تحت باب الزهد والورع.
تتمة المناقشة السابقة.
الشيخ : الدليل الاشتباه بالدليل ؟
الطالب : المشتبه لقصور علمي ؟
الشيخ : إي نعم ، يعني قال : والله ما أدري هذا حلال وهذا حرام لأنه ما اطلع على دليل ؟
الطالب : في الدليل .
الشيخ : الدليل طيب ، الاستدلال مثاله أنت ؟
الطالب : حمل الأمر على ما يدل على ذلك !
الشيخ : اصبر اصبر أنا أعني الأخ، فهمت ؟
الطالب : هو قوله عليه الصلاة والسلام لما سئل عن جلود الميته هل تدبغ ؟ قال: لا هو حرام هل يرجع !
الشيخ : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل له: ! )
الطالب : ( أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس ) .
الشيخ : فقال ؟
الطالب : ( هو حرام ) .
الشيخ : ( قال : لا ، هو حرام )، ما ندري هو حرام يعود على البيع ولا يعود على المنفعة .
بارك الله فيك طيب ، كيف اشتبه أنه يعود على المنفعة أو يعود على البيع؟
الطالب : لقوله : لا ، هل هذا يرجع إلى قوله بأن المنافع لما جاء في الحديث جاء فيه النهي عن بيع مثل هذه الأمور .
الشيخ : نعم .
الطالب : أم أن الصحابة لا ينتفعون بها ، هل هذا لا يرجع على الانتفاع ، فاختلف العلماء هل يرجع لا هذه على النهي عن بيع مثل هذه الأمور أم أنه يرجع على الانتفاع به .
الشيخ : يعني من قال : إنه عن البيع قال : لأن أصل موضع الحديث ؟
الطالب : هو في البيع .
الشيخ : هو في البيع ، فقال : هو حرام يعني ولو مع وجود هذه المنافع ، والذين قالوا : هو حرام ، قالوا : إن هذا يعود على أقرب مذكور .
الطالب : وهو في المنفعة .
الشيخ : وهو ذكر هذه المنافع ، طيب عندنا أصل إذا اشتبه الدليل نرجع إلى أي شيء عبيد الله ؟
الطالب : نرجع إلى الأصل .
الشيخ : إلى الأصل، ما الأصل في الانتفاع بالأعيان؟
الطالب : الإباحة .
الشيخ : الإباحة ، أفهمتم يا جماعة، ولهذا نقول: الراجع أن الانتفاع بشحوم الميتة في هذه الأمور أنه إيش؟
الطالب : الإباحة .
الشيخ : جائز لكن بيعه حرام .
طيب ذكرنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام يشبه الأشياء المعقولة بالأشياء المحسوسة تقريباً للأذهان ، الأخ ، إي نعم ؟
الطالب : لا أعلم.
الشيخ : ويش يقول؟
الطالب : لا أعلم.
الشيخ : لا تعلم، إن شاء الله تعلم الآن، إياد أو إهاب ؟
الطالب : قوله صلى الله عليه وسلم : ( كالراعي حول الحمى ) .
الشيخ : قوله : ( ومن وقع في الشبهات ) عشان نأخذ الأمر المعنوي ، ( من وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) . طيب راعي إيش؟
الطالب : الراعي الذي يرعى الإبل أو البقر أو الماشية
الشيخ : نعم .
الطالب : وهناك حمى مثلاً لملك أو غيره فإذا ترك ماشية ترعى ربما تقع في هذا الحمى .
الشيخ : إي نعم ، أحسنت ، يعني مثلاً أرض محمية لا يرعاها أحد تكون مخصبة مخضرة فيرعى حولها الراعي فلا يستطيع أن يحمي الإبل عنها أو البقر التي يرعاها ، لأنها تشاهد الأرض الخضرة فتنفلت إليها واضح ؟
طيب ما معنى قوله : ( من وقع في الشبهات وقع في الحرام ) هل معناه أن اقتحام الشبهة حرام ، أو أن الوقوع في المشتبهات يجره إلى أن يقع في الحرام المحض ؟
الطالب : الثاني ، من وقع في المشتبهات .
الشيخ : الثاني ؟
الطالب : يجره إلى الوقوع في الحرام .
الشيخ : ماذا تقولون ؟
الطالب : صح .
الشيخ : نعم هذا هو الأصل أن الإنسان الذي يقع في الشبهات فإنها تجره إلى أن يقتحم المحرمات الصريحة .
طيب قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن لكل ملك حمى ) فهل هذا إقرار ؟
الطالب : هذا ؟
الشيخ : إي نعم .
الطالب : إخبار ليس إقرار شرعي .
الشيخ : نعم
الطالب : إخبار بحال من النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : يعني إخبار عن الواقع ؟
الطالب : إخبار عن الواقع .
الشيخ : أما كونه جائز أو غير جائز فهذا ينظر فيه حسب الأدلة.
طيب هل لك أن تأتي لنا بمثال ذكره لنا النبي عليه الصلاة والسلام على سبيل التمثيل بالواقع وهو حرام ؟
الطالب : التمثيل بالواقع وهو حرام ؟
الشيخ : نسيت ؟ نعم !
الطالب : الحديث الذي مر معنا قوله : ( يسب أبا الرجل فيسب أباه ) .
الشيخ : إي نعم هذا واحد ، لكن في أصرح من هذا ، في أصرح ولا نزاع فيه إطلاقاً ؟!
الطالب : شيخ !
الشيخ : نعم يلا نعم ؟
الطالب : قوله صلى الله عليه وسلم : ( لتتبعن سَنن من كان قبلكم ) .
الشيخ : صحيح ، لتتبعن سَنن أي: طريق أو سُنن جمع سُنة وهي: الطريقة.
( لتتبعن سَنن من كان قبلكم اليهود والنصارى ) : هل قال الرسول عليه الصلاة والسلام هذا إقراراً أو إخباراً عما سيقع ؟
الجواب : الثاني لاشك ، لا يمكن أن يرشد النبي صلى الله عليه وسلم أن نتبع اليهود والنصارى طيب.
في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ما هذه المضغة ؟
الطالب : القلب .
الشيخ : القلب.
طيب هل في هذا دليل على أن العقل والتدبير في القلب لا في الدماغ ؟
الطالب : فيه .
الشيخ : فيه، وجه الدلالة ؟
الطالب : أن القلب هذا أمير الأعضاء هو الذي يوجهها .
الشيخ : إلى الآن ما في آمر ومأمور ، الدليل من الحديث لأن حتى تشبيه القلب بالأمير والأعضاء بالمأمور تشبيه ناقص لا يطابق الحديث أبداً ، الحديث : ( إذا صلحت صلح الجسد كله )، الأمير والمأمور ربما يتمرد المأمور ، هل يلزم من كل أمير إذا أمر أن يلتزم ؟
الطالب : لا .
الشيخ : طيب اترك الأمراء جانباً .
الطالب : القلب لأن القلب إذا صلح !
الشيخ : لقوله : إذا صلحت هذه المضغة صلح الجسد كله ، بارك الله فيك نعم ، نأخذ درس جديد الآن ! بسم الله الرحمن الرحيم .
الطالب : الدرس هذا ما سألنا !
الشيخ : أيهن ؟
الطالب : ...
الشيخ : أيهن ؟
الطالب : الدرس هذا .
الشيخ : أي حديث ؟
الطالب : حديث النعمان .
الشيخ : حديث النعمان ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ويش المشكلة ؟
الطالب : ما سألناك .
الشيخ : نسأل إن شاء الله تعالى .
الطالب : نحن .
الشيخ : أقول نسأل ، أمس سؤالكم كسؤالي، نسأل إن شاء الله في آخر الدرس.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض ). أخرجه البخاري.
الطالب : القطيفة .
الشيخ : " ( والقطيفة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض ) أخرجه البخاري " :
تعس أي: هلك وخاب وخسر.
عبد الدينار، الدينار: هو السكة المضروبة من الذهب.
والدرهم: السكة المضروربة من الفضة.
والقطيفة: الفراش.
ومعنى عبدها فسره النبي عليه الصلاة والسلام باللازم ، فسره باللازم فقال: ( إن أُعطي رضي وإن لم يعط لم يرض ) ، فلهذا صار عبداً لها ، لأن هذه الأشياء ملكته ، يرضى بحصولها ويغضب بفواتها ، فصار عبداً ذليلاً لها ، هذا من وجه.
من وجه آخر أن هذه الأشياء الثلاثة، وقد جاء في حديث آخر أوسع من هذا أربعة، هذه الأشياء ملكت قلبه واستولت عليه حتى كانت هي فِكره وعقله وإرادته، وهذا هو حقيقة العبودية ، فصارت العبودية من وجهين:
الوجه الأول: أنه قد ذل لها بحيث يكون رضاه وغضبه تبعاً إيش؟
لحصولها أو عدمه.
ثانيا: أنها ملكت قلبه بحيث تكون هي فكرة وتفكيره وعقله وحركاته، لا يسعى إلا لها ولا يتوقف عن السعي إلا لها.
