كتاب الجهاد
الطالب : يعني من قتل دفاعا عن ماله فهو شهيد.
الشيخ : فهو شهيد، طيب، هل هذا يقتضي وجوب الدّفاع عن المال؟
الطالب : لا، لا يقتضي وجوب الدّفاع.
الشيخ : هاه؟
الطالب : لا يقتضي وجوب الدّفاع عن المال يعني لأنه ...
الشيخ : وعلى هذا فلا يجب الدّفاع عن المال، طيب، هل مثله الدّفاع عن النّفس أحمد؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا؟
الطالب : واجب.
الشيخ : الدّفاع عن النّفس واجب، طيب، العِرض؟
الطالب : واجب.
الشيخ : واجب، لأنّه لا يباع بأيّ حال مِن الأحوال، لكن المال يجوز للإنسان أن يتبرّع به لأيّ واحد من النّاس، أليس كذلك؟ أما نفسه فلا يجوز أن يتبرّع بها لأحد، عِرضه لا يجوز أن يتبرّع به لأحد، فلهذا وجب الدّفاع عن النّفس وعن العِرض لأنّها لا تباح بالإباحة وأما المال؟ أجب يا أحمد؟!
الطالب : أما المال فيباح.
الشيخ : فيباح بالإباحة، لو قلت لواحد: خذ هذا المال هديّة يجوز يقبل؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : طيب، إذن يُستباح بالإباحة لذلك لا يجب الدّفاع عنه، أمّا الدّفاع عن النّفس فهو واجب، يجب أن يدافع عن نفسه، لأنّه لا يجوز أن يسلم نفسه لأحد، أو يبيحها لأحد، إلاّ فيما دلّ عليه حديث عبد الله بن خبّاب رضي الله عنه قال: ( سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: تكون فتن ): تكون هنا فعل مضارع، ولكنّها هنا تامّة ومعنى تامّة أي: أنّها تكتفي بمرفوعها كما قال ابن مالك: " وذو تمام " إيش؟
الطالب : " ما برفع يكتفي " .
الشيخ : " ما برفع يكتفي " وعلى هذا فتكون " فتن " فاعل، تكون فتن أي: توجد فتن.
والفتنة ما يفتن به النّاس وهي أنواع كثيرة: قد يفتن النّاس في أديانهم، أو في أعراضهم، أو في أخلاقهم عموما، أو في دمائهم المهمّ أنّ الفتن أنواع متنوعة، ومن الفتن: الفتن المقاليّة التي يتنابز فيها النّاس بالألفاب السّيّئة، أنت مبتدع، أنت كافر، أنت فاسق وما أشبه ذلك من الكلمات التي ليس يُجنى منها إلاّ اختلاف القلوب واخنلاف النّاس، لكن المراد -والله أعلم- بالفتن هنا: فتن الدّماء، فتن الدّماء، ( تكون فتن ) أي: قتال بين الناس، ( فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل ) : ( فكن فيها عبد الله ) : " عبد " هنا يجوز فيها أن تكون منصوبة على خبر كن، ويجوز أن تكون منصوبة على أنّها منادى وحرف النّداء محذوف، أي كن فيها يا عبد الله المقتول، فعلى الأوّل تكون المقتول صفة لعبد الله، صحّ يا علي؟
الطالب : المقتول صفة لعبد الله لأنه هنا خبر !
الشيخ : يبدو أنّك؟
الطالب : لا لا .
