تحت باب شروطه وما نهي عنه.
وعن عبدالله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه ممن يتخذه خمراً ، فقد تقحم النار على بصيرة ) . رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن .
( على بصيرة ) أي : على علم بالسبب الذي يوجب تقحمها ، ومراد الجملة ؟ أو المراد بالجملة : أن من فعل ذلك فقد أدخل نفسه في النار بسببٍ يعلم أنه سبب لدخول النار ، وذلك لأنه أعان على شرب الخمر ، والمعين على الإثم آثم إثم الفاعل كالحاضر ، فاعل الإثم يكون آثما إثم الفاعل ، كما قال الله تعالى : (( وقد نزَّل عليكم في الكتب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلهم )) .
2 - وعن عبدالله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه ممن يتخذه خمراً ، فقد تقحم النار على بصيرة ) . رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن . أستمع حفظ
فوائد حديث :( من حبس العنب أيام القطاف .... ).
الفائدة الأولى : أنه يحرم حبس العنب ليباع على من يتخذه خمرًا.
والثاني، الفائدة الثانية : أن ذلك من كبائر الذنوب ، وجهه أنه توعد عليه بالنار .
ومن فوائد الحديث : عِظم شرب الخمر والإعانة على شربها حيث جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من أسباب دخول النار ، والخمر كل ما خامر العقل أي : غطاه على سبيل اللذة والطرب ، فإن السكران -والعياذ بالله- يزول عقله يجيه خفة كأنما الدنيا عنده قطعة ورقة ، ويجد لذة ، ويجد نفسه في مقام الملوك والرؤساء فينسى همومه وغمومه ، لكن إذا زال السكر تراكمت عليه الهموم والغموم ، لأنه كالماء إذا حبسته ، إذا حبست الماء وقف ، لكن عندما تزول الحابس يندفع بقوة ، هكذا الهموم والغموم تقف عند السَّكَر لكن إذا زال السكر اندفعت اندفاعا مدهشا مؤذيا ، لا يمكن أن يقرَّ له قرار حتى يعود إلى شرب الخمر ، ولهذا قلَّ لمن شرب الخمر أن ينزع عنه -والعياذ بالله- إلا بإيمان قوي أو رادع قوي .
ومن فوائد الحديث : " أن للوسائل أحكام المقاصد " ، وجه ذلك أن هذا حبس العنب لغرض سيء ، هو مو بفاعل لكن يريد هذا الشيء ، وهذه القاعدة قاعدة متفق عليها ، وهي أصولية فقهية : " أن للوسائل أحكام المقاصد " : من فروعها أو من أجزائها في الواقع ، من أجزاء هذه القاعدة الكلية العامة : " أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب إليه ، وما كان سببا للحرام فهو حرام ، وما كان سببا للمكروه فهو مكروه " ، كل هذه الأجزاء داخلة في القاعدة العامة وهي : " الوسائل لها أحكام المقاصد " .
طيب ومن فوائد الحديث : عقوبة مَن أعان على فعل المحرم وإن لم يفعله ، لأن هذا الذي احتبسه ليبيعه لمن يتخذه خمرا لم يفعله لكنه أعان فالمعين على الإثم آثم .
ومن فوائده : أنه إذا كان هذا فيمن أعان على من يتخذ العنب خمرًا فما بالك بمن يشرب الخمر ؟ ! يكون أعظم ، ولهذا كان شارب الخمر ملعونا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، محروماً من شربها في الآخرة ، إما لأنه -والعياذ بالله- لا يتنعم بها في الجنة ، وإما أنها تؤدي إلى الكفر المانع من دخول الجنة ، ولهذا سُميت الخمرة أم الخبائث ومفتاح كل شر ، نعم .
طيب ويستفاد من هذا الحديث : أن من باع شيئا لغرضِ معصية فإن بيعه حرام ، وهذا هو الشاهد من الحديث : من باع شيئا لمن يتوصل به إلى معصية فالبيع حرام ، وهل يصح أو لا ؟ لا يصح البيع ، لأنه منهي عنه لذاته ، فالنهي متسلط على نفس البيع ، فإذا باع شيئاً لمن يتخذه لمحرم كان البيع حراماً ، وإن باعه لمن لا يتخذه لمحرم كان البيع حلالا ، ولهذا لو بعت العنب لمن يأكله ؟
الطالب : حلال .
الشيخ : فالبيع حلال ، لمن يتخذه خمرًا ؟
الطالب : حرام .
الشيخ : فالبيع حرام .
طيب بعت البيض لمن يأكله حلال ، لمن يقامر به ؟
الطالب : حرام .
الشيخ : حرام .
كيف يقامر بالبيض ؟
الشيخ : ها ؟
السائل : كيف يقامر به ؟
الشيخ : يقامر به ، يستعمله للقمار ، ها ! من الصور التي يستعمل فيها للقمار ما يفعله بعض الناس يقول : خذ هذه البيضة اكسرها عرضا أو طولا طولا ، فإن كسرتها طولا فلك مئة ريال وإن لم تكسرها فعليك مئة ريال ، هذا من جملة القمار التي تتخذ له البيض .
أفهمت ؟ يعني لو أعطاك واحد بيضة وقال لك : اسكرها طولا مهما كان ما تقدر إلا بحجر يمكن ، لكن بيديك ترص عليها ما يمكن ، لا يمكن أبدا نعم .
هل بيع الدخان حرام ؟ وهل يدخل في هذا الحديث ( من حبس العنب أيام القطاف ...) ؟
الشيخ : الدخان ويش فيه ؟
السائل : بيعه .
الشيخ : يعني بيع الدخان قصدك ؟
السائل : إي .
الشيخ : بس بيع الدخان محرم على كل حال ، ما هو هنا حرام .
السائل : داخل في هذا الحديث ؟
الشيخ : إي داخل في هذا الحديث نعم ، بيع الدخان داخل في هذا الحديث ، لكن الدخان ما ينقسم إلى حلال وحرام بل كله حرام ، لكن قصدنا أن الشيء قد يكون مباحا في حال فيصح بيعه ، محرما في حال فلا يصح بيعه .
السلاح إذا بعته لمن يقتل به المسلمين كان هذا حراماً ، لمن يقتل به الكفار ؟
السائل : حلالا .
الشيخ : كان بيعه حلالا ، بل قد يكون مندوبا ، واضح ؟ طيب .
مواصلة سرد فوائد حديث: ( من حبس العنب أيام القطاف .... ).
وهي أن المباح لذاته قد يكون محرمًا لغيره ، أو لا ؟! " أن المباح لذاته قد يكون محرما لغيره " ، فأصل البيع حلال لذاته ، لكن إذا قصد به المحرم صار حراما لغيره ، كما أن المباح يكون واجبا لغيره .
مثل لو لم يكن عندك ماء ، وحضرت الصلاة ، وأردت الوضوء ووجدت الماء يباع في الأسواق ، كان واجبا عليك أن تشتري الماء لتتوضأ به ، مع أنه لولا هذا لم يجب عليك أن تشتري الماء ، واضح ؟ قد يكون الشيء مسنونًا وهو في الأصل مباح ، كما لو اشترى الإنسان مسواكاً فأصل الشراء ؟
الطالب : مباح .
الشيخ : وإذا اشترى مسواكاً ليتسوك به صار سنة ، أو طيبا يتطيب به كان سنة ، وعلى هذا فقس .
المهم أن المباح كل مباح ممكن أن تجري فيه الأحكام الخمسة بحسب إيش ؟ بحسب النية والقصد ، إن قصدته لأمر حرام صار حراماً ، لأمر واجب صار واجباً ، لأمر مستحب صار كذلك لأمر مباح فهو مباح نعم طيب .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الخراج بالضمان ) . رواه الخمسة ، وضعفه البخاري وأبو داود ، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم وابن القطان .
يقول عليه الصلاة والسلام : ( الخراج بالضمان ) فما هو الخراج ؟ الخراج هو الغُنْم والكسب والربح وما أشبه ذلك، قال الله تعالى : (( أم تسئلهم خَرْجًا فخراج ربك خير وهو خير الرزقين )) ، فالخراج خراج الشيء يعني غُنمه وكسبه ونماءه وما أشبه ذلك ، فخراج الدابة مثلاً لبنها وصوفها وولدها ، وخراج النخلة ثمرتها وعَسيبها وفسيلها ، نعم وهلم جرّا ، خراج العبد كسبه ومنفعته وعلى هذا يطرد هذا الباب .
