تحت باب الربا.
تتمة فوائد حديث: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله ... ).
الطالب : فيه تفصيل .
الشيخ : نعم ؟ ويش التفصيل ؟
الطالب : إن كان يعتقد الثلاث واحدًا .
الشيخ : لا ، حتى الذين يعتقدون الثلاث واحدًا يرونه حرامًا ، نعم ؟
الطالب : هو شاهد .
الشيخ : رجل طلق زوجته ثلاثا ثم ادعت على زوجها أنه طلقها ثلاثا ، وأنكر الزوج وفيه من يشهد ، من حضر طلاقها ، هل يشهد بهذا الطلاق أو لا يشهد لأنه محرم ؟ نعم ؟
الطالب : يشهد .
الشيخ : الجواب : أنه يشهد لماذا ؟ لأنه يترتب عليه أمر كبير ، وأنا الآن لا أشهد به إقرارا له ولكن لأجل ما يترتب على هذا من البينونة الكبرى عند من يرى أن الثلاث تبين به المرأة ، أو من التأديب عند من يرى أن المرأة لا تبين به ، ولكنه حرام .
المهم أنه إذا سمع شخصًا يطلق زوجته ثلاثا ودعت الحاجة إلى أن يشهد بذلك عند القاضي فإنه يشهد ، لأن هذا أمر فات ، ولم يبق إلا أن نشهد به من أجل ترتب الآثار عليه ، بخلاف ما لو شهد على بيع خمر مثلا ، فإنه لا يشهد بذلك ، لأن بيع الخمر حرام ويجب رده على البائع ، بل يجب إتلافه وليس للبائع عوض فيه عن هذا الخمر ، وإن كان القول الراجح في هذه المسألة أنه يُجبر المشتري على أن يتصدق بهذا الثمن الذي جعله ثمنا للخمر ، لئلا يُجمع له بين العوض والمعوَّض .
ومن فوائد الحديث : أن المعين على الحرام مساوٍ للمباشر له ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( هم سواء ) ، ولكن هذا مشكل ، ويش وجه الإشكال ؟
أنه ليس الشاهد والكاتب والموكِل كالمباشر الذي انتفع بالربا ، ولكن ربما يمكن أن نقول : إن الحديث تُحمل فيه التسوية على أنهم سواء في أصل الإثم أو في أصل اللعنة ، وإن اختلفوا في كيفيتها ، ولا يلزم من التساوي في الأصل التساوي في الكيفية .
وإنما قلنا : إن هذا محتمل ، لأننا نعلم أنَّ جزاء الله سبحانه وتعالى مبنى على العدل ، العدل التام ، نعم لو كان لا يثبت الربا للآكل إلا بشهادة هؤلاء فربما نقول : إنهم يتساوون حتى في كيفية اللعنة وصفة العقوبة .
وللبخاري نحوه من حديث أبي جحيفة .
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الربا ثلاثة وسبعون باباً ، أيسرها : مثل أن ينكح الرجل أمه ، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم ) . رواه ابن ماجه مختصراً ، والحاكم بتمامه وصححه .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الربا ) : ولعلنا أولًا نتكلم عن هذا الحديث : هذا الحديث لا شك أن في متنه شيء من النكارة ، وذلك لأن أكل المال بالربا أعظم من أكل العرض ، اللهم إلا إذا كان العرض بالقدف ، إذا كان العرض بالقدف فنعم .
ثانيًا : ولأن في بعض ألفاظ هذا الحديث ، بل في هذا الحديث اللفظ الذي ذكره المؤلف : ( أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه ) ، أيسر الأبواب مثلا أن ينكح الرجل أمه ، ومن أيسر الأبواب مثلا أن يبيع صاعاً طيباً بصاعين رديئين مساويين له في القيمة هذا من أيسر الربا ، ومع ذلك يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إن أيسرَها مثلُ أن ينكح الرجل أمه ) ، وهذا تشنيع عظيم في أيسر الربا ، فمثل هذا المتن في القلب منه شيء ، وذلك لعظم العقوبة في أمرٍ يظهر للإنسان أن ما مُثل به أشد وأعظم من الممثل ، فالله أعلم ، لكن سند الحديث لا بأس به .
نرجع الآن إلى شرحه : ( الربا ثلاثة وسبعون بابا ) الباب : بمعنى الصنف والجنس ، ومنه قول بعض العلماء : " لم يصح في هذا الباب شيء " أي : في هذا الصنف من مسائل العلم أو في هذا الجنس أو في هذه المسألة أو ما أشبه ذلك .
فهو ثلاثة وسبعون بابا ، ما هذه الأبواب ؟ الأبواب والله أعلم كناية عن صور تتضمن مسائل ، وبإمكان طالب العلم أن يتأمل هذه ويجدها ، لأننا ما دمنا نقول : إن الربا بمعنى الزيادة ، فليس من لازم ذلك أن يكون بيع ذهب يذهب مع التفاضل فقط ، بل بيع ذهب بذهب مع التفاضل والقبض ، بيع ذهب بذهب مع التفاضل والتأخير ، بيع ذهب بذهب مع التساوي والتأخير ، بيع ذهب بذهب زائد عليه ، ويجعل مع الناقص دراهم ، كم هذه من صورة ؟ هذه عدة صور في بيع الذهب ، ويمكن أن تجعل أيضًا صورا أخرى في بيع الفضة ، ويمكن أن يأتي ربا القرض ، " وهو القرض الذي يجر منفعة " ، فالمهم أنه يمكن لطالب العلم أن يأمل في هذه الأبواب ، ويجد هذا العدد االذي أشار إليه في هذا الحديث .
لكن يقول : ( أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه ) : ومعلوم أن نكاح الرجل لأمه مستقبح شرعًا وعقلًا وعادةً ، كل الناس يستقبحونه ، لم يستحله إلا قوم من أراذل عباد الله وهم المجوس ، المجوس استحلوا أن يتزوج الرجل محارمه أعوذ بالله فيتزوج أمه وأخته وبنته نعم ، وإنما مثل النبي صلى الله عليه وسلم بالأم لأنه من المعلوم أن الناكح مستعلٍ على المنكوح ، أليس كذلك ؟ فالناكح أعلى والمنكوح أسفل ، فهذا يقتضي أن يعلو الرجل على أمه ، وهو أقبح من أن يعلو على بنته ، لأن للأم من الاحترام ما ليس للبنت .
وقوله : ( وإن أربى الربا عِرض الرجل المسلم ) شوف : ( أربى الربا عرض الرجل ) ، ( أيسر الربا مثل أن ينكح الرجل أمه ) : إذًا نكاح الرجل أمه أهون من عرض المسلم .
الطالب : كيف هذا ، غريب .
الشيخ : نعم ؟
الطالب : غريبٌ جدًا هذا .
الشيخ : أقول : هذا مقتضى الحديث : أن عرض الرجل أعظم من نكاح الرجل أمه ، لأن الرسول صلى الله عليه السلام ذكر أن عرض الرجل هو أربى الربا أي : أعلاها ، ونكاح الرجل أمه أيسرها ، وهذا يقتضي أن عرض الرجل أعظم من نكاح الرجل أمه ، وهذا هو الذي يجعل في القلب شيئا من هذا الحديث وقلقا من صحته ، لأن مثل هذا غريب أن يكون قد صدر من الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالله أعلم .
لكن يمكن أن يوجه ويقال : إن معنى ( أربى الربا ) ليس معناه أربى الربا المحرم أربى الربا من حيث الزيادة ، لأن الإنسان إذا استطال في عرض المسلم والعياذ بالله بدأ يزداد ، فيكون هذا من باب الربا اللغوي ، يعني أنَّ من انهمك في أعراض الناس ازداد حتى يتراكم عليه الربا ، ويكون هذا أربى الربا من حيث الزيادة والكمية ، أن يستطيل الرجل كما في اللفظ الآخر: ( استطالة الرجل في عرض أخيه ) : يعني أنه ليس كالمال ، المال قد لا يحصل على الربا لو أراده ، لكن الكلام إيش ؟ يحصل ، يستطيع الإنسان أن يملأ الدنيا كلاما ، والإنسان إذا ابتلي بهذا الأمر -نسأل الله السلامة- أي : بأكل لحوم الناس ، استزاد ، وصار لا يستأنس ولا ينشرح إلا إذا أكل جيف بني آدم -نعوذ بالله- فيمكن أن يكون هذا وجه الحديث ، أن يكون هذا وجه الحديث إن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم ، نعم .
