تحت باب الرخصة في بيع العرايا وبيع الأصول والثمار
تتمة فوائد حديث :(أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهى ... ).
الطالب : باطل .
الشيخ : باطل .
ومنها : جواز بل وجوب السؤال عن الكلمة التي لا يتبين معناها إلا بالسؤال ، لأنهم سألوا أنس بن مالك عن الزهو ففسره لهم .
ومنها : أنه لا يجوز بيع النخل حتى يحمر أو يصفر ، لكن هذا فيما يحمر أو يصفر ، وأما بعض النخيل الذي يبقى أخضر لكنه يثمِّر فهذا يكتفى فيه بطيب الطعم ولا حاجة إلى اللون .
ومن فوائد هذا الحديث : أنه لو بدا اللون في نخلة ولم يبد في النخلة الأخرى فإنه يصح بيع النخلة التي بدا فيها اللون ، ولا يصح بيع النخلة الأخرى ، لماذا ؟ لأن الحكم يدور مع علته ، فهذه وُجد فيها اللون فيصح بيعها وهذه لم يوجد فلا يصح .
طيب فإن باع الإنسان بستانه جميعا ، فهل يكفي فيه أن يظهر اللون في واحدة منه لأن الصفقة واحدة ، وما لم يظهر فيه اللون فهو تبع ، أو لا بد أن يكون اللون في كل شجرة ، أو يُكتفى في اللون بكل نوع ؟
هذه ثلاثة احتمالات :
الأول الأخ أنت ، نعم ؟
الطالب : أنا ؟
الشيخ : أي نعم .
الطالب : تثمر .
الشيخ : هل يشترط أو هل يكتفى ؟
الطالب : أن تزهر واحدة والباقي تبع .
الشيخ : نعم هذه واحدة .
الطالب : أو تزهر واحدة من كل لون ، واحدة من كل لون .
الشيخ : نعم .
الطالب : والثالثة أن .
الشيخ : زيد .
الطالب : اللون في كل نوع .
الشيخ : صح عرفتم ولا لا ، طيب هذه ثلاثة احتمالات :
فمن العلماء من قال بالأول ، وقال : إذا بيع البستان وفيه نخلة واحدة ملونة لكنه صفقه واحدة صح البيع .
ومنهم من قال : لا يصح البيع إلا إذا وُجد اللون في كل شجرة بمفردها .
ومنهم من فصَّل وقال : إن كان النوع واحدا جاز ، وإلا فلا ، وهذا القول كما ترون قول وسط ، والغالب أن خير الأمور الوسط ، وعلى هذا فإذا باع البستان جميعًا وكان فيه أربعة أنواع قد ظهر اللون في كل واحدة من كل نوع فالبيع صحيح ، وإن وُجد اللون في ثلاثة أنواع فقط فالرابع لا يصح ، في نوعين فالثالث والرابع لا يصح ، في واحد فالثاني والثالث والرابع لا يصح ، وأظن المثال واضح .
طيب فإن قلت : أرأيتَ لو باع نوعًا من النخل ولم يبد الصلاح إلا في حبة واحدة من شجرة واحدة ، وقد باع النوع صفقة واحدة ، يجوز ؟
هذا نخل سكري ، عشر نخلات ، باعه شخص ولم يكن فيه إلا حبة واحدة من شجرة واحدة ، يجوز ولا لا ؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : يجوز ، طيب ، قال : فإن صعد الشجرة وأكلها ، وأكلها ثم باعها بعد أن أكلها ؟
الطالب : يجوز .
طالب آخر : لا يجوز .
الطالب : حقيقية ؟
الشيخ : نعم هذه وقعت ، ما هي مفروضة الآن ، هذه وقعت كانوا يبيعون ثمار النخل وشكوا هل هذه فيها شيء أو لا ، فصعد واحد الشجرة فوجد فيها حبة ملونة فأكلها ثم نزل ، فهل يصح بيعها ؟ نعم ؟
الطالب : يصح ، لأنه تبينها .
الشيخ : الظاهر لي أنه يصح نعم ، لماذا ؟ لأنه قد بدا فيها الصلاح وكونه يأكل أو ما يأكل هذا لا أثر له ، نعم لو فُرض أنه أكل قبل أن يُبحث في الموضوع ونحن لم نعلم قلنا : لا نبيعها حتى يتلون .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن الحب حتى يشتد . رواه الخمسة إلا النسائي , وصححه ابن حبان والحاكم .
الطالب : أنس .
الشيخ : " عن أنس رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العنب حتى يسود ، وعن بيع الحب حتى يشتد ) رواه الخمسة إلا النسائي ، وصححه ابن حبان والحاكم " :
هذا كالذي قبله تقريبا ، إنما هو مثال مما قبله : ( عن بيع العنب حتى يسود ) لأنه قبل اسوداده لم يبد صلاحه ، وهذا في العنب الذي يلون ويكون أسود أما الذي لا يلون كما هو معروف فيه أصناف كثيرة من العنب لا تلون ، فالعبرة بكونها صالحة للأكل ، تكون لينة وحلوة ، فإذا لانت واحلولت حل بيعها .
( عن بيع الحب حتى يشتد ) إيش الحب هذا ؟ القمح الذرة الشعير نعم القمح هو البر .
الطالب : الفول والعدس ؟
الشيخ : وغير هذا فول وعدس وما أدري إيش كثير ، المهم الحب لا يباع حتى يشتد ، أما ما دام لينا فإنه لا يباع لأنه لا يبدو صلاحه وتذهب عاهته إلا إذا اشتد .
طيب نرجع إلى هل يُستثنى من هذا شيء ؟ نقول : نعم ، يُستثنى من ذلك ما إذا شرط قطعه ، فإذا اشترى الزرع قبل أن يشتد يريد أن يكون علفًا يبي يحصده الآن ، فالبيع صحيح لأنه ينتفع به الآن ، كذلك العنب إذا اشترى عنبا حصرمًا لكن هو يرد الحصرم يخلطه في أدوية أو غير ذلك ويبي يقطعه الآن فهذا لا بأس به .
فإن باعه على مالك الأرض في الحب وعلى مالك الشجر في العنب ففيه قولان لأهل العلم : منهم أجازه ، ومنهم من منعه والصواب مع المنع .
3 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن الحب حتى يشتد . رواه الخمسة إلا النسائي , وصححه ابن حبان والحاكم . أستمع حفظ
فوائد حديث :( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن الحب حتى يشتد ... ).
الطالب : نطلب أهل الخبرة في ذلك .
الشيخ : إذًا إذا أردنا أن نشتري زرعا نطلب أهل الخبرة !
الطالب : ويكون قد جرت عادة الناس في بيع الحب على هذه الطريقة حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : هذا كلام الرسول .
الطالب : لو أخرجنا الحب ما استطعنا .
طالب آخر : لو أخذنا بعضه والباقي يقاس عليه .
الشيخ : نعم ، طيب .
الطالب : ... .
الشيخ : نهى عن إيش ؟ عن بيع الغرر يعني ؟ ما وجه استثنائه ؟ هو مستثنى لكن ما وجه استثنائه ؟ عندك شيء ؟
الطالب : الزروع .
الشيخ : يعني الحاجة داعية إلى ذلك ، ولو كُلف الناس ألا يبيعوا إلا بعد إخراج الحب لكان في ذلك مشقة شديدة ، وفيه أيضا ربما إذا أخرج الحب ونحن نحب أن ندخره لفسد الحب ، لأن الحب إذا أُخرج من قشره صار عرضة للفساد ، وإذا بقي في قشره صار أسلم له ، ولهذا قال يوسف عليه الصلاة والسلام للذي قص عليه الرؤيا : (( فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون )) ليش ؟
لأن بقاءه في السنبل حفظ له ، ولهذا يقال : إذا بقي الحب في السنبل لا يمكن أن يدخله السوس أبدًا ، وإذا أُخرج لحقه السوس .
إذًا نقول : الحكمة في استثناء ذلك أن هذا مما دعت الحاجة إليه ، ويتعذر فيه الوصول إلى اليقين ، فصار الظن جارياً مجرى اليقين لدعاء الحاجة إليه ، نعم .
