تتمة فوائد حديث : ( لا يحل دم امرىءٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاثٍ ... ) .
فذهب الإمام مالك -رحمه الله- إلى وجوب القتل قصاصا في الغيلة ، والغيلة معناه أن يقتله على غرة ، مثل أن يأتيه وهو نائم ، أو يلحقه في السوق ويقتله أو ما أشبه ذلك ، فإن المقتول هنا ليس بمستعد ليدافع عن نفسه فيكون القتل غِيلة مما لا يمكن التحرز منه ، وما لا يمكن التحرز منه فإنه يجب التحرز منه أكثر ، فإذا قُتل وجوباً خفت قتل الغيلة ، وعلى هذا فيكون الحق في قتل الغيلة للإمام لا لأولياء المقتول ، ويجب على الإمام أن يقتله لما في ذلك من حفظ الأمن ، وهذا مذهب مالك واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حفاظًا على إيش ؟ على الحق ، نعم ! الحق أي حق ؟! الحق العام لئلا تحصل الفوضى .
ومن فوائد الحديث : جواز قتل المرتد لقوله : ( لا يحل إلا بإحدى ثلاث ) يعني أنه يحل ولكنه ليس على ظاهره بالنسبة للمرتد ، بل قتل المرتد واجب ، وهل هو حد أو ليس بحد ؟ القصاص فهمنا أنه ليس بحد في غير قتل الغيلة الذي فيه الخلاف ، لأن القصاص حق لأولياء المقتول إن شاؤوا عفوا فليس بحد ، لكن قتل المرتد هل هو حد ؟
الطالب : نعم ليس حد .
الشيخ : نعم ؟ ليس بحد ! ليس بحد ليش ؟ لأنه يمكنه أن يتوب فيرتفع عنه القتل ، والحد لا يرتفع بالتوبة ، لو ثبت على الزاني الزنا عند القاضي ، وقال : إنه تاب فهل ترفع التوبة عنه الحد ؟ لا ، (( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم )) .
طيب ، إذًا القصاص ليس بحد ، والقتل بالردة ليس بحد ، ووجه ذلك إمكان رفعهما ، أما القصاص فيمكن رفعه بعفو مَن ؟
الطالب : أولياء المقتول .
الشيخ : أولياء المقتول ، وأما الردة فيمكن رفع القتل فيها بالتوبة ، نعم على القول بأن بعض الردات لا تقبل فيه التوبة ربما يكون في هذا حدًا .
ومن فوائد الحديث : أن المرتد مفارق للجماعة ، المرتد مفارق للجماعة لقوله : ( التارك لدينه المفارق للجماعة ) .
طيب فإذا حصلت مفارقة الجماعة بلا ردة كالخارجين على الإمام ، فهل يجوز قتله الخارج على الإمام ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم يجوز لكن بدليل آخر ، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( مَن أتاكم وأمركم جميع تريد أن يفرق جماعتكم ) فإيش ؟ ( فاضربوا عنقه ) ، وقال في البيعة لإمامين : ( إذا بويع للإمام الأول فأتى إنسان يريد يدعو إلى البيعة لنفسه فإنه يقتل ) : اقتلوا الآخر ، لكن قد يقال : إن هؤلاء يقتلون لا لمجرد مفارقة الجماعة ولكن للإفساد في الأرض ، أما الذي يبايع بعد بيعة الأول فواضح أنه مفسد في الأرض ، لأنه إذا بويع حصل القتال بين المسلمين ، وأما الثاني الذي أبى أن يُبايع ولم يدع للبيعة لنفسه فهذا يُقتل لما يُخشى من شره بأن يلمَّ حوله أحد من الناس فلا يبايعون ، فيخشى من شره وفساده .
ومسألة الخروج على الولاة ما هي هينة ، من أخطر ما يكون ومن أعظم ما يكون ، ولم تفسد الأمة الإسلامية إلا بالخروج على الإمام من حين أن قُتل عمر رضي الله عنه بدأت الفتنة ، خرجوا على عثمان ، وخرجوا على علي ، خرجوا على معاوية ، خرجوا على ، لما كثر الخروج على الإمام حصلت الفتن والشرور والبلاء .
طيب ، وفي هذا -ما جاء وقت الأسئلة، ها، ما جاء- .
ومن فوائد الحديث : الحث التام على الالتئام ، من أين يؤخذ ؟ من كون مفارقة الجماعة سببًا للقتل ، ولا شك أن التئام الأمة واجتماع كلمتها يوجب التآلف في القلوب والاتحاد في الهدف ، ويوجب أيضا الهيبة في قلوب الأعداء ، وإذا تقلقل التفرق بين الأمة اختلت الأمة ، ونُزعت هيبتها من الأمم ، ولم تساو فلسًا ، ولهذا نرى أن أولئك القوم الذين يذهبون يركضون يمينًا وشمالا في القيل والقال ، وإضاعة الأوقات ، وإضاعة الأموال ، نرى أنهم على خطأ فاحش ، وعلى خطر عظيم ، وأن الواجب على الإنسان أن يكف لسانه ، وأن يَقبل الحق من أي شخص كان ، وأن يرد الباطل من أي شخص كان ، وألا يفرق الأمة بالتحزب إلى فلان وإلى فلان .
الواجب لمّ الشعَث ورأب الصدع ما أمكن ، سواء كان بين الدعاة أو بين العلماء أو بين الشعب والأمراء وولاة الأمور ، المهم أنه يجب على الإنسان أن يسعى في الائتلاف بقدر ما أمكن ، وأن ينصح من يراهم ليس لهم هم إلا الركض يمينا وشمالا ، وما تقول في فلان ؟ وما تقول في أشرطة فلان ؟ وما تقول في رسائل فلان ؟ وما أشبه ذلك من الأشياء التي لا تنفع بل هي تضر ، تفرق الأمة ، تشتت الشمل ، تولد الضغائن في القلوب ، ويحصل فيها شر كثير ، دع نفسك وهواها ، وكن مسالما للناس تسعى في السلامة منهم ، وتسعى في سلامتهم منك ، لا تعتدي ولا تجرئ الناس على نفسك ، بل كن مسالما حتى تبقى هيبة الأمة الإسلامية ولا تتفرق .
ونحن وغيرنا ممن نراهم مخلصين يسوؤهم أن يروا هذا التفرق بين الشباب وبين الدعاة وبين العلماء وبين الناس وأمرائهم ، يسؤونا هذا جدًا ، والواجب النصيحة ، نحن لا نقول : إن كل أحد معصوم ، وكل أحد لا يخطئ ، ( كل بني آدم خطَّاء وخير الخطَّائين التوابون ) : الذين يرجعون عن الخطأ ، فالواجب النصيحة ، وإذا سمعنا عن شخص قولًا ألا نأخذ بمجرد السماع ، لأن هذا هو الذي نهى عنه الرسول قيل وقال ، ولكن نتبين ونتثبت ، فإذا ثبت لدينا الأمر وصار القول خطأ فالواجب أن نناصح القائل ، لأننا إذا ناصحنا القائل ورجع هو بنفسه أزال هذا الخطأ ، لكن لو أننا رددنا عليه بالتشهير به والسب ربما تأخذه العزة بالإثم فلا يرجع ، ويفتح له الشيطان باب التأويل ، وباب المعاندة ، لكن إذا نُصح بإخلاص وبُين له الحق فإنه ربما يرجع ولا يحصل في هذا تفرق ولا تشتيت شمل .
أما أن نتبع عورات الناس -نسأل الله العافية- وننظر متى يخطئ ونفرح بالخطأ دون أن نفرح بالصواب فهذا والله خلاف الإيمان ، خلاف الإيمان وخلاف ما أرشد إليه الرسول عليه الصلاة والسلام حين ذكر الفتن ، وأنها كقطع الليل المظلم ، وذكر الفتن : ( وأنها فتن يرقق بعضها بعضا فتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ، ثم تنكشف ، ثم تجيء الثانية فيقول : هذه هذه ) : يعني هذه هي البلاء هذه هي الفتنة ، ثم قال عليه الصلاة والسلام : ( من أحب أنْ يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ) : هل أحد من الناس يجب أن ينتقده الناس ؟ أجيبوا !
الطالب : لا .
