تحت باب الشركة والوكالة.
تتمة شرح حديث :( جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثاً وستين , وأمر علياً أن يذبح الباقي , الحديث . رواه مسلم ).
في أن ينحر بقية الهدي هذا واحد، وأمره أن يتصدق، وهذا الثاني، ففي هذا دليل على جواز التوكيل في ذبح الهدي، وإذا جاز التوكيل في ذبح الهدي جاز التوكيل في ذبح الأضحية، لأنهما سواء لا فرق بينهما.
وكذلك إذا جاز التوكيل في تفريق لحم الهدي، جاز التوكيل في تفريق لحم الأضحية.
طيب وإذا جاز التوكيل في تفريق لحم الأضحية، جاز التوكيل في تفريق الزكاة والصدقة قياساً، لأن الكل مال يخرج تقرباً إلى الله عز وجل.
قال بعض أهل العلم: وفي نحر الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين بيده مناسبة لسنوات عمره الشريف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان عمره ثلاثاً وستين سنة، وكان هديه الذي نحره في آخر سنة من سنواته كم؟
ثلاثا وستين فتطابق هذا العدد مع عدد سنواته والله أعلم هل هذا أمر مقصود، أو أنه أمر جاء على سبيل المصادفة.
2 - تتمة شرح حديث :( جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثاً وستين , وأمر علياً أن يذبح الباقي , الحديث . رواه مسلم ). أستمع حفظ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة العسيف , قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( واغد يا أنيس على امرأة هذا , فإن اعترفت فارجمها ) الحديث . متفق عليه .
والعسيف كالأجير لفظاً ومعنى، لفظاً لأن كل واحد منه على وزن فعيل، ومعنى لأن العسيف بمعنى الأجير.
قصة هذا الرجل أن شخصاً استأجر شاباً يعمل عنده، فزنى هذا الشاب بامرأة الرجل، فما زنى بها أخبر أبوه بأن عليه الرجم، على هذا الشاب، وتعرفون الأب وربما لا يكون له ولد إلا هذا أدركته الشفقة فقال: أنا أعطيكم وليدة ومائة شاة !
الطالب : الوليدة ناقة ؟
الشيخ : لا، الوليدة هي الجارية، ومئة شاة فافتدى بهذا المال، والذي قال له ذلك: الذي قال: إن على ابنك الرجم جاهل، انظر إلى ضرر الفتيا بجهل، قال: ولدك هذا يرجم، فصدق الرجل لأنه جاهل، فافتداه بمائة شاة ووليدة وافتك، يقول: ثم إني سألت أهل العلم، فأخبروني بأن على ابني مائة جلدة وتغريب عام، وأن على امرأة الرجل الرجم، ثم قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، الوليدة والغَنم رد عليك ) : رد بمعنى: مردود ، كما في قوله: صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد ) : الغنم والوليدة رد عليك، لأنها أخذت بغير حق، وما أُخذ بغير حق وجب رده ليطابق الحق، ( وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام ) ليش؟ لأنه غير محصن، والزاني غير المحصن يعني الذي لم يتزوج ويجامع زوجته عليه جلد مئة وتغريب عام.
( واغد يا أنيس ) : الشاهد هنا : ( واغد يا أنيس ) : لرجل من أسلم ، ( اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ) فغدا أنيس إلى امرأة الرجل فاعترفت فرجمت.
والشاهد من هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم وكَّل هذا الرجل في إثبات الحد وفي تنفيذ الحد، يعني استيفاؤه، فدل هذا على أنه يجوز للإمام أن يوكل من يثبت الحد بالإقرار أو بغيره .
ويجوز أيضًا للإمام أن يوكل من يستوفي الحد، فلو قال مثلاً الإمام أو القاضي أو من له تنفيذ الحدود : يا فلان، اذهب إلى فلان ، فإن اعترف بالسرقة فاقطع يده، فذهب إليه فاعترف بالسرقة، فإنه يقطع يده بناء على توكيل الإمام .
في هذا الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإن اعترفت فارجمها ) ، ولم يقل: إن اعترفت أربع مرات، ولا إن اعترفت مرتين، قال: ( إن اعترفت )، ففيه دليل على أن الاعتراف بالزنا يكفي فيه مرة واحدة، وقد جرى مثل ذلك للغامدية، حيث اعترفت مرة واحدة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإقامة الحد عليها.
وفعلاً قالت للرسول : ( أَتريد أن تردني كما رددت ماعزاً رضي الله عنها ) ، لكن يُشكل على هذا قصة ماعز بن مالك رضي الله عنه ، حيث جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( إني زنيت، فتنحى عنه الرسول ) : تنحى أعرض عنه ، ( فعاد عليه، وقال: يا رسول الله، إني زنيت، فتنحى عنه، فعاد عليه ثالثة، فتنحى عنه، فعاد عليه رابعة، وقال: إنه زنى، فقال: شهدت على نفسك أربعاً، ثم سأل قال: أبه جنون؟ يسأل قال: أبك جنون قال: لا ) ، وسأل عنه من يعرفه هل في الرجل شيء، حتى ذُكر أن الرسول أمر من يقوم يستشمه لعله شرب خمراً، فلما تمت القضية أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمه فرجمه الناس.
خرجوا به فرجموه، فلما أذلقته الحجارة ومسَّته هرب رضي الله عنه هرب حتى لحقوه وأدركوه وأتموا عليه، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: ( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) الله أكبر !! ما عنفهم ولا قال: اضمنوا الرجل، لأنهم إنما رجموه بأمر مَن؟
بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا علموا أنه إذا هرب يترك، فهم استندوا على أمر شرعي.
طيب المهم: أن بعض أهل العلم أخذ بحديث ماعز، وقال: لابد في الإقرار بالزنا من أربع مرات، وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( شهدت على نفسك أربعًا ) ، وقالوا: إنه لما كان لابد في ثبوت الزنا من شهادة أربع رجال كان لابد في الإقرار به من تكرار الإقرار أربع مرات، ولكن كل هذه أدلة ضعيفة، والصحيح أن الزنا يثبت بالإقرار مرة إذا تمت شروط الإقرار، ولا يحتاج إلى تكرار، لأنه شهد على نفسه، قال الله تعالى: (( يا أيها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم )) .
وهل الشاهد إذا شهد نقول: كرر شهادتك ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لو جاء إنسان يشهد يقول: أشهد أن فلانا يطلب فلاناً مئة ريال نقول: كرر؟
لا، ما نقول ، هذا شهد على نفسه ما حاجة أن نكرر، وقصة ماعز قضية عين، ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من لم يشهد على نفسه أربع مرات فلا تقيموا عليه الحد، قضية عين، ويظهر فيها إذا تأملتها ، يظهر فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى من هذا الرجل أنه لابد من استثبات، ولهذا سأله: ( أبك جنون؟ )، وأمر من يستشمه وسأل عنه من حوله، كل هذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد بالتكرار الاستثبات والتثبت ، لأن المسألة ما هي هينة، المسألة فيها قتل، فيُرجم حتى يموت، فلهذا استثبت الرسول صلى الله عليه وسلم.
طيب وأما قولهم : إن الرسول قال: ( شهدت على نفسك أربع مرات )، فنعم أقول: الرسول ما قال: ولو شهدت أقل ما أقمنا عليك ، قال : شهدت على نفسك يعني والآن ما بقي شيء .
وأما قياسه على الشهادة فمن أبطل القياس، لأننا لو قسناه على الشهادة لقلنا: إذن والمال إذا أقر به لابد من؟
الطالب : ...
الشيخ : لا لا ، لابد من مرتين ، لأنه لابد من رجلين في المال ، فلا بد من الإقرار مرتين ولم يقل به أحد، حتى الذين قالوا بالإقرار أربعاً في الزنا ما قالوه بالإقرار مرتين في الأموال وشبهها .
طيب يدل لذلك حديث أبي هريرة ، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأنيس: ( إن اعترفت فارجمها ) ولم يقل: إن اعترفت أربعاً.
