تتمة فوائد حديث : ( اقتتلت امرأتان من هذيلٍ فرمت إحداهما الأخرى بحجرٍ فقتلتها وما في بطنها. ... ) .
يعني إنسان مثلا دفع امرأة حاملا ولجنينها سبعة أشهر ، فسقط الجنين حيا ، حيا حياة مستقرة ، ثم مات ، فعليه ديته كاملة ، لأنه قتل نفسًا فيلزم الجاني دية كاملة .
الثالث : أن يخرج ميتا .
الرابع : أن يخرج حياً في وقت لا يعيش في مثله ويموت ، ففي هذه الحال يكون فيه غرة .
وكل هذا في في جنين نفخت فيه الروح ، كل هذا في جنين نفخت فيه الروح فالأقسام الآن كم ؟
الطالب : أربعة .
الشيخ : الأول : أن يموت مع أمه قبل أن يخرج ما الحكم ؟ لا شيء فيه لأنه كجزء من أجزائها .
الثانية : أن يموت بعد خروجه حيًا لوقت يعيش لمثله ففيه دية كاملة .
الثالث : أن يخرج ميتا أو حياً في وقت لا يعيش لمثله ففيه غرة ، والغرة كما سمعتم ، هذا كله فيما إذا خرج متى ؟ بعد نفخ الروح ، أما إذا خرج قبل نفخ الروح فيه ، فإن كان قد تبين فيه خلق إنسان ففيه غرة ، إذا خرج ، وإن مات في الأم فلا شيء فيه كما هو الحال فيما إذا كانت قد نفخت فيه الروح .
وإن خرج قطعة لحم ولم يتبين فيه خلق إنسان فليس فيه شيء ، لأننا لم نتيقن أنه بدء خلق آدمي ، وإذا لم نتيقن أنه بدء خلق آدمي فالأصل براءة الذمة ولا يجب فيه شيء .
فصارت الآن الأقسام أربعة بعد إيش ؟ بعد نفخ الروح فيه ، وقسمان إيش ؟ قبل نفخ الروح فيه .
بقي علينا الكفارة : تجب الكفارة في الأقسام الأربعة التي حصل فيها الموت بعد نفخ الروح فيه ، إلا إذا مات مع أمه ، إذا مات مع أمه فإنه لا كفارة فيه ولا دية ، لأنه صار جزءً من أجزائها .
ولا تجب الكفارة في القسمين الأخيرين وهي ما إذا خرج إيش ؟ قبل نفخ الروح فيه ، لأن الكفارة إنما تجب في القتل ، وهنا لم يحصل قتل لأن القتل إزهاق الروح وهذا لم تنفخ فيه الروح حتى يتحقق فيه القتل .
طيب فإذا سألنا سائل وقال : خرج الجنين حيا حياة مستقرة لوقت يعيش بمثله وبقي زمناً غير متألم صحيحاً شحيحاً ثم مات فهل يُضمن أو لا ؟
الجواب : لا يضمن ، لأننا لم نتحقق أن موته بسبب الجناية ، والأصل براءة الذمة ، وكما لو علمنا أنه مات بسبب آخر فإنه بالاتفاق ليس فيه ضمان مثل : أن يدعس هذا الجنين أو يوطأ أو ما أشبه ذلك فيموت بالسبب الثاني فإنه ليس في الأول ضمان ، لأنا تيقنا أنه مات بهذا السبب الثاني .
هذه هي أقسام الجنين ، اعرفوها لأن المسألة مهمة جدا .
أقول ومن فوائد هذا الحديث : وجوب الدية على العاقلة ، ولكن ما هي الدية التي تجب على العاقلة ؟ هي دية الخطأ وشبه العمد ، أما العمد فتجب الدية فيه على القاتل ، فإذا قتل رجلٌ آخر قتلا عمدا ثم عفى أولياء المقتول عن القصاص وجبت الدية على مَن ؟ على القاتل ، لا على عاقلته ، وإذا قتل خطأ أو شبه عمد فالدية على العاقلة ، والفرق هو أن المتعمد ليس أهلا للمساعدة ولا للإعانة ، فلزمته الدية ، أما الخطأ وشبه العمد فإنه يقع كثيرا والإنسان لم يتعمد القتل فكان أهلا للمساعدة والإعانة ، فكانت الدية فيه على العاقلة .
ولكن كيف نحمل العاقلة ؟ نحمِّلهم بقدر حالهم ، فالغني الكبير يحمَّل أكثر من الغني الذي دونه ، والفقير لا يحمل شيئا ، لأن المسألة مواساة ، وإذا كانت مواساة فيحمل كل إنسان ما يليق بحاله ، ومن الذي يقدر أحوال الناس ويقدر ما يحمَّلونه ؟
هو الحاكم الشرعي ، يرجع في ذلك إلى الحاكم الشرعي فهو الذي يقدر أحوال الناس ويقدر ما يحمله كل واحد ، وليست المسألة فوضى .
طيب ومن فوائد هذا الحديث : حسن أحكام الشريعة حيث تنزل كل إنسان منزلته ، وجه ذلك ها ؟ إيش ؟
الطالب : التفريق بين دية الجنين والمرأة .
الشيخ : إيش ؟
الطالب : التفريق بين دية الجنين ودية المرأة .
الشيخ : التفريق بين الديات ، وأيضا كون العمد يحمله القاتل يحمل ديته القاتل والخطأ وشبه العمد تحمله العاقلة .
ومن فوائد هذا الحديث : أن الدية مال موروث ، يرثه أولياء المقتول حسب الميراث الشرعي .
وإذا جعلناها مالا موروثا فإن الثلث يحسب منها ، فإذا أوصى شخص بوصية ووجدنا عنده من المال ثلاثمئة ألف ، وهو قد أوصى بالثلث فكم يكون ثلثه ؟ كم ؟ مئة ألف ، فإذا انضافت الدية إليه وهي مائة ألف صار الثلث مئة وثلاث وثلاثين ألف كم ؟
الطالب : وثلث .
الشيخ : وثلث ، المهم أنه يضاف ما يؤخذ من الدية إلى مال الميت المقتول وتؤخذ منه الوصية وكذلك يوزع بين الورثة .
ومن فوائد هذا الحديث : ذم السجع ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آله وسلم : ( إنما هو من إخوان الكهان ) ، ولكن السجع الذي يذم هو الذي يأتي بتكلف ، أو يقصد به إثبات باطل أو إبطال حق :
فالأول مذموم ، والثاني محرم ، الأول الذي يكون متكلفا مذموم ويقال للإنسان لا ينبغي لك أن تتكلف السجع ، لأن تكلف السجع قد يكون إلى الإتيان بكلمة شاذة غريبة ، وقد يؤدي إلى تعقيد المعنى ، وأما إذا كان المراد به إثبات الباطل أو إبطال الحق فهو حرام ، لأن إثبات الباطل حرام ، وإبطال الحق حرام ، وما كان وسيلة لذلك فللوسائل أحكام المقاصد .
أما إذا كان السجع يأتي عفوا وبدون تكلف ولا يراد به إبطال حق ولا إثبات باطل ، فإنه حسن وهو من الفصاحة والبلاغة ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسجع في أحاديثه أحيانا مثل قوله عليه الصلاة والسلام : ( قضاء الله أحق ، وشرط الله أوثق ، وإنما الولاء لمن أعتق ) ، وكذلك يوجد السجع في القرآن كثيرا ، قال الله تبارك وتعالى : (( وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان * والأرض وضعها للأنام * فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام * والحب ذو العصف والريحان * فبأي آلاء ربكما تكذبان )) : فتجد أنه لما قال : (( والأرض وضعها للأنام )) ، وكان آخر الآية الميم قال بعدها : (( والحب )) ويش بعدها ؟
(( والنخل ذات الأكمام )) : بالميم لتناسب الآية التي قبلها ، وهذا أيضا كثير في القرآن .
فالسجع لا شك أنه يعطي الكلام حلاوة وطلاوة ويوجب الاستمتاع إليه ، فإذا جاء من غير تكلف فلا بأس .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز توبيخ من عارض الحق لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إنما هو من إخوان الكهان ) .
ومن فوائد هذا الحديث : أن الكهان يأتون بزخرف القول غروراً من أجل أن يَقبل الناس كلامهم ويستمعون إليه حينما يأتون بالسجع ، وهل يؤخذ من الحديث أنه إذا سقط ميتا فإنه لا يضمن ، لقوله : ( من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل ) أو لا ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لماذا ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رده ولم يقره على ذلك ، فدل ذلك على أن الجنين يضمن بالغرة وإن لم ينطق ولم يستهل ولم يشرب ولم يأكل .
