القارئ : " فيرجع فيما أصله الحل إلى الحل ، فلا ينجس الماء والأرض والثوب بمجرد ظن النجاسة ، وكذلك البدن إذا تحقق طهارته وشك هل انتقضت بالحدث عند جمهور العلماء خلافا لمالك -رحمه الله- إذا لم يكن قد دخل في الصلاة ، وقد صح عن النبي صلى الله " . الشيخ : يعني مالك -رحمه الله- يفرق بينما إذا شككت هل أحدثت وأنت تصلي أو إذا شككت هل أحدثت وأنت لا تصلي والصواب أنه لا فرق، لأننا إذا أعملنا هذا الشك فلا فرق بين أن تكون في الصلاة أو خارج الصلاة لأننا لو قلنا : إن هذا الشك يوجب الوضوء فلا فرق بين أن تكون في صلاة أو في غير صلاة ، فالصواب رأي الجمهو في هذا أن الإنسان إذا شك أحدث أم لا يبني على إيش؟ الطالب : اليقين . الشيخ : على الأصل وهو الطهارة ، حتى لو أحس بدبيب في ذكره أو بريح في دبره مثلاً ولم يتيقن فالأصل الطهارة ، نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " ... وقد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه شكا إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال لا تنصرف حتى تسمع صوتا أو تجد ريحا وفي بعض الروايات في المسجد بدل الصلاة وهذا يعم حال الصلاة وغيرهما فإن وجد سببا قويا يغلب معه على الظن نجاسة ما أصله الطهارة مثل أن يكون الثوب يلبسه كافر لا يتحرز من النجاسات فهذا محل اشتباه فمن العلماء من رخص فيه آخذا بالأصل ومنهم من كرهه تنزيها ومنهم من حرمه إذا قوي ظن النجاسة مثل أن يكون الكافر ممن لا تباح ذبيحته أو يكون ملاقيا لعورته كالسراويل والقميص وترجع هذه المسائل وأشباهها على قاعدة تعارض الأصل والظاهر فإن الأصل الطهارة والظاهر النجاسة وقد تعارضت الأدلة في ذلك فالقائلون بالطهارة يستدلون بأن الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب وطعامهم إنما يصنعونه بأيديهم في أوانيهم وقد أجاب النبي صلى الله عليه و سلم دعوة يهودي وكان هو وأصحابه يلبسون ويستعملون ما يجلب إليهم مما ينسجه الكفار بأيديهم من الثياب والأواني وكانوا في المغازي يقتسمون ما وقع لهم من الأوعية والثياب ويستعملونها وصح عنهم أنهم يستعملون الماء من مزادة مشركة والقائلون بالنجاسة يستدلون بأنه صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه سئل عن آنية أهل الكتاب الذين يأكلون الخنزير ويشربون الخمر فقال إن لم تجدوا غيرها فاغسلوها بالماء ثم كلوا فيها وقد فسر الإمام أحمد الشبهة بأنها منزلة بين الحلال والحرام يعني الحلال المحض والحرام المحض وقال من اتقاها فقد استبرأ لدينه وفسرها تارة باختلاط الحلال والحرام ويتفرع على هذا معاملة من في ماله حلال وحرام مختلط فإن كان أكثر ماله الحرام فقال أحمد ينبغي أن يتجنبه إلا أن يكون شيئا يسيرا أو شيئا لا يعرف واختلف أصحابنا هل هو مكروه أو محرم على وجهين وإن كان أكثر ماله الحلال جازت معاملته والأكل من ماله وقد روى الحارث عن على رضي الله عنه أنه قال في جوائز السلطان لا بأس بها ما يعطيكم من الحلال أكثر مما يعطيكم من الحرام ... ".
القارئ : " وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه شكي إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال : لا تنصرف حتى تسمع صوتا أو تجد ريحا ) ، وفي بعض الروايات في المسجد بدل الصلاة . وهذا يعم حال الصلاة وغيرها ، فإن وجد سبب قوي يغلب معه على الظن نجاسة ما أصله الطهارة مثل أن يكون الثوب يلبسه كافر لا يتحرز من النجاسات فهذا محل اشتباه : فمن العلماء من رخص فيه أخذًا بالأصل . ومنهم من كرهه تنزيهاً . ومنهم من حرمه إذا قوي ظن النجاسة مثل أن يكون الكافر ممن لا تباح ذبيحته أو يكون ملاقياً لعورته كالسراويل والقميص ، وترجعُ هذه المسائل وشبهُها إلى قاعدة : تعارض الأصل والظاهر ، فإن الأصل الطهارة والظاهر النجاسة ، وقد تعارضت الأدلة في ذلك ، فالقائلون بالطهارة يستدلون بأن الله أحل طعام أهل الكتاب ، وطعامهم إنما يصنعونه بأيديهم في أوانيهم ، وقد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم دعوة يهودي ، وكان هو وأصحابه يلبسون ويستعملون ما يجلب إليهم مما نسجه الكفار بأيديهم من الثياب والأواني " . الشيخ : نعم . القارئ : " فالقائلون بالطهارة يستدلون بأن الله أحل طعام أهل الكتاب وطعامهم إنما يصنعونه بأيديهم في أوانيهم ، وقد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم دعوة يهودي ، وكان هو وأصحابه يلبسون ويستعملون ما يجلب إليهم مما نسجه الكفار بأيديهم من الثياب والأواني، وكانوا في المغازي يقتسمون ما وقع لهم من الأوعية والثياب ويستعملونها ، وصح عنهم أنهم استعملوا الماء من مَزادة مشركة . والقائلون بالنجاسة يستدلون بأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سئل عن آنية أهل الكتاب الذين يأكلون الخنزير ويشربون الخمر فقال: ( إن لم تجدوا غيرها فاغسلوها بالماء ثم كلوا فيها ) . وقد فسر الإمام أحمد الشبهة بأنها منزلة بين الحلال والحرام، يعني الحلال المحض والحرام المحض، وقال: من اتقاها فقد استبرأ لدينه . وفسرها تارة باختلاط الحلال والحرام . ويتفرع على هذا معاملة من في ماله حلال وحرام مختلط ، فإن كان أكثر ماله الحرام فقال أحمد ينبغي أن يجتنبه إلا أن يكون شيئا يسيرا أو شيئا لا يعرف واختَلَف أصحابنا هل هو مكروه أو محرم على وجهين ، وإن كان أكثر ماله الحلال جازت معاملته والأكل من ماله ، وقد روى الحارث عن علي أنه قال في جوائز السلطان : ( لا بأس بها ما يعطيكم من الحلال أكثر مما يعطيكم من الحرام ) وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه " . الشيخ : كان إذا أعطاكم عشرة مثلاً وكان أكثر ماله الحلال كم أعطاكم من الحلال ؟ الطالب : ثمانية . الشيخ : مثلاً ثمانية ، ومن الحرام اثنين أو ستة وأربعة ، نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " ...وكان النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه يعاملون المشركين وأهل الكتاب مع علمهم بأنهم لا يجتنبون الحرام كله وإن اشتبه الأمر فهو شبهة والورع تركه قال سفيان لا يعجبني ذلك وتركه أعجب إلي وقال الزهري ومكحول لا بأس أن يؤكل منه ما لم يعرف أنه حرام بعينه فإن لم يعرف في ماله حرام بعينه ولكن علم أن فيه شبهة فلا بأس بالأكل منه نص عليه أحمد في رواية حنبل وذهب إسحق بن راهويه إلى ما روي عن ابن مسعود وسلمان وغيرهما من الرخصة وإلى ما روي عن الحسن وابن سيرين في إباحة الأخذ بما يقضي من الربا والقمار ونقله عن ابن منصور وقال الإمام أحمد في المال المشتبه حلاله بحرامه إن كان المال كثيرا أخرج منه قدر الحرام وتصرف في الباقي وإن كان المال قليلا اجتنبه كله وهذا لأن القليل إذا تناول منه شيئا فإنه يتعذر معه السلامة من الحرام بخلاف الكثير ومن أصحابنا من حمل ذلك على الورع دون التحريم وأباح التصرف في القليل والكثير بعد إخراج قدر الحرام منه وهو قول الحنفية وغيرهم وأخذ به قوم من أهل الورع منهم بشر الحافي ورخص قوم من السلف في الأكل ممن يعلم في ماله حرام ما لم يعلم أنه من الحرام بعينه فصح كما تقدم عن مكحول والزهري وروي مثله عن الفضيل بن عياض وروى في ذلك آثار عن السلف فصح عن ابن مسعود أنه سئل عمن له جار يأكل الربا علانية ولا يتحرج من مال خبيث يأخذه يدعوه إلى طعام قال أجيبوه فإنما المهنأ لكم والوزر عليه وفي رواية أنه قال لا أعلم له شيئا إلا خبيثا أو حراما فقال أجيبوه وقد صحح الإمام أحمد هذا عن ابن مسعود ولكنه عارضه عارض بما روي عنه أنه قال الإثم حزاز القلوب ... ".
القارئ : " وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعاملون المشركين وأهل الكتاب مع علمهم بأنهم لا يجتنبون الحرام كله ، وإذا اشتبه الأمر فهو شبهة والورع تركه قال سفيان : " لا يعجبني ذلك وتركه أعجب إليّ " ، وقال الزهري ومكحول: لا بأس أن يؤكل منه ما لم يعرف أنه حرام بعينه فإن لم يعلم في ماله حرام بعينه " الشيخ : فإن لم يعلم ؟ الطالب : يعرف . الشيخ : يعرف ؟ لا يعلم أحسن ، فإن لم يعلم ويش بعدها ؟ القارئ : في ماله حراماً بعينه . الشيخ : حراماً ، عندنا ما هي منصوبة . القارئ : حرامُ بدون نصب . الشيخ : إي بناء على أنه يُعلم، وعندكم أنتم يعرف ؟ الطالب : يعرف . الشيخ : ويش بعد ؟ الطالب : بماله أنه حرام . الشيخ : اقرأ اقرأ الكتاب . الطالب : فإن لم يعرف بماله حرام بعينه الشيخ : حراماً الطالب : حرام . الشيخ : بناء على أنها يُعرف، لا بأس تصلح أحسن ما نغير حراماً ، نعم أعد النص وقال ؟ القارئ : " وقال الزهري ومكحول: لا بأس أن يؤكل منه ما لم يعرف أنه حرامٌ بعينه ، فإن لم يُعلم في ماله حرام بعينه ولكنه عُلم أن فيه شبهة فلا بأس بالأكل منه ، نص عليه أحمد في رواية حنبل ، وذهب إسحق بن راهويه " . الشيخ : عندك نص عليه ولا نص ؟ القارئ : نص . الشيخ : بدون واو ، نعم . القارئ : " وذهب إسحاق بن راهويه إلى ما روي عن ابن مسعود وسلمان وغيرهما من الرخصة ، وإلى ما روي عن الحسن وابن سيرين في إباحة الأخذ مما يقضي من الربا والقمار " . الطالب : ها ؟ الشيخ : لا مما . القارئ : " مما يقضي من الربا والقمار ، نقله عنه ابن منصور . وقال الإمام أحمد في المال المشتبه حلاله بحرامه : إن كان المال كثيراً أخرج منه قدر الحرام وتصرف في الباقي " : الشيخ : عندك نقله عنه ولا عنهما ؟ القارئ : عنه . الشيخ : مع أنهم اثنين ، عن الحسن وابن سيرين ، فلعله نقله يعني ناقل عن الإمام أحمد -رحمه الله- أنه نقله عن الحسن وابن سيرين . الطالب : ما يعود إلى إسحاق في أول وذهب إسحاق بن راهويه ؟ الشيخ : إلى ما روي عن الحسن ، فذهب إسحاق إلى ما روي ، وإلى ما روي إي يصلح كما قلت . القارئ : " وقال الإمام أحمد في المال المشتبه حلال بحرامه : إن كان المال كثيراً أخرج منه قدر الحرام وتصرف في الباقي ، وإن كان المال قليلا اجتنبه كله ، وهذا لأن القليل إذا تناول منه شيئاً فإنه تبعد منه السلامة من الحرام ، بخلاف الكثير ، ومن أصحابنا من حمل ذلك على الورع دون التحريم ، وأباح التصرف في القليل والكثير بعد إخراج قدر الحرام منه ، وهو قول الحنفية وغيرهم ، وأخذ به قوم من أهل الورع منهم بشر الحافي ، ورخَّص قوم من السلف في الأكل ممن يعلم في ماله حرام ما لم يَعلم أنه من الحرام بعينه ، كما تقدم عن مكحول والزهري ، وروي مثله عن الفضيل بن عياض ، وروي في ذلك آثار عن السلف فصح عن ابن مسعود أنه سئل عمن له جار يأكل الربا علانية ولا يتحرج من مال خبيث يأخذه ، يدعوه إلى طعامه ، قال : أجيبوه فإنما المهنأ لكم والوزر عليه . وفي رواية أنه قال : لا أعلم له شيئا إلا خبيثا أو حرامًا فقال : أجيبوه ، وقد صحح الإمام أحمد هذا عن ابن مسعود ، ولكنه عارضه بما روي عنه أنه قال : الإثم حوَّاز القلوب " . الشيخ : فصار فيه عن ابن مسعود رضي الله عنه روايتان : الرواية الأولى : كل منه ولا تبالي ما دمت أخذته بطريق مباح ، وإن كان هو بنفسه كسبه عن طريق محرم وهذا هو الذي لا يسع الناس غيرُه الآن ، إذ أن الناس كثر فيهم الربا وكثر فيهم العينة وكثر فيهم التحيل على الربا ، فلو قلنا : أنك تتجنب دعوات هؤلاء لا تجبهم حصل في ذلك ضرر ، وربما يحصل عداوة وبغضاء ، فالناس الآن لا يسعهم العمل إلا بهذا القول الذي روي عن ابن مسعود ، بل صح عنه رضي الله عنه ، نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " ... وروي عن سلمان مثل قول ابن مسعود الأول وعن سعيد ابن جبير والحسن البصري ومورق العجلي وإبراهيم النخعي وابن سيرين وغيرهم والآثار بذلك موجودة في كتاب الأدب لحميد بن زنجويه وبعضها في كتاب الجامع للخلال وفي مصنف عبدالرزاق وابن أبي شيبة وغيرهم ومتى علم أن عين الشيء حرام أخذ بوجه محرم فإنه يحرم تناوله وقد حكى الإجماع على ذلك ابن عبد البر وغيره وقد روي عن ابن سيرين في الرجل يقضي من الربا قال لا بأس به وعن الرجل يقضي من القمار قال لا بأس به خرجه الخلال بإسناد صحيح وروي عن الحسن خلاف هذا وأنه قال إن هذه المكاسب قد فسدت فخذوا منها ما أشبه المضطر وعارض المروي عن ابن مسعود وسلمان ما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أكل طعاما ثم أخبر أنه من حرام فاستقاءه وقد يقع الاشتباه في الحكم لكون الفرع مترددا بين أصول تجتذبه كتحريم الرجل زوجته فإن هذا متردد بين تحريم الظهار الذي ترفعه الكفارة الكبرى وبين تحريم الطلقة الواحدة بانقضاء عدتها الذي تباح معه الزوجة بعقد جديد وبين تحريم الطلاق الثلاث الذي لا تباح معه الزوجة بدون زوج وإصابة وبين تحريم الرجل عليه ما أحله الله له من الطعام والشراب الذي لا يحرمه وإنما يوجب الكفارة الصغرى أو لا يوجب شيئا على الاختلاف في ذلك فمن ههنا كثر الاختلاف في هذه المسألة في زمن الصحابة ومن بعدهم ... ".