الشيخ : لا ، هل أحد من الناس يحب أن تتسلط الألسن عليه ؟ لا ، إذًا لماذا تشهِر بأخيك وتسلط لسانك عليه هذا مما يوجب ألا يزحزح الإنسان عن النار وألا يدخل الجنة نسأل الله العافية ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( سِباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) : والسباب والغيبة تختلف باختلاف من وجهت إليه ، لو سببت واحدا من السوقة في الشارع من عامة الناس هل يؤثر شيئًا ؟ نعم يؤثر بينكم وبين الشخص ، لكن هل يؤثر على سبيل العامة ؟ لا ، لكن لو سببت عالما أو اغتبت عالما فهذا يؤثر ليس على شخصية العالم بل على شخصية العالم وعلى علمه ، علمه الذي يكون مقبولا عند الناس يكون محل شك وتردد ، وحينئذ تحمل الناس على أن يشكوا في الشريعة التي تخرج من هذا العالم ، فتكون جنيت على الشريعة ، لهذا أرى أنه يجب أن ندع ما نسمعه بين بعض الإخوان من المناقشات ومن التشهير ومن السب حتى نكون يدًا واحدة ، ولا يجوز أبدًا في حال من الأحوال أن يحملنا ما قد يكون في قلوب بعض الناس من الحسد على الجناية ، ولهذا جاء في الحديث : ( إذا حسدت فلا تبغ ) : يعني لا تعتدي على المحسود ، واعلم أن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء .
وقد أشار الله عز وجل إلى أنه إذا وقع في قلب الإنسان مثل هذا فليسأل الله من فضله ، وليعرض عن هذا ، (( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن وسئلوا الله من فضله )) : هذا هو السير الصحيح والمنهاج السليم ، أظن نقف على هذا .
1 - تتمة فوائد حديث : ( لا يحل دم امرىءٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاثٍ ... ) . أستمع حفظ
ما حكم سب عائشة ووصفها بالزنا أو غيرها من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وهل يقتل إذا تاب من ذلك ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : سب أمنا عائشة ورميها بأنها زانية !
الشيخ : أي نعم .
السائل : فهل نقول إن هذا كافر وجب قتله ؟
الشيخ : أي نعم ، من سب عائشة وقال : إنها زانية بما برأها الله منه فهو كافر ، لأنه مكذب للقرآن ، ومن سب غير عائشة أيضا بالزنا فهو كافر ، لأنه مدنس لفراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا كان الصحيح أن قذف النبي أو قذف أحد من زوجاته كفر وردة .
السائل : إن تاب ؟
الشيخ : إن تاب يقتل ، لأن هذا حق للرسول نعم .
السائل : شيخ أحسن الله إليكم : ذكرتم بأن الحد هو ما لا ترفعه التوبة .
الشيخ : ما إيش ؟
السائل : الحد ما لا ترفعه التوبة .
الشيخ : لا ترفعه التوبة .
السائل : نعم ، وقصة ماعز رضي الله عنه فيها : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذلقته الحجارة هرب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) .
2 - ما حكم سب عائشة ووصفها بالزنا أو غيرها من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وهل يقتل إذا تاب من ذلك ؟ أستمع حفظ
ماعز قدر عليه وهرب لما أذلقته الحجارة ولكنهم أدركوه فرجموه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) وهذا يدل على جواز التوبة بعد القدرة ؟
والجواب عن هذا أو على هذا ؟
الطالب : عن هذا .
طالب آخر : على هذا .
الشيخ : آه طيب يا الله على وعن منكم الجواب على هذا أو عن هذا .
الطالب : عن هذا .
الشيخ : طيب أنا أقول : الذي تبون ، الجواب أن قصة ماعز ثبتت بإقراره ، وما ثبت بالإقرار فللإمام الخيار فيه بين أن يقيم الحد أو لا يقيم الحد ، ما لم يطلبه الفاعل ، فإن طلبه أقامه ، فإذا تراجع عن إرادة الإقامة يُترك ، لكن إذا ثبت ببينة فإنه لا يمكن أن يُرفع .
الطالب : شيخ أحسن الله إليكم : من استهزئ بشيء مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم أو استهزأ مثلا بسنة اللحية أو غيرها هل نقول : إنه يعتبر قدح في النبي صلى الله عليه وسلم ؟
3 - ماعز قدر عليه وهرب لما أذلقته الحجارة ولكنهم أدركوه فرجموه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) وهذا يدل على جواز التوبة بعد القدرة ؟ أستمع حفظ
ما حكم من استهزئ بالشريعة أو بالمتمسك ؟
فمثلا اللحية لو استهزأ إنسان باللحية على أنها شرع من شريعة الله فهذا كافر ، لكن من استهزأ بملتحي ، وقصده بذلك شخصية هذا الرجل ، فإنه لا يكفر ، لا لأنه متمسك بالشريعة ، يعني أنه لم يستهزأ به لأنه متمسك ، بدليل لو أن هذه اللحية صارت على شخص آخر لم يستهزأ ، فهذا يعرف أنه لم يقصد الاستهزاء بالشريعة ، لكن قصد الاستهزاء بهذا الشخص فقط .
ومثل ذلك الآن القميص إلى نصف الساق ، أو أرفع ، لو أن أحدًا من الناس المرضيين عند العامة فعل ذلك هل يسخرون به ؟ أجيبوا .
السائل : لا .
الشيخ : لا يسخرون به ، بل يقول : هذه سنة لكنها مهجورة مثلا ، لكن لو فعلها إنسان ما له قيمة عند الشعب أو عند الناس سخروا به ، فهذه مسألة يجب أن نفرق فيها ، نعم .
ما حكم سب الصحابي ؟
الشيخ : ارفع صوتك .
السائل : سب الصحابي شيخ هل هو كفر ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : سب الصحابي ؟
الشيخ : سبهم عموما كفر ، وسب الواحد منهم ليس بكفر ، وقال بعض العلماء : إن سب واحد من الخلفاء الأربعة كفر .
السائل : لماذا التفريق ؟
الشيخ : لأن لهم من المزية والشرف والفضيلة وإجماع الأمة على الثناء عليهم ما ليس لغيرهم ، هذا وجه التفريق ، لأن الأمة مجمعة على الثناء عليهم .
السائل : قد يكون على العموم والخصوص !
الشيخ : كيف عموم وخصوص ؟
السائل : عموم الصحابة .
الشيخ : إي ، لأنه لو سب عموم الصحابة دخل فيها هؤلاء الخلفاء ، وبقيت الشريعة كلها غير مأمونة لأن الشريعة نقلت من أي مصدر ؟ من الصحابة ولهذا نقول : من سب الصحابة فقد سب الصحابة وسب الرسول وسب الله وسب الشريعة ، كلها ، يعني طعن في هؤلاء الأربعة كلهم ، طعن فيمن سب في الصحابة واضح الطعن ، وطعن في الرسول ، حيث جعل أصحابه بهذه المنزلة ، والمعروف أن القرين كالمقارِن ، كذا ولا لا ؟ ولهذا يستدل على الرجل بمن ؟ بأصحابه ، فإذا كان أصحابه من السفلة المستحقين للقدح فهذا طعن فيه بلا شك ، طعن في الشريعة ، لأن الشريعة نُقلت عن طريقهم ، فإذا كان نقلة الشريعة أهلَ قدح وعيب ، فالشريعة محل قدح ، ولا يوثق بها .
الرابع : طعن في الله عز وجل ، كيف يختار لرسوله مثل هؤلاء الأصحاب ؟! وكيف يرضى لرسوله مثل هؤلاء ؟!
فيكون الله عز وجل قد أرسل رسولا هو محل الطعن وحاشاه من ذلك ، وجعل طريق هذه الشريعة الكاملة طريقاً مطعوناً فيه وهذا لا شك ينافي حكمة الله عز وجل فيكون طعنًا في الله ، ولهذا لا نشك أن أصل الطعن في الصحابة يُقصد به الطعن في الشريعة ، لا شك ، قد يكون من العامة أو ممن لا يدري لا يخطر في باله أنه طعن في الشريعة لكنه هو لازم فعله وسبه ، أي نعم ، نعم ؟
السائل : شيخ ذكرنا المرتد ... مع أن القتل قد يرفع !
الشيخ : مع أنه ؟
السائل : القتل قد يرفع بالتوبة .
الشيخ : هذا إذا قلنا إنه يستتاب .
السائل : القول بالاستتابة واجب يا شيخ ؟
الشيخ : واجب إيش ؟
السائل : قتله .
الشيخ : لا ، إن تاب ما يقتل .
السائل : ...
الشيخ : إيش ؟
السائل : يستتاب !
الشيخ : نعم ، إي نعم نعم .
