .
الطالب : لماذا يا شيخ ؟
الشيخ : نعم ؟ نعم وهي اقرأ نعم ؟
الطالب : ... .
الشيخ : وهي ؟
سؤال عن حكم ما إذ علم الرجل بالخطبة فهل له أن يخطب ؟
الشيخ : أي نعم ، الظاهر إنه إذا علم فإن الواجب عليه أن يعدل عن الخطبة ، لأن سبب النهي قائم ، وهو الخطبة على خطبة أخيه ، ولكن إذا قال قائل : ربما يعدل أهل المرأة عن الخاطب الأول إذا عرفوا أن لهذا رغبة فيها ؟!
فنقول : هذا الرجل اتقى الله ما استطاع ، لما علم بالخطبة ترك الخطبة ، فإذا كان هؤلاء القوم يريدون أن يرجعوا إلى هذا الأخير وعدلوا عن الأول بعد أن عدل هو عن الخطبة فلا عليه شيء ، أي نعم .
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة ) . رواه أحمد وصححه الترمذي والحاكم ، ولكن في إسناده مقال ، وله شاهد .
13 - وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة ) . رواه أحمد وصححه الترمذي والحاكم ، ولكن في إسناده مقال ، وله شاهد . أستمع حفظ
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما ففرقت بينهما ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( أدركهما فارتجعهما ولا تبعهما إلا جميعاً ) . رواه أحمد ورجاله ثقات ، وقد صححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم و الطبراني وابن القطان .
هذان الحديثان موضوعهما واحد وهو : التفريق بين ذوي الرحم في البيع أيجوز أم لا ؟ وهذه الأحاديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (من فرَّق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته ) وهذا وعيد ، والوعيد يدل على التحريم ، وأن هذا من كبائر الذنوب .
مثال ذلك : رجل عنده أمة مملوكة ولها ولد مملوك ، وكيف يمكن أن يكون ولدها مملوكاً ؟ بأن يزوجها مِن عبد، أو من حر يعلم أنها مملوكة ، فإذا زوجها من عبد فأولادها مماليك لسيد العبد أو لسيد الأمة ؟ لسيد الأمة ، مماليك لسيد الأمة .
وإذا زوجها من حر وأخبره بأنها أمة ، فكذلك يكونون أولادها مماليك لسيدها .
المهم أن عنده والدة وولدها كلاهما رقيق فباع الوالدة دون الولد فإن ذلك لا يجوز والبيع حرام ، بل من كبائر الذنوب .
ولكن هل يقع البيع صحيحاً ؟ الجواب : لا ، يقع البيع فاسدا ويجب عليه أن يرده كما يدل على ذلك حديث علي رضي الله عنه ، وهو مقتضى القاعدة التي ذكرناها آنفا وهو : " أنه إذا عاد النهي إلى نفس العقد أو نفس العبادة فإنه لا يمكن أن يكون صحيحا للتضاد " ، لأن النهي يقتضي الفساد فكيف يصح المنهي عنه مع نهي الشارع عنه ؟ !
طيب ومن فوائد الحديثين : تحريم التفريق بين ذوي الرحم في البيع .
من الفوائد أيضاً : أن ذلك من كبائر الذنوب ، لوجود الوعيد على ذلك ، وكبائر الذنوب : " كل ما فيه وعيد خاص سواء كان هذا الوعيد بالنار أو الغضب أو اللعنة أو البراءة منه أو نفي الإيمان أو نفي الإسلام أو غير ذلك ، وكذلك كل ما فيه عقوبة خاصة من قبل الشرع في الدنيا فإنه من كبائر الذنوب " ، مثل الزنا واللواط وغيرها فكل ما فيه عقوبة خاصة في الدنيا أو وعيد في الآخرة بأي نوع من أنواع الوعيد فإنه من كبائر الذنوب ، وما ليس كذلك وإنما فيه النهي أو التحريم أو نفي الحل ، فإن ذلك ليس من كبائر الذنوب .
طيب، هل يقاس على الوالدة العمة والخالة ؟
الطالب : لا .
الشيخ : نعم إذا نظرنا إلى حديث علي قلنا : إنها تقاس العمة والخالة ، لأن فيه أيضا أي : حديث علي تحريم التفريق بين الأخوين .
وأخذ العلماء من هذا والذي قبله قاعدة وقالوا : " لا يجوز التفريق بين ذوي الرحم في البيع " .
طيب إذا قلنا : ما هو الضابط ؟ فالضابط أنه لو قُدر أن أحدهما ذكر لم يحل أن يتزوج الآخر لقرابته منه ، فإنه لا يجوز التفريق بينهما ، فالعمة وابن أخيها لا يجوز التفريق بينهما ، لأنه لا يحل التناكح بينهما ، وابن العم وابن عمه ها ؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : يجوز التفريق بينهما ، لماذا ؟ لأنه لو كان أحدهما أنثى لتزوجه الآخر لجاز أن يتزوجه الآخر .