القارئ : " وروي عن سلمان مثل قول ابن مسعود الأول ، وعن سعيد ابن جبير ، والحسن البصري ، ومورق العجلي ، وإبراهيم النخعي ، وابن سيرين وغيرهم . والآثار بذلك موجودة في كتاب الأدب لحميد بن زنجويه ، وبعضها في كتاب الجامع للخلال ، وفي مصنف عبدالرزاق وابن أبي شيبة وغيرهم . ومتى عُلم أن عين الشيء حرامٌ أخذ بوجه محرم فإنه يحرم تناوله وقد حكى " . الشيخ : ومتى ومتى ؟ القارئ : ومتى عُلم ! الشيخ : عَلم . القارئ : " ومتى عَلم أن عَين الشيء حرام أُخذ بوجه محرم فإنه يحرم تناوله ، وقد حكى الإجماع على ذلك ابن عبد البر وغيره ، وقد روي عن ابن سيرين في الرجل يقضي من الربا قال : لا بأس به ، وعن الرجل يُقضى من القمار قال لا بأس به خرجه الخلال بإسناد صحيح. وروي عن الحسن خلاف هذا وأنه قال: إن هذه المكاسب قد فسدت " . الشيخ : إن . القارئ : نعم ؟ الشيخ : إن هذه . القارئ : إن هذه الكاسبُ قد فسدت . الشيخ : إن هذه ؟ القارئ : " إن هذه الكاسبَ قد فسدت فخذوا منها ما أشبه المضطر ، وعارض المروي عن ابن مسعود وسلمان ما روي عن أبي بكر الصديق : أنه أكل طعاما ثم أخبر أنه من حرام فاستقاءه . وقد يقع الاشتباه في الحكم لكون الفرع مترددا بين أصول تجتذبه كتحريم الرجل زوجته ، فإن هذا متردد بين تحريم الظهار الذي ترفعه الكفارة الكبرى ، وبين تحريم الطلقة الواحدة بانقضاء عدتها الذي تباح معه الزوجة بعقد جديد ، وبين تحريم الطلاق الثلاث الذي لا تباح معه الزوجة بدون زوج وإصابة ، وبين تحريم الرجل عليه ما أحله الله له من الطعام والشراب الذي لا يحرمه ، وإنما يوجب الكفارة الصغرى أو لا يوجب شيئاً على الاختلاف في ذلك ، فمن ها هنا كثر الاختلاف في هذه المسألة في زمن الصحابة فمن بعدهم ". الشيخ : نعم ، ذكر فيها أكثر من عشرة أقوال ، هذه المسألة : إذا حرم الرجل زوجته هل هو ظهار ، هل هو طلاق بائن؟ هل هو طلاق رجعي؟ هل هو يمين ؟ هل هو لغو؟ هذا فيه خلاف عن العلماء، والصواب أن الأصل أنه يمين، إذا حرم زوجته فقال : زوجتي علي حرام أو قال لها أنت علي حرام فالأصل أنه يمين ، لقول الله تبارك وتعالى: (( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم * قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم )) : ولا شك أن الزوجة مما أحل الله له فتدخل في العموم ، فإن أراد الطلاق صار طلاقاً ، وإن أراد أنها حرام في حكم الله وشرعه كان كاذباً ، لأن الله ما حرمها ، فعلى كل حال نأخذ بالأصل ، الأصل أن قول الرجل لزوجته أنت عليَّ حرام الأصل أنه ؟ الطالب : يمين . الشيخ : يمين، ودليله ما سمعتم : (( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم * قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم )) نعم . القارئ : " وبكل حال فالأمور المشتبعة التي لا " . الشيخ : باقي واجد ؟ الطالب : ... الشيخ : إن كان هناك سؤال عشان الوقت . الطالب : وقت السؤال ما جاء يا شيخ . الشيخ : نعم ؟ الطالب : ما جاء وقت السؤال . الشيخ : ما جاء وقت السؤال ، طيب ننتظر .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " ... وبكل حال فالأمور المشتبهة التي لا تتبين أنها حلال ولا حرام لكثير من الناس فما أخبر به النبي صلى الله عليه و سلم قد يتبين لبعض الناس أنها حلال أو حرام لما عنده من ذلك من مزيد علم ... ".
القارئ : " وبكل حال فالأمور المشتبهة التي لا تتبين أنها حلال ولا حرام لكثير من الناس فما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم قد يتبين لبعض الناس أنها حلال أو حرام لما عنده من ذلك من مزيد علم ، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم " . الشيخ : من مزيد علم ، نضيف أيضاً أو مزيد فهم، نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " .... وكلام النبي صلى الله عليه و سلم يدل على أن هذه المشتبهات من الناس من يعلمها وكثير منهم لا يعلمها فدخل فيمن لا يعلمها نوعان أحدهما من يتوقف فيها لاشتباهها عليه والثاني من يعتقدها على غير ما هي عليه ودل الكلام على أن غير هؤلاء يعلمها ومراده أنه يعلمها على ما هي عليه في نفس الأمر من تحليل أو تحريم وهذا من أظهر الأدلة على أن المصيب عند الله في مسائل الحلال والحرام المشتبهة المختلف فيها واحد عند الله عز و جل وغيره ليس بعالم بها بمعنى أنه غير مصيب لحكم الله فيها في نفس الأمر وإن كان يعتقد فيها اعتقادا يستند فيه إلى شبهة يظنها دليلا ويكون مأجورا على اجتهاده ومغفورا له خطؤه لعدم اعتماده ... ".
القارئ : " وكلام النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن هذه المشتبهات من الناس مَن يعلمها وكثير منهم لا يعلمها ، فدخل فيمن لا يعلمها نوعان : أحدهما : من يتوقف فيها لاشتباهها عليه . والثاني : من يعتقدها على غير ما هي عليه ، ودل كلامه على أن غير هؤلاء يعلمها ، ومراده أنه يعلمها على ما هي عليه في نفس الأمر من تحليل أو تحريم ، وهذا من أظهر الأدلة على أن المصيب عند الله في مسائل الحلال والحرام المشتبهة المختلف فيها واحد عند الله عز وجل ، وغيره ليس بعالم بها ، بمعنى أنه غير مُصيب لحكم الله فيها في نفس الأمر ، وإن كان يعتقد فيها اعتقادًا يستند فيه إلى شبهة يظنها دليلا ، ويكون مأجوراً على اجتهاده ومغفورا له خطؤه لعدم اعتماده ". الشيخ : يعني لعدم تعمده ، اعتماد يعني بمعنى تعمد . وهذا لا شك فيه : أن المصيب واحد ولا يمكن أن يكون المصيب اثنين أبداً والدليل هذا أن الرسول عليه الصلاة والسلام قسم المجتهد إلى مخطئ ومصيب، وكيف يمكن أن يكون أحدهما يقول هذا حرام باجتهاده، والثاني يقول حلال باجتهاده ونقول: كلاهما مصيب لأن هذا جمع بين ؟ الطالب : النقيضين . الشيخ : بين النقيضين ، وأما من قال : المجتهد مصيب ولو أخطأ في مسائل الفروع ، ومخطئ إذا أخطأ في مسائل الأصول ، فهذا التفصيل لا دليل عليه ، بل المجتهد مصيب في اجتهاده وقد يصيب حكم الله وقد لا يصيبه ، هذا هو الصواب ، نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " .... وقوله صلى الله عليه و سلم فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام قسم الناس في الأمور المشتبهة إلى قسمين وهذا إنما هو بالنسبة إلى من هي مشتبهة عليه وهو من لا يعلمها فأما من كان عالما بها واتبع ما دله علمه عليها فذلك قسم ثالث لم نذكره لظهور حكمه فإن هذا القسم أفضل الأقسام الثلاثة لأنه علم حكم الله في هذه الأمور المشتبهة على الناس واتبع علمه في ذلك وأما من لم يعلم حكم الله فيها فهم قسمان أحدهما من يتقي هذه الشبهات لاشتباهها عليه فهذا قد استبرأ لدينه وعرضه ومعنى استبرأ طلب البراءة لدينه وعرضه من النقص والشين والعرض هو موضع المدح والذم من الإنسان وما يحصل له بذكره بالجميل مدح وبذكره بالقبيح قدح وقد يكون ذلك تارة في نفس الإنسان وتارة في سلفه أو في أهله فمن اتقى الأمور المشتبهة واجتنبها فقد حصن عرضه من القدح والشين الداخل على من لا يجتنبها وفي هذا دليل على أن من ارتكب الشبهات فقد عرض نفسه للقدح فيه والطعن كما قال بعض السلف من عرض نفسه للتهم فلا يلومن من أساء الظن به وفي رواية للترمذي في هذا الحديث فمن تركها استبراء لدينه وعرضه فقد سلم والمعني أن من تركها بهذا القصد وهو براءة دينه وعرضه عن النقص لا لغرض آخر فاسد من رياء ونحوه وفيه دليل على أن طلب البراءة للعرض ممدوح كطلب البراءة للدين ولهذا ورد كل ما وقي به المرء عرضه فهو صدقة وفي رواية في الصحيحين في هذا الحديث فمن ترك ما يشتبه عليه من الإثم كان لما استبان أترك يعني أن من ترك الإثم مع اشتباهه عليه وعدم تحققه فهو أولى بتركه إذا استبان له أنه إثم وهذا إذا كان تركه تحرزا من الإثم فأما من يقصد التصنع للناس فإنه لا يترك إلا ما يظن أنه ممدوح عندهم القسم الثاني من يقع في الشبهات مع كونها مشتبهة عنده فأما من أتى شيئا مما يظنه الناس شبهة لعلمه بأنه حلال في نفس الأمر فلا حرج عليه من الله في ذلك لكن إذا خشي من طعن الناس عليه بذلك كان تركها حينئذ استبراء لعرضه فيكون حسنا وهذا كما قال النبي صلى الله عليه و سلم لمن رآه واقفا مع صفية إنها صفية بنت حيي وخرج أنس إلى الجمعة فرأى الناس قد صلوا ورجعوا فاستحيا ودخل موضعا لا يراه الناس فيه وقال من لا يستحيي من الناس لا يستحيي من الله وخرجه الطبراني مرفوعا ولا يصح ... ".