السائل : طيب يمكن إلى أي الأقوال نذهب إذا ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : إلى أي الأقوال نذهب ؟
الشيخ : إلى ؟
السائل : إلى أي الأقوال نأخذ ؟
الشيخ : إلى أي الأقوال إيش ؟
السائل : ... .
الشيخ : ما ندري إلى أي الأقوال وقفنا ، ها .
السائل : ... .
الشيخ : أي بأي الأقوال نقول ؟
السائل : نعم .
الشيخ : إذا ؟
السائل : إذا كنا في زمان الأئمة فيه فجار ؟
الشيخ : آه .
بأي الأقوال نقول إذا كنا في عصر الأئمة فيه فجار ؟
السائل : نعم .
الشيخ : هذا ما هو بأيدينا ، يعني لو أن أحدا من الأئمة عطل الحدود هو بأيدينا ؟ ما هو بأيدينا ، فيه الآن من الحكام حكام المسلمين من لا يقيمون الحدود ، من يرون الحدود وحشية ، وأنا أذكر أنني قرأت مجلة لبعض الدول العربية المجاورة قال : " إن قطع يد السارق يعني شل نصف المجتمع " : شل نصف المجتمع ، يعني إذا قطعت يد السارق معناه بقي نصف المجتمع ما له يد ، ما له يد يمنى ، سبحان الله !! وهذا يعني أن نصف شعبهم سُراق ، فإذا قطعت أيديهم قطع نصف الشعب ، لكن نقول لهذا الجاهل أو المتجاهل : إذا قطعت يد السارق لم يبق سارق في المجتمع ، لأن هذا يردع ، ولهذا قال الله تعالى : (( ولكم في القصاص حياة )) ، مع أن القصاص إضافة قتل نفس أخرى إلى المقتول الأول : قتل زيد عمروً ، قلنا : لا بد من القصاص فنقتل ؟
الطالب : عمروً .
الشيخ : نقتل عمرو وهو مقتول أمس ؟! هههه نقتل زيدًا ، قتلا زيد عمرو فنقول : نقتل زيدا يعني الآن قتلنا اثنين ، يتوهم الإنسان في بادي الرأي أن هذا زيادة في القتل ، ولكن الله عز وجل وهو أعلم قال : (( ولكم في القصاص حياة )) : شوف سبحان الله !! فيه عبارة جاهلية بمعنى الآية ، لكن الآية ما في شك أبلغ منها يقولون : " القتل أنفى للقتل " : يعني إذا قتلت قاتل فهو أنفى للقتل : يعني ما عاد يقتلون الناس ، والإنسان يجد الفرق بين قوله : (( ولكم في القصاص حياة )) وبين قول : " القتل أنفى للقتل " : الجملة الجاهلية هذه كلها قتل ما فيها ذكر حياة ، ومدلولها سلبي : أنفى ، والجملة القرآنية فيها حياة ، وفيها إشارة للعدل : (( ولكم في القصاص )) وهي جملة إيجابية ، (( ولكم في القصاص )) : وبمثل هذا عجز العرب عن أن يأتوا بمثل القرآن ، إذا كان العبارة : " القتل أنفى للقتل " : تكتب عندهم بماء الذهب ويرون أنها من أكبر القواعد الاجتماعية والإنسانية ، فتأتي الآية الكريمة : (( ولكم في القصاص حياة )) أيهما أكثر حروفًا ؟
الطالب : العبارة الجاهلية .
الشيخ : الجاهلية ؟! طيب عُدوا ما هو بشيء يحتاج إلى كبير تأمل ، اتركوا واو العطف ، لكم ، الواو ما تعدوها ، لكم في القصاص حياة : لكم ثلاثة حروف ، في حرفان ، القصاص : ألف لام قاف صاد ألف آه ؟ أيهم ؟ الجاهلية 14 ، وهذه 15 ، طيب نشوف الجاهلية : القتل : ألف لام قاف تاء لام خمسة ، أنفى : أربعة ألف نون فاء ألف كم هذه ؟ تسعة ، للقتل ؟
الطالب : خمسة .
الشيخ : خمسة ؟ 14 إي ، ليش ؟
السائل : ... .
الشيخ : يعني همزة الوصل سقطت ، إذن نشوف الآية إذا أردنا أن نسقط ما لا ينطق به الآية : لكم ثلاثة ، في القصاص : حذفنا اثنين الياء والهمزة ، طيب إذًا : الفاء واللام والقاف والصاد والألف والصاد ستة مع أربعة عشرة حياة : كم ؟ كم : حياة ؟
الطالب : أربعة حروف .
الشيخ : أربعة حروف وستة عشرة صارت عشرة حروف ، الأولى 13 ؟ أي لكم أربعة !
الطالب : ثلاث .
الشيخ : ثلاث طيب ، ولكم في القصاص هذه عشرة كم صارت ؟
الطالب : أربعة .
الشيخ : أي نقصت .
السائل : نقصت .
الشيخ : على كل حال يعني متقاربان ، ها ؟
السائل : هل هذا في بعض الحالات ينافي قول الله تعالى في الحديث القدسي : ( إن رحمتي سبقت غضبي ) ؟
الشيخ : لا ، يعني عدم القبول ، قل : عدم القبول ، إي ما ينافي ، لأن مدلول الرحمة ما به الخير ، ليس مجرد تسامح يعتبر رحمة .
السائل : هو تاب .
الشيخ : نعم .
السائل : هو تاب .
سؤال عن حكم سب الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
الشيخ : هو عدم قبول التوبة نقتله بها .
السائل : إذا سب الرسول ؟
الشيخ : أي نعم ، فيمن سب الرسول نقلته ، لحق الرسول ، أما التوبة فنقبلها .
السائل : ولا ينافي هذا ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : ما ينافي الحديث ؟
الشيخ : لا ما ينافيه ، لأن قتله رحمة ، انتصار للرسول عليه الصلاة والسلام ، طيب .
أظن ناقشنا في النفس والذي يستثنى منها ، طيب ، حديث عائشة مبتدأ درس اليوم .
وعن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل قتل مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث خصالٍ: زانٍ محصنٍ فيرجم، ورجلٍ يقتل مسلماً متعمداً فيقتل، ورجلٍ يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم .
( ورجلٍ يقتل مسلماً متعمداً فيقتل ) : وهذا معنى قوله : ( النفس بالنفس ) : وهنا اشترط أن يكون متعمدًا ، لأنه لا يمكن ثبوت القصاص إلا إذا كان القتل عمدًا ، والعمد تعريفه سبق لنا : " هو أن يقصد من يعلمه آدميا معصوما فيقتله بما يغلب على الظن ما موته به " .
ولا بد من شروط أيضًا زائدة على العمد : وهي تكليف القاتل ، تكليف القاتل بأن يكون بالغًا عاقلاً ، فلو تعمد الصبي قتل إنسان فإنه لا يقتل ، ولو تعمد المجنون قتل إنسان فإنه لا يقتل ، لأنه مرفوع عنهما القلم ، فعمدهما خطأ يثبت فيه ما يثبت بقتل البالغ العاقل خطأ وهو الدية على العاقلة ، وأما الكفارة فلا تجب عليهما أيضاً ، لأن الصغير ليس من أهل التكليف والمجنون كذلك ، فلا كفارة على من لم يبلغ إذا قتل خطأ ، وإذا قتل عمدًا فكذلك ، لأن عمد الصغير والمجنون خطأ .
يشترط أيضًا في القتل عصمة المقتول ، عصمة المقتول فإن لم يكن معصوم الدم فلا قصاص ، فالحربي إذا قتله الإنسان فلا قصاص ، والزاني المحصن إذا قتله الإنسان فلا قصاص ، لكن بشرط أن يُحكم برجمه ، أما قبل ثبوته عند الحاكم فهو باق على عصمته .
والشرط الثالث : ألا يقتل القاتل المقتول في الدين والحرية والملك ، مرت علينا هذه ؟
الطالب : لا .
الشيخ : بلى ، ألا يفضل القاتل المقتول في الدين والحرية والملك :
فلا يقتل المسلم بالكافر ولو تعمد ، ولو كان الكافر معصوما كالذمي ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يقتل مسلم بكافر ) .
الحرية أيضا سبق الكلام فيها : ( لا يقتل حر بعبد ) وسبق الكلام فيه.
والملك أيضا بأن لا يكون القاتل مالكًا للمقتول ، صح ؟ ألا يكون القاتل مالكاً للمقتول ، فإن كان مالكا للمقتول فإنه لا يقتل به ولو كان عبدا ، ولو كان المالك عبدًا !