ولكن في الحديث إشكال ! حديث أبي هريرة هريرة هذا فيه إشكال ! وهو كيف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأنيس: ( اذهب فإن اعترفت فارجمها ) : مع أن الأفضل لمن أتى حداً أن يَستر على نفسه ، ولا ينبغي لمن زنى أن يذهب للقاضي ويقول: إنه زنى، يعني: فِعل ماعز جائز وليس هو الأفضل، بل الأفضل أن يستر الإنسان على نفسه ويتوب فيما بينه وبين ربه، فكيف يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أنيساً أن يذهب ليقرر المرأة؟ -يا جمال أنت معنا ؟-
نقول: إنما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليها، لأن المسألة اشتهرت ، المسألة اشتهرت، ولا لا؟
اشتهرت، الرجل صار يسأل عنه الناس، ولأن زوج المرأة حاضر، ووافق على قول والد العسيف، وافق عليه، واضح ؟
هذا قرينة أيضاً تدل على أن الأمر واقع، وما دام وقع واشتهر فلا ينبغي كتمانه، لأن هذا ضرر إذا اشتهرت الفواحش وكُتمت فففيها شر، فلما اشتهر هذا الأمر كان لا وجه لستره، ولذلك أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليها من يقررها فلما أقرت رجمها.
طيب هل يجوز التوكيل في الصلاة؟
إنسان قال لأخيه: أخي أنا والله الآن بي نوم وأبي أنام قبل أن يؤذن العشاء ولكن من فضلتك إذا أذن العشاء فصلي العشاء وكلتك، ما يجوز؟
الطالب : لا .
الشيخ : طيب إذا وكله في الوضوء والصلاة ؟ يعني ما قال: أنا أتوضأ وأنت صل، وكله في الوضوء والصلاة ها ما يصح ؟
الطالب : لا يصح .
الشيخ : لماذا؟
لأن هذا عبادة متعلقة ببدن الإنسان، طيب لو وكله في الصوم؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا يجوز، طيب وكله في الحج؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : فيه تفصيل، إذا كان عجز عن الحج عجزاً مستمراً جاز كما جاءت به السنة، وإلا فلا يجوز.
أنت تربط الأحاديث، تحفظوها لأن حفظها فيه فائدة، هي الثمرة، هي الدليل الذي ترتكزون عليه ، أما أن نفرغ أنفسنا للتسميع ونجد أكثركم ما يسمع جيداً هذا ما هو طيب، خصوصاً الصغار، نركز على حفظهم، الصغار لازم يحفظون .
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة العسيف , قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( واغد يا أنيس على امرأة هذا , فإن اعترفت فارجمها ) الحديث . متفق عليه . أستمع حفظ
مناقشة ما سبق.
هل يجوز للإنسان أن يوكل شخصاً يشتري له هدياً ؟ عليان !
الطالب : نعم يجوز .
الشيخ : نعم .
الطالب : يجوز نعم .
الشيخ : يشتري له هدياً !!
الطالب : نعم يجوز .
الشيخ : ما الدليل؟
الطالب : حديث عروة .
الشيخ : حديث عروة ما اشترى له هديًا !
الطالب : اشترى له أضحية والهدي من باب أولى .
الشيخ : من باب أولى ، ما الذي يجعله من باب أولى ؟
الطالب : لا ، أنا أقول : يجوز لقياس الأولوية في هذا .
الشيخ : طيب قياس أولوية ولا قياس مساواة ؟
الطالب : والله يبدو أنه قياس مساواة .
الشيخ : إذن نقول : الهدي مثله ، الهدي مثل الأضحية .
طيب المؤلف قال: الحديث ، فما تتمت الحديث يا عبد الرحمن ؟
الطالب : حديث عروة ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : أنه رضي الله عنه اشترى شاة !
الشيخ : ( أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم يشتري به أضحية ) .
الطالب : فاشترى به أضحية ثم باعها ، لفظه ولا معناه؟
الشيخ : معناه .
الطالب : اشترى به أضحية .
الشيخ : ثم باعها .
الطالب : ثم باعها بدينارين .
الشيخ : بدينارين ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : خطأ ، نعم ، إي نعم، يا الله يا إمداد!
الطالب : عن عروة البارقي !
الشيخ : لا ما هو الحديث ، الحديث ويش تتمة الحديث ؟
الطالب : تتمة الحديث أن عروة رضي الله عنه اشترى شاتين .
الشيخ : اشترى بالدينار شاتين .
الطالب : فباع أحدهما .
الشيخ : ثم باع إحداهما بدينار .
الطالب : فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ودينار .
الشيخ : أحسنت .
الطالب : ( فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة فما كان يبيع شيئاً إلا ربح فيه ) .
الشيخ : فكان لا يبيع شيئاً إلا ربح فيه حتى لو باع التراب لربح فيه طيب .
طيب المؤلف ذكر حديث أبي هريرة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عمر على الصدقة ) وقال: الحديث ، فما هي تتمة الحديث يا فهد ؟
الطالب : تتمة الحديث أنه قال : ( فمنعه ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي عليَّ ومثلها معلها، ثم قال: يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه ) .
الشيخ : أحسنت بارك الله فيك ، هذا تتمة الحديث .
طيب لماذا أتى المؤلف بحديث عمر بن الخطاب، بحديث أبي هريرة عن عمر ؟
الطالب : ليبين جواز التوكيل في أخذ الصدقة .
الشيخ : ليبين جواز التوكيل في أخذ ؟
الطالب : الزكاة .
الشيخ : كيف ؟ الصدقة أو الزكاة إيش؟
الطالب : يبين جواز التوكيل في أخذ الصدقة .
الشيخ : في أخذ الصدقة تطوع ولا الزكاة ؟
الطالب : كلاهما ، تطوع أو زكاة.
الشيخ : طيب ما تقولون في قوله: كلاهما؟
الطالب : الزكاة فقط .
الشيخ : الزكاة فقط ؟!
الطالب : الصدقة !
الشيخ : الزكاة فقط ، ولهذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على منع ابن جميل، طيب .
حديث جابر رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثا وستين ) : الأخ إي نعم ! ما هي تتمة الحديث، لأن المؤلف قال: الحديث ؟
الطالب : هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد الأضحى بعد أن أتاه علي رضي الله عنه .
الشيخ : إيش؟
الطالب : أتاه علي رضي الله عنه بالإبل من اليمن ، هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مئة ، فنحر الرسول عليه الصلاة والسلام ثلاثاً وستين بيده ، وثم أعطى الباقي لعلي رضي الله عنه وبعد ذبحت أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : أعطى علي الباقي ، يفعل به ماذا؟
الطالب : كي يذبحه .
الشيخ : كي يذبحه ولا ينحره ؟
الطالب : هو في الحديث ورد يذبحه .
الشيخ : في الحديث يذبحه ؟!
الطالب : نعم أمر علياً أن يذبح الباقي .
الشيخ : إي لا المراد ينحر ينحر طيب .
الطالب : ثم أمر الرسول عليه الصلاة والسلام أن يؤخذ من كل ناقة قطعة .
الشيخ : نعم .
الطالب : وطبخت ووضعت في قدر وطبخت كلها ، ثم أكل الرسول صلى الله عليه وسلم منه وشرب منها .
الشيخ : شرب من مرقها، لماذا أتى المؤلف بهذا الحديث ؟
الطالب : ليدلل على جواز التوكيل كما وكل !
الشيخ : التوكيل في إيش ؟
الطالب : في ذبح ، نحر الإبل .
الشيخ : في نحر الإبل ؟!
الطالب : إي نعم .
الشيخ : لا أحد يشك في هذا، في نحر الإبل ما أحد يشك ، ناصر !
الطالب : ذكر المؤلف هذا الحديث لجواز التوكيل في الهدي .
الشيخ : ليستدل به على جواز التوكيل في ؟
الطالب : في الهدي .
الشيخ : شرائه ولا إيش ؟
الطالب : ذبحه .
الشيخ : في ذبحه أو نحره ، طيب صحيح يا جماعة ؟
الطالب : صحيح .
الشيخ : في حديث أبي هريرة في قصة العسيف خالد ويش قصة العسيف ؟
الطالب : أن رجلاً استأجر أجيراً فهذا الأجير زنا بامرأة هذا الرجل ، فأخبروه !
الشيخ : أخبروا من؟
الطالب : أخبروا أبو الرجل .
الشيخ : أبو الرجل !
الطالب : أبو الرجل الزاني .
الشيخ : أخبروا أبو الرجل !!
الطالب : إي نعم .
الشيخ : ما تقولون يا أصحاب الآجرومية ؟!
الطالب : أبا الرجل .
