شرح كتاب الجنايات-01
كتاب الجنايات .
القارئ : الحمد لله رب العالمين ، والصلا والسلام على نبينا محمد وعلى له وصحبه أجمعين .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- :
" كتاب الجنايات : عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (( لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ; يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ; الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( لَا يَحِلُّ قَتْلُ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: زَانٍ مُحْصَنٌ فَيُرْجَمُ، وَرَجُلٌ يَقْتُلُ مُسْلِمًا مُتَعَمِّدًا فَيُقْتَلُ، وَرَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ الْإِسْلَامِ فَيُحَارِبُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَيُقْتَلُ، أَوْ يُصْلَبُ، أَوْ يُنْفَى مِنَ الْأَرْضِ )) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " كتاب الجنايات " :
الجنايات جمع جِناية، وهي : " التعدي على النفس أو البدن أو المال " ، والمراد هنا التعدي على البدن بما يوجب قصاصًا أو مالا ، فهي أخص من المعنى اللغوي ، وهذا هو الغالب في الحدود أن تكون أخص في الاصطلاح منها في اللغة إلا في مواضع يسيرة ، مثل الإيمان في اللغة : التصديق ، وفي الشرع : تصديق وقول وعمل ، فهو أعم من المعنى اللغوي .
وذكر المؤلف وغيره -رحمه الله- الجنايات بعد أن ذكر ما يتعلق بكمال النفس فالعبادات قبل كل شيء ، وبعدها المعاملات ، لأن الإنسان يحتاج إليها ، ثم الأنكحة وما يتعلق بها والعِدد ، ثم النفقات لاحتياج البدن إليها وما يتبعها من الرضاع والحضانة ونحو ذلك .
ثم العدوان ، وذلك أن الاعتداء يكون في الغالب عند تمام النعم حيث يكون الأَشَر والبَطَر ، إذا تمت النعمة حصل من بني آدم أشر وبطر وجناية وعدوان ، ولهذا نجد أن الفقراء تلحقهم الذلة والمسكنة ولهذا يسمون مساكين . والجنايات محرمة مطلقاً سواء على البدن أو على المال أو على العرض ، لقول النبي صلي الله عليه وسلم في حجة الواداع وهو يخطب الناس : ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ) ، ولقوله تعالى في الحديث القدسي : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا ) .
وأعظم الجنايات الجناية على النفس لقوله تعالى : (( والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنُون )) : فبدأ بقتل النفس قبل العِرض وهو الزنا ، لأنه أعظم ما يكون من الذنوب بعد الشرك بالله عز وجل .
وقد قسم العلماء -رحمهم الله- الجنايات إلى أقسام ثلاثة : العمد ، وشبه العمد ، والخطأ ، العمد وشبه العمد والخطأ -ما رأيكم لو أننا منعنا الكتابة يا جماعة لأن الحقيقة أن الكتابة تلهيكم عن الاستماع التام للدرس، وما دام فيه مسجلات يمكن أن تكتبوا منها- .
قلنا ثلاثة أقسام : عمد ، وشبه عمد ، وخطأ :
فالعمد : " أن يتعمد الجناية فيما يقتل غالبا على معصوم يعلم أنه معصوم " ، يتعمد الجناية فيما يقتل غالبا على معصوم يعني : على من يعلم أنه معصوم ، مثل أن يرى فلانا وهو يعرف أنه معصوم مسلم أو ذمي فيتعمد قتله بسيف أو خنجر أو سكين أو رصاص فهذا عمد عدوان ، لأنه ليس فيه أدنى شبهة .
وأما شبه العمد : " فأن يتعمد الجناية على معصوم بما لا يقتل في الغالب " ، يتعمد الجنابة على معصوم بما لا يقتل في الغالب كالعصا ، كالسوط العادي فإنه إذا ضرب به إنسانا في غير مقتل لم يقتله في الغالب ، لكن لو فُرض أن الضربة ازدادت وسرت حتى مات فإنه شبه عمد ، وليس بعمد .
والخطأ : " ألا يقصد الجناية ، ألا يقصد الجناية أصلا " ، مثل أن يرمي صيدا فيصيب آدميا .
فهذه أقسام الجنايات عند العلماء ، والذي فيه القصاص هو الأول العمد العدوان ، وأما شبه العمد والخطأ فليس فيه قصاص ، وإنما فيه الدية والكفارة ، والعمد فيه القصاص وليس فيه دية ولا كفارة إلا إذا اختار أولياء المقتول الدية فإنهم يأخذونها .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- :
" كتاب الجنايات : عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (( لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ; يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ; الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( لَا يَحِلُّ قَتْلُ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: زَانٍ مُحْصَنٌ فَيُرْجَمُ، وَرَجُلٌ يَقْتُلُ مُسْلِمًا مُتَعَمِّدًا فَيُقْتَلُ، وَرَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ الْإِسْلَامِ فَيُحَارِبُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَيُقْتَلُ، أَوْ يُصْلَبُ، أَوْ يُنْفَى مِنَ الْأَرْضِ )) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " كتاب الجنايات " :
الجنايات جمع جِناية، وهي : " التعدي على النفس أو البدن أو المال " ، والمراد هنا التعدي على البدن بما يوجب قصاصًا أو مالا ، فهي أخص من المعنى اللغوي ، وهذا هو الغالب في الحدود أن تكون أخص في الاصطلاح منها في اللغة إلا في مواضع يسيرة ، مثل الإيمان في اللغة : التصديق ، وفي الشرع : تصديق وقول وعمل ، فهو أعم من المعنى اللغوي .
وذكر المؤلف وغيره -رحمه الله- الجنايات بعد أن ذكر ما يتعلق بكمال النفس فالعبادات قبل كل شيء ، وبعدها المعاملات ، لأن الإنسان يحتاج إليها ، ثم الأنكحة وما يتعلق بها والعِدد ، ثم النفقات لاحتياج البدن إليها وما يتبعها من الرضاع والحضانة ونحو ذلك .
ثم العدوان ، وذلك أن الاعتداء يكون في الغالب عند تمام النعم حيث يكون الأَشَر والبَطَر ، إذا تمت النعمة حصل من بني آدم أشر وبطر وجناية وعدوان ، ولهذا نجد أن الفقراء تلحقهم الذلة والمسكنة ولهذا يسمون مساكين . والجنايات محرمة مطلقاً سواء على البدن أو على المال أو على العرض ، لقول النبي صلي الله عليه وسلم في حجة الواداع وهو يخطب الناس : ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ) ، ولقوله تعالى في الحديث القدسي : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا ) .
وأعظم الجنايات الجناية على النفس لقوله تعالى : (( والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنُون )) : فبدأ بقتل النفس قبل العِرض وهو الزنا ، لأنه أعظم ما يكون من الذنوب بعد الشرك بالله عز وجل .
وقد قسم العلماء -رحمهم الله- الجنايات إلى أقسام ثلاثة : العمد ، وشبه العمد ، والخطأ ، العمد وشبه العمد والخطأ -ما رأيكم لو أننا منعنا الكتابة يا جماعة لأن الحقيقة أن الكتابة تلهيكم عن الاستماع التام للدرس، وما دام فيه مسجلات يمكن أن تكتبوا منها- .
قلنا ثلاثة أقسام : عمد ، وشبه عمد ، وخطأ :
فالعمد : " أن يتعمد الجناية فيما يقتل غالبا على معصوم يعلم أنه معصوم " ، يتعمد الجناية فيما يقتل غالبا على معصوم يعني : على من يعلم أنه معصوم ، مثل أن يرى فلانا وهو يعرف أنه معصوم مسلم أو ذمي فيتعمد قتله بسيف أو خنجر أو سكين أو رصاص فهذا عمد عدوان ، لأنه ليس فيه أدنى شبهة .
وأما شبه العمد : " فأن يتعمد الجناية على معصوم بما لا يقتل في الغالب " ، يتعمد الجنابة على معصوم بما لا يقتل في الغالب كالعصا ، كالسوط العادي فإنه إذا ضرب به إنسانا في غير مقتل لم يقتله في الغالب ، لكن لو فُرض أن الضربة ازدادت وسرت حتى مات فإنه شبه عمد ، وليس بعمد .
والخطأ : " ألا يقصد الجناية ، ألا يقصد الجناية أصلا " ، مثل أن يرمي صيدا فيصيب آدميا .
فهذه أقسام الجنايات عند العلماء ، والذي فيه القصاص هو الأول العمد العدوان ، وأما شبه العمد والخطأ فليس فيه قصاص ، وإنما فيه الدية والكفارة ، والعمد فيه القصاص وليس فيه دية ولا كفارة إلا إذا اختار أولياء المقتول الدية فإنهم يأخذونها .
عن ابن مسعودٍ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل دم امرىءٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاثٍ: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) متفقٌ عليه.
الشيخ : ثم ساق المؤلف ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحلُ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ) : دمه أي : قتله حتى ينسفك دمه ، وهذا بناء على الغالب ، وإلا فقد يُقتل بغير سفك الدم ، لكن بناء على الغالب .
وحديث عائشة الذي بعده أعم منه حيث قال : ( لا يحل قتل مسلم ) : فهو أعم من أن يكون دمًا ، لأنه قد يقتله بخنق أو وطء على بطنه أو عصر لخصيتيه أو ما أشبه ذلك .
وقوله : ( مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ) : هذه الجملة تفسير لما قبلها ، لأن المسلم هو الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، ومعنى يشهد أي : يعتقد بقلبه ناطقا بلسانه أن لا إله إلا الله ، وجملة لا إله إلا الله جملة تشتمل على نفي وإثبات ، على نفي لكل معبود ، وإثبات لمعبود واحد وهو الله عز وجل .
وقد اختلف المعربون في إعرابها على نحو ستة أوجه ، واختلف المقدرون في تقديرها :
فمنهم من قال : التقدير لا إله موجود إلا الله وهذا خطأ وليس بصحيح ، لأنه توجد آلهة تعبد من دون الله .
ومنهم من قال : المقدر محذوف تقديره حق ، لا إله إلا حق إلا الله ، وهذا هو الصواب بل هو المتعين ، لأنه مطابق تمامًا لقوله تعالى : (( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل )) ، فيكون الخبر محذوفاً تقديره حق ويكون ما بعد إلا بدلا منه .
( يشهد أن لا إله إلا الله ) أي : لا معبود حق إلا الله ، ( وأني رسول الله ) يعني : وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرسله الله سبحانه وتعالى ، ولكن لا بد أن تكون الشهادة بالرسالة على وصف المرسل ، على الوصف الذي أرسل به ، يعني لا يكفي أن يقول : إنه رسول ، لأن النصارى يقولون : إن محمدًا رسول لكن إلى العرب ، بل لا بد أن تكون شهادته بالرسالة مطابقة لما أُرسل به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، بأن يؤمن بأنه رسول إلى العالمين (( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا )) ، يقول : ( لا يحل دمه إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه ) : الثَّيب : بالجر بدلا من إحدى ثلاث ، ويجوز الرفع على أنه مستأنف خبر من المحذوف تقديره هو الثيب الزاني ، والنفس بالنفس إلى آخره .
الثَّيب قال العلماء : " هو الذي جامع زوجته بنكاح صحيح ، وهما بالغان عاقلان حران " : فلا بد من نكاح صحيح ، وجماع ، مع بلوغ الزوجين وحريتهما وعقلهما ، فالشروط للإحصان خمسة ، عدها يا عبد الرحمن !
الطالب : الحرية ، وجماع ، وبلوغ ، وعقل .
الشيخ : باقي وحدة !
الطالب : من جامع زوجته في نكاح صحيح وهما عاقلان بالغان .
الشيخ : طيب خمسة شروط ، فهذا يرجم ، يرجم حتى يموت كما ثبت ذلك عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم .
وهل يجمع له مع الرجم جلد ؟ على قولين للعلماء ، والصحيح أنه لا يُجمع ، لأن جميع الذين رجموا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لم يجمع لهم بين الرجم والجلد ، وإن كان قد روي عن علي رضي الله عنه أنه جمع بينهما وقال : " جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله " .
وحديث عائشة الذي بعده أعم منه حيث قال : ( لا يحل قتل مسلم ) : فهو أعم من أن يكون دمًا ، لأنه قد يقتله بخنق أو وطء على بطنه أو عصر لخصيتيه أو ما أشبه ذلك .
وقوله : ( مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ) : هذه الجملة تفسير لما قبلها ، لأن المسلم هو الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، ومعنى يشهد أي : يعتقد بقلبه ناطقا بلسانه أن لا إله إلا الله ، وجملة لا إله إلا الله جملة تشتمل على نفي وإثبات ، على نفي لكل معبود ، وإثبات لمعبود واحد وهو الله عز وجل .
وقد اختلف المعربون في إعرابها على نحو ستة أوجه ، واختلف المقدرون في تقديرها :
فمنهم من قال : التقدير لا إله موجود إلا الله وهذا خطأ وليس بصحيح ، لأنه توجد آلهة تعبد من دون الله .
ومنهم من قال : المقدر محذوف تقديره حق ، لا إله إلا حق إلا الله ، وهذا هو الصواب بل هو المتعين ، لأنه مطابق تمامًا لقوله تعالى : (( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل )) ، فيكون الخبر محذوفاً تقديره حق ويكون ما بعد إلا بدلا منه .
( يشهد أن لا إله إلا الله ) أي : لا معبود حق إلا الله ، ( وأني رسول الله ) يعني : وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرسله الله سبحانه وتعالى ، ولكن لا بد أن تكون الشهادة بالرسالة على وصف المرسل ، على الوصف الذي أرسل به ، يعني لا يكفي أن يقول : إنه رسول ، لأن النصارى يقولون : إن محمدًا رسول لكن إلى العرب ، بل لا بد أن تكون شهادته بالرسالة مطابقة لما أُرسل به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، بأن يؤمن بأنه رسول إلى العالمين (( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا )) ، يقول : ( لا يحل دمه إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه ) : الثَّيب : بالجر بدلا من إحدى ثلاث ، ويجوز الرفع على أنه مستأنف خبر من المحذوف تقديره هو الثيب الزاني ، والنفس بالنفس إلى آخره .
الثَّيب قال العلماء : " هو الذي جامع زوجته بنكاح صحيح ، وهما بالغان عاقلان حران " : فلا بد من نكاح صحيح ، وجماع ، مع بلوغ الزوجين وحريتهما وعقلهما ، فالشروط للإحصان خمسة ، عدها يا عبد الرحمن !
الطالب : الحرية ، وجماع ، وبلوغ ، وعقل .
الشيخ : باقي وحدة !
الطالب : من جامع زوجته في نكاح صحيح وهما عاقلان بالغان .
الشيخ : طيب خمسة شروط ، فهذا يرجم ، يرجم حتى يموت كما ثبت ذلك عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم .
وهل يجمع له مع الرجم جلد ؟ على قولين للعلماء ، والصحيح أنه لا يُجمع ، لأن جميع الذين رجموا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لم يجمع لهم بين الرجم والجلد ، وإن كان قد روي عن علي رضي الله عنه أنه جمع بينهما وقال : " جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله " .
2 - عن ابن مسعودٍ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل دم امرىءٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاثٍ: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) متفقٌ عليه. أستمع حفظ
تتمة شرح قول صلى الله عليه وسلم ( ... والنفس بالنفس ... ) .
الشيخ : الثاني ( النفس بالنفس ) : وهذا يعني القصاص ، إذا قتل أحدٌ شخصا قتل به ، وهو من تمام العدل : (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) ، فمن قَتل نفساً قُتل بها بالشروط المعروفة لأن القصاص له شروط .
