تحت باب البر والصلة
تتمة فوائد حديث:( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ ... ).
جواز هجر المسلم لأخيه في ثلاثة أيام فأقل، لقوله: ( فوق ثلاث )، فدل ذلك بمفهومه على أنه يجوز هجره من ثلاث فأقل، كيف ذلك؟
لأن الإنسان قد يقع في نفسه على أخيه شيء شَرَه أو سوء تفاهم أو مخاصمة، فيحمل في نفسه عليه شيئاً، ويرى أن من تبريد الأمر أن يهجره، وعندنا في اللغة العامية : " يزعل عليه " ، نعم ما يكلمه ، ويكون أول يوم من الغضب هجره ، ثاني يوم يفكر في الأمر ويبرد غضبه، ثالث يوم يقول: لا فائدة من الهجر، في الرابع يزول ذلك بالكلية، ولا يجوز أن يستمر أكثر من ثلاثة أيام، وهذه من حكمة الشرع أنه جعل الهجر الجائز كم؟
ثلاثة أيام، لأن أول يوم لشدة الغضب، وثاني يوم التأمل والتروي، وثالث يوم يزول ما عنده ، فلهذا جعلت ثلاثة أيام.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الذي يبدأ بالسلام ولو كان الكبير على الصغير أو الكثير على القليل وهو خير الملتقيين لقوله: ( خيرهما الذي يبدأ بالسلام ).
ومن فوائد هذا الحديث: أن الهجر يزول بالسلام، ووجهه واضح لأنك ستقول: السلام عليك، فتخاطبه، فيزول بذلك الهجر.
لكن ليُعلم أن الناس يختلفون، من الناس من يكفي أن تقول: السلام عليك، ويقول: عليك السلام ويمشي، ومن الناس من يحتاج إلى زيادة سؤال عن حاله كيف أنت وما أشبه ذلك.
أرأيت الرجل العادي الذي يمر بك يكفي أن تقول: السلام عليك، ويقول: عليكم السلام، لكن إذا كان من أصدقائك أو من أقاربك ما يكفي أن تقول السلام عليكم ، وعليكم السلام، ولذلك لو أنك سلمت عليه ورد عليك وقال: عليكم السلام ، وسكت وسكت أنت ، لقلت : إن الرجل في قلبه شيء، فهذه أيضًا مسألة يتفطن لها ، وإلا فالأصل أن السلام يزول به الهجر.
قوله: ( فيعرض هذا ويعرض هذا ) : هل هذا شرط أنه لابد من الإعراض أو أن المراد بالإعراض: ترك السلام؟
الطالب : الثاني .
الشيخ : الظاهر والله أعلم الثاني، لكن الإعراض زيادة على ترك السلام، يعني يصد عنه، إذا لاقاه صد عنه، لأن الغالب أن المقابلة تفرض على الإنسان أن يسلم، يخجل أن يقابله وجها بوجه ولا يسلم، لكن الإعراض يهون عليه الهجر.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل معروف صدقةٌ ) أخرجه البخاري.
هذه من الكلمات الجامعة: كل معروف فهو صدقة، إن قابلت صاحبك بوجه طلقٍ فهو صدقة، لأنه معروف، كل يثني على ذلك.
إن أعطيته شيئا ولو قليلاً فهو معروف.
إن عفوت عنه فهو معروف.
إن أنفقت على أهلك فهو معروف.
إن أعرت صاحبك فهو معروف، إذن كل معروف فإنه صدقة، طيب كل منكر إيِش؟
إثم ولا قطيعة ؟
هذا وهذا ، المهم أن كل منكر فإنه ليس بصدقة، لأنه منكر ويجب إنكاره.
الغرض من هذا الحديث: هو أن النبي عليه الصلاة والسلام أراد من أمته أن يتعاملوا بالمعروف، وكل معروف فإنه صدقة.
3 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل معروف صدقةٌ ) أخرجه البخاري. أستمع حفظ
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحقرن من المعروف ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ ).
( لا تحقرن من المعروف ) يعني: لا تستصغروه وتستهن به، وقوله: ( شيئًا ) نكرة في سياق ؟
الطالب : النهي .
الشيخ : النهي فيعم كل شيء، ثم قال مبينًا أقل شيء في ذلك: ( أن تلقى أخاك بوجه طلق ) : أن تلقى أخاك، ومن أخوك؟
المسلم بوجه طلق.
4 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحقرن من المعروف ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ ). أستمع حفظ
فوائد حديث :( لا تحقرن من المعروف ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ ... ).
أولاً: ألا يحقر الإنسان من المعروف شيئاً، حتى لو أعطيت أخاك قلما يكتب به، لأنه ليس معه قلم فهذا من المعروف لا تحقره.
حتى لو أمسكت بيده لما رأيته يقع في الحفرة أو يصطدم بحجر فهذا من المعروف، لا تحقر شيئا.
حتى لو أعطيته شيئاً يكتب به رقم تلفونك مثلا لا تحقره، لا تحقر شيئًا أبدًا. حتى لو رأيت أنه يحب أن يطلع على شيء مما ينفعه وقد خفي عليه فأخبرته فإن ذلك من الصدقات، إذن نحرص على ألا نحقر شيئًا من المعروف، كل معروف فهو صدقة، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وإن لقيت أخاك بوجه عبوس فلا ينبغي، لا ينبغي لك هذا، اللهم إلا إذا اقتضت المصلحة ذلك لسبب من الأسباب، فلكل مقام مقال.
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا طبخت مرقةً فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ) أخرجهما مسلمٌ.
اللهم صل وسلم عليه:
( إذا طبخت مرقة ) وقدرت أنها لك ولأهل البيت، ( فأكثر ماءها ) : وإن كان إذا كثر ماؤها سوف يقل طعمها، لكن المصلحة التي تترتب على كثرة الماء أنفع لك في الدنيا والآخرة، ( تعاهد جيرانك ) : وظاهر الحديث ولو كانوا أغنياء لأن هذا من باب الصلة، ليس من باب دفع الضرورة بل من باب التواصل.
6 - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا طبخت مرقةً فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ) أخرجهما مسلمٌ. أستمع حفظ
فوائد حديث :( إذا طبخت مرقةً فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ).
منها: أن الإنسان ينبغي له أن يراعي جيرانه بالإحسان إليهم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ) .
ومنها: أن خلط الشيء بما يضعف قيمته إذا كان لمصلحة فلا بأس، وإن كان غِشاً فإنه حرام، ولهذا لو كان عندك إناء من لبن إن صببت عليه الماء شرب منه الكثير وإلا لم يشرب منه إلا قليل، فما الأولى؟
الأول: أن تصب عليه الماء حتى يتسع لأناس كثيرين، لكن إذا كان للغش فهو حرام، يعني: لو كان يريد الإنسان أن بيع هذا اللبن وصب عليه الماء غشا للناس وخداعا فإنه حرام، ولهذا ورد : " أن ثلاثا فيهن البركة وذكر منها خلط البر بالشعير للبيت لا للبيع " : للبيت لا للبيع ، لأنه إذا كان للبيع ففيه غش.
ومن فوائد هذا الحديث: عناية الإسلام بالجار، حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام أرشد إلى أن يكون شريكك في أكلك، ( إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ).
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يكون دائمًا ذا حزمٍ وفطنه لقوله: وتعاهد، وهذا التعاهد معناه: أن يكون الإنسان متأملاً في أحوالهم ينظر ماذا يحتاجون فيقضي حاجتهم.
ومن فوائد هذا الحديث: عظم حق الجار، ولنسأل:
هل الناس الآن ينفذون مثل ذلك؟
قليل جدًّا جدًّا، أكثر الناس تجده متخما من الطعام واللحم وكل شيء، وجاره يبيت طاويا، وهذا لا شك أنه ليس من خلق الإسلام، من خلق الإسلام هو أن الإنسان يحسن إلى جاره ويكرم جاره بكل ما يستطيع.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من نفس عن مسلم كربةً من كرب الدنيا نفس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) أخرجه مسلمٌ.
يقول الرسول: ( من نفس عن مؤمن كربة ) : نفَّس بمعنى وسع .
والكربة : الضيقة ، من كرب الدنيا : لأن الدنيا لا تخلو من كرب .
( فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ) : وكرب يوم القيامة أشد من كرب الدنيا، والجزاء من جنس العمل، بل وأعظم .
( ومن يسر على معسر ) : في أي شيء كان إعساره، سواء كان بالمال أو بالعمل أو بأي شيء من أنواع الإعسار.
( يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ) : ومن ذلك: إنظار المعسر وهو أن يكون لرجل على آخر دين، والمدين مُعسر فييسر عليه فإن الله ييسر عليه في الدنيا والآخرة، وكذلك من يسر عليه بمساعدته ومعاونته ونحو ذلك فهو داخل في الحديث.
( ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة ): هذا أيضا جزاء من جنس العمل، إذا سترت المسلم أي: سترت عيوبه وآثامه ونقصه فإن الله تعالى يستر عليك في الدنيا والآخرة.
ثم ذكر قاعدة عامة وهي قوله : ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) : وهذه قاعدة عامة، ويرويه بعض العوام : " ما دام العبد في عون أخيه " ، وهذا غلط، والصواب : ( ما كان العبد ) فهو لفظ الحديث وهو المطابق أيضًا، لأن ( ما كان العبد ) تدل على أن الله في عون الإنسان حسب عونه لأخيه، وأما : " ما دام " : فلا تدل على ذلك، تدل على أن الإنسان ما دام معينا أخاه فالله معينه، ولكن لا تدل على أن إعانة الله له من جنس إعانته لأخيه بخلاف اللفظ النبوي: ( ما كان العبد في عون أخيه ) طيب ، أخرجه مسلم ، الآن جاء الأسئلة.
8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من نفس عن مسلم كربةً من كرب الدنيا نفس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) أخرجه مسلمٌ. أستمع حفظ
هذه الأحكام التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم والإرشادات في هذا الوقت لا يمكن تطبيقها حيث أن مثلا لو أخذ رجل إلى جاره بمرق لقال هذا منقصة فكيف تأيني بهذا ءأنا بحاجة لهذا ؟
الشيخ : لماذا ؟
السائل : لاتساع الرزق .
الشيخ : ولأن الناس لم يتعتادو ذلك .
السائل : ولأن الناس لم يعتادوا ذلك .
الشيخ : لكن لو اعتادوا؟
السائل : ما رأوه شيئاً .
الشيخ : ما رأوه شيئاً ولكان أمتع وأجلب للمودة والمحبة .
السائل : لكن هل نقول : علينا أن نحيي مثل هذا الأمر أم نقول ليس بلازم ؟
الشيخ : لا ، إحياء هذا هو الأولى ، إحياء هذا هو الأولى ، ولذلك تجد الناس مثلاً في أيام الصيف أول ما ينزل الرطب إذا أتيت لجيرانك شيئاً من ذلك ولو شيء قليل يفرحون به ، ويرون أنه شيء كثير ، نعم .
9 - هذه الأحكام التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم والإرشادات في هذا الوقت لا يمكن تطبيقها حيث أن مثلا لو أخذ رجل إلى جاره بمرق لقال هذا منقصة فكيف تأيني بهذا ءأنا بحاجة لهذا ؟ أستمع حفظ
سؤال عن بعض ضوابط الهجر ؟
الشيخ : لكن وش الحرج : إذا سلم السلام عليكم ؟
السائل : ما يسمى هجر ؟
الشيخ : لا ما هو هجر .
السائل : إذا تركه ما يسلم عليه ؟
الشيخ : أنت الآن مثلاً لو مررت بإنسان ولاقيته وجهاً لوجه ولم تسلم عليه .
الطالب : هجر .
الشيخ : هجر ويولد مفاسد كثيرة : يبغضك ويكره الحق الذي أنت عليه ولا يرعوي لك أبدًا في أي نصيحة ، لكن لو سلمت عليه ربما يلين قلبه .
السائل : أحياناً يا شيخ يكون الإنسان يعني هادي مثلاً ... ولكن يسلم ثم يخالف هذه العادة فلا يسلم عليه ، يسلم عليه ولكن لا يكلمه كلاماً كثيراً فيعتبر أنه هاجر !
الشيخ : لا ، هو ما هاجر ، لكنه يعني فوات كمال ، يعني لا حصول عقوبة ومحرم لكنه فوات كمال سوف يعرف أن في قلبه شيء نعم .
السائل : في قوله تعالى : (( واهجروهن في المضاجع )) بأن الرجل في هجر زوجته يكتفي مثلا بقوله : السلام عليكم وافتحوا الباب ونحو ذلك ، أما الأفضل أن يهجرها بعد ذلك ثلاثة أيام ، فهل يقال : ... هجره لأخيه لو قطعه لثلاثة أيام ؟
الشيخ : سؤال هل تعرضنا لهجر النساء واهجروهن في المضاجع ؟
الطالب : في الصباح .
الشيخ : لكن ما هو يجي في الصباح ، أتيت في الصباح؟
إذا كنت أتيت في الصباح فاسأل سؤال ما يتعلق بالصباح في الصباح .
السائل : هذا سؤال عن الهجران .
الشيخ : لأنك إذا قلنا : يهجرها في المضجع ما شاء ، نحن ما تكلمنا بهذا، وش هذا الكلام ؟!
السائل : قلنا : هنا يا شيخ بأن الهجران لا بد أن يرتفع بشيء يدل على أنه ارتفع به ، فهل مثل ذلك أيضًا الزوج ؟
الشيخ : العلماء قالوا : يهجرها في المضجع ما شاء حتى تستقيم وفي الكلام ثلاثة أيام لهذا الحديث .
السائل : يقول السلام عليكم ؟
الشيخ : نعم يقول السلام عليكم ، الرسول صرح بهذا .
السائل : ...
الشيخ : لا يعد إيش ؟
السائل : رفعًا للهجران ؟
الشيخ : لا لا ما قلنا بهذا ، قلنا بعض الناس لا يكون هذا رفع الهجران في حقه .
هل الزارع صفة من صفات الله تعالى كما في قوله تعالى (( أفرأيتم ما تزرعون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ... )) ؟
هذه نعم هي صفة فعل وليست صفة ذات ، لأن هذه تتعلق بأفعاله إن شاء أنبت الزرع وإن شاء لم ينبته وإن شاء أتلفه بعد نباته.
عليك باسم الله الذي سمى بها نفسه وصفاته التي وصف نفسه واضحة جلية ولا تنقب إن كنت تريد اتباع السلف، فالسلف ما نقبوا هذا التنقيب، قالوا إن الله قال في كتابه : (( أنتم تزرعونه أم نحن الزارعون )) ولا سأل بعضهم بعضاً هل من صفات الله الزارع أو من أسماء الله الزارع ؟!
عليك بطريقة من سلف، واترك التنطع فإن التنطع هلاك، خصوصاً في ما يتعلق بصفات الله، أرشدك إلى هذا وأرشد الإخوان السامعين، ترى هذا هلاك، هلاك أن الإنسان يتنطع في صفات الله ، صفات الله أعظم وأجل مما يتصور، ولم يسأل عنها سلفنا الصالح، هل الصحابة رضي الله عنهم يجهلهم هذا الأمر، يجهلهم أنه لا بد من السؤال ؟!
أبداً لكن عندهم من احترام الله وتعظيمه ما أوجب لهم أن يكفوا عن مثل هذه الأمور ، يقتصروا على ما جاء في الكتاب والسنة ، أما التنقيب هذا فليس من شأن السلف وسوف يهلك صاحبه إن عاجلاً وإن آجلاً ، لأنه سيعجز عن الإحاطة بالله وبأسمائه وصفاته وحينئذٍ يستحسر وينكر ويحرف ويبدل ، فإياك إياك أن تتعمق وتتنطع في هذه الأمور ، اسلك ما سلكه الصحابة ، هل ورد سؤال من الصحابة قالوا : يا رسول الله هل من صفات الله الزارع أو هل من أسماء الله الزارع ؟
لا أعلم ذلك أبداً ، اقتصروا على ما في القرآن والسنة وسكتوا ، إذا كنتم صادقين في طلب التعمق إن أذنا لكم أو أذن لكم الشرع ففي أعمالكم أنتم وصفاتكم أنتم وهل هذا حرام عليكم أو هذا حلال أو هذا واجب ، أما ما يتعلق بجانب الربوبية فإياكم أن تتنطعوا فيها ، الزموا سبيل الأدب مع الله والتزموا بطريقة أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام .
مع أن الصحابة يعني داعي السؤال عندهم أقوى منا لو كان هذا مما يسوغ فيه السؤال ، والمجيب أعلم منا ، لو كان هذا السؤال من الأمور الممدوحة لكان عندهم من يجيب أكثر مما نجيب نحن لأن الرسول أعلم منا بأسماء الله وصفاته بما يستحق الله .