ثم قال : " وأخرجه أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( أن عمر رضي الله عنه سأل مَن شهد قضاء رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الجنين قال : فقام حَمَل ابن النابغة فقال : كنت بين يدي امرأتين فضربت إحداهما الأخرى ) : فذكره مختصرا وصححه ابن حبان والحاكم " :
ما الذي يتعلق بالجنايات من هذا الحديث ؟ يتعلق به إيش ؟
الطالب : ضمان الجنين .
الشيخ : ضمان الجنين وأن ديته غرة ، ويتعلق به أيضا أن دية شبه العمد أو الخطأ تكون على مَن ؟
الطالب : على العاقلة .
الشيخ : على العاقلة طيب .
1 - تتمة فوائد حديث : ( اقتتلت امرأتان من هذيلٍ فرمت إحداهما الأخرى بحجرٍ فقتلتها وما في بطنها. ... ) . أستمع حفظ
وعن أنسٍ أن الربيع بنت النضر - عمته - كسرت ثنية جاريةٍ فطلبوا إليها العفو فأبوا فعرضوا الأرش فأبوا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبوا إلا القصاص، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع؟ لا، والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أنس كتاب الله القصاص ) فرضي القوم فعفوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) متفقٌ عليه واللفظ للبخاري.
( فطلبوا إليها العفو ، فأبوا ، فعرضوا الأرش فأبوا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبوا إلا القصاص ) :
هي لما كسرت ثنية الجارية طلبوا من أهلها أن يعفوا ولكن أبوا ، قالوا : فالأرش يعني : قيمة السن فأبوا إلا القصاص ، فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالقصاص ، والقصاص أن يكسر سن الربيِّع ، هذا القصاص : (( والسن بالسن )) كما قال الله عز وجل ، فقال أنس بن النضر وهو أخو الربيع قال : ( يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع ؟ لا والذي بعثك بالحق ) : استفهام استعظام ، أتكسر : يعني أن كسر ثنيتها عظيم ، لأنها أخته وهي غالية عنده ثم قال : ( لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها ) : أقسم ألا تكسر ، وليس مراده الاعتراض على حكم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لكنه أراد التفاؤل وأحسن الظن بالله أن الله تعالى سيجعل لها فرجًا ومخرجًا ، وإلا من المعلوم أنه لو كان قصده الاعتراض والامتناع والإباء عن تنفيذ حكم الله ورسوله لكان على خطر عظيم ، ولما أبرَّه الله عز وجل ، لكن مراده بذلك إيش ؟ التفاؤل وإحسان الظن بالله عز وجل .
( لا تكسر ثنيتها ) : والثنية : هي أحد السنين المتلاصقين في وسط الأسنان ، فيه ثنية رباعية وأنياب ، فالمتلاصقين في الوسط هما الثنيتان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( يا أنس كتاب الله القصاص ) : يعني أن الله تعالى كتب القصاص ، (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس )) إلى أن قال : (( والسن بالسن )) : يعني أن الله كتب القصاص ، فإذا طلبه من له الحق وجب تنفيذه ، ولما قال له هذا اقتنع ، واستسلم ، فيسر الله عز وجل فعفا أولئك القوم ، وهذا يأتي دائما أن الله سبحانه وتعالى ينزل الفرج عند الشدة ، كما أنزل الفرج عند الشدة في قصة الذبيح إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام .
يعني لما لم يبق إلا التنفيذ جعل الله في قلوبهم الرأفة والرحمة فعفوا فرضي القوم فعفوا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إنَّ مِن عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) متفق عليه .
( إن من عباد الله ) : عباد الله جمع عبد والمراد بالعبودية : العبودية الخاصة وهي عبودية الشرع ، وذلك أن العبودية تنقسم إلى قسمين : عبودية الكون القدر ، وهذه عامة لكل أحد ومنها قوله تعالى : (( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا )) : وهذا يشمل الكافر والمؤمن .
وعبودية خاصة وهي عبودية الشرع التي يخضع فيها الإنسان لشرع الله عز وجل مثل قوله تعالى : (( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا )) : وهذه تنقسم إلى ما هو أخص من الخاصة ، وما هو خاص على سبيل العموم ، فالرسل عليهم الصلاة والسلام عبوديتهم لله هي أخص العبادات ، أو أخص التعبد ، قال الله تبارك وتعالى في نوح عليه الصلاة والسلام :
(( إنه كان عبدًا شكورا )) ، وقال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم : (( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده )) .
يقول : ( إن مِن عباد الله ) أي الأقسام هذه ؟ الخاصة ، ويكون فيها خاصة الخاصة : ( إن من عباد الله من لو أقسم ) : من : هذه اسم إنَّ ، يعني الذي وخبرها مقدم ( إن من عباد الله ) ، ( من لو أقسم على الله ) أي : حلف على الله ألا يفعل أو ألا يكون هذا الشيء : ( لأبره ) : أي : لوفى له سبحانه وتعالى بالقسم .
وقوله : ( إن من عباد الله ) : لا يشمل جميع العباد بل منهم .
هذا الحديث مناسبته للباب أو لكتاب الجنايات القصاص في السن ، القصاص في السن .
2 - وعن أنسٍ أن الربيع بنت النضر - عمته - كسرت ثنية جاريةٍ فطلبوا إليها العفو فأبوا فعرضوا الأرش فأبوا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبوا إلا القصاص، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع؟ لا، والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أنس كتاب الله القصاص ) فرضي القوم فعفوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) متفقٌ عليه واللفظ للبخاري. أستمع حفظ
فوائد حديث : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) .
أولًا من فوائده ، من فوائد هذا الحديث : ما يجري بين الصبيان والصغار من المناوشات التي قد تؤدي إلى مثل هذه الحال ، إلى الكسر ، كسر السن كسر الذراع كسر الأصبع وما أشبه ذلك ، وهذا مما يوجب لفت النظر لأولياء الصغار بحيث يحذرونهم من هذه الأعمال ، ويدرسونهم إذا جلسوا معهم على الغداء أو العشاء أو القهوة أو غير ذلك يحذرونهم من هذه الأشياء .
ومن فوائد هذا الحديث : أنَّ الخِيار في القصاص أو الدية أو العفو لمن وقعت عليه الجِناية لا لمن وقعت منه ، وجه ذلك : أنهم طلبوا منهم العفو والأرش وأبوا إلا القصاص ، فالخيار إذًا لمن ؟
الطالب : للمعتدى عليهم .
الشيخ : أي نعم للمعتدى عليهم لا للمعتدي .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز طلب العفو من المجني عليه ، وأن هذا لا يدخل في المسألة المكروهة ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقرَّ هؤلاء حين طلبوا العفو .
ومن فوائد هذا الحديث : أنَّ الحق لولي الصغير ، وجه ذلك قوله : ( فطلبوا إليهم العفو فأبوا فعرضوا الأرش فأبوا ) : وهذا يدل على أن الذي يتكلم هم أولياء هذه الصبية ، وهذا أحد القولين في هذه المسألة : أنه إذا وجب القصاص لصبي فإن المرجع في ذلك إلى أوليائه لما في هذا من تعجيل الحق وأخذ الحق .
وقال بعض العلماء : إذا وجب القِصاص لصغير فإنه ينتظر إلى أن يبلغ لأنه هو المجني عليه فينتظر إلى أن يبلغ ثم إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا ، لكن هذا الحديث يدل على إيش ؟ على أن الأولياء لهم الحق في ذلك .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز إقسام الإنسان على الله إذا كان الحامل له على ذلك التفاؤل وإحسان الظن بالله عز وجل ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقرَّ أنس بن النضر ، وأما إذا كان الحمل له التألي على الله ، أو تحجر رحمته ، فإن ذلك لا يجوز ، ويدل على هذا قصة الرجل العابد الذي كان يمرُّ برجل عاص فينهاه عن المعصية ، كلما مر به وهو على المعصية نهاه، ولكنه مستمر في معصيته فقال الرجل العابد : ( والله لا يغفر الله لفلان ) : قال ذلك إعجابا بعمله هو وتأليا على الله وتحجرا لرحمته ، فقال الله عز وجل : ( من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان ؟ قد غفرت له وأحبطت عملك ) ، وهنا نعرف الفرق بين إنسان يحمله حسن الظن بالله والتفاؤل على الإقسام على الله ، وبين شخص يريد أن يتألى على الله وأنه فوق الله وأنه يريد أن يتحجر رحمة الله عز وجل ، وأنه معجب بعمله ، فهذا لا يستحق أن الله يبر بقسمه .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز القسم بمثل هذه الصيغة : ( والذي بعثك بالحق ) : وذلك لأن الذي بعثه بالحق هو الله ، وهذا قسم بصفة من صفات الله عز وجل ، أو قسم بفعل من أفعال الله ، والقسم بصفة من صفات الله أو فعل من أفعاله جائز ، وأما القسم بغير الله فإنه لا يجوز ، فإن أقسم بغير الله هل ينعقد اليمين أو لا ؟
لا تنعقد ، بل يكون آثما وعليه التوبة ، فلو قال مثلا : والنبي لا أفعل ذا ففعل فإنه لا كفارة عليه ، ولكن عليه أن يتوب ، وإنما قلنا : لا كفارة عليه لأن الفعل المنهي عنه لا يترتب عليه أثره ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد ) : أي : مردود عليه .