ولكن هل يقتل القاتل بالسيف أو بما قتل به ؟ في هذا للعلماء قولان :
أحدهما : أنه يقتل بالسيف ، واستدلوا بحديث رواه ابن ماجه بسند ضعيف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( لا قَوَد إلا بالسيف ) : لا قود يعني : لا قصاص إلا بالسيف ، ولأن السيف أسهل في الغالب ، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ) .
وقال بعض العلماء : بل يقتل القاتل أي : الجاني بما قتل به ، إن قتل بالسيف قتلناه بالسيف ، وإن قتل بالرصاص قتلناه بالرصاص ، وإن قتل بالسُّم قتلناه بالسم ، وإن قتل بالعين قتلناه بالعين ، وإن قتل بالحال قتلناه بالحال ، أي شيء يقتل به نقتله به ، واستدلوا لهذا بالكتاب والسنة والقياس الصحيح :
أما الكتاب فقوله تعالى : (( ولكم في القصاص حياة )) ، ولا يتم القصاص إلا إذا قتل الجاني بما قتل به ، وبقوله تعالى : (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه )) بإيش ؟ (( بمثل ما اعتدى عليكم )) : هذا اعتدى على هذا بالسيف نعتدي عليه بالسيف ، اعتدى عليه بالرصاص نعتدي عليه بالرصاص ، وأما بالسنة فقد ثبت في * الصحيحين * : ( أن النبي صلي الله عليه وسلم رضَّ رأس رجل يهودي رضَّ رأس جارية للأنصار ، وأخذ ما معها من الأوضاح -الحلي- فجيء للمرأة وهي في آخر رمق وقيل : من قتلك فلان فلان حتى وصلوا إلى اليهودي فأومأت أن نعم ، فأُخذ اليهودي فأقر ، فأمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم أن يرض رأسه بين حجرين ) : هذا من الكتاب والسنة .القياس الصحيح : أن المعتدي جاني ، وتمام العدل في معاملته أن نفعل به كما فعل وهذا القول هو الصحيح ، بل هو المتعين ، فعلى هذا نقول : قوله عليه الصلاة والسلام : ( النفس بالنفس ) : يعني أنه يُفعل بالجاني كما فعل بالمجني عليه ، والزاني ماذا يفعل به ؟ الزاني المحصن ؟ يرجم .
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( النفس بالنفس ) هو كقوله تعالى في سورة المائدة : (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس )) : وكما تشاهدون الحديث عام ، فهل خُصص منه شيء ؟
أولا : ننظر في عمومه : قتل رجل بالغ رجلا بالغا يقتل به ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يقتل به ، رجل عاقل رجلا مجنونا يقتل به ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يُقتل به ، للعموم .
امرأة قتلت رجلا ؟!
الطالب : تقتل به .
الشيخ : تقتل به .
رجل قتل امرأة ؟
الطالب : يقتل بها .
الشيخ : يقتل بها ، طيب حرٌ قتل عبدا يقتل به ؟
الطالب : لا .
الشيخ : ناخذ العموم يا إخوان ، ناخذ العموم ، حر قتل عبدا يقتل به ، عبد قتل حرا يقتل به ، أب قتل ابنه ؟
الطالب : لا يقتل !!
الشيخ : يقتل به ، أم قتلت بنتها !؟
الطالب : تقتل بها .
الشيخ : ابن قتل أباه ؟
الطالب : يقتل به .
الشيخ : مسلم قتل كافرا يقتل به للعموم ، كافر قتل مسلما يقتل به ، هذا هو العموم هذا هو الأصل ، ولنا أن نأخذ بالعموم حتى يثبت المخصص ، لأننا مأمورون بالأخذ بالنصوص على عمومها حتى يثبت المخصص ، فهل هناك مخصص ؟
ننظر أولاً : يقتل الكافر بالمسلم ، يعني لو قتل كافر مسلما فإننا نقتله ، واضح ؟ الدليل ؟ الدليل يا إخوان ؟ الدليل : ( النفس بالنفس ) هذا الدليل ، لا يقتل المسلم بالكافر يحتاج إلى دليل ما هو الدليل ؟ الدليل ما ثبت في * الصحيحين * من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( ألا يقتل مسلم بكافر ) : لا يقتل مسلم بكافر ، فإن كان الكافر حربياً فإنه يقتل به بالإجماع ، لا يقتل به المسلم ، لأن الحربي دمه هدر ، وإن كان ذميا فقد اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال :
القول الأول : لا يُقتل المسلم بالذمي لعموم حديث علي : ( لا يقتل مسلم بكافر ) .
والثاني : يُقتل لأن النبي صلي الله عليه وسلم قتل مسلمًا بذمي وقال : ( أنا أولى من أوفى بذمته ) ، ولأن الذمي معصوم الدم ومعصوم المال فهو كالمسلم ، وإسلامه له ، لكن ما دام معصوم الدم والمال ولا تحل الجناية عليه فإنه إذا جنى المسلم على هذا المعصوم يقتل ، والدين يختص بنفسه ، لكن حفظ الأمن العام هو للعموم .
القول الثالث : إن قتله غِيلة قُتل ، إن قتل المسلمُ الكافرَ غِيلة فإنه يقتل به وإن كان عن قصد فإنه لا يُقتل به .
الغِيلة : " هو أن يتحرى غفلته " ، يتحرى القاتل غفلة الإنسان فيقتله فإن المسلم يقتل بالكافر ، وعليه يحمل ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( أنه قتل مسلما بكافر في غزوة خيبر ) ، ولأن قتل الغيلة مخل بالأمن على سبيل العموم فيقتل القاتل حفظًا ؟ إيش ؟ للأمن ، لأن القاتل غِيلة لا يمكن التحرز منه إذ هو يأتي في غفلة وغرة ، بخلاف الذي يشابك باليد ويقاتل فهذا قد أتى عن قصد .
إذًا القول في هذا كم ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ثلاثة ، القول الأول : أنه لا يقتل به .
والثاني : يقتل به لعصمته .
والثالث : إن كان غيلة قتل وإلا فلا .
والقول بأنه يُقتل به مطلقا ضعيف ، والقول بأنه يقتل إذا كان القتل غِيلة قوي والقول بأنه لا يقتل به مطلقا أيضا قوي ، فالترجيح الآن دائر بين القولين : أنه إذا قتل المسلم الكافر غيلة قتل به أو أنه لا يقتل به مطلقا ، جمهور العلماء في هذه المسألة على أن المسلم لا يقتل بالكافر مطلقا ، المسلم لا يقتل بالكافر مطلقا لعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم : ( لا يقتل مسلم بكافر ) .
وأما ورد عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم في قتل مسلم بذمي فهذا إن صح قضية عين قد تكون فيها ملابسات أوجبت قتل هذا الرجل .
وقال بعض العلماء : إن قتل الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمَ بالذمي من باب التعزير ، وأن النبي صلي الله عليه وسلم وحده له أن يعزر بالقتل ، لأنه معصوم من إرادة قتل النفس ، وأما غيره فلا يعزر بالقتل ، لأنه قد يكون له هوى .
وهذا ينبغي أن يضم إلى الأقوال الثلاثة : وهو عبارة عن جواب مَن استدل بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام على قتل المسلم بالذمي ، فيقال : إن الرسول عليه الصلاة والسلام له أن يعزر بالقتل وحده ، طيب نشوف هل يُقتل الرجل بالمرأة ؟ نعم ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : الدليل ؟
الطالب : ( النفس بالنفس ) .
الشيخ : ( النفس بالنفس ) وهذا الذي رآه جمهور العلماء بل حكاه بعضهم إجماعا أن الرجل يقتل بالمرأة .
وقيل : لا يقتل الرجل بالمرأة .
وقيل : يقتل بها ويدفع أهلها نصف الدية ، وجه هذا القول الأخير إيش ؟ أنه يدفع نصف الدية لأن دية المرأة نصف دية الرجل ، فإذا قتلنا الرجل فإنه يدفع أهلها نصف دية الرجل مِن مالها ، أما من أموالهم فلا يلزمهم لأن الله يقول : (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) ، ولكن الصحيح المتعين أنه يقتل الرجل بالمرأة ، يقتل الرجل بالمرأة ودليل هذا : ( أن النبي صلي الله عليه وسلم قتل اليهودي ) بمن ؟ ( بالجارية ) ، وهذا قتل رجل بامرأة ، ولعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم : ( المؤمنون تتكافئ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ) .
فإن قيل : ما الجواب عن قوله تعالى : (( والأنثى بالأنثى )) ، (( كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى )) ؟
فالجواب أن الآية صريحة في أن الأنثى تقتل بالأنثى ولها مفهومان :
الأول : أن الرجل لا يقتل بالأنثى . والثاني : أن الأنثى لا تقتل بالرجل ، لكن المفهوم الثاني يقال فيه : إن الأنثى تقتل بالرجل من باب أولى ، إذا كانت تقتل بالأنثى فقتلها بالرجل من باب أولى -أظن يجي لمكانه ما هو بجاي- طيب .
وأما الثاني : وهو أنه هل يقتل الرجل بالمرأة ؟ فإن دلالة آية البقرة على امتناعه بالمفهوم ، والسنة أثبتت قتل الرجل بالأنثى وهو في قوة المنطوق ، فيكون مقدما على المفهوم ، نستمر بالشرح وإلا ؟ نعم .
الطالب : نستمر .
الشيخ : طيب ، إذًا الأنثى تُقتل بالرجل من باب أولى ، يعني : إذا كانت تقتل بالأنثى فبالرجل من باب أولى .
وهل يقتل الرجل بالأنثى ؟ قلنا : جمهور العلماء وحُكي إجماعًا أن الرجل يقتل بالأنثى ، وقال بعض العلماء : إنه إذا قُتل فلا بد أن يسلم لأوليائه نصف الدية .
ثم أوردنا إشكالا بالنسبة للآية وقلنا : الآية منطوقها أن الأنثى تقتل بالأنثى مفهومها إيش ؟
أن الرجل لا يقتل بالأنثى ولا الأنثى بالرجل ، ولكن قتل الأنثى بالرجل من باب أولى ، فتكون دلالة الآية على قتل الأنثى بالرجل من باب مفهوم الأولى . وأما قتل الرجل بالمرأة فدلالة الآية على انتفائه دلالة مفهوم ، ودلالة السنة على ثبوته دلالة في قوة المنطوق فتكون أولى ، ثم عموم : ( المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ) ، وعموم (( النفس بالنفس )) يدل على ثبوت القصاص .
طيب نستمر ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم ، هو لا شك أن استمرارنا أولى لتوارد الخواطر لكن في ناس راحوا بناء على العادة أن نعم ؟ نعم نعم ؟
الطالب : حرموا أنفسهم .
الشيخ : حرموا أنفسهم ها كيف ؟ طيب أحسب بس يقولون هذا تغرير غريتونا وفعلتو والله على رأيكم أنا كله واحد تبون نستمر علشان .
الطالب : نستمر أفضل .
الشيخ : طيب ، إذًا أجل نستمر ولكم أن تبرروا ذلك بأن تقولوا : إنهم لم يستأذنوا ، نعم ، طيب إذا قتل أب ابنه أيقتل به ؟ قلنا : نعم يقتل على العموم ، لكن جمهور العلماء على أن الوالد مِن أب أو أم لا يقتل بولده ، واستدلوا لذلك بحديث فيه مقال : ( لا يقتل والد بولده ) وهو يعم الأم بالنسبة لأولادها والأب بالنسبة لأولاده أيضا ، ودليلهم من هذا دليل من الأثر ودليلهم من النظر .
طيب قالوا : لنا دليلان :
الدليل الأول من الأثر ، وهو قوله أو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : ( لا يقتل والد بولده ) .
الدليل من النظر : أن الوالد هو السبب في وجود الولد ، فلا ينبغي أن يكون الولد سبباً في إعدامه وهو السبب في إيجاده ، وعلى هذا فيكون قتل الوالد بولده مستثنى من قوله صلى الله عليه وسلم : ( النفس بالنفس ) .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الوالد يقتل بالولد واستدلوا بالأثر وبالنظر !!سبحان الله !! هؤلاء بالأثر والنظر وهؤلاء أيضا بالأثر والنظر ، أما الأثر فقالوا : لدينا عموم الحديث : ( النفس بالنفس ) ، وعموم الآية : (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس )) ، وعموم قوله تعالى : (( فمن آعتدى عليكُم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكُم )) هذا أثر .
النظر : أن قتل الولد أعظم جناية من قتل الأجنبي ، فكيف يسقط القصاص في قتل الولد مع أنه أعظم جناية من قتل الأجنبي ؟!
وكان الأولى أن يُقال : إذا ثبت القصاص في قتل الأجنبي فليثبت في قتل الولد .
وأما ما استدل به القائلون بمنع قتل الوالد بالولد فالأثر الذي استدلوا به ضعيف لا يقاوم عموم : ( النفس بالنفس ) .
والنظر الذي استدلوا به أيضا ضعيف علة معلولة ، لأن الولد لما قُتل لم يكن سببا في إعدام أبيه ، من هو السبب في إعدام نفسه ؟
الطالب : هو نفسه .
الشيخ : الأب هو السبب ، هو الذي فعل سببا يقتضي إعدام نفسه فجنى على نفسه ، فجنايته على نفسه .
قالوا : وأما الحديث فهو حديث لا يقاوم عمومات الأحاديث الصحيحة ، ثم على تقدير صحته إنما نفى قتل الوالد بالولد لأن الغالب أن قتل الوالد لولده لا يكون إلا عن خطأ ، فإن أرحم الناس بالناس هو الوالد بولده ، فكونه يتعمد قتله أمر بعيد ، فلذلك قال : ( لا يقتل والد بولده ) أي : لا يمكن أن يقتل والدٌ ولده عمدا عدوانا ، فإذا انتفى العمد العدوان وهو علة القتل انتفى إيش ؟ القتل ، ولهذا قال الإمام مالك -رحمه الله- قال : " إن تعمد قتل ولده تعمدا لا شك فيه بأن أمسكه فأضجعه فذبحه قُتل به " ، لأنه ليس هناك شبهة تقتضي رفع القتل عنه ، وإن قتله عمدا كسائر الناس فلا يُقتل ، لاحتمال وجود الشبهة وهي الخطأ ، وعدم إرادة القتل .
وقال بعض العلماء -وهم قلة- : يقتل الوالد بولده بكل حال .
فصارت الأقوال كم ؟ ثلاثة : يقتل بكل حال ، لا يقتل بكل حال ، التفصيل : إن تعمد قتله عمدًا لا شبهة فيه قتل به وإلا فلا ، وهذا القول الصحيح ، وهذا القول هو الصحيح إن لم نقل بأن القول الصحيح أنه يقتل به مطلقا لعموم الأدلة ، ولأن النزاع يقع كثيرا بين الوالد وولده ليس الأكثر لكن كثيرا ، فيغضب الوالد فيقوم ويقتل ولده ، يعني كثير من الناس يبغض أولاده ، صحيح أن الغالب أن الوالد يحب ولده ولا يحب أن يناله أحد بسوء ويبعد كل البعد أن يتعمد قتله ولكن قد يقتله ، كم ذكرنا من التخصيص الآن ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : آه ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ما هي ؟ ما هي ؟
الطالب : المسلم بالكافر .
