ولمسلم عنه رضي الله عنه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر ، وأن يقعد عليه ، وان يبنى عليه .
قوله : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) النهي النهي هو طلب الكف على وجه الاستعلاء بصيغة معينة خاصة، وهي لا المقرونة بالفعل لمضارع هذا النهي طلب الكف على وجه الاستعلاء بصيغة معينة وهي لا المقرونة بالفعل المضارع.
قولنا : " طلب الكف " خرج به الأمر فليس نهيًا لأن الأمر طلب إيش ؟ الفعل طلب الفعل.
وقولنا : " على وجه الاستعلاء " خرج به الدعاء وخرج به الالتماس، لأن الداعي يدعو لا على أنه أعلى من المدعو بل على أنه أقل وأدنى مع أن الصيغة صيغة نهي كقوله تعالى : (( ربَّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) وخرج به أيضًا الالتماس وهو أن يطلب الكف من مساو له، فهذا يسمى عند أهل اللغة أو أهل البلاغة التماسًا مثل أن يقول الزميل لزميله نعم : لا تكتب على دفتري مثلًا هذا يلتمس التماسًا، وخرج بقولنا : " بصيغة معينة هي لا هي المضارع المقرون بلا " خرج بذلك ما دل على النهي بصيغته التركيبية أو من حيث المادة ما دل على النهي بمادته مثل : اجتنب اترك كف هذا طلب ترك ولا لا؟ طلب ترك طلب كف لكن لا بصيغة معينة فلا يكون نهيًا، لكن معناه معناه النهي إذًا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم يعني قال لا تفعلوا كذا لا تفعلوا كذا أفهمتم؟ فإن قلت : هل هذا من باب الصريح المرفوع صريحًا أو من باب المرفوع حكمًا ؟ قلت : هذا من باب المرفوع صريحًا لأنه أضاف النهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما لو قال : نهينا أو نهي الناس لكان من المرفوع حكمًا كذا مصطفى أنت معنا؟ إذًا هو من المرفوع حكمًا ولكن قد يقول قائل : لماذا عدل الصحابي عن قوله : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تجصصوا القبور ) ( لا تجصووا القبور ) ؟ نعم قلنا: لعل الصحابي اختلطت عليه الصيغة المعينة التي نطق بها الرسول عليه الصلاة والسلام فنقلها بالمعنى نقلها بالمعنى، فإن قلت : إذا كان كذلك أفلا يمكن أن يكون الصحابي فهم النهي من قول الرسول عليه الصلاة والسلام والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنه ؟ هذا احتمال لكن بعيد، لأن الصحابي يعلم اللغة العربية ويعرف ما يراد به النهي وما يراد به الخبر، وما يراد به الأمر ولا يمكن أن يكون صحابة النبي عليه الصلاة والسلام الملازمون له لا يعرفون مدلول كلامه ولا يفرقون بين النهي والخبر أو بين النهي والأمر هذا شيء مستحيل، فقرينة الحال تمنع ذلك قوله : ( أن يجصص القبر ) أي : أن يوضع فيه الجص أو عليه سواء كان فيه أو عليه فلا يجصص اللحد ولا يوضع الجص أيضًا على ظاهر القبر لما في ذلك من الغلو في المسألة الأولى، ومن ذريعة الشرك والكفر في المسألة الثانية لأنه إذا جصص القبر ظاهرًا تطاول الناس في هذا وتسابقوا أيهم أحسن شكلًا فهذا يقول : أنا أريد أن يكون قبر أبي أحسن القبور التي حوله، والثاني يقول ذلك حتى يتباهى الناس في القبور ثم يؤدي ذلك إلى الشرك، والشرك كما قلنا سابقًا وضع النبي صلى الله عليه وسلم كل الحواجز التي تحجز عن الوصول إليه كذلك ( نهى أن يقعد عليه ) أن يقعد عليه على إيش ؟ على القبر يعني إذا كان فيه ميت وإلا مطلقًا إذا كان فيه ميت وهذا أن يقعد عليه، وكلمة على تدل على العلو وهذا لا يكون إلا بعد الدفن، فالقعود على القبر يعني بعد دفنه منهي عنه.
الثالث : ( أن يبنى عليه ) يعني أن يوضع عليه بناء سواء أكان هذا البناء شامخًا أم قصيرًا جميلًا أم غير جميل عام ( أن يبنى عليه ) فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين النهي عن الغلو في القبور وعن إهانة القبور ليكون الإنسان سائرا نحو هذه القبور بين الغلو والإهانة يكون متوسطًا، ولهذا في القعود عليه إهانة له وفي تجصيصه والبناء عليه غلو فيه فنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الطرفين فالواجب علينا إذًا أن نعامل هذه القبور بما تقتضيه .
1 - ولمسلم عنه رضي الله عنه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر ، وأن يقعد عليه ، وان يبنى عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر ... ).
ومن الفوائد : تحريم البناء على القبر لقوله : ( وأن يبنى عليه ) طيب ماذا نصنع لو أن الأمر وقع بني على قبر وجصص القبر ؟ تجب إزالته لأن المحرم لا يجوز إقراره، وعلى هذا فيجب على المسلمين أن يهدموا جميع القباب المبنية على القبور يجب وجوبًا لأنه بناء محرم نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز إحداثه ولا يجوز إقراره عند القدرة على إزالته واضح طيب فإن قلت : لو أن أحدًا بنى على القبر حماية له ادعى أن يبني عليه حماية له ها مردود كيف ؟
الطالب : ... .
الشيخ : نقول : إن هذا حمايته تمكن بدون ذلك بأن يوضع سور عام على المقبرة إذا كان فيه مقبرة أو إذا قبرًا واحدًا يوضع عليه سور أو إذا كان يخشى أن ينبش فإنه يسوى بالأرض، ولهذا قال العلماء : إذا مات أحد من المسلمين في بلاد الكفر وخيف عليه من النبش فإنه يسوى بالأرض ما يبرز القبر يسوى بالأرض ولا يبرز خوفًا عليه، فالخوف إذا كان الإنسان يخاف على صاحب القبر فهذا الخوف يزول بطريق آخر غير البناء عليه وإلا فإن البناء محرم. ويستفاد من هذا الحديث : اعتبار الوسائل اعتبار الوسائل وأن الوسائل لها أحكام المقاصد، وهذه القاعدة قاعدة شرعية معتبرة عند أهل العلم ولها أدلة كثيرة منها هذا الحديث، ومنها قوله تعالى : (( ولا تسبُّوا الذين يدعون من دون الله فيسبُّوا الله عدوا بغير علمٍ )) لأنه لما كان سب آلهتهم ذريعة إلى سب الله نهى الله عنه، فيستفاد منه : أن الوسائل لها أحكام المقاصد.
ويستفاد من الحديث : سد الشارع كل طريق يوصل إلى الشرك ولو من طريق بعيد منين نأخذه ؟ من النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه.
ويستفاد من هذا الحديث : تحريم امتهان القبور لقوله : ( وأن يقعد عليه ) ومن امتهانها : أن يبول أو يتغوط عليها أو بينها أيضًا، ولهذا قال أهل العلم : يحرم البول بين القبور وعلى القبور وكذلك التغوط ليش ؟ لأن في ذلك امتهانًا لها امتهانًا لها وهي قبور محترمة، وهل يؤخذ منه مبدأ حماية المقبرة ؟ من قوله : ( وأن يقعد عليه ) هل يؤخذ من هذا يعني مبدأ حماية المقابر ؟ ربما يؤخذ وإن كان قد يقول قائل : ما كانت المقابر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام محوطة فيقال : إن حمايتها ليست منهيًّا عنها وهي وسيلة إلى حفظ هذه القبور من الامتهان، لأن الناس إذا لم تكن محوطة ربما يمتهنونها وربما يعتدون على أرضها أيضًا ويلحقونها بأملاكهم .
وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على عثمان بن مظعون ، وأتى القبر ، فحثى عليه ثلاث حثيات وهو قائم . رواه الدار قطني .
ما في أسئلة إلا بعد أن ينتهي الدرس قوله : ( صلى على عثمان بن مظعون ) عثمان بن مظعون رضي الله عنه من المهاجرين ومات بعد أن شهد بدرًا في السنة الثانية، قال المؤرخون : وهو أول من مات من المهاجرين في المدينة، وأول من دفن في البقيع من المهاجرين رضي الله عنه ،كان من المهاجرين وهاجر إلى الحبشة ورجع منها لما قيل : إن قريشًا أسلموا وتوفي في المدينة وشهد النبي صلى الله عليه وسلم جنازته وجعل عليه حجرًا قال : ( أدفن إليه من مات من أهلي ) وهذا يدل على أن عثمان له منزلة في نفس النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا حثا على قبره ثلاث حثيات وهو قائم بيد واحدة ولا بيديه جميعًا ؟ ورد في بعض الأحاديث أن ذلك بيديه جميعًا والحديث هذا ضعيف، لكن له شواهد تدل على أن له أصلًا وأنه ينبغي لمن حضر الدفن أن يحثو عليه ثلاث مرات من أجل أن يشارك في إيش ؟ في الدفن لأن دفن الميت فرض كفاية فإذا شاركتهم ولو بهذا الجزء اليسير كنت مشاركًا في الدفن الذي هو فرض كفاية.
وقوله : ( وهو قائم ) هـل هذه الصفة طردية أو صفة مقصودة ؟ الطردية معناها أنها حصلت اتفاقًا، وإذا قلنا : إنها صفة مقصودة فإنه يكون الذي يحثو قائمًا ما يقعد ويحثو وإنما يحثو وهو قائم، ومن المعلوم أنه عندما يريد أن يحثو لابد أن ينزل يديه وينحني، ولكن هذا لا ينافي أن يكون قائمًا المهم أنه يحثو بدون أن يجلس .
3 - وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على عثمان بن مظعون ، وأتى القبر ، فحثى عليه ثلاث حثيات وهو قائم . رواه الدار قطني . أستمع حفظ
وعن عثمان رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت ، فإنه الآن يسأل ) . رواه أبو داود وصححه الحاكم .
قوله : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت ) يحتمل أن يكون هذا في دفن باشر النبي صلى الله عليه وسلم فيه الدفن، ويحتمل أن يقول : ( إذا فرغ ) يعني فرغ الناس لأنهم يدفنون بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وإذا كان الشيء بأمره صار كأنه هو الفاعل.
وقوله : ( وقف عليه ) كيف ذلك وقد مر علينا النهي عن القعود على القبر ؟ وقف عليه ها بجانبه وقف عليه بجانبه ما هو بنفس القبر، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن توطأ القبور ولكنه بجانبه يقف عليه ولم يحدد في الحديث أين كان الموقف، ولكن الذي يظهر أنه يكون عند رأسه هذا هو الأقرب، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقف في الصلاة نعم عند رأس الرجل وعند وسط المرأة، لكن الوسط هنا بالنسبة للمرأة قد زال سببه فيقف عند رأسه ولا يزاحم إذا تيسر وإلا فعند وسطه أو عند قدميه، المهم أن يقف عنده.
وقال : ( استغفروا لأخيكم ) أي : اسألوا له المغفرة كذا وما هي المغفرة ؟ ستر الذنب والتجاوز عنه وما صيغة ذلك ؟ صيغته أن تقول : اللهم اغفر له اللهم اغفر له بدليل قوله تعالى : (( والذين جاءوا من بعدهم يقولون )) نعم (( ربَّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان )) وبدليل قوله تعالى : (( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبِّحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربَّنا وسعت كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا )) هذه صيغة دعائهم : (( ربَّنا وسعت كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا فاغفر للذين تابوا )) وعلى هذا فالاستغفار للشخص أن تقول : اللهم اغفر له طيب لو قلت : أستغفرك اللهم ربي لفلان يجوز لأنه طلب المغفرة، لكن الصيغة الأولى أولى قال : قال : ( واسألوا له التثبيت ) يعني اسألوا أن يثبته الله عز وجل وعلل هذا الحكم بقوله : ( فإنه الآن يسأل ) الآن بعد أن يفرغ من دفنه يسأل، ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم من يسأله لكنه بين في أحاديث أخرى وهو أنه ( يأتيه ملكان فيسألانه ) وما هو المسؤول عنه ؟ يسألانه عن أمور ثلاثة : عن ربه ودينه ونبيه .
الطالب : ... .
الشيخ : لا .
الطالب : ... .
الشيخ : أي خلاف ؟
الطالب : هذه المسألة .
الشيخ : أي خلاف ؟
الطالب : الأمر بالشيء .
4 - وعن عثمان رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت ، فإنه الآن يسأل ) . رواه أبو داود وصححه الحاكم . أستمع حفظ
ما حكم من ترك المستحب ؟
السائل : هذه المسألة تتعلق بالعقيدة .
الشيخ : لا هي مسألة فقهية هذه في أصول الفقه يتكلمون يتكلمون عليه في أصول الفقه، أما الذين يقولون بأن القرآن معنى واحد فهذا ما يدخل في هذا حتى الأمر والنهي والاستفهام والخبر يرونه شيئًا واحد نعم .
هل تنوب ألـ، مناب الضمير ؟
فوائد حديث :( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت ، فإنه الآن يسأل... ).
الطالب : قوله : ( وسلوا له التثبيت ) هذا واضح .
الشيخ : ثبّت .
الطالب : طيب تثبيت لشيء يعني ... .
الشيخ : ما يخالف لشيء عظيم جلل وهو أن يقر بالتوحيد أو لا يقر .
الطالب : طيب يكون يترتب عليه العقوبة .
الشيخ : ما هي إلى ذاك والله أنا عندي ما هي إلى ذاك، لكن لولا أنها وردت أحاديث وآيات تدل على ذلك ما اجترأنا أن نقول في هذا الحديث دليل عليه، وأنا ذكرت لكن هذا لفائدة وهي أننا لا نحمل النصوص ما لا تتحمل، لأن بعض الناس يحمل النصوص ما لا تتحمل فيجعلها دالة على معنى بعيد عنها إلا إذا كان هناك ما يؤيدها من أدلة أخرى واضحة فيمكن يستأنس بهذه الشواهد على إثبات الدلالة من النص الأخير يعني، طيب يستفاد من حديث عامر بن ربيعة يستفاد منه : أنه ينبغي قصد القبر ليحثو عليه لقوله : ( وأتى القبر فحثى ).
ومن فوائده : أنه إذا كان يحثو لا يكون قاعدًا بل يكون قائمًا لئلا ينسب إلى كونه مصابًا بهذه المصيبة كالجاثي على ركبتيه، لأن الإنسان إذا أتاه ما يفزعه أو أصيب بمصيبة حثا على ركبتيه هي العادة، لكن هذا يحثو ولا يجثو بل يحثو وهو قائم.
ومن فوائده أيضًا : إثبات الصلاة على الميت لقوله : ( صلى على عثمان ).