4 - وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الربا ثلاثة وسبعون باباً ، أيسرها : مثل أن ينكح الرجل أمه ، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم ) . رواه ابن ماجه مختصراً ، والحاكم بتمامه وصححه . أستمع حفظ
بعض الناس لا يجد من يقرضه ويسلمه هل يجوز له القرض من البنوك ؟
الشيخ : إيش ؟
الطالب : ما يجدون من يقرضهم .
الشيخ : نعم .
الطالب : فيضطر إلى أن يذهب إلى أهل الربا ، فهل يجوز له الذهاب ؟
الشيخ : يقول : هذا إنه مضطر إلى الربا ، لم يجد من يقرضه ، ولم يجد من يسلمه ، يعني من يعامل بالسَّلَم فماذا يصنع ؟ يروح ها ويش يسوي ؟
الطالب : يسرق .
الشيخ : لا لا ما يسرق ، (( من يتق الله يجعل له من أمره يسرا )) ، يقول : الآن الناس يطلبون الحرفي الذي يشتغل كم الريال اليومية بكم ؟
الطالب : بمية .
الشيخ : بمية حنا نبي نعطيك خمسين ، خمسين يسدنك أنت وعيالك لو تأكل أعلى مأكولات الناس ، يلا تحزم وامش ، هذا ضرورة ما هي بضرورة ، قد يقول : لا أنا ماني مضطر للأكل والشرب مضطر للنكاح ، نقول بسيطة الله عز جل يقول : (( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله )) ، اصبر استعف عن الزنا وعن أكل الحرام .
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( من لم يستطع فعليه بالصوم ) ، ما في ضرورة الحقيقة أبداً .
لكن لو فرض أن فيه ضرورة يعني صادق ، إنسان في البر ما عنده شيء ولا يقدر يعمل ما عنده حد يعمل عنده ، ولا فيه ولا شجر يأكله ، وقال هذا الرجل : أنا ما بعطيك إلا الخبز بخبزتين ، أنا بعطيك خبر عندي خبر الآن بعطيك الخبزة بخبزتين ، نقول : خذها خذ خبزة بخبزتين ولا تعطه إلا قيمة الخبزة ، لأنه يجب أن يبذل ماله إما مجانا على قول بعض العلماء وإما بقيمته ، حتى لو ما يخالف ، أنت أعطني الخبزة وباخذ الخبزة بمية ريال ، أنا مضطر هذا الرجل فرح خبزة بمية ريال ، أعطيك خبزتين بميتين قال نعم ، أخذ خبزتين أكلهم كم يعطيه ؟ يعطيه نصف يال ، لكن عاد يعطيه قيمتها في مكانها ، قد تكون في هذا المكان الخبزة بريال مثلا ، على كل حال أنه يعطيه بالقيمة ، نعم .
الطالب : ما يعطيه الخبز إلا بالقيمة ، يأخذ الفلوس قبل .
الشيخ : ها إذا أبى أن يسلم الخبزة إلا بدراهم ، فإن كان هذا أقوى منه ربطه وأكل حتى يشبع ، نعم .
بعضهم يأكل الربا ثم يقول إنه تاب إلى الله عز وجل ؟
الشيخ : نعم .
السائل : ذكرنا هذه ، قلنا إذا كان هذا المرابي إذا ترافع إلى الحاكم ألزمه بالزيادة ، فلا يعطيه وإن كان بالعكس .
الشيخ : إيش سوى ؟
السائل : يعني إذا كان هذا الرجل الذي تاب إذا ترافع إلى الحاكم ألغى الزيادة .
الشيخ : إي .
السائل : فلا يعطيه الزيادة ، وإذا لم يلغ يعطيه .
الشيخ : لا ما قلنا هذا ، لكن نحن نقل الواقع صحيح الواقع أنه ما هو محصله يلغي الزيادة إلا بالترافع نعم .
السائل : قلنا إنا نأخذ منه الزيادة ولا نعطيها لصاحب الربا ، وإنما نضعها في بيت مال المسلمين .
الشيخ : ويش تقولون ؟
الطالب : نأخذ الزيادة للمسلمين .
الشيخ : إي ، نعم ، نقول : أولا : إذا تاب هذا الرجل قبل أن يأخذ الربا وجب عليه أن يمسك ، لقوله تعالى : (( وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم )) .
وأما إذا كان بعد أن أخذها فإنه لا يردها إلى صاحبها وإنما يلزمه أن يخرجها عن ملكه ، يخرجها عن ملكه فيتصدق بها .
ولو قيل : إن كانت الزيادة هذه عن طيب نفس من المالك لا عن ضرورة فإنه يتصدق بها ، وإن كان عن ضرورة -كمسألة التي ذكرناها في المضطر- فإنه يجب عليه أن يدفعها ، لأن هذا المضطر ما دفع اختيارا ، نعم .
ما أقرض من غيره وشرط عليه الزيادة فالرد فهل له أن يرد المبلغ المستدان فقط دون الزيادة ؟
الشيخ : إن كنت في بلد إذا ترافعوا إلى الحاكم منع الربا فلا تأخذها ، اقض أصل المال رأس المال والباقي لا تقضيه ، وإن كنت في بلد لا ينفع فيه انظر إلى المصلحة .
7 - ما أقرض من غيره وشرط عليه الزيادة فالرد فهل له أن يرد المبلغ المستدان فقط دون الزيادة ؟ أستمع حفظ
مناقشة ما سبق أخذه.
عرف يا محمد الربا لغة واستشهد له ؟
الطالب : الربا لغة الزيادة .
الشيخ : نعم .
الطالب : ومنه قوله تعالى : (( أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت )) .
الشيخ : فإذا .
الطالب : (( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت )) .
الشيخ : (( اهتزت وربت )) : أي زادت وعلت ، طيب في الشرع ؟
الطالب : الزيادة بين صنفين معينين .
الشيخ : الزيادة ؟
الطالب : بين شيئين .
الشيخ : في تبادل جنسين حَرَم الشرع !
الطالب : الزيادة بينهما .
الشيخ : الزيادة بينهما ، طيب ، أو التأخير في القبض .
طيب هل الربا من الصغائر أو من الكبائر ؟
الطالب : من الكبائر .
الشيخ : الدليل ؟
الطالب : حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا السبع موبقات ) ثم قال : ( الشرك بالله وأكل الربا ) ذكر سبعة .
الشيخ : هو الأولى يا عبد الرحمن ، الأولى أن يستدل بالأقوى فالأقوى ، وعندك دليل من القرآن !
الطالب : طيب من القرآن : (( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة )) ، (( واتقوا الله لعلكم تفلحون )) ، (( واتقوا النار التي أُعدت للكافرين )) ، وقال الله سبحانه وتعالى : (( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا )) .
والآية الثانية : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا )) .
الشيخ : بس هذه تدل على تحريم الربا .
الطالب : أي نعم .
الشيخ : نحن نريد أن يأتينا دليل على أنه من الكبائر ، نعم ؟
الطالب : قول الله تعالى : (( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )) .
الشيخ : وجه الدلالة ؟
الطالب : وجه الدلالة توعده .
الشيخ : توعده بالنار والوعيد لا يكون إلا على كبيرة من كباشر الذنوب ، آه ؟
الطالب : حديث جابر .
الشيخ : حديث جابر : ( لعن آكل الربا ) ، إذا قال قائل درس جديد الآن .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز ) . متفق عليه .
9 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز ) . متفق عليه . أستمع حفظ
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير و التمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلاً بمثل ، سواء بسواء ، يداً بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ) . رواه مسلم .
10 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير و التمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلاً بمثل ، سواء بسواء ، يداً بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ) . رواه مسلم . أستمع حفظ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب وزناً بوزن مثلاً بمثل ، والفضة بالفضة وزناً بوزن ، مثلاً بمثل ، فمن زاد أو استزاد فهو ربا ) . رواه مسلم .
11 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب وزناً بوزن مثلاً بمثل ، والفضة بالفضة وزناً بوزن ، مثلاً بمثل ، فمن زاد أو استزاد فهو ربا ) . رواه مسلم . أستمع حفظ
شرح مجمل للأحاديث الثالثة السلبقة الذكر.
الربا نوعان : ربا فضل ، وربا نسيئة .
ويقال للثاني : الربا الجلي ، وللأول : الربا الخفي ، وقد قيل : إن الثاني الذي هو ربا الفضل قد قيل : إنه إنما حرم لأنه ذريعة إلى ربا النسيئة ، والله أعلم .لكن على كل حال الربا نقول نوعان : ربا جلي واضح وهو ربا النسيئة .