وليس المعنى أن الرجل ينصب الدينار ويسجد له أو يركع له، لا، إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد هذا.
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض ). أخرجه البخاري. أستمع حفظ
فوائد حديث :( تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة ... ).
في هذا الحديث: دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يخرج الدنيا من قلبه قبل أن تخرج من يده، حتى لا يكون عبداً ذليلاً لها.
من فوائد الحديث أيضاً: الإشارة إلى أن من تعلق بشيء تعلقاً تاماً صار له مثل العبد، ولذلك نجد العشاق يفخرون أن يوصفوا بأنهم عبيد لمن عشقوهم، كما قال الشاعر:
" لا تدعني إلا بيا عبدها *** فإنه أشرف أسمائي " :
لماذا؟
لأنه يتلذذ بكونه رقيقاً لها والعياذ بالله.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يكون رضاه فيما يرضي الله وسخطه فيما يسخط الله، لا أن يكون ذلك تبعاً للدنيا، لأن الدنيا فانية.
إذن فالحديث هنا من باب الزهد ولا من باب الورع أو منهما جميعاً ؟
الظاهر أن منهما جميعاً، لأن ترك ما يضر هذا ورع، وترك ما لا ينفع زهد.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: ( كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل ) وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لسقمك ومن حياتك لموتك. أخرجه البخاري.
المنكب: طرف الكتف، ولكل إنسان منكِبان، أخذ بمنكبيه هكذا كأنه أمامه أمسك بهما وذلك من أجل أن ينتبه لما يُلقى إليه : ( فقال:كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) : أوصاه بهذه الوصية أن يكون في الدنيا كالغريب، الغريب: هو من أقام في غير وطنه، ومعلوم أن مَن أقام في غير وطنه لا تتم له الراحة، بل هو في قلق، لأنه يخرج إلى السوق إلى المسجد مثلاً لا يرى أحداً يعرفه لأنه غريب، أو عابر سبيل وهذا أشد، عابر السبيل ليس له إقامة ماشي، فهكذا تكون في الدنيا، وهو إشارة إلى أن الإنسان ينبغي أن يبتعد عن أهل الدنيا، وأن يكون بينهم كالغريب أو كرجل عابر سبيل لا يريد المكث، ومما ينسب للشافعي:
" ومن يذق الدنيا فإني طَعِمتُها *** وسِيق إلينا عذبها وعذابها
فلم أراها إلا غُروراً وباطلاً *** كما لاح في ظهر الفلاة سَرابها
فإن تجتنبها كنت سِلماً لأهلها *** " :
هذا محط الفائدة :
" فإن تجتنبها كنت سِلماً لأهلها ***وإن تجتذبها نازعتك كلابها " .
وهذا حق، إن اجتنبته اجتنبك الناس وليس بينك وبينهم علاقة.
وإن تجتذبها هل ستأتيك سهلة؟ لا، يقول: نازعتك كلابها ، فوصية النبي عليه الصلاة والسلام هذه من أحسن الوصايا.
5 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: ( كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل ) وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لسقمك ومن حياتك لموتك. أخرجه البخاري. أستمع حفظ
فوائد حديث: ( كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل ).
حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الوصية فيما ينفع .
ومن فوائد هذا الحديث أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل ما به تأكيد الخبر، والالتفات إليه إما بالقول وإما بالفعل، ففي حديث النعمان بن بشير استعمل إيش؟
الطالب : القول.
الشيخ : القول: ألا، ألا ، ألا، وأما هنا فقد استعمل الفعل.
والنبي عليه الصلاة والسلام يستعمل ما يحصل به الانتباه، إما بمثل هذا وإما بأن يمسك بيد الرجل بين كفيه، كما فعل مع عبد الله بن مسعود حين علمه إيش؟
التشهد، أمسك بيده ووضعها بين كفيه، وجعل يعلمه، فإذا استعلمت الأساليب التي توجب أن يَرعى الإنسان انتباهك فإن هذا من الهدي النبوي.
ومن فوائد الحديث: ألَّا يركن إلى الدنيا وألا يتخذها محل إقامة، لقوله: ( كن في الدنيا كأنك غريب ) يعني: قلق لست مستأنِساً أو عابر سبيل.
ومن فوائد هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أن نجتنب الدنيا كلها، وإنما أمر أن نكون منها بمنزلة الغريب الذي لا يأكل إلا ما اضطر إليه أو عابر السبيل.
وهكذا ينبغي لنا ألا نجعل الدنيا أكبر همنا، لأننا إذا جعلناها أكبر همنا فإنها تفوتنا هي والأخرى، وإن جعلناها عوناً على الطاعة صارت هي لنا والأخرى أيضاً، ولقد سمعت كلاماً لبعض العلماء يقول: " اجعل المال لك كالحمار الذي تركبه، أو كالخلاء الذي تقضي به حاجتك " ، أفهمتم؟
يعني: معناه لا يهمك منها إلا ما تقضي به حاجتك فقط.
( قال: وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ) :
أخذه من وصية النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ) : يعني أعمل عمل الجاد الذي يستحضر أن أجله قد حضر ليكون مستعداً غاية الاستعداد، لا تقل: أفعل هذا غداً ربما لا تدرك غداً، وفي الصباح لا تؤخر إلى المساء، لأنك ربما إيش؟
لا تدرك المساء، وهذا أمر مشاهد، فالإنسان الحازم هو الذي ينتهز الفرص ويأخذ بالجد.
ويقول: ( خذ من صحتك لمرضك ) : رضي الله عنه، كلمة حكمة، الإنسان الصحيح يسهل عليه العمل، وصدره منشرح، ونفسه طيبة، والمريض بالعكس، يصعب عليه العمل، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لعمران بن حصين: ( صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطيع فعلى جنب ).
وكذلك أيضاً تضيق نفسه، ولا ينشرح صدره ولا ينبسط، ولهذا تجد أحياناً إذا أصابك المرض تود ألا يكلمك أحد من الناس، ولو أقرب الناس إليك، فخذ من الصحة لإيش؟ للمرض حتى إذا أتاك المرض وإذا أنت قد أخذت بحظ وافر من العمل الصالح في حال الصحة.
أفضل من ذلك قال: ( ومن حياتك لموتك ) : الله أكبر، الإنسان ما دام حياً فإنه يمكن أن يعمل ، لكن : ( إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له )، فخذ من حياتك الآن مادمت حيا لموتك لأنك سوف تبقى أزماناً طويلة بعد الموت لا تستطيع أن تعمل، لكن ما دمت حياً فاعمل.
ففي هذا الحديث فوائد:
أولاً: الزهد في الدنيا، وأن الإنسان لا يتخذها موطناً بل معبراً، أو دار وحشة لقوله: ( كأنك غريب أو عابر سبيل ).
ومن فوائد هذا الحديث أن الكلمات -أخذنا أظن الأول المرفوع- نعم من فوائد الحديث بالنسبة للموقوف حديث ابن عمر:
الاعتبار بهذه الوصية إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء.
ومن فوائده: أن الإنسان الحازم هو الذي يغتنم الفرص يأخذ من الصحة للمرض ومن الحياة للموت، وكذلك أيضاً كما جاء في الحديث: ( اغتنم خمساً قبل خمس ) ومنها الفراغ قبل الشغل .
الإنسان ما دام متفرغاً فلينتهز الفرصة وليتخذ الفراغ مملوئاً بالعمل الصالح قبل أن ينشغل، ولهذا يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: " تفقهوا قبل أن تسوَّدوا " أي: قبل أن تتخذوا سادة لأن الإنسان إذا كان من السادات وسوِّد وصار مرجعاً للناس انشغل.
وسمعت أحد الإخوة يقول: " أنت لنفسك ما لم تُعرف فإذا عُرفت كنت لغيرك "، هذا صحيح أو غير صحيح؟
الطالب : صحيح .
الشيخ : نعم ولهذا تجد الإنسان في أول حياته وفي غفلة الناس عنه عنده أوقات يستطيع أن يراجع يستطيع أن يزور قريباً أن يعود مريضاً لكن إذا عرفه الناس انكبت الحوائج عليه كل يحتاجه من جهة، وحينئذ ينشغل عما كان قادراً عليه بالأمس.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( من تشبه بقومٍ فهو منهم ) أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان.
قوله: ( من تشبه ) أي : أتى ما يكون به متشابهاً لهم، وذلك أن يفعل شيئاً من خصائصهم.
والتشبه يكون بالعقيدة يكون بالعبادة، يكون باللباس يكون بالعادات، الحديث عام وإذا كان عاماً فينزل قوله: صلى الله عليه وسلم : ( فهو منهم ) على ما تقتضيه الأدلة الأخرى .
فمثلاً من تشبه بقوم في العقيدة فهو منهم، معلوم يعني اعتقد ما يعتقدون سواء فيما يتعلق بالعبادة أو بالربوبية أو بالأسماء والصفات هو منهم حتى لو نفى أن يكون منهم، نقول: أنت منهم.