ومن فوائده أيضًا : أن الشيء المعلوم المتواتر عند الناس لا يحتاج إلى بيانه في كل نص فهنا صلى قد تقول : كيف الصلاة ؟ فيقال : إنها إيش ؟ معلومة فلا يحتاج إلى أن يبين في كل نص كيفية هذه الصلاة التي وقعت الآن مجملة وإلا لكانت النصوص ملء الدنيا كلها، وأما حديث عثمان بن عفان ففيه : طلب الدعاء لأخيك المسلم جواز طلب الدعاء لأخيك المسلم لقوله : ( استغفروا لأخيكم ) نعم، ولكن هل هو مقيد بمثل هذه الحال أو نقول : يجوز في كل مكان مثل أن تقول لشخص فلان أخوك مريض ادع الله له بالشفاء ؟ نعم يحتمل أن يكون مقيدًا بمثل هذه الحال، لأننا لم نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام سأل مثل هذا السؤال في غير هذا المكان، ويحتمل أن يقال : إنه لما طلب من المسلمين أن يستغفروا له في هذا المكان دل هذا على أن الأصل عدم المنع، وأما طلب الإنسان الدعاء لنفسه أن تطلب من شخص أن يدعو لك فإن الأولى ألا تفعل، لأنه قد يكون داخلًا في قول الرسول عليه الصلاة والسلام فيما بايع عليه أصحابه : ( ألا يسألوا الناس شيئًا ) ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ينبغي إذا سأل الدعاء من شخص لنفسه أن يقصد بذلك مصلحة الداعي قصدًا أوليًّا لا مصلحة نفسه هو " كيف ذلك ؟ لأن أخاك المسلم إذا دعا لك بظهر الغيب قال له الملك : آمين ولك بمثل، ولأنك إذا قصدت هذا فقد قصدت الإحسان إليه لا سؤاله أن يحسن إليك وبينهما فرق، وعلى كل حال فهذه المسألة الأصل عدمها، ولهذا ما كان الصحابة كل واحد يجي للرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ادع الله لي إلا لسبب من الأسباب إذا كان هناك سبب كما قال عكاشة بن محصن : ( ادع الله لي أن يجعلني منهم قال : أنت منهم ) وكما قالت المرأة التي تصرع : ( ادع الله لي ) فإذا كان لسبب فهم يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم الدعاء، وكذلك أيضًا إذا كان لعموم المسلمين كسؤال النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء آه بالمطر بالغيث فهذا لا بأس به، لأنك لا تسأل لنفسك ثم إننا لا بد أن نلاحظ ألا يسأل الإنسان الدعاء لنفسه على وجه التذلل للمسؤول كما يفعله بعض من يعتقدون الولاية في أناس فيأتي كأنه عبد ذليل ربما يخضع له كما يخضع لله عز وجل ويقول : يا سيدي ادع الله لي وما أشبه ذلك فهذا يكون حرامًا من أجل ما يقترن به من الذل للمخلوق، كذلك يجب أن نلاحظ عندما نسأل غيرنا ألا يكون في ذلك ضرر على المسؤول بحيث يؤدي ذلك إلى الإعجاب بنفسه وأنه أهل، لأن يطلب منه الدعاء فيظن أنه من أولياء الله الذين تجاب دعوتهم، لأن بعض الناس قد تصور له نفسه هذه الحال إذا رأى الناس كل من سلم عليه لا تنسانا من دعائك، ادع الله لنا هذا ربما أنه يقول أنا من أنا نعم فيربو بنفسه كل هذه المسائل تجب ملاحظتها، والأفضل على كل حال ألا تسأل مهما كان الذي يقابلك مما يكون في نظرك من صلاحه لقوله: ( الآن ) والآن معروف أنه ظرف للحاضر للوقت الحاضر، ومثل ذلك لو أن أحدًا من الناس توفي وبقي في الثلاجة لمدة أيام فإنه لا يسأل حتى حتى يدفن طيب، فإن لم يكن دفن كما لو مات في في البحر فإنه سوف يدفن في البحر، قال العلماء : يضع في رجليه شيئًا ثم يلقيه في البحر حتى ينزل فهذا دفنه كذلك لو فرض أن رجلًا مات في صحراء ولم يمكن نقله ولا الحفر له ووضع عليه أحجار فإن ذلك بمنزلة بمنزلة الدفن، والمهم أن الأحياء إذا أسلموا الميت ورأوا أنهم قد انتهى عمله فيه فإن هذا بمنزلة الدفن يكون السؤال حينئذ نعم.
ومن فوائد الحديث : أن الإنسان في هذه الحال قد يثبت بدعوة إخوانه المسلمين له من أين يؤخذ ؟ من الأمر بالاستغفار والتثبيت وإلا لكان الأمر بذلك لغوًا لا فائدة منه، فالإنسان قد يثبت بسبب دعاء إخوانه له واستغفارهم له، وفي الحديث دليل على أن الاستغفار سبب لفتح الله على العبد سواء كان ذلك في عبادة أو في علم لقوله : ( استغفروا لأخيكم ) ويشير إلى هذا قوله تعالى : (( إنَّا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين النَّاس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيمًا * واستغفر الله فإن الله كان غفورًا رحيمًا )) فإن في الآية هذه إشارة إلى أن الاستغفار سبب لإصابة الصواب، ولهذا كان بعض العلماء إذا وردت عليه مسألة صار يستغفر الله والمناسبة في هذا ظاهرة، لأن لأن القلوب ها الذنوب رين على القلوب والاستغفار سبب لإزالة ذلك وتطهير القلوب منها، فإذا زال الرين حصل البيان عرفتم والدليل على أن الذنوب تحول بين المرء وبين رؤية الحق قوله تعالى : (( إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأوَّلين * كلَّا بل ران على قلوبهم )) فلم يعرفوا الحق والعياذ بالله ولم يعرفوا قدر هذا القرآن العظيم لأن قلوبهم قد ران عليها ما كانوا يكسبون، فالذنوب كلها شر كلها آثام كلها بلاء يحصل فيها من العقوبات العامة والخاصة ما هو ظاهر ولو لم يكن من ذلك إلا قوله تعالى : (( ظهر الفساد في البر والبحر )) في كل شيء (( بما كسبت أيدي النَّاس )) ومن أراد أن يعرف آثار الذنوب وعقوباتها فليقرأ كتاب ابن القيم المعروف بـالجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، فإنه ذكر في أول هذا الكتاب عقوبات عظيمة للذنوب وآثارها في المجتمع وفي الشخص نفسه طيب.
يستفاد من هذا الحديث : إثبات الأخوة بين المسلمين لقوله : ( استغفروا لأخيكم ) وهو كذلك وأقوى رابطة بين بني آدم هي الرابطة الإيمانية والأخوة الإسلامية هذه أقوى رابطة أقوى من القومية ؟ ها أقوى أخوك في الإسلام أقوى من أخيك في العروبة نعم لا لا ها .
الطالب : أقوى .
الشيخ : متأكدون أي نعم أقوى وأقوى حتى من النسب أخوك في الإسلام والدين أقوى من كل شيء انظر إلى قوله تعالى : (( الأخلاء يومئذ )) يوم القيامة (( بعضهم لبعضٍ عدوٌّ )) كل خليل عدو لخليله (( إلا المتَّقين )) فالتقوى هي الجامع التي تجمع بين الرجلين في الدنيا وفي الآخرة خليلك في الدنيا هو خليلك في الآخرة إذا كانت الخلة نعم إذا كانت لله وسببها التقوى.
ويستفاد من هذا الحديث : أن الدعاء في هذه الحال يكون في حال القيام لقوله : ( وقف عليه وقال : استغفروا لأخيكم ) بقي أن يقول قائل : هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل ؟ هل يستغفر ويدعو بالتثبيت ؟ أو يقول ولا يفعل ؟ الظاهر أنه يقول ويفعل، لكنه يقول لينبه الناس إلى أن يقولوا نعم لينبه الناس إلى أن يقولوا، ويكون حينئذ قولنا : الآن امتثالًا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم لا لمجرد التأسي، لو كان يقول هكذا ويسمع الناس ويقتدون به صار اقتداء به لمجرد التأسي، لكن إذا قال : افعلوا صار فعلنا لها امتثالًا للأمر وهذا أقوى من مجرد التأسي.