فالخراج : الغلة والنماء والكسب وما أشبه ذلك .
( بالضمان ) الباء : للبدلية ، أو للسببية ، ومعنى ( بالضمان ) أنه بدل عنه وسبب له ، والمعنى : أن كل من له خراج شيء فعليه ضمانه ، وليس كل من عليه ضمان شيء فله خراجه ، لأن الغاصب عليه الضمان وليس له الخراج ، لكن من له الخراج فعليه الضمان ولهذا قال الرسول : ( الخراج بالضمان ) ، ولو قلنا : الضمان بالخراج صح ولا لا ؟ ما صح ، لكن نقول : الخراج بالضمان ، فكل من له خراج شيء فعليه ضمانه .
طيب إذا قال قائل : مثل لنا ، نقول : المشتري ، المشتري عليه ضمان المبيع من حين العقد ، فيكون له خراجه من حين العقد ، يكون له خراجه من حين العقد ، أفهمتم زين ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب هذا رجل اشترى عبدا بعشرة آلاف ريال ، وبقي عنده أسبوعا كل يوم يدخل له مئة ريال ، كم دخل بالأسبوع ؟ سبعمئة ريال ، لما انتهى الأسبوع تبين أن في العبد عيبًا وأنه يسرق ، والسرقة في العبد عيب ، فأراد أن يرده فرده على البائع ، هل يرد معه سبعمئة ريال ؟
الطالب : لا ، ما يرد .
الشيخ : لا ، ما يرد ، السبعمئة نسميها إيش ؟ خراجًا ، فلا يردها ، لماذا ؟ لأن العبد لو تلف في هذه المدة سبعة الأيام لم يضمنه البائع ، يكون ضمانه على المشتري ، يهلك على نصيب المشتري إلا إذا ثبت أن البائع خادع له وكاتم للعيب فضمانه على البائع ، لأنه معتد ظالم .
المهم أن هذا مثالًا ، هذا المثال .
طيب المستأجر ، المستأجر المنفعة له وعليه الأجرة ، كل المنافع التي تفوت في زمن الإجارة لمن ؟
الطالب : للمشتري .
الشيخ : ما عندنا مشتري !!
الطالب : للمستأجر .
الشيخ : للمستأجر يعني لو أنه استأجر البيت لمدة سنة ، ولكنه ما سكنه سافر ولم يسكنه ، ثم تمت السنة وقال صاحب البيت : أعطني الأجرة ، قال : لا ، ما أعطيك الأجرة أنا ما سكنت فيه ولا يوم ، ماذا نقول ؟ نقول : إن المنافع فاتت على المستأجر .
الطالب : على المؤجر يا شيخ !
الشيخ : فاتت على المستأجر ، نعم ، أي : أن المستأجر يدفع الأجرة كاملة ، لأن المؤجر يقول له : هل منعتك ؟ المفتاح عندك ، وأنت الذي فوتَّ المنفعة على نفسك ، فأنت ضامن لأن الخراج لك ، المنفعة لك ما هي لي ، وأنت الذي فوتها على نفسك فعليك ضمانها .
طيب رجل وجد شاة وصار يَنشد عنها سنة كاملة ، في هذه السنة ولدت الشاة ، يعني نشأ بها ولد حمل وولدت ، وبعد السنة نشأ فيها ولد حمل فولدت ، فلمن يكون الولد الأول ، ولمن يكون الولد الثاني ؟ الأول لصاحبها ، والثاني للمنشد ، يعني لواجد اللقطة ، لأن الأول وُجد في حال ليس فيها الملتقط ضامنًا ليس ضامناً ، لأنها تفوت على ملك صاحبها ، بعد السنة يملكها ، فيكون نماؤها لمن ؟ يكون نماؤها له للملتقط ، طيب ومثل ذلك الإناء ، تعرفون الإناء ؟ الإناء معروف ؟ ها أي أحسنت ، هذا الإناء وجد إناءً وصار ينشد عنه لمدة سنة كاملة فلم يجد صاحبه ، لما تمت السنة صار ملكاً لمن ؟
الطالب : لواجده .
الشيخ : لواجده للملتقط طيب أجّره بعد السنة ، فلمن تكون الأجرة ؟
الطالب : له .
الشيخ : تكون الأجرة له ، لأنه لو تلف تلف على ملكه فصار خراجه بضمانه .
وهذا الحديث بنى عليه العلماء فروعا كثيرة وجعلوه قاعدة فقهية فقالوا : " مَن كان له الغُنم فعليه الغرم " ، وأحيانا يعللون بنفس الحديث يقول : " لأن الخراج بالضمان " طيب .
ساق المؤلف هذا الحديث في باب البيع ليتبين به أن الملك مدة الخيارين بل مدة الخيار مطلقا لمن ؟
الطالب : للمشتري .
الشيخ : للمشتري ، حتى لو رده بخياره فإن الملك مدة الخيارين له ، له النماء وله الكسب ، طيب مر علينا في الشفعة أن النماء المتصل إذا أخذ الشفيع بالشفعة يكون لمن ؟
الطالب : للمشتري !
طالب آخر : على المذهب ؟
الشيخ : على المذهب .
الطالب : على المذهب المشتري .
الشيخ : الله الله ، مالنا إلا يوم الثلاثاء ... .
الطالب : المشتري إذا منفصل .
الشيخ : طيب ، المنفصل للمشتري ، والمتصل ، أنا أقول ، قلت : المتصل ، على المذهب للشفيع ، ورجحنا أنه للمشتري ، هذا الحديث يدل على أيهما ؟ على القول الراجح أو المرجوح ؟
الطالب : الراجح .
الشيخ : على الراجح ، لأن المشتري له الخراج فعليه الضمان ، المشتري لو أنه تلف في هذه الحال من يضمنه ؟ يكون على ملكه ، وإذا فات عليه فله غنمه الله أكبر !! نقول : الغرم عليك والغنم ما لك شيء ، فلهذا كان القول الراجح كما سبق أنه أي : النماء المتصل يكون للمشتري كالنماء المنفصل ، نعم ، انتهى الوقت نعم .
7 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الخراج بالضمان ) . رواه الخمسة ، وضعفه البخاري وأبو داود ، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم وابن القطان . أستمع حفظ
مناقشة ما سبق أخذه.
الطالب : نعم ، قوله عليه الصلاة والسلام : ( مَن حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه ممن يتخذه خمرًا ) فاتخاذ العنب وسيلة للخمر .
الشيخ : وسيلة لاتخاذه خمرًا ، فتوعد الرسول عليه الصلاة والسلام عليه بهذا الوعيد ، توعده بهذا الوعيد يدل على أن الوسائل لها أحكام المقاصد ، طيب .
وفيما سبق لنا أيضا من الحديث دليل ، أو ما يفيد على أن من له غنم الشيء فعليه غرمه ، نعم ؟ يلا محمد ، أنت !
الطالب : نعم ، يفيده قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الخراج بالضمان ) .
الشيخ : إيش معنى الحديث ؟
الطالب : أن كل شيء فيه منفعة .
الشيخ : كل من له غُنم الشيء وخراجه فعليه ؟
الطالب : غرمه .
الشيخ : ضمانه ، غرمه يعني ضمانه كذا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب لماذا أتى المؤلف بهذا الحديث في هذا الباب ؟
الطالب : في هذا الباب ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : في باب البيع ؟
الشيخ : إي نعم .
الطالب : إذا كان في مدة الخيار أن يرد السلعة ويكون له خراجه .
الشيخ : خطأ .
الطالب : ليبين للمشتري أن له الملك في الخيار .
الشيخ : إيش ؟
الطالب : يبين أن للمشتري الملك في الخيار .
الشيخ : ليبين أن المشتري ؟
الطالب : أن الملك للمشتري .
الشيخ : أن ؟! أن الملك للمشتري في زمن الخيارين ، نعم !
الطالب : أنا ؟
الشيخ : إي أنت !
الطالب : يعني أن في أيام الخيار ، الأشياء التي يأتي بها المبيع فهو للمشتري وإذا تلف فهو ضامن .
الشيخ : آه .
الطالب : المؤلف في هذا الحديث يبين أن ما نتج من أشياء من المبيع منفصلة ومتصلة هي للمشتري ، لأنها هي الخراج ، وكذلك يبين أن ما فسد فعليه ، لأن من له الخراج فعليه ، أن من له منفعة فعليه الغرم .