القارئ : " وقوله صلى الله عليه وسلم: ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ) : قسم الناسَ في الأمور المشتبهة إلى قسمين، وهذا إنما هو بالنسبة إلى من هي مشتبهة عليه، وهو من لا يعلمها، فأما من كان عالما بها " الشيخ : نعم أعد ؟ القارئ : وأما من كان عالماً بها واتبع . الشيخ : وهذا بالنسبة ؟ القارئ : " وهذا إنما هو بالنسبة إلى مَن هي مشتبهة عليه ، وهو من لا يعلمها ، فأما من كان عالما بها واتبع ما دلَّه علمه عليها فذلك قسم ثالث لم نذكره لظهور حكمه ، فإن هذا القسم أفضل الأقسام الثلاثة ، لأنه عَلِم حكم الله في هذه الأمور المشتبهة على الناس واتبع علمه في ذلك . وأما من لم يعلم حكم الله فيها فهم قسمان: أحدهما: من يتقي هذه الشبهات لاشتباهها عليه فهذا قد استبرأ لدينه وعرضه، ومعنى استبرأ : طلب البراءة لدينه وعرضه من النقص والشَين . والعرض : هو موضع المدح والذم من الإنسان وما يحصل له بذكرِه بالجميل مدح وبذكره بالقبيح قدح . وقد يكون ذلك تارة في نفس الإنسان وتارة في سلفه أو في أهله فمن اتقى الأمور المشتبهة واجتنبها فقد حصن عرضه من القدح والشين الداخل على من لا يجتنبها، وفي هذا دليل على أن من ارتكب الشبهات فقد عرض نفسه للقدح فيه والطعن، كما قال بعض السلف : مَن عرَّض نفسه للتهم فلا يلومن من أساءبه الظن . وفي رواية للترمذي في هذا الحديث : ( فمن تركها استبراءً لدينه وعرضه فقد سلم ) ، والمعني أن من تركها بهذا القصد وهو براءة دينه وعرضه عن النقص لا لغرض آخر فاسد " . الشيخ : لا لغرض. القارئ : " لا لغرضٍ آخرَ فاسدٍ من رياء ونحوه ، وفيه دليل على أن طلب البراءة للعرض ممدوح كطلب البراءة للدين ، ولهذا ورد أن ما وقي به المرء عرضه فهو صدقة ". الطالب : كل عندنا . الشيخ : إيش ؟ الطالب : كل . الشيخ : كل ، كل ما وقى ما هي أن ، أن كل ولا كل بدون أن ؟ الطالب : بدون أن. الشيخ : سؤالي هل عندكم كل بدون أن أو جمع بين أن وكل؟ الطالب : الأول. الشيخ : الثاني الجمع ، إي طيب . الطالب : كلهم . الشيخ : وعندي أنا ما في لا هذا ولا هذا ، أن ما معناها واضح إن شاء الله تعالى نعم ؟ القارئ : " وفي رواية في الصحيحين في هذا الحديث : ( فمن ترك ما يشتبه عليه من الإثم كان لما استبان أترك ) يعني أن من ترك الإثم مع اشتباهه عليه وعدم تحققه فهو أولى بتركه إذا استبان له أنه إثم ، وهذا إذا كان تركه تحرزاً من الإثم ، فأما من يقصد التصنع للناس فإنه لا يترك إلا ما يظن أنه ممدوح عندهم تركه ". الطالب : يقول عند البخاري إلا أنها ليست عند البخاري ؟ الشيخ : يقول : هي عند البخاري وليست فيه ، هذه دائماً تقع ، تكون النسخ تختلف فيجدها العالم في نسخته فيعزوها للصحيحين، وأحياناً ينكرها العالم وهي موجودة في البخاري ، مثل انكار شيخ الإسلام -رحمه الله- الجمع بين إبراهيم وآل إبراهيم في التشهد يقول : ليست في البخاري وهي فيه موجودة لكن النسخ تختلف . القارئ : " القسم الثاني : من يقع في الشبهات مع كونها مشتبهة عنده ، فأما من أتى شيئا مما يظنه الناس شبهة لعلمه بأنه حلال في نفس الأمر فلا حرج عليه مِن الله في ذلك ، لكن إذا خشي من طعن الناس عليه بذلك كان تركها حينئذٍ استبراءً لعرضه فيكون حسنًا، وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن رآه واقفاً مع صفية : ( إنها صفية بنت حيي ) . وخرج أنس إلى الجمعة فرأى الناس قد صلَوا ورجعوا فاستحيا ودخل موضعًا لا يراه الناس فيه وقال : من لا يستحيي من الناس لا يستحيي من الله وخرجه الطبراني مرفوعا ولا يصح ، وإن أتى ".
الشيخ : ما تقول يا رياض ؟ السائل : بالنسبة لبيع العينة يا شيخ إذا اشترى ! الشيخ : العينة ؟ السائل : إذا اشترى شخص من آخر مواشي مثلاً ، اتفق مثلاً على قيمة المواشي هذه ولكن إلى مثلًا مدة ، على أن يأخذ هذه المواشي عنده فإذا رخصت في أثناء الفترة باعها بنفسه ثم ردها على ! الشيخ : هذا خيار هذا معناه الخيار . السائل : من العينة هذا يا شيخ ؟ الشيخ : لا لا مسألة العينة ما هي بهذه ، العينة يشتريها شراء تاماً ! السائل : هذا شرى شراء تام . الشيخ : لا أنت تقول : إذا ربحت أمضى البيع . السائل : ... الشيخ : إي لكن الخيار ما انتقل انتقالا مستقراً ، المهم أن هذا هو بالخيار ، ما دام جعل له الخيار لكن العلماء يقولون : لا يتصرف أحدهما بالشيء الذي فيه الخيار إلا بإذن الآخر . السائل : شيخ ! الشيخ : عبد الله . السائل : أحسن الله إليك : قولهم يا شيخ : عليَّ الحرام ، قلنا أنه إذا نوى الطلاق يكون طلاقاً ، طيب كيف يكون طلاق يا شيخ وهو يقول : عليه الحرام ؟ الشيخ : كناية ، من باب الكنايات ، نعم . السائل : شيخ بارك الله فيك هل موضوع رد الشبهات هل هو مسوغ ! الشيخ : هل هو إيش؟ السائل : مسوغ . الشيخ : هل هو ؟ السائل : مسوغ لإساءة الظن به ! الشيخ : مسوغ لإيش؟ السائل : إساءة الظن به .
بالنسبة لاختلاف المذاهب مع التعامل مع الأدلة فكيف يعرف مثلا الطالب أن هذا المنهج هو أصح المناهج حتى يتبناه ؟
السائل : بالنسبة لاختلاف المناهج في التعامل مع الأدلة ، فكيف يعرف مثلاً الطالب أن هذا المنهج هو أصح من غيره حتى يتبناه خاصة إذا عُلم أنه إذا جعله قاعدة عنده قد يخطأ إذا لم ؟! الشيخ : شوف بارك الله فيك ، الطالب ما له حق يستقل الطالب يتبع شيخه ، لم يأت إلى رتبة الشيخ إلا وهو واثق ، فيتبع شيخه حتى يترعرع ويكون أكبر من شيخه في العلم حينئذٍ يختار ما يرى . السائل : يعني يتبع شيخه في تلك القاعدة ؟ الشيخ : في كل شيء ، وما أشكل عليه فعليه أن يناقش شيخه ، أما أن يحقر على شيخه ويقول : أنا أحضر لأسمع ولا أنتبه ولا أستفيد فهذا ما هو طالب علم ، هذا جاء جاسوساً فقط عرفت ؟ وهذه محنة وقعت في بعض الطلبة الآن ، تجده يحضر لكن لا يشعر بنفسه بأنه يستفيد من شيخه أو يمشي وراءه ، فيفقد ما جاء من أجله للشيخ ، وتضيع عليه الأمور ، لكن هو الآن تلميذ قاصر ، يرى نفسه أنه أقل من شيخه فليتبعه حتى إذا ترعرع في العلم ورأى أنه في موقف يساوي موقف شيخه حينئذٍ له أن يجتهد ، انتبه لهذا.
كيف لا تدخل بيعتين في بيعة " أبيعك هذا إلى أجل بكذا ونقدا بكذا " في معنى العينة ؟
السائل : كيف لا يدخل بيعتين في بيعة يعني قول العلماء : أن هذا يدخل في ! الشيخ : إذا قال بعشرة نقداً وعشرين نسيئة ؟ السائل : نعم كيف لا يدخل في الحديث الذي ذكرناه ؟ الشيخ : في بيعتين في بيعة ؟ السائل : كيف لا يدخل في الحديث بيعتين في بيعة ؟ الشيخ : أيهم ؟ السائل : النسيئة مع الزيادة ، التأخير مع الزيادة ، قلتم أن بعض العلماء وهم في ذلك ! الشيخ : نعم قلته . السائل : لكن كيف فهم ؟ الشيخ : ها ؟ السائل : كيف وجه هذا الوهم ؟ الشيخ : إيش؟ السائل : كيف وجه هذا الوهم ؟ الشيخ : ها أحسنت ، إذا قال : أبيع عليك بعشرة نقداً أو بعشرين نسيئة فقال : أخذته بعشرين نسيئة ، هل هذا بيعتان ؟ هل هذا بيعتان ؟ السائل : الراوي يقول : ( بيعتان في بيعة ) ، " أبيعك هذا نقداً وأبيعك بالزيادة نسيئة " . الشيخ : هذا الرواي ما هو حجة ، ولا أدري من الراوي هل هو الصحابي ولا الذي بعده . السائل : ابن مسعود الذي سأل . الشيخ : حتى لو ابن مسعود ما هو حجة ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كلامه معقول مضبوط ، إذا قلت : هذا بعشرة نقداً أو بعشرين نسيئة ، فقال : أخذته بعشرين نسيئة ، أين البيعتان؟ ثمنان في بيعة واحدة ، والبيعتان في بيعة هو ما فسره النبي عليه الصلاة والسلام فقال : ( مَن باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) ، هكذا صح عنه عليه الصلاة والسلام ، وهذا ينطبق تماماً على مسألة العينة ، فإذا باع مثلاً هذا الكتاب بمئة إلى سنة ، هذه بيعة ، ثم اشتراه من الذي اشتراه منه بثمانين نقداً ، هذه بيعة في مبيع واحد ، فإما أن يقع في الربا إذا أخذ منه مئة ، وإما أن يقتصر على الأقل وهو الثمانين ويقول : اشتريته منك بثمانين ولا شيء لي عندك . السائل : يعني بيعتين في قول واحد ؟ الشيخ : البيعتين في بيعة هي مسألة العينة بالتمام . الطالب : انتهى الوقت يا شيخ . الشيخ : انتهى الوقت . القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : الشيخ : القسم الثاني .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " .... القسم الثاني من يقع في الشبهات مع كونها مشتبهة عنده فأما من أتى شيئا مما يظنه الناس شبهة لعلمه بأنه حلال في نفس الأمر فلا حرج عليه من الله في ذلك لكن إذا خشي من طعن الناس عليه بذلك كان تركها حينئذ استبراء لعرضه فيكون حسنا وهذا كما قال النبي صلى الله عليه و سلم لمن رآه واقفا مع صفية إنها صفية بنت حيي وخرج أنس إلى الجمعة فرأى الناس قد صلوا ورجعوا فاستحيا ودخل موضعا لا يراه الناس فيه وقال من لا يستحيي من الناس لا يستحيي من الله وخرجه الطبراني مرفوعا ولا يصح وإن أتى ذلك لاعتقاده أنه حلال إما باجتهاد سائغ أو تقليد سائغ وكان مخطئا في اعتقاده فحكمه حكم الذي قبله فإن كان الاجتهاد ضعيفا أو التقليد غير سائغ وإنما حمل عليه مجرد اتباع الهوى فحكمه حكم من أتاه مع اشتباهه عليه والذي يأتي الشبهات مع اشتباهها عليه قد أخبر عنه النبي صلى الله عليه و سلم أنه وقع في الحرام ... ".
القارئ : " قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- في شرحه لحديث النعمان بن بشير : ( الحلال بين والحرام بين ) من كتابه : *جامع العلوم والحكم* : القسم الثاني: من يقع في الشبهات مع كونها مشتبهة عنده، فأما من أتى شيئاً مما يظنه الناس شبهة لعلمه بأنه حلال في نفس الأمر فلا حرج عليه من الله في ذلك ، لكن إذا خشي من طعن الناس عليه بذلك كان تركها حينئذٍ استبراء لعرضه فيكون حسناً، وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن رآه واقفاً مع صفية : ( إنها صفية بنت حيي ) . وخرج أنس إلى الجمعة فرأى الناس قد صلوا ورجعوا فاستحيا ودخل موضعًا لا يراه الناس فيه وقال : من لا يستحيي من الناس لا يستحيي من الله . وخرجه الطبراني مرفوعا ولا يصح . وإن أتى ذلك لاعتقاده أنه حلال إما باجتهاد سائغ أو تقليد سائغ وكان مخطئاً في اعتقاده فحكمه حكم الذي قبله ، فإن كان الاجتهاد ضعيفاً أو التقليد غير سائغ وإنما حمله عليه مجرد اتباع الهوى ، فحكمه حكم من أتاه مع اشتباهه عليه ، والذي يأتي الشبهات مع اشتباهها عليه فقد أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقع في الحرام " : الشيخ : هذه ثلاثة أقسام : القسم الأول: من يأتي مسألة مشتبهة عند الناس لكنه يعلم أنها حلال فهذا جائز عند الله عز وجل ولا حرج عليه في ذلك ، لكن إذا خاف من أَلسن الناس فينبغي تجنب ذلك . والثاني : من يعتقد أنه حلال لكن لا يعلم ذلك ، يعتقد أنه حلال إما باجتهاد سائغ وإما بتقليد عالم والاجتهاد كما تعلمون يخطئ ويصيب ، بخلاف الذي يعلم أنها حلال ، فهذا حكمه حكم الذي قبله ، بمعنى أنه يجوز له عند الله عز وجل ولا إثم عليه ، لكن إذا خاف من ألسن الناس فالأولى تجنب ذلك أو الاختفاء ، الأولى أن يتجنب ذلك أو يختفي . وأما إذا كان الاجتهاد ضعيفاً أو التقليد غير سائغ ولكن قلد اتباعاً لهواه لأنه وجد أن هذا القول أهون ، فهذا لا يحل له ذلك ، لأنه يقع في الحرام لقوله : ( من وقع في الشبهات وقع في الحرام ) ، وما أكثر الذين يسلكون هذا المسلك اليوم ، تجده إذا استفتى عالماً ولم تعجبه فتواه ذهب إلى عالم آخر ، وهو كان يعتقد أن العالم الأول هو عمدته وهذا حرام عليه ، ولهذا قال العلماء -رحمهم الله- : " من استفتى عالماً ملتزماً بفتواه لاعتقاده صحتها، فإنه يحرم عليه أن يستفتي عالم آخر " ، لكن في هذه الحال لو أنه صادف مجلساً لعالم آخر تكلم في المسألة وبيَّن أنها على خلاف ما أُفتي به هذا المستفتي ، وذكر الأدلة واقتنع فهذا لا بأس أن يعدل عن ما أفتاه به الأول إلى ما سمع من الثاني ، لكن في هذه الحال ينبغي أن يتكلم أو أن يناقش العالم الثاني إذا كان العالم الأول قد ذكر له الدليل فيقول له : أنت قلت أن هذا حلال فما تقول في هذا الدليل ؟ لأجل أن يكون على طمأنينة نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " .... فهذا يفسر بمعنيين أحدهما أن يكون ارتكابه للشبهة مع اعتقاده أنها شبهة ذريعة إلى ارتكابه الحرام الذي يعتقد أنه حرام بالتدريج والتسامح وفي رواية في الصحيحين لهذا الحديث ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان وفي رواية من يخالط الريبة يوشك أن يجسر أي يقرب أن يقدم على الحرام المحض والجسور المقدام الذي لا يهاب شيئا ولا يراقب أحدا ورواه بعضهم يجشر بالشين المعجمة أي يرتع والجشر الرعي وجشرت الدابة إذا رعيتها وفي مراسيل أبي المتوكل الناجي عن النبي صلى الله عليه و سلم من يرعى بجنبات الحرام يوشك أن يخالطه ومن تهاون بالمحقرات يوشك أن يخالط الكبائر والمعنى الثاني أن من أقدم على ما هو مشتبه عنده لا يدري أهو حلال أو حرام فإنه لا يأمن أن يكون حراما في نفس الأمر فيصادف الحرام وهو لا يدري أنه حرام وقد روي من حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ( الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات فمن اتقاها كان أنزه لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات أوشك أن يقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يواقع الحمى وهو لا يشعر ) خرجه الطبراني وغيره واختلف العلماء هل يطيع والديه في الدخول في شيء من الشبهة أم لا يطيعهما فروى عن بشير بن الحارث قال لا طاعة لهما في الشبهة وعن محمد بن مقاتل العباداني قال يطيعهما وتوقف أحمد في هذه المسألة وقال يداريهما وأبى أن يجيب فيها وقال أحمد لا يبيع الرجل من الشبهة ولا يشتري الثوب للتجمل من الشبهة وتوقف في حل ما يؤكل وما يلبس منها وقال في التمرة يلقيها الطير لا يأكلها ولا يأخذها ولا يتعرض لها ... ".