ومن فوائد الحديث : أن فيه آية للرسول صلى الله عليه وسلم كيف ذلك ؟ لقوله : ( فإنه الآن يسأل ) لأن هذا من أمر الغيب ما نعلم ماذا يكون للميت بعد موته إلا عن طريق الوحي أو شيئًا يطلع الله تعالى عليه العباد للعبرة والعظة أو للكرامة وما أشبه ذلك، وإلا فالأصل أن هذا أمر مغيب ما يعلم إلا عن طريق الوحي، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يؤكد لنا ذلك بقوله : ( فإنه الآن يسأل ) لا شك أنه دليل على أنه نبي الله حقًّا ورسوله حقًّا لعلمه بما لم نعلمه طيب.
ويستفاد منه أيضًا : أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يملك لغيره نفعًا ولا ضرًّا وإلا لما سأل ولدعا كما هو ظاهر الحديث أنه سأل ودعا، وهذا أمر معلوم يجب علينا أن نؤمن به بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك لنا ولا لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، لأن الله أمره أن يبلغ هذا لأمته : (( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك )) (( قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا إلا ما شاء الله )) (( قل إنِّي لا أملك لكم ضرًّا ولا رشدًا )) فيجب علينا أن نؤمن بهذا لأن الله أمر رسوله أن يبلغه طيب ثم قال : عن عمرة بنت حبيب غمرة نعم .
قلنا إن الأمر الأصل فيه الوجوب هل يؤخذ منه وجوب الدعاء للميت حال الدفن ؟
الشيخ : نعم .
السائل : هل يؤخذ منه وجوب الدعاء والاستغفار للميت عند الدفن ؟
الشيخ : والله فيه نظر على القاعدة نعم يكون هذا الأمر للوجوب لكنه ما أدري هل نتجاسر على أن نقول للوجوب لكن نقول افعل .
السائل : واجب الأخوة ما يؤخذ منها الوجوب ؟
الشيخ : نعم استغفرنا له في الصلاة عليه حصل المقصود نعم .
السائل : ما فيه سؤال في الدرس .
الشيخ : نعم كيف ؟
السائل : ... الأسئلة .
الشيخ : أي أحسنت طيب وعن ضمرة ترى أنا أنسى يا جماعة جزاكم الله خير ذكروا ذكروا نعم
وعن ضمرة بن حبيب - أحد التابعين - قال : كانوا يستحبون إذا سوى على الميت قبرة ، وانصرف الناس عنه ، أن يقال عند قبره : يا فلان ، قل لا إله إلا الله ، ثلاث مرات ، يا فلان قل ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد . رواه سعيد بن منصور موقوفاً . وللطبراني نحوه من حديث أبي أمامة مرفوعاً مطولاً .
هذا الحديث أتى به المؤلف رحمه الله بعد الحديث الأول والحديث الأول صحيح أتى به ليبين كيف كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون في الميت بعد موته استنادًا إلى الحديث الأول، ولننظر هل يصح الاستناد كما قيل أو لا يصح ؟ الصحابة يقول : ( إذا سوي على الميت قبره وانصرف الناس عنه ) من هنا تبدأ المخالفة ( انصرف الناس عنه ) وفي الحديث الأول يقال متى ؟ إذا فرغ من دفنه قبل الانصراف إذًا لا يكون تطبيقًا للحديث الأول الثاني يقول : ( أن يقال عند قبره يا فلان قل : لا إله إلا الله ) فينادى ويلقن والحديث الأول ما فيه هذا فيه أنه يسأل التثبيت أن الإنسان يسأل الله له التثبيت فلا يكون هذا الحديث تطبيقًا، ولهذا نكمل ( قل : لا إله إلا الله ثلاث مرات ) هذا ما يستقيم أن يؤمر بالتعبد لله بعد موته، لأنه انقطع عمله كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) وأما أن نسأل الله له التثبيت فهذا ليس أمرًا بأن نقول : قل : لا إله إلا الله أيضًا يقول : ( يا فلان قل : ربي الله ) ( يا فلان قل : ربي الله ) هذا ربما يكون شاهدًا يكون له أصل، لأن الإنسان يقال له : من ربك ؟ ولكن ما الذي يدرينا أن الملائكة تقول له الآن : من ربك ؟ حتى يكون قولنا : ( قل : ربي الله ) موافقًا مطابقًا لزمان الجواب ؟ من يقول هذا ؟ ثم من يقول : إنه يسمع ؟ يعني مسألة سماع سماع الأموات مسألة مشهور الخلاف فيها وليس فيها نص قاطع يتبين به أنه يسمع كل ما يقال عنده طيب ( قل : ربي الله ودني الإسلام ) المهم أن هذا الحديث كما ترون موقوف موقوف على الصحابة .
التابعي : على التابعي .
الشيخ : لا على الصحابي ما يخالف ضمرة هو الذي رواه عن الصحابة ضمرة رواه عن الصحابة ( كانوا يستحبون ) يكون هذا من فعل الصحابة ولا لا لكن الذي ينسب من فعل التابعي يسمى مقطوعًا، أما الحديث المرفوع فيقول ابن القيم : " إنه لا يصح رفعه " بل قال بعضهم : " إنه لا يشك في وضعه " حديث أبي أمامة وقد روي عن الإمام أحمد ما يدل على أنه أنكره، وعلى هذا فمسألة تلقين الميت بعد موته لا أصل لها ولا ينتفع بهذا التلقين لأن عمله انتهى، لو لقن وقال : لا إله إلا الله ماذا يفيده ؟ ومن يقول : إنه يقول : لا إله إلا الله بعد موته ؟ إنما إذا سئل أجاب فقال : ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد، فالصواب في هذه المسألة أنه لا يستحب تلقين الميت بعد موته سواء كان بالغًا عاقلًا أو صغيرًا، وقال بعض العلماء : إنه يلقن الكبير فقط دون الصغير والمجنون يلقن الكبير العاقل دون الصغير والمجنون لأنهما غير مكلفين، ولكن الصحيح عدم التلقين مطلقًا وإنما يستغفر له ويسأل له التثبيت وهذا الظاهر من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه ما دام يقف عليه ويقول : ( استغفروا لأخيكم ) ولا يلقنه ولم يأمر بتلقينه دل على أن هذا ليس من السنة نعم .
الطالب : حديث حثى عليه .
الشيخ : آه .
9 - وعن ضمرة بن حبيب - أحد التابعين - قال : كانوا يستحبون إذا سوى على الميت قبرة ، وانصرف الناس عنه ، أن يقال عند قبره : يا فلان ، قل لا إله إلا الله ، ثلاث مرات ، يا فلان قل ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد . رواه سعيد بن منصور موقوفاً . وللطبراني نحوه من حديث أبي أمامة مرفوعاً مطولاً . أستمع حفظ
هل حثي النبي صلى الله عليه وسلم على القبر ثلاث حثيات كان حال الدفن ؟
الشيخ : نعم .
السائل : ... .
الشيخ : آه .
السائل : القبر يعني كان كاملًا محفور .
الشيخ : لا بعد ما مات بعد أن دفن وهو يدفن حثا عليه إيش ؟
السائل : ... .
الشيخ : آه إيش أي ما تم نعم .
هل يجوز طلب الدعاء من الغير وهل يدخل فيهم حتى الوالدان ؟
الشيخ : حتى الوالدين حتى الوالدين لكن لكن مسألة الوالدين أخص، لأن الوالدين المنة منهما قليلة عليك والثاني ترجى إجابة دعوتهما نعم .
ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله لعمر رضي الله عنه ( إذا لقيت أويس القرني فاطلب منه أن يستغفر لك ... ). هل هذا خاص به ؟
الشيخ : صلى الله عليه وسلم .
السائل : قوله لعمر بن الخطاب : ( إذا لقيت أويس القرني ) .
الشيخ : نعم .
السائل : ( فاطلب منه يستغفر لك ) .
الشيخ : نعم .
السائل : فهذا يكون خاص بأويس ؟
الشيخ : هذا خاص نعم هذا خاص نعم لو أنك ما غيرت يا آدم لو ما حفظت أقول .
السائل : ... .
12 - ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله لعمر رضي الله عنه ( إذا لقيت أويس القرني فاطلب منه أن يستغفر لك ... ). هل هذا خاص به ؟ أستمع حفظ
هل الميت أحوج من غيره أن يدعى له ولو كان مبتدعا ؟
الشيخ : أن ندعو له هو أحوج من غيره أن يدعى له في القبر هو أحوج من غيره أن يدعى له الإنسان العاصي اللي ما وصلت معصيته إلى حد الكفر الدعاء له أوكد من غيره .
السائل : ولو كان صاحب بدع وكذا .
الشيخ : ينظر في البدعة إن كانت مكفرة فهو ما يدعى له لأنه كافر نعم آخر واحد .
السائل : حكم وضع ... على القبر .
الشيخ : أي نعم .
السائل : ... .
ما حكم تعيين القبر بحجر ونحوه ؟
السائل : ... يفرق بين الرجل والمرأة ... .
سؤال عما يوضع على القبر من الحجارة على الرجل اثنين والمرأة واحدة ؟
السائل : العلة في .
السائل : حديث ... ما له شواهد مرت أحاديث أنه كان يسمع قرع النعال .
الشيخ : لا لا ما له شواهد من جهة التوقيت أما السماع فأنا أشرت لكم أن فيها خلافًا فيها خلاف طويل عريض وليس هذا موضع بسط .
السائل : العلة في عدم استحباب أن يسأل الإنسان من أخيه دعاء له هي المنة أليس كذلك ؟
الشيخ : نعم نعم .
السائل : لكن في جانب الدعاء غالبًا ما تكون هذه مرفوعة قصدي السؤال سؤال الدعاء غير سؤال ... .
هل سؤال الدعاء كسؤال المال ؟
السائل : ... .
الشيخ : نعم .
سؤال عن حديث ( استغفروا لأخيكم ... ) ؟
السائل : ... .
الشيخ : نعم .
السائل : ... .
سؤال عن التثبيت في سؤال الملكين في القبر ؟
السائل : ... .
الشيخ : في الجملة الأخيرة منه يقول : قل ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد نعم .
في قول الرسول صلى الله عليه وسلم استغفروا لأخيكم ذكرتم في الشرح أنه يدعى للمريض استدلالا بهذا الحديث؟
الشيخ : صلى الله .
السائل : ( استغفروا لأخيكم ) ذكرت في الشرح بالشفاء ذكرت في الشرح .
الشيخ : أي .
السائل : أنه يحتمل ( استغفروا لأخيكم ) أن تدعو له ... فما يقول أنه لعموم الأدلة إن جاء مريضًا فقال : أسأل الله رب العرش العظيم إلى آخر الحديث .
الشيخ : نعم .
السائل : يؤخذ منه أيضًا أنه يدعى للمريض .
الشيخ : ما فيه شك لكن هل أنك تقول مثلًا للرجل أخوك فلان مريض فادع الله له بالشفاء كما نقول هذا الميت ادع له بالتثبيت واستغفروا له والمغفرة نعم .
السائل : نحن قررنا فيما سبق ... .
الشيخ : نعم .
السائل : فكيف نقول إن حديث أويس خاص بأويس مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما صرح بهذا .
19 - في قول الرسول صلى الله عليه وسلم استغفروا لأخيكم ذكرتم في الشرح أنه يدعى للمريض استدلالا بهذا الحديث؟ أستمع حفظ
سؤال عن حديث أويس القرني في كونه خاص به ؟
وعن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ) . رواه مسلم . وزاد الترمذي : ( فإنها تذكر الآخرة ) . وزاد ابن ماجه من حديث ابن مسعود : ( وتزهد في الدنيا ) .
قوله عليه الصلاة والسلام : ( زوروا ) الزيارة هي أن يفد الإنسان إلى إلى المزور إما لقرابة أو صداقة أو غير ذلك، فإن كانت في مرض سميت عيادة لأنها تتكرر.
وقوله : ( كنت نهيتكم ) أي : فيما سبق وقوله : ( فزوروها ) أمر لكنه ورد بعد النهي وسيأتي إن شاء الله الكلام عليه.
وقوله : ( فإنها تذكر الآخرة ) الجملة تعليل للأمر بالزيارة ( فإنها تذكر الآخرة ) أي : تجعل الإنسان يذكر الآخرة، لأنه إذا مر بهؤلاء القوم وزارهم وكانوا بالأمس معه على ظهر الأرض وهم الآن في أعمالهم مرتهنين فإنه لا شك يذكر هذا اليوم، فهذا الحديث يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان قد نهى أصحابه عن زيارة القبور، وذلك في أول الأمر خوفًا عليهم من الشرك، لأن زيارة القبر قد تكون ذريعة إليه أي : إلى الشرك فإن الذين يزورون القبور لا تخلو حالهم من أحوال أربعة : إما أن يدعوا لأهل القبور، وإما أن يدعوا الله بأهل القبور، وإما أن يدعوا الله عند القبور، وإما أن يدعوا لأهل القبور أنفسهم هذه الأولى، وإما أن يدعوا أهل القبور أهل القبور أنفسهم، فهذه أحوال من يزور القبور أربع أن يدعو لهم أن يدعو الله بهم أن يدعو الله عندهم أن يدعوهم، أما الدعاء لهم فهذا فهذه هي الزيارة المشروعة التي كان الرسول عليه الصلاة والسلام عليها فإنه يسلم عليهم ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة، وأما دعاء الله بهم فأن يجعلهم وسيلة إلى الله عز وجل مثل أن يقول : اللهم إني أسألك بصاحب هذا القبر بصاحب هذا القبر وهذه بدعة ومحرمة، سواء كان صاحب هذا القبر ممن شهد له بالخير أو لم يكن كذلك، حتى ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يجوز لك أن تتوسل به في دعائك به نفسه، وأما الدعاء عندها فأن يقصد الإنسان المقبرة يزورها معتقدًا أن الدعاء عند القبور أفضل من الدعاء في المساجد أو في البيوت وهذا أيضًا بدعة مكروهة واعتقاد فاسد، فإنه لا مزية للدعاء عند قبر أبدًا، ولهذا كان القول الراجح : أن الإنسان لا يدعو ولا عند قبر النبي عليه الصلاة والسلام، وإن كان بعض العلماء قال : يستحب لمن زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتجه إلى القبلة بعد السلام عليه ويدعو والصواب خلاف ذلك وأن هذا المكان ليس من الأمكنة التي تقصد للدعاء، والرابع : أن يدعو أصحاب القبور يعني يقول : يا سيدي يا ولي الله يا نبي الله أغثني أعطني كذا افعل كذا فهذا شرك أكبر مخرج عن الملة لقوله تعالى : (( ومن يدع مع الله إلهًا آخر لا برهان له به فإنَّما حسابه عند ربِّه إنَّه لا يفلح الكافرون )) فهذه أحوال من زار القبور صارت كم ؟ أربعًا أربع حالات.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ) والحكمة من ذلك أن ذلك في أول الأمر مخافة أن تكون تلك الزيارة ذريعة إلى الشرك، فلهذا نهى عنها ثم قال : ( فزوروها ) يعني أمر بعد النهي بالزيارة والأمر بعد النهي، اختلف فيه أهل العلم فمنهم من يقول : إن الأمر بعد النهي يفيد الإباحة أي : أن هذا الشيء الذي كان منهيًّا عنه صار الآن مباحًا، وذلك لأن لما نهي عنه انتقل حكمه من الإباحة إلى النهي، فلما أذن فيه ارتفع النهي فبقيت الإباحة، ومثاله قوله تعالى : (( يا أيُّها الذين آمنوا لا تحلُّوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدى ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلًا من ربهم ورضوانًا وإذا حللتم فاصطادوا )) فأمر بعد النهي، ولكن هذا الأمر في الحقيقة ليس نسخًا لأنه بيان لغاية النهي لأنه قال : (( لا تحلُّوا شعائر الله ولا الشَّهر الحرام )) ثم قال : (( وإذا حللتم فاصطادوا )) فبين أن النهي قد انتهى وليس هذا نسخًا، لكن مثل هذا الذي معنا نسخ للنهي إلى الأمر فهل زيارة القبور مباحة لورودها بعد النهي ؟ قيل بذلك وأنها مباحة لورودها بعد النهي، والصواب أن الأمر بعد النهي رفع للنهي وإعادة لحكم المنهي عنه إلى حكمه الأول إن كان مستحبًّا فهو مستحب وإن كان غير مستحب فهو غير مستحب، وهذا الحديث الذي معنا فيه قرينة تدل على أن الأمر للاستحباب وهي قوله : ( فإنها تذكر الآخرة ) ( فإنها تذكر الآخرة ) وعلى هذا فيكون الأمر بالزيارة مستحبًّا لهذا التعليل، وفي رواية أخرى في مسلم : ( فإنها تذكر الموت ) تذكر الإنسان حاله أنه سيكون إلى ما كان عليه هؤلاء، ومعلوم أن الإنسان إذا ذكر الموت فسوف يعمل له إذا كان عاقلًا .