الطالب : ...
الشيخ : نعم ؟ إذا كان مكاتبًا فإنه يملك ، تعرفون المكاتب ؟ المكاتب : " هو الذي اشترى نفسه من سيده " ، وهو جائز التصرف يبيع ويشتري ويملك لكنه ليس جائز التبرع ، إنما هو جائز التصرف ، فإذا اشترى المكاتَب عبدا ليتجر به حتى يوفي الدين الذي في كتابته ثم إن هذا المكاتَب قتله فكلاهما عبد ، لكن هذا المكاتَب يفضله بأنه سيده مالكه فلا يقتل به ، وعلى القول الراجح الذي رجحنا : أنه يقتل الحر بالعبد يقتل به أو لا ؟
الطالب : يقتل .
الشيخ : يقتل به من باب أولى .
طيب الشرط الرابع : انتفاء الولادة ، فلا يقتل الأصل بالفرع ، صح ؟
الطالب : غلط ...
الشيخ : أنا أريد أن أفرق ، لا يقتل الأصل بالفرع ؟
الطالب : صحيح .
الشيخ : صحيح ، يعني لا يقتل الأب بابنه ، ولا الأم بابنها أو بنتها أو ما أشبه ذلك ، وسبق لنا ذكر الخلاف فيه ، وأن الصحيح أنه يقتل به نعم . طيب إذًا نضيف إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( يقتل مسلمًا متعمدًا ) نضيف بقية الشروط حتى يتمكن الإنسان من تطبيق كل مسألة جزئية على هذه الشروط ، فإن تمت الشروط ثبت القصاص ، وإن لم تتم لم يثبت القصاص.
قال : ( ورجل يخرج من الإسلام فيحارب اللهَ ورسولَه فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) : هنا يقول : رجل يخرج من الإسلام ، هل المراد يكفر فيحارب فيجمع بين الكفر والحرابة ، أو المعنى : أنه بخروجه من الإسلام حارب الله ورسوله ؟!
يحتمل الحديث المعنيين ، لكن المعروف أن من كفر بدون حرابة فإنه لا يثبت في حقه الصلب أو النفي من الأرض ، ويكون المعنى يخرج من الإسلام بالكفر فيُقتل ، أو يحارب الله ورسوله ولو كان باقيا على الإسلام فيستعمل في حقه ما ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام ، يقول : ( فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) : وهذا مأخوذ من الآية ، وهي قوله تعالى : (( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسولَه ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهِم وأرجلُهم من خلاف أو ينفوا من الأرض )) : فهؤلاء هم المحاربون لله ورسوله .
وآكل الربا له قسط منهم ، لقول الله تعالى : (( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله )) : فما المراد بالمحاربة هنا ؟
قال العلماء : المراد بالمحاربة قطع الطريق ، بأن يتصدى قوم أو واحد من الناس للناس في طريقهم فيسلبهم المال ، أو يقتل أنفسهم بالسلاح ، فهذا قاطع طريق ، ويجب أن يقتل أو يصلب أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض .
وهل (أو) هنا للتنويع أو للتخيير ؟ اختلف في ذلك المفسرون والفقهاء :
فقيل : أو للتخيير ، وقيل : أو للتنويع .
والفرق بين القولين : أنه إذا قيل إنها للتخيير صار الإمام مخيرا بين هذه الأربعة وهي : القتل والصلب وتقطيع الأيدي والأرجل من خلاف والنفي من الأرض ، وإذا قلنا : إنها للتنويع ، صارت هذه العقوبات منزلة على قدر الجريمة فتختص كل عقوبة بجريمتها ، ولا يخير الإمام ، فيقال : من فعل كذا فُعل به كذا ، فعلى هذا القول يقولون : إن قطاع الطريق إذا قتلوا فقط قتلوا فقط ، وإن قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا ، وإن أخذوا المال بدون قتل قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وإن أخافوا الطريق دون أن يعتدوا على أحد بمال أو دم فإنهم ينفون من الأرض .
فتكون هذه العقوبات مرتبة على قدر إيش ؟ على قدر الجريمة ، فيكون الفرق بين القولين : أن هذا القول مقيِّد للإمام بعقوبة معينة ، وأما القول الأول فيخير الإمام ، ولكن : هل معنى التخيير أنه تخيير تشهي ؟ بفعل ما يشاء ؟ فيمكن أن يقتل هذا وينفي هذا من الأرض ، ويمكن أن يقطع أيدي وأرجل هذا ويترك الآخر ؟! أو هو تخيير مصلحة ؟
الطالب : الثاني .
الشيخ : الثاني ، وهذه قاعدة : " كل من تصرف لغيره وخُيِّر فهو تخيير مصلحة " : الوكيل والولي وناظر الوقف والوصي وولي الأمر : من أمير أو قاضي أو غيره ، إذا خُير بين شيئين فتخييره تخيير مصلحة ، هذه القاعدة ، أما من خير بين شيئين في أمر يتعلق به بنفسه ويقصد به التسهيل عليه فتخييره هنا تخيير تشهي .
طيب ومتى يصلب وكيف يصلب ؟
إذا رأى الإمام أن يقتل ويصلب ، أو كانت الجريمة على القول الثاني تقتضي القتل والصلب فمتى ؟
قيل : إنه يصلب وهو حي ، وقيل : يقتل ثم يصلب ، وأيهما أنكى ؟
الطالب : الأول .
الشيخ : الأول ، الأول أنكى لا شك ، فإذا رأى ولي الأمر أن الأنكى أن يصلب قبل أن يقتل فليفعل ، لأنه إذا صلب بعد القتل فإنه هو بنفسه لا يتعب ، نعم ، " وما يضر الشاة سلخها بعد موتها " .
وكيف يصلب ؟ يصلب بأن يربط على خشبة لها يدان ، فتمد يداه على يدي الخشبة ، ويبقى قائما إلى متى ؟ إلى أن يشتهر ، فإذا اشتهر أُنزل وقتل إن قلنا بصلبه قبل القتل ، أو نزل وغسل وكفن وصلي عليه ودفن مع الناس ، واضح ؟! طيب .
وأما التقطيع ، أو ينفى من الأرض ، هنا ما ذكر الحديث تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، لكن في الآية تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ، تقطع اليد اليمنى من مفصل الكف ، وتقطع الرجل اليسرى من مفصل العقب ولا يقطع العقب ، العقب لا يقطع ، يبقى لأجل أن يمشي عليه ، وتعرفون العقب أو لا ؟ العقب هذا ، يعني تقطع هكذا نعم ؟ كيف ؟ إيش يقول ؟
الطالب : ... .
الشيخ : سبحان الله !! إيش ؟ لا تقطع العقب في الرجل ، لأنه لو قطع لاختلت الرجل ولا استطاع أن يمشي ، فلهذا يبقى عقبه .
طيب وقوله : ( أو ينفى من الأرض ) : يعني يطرد من الأرض ، إلى أي أرض ؟ قال بعض العلماء : يطرد إلى أرض غير أرضه ، ولكن هذا القول اعترض بأنه ربما يفسد في الأرض الثانية ، فإذا خفنا من ذلك فإن النفي من الأرض يكون بالحبس ، يحبس حتى تظهر عليه علامة التوبة النصوح ، فإذا ظهرت عليه علامة التوبة النصوح أُطلق .
إذًا هذا الحديث يختلف عن الأول في كيفية العقوبة فيمن خرج عن الإسلام . وقد قلنا : إنه إذا خرج عن الإسلام فجمع بين الكفر والحرابة فهذا جزاؤه ، وإن لم يحارب فإنه يقتل بالسيف .
8 - وعن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل قتل مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث خصالٍ: زانٍ محصنٍ فيرجم، ورجلٍ يقتل مسلماً متعمداً فيقتل، ورجلٍ يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( لا يحل قتل مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث خصالٍ ... ) .
ومن الفوائد : أن نفي الحل يعني التحريم ، لأن نفي الشيء إثبات لضده ، وعليه فكلمة : ( ولا يحل ) توازي كلمة : يحرم ، وهذا في كلام الله ورسوله واضح ، فقوله تعالى : (( ولا يحلُّ لكم أن تأخذوا ممَّا ءاتيتموهنَّ شيئًا )) ، (( يأيُّها الذين ءامنوا لا يحلُّ لكم أن ترثوا النساء كَرهًا )) : معناه يحرم ، لكن في كلام الفقهاء إذا قالوا : لا يجوز فقد لا يريدون به التحريم ، قد يريدون به ما دون التحريم وهو الكراهة ، لكن في كتاب الله وسنة رسوله نفي الحِل إثبات للتحريم .