الشيخ : المسلم لا يقتل بالكافر ، الرجل والمرأة ، الوالد بولده ، الأم والابن الوالد بولده أعم .
طيب قتل عبدٌ حراً ؟
الطالب : لا يقتل .
الشيخ : لا يا إخوان ، عبد ! قتل عبدٌ حرًا ؟!
الطالب : يقتل .
الشيخ : على العموم ، طيب لو دعست البعير شخصًا هل تقتل أو لا ؟ نعم طيب على كل حال : العبد إذا قتل حرًا يقتل به لا إشكال فيه ولا خلاف فيه فيما نعلم .
لكن إذا قتل حرٌ عبدا ، قتل حر عبدًا هل يقتل به ؟ يقتل على العموم : ( النفس بالنفس ) .
وقيل : لا يقتل ، لا يقتل به لحديث : ( لا يقتل حر بعبد ) ، وللنظر وهو : أن العبد متقوَّم فسبيله سبيل البهائم ، وللقياس : وهو أن أطراف الحر لا تقطع بأطراف العبد بالإجماع ، فكذلك لا يقتل به ، كم ؟ كم ؟ سعد ، نعم ؟ الطالب : الحر !
الشيخ : الحر هل يقتل بالعبد أو لا ؟ لا ، هل يقتل الحر بالعبد ؟
الطالب : لا يقتل ، العموم يقول يقتل .
الشيخ : طيب .
الطالب : مقدم عليه لا يقتل .
الشيخ : نعم ، الدليل ؟
الطالب : دليله في الحديث : ( لا يقتل حر بعبد ) .
الشيخ : تمام هذا واحد ، ولأن ؟ إي فيه ، فيه تعليل نظري وفيه قياس ولأن ؟
الطالب : ولأن الأعضاء .
الشيخ : لا .
الطالب : ولأن العبد يتقوم سبيله سبيل البهائم .
الشيخ : نعم .
الطالب : وأما القياس فلأن أطراف الحر لا تقطع بأطراف العبد بالإجماع .
الشيخ : وأما القياس فلأن أطراف الحر لا تقطع بأطراف العبد بالإجماع فكذلك لا ينبغي أن يقتل به ، أعرفتم الآن ؟! طيب هذه ثلاثة .
وقال بعض العلماء : بل الحر يقتل بالعبد ، لعموم قوله : ( النفس بالنفس ) ، ولأنها نفس محترمة ففارقت البهائم ، ولأن في قتله خطأ كفارة ففارق البهائم ، يعني لو قتلت بعيرًا خطأ فعليك ضمانها لكن ليس عليك كفارة ، ولو قتلت عبدًا خطأ فعليك ضمانه والكفارة ، فلم يكن سبيله سبيل الأموال ، وأما الأطراف فالفرق أنَّ الأطراف تُقدر بالنسبة للعبد بالقيمة لا بالدية ، وأطراف الحر تقدر بالدية ، فهمتم ؟
الطالب : ما فهمنا .
الشيخ : ما فهمتم ! لو قطع اليد اليسرى من الحر ، وقطع آخر مِن حر آخر اليد اليمنى كم دية اليسرى ؟ حران قطع يد أحدهما رجل ، قطع يد أحدهما اليمنى رجل ، وقطع يد أحدهما اليسرى رجل آخر ، كم يضمن كل رجل ؟ نضمن كل رجل نصف الدية .
ولو كان عندنا عبدان فقطع يد أحدهما اليمنى رجل ، وقطع يد أحدهما اليسرى رجل آخر فكم على كل واحد من الرجلين ؟ تقويم ، اليد اليمنى في العبد تساوي ثلثي القيمة أو ثلاثة أرباع القيمة ، واليد اليسرى ؟ تساوي ربع القيمة أو ثلث القيمة ، فكانت الأجزاء من العبد إيش ؟ مقومة بالقيمة ، مقدرة بالقيمة ، ومن الحر مقدرة بالنسبة إلى الدية ، فهذا هو الفرق ، ولذلك لا تقطع يد الحر إذا قطع يد العبد بالإجماع .
فهذان قولان متقابلان : القول الأول : لا يقتل الحر العبد . والقول الثاني : يقتل الحر بالعبد بكل حال .والقول الثالث وسط ، وهو : أنه إن قتل عبدَ غيره قُتل ، وإن قتل عبد نفسه لم يُقتل -حطوا بالكم لهذا- الفرق ، ما الفرق بين أن يقتل الحر عبد غيره أو يقتل عبد غيره ؟
قالوا : إذا قتل عبد نفسه فإنه يقتل هذا العبد بماذا ؟ بالملكية ، لأنه يملكه ، وإذا قتل عبد غيره فإنه لا يقتله في ذلك ، ولأن العبد عبد الإنسان قد يخطأ خطأ يوجب لسيده أن يكون له شبهة في قتله ، فيرفع القتل عنه ، ولكن يرد على هذا أنه قد روي في * السنن * من حديث سمرة : ( من قتل عبده قتلناه ، ومن جدع عبده جدعناه ) : يعني من قطع أنفه ، وهذا يقتضي أن يقتل السيد بعبده ، وإذا قتل السيد بعبده فغير السيد من باب أولى ، ولهذا نقول :
القول الراجح في هذه المسألة أن الحر يقتل بالعبد كما قلنا إن القول الراجح في هذه مسألة الولادة أن الأب يقتل بابنه ما لم يكن هناك شبهة ، ولدينا عموم : ( النفس بالنفس ) ، ( والمؤمنون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ) ، ولأننا إذا قلنا بعدم القتل أوجب التهاون في قتل العبيد فحصل بذلك شر بين العبيد مع الجناة ، وبين أسياد العبيد مع الجناة .
والتفريق بين قتل الرجل عبده وقتله عبد غيره فيه نظر أيضًا :
أولاً : للحديث الذي ذكرنا ( أن من قتل عبده قتلناه ) .
وثانياً : أنا إذا قلنا : إن الحر لا يقتل بالعبد إذا كان هو سيده ، ويقتل إذا كان العبد لغيره ، يؤدي إلى أن الإنسان إذا أراد أن يقتل عبدا ذهب وإيش ؟
الطالب : اشتراه .
الشيخ : واشتراه من سيده وأغرى سيده بالمال حتى يملكه ، ثم بعد ذلك يقتله ، هذه أربعة أشياء .
طيب وقوله عليه الصلاة والسلام : ( النفس بالنفس ) : يشمل ما إذا قتل عاقلٌ مجنونا ، أو عالمٌ جاهلا ، أو شابٌ طفلا في المهد ، أو شابٌّ كبيرا مخرفا أليس كذلك ؟ نعم ، وذلك لأن الأنفس ليست مقومة بالمال حتى نقول : إن الشاب الجلد العالم العاقل الذكي نعم لا يُقتل بشيخ هرم مخرف لا يمسك بولا ولا غائطا ولا يقوم من فراشه ولا يعرف أمه من بنته ، وهذا الرجل الشاب الجلد القوي العالم الغني الكريم الشجاع يُقتل به إذا قتله ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ليش ؟ للعموم ( النفس بالنفس ) ، ومسألة القتل ليست مبنية على القيمة .
طيب لو كان القاتل أميرًا ، لو كان القاتل أميراً بغير حق عمد عدوان هل يقتل الأمير ؟
الطالب : العموم يقتل .
الشيخ : نعم ؟ العموم يقتل : ( النفس بالنفس ) ، وقال بعض العلماء -وأنا بعيد العهد به ويحتاج إلى أن نحرره- : " إنه إذا إقتضى قتله فتنة وشرًا كبيرًا فإنه يمنع من القتل كما قلنا : إن قتل الغِيلة يوجب القصاص بكل حال حفظًا للأمن فهذا يمنع فيه من القصاص حفظا لإيش ؟ للأمن " ، أظن بعض العلماء قال ذلك ، وقال : إنه إذا خِيف من قتل هذا فتنة كبيرة نعم فإنه يمنع من القتل كما قلنا في قتل الغيلة أنه يوجب القتل ولو اختار أولياء المقتول الدية ، لما في ذلك من حفظ الأمن ، هذا أيضا نهى عن القصاص فيه حفظ للأمن .
طيب -اصبروا يا جماعة- ما أظلمكم !! أنتم تحتاجون إلى القصاص الآن إخوانكم ذهب كثير منهم تقول : استمر والآن نستمر ، نكمل على الأقل قوله : ( النفس بالنفس ) نعم .
طيب عموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( النفس بالنفس ) يشمل القتل مباشرة ، أو بسبب :
القتل مباشرة أو بسبب : القتل مباشرة واضح ، يأخذ السيف ويقتله .
القتل بسبب : يحفر في طريقه حفرة ، فيسقط فيها ويموت ، هذا إيش ؟ مباشر ولا سبب ؟
الطالب : سبب .
الشيخ : سبب ، وما دفعه في الحفرة ، حفر حفرة وجاء هذا فسقط فيها فمات ، ولكن إذا اجتمع مباشر ومتسبب فهل يشتركان أو الضمان على المباشر ؟ الطالب : الثاني !
الشيخ : الثاني ولا الأول ؟ فيه تفصيل : إذا كان المباشر يمكن إحالة الضمان عليه فعلى المباشر ، وإن كان لا يمكن فعلى المتسبب ، فلو أن رجلا رأى أسدا يزأر ، يزأر يريد أحدا يأكله ، فأخذ بهذا الطفل ورمى به بين يدي الأسد وأكله فالضمان على الأسد ، على الأسد ولا لا ليش ؟ على الذي أكل وقضم عظامه هو الأسد .
الطالب : لا يمكن .
الشيخ : نعم لكن هذا المباشر لا يمكن إحالة الضمان عليه ، كيف نضمن الأسد ؟ ما يصلح ، طيب إذًا الضمان هنا على المتسبب .
أما إذا أمكن إحالة الضمان عليه فالضمان على المباشر ، مثاله : حفر حفرة في طريق إنسان ليسقط فيها فجاء إنسان يمشي وقف على الحفرة ، فجاء آخر فدفعه بالحفرة حتى مات ، على مَن ؟
الطالب : على الذي دفعه .
طالب آخر : على المباشر .
الشيخ : على المباشر لأن إحالة الضمان عليه ممكنة فكان الضمان عليه . طيب اشترك جماعة في قتل إنسان ، اشترك جماعة في قتل إنسان فهل يقتلون به ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لا إله إلا الله ، ما أسرع قولكم نعم !! ( النفس بالنفس ) إذا كان المشتركون عشرة كم نقتل الآن ؟
الطالب : عشرة .
الشيخ : والحديث : ( النفس بالنفس ) ، المقتول واحد ، نعم ؟ الصحيح أن الجماعة تقتل بالواحد ، لأنهم مشتركون في القتال ، ولأن بعضهم قوة لبعض ربما لو كان واحدًا ما قتل لكن لما كان معه جماعة قتلوه ، ولهذا : " قتل عمر رضي الله عنه جماعة من أهل صنعاء في اليمن اشتركوا في قتل إنسان ، وقال : لو اجتمع عليه أهل صنعاء لقتلتهم به " : وسنة عمر سنة متبعة ، وعلى هذا إذا اشترك جماعة بواحد نعم قتلوا جميعا ، لكن فيه شيء آخر يمكن ننظر هل يمكن أو لا ؟
هم عشرة الآن ، وقتلوا نفسا واحدة ، أفلا نقتل كل واحد منهم عُشْر قتله ؟ نقول للأول : نقتلك عشر قتلة ، الثاني عُشر والثالث عشر إلى أن نتم عشرة يمكن ولا ما يمكن ؟
الطالب : لا يمكن .
الشيخ : طيب ، لو أن أولياء المقتول اختاروا الدية ، كم يعطون ؟ كل واحد عليه عشر من الإبل ، يعني عشر الدية ، الدية مئة بعير ، طيب لماذا الدية اختلفت عن القصاص ؟
الطالب : لا يمكن تجزئتها .
الشيخ : لأن الدية يمكن تجزئتها والقصاص لا يمكن تجزئته .
طيب ، لو اشترك واحد ، لو أن واحدًا قتل عشرة عكس مسألتنا ، واحد قتل عشرة إيش نعمل ؟ نقتله عشر مرات ؟
الطالب : مرة واحدة .
الشيخ : مرة واحدة ، لكن لمن يقول من الذي يتولى قتله ؟ كل واحد من أولياء المقتولين يقول : أنا الذي أقتله لأنه قتل صاحبي فماذا يصنع ؟ إن عين الإمام أحدا لا بأس ، وإلا يؤخذ بالأول ، فإن كان قتلهم جميعا فيقرع بينهم ويثبت للباقين دية ، عَرفتم ؟ من قَتل أولاً ، الذي يقتل أول هو الذي له الحق ، لأنه صار دمه هدرا بقتل الأول ، إذا لم يكن أول بأن قتلهم جميعا برشاش أو خانق أو ما أشبه ذلك ، أو عُلم الأول أو جُهل فهنا يقرع بينهم ، لأن القرعة ثابتة في كل ما لا يتميز .
فالمهم أن هذا الباب يا إخوانا باب عظيم ، ينبغي لطالب العلم أن يحرره ويحققه ، لأنه ينبني عليه ليس إتلاف مال ، المال إذا تلف يأتي بعده ما يخلفه ، لكن الأنفس !! ولهذا يجب أن يتحرز الإنسان كل التحرز ، صار هذا العموم النفس بالنفس فيه مستثنيات .
الطالب : إنسان قتل آخر بطعنة ، فاختلفوا ، فالشيخ قال : آخه للتشريح ولا أسامح ، ما قولكم ؟ هل ... ؟
الشيخ : هذه مسألة ما تتعلق بموضوعنا .
ولكن هل يقتل القاتل بالسيف أو بما قتل به ؟ في هذا للعلماء قولان :
أحدهما : أنه يقتل بالسيف ، واستدلوا بحديث رواه ابن ماجه بسند ضعيف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( لا قَوَد إلا بالسيف ) : لا قود يعني : لا قصاص إلا بالسيف ، ولأن السيف أسهل في الغالب ، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ) .
وقال بعض العلماء : بل يقتل القاتل أي : الجاني بما قتل به ، إن قتل بالسيف قتلناه بالسيف ، وإن قتل بالرصاص قتلناه بالرصاص ، وإن قتل بالسُّم قتلناه بالسم ، وإن قتل بالعين قتلناه بالعين ، وإن قتل بالحال قتلناه بالحال ، أي شيء يقتل به نقتله به ، واستدلوا لهذا بالكتاب والسنة والقياس الصحيح :
أما الكتاب فقوله تعالى : (( ولكم في القصاص حياة )) ، ولا يتم القصاص إلا إذا قتل الجاني بما قتل به ، وبقوله تعالى : (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه )) بإيش ؟ (( بمثل ما اعتدى عليكم )) : هذا اعتدى على هذا بالسيف نعتدي عليه بالسيف ، اعتدى عليه بالرصاص نعتدي عليه بالرصاص ، وأما بالسنة فقد ثبت في * الصحيحين * : ( أن النبي صلي الله عليه وسلم رضَّ رأس رجل يهودي رضَّ رأس جارية للأنصار ، وأخذ ما معها من الأوضاح -الحلي- فجيء للمرأة وهي في آخر رمق وقيل : من قتلك فلان فلان حتى وصلوا إلى اليهودي فأومأت أن نعم ، فأُخذ اليهودي فأقر ، فأمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم أن يرض رأسه بين حجرين ) : هذا من الكتاب والسنة .القياس الصحيح : أن المعتدي جاني ، وتمام العدل في معاملته أن نفعل به كما فعل وهذا القول هو الصحيح ، بل هو المتعين ، فعلى هذا نقول : قوله عليه الصلاة والسلام : ( النفس بالنفس ) : يعني أنه يُفعل بالجاني كما فعل بالمجني عليه ، والزاني ماذا يفعل به ؟ الزاني المحصن ؟ يرجم .