من تشبه بهم في العبادة فهو منهم لو أن إنساناً تشبه بأصحاب الطرق في عباداتهم، وقال: أنا من أهل السنة نعوذ بالله من البدعة وهو يفعل في العبادة ما يفعله أهل الطرق هل يُقبل؟
لا، هو منهم.
من تشبه بهم في العادات فهو منهم، ولاسيما إن نهى الشرع عن ذلك بعينه، إنسان تشبه بالكفار في الأكل باليسار لأنه يوجد الآن أناس يرون أن الأكل باليسار تقدم وحضارة، ليش؟
لأنه تفعله الأمم المتحضرة على زعمه فهو حضارة وتقدم فيكون منهم.
تشبه بهم في اللباس صار يلبس مثل لباس الكفار نقول: هو منهم، المهم إذا تشبه بهم والتشبه أن يفعل ما كان مختصاً بالمتشبه به، أما ما كان مشتركاً فلا تشبه لكن ما كان مختصاً به .
ثم قوله عليه الصلاة والسلام : ( فهو منهم ) هل المعنى أنه يكون كافر؟
نقول: هو على حسب الشبه أي: حسب ما تشبه به، إذا قلنا: تشبه بهم في لباسهم مثلاً هل يكون مثلهم في الكفر أو هو مثلهم فيما تشبه بهم فيه؟
الثاني لكن قد يقال: إن قوله: ( فهو منهم ) يعني يوشك أن يكون منهم، لأن التشبه بهم في الظاهر يؤدي إلى التشبه بهم في الباطن، وعلى هذا فيكون منهم باعتبار المآل لا باعتبار الحال، وإذا قلنا: إنه منهم في هذه الخصلة التي تشبه بها فهو باعتبار الحال.
أما إذا قلنا: فهو منهم أي: أن التشبه بالظاهر يؤدي إلى التشبه بالباطن فهذا يفسر قوله: ( فهو منهم ) في إيش؟
في المآل.
ولاشك أن التشبه بالقوم يؤدي إلى محبتهم وتعظيمهم والركون إليهم وهذا قد يجر المرء إلى أن يتشبه بهم حتى في العبادة.
ففي هذا الحديث دليل على فوائد، أولاً: كيف ؟
الطالب : الأسئلة .
الشيخ : الأسئلة، نعم .
7 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( من تشبه بقومٍ فهو منهم ) أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. أستمع حفظ
ما حكم ما إذا اختلف العلماء في شيء بين التحريم والإباحة فبأي الأقوال نأخذ ؟
الشيخ : نعم هو استدل به بعض العلماء أنه إذا اختلف العلماء في مسألة أحدهم يقول هي حرام والثاني يقول هي مباحة فنأخذ بقول من يقول هي حرام .
لكن كما ذكرنا لكم أمس يجب أن ننظر إلى حال المختلفين فنقدم الأعلم والأوثق على غيره، ثم ذكرنا لكم فيما سبق أنه إذا اختلف العلماء في مسألة فإن ترجح جانب أحدهم فهو الحق، وإن لم يترجح ففيها للعلماء كم؟
ثلاثة أقوال:
قول بالتخيير، وقول آخر بالأشد، وقول ثالث بالأيسر.
ما موقف طالب العلم من المسائل الخلافية ؟
الشيخ : إيش؟
السائل : التعليل بالخلاف يعني مضمون الخلاف في ذلك؟
الشيخ : لا، التعليل بالخلاف إن كان لاشتباه الدليل فنعم ، -اصبر يا سليم يا أخي إذا كنت أجاوب واحد لا أحد يرفع يده تشغلوني-.
إذا كان الخلاف له حظ من النظر والدليل يحتمل أن يكون دالاً عليه فهذا نعم لا لأجل الخلاف ولكن لأن الدليل لم يتم، وأما إذا لم يكن هناك دليل فإنه فإنه لا يعتبر ولا يعلل به نعم يا سليم ؟
إن بعض الناس يخالف الشريعة .... ويقول التقوى ها هنا تجده مثلا يحلق لحيته التقوى ها هنا ويسبل الثوب التقوى ها هنا يترك الصلاة ويقول التقوى ها هنا ... ؟
الشيخ : إي نعم هذا جيد هذا جيد جداً، يقول : إن بعض الناس يخالف الشريعة في ظاهره ، ويقول : ( التقوى هاهنا ) تجده مثلاً يحلق لحيته ويقول: ( التقوى هاهنا )، يسبل الثوب ويقول : ( التقوى هاهنا ) يترك الصلاة ويقول: ( التقوى هاهنا ) .
نقول : إن الذي قال: ( التقوى هاهنا ) هو الذي قال : ( إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ) ، ففساد الجسد دليل على فساد القلب ، وصلاح الجسد قد يكون دليل على صلاح القلب وقد لا يكون ، فالمنافقون ظاهرهم الصلاح ومع ذلك قلوبهم فاسدة لكن يكون القلب صالحاً والجسد فاسداً لا يمكن ، نعم .
10 - إن بعض الناس يخالف الشريعة .... ويقول التقوى ها هنا تجده مثلا يحلق لحيته التقوى ها هنا ويسبل الثوب التقوى ها هنا يترك الصلاة ويقول التقوى ها هنا ... ؟ أستمع حفظ
أورد بعضهم على مسألة لباس البنطال في بلاد التي عرف فيها ذلك قالوا هذا لباس الكفار في الأصل وهل إذا تشبه بعض المسلمين بهم وعم ذلك الفعل يكون حجة على .... وكيف يرد عليهم ؟
الشيخ : نعم نرد عليهم بأن الرسول يقول : ( من تشبه بقوم ) ، وهذا الآن بحسب الواقع صار لباس للجميع ما هو خاص بالكفار ، وقد نص على هذا في فتح الباري نقله أيضاً عن مالك رحمه الله وهو حق ، لكن يبقى النظر في مسألة البنطلون أنه يمنع من كمال الصلاة .
السائل : إذا كان ضيقاً ؟
الشيخ : إذا كان ضيقاً يمنع من كمال الصلاة ، فنجد أحياناً هؤلاء الذين يصلون في البنطلونات نجده ما يستقر في الجلوس ولو استقر لانشق اللباس.
11 - أورد بعضهم على مسألة لباس البنطال في بلاد التي عرف فيها ذلك قالوا هذا لباس الكفار في الأصل وهل إذا تشبه بعض المسلمين بهم وعم ذلك الفعل يكون حجة على .... وكيف يرد عليهم ؟ أستمع حفظ
في قسم النبي صلى الله عليه ( والذي نفس محمد بيده ... ) قلنا إنه يتضمن أنه إن كنت كاذبا أهلكني الله ألا يتعارض هذا مع نهيه عليه الصلاة والسلام عن الدعاء على النفس بالهلاك ؟
الشيخ : أقسم قسماً ؟
السائل : ...
الشيخ : نعم نعم .
السائل : فأشكل علي حفظكم الله التوفيق بين هذا المعنى وبين نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على النفس كيف التوفيق؟
الشيخ : لا، المناسبة : ( والذي نفسي بيده ) أنه كأنه يقول : أقسم بالذي نفسي بيده يعني ويتضمن هذا القسم إن كنت كاذباً أن يهلكني الله .
السائل : ما في دعاء يا شيخ ؟
الشيخ : لا لا الدعاء على النفس يدعو على نفسه بالهلاك عندما يصيبه كربة أو مصيبة أو ما أشبه ذلك .
السائل : شيخ تعقيب على الأخ كمال فيما يتعلق بالثياب إذا كانت أصبحت عرفاً للناس ؟
الشيخ : إذا أصبح إيش؟
السائل : يعني من لباس الناس حتى وإن كان أصلها من الغرب أو من المشركين ، يستدل بعضهم الآن يقول إذن أيضاً لباس الدبلة عند العقد .
الشيخ : إذا !
السائل : لباس الدبلة عند العقد ؟
الشيخ : إذا إذا !
السائل : عند العقد .
الشيخ : إذا ، ما فهمت الذي بعد إذا الشرط .
السائل : لبس الخاتم !
الشيخ : إذا لبس قفازاً ؟
السائل : الخاتم عند عقد النكاح ، يكون أيضاً من عرفهم .
الشيخ : لا ، لأن هذه مسألة الذبلة مصحوب بعقيدة ولهذا بعضهم يكتب اسم زوجته في خاتمه والزوجة تكتب اسم الزوج في خاتمها فهذا يشبه التولة التي جعلها الشرع من الشرك .
نمشي في الشرح ما لكم إلا خمس دقائق !
12 - في قسم النبي صلى الله عليه ( والذي نفس محمد بيده ... ) قلنا إنه يتضمن أنه إن كنت كاذبا أهلكني الله ألا يتعارض هذا مع نهيه عليه الصلاة والسلام عن الدعاء على النفس بالهلاك ؟ أستمع حفظ
فوائد حديث :( من تشبه بقومٍ فهو منهم ).
الحث على التشبه بالصالحين من قوله: ( من تشبه بقوم فهو منهم ) .