القارئ : " وهذا يفسر بمعنيين: أحدهما: أن يكون ارتكابه للشبهة مع اعتقاده أنها شبهة ذريعة إلى ارتكابه الحرام الذي يعتقد أنه حرام بالتدريج والتسامح ، وفي رواية في الصحيحين لهذا الحديث: ( ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان )، وفي رواية: ( ومن يخالط الريبة يوشك أن يجسر ) أي : يقرب أن يقدم على الحرام المحض ، والجسور : المقدام الذي لا يهاب شيئاً ولا يراقب أحدا ورواه بعضهم : ( يجشر ) : بالشين المعجمة أي : يرتع ، والجشر الرعي وجشرتُ الدابة إذا رعيتُها ، وفي مراسيل أبي المتوكل الناجي عن النبي صلى الله عليه وسلم : (من يرعى بجنبات الحرام يوشك أن يخالطه ، ومن تهاون بالمحقرات يوشك أن يخالط الكبائر ) . والمعنى الثاني : أن من أقدم على ما هو مشتبه عنده لا يدري أهو حلال أو حرام فإنه لا يأمن أن يكون حراماً في نفس الأمر ، فيصادف الحرام وهو لا يدري أنه حرام ، وقد روي من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات فمن اتقاها كان أنزه لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات أوشك أن يقع في الحرام ، كالمرتع حول الحمى يوشك أن يواقع الحمى وهو لا يشعر ) خرَجه الطبراني وغيره . واختلف العلماء : هل يطيع والديه في الدخول في شيء من الشبهة أم لا يطيعهما : فروي عن بشر بن الحارث قال : لا طاعة لهما في الشبهة . وعن محمد بن مقاتل العبَّاداني قال : يطيعهما، وتوقف أحمد في هذه المسألة وقال : يداريهما وأبى أن يجيب فيها . وقال أحمد : لا يشبع الرجل من الشبهة ، ولا يشتري الثوب للتجمل من الشبهة ". الطالب : لا يبيع . الشيخ : لا يشبع أحسن لأنه ذكر الطعام واللباس لا يشبع بمعنى أنه يقتصر على أدنى شيء في المال المشتبه فيه نعم . القارئ : " وتوقف في حد ما يؤكل وما يلبس " ، كأنه يؤيد النسخة ؟ الشيخ : نعم ؟ القارئ : كأنه يؤيد النسخة ؟ الشيخ : لا يشبع . القارئ : نعم " وقال في التمرة يلقيها الطير لا يأكلها ولا يأخذها ولا يتعرض لها ". الشيخ : الله أكبر ، وش معنى لا يأكلها ؟ الطالب : يتركها . الشيخ : للطير ولا خوفاً من أن تكون حراماً لأن الطير أخذها بغير اختيار صاحبها ؟ الطالب : الثاني . الشيخ : أنا أرى الذي يظهر أنه إذا كان محتاجاً للأكل أكلها ، وكذلك إذا سقطت في طريق تسلكه الأقدام فإنه يأخذها يأكلها أو يرفعها ، نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " .... وقال الثوري في الرجل يجد في بيته الأفلس أو الدراهم أحب إلى أن ينتنزه عنها يعني إذا لم يدر من أين هي وكان بعض السلف لا يأكل إلا شيئا يعلم من أين هو ويسأل عنه حتى يقف على أصله وقد روي في ذلك حديث مرفوع إلا أن فيه ضعفا ... ".
القارئ : " وقال الثوري في الرجل يجد في بيته الأفلس أو الدراهم : أَحبُّ إليَّ أن ينتنزه عنها يعني إذا لم يدر من أين هي. وكان بعض السلف لا يأكل إلا شيئاً يعلم من أين هو ويسأل عنه حتى يقف على أصله، وقد روي في ذلك حديث مرفوع إلا أن فيه ضعفاً . وقوله صلى الله عليه وسلم كالراعي " : الشيخ : الحمد لله ، هذا لا شك أنه ضعيف لأن الناس لو كلفوا أن يبحثوا في هذا شق عليهم كثيراً ، لكان أن نقول مثلاً : هذا الذي باعه عليك مِن أين أتى ؟ هل هو مغصوب هل هو مسروق هل مبيع على وجه الجهالة وما أشبه ذلك ، قال : البيع سليم اشتريته من فلان ، نذهب إلى فلان نقول : من أين أتاك ، قال : أتاني من فلان بأي طريق ؟ بطريق سليم بيع وشراء صحيح نذهب إلى الأول ، هذه مشقة عظيمة الصواب أن هذا ليس بواجب ، بل لو قيل أن هذا من باب التنطع في دين الله الذي نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام وأخبر بهلاك أهله ، لو قيل بذلك لم يكن بعيداً ، وما علمنا أن أحدًا من الصحابة يفعل هذا ، بل الأصل أن ما بيد الإنسان فهو ملكه ، اللهم إلا من عُرف بالسرقات والغصب فهذا قد يتوقف الإنسان فيه وأما عامة الناس فالأصل أن ما في أيديهم ملكهم ولا يحتاج إلى البحث، نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " .... وقوله صلى الله عليه و سلم ( كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمي ألا وإن حمى الله محارمه ) هذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه و سلم لمن وقع في الشبهات وأنه يقرب وقوعه في الحرام المحض وفي بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه و سلم قال سأضرب لكم مثلا ثم ذكر هذا الكلام فجعل النبي صلى الله عليه و سلم مثل المحرمات كالحمى الذي يحميه الملوك ويمنعون غيرهم من قربانه وقد جعل النبي صلى الله عليه و سلم حول مدينته اثني عشر ميلا حمى محرما لا يقطع شجره ولا يصاد صيده وحمى عمر وعثمان أماكن ينبت فيها الكلأ لأجل إبل الصدقة والله سبحانه وتعالى حمى هذه المحرمات ومنع عباده من قربانها وسماها حدوده فقال(( تلك حدود الله فلا تقربوها )) وهذا فيه بيان أنه حد لهم ما أحل لهم وما حرم عليهم فلا يقربوا الحرام ولا يعتدوا الحلال وكذلك قال في آية أخرى(( تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون )) البقرة ... ".
القارئ : " وقوله صلى الله عليه وسلم : ( كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمي ألا وإن حمى الله محارمه ) : هذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لمن وقع في الشبهات ، وأنه يقرب وقوعه في الحرام المحض ، وفي بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وسأضرب لكم مثلا ) ثم ذكر هذا الكلام ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم مثل المحرمات كالحمى الذي يحميه الملوك ويمنعون غيرهم من قربانه ، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم حول مدينته اثني عشر ميلاً حمى محرمًا لا يقطع شجره ولا يصاد صيده، وحمى عمر وعثمان أماكن ينبت فيها الكلأ لأجل إبل الصدقة ، والله عز وجلَّ حمى هذه المحرمات ومنع عباده من قربانها وسماها حدوده فقال: (( تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون )). وهذا فيه بيان أنه حدَّ لهم ما أحل لهم وما حرم عليهم، فلا يقربوا الحرام ولا يعتدوا الحلال، وكذلك قال في آية أخرى: (( تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون )) " : الشيخ : قال أهل العلم : وإذا قال الله تعالى فلا تقربوها فيعني بالحدود المحرمات، وإذا قال: لا تعتدوها فيعني بها الواجبات، لأن الواجبات لا تتعدى ولا تتخطى وأما المحرمات فلا تقرب، وهذا ضابط جيد أنه يقال: في المأمورات إيش؟ الطالب : تعتدوها . الشيخ : وفي المنهيات لا تقربوها . السائل : قول النبي صلى الله عليه وسلم : سأضرب لذلك مثلا ؟ الشيخ : سأضرب لذلك مثلاً ؟ السائل : سأضرب لكم ؟ الشيخ : لا فرق .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " .... وجعل من يرعى حول الحمى أو قريبا منه جديرا بأن يدخل الحمى فيرتع فيه فلذلك من تعدى الحلال ووقع في الشبهات فإنه قد قارب الحرام غاية المقاربة فما أخلقه بأن يخالط الحرام المحض ويقع فيه وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي التباعد عن المحرمات وأن يجعل الإنسان بينه وبينها حاجزا وقد خرج الترمذي وابن ماجه من حديث عبدالله بن يزيد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :( لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس) وقال أبو الدرداء رضي الله عنه" تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما حجابا بينه وبين الحرام " وقال الحسن" مازالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرا من الحلال مخافة الحرام " وقال الثوري" إنما سموا المتقين لأنهم اتقوا مالا يتقي " وروي عن ابن عمر قال" إنى لأحب أن أدع بيني وبين الحرام سترة من الحلال لا أخرقها " وقال ميمون بن مهران " لا يسلم للرجل الحلال حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزا من الحلال " وقال سفيان بن عيينة " لا يصيب عبد حقيقة الإيمان حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزا من الحلال وحتى يدع الإثم وما تشابه منه " ... ".
القارئ : " وجعل مَن يرعى حول الحمى وقريبًا منه جديرًا بأن يدخل الحمى ويرتع فيه ، فكذلك من تعدى الحلال ووقع في الشبهات فإنه قد قارب الحرام غاية المقاربة ، فما أخلَقَه بأن يخالط الحرام المحض ويقع فيه ، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي التباعد عن المحرمات ، وأن يجعل الإنسان بينه وبينها حاجزاً ، وقد خرج الترمذي وابن ماجه من حديث عبدالله بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس ) . وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة ، وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حرامًا حجابًا بينه وبين الحرام . وقال الحسن: مازالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرا من الحلال مخافة الحرام. وقال الثوري: إنما سُموا المتقين لأنهم اتقوا مالا يتقى. وروي عن ابن عمر قال: إنى لأحب أن أدع بيني وبين الحرام سترة من الحلال لا أخرقها. وقال ميمون بن مهران: لا يسلم للرجل الحلال حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزا من الحلال. وقال سفيان بن عيينة: لا يصيب عبد حقيقة الإيمان حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزًا من الحلال، وحتى يدع الإثم وما تشابه منه. ويَستدل بهذا الحديث من يذهب إلى سد الذرائع إلى المحرمات وتحريم الوسائل إليها " : الشيخ : في الحديث المرفوع حديث عبد الله بن يزيد : ( لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس ) : هذا يريد بذلك المشتبهات ، وأما الحلال البيِّن فلا شك أن الإنسان يبلغ أن يكون من المتقين وإن لم يدعها ، لكن يريد بذلك المشتبهات ، وما روي من الآثار عن بعض السلف -رحمهم الله- فهذا من باب الزهد وهو : ترك ما لا ينفع في الآخرة ، نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " .... ويستدل بهذا الحديث من يذهب إلى سد الذرائع إلى المحرمات وتحريم الوسائل إليها ويدل على ذلك أيضا من قواعد الشريعة تحريم قليل ما يسكر كثيرة وتحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم الصلاة بعد الصبح وبعد العصر سدا لذريعة الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ومنع الصائم من المباشرة إذا كانت تتحرك شهوته ومنع كثير من العلماء مباشرة الحائض فيما بين سرتها وركبتها إلا من وراء حائل كما كان صلى الله عليه و سلم يأمر امرأته إذا كانت حائضا أن تتزر فيباشرها من فوق الإزار ... ".
القارئ : " ويستدل بهذا الحديث من يذهب إلى سد الذرائع إلى المحرمات وتحريم الوسائل إليها . ويدل على ذلك أيضا من قواعد الشريعة تحريم قليل ما يسكر كثيره ، وتحريم الخلوة بالأجنبية ، وتحريم الصلاة بعد الصبح وبعد العصر سدا لذريعة الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ، ومنع الصائم من المباشرة إذا كانت تحرك شهوته ، ومنع كثير من العلماء مباشرة الحائض فيما بين سرتها وركبتها إلا من وراء حائل ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر امرأته إذا كانت حائضًا أن تتزر فيباشرها مِن فوق الإزار ومن أمثلة ذلك " : الشيخ : سد الذرائع لا شك أنه ثابت ، قاعدة شرعية مهمة جداً ، " لأن الوسائل لها أحكام المقاصد " ، ويدل لذلك قوله تعالى : (( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم )) : فنهى عن سب آلهة المشركين لأنها ذريعة إلى سبهم الله عز وجل ، فدل ذلك على أن سد الذرائع معتبر شرعاً ، نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " ... ومن أمثلة ذلك وهو شبيه بالمثل الذي ضربه النبي صلى الله عليه و سلم ( من سيب دابته ترعى بقرب زرع غيره فإنه ضامن لما أفسدته من الزرع ولو كان ذلك نهارا ) وهذا هو الصحيح لأنه مفرط بإرسالها في هذه الحال وكذا الخلاف لو أرسل كلب الصيد قريبا من الحرم فدخل فصاد فيه ففي ضمانه روايتان عن أحمد وقيل يضمنه بكل حال ... ".