الشيخ : أخبروا أبا الرجل ، أخبروا أبا الرجل نعم .
الطالب : أخبروا أبا الرجل أن عليه الرجم فتبعه أراد أن يفديه بوليدة ومئة شاة.
الشيخ : فداه فعلاً .
الطالب : نعم ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : لا في شيء قبل ، نعم ؟
الطالب : معنى الحديث أنه كان رجلاً عنده مزرعة .
الشيخ : لا لا لا .
الطالب : استأجر أجيراً .
الشيخ : نعم .
الطالب : سأل أهل العلم فقالوا له ليس عليه إلا مئة جلدة .
الشيخ : مئة جلدة .
الطالب : وتغريب عام .
الشيخ : طيب كمل !
الطالب : فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ترد له الوليدة والمئة شاة ويكون عليك !
الشيخ : قال الوليدة والغنم ردٌّ ؟
الطالب : رد عليك .
الشيخ : عليك ، طيب وعلى ابنك ؟
الطالب : وعلى ابنك مئة جلدة وتغريب عام .
الشيخ : طيب .
الطالب : وأمر أنيس أن يذهب إلى امرأة الرجل فإذا اعترفت أن يرجمها.
الشيخ : طيب تمام ، لماذا أتى المؤلف بهذا الحديث ؟
الطالب : لجواز التوكيل في إقامة الحد .
الشيخ : بس؟ ما عندك شيء يا هداية الله ؟
الطالب : جواز التوكيل في الحد مرة واحدة .
الشيخ : لا لا لا .
الطالب : يجوز التوكيل في إثبات الحد وفي استيفائه !
الشيخ : في إثبات الحد واستيفائه ، إثبات الحديث إلى قوله: فإن اعترفت ، واستيفائه: فارجمها ، كذا؟
طيب أما فوائد الأحاديث فلو قال قائل !
الطالب : الأخير .
الشيخ : إيش ؟
الطالب : أقول الأخير بس !
الشيخ : ما أخذناه؟ هاه؟
الطالب : ما أخذنا فوائده.
الشيخ : طيب نأخذ فوائده .
فوائد حديث :( واغد يا أنيس على امرأة هذا ... ).
قال المؤلف -رحمه الله- : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة العسيف ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( واغد يا أُنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها ) الحديث ، متفق عليه " :
في هذا الحديث فوائد، ولتكن الفوائد دائرةً على جميع القصة:
جواز استئجار الأجير للخدمة، وجه ذلك: أن هذا العقد وقع في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعَلِم به وأقره.
وفيه خطورة تأجير الشباب، لأن هذا الرجل وهو صحابي حَصَل منه الزنا بامرأة مَن استأجره، فإذا كان هذا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة فما بالك في عهدنا اليوم؟!
ولهذا نعتبر أن الخدم الذين يكونون في البيوت مِن أخطر ما يكون على أعراض أهل البيت، كما أن الخادمات اللاتي تكون في البيوت مِن أخطر ما يكون على أعراض أهل البيت، وقد سمعنا قضايا مُفزعة مُشينة تجري من الخدم الذكور والإناث ، لا يليق بنا أن نتكلم بها في هذا الموضع، ولكنها مشهورة ومعروفة، ولهذا نحن نُحذر من استخدام الخدم، واستقدامهم إلا عند الضرورة، وكنت أتساهل في موضوع المـَحرم أي موضوع: بقاء المرأة خادما بلا محرم ، لكن بعد أن سمعت ما أصم أذني من القضايا المشينة أرى أنها لا تستخدم إلا بمحرم يكون معها يحفظها ويحفظ منها ، يحفظها هي بنفسها ويحفظ منها، ولاسيما إذا كان في البيت شباب، والمسألة خطيرة، وفشو الزنا في المجتمع سبب للدمار، قال الله عز وجل: (( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ً)) .
ولا تستبعد، لا تستبعد العقوبة، لا تغرنك الدنيا والإمهال، فإن الرسول صلى لله عليه وسلم قال: ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وتلا قوله تعالى: (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظلمة إن أخذه أليم شديد )) ) ، فالنعمة التي نحن فيها اليوم من الأمن والرخاء والرَّغَد الذي وصل إلى حد يُضرب به المثل، ووصل إلى حدٍ يستقدم الخادم مَن لا يحتاجه، حتى بلغني أن شخصًا وزوجته عنده ثلاث خدم، هو وزوجته فقط: واحدة لغسيل البيت، وواحدة للطعام، وواحدة لتنظيف الثياب، وما أدراك ما تنظيف الثياب!!
أمور مفزعة مُشينة، والذي يحمل على هذا الترف والغفلة عن توجيهات الشرع، وإرشاد الشرع حيث نهى عن البذخ، ونهى عن الإسراف، وأمر بالاقتصاد، ولكن مع الأسف الشديد أن غير المسلمين خير من المسلمين في هذا الباب، في باب الاقتصاد والحرص على حفظ الوقت، وعلى حفظ المال، والناس يحدثوننا عن الأمم الكافرة في حِرصهم على الاقتصاد وعلى المال وعلى الوقت، شيء عظيم، نعلم أن ما ذهبوا إليه وساروا عليه هو الشرع، لكننا أضعناه وأخذوا به، أضعناه نحن وأخذوا به، لهذا أنا أرجو منكم أنتم بما أنكم طلبة علم أن تختلطوا بالمجتمع وتحذروا المجتمع من هؤلاء الخدم ذكورا كانوا أم إناثاً، وأن تقولوا: من اضطر إلى ذلك اضطراراً حقيقياً فليأت بالمرأة ومحرمها حتى يسلم من شرها وتسلم من شره.
يعني: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، حتى إنه يكون الرجل عنده النساء المتعددات الشابات الجميلات وعمره نحو ستين سنة ثم تأتيه الخادمة ويزني به، أعوذ بالله، عمره ستون سنة قد نضبت شهوته وعنده ثلاث نساء يعني هذا من جملة ما حُدثت به وشُكي إلي ويزني بالخادمة التي قد تكون أقبح من نسائه، لكن الشيطان يجري مِن ابن آدم مجرى الدم، والذي ينبغي أن نستصرخ إخواننا الدعاة للتحذير من هؤلاء الخدم، سواءٌ كانوا ذكوراً أم إناثاً، وإذا أردنا أن نأخذ شاهداً قلنا: هذا كان هذا في خير القرون خطر الخدم والأجراء في البيوت.
ومن فوائد الحديث: أن ما أُخذ على وجه باطل فإنه يجب رده، دليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الوليدة والغنم رد عليك ) ، فأبطل هذا عليه الصلاة والسلام ، كما أبطل شرط الولاء لغير المعتق في قصة مَن؟
في قصة بريرة، وكما أبطل بيع التمر بأكثر منه، حين قال عليه الصلاة والسلام لما جيء له بتمر طيب قال: ( أكلُّ تمر خبير هكذا قالوا: لا، لكن نأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، قال: عين الربا ردوه ) : فأمر برده وإبطاله ، وهكذا كل ما خالف الشرع يجب على المسلمين إبطاله، لأن الله أبطله.
وفي هذا الحديث أيضاً: خطورة الفُتيا بغير علم، وأنها تؤدي إلى تغيير حدود الله، وإلى أكل المال بالباطل، فهذه الفتيا التي أُفتي بها أن على ابنه الرجم أدت إلى أمرين :
إلى تعطيل الحد الشرعي وهو جلد مئة وتغريب عام.
وإلى أكل المال بالباطل، وهكذا الفتيا بغير علم خطرها شديد، ولهذا جعلها الله تعالى من المحرمات، بل مِن أصول المحرمات التي حُرمت في جميع الشرائع، وهي خمسة: (( قل إنما حرم ربي الفواحش منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) : فجعلها مِن هذه الأصول، حتى قال بعض العلماء: إن القول على الله بلا علم أشد مما سبقه، لأن الإشراك لا يفسد به إلا صاحبه، لكن القول على الله بلا علم تفسد به أمم، ولهذا يجب الحذر من الفتيا بغير علم، ويمر بنا أشياء غريبة غريبة جداً منها: قال رجل يدعي العلم: إذا وجبت عليك رقبة فاقض ديناً عن المحبوس وفكه من الحبس وهذا عتق رقبة، عتق رقبة، لو وجب عليك كفارة قتل، شوف لك محبوس من خمس ريالات، وأخرجه من الحبس، وقل له: الحمد لله أعتقت رقبة، هذا شيء واقع أنا سُئلت عنه.