4 - فوائد حديث :( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن الحب حتى يشتد ... ). أستمع حفظ
قول النبي صلى الله عليه وسلم ( حتى يبدو صلاحها ) ا لو أورد علينا مورد بأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم بأنه يمكن أن ينتفع بها قبل أن يبدوا صلاحها فماذا نجيب عنه ؟
الشيخ : نعم .
السائل : بماذا نجيب عنه ؟
الشيخ : لأن الغالب في عهده بل الدائم مهو الغالب أنها ما تقطع ، الغالب أنها ما تقطع تبقى ، أقول : الغالب أنها تبقى حتى تثمر ، فلهذا جاء جاء النهي مطلقا ، نعم .
5 - قول النبي صلى الله عليه وسلم ( حتى يبدو صلاحها ) ا لو أورد علينا مورد بأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم بأنه يمكن أن ينتفع بها قبل أن يبدوا صلاحها فماذا نجيب عنه ؟ أستمع حفظ
هل التمر السكري نوع واحد ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : السكري الأحمر هل هو نوع واحد ؟
الشيخ : لا هذا نوعان ، هذا نوعان حتى يختلف في الحجم .
السائل : ما يطلق عليه السكري .
الشيخ : إي لكن بس يختلف بالحجم وفي المذاق وفي الانتفاع .
السائل : يعني إذا صلح أحدهما لا يعني صلاح الآخر ؟
الشيخ : أي نعم ، ليس صلاحا للآخر ، نعم .
السائل : من الثمار ما يباع من غير احمرار .
الشيخ : ها ؟
السائل : ما يباع من غير احمرار ولم يبد صلاحه ؟
الشيخ : مثل إيش ؟
السائل : الليمون .
الشيخ : لا هذا مقطوع ، المنهي على على شجره ، اللي مقطوع لو تبيع غصن من الأغصان ما فيه بأس ما دام ينتفع به .
ما حكم بيع ما زهى من البستان لزيد مثلا ومالم يزهي باعه على عمرو مثلا فهل يجوز ذلك ؟
الشيخ : نعم .
السائل : والباقي باعها على عمرو .
الشيخ : الذي ما زهى ؟
السائل : نعم .
الشيخ : لا ما يجوز حتى لو باع على زيد الذي زهى ثم جاء بصفقة أخرى وباع عليه الذي لم يزه ما جاز .
السائل : شيخ في ظهور حبة واحدة في نخلة وإلا لا بد البدو على كل جميع ثمر النخل ؟
الشيخ : أنت نائم ولا مفارق ؟
السائل : إذا طلع وأكلها .
الشيخ : أنت ما فطنت إلا للأكل نعم .
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا بم تأخذ مال أخيك بغي حق ) رواه مسلم " :
وأظن قبل أن نشرع في شرح الحديث نناقش فيما سبق .
مناقشة ما سبق.
الطالب : يتبين صلاحه .
الشيخ : نعم ، ويظهر ، بدا يبدو إذا ظهر ، نعم .
طيب ما المراد ببدو الصلاح ؟
الطالب : بدو الصلاح ، جاء في الحديث أنه قال : حتى يذهب عاهته .
الشيخ : طيب ، ومتى تذهب عاهته ؟
الطالب : في حديث أنس : ( حتى تحمار أو تصفار ) .
الشيخ : نعم ، حتى تحمار أو تصفار .
طيب ما الفائدة يا جمال من قوله : ( نهى البائع والمبتاع ) ؟
الطالب : الفائدة من قوله : ( نهى البائع والمبتاع ) : حتى لا يظن ظان أن المنهي عنه هو البائع فقط .
الشيخ : المنهي هو البائع فقط .
الطالب : لأن المبتاع سيكون شخص واحد ، فنهى البائع والمبتاع : نهى البائع حتى لا يأكل المال الحرام ، ونهى المبتاع حتى لا يضيع ماله .
الشيخ : حتى لا يضيع ماله نعم طيب .
بدو الصلاح في العنب يا أحمد ؟
الطالب : إذا اسود .
الشيخ : إذا اسود ، هذا إذا كان مما ؟
الطالب : ما حضرت .
الشيخ : ما حضرت ! نعم مهند ؟
الطالب : السؤال يا شيخ ؟
الشيخ : السؤال العنب حتى يسود ، هذا إذا كان العنب مما ؟
الطالب : يعني أول ما يسود يؤكل .
الشيخ : طيب أليس من العنب ما لا يسود ؟
الطالب : نعم يوجد يا شيخ .
الشيخ : ها ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب هذا الذي لا يسود نصبر حتى يسود ؟
الطالب : لا لأن طبيعته حتى يسود .
الشيخ : إذًا هذا فيما في العنب الذي له لون أسود ، وأما العنب الذي ليس له لون يا شاكر ؟
الطالب : إما أن يتموه وإما أن يلين .
الشيخ : يتموه يعني يلين ، ويطيب أكله ها ، طيب .
قال : ( عن بيع الحب حتى يشتد ) يا عليان ما المراد بالحب ؟
الطالب : البر .
الشيخ : ها البر والشعير والرز وغيرها ، وما معنى يشتد ؟
الطالب : أن يكون قاسي .
الشيخ : يعني يقوى ، ويصلب ، يكون صلبا قويا لأنه قبل ذلك ضعيف . طيب هل يستثنى من هذا شيء يا غانم ؟ هل يستثنى من بيع الثمار قبل بدو صلاحها شيء ؟
الطالب : إذا قسناه على العرايا .
الشيخ : لا .
الطالب : أنا ما حضرت .
الشيخ : ما حضرت ، عبد الرحمن ؟ ذكرنا في الثمار يستثنى ؟
الطالب : فيما يشترط قطعه .
الشيخ : صح ، ما بيع بشرط القطع الآن ، وبشرط أن ينتفع به أيضا ، طيب وثانيا على المذهب ؟
الطالب : على المذهب : أنه إذا كان باعه على صاحب الأصل .
الشيخ : على مالك الأصل طيب أحسنت ، يلا عبد الله كيف ؟
الطالب : للعلاج .
الشيخ : ما هو ؟
الطالب : يستعمل للعلاج .
الشيخ : للعلاج ؟ ويش هذا ما درينا عنه ، نعم ؟
الطالب : ... إذا قطف قبل أوانه .
الشيخ : طيب ما يخالف ما يخالف على كل حال نحن اشترطنا إذا اشترط القطع سواء علفا للبهيمة أو كما تذكر أنه يكون للعلاج يشمل بشرط أنه ينتفع به .
طيب ما دليل هذا الاستثناء بالنسبة لما شرط قطعه ؟ يلا عبد الله !
الطالب : لما شرط قطعه ؟
الشيخ : أي نعم .
الطالب : حتى ينتفع به المشتري .
الشيخ : لكن ما دليله ؟ يلا محمد ؟
الطالب : الدليل : أنه أمكن الانتفاع منه فلم يضع ماله ، وإذا أمكن الانتفاع فلا يمنع .
الشيخ : طيب .
الطالب : لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما ، وهنا ثبت العلة لأنا نعلم قطعا أنه لا يمكن بقطعه العلة فانتفى ، فجاز بيعه .
الشيخ : يعني إذًا من الحديث يؤخذ : ( حتى تذهب عاهته ) ، والعاهة إذا شرط قطعه ذاهبة ، لأنه ما تصيبه عاهة بعد القطع كذا ولا لا ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : والمعنى الذي قال محمد أيضا وجيه لكن المعنى هذا قال مأخوذ من التعليل وهذا مأخوذ من نفس من نفس الحديث .
المسألة الثانية ما دليلها ؟
الطالب : حديث ابن عمر : ( من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرته على الذي باعها إلا أن يشترط المبتاع ) .
الشيخ : وجهه .
الطالب : النخل إذا كانت بعد أن أبرت تكون ثمرتها للبائع .
الشيخ : آه .
الطالب : فكذلك إذا باعها على مالك الأصل فتكون تبع لهذا .
الشيخ : لا ، ها ؟
الطالب : قاسوه على الذي يشتري الأصل ويحصل معها الثمرة ، الذي يشتري النخل .
الشيخ : ومثلما قال سامي بعد ما تؤبر ، ثمرتها لمن ؟
الطالب : ثمرتها للبائع إلا أن يشترط للمبتاع .
الشيخ : طيب .
الطالب : لكن جاز أن يشترط المبتاع ، جاز أن يشترط المبتاع فتكون له فقاسوا عليها .