ومن فوائد هذا الحديث : أن مِن أسباب إباحة النفس أو إباحة القتل هذه الثلاث الخصال :
الأولى : الأخ أنت ، الذي أمامك !
الطالب : أنا ؟
الشيخ : أي أنت ليش ؟ أنت زائر ، نعم زائر من الزئير أو من الزيارة ؟
الطالب : من الزيارة .
الشيخ : طيب الذي وراك .
الطالب : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة .
الشيخ : ومعناه الخارج عن الإسلام ، هل إباحة الدم تنحصر في هذه الثلاثة ؟ لا يباح الدم إلا في الثلاثة هذه ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ما في شيء آخر ، نعم ، قل يا أخي !
الطالب : أنا ؟
الشيخ : إي .
الطالب : يباح في غير هذه الثلاث .
الشيخ : لا يباح إلا في هذه الثلاثة !!
الطالب : لا ، يباح .
الشيخ : طيب ، ما هم ؟ آه ؟
الطالب : تارك الصلاة .
الشيخ : تارك الصلاة كافر ، نعم ؟
الطالب : الساحر .
الشيخ : آه ؟ الساحر ؟! وإن لم يَقتل، ساب الرسول عليه الصلاة والسلام ولو تاب ، لكن ذكرنا لكم في أثناء الشرح أن الرسول عليه الصلاة والسلام أحيانًا يحصر الشيء من أجل تقريب العلم والفقه للناس ، طيب .
ومن فوائد هذا الحديث : وجوب رجم الزاني المحصن ، أو جواز رجم الزاني المحصن ؟
الطالب : الأول ، وجوب .
الشيخ : من الحديث ؟!
الطالب : الوجوب !
طالب آخر : جواز !
الشيخ : سبحان الله : ( لا يحل قتل مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال : زان محصن ) جواز ؟ ما يخالف ، القائل بالوجوب يرفع يده ، نعم لماذا ؟
الطالب : لأنه بين الحد .
الشيخ : لكن نأخذ من هذا الحديث : لا يحل لك أن تفعل كذا إلا كذا ، هل معناه هذا الاستثناء يفيد جواز الشيء أو وجوب الشيء ؟
الطالب : بعضه الجواز وبعضه الوجوب .
الشيخ : لا ، يفيد الجواز ، هذا الحديث ما نريد غيره ، هذا يفيد الجواز ، لأنه قال : لا يحل إلا بكذا ، يعني فإذا كان كذا حل ، لكن هذا لا يمنع الوجوب أو لا ينافي الوجوب ، بل قال بعض العلماء : " إن هذا يدل على الوجوب ، لأن المستثنى من الحرام واجب " : المستثنى من الحرام واجب ، إذ لا ينتهك الحرام إلا بواجب ، لكن هذا فيه نظر ! لأن من نفي الجواز إذا استثني ما لا يدل على الوجوب ، (( ولا يحلُّ لكم أن تأخذوا ممَّا ءاتيتموهنَّ شيئًا إلَّا أن يخافا ألَّا يقيما حدود الله فإن خفتم ألَّا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به )) ونفي الجناح لا يدل على الوجوب .
وهذه القاعدة التي قلت لكم : " أن المستثنى من المحرم واجب " : بنى عليها بعض العلماء وجوب الخِتان ، قال : " لأن الأصل تحريم قطع العضو من الإنسان ، فإذا أبيح في الختان دلَّ ذلك على وجوبه ، لأن الحرام لا ينتهك إلا بواجب " ، على كل حال الحكم من حيث هو الحكم لا شك أن رجم الزاني واجب وأنه فريضة من فرائض الله كما أعلن ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، طيب .
من فوائد الحديث : أن الزاني المحصن لا بد أن يرجم رجماً ، وذلك بالحجارة التي ليست بكبيرة ولا صغيرة ، مع اتقاء المقاتل : يعني لا تقصد مقتلا فيموت بسرعة ، فإن قال قائل : ما الجمع بين هذا وبين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا قتلتم فأحسنوا القِتلة ) ؟ الجمع ؟
الطالب : أقول : إن هذا الحديث يستثنى ، أحسنوا القتلة للعمومات ، الوجه الثاني : أن نقول إن الشارع هو الذي أمرنا به .
الشيخ : يعني بأحد وجهين :
إما أن نقول : إن هذا مستثنى ، أو نقول : إن معنى إحسان القتلة أن يقتل على حسب ما تقتضيه الشريعة ، طيب .
من فوائد هذا الحديث : أنه يشترط للقصاص أن يكون القتل عمدا ، لقوله : ( متعمدا ) طيب .
هل يؤخذ من هذا الحديث اشتراط أن يكون القاتل بالغًا عاقلاً ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نقول : أما من جهة اشتراط أن يكون عاقلا فلا شك أنه يؤخذ من هذا الحديث ، لأن المجنون ليس له قصد ، وأما غير البالغ فلا يؤخذ ، لأن له قصدًا ، لكن يقال : إن قصد غير البالغ لا حكم له ، لرفع القلم عنه .
الطالب : سماه رجلا !
الشيخ : نعم ؟ أو يؤخذ نعم يؤخذ من قوله : ( رجل ) : أنه لا يوجب القصاص على غير البالغ لأنه لا يسمى رجلا ، يؤخذ منه طيب .
ومن فوائد هذا الحديث : أن من خرج عن الإسلام فقتله مباح ، مهدر الدم ، لقوله : ( ورجل يخرج من الإسلام ) .
ومن فوائد الحديث : أن المحارِب لله ورسوله ينكَّل بهذا النكال القتل والصلب والنفي من الأرض وبقي عقوبة رابعة لم تذكر في الحديث ، لكنها ذكرت في الآية وهي : (( أو تقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ )) .
وعن عبد الله بن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ) متفقٌ عليه.
( أول ما يقضى في الدماء ) : تقدير الكلام : أول ما يقضى بين الناس القضاء في الدماء .
والدماء جمع دم والمراد به القتل ، وذلك أن الناس يوم القيامة يقضي الله سبحانه وتعالى بينهم ويفصل بينهم ، حتى بين المؤمنين والكافرين ، كما قال الله تعالى : (( فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلًا )) .
في كل شيء ، يقضي الله بين الناس في كل شيء ، الظالم ينتقم منه بظلمه ممن ظلمه في ماله أو غيره ، لكن ما أول ما يقضى بين الناس ؟
أول ما يقضى بين الناس في الدماء لأنها أعظم الجنايات ، فإذا وقف الناس بين يدي الله يوم القيامة فأول ما يقضي بينهم في الدماء ، طيب .
10 - وعن عبد الله بن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ) متفقٌ عليه. أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ) .
الفائدة الأولى : إثبات الحكم والقضاء بين الناس ، ووجه ذلك قوله : ( أول ما يقضى بين الناس في الدماء ) .
ومن فوائد الحديث : أن القضاء بين الناس يكون في الدماء وغيره ، لقوله : ( أول ) ، لأن لكل أول آخراً .
ومن فوائد الحديث : تعظيم الدماء ، حيث كانت أول ما يقضى بين الناس فيه .
ومن فوائد الحديث : إثبات عدل الله عز وجل ، لكونه يقضي بين العباد حتى يعطي كل ذي حق حقه .
ومن فوائد هذا الحديث : أن مَن لم يُؤخذ منه الحق في الدنيا أُخذ في الآخرة ويكون الأخذ في الآخرة أشدَّ وأعظم ، لأن الإنسان يخزى به بين الناس والعياذ بالله ، أنت إذا اقتُص منك في الدنيا لم يعلم بك إلا من شاهد أو بلغه وكل من سبقك لا يعلم بك ، ومَن بعدك قد يندثر العلم وتُنسى ، لكن في الآخرة نسأل الله العافية كل الناس يشاهدونك ، فتكون المقاضاة في الآخرة أعظم من المقاضاة في الدنيا ، ويتفرع على هذه القاعدة أو على هذه الفائدة : أنه ينبغي للإنسان أن يعجل بالتحلل من حقوق الناس ، حتى لا يفضح بها في القيامة ، ولا ننسى أن القيامة -مر معنا- أن يوم القيامة سمي بذلك لأنه إيش ؟
الطالب : يقوم فيه الناس .