الشيخ : أن من له الغنم فعليه الغرم ، كذا والملك مدة الخيارين للمشتري فله الغنم وعليه الغرم .
طيب ما يحصل من النماء يا غانم زمن الخيارين فلمن ؟
الطالب : للمشتري .
الشيخ : أي إذا حصل نماء متصل أو منفضل سواء ؟
الطالب : نعم سواء ، منفصل أو متصل .
الشيخ : فهو ؟
الطالب : للمشتري .
الشيخ : للمشتري ، طيب إذا كان متصلا كيف يكون للمشتري ؟
الطالب : نعم ؟
الشيخ : إذا كان متصلا كثمن الجارية آه كثمن البهيمة ، فكيف يكون للمشتري ؟
الطالب : بالقيمة .
الشيخ : يعني يقوم للمشتري ؟
الطالب : يقوم البضاعة ، سلعة تقوم قبل .
الشيخ : اشترى شاة فسمنت ، ثم بان فيها عيبا فردها !
الطالب : يكون النماء له ، تقوَّم .
الشيخ : تقوم الشاة .
الطالب : قبل أن تسمن .
الشيخ : صح ، فما بين القيمتين فهو للمشتري ، طيب .
وعن عروة البارقي رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به أضحية أو شاة ، فاشترى به شاتين فباع إحداهما بدينار ، فأتاه بشاة و دينار ، فدعا له بالبركة في بيعه ، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه . رواه الخمسة إلا النسائي ، وقد أخرجه البخاري في ضمن حديث ولم يسق لفظه ، وأورد له الترمذي شاهداً من حديث حكيم بن حزام .
طيب ، يقول هذا الحديث يقول : إن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى عروة البارقي دينارًا ليشتري به أضحية ، أو قال : ( ليشتري به شاة ) ، ولا منافاة بين اللفظين ، فإنه أعطاه ليشتري به شاة للأضحية ، ويكون بعض الرواة اقتصر على أحد اللفظين ، وإلا فإنه أعطاه دينارا ليشتري به شاة ليضحي بها فاشترى رضي الله عنه شاتين بالدينار الواحد ، ثم باع إحداهما بدينار ، ثم رجع بشاة ودينار ، فربح النبي عليه الصلاة والسلام شاة ولم يخسر شيئاً ، أليس كذلك ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة في بيعه مكافأة له على إحسانه ، لأن هذا الرجل أحسن التصرف ، اشترى شاتين بدينار وباع شاة واحدة بدينار ، ( فدعا له بالبركة ) : مكافأة له على إحسانه ، فقبل الله دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ، ( فكان هذا الرجل لو اشترى ترابا لربح فيه ) .
وقوله : ( ترابًا ) يعني لو اشترى شيئا لا قيمة له ، لأن التراب لا قيمة له لربح فيه ، وذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم .
وذكر المؤلف هذا الحديث في كتاب البيع لأنه يتضمن بيعا وتوكيلا في البيع ، ويتضمن أشياء عديدة من البيوع تذكر في الفوائد إن شاء الله ، وأظن هذا الحديث واضح المعنى ، نعم .
9 - وعن عروة البارقي رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به أضحية أو شاة ، فاشترى به شاتين فباع إحداهما بدينار ، فأتاه بشاة و دينار ، فدعا له بالبركة في بيعه ، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه . رواه الخمسة إلا النسائي ، وقد أخرجه البخاري في ضمن حديث ولم يسق لفظه ، وأورد له الترمذي شاهداً من حديث حكيم بن حزام . أستمع حفظ
فوائد حديث: ( عروة البارقي رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به أضحية أو شاة ... ).
الفائدة الأولى : جواز التوكيل في البيع والشراء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وكل عروة البارقي .
ويتفرع على هذه الفائدة : أن التوكيل لا ينافي الإخلاص ولا التوحيد ، التوكيل لا ينافي الإخلاص ولا التوحيد ، مع أن الموكِّل في قلبه نوع من الاعتماد على على الوكيل ، أليس كذلك ؟ لكن هذا الاعتماد ليس اعتماد افتقار ، وإنما هو اعتماد سلطة إذا كان الوكيل يتوكل بالأجرة ، لأن المعروف والفضل فيما إذا كان الوكيل يتوكل بالأجرة لمن ؟
الطالب : للموكل .
الشيخ : للموكل على الوكيل فهو يرى أنه معه ذو سلطة ، لا يرى أنه يعتمد عليه اعتماد افتقار ، وإن كان محسنا -أعني الوكيل- متبرعًا فإن الموكل لا يعتمد عليه اعتماد افتقار ولا اعتماد سبب مستقل ، وحينئذ فلا ينافي التوكل على الله عز وجل ، ولا يمكن أن ينافي التوكل وقد وقع من النبي صلى الله عليه وسلم سيد المخلصين عليه الصلاة والسلام .
ومن فوائد الحديث أيضًا : جواز التوكيل في شراء الأضحية ، وهو كذلك ، طيب من أين يؤخذ ؟
الطالب : أنه وكله .
الشيخ : من أنه وكله ليشتري به أضحية ، وهل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية ؟ الجواب : نعم يجوز أن يوكل شخصا ليذبح أضحيته كما وكل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن يذبح له هديه .
ومن فوائد الحديث : جواز تصرف الوكيل فيما فيه نفع للموكِّل ، لماذا يا هداية الله ؟
الطالب : لأنه ما يُخسر نفسه .
الشيخ : جواز التوكيل فيما فيه نفع للموكِّل ، أو جواز تصرف الوكيل فيما فيه نفع للموكل وإن لم يأمره به ها ؟
الطالب : الحديث هذا .
الشيخ : هذا الحديث إيش فيه ؟
الطالب : هذا ما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن فعله .
الشيخ : ها ، أي نعم .
الطالب : إقراره ، أنه أقره .
طالب آخر : أنه أعطاه دينار فاشترى به شاة ، فباع الشاة بدينارين واشترى أخرى بدينار .
الشيخ : أعطاه دينارا ليشتري شاة فاشترى شاتين ، هذا تصرف لم يأذن به الموكِّل أليس كذلك ؟ لكنه مِن مصلحة الموكل ، فإذا قال قائل : هل هاتان الشاتان في مقابلة شاة لأنهما ضعيفان أو لأنهما ضعيفتان ؟ الجواب : هذا بعيد ، والظاهر أن عروة رضي الله عنه يسر الله له شخصًا محتاجًا فباع عليه هاتين الشاتين مع أن كل واحدة منهما تساوي ديناراً ، بدليل أنه باع واحدة بدينار ، هذا هو الأقرب ، وليس في هذا غبناً حتى يقال : إن في ذلك دليلا على جواز غبن الإنسان بنصف القيمة أو أكثر ، لأن الظاهر أنه اشتراها من شخص يحب أن يمشي وأن يبيع بأي ثمن .
ومن فوائد الحديث : جواز تصرف الفضولي ، فما هو تصرف الفضولي ؟ تصرف الإنسان في ملك غيره بدون إذنه ، فإذا أجازه صح التصرف ، مِن أين يؤخذ ؟ مِن أن عروة تصرف واشترى شاتين وباع واحدة فخالف في الشراء وخالف في البيع .
كان عليه في الشراء أن يشتري شاة واحدة بنصف دينار ، ما دام وجد شاتين بدينار إذًا الواحدة تساوي نصف دينار ، فلو تقيد بالوكالة لاشترى واحدة بنصف دينار ، لكنه رضي الله عنه ترخصهما ورآهما رخيصتين فاشترى شاتين ، والظاهر أن من نيته أن يبيع إحدى الشاتين .
طيب إذًا فيه تصرف الفضولي ، جواز تصرف الفضولي وأنه نافذ إذا أُجيز، ويش معنى أجيز ؟ أي : وافق من تصرف له على هذا التصرف ، فإن لم يوافق لم يصح ، فلو أن شخصًا باع سيارة شخص على آخر اعتبارًا بالمصلحة وانتهازًا للفرصة ، ثم أخبر صاحب السيارة بأنه باع سيارته فقال : جزاك الله خيرًا أنا موافق ، فالبيع صحيح يا أحمد ، البيع صحيح ، ودليله هذا الحديث . طيب فإن قال : لا آذن ولا أرضى ، فالبيع غير صحيح ، وترد السيارة ويأخذ المشتري ثمنها .