القارئ : " ومن أمثلة ذلك وهو شبيه بالمثل الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم : ( من سيَّب دابته ترعى بقرب زرع غيره فإنه ضامن لما أفسدته من الزرع ولو كان ذلك نهاراً ) : هذا هو الصحيح لأنه مفرط بإرسالها في هذه الحال . وكذا الخلاف لو أرسل كلب الصيد قريبًا من الحرم فدخل الحرم فصاد فيه ففي ضمانه روايتان عن أحمد وقيل يضمنه بكل حال. وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت ) " : الشيخ : ما ذكره من ضمان الزروع إذا أتلفته البهائم صحيح ، يعني معناه إذا أرسل بهيمته بقرب الزرع فإنه ضامن ، لماذا ؟ لأنه أرسلها بقربه ومعروف أن البهيمة إذا أُرسلت بقرب الزرع سوف ترعاه وتذهب إليه سواء في الليل أو في النهار لكن لو أرسلها بعيداً عن المزارع ثم هي مشت إلى المزارع وأكلت في النهار فإنه ليس على صاحبها ضمان ، لأن المزارع في النهار على أصحابها أن يحفظوها ويحموها والليل بالعكس ، ووجه ذلك ظاهر ، لأن الناس يطلقون مواشيهم في النهار ترعى وتجول يميناً وشمالاً ، وأهل المزارع أيضاً يقظون يشتغلون في مزارعهم يحمون مزارعهم ، أما في الليل فالأمر بالعكس ما أتلفت البهيمة من الزرع في الليل فهو على صاحبها ولو كان أرسلها بعيداً عن الزرع ، وذلك لأن أهل المزارع نائمون لا يستطيعون حمايتها وأهل المواشي جرت العادة أنه في الليل يحفظون مواشيهم ، نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " ... وقوله صلى الله عليه و سلم ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه واجتنابه المحرمات واتقاءه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه فإذا كان قلبه سليما ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله وخشية الوقوع فيما يكرهه صلحت حركات الجوارح كلها ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها وتوفي للشبهات حذرا من الوقوع في المحرمات وإن كان القلب فاسدا قد استولى عليه اتباع الهوى وطلب ما يحبه ولو كرهه الله فسدت حركات الجوارح كلها وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب اتباع هوى القلب ولهذا يقال القلب ملك الأعضاء وبقية الأعضاء جنوده وهم مع هذا جنود طائعون له منبعثون في طاعته وتنفيذ أوامره لا يخالفونه في شيء من ذلك فإن كان الملك صالحا كانت هذه الجنود صالحة وإن كان فاسدا كانت جنوده بهذه المشابهة فاسدة ولا ينفع عند الله إلا القلب السليم كما قال تعالى (( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )) الشعراء وكان النبي صلى الله عليه و سلم يقول في دعائه اللهم إنى أسألك قلبا سليما فالقلب السليم هو السالم من الآفات والمكروهات كلها وهو القلب الذي ليس فيه سوى محبة الله وخشيته وخشية ما يباعد منه وفي مسند الإمام أحمد رضي الله عنه عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه والمراد باستقامة إيمانه استقامة أعمال جوارحه فإن أعمال جوارحه لا تستقيم إلا باستقامة القلب ومعني استقامة القلب أن يكون ممتلئا من محبة الله تعالى ومحبة طاعته وكراهة معصيته وقال الحسن لرجل " داو قلبك فإن حاجة الله إلى العباد صلاح قلوبهم " يعني أن مراده منهم ومطلوبه صلاح قلوبهم فلا صلاح للقلوب حتى يستقر فيها معرفة الله وعظمته ومحبته وخشيته ومهابته ورجاؤه والتوكل عليه ويمتلئ من ذلك وهذا هو حقيقة التوحيد وهو معنى قول لا إله إلا الله فلا صلاح للقلوب حتى يكون إلهها الذي تألهه وتعرفه وتحبه وتخشاه هو الله واحد لا شريك له ولو كان في السموات والأرض إله يؤله سوى الله لفسدت بذلك السموات والأرض كما قال تعالى (( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )) الأنبياء فعلم بذلك أنه لا صلاح للعالم العلوي والسفلي معا حتى تكون حركات أهلها كلها لله وحركات الجسد تابعة لحركات القلب وإرادته فإن كانت حركته وإرادته لله وحده فقد صلح وصلحت حركات الجسد كله وإن كانت حركة القلب وإراداته لغير الله تعالى فسد وفسدت حركات الجسد بحسب فساد حركة القلب وروى الليث عن مجاهد في قوله تعالى (( ولا تشركوا به شيئا )) النساء قال لا تحبوا غيري ... ).
القارئ : " وقوله صلى الله عليه و سلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صَلَحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) : فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه واجتنابه للمحرمات ، واتقائه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه ، فإن كان قلبه سليمًا ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله ، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه ، صلحت حركات الجوارح كلها " : الشيخ : الأحسن كلُّها . القارئ : " صلحت حركات الجوارح كلُها ، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها " . الشيخ : هذه كلِّها الثانية . القارئ : " ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلِها وتوقي الشبهات حذرًا من الوقوع في المحرمات . وإن كان القلب فاسدًا قد استولى عليه اتباع هواه وطلب ما يحبه ولو كرهه الله فسدت حركات الجوارح كلها ، وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب اتباع هوى القلب ، ولهذا يقال : القلب ملك الأعضاء، وبقية الأعضاء جنوده وهم مع هذا جنود طائعون له منبعثون في طاعته وتنفيذ أوامره، لا يخالفونه في شيء من ذلك، فإن كان الملك صالحاً كانت هذه الجنود صالحة، وإن كان فاسدًا كانت جنوده بهذه المثابة فاسدة . ولا ينفع عند الله إلا القلب السليم كما قال تعالى: (( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )) . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه : ( أسألك قلبًا سليمًا ) : فالقلب السليم هو السالم من الآفات والمكروهات كلها ، وهو القلب الذي ليس فيه سوى محبةِ الله وما يحبه الله، وخشيتهِ وخشية ما يباعد عنه. وفي مسند الإمام أحمد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ) : والمراد باستقامة إيمانه استقامة أعمال جوارحه فإن أعمال جوارحه لا تستقيم إلا باستقامة القلب ، ومعنى استقامةِ القلب أن يكون ممتلئا من محبة الله تعالى ومحبة طاعته وكراهة معصيته. قال الحسن لرجل: داو قلبك، فإن حاجة الله إلى العباد صلاح قلوبهم. يعني أن مراده منهم ومطلوبه صلاح قلوبهم، فلا صلاح للقلوب حتى تستقر فيها معرفة الله وعظمته ومحبته وخشيته ومهابته ورجاؤه والتوكل عليه، وتمتلئ من ذلك، وهذا هو حقيقة التوحيد، وهو معنى قول لا إله إلا الله. فلا صلاح للقلوب حتى يكون إلهها الذي تألهه وتعرفه وتحبه وتخشاه هو الله وحده لا شريك له، ولو كان في السموات والأرض إله يؤلَّه سوى الله لفسدت بذلك السموات والأرض، كما قال تعالى: (( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )) . فعلم بذلك أنه لا صلاح للعالم العلوي والسفلي معاً حتى تكون حركات أهلها كلها لله ، وحركات الجسد تابعةً لحركات القلب وإرادته، فإن كانت حركته وإرادته لله وحده فقد صلح وصلحت حركات الجسد كله، وإن كانت حركة القلب وإراداته لغير الله تعالى فسد وفسدت حركات الجسد بحسب فساد حركة القلب . وروى الليث عن مجاهد في قوله تعالى: (( ولا تشركوا به شيئاً )) قال : لا تحبوا غيري " . الشيخ : ومعلوم أن الإرادة والحركة تتبع المحبة ، حتى إن ابن القيم -رحمه الله- في كتابه *روضة المحبين* قال : " إن كل شيء يدور على المحبة " ، لا يمكن للإنسان أن يفعل ما يؤمر به ولا يترك ما ينهى عنه إلا بمحبة الله عز وجل فكل الإرادات تابعة للمحبة ، وإذا كان كذلك فإننا نقول : إذا تحرك القلب نحو الله عز وجل وأحب الله فلا بد أن تصلح إراداته ، وإذا صلحت إراداته صلحت جوارحه . وأما تمثيل المؤلف -رحمه الله- القلب بأنه كالملك المطاع فقد سبق لنا في شرح الحديث بأن هذا أنقص مما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا صلحت صلح الجسد ) وصلاح الملك قد لا يستلزم صلاح الرعية ، نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " ... وفي صحيح الحاكم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ( الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا في الليلة الظلماء وأدناه أن تحب على شيء من الجور وأن تبغض على شيء من العدل وهل الدين إلا الحب والبغض قال تعالى (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) آل عمران فهذا يدل على أن محبة ما يكرهه الله وبغض ما يحبه متابعة للهوى والموالاة على ذلك والمعاداة عليه من الشرك الخفي ويدل على ذلك قوله (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) آل عمران فجعل الله علامة الصدق في محبته اتباع رسوله فدل على أن المحبة لا تتم بدون الطاعة والموافقة قال الحسن رحمه الله قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يا رسول الله إنا نحب ربنا حبا شديدا فأحب الله أن يجعل لحبه علما فأنزل الله هذه الآية (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) آل عمران ومن هنا قال الحسن:( أعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته ) وسئل ذو النون المصري ( متى أحب ربي قال إذا كان ما يبغضه عندك أمر من الصبر) وقال بشر بن السري: " ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغضه حبيبك ) ... ).
القارئ : " وفي صحيح الحاكم عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا في الليلة الظلماء، وأدناه أن تحب على شيء من الجور، وأن تبغض على شيء من العدل ) ، وهل الدين إلا الحب والبغض؟! قال الله عز وجل: (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )): فهذا يدل على أن محبة ما يكرهه الله، وبغض ما يحبه متابعة للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة عليه من الشرك الخفي، ويدل على ذلك قوله: (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ))، فجعل الله علامة الصدق في محبته اتباعَ رسوله، فدل على أن المحبة لا تتم بدون الطاعة والموافقة. قال الحسن: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا رسول الله، إنا نحب ربنا حبا شديدا فأحب الله أن يجعل لحبه علما، فأنزل الله هذه الآية: (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) ) . ومن هنا قال الحسن: اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته. وسئل ذو النون: متى أحب ربي؟ قال: إذا كان ما يبغضه عندك أمرَّ من الصبر. وقال بشر بن السَّري: ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغضه حبيبك ". الشيخ : وفي ذلك يقول ابن القيم -رحمه الله- : " أتحب أعداء الحبيب وتدعي *** حباً له ما ذلك في إمكان " . فلا يمكن للإنسان أن يدعي أنه يحب الله وهو يحب أعداء الله هذا مستحيل نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " ... قال أبو يعقوب النهرجوري كل من ادعى محبة الله عز و جل ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطل وقال رويم المحبة الموافقة في كل الأحوال وقال يحيى بن معاذ ليس بصادق من ادعى محبة الله ولم يحفظ حدوده وعن بعض السلف قال قرأت في بعض الكتب السالفة من أحب الله لم يكن عنده شيء آثر من مرضاته ومن أحب الدنيا لم يكن عنده شيء آثر من هوى نفسه وفي السنن عن النبي صلى الله عليه و سلم قال من أعطى لله ومنع لله وأحب لله وأبغض لله فقد استكمل الإيمان ومعني هذا أن كل حركات القلب والجوارح إذا كانت كلها لله فقد كمل إيمان العبد بذلك باطنا وظاهرا ويلزم من صلاح حركات القلب صلاح حركات الجوارح فإذا كان القلب صالحا ليس فيه إلا إرادة الله وإرادة ما يريده لم تنبعث الجوارح إلا فيما يريده الله فسارعت إلى ما فيه رضاه وكفت عما يكرهه وعما يخشى أن يكون مما يكرهه وإن لم يتيقن ذلك قال الحسن رضي الله عنه ما ضربت ببصري ولا نطقت بلساني ولا بطشت بيدي ولا نهضت على قدمي حتى أنظر أعلى طاعة أو على معصية فإن كانت طاعته تقدمت وإن كانت معصية تأخرت وقال محمد بن الفضل البلخي ما خطوت منذ أربعين سنة خطوة لغير الله عز و جل ... ".
القارئ : " وقال أبو يعقوب النهرجوري: كل من ادَّعى محبة الله عز وجل، ولم يوافق الله في أمره، فدعواه باطلة. وقال رويم: المحبة الموافقة في كل الأحوال. وقال يحيى بن معاذ: ليس بصادق من ادعى محبة الله ولم يحفظ حدوده. وعن بعض السلف قال: قرأت في بعض الكتب السالفة: من أحب الله لم يكن عنده شيء آثر من رضاه، ومن أحب الدنيا لم يكن عنده شيء آثر من هوى نفسه . وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أعطى لله، ومنع لله، وأحب لله، وأبغض لله، فقد استكمل الإيمان ) : ومعنى هذا أن كل حركات القلب والجوارح إذا كانت كلها لله فقد كمل إيمان العبد بذلك ظاهراً وباطناً. ويلزم من صلاح حركات القلب صلاح حركات الجوارح، فإذا كان القلب صالحاً ليس فيه إلا إرادة الله وإرادة ما يريده لم تنبعث الجوارح إلا فيما يريده الله، فسارعت إلى ما فيه رضاه، وكفت عما يكرهه، وعما يَخشى أن يكون مما يكرهه وإن لم يتيقن ذلك. قال الحسن: ما نظرت ببصري، ولا نطقت بلساني، ولا بطشت بيدي، ولا نهضت على قدمي حتى أنظر على طاعة أو على معصية، فإن كانت طاعة تقدمت، وإن كانت معصية تأخرت " . الشيخ : رحمه الله . القارئ : " وقال محمد بن الفضل البلخي: ما خطوت منذ أربعين سنة خطوة لغير الله عز وجل. وقيل لداود الطائي: لو تنحيت " . الشيخ : كانوا مثل هؤلاء يقولون عن أنفسهم قد يقول قائل : أليس في هذا تزكية للنفس ؟ فيقال الأعمال بالنيات ، والقوم لا يريدوا أن يزكوا أنفسهم عند الناس أهم شيء أن تكون أنفسهم زكية عند الله ، لكن يريدون هذا أو يقولون مثل هذا ليقتدي الناس بهم ، هذا ما نظنه فيهم ، وليس قصدهم أن يتمدحوا عند الناس وأن يزكوا أنفسهم لأن هذا لا يمكن أن يقع من مثل هؤلاء الأخيار ، نعم .