الشيخ : إذا بيعت ؟
الطالب : لصاحب الأرض .
الشيخ : إذا بيعت على صاحب الأصل ، لأنه إذا اشترطها فكأنما اشتراها كذا ويش قلتم يا جماعة ؟ هذا واضح ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : واضح هذا الذي هو وجه الاستثناء ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب ذكرنا أن الوجه الأول أو أن المسألة الأولى استثناؤها صحيح ، والمسألة الثانية أحمد ؟
الطالب : ... .
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : لأن الصورة هذه أن يكون تبع النخلة .
الشيخ : يعني لم يعقد عليه بصفقة مستقلة .
الطالب : قال : ما كان تبعا له حكم الأصل بخلاف غيره .
الشيخ : نعم طيب هل نحن ضربنا مثالا ننظر به في المسألة هذه ؟
الطالب : نعم ضربنا مثالا .
الشيخ : إيش ؟
الطالب : بيع المعز أو الضأن بحمله ولو فصلها لا يجوز .
الشيخ : لو باع الحمل وحده ما جاز .
طيب قوله : ( عن بيع الحب حتى يشتد ) محمد بن سلامة ، هل يستثنى من هذا شيء ؟
الطالب : نعم الحب يستثنى من هذا وهو في سنبله .
الشيخ : أي .
الطالب : يعني كيف يا شيخ ؟
الشيخ : نهى عن بيع الحب حتى يشتد ، فهل يستثنى من هذا شيء ؟ نعم ها قل ؟
الطالب : أن يكون بشرط القطع .
الشيخ : أن يكون بشرط القطع أن يكون بشرط القطع كذا .
طيب يمكن أن يؤخذ من الحديث -نحن البارح أمس درس الأول ما بينا كيف يؤخذ من الحديث وإلا بينا ؟ ها ؟ بيناه تفضل .
الطالب : بيناه أنه يؤخذ من الحديث إذا باع الحب .
الشيخ : بشرط القطع ها ؟
الطالب : قلنا : إنه ما بعد حتى يخالف ما قبلها ، أن ما بعد الغاية يخالف لما قبل الغاية .
الشيخ : لا لا ما هي بهذه ، هذا الذي ذكرناه أنه يجوز بيعه في سنبله ، ممكن أن يؤخذ من لفظ الحديث عن بيع الحب وهو إذا بيع قبل أن يشتد بشرط القطع ، ما اشترى الحب ، اشترى الزرع علف ، اشترى الزرع علفا حتى المشتري ما قصد الحب ، أفهمتم ؟
وعلى هذا فنقول : استثناء ما إذا باعه قبل اشتداد الحب بشرط القطع استثناء صحيح ، يدل عليه الحديث ، لأن الحديث نهى عن بيع الحب وهذا لم يبع الحب وإنما باع الزرع طيب .
استفدنا من الحديث أيضا أنه يجوز بيع الحب في سنبله ، -أحمد خليل- استدللنا بالحديث على أنه يجوز بيع الحب المشتد في سنبله !
الطالب : بمفهوم المخالفة ، قال : ( نهى عن بيع الحب حتى يشتد ) .
الشيخ : طيب أوردنا على هذا إشكالا !
الطالب : أن المشتري يشتري ما يجهله فربما دخل غير المستوي .
الشيخ : لا مستوي الحب .
الطالب : يعني أصابته علة من العلل .
الشيخ : ما أصابته علة ، إلا من أصح ما يكون .
الطالب : مجهول يعني لأن الحب مجهول .
الشيخ : لأن الحب الذي في السنبل مجهول طيب أجبنا عن ذلك ؟
الطالب : لأنه أبيح للحاجة ، لأنه بصعوبة الكشف عن هذا الشيء ، وأنه ربما يفسد إذا أخرجناه من سنبله ، فلهذه الحاجة أُبيح .
الشيخ : طيب ، صحيح هذا ؟
الطالب : صحيح .
الشيخ : طيب في مسألة بعد نثيرها الآن : ألا يجوز أن يكون في بعض السنبل ما لم يشتد ؟ أنا أسألك قبل تعطي الحكم جزاك الله خير ، ها ؟
الطالب : أي ربما .
الشيخ : ربما ، طيب إذًا ماذا نعمل ؟
الطالب : نقول : إذا غلب على السنبل أو على أكثر السنبل أنه اشتد فالحكم للغالب .
الشيخ : يعني صار الثاني تبعا لمشقة التحرز منه ، ومشقة تمييزه ، ما يمكن طيب .
يستثنى من ذلك أيضا صورة ثانية فيما إذا باعه على صاحب الأرض ، فإن المذهب أنه جائز ، وعللوا ذلك بمثل عللوا به الثمار ولكن هذا ضعيف كما سبق .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة , فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً , بم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ ) . رواه مسلم . وفي رواية له : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح .
لو حرف امتناع لامتناع ، ولما حرف وجود لوجود ، ولولا حرف امتناع لوجود .
ولو هنا شرطية بمنزلة إذا ، وقوله : ( لو بعت من أخيك ) من : بمعنى على يعني على أخيك ، ووصفه بالأخوة من باب التغليب ، وإلا فمثله لو باعه على كافر فإن الحكم لا يختلف ، لكن علقه بالأخوة من باب التغليب .
وقوله : ( ثمرا فأصابته جائحة ) ثمرا : يعني ثمر النخل ثمر العنب ثمر التين ثمر البرتقال أي ثمر ، الحديث عام ، وجه العموم فيه أو صيغة العموم فيه : التنكير فيه سياق الشرط ، والنكرة في سياق الشرط تفيد العموم .
وقوله : ( فأصابته جائحة ) جائحة : اسم فاعل ، والجائحة : ما يحوج الشيء والاجتياح الاستئصال ، ومنه الحديث : ( إن أبي اجتاح مالي ) ، فإذًا جائحة يعني أصابه ما يستأصله ، مثل بَرَد أو عواصف أو حر شديد أيبسه أو غير ذلك -يا عبد الرحمن بن رستم- هذه الجائحة ، الجائحة كل ما يستأصله .
قال : ( فلا يحل لك أن تأخذ منه ) أي : من أخيك ، ( شيئا ) ، ( فلا يحل ) : والشرع يذكر الحل ويقابله التحريم فإذا نفى الحل ثبت التحريم ، فهما متضدان شرعا ، وإن شئت فقل : متناقضان شرعا لا حسا وعقلا شرعا ، فإن الشيء إذا انتفى عنه الحل الشرعي ثبت تحريمه ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم )) إلى قوله : (( وأحل لكم ما وراء ذلكم )) ، فجعل هذا مقابل هذا ، وقوله : ( فلا يحل لك أن تأخذ منه ) منه : الضمير يعود على الأخ المشتري ، ( شيئا ) : أي شيء يكون لأن الثمر فسد كله فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا .
ثم علل فقال : ( بم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ ) : يعني بأي سبب تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ والاستفهام هنا للإنكار والتوبيخ ، يعني أنه يوبخ من أخذ المال الذي باع به هذه الثمرة ، لأنه أخذه بغير حق ، وضد الحق الباطل أخذه بباطل لماذا ؟
لأن هذا الثمر الذي باعه لم يستفد منه المشتري شيئا ، لم يستفد المشتري منه شيئا جاءه ما يجتاحه .
فالحديث كما ترون صورته واضحة : رجل باع ثمر نخل على آخر وليكن بمئة ريال ، ثم أصاب هذا الثمر جائحة ، نزل عليه المطر وأفسده حتى انهمر في الأرض فالمشتري إذًا لا يستفيد منه شيئا ، نقول : لا يحل للبائع أن يأخذ من المشتري مئة ريال ويكون الثمر الذي فسد لمن ؟ للبائع ، نعم وهنا يقول : ( بم تأخذ مال أخيك ؟ ) : فيدل هذا على أن الثمن لم ينتقل إلى البائع ، لأنه لو انتقل إلى البائع لم يصح أن يقال : مال أخيك .
إذًا فالثمن ما زال على المشتري ولا يحل للبائع منه شيء .