فإذا ادعى المشتري أن صاحب السيارة قد وكَّل البائع ، فإننا نقول له : أقم بينة وإلا فالأصل أنه لم يأذن له .
طيب ، وهذا الصحيح من أقوال أهل العلم : " أن تصرف الفضولي نافذ إذا أُجيز ، فإن لم يجز فسد ".
وقال بعض العلماء : إن تصرف الفضولي فاسد لا يصح حتى لو أُجيز ، لأن العبرة بالعقد وهو حين العقد ليس وكيلا ولا مأذونا له ، فإذا لم يكن وكيلا ولا مأذونا له فقد وقع التصرف من غير أهله لأنه ليس من مالك ولا ممن يقوم مقام المالك ، فصار باطلا ، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- ، ولا يجيزون تصرف الفضولي إلا في بعض الأحوال للضرورة كالتصرف في مال المفقود فيبين بعد ذلك أنه حي .
طيب ، ولكن أيما أولى أن نقدم الأثر أو نقدم النظر ؟
الأثر ، لأن الأثر حاكم على النظر ، ولا عكس ، على أنه يمكن أن نقول : إن النظر يؤيد الأثر ، كيف ذلك ؟ لأن منع الإنسان من التصرف في مال غيره إنما هو حماية لحقوق الغير ، ومنعًا للفوضى ، وتصرف الناس بعضهم في مال بعض ، فإذا أذن فقد زالت هذه العلة ، وحينئذ يكون النظر مطابقًا للأثر .
وهذا هو المعلوم في جميع الأحكام الشرعية ، أنها موافقة للنظر ، لكن للنظر الصحيح المبني على التروي والتأني ، دون النظر السطحي ، فإن النظر السطحي قد يتوهم الإنسان به مخالفة الحكم الشرعي للمعقول ، ولهذا روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : ( لو كان الدين بالرأي لكان أسفلُ الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح أعلى الخفين ) كيف ؟ لأن بادئ الرأي ذي بدء ، أو ذا بدء ، لأن بادئ الرأي ذا بدء : أن يكون الأسفل أولى بالتطهير من الأعلى ، لأن الأسفل هو الذي يلاقي النجاسة والأوساخ ، ولكن نحن نقول : إن الرأي الصحيح المبني على التأني يدل على موافقة الحكم الشرعي ، أو موافق للحكم الشرعي ويدل على صحة الحكم الشرعي ويشهد له بالاعتبار ،كيف ذلك ؟ لأن هذا المسح لا يعطي تنظيفاً ، وإنما هو مجرد تعبد لله عز وجل ، ولو أننا مسحنا أسفل الخف لزدناه تلويثا بهذا المسح ، لأنه لن يتطهر به ، أليس كذلك ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : وتلوثت اليد ، وبهذا نعرف أن الدين موافق للرأي ، لكن أي رأي يوافقه ؟
الطالب : الصحيح .
الشيخ : الرأي الصحيح المبني على التأني ، وحينئذ نقول : إن تنفيذ تصرف الفضولي عند الإجازة ها جائز ، موافق أيضًا موافق للنظر الصحيح والقياس ، وقول هؤلاء : إن التصرف وقع من غير أهله لأنه ليس بمالك ولا قائم مقام المالك ! نقول : نعم هو كذلك ، لكن المالك أجازه ، والأصل في منع صحة التصرف من غير المالك أو من يقوم مقامه : أن ذلك لحماية أموال الناس وعدم الاعتداء عليها ، فإذا وافق صاحب المال فما المانع ؟!
إذًا نقول : هذا الحديث واضح أنه يدل على صحة تصرف الفضولي ، وهو الصحيح من أقوال أهل العلم .
ومن فوائد الحديث : جواز بيع الأضحية بعد التعيين ، هكذا استدل به بعض العلماء ، ولكن هل فيه دليل ؟! ليس فيه دليل ، لأن عروة رضي الله عنه إن كان عالما بأن الرسول عليه الصلاة والسلام يريدها أضحية فليس له حق التعيين ، ثم نقول : إن عروة لم يعين كلتا الشاتين ، لماذا ؟
لأنه يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يضحي بواحدة ، فلا يمكن أن يعين كلتا الشاتين ، بل هو عين واحدة قطعاً إن كان قد عين ، واضح ؟ نعم ، هو لم يعين وإن فرض أنه عين فلن يعين أكثر من واحدة .
ومن المعلوم أنه إذا عين واحدة من هاتين الشاتين لتكون أضحية واختارها فلن يبيع الذي عين ، وسيبيع غير المعينة ، واضح يا محمد؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب ، انتبهوا وحينئذ لا يكون في هذا الحديث دليل على جواز بيع الأضحية المعينة ، إذًا نفهم أن الأضحية المعينة لا يجوز بيعها ، وهو كذلك : لا يجوز أن يبيع الإنسان الأضحية بعد التعيين ، فإذا قال : هذه أضحية عني وعن أهل بيتي ، صارت كالمنذور ذبحها لا يجوز أن يبيعها ، وهل يجوز أن يبدلها بخير منها ؟ الصحيح : أنه يجوز أن يبدلها بخير منها ، ودليل ذلك : ( أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ، فقال : يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي ركعتين في بيت المقدس فقال : صل ها هنا ، فأعاد عليه فقال : صل هاهنا ، فأعاد عليه ، فقال : شأنك إذًا ) ، فأباح له الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدع المعيَّن بالنّذر إلى ما هو أفضل منه ، فدل ذلك على أن نقل الإنسان الشيء الذي أخرجه لله إلى ما هو أنفع وأفضل جائز .
وينبني على هذا ما ذكرناه من إبدال الشاة المعينة أضحية بخير منها .
وكذلك أيضا ينبني عليه جواز إبدال الوقف -الشيء الموقوف- بخير منه ، فلو أني وقفت مسجدا وصلى الناس فيه أذن المؤذن وأقاموا والإمام صلى وصلى الناس ، ثم إننا رأينا موقعا أحسن منه وأنفع للحي فنقلناه إليه ، فهل يجوز ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم يجوز ، المسجد الأول ماذا يكون بعد نقله ؟ ها يصير ملكا يصير ملكا ، يجوز أن يقطعه حُجرًا يسكن فيها ، أو دكاكين يؤجّرها أو يهدمه ويجعلها مواقف ، لأنه الآن لما أبدل بغيره انتقل الحكم من هذا المكان إلى المكان الجديد .
طيب من فوائد الحديث : أنه ينبغي للإنسان مكافأة من أحسن إليه وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لهذا الرجل أن يبارك الله له في بيعه ، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ) ، وهذا كما أنه من أوامر الشرع فهو من الأخلاق النبيلة الفاضلة ، كثير من الناس تحسن إليه ولا تجد منهم مكافأة ، ولا بطلاقة الوجه ، يمكن يعبس في وجهك لا تسمعه يقول : جزاك الله خيرا ، ولا ينشرح صدره لإحسانك ، والإنسان المحسن وإن كان مخلصا لله لا يريد منهم جزاء ولا شكورا لكن لا شك أن من الأدب أن تكافئ من صنع إليك معروفا .
لو أن رجلا تصدق على فقير ، جاءه فقير يقول : أنا علي دين كثر ، فأعطاه مئة ريال قال : ما تعطني إلا مئة الله لا يكثر خيرك ، نعم ، إي نعم يصير هذا يصير ثم اكفهر في وجهه وألقى بالمئة ، نعم هل هذا موافق للشرع ولا مخالف ؟ مخالف للشرع ، كان الذي ينبغي له أن يقول : جزاك الله خيرا ، ويأخذ المئة ينتفع بها ، إذا كان عليه عشرة ملايين ريال ها الآن صار عليه عشرة إلا مئة ، إذا كان صادقا ، والعامة يقولون : " القطر مع القطر يأتي غدير " ، والشاعر يقول :
" لا تحقرن صغيرة *** إن الجبال من الحصى " .
لكن أقول : إن بعض الناس حرم هذا الأدب والخلق النبيل الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله ، ( من صنع إليكم معروفا فكافئوه ) هذا قول ، كونه يدعو لعروة البارقي هذا فعل ، كافأه بالفعل .
ومن فوائد الحديث : حدوث آية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ها ؟
إجابة الدعاء ، حتى إن هذا الرجل لو اشترى ترابا والتراب لا قيمة له ولا أحد يهتم به لربح فيه .