21 - وعن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ) . رواه مسلم . وزاد الترمذي : ( فإنها تذكر الآخرة ) . وزاد ابن ماجه من حديث ابن مسعود : ( وتزهد في الدنيا ) . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ) .
يستفاد من هذا الحديث أيضًا : أن أحكام الله عز وجل تابعة لحكمها وأن الحكم يدور مع علته، وجهه: أن الناس لما كانوا حديثي عهد بكفر وكانت فتنة القبور قد تكون قريبة نحوهم نهوا عن زيارة القبور، ثم بعد ذلك ها نسخ هذا الحكم ففيه دليل على أن الأحكام تتبع الحكم.
ومن فوائد الحديث أيضًا : أنه يجب على من علم الحكم الشرعي أن يرجع إليه ولو كان حكم في الأول بخلافه، بمعنى أن الإنسان لو اجتهد فأداه اجتهاده إلى أن هذا الشيء حرام مثلًا ثم تبين له أنه حلال أو بالعكس فيجب عليه الرجوع كما يجب الرجوع إلى الحكم الناسخ عند وجود النسخ والعلة الجمع بينهما أنه قد تبين لهذا المجتهد أن حكم الله تعالى خلاف الحكم الأول كما تبين في النسخ أن حكم الله خلاف الحكم الأول.
ومن فوائد الحديث : مشروعية زيارة القبور وأنه ينبغي للإنسان أن يزور القبور طيب وكلمة ( زوروها ) فعل والفعل يدل على الإطلاق والإطلاق يحصل بفعل مرة كما نص عليه أهل العلم يحصل بفعل مرة ولكن متى تكون هذه الزيارة ؟ هل لها وقت معين ؟ الصواب ألا وقت لها معين وأن الإنسان يزور المقبرة في أي وقت شاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق ما قال : زوروها في أول النهار ولا في آخره ولا في الليل ولا في الجمعة ولا في الاثنين ولا في الخميس ولا في غيرها، فتشرع زيارة القبور نعم كل وقت بل قد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج إلى أهل البقيع فسلم عليهم في الليل كما في حديث مسلم عن عائشة مطولًا، فعلى هذا نقول : زيارة القبور مستحبة في كل وقت.
ومن فوائد الحديث : أنه ينبغي للإنسان أن يفعل ما يذكره الآخرة وجهه أن الرسول أمر بالزيارة لأنها تذكر وهذا متى أوضح القياس وأجلاه إذا ألحق الفرع بالأصل في علة منصوص عليها فهذا من أبين القياس، وعلى هذا كل ما يذكر الآخرة فإنه ينبغي للإنسان فعله سواء زيارة القبر أو قراءة آيات موعظة أو أحاديث موعظة أو جلوس عند واعظ كلامه مؤثر أو ما أشبه ذلك.
ومن فوائد الحديث أيضًا : أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ بأنواع الأسباب المؤثرة لا يقتصر على سبب واحد، بل يأخذ بكل الأسباب المؤثرة لأنه لا شك أن القرآن أعظم واعظ وأن السنة بعده، ولكن هذا سبب آخر لاتعاظ الإنسان فكونه يأخذ من كل نوع من المؤثرات بنصيب أحسن أحسن، لأن القلب أحيانًا قد لا ينتفع بهذه الموعظة العظيمة إما لكثرة ورودها عل قلبه وإما لغفلته عندها أو ما أشبه ذلك، لكنه يتأثر بإيش ؟ بنوع آخر من المواعظ وإن كانت دونها في الأصل وهذا أمر مشاهد.
ومن فوائد الحديث : أنك لو أمسكت أخاك قلت : اجلس بنا اجلس بنا نتذاكر الآخرة نتذاكر الموت نتذاكر آيات الله عز وجل حتى يزداد إيماننا ويقيننا فإن ذلك من الأمور المشروعة، وقد كان السلف رحمهم الله يقول بعضهم لبعض : ( اجلس بنا نؤمن ساعة ) اجلس بنا نؤمن يعني نحقق الإيمان واليقين ساعة فهذا من الأعمال الطيبة، وكذلك لو كان الإنسان أحيانًا إذا غفل جلس مع نفسه ونظر وتفكر في الأمر وأحدث بذلك إنابة إلى الله عز وجل وخشية ورجوعًا إليه فهذا أيضًا من الأعمال المطلوبة التي يدل عليها هذا الحديث.
ومن فوائد هذا الحديث : أن الموت والقبر من أمور الآخرة فهو داخل في الإيمان باليوم الآخر لقوله : ( فإنها تذكركم الآخرة ) ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله في " العقيدة الواسطية " : " ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت " فالقبور لا شك أنها من الآخرة وهي أول درجاتها وأول مراحلها حتى قال بعضهم : إذا أردت صورة مصغرة ليوم القيامة فاخرج إلى المقبرة تجد فيها الشريف والوضيع والذكر والأنثى والصغير والكبير كلهم كلهم سواء كلهم تحت هذا التراب كلهم عليهم ما عليهم من التراب ما فيه أحد له قصر ولا أحد عنده خدم ولا شيء، ولهذا قيل : أول عدل الآخرة القبور أول عدل الآخرة القبور جاء أعرابي إلى بلد فيها حاكم فإذا الحاكم قد مات فسأل عنه فقالوا : إنه مات قال : أين ذهب ؟ قالوا : ذهب إلى المقبرة فخرج إلى المقبرة فجاء إلى المقبرة يريد أبهة يريد الخدم والحشم دخل ما وجد إلا رجلًا حفار القبور قال له : أين فلان أين فلان بلقبه أين الحاكم الفلاني ؟ قال له : الحاكم الفلاني هذا قال : يا ويله يا ويله وهذا الذي جنبه من هو ؟ قال : هذه عجوز كانت عجوز مشهورة في السوق عجوز خبلة ما هي ذاك المرأة طوها ميتة وقبرها مرشوش رطب وقبر الحاكم يابس فقال : يا ويله هذه تسقى ماء وهذا ما يسقى ماء نعم لون هذا وقام يتعجب فقال حفار القبور : هذا الأمر كما رأيت فهذا عدل ولا غير عدل ؟ عدل رجل حاكم ما يدخل عليه إلا باستئذان وامرأة في السوق ناقصة العقل هما سواء هما سواء، فهذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( فإنها تذكر الآخرة ) نعم.