ومن فوائد هذه الآية : أن ما كان شرعًا لغيرنا فهو شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( كتاب الله القصاص ) : فنحن لا نرى في القرآن الكريم شيئًا من القصاص في السن وشبهه وإنما فيه : (( والجروح قصاص )) ، لكن السن إنما ذكر فيما كتب على بني إسرائيل : (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس )) إلى أن قال : (( والسن بالسن )) .
ومن فوائد هذا الحديث : إثبات القصاص في السن ، وهذا إذا خلع فالأمر فيه واضح والمكافأة فيه واضحة ، فإذا قلعت الثنية وقلع من الآخر الثنية فإنه واضح أننا أخذنا ثنية بثنية ، ولكن إذا كُسرت الثنية كسرًا ، كُسرت كسرا فهل في هذه الحال يجوز القصاص أو لا ؟
المشهور عند الفقهاء أنه لا يجوز القصاص ، وذلك لأنه لا يمكن القصاص في هذه الحال إلا بِحيف من الذي يضبط محل الكسر ومقدار الكسر ونسبة الكسر وما أشبه ذلك ؟
ولكن الصحيح أنه إذا أمكن فإنه يجوز القصاص ، ويكون بالنسبة لا بالحجم ، خلي بقية البحث إن شاء الله بعد ، نعم ؟
كيف اعتد بفعل الربيع وهو صغيرة ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : أن الغلام لتعذر القصاص منه تجعل الدية على العاقلة .
الشيخ : نعم .
الطالب : هذا يتبع أي شيء ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : ما وجه الجمع بين حديث عمران والحديث هذا الربيع أخت أنس وأن النبي صلى الله عليه وسلم اقتص من الربيع مع أنها صغيرة ؟
الشيخ : نعم .
الشيخ : يمكن أنها صغيرة لكنها بالغة ، مع أن الحديث ما فيه إنها صغيرة ، الربيع ما في عنا أنها صغيرة .
السائل : هذا أخذناه من الشرح ، وهو من الفوائد قولهم : القتال بين الصغار !
الشيخ : أي ، أي نعم ، لكن ما في أنها صغيرة في الواقع ، نعم يا محمد ؟
السائل : بالنسبة للعاقلة يا شيخ هل يحرمون من ... .
الشيخ : لا .
السائل : يعني يجب عليهم ؟
الشيخ : أي نعم .
السائل : ... .
الشيخ : كيف ؟ العفو ؟ ليش ؟
السائل : لأنه يكون ... .
الشيخ : لا هو كونه ابن العم ، ابن العم البعيد يحمل العاقلة الدية ، نعم ؟
سؤال عن تقدير الديات في الجراحات ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : فإن لم يجد الغرة ؟
الشيخ : فخمس من الإبل .
السائل : فما قيمتها ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : فكم قيمتها ؟
الشيخ : فخمس من الإبل ، فإن لم يجد خمسا من الإبل فقيل : تقدر قيمة خمس من الإبل ، وقيل : يؤخذ من يقية ما يبقى من الدية .
السائل : لماذا لم نقبل نقدر القيمة أو لم نقدر ؟
الشيخ : أو إيش ؟
السائل : أو لم نقدر !.
الشيخ : لا ، لأن خمس من الإبل هي أقل ما يقدر في الجراحات ، الموضحة هي خمس من الإبل قالوا : هي أقل ما يقدر في الجراحات ، فيؤخذ بأقل مقدر نعم ؟
السائل : لو أحدًا من الناس ... .
الشيخ : نعم .
السائل : ... فهل فيه كفارة ؟
الشيخ : لا ، لا .
السائل : إسقاط الجنين المشوه ؟
الشيخ : إسقاط الجنين المشوه أو غير المشوه الواجب أن يبقى .
إذا اعتدي على الحامل فخرج جنينها مشوها فماذا على المعتدي ؟
الشيخ : نعم نعم ؟
السائل : خرج حيا !
الشيخ : الواجب ، هو مات بعد خروجه ؟
السائل : ما مات مشوه .
الشيخ : التشويه هذا من أثر ، فإذا ثبت هذا التشويه من أجل العدوان على الحامل ، فإنه يؤخذ الأرش ، حكومة ، بمعنى أن يقدر هذا الطفل كأنه عبد ليس فيه شيء ، ثم يقدر ، وفيه هذا الشيء ، فما كان بين القيمتين فهو له من الدية ، نعم ؟
السائل : أحسن الله إليك : إذا كان قرر الأطباء أنه سيموت ويعيش أكثر من شهر وكذا .
الشيخ : نعم .
السائل : ثم خلال الفترة هذه ... .
الشيخ : القاتل الثاني ، القاتل الثاني .
السائل : هل هو تعجل ؟
الشيخ : لا هذا القتل المعجل ، القاتل هو الثاني ، نعم .
قوله هنا ( وليد ) هل يؤخذ منه عدم اشتراط البلوغ ؟
الشيخ : هو كذلك ، لا يشترط فيها البلوغ ، إذا بلغت سبع سنين كفى أما ما دون السبع فقالوا : إنه لا يجزئ لأن ما دون السبع يحتاج إلى كفالة وإلى تعب .
السائل : لو قال قائل : إن كون الدية على العاقلة مخالف لقوله تعالى : (( ولا تزر وازرة أخرى )) : فما الجواب ؟
الشيخ : الجواب على هذا في الإثم ، أما في التحمل فقد يحمَّل الإنسان ما هو على غيره ، وهذا من باب صلة الرحم .
السائل : إذا كانت العاقلة مخالفة بالدين ؟
الشيخ : لا ، المخالف في الدين ما يحمل ، نعم ؟
السائل : وإن كان معسر ؟
الشيخ : وإن كان معسر ما عليه شيء ، لقول الله تعالى : (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) . لا نرى هذا .
هذا طارق البرشي .
هل لفظ الاقتتال أوسع من القتال ؟
ما رأيكم فيمن قال إن المراد بالاستفهام أنس بن النضر في قوله ( أتكسر ثنية الربيع ) أنه أخذه الغضب أو الحمية أو أنه يجهل الحكم الشرعي ؟
رأينا أن هذا ليس بصحيح ، لأنه لو كان كذلك ما أبره الله لكان بين إما مؤاخذ أو معذور فلا يشرع
سمع .
9 - ما رأيكم فيمن قال إن المراد بالاستفهام أنس بن النضر في قوله ( أتكسر ثنية الربيع ) أنه أخذه الغضب أو الحمية أو أنه يجهل الحكم الشرعي ؟ أستمع حفظ
مناقشة ما سبق .
لأهمية موضوع الجنين وما يتعلق به نعيد ما شرحناه ، فإذا قتل جنين امرأة أجب أي نعم !
الطالب : أنا يا شيخ ؟
الشيخ : أي نعم .
الطالب : إذا قتل جنين امرأة نحن قلنا فيه أقسام : إذا مات معها فهذا لا شيء كأنه عضو من أعضائها ، إذا لم يخرج .
الشيخ : تمام هذا واحد ، بندر !
الطالب : أن يضربها وما يسقط منها ! أن يسقط ويستهل .
الشيخ : كيف ؟ يسقط حياً حياة مستقرة لوقت !
الطالب : يعيش لمثله .
الشيخ : نعم ، ثم يموت نعم .
الطالب : فهذا فيه غرة .
الشيخ : غرة .
الطالب : نعم .
الشيخ : كيف فيه غرة وخرج حيا حياة مستقرة ؟
الطالب : نعم ننظر إن كان تأثر بالجناية .
الشيخ : نعم هو مات بالجناية .
الطالب : فيه دية كاملة .
الشيخ : فيه دية كاملة ، طيب الثالث ؟
الطالب : خرج من بطنه أمه حيا ولم يعش لمدة يعيش لمثلها .
الشيخ : لمدة لا يعيش لمثلها ، يعني دون ستة أشهر ، نعم .
الطالب : دون ستة أشهر فهذا فيه غرة .
الشيخ : فيه غرة ، الرابع ؟
الطالب : إذا خرج لمدة يعيش لمثلها لكن يسقط ميتًا ، هذا عليه غرة .