ففي هذا الحديث : دليل على مسائل :
المسألة الأولى : ما يعبر عنه أهل العلم بـوضع الجوائح ، يعني : هل توضع الجوائح أو لا توضع ؟
اختلف في هذا أهل العلم ، فقال بعضهم : إن الجائحة لا توضع ، وإنها على المشتري ، لأن المشتري اشتراها على وجه صحيح ، الثمن معلوم والمثمن معلوم ، عرفتم ؟ ودخلت ملك من ؟ المشتري ، وحصل التسليم ، لأن تسليم الثمر على النخل يكون بالتخلية، وقد خلى البائع بين الثمرة وبين المشتري ، قال تفضل : استلم ، وإذا كان كذلك ، فإن الجائحة لا توجب انفساخ البيع ، ويكون الثمن حلالا للبائع ، والثمر الذي أصيب بالجائحة للمشتري ، وهذا حظه ، هذا قول وعرفنا تعليله ، ما تعليله ؟
أن المشتري تملك هذا الثمر بعقد شرعي صحيح ، وأن التسليم حصل كاملا ، فالمبيع مقبوض والبيع صحيح ، والخراج بالضمان ، فيكون ضمانه على المشتري وليس على البائع شيء .
طيب القول الثاني في المسألة : أن ثبوت وضع الجوائح : يعني أننا نثبت ذلك ، وأنه إذا أُصيب الثمر بجائحة فإنه لا يحل للبائع أن يأخذ شيئا من المشتري ، ويكون التلف على من ؟ التلف على البائع ، قال هؤلاء : وبيننا وبينكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسنة حاكمة لا محكوم عليها ، وكل شيء يخالف السنة ولو بني على رأي ونظر فهو باطل ، وعلى هذا فنحن أسعد بالدليل منكم ، يقولونه لمن يقولون بعدم وضع الجوائح ، لأن معنا حديثا عن الرسول عليه الصلاة والسلام .
قالوا : يمكن أن يحمل الحديث على أنه من باب المروءة وحسن الخلق ، وأنه من باب المروءة لا ينبغي أن تأخذ منه شيئاً ، لأن الرجل اشترى الثمر للأكل ولم يحصل له أكله فلا يحسن أن نأخذ منه شيئا .
قالوا لهم : هذا يبطله النص ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( فلا يحل لك ؟ ) ، ما قال : فالأولى بك ، قال : لا يحل لك ، ماذا نقول أمام الله يوم القيامة ورسوله عليه الصلاة والسلام يقول : ( لا يحل لك ) ، ما يمكن فالحديث صريح ، ونقول : وضعه ليس من باب المروءة بل من باب الإلزام بالشرع ، فلا يحل للبائع شيء .
طيب قالوا : إذًا هذا الحديث على خلاف الأصول الشرعية ، فما الجواب ؟ الجواب : أن هذا على الأصول الشرعية ، جار على الأصول الشرعية ، ووجه ذلك :
أولاً : أن النص أصل شرعي بنفسه -حطوا بالكم لهذا- ، لأن بعض الناس يقول : الإجارة على خلاف الأصل ، الإجارة على خلاف الأصل ، لأنها بيع معدوم ، المنافع تأتي شيئا فشيئا ، السَلَم على خلاف الأصل لأنه غرر ما يدرى هل المسلم يحصل فيه ولا ما يحصل ، ويأتون على مثل هذه الأشياء هذه خلاف الأصل ، فنقول لهم : بارك الله فيكم : " الدليل أصل برأسه " ، فلا ما حاجة نقول : على خلاف الأصل بل نقول : الدليل أصل هو أصل فإذا ثبت الحديث وثبتت الدلالة فهذا هو الأصل ، إذًا فنقول : هذا على وفق الأصل لأنه نص حديث، والحديث أصل ، أنتم دائما تقولون : الأصل في هذا الكتاب والسنة ، إذًا فهو أصل .
ثانيًا : من جهة النظر هو جار على الأصل ، لأن المشتري إنما اشترى الثمرة لماذا ؟ لينتفع بها ويأكلها ، فجاءتها جائحة قبل أوان الأكل فماتت ، هل قضى ما أراد ؟ أجيبوا ؟
الطالب : ما قضى .
الشيخ : ما قضى ، فإذا قالوا : التخلية قلنا : أي فائدة في التخلية ؟ التخلية في العقار في البيت صح ، إذا أجرته أعطه المفتاح ويدخل يسكن إذا بعت أعطه المفتاح ويدخل يسكن ، لكن بعت الثمرة ليأكلها وقد أتاها العاهة قبل أوان الأكل ما الفائدة من التخلية الآن ؟ المشتري يقول : خل نخلك عندك حتى يبدو الثمر يبدو الصلاح قصدي حتى يطيب أكلها وتؤكل ، واضح الآن ؟ إذًا فالحديث موافق للأصول من وجهين ، ما هما يا ابن داود ؟
الطالب : أولا : أن الدليل هو أصل بنفسه .
الشيحخ : أصله بنفسه .
الطالب : ثانياً : أنه موافق .
الشيخ : للأصول الشرعية العامة ، نعم .
الطالب : لأن المشتري اشترى الثمر ليأكلها .
الشيخ : نعم .
الطالب : ولما لم يستلمها .
الشيخ : لما حيل بينه وبينها ؟
الطالب : لم ينتفع .
الشيخ : نعم تمام .
الطالب : ويكون هنا قد سلموا واستلم نقول ليس في فائدة من التسليم ، لأنه ما انتفع ، والفائدة إذا سلم وانتفع بها .
الشيخ : كالتخلية بينها وبين البيت المستأجر أو المبيت ، طيب إذًا صار هذا جاريا على الأصول .
9 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة , فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً , بم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ ) . رواه مسلم . وفي رواية له : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح . أستمع حفظ
فوائد حديث :( لو بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة ... ).
طيب الفائدة الثانية من فوائد الحديث : لو أُصيب الثمر بفعل المشتري ، بأن كان المشتري لا يعرف يخرف ، تعرفون الخراف ما هو ؟
الطالب : لا .
الشيخ : تعرفه يا أحمد ؟
الخراف : جني الثمر من النخل واحد يطلع إلى الشجرة ويبد يلقط منها ، ويش عندكم هذا ويش يتسمى ؟ ها ؟
الطالب : يسمى جني الثمرة .
الشيخ : إيش ؟ ما تعرف ويش يسمى عندكم ؟
الطالب : قطف قطف .
الشيخ : قطف ، طيب على كل حال لو كانت هذه العاهة بفعل المشتري بأن كان المشتري لا يعرف يقطف لا يعرف يجني لا يعرف يخرف نعم فتأثر الثمر وهذا واقع ، إذا باشر الخِرافة من لا يعرفها فسد التمر ، فهل يكون على البائع أو لا ؟ ها ؟
الطالب : المشتري .
الشيخ : يكون على المشتري لأن الحديث : ( فإذا أصابته جائحة ) .
طيب ومن فوائد الحديث : أنه لو أصيب بفعل آدمي غير الجائحة وغير المشتري ، فهل يأخذ منه شيء ؟ هل يأخذ البائع من المشتري شيئاً أو لا ؟
الطالب : يأخذ .
الشيخ : طيب نقول : إن كان هذا الذي أخذ الثمرة مما لا يمكن تضمينه ، فهو كالعاهة السماوية ، كالجائحة السماوية ، ويش مثال ما لا يمكن تضمينه ؟
كالجنود مثلا ، جنود ، جاء الجند وأخذوه ، جاء الكفار وأخذوها ، ولا يمكن تضمينه .
نقول : هذه كالجائحة من السماء لعدم إمكان تضمين الآخذ ، وإن كان الآخذ ممن يمكن تضمينه كرجل معين ، فماذا يكون الحكم ؟
قال أهل العلم : يُخيَّر المشتري بين الرجوع على الذي أخذها أو على البائع ، فإن رجع على الذي أخذها سلم البائع ، وإن رجع على البائع أخذ البائع من المفسد ، من الذي أفسد الثمرة ، مثاله : بعت ثمرة على شخص فجاء السارق في الليل فجذها ومشى بها وهو معروف ، أو جاء إنسان غلط فيها غلط يحسب أنها نخله فأخذها ثمرها فماذا نقول ؟
نقول : يخير المشتري بين أن يبقي البيع أو يبقي العقد ويطالب من أخذ الثمرة ، أو يفسخ العقد ويكون المطالب من ؟ البائع .
طيب أيهما أحسن ؟
الطالب : حسب المصلحة .