طيب ، ومواضع إجابة دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام كثيرة ، وكلها تأييد لرسالته عليه الصلاة والسلام ، وإذا وقع مثل هذا لمتبع الرسول عليه الصلاة والسلام سميناه كرامة لمن وقع له ومعجزة أو آية للرسول عليه الصلاة والسلام ، سميناه كرامة بالنسبة لمن وقع له ، وآية بالنسبة للمتبوع ، لأن إظهار هذه الكرامة لمتبع الرسول صلى الله عليه وسلم شهادة من الله أن هذا على حق فيكون متبوعة أيضًا على حق .
ومن فوائد الحديث : أن المكافأة تكون من جنس المكافأ عليه ، من أين يؤخذ ؟ دعا له في بيعه ، في بيعه ، لأن الذي وقع منه إسداء معروف في بيعه ، فينبغي أن تكون المكافأة من جنس الإحسان ، إلا إذا رأى الإنسان أنه لا يليق أن يعطيه من جنس إحسانه ، أو أن يخشى ، أو خشي أن يظن الفاعل للمعروف أن هذا رد لمعروفه ، فهنا ينبغي أن يكافئه من جنس آخر .
مثال ذلك : رجل أهدى إليك بمناسبة ظهور أول الرطب ، أهدى إليك ويش تقول ؟ فصل من الرطب ، فأهديت أنت إليه كافأته بسطل من الرطب مثل رطبه ، ويش يكون هذا ؟
الطالب : ما يليق .
الشيخ : هذا شبه أن يكون ردا ، لكن أهدى عليه مثلا سطلا من العنب نعم يعرف أن هذا من باب المكافأة ، المهم إنه ينبغي للإنسان في مثل هذه الأحوال أن يحرص غاية الحرص على ألا يخدش المهدي إليه أو المحسن إليه بحيث يَشعر أن هذا رد لجميله ، نعم ثم قال المؤلف -رحمه الله- نعم .
الطالب : في هذا جواز بيع المكسب كالنصف .
الشيخ : إي ، طيب هذه فائدة أيضًا يستفاد من ذلك : أن الربح لا يحدد الربح لا يحدد ، فيجوز للإنسان أن يربح الربع أو الخمس أو العشر أو الأكثر لكن بشرط ألا يكون في ذلك غبن ، فإن كان عن طريق الغبن فإنه يحرم ما زاد على العادة ، وأما إذا كان عن طريق الكسب أي : أن السوق زادت أقيام السلع فيه أو أن البائع الأول قد حاباه ، أو أن المشتري الثاني قد حاباه ، فإن هذا لا بأس به ، قد يكون البائع الأول يعرف أن هذه السلعة تساوي مثلا عشرين ، فباعها عليك بعشرة ، إذا بعتها بثمن المثل بكم تبيعها ؟ آه بعشرين أو أكثر ، هذا لا يضر لأن الأول حاباك .
أو أن يكون المشتري الثاني الذي اشترى منك يعرف أن قيمتها عشرة لكن أراد أن ينفعك فاشتراه بعشرين هذا أيضا لا بأس به ، وإن كان السلع في الأسواق يعني لم يحصل منها زيادة .
الحاصل لنا : أن في هذا الحديث كما قال الأخ غانم : دليلا على أنه لا تحديد لإيش ؟ للربح .
طيب فإذا قال قائل : إذًا لو اتفق أهل السوق على أن يجعلوا ما يساوي مئة بثلاثمئة ، يجوز ؟
الطالب : لا يجوز .
الشيخ : لا يجوز هذا احتكار ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحتكر إلا خاطئ ).
10 - فوائد حديث: ( عروة البارقي رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به أضحية أو شاة ... ). أستمع حفظ
هل يؤخذ من حديث عروة البارقي أن من أعطاك مالا لتشتري له شيئا ثم بقي مال فاضل وجب عليك أن ترجعه له ؟
الطالب : لو في تاجر .
الشيخ : نعم .
الطالب : مثلا إذا أعطاك مالا لتشتري به شيئا معين فاشتريت به شيئا معين وبقي لك مال ، فلا يجوز لك أن تأخذ هذا الباقي بل ترجعه لصاحبه .
الشيخ : سمعتم ما يقول ؟
الطالب : لا .
الشيخ : يقول : فيه دليل على أن الإنسان إذا أعطاك مالا لتشتري به حاجة معينة فاشتريتها بأقل فإنه يجب عليك أن ترد الباقي ، لأن عروة رد الدينار مع أنه اشترى الشاة التي يريدها الرسول عليه الصلاة والسلام أن يضحي بها ، وهذا نعم صحيح أن الإنسان لو أعطاك مالا تشتري به حاجة معينة واشتريتها بأقل مما أعطاك وجب عليك أن ترد الباقي .
طيب ولو قال : خذ هذه السلعة بعها بمئة فبعتها بمئة وعشرين ، فهل يجب عليك أن تعطيه مئة وعشرين أو تقول : هو قال : بعها بمئة والعشرون تكون لي ؟
الطالب : الأول .
الشيخ : الأول ؟ أي نعم ، الأول ، لأنه قد يكون البائع يحدد الثمن ظنا منه أنها لن تزيد عليه فيكون السوق قد أخلف ، أو يأتي إنسان محتاج ولا يهمه أن يزيد عليه الثمن .
ولكن لو قال : بع هذه بمئة وما زاد فلك ، فهذا جائز ولا غير جائز ؟
الطالب : جائز .
الشيخ : جائز ، لكن قد يقول المشتري : ليش يزود علي صاحبها يقول : بعها مئة وما زاد لك ، فالجواب : أن يقال : إن صاحبها لم يقل لا تبعها بأزيد ، ما نهاه أن يبيعها بأزيد ، وهو قال : بعها بمئة وما زاد فلك وهذا يدل على أنه يتوقع إيش ؟ الزيادة ، وهذا لا بأس به ، أقول : لا بأس أن يقول : بعها بمئة وما زاد فلك ، ولا يقال : إن هذا مجهول ، لأنه قد يبيعها بمئة وعشرين أو بمئة خمسين أو بمئتين ، نقول : لأن المالك قد علم الثمن الذي قدره فلا يريد أكثر من ذلك ، نعم ؟
الطالب : يا شيخ تصرف الفضولي .
الشيخ : ها ؟
الطالب : الذين يمنعون تصرف الفضولي كيف يجيبوا عن هذا الحديث ؟
الشيخ : لا ، هم يجيبوا إما بضعفه على رأي من ضعفه ، وإما بأن هذا خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام ، كما يلجأ إليه بعض الناس ، إذا ضاقت به الحيل ادعى الخصوصية .
11 - هل يؤخذ من حديث عروة البارقي أن من أعطاك مالا لتشتري له شيئا ثم بقي مال فاضل وجب عليك أن ترجعه له ؟ أستمع حفظ
سؤال عن حكم الخطبة للغير ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : أقول يا شيخ بالنسبة لتصرف الفضولي ، يجوز للإنسان أن يتصرف مثلا في أمور خاصة ؟
الشيخ : ها ؟ كيف ؟
السائل : مثل الخطبة الخطبة ، يذهب إنسان إلى بيت يقول : أريد أن أخطب ابنتكم للشخص الفلاني ، هل يجوز أن يتصرف هذا التصرف ؟
الشيخ : طيب ، جزاه الله خير .
السائل : بدون علم المخطوب له !
الشيخ : بدون علم من المخطوب له ؟
السائل : إي نعم .
الشيخ : طيب ويذهب إليه يقول : أنا خطبت لك فلانة ، ما فيه شيء ، لكن هذا فيه مشكلة لو يرفض المخطوب له يصير فيه انكسار للمخطوبة وأهلها ؟
السائل : بلى .
الشيخ : ها ، إي هذا مشكلة ، ولهذا ينبغي ألا يتقدم في مثل هذا العمل إلا بعد أن يأخذ رأي المخطوب له .
سؤال عن إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لعروة ؟
الشيخ : بلى .
الطالب : يعني الذي منع إيش وجهه ؟
الشيخ : ما ذكرناه لكم ؟
الطالب : الخصوصية .
الشيخ : يعني ماذا أجابوا على الحديث ؟
الطالب : أي نعم .
الشيخ : أجابوا عنه بأحد أمرين : إما بأنه ضعيف ، كما ضعفه البخاري وأبو داود .
الطالب : البخاري ما ضعفه !
الشيخ : كيف ؟ ما هو عندك ؟
الطالب : هو الأول يا شيخ .