وقال رجل من سافر لرمضان في العمرة فإنه يحرم عليه أن يفطر، يحرم عليه، ليش؟ شوف القياس الغريب قال: لأن الصوم واجب، والعمرة تطوع، والتطوع لا يسقط الواجب، ما شاء الله قياس!! نعم، إذا سمعت هذا الكلام قلت: هذا كلام ابن تيمية، لكن هل هذا صحيح هذا ؟
هل يجب الصوم في السفر، حتى يقول هذا الرجل؟ السنة لا تسقط الواجب، الصوم في السفر لا يجب، لو يسافر الإنسان في رمضان للنزهة للتمشي جاز له الفطر، بل قال أبو حنيفة -رحمه الله-، وشيخ الإسلام ابن تيمية : " لو سافر سفرا محرماً، سفر محرم فإنه يجوز له أن يفطر في رمضان " ، يعني يرون أن السفر ولو كان محرماً، تسبتاح به الرخص، أعرفتم يا جماعة، أعرفتم مضرة الفتيا بغير علم ؟
وأشياء طويلة وعريضة بعضها نسيتها ، ولكن هذا شيء سمعته من قرب ،
فالحاصل: أن الفتيا بغير علم فيها مضار عظيمة، لو لم يكن منها إلا أنها تؤدي إلى عصيان الله في قوله تعالى: (( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) ، طيب.
من فوائد الحديث: أن الزاني إذا كان غير محصن وجب جلده مئة جلدة وتغريبه سنة كاملة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لأقضين بينكما بكتاب الله ) فبين أن عليه الجلد وتغريب عام.
ولكن هذا الحديث فيه إشكال، أما جلد مئة ففي كتاب الله واضح: (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدة منها مائة جلدة )) ، لكن تغريب العام أين هو في كتاب الله؟
نعم في كتاب الله، لأن ما ثبت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أوجب الله علينا اتباعه، إذن هو في كتاب الله من حيث وجوب العمل به، طيب.
وفيه أيضاً من فوائد الحديث: أن المحصن يرجم، الزاني المحصن يرجم، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( واغد يا أُنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ) ، والرجم أن يوقَف الزاني أمام الناس، ويُضرب بالحصى، حصى لا كبيرة ولا صغيرة حتى يموت.
والمحصن : هو الذي تزوج وجامع زوجته، فأما من لم يتزوج فليس بمحصن، ومن تزوج وطلق قبل الجماع فليس بمحصن، لا بد أن يكون تزوج وجامع، ولا فرق بين أن تكون الزوجة باقية معه حتى زنى، أو قد طلقها أو ماتت عنه لا فرق .
ومن فوائد الحديث: الاكتفاء بمرة في الإقرار بالزنا، وجهه: أنه قال: ( فإن اعترفت ) ، ولم يقيد الإعتراف بأربع، وهذا هو القول الراجح، وقد سبق بيان رجحانه والإجابة عن حديث من؟
الطالب : ماعز .
الشيخ : حديث ماعز.
باب الإقرار.
الإقرار: مصدر أقر، ومعناه: الاعتراف بالحق الذي عليه سواء كان هذا الحق مالياً أو غير مالي، فالإقرار هو الاعتراف اعتراف الإنسان بالحق الذي عليه.
واعلم أن الإنسان إما أن يُقر بحق عليه، أو يُقر بحق له، أو يقر بحق لغيره على غيره، كم الأقسام؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ثلاثة، إذا أقر بحق له فهو مقر وشاهد على نفسه، وإن أقر بحق على غيره، فهو مدعٍ على غيره، وإن سماه إقرارًا فهو دعوى، وإن أقر بحق لغيره على غيره فهو شاهد، شهد لفلان على فلان.
طيب الإقرار بالحق الذي على الإنسان واجب، لقوله تعالى: (( يا أيها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم )) .
فيجب على الإنسان أن يُقر بالحق الذي عليه، ومن أَقر أُلزم بمقتضى إقراره قليلاً كان أو كثيراً، بشرط أن يكون ممن يَنفذ إقراره فيما أقر به، إذن لا بد أن يكون بالغاً عاقلاً رشيداً إذا كان إقراره بالمال أو بما يُقصد به المال، لأن هذا هو جائز التصرف.
فلو أقر الصبي الصغير قال: في ذمتي لفلان ألف ريال، وهو صغير، فإن إقراره لا يصح، لأنه لو تصرف بألف ريال ما قُبل، أو ما صح تصرفه، فكذلك إقراره، فلابد من أهلية المقر فيما أقر به، وإلا فلا يُقبل.
طيب إذا رجع عن إقراره فهل يُقبل منه الرجوع، نقول: أما في حق الآدمي فلا يُقبل منه الرجوع، فلو قال: في ذِمتي لفلان مئة درهم، ثم رجع، وقال: رجعت في إقراري وليس في ذمتي له شيء، فإن إقراره لا يُقبل، لأنه ثبت حَق الآدمي عليه، والآدمي حقه مبني على المشاحَّة، ولا يمكن أن يقبل الرجوع، إلا إذا وافق صاحب الحق على الرجوع فالحق له، وأما في حق الله فيُقبل الرجوع في غير الحد، مثل أن يقول: أنا لم أؤدِ الزكاة، ثم رجع وقال: قد أديتها، فإننا نقبل منه الرجوع، ونكل أمره إلى دينه، ولا نُلزمه بأداء الزكاة.
وكذلك لو قال: أنا لم أصم القضاء الذي عليَّ من رمضان، ثم رجع وقال: قد قضيته فإننا لا نطالبه.
أما في الحدود فقد اختلف العلماء في ذلك: هل يقبل رجوعه إذا أقر بما يوجب الحد أو لا يقبل؟ لو أقر بالزنا، ثم رجع وقال: إنه لم يزن، فهل يقبل رجوعه ويرفع عنه الحد أو لا يقبل؟
هذا محل خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: يقبل، ومنهم من قال: لا يقبل على الإطلاق، يقبل مطلقاً أو لا يقبل مطلقاً.
ومنهم من فصل فقال: إن قامت قرينة على كذبه في رجوعه فإننا لا نقبل الرجوع، وإن لم تقم قرينة فإنه يُقبل، مثال ذلك: لو قامت قرينة على أنه عُذب عند الإقرار حتى أَقر بغير حق ثم رجع فهنا نقبل رجوعه، ولو قامت قرينة على أَن رجوعه ليس بصحيح بحيث يكون قد وصفَ القضية فقال مثلاً: أنا قرعت الباب على هذه المرأة في الساعة الواحدة ليلاً، ودخلت عليها وفعلت فيها الفاحشة، وخرجت في الساعة الرابعة ليلاً، ونمت على سرير صفته كذا وكذا، وكانت الحجرة صفتها كذا وكذا، طولاً وعرضاً، ثم بعد هذا كله قال: رجعت عن إقراري، هل نقبله؟
أبداً لا نقبله، لأن هذه قرائن كلها تدل على كذبه في الرجوع.
طيب ما دليل القائلين بقبول الرجوع فيما يوجب الحد؟
دليلهم: حديث ماعز بن مالك رضي الله عنه أنهم لما بدؤوا يرجمونه وأذلقته الحجارة هرب حتى أدركوه وأكملوا عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( هلا تركتموه يتوب فيتوبَ الله عليه )، فقالوا: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل توبة هذا الرجل، فقبول الرجوع كذلك، ولاشك أن هذا قياس مع الفارق العظيم، قياس مع الفارق، لأن المقر أراد رفع الحكم مِن أصله، أما هذا فقد بقي على إقراره بالزنا، لكن أراد المخرج بماذا ؟
بالتوبة، أراد المخرج بالتوبة، فقال: ( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) ، لو أن المقر هذا جاءنا وقال: أنا أقررت وأنا لازلت على إقراري، لكن أنا دعوني أتوب إلى الله عز وجل ولم تبلغ الحدود إلى السلطان، فإننا ندعه، ونقول: دعوه يتوب فيتوب الله عليه، أما إذا وصلت إلى السلطان فلا يمكن ترفع، لأن الله قال: (( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم )) .