ويتفرع على هذه الفائدة الحث على إتباع السلف الصالح في العبادة، في العقيدة، في المنهج في كل شيء، ليكون الإنسان إيش؟
الطالب : منهم .
الشيخ : منهم، وهل يتشبه الإنسان بهم في ما لا يفعلونه على وجه التعبد كهيئة المشي هيئة اللباس وما أشبه ذلك ، أو يقال: إن التشبه بهم في اللباس أن يلبس الإنسان ما اعتاده أهل بلده ما لم يكن محرماً؟
الجواب: الثاني، ولهذا نقول: إن إتباع العادة في اللباس هو السنة ما لم يكن ذلك حراماً.
ومن فوائد هذا الحديث: الحذر من التشبه بالكفار ، أو التحذير من التشبه بالكفار لقوله: ( فهو منهم ) ، وهل هذا على سبيل الكراهة أو على سبيل التحريم؟
الصواب: أنه على سبيل التحريم ، وأنه يحرم على الإنسان أن يتشبه بالكفار، قال شيخ الإسلام -رحمه الله- ابن تيمية في كتابه *اقتضاء الصراط المستقيم: " أقل أحوال هذا الحديث التحريم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم ".
ومن فوائد هذا الحديث: أنه متى حصل الشبه ثبت الحكم سواء كان بإرادة أم بغير إرادة.
فلو قال قائل: إنه ليس ثياب الكفار لكن لم يقصد التشبه، قلنا: ولكن حصل الشبه، والنية محلها القلب فننكر عليه ما أظهره من المشابهة، وأما فيما بينه وبين ربه فهذا ليس إلينا، لأن بعض الناس الآن تنهاه يقول: ما قصدت التشبه، تجده مثلاً يجعل شعره على صفة معينة معروفة أنها من حُلى الكفار فإذا قلت له، قال: أنا ما أردت التشبه، ماذا نقول له؟
نقول: حصل التشبه، التشبه حاصل والنية أمرٌ خفي لا يُطلع عليه، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: ( من تشبه بقوم فهو منهم ) فعلق الحكم على المشابهة.
طيب فيه أيضاً: الحذر من متابعة أهل البدع لأنه إذا تابعهم فقد تشبه بهم فيكون منهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ).
وعن ابن عباس قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، فقال: ( يا غلام، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ). رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
يقول: ( كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ) هل هو خلفه يمشي أو راكب؟
الطالب : الثاني .
الشيخ : ليس فيه بيان اللهم إلا إذا كان في رواية لم أطلع عليها، خلف النبي، ولكن الذي يظهر أنه كان راكباً فقال: ( يا غلام ) : ناداه بهذا الوصف لأنه كان صغير السن.
( احفظ الله يحفظك ) : احفظ الله أي: احفظ دينه فهو كقوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ))، وليس المراد أن يحفظ الله نفسه، لأن الله غني عن العالمين، لكن المراد حفظ دينه أي: قم بشرائعه الواجبة والمستحبة، واترك نواهيه المحرمة والمكروهة، ( احفظ الله ).
( يحفظك ) : هذا هو جواب الأمر وهو الجزاء والثواب، يحفظك في إيش؟
في دينك ودنياك في أهلك في مالك في بدنك في جميع أحوالك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق ولم يقيد، ( احفظ الله ).
الطالب : في الشرح : في رواية أنه رديف النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ : نعم هذا هو الظاهر أنه كان رديف الرسول.
طيب ( احفظ الله تجده تجاهك ) : هذا أيضا فائدة عظيمة، أحفظ الله بإيش؟ بحفظ ؟
الطالب : دينك .
الشيخ : بحفظ دينك ، ( تجده تجاهك ) أي: أمامك، وهذا يعني: أنه عز وجل يدلك على كل خير ، فإذا حفظت دين الله دلك على كل خير، لأن الذي أمامك هو قائدك فيدلك على كل خير.
( وإذا سألت فاسأل الله ) : لا تسأل الناس مهما كان ، اللهم إلا عند الضرورة القصوى فهذا له حال آخر، لكن اسأل الله وحده ، وأنت إذا سألت الله بصدق ويقين فإن الله تعالى سوف يجيبك لقول الله تعالى: (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ )).
وقال تعالى في آية أخرى: (( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )).
قد تستبعد أن يجيب الله لك مسألة ، لكن لا تستبعد هذا إن الله يقول: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ )).
( وإذا استعنت فاستعن بالله ) : استعن بالله إذا استعنت أي: طلبت معونة فلا تلجأ إلى الخلق استعن بالله فإنك إذا استعنت بالله عز وجل استعانة حقيقية بإيمان وصدق أعانك.
14 - وعن ابن عباس قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، فقال: ( يا غلام، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ). رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. أستمع حفظ
فوائد حديث :( ابن عباس قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، فقال: ( يا غلام، احفظ الله يحفظك ... ).
أولاً: جواز الإرداف على الدابة بناءً على أن قوله: ( خلف النبي ) أي: على الدابة وكما ذكر أخوكم بأن الشارح يقول: " أنه كان رديف الرسول صلى الله عليه وسلم " ، ولكن هذا مشروط بأمرين:
الأمر الأول: ألا يشق على الدابة، فإن شق على الدابة فلا يجوز الإرداف.
الأمر الثاني: ألا يخاف سقوطاً فإن خاف سقوطاً فقد قال الله تعالى: (( وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ )) .
كيف يخاف السقوط؟
أحياناً يكون ردف البعير منزلقاً فإذا ركبه الإنسان فربما يسقط على ظهره، ففي هذه الحال نقول: لا تردف، وهذا مراعاة لحال الراكب أو لحال المركوب؟
لحال الراكب والأول لحال المركوب .
ومن فوائد هذا الحديث: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم بإرداف الصغار، وهذا أمر لا يحتاج إلى إقامة البينة عليه، أن النبي صلى الله عليه وسلم عنده من التواضع الجم للحق وللخلق ما ليس عند غيره عليه الصلاة والسلام، وإن شئتم دليلاً على ذلك فمن الذي أردفه النبي صلى الله عليه وسلم في رجوعه من عرفة؟ الطالب : أسامة.
الشيخ : أسامة بن زيد مولى من الموالي وصغير السن أيضاً، ومن الذي أردفه حين ذهابه من مزدلفة إلى منى؟
الطالب : الفضل .
الشيخ : الفضل بن العباس صغير لكنه من أقاربه ، فراعى النبي صلى الله عليه وسلم هذا وهذا ، الفضل بن العباس من أشرف الناس نسباً ، وأسامة مولى من الموالي ، لكن الكل منهم صغير.
فالمهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام، لا حاجة إلى إقامة البينة على تواضعه لأن هذا أمر متواتر.
من فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي في الحديث الهام أن تنادي الإنسان ولو كان أقرب قريب إليك، الرسول يكلم ابن عباس وهو رديفه على الدابة بعيد ولا غير بعيد ؟
الطالب : قريب .
الشيخ : قريب جدًّا لكن الحديث مهم.
ومن فوائد هذا الحديث: هذه الوصايا العظيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ) إلخ.
ومن فوائد الحديث: أن من حفظ حدود الله وشرائع الله حفظه الله في دينه وبدنه وماله وأهله وعرضه أيضًا ، (( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا )).
ومن فوائد هذا الحديث: أن الجزاء من جنس العمل وأن الإنسان لما حفظ ربه إيش؟
الطالب : حفظه الله.
الشيخ : حفظه الله.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه مِن الحزم أن يحفظ الإنسانُ ربه ولا يبالي بأحد، يعني: يعبد الله لا يبالي بالناس، يتجنب الحرام وإن انتهكه الناس، لا يبالي: ( احفظ الله يحفظك ).
ومنها، من فوائد الحديث: أن أهم من يوجه إليه هذا ولاة الأمور الصغير والكبير، كل منهم يحب أن يحفظ في ماله وبدنه وعرضه، نقول: إذا كنت تريد ذلك فهناك شيء واحد مفتاح واحد وهو أن تحفظ الله.
ومن فوائد هذا الحديث: أن من حفظ الله كان الله دليلَه، ومن كان الله دليلَه فهو مهتد بلا شك لقوله: ( احفظ الله تجده تجاهك ) .
هنا إشكال : ( تجده تجاهك ) : إذا قال قائل: ألا يدل ذلك على ما ذهبت إليه الجهمية الحلولية من أن الله تعالى في كل مكان لأنه قال: ( تجاهك ) أي: مقابل وجهك ؟
يدلك ؟ فهل نقول: إن هذا يدل على ما ذهب إليه هؤلاء الملحدون الذين يقولون إن الله في كل مكان؟
الجواب: لا، لا ليس كذلك، لأن الرسول قال: ( تجده تجاهك ) ، وقال في المصلي: ( إن الله قبل وجهك ) ، ( ونهى أن يتنخم الإنسان وهو يصلي قبل وجهه لأن الله قبل وجهه )، وهذا لا يلزم منه أن يكون الله تعالى في الأرض، قد يكون الشيء أمامك وهو عالٍ جداً عنك، أرأيت نجماً قارب الغروب هو أمامك أليس كذلك ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : وأين هو؟ في السماء بعيداً عنك ، فلا يلزم من كون الله تجاه الإنسان أن يكون الله تعالى في مكانه، ولكن الله عز وجل جعل في أدلة شريعته ما هو مشتبه امتحاناً واختباراً للعباد بأن هذه الأدلة المشتبهة يميز الله بها الخبيث من الطيب : (( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زيغ )) أخونا !