ومن فوائد الحديث : أن ظاهره العموم أي : يشمل الرجال والنساء لأن الأصل في الخطاب العموم، حتى وإن كان الخطاب للرجال فإنما يخاطب الرجال تغليبًا، ولأن الرجال هم أهل الحل والعقد والتقويم والتهذيب فكانت توجيهات الخطاب في القرآن والسنة إلى الرجال، لأنهم أشرف ولأنهم هم أهل التوجيه أو توجيه الخطاب لأنهم هم القوامون على النساء، عموم الحديث يتناول يتناول النساء وأنه يشرع لهن زيارة القبور، وقد قال بذلك بعض أهل العلم ولكن شيخ الإسلام رحمه الله رد هذا القول وبين ضعفه من أوجه عديدة ذكرها في " الفتاوي " ويدل لذلك على استثناء النساء من هذا إن قلنا إنهم داخلات إن قلنا بدخولهن فإنه يدل على استثنائهن ما في الحديث الذي بعده نعم فيه قبله.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور ) أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان لكن فيه علة أخرى قبل قال فيه : " وزاد ابن ماجه من حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه : ( وتزهد في الدنيا ) " ( تذكر الآخرة وتزهد في الدنيا ) واللفظ الثاني في مسلم : ( تذكر الموت ) فعلى هذا يكون فيها ثلاث فوائد : التذكير في الآخرة وهو يوم القيامة التذكير بالموت التزهيد في الدنيا ما معنى الزهد في الدنيا ؟ تزهد فيها أي : ترغب في الإعراض عنها وعدم المبالاة بها، ومنه قوله تعالى : (( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزَّاهدين )) يعني الراغبين عنه الذين لم يبالوا به فالتزهيد في الدنيا معناه أن الإنسان لا يبالي في الدنيا ولا يهتم بها، ولكن ما معنى التزهيد في الدنيا ؟ هل معناه ألا نعمل للدنيا أبدًا ونتركها نعم ويقعد الواحد - اصبر يا أخي - ويقعد الواحد في المسجد لا يخرج ولا يتكلم ولا يعمل ؟ لا المعنى ألا تكون أعمالنا للدنيا ألا تكون للدنيا مو ألا نعمل في الدنيا ألا تكون لها بمعنى أن أعمالنا نصرفها إلى الآخرة حتى لو بعنا أو اشترينا فإننا نريد بذلك الآخرة يستطيع الإنسان يبيع ويشتري من أجل أن يقوم بكفايته وكفاية أهله وقد ابتاع واشترى الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم في خلافتهم لطلب الرزق وقال الله تعالى : (( رجال لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله )) ولم يقل : لا يبيعون ولا يشترون، وقال النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمرو بن العاص : ( إن لربك عليك حقًّا ولنفسك عليك حقًّا ) فالتزهيد في الدنيا ألا تعمل لها لا ألا تعمل فيها فالعمل في الدنيا ما ينافي العمل للآخرة، لكن اجعل عملك في الدنيا مطية للوصول إلى الآخرة نعم بع واشتر واشتر السيارة واعمر البيت نعم والبس الثياب وما أشبه ذلك لا تقول : والله بزهد أبى ألبس صوف نعم أو خيشة ولا أنتفع بالناس ولا ينتفع الناس مني هذا غير صحيح، قال الله تعالى : (( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولًا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه )) امشوا في مناكبها للرزق وكلوا من رزقه، وقال تعالى : (( فإذا قضيت الصَّلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون )) فالزهد في الدنيا يختلف تختلف أفهام الناس فيه، فمنهم من يقول الزهد في الدنيا ألا تنظر إلى شيء منها أبدًا كلش، وبعضهم يقول : لا الزهد في الدنيا أن تعمل ما ينفعك في الآخرة ولو كان من أمور الدنيا وهذا هو الحق هذا هو الصحيح، فإن قلت : ما تقول في قوله تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام : (( ولا تمدَّن عينيك إلى ما متَّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدُّنيا ورزق ربك خير وأبقى )) قلنا : نعم هذا ما ينافي ما قلنا الله سبحانه يقول : لا تمدن عينيك إليه لتتعلق به فإنه زهرة الحياة الدنيا ما قال : لا تنظر إليها إطلاقًا لا تمدها إليه بحيث تتعلق بها حتى يكون أكبر همك فإنما هو زهرة الحياة الدنيا، نعم الإنسان الذي تشغله دنياه عن آخرته لا شك أنه خاسر خاسر للدنيا والآخرة نعم، أما الإنسان الذي جعل الدنيا مطية للآخرة فهذا رابح في الدنيا وفي الآخرة، ولا شك أيضًا أن الدنيا فتنة فتنة عظيمة (( إنما أموالكم وأولادكم فتنةٌ )) والإنسان ربما يفتتن في الدنيا سواء كان غنيًّا أو فقيرًا قد يغنيه الله ومع ذلك هو مفتون بالدنيا كأنه ليس في جعبته قرش واحد وقد يكون فقيرًا ويفتن في الدنيا ويكتسبها على وجه محرم، والحاصل : أن الزهد في الدنيا معناه إيش ؟ الإعراض عنها وألا تعمل لها وأما العمل للآخرة في الدنيا فلا بأس به طيب هناك زهد وهناك ورع هل بينهما فرق ؟ ويش الفرق يا سامي ؟
الطالب : ... .
الشيخ : طيب والزهد .
الطالب : الإعراض ... .
الشيخ : قال شيخ الإسلام : " إن الفرق بينهما أن الورع : ترك ما يضر في الآخرة والزهد : ترك ما لا ينفع في الآخرة " بينهم فرق الورق ترك ما يضر في الآخرة والزهد رك ما لا ينفع في الآخرة وبينهم فرق ها ها بينهم فرق زين فالزهد إذًا أكمل الزهد أكمل ولا لا ؟ أي نعم يتبين ذلك في المباح المباح يفعله الورع لأنه لا يضره في الآخرة والزاهد يتركه لأنه لا ينفعه في الآخرة ولكن إذا كان وسيلة لنفعه في الآخرة فعله طيب .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور . أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان .
( لعن ) يعني قال : اللهم العن زائرات القبور أو قال : هن ملعونات فعلى الأول يكون معنى ( لعن ) : أي دعا باللعنة، وعلى الثاني يكون معنى ( لعن ) أخبر بأنهن ملعونات وكلا الأمرين سواء في المعنى، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله سبحانه وتعالى ولا يكون اللعن إلا على فعل كبيرة من كبائر الذنوب.
وقوله : ( زائرات القبور ) للمؤنث زائرات القبور وتحصل الزيارة بالمرة، فإذا زارت المرأة القبور ولو مرة واحدة فقد فعلت كبيرة من كبائر الذنوب ودخلت في لعنة الله والعياذ بالله.
