تحت باب الترغيب في مكارم الأخلاق
تتمة شرح حديث:( ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الحياء من الإيمان ) متفقٌ عليه ).
2 - تتمة شرح حديث:( ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الحياء من الإيمان ) متفقٌ عليه ). أستمع حفظ
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) أخرجه البخاري.
إن مما من هنا للتبعيض وما اسم موصول أي إن من الذي أدرك الناس وقوله الناس المراد به أهل الجاهلية إلى وقت البعثة هذه الكلمة العظيمة إذا لم تستح فاصنع ما شئت وقوله ( من كلام النبوة الأولى ) الأولى مؤنث أوّل فيكون ظاهر الحديث أن هذه الكلمة من أول النبوات أي أنها متوارثة من جميع الأنبياء ( إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) أو إذا لم تستح فاصنع الأمر هنا للإباحة أو للتهديد وذلك بناء على معنى قوله ( إذا لم تستح ) هل المعنى إذا لم يكن فيك حياء فاصنع ما شئت أو المعنى إذا لم تأت فعلا يستحيا منه فاصنع ما شئت انتبه الحديث يحتمل معنيين:
المعنى أنك إذا لم يكن بك حياء فإنك سوف تصنع ما شئت ولا تبالي
المعنى الثاني إذا أردت فعل شيء أو قول شيء لا يستحيا منه فإيش فافعله فعلى الأول يكون الأمر هنا للتوبيخ وإن شئت فقل إنه أمر بمعنى الخبر أي إذا لم يكن بك حياء صنعت ما شئت وعلى الثاني يكون الأمر للإباحة يعني إذا أردت أن تفعل فعلا لا يستحيا منه فاصنعه ولا تبالي وعلى كل حال فإنه يدل على فوائد نعم هو والحديث الذي قبله
3 - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) أخرجه البخاري. أستمع حفظ
فوائد حديث :( الحياء من الإيمان ).
أولا أن الإيمان له خصال خصال متعددة وجه ذلك ( من الإيمان ) ومن للتبعيض
ومن فوائده الحث على الحياء لكن ما لم يكن خورا أو جبنا
ومن فوائد ذلك أن الإيمان له آثار حميدة ومنها الحياء فإن الحياء خلق محمود عند كل الناس وهو من آثار إيش من آثار الإيمان
فوائد حديث : ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى ... ).
ومنها أن الكلمات المتوارثة إذا كانت حقا فإنه تنبغي العناية بها لأن إقرار الرسول عليه الصلاة والسلام إياها لا شك أنه من العناية بها
ومن فوائد الحديث الثاني أن الفعل إذا كان لا يستحيا منه فإنك تصنعه ولا تبالي ولكن هل هذا على إطلاقه أو يقال هو مباح ثم المباح قد يكون من الحسن أن يفعل وقد يكون من الحسن ألا يفعل حسب ما تقتضيه الحال الجواب بالثاني لأن المباح يا إخواننا المباح ليس معناه إنه مطلق بل قد يكون المباح واجب وقد يكون حراما وقد يكون مكروها وقد يكون مستحبا حسب ما يوصل إليه
ومن فوائد هذا الحديث أن الذي لا يستحي بناء على الوجه الثاني في المعنى أن الذي لا يستحي يصنع ما شاء ولا يبالي في الناس وهذا لا شك أنه ذم فيستفاد منه أنه ينبغي للإنسان مراعاة الناس وألا يفعل ما يستحيا منه بينهم أرأيت مد الرجل في المجالس هل هو مما يستحيا منه أو لا ؟
الطالب : نعم
الشيخ : مما يستحيا منه لاسيما في مجتمعنا المجتمع المسلم لو مد الإنسان رجله لقلنا هذا لا يستحي لأن الذي لا يستحي يصنع ما شاء ما عنده حياء طيب رجل يكلم الناس وهو معرض عنهم هذا أيضا لا يستحي وهذا الثاني فيه نوع من الكبر فالمهم أن هذا لا يحتاج إلى أمثلة لوضوحه
ومن فوائد هذا الحديث أن الأمر قد يأتي بمعنى الخبر على أحد الوجهين في التفسير تفسير الحديث وهو قوله ( فاصنع ما شئت ) قلنا معناه يعني ... والأمر يأتي بمعنى الخبر في اللغة العربية ومنه قوله تعالى (( وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم )) هذا ليس أمرا ولكنه خبر أي ونحن نحمل خطاياكم إلا أنه خبر مؤكد حيث جاء بصيغة الأمر
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خيرٌ، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل لو أني فعلت (كذا) كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان ) أخرجه مسلمٌ.
القوي في إيمانه أي في إيمانه في قلبه وكلما قوي الإيمان في القلب كثرت الأعمال الصالحة لأن الإيمان يحمل صاحبه على الهدى
( خير وأحب إلى الله ) خير من المؤمن الضعيف وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف فذكر في المؤمن القوي خصلتين عظيمتين الأولى أنه خير من ضده والثاني أنه أحب إلى الله عز وجل ( من المؤمن الضعيف ) في بدنه
الطالب : في إيمانه
الشيخ : في إيمانه الضعيف في إيمانه ولا شك أن الناس يختلفون في الإيمان قوة وضعفا
( وفي كل خير ) هذه الجملة احتراز فيها احتراز واحتراس لأنه لما قال ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) قد تهون قيمة المؤمن الضعيف عند الإنسان فقال ( وفي كل خير ) ولهذا نرى منها قوله تعالى (( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا )) فذكر هنا مفضلا ومفضلا عليه ربما يكون في النفوس أن المفضل عليه نازل المرتبة فقال بعد ذلك (( وكلا وعد الله الحسنى )) ومن ذلك قوله تعالى (( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين )) أتم (( ففهمناها سليمان )) أثنى على سليمان بأن الله فهمه الحكم الصحيح الموافق للصواب ثم قال (( وكلا آتينا حكما وعلما )) لأن هذه الاحتراز أو الاحتراس ضروري لأنه إذا قال فهمناها سليمان يعني وحجبناها عن داود فقد يكون في قلب الإنسان إيش تنقّص لداود عليه الصلاة والسلام فقال (( وكلا أتينا حكما وعلما )) هنا قال ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير ) لئلا يظن الظان أن المؤمن الضعيف لا قيمة له وقوله ( وفي كلٍ خير ) في كل من إيش في كل مؤمن، كل مؤمن ففيه الخير
( احرص على ما ينفعك ) احرص بكسر الراء وحرَص بفتح الراء وأظن فيها لغة لكنها قليلة حرِص لكن المشهور حرَص قال الله تعالى (( وما أكثر الناس ولو حرَصت بمؤمنين )) وقال تعالى (( إن تحرِص على هداهم )) فهنا فعل الأمر تبع المضارع وإلا تبع الماضي هل تبع الماضي أو المضارع
الطالب : المضارع
الشيخ : بحركة الراء
الطالب : المضارع
الشيخ : المضارع نعم لو تبع الماضي لقال احرَص وذلك لفائدة وضابط أن فعل الأمر فعل مضارع مجزوم حذف منه أداة الجزم وحرف المضارعة هذه القاعدة فعل الأمر فعل مجزوم فعل مضارع مجزوم حذف منه شيئان ماهو أداة الجزم وحرف المضارعة وهذا يفيدك فيما لو قلت صغ فعل أمر من نام ماذا تقول نَم وإلا نِم
الطالب : نَم
الشيخ : طيب طبقها على القاعدة تقول لم ينَم صح
الطالب : نعم
الشيخ : طيب احذف لم
الطالب : ينَم
الشيخ : حذفناها احذف الياء المضارعة تبقى نَم طيب كيف تصوغ فعل الأمر من خاف
الطالب : خف
الشيخ : خف لا
الطالب : ...