فنصيحتي لكم -بارك الله فيكم- أن تدعوا هذه الأمور ، اتركوا ما يتعلق بجانب الرب ، بالأمس واحد يسأل يقول : هل أصابع الله عشرة ولا عشرين ولا مئة ؟
أعوذ بالله! اتق الله ، هل أنت ستناسب الله تصاهر الله حتى تسأل هذا السؤال ، وما أحسن ما فعل الإمام مالك -رحمه الله- في مثل هذه الأسئلة أن أمر السائل أن يخرج من المسجد ويطرد من الحلقة ، ما كُلفنا بهذا أبداً ، اللهم اهدنا فيمن هديت ، نعم .
السائل : شيخ بارك الله فيكم وحفظكم، الإشكال الذي استشكله سليم نحن أيضاً استشكلناه بالدرس : قلنا بأن الوالد الثاني الذي سب والده هنا إشكال وهو كيف يسب من لا ذنب له والدي الذي سب هو الرجل فكيف يسب والديه ؟
الشيخ : هو ما سأل عن هذا ، سؤاله على غير هذا .
السائل : شيخ هو قال بأن الله قال : (( وإذا عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )).
الشيخ : نعم .
السائل : فالآن هذا سب أبي .
الشيخ : لكن يقول: الرسول حذر من أن يسب الرجل أباه ، فكيف يكون ؟ فهذا في الابتداء ، أما المعاقب فهذا ما حذر منه الرسول الرسول أخبر بالواقع لكن أجبنا عن هذا بالأمس ، قلنا إخبار الرسول بالواقع ليس إقراراً له شرعاً وذكرنا لهذا أمثلة ، أليس كذلك ؟
السائل : بلى .
سائل آخر : هذا هو الإشكال يا شيخ إذا كان نحن قررنا في درسنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقر الثاني الذي يسب والديه إخباره بذلك إخبار بالواقع وليس إجازة له .
الشيخ : وليس إجازة له .
السائل : وليس إجازة له .
الشيخ : صحيح.
11 - هل الزارع صفة من صفات الله تعالى كما في قوله تعالى (( أفرأيتم ما تزرعون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ... )) ؟ أستمع حفظ
هل إذا سب أباك أحد لك أن تسبه هو نفسه ؟
الشيخ : ما في إشكال .
السائل : يبقى الإشكال قائم .
الشيخ : نقول إذا سب أباك فسبه هو إذا شئت سب الرجل ، هذا هو العدل لأن سبه لأبيك إنما يريد سبك أنت ، وإلا فما شأن أبيك ما فعل به شيئاً .
السائل : هو هذا الجواب ، بارك الله فيكم.
ما حكم قراءة كتب أهل الكلام ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : عفا الله عنك ، بعض الناس يقرأ في كتب أهل الكلام ويستحسن شيء مستحسن يميل قلبه له يعني !
الشيخ : نعم .
السائل : ...
الشيخ : هذا صحيح نحن نرى أن مطالعة كتب أهل الكلام خطأ إلا من طالب علم جيد يريد أن يرد عليهم ، وأما إنسان بادئ مبتدئ فلا يطالع كتب أهل الكلام ، لأنها تضيع أوقاته وتوجب أن يتشكك ويتردد ، وقد قلت لكم : إن الناس شكاً عند الموت هم أهل الكلام ، وأن علماءهم وفحولهم كلهم أقروا بأنهم على خطأ ، وقالوا : نموت على دين العجائز.
السائل : شيخنا ؟
الشيخ : نعم تفضل !
السائل : عفا الله عنك يا شيخ ، قلنا أن حديث أنس رضي الله عنه
الشيخ : لا ما في أسئلة
السائل : قضاء يا شيخ .
الشيخ : لا لا هذا الذي البارح قضاءا ، والقضا ما يمكن أن يكون كله كل اليوم ، علقنا على سؤال الأخ مبارح لأن الحقيقة هذه تتعبنا جداً أن يبدأ الطلبة ينكشون هذه الأشياء ، ما تُعبدنا بها بل نهينا عنه ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه : " وصف الصحابة بأنهم أغزر الناس علماً وأقلهم تعمقاً " ، وهذا هو الحق ، نعم نبدأ واحد يقرأ !
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المصنف -رحمه الله- فيما نقله : " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من دل على خير فله مثل أجر فاعله ) أخرجه مسلم .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من استعاذكم بالله فأعيذوه ، ومن سألكم بالله فأعطوه ، ومن أتى إليكم معروفاً فكافئوه ، فإن لم تجدوا فادعوا له ) أخرجه البهقي " :
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
سبق الكلام على حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ) وأن معنى نفس وسع ، والكربة الضيف والشدة .
( نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ) أظن وقفنا على هذا في الشرح ؟
الطالب : الفوائد .
الشيخ : الفوائد طيب .
فوائد حديث : ( من نفس عن مسلم كربةً من كرب الدنيا نفس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة ... ).
الحث على تفريج الكربات، كربات المسلمين.
ومن فوائده: أن الجزاء من جنس العمل، بل أكبر وأكثر من العمل، لأن من نفس على مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.
ومن فوائد الحديث أيضًا: التيسير على المعسر، وأن الجزاء مِن جنس العمل، وأن الله ييسر عليه في الدنيا والآخرة بل هو أكثر، لأن الله ييسر عليه في الدنيا والآخرة، والتيسير على المعسر قسمان:
قسم في طلب ما لا يستطيع من حقك، فهذا حرام عليك أن تعسره بل يجب التيسير، كرجل له مال عند شخص والمدين لا يستطيع الوفاء، فهنا يجب أن تيسر عليه وجوباً، لقول الله تعالى: (( وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةً إلى ميسرة )). ولا يحل لك طلبه ولا مطالبته، بل الواجب الإنظار، وهناك تيسير ليس بواجب فهذا يُندب إليه.
فإن قال قائل: هل هذا الجزاء يشمل الواجب والمستحب؟ يعني يشمل تيسير الواجب والمستحب؟
قلنا: نعم، يشمل هذا وهذا، بل التيسير الواجب أفضل من التيسير المستحب.
ومن فوائد هذا الحديث: أن من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، ففيه الحث على ستر المسلم، ولكن هذا ليس على إطلاقه، فالسَّتر على حسب المصلحة، إن كان في ستره مصلحة فليستر عليه، وإلا فلا، فلو أن رجلا من أهل الشرف والمروءة والعبادة حصل منه زلة نعلم أنها زلة وأنها عبارة عن شيء حصل ولن يعود إليه فيما نعلم من حاله فهنا الستر أفضل.
وإذا كان العيب من شخص معروف بالشر والفساد فالواجب كشفه وبيانه حتى ينكف شره عن عباد الله، فهذا الحديث ليس على إطلاقه بل تقيده النصوص الأخرى، وهو أن الله تعالى لا يحب الفساد، وستر من عُرف بالفساد سبب ... الفساد.
ومن فوائد هذا الحديث: إثبات الآخرة والجزاء فيها، وهو ظاهر.
ومن فوائد هذا الحديث: القاعدة العامة: ( أن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه )، والمراد بذلك: عونه على ما لا ضرر فيه، وأما عونه على ما فيه ضرر في الدين أو الدنيا فليس الله في عون صاحبه لماذا ؟
لأن هذا فساد والله لا يحب الفساد، ولا يمكن أن يعين الله تعالى من أراد الفساد، إذن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه على أي شيء ؟
الطالب : على الخير .
الشيخ : على الخير أو على ما لا مضرة فيه ، وهذا أدق ، وأما ما فيه مضرة دينية أو دنيوية فإن الله تعالى لا يأذن به ولا يعين فاعله.
14 - فوائد حديث : ( من نفس عن مسلم كربةً من كرب الدنيا نفس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة ... ). أستمع حفظ
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( من دل على خير فله مثل أجر فاعله ) أخرجه مسلمٌ.
هذا أيضا من الأحاديث العظيمة المهمة: ( من دل على خير ) : أي خير كان، لكن لما قال: ( فله مثل أجر فاعله ) : علمنا أن المراد بذلك: ما كان خيراً في الدين بحيث يثاب عليه العبد، فمن دل على خير فله مثل أجر فاعله، والدلالة نوعان:
إما أن يدله بنفسه على الخير فيقول مثلا: يسن لك أن تصلي ركعتين في الضحى، يسن لك أن تختم صلاة الليل بالوتر وما أشبه ذلك، هذا دلالة مباشرة.
أو دلالة غير مباشرة: بحيث يدله على من يدله على الخير، مثل: أن يسألك إنسان عن مسألة دينية وأنت لا تعرفها فتقول إيش؟
اسأل فلاناً من العلماء الموثوقين، هذا يكون قد دل على من يدل على الخير. ثم إن الدلالة على الخير تنقسم إلى قسمين: د
لالة بالقول، ودلالة بالفعل.