والثاني : ربا خفي وهو ربا الفضل ، أي : الزيادة .
أما ربا النسيئة : فإنه المؤخَّر ، بأن يبيع ذهبا بذهب مع التأخير ، والغالب أنه لا يكون إلا بفضل ، لأنه ليس من المعقول أن يأخذ الإنسان دينارًا وزنه مثقال حاضرًا بدينار وزنه مثقال مؤجلًا هذا لا يكون ، على سبيل المعاوضة أما على سبيل القرض فالأمر واضح ، لكن على سبيل المعاوضة .
فربا النسيئة لا يخلو من ربا الفضل ، ولهذا سمي جليا واضحا ، وأما ربا الفضل فإن ربا الفضل يقع أيضا كثيرا ، ولكن ربما يكون التبادل بين الجنس الواحد بدون المفاضلة لسبب من الأسباب كما سيأتي .
المهم أن ربا النسيئة يجري في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل ، بين كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل ، فإن وقع التبادل بين جنس واحد اجتمع فيه ربا الفضل وربا النسيئة ، ربا الفضل وربا النسيئة ، هذا هو الضابط ، فربا النسيئة : يكون بالتبادل بين جنسين ربويين .
وربا الفضل يكون بالتفاضل بين جنس واحد .
فإذا اتفق الجنس اشترط في أمران :
الأمر الأول : التساوي ، والأمر الثاني : القبض قبل التفرق .
فإن زيد أحدهما على الآخر مع القبض فهو ربا فضل ، وإن تأخر قبض أحدهما بدون فضل فهو ربا نسيئة ، وإن تأخر أحدهما مع الفضل فهو ربا فضل ونسيئة ، زاضح ؟ إذًا قد يجتمعان وقد يفترقان هذا إذا بيع جنس بجنسه .
إذا بغير جنسه وهو مما يشاركه في علة الربا يجري فيه نوع واحد من الربا وهو ربا النسيئة ، أما ربا الفضل فلا يجري فيه كالبر بالشعير فهما جنسان ، يتفقان في علة ربا الفضل ، فيحرم بينهما التأخير ولا يحرم التفاضل ، طيب هذا هو مجمل ما يقال في الربا .
هناك أموال ليست ربوية فهذه ليس فيها ربا فضل ولا نسيئة ، تبيعها متفاضلة تبيعها متأخرة ما يهم .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز ) . متفق عليه .
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ) : شف : تكون بمعنى زاد ، وتكون بمعنى نقص ، فإن عُديت بـعن فهي بمعنى نقص ، شفه عن كذا يعني نقص ، وإن عديت بـعلى فهي بمعنى زاد .
ولكن ليعلم أن الزيادة والنقصان متقابلان ، لا يقبل أحدهما بدون الآخر ، متى ثبتت الزيادة ثبت النقصان طيب في الجانب الآخر .
يقول : ( لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ) : وهذا يعني في الوزن وليس في الصفة ، المرد في الوزن ، يعني لا يزيد وزن أحدهما عن الآخر ، وأما في الصفة فلا بأس أن تبيع ذهبا جيدًا بذهب رديء مع التساوي في الوزن ، أو ذهبًا قد صيغ على صفة معينة بذهب صيغ على صفة معينة قديمة عدل الناس عنه ، لكن وزنا بوزن .
المهم أن المماثلة هنا بإيش ؟ بالوزن ، أي : بالكم ، بالكم لا بالكيف ، فإذا قال قائل : وهل يأتي المثل بمعنى الكم ؟ قلنا : نعم ، ومنه قوله تعالى : (( الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن )) بالكمية ولا بالكيفية ؟
الطالب : بالكمية .
الشيخ : بالكمية قطعا لا بالكيفية ، إذًا هنا المماثلة بالوزن وهو كم وليس بكيف .
طيب الثاني : ( ولا تشفوا بعضها على بعض ) أي : لا تزيدوه على بعض ، وظاهر الحديث أنه لا يزاد في الذهب إذا بيع بعضه ببعض لا من جنسه ولا من غير جنسه ، وعلى هذا فإذا باع دينارًا وقيمة الدينار عشرون ، بنصف دينار وعشرة دراهم ، قيمة الدينار عشرون درهما ، فباعه بنصف دينار وعشرة دراهم ، فظاهر الحديث أنه لا يجوز ، لماذا ؟
لأن الذهب لم يوازن الذهب ، وزن الذهب نصف والباقي قيمة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تشفوا بعضها على بعض ) ، كذلك لو باع الإنسان ذهبًا مصوغًا بسبائك ذهب ، وأخذ الفرق مقدار أجرة الصنعة ، فهل يجوز ؟
ظاهر الحديث أنه لا يجوز .
فإذا قال قائل : كيف لا يجوز إذا زدنا أجرة الصنعة وهي من صنع الآدمي ، والآدمي يحتاج إلى أجرة ، ولا يمكن أن نقيسه على زيادة الصفة من خلق الله ؟ فالجواب : أن مسائل الربا ليست من مسائل القياس المحض ، لأن فيها أشياء ليس فيها نقص ولا ظلم ، ومع ذلك حرمها الشارع ، ( فقد جيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر طيب جيد فسأل ، فقيل له : كنا نأخذ الصاع من هذا بالصاعين ، والصاعين بالثلاثة ، فقال : هذا عين الربا ) ، وأمر برده ، مع أن هذه المسألة ليس فيها ظلم بوجه من الوجوه ، وليس فيها إكراه ، وكل أحد يعلم أن هذا لا محظور فيه من الناحية النظرية ، ومع ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هذا عين الربا ) ، فدل ذلك على أن مسائل الربا يجب فيها الوقوف على مقتضى النص .
فلو قال قائل : إن هذا من صنع الآدمي ، الزيادة في الصنعة ، بخلاف طيب التمر ؟
قلنا : نعم ، هذا صحيح ، لكن قد يكون طيب التمر أيضا من صنع الآدمي وبسببه ، إذا لم يلقح النخلة صار تمرها رديئا ، وإذا كنزه كنزًا جيدا صار طيباً ، وإذا كنزه كنزًا رديئًا صار رديئاً ، والحديث عام ، قال : ( هذا عين الربا ) . ثم إنه ينتقض مسألة الصنعة ، تنتقض بما إذا أبدل دنانير مسكوكة بسبائك من الذهب ، هل يجوز التفاضل ؟
لا ، لا يجوز حتى عند الذين يقولون بجواز التفاضل في الصنعة ، مع وجود الصنعة في أحدهما ، مع أن الدراهم المسكوكة فيها صنع آدمي ، ومع ذلك لا يجيزونه .
قد يقولون : إن الصنعة هنا غير مقصودة لذاتها ، صنعة الدراهم والدنانير غير مقصودة لذاتها ، إنما صنعها عام من أجل الرواج ، وأن تكون قيم الأشياء بخلاف الصنعة الخاصة التي صنعها الإنسان لتكون حُلِيا على صفة معينة وسلم أجرتها !
فيقال : هب أن الأمر كذلك ، لكن ماذا نصنع بالتمر إذا كان سُوؤه من صنع الآدمي ، وطيبة من صنع الآدمي : أي : بسبب الآدمي ، ولهذا كان القول الراجح في هذه المسألة : أنه لا يجوز التفاضل بين الذهب بالذهب ولو من أجل الصنعة ، وأن الباب يجب أن يغلق ، لأن النفوس تحب المال ، فإذا أُجيز التفاضل من أجل الصنعة تدرجت النفوس إلى التفريط من أجل الرداءة والجودة ، وحينئذ يقع الناس فيما كان حرامًا بلا إشكال .
طيب قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ولا تبيعوا الوَرِق بالورق ) ما هو الورق ؟
الطالب : الفضة .
الشيخ : المراد به هنا الفضة سواء جعلت دراهم أم لم تجعل وهذا متفق عليه ، مع أن بعض العلماء في باب الزكاة لما قال : ( وفي الرقة ربع العشر ) ، قالوا : المراد بالرِّقة الدراهم المضروبة وأخرجوا منها الحلي الذي يستعمل ، قالوا : ليس فيه زكاة ، ولكن الصحيح أن الزكاة واجبة في الحلي سواء سُمي ورقا أم لم يسم ، مع أن ابن حزم -رحمه الله- قال : " إن الورق اسم للفضة مطلقا سواء كنت دراهم مضروبة أم غير مضروبة " ، وهي هنا اسم للفضة مطلقا سواء كانت مضروبة أم غير مضروبة حتى عند القائلين بعدم وجوب الزكاة في الحلي ، ولكن الصحيح كما مرَّ علينا أنه تجب الزكاة في الحلي مطلقا .