الشيخ : فيه غرة أيضا ، طيب آدم ، أي نعم !
الطالب : ... .
الشيخ : الذي تبي أعطنا الأقسام .
الطالب : أن يخرج ميتا .
الشيخ : نعم ؟
الطالب : أن يخرج ميتاً .
الشيخ : أي ذكروه الإخوة ، إي ، ذكروا أن يخرج ميتا ، وأن أن يخرج حيا لوقت لا يعيش لمثله ، وأن يخرج حيا حياة مستقرة ثم يموت ، نعم ، وأن يموت مع أمه .
الطالب : وأن يخرج حيًا من بطن أمه .
الشيخ : طيب .
الطالب : ثم بعد ذلك يموت متأثرا بذلك .
الشيخ : نعم ذكرت ، طيب خالد .
الطالب : أن يخرج قبل نفخ الروح فيه .
الشيخ : نعم .
الطالب : ويكون بعد ظهور خلقته فيكون فيه غرة .
الشيخ : نعم اصبر ، يوسف السادس !
الطالب : أن يخرج بعد نفخ الروح .
الشيخ : لا ، كل الذي بعد نفخ الروح انتهى حكمت !
الطالب : إذا خرج قبل نفخ الروح وخرج قطعت لحم قبل أن يكوَّن .
الشيخ : نعم .
الطالب : فليس فيه شيء .
الشيخ : ليس فيه شيء ، صح ؟
الطالب : صح .
الشيخ : أي بقي قسم سابع ذكرناه أظن : إذا مات في بطنها ولم يخرج ، ما ذكرنا هذا ؟ ها ؟ كيف ؟
الطالب : ما ذكرناه .
الشيخ : ما ذكرناه ، إي طيب ، فهذا لا شيء فيه لاحتمال ألا يكون حملا صحيحًا ـ وقيل فيه غرة وهو قول الأوزاعي رحمه الله قال : " إن الحمل تبين وتحرك وعلم حياته فيضمن لأنه مات " ، وهو إما أن يبقى في بطنها مدى الدهر وإما أن يخرج ميتا ، لكن الجمهور على أنه لا شيء فيه ، والصحيح ما ذهب إليه الأوزاعي رحمه الله ، متى تيقنا أنه إنسان نفخت فيه الروح ، والآن يمكن العلم بهذا على وجه القطع بواسطة تقدم الطب ، فإذا قالوا يقينا إن في بطنها حمل وأنه مات بسبب هذه الضربة فإنه لا شك أن فيه الغرة ، لأنه أهلكه ، أي نعم ، يعني معناه إذا تيقنا وجوده فلا فرق بين أن يخرج أو لا يخرج .
وجمهور العلماء على أنه إذا لم يخرج فليس فيه شيء ، لكن تعليلهم يدل على أن وجه ذلك أن الأصل براءة الذمة ، ولم يتيقن الحمل ، وإذا كان هذا هو التعليل ، فمتى تيقنا الحمل بالأسباب الجديدة فإنه يحكم بما يحكم له إذا خرج .
طيب هل يُكره السجع أو هل يذم الساجع مطلقا ؟
الطالب : لا ، يذم إذا كان السجع لإبطال حق .
الشيخ : إذا كان السجع لإبطال حق أو إثبات ؟
الطالب : باطل .
الشيخ : فهو ؟
الطالب : محرم .
الشيخ : فهو محرم ومذموم طيب .
الطالب : وإن كان غير ذلك فلا بأس .
الشيخ : يعني حتى لو كان متكلفًا ؟
الطالب : لا ، غير متكلف .
الشيخ : قيد فصل؟
الطالب : أقول إذا كان غير متكلفا .
الشيخ : نعم .
الطالب : فلا بأس .
الشيخ : بل قد يكون ؟ ها ؟ بل قد يكون ؟
الطالب : جيد .
الشيخ : طيب ، بل قد يكون محمودا إذا لم يكن فيه تكلف ، لأنه مما يكسب الكلام جمالا ورونقا ولاسيما إذا كان يعين على فهم الكلام وعلى قبوله .
هل لك أن تأتي لنا بمثال على سجع لا تكلف فيه وليس فيه إبطال حق ؟
الطالب : قوله صلى الله عليه وسلم : ( دين الله أحق ، وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق ) .
الشيخ : إيش ؟
الطالب : دين الله أوثق .
الشيخ : لا .
الطالب : دين الله أحق .
الشيخ : لا ، ما هو دين الله أحق .
الطالب : قوله صلى الله عليه وسلم : ( قضاء الله أحق ) .
الشيخ : ( قضاء الله أحق ) .
الطالب : ( وشرط الله أوثق ) .
الشيخ : ( وشرط الله أوثق ، وإنما الولاء لمن أعتق ) ، وفيه أحاديث كثيرة فيها السجع ، الإقسام على الله أمحمود هو أم مذموم ؟ نعم ؟
الطالب : محمود إذا كان بقصد التفاؤل ، أما إذا كان بقصد التكبر فهذا لا يجوز .
الشيخ : إذا كان الحامل له حُسن الظن بالله والتفاؤل !
الطالب : فهذا جائز .
الشيخ : فهذا جائز .
الطالب : وإذا كان قصده التكبر فهذا لا يجوز .
الشيخ : أما إذا كان بقصد التكبر والإعجاب بالنفس والتألي على الله فهذا لا يجوز .
طيب ما هو الدليل على جواز القسم الأول ؟ عبد الله عامر !
الطالب : الحديث .
الشيخ : وهو ؟
الطالب : حديث الربيع أخت أنس ! .
الشيخ : لا ما هو لازم القصة ، هات المرفوع الذي يدل على !
الطالب : ... .
الشيخ : لا .
الطالب : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن من عباد الله ) .
الشيخ : هذه هي : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) نعم .
هل في كسر الثنية قصاص أو في قلعها ؟
الطالب : في كسرها ، وفي قلعها .
الشيخ : نعم ؟
الطالب : في كسرها وفي قلعها .
الشيخ : طيب ، الدليل ؟
الطالب : عموم حديث القصاص حديث : ( كتاب الله القصاص ) .
الشيخ : ويش القصة حتى نفهم ؟
الطالب : أن الربيع عمة أنس كسرت ثنية جارية من الأنصار .
الشيخ : عمة أنس بن النضر ؟
الطالب : لا أنس بن مالك .
الشيخ : نعم ، وأنس بن النضر ؟
الطالب : أخته .
الشيخ : نعم .
الطالب : كسرت ثنية جارية من الأنصار فطلبوا إليهم العفو ، فعرضوا عليهم الأرش فأبوا ، فشكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى .
الشيخ : فأمر بالقصاص ، طيب هل في القرآن ما بني عليه هذا الحكم ؟ آدم !
الطالب : قوله تعالى : (( وكتبنا عليهم أن النفس بالنفس )) إلى أن قال : (( والسن بالسن )) .
الشيخ : نعم ، هل في الحديث ما يدل على مطالبة الأولياء أو مدافعة الأولياء عن الجاني ؟
الطالب : نعم في قول : ( طلبوا إليه العفو فأبوا ) .
الشيخ : نعم في قول ؟
الطالب : ( طلبوا إليه العفو فأبوا ) .
الشيخ : طيب ما في بعد شاهد آخر ؟
الطالب : عرضوا عليه الأرش .
الشيخ : دافع عنها ابن النضر عن القصاص من أخته .
طيب هل في بقية العظام قصاص إذا كسرت ؟ أنت !
الطالب : نعم .
الشيخ : إذا كسر الذراع مثلا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : فيها القصاص ؟ نعم !
الطالب : نعم ، إذا أمكن ذلك .
الشيخ : إذا أمكن إيش ؟
الطالب : كسر الذراع ، المكان الذي في الذراع .
الشيخ : إي ، نعم ، المسألة هذه فيها خلاف :
فمنهم من قال : لا قصاص في غير السن إذا كسر ، وعللوا هذا بأنه لا تمكن المقاصة ، لأن المقاصة لا بد فيها من المماثلة والمماثلة في الكسر صعبة .
والقول الثاني : أنه يجب القصاص في كسر العظام غير السن إذا أمكن ، وفي الوقت الحاضر في عهدنا الآن يمكن المقاصة ، وهل المقاصة بالنسبة أو بالحجم ؟ عبد الرزاق !
الطالب : بالنسبة لا بالحجم هذا هو الصحيح .
الشيخ : وغير الصحيح ؟
الطالب : هذا الذي رجحناه .
الشيخ : وغير الذي رجحناه ؟ ماذا تقولون ؟ هل ذكرنا في المسألة قولين ورجحنا أحدهما ؟ نعم ؟
الطالب : رجحنا دون تعليل .