الشيخ : على كل حال ينظر للمصلحة ، لأن الخيار هنا خيار تشهي ، إن شاء أمضى البيع ورجع على الذي أخذ الثمرة ، وإن شاء فسخ البيع والبائع يرجع على الذي أخذ الثمرة .
طيب هذه ثلاث مسائل بجائحة ، هذه واحدة .
الثانية : بفعل المشتري .
والثالثة : بفعل أجنبي ، وذكرنا أن هذا ينقسم إلى قسمين :
إذا أتلفه من يمكن تضمينه ، أو من لا يمكن .
الرابع : إذا تلفت ببهائم ، بهائم جاعت في الليل ورأت الثمرة أكلت كل النخل هذا ، ولا يُعلم لها مالك ، فكيف يكون الحكم ؟
الطالب : كالجائحة .
الشيخ : هذا كالجائحة السماوية يعني أن المشتري يرجع على البائع .
طيب المسألة الخامسة : لو أن المشتري أخر جني الثمرة ، قطف الثمرة ، خرف الثمرة لو أخره عن وقته حتى أصيب بجائحة فهل على البائع ضمان ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا ، الضمان على المشتري لأنه مفرط بتأخيرها عن وقت جذها حتى تلفت .
رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من ابتاع نخلا ) : اقرأ علينا يا سامي ، أنه لو تلف بعض الثمرة دون بعض فلكل حكم ، لقوله إيش ؟ ( بم تأخذ مال أخيك بغير حق ) .
فإذا أخذ البائع عوضا عن التمر الباقي صالحا فقد أخذه بحق ، لكن لا يأخذ عن التمر التالف .
لكن هل يأخذه بقسطه من القيمة أو بقسطه من الثمن ؟ أجيبوا ؟ أي واحد بيجيبه بطالبه بالفرق ، وإلا قولوا : والله ما نعرف الفرق بينهم والحكم على الشيء فرع عن تصوره .
الطالب : السببية .
الشيخ : لا ، بقسطه من الثمن ، مثال ذلك : اشترى هذه الثمرة بمئتي درهم ، وأصاب نصفها جائحة ، بقي النصف الثاني بكم ؟
الطالب : بمئة .
الشيخ : بمئة ، عندما أردنا تقويمها قالوا : الآن الثمرة لو كانت صالحة لا تساوي إلا مئة لا تساوي إلا مئة فقط فهل نقول : يأخذها باعتبار القيمة ، يكون عليها خمسين أو باعتبار الثمن ويكون عليه مئة ؟ نقول : باعتبار الثمن، لأن الرجل اشتراها بمئتين بمئتي درهم فذهب نصفها يسقط عنه نصف الثمن ولا نصف القيمة ؟ نصف الثمن ، ولو قلنا : نصف القيمة كم يسقط عنه ؟ لسقط عنه خمسون والعكس بالعكس ، قد تكون القيمة أكثر مما وقع عليه العقد .
طيب إذن عرفنا بيأخذ قسط منين ؟ من الثمن ، لأن الذي وقع عليه العقد . من فوائد الحديث : أن دين الإسلام دين العدل ، بحيث لا يحكم بجور على أحد المتعاقدين ، بل هو دين العدل ، وهذه الفائدة في الحقيقة يتفرع عليها مسائل كثيرة في باب الجنايات ، وفي باب القصاص ، وفي مسائل كثيرة ، فمثلا لو أن رجلا قطع يد رجل -نسأل الله العافية- في مخلب ، تعرفون المخلب ؟ تعرفه عبد الرحمن بن داود ؟ المخلب بن داود ؟
المخلب الذي يحصد به الزرع وتجد به الثمرة .
الطالب : عننا يسمونه المحش .
الشيخ : إيش ؟ ما محش طيب لو أنه قطع يده في مخلب وحكمنا عليه بالقصاص ، وحكمنا على القاطع بالقصاص ، فهل نقطع يده في مخلب ولا بآلة حادة سريعة ؟ بمخلب ، نقطعها بمخلب ، لأن هذا هو العدل ، كيف نقطع هذا الجاني المجرم بشيء سريع مريح وهو قد آذى المجني عليه ، ويدل لذلك عموم قوله تعالى : (( والجروح قصاص )) وقوله تعالى : (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) ، ويدل له أيضًا خصوص الحديث الوارد في قصة اليهودي الذي رض رأس الجارية الأنصارية ، وأخذ منها أوضاحها من ذهب أو من فضة ، فأدركوها وهي في آخر رمق فقالوا : ( من فعل بك هذا فلان فلان فلان حتى وصلوا إلى اليهودي ، فأومأت برأسها : أن نعم ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين ) : مع أنه من الممكن أن يذبحه بالسيف ، لكن العدل يقتضي أن يفعل به كما فعل ، والمهم أن دين الإسلام مبني على العدل : (( إن الله يأمر بالعدل والإحسان )) .
ومرَّ علينا مسائل كثيرة تنبني على هذه القاعدة مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( الخراج بالضمان ) ، وأمثلتها كثيرة .
طيب من فوائد الحديث : حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك بذكر العلة بعد الحكم ، لأن في ذكر العلة بعد الحكم فوائد :
منها : بيان سمو الشريعة ، وأنها مبنية على العلل والمعاني الصحيحة الموجبة للأحكام .
والثاني : طمأنينة النفس بالحكم ، لأن الإنسان إذا عرف مأخذ الحكم ازداد طمأنينة ، لا شك في هذا ، ولذلك أنتم الآن تسألون إذا نقول : هذا حرام تقولون ويش الدليل ؟ وإن كان ما عندك دليل أعطنا تعليل حتى وإن كنتم موافقين بالمجيب لكن تريدون زيادة الطمأنينة .
طيب الثالث : إمكان القياس فيما وجدت فيه هذه العلة .
طيب الرابع : أنه لو تخلفت العلة لتخلف الحكم، نعم ولا لا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : مثال ذلك : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يتناجي اثنان دون الثالث من أجل أن ذلك يحزنه ) يعلم من هذا أنه إذا كان لا يحزنه فلا نهي ، لأن انتفاء العلة يقتضي انتفاء الحكم ، وأنه لو وجدت العلة في غير المناجاة وهو إحزان الجليس ، لثبت الحكم وإن لم تكن مناجاة .
مثال ذلك : رجلان يعرفان اللغة الفارسية وأنا عندهما لا أعرف الفارسية ، فبدأ كل واحد يكلم الآخر باللغة الفارسية ، وينظران إليّ ، يكلمه كل جملة ينظر لي ، يحزن ولا ما يحزن ؟
الطالب : يحزن .
الشيخ : يحزن ما فيه شك ، يخاف منهم مع أنهما لم يتناجيا بل برفع صوت لكن لما كنت لا أدري ما يقولون بحسب اللغة صارا كالمتناجيين اللذين يتكلمان سرا ، أليس كذلك ؟
إذًا فائدة قرن الحكم بالتعليل ، أو فوائد قرن الحكم بالتعليل أربعة قلها لنا يا ؟ أنت ؟
الطالب : سمو الشريعة .
الشيخ : نعم ، اصبر ويش معنى سمو الشريعة ؟
الطالب : أنها سبب في ربط الحكم بالعلة .
الشيخ : نعم بالمعاني والأوصاف الموجبة للأحكام ، طيب هذه واحدة .
الطالب : الثاني : دفع الحكم بسبب العلة .
الشيخ : لا ، هذه غلط ، هذا قلب للواقع الذي قلت هذا قلب للواقع .
الطالب : إذا تخلفت الحكم تخلفت العلة .
الشيخ : هذا هو نفس الشيء ، هذا قلب للواقع يا أحمد مو بنفس الشيء الله يهديك ، كل الناس يدرون هذا الكلام عكس ، يدرون ، هذه اعتبرها خطأ ويش بعدها ؟
الطالب : إمكان القياس .
الشيخ : إمكان القياس فيما شارك الحكم في العلة طيب .
الطالب : زيادة الطمأنينة .
الشيخ : زيادة الطمأنينة ، نعم !
الطالب : أنه إذا تخلفت العلة تخلف الحكم
الشيخ : أنه إذا تخلفت العلة تخلف الحكم كذا ولا لا ؟ طيب .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع الذي باعها إلا أن يشترط المبتاع ) . متفق عليه .