الشيخ : نعم ؟ إي ، الأول : ( الخراج بالضمان ) لكن عندكم في الشرح معكم * سبل السلام * شوف ؟!
الطالب : " وقد أخرجه البخاري ضمن حديث ، ولم يسق لفظه ، وأورد له الترمذي شاهدا من حديث حكيم بن حزام ، الحديث في إسناده سعيد بن زيد أخو حماد مختلف فيه ، قال المنذري والنووي : إسناده حسن صحيح وفيه كلام كثير وقال المصنف : الصواب أنه متصل في إسناده مبهم ، وفي الحديث دلالة على أن عروة " .
الشيخ : أي نعم ، وبعضهم ضعفه ، وبعضهم قال : إن هذا من خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام .
الطالب : لو من خصائص الرسول أخبر .
الشيخ : ما في شك ، لكن بعض الناس يعني إذا ضافقت بهم الحيل قال : هذا من الخصائص أو هذا منسوخ أو ما أشبه ذلك ، إنما القول الصحيح أنه جائز .
السائل : شيخ الإنسان إذا ، يجب عليه إذا وكل له أن يشتري له شيئا ما وزاد معه شي ، الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمره يعني بأن يرده !
الشيخ : لم ؟
الطالب : الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل له : هات الباقي ، ثم يعني الدعاء له يدل على أنه يعني هذا إحسان ، يدل على أنه إحسان منه .
الشيخ : طيب لكن المال لمن ؟
الطالب : كيف ؟
الشيخ : المال لمن ؟
الطالب : المال للنبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : وربحه ؟
الطالب : ربحه للنبي صلى الله عليه وسلم ، لكن الرجل هذا .
الشيخ : طيب .
الطالب : بشطارته ربح المال .
الشيخ : ما يخالف لكن ما هو ربح المال لمالكه ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : كما يجب رد الأصل يجب رد الربح ، ولو كان الرسول لا يستحقه لقال : ليس لي ، فإذا ثبت أنه يستحقه وجب رده عليه ، واضح ؟ نعم .
الطالب : شيخ اشتريت ثوب من راعي محل ، قال : يعني إن الثوب بمئتين وتسعين ، فأعطيته ثلاث مئة ، أرجع لي يعني أربعين ريال ، يعني سبعين ريال وأنا أعلم أنه يربح أكثر من مئة ريال مثلا في الثوب ، فهل يحق لي أن آخذ الربح ؟
الشيخ : لا لا ، لا ما يحل ، لأن البيع ما هو بتسعين ، لازم تقيد نعم .
هل يستدل من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بالشاة ؟
الشيخ : لكن الشاة في اللغة العربية أعم من الأنثى .
السائل : يعني تشمل ؟
الشيخ : إي .
مناقشة ما سبق أخذه.
سبق لنا ما يدل على جواز التوكيل في شراء الأضاحي !
الطالب : يؤخذ من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أعطى عروة دينار ليشتري به أضحية أو شاة .
الشيخ : نعم ، وسبق لنا أيضا ما يدل على أن التوكيل فيما يصح التوكيل فيه لا ينافي كمال التوكل ، نعم فهد ؟!
الطالب : لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله وهو سيد المتوكلين ، ولو كان هذا ينافي التوكل لما وكل .
الشيخ : أحسنت ، طيب وسبق لنا ما يدل على القول الراجح من أقوال أهل العلم وهو : جواز أو نفوذ تصرف الفضولي إذا أذن فيه من تصرف له ؟
الطالب : أن عروة البارقي اشترى للنبي صلى الله عليه وسلم شاتين ، ولم يطلب منه النبي صلى الله عليه وسلم هذا .
الشيخ : اشترى شاتين وباع واحدة أيضا ، تصرف في الشراء وفي البيع كذا ؟ فأقره النبي صلى الله عليه وسلم .
وسبق لنا أنه ينبغي لمن أسدى إليك معروفا أن تكافئه ، من أين تؤخذ يا إبراهيم ؟
الطالب : من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعروة .
الشيخ : بإيش ؟
الطالب : بالبركة بالبيع ، دعاء من جنس العمل .
الشيخ : بالبركة في بيعه .
طيب أيهما أولى يا إبراهيم أن تقول لمن صنع إليك معروفا : مشكور ، أو تقول : جزاك الله خيرا ؟
الطالب : أن تقول : جزاك الله خيرا .
الشيخ : أحسنت ، طيب يلا يا نصر ، وسبق لنا ما يدل على آية من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ ها ؟
الطالب : النبي صلى الله عليه وسلم دعا لعروة بالبركة .
الشيخ : في ، في البركة في إيش ؟
الطالب : في البيع .
الشيخ : في بيعه .
الطالب : في بيعه ، وكان إذا باع ترابا كسب .
الشيخ : إيش ؟
الطالب : وكان إذا باع ترابا ربح فيه .
الشيخ : لو اشترى ترابا لربح فيه .
طيب هل يدخل تصرف الفضولي يا غانم في العبادات أو لا يدخل ؟ يعني بمعنى لو أن إنسان يعلم أن فلانا عليه زكاة ، وجاءه شخص يجبي الزكاة لمستحقيها فأعطاه بنية أنها عن فلان ، ثم أخبره فقال : جزاك الله خيرا ، وأجازه !
الطالب : يدخل .
الشيخ : يدخل ، التوكل في العبادات ؟
الطالب : إي .
الشيخ : طيب ، عندك سؤال يا عبد الرحمن بن داود ؟
الطالب : إي سؤال .
الشيخ : كل الأصل في تصرف الفضولي كله فيه خلاف .
الطالب : لا لا هذه زيادة .
الشيخ : يعني حتى على قول بجواز تصرف الفضولي ففي العبادات خلاف أيضا طيب .
الطالب : لأنها تفتقر إلى نية .
الشيخ : لأن العبادات تفتقر إلى نية ، إلى نية عند فعلها ، وهذا لم ينو ، ولكن الصحيح أنها تجوز ، إذا جازها .
ولهذا قال العلماء : لو أن رجلا ذبح أضحية شخص معينة ثم أجازه فإن الأضحية تقع موقعها .
وأورد له الترمذي شاهداً من حديث حكيم بن حزام .
أورد له شاهدا : الشاهد معناه ما يدل على معنى الحديث ، المراد بالشاهد ما يدل على معنى الحديث ، وللعلماء حول هذا الموضوع -علماء المصطلح- ثلاثة أشياء : اعتبار ، وشاهد ، ومتابعة ، كلها تتعلق في تقوية الأحاديث بعضها ببعض .
فأما الشاهد : فهو ما روي من حديث آخر يؤيده في المعنى ، هذا يسمى شاهدا .
وأما المتابعة : فهو أن يتابع الرجلَ الضعيف رجلٌ آخر في الأخذ عن شيخه ، فهذا يسمى متابعة .
ثم إما أن تكون قاصرة إن كانت فيمن فوق الشيخ ، وقد تكون تامة إذا كانت في الشيخ .
وأما الاعتبار فهو تتبع طرق الحديث ، لينظر هل لهذا الحديث شاهد أو لهذا الراوي متابع ، يسميه علماء المصطلح الاعتبار ، فهذه ثلاثة أشياء ، قلها لنا يا هداية : اعتبار وشاهد ومتابعة .
الطالب : ما سمعت !
الشيخ : ما سمعت ، وين أنت ؟
الطالب : هنا .
الشيخ : أنت في الكتاب ، الله يهديك الله يهديك ، لا هذا مو أحسن ، لا لا تشر إلى المسجل ينبغي أن تعلم طيب ما هي الثلاثة ؟
الطالب : الشاهد .
الشيخ : لا الذي وراك .
الطالب : اعتبار .
الشيخ : اعتبار وشاهد ومتابعة ، طيب ما هي المتابعة ؟ أن يوافق الراوي الضعيف راو آخر يأخذ الحديث إما عن شيخه أو عمن فوقه ، مثال ذلك : روى زيد عن عمرو حديثًا ، وزيد من الضعفاء ، فروى بكر عن عمرو هذا الحديث ، نسمي هذه متابعة ، لأن بكرًا تابع زيدًا في الأخذ عن عمرو ، وهذا ما يقوي .
أما الشاهد فهو أن يُروى حديث يوافقه في المعنى لكن من طريق آخر هذا الشاهد يسمى ، وسميناه شاهدا لأنه أجنبي ، أجنبي من هذا الحديث لا فيه متابعة ولا شيء ، جاء حديث آخر مستقل .