الشيخ : إي ، على كل حال هو العبرة بالنسبة لا بالحجم ، فمثلا لو فرضنا أن الذي كسر سنه كبيرة ، سنه كبيرة والكافر صغيرة ، ونصف سن المكسور تساوي جميع سن الكافر ، إذا قلنا بالحجم معناه أننا نأخذ جميع السن ، وإذا قلنا بالنسبة أخذنا النسبة ، إذا كان الذي ذهب من سن المكسور الثلثان أخذنا من ذلك الثلثين أو النصف النصف وهكذا طيب .
اختار أنس بن النضر أن يقول : ( لا والذي بعثك بالحق ) -يا محمد محجوب انتبه- اختار أنس بن النضر أن يقول : ( لا والذي بعثك بالحق ) : دون أن يقول : لا والله فلماذا ؟ أي نعم ، خالد !
الطالب : الظاهر والعلم عند الله عز وجل أن هذا بالمناسبة لأن أنس بن النضر اعترض على كسر الثنية فربما يقول قائل : اعترض على قضاء الله ورسوله ، فلما قال : ( والذي بعثك بالحق ) كأنه يقول : إني مصدق بك رسولاً وراض بحكمك لكني أقول هذا تفاؤلا .
الشيخ : نعم ، صحيح ، اختار هذا ليبرهن أنه ليس في شك فيما قضى به الرسول عليه الصلاة والسلام بل هو متيقن أنه الحق ، لأنه بعث بالحق ، وأنه ملتزم لكن لقوة رجائه بالله وتفاؤله أقسم هذا الإقسام فأبره الله عز وجل والله كريم ، ( هو عند حسن ظن عبده به ) أيا كان العبد .
طيب هل في الحديث ما يدل على أن من الناس من يقسم ولا يُبر ؟ لا ، أسألك الآن : هل في الحديث ما يدل أن من الناس من يقسم ولا يبره الله ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : منين تؤخذ ؟ -ما تلكم يا أخي-
الطالب : قوله عليه الصلاة والسلام : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) .
الشيخ : كيف يؤخذ من هذا ؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا لا ، نحن نقول من العباد الذين يعبدون الله من يقسم ولا يبره الله ، لا إله إلا الله ، نعم ، إيش ؟
الطالب : يؤخذ من الحديث .
الشيخ : منين ؟
الطالب : مِن مِن التبعيضية .
الشيخ : مِن مِن التبعيضية ، إي نعم ، فهمت ؟ ( إن من عباد الله ) : يعني مو كل عباد الله ، ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) .
ونبدأ الآن بالدرس الجديد قال المؤلف فيما نقله ، ها ؟
الطالب : الفوائد .
الشيخ : ما أخذناها ها ؟
الطالب : ما أخذنا الفوائد .
الشيخ : من حديث أنس ؟
الطالب : أخذنا الفوائد .
الشيخ : وهي آخرها ؟
الطالب : ... .
الشيخ : نعم ، القصاص في السن لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كتاب الله القصاص ) .
إذا شئتم أن نقول : وهل يعتبر القصاص بالحجم أو بالنسبة ؟
والجواب أنه بالنسبة .
وهل يقاس على السن ما سواه من العظام ؟
والجواب : نعم ، على القول الراجح يقاس إذا أمكن القصاص ، وإذا لم يمكن فلا ، طيب .
تتمة فوائد حديث : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) .
أن من أقسم على الله لأبره مذكورة هذه ؟ أن من الناس من لو أقسم على الله لأبره .
من فوائد الحديث : ( أن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) ، وهذا محمول على ما إذا كان الحامل له على القسم حسن الظن بالله عز وجل والتفاؤل .
ومن فوائد الحديث : أن من عباد الله من يقسم على الله ولا يبره ، ولذلك أنه قال : ( من عباد الله ) ومن للتبعيض .
ومن فوائد الحديث : إثبات سمع الله عز وجل ، لأنه لم يبره إلا إذا سمع قسمه .
ومن فوائد الحديث : أن الله سبحانه وتعالى عند حسن ظن عبده به ، فإذا أقسم الإنسان على ربه محسنًا الظن به ، فإن الله سبحانه وتعالى قد يعطيه ما ظنه به .
وهل يؤخذ من الحديث الحث على الإقسام على الله ؟ لا ، لا يؤخذ ، لأن قوله : ( إن من عباد الله ) : تدل على التبعيض ، فلا يُعلم هل هذا الذي أقسم على الله من هؤلاء الذين أراد الله أن يبر قسمهم أو لا ، وعلى هذا فلا ينبغي للإنسان أن يقسم على الله إلا إذا قرنه بإيش ؟ بالمشيئة .
طيب ويؤخذ من الحديث أيضًا : أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الله ، يعني أن القلوب بيد الله ، وجه ذلك : أن أهل الجارية كانوا مصممين على القصاص ، فلما أقسم هذا الرجل الصالح أبره الله عز وجل فصرف قلوبهم ، فرضي القوم وعفوا ، ففيه دليل على أن القلوب بيد الله عز وجل ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أن كل قلب من قلوب بني آدم فهو بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء ) .
ومن فوائد هذا الحديث أيضا : إثبات القدرة لله عز وجل لقوله : ( لأبره ) ، طيب غير الله عز وجل إذا أقسم عليه الإنسان هل من حقه أن يبره ؟
نعم ، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ذكر أن من حق المسلم على أخيه أن يبر قسمه ) : إلا كان في ذلك ضرر على المقسِم أو المقسَم عليه فإنه لا يلزم ، بل إذا كان فيه ضرر على المقسِم فإنه يمتنع أو يحرم عليه أن يجيبه ، فلو قال شارب الدخان لشخص : أُقسم بالله عليك أن تعطيني عشرة دراهم أشتري بها علبة دخان ، هل من حقه أن يبر قسمه ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا ، طيب هل له أن يبر قسمه ؟ لا ، لأنه يعينه على الإثم والعدوان ، كذلك لو أقسم على شخص في شيء يضره الإخبار عنه ، مثل أن يقول له : والله لتخبرني ماذا تفعل في بيتك مما يكون بينك وبين أهلك مثلاً ؟ أو والله لتخبرني ما مدى صلتك بأبيك ، أو ما مدى محبة أبيك لك ، أو ما أشبه هذا فإنه لا يلزمه أن يبر بقسمه ، بل في مثل هذه الحال يبنغي أن ينصح المقسم ويقول : إن هذا يدل على عدم حسن إسلامك ، لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) .
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قتل في عميا أو رمياً بحجر أو سوطٍ أو عصاً فعقله عقل الخطأ، ومن قتل عمداً فهو قودٌ، ومن حال دونه فعليه لعنة الله ) أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسنادٍ قوي.
قوله : ( من قتل في عِمية ) : العِمية مأخوذة من العمى ، وهي أن يحصل قتال بين الناس ولا يدرى ما وجهه ، القاتل لا يدري فيما قَتل والمقتول لا يدري فيما قُتل هذه هي قتلة العمية .
الرِّمية يعني : أناس تراموا لا بقصد أن يقتل بعضهم بعضا ولكن وقعت رميات فقتل أحدهم .
( أو سوط أو عصا ) سوط : والسوط عبارة عن جلد مفتول يضرب به ويشبه ذيل البقرة لكنه أدق .
( أو عصا ) العصا معروف ، ( فعقله عقل الخطأ ) : عقله : يعني ديته دية خطأ وليس فيه قود ، أما العِمية والرمية فلعدم قصد القتل ، وأما العصا والسوط فلأن الآلة لا تقتل ، فيكون حكمه حكم الخطأ ، وديته دية الخطأ ، وهي على المشهور من المذهب أخماس :
عِشرون بنات مخاض ، وعشرون بنات لبون ، وعشرون حِقة ، وعشرون جذعة ، وعشرون من بني مخاض ، يعني ذكورا .
ولكن مع ذلك الفقهاء -رحمهم الله- يفرقون في الدية بين شبه العمد والخطأ ، فيرون أن الدية في شبه العمد أرباعًا خمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس عشرون بنات لبون ، وخمس عشرون حقة ، وخمس عشرون جذعة في شبه العمد ، وفي الخطأ أخماسا ، وفي العمد أرباعا ، وذلك أنهم يلينون هذا الحديث ولا يستدلون به ، أو يحملونه على أن المراد به بيان أن قتل شبه العمد ليس فيه قود فقط ، فيكون معنى : ( ديته دية الخطأ ) : يعني ضمانه ضمان الخطأ بقطع النظر عن تغليظ الدية وعدم تغليظها .