أم وبنتها من الرضاع ؟ ها ؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : يجوز ، لأن العلة ليست الرحم ولكن الرضاع ، واضح ؟ طيب ، ما هي القاعدة الآن ؟ نعود إلى القاعدة فنقول : " كل مملوكين لو قُدِّر أن أحدهما ذكر لم يحل للآخر أن يتزوجه للقرابة فإنه لا يجوز التفريق بينهما " ، طيب فإن وقع التفريق فالواجب رد البيع كما يدل عليه حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
14 - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما ففرقت بينهما ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( أدركهما فارتجعهما ولا تبعهما إلا جميعاً ) . رواه أحمد ورجاله ثقات ، وقد صححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم و الطبراني وابن القطان . أستمع حفظ
فوائد حديث:( من فرق بين والدة وولدها ...)، وحديث:( علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما...).
رحمة الله عز وجل بعباده ، حيث حرم التفريق بين ذوي الرحم لأنه لا شك أنه يلحق ذوي الرحم بهذا التفريق من التعب والمشقة ولاسيما بين الأم وولدها ما لا يحتمل أحيانا ، فمن رحمة الله أن حرم التفريق بينهما .
ويستفاد من حديث علي : وجوب رد البيع إذا كان باطلا ، لقوله : ( أدركهما فارتجعهما ) ، وهكذا كل عقد باطل فإنه يجب أن يرد ، وكل فسخ باطل فيجب أن يرد .
العقود كثيرة والفسوخ مثل : الطلاق في الحيض ، فإن الطلاق أحل قيد النكاح ، فإذا وقع في الحيض وجب رده وإبطاله وعدم احتسابه ، وإذا بقيت المرأة ولم تُرد فإنها باقية في عصمة الزوج الذي طلقها ، لأن الطلاق في الحيض على القول الراجح غير واقع ، لأنه على خلاف أمر الله ورسوله .
طيب إذا قال قائل : إلى متى يكون هذا الحكم ؟ هل نقول : إن هذا الحكم يعني : يمتد إلى أن يملك أحدهما نفسه ، يعني إلى أن يكبر الصبي أو الصبية أو إلى ما لا نهاية له ؟
في هذا خلاف بين أهل العلم : فمنهم من أخذ بظاهر الحديثين وهو أنه لا فرق بين الصغير والكبير .
ومنهم من قال : إنه يفرق بين الصغير والكبير ، وأن حد ذلك أن ينفصل الصغير عن الكبير بحيث لا يحتاج إليه ، فإن الغلامين اللذين في حديث علي بن أبي طالب صغيران بلا شك ، لأن الكبير لا يقال له : غلام إلا من باب التجوز كأن يكون مملوكا فيقال : غلام وأمة أو عبد وأمة ، والأقرب التقييد ، لأنهما إذا انفصلا إذا انفصلا بعضهما عن بعض واستغنى بعضهما عن بعض فإن الرقة والرحمة التي تكون بينهما في الغالب تزول ، ولهذا لا تجد الرقة والحنان والرأفة الذي في قلب الأم لولدها في حال صغره مساوية لذلك فيما إذا كبر .
فنقول : متى كان هذا الغلام محتاجًا إلى أمه أو إلى أخيه أو إلى عمه أو ما أشبه ذلك ، والرقة والرأفة والحنان باقي ، فإنه لا يجوز التفريق ، وأما بعد البلوغ واستقلال كل واحد منهما بنفسه ، فإنه لا يحرم التفريق نعم .
طيب هذا التفريق في البيع خاصة أو حتى في العتق ؟
الطالب : العتق .
الشيخ : نعم ؟! الجواب : في البيع خاصة ، أما في العتق فيجوز أن يعتق الأم ويدع الولد أو يعتق الولد ويدع الأم لأنه لا ضرر في هذا ، إذ أن الحر يملك نفسه فإذا أعتقه فبإمكانه أن يرجع إلى أمه ويبقى معها لأنه ليس ملكا لأحد ، وهل يشمل الحديث التفريق بين الوالدة وولدها من البهائم ؟
نعم ؟
الطالب : نعم .
طالب آخر : لا يجوز .
الشيخ : قال بعض العلماء بذلك بالعموم ، وأنه لا يجوز أن يبيع السخلة دون أمها ، ولا أمَّ السلخة دون السخلة ، ولكن هذا فيه نظر .
إذًا نقول : لا تذبح الأم دون السخلة ولا السخلة دون الأم ، وهذا لا شك أنه خلاف ما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام .
والصواب : أن هذا خاص في بني آدم فقط ، وأما البهائم فلا بأس ، لكن يمنع من أن يذبحها مثلا أمام أمها .