على كل حال: لا دلالة في حديث ماعز على قبول رجوع المقر، وقد أنكر شيخ الإسلام ابن تيمية دلالة حديث ماعز على ذلك، وقال: " إنه لو قبل رجوع المقر بالحد عن إقراره ما أُقيم حد في الدنيا، لأن غالب الحدود في الزنا إنما تثبت عن طريق الإقرار " ، بل إن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتاب *منهاج السُنّة* قال: " إنه لم يثبت الحد بالبيّنة إلى يومنا هذا " ، كل الحدود التي أُقيمت في الزنا إنما كانت بالإقرار، وذلك لأن الشهادة بالزنا ما هي هينة، لا بد أن يتفق الشهود على الشهادة، ولا بد أن تكون الشهادة على أنهم رأوا ذكره في فرجها، من يرى هذا؟!!
صعب، حتى لو رأوه فوقها ما يستطيعون أن يقولوا: إن ذكره في فرجها، ولذلك ما ثبت حد زنا بشهود أبدًا ولا أظنه يثبت.
لكن لو قال لنا قائل: يمكن الآن يثبت بإيش؟
بالتصوير، قلنا: ولا يثبت بالتصوير، لأن هناك ما يسمى بالدملجة، أو الدبلجة والله ما أدري إيش هي، نعم، المهم يمكن أن يأخذوا من هذا ومن هذا ويكونون صورة، فلسنا على يقين حتى في التصوير مشكل، والحد لابد فيه من ثبوت، فإذن إذا قلنا بأنه لابد من أن يقيم المقر على إقراره، وفتحنا باب الرجوع، فإنه لا يمكن أن يقام حد بإقرار على سبيل الوجوب، لأن كل مقر يمكنه أن يرجع لاسيما في عهدنا الحاضر، يُحبس ويُلقن الرجوع ثم بعد أن يكتب إقراره وإمضاؤه على الإقرار ويثبت كل شيء ويُحبس يقول له الذين في الحبس: تعال وين رايح ؟! أنكر قل : هونت عن الرجوع رجعت عن إقراري فيأتي من الغد ويقول: رجعت عن إقراري، فماذا نقول له؟ نقول: في أمان الله رح، بعد العمليات كلها وإضاعة الوقت والإثباتات عليه يرجع في إقراره ويذهب.
على كل حال: نحن ما يهمنا الآن الإقرار الرجوع عنه ، قلنا : إذا كان في حق الآدمي فلا يقبل الرجوع، وفي حق الله من العبادات الخاصة يُقبل الرجوع، لأن هذا شيء بينه وبين الله ، في الحدود فيه خلاف بين العلماء ، والراجح أنه لا يُقبل الرجوع ما لم يُقِم بيّنة تؤيد رجوعه ، بحيث يقيم بينة بأنه أُجبر أو أُكره على الإقرار أو تقوم قرائن قوية بأنه أكره على الإقرار فحيئذٍ يقبل رجوعه ، لأن أصل إقراره لم يثبت ثبوتاً شرعياً تبرأ به الذمة .
سؤال عن الشهادة المعتبرة في حد الزنا ؟
الشيخ : نعم آدم .
السائل : شيخ مثلاً إذا الدكاترة اجتمعوا بالنسبة لهذه امرأة يعني قد جامعت ، ورأوا مني الرجل فيها ، يعني مثلا المرأة يعني تكون تعبان شوية هل نقبل وقولهم ؟
الشيخ : إيش أنا ما فهمت جيد !
السائل : يقول لو أن الدكاترة اجتمعوا وقرروا أنه فعلاً دخل بها !
الشيخ : ما يمكن أبداً ، لأنه لابد أن يقول : نشهد أن ذكره في فرجها غير هذا ما يمكن .
السائل : الحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب الإقرار " :
نقل المؤلف -رحمه الله- : " عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : ( قل الحق ولو كان مراً ) صححه ابن حبان في حديث طويل " .
مناقشة ما سبق.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب الإقرار " : سبق لنا أن خبر الإنسان ينقسم إلى ثلاثة أقسام ؟ نعم !
الطالب : إقراره بشيء عليه يسمى إقرارًا .
الشيخ : إيش؟
الطالب : إقراره بشيء ثابت عليه يسمى إقراراً .
الشيخ : إقراره بما عليه ، والثاني ؟
الطالب : إخباره بما له عند غيره .
الشيخ : بما له على غيره .
الطالب : بما له على غيره .
الشيخ : والثالث ؟
الطالب : الثالث شهادة !
الشيخ : اصبر .
الطالب : إخباره بما لغيره على غيره .
الشيخ : طيب الأول إخباره بما لغيره على نفسه ماذا يسمى ؟
الطالب : الإقرار .
الشيخ : كيف ؟
الطالب : إخباره بما على غير نفسه إقرار .
الشيخ : بما !
الطالب : أي ؟
الشيخ : إخباره لما لغيره على نفسه ؟.
الطالب : إي إقرار .
الشيخ : إقرار ؟
الطالب : إي نعم .
الشيخ : طيب شاكر .
الطالب : نعم ؟
الشيخ : إخباره بما له على غيره ؟
الطالب : بما له ؟
الشيخ : على غيره .
الطالب : إقرار .
الشيخ : إخباره بما له على غيره ؟!
الطالب : دعوى نعم .
الشيخ : دعوى ، نصر إخباره بما لغيره على غيره ؟
الطالب : يسمى شاهداً .
الشيخ : يسمى شهادة .
طيب إقراره بما على نفسه لغيره يسمى شهادة أيضاً لكنه إقرار في الواقع ، إخباره بما لغيره على نفسه هو إقرار ويسمى شهادة ، ما هو الدليل على تسميته شهادة ؟
الطالب : حديث أبي ذر رضي الله عنه .
الشيخ : لا لا ، ما هو الدليل على أن إقراره شهادة ، إقراره على نفسه شهادة ؟
الطالب : قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله )) .
الشيخ : كمل ولو على ؟
الطالب : (( ولو على أنفسكم )) .
الشيخ : (( ولو على أنفسكم )) : فسمى الله ذلك شهادة إي نعم ، إخباره بما لنفسه على غيره نسميه دعوى .
طيب هذه غير مقبولة ، وإخباره بما لغيره على نفسه مقبول بكل حال ، شوف هذه مقابل الدعوة ، إقراره مقبول بكل حال، دعواه غير مقبولة بكل حال إلا بالبينة .
إخباره بما على غيره لغيره هذا يقبل أحياناً ويرد أحياناً على حسب ما جاء في الكتاب والسنة .
طيب الإقرار حكمه ؟ إحنا عرفنا الآن تعريفه : " هو إخبار الإنسان بما لغيره على نفسه " ، وإن شئت فقل : اعتراف الإنسان بما عليه لغيره .
حكم الإقرار أنه واجب ، واجب .
مواصلة شرح الترجمة " الإقرار ".
في قوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم )).
وإذا أقر الإنسان في الدنيا وأُخذ الحق منه كان هذا أفضل له وأطيب مما لو جحد وأُخذ منه في الآخرة، لأنه في الدنيا يؤخذ منه مِن ماله، والمال يأتي خلفه، لكن في الآخرة ما فيه خلف، إذا أُخذ مِن أعماله الصالحة، ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه قال: ( ما تعدون المـُفلس فيكم؟ قالوا: من لا درهم عنده ولا دينار أو قالوا: ولا متاع، قال: لا، المـُفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، فيأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاتهم وطرح عليه، ثم طُرح في النار ) ، وهذا صحيح هذا هو المفلس ، المفلس الذي يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال ويظن أنها أنقذته من النار وأوجبت له الجنة ولكن الأمر يكون بالعكس ، يأخذ الناس حسناته ، ولهذا ذُكر عن بعض السلف أنه إذا قيل له: إن فلانًا اغتابك أرسل إليه هدية، الذي اغتيب يرسل إلى الذي اغتابه هدية، فيقول: ما شأنك إيش الهدية ؟ قال: لأنك أهديت إليّ حسناتك، وأنا أهدي إليك متاع الدنيا، أيهما أبقى؟
الحسنات، خير وأبقى، وهذا هو الواقع.
إذن الواجب على الإنسان أن يقر بما عليه في الدنيا حتى يُستوفى قبل أن يموت.
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : ( قل الحق ولو كان مراً ) . صححه ابن حبان في حديث طويل .
وقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( قل الحق ) ما هو الحق؟
الحق ما وافق الواقع، لأن ما وافق الواقع فهو ثابت، فيكون حقًا.