والحاصل أن الدية ستأتينا -إن شاء الله تعالى- في الباب الذي بعده أرباع في شبه العمد وأخماس في الخطأ على المشهور من مذهب الحنابلة والمسألة فيها خلاف سيأتي -إن شاء الله- .
( ومن قتل عمدًا فهو قَوَد ) ومن قتل عمدا بماذا ؟ بآلة تقتل غالبا ، وإنما أضفنا هذا القيد لقوله : ( إن من قتل بسوط أو عصا فعقله عقل الخطأ ) : والسوط والعصا لا يقتل غالبا ، وعلى هذا فيكون معنى قوله : ( من قتل عمدا ) أي : بما يقتل غالبا ، واختلف العلماء هل يشترط الجرح في هذا الذي يقتل غالبا أو لا ؟
فمذهب أبي حنيفة أنه لا بد أن يجرح ، وأن القتل بالمثقل لا يوجب القصاص ، والجمهور على خلاف ذلك ، وأن القتل بالمثقل يوجب القصاص ، واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أثبت القصاص في قصة اليهودي الذي رضَّ رأس الجارية بين حجرين ، ولم يقتلها بجارحة .
وقوله : ( فهو قود ) يعني هذا الأصل ، ولأولياء القَوَد أن يتحولوا إلى الدية ، وهل لهم أن يصالحوا عنها بأكثر ؟
في هذا قولان للعلماء : فمنهم من قال : ليس لهم أن يصالحوا عنها بأكثر ، بل يقال لهم : إما أن تقتلوا قصاصًا وإما أن تأخذوا الدية .
وقال بعض العلماء : لهم أن يصالحوا عن ذلك بأكثر ، لأن الحق لِمن ؟ لأولياء المقتول ، فإذا قالوا : نحن لا نسقط القود إلا إذا أعطيتمونا عشر ديات ، وإلا فسنقتل ، وهذا الأخير القول الثاني هذا هو مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- وهو أن الحق لأولياء المقتول فإذا قالوا : لن نرضى إلا بدية مضاعفة مرتين أو ثلاثا أو أربعا فالحق لهم .
( ومن حال دونه ) أي : دون القود ، ( فعليه لعنة الله ) : يعني من منع إجراء القصاص فيما يجب فيه القصاص فعليه لعنة الله ، وهذه الجملة : ( فعليه لعنة الله ) يحتمل أن تكون خبرا ويحتمل أن تكون دعاء ، فإن كانت دعاء فإن الذي يظهر أنه دعاء مقبول ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا به على ظالم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو مشرع وهذا الظالم يريد أن يبطل شريعته فيكون بمنزلة المظلوم ودعاء المظلوم مستجاب ، ويقال أيضا في التقرير : أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يدع إلا وقد أذن له في ذلك ، وإذا أذن الله له في ذلك فإنه يستجيب له ، لقوله تعالى : (( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم )) ، أما إذا كان خبرا فالأمر واضح ، يعني أن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأن هذا عليه لعنة الله ، واللعنة : " هي الطرد والإبعاد عن رحمة الله " نعم .
12 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قتل في عميا أو رمياً بحجر أو سوطٍ أو عصاً فعقله عقل الخطأ، ومن قتل عمداً فهو قودٌ، ومن حال دونه فعليه لعنة الله ) أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسنادٍ قوي. أستمع حفظ
فوائد حديث : ( من قتل في عميا أو رمياً بحجر أو سوطٍ ... ) .
أولًا : أن من قتل في عِمية أو رِمية فإن ديته دية الخطأ ، وذلك لأن هذا القتل لا يدري القاتل فيما قتل والمقتول فيما قُتل وربما لا تعلم عين القاتل أيضًا ، المسألة معماة ، قوم صار بينهم نزاع وتقاتلوا ووجد بينهم قتيل .
ومن فوائد هذا الحديث : أن القتل بما لا يقتل غالبا لا قود فيه لقوله : ( ومن قُتل عمدا فهو قود ) .
ومن فوائده : إثبات القصاص في القتل ، وقد قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم : (( يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى )) ، وقال : (( ولكم في القصاص حياة )) ، وقال المغيرون الذين يأخذون بالشرع المبدل لا بالشرع المنزل ، قالوا : " لا نقتل القاتل ، لأننا إذا قتلنا القاتل أفنينا نفسين ، وإذا أبقيناه لم يفن إلا نفس واحدة " : ولكن هذا من وحي الشيطان وزخرف القول غرورًا ، وإلا فإننا إذا قتلنا القاتل قتلنا نفسين لا شك ، لكن كما درأنا من نفس ؟ نعم ، عالم ، عالم كثير ولهذا قال الله تعالى : (( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب )) ، وعلى هذا فتكون الحكمة هي عين إجراء القصاص ، وأنه لا بد منه .
ومن فوائد هذا الحديث : أن الحيلولة دون إجراء القصاص موجبة للعنة لقوله : ( ومن حال دون ذلك أو دونه فعليه لعنة الله ) ، ويتفرع على ذلك أن يكون هذا مِن كبائر الذنوب ، لأن كل ذنب رُتبت عليه العقوبة الخاصة بلعن أو غيره فإنه من كبائر الذنوب .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك ) رواه الدارقطني موصولاً ومرسلاً، وصححه ابن القطان، ورجاله ثقاتٌ. إلا أن البيهقي رجح المرسل.
يعني هذه المسألة : أمسك رجلٌ شخصًا لآخر فقتله الثاني ، فأحدهما جان بالإمساك والثاني جان بالقتل ، وفي هذا الحديث : أن الممسك يحبس والثاني يقتل ، إلى متى يحبس ؟ يحبس إلى الموت ، لأنه حبس المقتول إلى أن مات ، فيحبس هذا الماسك إلى أن يموت ، وُيقتل القاتل ، هذا هو الأصل الثابت في هذه الجناية .
ولكن لو عفا أولياء المقتول عن القاتل والممسك فهل يحبسان ؟
نعم لا يحبسان ولا يتعرض لهما ، اللهم إلَّا إذا رأى ولي الأمر تعزيزهما حفظا للأمن فهذا شيء يرجع إليه ، أما الحق الخاص الذي هو الضمان فهذا يرجع إلى أولياء المقتول إذا عفوا عن الممسك وعفوا عن القاتل فالحق لهم .
وقوله : ( إذا أمسك الرجل وقتله الآخر ) : يستثنى من ذلك ما إذا توطآ على ذلك ، تواطآ على قتل الرجل يعني اتفقا عليه ، وقالا : سنذهب إلى فلان ننتظره وفي الطريق ثم نقتله ، أنت أمسك والثاني يقتل ، فهذان يقتلان جميعًا ، لأنهما تمالآ على القتل فاشتركا في الإثم ، وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رجل قتله جماعة من أهل اليمن قال : ( لو اجتمع عليه أهل صنعاء لقتلتهم به ) ، وذلك لأنهم إذا اتفقوا صار كل واحد منهم قوة للآخر ، قد يكون لولاه لم يقتل ، فصار القتل مركب من إيش ؟ من قوة الجميع ، ولهذا يجب قتل الجميع إذا تمالؤوا على قتله حتى وإن كان أحدهما ممسكًا والآخر قاتلا ، بل حتى لو كانا أحدهما ينظر ويستر الناس يعني : أنه ردء للقاتل ، ولم يمسكه لكنه ينظر هل جاء أحد أو لم يأت أحد فإنه يقتل ، لأنه مالأ القاتل على القتل ، ولم يقدم القاتل على القتل إلا بقوته به فصارا شريكين في الضمان .
14 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك ) رواه الدارقطني موصولاً ومرسلاً، وصححه ابن القطان، ورجاله ثقاتٌ. إلا أن البيهقي رجح المرسل. أستمع حفظ
لو اختلف أولياء المقتول على الدية أو القصاص ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : لو اختلف أولياء المقتول على الدية أو القصاص !
الشيخ : يسقط القصاص .
السائل : يسقط القصاص ؟
الشيخ : نعم .
فيمن قتل في عمية أو رميا لماذا لا تكون فيه القسامة ؟
الشيخ : نعم ، لأن القتل لا يخرج عن هؤلاء مشاقّة ، والقسامة دعوى ومدعى عليه ، لأنهم الآن متفقون على أنه حصل القتل من هؤلاء المجموعة نعم .
ذكرتم في الدرس الماضي أن قلع السن يقتص منه وأما كسره فلا يقتص منه بخلاف كسر سن الربيع فإنه طلب منه القصاص ؟
الشيخ : نعم .
السائل : بماذا يجيبون عن حديث الربيع مع أنه كسر ؟
الشيخ : لا ، تبين أنهم يقولون بذلك أيضًا ، يمكن برده ، قالوا يمكن أن يبرد .