الشيخ : يقوم فيه الناس من قبورهم لله ، ويقام فيه العدل ، ويقوم فيه الأشهاد نعم ؟
الطالب : بارك الله فيكم ، شيخ هل يشترط ... من حارب الله ورسوله قتله ؟
الشيخ : لا ما هو شرط ، ليس بشرط ، لكنه شرط للنكال به على هذا الوجه .
الطالب : أحسن الله إليكم كيف يقتص للمؤمن من الكافر ؟
الشيخ : آه إيش ؟
الطالب : كيف يقتص للمؤمن من الكافر يوم القيامة ؟
الشيخ : أو للكافر من المؤمن ؟
الطالب : لا لا ، المؤمن من الكافر ؟
الشيخ : كيف ؟
الطالب : للمؤمن من الكافر ... .
الشيخ : مَن ؟
الطالب : الكافر .
الشيخ : هو على كل حال قد يكون هذا بزيادة عقوبته في الآخرة ، بزيادة عقوبته في الآخرة ، أو يؤخذ من سيئات هذا ويحمل عليه .
الطالب : هل آكل الربا يكون حكمه حكم المحارب لله ورسوله ؟
الشيخ : ها ؟
الطالب : هل آكل الربا يكون حكمه حكم المحارب لله ورسوله ؟
الشيخ : لا لا .
الطالب : ألا يكون محارب لله ورسوله ؟
الشيخ : إي لكن قلنا إنه نوع من الحرابة وليس بالحرابة التي يترتب عليها هذه العقوبة .
الطالب : طيب ما حكمه ؟
الشيخ : حكمه أن يعزر وأن يؤخذ المال الذي أخذه بالربا ، ويجعل في بيت المال .
بعض الناس يقول في قول الله تبارك وتعالى (( ... والنفس بالنفس ... )) فإنه يقتل المسلم بالكافر وأما الحديث الذي استدل به المخالف وهو ( لا يقتل المسلم بالكافر ) فهو حديث ضعيف فإنه معارض للقرآن فيكف نجيب عنه ؟
الشيخ : أولاً ما الدليل على ضعفه وهو في *الصحيحين * ؟
السائل : لأنه معارض للقرآن .
الشيخ : ما هو القرآن ؟
السائل : (( النفس بالنفس )) .
الشيخ : إي هذا عموم ، والعموم بالاتفاق أن المخصص لا يعارض العام .
السائل : لكن هو يقول إذا عارض .
الشيخ : هو لو قال مثلا : لو كان في القرآن يقتل المسلم بالكافر ما قبلنا بعد ذلك حديث ، لكن الآية عامة : (( النفس بالنفس )) مثل حديث : ( النفس بالنفس ) ، " وتخصيص العام ليس معارِض بالاتفاق " .
السائل : شيخ هو يقول : إن الحديث ضعيف علل بذلك ، لأنه أتت الآية ولا يعارض السنة بالقرآن .
الشيخ : لا ، التخصيص بالاتفاق أن السنة تخصص القرآن ، أليس الله أوجب علينا الزكاة في الأموال مطلقا ، طيب والسنة قيدته بإيش ؟ بلوغ النصاب .أوجب الله أن نخرج مما أخرج لنا من الأرض والسنة قيدته بالنوع والكمية ، لا هذا كثير ولا فيه إشكال .
السائل : لا هو يقول : أي حديث يعارض الآية فلا يقبل .
الشيخ : بس ما في معارضة ، نحن نقول : التخصيص ليس بمعارض بالاتفاق ، التعارض معناه التقابل من كل وجه ، مثل أن يأتي في القرآن : لا تقتل مسلما ، ويأتي آخر ، لا تقتل كافرا أو لا ، ويأتي في السنة : اقتل الكافر هذا هو المعارضة نعم .
السائل : عقوبة إسقاط الجنين ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : إسقاط الجنين ؟
الشيخ : ما فهمت !
السائل : إسقاط الجنين .
الشيخ : إيش فيه ؟
السائل : عقوبته ؟
الشيخ : سيأتينا إن شاء الله تعالى ، نعم ؟
12 - بعض الناس يقول في قول الله تبارك وتعالى (( ... والنفس بالنفس ... )) فإنه يقتل المسلم بالكافر وأما الحديث الذي استدل به المخالف وهو ( لا يقتل المسلم بالكافر ) فهو حديث ضعيف فإنه معارض للقرآن فيكف نجيب عنه ؟ أستمع حفظ
ما وجه الجمع بين حديث ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ) وبين قوله صلى الله عليه وسلم ( أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة ) ؟
الشيخ : الحديث : ( أول ما يقضى بين الناس في الدماء ) وهذاك في حق الله ، فأول ما يحاسب عليه الإنسان من حق الله الصلاة ، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء .
السائل : القول الراجح يا شيخ ؟!
الشيخ : خالد !
13 - ما وجه الجمع بين حديث ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ) وبين قوله صلى الله عليه وسلم ( أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة ) ؟ أستمع حفظ
لماذا كان قطع الطريق فيه حد الحرابة ؟
الشيخ : ظاهر ، لأن الله حرم ورسوله حرم الاعتداء على الغير ، وقطع الطريق أمر لا يمكن أن يعيش الناس معه فصار محاربة ، نعم ؟
هل الأفضل للقاتل أن يسلم نفسه للسلطات أو يستغفر ويتوب ؟
الشيخ : يسأل يقول : هل الأفضل للقاتل أن يسلم نفسه للسلطات أو أن يستغفر ويتوب ؟
طيب لو فرض هل الأفضل أن يؤدي السرقة إلى المسروق منه أو يستغفر ويتوب ويأكل السرقة ؟
السائل : يستغفر ويرجعها .
الشيخ : أي هذا مثله ، لا بد أن يبلغ ، سلامة .
سؤال عن معنى قوله تعالى ( أن يقتلوا ويصلبوا ... ) ؟
الشيخ : ها ؟
السائل : هل يقال إنها أبلغ من قول : يقتلوا ؟
الشيخ : أي نعم ، أن يقتّلوا أبلغ من أن يقتلوا ، لأنه كلما كثرت الحروف زاد المعنى ، يقولون : " إن زيادة المبنى يدل على زيادة المعنى " : فهي أشد .
السائل : القول الراجح يا شيخ في الأول يا شيخ ؟
الشيخ : قلت ما هو ؟ ما هو ؟
السائل : جميعه صحيح أول .
الشيخ : إي ، أنا حكيت لك القولين ، وإذا قدر الله تعالى أن تكون قاضيا فاختر ما تشاء منهما .
السائل : القاضي اثنان قاضي في النار وقاضي في الجنة .
الشيخ : أن اجعلهم من قاضي الجنة .
السائل : وهل يلزم يسلم نفسه ؟
الشيخ : نعم ، وهذا لازم أن يسلم نفسه .
السائل : لو استغفر وتاب ؟
الشيخ : يَقتل إنسان ولا يسلم نفسه ، حق أولياء المقتول حق ، تسميع ، طيب .
وعن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه ) رواه أحمد والأربعة وحسنه الترمذي وهو من رواية الحسن البصري عن سمرة وقد اختلف في سماعه منه، وفي رواية أبي داود والنسائي بزيادة: (ومن خصى عبده خصيناه ) وصحح الحاكم هذه الزيادة.
أظن انتهى الكلام على ما سبق في الفوائد .
قال : " وعن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( مَن قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه ) رواه أحمد والأربعة وحسنه الترمذي .
وهو من رواية الحسن البصري عن سمرة ، وقد اختلف في سماعه منه ، وفي رواية أبي داود والنسائي بزيادة : ( ومن خصى عبده خصيناه ) : وصحح الحاكم هذه الزيادة " :
هذا الحديث كما قال المؤلف من رواية الحسن البصري عن سمرة ، وقد أُعل بالانقطاع وأن الحسن لم يسمع من سمرة ، وإذا لم يسمع منه صار بينه وبينه رجل ، وهذا الرجل مجهول لا يعلم من هو ، فيكون الحديث ضعيفا بهذا الاعتبار .
ولكن صحح كثير من العلماء سماعه منه ، ومنهم من قال : سمع منه حديث العقيقة فقط ، والصحيح أن ما رواه عنه يحمل على السماع ، لأن الحسن وإن كان فيه شيء من التدليس لكن تدليسه محتمل وروايته عن سمرة كثيرة ، فالصواب أنه متصل .