قراءة من كتاب العلوم والحكم مع تعليق الشيخ عليه: " ... وقيل لداود الطائي لو تنحيت من الظل إلى الشمس فقال هذه خطى لا أدري كيف تكتب فهؤلاء القوم لما صلحت قلوبهم فلم يبق فيها إرادة لغير الله صلحت جوارحهم فلم تتحرك إلا لله عز و جل وبما فيه مرضاته والله أعلم ...".
القارئ : " وقيل لداود الطائي: لو تنحيت من الظل إلى الشمس، فقال: هذه خطى لا أدري كيف تكتب. فهؤلاء القوم لما صلحت قلوبهم " . الشيخ : أقول -رحمه الله- هذا أقول مبالغة ، فنقول إنه لو تنحى من الظل إلى الشمس في أيام الشتاء لعلمنا ماذا تكتب إيش تكتب ؟ تكتب حسنة لأنه أراد بذلك الرفق في نفسه ، والرفق بالنفس لا شك أنه خير وأنه مما جاءت به الشريعة : ( إن لنفسك عليك حقا ) فهو -رحمه الله- من باب المبالغة في أنه لا يفعل حتى الشيء المعلوم حسنه لا يفعله حتى يعرف كيف يكتب، نعم. القارئ : " فهؤلاء القوم لما صحلت قلوبهم فلم يبق فيها إرادة لغير الله عز وجل، صلحت جوارحهم، فلم تتحرك إلا لله عز وجل، وبما فيه رضاه، والله تعالى أعلم ". الشيخ : واعلم أن هذا الحديث : ( ألا وإن في الجسد مضغة ) يرد على أولائك الأقوام الذين إذا نهيتهم عن معصية قالوا : التقوى ها هنا ، وأشاروا إلى صدورهم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التقوى ها هنا ، وأشار إلى صدره ) ! فنقول لهم لو كان ما ها هنا متقياً لاتقى الظاهر ، لأن النبي صل الله عليه وسلم يقول : ( إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ) ، ففساد الظاهر يدل على فساد الباطن ، وأما صلاح الظاهر فلا يدل على صلاح الباطن ، لأنه قد يقع هذا من المنافق ، يصلح ظاهره ولكن باطنه خبيث هذه ورقة يقول الدروس ! لا نحن يعني قصدي الطلبة كلنا أخذ الآن ، المستمع ليس من الطلبة ، أنت مستمع الظاهر ! يا شيبة كم جبت اليوم ؟ الطالب : مئة وأربعين . الشيخ : وأمس ؟ الطالب : خمسة وستين . الشيخ : خمسة وستين . الطالب : باقي ! الشيخ : باقي أيضاً ، طيب أجل إن شاء الله أحاججكم بالباقي ، غدا إن شاء الله تجيبه .
هذه التمور التي على رؤس النخل في الطرقات ملك للبلدية ونرى عمال يجنونها ولكنهم لا يحيطونها فهل نقول إن من أخذ منها حرام أم ليس فيه شيء ؟
الشيخ : نعم السائل : شيخ بارك الله فيكم هذه التمور التي على رؤوس النخل في الطرقات هي من جانب ملك للبلدية ، ونرى مثلاً أن عندهم عمال ويسقونها وكذا ، ومن جهة أخرى لا يحيطونها مثلاً عن الناس ولا يحمونها ، فهل يقال من أخذ منها حرام أو شبهة أو ليس فيها شيء ؟ الشيخ : والله هذا سؤال جيد ومهم ينبغي الاعتناء به ولكن جوابه عند رئيس البلدية . السائل : ههههه . سائل آخر : يا شيخ بارك الله فيك : ما ذكره أخونا في قوله تعالى : (( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه )) ... ؟ الشيخ :(( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه )) : المتبع لهواه فيه نوع شرك عنده نوع شرك .
يلا عبيد ! السائل : شيخ بارك الله فيكم قولنا فيمن يسأل ! الشيخ : إيش؟ السائل : يسأل عالماً فإذا لم تعجبه الفتوى سأل غيره ، هل مثل هذا أن الشخص إذا وقع في مسألة كمثلاً إذا طلق زوجته وهي حائض ؟ الشيخ : إيش؟ السائل : كمثلاً إذا طلق زوجته في الحيض . الشيخ : نعم . السائل : ورأيناه عازماً على الذهاب إلى عالم نعلم أنه يبعده عنه ، وأشرنا عليه أن يذهب إلى غيره من يرى أنه يقع ، هل يقع مثل هذه المسألة أو يكون من باب ؟ الشيخ : والله هذه تنبني على ما ذكرنا : إذا كان ذهب إلى من يرى أنه لا يقع طلاق الحيض اتباعاً لهواه ، فهذا لا يجوز ، وأما إذا ذهب إليه لكونه يثق به أكثر لعلمه وأمانته فلا بأس . السائل : كلهم يثق بهم يا شيخ . الشيخ : نعم ؟ السائل : الكل موثوق بهم. الشيخ : إيش؟ السائل : الكل موثوق بهم من أهل العلم لكنهم مختلفون . الشيخ : نحن ذكرنا في هذه المسائل أنه إذا اختلف مفتيان ولم يتميز أحدهما عن الآخر فقد ذكر العلماء لهذه المسألة ثلاثة أقوال : التخيير بين هذا وهذا ، واتباع ما هو أحوط وأشد ، واتباع ما هو أخف، وذكرنا أن الذي نرى ونرجح أنه الأخف ، يتبع الأخف ، لكن في مسألة الطلاق في الحيض أكثر الناس ما يدرون أنه حرام ، أكثر الناس لا يعلمون أنه حرام ، فإذا ذهبوا إلى من يرى أنه لا يقع مع تساوي العالمين عندهما فلا بأس .
بعض الناس يرغب أن يفعل المحرم لكن يمنعه منه الخوف من الناس ؟
السائل : شيخ ؟ الشيخ : نعم . السائل : كثير من الناس يرغب بعض المحرمات ولكن يمنعه من الوقوع فيها الخوف فهذا لا يعتبر نقص في التوحيد ؟ الشيخ : بلى ، هذا يسأل يقول : بعض الناس يرغب أن يفعل المحرم لكن يمنعه الخوف من الناس ، فهذا لا شك أنه من الشرك ، لأنه اتقى الناس ولم يتق الله السائل : أقول يرغب في الحرام لكن يمنعه الوقوع فيها الخوف من الله عز وجل ؟ الشيخ : من الله أنت تقول من الناس ! السائل : من الله . الشيخ : من الله ، ويش الإشكال ؟ السائل : يرغب في الحرام . الشيخ : هذا هو حقيقة التوحيد ، هذا حقيقة التوحيد ، لأنه خشي الله نعم . السائل : حكم شيخ بارك الله فيك ، لبس ساعة مطلية بالذهب ؟ الشيخ : لبس ؟ السائل : المطلية بماء الذهب . الطالب : ساعة . السائل : هذا فيه شبهة أم حرام أم له ذلك ؟ الشيخ : أما بالنسبة للرجل فهي حرام ، لا يحل له أن يلبس شيئاً مطلياً بالذهب إلا إذا كان مجرد لون ، مجرد لون فقط ولا فيه شيء محسوس ، فهذا جائز لكن مع هذا لا نحبذ أن يلبسها لسببين : السبب الأول : أنه يقتدى به . والسبب الثاني أنه يساء الظن به عند أهل الخير ، ويقال : هذا لا يخاف الله يلبس ساعة الذهب ، والحمد لله في غير هذا اللون من الألون ما هو أحسن نعم ؟ السائل : شيخ من المعلوم أن الشرع ينهى أن يعاقب المظلوم ظالمه بخلاف الشرع ، لكن بعض الأحيان نجد مثلاً أنه يبيح مثل ذلك في حدود وهي : من سبه شخص يجوز له أن يسبه رغم أن السب منهي عنه شرعاً ، فما الضابط بأن ما يبيحه الشرع من هذه الأمور ؟ الشيخ : الضابط قوله تعالى: (( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )) ، إلا إذا كان شيئاً محرماً بعينه ، كإنسان أكرهه شخص فتلوط به ، فلا نقول لمن فعل به ذلك إذا تمكنت من أنت تتلوط بالفاعل بك فافعل ، ما نقول هذا . الطالب : انتهى الوقت شيخ . السائل : رجل يا شيخ اعتمر ثم خرج من مكة مباشرة إلى جدة، ثم رجع إلى مكة هل يطوف طواف الوداع ؟ الشيخ : بنية إيش؟ خرج مباشرة إلى جدة بنية السفر ثم طرأ عليه أن يرجع ، هذا ما عليه وداع. السائل : لو كان شيخ ، ذهب لجدة وفي نيته أن يسافر ؟ الشيخ : عليه وداع إذا أراد أن يسافر من مكة . الطالب : انتهى الوقت . الشيخ : انتهى الوقت ، طيب ، إذا نأخذ درس جديد . ويش وقفنا على الباب ؟ الطالب : أتدرون ما الغيبة . الشيخ : نعم ؟ الطالب : أتدرون ما الغيبة . الشيخ : كيف ؟ الطالب : أتدرون ما الغيبة . طالب آخر : هذا جديد . الشيخ : باب جديد عشان نتناقش . الطالب : نصبر ويوزع إن شاء الله . الشيخ : طيب . الطالب : شيخ بعد سنوات ... الشيخ : لا لا ، معروف أنه مماطل لكنه مماطل بحق إذا طلع منه الشريط طلع ما شاء الله مضبوط . الطالب : شيخ الحديث موجود في الأربعين النووية . الشيخ : أيهن ؟ الطالب : حديث عبد الله بن عمر ... الشيخ : طيب ويش يعني نقرأ الأربعين شرح الأربعين ؟ الطالب : جامع العلوم . الشيخ : جامع العلوم ؟ الطالب : ما نستطيع . الشيخ : نقرأه ثم نقرأ . بسم الله الرحمن الرحيم : قال -رحمهه الله تعالى- فيما نقله : " عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعضٍ، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ) إلى آخره. هذه كلها أخلاق فاضلة وآداب عالية ، حثَّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم بما سمعتم ، قال: ( لا تحاسدوا ) المعنى: لا يحسد بعضكم بعضاً، وليس المعنى لا تحاسدوا من الطرفين ، بل الحسد مذموم ولو من طرف واحد ، وليس بشرط أن يكون بين اثنين . وسبق لنا أن الحسد عرَّفه أكثر العلماء بأنه : " أن يتمنى زوال نعمة الله على غيره "، وعرفه شيخ الإسلام رحمه الله بأنه : " كراهة ما أنعم الله به على غيره " وهذا أعم وأقرب . ( ولا تناجشوا ) أي: لا ينجش بعضكم على بعض في البيع والشراء ، والمناجشة فسرها العلماء بأنها: أن يزيد في السلعة أي: في ثمنها وهو لا يريد شراءها، وإنما يريد مضرة المشتري أو منفعة البائع أو الأمرين جميعاً، أما الأول: فأن ينظر إلى الذي سامها فإذا هو من أعدائه ، سامها بمائة فقال هذا الرجل: أنا أشتريها بمائة وعشرة هذا نجش لأي شيء ؟ الطالب : ليضر المشتري . الشيخ : للإضرار بالمشتري. الصورة الثانية: صاحبه يريد أن يبيع شيئاً فعرضه في المزايدة فزاد في ثمنه وهو لا يريد شراءه لكن يريد إيش؟ منفعة البائع. الصورة الثالثة: مركبة من الأمرين : أن يكون السائم عدواً له، والبائع صديقاً له فينجش من أجل إيش؟ من أجل الأمرين منفعة البائع، ومضرة المشتري. هناك شيء رابع ولكنه قليل الوقوع وهو: أن يزيد في السلعة ليزداد الثمن له، وذلك فيما إذا كان هو صاحب السلعة أو هو شريك فيها، فتُعرض للبيع في المزايدة ويزيد وهو صاحب السلعة لماذا يزيد؟ علشان منفعة نفسه، وإذا قيل: لماذا تزيد والسلعة لك؟ قال: إني موكل، ومعلوم أن الوكيل له أن يزيد ، وهو في قوله موكل: كاذب. أو تكون السلعة مشتركة بينه وبين غيره له نصفها ولآخر نصفها، فيزيد من أجل زيادة سهمه . أما لو كان يزيد في السلعة المشتركة لأنه يريد شراءها حقيقة ، فهذا لا بأس به، طيب إذن المناجشة ما هي؟ أن يزيد في السلعة ولا يريد شراءها. ( ولا تباغضوا ) : أي لا يبغض بعضكم بعضاً، والغالب أن البغضاء متبادلة كالمحبة ، بمعنى أنك إذا كنت تبغض شخصاً فهو يبغضك، ولهذا مِن الأمثال المضروبة السائرة : القلوب شواهد ، ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في رجز : " وللقلب على القلب *** دليل حين يلقاه " . ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة مغيث وبريرة ، قال لأصحابه: ( ألا تعجبون من حب مغيث لبريرة ، وبغض بريرة لمغيث ) ويش بريرة هذه ؟ بريرة أَمَة عَتَقت فصارت حرة ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنت الآن بالخيار ، إن شئت أن تبقي مع زوجك فهو زوجك وإن شئت أن تفسخي النكاح فالأمر إليكي ، فقالت: أريد فسخ النكاح ) هي لا تريد زوجها ، ففسخ النبي صلى الله عليه وسلم نكاحها ، فتأثر لذلك زوجها تأثراً شديداً حتى جعل يلحقها في أسواق المدينة يبكي من شدة محبته لها ، وهي رضي الله عنها تبغضه بغضاً شديداً ، ولم ترحمه ، وهو يلاحقها يبكي ، فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع إليها ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم سَمحاً حسن الأخلاق ، فشفع لهذا الرجل إلى امرأته قال: ( ارجعي إليه، قالت: يا رسول الله: إن كنتَ تأمرني فسمعاً وطاعةً ) : الله أكبر الإيمان تقدم أمر الله ورسوله، ( وإن كنت تشير فلا حاجة لي فيه ، فقال: بل أنا مشير فقالت: لا حاجة لي فيه ) : والمقصود من سياق هذا أن الرسول قال: ( ألا تعجبون مِن حب مغيث لبريرة وبغض بريرة لمغيث )، والغالب أن القلوب تتبادل البغضاء والمحبة . ( ولا تدابروا ) أي: لا يولي أحدكم أخاه دبره وهذا يشمل التدابر المعنوي والتدابر الحسي. التدابر المعنوي: أن تختلف وجهات النظر ، وأن يبتعد كل واحد عن الآخر ، وأن يفسقه ويضلله ويبدعه وما أشبه ذلك هذا تدابر، والذي ينبغي من المسلمين أن تكون وجهتهم واحدة ، وأنه إذا خالف أحد في الرأي حاولوا أن يجذبوه إليهم ، فإن أبى فإنه لا يضر ، يجب ألا يؤثر في اتجاه بعضهم إلى بعض. أما التدابر الحسي فمعناه : أن كل واحد يولي الآخر دبره، يعني مثلاً : جلسوا هذا بنصف الحلقة وذا وراه والثالث بينهما والرابع يتقدم ويتأخر ، ولهذا وصف الله تعالى أهل الجنة بأنهم : (( على سرر متقابلين ))، لا يتدابرون ، فالتدابر هذا منهي عنه. وعندي وإن كنت لا أجزم به كثيراً : أن منه ما يفعله بعض الناس الآن إذا انتهى من الصلاة وسلم تقدم على الصف فاستدبر إخوانه، ثم إنك تشعر بأن هذا الذي تقدم تشعر بأنه يعني يرى في نفسه شيئاً من الزهو، ولذلك جلس تشاهدون؟ الطالب : نعم . الشيخ : هذه الجلسة يعني تدل على أن الإنسان عنده شيء من الغرور، وإن كنا لا نتهم أحداً بما في قلبه، والعلم عند الله، القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب، لكن لماذا؟ بعض الناس يقول والله تعبت رجلي والصف متراص؟ نقول : الحمد لله الأمر واسع قم إلى مؤخر المسجد أو مقدم المسجد واجلس كيف شئت ، أما أن تتقدم شبراً أو نحوه وتولي إخوانك ظهرك فهذا ثقيل عليهم، ولهذا بعض الناس شكا إليّ هذا الأمر ، قال: أنا أتضايق من هذا إذا صلى جنبي وتقدم عليَّ أتضايق منه نعم . إذن التدابر ينقسم إلى قسمين : حسي ومعنوي طيب. ( ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ) : هذا أيضاً من الآداب ألا يبيع الإنسان على بيع أخيه ، بأن يقول لمن اشترى شيئاً بعشرة: أنا أعطيك مثله بتسعة، أفهمتم ؟ إنسان اشترى هذه بعشرة ، فذهب واحد من الناس وقال: أنا أعطيك مثلها بتسعة ، أو أعطيك أحسن منها بعشرة ، فإن قال: أنا أعطيك مثلها بعشرة هل هو بيع على بيعه ؟ الطالب : نعم . الشيخ : ليش؟ الطالب : ... الشيخ : لأن الأول ما هو براح يردها على صاحبها ويأتي إليك زيادة تكلف، لكنه لا يكون بيعاً على بيع إلا إذا كان أنقص ثمناً أو كانت السلعة أجود صفة، هذا حرام . وظاهر الحديث أنه لا يبيع على بيع أخيه سواء كان بعد لزوم البيع أو قبل لزوم البيع. بمعنى أنه لا فرق بين أن يكون في مدة الخيار أو بعد لزوم البيع. أما إذا كان في مدة الخيار فالتحريم ظاهر يعني مثال ذلك : اشترى سلعة بمائة ريال، وجعل الخيار له لمدة يومين، فذهب إنسان إلى المشتري وقال: أنا أعطيك مثلها بتسعة أو خيراً منها بعشرة، هذا واضح أنه حرام، لماذا؟ لأن المشتري سوف يفسخ البيع على طول، يذهب إلى البائع ويقول له: خلاص هونت . لكن إذا كان بعد زمن الخيار يعني: بعد لزوم البيع حيث لا خيار، فهل يحرم البيع على بيع أخيه؟ قال بعض العلماء: إنه لا يحرم ، لأنه لو أراد أن يفسخ البيع لم يتمكن ، ولكن الصحيح أنه عام، والضرر من البيع على بيع أخيه بعد لزوم البيع هو أنه يقع في قلب المشتري حسرة وندم، وهذا قد يولد في قلبه بغضاً للبائع، ويقول: غلبني خدعني ، نعم ، ثم ربما يحاول أن يجد عيباً في السلعة ليردها على صاحبها ، لذلك القول الراجح في هذه المسألة : أنه يحرم البيع على بيعه سواء كان بعد لزوم البيع أو قبل لزوم البيع. طيب وهل الشراء على شرائه مثله ؟ الطالب : نعم. الشيخ : نعم ، مثله ، مثل أن يذهب إلى شخص باع سلعة بعشرة ويقول: بعتها بعشرة؟ قال: نعم، مغلوب: أنا أعطيك خمسة عشر، هذا حرام ولا لا ؟ الطالب : نعم . الشيخ : حرام، ليش؟ لأن هذا البائع إن كان قبل لزوم البيع سيذهب فوراً ويفسخ البيع، وإن كان بعد لزومه فسيقع في قلبه شيء على المشتري ويقول: خدعني غلبني، ويحاول أن إيش؟ أن يردها، هل مثله الإجارة على إجارته؟ الطالب : نعم . الشيخ : نعم، وهل مثله الخطبة على خطبته ؟ الطالب : نعم . الشيخ : نعم ، وهذا أيضاً جاء في الحديث : ( لا يخطب على خطبة أخيه ) : مثاله سمع أن فلاناً خطب امرأة فذهب إلى المرأة أو إلى وليها وخطبها، منه، وهو يعلم أنه إذا خطب سوف يزوجونه دون الأول، فهنا حرام لا يجوز. طيب فإن خطب وهو دون الأول مقاماً وشباباً ومالاً فهل يحرم؟ الطالب : نعم الحديث عام. الشيخ : هو يعرف أنهم ما مزوجينه ، الخاطب الأول رجل شاب وغني مهذب والثاني شيخ كبير فقير هل يحرم أو لا يحرم ؟ الطالب : يحرم . الشيخ : يحرم؟ الطالب : نعم. الشيخ : حتى وإن كنا نعلم أنهم لن يقبلوه؟ الطالب : نعم . الشيخ : لماذا قلتم في مسألة البيع والشراء لا بد أن يكون يزيد أو يعطي مثلاً سلعة أحق بالثمن أو بزيادة الثمن ، ألستم قلتم هكذا ؟ الطالب : بلى . الشيخ : يعني قلنا لكم لو ذهب إلى المشتري أو البائع وقال أعطيك مثل هذه السلعة أو أشتري مثل هذه السلعة بعشرة بمثل ما باع ، قلتم لنا أنتم أنه لا بأس به ، قلتم : لا بأس به طيب ، هذا إذا كان يعلم أنهم لن يعدلوا عن خطبة الأول ، نعم أجيببوا يا جماعة ؟ الطالب : هذا يقع في النهي . الشيخ : حتى هذا وقع في النهي إذا باع على بيع أخيه الثمن واحد وقع في النهي . الطالب : ... الشيخ : كيف اشتريت ، هذا رجل باع سلعة بعشرة ، فجاءه إنسان وقال : أشتريها منك بإحدى عشر هذا شراء على شراء ، باعها بعشرة فجاءه إنسان قال أنا أشتريها بعشرة ؟ الطالب : يحرم . الشيخ : لا أنتم قلتم لا يحرم ، قلتم لا يحرم . الطالب : شيخ أما البيع فلا يحرم ، لأنه يمكن للمشتري أن يشتري أكثر من سلعة والبائع كذلك ، يمكن أكثر من سلعة ، أما الزواج فليس . الشيخ : لا ، يمكن النساء كثير ، النساء كثير . الطالب : ما يمكن أن تأخذ اثنين . الشيخ : لا ما يمكن تأخذ اثنين ، والسلع ما يمكن تقسم على اثنين . الطالب : ... الشيخ : على كل حال المسألة إن أخذنا بالظاهر قلنا: حرام ، اصبر أنت حتى تشوف ، ولو شاف أنهم يزوجون إذا كن كفء ، وإن أخذنا بالمعنى قلنا : خطبة هذا الرجل لا تؤثر شيئاً على الأول ، إلا إذا علمنا أنها قد تؤثر يعني غلب على ظننا أنها قد تؤثر، لأن بعض النساء ترغب مثلاً الرجل الكبير أو الرجل المعوَّق ابتغاء وجه الله ، تتزوج إنساناً معوقاً تقول: لأني أعرف أنه لو خطب ما أجيب ، وأنا أريد أن أتزوجه رحمة به هذا ممكن، على كل حال نقول: السلامة أسلم ، وألا تخطب على خطبة أخيك. ومتى تجوز الخطبة؟ نقول: تجوز إذا رُد الخاطب الأول، هذه واحدة، يعني: علم أن فلاناً خطب وردوه فله أن يخطب، فلا يقال: لا تخطب، لأنه ربما أعاد الخطبة مرة ثانية، لأن بعض الناس إذا خطب ورُد وبقي شهر شهرين رجع وخطب مرة ثانية، فإذا علمت أنه رُد فلا بأس أن تخطب، كذلك إذا أذن الأول الخاطب، بمعنى أنك علمت أن فلاناً خطب المرأة فذهبت إليه وقلت: أريد منك أن تتنازل لأني أريدها، فتنازلت فيجوز، ما لم تعلم أنه تنازل حياءً أو خجلاً، فإن علمت ذلك فلا تقدم على الخطبة، لأن هذا الإذن ليس عن رضا. يقول عليه الصلاة والسلام : ( وكونوا عباد الله إخواناً ) : كونوا فعل أمر . عباد :
الشيخ : نعم . السائل : حكم شيخ بارك الله فيك ، لبس ساعة مطلية بالذهب ؟ الشيخ : لبس ؟ السائل : المطلية بماء الذهب . الطالب : ساعة . السائل : هذا فيه شبهة أم حرام أم له ذلك ؟ الشيخ : أما بالنسبة للرجل فهي حرام ، لا يحل له أن يلبس شيئاً مطلياً بالذهب إلا إذا كان مجرد لون ، مجرد لون فقط ولا فيه شيء محسوس ، فهذا جائز لكن مع هذا لا نحبذ أن يلبسها لسببين : السبب الأول : أنه يقتدى به . والسبب الثاني أنه يساء الظن به عند أهل الخير ، ويقال : هذا لا يخاف الله يلبس ساعة الذهب ، والحمد لله في غير هذا اللون من الألون ما هو أحسن .
ما هو الضابط الصحيح في الاعتداء على من اعتدى عليه أول مرة ؟
الشيخ : نعم ؟ السائل : شيخ من المعلوم أن الشرع ينهى أن يعاقب المظلوم ظالمه بخلاف الشرع ، لكن بعض الأحيان نجد مثلاً أنه يبيح مثل ذلك في حدود وهي : من سبه شخص يجوز له أن يسبه رغم أن السب منهي عنه شرعاً ، فما الضابط بأن ما يبيحه الشرع من هذه الأمور ؟ الشيخ : الضابط قوله تعالى: (( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )) ، إلا إذا كان شيئاً محرماً بعينه ، كإنسان أكرهه شخص فتلوط به ، فلا نقول لمن فعل به ذلك إذا تمكنت من أنت تتلوط بالفاعل بك فافعل ، ما نقول هذا . الطالب : انتهى الوقت شيخ .
رجل اعتمر ثم طلع من مكة مباشرة إلى جدة ثم رجع إلى مكة فهل يلزمه الإحرام ؟
السائل : رجل يا شيخ اعتمر ثم خرج من مكة مباشرة إلى جدة، ثم رجع إلى مكة هل يطوف طواف الوداع ؟ الشيخ : بنية إيش؟ خرج مباشرة إلى جدة بنية السفر ثم طرأ عليه أن يرجع ، هذا ما عليه وداع. السائل : لو كان شيخ ، ذهب لجدة وفي نيته أن يسافر ؟ الشيخ : عليه وداع إذا أراد أن يسافر من مكة . الطالب : انتهى الوقت . الشيخ : انتهى الوقت ، طيب ، إذا نأخذ درس جديد . ويش وقفنا على الباب ؟ الطالب : أتدرون ما الغيبة . الشيخ : نعم ؟ الطالب : أتدرون ما الغيبة . الشيخ : كيف ؟ الطالب : أتدرون ما الغيبة . طالب آخر : هذا جديد . الشيخ : باب جديد عشان نتناقش . الطالب : نصبر ويوزع إن شاء الله . الشيخ : طيب . الطالب : شيخ بعد سنوات ... الشيخ : لا لا ، معروف أنه مماطل لكنه مماطل بحق إذا طلع منه الشريط طلع ما شاء الله مضبوط . الطالب : شيخ الحديث موجود في الأربعين النووية . الشيخ : أيهن ؟ الطالب : حديث عبد الله بن عمر ... الشيخ : طيب ويش يعني نقرأ الأربعين شرح الأربعين ؟ الطالب : جامع العلوم . الشيخ : جامع العلوم ؟ الطالب : ما نستطيع . الشيخ : نقرأه ثم نقرأ .