الطالب : أنا ؟
الشيخ : إي نعم .
الطالب : (( فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ )) .
الشيخ : (( فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِه)) ، وأما الراسخون في العلم فيقولون: آمنا به.
طيب إذن الجواب عن هذا الإشكال : أنه لا يلزم من كون الشيء تجاه الإنسان أن يكون في مكانه بل يكون تجاهه وهو فوق.
ثانياً: أننا لو قلنا بذلك لأبطلنا نصوصًا واضحة صريحة بأن الله فوق كل شيء.
ثالثاً: أنه لو قدر أن بين كون الشيء تجاهك وكونه في السماء تعارضاً بالنسبة للمخلوق فلا يلزم ذلك بالنسبة للخالق لأن الله تعالى : (( ليس كمثله شيء )) .
من فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يعلق حاجاته بربه لقوله: ( إذا سألت فأسأل الله ) طيب كل شيء؟
نعم ، لكن السؤال يكون بلسان المقال، ويكون بلسان الحال، أما السؤال بلسان الحال: فهو أن يفوض الإنسان أمره إلى ربه .
وأما السؤال بلسان المقال فأن يقول: اللهم ارزقني مثلاً.
ومن فوائد الحديث: أن الإنسان ينبغي له إذا استعان أن يستعين بالله، وأن من الحزم أنك مهما استغنيت عن الناس فافعل، مهما استغنيت لو شق عليك ذلك ، لو كبُر عليك فافعل، لئلا يكون لأحد عليك مِنة ، فاجعل المنة لله عز وجل هذه وصايا نافعة من الرسول عليه الصلاة والسلام لمن هو من أقرب الناس إليه وهو ابن عباس.
ما جاء السؤال !
السائل : شيخ لو عُلق على بقية الحديث ؟
الشيخ : أيهن ؟
السائل : ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت ) !
الشيخ : ما هو موجود ، عندكم؟
السائل : لا ما هو موجود.
الشيخ : هو على كل حال نحن نحب أن نمشي، وإلا في أيضاً مباحث لكن.
15 - فوائد حديث :( ابن عباس قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، فقال: ( يا غلام، احفظ الله يحفظك ... ). أستمع حفظ
وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عملٍ إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس؟ فقال: ( ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس ) رواه ابن ماجه وغيره وسنده حسنٌ.
( دلني على عمل ) : دلني: مأخوذ من الدلالة وهي الإرشاد إلى الشيء.
( على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس ) : يعني: حصل لي محبة الله لي ومحبة الناس، فيحصل له المحبة من جانب الخالق وجانب المخلوق، كل إنسان يحب ذلك، كل إنسان يحب أن يحبه الله وكل إنسان يجب أن يحبه الناس:
أما الأول فخاص بالمؤمنين. والثاني عام يعني حتى الكفار يحبون أن يحبهم الناس.
وهذا سؤال عظيم ، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: ( ازهد في الدنيا ) : يعني: اتركها لا تتعلق بها لا تهمك، إن جاءتك فقد أتتك وإن فاتتك فلا تعلق نفسك بها.
( ازهد في الدنيا يحبك الله ) ، لأنه من لازم الزهادة في الدنيا الرغبة في الآخرة، وإذا رغب الإنسان في الآخرة فسوف يعمل ما يرضي الله ويكون سبباً لمحبته فصارت محبة الله للإنسان في الدنيا من باب اللزوم ، لأنه متى زهد في الدنيا لابد أن يرغب في الآخرة، وحينئذ يحبه الله عز وجل .
( وازهد فيما عند الناس يحبك الناس ) : هذه أيضًا من الوصايا العظيمة، لا تنظر إلى ما في أيدي الناس أزهد فيه لأنه ليس ملكك ولا ينفعك فازهد فيه من أجل أن يحبك الناس.
16 - وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عملٍ إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس؟ فقال: ( ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس ) رواه ابن ماجه وغيره وسنده حسنٌ. أستمع حفظ
فوائد حديث :( ازهد في الدنيا يحبك الله ... ).
أولاً: حِرص الصحابة رضي الله عنهم على الاستقامة والسؤال عن سُبلها، لأن الرجل سأل عن شيء يكون فيه محبة الله ومحبة الخلق.
ومن فوائد الحديث: أن كلمات النبي صلى الله عليه وسلم كلمات جامعة : ( ازهد في الدنيا ) : هذه كلمة لو أراد الإنسان أن يشرحها شرحاً وافياً لأخذ عليها صفحات ، لكنها جائت كلمة موجزة : ( ازهد في الدنيا ) : يشمل الزهادة في المال، الزهادة في الجاه، الزهادة في المركوبات، الزهادة في المسكونات، الزهادة في كل شيء، ولو أردت أن تعدد ما يتعلق بالدنيا لتعبت لكن الرسول عليه الصلاة والسلام جمعها في كلمة واحدة.
ومن فوائد الحديث: إثبات محبة الله عز وجل لقوله: ( يحبَك الله )، وأهل السنة والجماعة يثبتون أن الله يحب محبة حقيقية، وأهل التعطيل يقولون: إن الله لا يحب، وأن محبته كناية عن ثوابه فيفسرون الشيء بلازمه مع إنكاره.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: أن من لم يزهد في الدنيا وتعلق بها وصارت أكبر همه، فإن ذلك من أسباب انتفاء محبة الله عنه بالمنطوق ولا بالمفهوم ؟ الطالب : المفهوم.
الشيخ : بالمفهوم.
ومن فوائد الحديث: الحث على الزهد في الدنيا لأنها إذا كانت سبباً لمحبة الله فلا ينبغي للعاقل أن يفوت هذا.
ومن فوائد حديث: الحث على الزهد فيما أيدي الناس، لماذا؟
لأجل أن ينال محبة الناس، أما إنسان لا يزهد فيما في أيديهم فإن الناس سوف يستثقلونه ولا يحبونه، مثلاً إنسان كلما رأى مع شخص ما يعجبه يقول: هذا والله زين ، والله ريته يجيني ، يقول هذا أول كلمة لعل صاحبه يقول: تبيه تفضل ، إذا لم يقل هذا ترقَّى إلى درجة أخرى يقول: والله هذا زين أنا لو أعطيتني إياه كان أكتب به شيء ينفع، وهكذا حتى يتدرج به.
ولا شك أن كثيراً من الناس إذا رأى من شخص أنه يحب ما في يده يعطيه إياه إذا لم يكن لضروراته، لكنه سوف يستثقل هذا الرجل، يستثقله، وربما يكرهه حتى لو كان ذا عبادة وأحبه لله فستنقص محبته، واضح؟
طيب ، كذلك أيضاً بعض الناس لا يطلب أموالهم على سبيل التملك لكن على سبيل الاستعارة، يستعير ربما وهو في غير حاجة، لكن نهمة ومرض في القلب : أنه يطمع فيما في أيدي الناس، هذا لا شك أن الناس تقل محبتهم له.
مِن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يسعى فيما يكون سبباً لمحبة الناس له، دليل هذا أن الرسول عليه الصلاة والسلام أقرَّ الرجل على قوله: ( يحبني الناس ) وإلا لقال له: ما يهمك من حب الناس أحبوك أم كرهوك، لكن ينبغي للإنسان أن يسعى بكل ما يستطيع في كل وسيلة توجب أن يحبه الناس وفضل الله يؤتيه من يشاء، أحياناً لا يملك الإنسان نفسه حتى يفعل ذلك لكن ينبغي للإنسان إذا لم يكن ذلك من طبيعته أن يتطبع به.
جاء عن بعض السلف أنهم يتعمدون فعل ما يسقط جاههم عند الناس ؟
الشيخ : أن ؟
السائل : بتعمدون فعل ما يسقط جاههم عند الناس !
الشيخ : نعم .
السائل : هل هذا يا شيخ محظور أنه يسقط جاهه ؟
الشيخ : يقول: إنه ورد عن بعض السلف أنهم يحبون أن يفعلوا ما يسقط جاههم عند الناس .
نقول : هذا إن كان رياءً فهو على خطر ، وإن كان محبة أن لا يشار إليه بالأصابع لئلا يغترَّ بنفسه ويعجب بنفسه فهذا طيب ، لكن الذي نرى أن يتبع الإنسان ما فيه المصلحة ، نعم ؟
سؤال عن حكم الأمور التي اشترك فيها المسلمون والكفار كلباس معين مثلا ؟
الشيخ : هذه ذكرناها يا جماعة ، ما ذكرناها؟!