الشيخ : خف الله
الطالب : ...
الشيخ : خف الله يا رجل
الطالب : ...
الشيخ : خف
الطالب : خاف
الشيخ : ولا خاف إيه على القاعدة امشي على القاعدة تقول لم يخف الله احذف لم احذف الياء صارت خف طيب صغ فعل أمر من رأى
الطالب : رِ
الشيخ : رِ ري أحسن ري عشان الواحد يروى
الطالب : لا رأى
الشيخ : رَ رَ نعم ليش لأنك تقول لم يرَ احذف لم
الطالب : يرَ
الشيخ : احذف الياء رَ واضح طيب نعم صغ فعل أمر من وقى قِ لعل كل هذه ... خارج عن بنية الكلمة قِ ليش لأنك تقول في المضارع لم يقِ احذف لم وياء المضارعة تكون قِ هذا ضابط مفيد للإنسان لأنه أحيانا يقول الإنسان في فعل أمر من خاف خف خف يا فلان خف يا رجل نقول هذا غلط الصواب أن تقول خَف لأن فعل الأمر مضارع حذفت منه أداة الجزم وياء المضارعة طيب إذن نقول احرِص وإلا نقول احرَص لأن فعل الأمر مضارع
( على ما ينفعك ) ما ينفعك في أي شيء في الدين وفي الدنيا والأشياء ثلاثة نافع وضار وما لا نفع فيه ولا ضرر فما الذي يؤمر الإنسان بالحرص عليه هو النافع أما الضار فينهى عنه وأما ما لا نفع فيه ولا ضرر فلا يؤمر به وينظر ما نتيجته قد تكون خيرا وقد تكون شرا وقول النبي عليه الصلاة والسلام ( على ما ينفعك ) هذا نعم احرص على ما ينفعك هذا مما لك به قدرة الحرص ولكن هل تعتمد على نفسك لا ولهذا قال ( واستعن بالله ) واستعن بالله لا تعتمد على نفسك
" إذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأكثر ما يجني عليه اجتهاده "
" إذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأكثر ما يجني عليه اجتهاده "
استعن بالله مع الحرص فهنا الإنسان يبذل ماهو باستطاعته وهو الحرص ويفوض الأمر إلى الله فيما لا يستطيع وهو الاستعانة بالله
( ولا تعجز ) قوله ولا تعجز ليس المعنى ولا يكن فيك عجز لأن العجز ليس بقدرة الإنسان قد يمرض الإنسان ويعجز وقد يشق عليه الشيء ويعجز عنه لكن المراد لا تعجز أي لا تكسل فتفعل فعل العاجز لأن الإنسان إذا كسِل أو كسَل إيش تراخى عن الفعل وصار فعله فعل العاجز فأمر الرسول عليه الصلاة والسلام بثلاثة أمور الحرص والاستعانة وعدم الملل والكسل في قوله ( ولا تعجز ) طيب
( وإن أصابك شيء ) يعني بعد أن تبذل ما تستطيع بعد الحرص والاستعانة بالله والثبات على الأمر ( إن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا ) شف الإنسان يؤمر بالشيء ثم بعد أن يؤمر بالشيء يكل الأمر إلى الله إذا فعلت ما يلزمك من الحرص على النافع والاستعانة بالله والثبات على الأمر ثم أخلفت الأمور فهل تلام لا تلام حينئذ فوّض الأمر إلى الله أما أن تفوّض الأمر إلى الله بدون أن تفعل الأسباب فهذا لا شك أنه خطأ افعل الأسباب كلها ثم إذا كانت الأمور على خلاف ما تريد فقل فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا لا تقل هكذا لأن الله لو أراد ذلك إيش لفعلت ولكن الله لم يرد ولا يمكن تغيير ما كان عما كان أي لا يمكن رفعه ولكن يمكن مداواته ( ولكن قل قدر الله وما شاء فعل ) تربية نفسية عظيمة ورضا بالقدر ما فوقه شيء قل قدر الله قدر تروى بوجهين الأول بتشديد الدال وفتح القاف ويكون المعنى قدّر الله أي قل قدّر الله ذلك وليس بإرادتك وما شاء فعل
الوجه الثاني وهو أولى قدَر الله قدَر الله أي هذا قدر الله هذا الذي وقع قدَر الله وليس باختياري وما شاء فعل ما شاء هذه جملة شرطية فإن ما هنا اسم شرط وفعل الشرط شاء وجواب الشرط فعل أي أيّ شيء يشاؤه الله فلابد أن يفعله هذا لا شك الحديث فيه حث على مكارم الأخلاق وفيه فوائد
أولا أن الإيمان يتفاوت الإيمان
الطالب : ...
الشيخ : كيف
الطالب : ( فإن لو تفتح عمل الشيطان )
الشيخ : نعم
الطالب : ( فإن لو تفتح عمل الشيطان )
الشيخ : طيب ( فإن لو تفتح عمل الشيطان ) أي فإن قول الإنسان لو في الأمر المقدر تفتح عمل الشيطان فماهو عمل الشيطان، عمل الشيطان ما يحدثه في قلب الإنسان من التلوم والندم والحسرة وهي لا تفيد لأن ما وقع لا يمكن رفعه
6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خيرٌ، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل لو أني فعلت (كذا) كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان ) أخرجه مسلمٌ. أستمع حفظ
فوائد حديث :( المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ... ).
الفائدة الأولى أن الإيمان يتفاوت تؤخذ من قوله ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) نعم فإن قال الإنسان بماذا يتفاوت الإيمان قلنا يتفاوت لأسباب متعددة أولا يتفاوت باليقين يتفاوت باليقين فبعض الناس يكون إيمانه إيمان يقين كأنما يرى الجنة والنار واليوم الآخر بل قد قال الرسول عليه الصلاة والسلام ( أن تعبد الله كأنك ) إيش ( كأنك تراه ) وهذا أعلى ما يكون من درجات اليقين هذا من الأسباب طيب وهل لهذا أي زيادة اليقين دليل على أنه ربما يزداد وينقص نقول نعم فيه دليل من القرآن (( وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي )) أي ليزداد ثباتا هذا دليل من القرآن دليل من الواقع إذا أتاك رجل ثقة بخبر تثق بخبره لصدقه وأمانته وإدراكه الأمور على ماهي عليه أتاك بخبر صار عندك إيمان أتاك رجل آخر بنفس الخبر يزداد الإيمان وإلا لا؟ يزداد وكلما كثرت طرق الخبر ازداد الإنسان قوة هذه واحد
كذلك أيضا يقوى الإيمان بكثرة اللجوء إلى الله عز وجل أن يكون قلبك دائما متعلقا بالله إن ذكرت الله تذكره في قلبك قبل أن تذكره بلسانك إن تركت شيئا لله تذكر الله تعالى بقلبك قبل أن تتركه وهكذا يكون قلبك دائما مع الله حتى في لبس الثوب تذكر الله عز وجل أن الله أنعم به عليك ويسره لك وكذلك الأكل والشرب والنكاح والسكن كل ذلك اذكر الله عز وجل يزداد بذلك يقينك طيب ومنها أيضا مما يزيد اليقين العمل الصالح لقوله تعالى (( والذين اهتدوا )) إيش (( زادهم هدى وأتاهم تقواهم )) كلما كثر العمل الصالح ازداد الإيمان قوة ولهذا يقال إن الأعمال الصالحة بمنزلة الماء للشجرة كلما أكثرت من سقيها ازدادت إيش نموا وحياة
من فوائد هذا الحديث إثبات تفاضل الناس ماهو إثبات زيادة الإيمان أو نقصه إثبات تفاضل الناس حسب قوة إيمانهم تؤخذ من أين من قوله ( خير ) خير هذا عائد على المؤمن
ومن فوائد هذا الحديث إثبات محبة الله عز وجل أنه يحب لقوله ( أحب إلى الله )
ومن فوائده أيضا أن محبة الله تعالى تتفاوت بحسب أعمال العبد لأن الله علّق زيادة المحبة بقوة الإيمان
ومن فوائد هذا الحديث حسن التعبير في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم كما هو في كلام الله لقوله ( وفي كلٍ خير )
ومن فوائده أنه ينبغي للإنسان إذا أراد أن يفاضل بين شخصين وفي كل منهما خير أن يذكر الخير في الجميع حتى لا تهبط قيمة الآخر من قلوب الناس
ومن فوائد هذا الحديث إرشاد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الحرص على ما ينفع لقوله ( احرص على ما ينفعك ) وهو كما قلنا في الشرح شامل لما ينفع في الدين أو في الدنيا
ومن فوائد هذا الحديث أنه لا ينبغي للإنسان أن يحرص على ما لا نفع فيه كذا من أين تؤخذ من قوله ( على ما ينفعك ) يعني وأما ما لا ينفعك فلا تحرص عليه ولكن هل يجوز لك أن تمارسه أو لا؟ ينظر إن كان شيئا محرما فإنه لا يجوز وإن كان لغوا فإن الأولى حفظ النفس واللسان عنه
ومن فوائد هذا الحديث وجوب الاستعانة بالله عز وجل مع فعل الأسباب وجوب الاستعانة مع فعل الأسباب أين السبب ( احرص على ما ينفعك ) الاستعانة ( واستعن بالله ) .