والحديث يدل على وجوب قول الحق ولو أذاق الإنسان مرارة قوله، فلو أن رجلًا جنى على شخصٍ مثلًا بقطع يد إنسان عمدًا، ثم أُمسك الجاني، وليس للمجني عله بينة، فإن بإمكان الجاني أن يرفع القطع بماذا؟
بالإنكار، فيقول للمدعي: هات بينة أنني أنا الذي قطعت يدك، لكن إذا قال: نعم، أنا الذي قطعت يده، فهذا القول سيكون مُرًا عليه، لكنه حق، كيف يكون مرًا؟
لأنه إذا أَقرّ فسوف تُقطع يده، وهذا لاشك أنه مُرّ على الإنسان وصعب، لكن المؤمن لا يهمه أن يفوت عضو منه في الدنيا لبقاء حسناته في الآخرة،
وظاهر الحديث أيضاً أو عموم الحديث يقتضي أيضًا أن يقول الحق ولو مرًا في غير الإقرار ، مثل أن يقول كلمة حق عند سلطانٍ جائر ، فإن هذا الحق سيكون مُرًا، لأن السلطان الجائر يخشى من بطشه إذا قيل الحق عنده وهو لا يوافق هواه، أليس كذلك؟
الطالب : بلى .
الشيخ : ولهذا ورد في الحديث: ( أعظم الجهاد كلمة حق عن سلطان جائر ) . ويشمل هذا الحديث أيضاً شهادة الإنسان على أبيه، وعلى ابنه، وعلى أخيه، وعلى قريبه، لأن شهادة الإنسان على هؤلاء ستكون مُرّة، لكنها قول حق، وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام بقول الحق، ولو كان القول مرًا.
ويؤخذ من مفهوم الحديث: وجوب اجتناب قول الباطل، ولو كان حُلوًا أليس كذلك؟
الطالب : بلى .
الشيخ : فلا يجوز للإنسان أن يشهد لأحد من أقاربه بشيء هو يعلم أنه كاذب، وإن كان هذا قد ينال لذة ومتعة بهذه الشهادة للقريب، لكن ذلك خلافُ الحق، فلا يجوز له أن يشهد به.
ومن ذلك أيضاً: إذا كان في قول الإنسان الباطل انتصار لنفسه، كما يجري بين الطلبة في المناظرات، فتجد الإنسان يَعدل عن قول الحق إلى قول الباطل مِن أجل أن ينتصر لنفسه، فيجد في ذلك متعة: أنه انتصر ولو بالجدال بالباطل، وهذا حرام، لا تقل الباطل ولو كان حلوًا، لأن الأمر بقول الحق ولو كان مرًا يدل على النهي عن قول الباطل ولو كان حلواً.
ومن ذلك ما يفعله بعض المنافقين عند السلاطين والولاة: يأتون إليهم يما يُخالف الواقع مما يكون في رعيتهم مِن أجل أن يُدخلوا عليهم السرور في تلك اللحظة، فيجدون في ذلك متعة، أنهم قالوا شيئًا يُعجب رئيسهم ومديرهم، وما أشبه ذلك، وإن كانوا يعلمون أن هذا خلافُ الواقع، فهؤلاء قد جانبوا الصواب، وخالفوا ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الواجب أن تجتنب قول الباطل مهما كان، ولو كان في القول به إرضاء أبيك أو أخيك أو ابنك أو خالك أو ما أشبه ذلك، وأن تقول الحق ولو كان مراً فيه إغضاب أبيك أو أخيك أو ما أشبه ذلك، ( قل الحق ولو كان مراً ).
طيب ما وجه دخول الإقرار في هذا الحديث؟
وجه ذلك: أن المقرّ بما عليه يجد أن في هذا الإقرار مرارة، لكن يجب عليه أن يقول به، ولو كان مراً.
عدل المؤلف عن حديث أبين في الإقرار من هذا، وهو ما يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا عُذر لمن أقر ) : هذا الحديث روي عن النبي عليه الصلاة والسلام ، لكنه ضعيف ، إلا أن الفقهاء -رحمهم الله- يعبرون به في كتبهم ، ويقولون: ( لا عذر لمن أقر ) .
طيب وإذا أقر الإنسان بما عليه فهل يجب أخذه بمتقضى هذا الإقرار؟
الجواب: نعم، هل يقبل رجوعه عن هذا الإقرار؟
في ذلك تفصيل، إن كان في حق المخلوق فإن رجوعه لا يقبل، وإن كان في حق الخالق ففيه خلاف وتفصيل بين أهل العلم، وأظن أني أشرت إليه فيما سبق.
10 - عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : ( قل الحق ولو كان مراً ) . صححه ابن حبان في حديث طويل . أستمع حفظ
باب العارية.
ويقال: العاريّة بالتشديد، والعارية من الإحسان الذي أمر الله به في قوله: (( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين )) ، لأنها -أي العارية- إباحة نفع عين تبقى بعد استيفاءه، انتبه : " إباحة نفع عين تبقى بعد استيفائه " ، أي: استيفاء إيش؟
النفع ، وتأمل التعريف " إباحة النفع "، وليست تمليك ، النفع ما هي تمليك بل إباحة نفع ، يعني: أنني أنا المعير أبحتك أن تنتفع بما أعرتك، لم أملكك إياه بل الملك لي، والنفع لي، لكنني أبحتك أن تنفع نفع عين، تبقى بعد استيفائه، فإذا أباحة العين فهذا ليس عارية، إذا أباحه نفع عين لا تبقى بعد استيفائه، مثل أن قال: أعرتك هذه الخُبزة، طيب ويش نفع الخُبزة؟
الأكل، إذا أكلتها لم تبق بعد الاستيفاء، ولهذا إذا أضيفت العارية إلى عين لا تبقى بعد استيفاء المنفعة فإنها لا تصح.
لكن عاد هل تنزل على المعنى الذي تصح عليه وهو الهبة، أو يُقال: لم تصح العارية مُطلقًا، وأن هذا المستعير إذا أكل الخبزة التي أُعير فإنه يضمن قيمتها، لأن العارية لم تصح، أو يقال: إنها تصح على الوجه الذي يمكن أن تنزل عليه من وجوه الانتفاع؟!
طيب وقولنا: " إباحة نفع وليس بتمليك " : يُستفاد منه: أن المستعير لو أراد أن يؤجر العين التي استعارها فإنه لا يملك ذلك، لماذا؟
لأن النفع ليس ملكاً له، أو لأن المنفعة ليست ملكًا له، لكن أُبيحت له إباحة، طيب لو أراد أن يُعيرها مثل: أن يَستعير شخصٌ كتابًا من زميله ثم يطلبه زميل آخر فيعيره إياه فهل يملك؟
لا، لأنه لم يملك النفع، وإنما أُبيح له أَن ينتفع، ونظير ذلك من بعض الوجوه: أن الإنسان لو مرّ بنخل عليه تمر وليس عليه حائط ولا حوله ناظر، فله أن يقف تحت الثمر ويأكل حتى يملأ بطنه، لكن لو قال: أنا يملأ بطني كيلوين وبآخذ كيلو أذهب به أبيعه يملك هذا ولا لا؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا يملك لأنه إنما أبيح له الأكل فقط لا أن يحمل أو يتملك، كذلك العارية إنما أبيح له أن ينتفع فقط، وليس مالكًا للنفع.
حكم العارية ذكرت أنها سنة، لأنها داخلة في عموم قول الله تعالى: (( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين )).
لكنها قد تجب أحيانًا، إذا رأيتَ شخصًا يحتاج إلى ثوب في الشتاء لشدة البرد وأنت معك ثياب، فهنا يجب عليك أن تعيره ثوبًا يدفع به شدة البرد.
طيب وجدت شخصًا عطشان، ولكن ليس معه إناء يستقي به من البئر، ومعك إناء دلو يمكن أن يستقي به من البئر، حكم العارية ؟
الطالب : واجبة .
الشيخ : واجبة، لأن فيها إنقاذ لمعصوم، طيب إنما الأصل فيها أن مستحبة. جاءك شخص يستعير منك سلاحًا لينحر به ناقة فلان فيأكلها ؟
الطالب : حرام .
الشيخ : حرام ؟! عارية يقول: بس أعرني إياها لمدة ساعة وأردها عليك، لأنها إعانة على محرم، إذن فالأصل أنها سنة وقد تحرم وقد تجب.