طيب يقول : ( ولا تشفوا بعضها على بعض ) : تشفوا هنا بمعنى تنقصوا أو تزيدوا ؟
الطالب : تزيدوا .
الشيخ : بدليل ؟
الطالب : على .
الشيخ : بدليل على نعم ، قال : ( ولا تبيعوا منها غائباً بناجز ) : غائبا يعني لم يحضر ، بناجز مقدم منقود .
طيب وهذه الجملة الأخيرة فيها تحريم النسيئة بين الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والذهب بالفضة ، ولهذا جاءت الجملة بعد ذكر البيع في الجنسين في الذهب وفي الفضة يعني : ( لا تبيعوا غائباً بناجز ) جاءت بعد ذكر الأمرين ، فالغائب بالناجز لا يجوز سواء باع الإنسان ذهبًا بذهب أو فضة بفضة أو ذهبًا بفضة ، لا يجوز التأخير ، وهذا التأخير يسمى إيش ؟ ربا النسيئة .
طيب وظاهر الحديث : أنه لا فرق بين أن يكون هذا للاستثمار أو للاستغلال فالاستثمار أن تكون المصلحة للطرفين ، والاستغلال أن تكون لطرف واحد ، مثال الأول : رجل أخذ ذهبًا بمئة دينار من أجل أن يكتسب بمئة الدينار التي أخذها ، فلا يأتي حلول الأجل إلا وقد ربح خمسين دينارًا ، هذا إيش ؟ استثمار ولا استغلال ؟ استثمار ، لأن الطرفين كسبا ، رجل مثلا عُرضت عليه سلعة بمئة دينار ، وهو يعرف أن هذه السلعة بعد ستة أشهر تكون بمائة وخمسين ، لكن ما عنده مئة دينار ، فذهب إلى تاجر وقال : أعطني مئة دينار بمئة وعشرين إلى ستة أشهر فقال : خذ ، واشترى السلعة وبعد مضي ستة أشهر باعها بمئة وخمسين دينارا ، استفاد الطرفان ، يسمى هذا في لغة العصر : استثمارا ، لأن الطرفين انتفعا .
الاستغلال : يأتي إنسان فقير محتاج إلى زواج ، محتاج إلى بيت ، محتاج إلى سيارة فيذهب إلى تاجر ويقول : أنا ما عندي شيء أعطني دراهم أشتري سيارة أو أبني بيتا أو أتزوج مئة الدينار بمئة وعشرين ، ما هذا ؟
الطالب : استغلال .
الشيخ : يسمونه استغلالا ، والحقيقة أنه لا فرق ، الكل استفاد لكن في الصورة الأولى استفاد معطي الربا فائدة مالية ، وهذا استفاد فائدة عينية أو فائدة تمتعية ، فالكل مستفيد ، التفريق بين هذا الاستثمار والاستغلال لا وجه له ، وعلى هذا فيحرم الربا سواء كان استثمارا أو استغلالا ، نعم طيب .
13 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز ) . متفق عليه . أستمع حفظ
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير و التمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلاً بمثل ، سواء بسواء ، يداً بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ) . رواه مسلم .
الباء هنا للبدل يعني : إذا بيع الذهب أو أبدل بالذهب ، والفضة بالفضة كذلك والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح ، هذه ستة أشياء أو خمسة ؟
الطالب : ستة .
الشيخ : ستة كيف ؟ الذهب بالذهب هذا واحد ، والفضة بالفضة اثنين ، والبر بالبر ثلاثة ، والشعير بالشعير أربعة ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ستة نعم ، هذه يقول : إذا بيع كل صنف بمثله مثلا بمثل كمية ولا صفة ؟ كمية سواء بسواء كمية ، وعلى هذا فتكون الثانية توكيدا للأولى ، وإنما أكدها النبي عليه الصلاة والسلام لاقتضاء حال ذلك ، لأن الناس قد يتهاونون في التفاضل فأكده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( سواء بسواء ، يدًا بيد ) يعني : مقابضة ، مقابضة تعطيه وتأخذ .
طيب في الأول : مثلا بمثل سواء بسواء تحريم التفاضل .
يدًا بيد تحريم التأخير وهو ربا النسيئة .
يقول : ( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم ) ، ( فإذا اختلف هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد ) : فإذا بعت ذهبا بفضة فبع كيف شئت مثلا بمثل ، أو زائدا بناقص ، لكن بشرط أن يكون يدًا بيد ، وإذا بعت براً بشعير فبع كيف شئت زائد بناقص لا مانع لكن يداً بيد ، تمر بشعير كذلك بع زائدًا بناقص لكن يدًا بيد ، وكذلك الملح بعت ملحًا ببر لا بأس بالزيادة ولكن يدًا بيد .
بعت ذهبا ببر كذلك لا بأس بالزيادة والنقص ، لكن يدًا بيد هذا مقتضى الحديث ، نحن الآن بين أيدينا حديث : ( إذا اختلف هذه الأصناف ) : هذه الأصناف فلا بأس لكن يدًا بيد ، ولكن إذا بيع الذهب بالفضة فقد دل حديث أبي سعيد أنه لا يباع منها غائب بناجز ، ولكن إذا بيع ذهب بتمر أو بشعير أو ببر أو بملح أو فضة بذلك ، فظاهر حديث عبادة أنه لا بد من القبض ، لقوله : ( إذا كان يدًا بيد ) ، لكن قد دلت السنة في موضع آخر أنه إذا كان أحد العوضين مِن الذهب أو الفضة فإنه لا يشترط التقابض ، ولا يشترط أيضا التساوي بالطبع ، وذلك فيما صح به الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( قَدِم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يَسلفون في الثمار السنة والسنتين ، فقال : من أسلف في شيء ، فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ) ، ويسلفون في الثمار يعني : يعطون دراهم إلى الثمرة الآتية ، وهذا بيع تمر بدراهم مع تأخر القبض ، وعلى هذا يكون هذا الحديث مخصوصا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما في السلم .
ولهذا قال الفقهاء في هذا الحكم : " ليس أحدهما نقدًا ، يحرم ربا النسيئة في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل ليس أحدهما نقدًا ، فإن كان أحدهما نقدًا فإنه يجوز النساء أما التفاضل فمعلوم " .
طيب هذا الحديث قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام : ( الذهب بالذهب ) : خصص ستة أشياء ، فهل يُلحق بها غيرها ؟
قال بعض العلماء : لا يلحق بها غيرها ، لأن التخصيص والتعيين يدل على اختصاص الحكم بما ذكر ، ولأن الله تعالى قال : (( وأحل الله البيع )) : فأطلق ، فإذا كان لدينا آية يقول الله فيها : (( وأحل الله البيع )) على سبيل العموم فإنه يجب ألا نضيق على عباد الله ، وأن نجعل التحريم خاصا بما جاءت به السنة في هذه الأصناف الستة فقط ، وما سواها لا نقيسه عليها ، وإلى هذا ذهب أهل الظاهر ، الظاهرية وهم كما تعلمون أهل ظاهر ، يأخذون بالظاهر ولا يلتفتون إلى المعنى ، هذه جادة مذهبهم مع أنهم أحيانا يلتفتون إلى المعاني ، وقد ذُكر إلى أن أول من ذهب إلى هذا القول قتادة بن دعامة ، هو أول من ذهب إلى ذلك .
وذهب بعض العلماء إلى اختصاص الحكم بهذه الأشياء الستة من أهل النظر يعني لا من أهل الظاهر ، وعللوا ما ذهبوا إليه : بأن العلماء اختلفوا في العلة علة الربا ، واختلافهم في العلة يدل على أن العلة مظنونة ، لأن العلة المتيقنة لا يختلف الناس فيها غالبا ، فلما اختلفوا فيها دل على أنها مظنونة ، وإذا كانت مظنونة فإنه لا يعمل بها ، وعلى هذا فنقتصر على هذه الأصناف الستة لا من أجل أننا لا نعقل العلة ، أو ليس لها علة ، لكن لأن العلة ليست معينة لدينا لا بالكتاب ولا بالسنة ولا بالإجماع ، فالناس مختلفون فيها مضطربون ، إذًا نلغي هذه الأقوال كلها ونقول : نقتصر على ما جاء به النص والباقي على الحل ، وإلى هذا ذهب بعض أصحاب الإمام أحمد كابن عقيل من كبار أتباع الإمام أحمد -رحمه الله- .