والناس يقتدون بالقول ويقتدون بالفعل، وربما كان اقتداؤهم بالفعل أكثر، فمثلاً: إذا اقتدى بك إنسان في التهجد في الليل أو في إعانة الضعيف أو في الصدقة على فقير اقتدى بك وأنت لم تقل له ذلك، فهذا يُعتبر إيش؟
دلالة لكن دلالة فعلية، وكذلك أيضاً من دلَّ على ترك المحذور وترك الشر بنية صالحة وتركه غيره بهذه النية فله مثل أجر فاعله.
15 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( من دل على خير فله مثل أجر فاعله ) أخرجه مسلمٌ. أستمع حفظ
فوائد حديث:( من دل على خير فله مثل أجر فاعله ).
الحث على الدلالة على الخير إما بالقول وإما بالفعل.
ومن الدلالة على الخير دلالة الخطباء في مساجدهم يوجهون الناس، ودلالة الوعاظ في أماكن الوعظ يدلون الناس، ودلالة المعلمين في فصول الدراسة يعلمون الناس، ويدلونهم على الخير وأبواب هذا كثيرة جدًا.
ومن فوائد الحديث: أن الأسباب لها أحكام المقاصد، فالدلالة على الخير سبب للخير، فإذا فعل الإنسان الخير كان للدال مثل أجره، فدل على أن الوسائل لها أحكام المقاصد.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الأجر الحاصل للدال لا ينقص أجر المدلول لقوله؟ إيش؟
( فله مثل أجر فاعله )، ولم يقل: فالأجر بينهما، أي: بين الدال والمدلول، بل قال: ( مثل أجر فاعله )، وعلى هذا فإن أجر المدلول لا ينقص بإعطاء الدال مثل أجره، وفضل الله تعالى واسع.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من استعاذكم بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه ومن أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له ) أخرجه البيهقي.
قوله: ( من استعاذكم بالله ) : الاستعاذة معناها: الاعتصام بالشيء، والمعنى: من اعتصم بالله منكم فاعصموه، مثال ذلك: قال: أعوذ بالله منك فأعيذوه، لأنه استعاذ بمَعاذ عظيم عز وجل فيجب أن تعيذوه.
وليس هذا من باب الاستشفاع بالله على خلقه، لأن الاستشفاع بالله على خلقه حرام.
لو قال قائل: أتوجه بالله إليك أو أستشفع بالله إليك لكان هذا حراماً، لأن منزلة الشافع أدنى من منزلة المشفوع إليه، فإذا جعلت الله شافعًا إلى مخلوق، جعلت الله في مرتبة إيش؟
دون المطلوب، فلا يجوز أن تقول: أشفع بالله إليك، ولا أتوجه بالله إليك، لأنك حينئذٍ جعلت مقام الرب عز وجل دون مقام هذا البشر.
لكن الاستعاذة بالله التجاء واعتصام بمن هو أقوى ممن يريدك بسوء فلذلك جاز ولم يجز الاستشفاع بالله على خلقه.
وقوله: ( من استعاذكم بالله فأعيذوه ) هذا مطلق، ظاهره حتى لو استعاذ منا بالله من شيء واجب عليه ، مثل أن آتي إلى شخص أطلبه فأقول: يا فلان، أعطني حقي وهو قادر، قال: أعوذ بالله منك، هل يجب أن أعيذه؟
لا، لماذا ؟
لأني أعلم أن الله لا يعيذه، لأن استعاذته بالله عن حق واجب عليه، يعني إقرار الله عز وجل الظلم وهذا مستحيل، فعلى هذا إذا استعاذ بالله تعالى من شيء واجب عليه فإننا لا نجيبه ، ليش؟
لأننا نعلم أن الله لا يعيذه عز وجل، إذ إن الله يقول: (( إنه لا يفلح الظالمون )) ويقول: (( إن الله لا يحب الظالمين )) فكيف يعيذه؟!
طيب إذا استعاذ بالله من شخص في أمرٍ مباح هل أعيذه أو لا؟
يعني: طلبت منه أن يعيرني شيئا أو ما أشبه ذلك فقال: أعوذ بالله منك، لا تلجئني أعيذه أو لا ؟
أعيذه لأنه استعاذ من شيء له أن يستعيذ بالله منه، فإن بعض الناس يلجئك ويضيق عليك في طلب إعارة شيء مثلاً أو إعطاء مال أو ما أشبه ذلك فيريد أن يستعيذ بالله منك فأعذه.
وقد وقع شيء فيه إشكال وهو أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما دخل على امرأة مَن؟
ابن الجون قالت: أعوذ بالله منك! فقال لها: ( لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك )، وتركها مع أنها استعاذت من أمر كان واجباً عليها وهو تمكين زوجها منها، لكن لكرم النبي عليه الصلاة والسلام وحسن خلقه أسقط حقه عليها وأعاذها.
وإلا فلو أن أحدًا قالت له زوجته حين دعاها إلى فراشه قالت : أعوذ بالله منك يعيذها أو لا ؟
إيش يعمل ؟
نعم ؟ إيش يعمل؟
كلما دنا منها قالت: أعوذ بالله منك؟ ويش يجيبها بإيش؟
يقول: إن الله لا يعيذ الظالمين، نعم، كتابة على الصبورة إن الله لا يعيذ الظالمين ولا يلزمه أن يعيذها، لأنها استعاذت من حق واجب عليها.
نعم لو كان مفرطا هو في حقها ولا يعطيها حقها فلها أن تستعيذ بالله منه، وعليه أن يعيذها.
( ومن سألكم بالله فأعطوه ) : من سألكم بالله: اختلف المفسرون الشراح في معناها هل المعنى: من سألكم بشرع الله، أي: من سأل سؤالاً يستحقه في الشرع فأعطوه، أو من قال: أسألك بالله أن تعطيني كذا؟
فيها قولان، والقاعدة : " أن النص القرآني أو النبوي إذا احتمل معنيين لا ينافي أحدهما الآخر فإن الواجب حمله عليهما " ، فنقول: من سأل بالله أي من سأل بدين الله، أي: سأل سؤالاً مشروعًا فأعطوه، من ذلك رجل أتى إليَّ وهو فقير وقال: أسألك أن تعطيني من الزكاة أعطيه أو لا؟
أعطيه، هذا أحق من فقير لم يسألني، لأن هذا سأل فصار مستحقًا للإعطاء بحاله وسؤاله، واضح؟
أما إذا علمت أنه سأل ما لا يستحق فلا أعطيه بناء على تفسير من سأل بالله، أي: بشرع الله، فإذا جاء يسألني مثلاً من الزكاة وأنا أعرف أنه غني لكنه سأل تكثرًا فلا أعطيه، هذا وجه.
الوجه الثاني: ( من سألكم بالله ) أي: من قال: أسألك بالله أن تعطيني، فهل تعطيه؟
هذا أيضًا يحتاج إلى تفصيل، إذا سأل ما لا يحل له فلا تعطه، مثال ذلك: جاءك إنسان وقال: أسألك بالله أن تشتري لي كرتون بكت، تعطيه ولا تعطيه؟ الطالب : تعطيه .
الشيخ : يا إخوان !!
الطالب : كرتون إيش ؟
الشيخ : بكت يعني دخان إنسان خلت فولسه وهو يريد أن يدخن ، نعم وضاقت عليه الأرض بما رحبت، فقال: الحمد لله عندي حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( من سألكم بالله فأعطوه )، فذهب إلى رجل وقال: أسألك الله أن تعطيني مائة ريال أشتري بها دخاناً، يجوز أن تعطيه أو لا؟
الطالب : لا يجوز .
الشيخ : ليش ما يجوز؟
لأن الله يقول: (( وَلَا تَعَاوَنُوا )) إيش؟ (( عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) ولا أعطيه، لكن أعطيه ما هو خير من ذلك وهو النصيحة أنصحه، وأقول: يا أخي اتق الله، شوف الآن ماذا جرك الدخان عليه؟
صرت الآن تتكفف الناس، فأعطيه ما هو خير من المال .
طيب إذا سألني شيئا مباحاً، شيئاً مباحاً لكن تتعلق حاجتي به، مثل أن رأى معي ساعة أعجبته تماما وهي تتعلق بها حاجتي فقال: أسألك بالله أن تعطيني الساعة نعم يلزمك أن تعطيه؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لا ما يلزمك، ليش؟ لأننا لو فتحنا هذا الباب وقلنا: يلزم لا نكب الناس علينا، وكلما رأوا معنا شيئاً يعجبهم سألونا بالله أن نعطيهم إياه، وهذا لا تأتي به الشريعة، إذن هذه الإطلاقات تكون مقيدة بماذا بما عُلم من قواعد الشريعة وهي: إتباع المصالح واجتناب المفاسد.
( ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه ) نعم ( ومن أتى إليكم معروفاً فكافئوه ) : يعني: إذا أحسن إليك إنسان بصدقة أو هدية أو هبة أو كلمة طيبة أو غير ذلك ( فكافئوه ) أي : أعطوه ما يكافئه، مثلا: أثنى عليك في مجلس كافئه، أثنى عليه بما هو فيه في مجلس آخر، أهدى إليك هدية اقبل الهدية وكافئه، كذلك أيضاً سعى لك في خير كافئه.
( فإن لم تجد فادع الله له ) : إن لم تجد ما تكافئه تجد ما تكافئه، فادع الله له، مثل رجل أهدى إليك هدية ، هدية يعني ضخمة ولا تستطيع أن تكافئه فادع الله له، وهذا الدعاء يقابل المعروف الذي أتى إليك.
وكذلك أيضا إذا كان هذا الذي أتى إليك معروفا لم تجر العادة بمكافأته مثل السلطان الأمير الابن وما أشبه ذلك، هذا لم تجر العادة بمكافئأته فماذا أصنع؟ إيش؟
أكافئه بالدعاء، فقول الرسول: ( إن لم تجدوا ) نقول: وكذلك إذا لم تجر العادة بمكافأته، ورأى هو أنك لو كافأته لكان هذا يعني رد معروفه، فهنا أرشد النبي عليه الصلاة والسلام أن ندعو له.
17 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من استعاذكم بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه ومن أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له ) أخرجه البيهقي. أستمع حفظ
فوائد حديث :( من استعاذكم بالله فأعيذوه ... ).
منها: وجوب تعظيم الله عز وجل لقوله: ( من استعاذ بالله فأعيذوه ).
ومنها: جواز الاستعاذة بالله تعالى من كيد الأعداء لقوله: ( من استعاذكم بالله فأعيذوه )، وأما من استعاذ بالله لدفع واجب عليه فهذا لا يعاذ.
ومنها: أن من سأل بالله على الوجهين بمعناه، فإنه يُعطى، ومن سأل على غير هذا الوجه فإنه لا يُعطى.
ومنها: مكافأة مَن أتى إليك معروفاً، وهل المكافأة واجبة؟
نقول: ظاهر الحديث الوجوب.
ومنها: أن مَن عجز عن شيء فإنه قد يكون له بدل، وقد لا يكون له بدل ومسألتنا هذه؟
الطالب : لها بدل .
الشيخ : لها بدل، وهو الدعاء.
ومنها: حسن الشريعة الإسلامية، حيث جعلت لمن صنع المعروف مكافأة لينشط فاعل المعروف على بذل المعروف.
باب الزهد والورع.
لابد أن نعرف الفرق بينهما، لأن عطف أحدهما على الآخر يدل على المغايرة، والفرق بينهما: أن الزهد: ترك ما لا ينفع في الآخرة، يعني: يزهد في الدنيا ولا يأتي من الدنيا إلا ما ينفعه في الآخرة فقط، هذا لاشك أنه زهد في الدنيا، لأنه لا يريد أن يأتي إلا ما ينفعه في الآخرة، أما الدنيا فلا يريدها إطلاقاً.
والورع: ترك ما يضر في الآخرة، عرفتم؟
الفرق إذن: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما يضر في الآخرة، أيهما أكمل؟
الزهد، لأن بين الذي لا ينفع والذي يضر واسطة وهو ما لا نفع فيه ولا ضرر، فالزاهد يتركه والورع لا يتركه هذا هو الفرق.
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ــ وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه ــ ( إن الحلال بينٌ وإن الحرام بينٌ وبينهما مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام؛ كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمى إلا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغةٌ إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ) متفقٌ عليه.
( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه ) : تحقيقاً لإيش؟ للسماع.
وأصبع هذا من الكلمات التي لا يمكن الخطأ فيها من حيث الحركات، - هذه جملة معترضة يقول هناك أحد الأخوة - الإصبع لا يمكن الخطأ فيه ليش؟ لأن فيه عشر لغات، فيه عشر لغات ينشدنا إياها الأخ إبراهيم .
الطالب : ما أحفظه.
الشيخ : ما تحفظ، من يحفظها؟ محمد؟
الطالب : قال -رحمه الله- .
الشيخ : ما تقول قال -رحمه الله- ما يجوز هو من العرب الأولين، قال الشاعر.
الطالب : " وهمز أنملة ثلث وثالثه *** التسع ".
الشيخ : ويش شلون ؟
الطالب : " وهمز أنملة ثلث وثالثه *** ".
الشيخ : ثالثُه ، لا ثالثَه بالنصب ، وثالثه.
الطالب : وثالثَه والتسع
الشيخ : التسع
الطالب : " *** التسع في إصبع واختم بأصبوع " .
الشيخ : صحيح ؟ سمعتم كلامه ؟ يقول :
" وهمز أنملة ثلث وثالثَه *** التسع في إصبع واختم بأصبوع " :
همز أنملة ثلث وثالثَه ، كم تكون اللغات تسع ، من ضرب ثلاثة بثلاثة .
" التسع في إصبع " : وهذا محل الشاهد، " واختم بأصبوع " : تكون اللغات في إصبع عشرة، أما أنملة ففيها تسع لغات، شرح هذا وإن كان ليس في الحديث لكن لا بأس ينفع إن شاء الله .
شرح هذا : لنأخذ الهمزة في أصبع على أنها مفتوحة، والباء مثلثة، نقول: أَصُبع أَصَبَع أَصِبع، صح ؟
لنأخذ الهمزة مضمومة والباء مثلثة : أُصُبع أُصَبع أُصبِع.
طيب لنأخذ الهمزة مكسورة والباء مثلثة : إِصبَع إِصبُع إِصبِع، كم هذه؟ هذه تسع، العاشرة: أصُبوع.
أما أنملة فيقال فيها كما قلنا في أصبع، يقال: أَنملة أنمُلة أَنمِلة، أُنمُلة أُنمَلة أُنمِلة، إنمَلة إنمُلة إنمِلة، كم الجميع ؟
تسع، الآن في بيت واحد حصلنا على تسع عشرة لغة، صح ؟
عشر في إصبع وتسع في أنملة.
( أهوى النعمان رضي الله عنه بأصبعيه إلى أذنيه ) : تحقيقاً للسمع.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الحلال بين والحرام بيِّن، وبينهما متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس ) : فقسَّم الرسول عليه الصلاة والسلام الحرام والحلال إلى قسمين:
قسم بين ظاهر لا يخفى على أحد، وقسم مشتبه، والاشتباه إما أن يكون في الدليل أو في الاستدلال أو في المدلول، هذه كم قسم ؟
ثلاثة : في الدليل أو الاستدلال أو المدلول .
وأما البيِّن فبيِّن فمثلا حل الطيبات بين أو لا؟
الطالب : بين .
الشيخ : تحريم الخبائث بين، الميتة تحريمها بين، الخنزير تحريمه بين، الزنا تحريمه بيِّن، وأشياء كثيرة، والحلال أيضاً بين.
هناك أمور مشتبهات، لم يذكر الرسول عليه الصلاة والسلام الواجب، لأن الحديث موضوعه عن الأمور التي يتغذى بها الإنسان ويأكلها، وإلا فالواجب لاشك منه بين ومنه ما هو مشتبه.
( بينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ): ويعلمهن كثير من الناس يعني الناس يختلفون فيه.
الرسول لم يقل: لا يعلمهن أكثر الناس، بل قال: كثير، أي كثير من الناس يعلموهن، وكثير من الناس لا يعلموهن ، والكثير كما قلنا تطلق على هذا وهذا كما قال تعالى: (( وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ )) .
طيب من الذي يعلمهن؟
يعلمهن أهل العلم الراسخون فيه الذين يعلمون نصوص الشارع، ويعرفون كيف يستدلون بها ويعرفون المدلول، مثلاً: العلم بالدليل لابد أن يكون الإنسان يعرف الدليل دليل الحلال والحرام من القرآن أو من السنة أو من إجماع السلف.
الاستدلال: يعرف العام الذي يتناول جميع الأفراد، يعرف الخاص الذي لا يتناول إلا شيئاً معيناً، يعرف المطلق من المقيد وما أشبه ذلك.