ومن فوائده أن فعل الأسباب مقدّم على التوكل والاستعانة لأنه قال احرص واستعن فإن قال قائل لا نسلم هذه الفائدة لأن الواو لا تقتضي الترتيب قلنا نعم هي لا تقتضي الترتيب لكنها لا تنافي الترتيب ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى (( إن الصفا والمروة من شعائر الله )) قال حين دنا من الصفا ( أبدأ بما بدأ الله به )
المؤذن : الله أكبر
الشيخ : اللهم صل على محمد ... اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود ...
قررنا أن الفعل يتقدم على الاستعانة بالله لئلا يكون الإنسان متواكلا لا متكلا يعني لو قدّم الاستعانة بالله على شيء لم يفعله فإنه لا يستقيم ولكن يقال الأولى أن تكون الاستعانة مقارنة للفعل بمعنى أنه من حين أن يقوم بالفعل ينوي الاستعانة بالله لئلا يعجب بنفسه في أول الفعل فالاستعانة إذن إما أن تسبق أو تتأخر أو تقارن فأيها المطلوب المقارنة
ومن فوائد هذا الحديث أنك إذا حرصت على ما ينفعك فلا تستعن بغير الله انتبه صحيح الفائدة هذه نعم يقال إنك إذا استعنت بغير الله ففيه تفصيل إن كان لا تمكن الاستعانة به كما لو كان ميتا أو غائبا فهذا لا يجوز وهو من الشرك وإن كانت تمكن الاستعانة به فهذا يدخل في قوله ( احرص على ما ينفعك ) فيكون من السبب والاستعانة التي استعنت إنما هي لله عز وجل
ومن فوائد هذا الحديث النهي عن الكسل والفتور وهو يستلزم الثبات والاستمرار يؤخذ من قوله ( لا تعجز ) أي لا تفتر عن العمل وتترك العمل بل اثبت واستمر ولهذا قال الله عز وجل (( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ))
ومن فوائد هذا الحديث أن الإنسان إذا فعل ما يلزمه من الأسباب النافعة واستعان بالله ثم صار الأمر على خلاف ما أراد فهنا يجب عليه إيش التفويض المطلق وإلا فالواجب أن يفعل السبب فمثلا لو أن أناسا يقاتلون عدوا ونفذت أجهزة القتال معهم أو تكسرت فهنا ما بقي عليهم إلا التفويض إلى الله عز وجل يفوضون تماما لأنه ما يستطيعون أن يفعلوا أسباب أما مع إمكان فعل الأسباب فإن الواجب فعل السبب ولهذا نقول إن من الاستهتار أن يذهب إنسان ليقاتل بعصاه أو بسكين مطبخه أو ما أشبه ذلك مع أناس يقاتلونه في الدبابات والرشاشات ويقول أنا متوكل على الله هذا غلط نعم لو أنك حصرت ولم تستطع الفرار حينئذ قاتل ما استطعت بأي سلاح معك
ومن فوائد هذا الحديث النهي عن قول لو يعني إذا فعلت الأسباب ولكن ما حصل المقصود لا تقل لو وكما تعلمون الآن أن الحديث يدل على أن النهي عن قول لو إنما هو في هذه الصورة المعينة وهي أن إنسان حرص على ما ينفع وبذل الأسباب واستعان بالله ثم أخلفت الأمور فهنا لا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا مثال ذلك رجل سافر إلى مكة لأداء عمرة واستعان بالله عز وجل ثم أصيب بحادث في أثناء الطريق فهل له أن يقول لو أني ما سافرت لسلمت لا لأن الرجل ما ذهب ليصاب بالحادث ذهب لفعل ينفعه مستعينا بربه مستمرا على ما أراد فحصل الأمر على خلاف مراده فحينئذ يفوّض الأمر إلى الله ولا يقول لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا وأما استعمال لو من حيث هو ففيه تفصيل إن استعملت لمجرّد الخبر فهي جائزة وليس فيها شيء مثل أن تقول لصاحبك لو جئتني لأكرمتك هذا ما فيه شيء خبر خبر محض ومنه قول الرسول عليه الصلاة والسلام ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي )
الثاني أن يقولها أي لو للتمني فهذا على حسب ما تمناه مثل أن يقول لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمله فهذا الذي تمنى إن كان خيرا فهو خير فقول لو خير وإن كان شرا فقول لو شر
الثالث أن يقولها على سبيل التحسر والندم فهذه منهي عنها كما في هذا الحديث ثم قال ( ولكن قل قدر الله وما شاء فعل ) يستفاد من هذا الحديث أن قدر الله تبارك وتعالى فوق كل الأسباب وأنها قد تأتي الأسباب تامة ولكن قدر الله يحول بينها وبين مسبباتها لقوله ( ولكن قل قدر الله )
ومن فوائد هذا الحديث إثبات القدر وأنه سابق لإرادات كل مريد لقوله ( ولكن قل قدر الله ) وهل القول هنا باللسان أو باللسان والقلب باللسان والقلب نعم
ومن فوائد هذا الحديث إثبات المشيئة لله عز وجل وإثبات الفعل لقوله ( وما شاء فعل ) وإثبات الفعل لله عز وجل هو الذي عليه أهل السنة والجماعة يثبتون لله الأفعال الاختيارية ويقولون إن الله يفعل ما يشاء أي شيء شاءه فإن الله تعالى يفعله والذين ينكرون الأفعال الاختيارية يقولون لو قام بالرب فعل لكان حادثا لأن الفعل حادث والحادث لا يقوم إلا بحادث فيقال من قال لكم هذا بل قيام الأفعال بالله عز وجل تدل على إيش على كماله وأنه يفعل ما يريد يخلق ويرزق ويحي ويميت ويعز ويذل ولكن قل قدر الله وما شاء الله فعل نعم
ومن فوائد هذا الحديث أن الشيطان قد يسلط على الإنسان لقوله ( فإن لو تفتح عمل الشيطان ) ولا شك أن الشيطان يسلط على المرء في إدخال الأحزان عليه وإدخال التحسر عليه وتشتيته في أمور لا أصل لها وتخيله أمورا لا حقيقة لها كل ذلك من أجل إدخال الحزن على الإنسان وإلى هذا يشير قوله تعالى (( إنما النجوى من الشيطان )) إيش (( ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله )) ومنه الحلم في المنام قد يري الشيطان الإنسان حلما يكدره وينغص عليه حياته ويأتيه التعبير من كل وجه يقدره في نفسه وكل هذا من الشيطان
ومن فوائد هذا الحديث بيان شدة عداوة الشيطان للإنسان حيث يفتح عليه باب اللوم
وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحدٌ على أحدٍ ولا يفخر أحدٌ على أحدً ) أخرجه مسلمٌ.