ابتاع : بمعنى اشترى ، وباع بمعنى باع ، أو أقول : باع بمعنى شرى ، آه صح ؟ باع بمعنى شرى ، وابتاع بمعنى اشترى ، صحيح نعم .
باع بمعنى شرى ومثاله قوله تعالى : (( ومن الناس من يرشي نفسه ابتغاء مرضات الله )) : يشري بمعنى يبيع .
طيب قوله : ( من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر ) نخلا : هل المراد النخل أصله أو المراد ثمر النخل ؟
المراد : أصله ، أصل النخل ، يعني رجل باع نخله وقوله : ( بعد أن تؤبر ) : أي : بعد التأبير ، والتأبير هو التلقيح .
( فثمرتها للبائع ) : يعني هذه الثمرة الموجودة في النخلة تكون للبائع ، مبقَّاة إلى أوان أخذها .
( إلا أن يشترط المبتاع ) : يشترط يعني يشترط أن هذه الثمرة المؤبرة له ، فإن اشترط ذلك وتنازل عنها البائع فالحق له ، فلا بأس ، فلا بأس انتبهوا يا جماعة هذا معنى الحديث .
11 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع الذي باعها إلا أن يشترط المبتاع ) . متفق عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث:( من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع ... ).
الفائدة الأولى : أن من اشترى نخلا بعد التأبير فثمرتها للبائع والحديث في ذلك صريح ، والحكمة هو أن البائع عمل في هذه الثمرة عملا يصلحها لأن التأبير يصلح التمر ، فلما عمل فيها عملا يصلحها تعلقت نفسه بها ، وصار له تأثير فيها ، فلذلك جعلها الشارع له .
ومن فوائد الحديث : أنه لو باعها قبل التأبير ثمرتها للمشتري ، لأن البائع لم يفعل فيها شيئا ، وظاهره حتى وإن تشقق الثمر : يعني انفرج الكافور عن الثمرة حتى بدت ، خلافًا لقول بعض العلماء : إنه إذا تشقق الثمر فهو للبائع ، وهذا القول ضعيف بلا شك ، لأننا لو علقنا الحكم بالتشقق لكنا محرفين للنص من وجهين :
الوجه الأول : أننا اعتبرنا مناط الحكم شيئاً لم يعتبره الشارع ، إيش هذا ؟
إذا اعتبرنا مناط الحكم إيش ؟
التشقق والشارع لم يعتبره .
الثاني : أننا ألغينا وصفًا اعتبره الشارع وهذا لا شك أنه جناية ، الشارع جعل الوصف إيش ؟ للتأبير ، والعلة واضحة فيه ، فلا يصح إلحاق التشقق به ، ونظير هذا التحريف تحريف بعض العلماء -رحمهم الله- قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) ، وقوله : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) : حيث حرفوا الحديث إلى أن المراد به من تركها جاحدًا لوجوبها ، ولا شك أن هذا القول ضعيف ، لأن من جحد وجوبها كفر سواء تركها أو لم يتركها ، حتى لو جاء الإنسان مبكرًا إلى الصلاة ، وحافظ عليها وصلى مع الجماعة لكن يرى أنها سنة فهو كافر ، فحينئذ نقول : اعتبرنا إيش ؟ اعتبرنا وصفا لم يعتبره الشرع ، وألغينا وصفا اعتبره الشرع وهو الترك ، وهذا تحريف بلا شك : أن يلغي الإنسان وصفا علق الشارع الحكم عليه ثم يأتي بوصف آخر .
ثم هو منتقض بمن يصلي وهو يعتقد عدم الفرضية ، فإنه عندهم كافر والحديث لا يدل على كفره لو أخذنا بالدلالة التي زعموها ، لأن الحديث يدل على أن من ترك ، وهذا التأويل الذي يصح أن نقول : إنه تحريف .
نظيره تحريف بعضهم قوله تعالى : (( ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤهم جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا )) : قالوا المراد بذلك : من قتله مستحلاً لقتله ، وقد عرض هذا القول على الإمام أحمد فتبسم ، وقال : " سبحان الله إذا استحل قتله فهو كافر وإن لم يقتله " ، والوعيد على من ؟ على القاتل ، فهذا اعتبار وصف لم يعتبره الشارع وإلغاء وصف اعتبره الشارع .
وسبب ارتكاب مثل هذه الأمور : يعني لو قال قائل : كيف هؤلاء علماء أجلاء ، كيف يرتكبون مثل هذه الأمور ؟
نقول : سببه العلة التي يجب التخلي منها ، وهي : أن الإنسان يعتقد ثم يستدل ، لأنه إذا اعتقد أولًا ثم استدل حاول في كل النصوص التي تخالف اعتقاده أن يحورها إلى ما يقتضيه اعتقاده ، وحينئذ يجعل النصوص تابعة لا متبوعة ، والواجب على كل مؤمن أن يستدل ثم يعتقد ، فيجعل الاعتقاد تابعا للاستدلال حتى تكون الأدلة متبوعة لا تابعة .
على كل حال نحن نريد -استطراد هذا لكنه للفائدة إن شاء الله- إذا باع نخلا قبل أن تؤبر وقبل أن تشقق فثمره لمن ؟ للمشتري ، لأن هذا ظاهر الحديث ، فالواجب العمل به .
طيب من فوائد الحديث : مراعاة النفوس فيما تتعلق به ، هذه واضحة الفائدة ذي ولا لا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لأن الشارع راعى البائع الذي أبر النخل حيث تتعلق نفسه به ، وهذه حتى في مسائل العبادة ، يعني في المعاملات قد تكون ظاهرة ، لكن حتى في مسائل العبادة ، ألم تروا إلى الرجل الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا رسول الله -في عام الفتح- : إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس ، قال : صل هاهنا ، فأعاد عليه قال : صل هاهنا فأعاد عليه ، قال : شأنَك إذًا ) : فلما رأى نفسه متعلقة أن يذهب إلى بيت المقدس ما منعه خليه يروح ، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أحرمت متمتعة بالعمرة إلى الحج في حجة الوداع ، وأصابها الحيض بِسَرِف ولم تتمكن من إتمام العمرة ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تُدخل الحج على العمرة ، ويحصل لها بذلك أجر عمرة وحجة ، أجر عمرة وحجة ، حتى قال لها : ( طوافك بالبيت ، وبالصفا والمروة ، يسعك لحجك وعمرتك ) : لكن لما انتهى الناس من الحج ألحَّت على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تأتي بعمرة ، فأَذِن لها الرسول عليه الصلاة والسلام ، وأرسل معها أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر ، ولم يقل له : أحرم بالعمرة لأنك ذاهب إلى الميقات ، ولم يرشده لذلك ، مما يدل على أن العمرة بعد الحج خاصة بمن كان مثل عائشة رضي الله عنها ، لا لكل أحد .
على كل حال أقول : إن الشرع ولله الحمد يعطي النفس شيئا من الحظوظ ، أجاز النبي عليه الصلاة والسلام للإنسان إذا مات له ميت أن يحد في خلال ثلاثة أيام ، إذ إن النفس قد تنكسر بالمصيبة ولا تستطيع أن تفعل ما كان يفعله الإنسان غير المصاب فأذن له الشرع بأن يحد ثلاثة أيام فقط ، المهم أننا نقول : هذا لتتبينوا أن الشرع ولله الحمد مناسب للفطرة ولما تقتضيه النفوس وهذه من نعمة الله عز وجل طيب ، نعم .
أليس تتعلق نفس البائع إذا تشقق التمر ؟
الشيخ : إي لكن ما تتعلق نفسه بما إذا تشقق كما تتعلق بما إذا أبر وإلا حتى ، حتى يمكن قبل تطلع يقول : ودي هالثمرة لي آكلها ، نعم ؟
السائل : الثمرة للبائع إذا أُتلفت هل هي على المشتري ولا البائع ؟
الشيخ : ورى ما تخلي هذه إن شاء الله في الفوائد في الدرس القادم .
السائل : طيب .
الشيخ : نعم .
نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسود فما حكم ما يظهر من الخضروات التي تكون داخل الأرض فهل يكفي فيها بداية نضجه في جواز بيعه ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : إلا بالعلامة الظاهرة ، لكن مثل الفجل والجزر .