يعرف المدلول، أي: يعرف أن الدليل انطبق على هذا الشيء بعينه، يعرف أنه انطبق على هذا الشيء بعينه، مثال ذلك: إذا اختلط الخمر بشراب حلال ولكنه لم يؤثر فيه إسكاراً هل هو حلال ولا حرام؟
الطالب : حلال.
الشيخ : حلال ولا حرام؟
الطالب : حلال.
الشيخ : حلال ولا حرام؟
الطالب : حلال.
الشيخ : حلال، اشتبه على بعض الناس فظن أنه حرام بحجة: ( ما أسكر كثيرة فقليله حرام )، هنا الخطأ في إيش؟
الخطأ في الاستدلال، الدليل واضح صريح: ( ما أسكر كثيرة فقليله حرام )، هؤلاء اشتبه عليهم الأمر فظنوا أن معنى قول صلى الله عليه وسلم: ( ما أسكر كثيرة فقليله حرام ) ظنوا أن معناه : ما كان فيه شيء قليل من مسكر فهو حرام وليس كذلك، ليس كذلك، ليش؟
لأن معنى الحديث: أن هذا الشراب لو أكثرت منه لحصل الإسكار، ولو أقللت منه لم يحصل الإسكار، فهل يجوز القليل منه الذي لا يحصل به الإسكار؟ الجواب: لا، هذا معنى الحديث: وليس معنى الحديث ما كان فيه جزء يسير من خمر فهو حرام، لأننا نقول: لو أن عندك ماءً سقطت فيه نجاسة يسيرة لم تؤثر فيه شيء ما حكمه؟
الطالب : طاهر.
الشيخ : طهور، طهور تشرب منه وتتوضأ منه وتطهر منه الثوب والبدن، مع أن فيه جزءاً يسيراً من النجاسة، لكن هذه النجاسة انحلت فيه وذهبت وزالت فلم يبق لها حكم.
كذلك الخمر لو سقطت نقطة في كأس لكنها لا تؤثر فيه إطلاقاً، لو تشرب عشرين كأساً ما حصل الإسكار، فهنا لا يحرم ، إذن الدليل واضح، إيش؟ الاستدلال غير صحيح، ولهذا يحصل الاشتباه عند بعض الناس.
كذلك أيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقالوا: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنه تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا، هو حرام ) : الضمير هنا هل يعود على البيع الذي هو موضع الحديث، أو يعود على الانتفاع بذلك بالاستصباح ودهن الجلود وطلي السفن؟
هذا أيضاً مما يشتبه ، يشتبه في دلالة الحديث عليه فمن العلماء من قال: يعود على البيع، لأن الصحابة أوردوا ذلك لعلَّ النبي صلى الله عليه وسلم يجيز بيعها لهذا الغرض.
ومن الناس من قال: إنه يعود على الانتفاع وأن شحوم الميتة لا تطلى بها السفن ولا تدهن بها الجلود ولا يستصبح بها الناس.
والراجح: أنه يعود إلى البيع، لأنه هو محل الحديث، والرسول صلى الله عليه وسلم ما تحدث عن هذه المنافع، المهم: أنواع الاشتباه كثيرة.
يقول: ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) : استبرأ أي: ابتغى البراءة لدينه ولعرضه، أما الدين فبينه الرسول عليه الصلاة والسلام كما سيأتي، وأما العِرض فلأن الإنسان إذا أتى المشتبهات فإن الناس يأكلون لحمه، ويعرِّض نفسه للغيبة والسب وما أشبه ذلك.
( ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ) : من وقع في الشبهات وقع في الحرام هل المحرم نفس المشتبه، أو أنه وقع في الحرام يعني صار وقوعه في المشتبه سبباً لوقوعه في الحرام؟
يعني أنه إذا وقع في الشبهات فإنه يتوقع أن يقع في الحرام، هذا هو المراد، وليس المعنى أن المشتبهات حرام، ولكن المشتبهات لاشك أن الورع تركها، أما اللزوم فلا يلزم إلا ما كان يقيناً، إذن من وقع في الشبهات أوشك إيش؟
أن يقع في الحرام، هذا معنى قوله: ( وقع في الحرام ) كيف؟
الطالب : فمن اتقى الشبهات وقع في الحرام .
الشيخ : لا ، ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ).
طيب مثل الرسول لذلك بقوله: ( كالراعي يرعى حول الحمى ) الراعي إيش؟ راعي الإبل، راعي الغنم، راعي البقر، راعي الظباء، أي راعٍ.
( يرعى حول الحمى ) : الحمى المكان الذي منع من الرعي فيه، وهذا يقع كثيراً من الأمراء أو الخلفاء، إما للمصالح العامة، وإما للمنافع الخاصة، مثلاً: هذه أرض مخصبة فيها العشب الكثير حماها أحد من الناس، بمعنى أنه منع من الرعي فيها، ماذا تكون هذه الأرض؟
الطالب : حمى.
الشيخ : إي هي حمى ما في شك، لكن سيكون نباتها كثيراً، لأنه لا يُرعى، وسيكون نضراً، لأنه ليس حوله غبار، إذا رعى الراعي حول هذا الحمى إيش؟ يوشك أن يقع فيه، لأن الغنم أو البقر أو الإبل إذا رأت هذا المكان المعشب النضر سوف ترتع فيه، إما أذا استغفلت الراعي وإما أن تتمرد على الراعي ويعجز عنها، ولهذا قال: ( كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه ).
ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا تقريبياً فقال: ( ألا وإن لكل ملك حمى ) : كل ملك له حمى ، وهذا إخبار عن الواقع وليس عن الشرع، إلا أن العلماء سيأتي إن شاء الله في الفوائد ذكروا أنه يجوز لإمام المسلمين أن يحمي أرضاً لدواب المسلمين، كخيل الجهاد، وإبل الصدقة وما أشبهها.
( ألا وإن لكل ملك حمى ): وهل ملك الملوك له حمى؟
نعم، ولهذا قال: ( ألا وإن حمى الله محارمه )، كأنه يقول: ولله حمى، وحماه محارمه التي حرمها على العباد، فهي حمى تدعو النفوسُ إليها كالراعي الذي يرعى حول الحمى، لكن من اتَّقى ذلك سلم، مثال هذا: الربا، ونحن الآن نتكلم على هذا الحديث بناءً على أنه يتعلق بالغذاء واللباس والطعام وما أشبه ذلك، الربا حرام ولا غير حرام؟
حرام، لكن إذا رأى هذا التاجر أن المرابين يكسبون كسباً عظيماً فإنه ربما ينجر إلى ذلك كالمواشي تنجر إلى حمى الملوك، كذلك أيضاً في القمار، القمار حرام، نجد بعض المقامرين يكون مِن أغنى العالم في ليلة واحدة، هذا المحرم إذا رأى الإنسان أنه قد يكون سبباً للكسب الكبير البالغ في ليلة واحدة سوف إيش؟ ينجر إليه هذه محارم الله، الزنا أعاذنا الله وإياكم منه إذا رأى الإنسان أنه ستحصل له متعة بدراهم قليلة والمهور كثيرة ربما تجره نفسه إلى ذلك، فحمى الله محارمه، والمحارم يزينها الشيطان في نفس الإنسان فينتهكها.
ثم قال: ( ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ): كلمة ألا يكررها الرسول عليه الصلاة والسلام، لأنها تفيد التنبيه.
( ألا وإن في الجسد ) أي: جسد الإنسان، فـ أل هنا للعهد أي العهود؟
الطالب : الذهني .
الشيخ : الذهني، لأن العهود ثلاثة:
ذكري. وحضوري، وذهني، ففي قول الله تعالى: (( كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ )) هذا إيش هو ؟ هذا ذكري ، رسولاً فعصى فرعون الرسول، كأنه قال: فعصى فرعون هذا الرسول الذي أرسلناه.
وقوله تعالى: (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )).
الطالب : حضوري.
الشيخ : هذا حضوري، اَليَوْمَ يعني: هذا اليوم، وقوله: (( الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ )). أيضاً حضوري، قال النحويون: " وكل ما حلي بـ أل إذا أتى بعد اسم إشارة فهو حضوري، لأن اسم الإشارة يدل على القرب، فإذا جاء بعد المحلى بـ أل فهو حضوري ".
الذهني: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ )) هذا إيش؟
الطالب : ذهني .
ذهني أو حضوري أو ذكري ؟
كأن بعضكم واجمٌ ساكت ، في إشكال الآن ، ما في إشكال هو ذهني، (( جَاءَكُمُ الرَّسُولُ )) لو سئل أي إنسان مَن الرسول؟ لقال: محمد عليه الصلاة والسلام، (( يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيراً لكم )) .