وقال بعض أهل العلم : بل يُلحق بهذه الأصناف الستة ما سواها في العلة ، ثم اختلفوا على ذلك ما هي العلة ؟
فقيل : العلة في الذهب والفضة أنهما موزونان ، لأن الناس في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام يتبايعون في الذهب والفضة بالوزن ، وأحيانا بالعد ، أحيانا بالعد وأحيانا بالوزن ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ) : هذا عد ولا وزن ؟
الطالب : عد .
طالب آخر : وزن .
الشيخ : وزن يا أخي ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ) : وزن ، وفي حديث أنس بن مالك في الكتاب الذي كتبه أبو بكر رضي الله عنه في الصدقات قال : ( في الرقة في مائتي درهم ربع العشر ، فإن لم يكن إلا عشرون ومائة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها ) هذا إيش ؟ هذا عد ، فقالوا : " الذهب والفضة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم تباع بالوزن وتباع بالعد والرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( وزنًا بوزن سواء بسواء ) ، فالعلة في الذهب والفضة هو الوزن ، وعلى هذا فكل موزون فهو ربوي " ، كل مزوزون فهو ربوي : الحديد ربوي ، والنحاس والصفر والرصاص وغيرها كله ربوي لأن العلة هي الوزن .
طيب العلة في البقية الكيل ، قالوا : " فكل مكيل فإنه ربوي " ، كذا يا عبد الرحمن ماذا قلت ؟
الطالب : كل مكيل فيه ربا .
الشيخ : مبني تفريع على إيش ؟
الطالب : على المكيل .
الشيخ : التفريع هذا على إيش ؟
الطالب : قاسوا على أن المكيل فيه ربا .
الشيخ : كذا يا جماعة ، على أن العلة هي الكيل ، قالوا : فكل مكيل فإنه ربوي سواء كان مطعوما أم غير مطعوم ، حتى الأشنان مثلا ، الأشنان الذي تغسل به الثياب يجري فيه الربا ، حتى الحناء الذي تمشط به المرأة يكون فيه ربا لأنه مكيل ، ولا عبرة بالأكل أو الاقتيات ، وهذا هو المشهور من مذهب الأمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- كم هذه قولان ؟
الطالب : قولان .
الشيخ : ها ؟
الطالب : ثلاث .
الشيخ : غير معلل ، أو أنه معلل والعلة الكيل والوزن .
وقال بعض العلماء : العلة في الذهب والفضة الوزن ، والعلة فيما عداهما الطعم ، الطَّعم يعني المطعوم ، يؤكل ، وعلى هذا يجري الربا في كل ما يؤكل سواء كان مكيلا أم غير مكيل ، ولا يجري فيما لا يؤكل ولو كان مكيلا .
طيب بناء على هذا القول : الأشنان والسدر والحناء فيه ربا ولا لا ؟
الطالب : لا .
الشيخ : ما فيه ربا ، طيب البرتقال والتفاح والرمان ؟
الطالب : فيه ربا .
الشيخ : فيه ربا لأنه مأكول مطعوم فالعلة الطعام .
الرز والبر والشعير ؟ فيه ربا على القولين جميعا ، لأنه مكيل ومطعوم .
طيب القول الرابع !
الطالب : مذهب من هذا ؟
الشيخ : هذا مذهب الشافعي -رحمه الله- .
القول الرابع يقول : العلة الاقتيات ، أنه مطعوم ويقتات ، يعني يتخذ قوتا ، يأكله الناس على أنه قوت لا على أنه تفكه ، وعلى هذا فنقول : إذا وُجد شيء يكال أو يوزن لكنه ليس قوتا للناس ، فإنه ليس فيه ربا ، وهذا مذهب الإمام مالك -رحمه الله- وإليه يميل شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم : أن العلة هي القوت مع الكيل ، فإذا لم يوجد أحدهما ، إحدى العلتين فإنه ليس فيه ربا .
وإذا دققت النظر وجدت أن الأشياء الأربعة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم : البر والشعير والتمر والملح : وَجدتَ أنها مكيلة لا شك ، وأنها مطعومة ، ويقتاتها الناس .
14 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير و التمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلاً بمثل ، سواء بسواء ، يداً بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ) . رواه مسلم . أستمع حفظ
مناقشة ما سبق ما أخذه.
الطالب : هم اختلفوا في العلة .
الشيخ : اختلفوا أيضا في العلة طيب .
الطالب : منهم من قال : إن العلة هي الكيل والوزن .
الشيخ : الكيل ؟
الطالب : والوزن .
الشيخ : في إيش ؟
الطالب : الكيل في البر والشعير والتمر والملح .
الشيخ : نعم .
الطالب : والوزن في الذهب والفضة .
الشيخ : في الذهب والفضة ، وبناء على هذا ؟
الطالب : أن المأكول وغير الماكول .
الشيخ : بناء على هذا يجري الربا في كل مكيل وكل موزون .
الطالب : في كل مكيل وموزون سواء كان مأكول أو غير مأكول .
الشيخ : طيب ، القول الثاني ؟ الأخ ما حضرت آه ؟ ما حضرت ؟
الطالب : حضرت .
الشيخ : ليش ، بندر ؟
الطالب : القول الثاني قول الشافعي : كل موزون ومطعوم ، والوزن في الذهب والفضة ، والطعم في باقي الأربعة .
الشيخ : في الأربعة الباقية ، وبناء على هذا يجري الربا ؟
الطالب : في الموزون والمطعوم .
الشيخ : يعني قال : إن العلة الوزن في الذهب والفضة ، والطعم في الأصناف الأربعة ، وعلى هذا فكل موزون ففيه الربا ، وكل مأكول ففيه الربا .
طيب هذا ثلاثة أقوال ، أو قولان فيمن يعلل ؟ نعم . الذي وراك نعم ؟
الطالب : الذهب والفضة الوزن ، والقول الثالث في الأربع الباقي ما يقتات ويدَّخر .
الشيخ : طيب ما يقتات ويدخر مع الكيل .
طيب فيه أيضا قول . قول خامس ؟
الطالب : لم يذكر .
الشيخ : كيف ؟ نعم قول الآن نذكره : أن العلة في الذهب والفضة الثمنية ، أنها ثمن الأشياء وقيمة الأشياء ، والعلة في الأربعة : القوت ، أنها قوت للناس يقتاتونها ، وليست من الكماليات ، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- .
وبناء على هذا القول يجري الربا في كل ما كان أثمانا سواء كان من الذهب أو من الفضة أو من الحديد أو من الخشب أو من الورق أو من أي شيء ، ما دام جُعل ثمنا للأشياء ففيه الربا ، وما كان قوتا ففيه الربا ، وما ليس بقوت فلا ربا فيه ، وما ليس بثمن فلا ربا فيه ، وهذا القول : يعني لا بأس به ، لكنه يرد عليه أنه قد ثبتت السنة بجريان الربا في الذهب ، وليس بثمن ، يعني وهو ليس بثمن ، كما في حديث فضالة بن عبيد في شراء القلادة من الذهب باثني عشر دينارا ، ( فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع حتى تفصل ، لأن فيها خرزا ) .
والظاهر لي والله أعلم أن نقول : العلة في الذهب والفضة أنها ذهب وفضة ، فيجري الربا في الذهب والفضة مطلقا كما جاء به النص سواء كان ثمنا أو كان حُليا أو تبرا أو غير ذلك ، يجري فيه الربا في كل حال .
أما إذا كان هناك أثمان من غير الذهب والفضة ، فإنها تلحق به إلحاقا للشُّبهة في أن العلة هي الثمنية ، يعني فيه شبهة قوية ، ولأننا لو لم نُلحق هذه الأثمان بالذهب والفضة لارتفع الربا غالبا في الوقت الحاضر ، لأن الناس الآن لا يتعاملون إلا بالأوراق النقدية ، وإذا قلنا ليس فيه ربا ، معناه أن هذه البنوك ليست تتعامل بشيء محرم ، لأنه ليس في الورق ربا .