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( النفس بالنفس ) هو كقوله تعالى في سورة المائدة : (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس )) : وكما تشاهدون الحديث عام ، فهل خُصص منه شيء ؟
أولا : ننظر في عمومه : قتل رجل بالغ رجلا بالغا يقتل به ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يقتل به ، رجل عاقل رجلا مجنونا يقتل به ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يُقتل به ، للعموم .
امرأة قتلت رجلا ؟!
الطالب : تقتل به .
الشيخ : تقتل به .
رجل قتل امرأة ؟
الطالب : يقتل بها .
الشيخ : يقتل بها ، طيب حرٌ قتل عبدا يقتل به ؟
الطالب : لا .
الشيخ : ناخذ العموم يا إخوان ، ناخذ العموم ، حر قتل عبدا يقتل به ، عبد قتل حرا يقتل به ، أب قتل ابنه ؟
الطالب : لا يقتل !!
الشيخ : يقتل به ، أم قتلت بنتها !؟
الطالب : تقتل بها .
الشيخ : ابن قتل أباه ؟
الطالب : يقتل به .
الشيخ : مسلم قتل كافرا يقتل به للعموم ، كافر قتل مسلما يقتل به ، هذا هو العموم هذا هو الأصل ، ولنا أن نأخذ بالعموم حتى يثبت المخصص ، لأننا مأمورون بالأخذ بالنصوص على عمومها حتى يثبت المخصص ، فهل هناك مخصص ؟
ننظر أولاً : يقتل الكافر بالمسلم ، يعني لو قتل كافر مسلما فإننا نقتله ، واضح ؟ الدليل ؟ الدليل يا إخوان ؟ الدليل : ( النفس بالنفس ) هذا الدليل ، لا يقتل المسلم بالكافر يحتاج إلى دليل ما هو الدليل ؟ الدليل ما ثبت في * الصحيحين * من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( ألا يقتل مسلم بكافر ) : لا يقتل مسلم بكافر ، فإن كان الكافر حربياً فإنه يقتل به بالإجماع ، لا يقتل به المسلم ، لأن الحربي دمه هدر ، وإن كان ذميا فقد اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال :
القول الأول : لا يُقتل المسلم بالذمي لعموم حديث علي : ( لا يقتل مسلم بكافر ) .
والثاني : يُقتل لأن النبي صلي الله عليه وسلم قتل مسلمًا بذمي وقال : ( أنا أولى من أوفى بذمته ) ، ولأن الذمي معصوم الدم ومعصوم المال فهو كالمسلم ، وإسلامه له ، لكن ما دام معصوم الدم والمال ولا تحل الجناية عليه فإنه إذا جنى المسلم على هذا المعصوم يقتل ، والدين يختص بنفسه ، لكن حفظ الأمن العام هو للعموم .
القول الثالث : إن قتله غِيلة قُتل ، إن قتل المسلمُ الكافرَ غِيلة فإنه يقتل به وإن كان عن قصد فإنه لا يُقتل به .
الغِيلة : " هو أن يتحرى غفلته " ، يتحرى القاتل غفلة الإنسان فيقتله فإن المسلم يقتل بالكافر ، وعليه يحمل ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( أنه قتل مسلما بكافر في غزوة خيبر ) ، ولأن قتل الغيلة مخل بالأمن على سبيل العموم فيقتل القاتل حفظًا ؟ إيش ؟ للأمن ، لأن القاتل غِيلة لا يمكن التحرز منه إذ هو يأتي في غفلة وغرة ، بخلاف الذي يشابك باليد ويقاتل فهذا قد أتى عن قصد .
إذًا القول في هذا كم ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ثلاثة ، القول الأول : أنه لا يقتل به .
والثاني : يقتل به لعصمته .
والثالث : إن كان غيلة قتل وإلا فلا .
والقول بأنه يُقتل به مطلقا ضعيف ، والقول بأنه يقتل إذا كان القتل غِيلة قوي والقول بأنه لا يقتل به مطلقا أيضا قوي ، فالترجيح الآن دائر بين القولين : أنه إذا قتل المسلم الكافر غيلة قتل به أو أنه لا يقتل به مطلقا ، جمهور العلماء في هذه المسألة على أن المسلم لا يقتل بالكافر مطلقا ، المسلم لا يقتل بالكافر مطلقا لعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم : ( لا يقتل مسلم بكافر ) .
وأما ورد عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم في قتل مسلم بذمي فهذا إن صح قضية عين قد تكون فيها ملابسات أوجبت قتل هذا الرجل .
وقال بعض العلماء : إن قتل الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمَ بالذمي من باب التعزير ، وأن النبي صلي الله عليه وسلم وحده له أن يعزر بالقتل ، لأنه معصوم من إرادة قتل النفس ، وأما غيره فلا يعزر بالقتل ، لأنه قد يكون له هوى .
وهذا ينبغي أن يضم إلى الأقوال الثلاثة : وهو عبارة عن جواب مَن استدل بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام على قتل المسلم بالذمي ، فيقال : إن الرسول عليه الصلاة والسلام له أن يعزر بالقتل وحده ، طيب نشوف هل يُقتل الرجل بالمرأة ؟ نعم ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : الدليل ؟
الطالب : ( النفس بالنفس ) .
الشيخ : ( النفس بالنفس ) وهذا الذي رآه جمهور العلماء بل حكاه بعضهم إجماعا أن الرجل يقتل بالمرأة .
وقيل : لا يقتل الرجل بالمرأة .
وقيل : يقتل بها ويدفع أهلها نصف الدية ، وجه هذا القول الأخير إيش ؟ أنه يدفع نصف الدية لأن دية المرأة نصف دية الرجل ، فإذا قتلنا الرجل فإنه يدفع أهلها نصف دية الرجل مِن مالها ، أما من أموالهم فلا يلزمهم لأن الله يقول : (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) ، ولكن الصحيح المتعين أنه يقتل الرجل بالمرأة ، يقتل الرجل بالمرأة ودليل هذا : ( أن النبي صلي الله عليه وسلم قتل اليهودي ) بمن ؟ ( بالجارية ) ، وهذا قتل رجل بامرأة ، ولعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم : ( المؤمنون تتكافئ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ) .
فإن قيل : ما الجواب عن قوله تعالى : (( والأنثى بالأنثى )) ، (( كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى )) ؟
فالجواب أن الآية صريحة في أن الأنثى تقتل بالأنثى ولها مفهومان :
الأول : أن الرجل لا يقتل بالأنثى . والثاني : أن الأنثى لا تقتل بالرجل ، لكن المفهوم الثاني يقال فيه : إن الأنثى تقتل بالرجل من باب أولى ، إذا كانت تقتل بالأنثى فقتلها بالرجل من باب أولى -أظن يجي لمكانه ما هو بجاي- طيب .
وأما الثاني : وهو أنه هل يقتل الرجل بالمرأة ؟ فإن دلالة آية البقرة على امتناعه بالمفهوم ، والسنة أثبتت قتل الرجل بالأنثى وهو في قوة المنطوق ، فيكون مقدما على المفهوم ، نستمر بالشرح وإلا ؟ نعم .
الطالب : نستمر .
الشيخ : طيب ، إذًا الأنثى تُقتل بالرجل من باب أولى ، يعني : إذا كانت تقتل بالأنثى فبالرجل من باب أولى .
وهل يقتل الرجل بالأنثى ؟ قلنا : جمهور العلماء وحُكي إجماعًا أن الرجل يقتل بالأنثى ، وقال بعض العلماء : إنه إذا قُتل فلا بد أن يسلم لأوليائه نصف الدية .
ثم أوردنا إشكالا بالنسبة للآية وقلنا : الآية منطوقها أن الأنثى تقتل بالأنثى مفهومها إيش ؟
أن الرجل لا يقتل بالأنثى ولا الأنثى بالرجل ، ولكن قتل الأنثى بالرجل من باب أولى ، فتكون دلالة الآية على قتل الأنثى بالرجل من باب مفهوم الأولى . وأما قتل الرجل بالمرأة فدلالة الآية على انتفائه دلالة مفهوم ، ودلالة السنة على ثبوته دلالة في قوة المنطوق فتكون أولى ، ثم عموم : ( المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ) ، وعموم (( النفس بالنفس )) يدل على ثبوت القصاص .
طيب نستمر ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم ، هو لا شك أن استمرارنا أولى لتوارد الخواطر لكن في ناس راحوا بناء على العادة أن نعم ؟ نعم نعم ؟
الطالب : حرموا أنفسهم .
الشيخ : حرموا أنفسهم ها كيف ؟ طيب أحسب بس يقولون هذا تغرير غريتونا وفعلتو والله على رأيكم أنا كله واحد تبون نستمر علشان .
الطالب : نستمر أفضل .
الشيخ : طيب ، إذًا أجل نستمر ولكم أن تبرروا ذلك بأن تقولوا : إنهم لم يستأذنوا ، نعم ، طيب إذا قتل أب ابنه أيقتل به ؟ قلنا : نعم يقتل على العموم ، لكن جمهور العلماء على أن الوالد مِن أب أو أم لا يقتل بولده ، واستدلوا لذلك بحديث فيه مقال : ( لا يقتل والد بولده ) وهو يعم الأم بالنسبة لأولادها والأب بالنسبة لأولاده أيضا ، ودليلهم من هذا دليل من الأثر ودليلهم من النظر .
طيب قالوا : لنا دليلان :
الدليل الأول من الأثر ، وهو قوله أو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : ( لا يقتل والد بولده ) .
الدليل من النظر : أن الوالد هو السبب في وجود الولد ، فلا ينبغي أن يكون الولد سبباً في إعدامه وهو السبب في إيجاده ، وعلى هذا فيكون قتل الوالد بولده مستثنى من قوله صلى الله عليه وسلم : ( النفس بالنفس ) .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الوالد يقتل بالولد واستدلوا بالأثر وبالنظر !!سبحان الله !! هؤلاء بالأثر والنظر وهؤلاء أيضا بالأثر والنظر ، أما الأثر فقالوا : لدينا عموم الحديث : ( النفس بالنفس ) ، وعموم الآية : (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس )) ، وعموم قوله تعالى : (( فمن آعتدى عليكُم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكُم )) هذا أثر .
النظر : أن قتل الولد أعظم جناية من قتل الأجنبي ، فكيف يسقط القصاص في قتل الولد مع أنه أعظم جناية من قتل الأجنبي ؟!
وكان الأولى أن يُقال : إذا ثبت القصاص في قتل الأجنبي فليثبت في قتل الولد .
وأما ما استدل به القائلون بمنع قتل الوالد بالولد فالأثر الذي استدلوا به ضعيف لا يقاوم عموم : ( النفس بالنفس ) .
والنظر الذي استدلوا به أيضا ضعيف علة معلولة ، لأن الولد لما قُتل لم يكن سببا في إعدام أبيه ، من هو السبب في إعدام نفسه ؟
الطالب : هو نفسه .
الشيخ : الأب هو السبب ، هو الذي فعل سببا يقتضي إعدام نفسه فجنى على نفسه ، فجنايته على نفسه .
قالوا : وأما الحديث فهو حديث لا يقاوم عمومات الأحاديث الصحيحة ، ثم على تقدير صحته إنما نفى قتل الوالد بالولد لأن الغالب أن قتل الوالد لولده لا يكون إلا عن خطأ ، فإن أرحم الناس بالناس هو الوالد بولده ، فكونه يتعمد قتله أمر بعيد ، فلذلك قال : ( لا يقتل والد بولده ) أي : لا يمكن أن يقتل والدٌ ولده عمدا عدوانا ، فإذا انتفى العمد العدوان وهو علة القتل انتفى إيش ؟ القتل ، ولهذا قال الإمام مالك -رحمه الله- قال : " إن تعمد قتل ولده تعمدا لا شك فيه بأن أمسكه فأضجعه فذبحه قُتل به " ، لأنه ليس هناك شبهة تقتضي رفع القتل عنه ، وإن قتله عمدا كسائر الناس فلا يُقتل ، لاحتمال وجود الشبهة وهي الخطأ ، وعدم إرادة القتل .
وقال بعض العلماء -وهم قلة- : يقتل الوالد بولده بكل حال .
فصارت الأقوال كم ؟ ثلاثة : يقتل بكل حال ، لا يقتل بكل حال ، التفصيل : إن تعمد قتله عمدًا لا شبهة فيه قتل به وإلا فلا ، وهذا القول الصحيح ، وهذا القول هو الصحيح إن لم نقل بأن القول الصحيح أنه يقتل به مطلقا لعموم الأدلة ، ولأن النزاع يقع كثيرا بين الوالد وولده ليس الأكثر لكن كثيرا ، فيغضب الوالد فيقوم ويقتل ولده ، يعني كثير من الناس يبغض أولاده ، صحيح أن الغالب أن الوالد يحب ولده ولا يحب أن يناله أحد بسوء ويبعد كل البعد أن يتعمد قتله ولكن قد يقتله ، كم ذكرنا من التخصيص الآن ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : آه ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ما هي ؟ ما هي ؟
الطالب : المسلم بالكافر .
الشيخ : المسلم لا يقتل بالكافر ، الرجل والمرأة ، الوالد بولده ، الأم والابن الوالد بولده أعم .
طيب قتل عبدٌ حراً ؟
الطالب : لا يقتل .
الشيخ : لا يا إخوان ، عبد ! قتل عبدٌ حرًا ؟!
الطالب : يقتل .
الشيخ : على العموم ، طيب لو دعست البعير شخصًا هل تقتل أو لا ؟ نعم طيب على كل حال : العبد إذا قتل حرًا يقتل به لا إشكال فيه ولا خلاف فيه فيما نعلم .
لكن إذا قتل حرٌ عبدا ، قتل حر عبدًا هل يقتل به ؟ يقتل على العموم : ( النفس بالنفس ) .
وقيل : لا يقتل ، لا يقتل به لحديث : ( لا يقتل حر بعبد ) ، وللنظر وهو : أن العبد متقوَّم فسبيله سبيل البهائم ، وللقياس : وهو أن أطراف الحر لا تقطع بأطراف العبد بالإجماع ، فكذلك لا يقتل به ، كم ؟ كم ؟ سعد ، نعم ؟ الطالب : الحر !
الشيخ : الحر هل يقتل بالعبد أو لا ؟ لا ، هل يقتل الحر بالعبد ؟
الطالب : لا يقتل ، العموم يقول يقتل .
الشيخ : طيب .
الطالب : مقدم عليه لا يقتل .
الشيخ : نعم ، الدليل ؟
الطالب : دليله في الحديث : ( لا يقتل حر بعبد ) .
الشيخ : تمام هذا واحد ، ولأن ؟ إي فيه ، فيه تعليل نظري وفيه قياس ولأن ؟
الطالب : ولأن الأعضاء .
الشيخ : لا .
الطالب : ولأن العبد يتقوم سبيله سبيل البهائم .
الشيخ : نعم .
الطالب : وأما القياس فلأن أطراف الحر لا تقطع بأطراف العبد بالإجماع .
الشيخ : وأما القياس فلأن أطراف الحر لا تقطع بأطراف العبد بالإجماع فكذلك لا ينبغي أن يقتل به ، أعرفتم الآن ؟! طيب هذه ثلاثة .