وتتبع الطرق لهذا الشيء يسمى اعتبارا ، لأن العلماء إذا رأوا الحديث الضعيف ذهبوا يبحثون في كتب الحديث لعلهم يجدون له شاهدا أو يجدون لراويه متابعًا ، من أجل أن يتقوى ، لأننا مأمورون بحفظ السنة فإذا رأينا حديثا ضعيف السند ولا يخالف الأحاديث الصحيحة فلنبحث عنه لننظر هل نرى له شاهدا أو لراويه الضعيف متابعا .
أما إذا كان حديث شاذ المتن فأمره هين ، لأننا لو تعبنا ووجدنا له طرقا صحيحة وهو شاذ المتن لم يكن صحيحا ، يعني لا تتعب نفسك فيما إذا رأيت هذا الحديث مخالفا للأحاديث الصحيحة فلا تتعب نفسك ، لأنك لو رأيت فالحديث الشاذ ليس بصحيح ، لكن أحيانا يكون الضعف من حيث السند ، والحديث مثلا لا يعارض الأحاديث الصحيحة ، أو ربما تؤيده الأحاديث الصحيحة بمعناها العام ، فهذا ينبغي إن لم نقل : يجب أن تتبع الطرق من أجل أن تحصل على ما يقويه من شاهد أو متابع ، طيب .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع ، وعن بيع ما في ضروعها ، وعن شراء العبد وهو آبق ، وعن شراء المغانم حتى تقسم ، وعن شراء الصدقات حتى تقبض ، وعن ضربة الغائص . رواه ابن ماجه والبزار والدار قطني بإسناد ضعيف .
هذه واحدة ، " ( وعن بيع ما في ضروعها ) " : يعني اللبن هذه اثنين ، " ( وعن شراء العبد وهو آبق ) " : العبد المملوك والآبق : الشارد عن سيده هارب منه هذه ثلاثة ، " ( وعن شراء المغانم ) " : المغانم جمع مغنم وهو ما يغنمه المسلمون من الكفار من الأموال عند القتال وما ألحق به .
( حتى تقسم ، وعن شراء الصدقات حتى تقبض ) : هذه خمسة والسادس : ( عن ضربة الغائص ) الصدقات يعني : الزكوات ، يعني يقال لشخص ما إن لك عندنا صدقة زكاة فلا يبيعها حتى يقبضها ، ( وعن ضربة الغائص ) : الغائص في البحر الذي يغوص في البحر لاستخراج الدرر منه ، فيقول : أضرب الآن يعني أغوص فما أخرجته فهو لك بكذا ، كم هذه من نوع ؟
الطالب : ستة .
الشيخ : ستة أنواع يجمعها معنى واحد وهو الغرر ، وقد صح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر ) : بيع الحصاة وبيع الغرر ، والحصاة يقول لي قائل حدثني بها في المدينة هذه الأيام يقول : سمع شيخا من أئمة المساجد يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة ، وهؤلاء الله يهديهم يبيعون الرحي ، شبه الحصاة بالرحى ، والرحى ما يهى عن بيعه ، لكن هو أخذ بظاهر اللفظ وظن أن الحصاة الرحى ، فقال : الله يهدينا وإياهم يبيعون الرحي والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة نعم ، فمثل هذا جهله يسمى جهلا مركبا .
طيب المهم أن هذه الأنواع الستة يجمعها الغرر في كل منها ، وقد ثبت كما أشرت إليه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر ، وهذه تعتبر قاعدة من قواعد الشرع في البيوع .
فلنبدأ أولا : ( عن شراء ما في بطون الأنعام ) : الأنعام جمع نعم ، وهي: الإبل والبقر والغنم ، ولكن يقاس عليها ما سواها ، وإنما نهى عن بيعها لأنها غرر عظيم فالذي في بطون الأنعام قد يكون متعددا وقد يكون واحدا ، وقد يكون ذكرا وقد يكون أنثى ، وقد يبقى حتى يخرج حيا وقد يموت ، وقد يكون مشوها وقد يكون سليما ، المهم أن كثيرا من احتمالات الغرر ترد على ما في بطون الأنعام ، طيب إذًا متى يصح بيعها ؟ قال : ( حتى تضع ) ، والنبي عليه الصلاة والسلام لا يسد الأبواب كلها من كل وجه ، ( حتى تضع ) انتظر بدل ما تبيعها اليوم بعها غدا إذا وضعت .
17 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع ، وعن بيع ما في ضروعها ، وعن شراء العبد وهو آبق ، وعن شراء المغانم حتى تقسم ، وعن شراء الصدقات حتى تقبض ، وعن ضربة الغائص . رواه ابن ماجه والبزار والدار قطني بإسناد ضعيف . أستمع حفظ
فوائد حديث :( أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع ... ).
تحريم بيع ما في بطون الأنعام وفساد البيع أيضا ، لأنه قد تقرر في علم الأصول : " أن ما نهي عنه فهو فاسد سواء من العبادات أو من المعاملات " ، ووجه ذلك : أن ما نهي عنه فإن النهي يستلزم البعد عنه وعدم تنفيذه ، فإذا نفذ وصحح فقد ضاد الإنسانُ أمر الله عز وجل .
ويستفاد من هذا الحديث : جواز بيع الحامل وما في بطنها ، لأن النهي إنما ورد عن بيع ما في بطونها ، لا عن الحوامل ، وعلى هذا فإذا باع الإنسان أنثى حاملا من بهيمة الأنعام أو من غيرها فالبيع صحيح .
ويستفاد من هذا الحديث : ما أشار إليه ابن رجب في * قواعده * من : " أنه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا ، ويُغتفر في التابع ما لا يسوغ في المتبوع " كذا يا مهند ؟ ويش قلت ؟
الطالب : يغتفر في التابع ما لا .
الشيخ : الذي قبل .
الطالب : ما فهمت قول ابن رجب ، ما فهمته .
الشيخ : أنا تكلمت قبل ابن رجب ، أنا تكلمت بكلام واضح .
الطالب : التبع والاستقلال .
الشيخ : طيب ثانياً : قال : ( وعن بيع ما في ضروعها ) ، يعني حتى إيش ؟ حتى يحلب ، ينهى عن بيع ما في ضروع بهيمة الأنعام نعم ، لأنه مجهول ، ولأنه غير مقدور على تسليمه :
أما الجهالة فظاهر ، حتى لو رأيت حجم الضرع فقد يكون اللحم الذي في داخل الضرع كثيرا وقد يكون قليلا، فإذا كثر قل اللبن، وإذا قل كثر اللبن، إذًا اللبن مجهول .
ثانياً -يا عليان- : أنه غير مقدور على تسليمه ليش ؟ لأن البهيمة قد تعاكس، قد تمنع من حلبه أليس كذلك ؟ آه ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : نعم ، إذًا إذا كان غير مقدور على تسليمه ولا معلوم المقدار ، فإنه لا يصح بيعه ، لأنه غرر.
طيب ، والثالث : ( وعن شراء العبد وهو آبق ) : العبد المملوك ، نرجع إلى الجملة الأولى : ( شراء ما في ضروعها حتى تحلب ) : فإذا حُلبت صح بيع الحليب ، لأنه من الشيء المباح ، هل يقاس على ذلك ما في وعائه من الثمار ؟ كأن يقال : لا يصح بيع الرمان في قشرة ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لماذا ؟ لأن هذا لا يمكن بيعه إلا على هذا الوجه ، إذ لو أمرنا البائع بأن يفتحه لكان ذلك عرضة لفساده ، وهو مما جرى بين المسلمين بيعه في قشره .
بيع السنبل في حبه أجازه الشارع ، ( فنهى عن بيع الحب حتى يشتد ) : إذا اشتد جاز بيعه ولو في سنبله مع أنه في سنبله فيه شيء من الجهالة أليس كذلك ؟ لكن لما كان لا يمكن بيعه إلا على هذا الوجه اغتُفرت فيه هذه الجهالة اليسرة .