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا" ويشير إلى صدره ثلاث مرات: )بحسب امرىءٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرامٌ: دمه وماله وعرضه" أخرجه مسلمٌ.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال -رحمهه الله تعالى- فيما نقله : " عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعضٍ، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ) إلى آخره. هذه كلها أخلاق فاضلة وآداب عالية ، حثَّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم بما سمعتم ، قال: ( لا تحاسدوا ) المعنى: لا يحسد بعضكم بعضاً، وليس المعنى لا تحاسدوا من الطرفين ، بل الحسد مذموم ولو من طرف واحد ، وليس بشرط أن يكون بين اثنين . وسبق لنا أن الحسد عرَّفه أكثر العلماء بأنه : " أن يتمنى زوال نعمة الله على غيره "، وعرفه شيخ الإسلام رحمه الله بأنه : " كراهة ما أنعم الله به على غيره " وهذا أعم وأقرب . ( ولا تناجشوا ) أي: لا ينجش بعضكم على بعض في البيع والشراء ، والمناجشة فسرها العلماء بأنها: أن يزيد في السلعة أي: في ثمنها وهو لا يريد شراءها، وإنما يريد مضرة المشتري أو منفعة البائع أو الأمرين جميعاً، أما الأول: فأن ينظر إلى الذي سامها فإذا هو من أعدائه ، سامها بمائة فقال هذا الرجل: أنا أشتريها بمائة وعشرة هذا نجش لأي شيء ؟ الطالب : ليضر المشتري . الشيخ : للإضرار بالمشتري. الصورة الثانية: صاحبه يريد أن يبيع شيئاً فعرضه في المزايدة فزاد في ثمنه وهو لا يريد شراءه لكن يريد إيش؟ منفعة البائع. الصورة الثالثة: مركبة من الأمرين : أن يكون السائم عدواً له، والبائع صديقاً له فينجش من أجل إيش؟ من أجل الأمرين منفعة البائع، ومضرة المشتري. هناك شيء رابع ولكنه قليل الوقوع وهو: أن يزيد في السلعة ليزداد الثمن له، وذلك فيما إذا كان هو صاحب السلعة أو هو شريك فيها، فتُعرض للبيع في المزايدة ويزيد وهو صاحب السلعة لماذا يزيد؟ علشان منفعة نفسه، وإذا قيل: لماذا تزيد والسلعة لك؟ قال: إني موكل، ومعلوم أن الوكيل له أن يزيد ، وهو في قوله موكل: كاذب. أو تكون السلعة مشتركة بينه وبين غيره له نصفها ولآخر نصفها، فيزيد من أجل زيادة سهمه . أما لو كان يزيد في السلعة المشتركة لأنه يريد شراءها حقيقة ، فهذا لا بأس به، طيب إذن المناجشة ما هي؟ أن يزيد في السلعة ولا يريد شراءها. ( ولا تباغضوا ) : أي لا يبغض بعضكم بعضاً، والغالب أن البغضاء متبادلة كالمحبة ، بمعنى أنك إذا كنت تبغض شخصاً فهو يبغضك، ولهذا مِن الأمثال المضروبة السائرة : القلوب شواهد ، ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في رجز : " وللقلب على القلب *** دليل حين يلقاه " . ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة مغيث وبريرة ، قال لأصحابه: ( ألا تعجبون من حب مغيث لبريرة ، وبغض بريرة لمغيث ) ويش بريرة هذه ؟ بريرة أَمَة عَتَقت فصارت حرة ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنت الآن بالخيار ، إن شئت أن تبقي مع زوجك فهو زوجك وإن شئت أن تفسخي النكاح فالأمر إليكي ، فقالت: أريد فسخ النكاح ) هي لا تريد زوجها ، ففسخ النبي صلى الله عليه وسلم نكاحها ، فتأثر لذلك زوجها تأثراً شديداً حتى جعل يلحقها في أسواق المدينة يبكي من شدة محبته لها ، وهي رضي الله عنها تبغضه بغضاً شديداً ، ولم ترحمه ، وهو يلاحقها يبكي ، فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع إليها ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم سَمحاً حسن الأخلاق ، فشفع لهذا الرجل إلى امرأته قال: ( ارجعي إليه، قالت: يا رسول الله: إن كنتَ تأمرني فسمعاً وطاعةً ) : الله أكبر الإيمان تقدم أمر الله ورسوله، ( وإن كنت تشير فلا حاجة لي فيه ، فقال: بل أنا مشير فقالت: لا حاجة لي فيه ) : والمقصود من سياق هذا أن الرسول قال: ( ألا تعجبون مِن حب مغيث لبريرة وبغض بريرة لمغيث )، والغالب أن القلوب تتبادل البغضاء والمحبة . ( ولا تدابروا ) أي: لا يولي أحدكم أخاه دبره وهذا يشمل التدابر المعنوي والتدابر الحسي. التدابر المعنوي: أن تختلف وجهات النظر ، وأن يبتعد كل واحد عن الآخر ، وأن يفسقه ويضلله ويبدعه وما أشبه ذلك هذا تدابر، والذي ينبغي من المسلمين أن تكون وجهتهم واحدة ، وأنه إذا خالف أحد في الرأي حاولوا أن يجذبوه إليهم ، فإن أبى فإنه لا يضر ، يجب ألا يؤثر في اتجاه بعضهم إلى بعض. أما التدابر الحسي فمعناه : أن كل واحد يولي الآخر دبره، يعني مثلاً : جلسوا هذا بنصف الحلقة وذا وراه والثالث بينهما والرابع يتقدم ويتأخر ، ولهذا وصف الله تعالى أهل الجنة بأنهم : (( على سرر متقابلين ))، لا يتدابرون ، فالتدابر هذا منهي عنه. وعندي وإن كنت لا أجزم به كثيراً : أن منه ما يفعله بعض الناس الآن إذا انتهى من الصلاة وسلم تقدم على الصف فاستدبر إخوانه، ثم إنك تشعر بأن هذا الذي تقدم تشعر بأنه يعني يرى في نفسه شيئاً من الزهو، ولذلك جلس تشاهدون؟ الطالب : نعم . الشيخ : هذه الجلسة يعني تدل على أن الإنسان عنده شيء من الغرور، وإن كنا لا نتهم أحداً بما في قلبه، والعلم عند الله، القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب، لكن لماذا؟ بعض الناس يقول والله تعبت رجلي والصف متراص؟ نقول : الحمد لله الأمر واسع قم إلى مؤخر المسجد أو مقدم المسجد واجلس كيف شئت ، أما أن تتقدم شبراً أو نحوه وتولي إخوانك ظهرك فهذا ثقيل عليهم، ولهذا بعض الناس شكا إليّ هذا الأمر ، قال: أنا أتضايق من هذا إذا صلى جنبي وتقدم عليَّ أتضايق منه نعم . إذن التدابر ينقسم إلى قسمين : حسي ومعنوي طيب. ( ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ) : هذا أيضاً من الآداب ألا يبيع الإنسان على بيع أخيه ، بأن يقول لمن اشترى شيئاً بعشرة: أنا أعطيك مثله بتسعة، أفهمتم ؟ إنسان اشترى هذه بعشرة ، فذهب واحد من الناس وقال: أنا أعطيك مثلها بتسعة ، أو أعطيك أحسن منها بعشرة ، فإن قال: أنا أعطيك مثلها بعشرة هل هو بيع على بيعه ؟ الطالب : نعم . الشيخ : ليش؟ الطالب : ... الشيخ : لأن الأول ما هو براح يردها على صاحبها ويأتي إليك زيادة تكلف، لكنه لا يكون بيعاً على بيع إلا إذا كان أنقص ثمناً أو كانت السلعة أجود صفة، هذا حرام . وظاهر الحديث أنه لا يبيع على بيع أخيه سواء كان بعد لزوم البيع أو قبل لزوم البيع. بمعنى أنه لا فرق بين أن يكون في مدة الخيار أو بعد لزوم البيع. أما إذا كان في مدة الخيار فالتحريم ظاهر يعني مثال ذلك : اشترى سلعة بمائة ريال، وجعل الخيار له لمدة يومين، فذهب إنسان إلى المشتري وقال: أنا أعطيك مثلها بتسعة أو خيراً منها بعشرة، هذا واضح أنه حرام، لماذا؟ لأن المشتري سوف يفسخ البيع على طول، يذهب إلى البائع ويقول له: خلاص هونت . لكن إذا كان بعد زمن الخيار يعني: بعد لزوم البيع حيث لا خيار، فهل يحرم البيع على بيع أخيه؟ قال بعض العلماء: إنه لا يحرم ، لأنه لو أراد أن يفسخ البيع لم يتمكن ، ولكن الصحيح أنه عام، والضرر من البيع على بيع أخيه بعد لزوم البيع هو أنه يقع في قلب المشتري حسرة وندم، وهذا قد يولد في قلبه بغضاً للبائع، ويقول: غلبني خدعني ، نعم ، ثم ربما يحاول أن يجد عيباً في السلعة ليردها على صاحبها ، لذلك القول الراجح في هذه المسألة : أنه يحرم البيع على بيعه سواء كان بعد لزوم البيع أو قبل لزوم البيع. طيب وهل الشراء على شرائه مثله ؟ الطالب : نعم. الشيخ : نعم ، مثله ، مثل أن يذهب إلى شخص باع سلعة بعشرة ويقول: بعتها بعشرة؟ قال: نعم، مغلوب: أنا أعطيك خمسة عشر، هذا حرام ولا لا ؟ الطالب : نعم . الشيخ : حرام، ليش؟ لأن هذا البائع إن كان قبل لزوم البيع سيذهب فوراً ويفسخ البيع، وإن كان بعد لزومه فسيقع في قلبه شيء على المشتري ويقول: خدعني غلبني، ويحاول أن إيش؟ أن يردها، هل مثله الإجارة على إجارته؟ الطالب : نعم . الشيخ : نعم، وهل مثله الخطبة على خطبته ؟ الطالب : نعم . الشيخ : نعم ، وهذا أيضاً جاء في الحديث : ( لا يخطب على خطبة أخيه ) : مثاله سمع أن فلاناً خطب امرأة فذهب إلى المرأة أو إلى وليها وخطبها، منه، وهو يعلم أنه إذا خطب سوف يزوجونه دون الأول، فهنا حرام لا يجوز. طيب فإن خطب وهو دون الأول مقاماً وشباباً ومالاً فهل يحرم؟ الطالب : نعم الحديث عام. الشيخ : هو يعرف أنهم ما مزوجينه ، الخاطب الأول رجل شاب وغني مهذب والثاني شيخ كبير فقير هل يحرم أو لا يحرم ؟ الطالب : يحرم . الشيخ : يحرم؟ الطالب : نعم. الشيخ : حتى وإن كنا نعلم أنهم لن يقبلوه؟ الطالب : نعم . الشيخ : لماذا قلتم في مسألة البيع والشراء لا بد أن يكون يزيد أو يعطي مثلاً سلعة أحق بالثمن أو بزيادة الثمن ، ألستم قلتم هكذا ؟ الطالب : بلى . الشيخ : يعني قلنا لكم لو ذهب إلى المشتري أو البائع وقال أعطيك مثل هذه السلعة أو أشتري مثل هذه السلعة بعشرة بمثل ما باع ، قلتم لنا أنتم أنه لا بأس به ، قلتم : لا بأس به طيب ، هذا إذا كان يعلم أنهم لن يعدلوا عن خطبة الأول ، نعم أجيببوا يا جماعة ؟ الطالب : هذا يقع في النهي . الشيخ : حتى هذا وقع في النهي إذا باع على بيع أخيه الثمن واحد وقع في النهي . الطالب : ... الشيخ : كيف اشتريت ، هذا رجل باع سلعة بعشرة ، فجاءه إنسان وقال : أشتريها منك بإحدى عشر هذا شراء على شراء ، باعها بعشرة فجاءه إنسان قال أنا أشتريها بعشرة ؟ الطالب : يحرم . الشيخ : لا أنتم قلتم لا يحرم ، قلتم لا يحرم . الطالب : شيخ أما البيع فلا يحرم ، لأنه يمكن للمشتري أن يشتري أكثر من سلعة والبائع كذلك ، يمكن أكثر من سلعة ، أما الزواج فليس . الشيخ : لا ، يمكن النساء كثير ، النساء كثير . الطالب : ما يمكن أن تأخذ اثنين . الشيخ : لا ما يمكن تأخذ اثنين ، والسلع ما يمكن تقسم على اثنين . الطالب : ... الشيخ : على كل حال المسألة إن أخذنا بالظاهر قلنا: حرام ، اصبر أنت حتى تشوف ، ولو شاف أنهم يزوجون إذا كن كفء ، وإن أخذنا بالمعنى قلنا : خطبة هذا الرجل لا تؤثر شيئاً على الأول ، إلا إذا علمنا أنها قد تؤثر يعني غلب على ظننا أنها قد تؤثر، لأن بعض النساء ترغب مثلاً الرجل الكبير أو الرجل المعوَّق ابتغاء وجه الله ، تتزوج إنساناً معوقاً تقول: لأني أعرف أنه لو خطب ما أجيب ، وأنا أريد أن أتزوجه رحمة به هذا ممكن، على كل حال نقول: السلامة أسلم ، وألا تخطب على خطبة أخيك. ومتى تجوز الخطبة؟ نقول: تجوز إذا رُد الخاطب الأول، هذه واحدة، يعني: علم أن فلاناً خطب وردوه فله أن يخطب، فلا يقال: لا تخطب، لأنه ربما أعاد الخطبة مرة ثانية، لأن بعض الناس إذا خطب ورُد وبقي شهر شهرين رجع وخطب مرة ثانية، فإذا علمت أنه رُد فلا بأس أن تخطب، كذلك إذا أذن الأول الخاطب، بمعنى أنك علمت أن فلاناً خطب المرأة فذهبت إليه وقلت: أريد منك أن تتنازل لأني أريدها، فتنازلت فيجوز، ما لم تعلم أنه تنازل حياءً أو خجلاً، فإن علمت ذلك فلا تقدم على الخطبة، لأن هذا الإذن ليس عن رضا. يقول عليه الصلاة والسلام : ( وكونوا عباد الله إخواناً ) : كونوا فعل أمر . عباد :