ولكن يبقى الواسطة الذي بين الحسن وبين المخرجين من الأئمة ، ينظر فيهم ، وقد صحح الحاكم هذا الحديث ، والترمذي حسنه ، وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من قتل عبده قتلناه ) قوله : ( عبده ) يعني الذي يملكه ، وهذا يقتضي أن يكون القاتل حرًا والمقتول عبدًا ، ( ومن جدَّع عبده جدعناه ) : أي : من قطع أنفه قطعنا أنفه ، وهذا يقتضي أيضا أن يكون السيد هو الذي جدع الأنف والعبد هو الذي جُدع أنفه ، وزيادة النسائي : ( ومن خصى عبده خصيناه ) : وهو أيضا يقتضي أن يكون الخاصي حرًا والمخصي عبدًا ، وقد سبق لنا شرح هذا وأن العلماء اختلفوا هل يقتل الحر بالعبد أو لا يقتل ؟ وأن الصحيح أنه يقتل سواء قتل عبده أو قتل غيره ، لأنه إذا قُتل بعبده فقتله بعبد غيره من باب أولى .
17 - وعن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه ) رواه أحمد والأربعة وحسنه الترمذي وهو من رواية الحسن البصري عن سمرة وقد اختلف في سماعه منه، وفي رواية أبي داود والنسائي بزيادة: (ومن خصى عبده خصيناه ) وصحح الحاكم هذه الزيادة. أستمع حفظ
فوائد حديث : ( من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه ) .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يقاد الوالد بالولد ) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه ابن الجارود والبيهقي وقال الترمذي: إنه مضطربٌ.
وهذا الحديث أيضا سبق الكلام عليه وبينا أن هذا الحديث ضعيف وأنه لا تقوم به حجة وأن العلماء اختلفوا في قتل الوالد بالولد ، فقيل : لا يقتل به واستدل هؤلاء بهذا الحديث لكنه ضعيف ، وعللوا أيضا بأنه إيش ؟ بأنه سبب وجوده ، فلا ينبغي أن يكون الولد سبب إعدامه ، وبينا أن هذه العلة عليلة ساقطة ونقضناها بمن زنى ببنته وهو محصن ، فإنه يرجم لزناه ، وقلنا إن هذا النقض فيه نظر أيضًا ، لأن رجم الزاني ليس قصاصا بل هو يرجم لحق الله سبحانه وتعالى ، لكن نقض العلة بأن نقول : إن الولد إذا قتله أبوه فإنه ليس هو السبب في إعدام الأب ، بل السبب في إعدام الأب فعل الأب ، نعم . والحديث : ( لا يقاد الوالد بالولد ) : يشمل انتفاء القود في النفس فما دونه ، ولكنا إذا قلنا : إنه يقاد به في النفس فما دونها من باب أولى وهو الصحيح كما سبق .
19 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يقاد الوالد بالولد ) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه ابن الجارود والبيهقي وقال الترمذي: إنه مضطربٌ. أستمع حفظ
وعن أبي جحيفة قال: قلت لعلي: هل عندكم شيءٌ من الوحي غير القرآن؟ قال: " لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهماً يعطيه الله تعالى رجلاً في القرآن وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلمٌ بكافرٍ" رواه البخاري، وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي من وجهٍ آخر عن عليٍ رضي الله تعالى عنه وقال فيه: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على من سواهم، ولا يقتل مؤمنٌ بكافرٍ ولا ذو عهدٍ في عهده" وصححه الحاكم.
أبو جحيفة رضي الله عنه سأل علي بن أبي طالب : هل عندهم شيء من الوحي غير القرآن ؟
وسبب سؤاله هذا أن الشيعة ادعوا أن لآل البيت مصحفًا غير المصحف الذي يتداوله المسلمون ، فسأل أبو جحيفة علي بن أبي طالب عن ذلك ، فقال : ( لا والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ) : فأقسم رضي الله عنه أنه ليس عندهم شيء ، وادعاء أن عند آل البيت شيء زائد عن مصحف المسلمين يستلزم القدح في آل البيت ، لأن علي بن أبي طالب يكون على هذا كذابا ، حالفا على الكذب ، وإذا قُدِّر أنه يجهل ما عند آل البيت ، فيقال : كيف يكون أفضل أهل البيت جاهلا ما عند أهل البيت في هذا الأمر الخطير العظيم ؟! يقول : هل عندكم شيء من الوحي غيرُ القرآن : غيرُ هذه صفة لشيء ولهذا جاءت مرفوعة ، قال : ( لا والذي فلق الحبة وبرأ ) .
الطالب : منصوبة !
الشيخ : كيف ؟ عندكم منصوبة ؟ لا أنا عندي مرفوعة ، ويجوز النصب ، يجوز النصب لأن شيء وصفت بقوله : ( من الوحي ) ، وإذا وصفت النكرة جاز أن تكون صفتها الثانية حالا ، وأن تكون صفة ثانية .
يقول قال : ( لا والذي فلق الحبة ) : لا والذي فلق : كلمة لا تقال دائمًا أمام القسم ، فهل تدل على نفي القسم ؟ لا ، لا تدل على ذلك ، ولكنه يؤتى بها للتنبيه ، كقوله تعالى : (( لا أقسم بهذا البلد )) المعنى : أقسم بهذا البلد ، لكن لا جيء بها للتنبيه ، حتى ينتبه المخاطب لذلك .
وقوله : ( فلق الحبة ) : المراد بها الجنس وهي كقوله تعالى : (( إنَّ الله فالق الحبّ والنَّوى )) : فالحب كل الحبوب يفلقها الله عز وجل ، وتنفتح في باطن الأرض وتظهر منها عروق الشجرة أو عروق الزرع ، حتى تكون الشجرة نامية إلى أن يأذن الله تعالى بانتهائها .
( وبرأ النسمة ) : أي : الروح فالله تعالى هو بارئ النسم ، فذكر رضي الله عنه فلق الحبة وبرأ النسمة ، وهذا من أجمع ما يكون من القسم .
( إلا فهمًا ) وفي لفظ : ( إلا فهمٌ ) : فعلى قراءة النصب يكون مستثنى وعلى قراءة الرفع يكون بدلا من قوله : ( شيء ) : يعني إلا شيءٌ نعم ، إلا شيء هو الفهم الذي يعطيه الله تعالى من شاء من عباده ، وقوله : ( يعطيه الله رجلاً في القرآن ) : إنما قال في القرآن مع أن الفهم يكون في السنة أيضًا لأنه سأل : ( هل عندكم شيء من الوحي ) الذي هو إيش ؟ القرآن ، فلهذا قال : ( إلا فهما يعطيه الله تعالى رجلًا في القرآن ) :
فإنه يكون عندنا الفهم زائدًا على القرآن ، وكم من إنسان عالم أعطاه الله تعالى فهما زائدا على ما في القرآن ، فصار عنده زيادة على ما في القرآن ، لكن ليست زيادة خارجة عن القرآن ، بل هي زيادة فهم في القرآن ، من ذلك مثلاً استدلال علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله تعالى : (( وفصاله في عامين )) ، وقوله : (( والوالدات يرضعن أولادهن )) ، (( وفصاله في عامين )) وقوله : (( وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا )) : على أن أقلَّ الحمل ستة أشهر ، لأنك إذا أخذت من الثلاثين شهرًا عامين بقي ستة أشهر ، هذا من الفهم الذي يؤتيه الله تعالى من شاء من عباده في القرآن ، وتجد بعض العلماء يستنبط مِن آية واحدة عشرات الفوائد ، وآخر لا يستطيع أن يستنبط خمسة أو أقل .
قال : ( وما في هذه الصحيفة ) : الصحيفة أحاديث مكتوبة عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قلت : ( وما في هذه الصحيفة ؟ قال : العقل ) العقل : يعني الدية التي تتحملها العاقلة ، وسميت عَقلا لأن الغارم بها يأتي بها ويعقلها عند مستحقها فلهذا سميت عقلا من العقال ، ومتى يكون العقل ؟ يكون العقل فيما إذا كان القتل خطأ أو شبه عمد ، فإن العاقلة وهم العصبة يتحملون عن القاتل كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الحديث الذي بعده .الثاني : ( فكاك الأسير ) : فالأسير المسلم يجب على المسلمين فك أسره بحسب ما يستطيعون : إما بفدية مال ، أو أسير كافر نبادلهم الأسرى ، أو غير ذلك مما يُفك به الأسير ، سواء كان الأسير أسير حرب أو أسير اختطاف ، فإن الواجب على المسلمين فك هذا الأسير .