وقوله : ( لعن زائرات القبور ) ليس هو النهي لأن النهي غير اللعن، والرسول عليه الصلاة والسلام ما قال : كنت لعنتكم فزوروها حتى نقول : إن الحديث الأول ناسخ للثاني، ولهذا من حسن صنيع ابن حجر رحمه الله أنه أتى بالثاني بعد الأول إشارة إلى أن الثاني مخصص للأول وليس الأول ناسخًا له وهو كذلك، ومن تدبر الحديثين عرف أنه ليس بينهما نسبة نسخ إطلاقًا، لأن الحديث الأول : ( كنت نهيتكم ) عمومًا والثاني خاص بالنساء خاص بالنساء.
ثانيًا : أن الأول فيه النهي دون اللعن والثاني فيه اللعن فبينهما فرق واضح .
23 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور . أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( لعن زائرات القبور ).
ثانيًا : على فرض أن ( زوّارات ) للمبالغة فإن ( زائرات ) أعم لأنه إذا لعنت الزائرة فالزوارة كثيرة الزيارة من باب أولى، ومعلوم أننا نأخذ بالأعم لأنه أكثر فائدة وعلى هذا فتكون يكون حديث : ( زوّارات ) لا يعارض هذا اللفظ، والجواب عنه بأحد وجهين كما عرفتم فإن قلت : ما الجواب عما رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم القبور وخروجها خلفه ثم رجوعها أمامه ولما جاء وحدثها بما فعل قالت : يا رسول الله ماذا أقول لهم ؟ قال : ( قولي : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ) إلى آخره فإن قولها : ( ماذا أقول لهم ؟ ) قد يشعر بجواز زيارة المرأة القبور فالجواب على هذا أن عائشة ما قالت : ماذا أقول لهم إذا زرت القبور ؟ قالت : ( ماذا أقول لهم ؟ ) فقط هذا لفظ مسلم فيحمل على أحد أمرين : إما أن يكون دعاء عامًّا مجردًا ليس سببه الزيارة، وإما أن يكون المراد إذا مررت بها غير قاصدة للزيارة ويكون هذا جمعًا بين الحديثين، وإذا أمكن الجمع بين الحديثين وجب المصير إليه قبل أن نتدرج إلى الترجيح أو النسخ فنقول : المرأة إذا خرجت من بيتها قاصدة الزيارة فهي داخلة في النهي في اللعن، أما إذا مرت بغير قصد الزيارة ووقفت وسلمت، فالظاهر أن هذا لا بأس به وهو لا يعد زيارة ولو فرض عده زيارة لكان حديث عائشة قد يدل على جوازه، فإن قلت : ما الجواب عن زيارة عائشة رضي الله عنها لقبر أخيها عبد الرحمن حيث زارته وبكت ؟ فالجواب : أنها قد قالت : ( لو حضرت موتك ما زرتك ) فكأنها رضي الله عنها أرادت الدعاء له ثم نقول : هو فعل صحابية عارضه قول الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن يعارض قول الرسول صلى الله عليه وسلم بقول أحد من الناس، ثم لعلها فهمت من تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لها أن تقول لأهل المقابر : ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين ) لعلها فهمت من ذلك : أنه يجوز زيارة المرأة ولم يبلغها حديث النهي حديث اللعن، فما دام فعلها فعل صحابي فيه احتمالات فإنه لا يكون حجة ومهما كان فالحجة ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وإذا كان زيارة القبور محرمة بمقتضى الدليل فإنها محرمة أيضا بمقتضى النظر والتعليل كيف ذلك ؟ لأن النساء رقيقات لينات العاطفة لو فتح لهن الباب لكانت كل امرأة تذهب كل صباح ومساء إلى قبر أمها أو أبيها تصيح عنده وتنوح، ولهذا ابن حجر رحمه الله أعقب حديث زائرات القبور بحديث النائحة والمستمعة المرأة ما تصبر لو يحصل لها راحت تبيت عند قبر أمها وأخيها وأبيها تبكي، ثم غالبًا تكون المقابر خارج البيوت فإذا خرج النساء إلى هذه المقابر كان سببًا لتسرب الفساق وأهل الفجور إليهن، وربما يحصل بذلك فتنة عظيمة فكان مقتضى النظر والتعليل منعهن من الزيارة لخوف فتنتهن أو الفتنة بهن خوف فتنتهن بماذا ؟ قلت : بأن يخرجن ويلازمن القبور وأن يحصل منهن عدم صبر نياحة وندب وما أشبه ذلك، وأما الفتنة بهن فربما يكون ذلك سببًا لتسرب الفساق وأهل الفجور إليهن، لأن المقابر في الغالب تكون خارج البيوت والمساكن ولا شك أن زيارة المرأة للقبر محرمة ومن كبائر الذنوب فإن قلت : ما الجواب عما قال الفقهاء : يكره للمرأة زيارة القبور ويسن لهن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ؟ شوف يكره زيارة القبور ويسن لهن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فالجواب : أن فقهاء الحنابلة رحمهم الله كغيرهم من أهل العلم يخطئون ويصيبون فهم اعتمدوا في الحكم بالكراهة على حديث أم عطية السابق ما هو ؟ آه ( نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا ) وسبق الجواب عنه ومقتضى قاعدتهم هم رحمهم الله أن زيارة المرأة للمقبرة من كبائر الذنوب، لأنهم نصوا في باب الشهادات على أن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة أو لعنة، وهذا فيه لعنة فيكون من الكبائر، وأما قولهم : يسن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فهم قالوا : إن هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم فنحن نقول لهم : ائتوا لنا ببرهان ودليل يدل على ثبوت هذه الخصوصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجاب بعضهم : بأن زيارة المرأة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ليست زيارة حقيقة، لأن بينها وبين القبر ثلاثة جدران ولا لا ؟ ثلاثة جدران بينها وبين القبر أي نعم هذا هو المعروف نعم، ولهذا قال ابن القيم في النونية لما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الله تعالى ألا يكون قبره وثنًا قال :
" فأجاب رب العالمين دعاءه *** وأحاطه بثلاثة الجدران "
ففي داخل في القبة الصغيرة فيها ثلاثة جدران كلها حامية لهذا القبر قالوا : فإذا وقفت المرأة من وراء الشباك فبينها وبين الرسول صلى الله عليه وسلم مساحة وجدر فلا يعد هذا زيارة، والزيارة التي لعنت فاعلتها هي التي تقف على القبر وهذه لم تقف على القبر فلا تكون داخلة في اللعن وجوابنا على هذا الحقيقة أن هذه شبهة قوية جدًّا كما سمعتم شبهة فإن أحدًا من الناس لو أتى إلى خمسة قبور عليها حيطان ثلاثة مثلًا ووقف من وراء الحيطان هل يكون زائرًا ؟ نشوف في الواقع قد نقول : ليس بزائر لو جاء واحد وأنت مثلًا في وسط الغرفة غرفة في وسط مجلس والمجلس في وسط الحوش نعم والحوش في وسط الحديقة، ومن وراء الحديقة جدار وسلم عليك من وراء الجدار السلام عليك يا فلان وكيف حالك ؟ كيف أصبحت ؟ يكون زائرًا لك ولا غير زائر ؟ نعم عم سمع وأجاب وقال افتح قال : بارك الله فيك وأثابك الله على خطاك أكملت الزيارة لا هو يبي فنجان شاي وقهوة ... شوي أعتقد أنه ما هو زائر في الواقع ولا لا يعني ما هي بزيارة أن واحد (( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون )) هذا ما هو زائر هذا فيكون هذه ليست بزيارة في الحقيقة أنها تعليل قوي جدا لكن قد نقول : إن الزيارة مطلقة الرسول عليه الصلاة والسلام أطلق ( لعن زائرات القبور ) ولم تحدد الزيارة .