السائل : يعني يقولون بهذا ؟
الشيخ : نعم يقولون بهذا .
السائل : أحسن الله إليكم .
الشيخ : نعم .
17 - ذكرتم في الدرس الماضي أن قلع السن يقتص منه وأما كسره فلا يقتص منه بخلاف كسر سن الربيع فإنه طلب منه القصاص ؟ أستمع حفظ
من حلف على شخص أن يفعل شيئا ولم يفعله فعلى من تكون الكفارة ؟
السائل : لو أقسم شخص على آخر أن يخبره بشيء فلم يخبره هل على المقسم كفارة يا شيخ ؟
الشيخ : السؤال مفهوم ؟
السائل : لا .
الشيخ : حلف على شخص أن يفعل كذا ولم يفعل ، فالكفارة هل هي على الذي حنَّثه أو على المقسِم ؟ على المقسِم ، (( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين )) .
السائل : ... من ألا يصلح أن تكون بيانية ؟
الشيخ : لا ، غلطان ما يصلح ، لبيان الجنس لا بد أن يكون هناك شيء مبهم فتأتي مِن لبيانه ، هنا ما سبق شيء مبهم .
هل يمكن المجني عليه من القصاص بنفسه ؟
الشيخ : يضمنه ، يضمنه بالأرش حكومة ، لكن مثل هذا لا ينبغي أن يمكن المجني عليه من القصاص بنفسه ، لأنه أولاً : قد لا يحسن هذا الشيء ، والثاني : ربما مع الحقد على هذا أن يحاول أن يضره بأكثر ، نعم .
السائل : شيخ ذكرنا في أحوال الميت الجنين في الدرس الماضي ، أن الميت إذا كان خرج يعني من بطن أمه ميت فهو كالعضو منها .
الشيخ : إذا معها ، إذا مات معها !
السائل : طيب الفرق بينه وبين الأخير الذي ذكرناه أنه إذا مات ، يعني تيقين أنه حمل ومات في بطنها ، آخر قسم ذكرناه .
الشيخ : نعم .
السائل : هل بينهم فرق ؟
الشيخ : هي ما ماتت ، في المثال الأخير في القسم الأخير ما ماتت بقيت حية .
السائل : ولم يخرج ؟
الشيخ : ولم يخرج ، الجمهور على أنه لا شيء فيه وعللوا ذلك بأنه يحتمل ألا يكون حملا .
السائل : ما يُلحق بالقسم الثاني هو ميت إذا مات خرج منه دم ؟
الشيخ : لا ، هم يرون أن الحكم إنما يترتب على الخروج ، لأنه هو الذي نتيقن أنه حمل .
السائل : الدية إنما تثبت بعد نفخ الروح ، والكفارة أيضًا كذلك .
الشيخ : نعم .
السائل : قلنا أيضا : أن قبل نفخ الروح إذا كان الجنين قد صير فيه صورة الإنسان وإذا خرج ففيه الدية، وقلنا أيضا : إنه لا كفارة فيه .
الشيخ : نعم .
السائل : ما الفرق ؟
الشيخ : إي ، لا كفارة لأنه ليس بقتل ، إذ أن هذا لم تحل له الحياة فيقال إنه قتل .
السائل : قلنا فيه الدية !
الشيخ : الدية ما هي لله ، الدية للآدمي ، نعم ؟
السائل : عفا الله عنك ، ما الراجح إذا طالب أهل قوم ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : إذا طالب أهل قوم .
الشيخ : إذا إيش ؟
السائل : طالب أهل قوم .
الشيخ : أهل إيش ؟
السائل : قوم قوم .
الشيخ : إي سيأتينا إن شاء الله .
مناقشة ما سبق .
ما معنى قوله : ( عِمِّية ) ؟
الطالب : أناس تقاتلوا فوجد منهم قتيل ، فلا يَدري القاتل فيما قتل ، ولا يدري المقتول فيما قُتل .
الشيخ : يعني لا يعلم القاتل بعينه لأنها مأخوذة من العمى مسألة معماة ، الرِّمية معناها ؟
الطالب : أنا ؟
الشيخ : أي نعم ، آه ؟
الطالب : من الرمي .
الشيخ : من الرمي ، المعنى ؟
الطالب : تبادلوا الرمي .
الشيخ : يعني تراموا بدون أسباب ، نعم ، إما لعبا أو ما أشبه ذلك ، طيب ما الفرق بين السوط والعصا ؟ عبد الله !
الطالب : السوط يكون من جلد مفتول .
الشيخ : نعم ، من جلد مفتول أو نحوه ، والعصا نعم ، من أغصان الشجر قوله : ( فعقله عقل الخطأ ) ؟
الطالب : ديته .
الشيخ : مئة من الإبل على مَن ؟
الطالب : العاقلة .
الشيخ : هذه أظن ما بيناها ، ما بيناها طيب .
قوله : ( من حال دونه ) الضمير يعود على إيش ؟ عبد الرحمن .
الطالب : على الكسر القصاص .
الشيخ : نعم ، دون القصاص .
الجملة ( فعليه لعنة الله ) هل هي خبرية أو دعائية يا خالد ؟
الطالب : يمكن أن تكون خبرية ويمكن أن تكون دعائية .
الشيخ : طيب ، إن كانت خبرا فالأمر واضح ، إن كانت دعاء ؟
الطالب : دعاء قلنا مستجاب لأن الذي حال دون القصاص فهو ضامن .
الشيخ : لأن لعنه بحق ، الحائل ظالم ولعنه بحق ، طيب .
نبحث الدية على العاقلة بعد المناقشة في الحديث الذي بعده .
رجل أمسك شخصا لآخر فقتله ها ؟
الطالب : ما أكملنا الحديث .
الشيخ : أيهم ؟
الطالب : حديث ابن عمر .
الشيخ : حديث ابن عمر ؟!
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب .
تتمة شرح حديث : ( فعقله عقل الخطأ ... ) .
يقول : ( فعقله عقل الخطأ ) : عقل الخطأ يكون على العاقلة كما هو معروف ، عقل الخطأ يكون على العاقلة .
وهؤلاء القوم لا ندري من القاتل حتى نحمل عاقلته ، فقيل : إنه في بيت المال وأن معنى قولِه : ( فعقله عقل الخطأ ) : أنه لا يكون العقل على القاتل .
وقيل : إنه يكون على من يختاره أولياء المقتول ، فيقال هؤلاء الجماعة اختاروا من ترونه قاتل صاحبكم ثم يحمل العاقلة .
وقيل : إنه يكون على الجميع كل يحمل من ذلك ، والحديث كما رأيتم يقول : ( عقله عقل الخطأ ) : والأصل أن عقل الخطأ يكون على العاقلة ، فيقال على عاقلة هؤلاء الدية ، إلا إذا كان لا يمكن حصرهم فيكون في بيت المال ، فأما إذا كان يمكن حصرهم فالدية على عواقلهم ، طيب .
فوائد حديث : ( إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر يقتل الذي قتل ... ) .
من فوائده : أنه إذا أمسك شخص شخصًا لآخر ليقتله فإنه يقتل القاتل لأنه مباشر ، ولا يقتل الممسك لأنه سبب ، والقاعدة الشرعية : " أنه إذا اجتمع سبب ومباشر أحيل الضمان على المباشر ، إلا إذا كان إذا كانت المباشرة مبنية على السبب ، فإنه يكون على السبب ، أو إذا كان المباشر لا يمكن إحالة الضمان عليه فيكون على المتسبب " ، القاعدة مفهومة ؟ إذا اجتمع متسبب ومباشر فالضمان على من ؟
الطالب : المباشر .
الشيخ : على المباشر ، ويستثنى من ذلك مسألتان :
المسألة الأولى : إذا كانت المباشرة مبنية على السبب بمعنى أن السبب هو الموجب لثبوتها .
المسألة الثانية : إذا كان المباشر لا تمكن إحالة الضمان عليه فيكون على المتسبب .
وحينئذ نحتاج على هذه القاعدة ثلاثة أمثلة :
المثال الأول : اجتمع مباشر ومتسبب فالضمان على مَن ؟ على المباشر ، كرجل حفر في الطريق حفرة فوقف عليها إنسان فجاء ثالث فدفعه في الحفرة فمن يضمن ؟
الطالب : الدافع .
الشيخ : الدافع لأنه مباشر ، والحافر لا ضمان عليه ، لكن الحافر على كل حال يعزر إذا كان قد حفر في مكان لا يجوز له الحفر فيه .