الشيخ : إي ، ويش تقولون في هذا ؟
هذا بعض العلماء يقول : ما يصلح بيعه ، لأن المقصود منه مستتر بالأرض ، مستتر قد يبدو لك أن هذا البصل مثلا أو هذا الفجل كبير ، ويكون الأمر بالعكس ، أو يبدو أنه صغير ويكون الأمر بالعكس .
فبعض العلماء يرى أن كل شيء المقصود منه مستتر بالأرض لا يصح بيعه ، ولكن الصحيح أنه يصح لكن من أهل الخبرة ، وبناء على ذلك لا يجوز بيعه حتى ينتهي كماله ، ويكون قابلاً للأخذ ، نعم ؟
14 - نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسود فما حكم ما يظهر من الخضروات التي تكون داخل الأرض فهل يكفي فيها بداية نضجه في جواز بيعه ؟ أستمع حفظ
سؤال عن ضابط الضمان بين البائع والمشتري ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : في غير الثمار ؟
الشيخ : مثل ؟
السائل : مثل البضائع .
الشيخ : لا أبدًا لأن غير الثمار بمجرد ما يشتريه الإنسان ويقبضه دخل في ضمانه ، لكن الثمرة ستبقى مضمونة على البائع إلى أوان أخذه ، ولهذا قلنا : لو فرط المشتري ولم يأخذها في وقتها فالضمان على من ؟ على المشتري .
السائل : تخص بالثمار .
الشيخ : إي مهو خاص بالثمار ، لأنها ثمار ، خاص بأن قبضها لم يأت أوانه بخلاف البضائع الأخرى ، نعم ؟
السائل : أحسن الله إليك أقول : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( باع نخله ) : هل يقاس أحسن الله إليك على النخل ما سواها ؟
الشيخ : ورا ما تصبر جزاك الله خير ما أخذنا إلا فائدتين ، الآن اصبر شوي نعم ؟
السائل : التأبير يا شيخ بيكون من فعل البائع أو المشتري أو وحده ؟
الشيخ : الظاهر أنك ما تعرف الفلاحين أنت ، نعم لا بد أن تدرس عند فلاح قبل ، تعرف نعم ؟
السائل : لو مثلا باع نخلة مؤبرة واشتراها مشتري ، ثم باعها ، هل يعني المشتري الثاني صاحب الثمر ؟
الشيخ : كيف ؟ الثمرة للأول .
السائل : لا ، نخلة أبرت اشتراها .
الشيخ : ها ؟
السائل : شجرة قد أبرت باعها والمشتري باعها .
الشيخ : قد أبرت فتكون للبائع .
السائل : لا اشترط .
الشيخ : اشترط أنها له ، ستأتينا في الفوائد إن شاء الله .
قال المؤلف فيما نقله عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر ) إلى آخر الحديث :
وقد سبق شرحه ، وأخذنا شيئا من فوائده ، والفوائد التي أخذناها فهد ؟
تتمة فوائد حديث:( من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع ... ).
من فوائد الحديث أيضًا : جواز بيع النخل وعليه الثمرة ، وجواز بيعه قبل التأبير وبعده ، ولكن إذا باع النخل فما الذي يتناوله البيع ؟ هل يتناول البيع الشجرة نفسها والأرض أو الشجرة وحدها ؟
يعني : مثل بعت عليك نخلة ، فهل يشمل أرضها أو هو خاص بالنخل فقط ؟
والفرق بين الأمرين أننا إذا قلنا : إنه يشمل الأرض فماتت تلك الشجرة أو أصابها ما يتلفها ، فهل تبقى الأرض للمشتري أو لا ؟
إن قلنا : إن الأرض تتبع النخل فإنه تبقى للمشتري .
وإن قلنا : إن الأرض لا تتبع النخل فإن الأرض باقية للبائع ، هذه المسألة نقول : المرجع فيها إلى العرف ، والعرف عندنا أنه إذا قال : إذا قال الناس : باع فلان نخلة يريدون البستان كله ، أرضه وشجره فإذا كان العرف يقتضي أن النخل هو الشجر فقط دون الأرض فإن النخلة إذا تلفت فإن المشتري لها لا يملك غرس شيء مكانها لأن البيع لا يشمل الأرض ، وهكذا قال العلماء فيما إذا رهن نخلا ، أو أوقف نخلا ، أو ما أشبه ذلك هل الأرض تتبع النخل أو لا ؟
فالأصل أن الأرض لا تتبع ، لأن الأرض أصل والشجر فرع ، كما أن الشجر أصل والثمر فرع ، إلا أن يكون هناك عرف يخالف هذا فالمرجع فيه إلى العرف ، فالحديث الذي معنا يقول : ( من باع نخلا ) : فالمعقود عليه هو النخل ، ومعلوم أن النخل في الغالب أنه إذا بيع بعد التأبير سيبقى ، ولكن الذي ذكرناه لا يؤخذ في الحقيقة من الحديث لا نفيا ولا إثباتا ، لكن ذكرناه للأهمية .
ومن فوائد الحديث : أنه يجوز للمشتري أن يشترط الثمرة بعد التأبير لنفسه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إلا أن يشترط المبتاع ) .
ومن فوائد الحديث : " أنه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالا " ، وجهه : أنه لو اشترى إنسان الثمرة وحدها بعد التأبير وقبل بدو صلاحها ، فقد سبق لنا أنه لا يجوز ، أو لا ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : طيب ولو اشترى النخل بعد التأبير والثمر في هذه الحال للبائع واشترطه لنفسه جاز لماذا ؟
لأن الثمر الآن صار تبعا للشجر ، أما ما ورد النهي عنه فهو بيع الثمر وحده ، وهذه القاعدة أقرها أهل العلم مستندة إلى ما جاءت به السنة من : " أنه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا " .
طيب لو أنه باعه قبل التأبير ، واشترط على المشتري أن الثمرة له فهل يجوز ؟ يعني عكس ما جاء به الحديث ، الحديث باعه بعد التأبير واشترط المشتري أن الثمرة له ، الصورة التي ذكرت الآن : باعه قبل التأبير ، فلمن الثمرة ؟
للمشتري لكن البائع اشترطها لنفسه ، هل يجوز هذا أو لا ؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : يجوز ؟! طيب إذا قلنا : يجوز فهو يبقى علينا إشكال وهو : أن البائع تملك الثمر قبل بدو صلاحه ، فما الجواب ؟
نقول : هذا استدامة ملك وليس استحداث ملك ، بمعنى أن البائع لما باعه استثنى هذه الثمرة من البيع ، أي : أبقى ملكه عليها ، أفهمتم يا جماعة ؟ طيب ، فظهر الفرق بين شخص يشتري الثمر مستقلا وبين أن يبقى ملكه عليه.
فإن قال قائل : وإذا قلنا بصحة البيع ، وأصاب الثمرة جائحة فهل يضمن المشتري للبائع ؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ) ، فهل هذا البائع الذي اشترط أن الثمرة له إذا أُصيبت الثمرة يرجع على المشتري ؟
الجواب : لا يرجع ، فإن أشكل عليك فإن الحديث واضح يقول : ( لو بعت من أخيك ثمرًا ) : والبائع هنا لم يشتر ، وإنما استبقى ملكه ، فهو لم يملكه من جهة المشتري حتى يضمَّن إياه ولكنَّه أبقى ملكه عليه.
وعلى هذا فلو أصيب هذا الثمر الذي اشترطه البائع بجائحة فإنه لا يرجع على المشتري .
طيب نقول في عكس هذا : إذا اشترط المشتري الثمر الذي يستحقه البائع فأصيب بجائحة ، ومتى يستحق البائع ؟ ها ؟ بعد التأبير ، فاشترطه المشتري ووافق البائع وصار الثمر للمشتري فأصيب بجائحة ، فهل يرجع المشتري على البائع أو لا يرجع ؟
الطالب : يرجع .
طالب آخر : لا يرجع .
الشيخ : نعم طيب فكروا فيها ما دام اختلفتم معناه أن المسألة تحتاج إلى نظر ليست مسلمة ما دام اختلفتم فالمسألة تحتاج إلى نظر .
فالذين قالوا : إنه يرجع نحتاج إلى بيان حجتهم ، من قال من نعم ؟
الطالب : حديث النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : ماذا قال ؟
الطالب : الأول : أن يكون من غير اشتراط ، وهذا اشتراها بشرط البائع .