( إن الله أوحى إليّ ) الوحي في اللغة الإعلام وفي الشرع هو إعلام بشرع يوحيه الله عز وجل إلى نبي من الأنبياء أو إلى رسول من الرسل وقد يكون إلهاما كقوله تعالى (( وأوحى ربك إلى النحل )) وكقوله تعالى (( وأوحينا إلى أم موسى )) فإن هذا ليس الوحي المراد بمثل هذا الحديث بل هذا وحي إلهام ( إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا ) في أي آية مثل هذا في القرآن نعم
الطالب : (( يا أيها الناس إنما خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ))
الشيخ : من ذكر وأنثى
الطالب : (( من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم ))
الشيخ : ما وجه ذلك
الطالب : ...
الشيخ : يعني أن اختلاف القبائل والشعوب إنما هو للتعارف لا للتفاخر
الطالب : مثل قوله تعالى (( ولا تمش في الأرض مرحا ))
الشيخ : نعم (( ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا )) لا تصعر خدك للناس هذا هو التواضع طيب
وقوله ( حتى لا يبغي أحد على أحد ) هذا أيضا النهي عن البغي موجود في القرآن كما في قول الله تبارك وتعالى (( إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق )) وقال تعالى (( قل إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير حق )) والبغي بغير حق
وقد يقول قائل إن الله أوحى إليّ هذا الحديث نفسه فيكون هذا من الأحاديث التي أوحاها الله تعالى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وحيا خاصا
وقوله ( حتى لا يبغي أحد على أحد ) يعني لا يعتدي عليه وهذا اعتداء بالفعل ( ولا يفخر أحد على أحد ) هذا اعتداء بالقول فيكون أنا خير منك أنت ليس فيك خير أنت من الحمولة القبيلة الفلانية وما أشبهها
8 - وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحدٌ على أحدٍ ولا يفخر أحدٌ على أحدً ) أخرجه مسلمٌ. أستمع حفظ
فوائد حديث :( إن الله أوحى إلي أن تواضعوا ... ).
الحث على التواضع وهو من الخلق الحسن وفيها أيضا النهي عن البغي والنهي عن الفخر
ومن فوائد هذا الحديث إثبات الوحي للرسول عليه الصلاة والسلام من الله لقوله ( إن الله أوحى إلي ) وهذا أمر لا إشكال فيه لكن نريد أن نأخذ الفائدة
ومن فوائد هذا الحديث العناية بما تضمنه من الأخلاق لأن كون الرسول يعبّر بهذا التعبير مع أنه ليس من عادته يدل على العناية بهذا الخلق الحميد
فإن قال قائل إذا كان التواضع يخشى منه الإنسان أن يذل نفسه قلنا هذا من إيحاء الشيطان لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من تواضع لله رفعه ) فإن قال قائل رجل مبتدع يجادلني هل أتواضع له في المجادلة أم أشعره بأني فوقه في ذلك الجواب بالثاني لأنه لا يمكن أن تقضي عليه إلا إذا شعرت أنك أقوى منه فإذا شعرت أنك أقوى منه حينئذ تغلبه
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من رد عن عرض أخيه بالغيب رد الله عن وجهه النار يوم القيامة )أخرجه الترمذي وحسنه. ولأحمد من حديث أسماء بنت يزيد نحوه.
قوله ( من رد عن عرض أخيه ) أي سمع شخصا يغتاب أخاه فرد عن عرضه لكن بحق بأن يقول إن فلانا لم يقل كذا وأن هذا كذب عليه وما أشبه ذلك فإن الله تعالى يرد عن وجهه النار يوم القيامة جزاء وفاقا
10 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من رد عن عرض أخيه بالغيب رد الله عن وجهه النار يوم القيامة )أخرجه الترمذي وحسنه. ولأحمد من حديث أسماء بنت يزيد نحوه. أستمع حفظ
فوائد حديث :( من رد عن عرض أخيه بالغيب رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ).
ومن فوائد هذا الحديث أن الرد المحمود إذا كان بالغيب أي في حال غيبة أخيك أما في حال حضوره فإنه لا ينال هذا الثواب لماذا لأنه قد يرد عن عرض أخيه رياء ومنة على هذا الشخص لكن إذا كان في غيبته دل ذلك على أن الرجل كان سليما
طيب فإذا قال قائل إذا أراد شخص أن ينتهك عرض أخيك مع حضوره فهل يجب عليك أن ترد عنه فالجواب نعم يجب لأن هذا من باب إعانة المسلم على من يريد إذلاله واحتقاره
ومن فوائد هذا الحديث أن الجزاء من جنس العمل لأن هذا رد عن عرض أخيه فرد الله عن وجهه النار يوم القيامة
ومن فوائد هذا الحديث إثبات النار وإثبات يوم القيامة
وعن أبي هريرة رضي الله عنه طيب يقول ولأحمد من حديث أسماء بنت يزيد نحوه ماذا نسمي هذا متابعا أو شاهدا شاهدا لأن الصحابي مختلف
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما نقصت صدقةٌ من مالٍ، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه ) أخرجه مسلمٌ.
ما نافية وصدقة فاعل ومن مال جار ومجرور متعلق بنقصت يعني أن الصدقة لا تنقص المال وقد يرويه بعض العامة بلفظ بل تزده بل تزده وهذا اللفظ منكر أولا لأنه لم يرد في الحديث وثانيا أنه خطأ من جهة العربية لأنه قال بل تزده بل تزده فجزم الفعل بدون جازم فعلى كل حال الزيادة خطأ وليس من الحديث
وقوله ( ما نقصت صدقة من مال ) إنما نفى النبي صلى الله عليه وسلم نقص المال بالصدقة لأن الإنسان قد يظن أن النقص هو النقص الحسي والحقيقة أن النقص هو النقص المعنوي
ولأضرب لكم مثلا رجل عنده مئة ريال تصدق منها بعشرة كم صارت تسعين نقصت إن النبي صلى الله عليه لم يرد هذا يعني يعلم أنه لابد أن ينقص العدد لكنه لم ينقص من حيث المعنى وذلك أن الله تعالى ينزل البركة فيما بقي من المال ويقي المال الآفات التي قد تحدث للمال نفسه أو لمالك المال أرأيت لو كان عند الإنسان مئة ريال مثلا وأصيب بمرض واحتاج المئة للمعالجة ذهبت المئة أو لا؟ ذهبت المئة فإذا تصدق من هذا المال فإنه من أسباب وقايته أي وقاية ما يدركه سواء كان في مرض الإنسان أو في مرض أهله أو في ضياع المال أو في سرقته أو ما أشبه ذلك إذن ما نقصت صدقة من مال حسا أو معنى معنى طيب
( وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ) الإنسان إذا جنا عليه شخص وضربه فعفا عنه ابتغاء وجه الله قد تقول له نفسه إن عفوك عنه يعني أنك ضعفت أمامه وذللت أمامه أليس هذا واردا
الطالب : نعم
الشيخ : طيب بلى وارد لكن الرسول رغّب في العفو وقال إنه عز وأن الإنسان الذي يظن أنه بالعفو يكون ذليلا سوف يعزه الله عز وجل ويزيده عزا
والجملة الثالثة ( وما تواضع أحد لله إلا رفعه ) ما تواضع لله هل المراد تواضع لله أي لأمر الله فأقام الصلاة وآتى الزكاة وأطاع الله ورسوله أو تواضع لعباد الله إخلاصا لله نعم يشمل المعنيين جميعا لأن القاعدة أن النص من القرآن أو السنة إذا كان يحتمل معنيين على السواء ولا منافاة بينهما فالواجب أن يحمل عليهما جميعا فعلى الوجه الأول ما تواضع أحد لله أي لأوامر الله عز وجل إلا رفعه لأن من بني آدم من يستكبر قال الله تعالى (( ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا )) وقال تعالى (( فبئس مثوى المتكبرين )) فمن الناس من يتكبر على أوامر الله ولا يتواضع
المعنى الثاني تواضع لمن تواضع لعباد الله لرضا الله عز وجل فتكون اللام على هذا الوجه للتعليل أي لأجل الله عز وجل
( رفعه ) وذلك أن المتواضع للعباد قد يقول إني إذا تواضعت وكلمت الفقير وسلمت على الصغير وانشرح صدري لجلسائي فإن ذلك يقتضي أن أنزل في أعينهم نقول هذا من وحي الشيطان وأنت كلما تواضعت لله رفعك الله ولهذا قال بعض العامة كلمة طيبة قال إنك في أعين الناس بمقدار الناس في عينك فاهمين المعنى إنك في أعين الناس بمقدار الناس في عينك فإذا كنت تجلّ الناس وهم عندك في منزلة عالية فأنت كذلك عندهم وإذا كان العكس فالعكس ولهذا تجد الناس يحتقرون المتكبر حتى وإن نفخ نفسه وأصلح ثوبه وركب السيارة الفخمة يكرهونه لكن المتواضع يحبونه ويجلونه ويقدرونه وفرق بين من يجل الإنسان خوفا منه ومن يجل الإنسان محبة وتعظيما له
12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما نقصت صدقةٌ من مالٍ، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه ) أخرجه مسلمٌ. أستمع حفظ
فوائد حديث :( ما نقصت صدقةٌ من مالٍ ... ).