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ) . رواه أحمد والأربعة وصححه الحاكم .
( على اليد ما أخذت ) : يعني: على اليد ضمان ما أخذت ورعاية ما أخذت من الأعيان حتى تؤديه إلى صاحبه.
وعموم هذا الحديث يتناول عدة مسائل :
أولًا: ما أُخذ على سبيل العارية، ولا لا؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم ، يعني إذا أخذت منك شيئًا عارية فهو عليَّ ، عليَّ رعايته وصيانته وحمايته مما يُتلفه ورده إليك.
ومنها ما أخذ على سبيل الإجارة، كما لو استأجر شخص مني ساعة يستيقظ بها من النوم، فإن عليه حماية هذه الساعة وصيانتها وحفظها مما يضرها وردها إليَّ .
رهن ، أخذ مني المرتهن رهنًا في دين عليَّ ، فعليه ما أخذ حتى يؤديه .
المهم كل من أخذ شيئًا فإن عليه حماية هذا الشيء والقيام بمصالحه ما دام عنده وأداؤه إلى صاحبه، ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ) ومن ذلك ؟
الطالب : العارية .
الشيخ : العارية ، فإذا استعار شخص مني كتابًا مثلًا فعليه حماية هذا الكتاب ورده إليّ ، لكن ما تقولون في رجل استعار كتابًا مِن أخيه وملأه من الحواشي يخط رديء -لا يُقرأ- مداخل لأسطر الكتاب، وفي النهاية جعله كراريس بدلًا ما كان محبوكًا ، يجوز ولا ما يجوز؟
الطالب : ما يجوز .
الشيخ : إذا قال هذا المستعير: أنا فعلت كذلك لأجل أن يكون فيه حواشي كثيرة تنفعك، ولكن حواشيه غلط بدل ما يكتب الفاعل مرفوع يكتب الفاعل منصوب بالكسرة خرب الكتاب، هذا نقول: حرام عليه، حرام عليه أن يفعل هذا، بل لو وضع حاشية مفيدة صحيحة كان حرامًا عليه حتى يأذن صاحبه. أما تفكيك الكتاب حتى يجعله كراريس ويدَّعي أن ذلك من مصلحة الكتاب أو من مصلحة القارئ عشان يكون أسهل له، لأن حمل الإنسان عشرة ورقات أحسن من حمله ست مئة صفحة، فيقول: أنا جعلته كرراريس لأجل أن يهون عليك حمله فهذا أيضًا حرام لا يجوز.
طيب إذا استعار منشفة، تعرفون المنشفة ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : التي تُعلّق بالجدار إذا كان الواحد مغسل تنشف بها، من المعلوم أنك إذا تنشفت بها سوف يزول خَمَلُها، الخمل الذي فيها الشعر يزول، فهل نقول: لا تتنشف بها، لأنك إن فعلت زال الشعر الذي فيها أو الخمل؟
الطالب : ما نقول هذا .
الشيخ : ما نقول هذا ، لماذا؟ لأن هذا من لازم الانتفاع بها، من لازم الانتفاع بها أن يزول هذا .
كذلك إنسان أعارني رِشاء، تعرفون الرشاء ؟
الطالب : نعم .
طالب آخر : لا .
الشيخ : إي لأنكم أنتم من أصحاب الأقلام والمواسير، الرشاء : هو شيء يُربط به الدلو، أتعرف الدلو؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب يربط به الدلو وينزل في البئر ويُستقى به، معلوم الآن ولا لا ؟ معلوم ، استعار مني الرشاء لكن بدأ يستخرج بها الماء، فالرشاء لا شك أنه سيضعف، فهل نقول له: إن عليك الضمان، لأن على اليد ما أخذت حتى تُؤديه ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : من لازم الانتفاع .
الشيخ : لأن هذا من لازم الانتفاع به، واضح ؟
استعرت منه سيارة لأسافر بها إلى الرياض وأرجع :
مِن المعلوم أن السيارة إذا مشت على الإسفلت سوف تتآكل عجلاتها، فهل نقول: لا تمشِ فيها لأنك لو مشيت لتآكلت العجلات فتؤديها إلى صاحبها على غير ما أَخذتها عليه؟
الطالب : ما نقوله .
الشيخ : ما نقوله ؟
الطالب : لا .
الشيخ : نقول هذا من لازم الانتفاع، إذن يُخصص من عموم هذا الحديث : أنه متى نقصت العاريّة بالانتفاع المأذون فيه فإنه ليس على المستعير ضمانها، واضح ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب.
12 - عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ) . رواه أحمد والأربعة وصححه الحاكم . أستمع حفظ
فوائد حديث:( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ).
أولًا: حِرص الإسلام على أداء الأمانة، من أين يؤخذ؟
من قوله: ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ) .
ومن فوائد الحديث: أن من أخذ شيئاً فعليه رده لقوله: ( حتى تؤديه )، فلو استعرت مني مثلاً سيارة سافرت عليها ورجعت وانتهت الاستعارة، فقلت: تعال خذ سيارتك، قال: لا، جيبها أنت، أنا أقول: تعال خذ سيارتك وهو يقول: جيبها أنت، من القول معه ؟ من الصواب معه؟
الطالب : صاحب السيارة .
الشيخ : مع صاحب السيارة ، ما هو مع المستعير ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( حتى تؤديه ) ، نقول أنت أيها المستعير اذهب بالسيارة إلى صاحبها .
طيب استعرت منه مُسجلًا أسجل به قراءة مثلاً ، وانتهيت من التسجيل ثم قلت له: مرّ عليّ خذ المسجل، أنا أنتهت منه، فقال: ائت بالمسجل أنت، فقلت: كيف؟ المسجل لك متى شئت خذه، هل أنا ظالم؟
الطالب : نعم .
الشيخ : إي نعم، لا ، أنا ظالم .
الطالب : المستعير ظالم .
الشيخ : إي نعم المستعير ظالم، كيف يستعير فيه، ويحسن إليّ وأقول: أنت الذي تعال خذ مالك: ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ) .
طيب مرّ علينا قبل مدة أن الواجب على من أَطارت الريح ثوب جاره إلى بيته أن يعلمه به أو يسلمه له، فلماذا نقول يكفي الإعلام؟
لأني ما أخذته لمصلحتي، لم يكن في بيتي لمصلحتي حتى أؤديه، إنما هو أطارته الريح إلى بيتي، وأنا لست مُلزمًا بأن أحمله إليه، وربما يكون الشيء ثقيلًا يحتاج إلى مؤونه، قد تحمل الريح من على سطح جاري شيئًا ثقيلًا، يكون متطرف بمجرد ما جاءته الريح سقط، حينئذ لا يلزمني حمله يكفي الإعلام، نعم.
إذا استعار رجل من رجل سيارة ثم اصطدم بها فهل عليه ضمان؟
الشيخ : لا ليس عليه ضمان ، بجينا إن شاء الله هذا لو تخليها بعد، نعم ؟
الطالب : النخيل هذا !
الشيخ : إي نعم، نخيل السوق نعم .
الطالب : في ناس يأخذون من النخل الذي في السوق ، يقطفونه ويبيعونه ؟
الشيخ : وأنت تستطيع أن تفعل مثله يا أبو خالد، تستطيع أن تفعل مثله؟ يقول: في ناس يأخذون من النخل الذي في السوق ، يقطفونه ويبيعونه ، نعم ، ما أدري هذا شيء يرجع يا أبو خالد إلى البلدية، إذا كانت قد رخصت للناس أنها تبيع فلا بأس .
مناقشة ما سبق.
الطالب : العارية ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : هي إباحة نفع عين تبقى بعد استيفائه.
الشيخ : إباحة نفع عين تبقى بعد استيفائه، لماذا سميت عارية ؟
الطالب : سميت عارية ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : الظاهر لأنها عارية من العوض .
الشيخ : نعم، لعروها من العوض، طيب حكمها؟ حكم العارية ؟
الطالب : مستحبة .
الشيخ : مستحبة ، الدليل ؟
الطالب : حديث سمرة .
الشيخ : لا حديث سمرة ما يدل على حكمها، خالد !
الطالب : قول سبحانه وتعالى : (( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين )) .
الشيخ : قوله تعالى : (( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين )) ، طيب هل العارية مضمونة أو غير مضمونة ؟
الطالب : إذا كانت خربت بنتيجة تلف منه فهو يضمن، وإن كانت خربت من الله أي أنه لا !