يستثنى من ذلك مسألتان ، الأولى : إذا كانت المباشرة مبنية على السبب فالضمان على المتسبب ، مثال ذلك : إذا شهد جماعة على شخص بما يوجب قتله ، ثم بعد أن قُتل رجعوا ، وقالوا : إننا تعمدنا قتله ، لكننا لا نستطيع أن نقتله مباشرة ، فشهدنا عليه بما يوجب القتل فقتله ولي الأمر ، فالضمان هنا على المتسبب ، لأن قتل ولي الأمر مبني على شهادة الشهود ، فإذا رجعوا وقالوا : نحن تعمدنا قتله ، لكن لم نجد وسيلة إلا هذا قلنا : عليهم القتل .المسألة الثانية مما يستثنى : إذا كان المباشر لا تمكن إحالة الضمان عليه ، مثاله رجل قذف بإنسانٍ بين يدي الأسد فأكله الأسد فهنا الضمان على من ؟ على الرجل الذي قذفه بين يدي الأسد لا على الأسد لأن الأسد لا يمكن إحالة الضمان عليه .
هذه القاعدة الشرعية ينظر فيها بالنسبة للممسك والقاتل ، الممسك سبب والقاتل مباشر ، فيكون الضمان على المباشر فيقتل ، بشروط القصاص المعروفة ، المهم أنه فعل فعلا يثبت به القصاص ، فيقتل القاتل .
وفي الحديث يقول : ( يحبس الذي أمسك ) : ولم يبين إلى متى ، فقيل : إنه راجع إلى اجتهاد الإمام وقيل : يحبس إلى أن يموت ، وهذا هو المذهب عندنا أنه يحبس إلى أن يموت ، لأنه أمسك المقتول إلى أن مات فيحبس هذا على أن يموت .
وهذا القول الذي دل عليه الحديث هو مقتضى القواعد الشرعية كما عرفتم : في أنه إذا اجتمع مسبب ومباشر فالضمان على المباشر .
وقيل : يقتلان جميعًا ، لأنه لولا أنه أمسكه ما قدر ذاك على قتله ، فيقتل المباشر القاتل ، ويقتل الممسك ، ولكن هذا مرجوح ، إلا إذا تمالؤوا على قتله ، تمالأ الرجلان على قتله اتفقوا قالوا : نقتل فلان قال طيب إيش نعمل ؟ قال : أنا قوي شديد أمسكه ، وأنت اقتله ، فهنا يكون القصاص على المباشر والممسك ، لأنهما اتفقا على قتله .
بقي قسم ثالث : إذا أمسكه مازحًا ولم يعلم أن صاحبه يقتله يريد قتله ، سمعه يقول : أمسك أمسك الرجال أمسك الرجال وربما يقول : أمسك اللص وما أشبه ذلك فأمسكه ، فقتله فهل على الممسك شيء ؟ الجواب : لا شيء عليه ، لأنه لم يعلم أنه يريد قتله ، يمكن يكون مازحا أو كاذبا أو ما أشبه ذلك . فالأقسام إذًا ؟
الطالب : أربعة .
الشيخ : خمسة ، أما هذه فخمسة ، نعم هي ثلاثة :
أمسكه واحد فقتله الآخر بممالأة على قتله فما الحكم ؟
الطالب : يقتل الجميع .
الشيخ : يقتل الجميع ، أمسكه آخر ، أمسكه واحد لآخر ليقتله فهنا يقتل القاتل ويحبس الممسك .
أمسكه واحد وقتله آخر لكن لم يعلم أنه يريد قتله يحسب أنه يمزح أو ما أشبه ذلك فيقتل القاتل ولا يقال للممسك شيء طيب .
وعن عبد الرحمن بن البيلماني أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل مسلماً بمعاهدٍ وقال: ( أنا أولى من وفى بذمته ) أخرجه عبد الرزاق مرسلاً ووصله الدارقطني بذكر ابن عمر فيه وإسناد الموصول واهٍ.
واه : اسم فاعل من وهى إذا ضعف ، أي أن إسناد الموصول واه ، وإسناد المنقطع هو عبد الرحمن بن البيلماني أيضًا واه ، لأنه فقد شرطا من شروط الصحة وهو اتصال السند .
وهذا الحديث جدير بأن يكون واهيا في السند كما أنه واهٍ في المعنى ، إذ أنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام في * الصحيحين * أنه قال : ( لا يقتل مسلم بكافر ) ، ( لا يقتل مسلم بكافر ) ، ومن المعلوم أن هذا في المعاهد ، لأن الحربي لا يحتاج أن يقال : ( لا يقتل مسلم بكافر ) ، لأنه مباح الدم وعلى هذا فالحديث ضعيف سندا وضعيف متناً ، فلا يقتل المسلم بالمعاهد . ولكن ماذا يصنع الإمام بالنسبة لهذا الذي قتل المعاهد ؟ يعززه ، يعزره بما يرى أنه تعزيز له بحبس أو ضرب أو نفي أو أخذ مال أو حرمان من وظيفة أو غير ذلك ، لأن التعزيز ليس له حد ، التعزيز يُرجع فيه إلى اجتهاد الإمام ، وعلى الإمام أن يجتهد في التعزيز بكل ما يحصل به التأديب والردع ، وهو غير مقيد على القول الراجح بشيء معين .
23 - وعن عبد الرحمن بن البيلماني أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل مسلماً بمعاهدٍ وقال: ( أنا أولى من وفى بذمته ) أخرجه عبد الرزاق مرسلاً ووصله الدارقطني بذكر ابن عمر فيه وإسناد الموصول واهٍ. أستمع حفظ
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( قتل غلامٌ غيلةً فقال عمر: لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به ) أخرجه البخاري.
( قتل غلام غِيلة ) : الغلام الصغير ، غِيلة فِعلة من الاغتيال ، وهو إتيان الشيء على غرة ، هذا الغيلة أن يأتي الإنسان الشيء على غرة فيقتله وهو آمن ، مثل أن يأتيه في فراشه فيقتله أو على طعامه فيقتله أو على مكتبه فيقتله وما أشبه ذلك .
قتل الغِيلة نوع من أنواع القتل ، وهل يجري فيه التخيير ، أي تخيير الأولياء بين القصاص والدية والعفو أم ماذا ؟
الجمهور على ذلك ، الجمهور على أن قتل الغيلة كغيره ، يعني يخير أولياء المقتول بين أمور ثلاثة :
القصاص ، أتموا ! والدية ، والعفو مجانا ، وقال الإمام مالك : " قتل الغيلة يجب فيه القصاص ، لأنه إخلال بالأمن " : إذ أن الناس آمنون ، فإذا كان الناس يؤتون من مأمنهم يمشي الإنسان في السوق فيلحقه الآخر ويقتله ، أو يأتيه في بيته على فراشه فيقتله ، أو في خيمته على فراشه فيقتله ، أو على طعامه فيقتله ، هذا إخلال بالأمن والأمر فيه راجع إلى الإمام ، فإذا قال الإمام : لا بد أن يقتل يقتل ، حتى لو قال أولياء المقتول : هذا ابن عمنا نسمح له أو هذا صديقنا يكفينا منه الدية فإنه لا خيار لهم ، وما ذهب إليه الإمام مالك -رحمه الله- قوي جداً أن قتل الغيلة لا خيار فيه وأن القاتل يقتل بكل حال ، ولو قيل بأن هذا يرجع إلى الإمام وأنه لو كثر قتل الغيلة وجب عليه القصاص أي : على الإمام ، وإذا كان قليلا فيرجع في ذلك إلى أولياء المقتول لكان هذا قولا وسط ، وهو وسط بين قول من يقول : إن قتل الغيلة يجب فيه القصاص مطلقا ، وبين قول من يقول : إنه كغيره من أنواع القتل . المهم أن عمر رضي الله عنه قتل فيه أربعة ، قتل في هذا الغلام أربعة أنفار ، وقال : ( لو اجتمع عليه أهل صنعاء لقتلتهم به ) : ولنفرض أن أهل صنعاء في ذلك الوقت مئة نفر ، مئة نفر لو اجتمعوا عليه وتمالؤوا عليه لقتلتهم به ، والباء هنا للبدلية ، أي : قتلا مقابلا لهذا القتل ، هذا قول عمر أحد الخلفاء الراشدين ، وأرشدُهم بعد أبي بكر رضي الله عنهما ، وهو الذي يأتي قولُه فيوافقه حكم الله عز وجل ، حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن يكن فيكم مُحدَّثون فعمر ) أي : مهملون للصواب فعمر ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( اقتدوا باللَّذين من بعدي أبي بكر وعمر ) ، وقال : ( إن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا ) ، قال : ( لو اجتمع عليه أهل صنعاء لقتلتهم به ) :وعليه فتقتل الجماعة بالواحد بشرط التمالأ ، لأنه قال : ( لو اجتمع عليه أهل صنعاء ) يعني تمالؤوا على ذلك .