أن الشيء إذا انتشر الآن وصار ليس من اختصاص الكفار لا يتشبه .
الطالب : شيخ الأَصل ؟
الشيخ : ولو كان الأصل إلا بما يتعلق بالعقيدة مثل مسألة الذبلة هذه نمنعها لأنها تخل بالعقيدة ، يدعي الزوج الذي لبس الدبلة المكتوب عليه اسم زوجته وبالعكس يدعي أن هذا سبب إيش؟
للاقتران، يعني لبقاء الصلة بينها، وقد علمنا ذلك من الحجاج: يكون عليهم لباس الخواتم من الذهب إذا قلنا: اخلعها، بعضهم يقول: تغضب الست، يعني الزوجة .
وبعضهم يقول: أخشى أن يكون هذا سبب للفراق، لأن هذا هو الصلة بيني وبينها وهذا كله غلط ، نعم ؟
سؤال عن ضابط التورع والزهد الصحيح ؟
الشيخ : والله على كل حال الإنسان في مثل هذه المسائل إذا أراد التورع ولكن لا يحتم على غيره هو حر ما في إشكال .
السائل : هو رأى بعينه بعد أن حذفه بالماء .
الشيخ : رأى أنها توضع بالماء ؟
السائل : ...
الشيخ : إي نعم خلاص هذه ماتت ، التي تموت بالغرق ما تحل .
السائل : لكن يذبحها بعد ذلك .
الشيخ : على كل حال أنا سمعت في بلاد كثيرة من بلاد الكفار أنهم الآن يُخرجون الدم عند الذبح لكن ما على طريقتنا ، على طريق مواسير يدخلونها في الأوتاد ثم يشفطونها شفطاً ، ما هو على طريقتنا ، وسوف يرجعون والله أعلم إلى الطريقة الإسلامية، نعم ؟
هل لباس البنطبون من الشهرة ؟
الشيخ : ينشر؟
السائل : في الجرايد ، يعني يقول الثوب ما له داعي .
الشيخ : الثوب ما له داعي!؟
السائل : يعني !
الشيخ : يمشوا عراة في بلاد الإسلام ؟
السائل : لا يعني يلبس بنطلون ما في شيء .
الشيخ : هذا مو صحيح ، الآن البنطلون بالنسبة للباس السعودي شهرة ، إلا إنسان مختص مثلاً بيعمل بمكاين أو شبه ذلك ، وإلا شهرة ما في إشكال ، لكن أظن في بعض البلاد الأخرى عادي.
السائل : هو الأصل .
الشيخ : هو الأصل ! إذن لباس القميص عندكم شهرة .
السائل : إي نعم .
سائل آخر : هذا وهذا حتى ولو لبس القميص لا يعتبر شهرة لكثرة من يلبسه .
الشيخ : إي طيب .
السائل : لكن ينظر إليه عندنا أنه من أهل الدين .
الشيخ : إيش؟
السائل : من لبس القميص عندنا ينظر إليه أنه من أهل الدين .
سائل آخر : مطوع .
الشيخ : يعني ليس أفندياً !
السائل : هههههه
بعضهم يستعمل الدبلة على أنهم متزجون لا عزابا ولا يعتقدون فيها شيئا ؟
الشيخ : الدبلة ؟
السائل : مسألة الدبلة .
الشيخ : إي .
السائل : الآن يقولون الآن : يا شيخ عندنا في بلادنا لا يتميز الرجل إن كان متميزاً أو غير متزوج إلا بهذا فإذا خلعت الدبلة يعني يسعى إلى خطبتها وهكذا ، فتكون لا تستطيع أن تخلعها من يدها لأنه لو خلعتها يأتي وهذا وقع يطلبونها من زوجها .
الشيخ : سبحان الله ، أعوذ بالله .
السائل : فيكون ما عندنا حل إلا أن تبقى .
الشيخ : طيب ما في غير الأصبع الذي يتخذه الكفار فيه .
السائل : أبداً هي لو تغيرت الأصبع ، المهم أن هذه إشارة إلى أنها متزوجة .
الشيخ : يعني لبس الخاتم إشارة إلى أنها غير متزوجة ؟
السائل : إذا متزوجة إن كانت باليسار وما أدري إذا نقلت في اليمين تكون مخطوبة أو كذا ، يعني المهم أن هذا شيء معروف .
الشيخ : هي على كل حال إذا كانت مصحوبة بعقيدة ينهى عنها لذلك .
السائل : إن لم يكن عقيدة ؟
الشيخ : ما كان خاتم يلبس .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم :
نقل المصنف -رحمه الله تعالى- : " عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ) أخرجه مسلمٌ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مِن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) رواه الترمذي وقال: حسنٌ " .
مناقشة ما سبق.
سبق لنا أحاديث متعددة وأهمها الوصايا التي أوصها النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس، الوصية الأولى ؟
الطالب : ( احفظ الله يحفظك ).
الشيخ : ما معنى ( احفظ الله الله يفظك ) ؟
الطالب : أي : احفظ دين الله !
الشيخ : وشريعته ، نعم بااتزام أحكامه ، إيش ، يحفظك ، في جميع أمورك يعني في المال والعرض والنفس والأهل في كل شيء ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب.
الوصية الثانية ، تجاري؟
الطالب : ( احفظ الله تجده تجاهك ) .
الشيخ : معناها؟
الطالب : معناها أنه يدلك على كل خير .
الشيخ : إي ، أنك إذا حفظت الله دلك على كل خير ، هل لها شاهد من القرآن ؟
الطالب : شاهد من القرآن ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : قوله تعالى : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب))
طالب آخر : قوله تعالى : (( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم )).
الشيخ : نعم : (( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم )) .
نعم ، الوصية الثالثة : ( إذا سألت فاسأل الله ) هل يؤخذ منها كراهة أن يسأل الإنسان غيره يدعو له ، يقول يا فلان ادع الله لي ؟
الطالب : الظاهر العموم .
الشيخ : نعم ؟
الطالب : الظاهر العموم .
الشيخ : الظاهر العموم يعني حتى في هذه الحال لا تسأل ، حتى ولو كان رجلاً صالحاً ؟
الطالب : حتى لو كان رجلا صالحا .
الشيخ : أحسنت طيب ، الوصية الرابعة ؟
الطالب : أنا ؟
الشيخ : إي نعم أنت .
الطالب : درس البارح ما حضرت .
الشيخ : واليوم الظاهر ما أنت بحاضر بعد .
الطالب : نعم ؟
الشيخ : حتى اليوم الظاهر أنك ما أنت بحاضر لأنك متكئ على العمود .
الطالب : لكني مريض .
الشيخ : إي طيب إذن (( ليس على الأعمى حرج وعلى على المريض حرج ))، ها تعرف الوصية الرابعة؟
الطالب : ( إذا استعنت فاستعن بالله ).
الشيخ : نعم ، المعنى ؟
الطالب : المعنى حض النبي صلى الله عليه وسلم على الاستعانة بالله تعالى بكل شيء من أمور الدنيا والآخرة .
الشيخ : يعني إذا أردت عوناً أو طلبت عونا فليكن من الله عز وجل، أحسنت.
هذه الوصايا الأربع إذا اعتمدها الإنسان حصل على خير كثير لأهميتها، طيب .
مرَّ علينا إثبات أن الله تعالى يحب، أنت ؟
الطالب : جديد اليوم بس .
الشيخ : جديد الله يحيك ، طيب إذا الضيف له الإكرام ، نعم ، يلا يا صالح ؟
الطالب : من قوله صلى الله عليه وسلم : ( ازهد في الدنيا يحبك الله ).
الشيخ : قوله صلى الله عليه وسلم : ( ازهد في الدنيا يحبك الله ) .
طيب محبة الله هي ثوابه أو إرادة ثوابه أو صفة سوى ذلك ؟
الطالب : صفة سوى ذلك ، والثواب مرتبط في محبة الله عز وجل للعبد.
الشيخ : يعني من لازم محبة الله للعبد أن يثيبه ، ولا ثواب إلا بإرادة ، بارك الله فيك، طيب.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ) أخرجه مسلمٌ.
( إن الله يحب ) : هذه جملة مؤكدة بـ إن ، والمحبة صفة حقيقة ثابتة لله عز وجل ، فهو سبحانه وتعالى يحب من شاء من الأشخاص والأعمال والأزمان والأماكن ، محبة الله تتعلق بهذا كله، بالأشخاص والأعمال والأزمان والأماكن ، ( أحب البقاع إلى الله مساجدها ) هذه متعلقة بإيش؟
الطالب : بالأماكن .
الشيخ : إي نعم هذه بالمكان ، في الأزمان : ( أحب العمل إلى الله تعالى الصلاة على وقتها ) هذا يتعلق بالأعمال والأزمان أيضا، لأن الزمن الأول أو أول الزمن محبوب إلى الله عز وجل.
طيب الأشخاص : (( إن الله يحب المتقين )) هذا عموم.