طيب (( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا )) من النور؟
الطالب : القرآن .
الشيخ : القرآن، لأن الله أنزله، قال تعالى: (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا )).
طيب ( ألا وإن في الجسد ) أي: جسد الإنسان، ( مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ) : لو شاء الرسول عليه الصلاة والسلام لقال: ألا وإن القلب في الجسد، إذا صلح صلح الجسد وحصل المقصود ولا لا ؟
حصل، لكن أتى به بهذه الصيغة من أجل الاهتمام به والعناية به وبيان أهميته
( ألا وهي القلب ).
ومعنى المضغة أي قطعة من اللحم بقدر ما يمضغه الإنسان، والإنسان ما يمضغ ؟ ما قدر ما يمضغه من اللحم؟
من أشداقه واسعة فستكون مضغته كبيرة، ومن أشداقه ضيقة ستكون صغيرة، والوسط وسط، نأخذ الوسط ماذا تقدر المضغة يا أخ؟
الطالب : قد هذا .
الشيخ : قد هذا ، ويش تقولون ؟
الطالب : قليل جدًّا هذا .
الشيخ : على كل حال هو كلما صغرت المضغة فهو أحسن، لأن الإنسان يستطيع أن يعلكها تماماً ويهضمها تماماً، لكن الغالب أن المضغة تكون من البيضة فأقل، مِن البيضة ولا أعني بذلك بيضة البش الكبيرة، بيضة الدجاج المعروف فأقل، هذه المضغة، هذه ( إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ) : فتبارك الله أحسن الخالقين، مضغة في الجسد إذا صلحت صلح الجسد.
وهل المراد هنا بالصلاح: الصلاح الديني، أو الصلاح الجسدي؟
الديني، قد يقول قائل: كلاهما، لكن هذا لا يختص بالقلب، إذا صلح الدماغ أيضاً صلح الجسد كله، إذا صلحت القدمان صلح الجسد كله.
المراد: الصلاح الديني.
ففي هذا الحديث من الورع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ).
20 - عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ــ وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه ــ ( إن الحلال بينٌ وإن الحرام بينٌ وبينهما مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام؛ كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمى إلا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغةٌ إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ) متفقٌ عليه. أستمع حفظ
فوائد حديث :( إن الحلال بينٌ وإن الحرام بينٌ وبينهما مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثيرٌ من الناس ... ).
أولاً: أنه ينبغي لحامل الخبر أن يؤكده بالمؤكدات التي تقنع السامع، من أين تؤخذ؟
من قوله: ( أهوى النعمان بأصبعيه إلى أذنيه )، ومثل ذلك: حديث أبي شريح الخزاعي حيث قال: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم قام فينا خطيباً الغداة من الفتح -فتح مكة- فحدثنا حديثاً سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به )، كل هذا تأكيد لإيش؟
للسماع، فينبغي للإنسان أن يؤكد خبره بما يفيد تأكده، لاسيما عند الشك فيه إما لغرابته أو لكون المخبر غير ثقة عند السائل فيؤكده بأنواع المؤكدات.
ومن فوائد هذا الحديث: أن المحرمات والمحللات تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
قسم حِله بيِّن، وقسم تحريمه بين، وقسم مشتبه:
أما ما حله بين وتحريمه بين فأمره واضح ، الحلال حلال، والحرام حرام.
وأما المشتبه فما موقف الإنسان منه؟
موقفه: أن يتقيه، لأنه إن فعله فهو بين الإثم والسلامة، وإن تركه سقط عنه احتمال الإثم وتأكد السلامة، ومعلوم أنه إذا تأكد الإنسان السلامة من الإثم فهو خير له.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الناس يختلفون في العلم لقوله: ( لا يعلمهن كثير من الناس ) وهل يختلفون في الفهم؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم، يختلفون في الفهم اختلافاً عظيماً، أما العلم فمعناه الاطلاع على الأدلة الشرعية وعلى أقوال العلماء، وما أشبه ذلك.
وأما الفهم فهو غريزة يجعلها الله عز وجل في الإنسان، وقد تكون مكتسبة فتزيد من التمرن وهذا أمر مشاهد، الإنسان كلما تمرن على تدبر النصوص وتفهمها، ازداد فهماً، وكم من إنسان أخذ من نصٍ واحد عدة مسائل، وآخر لم يأخذ منه إلا مسألة واحدة، ففضل الله يؤتيه من يشاء، وقد سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " هل عهد إليكم النبي صلى الله عليه وسلم بشيء؟ قال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهماً يؤتيه الله تعالى أحداً في كتابه "، فقال: " إلا فهماً " فدل ذلك على أن الإنسان قد يدرك بفهمه ما لا يدركه غيره.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يحرص على معرفة المشتبه حتى يكون على يقين مِن أمره، فإن دام الاشتباه ولم يصل إلى نتيجة فالورع إيش؟ ترك المشتبه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يستبرئ لدينه وعِرضه، فلا يقع في المشتبهات، ولا يصاحب مَن يُشتبه فيه، ولا يتعرض لما يُدنس عرضه، لقوله: ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ).
لا يتكل الإنسان على ثقة الناس به، فإن الأعداء كثيرون، قد يكون الإنسان يُحس بنفسه أنه محل ثقة عند الناس في دينه وعلمه وخلقه، لكن كلُّ إنسان له أعداء، ربما يشيع عنه الأعداء ما كان كذباَ فينحط قدره عند الناس، ولهذا يجب على الإنسان أن يستبرئ لدينه وعِرضه حتى يسلم مِن الشر، لا يقول: أبداً الناس لا يظنون بي إلا خيراً، لا، يجب أن يبين، ولقد رأى رجلان من الأنصار رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في الليل ومعه مَن؟
الطالب : صفية .
الشيخ : صفية، فأسرعا خجلاً من الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال: ( على رسلكما إنها صفية بنت حيي ، فقالا: سبحان الله! قال لهما: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خَشيت أن يقذف في قلوبكما شراً أو قال شيئاً ) ، مع أننا نعلم علم اليقين أن الصحابيين لا يخطر ببالهما شيء مما يظن، لكن الإنسان يدرأ عن نفسه ما يُبرئ به دينه وعرضه.
ومِن فوائد هذا الحديث: سَدُّ الذرائع، لقوله: ( ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام )، فكل ذريعة توصل إلى محرم فالواجب إيش؟
اجتنابها وسدها.
ومِن فوائد هذا الحديث: حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم بضرب الأمثال المحسوسة ليُتوصل بها إلى فهم المعاني المعقولة، تؤخذ من أين ؟ أيها المتكئ على العمود ، المتكئ ؟
الطالب : في ثلاثة .
الشيخ : أنت بين ثلاثة أنت المتكئ تماماً .
الطالب : أنا ؟
الشيخ : إي نعم أنت .
الطالب : الله أعلم .
الشيخ : إي تمام ، هل سرحت؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ليش تسرح يا أخي ؟! السرح إنما يكون في أيام الربيع في البر ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، نعم الي جنبه ، الذي تكلم أولاً.
الطالب : تمثيل النبي عليه الصلاة والسلام بالراعي يرعى حول الحمى.
الشيخ : أحسنت ، طيب لتمثيل الرسول عليه الصلاة والسلام هذه المعاني المعقولة وهو أن من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، بالراعي، الراعي كلنا يعرف أنه إذا رعى حول الحمى فإنه يوشك أن يقع فيه.
ومِن فوائد الحديث: جواز الحمى في البر، أن يحمي الإنسان لنفسه مكاناً يرعى فيه إبله وغنمه وبقره وما أشبه ذلك ، انتبهوا !!!
الطالب : قلنا يا شيخ ما يصير .
الشيخ : هل يمكن أن يستدل به على ذلك؟ لا، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام مثَّل بأمرٍ واقع، أما هل يجوز أو لا يجوز فهذا شيء آخر يؤخذ من نصوص أخرى، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الأمور الواقعة أحياناً لا لإقرارها ولكن لبيان أنها ستقع، طيب إذن هل يجوز أن يتخذ الإنسان له مكاناً يحميه من المراعي الطيبة أو لا ؟
نقول: أما إذا كان ذلك لخاصة نفسه فهذا لا يجوز، ( لأن الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار )، وأما إذا كان لمصالح المسلمين العامة فلا بأس، لأنه لم يتخذه لنفسه، فإذا قُدر أن هذا الأمير حَمى أرضاً مخصِبة جيدة لإبل الصدقة مثلاً أو لغنم الصدقة أو لبقر الصدقة فهذا ؟
الطالب : جائز .