الشيخ : ويش قال الرسول : ( لو بعت من ) ؟
الطالب : ( من أخيك ثمرة فأصابته جائحة ، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ) فإن تأخذ بغير حق .
الشيخ : نعم .
الطالب : فالآن هذا اشترى بنقود ولم !
الشيخ : لكن هذا باع الثمر ولا الشجر ؟
الطالب : باع الثمر والشجر أيضًا .
الشيخ : أنت إذا قلت : إنه باع الثمر وقعنا في إشكال ، قلنا : لا يصح بيعه قبل أن يبدو صلاحه ، أنت متى قلت إن هذا بيع للثمر لزم أن تبطل البيع لأنه قبل بدو الصلاح .
الطالب : لا ، بيع تبعا للنخل ، لكن وقع عليه أيضا قيد .
الشيخ : يعني الآن لو قال البائع : بعتك النخل بمئة ألف ، والثمر بعشرة آلاف ما صح البيع .
الطالب : تبعا ؟
الشيخ : لا قال هكذا قال : بعتك النخل بمئة ألف والثمر بعشرة يصح ؟
الطالب : العقد لوحده ما يصح .
الشيخ : أبد بعتك كذا هكذا التعبير : بعتك النخل بمئة ألف والثمر بعشرة آلاف .
الطالب : ما يجوز .
الشيخ : إذًا هذا ما قال بعتك هذا النخل وهذه الثمر حتى نقول عقد عليه البيع .
الطالب : يجوز إذا فيه ...
الشيخ : المجاز ممنوع .
الطالب : لا لا ما قلنا مجاز يا شيخ .
الشيخ : تجوز ، ويش معنى تجوز ؟ تجوز هذا المجاز .
إي الظاهر لي أنه لا يرجع ، الفقهاء صرحوا بأنه لا يرجع ما في إشكال ، لكن الكلام على كل حال : لو قيل : يرجع يقدر ، يقدر النخل خاليا من الثمرة وبقدر فيه الثمرة وما بينهما هو قيمة الثمرة ، لكنه لا يقدر لأن هذا تابع والحديث يقول : ( لو بعت من أخيك ثمرًا ) وأنا ما بعت ، فهو يشبه -والله أعلم- الصفة ، والقول بالرجوع له وجه قوي في الواقع ، لأن الظاهر أن اشتراط المشتري للثمر سوف يزيد به الثمن ، يعني ليس سواء عند البائع أن يبيعه والثمرة له أو أن يبيعه والثمرة للمشتري لا شك أن الثمن سيزيد ، فلهذا يترجح القول بأنه يرجع على المشتري ، لا قصدنا المشتري هو الذي اشترط ، يرجع على البائع لأن المشتري اشترط أن يكون الثمر له .
ويكون قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لو بعت من أخيك ثمرًا ) هذا بناء على الغالب ، أما من باع نخلا وعليه ثمر للبائع واشترطه الظاهر أنه أن القول بأنه يرجع كما لو اشتراه استقلالا قوي .
والمسألة تحتاج إلى تأمل في الواقع ، تحتاج إلى تأمل ، لأنه كما ذكرتُ إذا اشترط المشتري أن الثمرة له فسوف يزيد في الثمن بلا شك ، أي نعم .
طيب ومن فوائد هذا الحديث : جواز الشرط في البيع أو بعبارة أصح : " جواز البيع مع الشرط " : وهذا له أصول كثير تشهد له عموما وخصوصا ، فمن الأدلة العامة على جواز الشروط في العقود قوله تعالى : (( يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود )) ، والوفاء بالعقد يتضمن الوفاء بأصله ، والوفاء بوصفه ، وكل شرط يشترط في العقد فهو من من أوصافه ، كل شرط يشترط في العقد فهو من أوصافه ، والأمر في الآية عام للوفاء بالأصل ويش بعد ؟ والوصف . ولقوله تعالى : (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا )) ، والمشترط على نفسه شروطا معاهِد لمن اشترطه ، فتكون هذه الآية تدل على جواز الشروط والوفاء بها ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ) : فإنه يدل بمفهومه على أن كل شرط لا يخالف كتاب الله فهو صحيح طيب ، هذه عامة أدلة عامة ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ) : كل هذه أدلة عامة من الكتاب والسنة دليلان من القرآن ودليلان من السنة .
أما الخاصة فقد ثبت في * الصحيحين * وغيرها من حديث جابر : ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى منه جمله ، واشترط جابر عليه أن يحمله إلى المدينة ، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الشرط ) ، وهذا نص في الشرط في البيوع .
وثبت في * الصحيحين * من حديث عائشة رضي الله عنها في قصة بربرة حيث اشترطوا أن يكون الولاء لهم ، فأبطله الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ) ، فهو دليل على أن هذا الشرط الخاص بالعقد بعقد البيع لو كان لا يخالف الشرع لكان صحيحا ، وهذا الحديث معناه واضح وصريح .
إذًا فيكون ما جاء في الحديث : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط ) : يجب أن يكون محمولا على شرط له أثر في إبطال العقد ، وأما ما لا أثر له في إبطال العقد فلا يعمه هذا الحديث ، واضح ؟ وقد سبق لنا مثل هذا كثيرا مثل : ( نهى عن بيعتين في بيعة ) ، وقلنا : إن مثل هذه المنهيات تنزل على بقية النصوص ، وتحمل على ما دلت النصوص على بطلانه ، طيب إذا قال قائل : هل يُلحق بالنخل ما عداه كالعنب والتين والبرتقال وما أشبه ذلك ؟
نعم ، نعم يلحق به ، فما ساواه في العلة فهو مثله ، لأن القاعدة الشرعية : " أن الشرع لا يتناقض " ، (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كبيرا )) أما ما كان من عند الله فليس فيه اختلاف لا قليل ولا كثير .
الذي من عند غير الله فيه خلل كثير ، وما جاء من الله فليس فيه خلل .فالشريعة لا تفرق بين متماثلين ولا تساوي بين متفرقين أبدا ، وإذا توهمت شيئا خلاف هذه القاعدة فاتهم نفسك ، لا تعتد برأيك فإن الرأي خوان لأن النصوص محكمة متقنة من عند الله ، محفوظة بحفظ الله ووهمك قاصر معرض للخطـأ ، فاتهم الرأي في مقابل الشرع .
ولا تعتد بنفسك ، وعلى هذا فنقول : ما ساوى النخل في العلة فهو مثله ،فإذا كان الثمر توه خارج محبب لم يتفتح زهره فإنه يتبع الشجر ويكون لمن ؟ للمشتري ، وإذا كبر وتعلقت به النفوس وتفتحت أزهاره فإنه يكون للبائع ويرجع في هذه الأمور التي ليس فيها تأبير إلى ما قال أهل الصنف فيها .
أبواب السلم ، والقرض , والرهن.
نقول : جمع ذلك باعتبار أنه متضمن لثلاثة أبواب من أبواب العلم ، وهي السلم والقرض والرهن فلنبدأ أولا بالسلم ما هو ؟
السلم في اللغة : يظهر لي أنه اسم مصدر من التسليم ، يقال : سلم تسليمًا وسلما ، ويحتمل أن يكون فعل بمعنى مفعول ، أي : مسلم ويقال فيه في لغة أخرى : السلف السلف ، وهو لغة العراقيين ، وهو مأخوذ من أسلف أي : قدم ، وكلاهما بمعنى التقديم : " فهو تقديم العوض وتأخير المعوض " ، تقديم العوض وتأخير المعوض هذا السلم في اللغة ، أن تقدم العوض وتؤخر المعوض ، كيف العوض والمعوض ؟
أردت أن تشتري مئة صاع بر فجئت إلى فلاح وقلت : بعني مئة صاع بر قال : ما عندي بر الآن انتظر حتى يأتي وقت الحصاد قلت : طيب أنتظر فقال : أعطني دراهم أن محتاج الآن فأعطيته دراهم ، وكتبت فيما بيني وبينه يسمى هذا سلم ، ما الذي قدم فيه ؟
الطالب : الثمن .
الشيخ : الثمن أو العوض وأخر المعوض الذي هو المثمن ، وقال الفقهاء : إنه عقد على موصوف في الذمة .