الشيخ : إيه، على الأوّل وهي: أنّ عبد خبر تكون المقتول صفة لعبد الله، وعلى الثاني أنّ عبد منادى تكون المقتول خبر كن، أي: كن يا عبد الله المقتول ولا تكن القاتل، وهذا يعني أنّك لا تدافع عن نفسك في الفتن، لأنّ المدافع عن النّفس في الفتن قد يكون فيها شرّ كثير، وذلك كما جرى لأمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي الله عنه الخليفة الثالث بعد رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فإنّه نهى أن يُدافع عنه، بل قال لغلمانه: " كل إنسان لا يدافع عنّي فهو حرّ "، فتركوا الدّفاع عنه، لماذا؟
لأنّه يحصل بذلك فتن وقتل كثير في المدينة النّبويّة فرضي الله عنه، أراد أن يُقتل اتّقاء للدّماء، والعجب أنّ الرّافضة قبّحهم الله يقولون: إنّ الحسين رضي الله عنه فدى بنفسه دماء المسلمين وحقنها، ولا يقولون عن عثمان: إنّه فدى بنفسه دماء المسلمين وحقنها، مع أنّ الواضح جدًّا أنّ الثاني هو الحقّ، أنّ عثمان رضي الله عنه أراد أن يفدي بنفسه دماء المسلمين وليقتل شهيدا لأنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم لما صعد جبل أحد واهتزّ بهم وارتجف قال: ( أثبت، -أو- اسكن أحد فإنّما عليك نبيّ وصدّيق وشهيدان ): النّبيّ محمّد عليه الصّلاة والسّلام، والصّدّيق أبو بكر، والشّهيدان عمر وعثمان رضي الله عنهما، فالحاصل أنّه اختار ذلك، ولهذا قال العلماء -رحمهم الله- : " يجب الدّفع عن نفسه إلاّ في الفتنة فلا يجب "، ولكن إذا قلنا لا يجب هل معنى ذلك أنّه يحرم الدّفاع عن نفسه في الفتنة؟ أو ينظر للمصلحة؟
الجواب: بالثاني، قد يكون الإنسان في مكان فيه فتنة، فيه قتال، لكن يمكن أن يقتل مَن صال عليه بدون أن يحصل بذلك فتنة، حينئذ نقول: اقتل، وقد يكون بالعكس لو قتله لثارت القبائل، لأنّه من قبائل مثلاً قويّة كبيرة فتثور ويحصل بذلك فتنة، فالحاصل أنّه في غير الفتنة حكم الدّفاع عن النّفس؟
الطالب : واجب.
الشيخ : واجب، في الفتنة لا يجب لكن ينظر الإنسان للمصلحة، قد تكون المصلحة بالمدافعة ولو بالقتل وقد تكون بعدم المدافعة، والإنسان ينظر إلى المصالح العامّة فيقدّمها على المصالح الخاصّة، لأنّ تقديم المصالح العامّة هو شرع الله وقدر الله، يعني يتوافق الشّرع والقدر في تقديم المصالح العامّة على المصالح الخاصّة، أرأيتم مثلًا المطر مصلحة، عامّة وإلاّ خاصّة؟
الطالب : عامّة.
الشيخ : عامّة، لكن يأتي إنسان صبّ صبّة السّقف قبيل ينزل المطر، ما شأن هذا المطر بالنّسبة له؟
الطالب : ضرر.
الشيخ : ضرر، لكن هذا الضّرر يزول ويضمحلّ، فالحكم القدري والحكم الشّرعي من ربّنا عزّ جلّ وله الحكمة البالغة تقديم إيش؟
الطالب : المصالح العامّة.
الشيخ : المصالح العامّة على المصالح الخاصّة، فأنت انظر في حال الفتنة هل من المصلحة أن تدافع عن نفسك أو من المصلحة أن تمسك عن الدّفاع، افعل ما تراه أنّه مصلحة، لكن في غير الفتنة يجب أن تدافع، وبهذا نعرف أنّ من قاتل ليُستشهد فهل يكون شهيدا؟
الطالب : لا، لا يكون.
الشيخ : لا تتعجّلوا.
الطالب : لا يكون.
الشيخ : إذا قاتل ليقتل فهذا ليس بشهيد، وإن قاتل ليستشهد، بمعنى ليكون قتاله لإعلاء كلمة الله فهو؟
الطالب : شهيد.
الشيخ : فهو شهيد، والنّيّة لها أثر بالغ، لأنّ بعض النّاس يظنّ أنّه إذا قتل في الجهاد هو شهيد بكلّ حال وليس كذلك، ليس من الشّهادة أن تذهب لأجل أن تُقتَل، إنّما الشّهادة أن تذهب لتقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، حينئذ إذا قُتِلت فأنت شهيد فالقتل ليس مقصودًا بذاته، القتل في الجهاد ليس مقصودا لذاته، المقصود أن تكون كلمة الله هي العليا فإذا قتلت من أجل ذلك فأنت شهيد.