وقال بعض العلماء : بل الحر يقتل بالعبد ، لعموم قوله : ( النفس بالنفس ) ، ولأنها نفس محترمة ففارقت البهائم ، ولأن في قتله خطأ كفارة ففارق البهائم ، يعني لو قتلت بعيرًا خطأ فعليك ضمانها لكن ليس عليك كفارة ، ولو قتلت عبدًا خطأ فعليك ضمانه والكفارة ، فلم يكن سبيله سبيل الأموال ، وأما الأطراف فالفرق أنَّ الأطراف تُقدر بالنسبة للعبد بالقيمة لا بالدية ، وأطراف الحر تقدر بالدية ، فهمتم ؟
الطالب : ما فهمنا .
الشيخ : ما فهمتم ! لو قطع اليد اليسرى من الحر ، وقطع آخر مِن حر آخر اليد اليمنى كم دية اليسرى ؟ حران قطع يد أحدهما رجل ، قطع يد أحدهما اليمنى رجل ، وقطع يد أحدهما اليسرى رجل آخر ، كم يضمن كل رجل ؟ نضمن كل رجل نصف الدية .
ولو كان عندنا عبدان فقطع يد أحدهما اليمنى رجل ، وقطع يد أحدهما اليسرى رجل آخر فكم على كل واحد من الرجلين ؟ تقويم ، اليد اليمنى في العبد تساوي ثلثي القيمة أو ثلاثة أرباع القيمة ، واليد اليسرى ؟ تساوي ربع القيمة أو ثلث القيمة ، فكانت الأجزاء من العبد إيش ؟ مقومة بالقيمة ، مقدرة بالقيمة ، ومن الحر مقدرة بالنسبة إلى الدية ، فهذا هو الفرق ، ولذلك لا تقطع يد الحر إذا قطع يد العبد بالإجماع .
فهذان قولان متقابلان : القول الأول : لا يقتل الحر العبد . والقول الثاني : يقتل الحر بالعبد بكل حال .والقول الثالث وسط ، وهو : أنه إن قتل عبدَ غيره قُتل ، وإن قتل عبد نفسه لم يُقتل -حطوا بالكم لهذا- الفرق ، ما الفرق بين أن يقتل الحر عبد غيره أو يقتل عبد غيره ؟
قالوا : إذا قتل عبد نفسه فإنه يقتل هذا العبد بماذا ؟ بالملكية ، لأنه يملكه ، وإذا قتل عبد غيره فإنه لا يقتله في ذلك ، ولأن العبد عبد الإنسان قد يخطأ خطأ يوجب لسيده أن يكون له شبهة في قتله ، فيرفع القتل عنه ، ولكن يرد على هذا أنه قد روي في * السنن * من حديث سمرة : ( من قتل عبده قتلناه ، ومن جدع عبده جدعناه ) : يعني من قطع أنفه ، وهذا يقتضي أن يقتل السيد بعبده ، وإذا قتل السيد بعبده فغير السيد من باب أولى ، ولهذا نقول :
القول الراجح في هذه المسألة أن الحر يقتل بالعبد كما قلنا إن القول الراجح في هذه مسألة الولادة أن الأب يقتل بابنه ما لم يكن هناك شبهة ، ولدينا عموم : ( النفس بالنفس ) ، ( والمؤمنون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ) ، ولأننا إذا قلنا بعدم القتل أوجب التهاون في قتل العبيد فحصل بذلك شر بين العبيد مع الجناة ، وبين أسياد العبيد مع الجناة .
والتفريق بين قتل الرجل عبده وقتله عبد غيره فيه نظر أيضًا :
أولاً : للحديث الذي ذكرنا ( أن من قتل عبده قتلناه ) .
وثانياً : أنا إذا قلنا : إن الحر لا يقتل بالعبد إذا كان هو سيده ، ويقتل إذا كان العبد لغيره ، يؤدي إلى أن الإنسان إذا أراد أن يقتل عبدا ذهب وإيش ؟
الطالب : اشتراه .
الشيخ : واشتراه من سيده وأغرى سيده بالمال حتى يملكه ، ثم بعد ذلك يقتله ، هذه أربعة أشياء .
طيب وقوله عليه الصلاة والسلام : ( النفس بالنفس ) : يشمل ما إذا قتل عاقلٌ مجنونا ، أو عالمٌ جاهلا ، أو شابٌ طفلا في المهد ، أو شابٌّ كبيرا مخرفا أليس كذلك ؟ نعم ، وذلك لأن الأنفس ليست مقومة بالمال حتى نقول : إن الشاب الجلد العالم العاقل الذكي نعم لا يُقتل بشيخ هرم مخرف لا يمسك بولا ولا غائطا ولا يقوم من فراشه ولا يعرف أمه من بنته ، وهذا الرجل الشاب الجلد القوي العالم الغني الكريم الشجاع يُقتل به إذا قتله ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ليش ؟ للعموم ( النفس بالنفس ) ، ومسألة القتل ليست مبنية على القيمة .
طيب لو كان القاتل أميرًا ، لو كان القاتل أميراً بغير حق عمد عدوان هل يقتل الأمير ؟
الطالب : العموم يقتل .
الشيخ : نعم ؟ العموم يقتل : ( النفس بالنفس ) ، وقال بعض العلماء -وأنا بعيد العهد به ويحتاج إلى أن نحرره- : " إنه إذا إقتضى قتله فتنة وشرًا كبيرًا فإنه يمنع من القتل كما قلنا : إن قتل الغِيلة يوجب القصاص بكل حال حفظًا للأمن فهذا يمنع فيه من القصاص حفظا لإيش ؟ للأمن " ، أظن بعض العلماء قال ذلك ، وقال : إنه إذا خِيف من قتل هذا فتنة كبيرة نعم فإنه يمنع من القتل كما قلنا في قتل الغيلة أنه يوجب القتل ولو اختار أولياء المقتول الدية ، لما في ذلك من حفظ الأمن ، هذا أيضا نهى عن القصاص فيه حفظ للأمن .
طيب -اصبروا يا جماعة- ما أظلمكم !! أنتم تحتاجون إلى القصاص الآن إخوانكم ذهب كثير منهم تقول : استمر والآن نستمر ، نكمل على الأقل قوله : ( النفس بالنفس ) نعم .
طيب عموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( النفس بالنفس ) يشمل القتل مباشرة ، أو بسبب :
القتل مباشرة أو بسبب : القتل مباشرة واضح ، يأخذ السيف ويقتله .
القتل بسبب : يحفر في طريقه حفرة ، فيسقط فيها ويموت ، هذا إيش ؟ مباشر ولا سبب ؟
الطالب : سبب .
الشيخ : سبب ، وما دفعه في الحفرة ، حفر حفرة وجاء هذا فسقط فيها فمات ، ولكن إذا اجتمع مباشر ومتسبب فهل يشتركان أو الضمان على المباشر ؟ الطالب : الثاني !
الشيخ : الثاني ولا الأول ؟ فيه تفصيل : إذا كان المباشر يمكن إحالة الضمان عليه فعلى المباشر ، وإن كان لا يمكن فعلى المتسبب ، فلو أن رجلا رأى أسدا يزأر ، يزأر يريد أحدا يأكله ، فأخذ بهذا الطفل ورمى به بين يدي الأسد وأكله فالضمان على الأسد ، على الأسد ولا لا ليش ؟ على الذي أكل وقضم عظامه هو الأسد .
الطالب : لا يمكن .
الشيخ : نعم لكن هذا المباشر لا يمكن إحالة الضمان عليه ، كيف نضمن الأسد ؟ ما يصلح ، طيب إذًا الضمان هنا على المتسبب .
أما إذا أمكن إحالة الضمان عليه فالضمان على المباشر ، مثاله : حفر حفرة في طريق إنسان ليسقط فيها فجاء إنسان يمشي وقف على الحفرة ، فجاء آخر فدفعه بالحفرة حتى مات ، على مَن ؟
الطالب : على الذي دفعه .
طالب آخر : على المباشر .
الشيخ : على المباشر لأن إحالة الضمان عليه ممكنة فكان الضمان عليه . طيب اشترك جماعة في قتل إنسان ، اشترك جماعة في قتل إنسان فهل يقتلون به ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لا إله إلا الله ، ما أسرع قولكم نعم !! ( النفس بالنفس ) إذا كان المشتركون عشرة كم نقتل الآن ؟
الطالب : عشرة .
الشيخ : والحديث : ( النفس بالنفس ) ، المقتول واحد ، نعم ؟ الصحيح أن الجماعة تقتل بالواحد ، لأنهم مشتركون في القتال ، ولأن بعضهم قوة لبعض ربما لو كان واحدًا ما قتل لكن لما كان معه جماعة قتلوه ، ولهذا : " قتل عمر رضي الله عنه جماعة من أهل صنعاء في اليمن اشتركوا في قتل إنسان ، وقال : لو اجتمع عليه أهل صنعاء لقتلتهم به " : وسنة عمر سنة متبعة ، وعلى هذا إذا اشترك جماعة بواحد نعم قتلوا جميعا ، لكن فيه شيء آخر يمكن ننظر هل يمكن أو لا ؟
هم عشرة الآن ، وقتلوا نفسا واحدة ، أفلا نقتل كل واحد منهم عُشْر قتله ؟ نقول للأول : نقتلك عشر قتلة ، الثاني عُشر والثالث عشر إلى أن نتم عشرة يمكن ولا ما يمكن ؟
الطالب : لا يمكن .
الشيخ : طيب ، لو أن أولياء المقتول اختاروا الدية ، كم يعطون ؟ كل واحد عليه عشر من الإبل ، يعني عشر الدية ، الدية مئة بعير ، طيب لماذا الدية اختلفت عن القصاص ؟
الطالب : لا يمكن تجزئتها .
الشيخ : لأن الدية يمكن تجزئتها والقصاص لا يمكن تجزئته .
طيب ، لو اشترك واحد ، لو أن واحدًا قتل عشرة عكس مسألتنا ، واحد قتل عشرة إيش نعمل ؟ نقتله عشر مرات ؟
الطالب : مرة واحدة .
الشيخ : مرة واحدة ، لكن لمن يقول من الذي يتولى قتله ؟ كل واحد من أولياء المقتولين يقول : أنا الذي أقتله لأنه قتل صاحبي فماذا يصنع ؟ إن عين الإمام أحدا لا بأس ، وإلا يؤخذ بالأول ، فإن كان قتلهم جميعا فيقرع بينهم ويثبت للباقين دية ، عَرفتم ؟ من قَتل أولاً ، الذي يقتل أول هو الذي له الحق ، لأنه صار دمه هدرا بقتل الأول ، إذا لم يكن أول بأن قتلهم جميعا برشاش أو خانق أو ما أشبه ذلك ، أو عُلم الأول أو جُهل فهنا يقرع بينهم ، لأن القرعة ثابتة في كل ما لا يتميز .
فالمهم أن هذا الباب يا إخوانا باب عظيم ، ينبغي لطالب العلم أن يحرره ويحققه ، لأنه ينبني عليه ليس إتلاف مال ، المال إذا تلف يأتي بعده ما يخلفه ، لكن الأنفس !! ولهذا يجب أن يتحرز الإنسان كل التحرز ، صار هذا العموم النفس بالنفس فيه مستثنيات .
الطالب : إنسان قتل آخر بطعنة ، فاختلفوا ، فالشيخ قال : آخه للتشريح ولا أسامح ، ما قولكم ؟ هل ... ؟
الشيخ : هذه مسألة ما تتعلق بموضوعنا .
لو قال المقتول أنا أريد أن يقتل القاتل الذي قتلني فهل لأولياء المقتول أن يعفوا ويأخذوا بدل القصاص الدية ؟
الشيخ : يعني يقول : لو أن المقتول قال : أنا أريد أن يقتل صاحبي الذي قتلني ، فهل لأولياء المقتول أن يعفوا أو يأخذوا الدية بدلا عن القصاص ؟ هذه محل خلاف بين العلماء ، هل إذا عين المقتول شيئا إما الدية أو العفو أيضًا ربما يعفو المقتول ، ربما يقول : لا تقتلوا فلانا ، فهل يؤخذ بقوله ؟ هذا محل خلاف بين العلماء ، والله أعلم .
4 - لو قال المقتول أنا أريد أن يقتل القاتل الذي قتلني فهل لأولياء المقتول أن يعفوا ويأخذوا بدل القصاص الدية ؟ أستمع حفظ
قلنا إن الثيب الزاني لا يجمع له بين الرجم والجلد لكن أحسن الله إليك ما الجواب عن حديث عبادة وفيه ( الثيب بالثيب جلد مائة مع الرجم ) ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : قلنا : إن الثيب الزاني لا يجمع له مع الرجم والجلد ، لكن أحسن الله إليكم ما الجواب عن حديث عبادة ( خذوا عني خذوا عني ) وفيه ( الثيب بالثيب جلد مئة والرجم ) ؟
الشيخ : أيهما أول حديث عبادة أو رجم الزناة الخمسة ؟
السائل : لابد من معرفة التاريخ ، هو حديث عبادة .
الشيخ : حديث عبادة ؟! إذًا ما بعده ؟!
السائل : ما يوجد تاريخ .
الشيخ : لا ، التاريخ مؤكد ، لأن الرسول قال : ( خذوا عني خذوا عني فإن الله قد جعل لهن سبيلا ) : وهذا يقتضي أن الرسول نبه في أول ما نزل الحكم .
السائل : يكون حديث عبادة منسوخ .
الشيخ : منسوخ نعم ، الرجم في حديث عبادة منسوخ .
السائل : قلنا : إن الثيب الزاني لا يجمع له مع الرجم والجلد ، لكن أحسن الله إليكم ما الجواب عن حديث عبادة ( خذوا عني خذوا عني ) وفيه ( الثيب بالثيب جلد مئة والرجم ) ؟
الشيخ : أيهما أول حديث عبادة أو رجم الزناة الخمسة ؟
السائل : لابد من معرفة التاريخ ، هو حديث عبادة .
الشيخ : حديث عبادة ؟! إذًا ما بعده ؟!
السائل : ما يوجد تاريخ .
الشيخ : لا ، التاريخ مؤكد ، لأن الرسول قال : ( خذوا عني خذوا عني فإن الله قد جعل لهن سبيلا ) : وهذا يقتضي أن الرسول نبه في أول ما نزل الحكم .
السائل : يكون حديث عبادة منسوخ .
الشيخ : منسوخ نعم ، الرجم في حديث عبادة منسوخ .
5 - قلنا إن الثيب الزاني لا يجمع له بين الرجم والجلد لكن أحسن الله إليك ما الجواب عن حديث عبادة وفيه ( الثيب بالثيب جلد مائة مع الرجم ) ؟ أستمع حفظ
مناقشة ما سبق .
الشيخ : الآن نريد الجواب عما استدل به الجمهور : أن الوالد لا يقتل بالولد ؟ ابن داود .
الطالب : الحديث .
الشيخ : أولاً عن الدليل !
الطالب : حديث ( لا يقتل والد بولده ) : ضعفوه العلماء .
الشيخ : طيب هذا واحد ، وعن التعليل ؟
الطالب : التعليل أيضا لا يصح .
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : لأن .
الشيخ : أليس الأب سبب في وجود الولد ؟
الطالب : أي نعم ، لكن هذا لا يحق له إن كان سببا في مجيئه أن يقتله ، وحديث يعني يرد عليهم أكثر هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود قال : ( أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ) فقتله له من أعظم الذنب .