الشيخ : هذا جائز، ولكن أيضاً بشرط ألا يضر المسلمين الآخرين ، يعني: بأن تكون المراعي واسعة، أما إذا كان يضرهم مثل ألا يوجد في مراعي البلد إلا هذه القطعة، فإنه لا يجوز أن يحميها ولو لإبل المسلمين، وذلك لأن المصالح العامَّة لا يمكن أن تقضيَ قضاءً مبرماً على المصالح الخاصة، لأننا لو قلنا لك أن تحمي إبل الصدقة، أو نحوها، بقيت إبل الناس تموت جوعاً، فإذا كان يضرهم فهو ممنوع حتى وإن كان للمصالح العامة.
ومن فوائد هذا الحديث: أن حمى الله محارمه، يعني: أن المحارم جعلها الله تعالى بمنزلة الحمى لا تقرب، ولهذا قال العلماء: إذا قال الله تعالى: (( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا )) فالمراد بالحدود؟
الطالب : المحرمات.
الشيخ : المحرمات، وإذا قال: (( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوها )). فالمراد بها: الواجبات، لأن الله عز وجل جعل حدوداً محرمات لحفظ النفوس، وحدودا واجبات لتزكية النفوس، لأن النفوس محتاجة إلى تزكية وحماية.
مِن فوائد هذا الحديث: أنَّ القلب هو المدبِّر للجسد لقوله: ( إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسدَ الجسد كله إلا وهي القلب ).
ومن فوائده: الرد على من قال: إن المراد بالقلب هو العقل الذي محله في الدماغ على زعمه، فنقول: إن الرسول قال: ( في الجسد مضغة ) وهي القلب، وهذا ليس معقولاً، بل هو شيء محسوس، ومن ثَم وقع النزاع بين علماء الشريعة وعلماء الطبيعة والفلسفة هل العقل في الدماغ أو العقل في القلب؟ وطال النزاع مِن قديم الزمان، قال الإمام أحمد: " العقل في القلب وله اتصال في الدماغ "، وهذا هو ما دل عليه القرآن، قال الله تعالى: (( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ )) إيش؟
(( يَعْقِلُونَ بِهَا )) وأين القلوب، هل هي في الدماغ ؟
لا، في الصدور، قال الله تعالى: (( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )): فالقرآن والسنة كلاهما يدل على أن محل العقل وتدبير البدن هو القلب ، وهذا هو الذي دلت عليه النصوص.
فإن قال قائل: أليس الرجل إذا اختلَّ دماغه اختل عقله؟
أجيبوا ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : بلى، لكن لا مانع من أن يكون أصل العقل في القلب، ثم يُصدر الأوامر إلى المخ مِن أجل أن تدبر هذه المملكة العظيمة، لأن جسد الإنسان مملكة عظيمة فيها مِن جميع الآلات، وأظن سامي العَقيلي يعرف أن في بدنه حديداً، في حديد؟ وفي أحجار؟ ما في تراب؟
كل المواد موجودة في البدن، وكل المعادن موجودة في البدن، ولهذا قال الله تعالى: (( وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ )) : هذه الدولة في الوقاع الجسد دولة لابد للمَلِك الذي يدبره من جنود، فالمدبر الملك هو القلب، والجنود الدماغ والأعضاء، وما أشبه ذلك، فأقرب ما يقال في تصور المسألة أن أصل التدبير في القلب والمخ مساعد.
طيب فإذا قال الإنسان: التصور الآن ، المعروف أن التصور يكون في الرأس يكاد الإنسان يلمسه لمساً !!؟
فيقال: نعم، سكرتير الملك يعمل المعاملات ويمحِّصها ويدققها، ثم يبعث بها إلى الملك مِن أجل التوقيع فيوقع، ومن ينفذ؟
الجنود، فالمسألة تصورها في المحسوس أمر ظاهر.
ونحن وإن لم ندرك الشيء بتصويره في الأمر الظاهر المحسوس يكفينا قول الله ورسوله: (( فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا )) ، (( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور ِ)).
وحدثنا شيخنا عبد الرحمن السعدي أنه في معركة الخلاف بين الناس كان فيه أحد المعتزلة أظنه قال: إنَّ العقل في القلب، وخصومه يقولون: العقل في الدماغ، المهم: أنه قُضي عليه بالإعدام، فقال: إذا قصصتم رأسي إن كان عقلي في قلبي فأنا سأشير بأصبعي، وإن كان في رأسي فلا أستطيع ، ليش ؟
لأن الرأس راح، فلما قطع رأسه أشار بأصبعه مما يدلُ على أن العقل في القلب. والله أعلم .
السائل : شيخ الأسئلة !
الشيخ : والله ما في ، أخاف أننا قلنا قضاء .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم :
نقل الصنف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض ) أخرجه البخاري.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( أخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمنكبيَّ، فقال: كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل.
وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لسقمك، ومن حياتك لموتك ) أخرجه البخاري " :
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
سبق لنا الكلام على حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه وهو حديث عظيم كما أسلفنا ، وقد تكلم عليه ابن رجب -رحمه الله- *في شرح الأربعين النووية كلاماً ينبغي لكل طالب علم أن يقرأه ، وهممت أن آتي به هنا ليُقرأ حتى نستفيد من الفوائد الجمة التي لا تكاد تجدها في غيره لكن خفت أن يعيقنا من التقدم ولعلنا إن شاء الله لنا عودة إليه فيما بعد.
21 - فوائد حديث :( إن الحلال بينٌ وإن الحرام بينٌ وبينهما مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثيرٌ من الناس ... ). أستمع حفظ
مناقشة ما سبق.
الطالب : الحلال والحرام والمشتبه .
الشيخ : حلال بين وحرام بين ومشتبه طيب، يلا يا عقيلي مثال الحلال بين ؟
الطالب : الطيبات .
الشيخ : الطيبات من الرزق نعم كالبر والتمر والشعير وما أشبه ذلك ، والحرام البين سمير ؟
الطالب : الخبائث كالربا .
الشيخ : نعم الخبائث سواء في الأعيان كالخمر والميتة والخنزير، أو في الأعمال كالربا ، طيب المشتبه؟
الطالب : المشتبه ما يشتبه على الإنسان في الدلالة أو الاستدلال أو الدليل.
الشيخ : طيب الاشتباه قد يكون في الدلالة أو الاستدلال أو الدليل، طيب: إذا اشتبه على الإنسان حكم شيء لقصور علمه، صالح من أي الأقسام الثلاثة ؟
الطالب : المتشابه ؟
الشيخ : الدليل الاشتباه بالدليل ؟
الطالب : المشتبه لقصور علمي ؟
الشيخ : إي نعم ، يعني قال : والله ما أدري هذا حلال وهذا حرام لأنه ما اطلع على دليل ؟
الطالب : في الدليل .
الشيخ : الدليل طيب ، الاستدلال مثاله أنت ؟
الطالب : حمل الأمر على ما يدل على ذلك !
الشيخ : اصبر اصبر أنا أعني الأخ، فهمت ؟
الطالب : هو قوله عليه الصلاة والسلام لما سئل عن جلود الميته هل تدبغ ؟ قال: لا هو حرام هل يرجع !
الشيخ : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل له: ! )
الطالب : ( أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس ) .
الشيخ : فقال ؟
الطالب : ( هو حرام ) .
الشيخ : ( قال : لا ، هو حرام )، ما ندري هو حرام يعود على البيع ولا يعود على المنفعة .
بارك الله فيك طيب ، كيف اشتبه أنه يعود على المنفعة أو يعود على البيع؟
الطالب : لقوله : لا ، هل هذا يرجع إلى قوله بأن المنافع لما جاء في الحديث جاء فيه النهي عن بيع مثل هذه الأمور .
الشيخ : نعم .
الطالب : أم أن الصحابة لا ينتفعون بها ، هل هذا لا يرجع على الانتفاع ، فاختلف العلماء هل يرجع لا هذه على النهي عن بيع مثل هذه الأمور أم أنه يرجع على الانتفاع به .
الشيخ : يعني من قال : إنه عن البيع قال : لأن أصل موضع الحديث ؟
الطالب : هو في البيع .
الشيخ : هو في البيع ، فقال : هو حرام يعني ولو مع وجود هذه المنافع ، والذين قالوا : هو حرام ، قالوا : إن هذا يعود على أقرب مذكور .
الطالب : وهو في المنفعة .
الشيخ : وهو ذكر هذه المنافع ، طيب عندنا أصل إذا اشتبه الدليل نرجع إلى أي شيء عبيد الله ؟