الثالث : ( ألا يقتل مسلم بكافر ) : مسلم نكرة في سياق النفي ، فيعم كل مسلم ، ولو كان فاسقاً ، فلا يقتل بكافر أياً كان كفره ، سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو وثنيا أو شيوعيا ، وسواء كان معاهدا أو مستأمنا أو ذا ذمة ، لا يقتل المسلم بالكافر بكل حال ، الشاهد من هذا الحديث قوله : ( وألا يقتل مسلم بكافر ) : لأنه هو المناسب لكتاب الجنايات .
20 - وعن أبي جحيفة قال: قلت لعلي: هل عندكم شيءٌ من الوحي غير القرآن؟ قال: " لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهماً يعطيه الله تعالى رجلاً في القرآن وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلمٌ بكافرٍ" رواه البخاري، وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي من وجهٍ آخر عن عليٍ رضي الله تعالى عنه وقال فيه: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على من سواهم، ولا يقتل مؤمنٌ بكافرٍ ولا ذو عهدٍ في عهده" وصححه الحاكم. أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أبي جحيفة قال: قلت لعلي: هل عندكم شيءٌ من الوحي غير القرآن؟ قال: " لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ... ) .
منها ما امتنَّ الله به على أهل السنة مِن ظهور كذب الشيعة في دعواهم أن عند آل البيت قرآنا سوى هذا المصحف ، وذلك بسؤال أبي جحيفة رضي الله عنه .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز الإقسام بلا قسم إذا كان الأمر هامًا ، واقتضت المصلحة ذلك ، وجهه : أنَّ علياً رضي الله عنه أقسم دون أن يُستقسم .
ومن فوائد هذا الحديث : أنه ينبغي أن تكون صيغة القسم مناسبة للمقسم عليه ، حيث اختار علي رضي الله عنه القسم بالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، ووجه المناسبة : أن في فلق الحبة وبرء النسمة حياة أو إنشاء حياة ، وفي الوحي الذي هو القرآن حياة ،/ ولهذا سماه الله تعالى روحًا ، (( وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا )) ، فذكر رضي الله عنه الإحياء الكوني لمناسبته للإحياء الشرعي ، ففي الوحي إحياء شرعي ، وفي فلق الحبة وبرء النسمة إحياء كوني ، هذا وجه المناسبة .
ومن فوائد الحديث : أن الله سبحانه وتعالى يمن على من يشاء من عباده بالفهم ، لقوله : ( إلا فهمًا يعطيه الله ) ، وهذا أمر مشاهد مجرب : أن الناس يختلفون في الفهم ، وأمثلته كثيرة ، ارجع مثلا إلى كلام المفسرين أو إلى كلام المحدثين ، تجد المفسر يأخذ من الآية الكريمة عدة فوائد لا يأخذها غيره ، وتجد بعض شراح الحديث يستنبط من الأحاديث فوائد كثيرة لا يستطيعها غيره ، كما يُذكر عن الشافعي -رحمه الله- أنه استنبط من حديث : ( يا أبا عمير ما فعل النغّير ؟ ) فوائد كثيرة منهم من قال : ألف فائدة ، ومنهم من قال : أربعمئة أو مئتين المهم أنه استنبط من ذلك فوائد كثيرة .
" وكان -رحمه الله- قد نزل ضيفًا على الإمام أحمد ، والإمام أحمد يجله ويذكره عند أهله بالخير ، فبات عندهم تلك الليلة فلما قدَّموا له العشاء أكل العشاء كله ، ولما نام لم يقم في الليل يتهجد ، ولما خرج لصلاة الصبح لم يتوضأ ، فاستغرب أهل البيت هذا العمل ، وسألوا الإمام أحمد ، وقالوا : هذا الشافعي الذي تقول فيه وتقول كيف فعل هذا ؟ فسأل الإمامُ أحمد الإمامَ الشافعي فقال : إنما أكلتُ العشاء كله لأنني لا أجد في هذا البلد أحلَّ من طعام الإمام أحمد ، فأردت أن أملأ بطني منه -ومعلوم أن ملأ البطن أحيانا لا بأس به كما فعل أبو هريرة أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم-، وأما كوني لم أتهجد فإن العلم أفضل من التهجد ، وجعلت أفكر في حديث : ( يا أبا عمير ما فعل النغير ؟ ) وأستنبط منه الفوائد ، وأما كوني خرجت إلى المسجد لصلاة الفجر ولم أتوضأ ، فلأن وضوئي لم ينتقض ، لأنني لم أنم ، فأخبر الإمام أحمد أهله بذلك فزال عنهم الاستغراب " ، والشاهد أن الله سبحانه وتعالى يمن على بعض الناس بالفهم يستطيع أن يستنبط من النص فوائد كثيرة لا يصل إليها غيره .
ومن فوائد هذا الحديث : احتفاظ علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالسنة وعنايته بها وكتابته لها ، لقوله : ( وما في هذه الصحيفة ) .
ومِن فوائد الحديث : الرد على مَن غمز بعض الرواة لكونه يروي من صحيفة ، كما في غمز بعضهم عمرو بن حزم الذي يروي من الصحيفة ، فإن هذا الغمز أحق بالغمز ، لأن الرواية مِن الصحيفة قد تكون أضبط وأحفظ من الرواية من الصدر ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( اكتبوا لأبي شاة ) ، حينما طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يُكتب له ، وثبت أن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما كان يكتب ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال أبو هريرة : " لا أعلم أحدا أكثر مني حديثا إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب " ، والمسألة معروفة .
ومن فوائد هذا الحديث : حرص أبي جُحيفة على السؤال حيث قال : ( وما في هذه الصحيفة ؟ ) : فإنه رضي الله عنه خاف أن يكون في هذه الصحيفة شيء من القرآن ، فقال : ( وما فيها ؟ ) .
ومن فوائد هذا الحديث : ثبوت العَقل ، يعني : كون الدية على العاقلة ، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء :
فمنهم من قال : إنه لا شيء على العاقلة إلا على سبيل المساعدة تبرعًا وتطوعًا لما سيأتي في الأحاديث التي ذكرها المؤلف ، ولقوله تعالى : (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) .
ومنهم من قال : بل تحمل العاقلة ما زاد على الثلث دون ما كان من الثلث فأقل ، ومنهم مَن قال : تحمل العاقلة عن القاتل إذا كان فقيرًا ، فيكون تحملها ليس على سبيل الأصالة ، ولكنه فرع عن تحمل مَن ؟
الطالب : القاتل .
الشيخ : القاتل ، طيب وسيأتي إن شاء الله بيان التحقيق في هذه المسألة .
ومن فوائد هذا الحديث : وجوب فك الأسير المسلم ، لقوله : ( وفَكاك الأسير ) ، ولم يُذكر في الحديث طريق فكه ، فيُرجع بذلك إلى ما يحصل به الفك بأي وسيلة كانت .
ومن فوائد هذا الحديث : أنه لا يجوز أن يقتل مسلم بكافر ، وهذا هو الشاهد ، ويؤخذ من قوله : ( وألا يقتل مسلم بكافر ) .
ومن فوائد هذا الحديث : كذب الشيعة في دعواهم أن عند آل البيت مصحفًا يخالف المصحف الذي في أيدي المسلمين ، وأنه إذا كان إمام أهل البيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقسم بأنه ليس عندهم شيء فإن أي دعوى في ذلك تعتبر تكذيباً لعلي بن أبي طالب وهو إمام أهل البيت ، وطعنا فيه وهو إمام أهل البيت .
ثم قال : " وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي من وجهٍ آخر عن علي رضي الله عنه وقال فيه : ( المؤمنون تتكافأ دماؤهم ) " :
( المؤمنون ) : عامة ، ( تتكافأ دماؤهم ) أي : بعضها يكافئ بعضها الآخر فيقتص من كل مؤمن بقدر كل مؤمن ، وقوله : ( ويسعى بذمتهم أدناهم ) : يسعى بذمتهم أي : بعهدهم ، أدناهم ، أي : أن الواحد منهم إذا عاهد أحدا أو أمَّنه فإن عهده نافذ على جميع المؤمنين ، يعني لو أن شخصًا من المسلمين أمَّن كافرًا حربيًا أو عاهده فإن هذه المعاهدة وهذا التأمين نافذ على جميع المسلمين .
الثالث : قال : ( وهم يدٌ على من سواهم ) هم يد أي : المؤمنون يد على من سواهم ، من سوى المؤمنين ؟ الكفار ، ومعنى يد : أي : قوة على من سواهم أو أنه يجب أن تتكافل أيديهم .