الشيخ : هذا تعليل لتوجيه القول ، لكن نريد رد القول ، أو رد تعليل القائلين بأنه لا يقتل ؟
الطالب : ما أدري .
الشيخ : نعم سلامة .
الطالب : أولاً الحديث ضعيف .
الشيخ : طيب انتهينا منه قاله عبد الحق .
الطالب : التعليل الثاني : أن الولد لم يكن سببا في قتل أبيه .
الشيخ : في هذه الحال لم يكن الولد سببا في إعدام الوالد ، بل الوالد هو السبب أحسنت .
فيه أيضًا هذا منتقض في مسألة يعني بالإجماع : لو زنى الرجل بابنته ، لو زنى بابنته أيرجم أم لا ؟
الطالب : طبعا .
الشيخ : يرجم ؟ أي نعم يرجم مع أنه هو السبب في إيجادها ، وكان زناه بها هو السبب في إعدامه ، فيقال : ليس هي السبب في إعدامه بل فعله بها هو السبب في إعدامه ، فكذلك فعله بولده القتل هو السبب في إعدامه ، إذًا القول الراجح أنه إذا قتل الوالد ابنه على وجه لا شبهة فيه فإنه يقتل ولا إشكال في هذا .
طيب هذه اثنين ، ما الذي يستثنى أيضا ؟ عبد الله !
الطالب : الحر بالعبد .
الشيخ : الحر بالعبد ، لا يقتل به ، التعليل الدليل ؟
الطالب : قول الله تبارك وتعالى : (( الحر بالحر )) ، ولم يذكر الله تبارك وتعالى العبد .
الشيخ : قول الله تعالى : (( الحر بالحر )) مفهومه لا يقتل الحر بالعبد وغيره ؟
الطالب : التعليل أيضا .
الشيخ : لا دليل أيضا ، هو دليل ضعيف يحق لك ألا تستحضره له .
الطالب : قالوا إن العبد .
الشيخ : لا ، اترك قالوا ، إذا قال : قالوا يعني تعليل ، إذا جاءت قالوا أو جاءت بإن فهو تعليل لا لا دليل إي .
الطالب : ( لا يقتل حر بعبد ) .
الشيخ : أحسنت ، حديث يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( لا يقتل حر بعبد ) : وهو ضعيف ، التعليل ؟ نعم ؟
الطالب : التعليل أولًا : قالوا : إن العبد يقوَّم فهو سبيله سبيل البهائم .
الشيخ : نعم .
الطالب : أو كالبهائم ، فإذا قتل لا يقتل ، فإذا قتله حر فلا يقتل به .
الشيخ : نعم ، بدليل أن العبد لو قتل فديته قيمته ليست دية الحر ، نعم .
الطالب : أن يد العبد إذا قطعت ، إذا قطعها الحر فإن يد الحر لا تقطع يد العبد بالإجماع .
الشيخ : بالإجماع ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يعني إذا بالإجماع طيب ، هل هناك قول آخر أن العبد لا يستثنى ؟ سلمي .
الطالب : قول : إن الحر يقتل بالعبد .
الشيخ : أن الحر يقتل بالعبد ، ما هو الدليل ؟
الطالب : عموم الآية .
الشيخ : عموم الآية والحديث ، ما هو العموم ؟
الطالب : ( النفس بالنفس ) .
الشيخ : ( النفس بالنفس ) طيب ، فيه دليل آخر ؟ عبد الله ! طيب صحيح إذًا عندنا عموم وخصوص .
لكن إذا قال قائل : الخصوص في الحر إذا قتل عبدا ! نقول : إذا كان الحر يقتل بعبده فقتله بعبد غيره من باب أولى لأنه هو مالك عبده ، فيكون قتله لعبد غيره من باب أولى .
طيب إذًا القول الراجح أن الحر إيش ؟ يقتل بالعبد ، سواء كان عبده أو عبد غيره ، والدليل على عبده هو حديث الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قتل عبدا قتلناه ، ومن جدع عبده جدعناه ، ومن خصى عبده خصيناه ) انتبهوا ، هذا الحديث أيضًا يمكن أن يؤخذ منه تعليل ، وهو على القول بأن المثلة توجب الحرية ، العبد إذا مثَّل به سيده عتق عليه ، انتبهوا ، يعني مثلا لو أن السيد قطع أُنملة من عبده عمدًا صار العبد حرًا صار العبد حرًا ، طيب فيقولون مثلا : إذا قتل فأول دم يخرج منه يعتبر مثلة فيكون حرا قبل أن تزهق روحه ، وحينئذ لا يموت إلا وهو حر ، لكن يقال : هذا في النفس منه شيء ، لأن سبب القتل وجد قبل وجود الحرية ، ولكن الدليل الذي ذكرنا وهو الأثر والنظر : الأثر : ( من قتل عبدا قتلناه ) ، وعموم ( النفس بالنفس ) والقياس أو النظر أنه نفس محترمة معصومة فكانت كالحر ، طيب هل يستثنى شيء آخر ؟ أخذنا كم الآن ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ثلاثة ، نعم ؟
الطالب : يستثنى شيء آخر .
الشيخ : رابع ؟
الطالب : الرابع هو إن قتل الرجل للمرأة ، إن قتل رجل امرأة .
الشيخ : نعم إذا قتل رجل امرأة فمن العلماء من يقول : يستثنى من هذا العموم فلا يقتل الرجل بالمرأة ، طيب ما دليلهم على هذا ؟
الطالب : حديث المرأة التي ، الجارية التي قتلت ، التي قتلها الرجل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : هذه بالعكس ، أنا نريد ما هو الدليل على أن الرجل لا يُقتل بالمرأة ؟
الطالب : الآية : (( الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى )) .
الشيخ : (( الأنثى بالأنثى )) : يعني مفهوم الآية أن الرجل لا يقتل بالأنثى ، لأنه أشرف منها فلا يقتل بها ، طيب هل هناك قول آخر يقول إن الرجل بالمرأة لا يستثنى ؟ محمد !
الطالب : نعم ، القول الثاني .
الشيخ : القول الثاني أن الرجل يقتل بالمرأة ، طيب ما الدليل ؟
الطالب : الحديث ، عموم الحديث : ( النفس بالنفس ) .
الشيخ : نعم وعموم الآية ، ركزوا على آية المائدة لأن الرسول جعلها محكمة لنا استدل بها من شريعتنا طيب عموم الآية والحديث : ( النفس بالنفس ) هذا واحد هل هناك دليل خاص في المسألة ؟ ما حضرت ؟
الطالب : الدرس قبل الماضي ؟
الشيخ : لا الدرس الذي قبل هذا ؟! ما حضرت طيب عبد الملك !
الطالب : أن يهوديًا قتل جارية .
الشيخ : ( أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها يعني : على حلي ، نعم ، رض رأسها بين حجرين حتى أُدركت في آخر رمق فقيل لها : من فعل بك هذا ؟ فلان فلان فلان فلان حتى ذكروا اليهودي قالت : نعم ، فأخذه فاعترف فرض رأسه إيش ؟ بين حجرين ) ، طيب .
لو قال قائل -والسؤال لك ، إي لك أنت- لو قال قائل : إن قتل هذا اليهودي لنقضه العهد لا قصاصًا ، لأن اليهود أو أي معاهد إذا نقض العهد قتل ، فلو قال قائل : إن قتل هذا اليهودي لنقضه العهد لا قصاصا فكيف تجيب ؟
الطالب : نقول : هذا مفهوم .
الشيخ : لا ، يعني في ناس ناقضوا هذا الاستدلال ، وقالوا : إن قتل اليهودي لا قصاصًا للمرأة ولكن لأنه نقض العهد !
الطالب : عندنا قاعدة قعدها الفقهاء : " ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل " .
الشيخ : لا ، نعم ؟
الطالب : أنه رضخه ولو كان نقض العهد لما قتله بنفس الطريقة التي قتل بها الجارية .
الشيخ : صحيح يا جماعة ؟
الطالب : صحيح .
الشيخ : نعم صحيح ، لو كان لنقضه العهد لقتله بالسيف ، فلما قتله بمثل ما قتل به الجارية علم أن ذلك كان قصاصًا نعم .
الطالب : هل يوجب القصاص ؟
الشيخ : وهو ؟
الطالب : نقض العهد يوجب القصاص ؟
الشيخ : إيش ؟
الطالب : قد يكون مالا حلالا !
الشيخ : إيش ؟
الطالب : ... .
الشيخ : هذا عاد مسكوت عنه ، يحتمل ما له مال ، مسكوت عنه .
ونقل المؤلف عن عائشة !
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن عائشة رضي الله عنها : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل قتل مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث خصالٍ : زانٍ محصنٍ فيرجم ، ورجلٍ يقتل مسلماً متعمداً فيقتل ، ورجلٍ يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
سبق لنا أنه : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والثاني : النفس بالنفس ، والثالث : التارك لدينه المفارق للجماعة .
وسبق لنا القول عن النفس بالنفس وكنت أتيت بهذه المذكرة سابقا كتبتها من قديم ظننت أنها أوفى مما ذكرنا لكم فيما يستثنى من قوله : ( النفس بالنفس ) ، ولكني وجدت ما ذكرناه أوفى منها ، وذكرنا أنه يستثنى من قوله : ( النفس بالنفس ) عدة مسائل ، وأظن بحثنا فيها ، ناقشنا فيها فلا حاجة للإعادة .
الطالب : الحديث .
الشيخ : أولاً عن الدليل !
الطالب : حديث ( لا يقتل والد بولده ) : ضعفوه العلماء .
الشيخ : طيب هذا واحد ، وعن التعليل ؟
الطالب : التعليل أيضا لا يصح .
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : لأن .
الشيخ : أليس الأب سبب في وجود الولد ؟
الطالب : أي نعم ، لكن هذا لا يحق له إن كان سببا في مجيئه أن يقتله ، وحديث يعني يرد عليهم أكثر هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود قال : ( أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ) فقتله له من أعظم الذنب .
الشيخ : هذا تعليل لتوجيه القول ، لكن نريد رد القول ، أو رد تعليل القائلين بأنه لا يقتل ؟
الطالب : ما أدري .
الشيخ : نعم سلامة .
الطالب : أولاً الحديث ضعيف .
الشيخ : طيب انتهينا منه قاله عبد الحق .
الطالب : التعليل الثاني : أن الولد لم يكن سببا في قتل أبيه .
الشيخ : في هذه الحال لم يكن الولد سببا في إعدام الوالد ، بل الوالد هو السبب أحسنت .
فيه أيضًا هذا منتقض في مسألة يعني بالإجماع : لو زنى الرجل بابنته ، لو زنى بابنته أيرجم أم لا ؟
الطالب : طبعا .
الشيخ : يرجم ؟ أي نعم يرجم مع أنه هو السبب في إيجادها ، وكان زناه بها هو السبب في إعدامه ، فيقال : ليس هي السبب في إعدامه بل فعله بها هو السبب في إعدامه ، فكذلك فعله بولده القتل هو السبب في إعدامه ، إذًا القول الراجح أنه إذا قتل الوالد ابنه على وجه لا شبهة فيه فإنه يقتل ولا إشكال في هذا .
طيب هذه اثنين ، ما الذي يستثنى أيضا ؟ عبد الله !
الطالب : الحر بالعبد .
الشيخ : الحر بالعبد ، لا يقتل به ، التعليل الدليل ؟
الطالب : قول الله تبارك وتعالى : (( الحر بالحر )) ، ولم يذكر الله تبارك وتعالى العبد .
الشيخ : قول الله تعالى : (( الحر بالحر )) مفهومه لا يقتل الحر بالعبد وغيره ؟
الطالب : التعليل أيضا .
الشيخ : لا دليل أيضا ، هو دليل ضعيف يحق لك ألا تستحضره له .
الطالب : قالوا إن العبد .
الشيخ : لا ، اترك قالوا ، إذا قال : قالوا يعني تعليل ، إذا جاءت قالوا أو جاءت بإن فهو تعليل لا لا دليل إي .
الطالب : ( لا يقتل حر بعبد ) .
الشيخ : أحسنت ، حديث يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( لا يقتل حر بعبد ) : وهو ضعيف ، التعليل ؟ نعم ؟
الطالب : التعليل أولًا : قالوا : إن العبد يقوَّم فهو سبيله سبيل البهائم .
الشيخ : نعم .
الطالب : أو كالبهائم ، فإذا قتل لا يقتل ، فإذا قتله حر فلا يقتل به .
الشيخ : نعم ، بدليل أن العبد لو قتل فديته قيمته ليست دية الحر ، نعم .
الطالب : أن يد العبد إذا قطعت ، إذا قطعها الحر فإن يد الحر لا تقطع يد العبد بالإجماع .
الشيخ : بالإجماع ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يعني إذا بالإجماع طيب ، هل هناك قول آخر أن العبد لا يستثنى ؟ سلمي .
الطالب : قول : إن الحر يقتل بالعبد .
الشيخ : أن الحر يقتل بالعبد ، ما هو الدليل ؟
الطالب : عموم الآية .
الشيخ : عموم الآية والحديث ، ما هو العموم ؟
الطالب : ( النفس بالنفس ) .
الشيخ : ( النفس بالنفس ) طيب ، فيه دليل آخر ؟ عبد الله ! طيب صحيح إذًا عندنا عموم وخصوص .
لكن إذا قال قائل : الخصوص في الحر إذا قتل عبدا ! نقول : إذا كان الحر يقتل بعبده فقتله بعبد غيره من باب أولى لأنه هو مالك عبده ، فيكون قتله لعبد غيره من باب أولى .
طيب إذًا القول الراجح أن الحر إيش ؟ يقتل بالعبد ، سواء كان عبده أو عبد غيره ، والدليل على عبده هو حديث الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قتل عبدا قتلناه ، ومن جدع عبده جدعناه ، ومن خصى عبده خصيناه ) انتبهوا ، هذا الحديث أيضًا يمكن أن يؤخذ منه تعليل ، وهو على القول بأن المثلة توجب الحرية ، العبد إذا مثَّل به سيده عتق عليه ، انتبهوا ، يعني مثلا لو أن السيد قطع أُنملة من عبده عمدًا صار العبد حرًا صار العبد حرًا ، طيب فيقولون مثلا : إذا قتل فأول دم يخرج منه يعتبر مثلة فيكون حرا قبل أن تزهق روحه ، وحينئذ لا يموت إلا وهو حر ، لكن يقال : هذا في النفس منه شيء ، لأن سبب القتل وجد قبل وجود الحرية ، ولكن الدليل الذي ذكرنا وهو الأثر والنظر : الأثر : ( من قتل عبدا قتلناه ) ، وعموم ( النفس بالنفس ) والقياس أو النظر أنه نفس محترمة معصومة فكانت كالحر ، طيب هل يستثنى شيء آخر ؟ أخذنا كم الآن ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ثلاثة ، نعم ؟
الطالب : يستثنى شيء آخر .
الشيخ : رابع ؟
الطالب : الرابع هو إن قتل الرجل للمرأة ، إن قتل رجل امرأة .
الشيخ : نعم إذا قتل رجل امرأة فمن العلماء من يقول : يستثنى من هذا العموم فلا يقتل الرجل بالمرأة ، طيب ما دليلهم على هذا ؟
الطالب : حديث المرأة التي ، الجارية التي قتلت ، التي قتلها الرجل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : هذه بالعكس ، أنا نريد ما هو الدليل على أن الرجل لا يُقتل بالمرأة ؟
الطالب : الآية : (( الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى )) .