أولا الحث على الصدقة لقوله ( ما نقصت صدقة من مال ) وإنما قال نعم وانما قال ذلك الرسول لئلا يمتنع أحد عن الصدقة حيث إن الصدقة تنقص المال أكمل
الطالب : حسيا
الشيخ : نقصا حسيا عددا
ومن فوائد هذا الحديث أن الصدقة سبب لحماية المال ونزول بركته لأننا نعلم أن المال ينقص عددا بلا شك في الصدقة لكن نفي الرسول عليه الصلاة والسلام النقص عنه يعني أنه سيكون محميا من الآفات ولا يسلط الله على صاحبه ما ينفق المال فيه
ومن فوائد هذا الحديث أنه لا ينبغي الاعتماد على الأمور المادية لأن هناك أشياء وراء الأمور المادية وهو قدر الله عز وجل فلا تقول أنا والله إذا أنفقت عشرة من مئة نقص مالي وإن أنفقت عشرة أخرى نقص نقول هناك شيء وراء ذلك ومن هذا وهو استطراد أن بعض الناس يقول أنا لا أحب أن يكثر أولادي ليش لأنهم إذا كثروا طلبوا مني نفقات أكثر إذا كانوا ثلاثة كم يحتاجون من الأرغفة ثلاثة أرغفة إذا كانوا أربعة يحتاجون أربعة أرغفة طيب من أين يأتينا الرغيف الرابع نقول الأمر بيد الله عز وجل وقد قال الله تعالى (( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها )) وقال النبي عليه الصلاة والسلام ( إنما ترزقون أو تنصرون بضعفائكم ) ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث انتهى الوقت ورى ما نبهتونا لو نبهتونا لكن إن شاء الله إذا كان الأسئلة في هذا الحديث فغدا إن شاء الله
الطالب : رواه الترمذي وصححه
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
مناقشة ما سبق.
الطالب : إلى ثلاثة أقسام
الشيخ : نعم
الطالب : القسم الأول في التمني ثم القسم الثاني يستعمل للإخبار والقسم الثالث في التحسر
الشيخ : إيش
الطالب : في التحسر والندم
الشيخ : نعم أحسنت إذا كان في التمني فما حكمها
الطالب : بحسب ما تمناه الإنسان
الشيخ : فهي بحسب ما تمناه الإنسان طيب إن تمنى خير فله الخير وإن تمنى شرا فله ذلك وإذا كانت للأخبار
الطالب : جائزة
الشيخ : فهي جائزة
الطالب : ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت )
الشيخ : مثل قوله صلى الله عليه وسلم ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ) طيب وتقول لزميلك لو زرتني لأكرمتك وإذا كانت للتحسر
الطالب : لا يجوز
الشيخ : لا يجوز الدليل
الطالب : ... الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( فإن لو تفتح عمل الشيطان )
الشيخ : ( فإن أصابك شيء فلا تقل )
الطالب : ( لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل )
الشيخ : ( فإن لو تفتح عمل الشيطان ) ما المراد بعمل الشيطان إيهاب
الطالب : عمل الشيطان
الشيخ : نعم
الطالب : هو ... من التحسر والتسخط وعدم الرضا
الشيخ : بارك الله طيب يعني ما يحدثه في القلب من التحسر والندم وعدم الانشراح والدين الإسلامي يريد من أهله أن يكون الإنسان دائما منشرح الصدر منطلق اللسان طليق الوجه طيب سبق أن الصدقة لا تنقص المال فلماذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك سعد
الطالب : للحث على الصدقة
الشيخ : للحث على الصدقة لكن لماذا قال ما نقصت
الطالب : ...
الشيخ : لا ما أريد معنى الحديث واضح لكن لماذا قاله
الطالب : للحث على ...
الشيخ : نعم
الطالب : قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حتى يذهب ذلك ..
الشيخ : لا
الطالب : لأنها تحمل أشياء
الشيخ : إيش
الطالب : تحمل معنيين
الشيخ : لا لا يلا
الطالب : قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حتى يزيل ذلك الوهم الذي قد يرتاد الإنسان من أنه يفكر في أن المال سينقص في إنفاقه
الشيخ : لأنه لما كانت الصدقة تنقص المال حسا نعم بيّن الرسول عليه الصلاة والسلام أنها لا تنقصه معنى لأنه حقيقة إذا صار عنده مئة ريال وتصدق بعشرة فلم يكن عنده إلا تسعون وحينئذ يكون نقص لكن الرسول قال ( ما نقصت صدقة من مال ) قلنا إنها تزيده
الطالب : ...
الشيخ : نعم كيف ذلك نعم كيف لا تنقصه
الطالب : ... قدر عليه المرض
الشيخ : أن الله ينزل البركة في هذا المال الذي تصدق منه كذا والبركة لا شك أنها يكون فيها انتفاع كثير في المال ثانيا
الطالب : ...