هناك خصوص : ( لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله وبحبه الله ورسوله )، هذه مقيدة بإيش؟
الطالب : بشخص .
الشيخ : بشخص، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي كان يقرأ فيختم : (( بقل هو الله أحد )) لأنها صفة الرحمن، قال: ( اخبروه بأن الله يحبه ) .
هنا يقول: ( إن الله يحب العبد ) العبد بالعبودية الكونية أو الشرعية؟
الطالب : كلاهما.
الشيخ : لا ، العبد بالعبودية الشرعية، لأن العبد بالعبودية الكونية دون الشرعية لا يحبه الله، كالكافر مثلاً الكافر لعبد الله تعالى بالعبودة الكونية، لأن الله تعالى يفعل فيه ما شاء.
إذن العبد بإيش؟
بالعبودية الشرعية.
الصفة الثانية: التقي يعني: متقي لله عز وجل والتقوى: هي: " فعل ما يقي من عذاب الله من طاعة الله تعالى بأوامره واجتناب نواهيه " ، هذه التقوى ، هذا أجمع ما قيل في التقوى ، أنها اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه .
الغني : يعني الغني عن غير الله، هو غني بنفسه قانع بما أعطاه الله لا يسأل الناس ولا يلحف في المسألة.
والوصف الرابع: الخفي: إنسان خفي لا يحب الظهور، ولا يتصدر لشيء لأن أهم ما عنده هو محبة الله له ورضا الله عنه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( رُب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ) ، هذا الأشعث الأغبر المدفوع بالأبواب خفي ولا غير خفي؟
خفي ما يُعرف ولا يؤذن له فيدخل.
وقال عليه الصلاة والسلام: ( طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله إن كان في الساقة كان في الساقة، وإن كان في الحراسة كان في الحراسة ) ولا يبالي بنفسه، أي مكان يوضع فيه .
( إن شفع لم يشفع وإن سأل لم يعط ) : فالإنسان الخفي الذي لا يحب أن يتظاهر أمام الناس هذا هو الذي يحبه الله، أما من أحب أن يظهر وتجده مثلاً إذا جلس في المجلس قام يتحدث وكأن لم يكن في المجلس سواه ، أو إذا جلس في مجلس قام يلحف في المسألة إذا كان حوله طالب علم ما تقول كذا ، ثم كيف تجمع بين هذا وبين هذا ، كأنه يفصل ويبين من من أكبر العلماء، كن خفياً تكن عند الله تعالى عظيماً رفيعاً.
24 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ) أخرجه مسلمٌ. أستمع حفظ
فوائد حديث :( إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ).
منها: إثبات محبة الله عز وجل لقوله: ( إن الله يحب ) .
ومنها : الحث على هذه الأوصاف الأربعة وهي تحقيق العبودية لله عز وجل، والثاني، - امش جماعة - ؟
الطالب : التقوى .
الشيخ : التقوى ، والثالث : الغنى عما في أيدي الناس، والرابع : الخفاء، هذه الصفات يحبها الله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخبرنا بها إلا حثاً عليها.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يستغني عما في أيدي الناس بل ويستغني حتى عن الناس فلا يطلبنّ من أحد شيئاً إلا عند الضرورة ، لا يطلب مالاً ولا يطلب مساعدة ولا يطلب شفاعة ولا يطلب أي شيء إلا عند الضرورة ، لأنه لا يتحقق كونه غنياً إلا بهذا.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يكون خفياً لكن هل يلزم من ذلك أن نأمره بالعزلة؟
الطالب : لا يلزم.
الشيخ : الجواب: لا، لا نقول : اعتزل الناس، لكن نقول : لا تحرص على إبراز نفسك.
ثم اعلم أنك إذا أخفيت نفسك وكنت أهلاً لأن تظهر وتبرز فإن الله سوف يظهرك، لا تفعل، سوف يظهرك الله عز وجل ويبرزك ويُعلم الناس بك.
أما العزلة فأصح الأقوال فيها أنها إذا كانت دفاعاً عن الدين فهي خير، وإلا فالمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم.
إذن خالط الناس اصبر على أذاهم، وقول الرسول: ( ويصبر على أذاهم ): يدل على أن هذا الرجل كان يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، لأن الذي لا يتعرض للناس لا يؤذونه، لكن الذي يتعرض لهم هو الذي يؤذى، وقد قال لقمان لابنه: (( يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر )) إيش؟
(( واصبر على ما أصابك )).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) رواه الترمذي وقال: حسنٌ.
من هنا للتبعيض، وهي خبر مقدم، وتركه مبتدأ مؤخر.
( ترك ما لا يعنيه ) أي : ما لا يهمه ولا تتعلق به حاجته ولا ضرورته ولا كماله بل لا شأن له فيه ، فإذا رأيت الرجل يترك هذا الشيء ولا يتعرض للسؤال عما لا يعنيه ، فاعلم أنه حسن الإسلام ، لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) .
26 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) رواه الترمذي وقال: حسنٌ. أستمع حفظ
فوائد حديث :( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ).
أولاً: أن الإسلام منه حسن ومنه ما ليس بحسن، وأن لحسن الإسلام علامات منها هذه العلامة.
ومن فوائد الحديث: الحث على ترك الإنسان ما لا يعنيه، وجه ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل ذلك من حسن إسلام المرء.
وبه نعرف أن أولئك القوم الذي يسألون الناس إذا رأوهم يتكلمون بكلام سِر ويش قال لك؟ ويش أجبته ؟ هل هذا يعنيك؟ أو يتصنتون على الناس ليسمعوا ما قالوا، هذا أيضاً مما لا يعنيك، أما الذي فابحث عنه لكن شيء ما يعنيك اتركه، وأنت إذا سلكت هذا المسلك فإنك سوف تستريح، لأن الإنسان إذا بحث عن الأشياء التي لا تعنيه فقد يسمع ما لا يسره بل قد يسمع ما يسوءه.
ومن فوائد الحديث: أنَّ ما يعني المرء فإنَّ عليه أن يبحث عنه، ويسأل عنه ويؤيد ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ) .
وهل من ذلك أي : من ترك ما لا يعني : ألا يتكلم إلا بخير ؟
الجواب: نعم، إذا كان لا يتكلم إلا بخير فقد ترك ما لا يعنيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ).
فإذا جمعت هذا الحديث إلى الحديث الذي معنا صار في ذلك انضباط الأقوال وانضباط الأفعال.
وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنٍ ) أخرجه الترمذي وحسنه.
الطالب : المقدامِ.
الشيخ : المقدامِ ، طيب ، ابن معدي كرب مصروف ولا غير مصروف؟
الطالب : غير مصروف .
الشيخ : غير مصروف مجرور بإيش؟
بالفتحة نيابة عن الكسرة ، لأنه مركب ، تركيب إيش؟
تركيب مزجي ، يعني مزج أحد الاثنين بالآخر ، مثل حضر موت ، حضر موت مركب تركيب مزجي .
وهناك تركيب يسمى تركيباً إسنادياً : مثل الشَنفُري وأصله: الشن فري، ومثل رجل يسمى : " شاب قرناه " ، جاء شاب قرناه، هذا مركب تركيب إيش؟ إسنادي.
هناك تركيب إضافي مركب من مضاف ومضاف إليه مثل: كتاب محمد .
وهناك تركيب عددي يعني يركب أحد العددين مع الآخر مثل: ثلاثة عشر إلى تسعة عشر.
على كل حال هذه الأنواع التركيبات تختلف من حيث الإعراب، المركب تركيباً مزجياً يرفع بالضمة وينصب بالفتحة ويجر بالفتحة، ويجزم ؟
الطالب : لا يجزم .
الشيخ : الاسم لا يدخله الجزم تمام .
" ابن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه ) أخرجه الترمذي وحسنه " :
( ما ملأ ) ما: نافية، وملأ: فعل ماضي، ووعاء: مفعول ملأ، وشراً: صفة، ومن بطن واضح.
طيب يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: الإنسان يملأ الأوعية ، يملأ الإناء حليباً ليشربه الناس، طيب هذا ولا غير طيب ؟
طيب ، يملؤه طعاماً ليأكله الناس ، طيب ، لكن هذا الوعاء الذي ذكر الرسول البطن هذا لا تملأه فما ملأت وعاء شرًا منه ، والبطن وعاء ولا غير وعاء ؟ البطن وعاء لأنه مقر الطعام والشراب ، ويسمى المعدة يقول الرسول : ( ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه ) أي: من معدته، لأن ملأ البطن سبب للغفلة وكثرة النوم وكون الإنسان لا يهمه إلا بطنه ، وسبب لأمراض تأتي من تركيب الغذاء وكثرة الغذاء .
والمعدة ليست كيساً يمتلأ طعاماً ثم يفرَّغ، المعدة معمل يعني أنه يشتغل بالطعام الذي يوضع فيه ، هذا المعمل إذا أكثرت عليه فلابد أن يتعب، ولهذا قال بعض الناس: لا تأكل طعاماً على طعام ، فإن إدخال الطعام على الطعام من المهلكات .