الشيخ : لم يتعد ولم يفرط !
الطالب : لم يتعد ولم يفرط فلا يضمن .
الشيخ : فلا ضمان عليه ، طيب ما معنى قوله : ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه) ؟ أنت الاخ !
الطالب : أنا ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : أي إذا أخذ مثلا، إذا أخذ شيء لا تبرأ ذمته حتى يردها إلى صاحبها .
الشيخ : إلى صاحبه ، ما وجه سياق هذا الحديث في باب العارية ؟
الطالب : أن من استعار شيئا لا تبرأ ذمته حتى يرجع إلى صاحب الحق .
الشيخ : طيب ، هل يستفاد من الحديث وجوب العناية بالعارية بحيث لا يتعدى فيها ولا يفرط؟ ياسر !
الطالب : إي نعم .
الشيخ : من أين يؤخذ ؟
الطالب : النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ) .
الشيخ : طيب ما وجه الأخ ؟
الطالب : وجهه أنه إذا أخذ الإنسان بيده شيئاً أن يرده إلى من أخذه منه، فهذا يدل على وجوب الأمانة وعلى وجوب رده.
الشيخ : ما هو رده ، حفظ العارية .
الطالب : إي نعم حفظها .
الشيخ : بحيث لا يتعدى فيها ولا يفرط .
الطالب : لأن النبي صلى الله عليه وسلم : (على اليد ما أخذت حتى تؤديه ) ، وإذا الإنسان فرط فيها فإنه لم يؤديها كما أخذها.
الشيخ : نعم ، يعني لا يتم أداؤها كما أخذها إلا إذا اعتنى فيها ولم يتعد ولم يفرط طيب .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أد الأمانة إلى من ائتمنك ) !
الطالب : ما أخذناه .
الشيخ : صحيح ؟
الطالب : الفوائد ما أخذناها !
الشيخ : أي الفوائد ، باب الإقرار والعارية ؟
الطالب : العارية .
الشيخ : العارية ويش أخذنا؟
الطالب : ما أخذنا من العارية شيئاً .
طالب آخر : الإقرار .
الشيخ : ما هو اقرأه .
الطالب : حرص الإسلام على أداء الأمانة ، والثاني : أن من أخذ شيئاً فعليه رده .
الشيخ : زين ، طيب ، بسم الله الرحمن الرحيم :
من فوائد الحديث : حديث رد الأمانة : وجوب !
الطالب : ما أخذنا هذا الحديث ، ما هو هذا يا شيخ .
تتمة فوائد حديث: ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ).
وجوب العناية بالعارية وحفظها عن التلف، لأنه لا يمكن أداؤها كما أخذها الإنسان إلا بذلك.
ويترتب على هذه الفائدة: أنه لو تعدى أو فرّط فهو ضامن، لأنه ترك ما يجب عليه، ومَن ترك ما يجب عليه لم تكن يده يد أمانه، وكل يد ليست يد أمانه فإنها ضامنة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أد الأمانة إلى من ائتمنك , ولا تخن من خانك ) . رواه أبو داود والترمذي وحسنه , وصححه الحاكم , واستنكره أبو حاتم الرازي .
أدِّ : الخطاب لواحد، لكن المراد به كل مَن يتأتى خطابه، وعلى هذا فيشمل جميع الأمة.
أد : أيها المـُخاطب الذي تعقل الخطاب، ( أد الأمانة ) : يعني ما ائتُمنت عليه، ( إلى من ائتمنك ) : فأدها كاملة بدون تعد ولا تفريط ولا نقص .
( ولا تخن من خانك ) : الخيانة هي الغدر في موضع الائتمان، الغدر بالشخص في موضع الائتمان يسمى خيانة ، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا تخن من خانك )، وإنما قال : ( لا تخن من خانك ) ، لأن من خان الإنسان فقد تأمره نفسه أن يخونه كما خانه أولاً فيُجازي بمثله.
17 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أد الأمانة إلى من ائتمنك , ولا تخن من خانك ) . رواه أبو داود والترمذي وحسنه , وصححه الحاكم , واستنكره أبو حاتم الرازي . أستمع حفظ
فوائد: ( أد الأمانة إلى من ائتمنك , ولا تخن من خانك ).
منها وجوب أداء الأمانة ومن بينها العارية، وهذا وجه استشهاد المؤلف بهذا الحديث.
ومن فوائد الحدث أيضاً: أن الإنسان لا يَرد الأمانة إلا إلى من ائتمنه، فلا يردها إلى شخص آخر، إلا أن تقوم بينه أو قرينة فليفعل.
بيّنة: مثل أن يأتي شخص ببينة بأنه أمره صاحب الأمانة بأن يقبضها، فهنا يتعين أن تُرد إليه بالبينة .
القرينة مثل أن يردها على من يحفظ ماله عادة كرجل استعار مِن شخصٍ إناءً ثم عاد فقرع بيته فسأل عنه، قالوا: إنه في السوق، فأعطاه أهل البيت، أعطى الإناء الذي استعاره أهل البيت، يبرأ بذلك؟
نعم يبرأ، لأن هذا هو ما جرت به العادة، ولا يلزمه أن يذهب ويتطلب هذا الرجل.
من فوائد هذا الحديث: تحريم الخيانة مطلقًا لقوله: ( لا تخن من خانك )، أما تحريم الخيانة لمن خانك فهو منطوق الحديث، وأما تحريم الخيانة ممن لم يخنك، فلأن هذا من باب أولى.
وما كان من باب أولى فقد اختلف العلماء هل هو داخل في المنطوق دخولًا لفظيًا، ويكون ذكر الأدنى تنبيهًا على ما فوقه، أو هو داخل بالقياس، فيكون اللفظ لا يتناوله لكن تناوله من حيث المعنى، لأن القياس الجلي الذي يكون فيه المقيس أولى بالحكم من المقيس عليه، لا شك أنه داخل في ضمن اللفظ من حيث المعنى.
على كل حال: إذا كان الحديث يدل على تحريم الخيانة لمن خانك فإنه يدل على تحريم الخيانة .
من العلماء، أخذ بظاهر الآية وأعلّ الحديث وقال: إن الحديث ضعيف ولم يأخذ به، ولكن هذا ليس بسديد، والجمع بينهما أن نقول: إن العدوان ليس فيه ائتمان، المعتدي عليك اعتدى عدوانًا ظاهرًا، لكن الذي ائتمنك لا يجوز أن تعتدي عليه في مقابل أنه خانك، لأن مقتضى الأمانة دفع الخيانة، وأنت أمين فليس هذا من باب : (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) .
فإن قال قائل: ما الجمع بين هذا الحديث وبين حديث هند بنت عُتبة حين شكت زوجها أبا سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: ( إنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي، فقال: خُذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) ؟
فالجواب على ذلك أن نقول: هذا ليس فيه ائتمان، فأبو سفيان لم يأتمنها على ماله، لكن هي أخذت قدر حقها الواجب عليه من ماله بدون ائتمان، وهناك فرق بين رجل يأخذ ما يجب له بدون ائتمان، وبين شخص ائتمنه غيره فخان الأمانة.
يبقى النظر إذا قال قائل: إذا قلتم بهذا فقولوا من كان له على شخص دين وقدر على شيء مِن ماله، فله أن يأخذ بمقدار دينه، لأن المدين لم يأتمنه فهو يأخذ من ماله بقدر دينه، كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لهند أن تأخذ من مال زوجها بدون علمه ؟
فالجواب: أنَّ هذه المسألة يُعبّر عنها عند أهل العلم بمسألة الظَّفَر، يعني: الذي يظفر بمال شخص له عليه حق هل يأخذ بقدر حقه أو لا ؟ وهذه المسألة فيها أربعة أقوال للعلماء:
القول الأول: المنع مطلقًا، واستدلوا عليه بهذا الحديث.
القول الثاني: الجواز مطلقًا، واستدلوا عليه بالآية: (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) ، حتى إن ابن حزم -رحمه الله- قال: " يجب أن تأخذ من ماله بمقدار ما لك، لأن الله أمر قال: (( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) " ، لكن هذه من شذوذاته ، لأن قوله : فاعتدوا : ليس على سبيل الوجوب بل على سبيل الإذن والإباحة ، ولهذا لو أسقطت حقك وسمحت ، كان هذا جائزًا بالاتفاق ، على كل حال: هذا قول .