الشيخ : لا نعم
الطالب : دفع ما قد يحصل فيه من البلاء
الشيخ : أحسنت دفع ما قد يحصل على المال من النقص كتلف وسرقة واحتراق وغير ذلك
ثالثا أيضا دفع ما قد يحصل للإنسان من ايش؟ من نفقات بدواء مرض أو غير ذلك من الأشياء التي تنقص المال ثم هناك شيء لم نتفطن له وهو قوله تعالى (( وما أنفقتم من شيء )) إيش (( فهو يخلفه )) لابد مما أنفقته سيأتي بعده شيء لأن الله وعد وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه هذا أيضا يدل على عدم نقص الصدقة للمال ولماذا قال ( ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ) سمير
الطالب : ما حضرت
الشيخ : ما حضرت إيه طيب نعم
الطالب : يذهب الوهم من يتوهم أن العفو قد يكون ذلا وصغارا للإنسان
الشيخ : أحسنت الإنسان قد تقول له نفسه إنك إذا عفوت فهذا ذل خذ بحقك فقال الرسول ( ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ) طيب
ثالثا ما الحكمة من قوله ( وما تواضع عبد لله إلا رفعه ) خالد
الطالب : الإنسان قد يتصور أنه إذا ... أمامهم أنه يكون ذلك فيه ذلا له فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم
الشيخ : فيه ضعفة
الطالب : فيه ضعف فأراد الرسول أن يوقف ... بهذا القول
الشيخ : بهذا القول ثم في الحديث الحث على الصدقة وعلى العفو وعلى التواضع طيب وأظن العفو قد تقدم لنا أنه ليس على إطلاقه وإنما هو مقيد بماذا؟ بالإصلاح (( فمن عفا وأصلح )) بأن كان في عفوه إصلاح أما إذا لم يكن في عفوه إصلاح فإنه لا ينبغي العفو بل أحيانا يجب الأخذ
ثم قال " وعن عبدالله بن سلام رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس ) "
الطالب : الفوائد
الشيخ : أخذناها
الطالب : ...
الشيخ : نعم وهي
الطالب : ... لا ينبغي الاعتماد على الأمور
الشيخ : نعم
الطالب : ... الصدقة وهي ... من حيث المال ...
الشيخ : طيب ومن فوائد إذن نأخذ البقية
تتمة فوائد حديث :( ما نقصت صدقةٌ من مالٍ ... ).
ومن فوائده أيضا أن الإنسان لا يعتمد على الأشياء المادية الحسية كما قلنا في الصدقة فإن العافي قد يظن بنفسه أو يتخيل أنه إذا عفا فهذا ذل له
ومن فوائده أن الله سبحانه وتعالى يعز الإنسان الذي يعفو عن إخوانه لأن من عفا عفا الله عنه وإذا عفا الله عن العبد فهذا سبب لعزته أن الله يعزه
ومن فوائد هذا الحديث أيضا الحث على التواضع لله وذكرنا أن له معنيين
ومن فوائده مراعاة الإخلاص وأن الإخلاص له أثر كبير في حصول الثواب لقوله من تواضع لله
ومن فوائد هذا الحديث أن الإنسان كلما ازداد طاعة لله وانقيادا لأمره ازداد إيش رفعة ولهذا قال الله تعالى (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ))
ومن فوائد هذا الحديث أن الأمر كله لله وأن من رفعه لله فلا خافض له ومن وضعه فلا رافع له لقوله ( إلا رفعه الله )
وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أيها الناس أفشو السلام وصلوا الأرحام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيامٌ، تدخلوا الجنة بسلامٍ ) أخرجه الترمذي وصححه.
صدّر قوله بيا أيها الناس إشارة إلى الاعتناء بما سيقول لأن النداء يستلزم التنبيه فكأنه يقول انتبه وهذا كثير في اللغة العربية استمع إلى قول الله تعالى (( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له )) هنا يقول الرسول ( يا أيها الناس ) إشارة إلى أهمية ما يريد أن يخاطب به الناس ( أفشوا السلام ) أي انشروه وأكثروا منه وإفشاء السلام له معنيان:
المعنى الأول الإكثار منه أن يسلّم الإنسان على كل من لقي عرفه أم لم يعرفه وسلام المعرفة في الحقيقة فيه نقص في الإخلاص يعني الذي لا يسلم إلا على من عرف هذا إخلاصه ناقص بل المخلص هو الذي يسلم على من عرف ومن لم يعرف
والنوع الثاني من إفشاء السلام إظهاره باللفظ بمعنى أن تسلم سلاما يسمعه من تسلم عليه لا تسلم سلاما لا يسمعه من في جيبك بل سلّم سلاما يسمعه المسلم عليه وهل الأفضل أن يكون بصوت أكثر مما يسمع أو بصوت بقدر ما يسمع نعم
الطالب : الثاني
الشيخ : لا الظاهر الأول إلا إذا كان رفعا خارجا عن الأدب فهنا لا ينبغي بعض الناس إذا دخل المجلس رفع صوته رفعا خارجا عن الأدب هذا لا ينبغي ولا ينبغي أيضا الإخفات واستثنى العلماء من الصورة الثانية وهي رفع الصوت بالسلام استثنى العلماء من ذلك ما إذا سلم على قوم بينهم نيام يعني فيهم أحد نائم مثل أن تدخل على حجرة فيها أناس مستيقظون وأناس نائمون فهنا لا ترفع صوتك سلّم بقدر ما يسمع اليقظان ولا يستيقظ النائم وهذا من حسن الخلق وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك إذا دخل على قوم فيهم نيام فإنه يرفع صوته رفعا يسمعه اليقظان ولا يستيقظ به النائم
ويستثنى من قوله ( أفشوا السلام ) وهو كما تعرفون لفظ مطلق الآن أفشوا مطلق كل الأفعال ما تكون للعموم الأفعال لا تكون إلا للإطلاق إذا لم تقيد وهذا مما يفرّق فيه بين الأسماء والأفعال الأسماء تكون للعموم لكن الأفعال لا تكون للعموم وإنما تكون للإطلاق فقوله أفشوا هذه مطلق لكن مقيد بما إذا كان المسلم عليه أهلا للسلام عليه فأما إذا كان كافرا فلا تفش السلام عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام ) وهل يدخل فيه الرد أما نقول أما الابتداء فظاهر وأما الرد فيحتمل أن يكون داخلا فيه وحينئذ نقول يؤمر الراد بأن إيش يرفع صوته بحيث يسمعه من يسلم
الثاني قال ( صلوا الأرحام ) الأرحام جمع رحم وهم القرابات قال أهل العلم والقرابة من الجد الرابع فما دون والنصوص في صلة الأرحام لم تعين صلة معينة وعلى هذا فيرجع فيه إلى العرف كما قيل في القواعد
" وكل ما أتى ولم يحدد بالشرع *** كالحرز " فبايش؟ "العرف احددي "
لم يبين كيف الصلة وعلى هذا فيرجع فيها إلى العرف وإذا رجعنا فيها إلى العرف صارت تختلف باختلاف القرابة فصلة الأقرب نعم أوكد من صلة الأبعد
ثانيا بالحاجة صلة المحتاج أوكد من صلة المستغني
ثالثا بالحال النفسية بعض القرابات لا يهمه أن تصله في الشهر مرة أو في السنة مرة وبعض القرابات لا، يريد أن تصله كل أسبوع ولهذا إذا فقدك في أسبوع مثلا قال ليش ما زرتنا فهو إذن يختلف باختلاف إيش ما يتعلق بالنفوس فعليه نقول كلما كان صلة حسب الاختلاف اللي ذكرنا أو غيره أيضا فهو داخل في قوله صلوا الأرحام