والفقهاء -رحمهم الله- قالوا : إذا كان النقد من الذهب والفضة ففيه الربا ، ربا الفضل وربا النسيئة ، وأما إذا كان النقد غير ذهب ولا فضة ففيه ربا النسيئة دون ربا الفضل ، دون ربا الفضل ، فقالوا : ليس في الفلوس ربا إلا أن تكون نافقة يعني دارجة متداولة ، ففيها ربا النسيئة دون ربا الفضل ، وبعضهم عبر بقول : لا ربا فيها مطلقا ، لكن القول الأول : أنه يجري فيها ربا النسيئة دون ربا الفضل هو الصحيح ، وعلى هذا فالأوراق النقدية لا يجري فيها ربا الفضل ، ويجري فيها ربا النسيئة ، وهذا قول متوسط ، ليس كقول من يقول : إنها عروض مطلقا ليس فيها ربا ، وليس فيها زكاة ، وليس كقول من يقول : إنها كالذهب والفضة فيها ربا فضل ونسيئة ، بل هذا وسط بين القولين :
أنه يجري فيها ربا النسيئة دون ربا الفضل ، يعني لا يجوز أن أصرف نقدًا بنقد غائبًا بناجز ، ولكن يجوز أن أصرف عشرة بثمانية ناجزًا يدًا بيد أو أكثر أو أقل ، لأن هذه الأشياء ليس لها قيمة ذاتية ، إنما قيمتها تبع للعرض والطلب ، أو تبع لما تقرره الدولة أو الحكومة من أقيامها .
فمثلا عندنا قدرت الحكومة أن الورقة ذات الريال الواحد تقدر بريال واحد من المعدن ، ولو شاءت لقالت : تقدر بريالين ، كالنصف والربع مثلا ، فهذا تقويم نظامي فقط ، وعلى هذا فيمكن أن يكون خاضعًا للعرض والطلب ، فإذا رخصت الأوراق صار صرف هذه العملة النقدية أرخص ، وإذا غلت صارت أغلى .
وأنا أذكر أن الناس كانوا يفضلون الورق النقدي على الريال الفضي ، والآن الريال الفضي يساوي يمكن خمسة عشر ريال ، أو عشرة ريالات ورقية ، بينما أذكر أنهم كانوا إذا خيروا لما كنا نقرأ في المعهد ، يخيرون الطلبة تبي ورق ولا ريال ؟ يقول : لا أبي ورق ، يقول : أحيانا يعطونهم جنيهات بدل الفضة ، تبي جنيهات ولا روق ؟ جنيهات ذهب يعني ، يقول : لا ، أنا أبي ورق لكن انعكست الحال الآن انعكست .
فأصح الأقوال في هذه المسألة : أن العلة في الذهب والفضة كونها ذهبا وفضة يعني هذا الجنس يجري فيه الربا على كل حال ، ثم لشبهة علة الثمنية أقول : ما جعل ثمنا في الأشياء وقيمة فإنه يجري فيه ربا النسيئة دون ربا الفضل ، لأن الأصل الحل : (( وأحل الله البيع )) حتى نتيقن أنه يدخل في الأموال الربوية ، ولولا الفساد الكبير لقلنا : إنه لا يجري الربا فيها لا ربا الفضل ولا ربا النسيئة ، لكن لا شك أن هذا القول يترتب عليه فساد عظيم ، يترتب عليه حل الربا ، ويترتب سقوط الزكاة عن الأغنياء في الوقت الحاضر ، لأن أموال الناس الآن أوراق ، فلو قلنا : بأنها عروض مطلقا كما قال به بعض الفقهاء لسقط الربا فيها ، ولسقطت الزكاة ، ولحصل فساد كبير .
فالحاصل أن القول الوسط أننا نلحقها بالثمينة في وجوب الزكاة ، وفي ربا النسيئة فقط نعم .
وهذا هو اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله ، بل إنه رحمه الله يجيز تأخير القبض إذا تؤجل ، إذا لم يكن فيه أجل ، يعني معناه أنه يجيز أن تصرف عشرة دراهم سعودية بدينار كويتي مثلا مع تأخر القبض بشرط ألا يكون التأخير بتأجيل مؤجل .
ولكن الذي أرى أنه يجب القبض ، يجب التقابض قبل التفرق ، ولا يجوز التفرق قبل القبض .
طيب ما تقول يا حجاج في رجل أبدل برتقالة مغربية ببرتقالتين مصريتين ؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : يجوز ؟ كيف ؟ غلط !
الطالب : على قول من يقول : تجري العلة فيما يطعم فإنه لا يجوز ، وعلى قول أنه .
الشيخ : يعني من يقول : إن العلة الطعم فإنه لا يجوز طيب .
الطالب : وعلى قول من يقول : العلة فيه الاقتيات ، فإنه يجوز .
الشيخ : يجوز لأن هذا ليس بقوت ، وكذلك من يرى أن العلة الكيل فإنه يجوز لأن هذذا لا يكال .
صح طيب ، ما تقول فيمن أبدل صاعا من السدر بصاعين حسين ؟ صاع من الدر بصاعين من السدر ؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : مطلقا ؟
الطالب : مع التقابض .
الشيخ : ها ؟
الطالب : تقابض السلع .
الشيخ : نعم ما يخالف ، ما يحتاج ، الغالب أنه ما يتقابض إلا في الحال .
الطالب : على قول من قال إن العلة في .
الشيخ : من قال : إن العلة الكيل -اصبر ما عندنا أو الوزن ما في وزن هذا- .
الطالب : ما يكال .
الشيخ : كيف ؟
الطالب : ما يكال .
الشيخ : كيف ؟ ما هو عسل ، سدر !
الطالب : عسل سدر ؟!
الشيخ : ويش يقول ؟
الطالب : عسل سدر ، فيه عسل سدر ، وفيه عسل .
الشيخ : السدر مر يا عبد الرحمن بن داود .
الطالب : الآن يبيعوا عسل يا شيخ عسل من السدر ، يعني النحل يأكل من السدر .
الشيخ : المهم ما نعرف هذا ، هذا سدر سدر ، الذي يغسل به البدن ( اغسلوه بماء وسدر ) هذا في الحديث .
الطالب : على قول الحنابلة ما يجوز .
الشيخ : دعنا من قول الحنابلة والشافعية والمالكية ، على قول من يقول بكذا ، لأنه قد يكون في الشافعية من يرى رأي الحنابلة .
الطالب : من قال بالكيل
الشيخ : من قال إن العلة الكيل ، سؤالي : رجل باع صاعًا من السدر بصاعين منه ؟
الطالب : نقول : لا يجوز .
الشيخ : مطلقا ؟
الطالب : على قول من قال العلة الكيل .
الشيخ : آه ، زين لأنه مكيل ، ومن قال إن العلة الطعم أو القوت ؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : يجوز ؟
الطالب : يجوز التفاضل .
الشيخ : الله يهديك يجوز البيع أنا بسألك عن البيع مو عن التفاضل !
الطالب : يجوز .
الشيخ : يجوز ؟ متأكد ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : توافقون على هذا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب ، شوف بعض الناس إذا صار ما عنده جزم بالجواب قام يحيد ، أسأله يجوز يقول : يجوز التفاضل إيش التفاضل ؟! هل يجوز البيع ولا لا ؟ طيب على كل حال الآن فهمتم إن شاء الله الحكم ، الأحكام هذه تبني على اختلاف العلماء -رحمهم الله- في علة الربا طيب .
الطالب : هذا يا شيخ قول الشافعي يعتبر العدد ولا الوزن ؟
الشيخ : ما يعتبر لا عدد ولا وزن ، يقول يجري فيه الربا ولو كان عدد .
الطالب : أقول يعني عدد تفاحة كبيرة وتفاحة صغيرة ؟
الشيخ : لا ، الظاهر هذه يعتبر الوزن ، لأن كيله متعذر .
نعم طيب ، نأخذ أجل الحديث الذي بعده عن أبي هريرة ، قال -رحمه الله- : وعن أبي هريرة رضي الله عنه .
الطالب : الفوائد .
الشيخ : كيف ؟
الطالب : فوائد الحديثين .
الشيخ : طيب ما يخالف .
الطالب : الأول حديث عبد الله بن مسعود .
الشيخ : الأول حديث أبي سعيد .
الطالب : عبد الله بن مسعود .
الشيخ : ما أخذنا الفوائد أي طيب .
الطالب : حديث أبي هريرة .
فوائد حديث: ( الربا ثلاثة وسبعون باباً ، أيسرها ... ).
ومن فوائده : أن الشارع قد ينص على الشيء مجملا ويكل العلم بتفصيله إلى الناس ليتتبعوه ، وهذا فيما يمكن أن يدرك بالتتبع ، لأنه قال : ( ثلاث وسبعون بابا ) ولم يبينها ، لكن العلماء يتتبعونها حتى يعرفوها .