الشيخ : (( الأنثى بالأنثى )) : يعني مفهوم الآية أن الرجل لا يقتل بالأنثى ، لأنه أشرف منها فلا يقتل بها ، طيب هل هناك قول آخر يقول إن الرجل بالمرأة لا يستثنى ؟ محمد !
الطالب : نعم ، القول الثاني .
الشيخ : القول الثاني أن الرجل يقتل بالمرأة ، طيب ما الدليل ؟
الطالب : الحديث ، عموم الحديث : ( النفس بالنفس ) .
الشيخ : نعم وعموم الآية ، ركزوا على آية المائدة لأن الرسول جعلها محكمة لنا استدل بها من شريعتنا طيب عموم الآية والحديث : ( النفس بالنفس ) هذا واحد هل هناك دليل خاص في المسألة ؟ ما حضرت ؟
الطالب : الدرس قبل الماضي ؟
الشيخ : لا الدرس الذي قبل هذا ؟! ما حضرت طيب عبد الملك !
الطالب : أن يهوديًا قتل جارية .
الشيخ : ( أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها يعني : على حلي ، نعم ، رض رأسها بين حجرين حتى أُدركت في آخر رمق فقيل لها : من فعل بك هذا ؟ فلان فلان فلان فلان حتى ذكروا اليهودي قالت : نعم ، فأخذه فاعترف فرض رأسه إيش ؟ بين حجرين ) ، طيب .
لو قال قائل -والسؤال لك ، إي لك أنت- لو قال قائل : إن قتل هذا اليهودي لنقضه العهد لا قصاصًا ، لأن اليهود أو أي معاهد إذا نقض العهد قتل ، فلو قال قائل : إن قتل هذا اليهودي لنقضه العهد لا قصاصا فكيف تجيب ؟
الطالب : نقول : هذا مفهوم .
الشيخ : لا ، يعني في ناس ناقضوا هذا الاستدلال ، وقالوا : إن قتل اليهودي لا قصاصًا للمرأة ولكن لأنه نقض العهد !
الطالب : عندنا قاعدة قعدها الفقهاء : " ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل " .
الشيخ : لا ، نعم ؟
الطالب : أنه رضخه ولو كان نقض العهد لما قتله بنفس الطريقة التي قتل بها الجارية .
الشيخ : صحيح يا جماعة ؟
الطالب : صحيح .
الشيخ : نعم صحيح ، لو كان لنقضه العهد لقتله بالسيف ، فلما قتله بمثل ما قتل به الجارية علم أن ذلك كان قصاصًا نعم .
الطالب : هل يوجب القصاص ؟
الشيخ : وهو ؟
الطالب : نقض العهد يوجب القصاص ؟
الشيخ : إيش ؟
الطالب : قد يكون مالا حلالا !
الشيخ : إيش ؟
الطالب : ... .
الشيخ : هذا عاد مسكوت عنه ، يحتمل ما له مال ، مسكوت عنه .
ونقل المؤلف عن عائشة !
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن عائشة رضي الله عنها : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل قتل مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث خصالٍ : زانٍ محصنٍ فيرجم ، ورجلٍ يقتل مسلماً متعمداً فيقتل ، ورجلٍ يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
سبق لنا أنه : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والثاني : النفس بالنفس ، والثالث : التارك لدينه المفارق للجماعة .
وسبق لنا القول عن النفس بالنفس وكنت أتيت بهذه المذكرة سابقا كتبتها من قديم ظننت أنها أوفى مما ذكرنا لكم فيما يستثنى من قوله : ( النفس بالنفس ) ، ولكني وجدت ما ذكرناه أوفى منها ، وذكرنا أنه يستثنى من قوله : ( النفس بالنفس ) عدة مسائل ، وأظن بحثنا فيها ، ناقشنا فيها فلا حاجة للإعادة .
تتمة شرح قول صلى الله عليه وسلم ( ... والتارك لدينه المفارق للجماعة ) .
الشيخ : أما الثالث فقال : ( التارك لدينه المفارق للجماعة ) : التارك لدينه : يعني الذي ترك دينه وهو المرتد فإنه يقتل ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) .
ولكن هل يُقتل بمجرد الردة أو يجب أن يستتاب ثلاثة أيام ، أو يفرق بين أنواع الردة ، فمنها ما لا يستتاب فيه ومنها ما يستتاب فيه ؟ كم هذه ؟ ثلاثة احتمالات : هل يقتل بمجرد الردة ، أو لا يقتل حتى يستتاب ثلاثة أيام فيقال له : تب وإلا قتلناك ، أو يفرق بين أنواع الردة ، فيستتاب في بعضها ولا يستتاب في البعض الآخر !
لننظر ، قال بعض العلماء : إنه لا يستتاب ، لعموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) ، ( من بدل دينه فاقتلوه ) وهذا عام . " والشرط يتلوه المشروط بمجرد وجوده " ، انتبه للقاعدة : الشرط يتلوه المشروط بمجرد وجوده ، فإذا قلت لك : إذا قام زيد فقم متى تقوم ؟ إذا قام زيد فورا ، ( من بدل دينه فاقتلوه ) مَن شرطية ، فإذا وجد التبديل ثبت القتل مباشرة ولا يستتاب في أي ذنب ، لأن ذلك أنكى وأردع لغيره من الردة ، وإلى هذا ذهب بعض العلماء ، وقال : لا استتابة في أي ذنب من الكفر .
وقال بعض العلماء : بل يستتاب ثلاثاً في كل ذنب ، لعله يرجع ويؤوب إلى رشده ، والرأفة خير من العقوبة ، وهو إذا مات بعد أن رجع ربح الدنيا والآخرة ، وإن قتل على ردته خسر الدنيا والآخرة .
وقال بعض العلماء : في ذلك تفصيل ، فالكفر الذي تقبل توبة المرتد فيه يستتاب ، والذي لا تقبل توبة المرتد فيه لا يستتاب ، لأنه لا فائدة ، حتى ولو تاب فإنه لا فائدة من ذلك ، وعلى هذا تنوع الردة إلى نوعين :
نوع لا تقبل فيه التوبة .
ونوع تقبل .
فمن الذي لا تقبل فيه التوبة الكفر بالسحر ، الكفر بالسحر ، فمن كفر بالسحر فإنه يقتل فوراً وهو الذي يستعين في سحره بالشياطين ، فهذا يقتل فورا لما يترتب على بقائه من الأذية ، ولأنه لا يؤمَنْ أن يرجع ولو تاب ، ومن ذلك -أي : ممن لا تقبل توبته- من سب الله ، فإن توبته لا تقبل ، وعللوا ذلك بأن سب الله ذنب عظيم لا يغتفر فلا تقبل فيه التوبة ، ولا يستتاب ، يقتل بكل حال ، وكذلك من سب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يقتل بكل حال ولا يستتاب ، ولو تاب لم نقبل توبته ، وإذا رجع إلى ربه فالله عز وجل يحاسبه بما يشاء ، حتى لو تاب لعظم ذنبه .
ومن ذلك المنافق لا تقبل توبته ، لأن المنافق من الأصل يدعي أنه مسلم ، فلا فائدة من قبول توبته ، هو من الأصل يقول : إنه مسلم ، فيقتل .
ومن ذلك الزنديق الداعي للزندقة والكفر وذلك لعظم جرمه وفساده في الأرض فلا تقبل توبته .
وهؤلاء لا يستتابون ، لأنه لا فائدة من التوبة ، والصحيح في كل هؤلاء أن توبتهم مقبولة ، لعموم قول الله تعالى : (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا )) ، ولقوله تعالى : (( والذين لا يدعُون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا )) إلى قوله : (( إلا من تاب وءامن وعمل عملًا صلحًا فأولئك يُبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيمًا )) .
وهذا القول أصح ، لكن من شككنا في أمره فإنه تجب مراقبته ، فإن دلت القرينة على صحة توبته وإلا لم نقبل منه كالمنافق مثلا ، المنافق يحتاج أن نراقبه وننظر هل توبته صحيحة أو لا ؟ فإن تبين أن توبته صحيحة ورأيناه يخشى الله في السر والعلانية ، ويبين ، قَبِلنا لقول الله تعالى : (( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرًا * إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله )) : شروط وقيود ، (( فأولئك مع المؤمنين )) : وهذا القول هو الصحيح ، وإذا قبلنا توبته رفعنا القتل عنه إلا سابَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإننا نقتله ولو تاب ، بخلاف من سب الله فإننا نقبل توبته ولا نقتله .
ولا تقولوا : كيف نقتل من سب الرسول إذا تاب ولا نقتل من سب الله إذا تاب ؟ أفليس سب الله أعظم من سب الرسول ؟! الجواب : بلى أعظم بكثير ، لكن الله أخبر عن عفوه عن حقه إذا تاب الإنسان ، وأما النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يخبرنا عن سقوط حقه إذا تاب الإنسان ، وسب الرسول صلى الله عليه وسلم تعلق به أمران : حق لله وحق للرسول ، أما حق الله فنقبل منه التوبة ، ونقول : الآن أنت مسلم ولكن القتل لا بد أن نقتلك ، وإذا قتلناه بعد التوبة فإنه مؤمن يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدعى له بالرحمة ويدفن مع المسلمين ، هذا هو القول الصحيح : أن كل كافر فإن توبته مقبولة لكن من شككنا في أمره فلا بد من مراقبته ومتابعته ، فإن دلت القرينة على أنه يلعب علينا وأنه كاذب لم نقبل منه .
بقي علينا أن نقول : هل يستتاب إذا قلنا بقول توبة كل كافر هل يستتاب أو لا ؟ الصحيح أن الاستتابة راجعة إلى اجتهاد الإمام ، إن رأى في استتابته مصلحة استتابه وإلا فلا ، فالإمام مثلا قد لا يرى الاستتابة في حقه لعظم جرمه لكونه مثلا يدعو إلى الكفر ويضل الناس ويمشي بينهم بالفساد ، هذا لا ينبغي أن يستتاب .
وقد يكون الكافر الذي ارتد قد يكون مسالما لا يدعو إلى ما هو عليه ولكن معه صنعة تنفع المسلمين ، وإذا قتلناه خسرنا هذه الصنعة فهنا الأولى إيش ؟ الأولى الاستتابة ، فيُرجع في ذلك إلى رأي الإمام ، إذا رأى أن الاستتابة خير استتابه ، وإن رأى أن قتله فورا خير فليقتله ، ( التارك لدينه ، المفارق للجماعة ) : هل هذا قيد ؟ يعني أنه يشترط لردته أن يظهر مفارقته للجماعة ، وأنه لو ارتد خُفية لم يحل دمه ، أو أن هذا صفة كاشفة ، لأن المرتد عن الإسلام مفارق للجماعة ، فارق المسلمين أيهما ؟
الطالب : الثاني .
الشيخ : الثاني : أنها صفة كاشفة أي : مبينة بأن المرتد مفارق للجماعة ، وعلى هذا تكون الصفتان لموصوف واحد ، ولا تباين إحداهما الأخرى ، وهل يشمل قوله : ( التارك لدينه ) هل يشمل المرأة ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم ، وهذا محل خلاف بين العلماء ، فقيل : إن المرأة إذا ارتدت لا تقتل ، ( لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل النساء ) .
وقيل : بل تقتل لعموم الحديث : ( من بدل دينه فاقتلوه ) وهذا هو الصواب بل المتعين .
وأما النهي عن قتل النساء فذاك في نساء الكفار عند القتال فإن النساء لا يقتلن ، لأنهن لو قُتِلن لفاتت ماليتهن على المسلمين ، إذ أن نساء الكفار إذا ظهر المسلمون عليهم صِرن رقيقات بمجرد السَّبي ، ولهذا لا يجوز أن تقتل المرأة في جهاد الكفار ، بل تبقى .
ولكن هل يُقتل بمجرد الردة أو يجب أن يستتاب ثلاثة أيام ، أو يفرق بين أنواع الردة ، فمنها ما لا يستتاب فيه ومنها ما يستتاب فيه ؟ كم هذه ؟ ثلاثة احتمالات : هل يقتل بمجرد الردة ، أو لا يقتل حتى يستتاب ثلاثة أيام فيقال له : تب وإلا قتلناك ، أو يفرق بين أنواع الردة ، فيستتاب في بعضها ولا يستتاب في البعض الآخر !
لننظر ، قال بعض العلماء : إنه لا يستتاب ، لعموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) ، ( من بدل دينه فاقتلوه ) وهذا عام . " والشرط يتلوه المشروط بمجرد وجوده " ، انتبه للقاعدة : الشرط يتلوه المشروط بمجرد وجوده ، فإذا قلت لك : إذا قام زيد فقم متى تقوم ؟ إذا قام زيد فورا ، ( من بدل دينه فاقتلوه ) مَن شرطية ، فإذا وجد التبديل ثبت القتل مباشرة ولا يستتاب في أي ذنب ، لأن ذلك أنكى وأردع لغيره من الردة ، وإلى هذا ذهب بعض العلماء ، وقال : لا استتابة في أي ذنب من الكفر .
وقال بعض العلماء : بل يستتاب ثلاثاً في كل ذنب ، لعله يرجع ويؤوب إلى رشده ، والرأفة خير من العقوبة ، وهو إذا مات بعد أن رجع ربح الدنيا والآخرة ، وإن قتل على ردته خسر الدنيا والآخرة .
وقال بعض العلماء : في ذلك تفصيل ، فالكفر الذي تقبل توبة المرتد فيه يستتاب ، والذي لا تقبل توبة المرتد فيه لا يستتاب ، لأنه لا فائدة ، حتى ولو تاب فإنه لا فائدة من ذلك ، وعلى هذا تنوع الردة إلى نوعين :
نوع لا تقبل فيه التوبة .
ونوع تقبل .
فمن الذي لا تقبل فيه التوبة الكفر بالسحر ، الكفر بالسحر ، فمن كفر بالسحر فإنه يقتل فوراً وهو الذي يستعين في سحره بالشياطين ، فهذا يقتل فورا لما يترتب على بقائه من الأذية ، ولأنه لا يؤمَنْ أن يرجع ولو تاب ، ومن ذلك -أي : ممن لا تقبل توبته- من سب الله ، فإن توبته لا تقبل ، وعللوا ذلك بأن سب الله ذنب عظيم لا يغتفر فلا تقبل فيه التوبة ، ولا يستتاب ، يقتل بكل حال ، وكذلك من سب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يقتل بكل حال ولا يستتاب ، ولو تاب لم نقبل توبته ، وإذا رجع إلى ربه فالله عز وجل يحاسبه بما يشاء ، حتى لو تاب لعظم ذنبه .
ومن ذلك المنافق لا تقبل توبته ، لأن المنافق من الأصل يدعي أنه مسلم ، فلا فائدة من قبول توبته ، هو من الأصل يقول : إنه مسلم ، فيقتل .
ومن ذلك الزنديق الداعي للزندقة والكفر وذلك لعظم جرمه وفساده في الأرض فلا تقبل توبته .
وهؤلاء لا يستتابون ، لأنه لا فائدة من التوبة ، والصحيح في كل هؤلاء أن توبتهم مقبولة ، لعموم قول الله تعالى : (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا )) ، ولقوله تعالى : (( والذين لا يدعُون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا )) إلى قوله : (( إلا من تاب وءامن وعمل عملًا صلحًا فأولئك يُبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيمًا )) .