وهل من الأرحام الأصهار لا، الأصهار يعني أقارب الزوج أو الزوجة ليسوا من الأرحام إلا أن يكونوا من بني العم فهنا يكونوا من الأرحام
والثانية يقول ( وأطعموا الطعام ) أطعموا الطعام من يحتاج إليه فيشمل هذا إطعام الجائع وإطعام من تجب عليك نفقته وإطعام المساكين في الكفارات ونحوها فهو شامل لإطعام الطعام الواجب وإطعام الطعام المستحب وقوله الطعام هل المراد بالطعام الشراب أو ما يؤكل
الطالب : كلاهما
الشيخ : نعم يشمل هذا وهذا لأن ما يشرب يسمى طعاما قال الله تعالى (( فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني )) قال ومن لم يطعمه ولأن الشراب له طعم لكن الأكل والشرب يختلف الأكل غير الشرب الشرب في المائعات والأكل في الجامدات وأطعموا الطعام
( وصلوا بالليل والناس نيام ) صلوا بالليل والناس نيام يشمل الفريضة والنافلة فمن الفريضة صلاة العشاء ولاسيما إذا أخرت عن أول الوقت وصلاة الفجر أيضا ولهذا كانت هاتان الصلاتان أثقل الصلوات على من؟ على المنافقين لأنهم ينامون لا يقومون لهما
وقوله ( والناس نيام ) من المراد بالناس المراد الذين لا يصلون سواء كانوا من المسلمين أو كانوا من الكافرين لأنه يوجد بعض المسلمين نسأل الله لنا ولهم الهداية لا يصلون الصبح إلا إذا قاموا ولو بعد طلوع الشمس وكذلك في العشاء ينامون عنها ( تدخلوا الجنة بسلام ) تدخلوا أين النون
الطالب : حذفت
الشيخ : حذفت للجزم لأنها جواب الأمر فقوله ( أفشوا ) هذا أمر وما عطف عليه فهو أمر أيضا فيكون تدخلوا جوابا للأمر وجواب الأمر يكون مجزوما وهل هو مجزوم بصيغة الأمر أم بشرط مقدّر بعض النحويين يقول إنه مجزوم بشرط مقدر والتقدير إن تفعلوا تدخلوا وبعضهم يقول إنه مجزوم بنفس الفعل فعل الطلب والخلاف قريب من اللفظي لأنهم متفقون على أن الفعل إذا وقع جوابا للطلب فهو مجزوم
وقوله ( الجنة ) يعني جنة الخلد التي وعد المتقون وقوله ( بسلام ) يحتمل أن يكون المعنى تدخلوا الجنة وأنتم سالمون ويحتمل بسلام أي أنه يسلم عليكم فتكون الباء للمصاحبة لأن الملائكة (( يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم )) وإذا كان اللفظ يحتمل معنيين لا منافاة بينهما إيش فيحمل عليهما جميعا فهم يدخلون الجنة سالمين من كل سوء ومن كل عيب حاضرا ومستقبلا وهم أيضا يدخلون الجنة والملائكة يتلقونهم بالسلام
16 - وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أيها الناس أفشو السلام وصلوا الأرحام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيامٌ، تدخلوا الجنة بسلامٍ ) أخرجه الترمذي وصححه. أستمع حفظ
فوائد حديث :( يا أيها الناس أفشو السلام وصلوا الأرحام وأطعموا الطعام ... ).
إثبات الأسباب لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر إفشاء السلام وصلة الأرحام وإطعام الطعام والصلاة بالليل أربعة أسباب لدخول الجنة فيكون في هذا إثبات الأسباب وهو أمر معلوم بالشرع ومعلوم بالفطرة والحس ولا أحد ينكره
وقد اختلف الناس في الأسباب فمنهم من أنكرها مطلقا ومنهم من أثبتها مطلقا ومنهم من أثبتها وجعلها تابعة لمشيئة الله وهذا الأخير هو الحق أما من أنكر الأسباب فإنه قوله منافٍ للشرع وللفطرة وللحس ولا حجة له إلا شبهة يلقيها الشيطان في قلبه يقول لو أنا أثبتنا أن الأسباب تؤثر لأثبتنا خالقا مع الله لو قلنا إنك إذا ضربت الزجاجة بالحجر انكسرت من الحجر لكان في ذلك إثبات خالق مع الله وهذا لا صحة له لأن أنا أقول انكسرت الزجاجة بالحجر بإيش بإذن الله وإرادة الله طيب وضعت شيئا في النار يحترق بإيش بالنار يحترق لكن ما الذي جعل النار تحرق هو الله عز وجل ولهذا لما لقي إبراهيم فيها قال الله (( كوني بردا وسلاما على إبراهيم )) فكانت بردا وسلاما ولم تؤثر فيه شيئا إذن فالقول بأن إثبات تأثير الأسباب يعني إثبات خالق مع الله قول مخالف للشرع والفطرة والحس
أما الذين يقولون إن الأسباب مؤثرة بنفسها ولابد فهؤلاء أيضا أخطأوا هؤلاء هم الذين أثبتوا مع الله خالقا ونقول إن هذه الدعوى يبطلها الواقع فإن النار تحرق بلا شك ومع ذلك نجا منها إبراهيم بإرادة الله سبحانه وتعالى فالصواب أن الأسباب ثابتة وأنها مؤثرة لكن بما أودع الله فيها من القوى المؤثرة
من فوائد هذا الحديث الحث على إفشاء السلام وجه ذلك أن إفشاء السلام من أسباب إيش دخول الجنة
ومن فوائد هذا الحديث الحث على صلة الأرحام لأن الرسول جعلهم من أسباب دخول الجنة طيب إفشاء السلام واجب كذا أو سنة
الطالب : سنة
الشيخ : سنة ما لم يكن هجرا فإن كان هجرا فإنه لا يزيد على ثلاثة أيام صلة الأرحام واجبة فرض عين على الإنسان لأن الله تعالى توعد من لم يصل الرحم فقال تعالى (( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم )) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( لا يدخل الجنة قاطع ) يعني قاطع رحم إذن فصلة الأرحام واجبة فرض عين
ومن فوائد هذا الحديث الحث على إطعام الطعام لأن الرسول جعله من أسباب دخول الجنة ثم هل هو واجب أو لا نقول يكون أحيانا واجبا وأحيانا سنة يكون واجبا في إطعام الجائع إذا وجدت جائعا إن لم تطعمه هلك وجب عليك إطعامه ثم اختلف العلماء في هذه الحال إذا لم تطعمه فهلك هل تضمنه أو لا فقال بعض العلماء إنك تضمنه لأنك تركت واجبا أوجبه الله عليك فكنت معتديا والمعتدي ضامن لظلمه وهذا كما قال تعالى (( ما على المحسنين من سبيل )) فيكون معنى الآية على المسيئين سبيل
والقول الثاني لا يلزمه الضمان لا يلزمه الضمان لأنه لم يهلك بسببه بخلاف ما لو أخذ طعامه منه حتى هلك فهنا إيش رجل وجد مع شخص طعاما فأخذه منه فجاء صاحب الطعام وهلك يضمن أو لا؟ يضمن لأنه تسبب في قتله طيب
ومن الإطعام الواجب إذا كان يتوقف عليه إكرام الضيف فهنا إطعام الضيف إيش واجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه )
ومن الإطعام الواجب إطعام الإنسان من تجب عليه نفقته من زوجة أو قريب ومن الإطعام الواجب الإطعام في الكفارات عشرة مساكين ستة مساكين كم ستين مسكينا والباقي يعني ما عدا الواجب فهو سنة ولا يدخل في ذلك الإطعام الذي يكون إسرافا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يأمر بما لا يحبه الله عز وجل
الطالب : ...
الشيخ : نعم تفضل
الطالب : هل من ... ما يفعله بعض الناس ... أو بعض العامة ... يسلم ...