طيب هل يقاس على ذلك بيع الفجل في الأرض والبصل والثوم وشبهها ؟ أيضًا في هذا خلاف ، نعم ، أقول : أيضا قاسه بعض العلماء على هذا ، وقال : لا يصح بيع البصل والثوم والفجل وما مأكوله في باطن الأرض ، لأنه إيش ؟ مجهول لا يعلم ، ولكنَّ اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وابن القيم جواز بيع ذلك ، قالا : لأنه مما جرت به العادة ، ولأنه مستور بأصل الخلقة فيكون كالرمان والبطيخ ، وليس كاللبن في الضرع من كل وجه ، لأن اللبن في الضرع فيه بالإضافة إلى الجهالة أنه غير مقدور على تسليمه هذه واحدة ، وأيضا أنه ينمو فكلما حلبت نزل اللبن بخلاف هذا ، والصحيح ما ذهب إليه شيخ الإسلام وابن القيم من جواز بيعه ، وهو أيضا معلوما عند أهل الخبرة يعرفون أن البصل كبير ولو كان في باطن الأرض مما يظهر من سوقه وأوراقه .
طيب قال : ( وعن شراء العبد وهو آبق ) مَن العبد ؟ الرقيق ، يعني المملوك وقد أطلق الله على المملوك اسم العبد فقال : (( والصالحين من عبادكم وإمائكم )) .
طيب ، وقوله : ( وهو آبق ) أي : هارب من سيده إلى متى ؟ الجملة هذه حال ، ( وهو آبق ) أي : في حال إباقه ، أما إذا رجع فإنه يصح شراؤه ، ولكن لو اشتراه الإنسان دون أن يخبره بائعه بأنه قد أبق ، فهل له الخيار في رده ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لماذا ؟ لأن الإباق عيب ، ومن أبق عند سيده الأول فلا يؤمن أن يأبق عند الثاني .
طيب ويستفاد من هذه الجملة من الحديث : جواز بيع وشراء العبيد ، فإذا قال قائل : إن في هذا ظلما لهم للعبيد ، كيف تجعله كالبهيمة يباع ويشترى ؟ قلنا : إنهم لم يظلموا ولكن هم الذين ظلموا أنفسهم ، لأن سبب الرق هو الكفر ، فإذا كانوا هم الذين ظلموا أنفسهم فإننا لم نظلمهم ، وقد جاءت النصوص الكثيرة بالحث على مواساتهم وعلى الرأفة بهم والرحمة وعلى العتق حتى جعل له الشارع أسبابا كثيرة من المعاصي التي تكفر بالعتق .
طيب وهل هذا النهي عن شراء العبد وهو آبق على إطلاقه ، أو نقول : إنه إذا قدر الإنسان المشتري على رد هذا العبد الآبق جاز الشراء ؟!
من نظر إلى ظاهر اللفظ قال : إن النهي عام ، وقد تظن أنك قادر على رده ولكن لا تستطيع .
ومن نظر إلى المعنى قال : إنه إذا كان الإنسان قادرًا على رده فلا بأس ، لأن الحكم يدور مع علته ، فإذا كان هذا عنده من وسائل الطلب ما يستطيع به أن يرد هذا الآبق ، كرجل مثلا عنده سيارة جيب تجوب الرمال والجبال حتى يجد هذا الرجل ، فلا بأس بشرائه للآبق ، وأما إذا لم يكن عنده شيء ولكنه خاطر فإن هذا لا يجوز .
طيب ومن فوائد الحديث في قوله : ( وعن شراء المغانم حتى تقسم ) : النهي عن شراء المغانم حتى تقسم ، وكما سبق في الجملة الأولى : أن النهي يقتضي الفساد .
وفي هذه الجملة دليل على أن المغانم تملك ، من أين يؤخذ ؟ لقوله : ( حتى تقسم ) ، وهو كذلك فإن الغنائم أحلت لهذه الأمة ، ولم تحل لأمة قبلها ، أُحلت لهم ليستعينوا بها على الجهاد في سبيل الله وعلى حوائجهم الأخرى ، أما الأمم السابقة فإن الغنائم لا تحل لهم وقد ذكروا أنها كانت تجمع في مكان وتنزل عليها نار من السماء فتحرقها .
ومن فوائد هذه الجملة : أن المغانم مشتركة لقوله : ( حتى تقسم ) والقسم يكون بعد الاشتراك ولكن بين من ؟ قال العلماء :
الغنيمة لمن شهد الوقعة من أهل القتال ، وأما من ليس من أهل القتال فليس لهم سهم ولكن يعطى منها ، يُرضخ له يعني : يعطى منها شيئا لا يبلغ حد سهم المقاتل .
ومن فوائد الحديث في قوله : ( وعن شراء الصدقات حتى تقبض ) : أن شراء الصدقات لا يجوز ممن استحقها حتى يقبضها ، والعلة في ذلك أولًا : عدم الملك ، وهذا فيما إذا لم يعين نصيبه في شيء من الصدقة ، فإن عُين نصيبه في شيء من الصدقة فإن العلة عدم تمام الملك ، لأنه لا يتم ملكه حتى يقبضها ، فلو قال الساعي الذي يجبي الزكاة لخمسة فقراء هذا لكم من الزكاة ، صار الآن مشترك معين ولا غير معين ؟ معين ، مملوكا ؟ مملوكا ، لكنه لا يتم ملكه حتى يقبضه أصحابه ، فإذا قبضوه جاز بيعه .
وعُلم من هذا الحديث أنه إذا قُبضت جاز بيعها وإن لم تقسم ، إذا قبضت جاز بيعها وإن لم تقسم ، ولهذا صرح في المغانم قال : ( حتى تقسم ) وفي الصدقات قال : ( حتى تقسم ) .
فإذا قال الساعي لجماعة من الفقراء خمسة : هذا لكم ملكوه ، فإذا قبضوه وحازوه جاز لأحدهم أن يبيع نصيبه منه ، فإذا كانوا خمسة كم لكل واحد ؟
الطالب : الخمس .
الشيخ : الخمس وجاز أن يبيعوه جميعا وإن لم يقسموه ، لأنه كسائر الأملاك المشتركة .
ويستفاد من هذا الحديث من قوله : ( وعن ضربة الغائص ) : جواز الغوص في البحر لطلب الدر وغيره مما يكون في البحر ، وهذا مقيد بما إذا كان الغالب السلامة ، فإن كان الغالب الهلاك فالغوص حرام ، لقول الله تعالى : (( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا )) ، طيب وإن تساوى الأمران ؟
الطالب : من باب الاحتياط .
الشيخ : من باب احتياط التحريم ، لأن من القواعد المقررة : " أنه إذا اجتمع مبيح وحاظر غلب جانب الحظر " ، فالسلامة مبيحة والهلاك حاظر وقد اجتمعا في هذا الفعل ولم يترجح أحدهما فغلِّب جانب الحظر فنقول : لا يجوز أن تغوص .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز بيع ما يستخرجه الإنسان من البحر وأنه يكون لقطة ، من أين يؤخذ ؟ من قوله : ( وعن ضربة الغائص ) ، لأنها مجهولة ، لكن إذا عُلمت فإن ذلك لا بأس به ، فإن الإنسان يملك ما يستخرجه من البحر كما يملك من في البر ما يحشه من البر .
طيب ومثل ذلك ، مثل ذلك أيضا ما لو قال قائل : أنا سأذهب ألقط لك الفقع الكمأة، تعرفون الكمأة ؟ الكمأة يعني الفقع ها ؟ الكمأة قسيم العساقل ، والعساقل قسيم بنات الأوبر ، نعم :
" ولقد جنيتك أكمآ وعساقلا. *** ولقد نهيتك عن بنات الأوبر " .
فإذا قال هذا الرجل : أنا سأجني الكمأة ولك ما أجنيه من الآن إلى الظهر ، هذا يقوله في الصباح ، أو في الظهر يقول : من الظهر إلى الغروب هل يجوز ؟
الطالب : لا .
الشيخ : ليش ؟ لأنه غرر ، قد يجني كثيرا وقد يجني قليلا .
طيب لو استأجرت شخصا يجني الكمأة -اصبر ما بعد جاء شيء- استأجرت شخصا يجني الكمأة من الظهر إلى الغروب ها يجوز ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لأن العقد هنا وقع على منفعته لا على تحصيله ، على منفعة لا على التحصيل .
المهم أنه يقاس على ضربة الغائص ما أشبهها .
ويستفاد من هذا الحديث ككل : عناية الشرع بحماية البشر مما يوجب النزاع بينهم من أين يؤخذ ؟ لأن هذه الأنواع التي فيها الغرر سوف يكون من المغبون فيها حقد ، حقد وعداوة وبغضاء على من ؟ على الغابن ، ويكون من الغابن تطاول وفخر على المغبون ، فالشارع حمى الناس من هذه الورطة التي يتورطون فيها .