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تسعتًا وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ) ولم يبينها ، لكنها مبينة بالتتبع تعرف ، وإنما قلتُ : لكنها مبينة لئلا يرد علينا مذهب أهل التعطيل في صفات الله ، الذين يقولون : " إن الله أراد بها معنى غير ظاهرها ووكل علمه إلى الناس ليدركوه بعقولهم " ، فإن هذا قول باطل ، وليس مثل مسألتنا ، لأن نصوص الصفات بينة واضحة لا تحتاج إلى تحريف .
ومن فوائد الحديث : أن الربا من أكبر الكبائر ، لأنه جعل أيسر هذه الأبواب مثل أن ينكح الرجل أمه -والعياذ بالله-.
ومنها من فوائد الحديث : أن استطالة الإنسان في عرض المسلم من أربى الربا ، لأنه لا يكلفه شيئا فيزداد في استطالته في عرضه ، ويكسب آثاما كثيرة وهو لا يدري ، لقوله : ( أربى الربا ) ، وعلى هذا فيكون اسم التفضيل بالنسبة للكمية لا للكيفية .
طيب ، وفي الحديث أيضا ، في حديث ابن مسعود : التحذير من الربا ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل أيسره مثل أن ينكح الرجل أمه .
ومن فوائده أيضًا : التحذير من أعراض المسلمين ، حيث قال : ( إن أربى الربا عرض الرجل المسلم ) طيب .
فوائد حديث .( لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ... ).
ففي الحديث : دليل على تحريم بيع الذهب بالذهب متفاضلا ، ويؤخذ من عمومه : أنه لا فرق بين كون أحد العوضين أجود من الآخر ، أم لا ، لعموم قوله : ( لا تبيعوا الذهب بالذهب ) ، أو مصنوعا والآخر غير مصنوع ، لعموم قوله : ( لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ) .
ومن فوائد الحديث أيضًا : تحريم بيع الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل ويقال فيها ما قيل في الذهب .
ومن فوائد الحديث : أنه يحرم تأخير القبض فيما إذا بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والذهب بالفضة ، ولهذا أعقب الجملة الأخيرة فقال : ( لا تبيعوا منها غائبًا بناجز ) .
ومن فوائد الحديث : كمال بيان الرسول عليه الصلاة والسلام ، حيث إنه عليه الصلاة والسلام فصَّل تفصيلا كاملا في بيع الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة .
فوائد الحديث: ( الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر... ).
ربا فضل وربا نسيئة ، فإن بيع الشيء بجنسه اجتمع فيه ربا الفضل وربا النسيئة ، وإن بيع بغير جنسه ففيه ربا النسيئة فقط ، والدليل قوله عليه الصلاة والسلام : ( مثلا بمثل ، سواء بسواء ، يدًا بيد ) : هذا فيه التماثل ها والتقابض طيب .
( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد ) : هذا فيه ربا النسيئة إذا اختلف الجنس .
وظاهر الحديث شمول هذا الحكم فيما إذا باع تمرًا بدراهم أو برا بدراهم أو شعيرا بدراهم أو ملحا بدراهم ، أليس كذلك ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : نعم ، لكننا ذكرنا أثناء الشرح أن السنة قد دلت على عدم وجوب التقابض فيما إذا كان أحدهما نقدًا ، وما هي السنة التي بينت ذلك ؟ السلم حديث ابن عباس : ( كان الناس يسلفون الثمار السنة والسنتين فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ) .
سؤال عن حكم جري الربا في القرض؟
الشيخ : نعم .
السائل : هل القرض من البيوع ؟
الشيخ : لا القرض ليس ببيع ، البيع يقصد به المعاوضة ، والقرض يقصد به الإحسان والإرفاق ، ولهذا إذا خرج عن قوله ، واشترط فيه النفع فهذا ربا ، أنا عندما أقرضك هل أنا أردت المعاوضة ؟
السائل : لا ، أردت .
الشيخ : اصبر اصبر لا تقول أردت ، ماذا أردت ؟
السائل : الإحسان .
الشيخ : الإحسان ، فالإحسان بابه واسع ، بدليل لو أردت المعاوضة لكان مصارفة لقلت : اصرف هذا الريال بريال آخر أو بدنانير .
السائل : مثلا ذهب بذهب بكبر بعضها ... .
الشيخ : أيهم ؟
السائل : إذا صار من الفوائد المالية كيلو بكيلو !
الشيخ : آه .
السائل : ويش يستفيد ؟
الشيخ : هذا إيراد واضح .
إذا كان بيع الذهب سواء بسواء مثلا بمثل ويا بيد فما فائدة هذا؟
أقول فائدة عظيمة : قد يكون هذا الحلي تختاره المرأة ، والثاني المرأة الأخرى تختار حليا آخر ، ولا صحيح أن بيع دينار بدينار هذا ما حد ما يستفيد ، وقد يكون في الصفة أحدهما أحسن ، يعني أجود ، هذا ، ولا .
كل شيء جعل ثمنين ففيه الربا والجنسين مختلفين والقيمة واحدة فهل يجوز التفاضل؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : إذا قلنا : أي شيء جعل ثمنا فإنه يكون فيه ربا نسيئة ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : أي شيء جعل ثمنا !
الشيخ : نعم ، نعم .
السائل : أي شيء جعل ثمنا ، ويعني ثمنه متشابه يعني شيئين لهما ثمن واحد .
الشيخ : نعم .
السائل : فهل يجوز التفاضل ؟
الشيخ : ولكن النوع مختلف الجنس مختلف ؟
السائل : مختلف لكن !
الشيخ : القيمة واحدة !
السائل : إي نعم .
الشيخ : القيمة واحدة والجنس مختلف يجوز التفاضل ، لأن الجنس اختلف .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب وزناً بوزن مثلاً بمثل ، والفضة بالفضة وزناً بوزن ، مثلاً بمثل ، فمن زاد أو استزاد فهو ربا ) . رواه مسلم .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب وزناً بوزن مثلاً بمثل ) " :
وسبق الكلام على هذه الجملة وبيان أنها تدل على وجوب المماثلة بين الذهب بالذهب بالوزن ، بلقوله : ( وزنا بوزن ) : يعني لا تبيعه إلا وزنا ، فلا يباع كيلا ، ولا بد أن يكون في الوزن متماثلا لقوله : ( مثلا بمثل ) .
( والفضة بالفضة وزنا بوزنٍ مثلا بمثل ) : وسبق الكلام على هذه الجملة أيضًا وأنها تدل على وجوب بيع الفضة بالفضة وزنا ، وأنه يجب أن يكون وزنًا متماثلا .
قال : ( فمن زاد أو استزاد فهو ربا ) : زاد شيئا بدون طلب ، استزاد : طلب الزيادة ، فالذي يزيد ويعطي الزيادة مُربي ، والذي يطلب الزيادة أيضا مربي ومعلوم أن الزيادة فيها باذل ومبذول له :
فالمبذول له : هو المستزيد ، والباذل هو الزائد ، وكلاهما واقعان في الربا ، أما الآخذ للزيادة فوقوعه في الربا ظاهر .
وأما الثاني : فلأنه معين على ذلك وراض به ، ولأن هذه الزيادة نشأت في عقد واحد ، أو من عقد واحد فكانا فيها سواء ، فلهذا قال : " ( فمن زاد أو استزاد فهو ربا ) رواه مسلم " .
وهذا الحديث وحديث عبادة وحديث أبي سعيد الأول يغني عنهما حديث عبادة ، لأن حديث عبادة أشمل وأوسع مدلولا وفيه ذكر النوعين من الربا ربا الفضل وربا النسيئة .
يعني فلو أن المستدل الذي أراد أن يتكلم على تحريم الربا اقتصر في الاستدلال على حديث عبادة لكان كافيًا ، لكن أتى المؤلف بهذين الحديثين من باب توكيد المسألة ، وأن الأمر لم يأت من طريق واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل جاء من عدة طرق .
22 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب وزناً بوزن مثلاً بمثل ، والفضة بالفضة وزناً بوزن ، مثلاً بمثل ، فمن زاد أو استزاد فهو ربا ) . رواه مسلم . أستمع حفظ
فوائد حديث:( ( الذهب بالذهب وزناً بوزن مثلاً بمثل ...).
وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا ً على خيبر , فجاءه بتمر جنيبٍ , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكل تمر خيبر هكذا ؟ ) فقال : لا والله يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ! إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تفعل , بع الجمع بالدراهم , ثم ابتع بالدراهم جنيباً ) , وقال في الميزان مثل ذلك . متفق عليه , ولمسلم : ( وكذلك الميزان ) .