وهذا القول أصح ، لكن من شككنا في أمره فإنه تجب مراقبته ، فإن دلت القرينة على صحة توبته وإلا لم نقبل منه كالمنافق مثلا ، المنافق يحتاج أن نراقبه وننظر هل توبته صحيحة أو لا ؟ فإن تبين أن توبته صحيحة ورأيناه يخشى الله في السر والعلانية ، ويبين ، قَبِلنا لقول الله تعالى : (( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرًا * إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله )) : شروط وقيود ، (( فأولئك مع المؤمنين )) : وهذا القول هو الصحيح ، وإذا قبلنا توبته رفعنا القتل عنه إلا سابَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإننا نقتله ولو تاب ، بخلاف من سب الله فإننا نقبل توبته ولا نقتله .
ولا تقولوا : كيف نقتل من سب الرسول إذا تاب ولا نقتل من سب الله إذا تاب ؟ أفليس سب الله أعظم من سب الرسول ؟! الجواب : بلى أعظم بكثير ، لكن الله أخبر عن عفوه عن حقه إذا تاب الإنسان ، وأما النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يخبرنا عن سقوط حقه إذا تاب الإنسان ، وسب الرسول صلى الله عليه وسلم تعلق به أمران : حق لله وحق للرسول ، أما حق الله فنقبل منه التوبة ، ونقول : الآن أنت مسلم ولكن القتل لا بد أن نقتلك ، وإذا قتلناه بعد التوبة فإنه مؤمن يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدعى له بالرحمة ويدفن مع المسلمين ، هذا هو القول الصحيح : أن كل كافر فإن توبته مقبولة لكن من شككنا في أمره فلا بد من مراقبته ومتابعته ، فإن دلت القرينة على أنه يلعب علينا وأنه كاذب لم نقبل منه .
بقي علينا أن نقول : هل يستتاب إذا قلنا بقول توبة كل كافر هل يستتاب أو لا ؟ الصحيح أن الاستتابة راجعة إلى اجتهاد الإمام ، إن رأى في استتابته مصلحة استتابه وإلا فلا ، فالإمام مثلا قد لا يرى الاستتابة في حقه لعظم جرمه لكونه مثلا يدعو إلى الكفر ويضل الناس ويمشي بينهم بالفساد ، هذا لا ينبغي أن يستتاب .
وقد يكون الكافر الذي ارتد قد يكون مسالما لا يدعو إلى ما هو عليه ولكن معه صنعة تنفع المسلمين ، وإذا قتلناه خسرنا هذه الصنعة فهنا الأولى إيش ؟ الأولى الاستتابة ، فيُرجع في ذلك إلى رأي الإمام ، إذا رأى أن الاستتابة خير استتابه ، وإن رأى أن قتله فورا خير فليقتله ، ( التارك لدينه ، المفارق للجماعة ) : هل هذا قيد ؟ يعني أنه يشترط لردته أن يظهر مفارقته للجماعة ، وأنه لو ارتد خُفية لم يحل دمه ، أو أن هذا صفة كاشفة ، لأن المرتد عن الإسلام مفارق للجماعة ، فارق المسلمين أيهما ؟
الطالب : الثاني .
الشيخ : الثاني : أنها صفة كاشفة أي : مبينة بأن المرتد مفارق للجماعة ، وعلى هذا تكون الصفتان لموصوف واحد ، ولا تباين إحداهما الأخرى ، وهل يشمل قوله : ( التارك لدينه ) هل يشمل المرأة ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم ، وهذا محل خلاف بين العلماء ، فقيل : إن المرأة إذا ارتدت لا تقتل ، ( لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل النساء ) .
وقيل : بل تقتل لعموم الحديث : ( من بدل دينه فاقتلوه ) وهذا هو الصواب بل المتعين .
وأما النهي عن قتل النساء فذاك في نساء الكفار عند القتال فإن النساء لا يقتلن ، لأنهن لو قُتِلن لفاتت ماليتهن على المسلمين ، إذ أن نساء الكفار إذا ظهر المسلمون عليهم صِرن رقيقات بمجرد السَّبي ، ولهذا لا يجوز أن تقتل المرأة في جهاد الكفار ، بل تبقى .
فوائد حديث : ( لا يحل دم امرىءٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاثٍ ... ) .
الشيخ : في هذا الحديث عدة فوائد :
من الفوائد : احترام المسلم ، لقوله : ( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ) .
ومنها : فضيلة الإسلام وأنه سبب لحقن الدماء ، وجه الدلالة قوله : ( امرئ مسلم ) .
ومن فوائد الحديث : بيان أن الإسلام هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، وأن الإنسان إذا أتى بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فهو مسلم .
ومن فوائده : أن تارك الصلاة والزكاة الصوم والحج مسلم ، لقوله : ( يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ) ، وهذه المسألة محل خلاف بين العلماء :
فمن العلماء من يقول : إن الإنسان يكفر بترك أي ركن من الأركان الخمسة ، أركان الإسلام ، وهذا إحدى الروايات عن الإمام أحمد ، لأن الأركان الخمسة أركان والبيت لا يقوم إلا بأركانه ، فإذا سقط ركن واحد سقط البيت كله .
ومنهم من قال : يكفر بترك الزكاة والصلاة فقط ، دون الصيام والحج ، وهذه أيضا رواية عن الإمام أحمد ، لأن الله جعل الزكاة قرينة الصلاة في كتابه العظيم ، ولأن الله قال : (( وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون )) .
ومنهم من قال : لا يكفر إلا بترك الصلاة لقوله تعالى : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكوة فإخوانكم في الدين )) ، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) ، وقوله : ( العهد الذين بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) .
وأما الزكاة فلا يكفر بتركها لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، في قصة من يمنع زكاة الذهب والفضة : ( أنها يحمى عليها في نار جهنم ويعذب بها ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) : وإذا كان يمكن أن يرى سبيله إلى الجنة فإنه ليس بكافر وهذا أصبح الأقوال .
وعلى هذا فكيف نجمع بينه وبين هذا الحديث ؟ نقول : إن هذا الحديث يدل على أن الإنسان إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله عصم دمه ، ثم يطالب بعد ذلك بالصلاة ، فإن صلى فذاك ، وإن لم يصل فالقرآن والسنة يدلان على أنه كافر فيكون مرتداً لقوله : ( التارك لدينه المفارق للجماعة ) .
ومن فوائد هذا الحديث : انحصار جواز القتل قتل المسلم في هذه الثلاثة : الزنا بعد الإحصان ، والثاني : النفس بالنفس ، والثالث : الردة ، لكن يُشكل على هذا أن المرتد حين قتلِه ليس بمسلم أليس كذلك ؟ والرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( لا يحل دم امرئ مسلم ) : وهو حين الردة حين القتل ليس بمسلم ، فيقال : الجواب عن هذا سهل : وهو أنه مسلم باعتبار إيش ؟ باعتبار إيش ؟
الطالب : ما كان .
الشيخ : ما كان ، مسلم باعتبار ما كان فقرن مع صاحبيه الذين يقتلان وهما على الإسلام .
ومن فوائد الحديث : مشروعية الرجم ، لقوله : ( الثيب الزاني ) وهل هذه المشروعية على سبيل الوجوب ؟ نعم ، ما هو الدليل ؟ الدليل أنه حد من حدود الله ، وقد صرح أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه فريضة حين خطب الناس وبين أن الرجم كان آية من كتاب الله ثم قال : ( وأخشى إن طال بالناس زمان أن يقولوا لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ) : فريضة .
( النفس بالنفس ) ، من فوائده : جواز قتل النفس بالنفس ، وهل هذا على سبيل الوجوب ؟
الطالب : لا .
الشيخ : طيب ، نقول : ليس على سبيل الوجوب ، بل هو على سبيل الجواز ، لأنه قال : ( لا يحل ) إلا بكذا ، أي فيحل ، والدليل على أن القصاص ليس بواجب قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عُفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان )) ، قال : (( فمن عفي له من أخيه شيء )) ولو كان القصاص واجبا لم يكن للعفو محل ، بل يقال حتى لو عفا فالقصاص واجب .
فإن قال قائل : إذًا ما الفائدة من قوله : (( كتب عليكم القصاص )) ؟ نقول : أجاب بعض العلماء بأن هذا بالنسبة للقاتل ، يعني أن القاتل يجب عليه أن يستسلم للقصاص وألا يعارض ، أما بالنسبة لمن له الحق فهو بالخيار إن شاء أخذ به وإن شاء عفا عنه كما يدل عليه آخر الآية ، وكما هو صريح في قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين ) .
طيب ، إلا أن العلماء اختلفوا في مسألة : وهي قتل الغِيلة : هل يجب فيه القصاص أو لا ؟ فذهب الإمام مالك -رحمه الله- إلى وجوب القتل قصاصا في الغيلة ، والغيلة معناه أن يقتله على غرَّة ، مثل أن يأتيه وهو نائم أو يلحقه في السوق ويقتله أو ما أشبه ذلك ، فإن المقتول هنا ليس بمستعد ليدافع عن نفسه ، فيكون القتل غِيلة مما لا يمكن التحرز منه ، وما لا يمكن التحرز منه فإنه يجب التحرز منه أكثر ، فإذا قتل وجوبا خفت قتل الغيلة ، وعلى هذا فيكون الحق في قتل الغيلة للإمام لا لأولياء المقتول ، ويجب على الإمام أن يقتله لما في ذلك من حفظ الأمن ، وهذا مذهب مالك ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حفاظا على إيش ؟ على الحق ، نعم ، أي حق ؟ الحق العام ، لئلا تحصل الفوضى .
ومن فوائد الحديث : جواز قتل المرتد لقوله : ( لا يحل إلا بإحدى ثلاث ) : يعني أنه يحل ، ولكنه ليس على ظاهره بالنسبة للمرتد ، بل قتل المرتد واجب ، قتل المرتد واجب ، وهل هو حد أو ليس بحد ؟
من الفوائد : احترام المسلم ، لقوله : ( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ) .
ومنها : فضيلة الإسلام وأنه سبب لحقن الدماء ، وجه الدلالة قوله : ( امرئ مسلم ) .
ومن فوائد الحديث : بيان أن الإسلام هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، وأن الإنسان إذا أتى بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فهو مسلم .
ومن فوائده : أن تارك الصلاة والزكاة الصوم والحج مسلم ، لقوله : ( يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ) ، وهذه المسألة محل خلاف بين العلماء :
فمن العلماء من يقول : إن الإنسان يكفر بترك أي ركن من الأركان الخمسة ، أركان الإسلام ، وهذا إحدى الروايات عن الإمام أحمد ، لأن الأركان الخمسة أركان والبيت لا يقوم إلا بأركانه ، فإذا سقط ركن واحد سقط البيت كله .
ومنهم من قال : يكفر بترك الزكاة والصلاة فقط ، دون الصيام والحج ، وهذه أيضا رواية عن الإمام أحمد ، لأن الله جعل الزكاة قرينة الصلاة في كتابه العظيم ، ولأن الله قال : (( وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون )) .
ومنهم من قال : لا يكفر إلا بترك الصلاة لقوله تعالى : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكوة فإخوانكم في الدين )) ، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) ، وقوله : ( العهد الذين بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) .
وأما الزكاة فلا يكفر بتركها لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، في قصة من يمنع زكاة الذهب والفضة : ( أنها يحمى عليها في نار جهنم ويعذب بها ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) : وإذا كان يمكن أن يرى سبيله إلى الجنة فإنه ليس بكافر وهذا أصبح الأقوال .
وعلى هذا فكيف نجمع بينه وبين هذا الحديث ؟ نقول : إن هذا الحديث يدل على أن الإنسان إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله عصم دمه ، ثم يطالب بعد ذلك بالصلاة ، فإن صلى فذاك ، وإن لم يصل فالقرآن والسنة يدلان على أنه كافر فيكون مرتداً لقوله : ( التارك لدينه المفارق للجماعة ) .
ومن فوائد هذا الحديث : انحصار جواز القتل قتل المسلم في هذه الثلاثة : الزنا بعد الإحصان ، والثاني : النفس بالنفس ، والثالث : الردة ، لكن يُشكل على هذا أن المرتد حين قتلِه ليس بمسلم أليس كذلك ؟ والرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( لا يحل دم امرئ مسلم ) : وهو حين الردة حين القتل ليس بمسلم ، فيقال : الجواب عن هذا سهل : وهو أنه مسلم باعتبار إيش ؟ باعتبار إيش ؟
الطالب : ما كان .
الشيخ : ما كان ، مسلم باعتبار ما كان فقرن مع صاحبيه الذين يقتلان وهما على الإسلام .
ومن فوائد الحديث : مشروعية الرجم ، لقوله : ( الثيب الزاني ) وهل هذه المشروعية على سبيل الوجوب ؟ نعم ، ما هو الدليل ؟ الدليل أنه حد من حدود الله ، وقد صرح أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه فريضة حين خطب الناس وبين أن الرجم كان آية من كتاب الله ثم قال : ( وأخشى إن طال بالناس زمان أن يقولوا لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ) : فريضة .
( النفس بالنفس ) ، من فوائده : جواز قتل النفس بالنفس ، وهل هذا على سبيل الوجوب ؟
الطالب : لا .
الشيخ : طيب ، نقول : ليس على سبيل الوجوب ، بل هو على سبيل الجواز ، لأنه قال : ( لا يحل ) إلا بكذا ، أي فيحل ، والدليل على أن القصاص ليس بواجب قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عُفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان )) ، قال : (( فمن عفي له من أخيه شيء )) ولو كان القصاص واجبا لم يكن للعفو محل ، بل يقال حتى لو عفا فالقصاص واجب .
فإن قال قائل : إذًا ما الفائدة من قوله : (( كتب عليكم القصاص )) ؟ نقول : أجاب بعض العلماء بأن هذا بالنسبة للقاتل ، يعني أن القاتل يجب عليه أن يستسلم للقصاص وألا يعارض ، أما بالنسبة لمن له الحق فهو بالخيار إن شاء أخذ به وإن شاء عفا عنه كما يدل عليه آخر الآية ، وكما هو صريح في قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين ) .
طيب ، إلا أن العلماء اختلفوا في مسألة : وهي قتل الغِيلة : هل يجب فيه القصاص أو لا ؟ فذهب الإمام مالك -رحمه الله- إلى وجوب القتل قصاصا في الغيلة ، والغيلة معناه أن يقتله على غرَّة ، مثل أن يأتيه وهو نائم أو يلحقه في السوق ويقتله أو ما أشبه ذلك ، فإن المقتول هنا ليس بمستعد ليدافع عن نفسه ، فيكون القتل غِيلة مما لا يمكن التحرز منه ، وما لا يمكن التحرز منه فإنه يجب التحرز منه أكثر ، فإذا قتل وجوبا خفت قتل الغيلة ، وعلى هذا فيكون الحق في قتل الغيلة للإمام لا لأولياء المقتول ، ويجب على الإمام أن يقتله لما في ذلك من حفظ الأمن ، وهذا مذهب مالك ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حفاظا على إيش ؟ على الحق ، نعم ، أي حق ؟ الحق العام ، لئلا تحصل الفوضى .
ومن فوائد الحديث : جواز قتل المرتد لقوله : ( لا يحل إلا بإحدى ثلاث ) : يعني أنه يحل ، ولكنه ليس على ظاهره بالنسبة للمرتد ، بل قتل المرتد واجب ، قتل المرتد واجب ، وهل هو حد أو ليس بحد ؟
اضيفت في - 2004-09-07