ومثَّل لذلك قال: لو أعطيت عملةً رجالاً يعملون عملاً وقلت: اعملوا هذا وهو عمل مضنٍ يعني: متعب، ثم أتيت لهم بعمل آخر قلت لهم: اعملوه ماذا يكون؟
سيتعبون، إما أن يدعو العمل الأول على عُجِرَه وبُجره وإما أن يتعبوا تعباً عظيماً، هكذا المعدة، ولهذا نقول: لا تملأها، وما كانت الأمراض الحديثة الأخيرة كمرض السكر ومرض الغم ونحو ذلك إلا بأسباب الكثرة كثرة الأكل، وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- في *زاد المعاد : " أن الأمراض المركبة من الغذاء المركب " ، الآن كم يقدم على الغداء من نوع؟
الطالب : أقل شيء ثلاثة.
الشيخ : لا ، ثلاثة قليلة ، لكن بعض الناس ثمانية تسعة أصنافاً ، هذه الأغذية تختلط ويختلط الغذاء ، يختلط الدم يصير مركب من عدة أغذية ويصعب علاجه، ولهذا قال ابن القيم -رحمه الله- وهو حق: قال : " ولذلك كان البادية أقل الناس أمراضاً مركبة وأسهلهم معالجة " ، لأن معالجتهم لا تحتاج إلى تعب.
الطالب : شيخ ...
الشيخ : طيب ( ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه ) ، لها يعني أسباب كثيرة لها مفاسد كثيرة .
وفي آخر الحديث : ( فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ) : وهذا هو العدل، الطعام يحتاج إلى شراب، ولهذا يقول الله: (( وكلوا واشربوا )) : اجعل الطعام له الثلث والشراب الثلث وثلث للنفس ، لتتنفس ويتسع نفسك ، وهذا لو أننا مشينا عليه ما أُصبنا بالأمراض إلا أن يشاء الله، لكن هذا من أسباب الوقاية ، ويُذكر أن بعض الأوروبيين لا يشبعون في الأكل، لكن يكثرون عدد الوجبات، نحن الآن نأكل ثلاث مرات، هم يأكلون خمس مرات، لكنهم لا يكثرون الأكل وهذا هو الترتيب الصحي، كُل قليلاً وإذا جعت فكل.
طيب
28 - وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنٍ ) أخرجه الترمذي وحسنه. أستمع حفظ
فوائد حديث :( ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنٍ ).
منها: أن الشريعة الإسلامية جاءت بدواء القلوب، ودواء الأبدان ، وجه ذلك: أن هذا القدر من الغذاء هو المناسب للطب تماماً.
ومنها: أن الشريعة الإسلامية جاءت بتوقي الأسباب الموجبة للأذى، تؤخذ يا عقيل ؟
الطالب : من النهي عن ملء المبطن.
الشيخ : نعم النهي على ملء البطن، لأنه موجب للأذى، ولهذا قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: " لا يحل للإنسان أن يأكل أكلاً يتأذى به " ، بعض الناس الآن ما شاء الله يأكل أكل كثيراً ويملأ بطنه حتى إنه لا يكاد يستطيع القيام من ملأ البطن ، ثم بعد ذلك يطلب أشربة تهضم ، الله المستعان ، الواحد يُلطخ بدنه بالنجاسة يروح يبحث ما يطهرها به ؟
من الأصل لا تفعل.
طيب فإن قال قائل: أليس أبو هريرة رضي الله عنه قد شرب لبناً حتى لم يجد له مكاناً ؟
بلى لكن النادر لا حكم له، النادر لا حكم له، وهذا شيء نادر، والرسول صلى الله عليه وسلم عذره من أجل أنه كان جائعاً من قبل، حتى يعرف قدر نعمة الله عليه، وهذا من حكمة الرسول عليه الصلاة والسلام أنه أحياناً يجعل للمرء ما يقابل حاله التي كان عليها حتى يعرف قدر حكمة الله ونعمته كما فعل مع جابر، جابر رضي الله عنه كان معه جمل قد أعيا تعب وأراد جابر أن يسيبه ويتركه فلحقه النبي عليه الصلاة والسلام فضرب الجمل ودعا له فانطلق الجمل يمشي حتى كان في سابق القوم، هو كان في الأول؟
الطالب : في أخرياتهم .
الشيخ : في أخريات القوم، وأراد أن يسيبه، أيس منه ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام ببركة دعائه صار الجمل على هذا الوجه ثم قال: ( بعنيه بأوقية فقال: لا ) ، كان في الأول يريد أن يسيبه والآن امتنع أن يبيعه على أشرف الخلق، نبي الله عليه الصلاة والسلام، وهو السبب أيضاً الرسول هو السبب في أنه صار يمشي قوياً ومع ذلك أبى، لكنه قال: ( بعنيه ) ، فلما رأى النبي عليه الصلاة والسلام متمسكٌ به ، يعني لما رأى جابر النبي صلى الله عليه وسلم متمسكاً به باعه عليه، لما وصل المدينة أعطاه الثمن، أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الثمن وقال له: ( أتُراني ماكستك لآخذ جملك ، خذ جملك ودراهمك فهو لك ) : اللهم صل وسلم عليه، هذا الكرم وهذا الامتحان أراد أن يمتحن هذا الرجل، كان بالأول مشفقاً ، كان في الأول كارهاً لهذا الجمل ثم صار راضياً به ، ثم باعه ، ثم جاءه الجمل والثمن.
وأصل شراء النبي عليه الصلاة والسلام له من أجل الاختبار والامتحان، نعم، لا نروح كثير.
طيب إذن نقول: مما ينبغي للإنسان أن يأكل ثلثاً ويشرب ثلثاً ويتنفس في ثلث، هذا الذي ينبغي أن يكون عليه غذاؤُك دائماً لكن النادر لا حكم له، يعني: لو جاز لك الطعام أو الشراب وملأت بطنك منه أحياناً فلا بأس أما أن تجعل هذا ديدنك لا.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كل بني آدم خطاءٌ وخير الخطائين التوابون ) أخرجه الترمذي وابن ماجه وسنده قويٌ.
كل: مبتدأ ، وخطَّاء: خبره، أي: كثير الخطأ، لأنه لم يقل: كل بني آدم يخطئ، قال: خطاء أي: كثير الخطأ وما أكثر خطأنا.
والخطأ يدور على شيئين: إما ترك واجب، وإما فعل محرم.
وأينا سلم من ترك الواجب؟ نسأل الله العفو، أينا يسلم من ترك فعل المحرم؟! كذلك .
ولكن ( خير الخطائين التوابون ) : أي: الرجَّاعون عن خطئهم إلى الله عز وجل حتى لو تكرر؟ نعم حتى لو تكرر، لأن كلمة خطاء تدل على الكثرة وخير الخطائين التوابون كلما أخطأ تاب.
وسيئ الخطائين هو الذي لا يتوب ولا يبالي ولا يهتم، هذا سيئ الخطائين، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون الله فيغفر لهم ) .
الحمد لله ، أنت وإن كثر خطؤك لا تيأس تُب إلى الله ويمحى الخطأ ، حتى ولو تكرر.
واعلم أن التوبة هي: الرجوع إلى الله عز وجل من معصيته إلى طاعته وشروط قبولها خمسة:
الأول: إخلاص النية لله.
والثاني: الندم على ما وقع.
والثالث: الإقلاع عنه في الحال.
والرابع: أن يعزم على ألا يعود.
والخامس: أن يكون قبل رد التوبة.
كم شروط القبول ؟ الأخ الذي على يسارك يا رياض ؟
الطالب : خمسة .
الشيخ : خمسة ما هي ؟
الطالب : الندم .
الشيخ : لا ، قبل كل شيء ؟
الطالب : بالترتيب ؟
الشيخ : أحسن .
الطالب : ما أعرف الترتيب .
الشيخ : طيب هاتها غير مرتبة ؟
الطالب : الندم .
الشيخ : الندم .
الطالب : أن يكون قبل فوات !
الشيخ : الأوان .
الطالب : الأوان .
الشيخ : طيب ونجيزك أن ترويه بالمعنى !
الطالب : يعني قبل انتهاء التوبة .
الشيخ : ما يخالف قبل رد التوبة ، والثالث ؟
الطالب : الثالث : الإقلاع عن الذنب .
الشيخ : تمام ، والرابع ؟
الطالب : الرابع !
الشيخ : طيب نعدها مرة ثانية :
الأول: الإخلاص لله وهذا أساس كل عمل صالح، كل عمل صالح لابد فيه من الإخلاص لله وإلا كان مردوداً كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ).
الثاني: الندم بحيث يتحسر ويتأسى، وألا يكون فعله للذنب وعدمه سواء.
والثالث: الإقلاع عن الذنب.
والرابع: العزم على ألا يعود.
والخامس: أن يكون قبل وقت رد التوبة.
طيب لو تاب الإنسان إرضاءً لوالده لا تقرباً إلى الله تعالى أتقبل التوبة؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا، لابد من الإخلاص لله عز وجل.