وهذا الرجل اسمه سواد بن غزية ، وإبهام الرجل أو بيان اسمه الغالب أنه لا يتعلق به حكم ، ويكون خفاء اسمه من الشيء الذي إن جهله الإنسان لا يضر ، وإن علمه فهو زيادة خير ، لكن ليس بلازم في الغالب ولا يترتب عليه حكم ، يقول : ( استعمله على خيبر ) أي : جعله عاملًا على خيبر وكيلًا في قبض ما يستحقه المسلمون منها .
( فجاء بتمر جنيب ) : التمر الجنيب هو الطيب الدهن ، الذي يكون قاسيًا شديدا لأن التمور تختلف منها ما يكون لينا كالسلت ، ليس فيه شحم ، ومنها ما يكون صلبا قويا شديدا طيبا فالثاني يسمى الجييب ، يعني التمر الطيب .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أكلُّ تمر خيبر هكذا ؟ ) يسأل لأن النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم عن هذه الأشياء ، ولا يعلم عن خيبر عن كل تمرها فسأل فقال : ( لا والله يا رسول الله ) : يعني ليس كل تمر خيبر هكذا ، بل فيه التمر الطيب وفيه التمر الرديء ، ( وإنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة ) : الصاع من هذا بالصاعين من تمر خيبر ، والصاعين من هذا بالثلاثة من تمر خيبر أيضا ، أيهما أرخص الصفقة الأولى أو الثانية ؟
الطالب : الأولى .
طالب آخر : الثانية .
الشيخ : لا إله إلا الله ، طيب اصبروا اصبروا ، الصاع بالصاعين يعني المئة بالمئتين ، الصاعين بالثلاثة يعني المئتين بخمسمئة ، يعني ثلاثة أخماس ، نعم يعني الكف ثلاثمئة ، لكن نسبة الثلاثمئة إلى الخمسمئة ثلاثة أخماس ، وذاك نسبته النصف ، فأيهما أكثر ؟
الطالب : الثاني .
طالب آخر : الأول .
الشيخ : طيب ما يخالف ، لو أخذنا بالأول الصاع بالصاعين ، الصاع بالصاعين كم يكون الصاعين ؟
الطالب : أربعة .
الشيخ : أربعة يكون الصاعين أربعة ، وإذا كان الصاعين خمسة صار الصاعين ؟
الطالب : خمسة .
الشيخ : لا لا صار الصاعين بالثلاثة ، يعني يكون الصاع صاع ونص ، يعني ربع صاع ونصف ، صار الأخير أرخص أرخص ، يعني التمر الرديء أرخص ، يعني يأخذ الصاع بصاع ونصف ، يجي يأخذ الصاع .
طيب الرخص بالطيب ولا بالرديء ؟
الطالب : لا بالطيب .
الشيخ : أنا أسأل عن الردي ؟
الطالب : الطيب .
الشيخ : طيب ، إذن اتفقنا ، يعني أن الطيب أرخص بالنسبة للذي أخذ صاع بالصاعين كذا ولا لا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : وبالعكس إذا أخذ الصاعين بالثلاثة .
طيب المهم أنهم كانوا يأخذون إما المئة بالمئة أو المئتين ثلاثمئة نعم ، يعني معناه أرخص من الأول ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بع الجمع بالدراهم ) فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا تفعل ) : هذه لا ناهية ، يعني لا تفعل هذا الفعل فتشتري شيئا أقل بشيء أكثر من التمر ، ثم أرشده فقال : ( بع الجمع بالدراهم ) : لما منعه من صورة الربا أرشده إلى صورة الحلال ، فقال : ( بع الجمع بالدراهم ) : الجمع هو التمر المجمَّع المخلوط ، والغالب أن التمر المجمع المخلوط : الغالب أنه يكون رديئًا ، لأنه يكون من الأنواع الرديئة ويخلط جميعا ولا يعتنى به ، ما ينقى ولا يهذب ، ( ثم ابتع بالدراهم جنيبا ) ابتع : بمعنى اشتر ، بالدراهم جنيبا أي : تمرا طيبا .
وفي لفظ لمسلم قال : ( ردوه ) : يعني ردوا هذا التمر ، وهذا اللفظ فيه فائدة عظيمة وهي : أن العقد وإن كان صاحبه جاهلا إذا كان محرما يجب رده وإبطاله ، لأن في إنفاذه معصية لله ورسوله واعتبارا لما ألقاه الشرع ، وقال : ( في الميزان مثل ذلك ) : قال في الميزان ، ما المراد بالميزان ؟
قال بعض العلماء : المراد بالميزان كل ما يوزن .
وقال بعض العلماء : المراد بالميزان الذهب والفضة ، لأنها توزن : يعني قال بالذهب والفضة مثل ما قال في بيع التمر بالتمر .
فإذا قال قائل : ما مناسبة ذكر الميزان في هذه الصورة ، أو في هذه المسألة ؟
فالجواب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من حسن تعليمه إذا ذكر الشيء ذكر ما يمكن أن يحتاج إليه السائل وإن لم يسأل عنه ، وهذا من الجود بالعلم ، كما لو سألك فقير قال : أعطني قميصا ، فأعطيته قميصا وعمامة ، فإن هذا من الكرم بالمال ، والزيادة على سؤال السائل من الكرم بالعلم . ونظير هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن البحر فقال : ( هو الطَّهور ماؤه الحل ميتته ) : مع أنه لم يُسأل عن الميتة ، لكن من ركب البحر سيحتاج إلى الأكل ، فبين النبي عليه الصلاة والسلام ما يمكن أن يحتاج إليه لأن ميتته طاهرة .
هذا الحديث كما ترون أصله بيع تمر بتمر متفاضلا ، هذا أصله ، والرسول صلى الله عليه وسلم بين حكم هذه المسألة بيانًا كافيًا شافيًا .
24 - وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا ً على خيبر , فجاءه بتمر جنيبٍ , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكل تمر خيبر هكذا ؟ ) فقال : لا والله يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ! إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تفعل , بع الجمع بالدراهم , ثم ابتع بالدراهم جنيباً ) , وقال في الميزان مثل ذلك . متفق عليه , ولمسلم : ( وكذلك الميزان ) . أستمع حفظ
فوائد حديث:( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا ً على خيبر , فجاءه بتمر جنيبٍ ... ).
الفائدة الأولى : جواز استعمال الرجل الواحد في قبض الزكاة ومحاسبة الشركاء ، وجهه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر ) ، ومن المعلوم أن خيبر ثمارها شطرها للمسلمين والشطر الثاني لليهود على سبيل المساقاة ، ولكن يشترط في العامل أن يكون ذا خبرة ، وأن يكون أمينًا ، وهذان الشرطان كما تعلمون شرط في كل معاملة أُسندت إلى شخص أن يكون الشخص ذا خبرة ، وأن يكون أمينًا ، وقد أشار الله إلى ذلك في كتابه فقال عز وجل عن العِفريت من الجن الذي قال لسليمان : (( أنا آتيك به قبل أن تقوم مِن مقامك وإني عليه لقوي )) : وهذه الخبرة ، (( أمين )) وهذه الأمانة .
وقالت إحدى ابنتي صاحب مدين ، قالت لأبيها : (( يا أبت استئجره )) تعني موسى ، (( إن خير من استئجرت القوي الأمين )) ، فلا بد فيمن استعمل على عمل أن يكون ذا خبرة وأن يكون أمينا .
ومن فوائد هذا الحديث : أن اختلاف الجنس بالجودة والرداءة لا يؤثر في منع الربا ، وجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في رواية أخرى : ( عين الربا ) يقول لبلال قال : ( عين الربا ) ، يعني هذا عين الربا مع أن القيمة مختلفة ولا غير مختلفة ؟
الطالب : مختلفة .
الشيخ : مختلفة فإن الرديء لا يساوي في القيمة الجيد ، ومع ذلك منع الرسول صلى الله عليه وسلم الفضل بينهما ، بين التمرين ، لأنهما من جنس واحد .
ومن فوائد هذا الحديث : أن اختلاف النوع لا يؤثر أيضًا في منع الربا ، اختلاف النوع ، وأظنكم تعرفون الفرق بين النوع والجنس؟
الطالب : نعم .
الشيخ : التمر كله جنس لكنه أنواع ، سكري مثلا ، وشقراء ، أم الحمام .