الشيخ : إيه ليس من السنة هذا يعني كون الإنسان إذا دخل على جماعة جعل يصافحهم ويسلم عليهم يعني يسلم أولا سلام العام ثم يمشي عليهم واحدا واحدا يسلم هذا ليس من السنة وكم حرصنا على أن نعرف في هذا سنة ولم نجد ولهذا أنا أدعوكم إلى البحث في هذا لأننا تساءلنا عنه في مجلس إخواننا العلماء فقال شيخنا عبدالعزيز بن باز إنه لا يعلم بذلك سنة وكذلك أيضا بعض الطلبة طلبنا منهم من يبحث عن هذا ولم يجدوا في هذا سنة وهذا ظاهر السنة خلافه فإن من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام أنه إذا دخل إيش يعمل يجلس حيث ينتهي به المجلس ولم ينقل أحد عنه أنه كان يأخذهم واحدا واحدا يسلم عليهم يصافحهم بعض الناس نعم وأقول لكم هذه السنة ما رأيناها من قبل يعني نحن عاشرنا مشايخ كبار ما كانوا يفعلون هذا إذا دخل الرجل جلس حيث ينتهي به المجلس أو قاموا له وقال تفضل هنا ثم لا يسلم عليهم واحدا واحدا فلذلك ينبغي أن يبحث في هذا ويحقق الموضوع لأنه في الحقيقة يسهل على الجالسين أن يمشي عليهم واحدا واحد يسلم عليهم وبعضهم قد يتكلف إذا قام وإن سلم وهو قاعد نسب إليه الكبرياء نعم
الطالب : شيخ أحسن الله إليك
سبق أن قلنا إن من كانت عليه ديون فلا يجوز له أن يتطوع وقلنا هنا أن إكرام الضيف واجب فهل إذا لم يكن عنده شيء على قدره ضيفه يكرمه بما يجد ؟
الشيخ : نعم
السائل : فهل إذا صادفه الضيف وأتى به إلى بيته فالواجب عليه أن يكرمه أو يطبق
الشيخ : بقدر المستطاع يكرمه بقدر المستطاع نعم
الطالب : يا شيخ بدأت اليهود والنصارى
الشيخ : نعم
الطالب : فهل ...
الشيخ : بداية اليهود والنصارى بالسلام لا تجوز
الطالب : فهل تجوز بقصد الدعوة
الشيخ : إيش
الطالب : بقصد دعوتهم للإسلام
الشيخ : لا تسلم إذا كنت تريد أن تدعوهم فقل صباح الخير مرحبا أهلا بفلان لا تسلم
الطالب : نقل عنك يا شيخ الجواز
الشيخ : لا لا
الطالب : ... الدعوة
الشيخ : أبدا ما دام الرسول يقول لا تبدؤوهم بالسلام نحن نقول ابدأهم بشيء مثل صباح الخير وأحسن خير أن تنوي صباح الخير لي ولك ومن الخير أن يهديه الله للإسلام انتهى لا لا باقي خمس دقائق عشر دقائق طيب
18 - سبق أن قلنا إن من كانت عليه ديون فلا يجوز له أن يتطوع وقلنا هنا أن إكرام الضيف واجب فهل إذا لم يكن عنده شيء على قدره ضيفه يكرمه بما يجد ؟ أستمع حفظ
تتمة فوائد حديث :( يا أيها الناس أفشو السلام وصلوا الأرحام وأطعموا الطعام ... ).
ومن فوائد هذا الحديث فضيلة قيام الإنسان بالعبادة على حين غفلة الناس من أين تؤخذ من قوله ( صلوا بالليل والناس نيام ) لأن جملة والناس نيام هذه حال حالية
ومن فوائد الحديث أنه من المعلوم أن الليل محل النوم لقوله ( والناس نيام ) وهذا هو الموافق للفطرة ولما خلق الله عز وجل من اختلاف الزمان ولكن مع الأسف أن الناس في عصرنا هذا ولاسيما من قريب جعلوا إيش جعلوا ليلهم نهارا ونهارهم ليلا حتى الصبيان الصغار اللي كانوا ينامون من حين صلاة المغرب صاروا الآن يبقون إلى الفجر ما ناموا ثم إذا جاء النهار ناموا وهذا خلاف ما تقتضيه حكمة الله عز وجل حيث جعل الليل لباسا والنوم سباتا
ومن فوائد هذا الحديث أنه ينبغي للمتكلم إذا أراد أن يتكلم في أمر هام أن يذكر ما يوجب الانتباه من أين نأخذه سامي عقيلي
الطالب : من قوله ( يا أيها الناس )
الشيخ : من قوله ( يا أيها الناس )
ومن فوائد الحديث جواز السجع في الكلام فإننا إذا تأملنا الجمل وجدناها سجعا السلام الأرحام الطعام نيام سلام وقد جاء ذلك أيضا في أحاديث أخرى مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق ) ولا شك أن السجع يزين الكلام ويرغب الاستماع إليه لكن بشرط ألا يكون متكلفا وضابط السجع المتكلف أن يعسّف الإنسان الألفاظ ويأتي بألفاظ غريبة صعبة الفهم أو بألفاظ يحصل بها مع ما إلى جانبها من الكلمات تناقض فهنا لا ينبغي السجع أما إذا جاء عفوا بمقتضى الطبيعة هذا طيب لا شك ولذلك إذا قرأ إنسان في كتاب التبصرة لابن الجوزي رحمه الله يجد لذة لأن الله أعطاه قدرة بالغة على السجع وكتابه التبصرة ليس موجودا فيما نعلم لكن موجود مختصر الكتاب مختصر التبصرة لكنه سبحان الله تجد كلامه مسجعا أو مسجوعا ولكنه لا يمله السامع لأنه ما فيه تكلف
وعن تميم الداري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الدين النصيحة ) ثلاثاً، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) أخرجه مسلمٌ.
الدين كلمة الدين اسم معرّف بأل والنصيحة كذلك اسم معرّف بأل وقد ذكر علماء البلاغة أنه إذا صار المبتدأ والخبر معرفتين فالجملة تفيد الحصر كأنه قال الدين هو النصيحة وأي دين يريد الرسول عليه الصلاة والسلام يريد الرسول صلى الله عليه وسلم بالدين ما رضيه الله لنا في قوله (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) إذن الدين الذي رضي الله لنا هو النصيحة
والنصيحة معناه الإخلاص في القصد لكنها هنا تشمل ما سيذكره الرسول عليه الصلاة والسلام قال " ( الدين نصيحة ) ثلاثا " كيف الدين النصيحة ثلاثا، ثلاثا هذه متعلقة بالنصيحة وإلا متعلقة بـ قال
الطالب : بـ قال
الشيخ : نعم بـ قال نعم يعني قال ذلك ثلاثا الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة فأكّد اللفظ مرتين بمؤكدات معنوية أو لفظية
الطالب : لفظية
الشيخ : نعم لفظية قال ابن مالك رحمه الله
" وما من التوكيد لفظي يجي *** مكررا كقولك ادرجي ادرجي "
طيب كرر ذلك لأهمية الأمر وينتبه السامع فقال ( قلنا لمن هي يا رسول الله ) لما قال ( الدين النصيحة ) الصحابة يعرفون معنى النصح لكن لمن قال ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) كم هؤلاء لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم خمسة
فماهي النصيحة لله، النصيحة لله على رأسها عبادته وحده لا شريك أن تعبده وحده لا شريك له لأنك بهذا نصحت لله عز وجل لو عبدت معه غيره ما نصحت له لأنك ساويته بمن هو دونه في حق يختص بالله عز وجل ومن النصح لله عز وجل المحبة والتعظيم وإن كان هذا أعني المحبة والتعظيم هما ركنا العبادة لكن زيادة على مجرد التعبد أن يكون في قلبك محبة لله عز وجل
ومن أكبر أسباب محبة الله التي تحدث من العوام وطلبة العلم أن يتذكر الإنسان نعم الله عز وجل فإذا تذكر النعم أوجب ذلك له أن يحب الله عز وجل يعني العالم المؤمن قد تزداد محبته لله بمعرفة آياته الشرعية وآياته الكونية لكن عامة الناس وكل أحد يعرف أن يعرف الله بالنعم متى ذكرت الله ذكرت نعم الله أحببت الله ولهذا جاء في الأثر " أحبوا الله لما يغدوكم به من النعم "" أحبوا الله لما يغدوكم به من النعم " أنت الآن قد يسر الله لك الأكل والشرب واللباس والسكن