ثمّ قال المؤلّف -رحمه الله-: " كتاب الجهاد " :
ذكرنا فيما سبق أنّ العلماء صنّفوا تصانيفهم على ثلاثة وجوه، كتاب، والثاني؟
الطالب : أبواب.
الشيخ : والثالث؟
الطالب : فصل.
الشيخ : فصل، فالكتاب هو عبارة عن الدّخول إلى مسائل متعدّدة، من أجناس متعدّدة لكن يجمعها حكم واحد.
والباب إيش؟ للأنواع، لتحديد الأنواع، فمثلا الجهاد فيه: عهد ذمّة وفيه أشياء متنوّعة، والفصل؟
الطالب : المسائل.
الشيخ : نعم لتنوّع المسائل، لتنوّع المسائل فقط، مو لتنوّع المسائل، لتعديد المسائل فهو كالإستراحة، الفصل كالإستراحة، إذا طال الباب جعلوا فصولا، الجهاد لا يشكّ عالم باللغة العربيّة أنّه مصدر فعله؟
الطالب : جاهد.
الشيخ : جاهد، يجاهد، جهادًا، ومعناه بذل الجُهد أي: الطاقة في إدراك أمر شاقّ، وهنا نقول: المراد به في هذا الباب خاصّة بذل الجُهد لتكون كلمة الله هي العليا، هذا هو الجهاد، بذل الجهد لتكون كلمة الله هي العليا، وعلى هذا التّعريف يشمل الجهاد بالسّلاح والجهاد بالبيان، لأنّ طالب العلم يبذل الجهد من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا، ودين الله تعالى هو المعمول به في الأمّة، فهو يقرأ الكتاب والسّنّة ويفهم معناهما وينشره بين النّاس ويدعو إلى سبيل الله فهو إذن إيش؟
الطالب : مجاهد.
الشيخ : مجاهد بلا شكّ، مجاهد في سبيل الله، ولهذا نرى أنّ الذين في المعركة والذين في مجلس العلم وهم يطلبون العلم حقيقة أنّهم سواء في الأجر بل ربّما يزداد أجر طالب العلم لما يحصل من عِلمه إذا كان ناصحًا لله ورسوله من نشر السّنّة وبيانها ولهذا نجد أنّ المجاهد في المعركة محتاج إلى المجاهد في العلم، ولا؟
الطالب : العكس.
الشيخ : ولا العكس، الجهاد ينقسم إلى قسمين، وهو أولًا جنسان:
الجنس الأوّل: جهاد الأعداء بالسّلاح. والجنس الثاني: الجهاد لإعلاء كلمة الله بالبيان والعلم.
الجهاد أعني جهاد الأعداء ينقسم إلى قسمين:
جهاد دفاع، وجهاد طلب، فمن غزانا من الكفّار فجهاده جهاد دفاع، ومن غزوناه من الكفّار فجهاده جهاد طلب، ولكن جهادنا للكفّار هل هو من أجل أن يسلموا؟ أو مـن أجل أن تكون كلمة الله هي العليا وإن لم يسلموا؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني، جهادنا للكفّار أن تكون كلمة الله هي العليا وإن لم يسلموا، والدّليل على هذا ما رواه مسلم في صحيحه من حديث بريدة بن الحُصيب: ( أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كان إذا أمّر أميرا على جيش أو سريّة أوصاه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا ثمّ قال: امض على رسلك، ثمّ يأمره إذا حاصر العدوّ أن يسلم العدوّ، أو ينزل على حكم الله فيبذل الجزية، أو يقاتَل )، وهذا أمر معلوم: أنّ قتالنا لأعدائنا ليس لأن يسلموا، (( لا إكراه في الدّين )) لكن من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا وأن تكون السّيطرة لدين الإسلام: (( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه )) هذا هو المقصود، فنحن مثلا إذا أخذنا الجزية على الكفّار وقلنا: أعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون فلمن الكلمة العليا؟
الطالب : لله.
الشيخ : لله عزّ وجلّ، إذا جاءك اليهودي أو النّصراني أو المشرك على القول الراجح، إذا جاءك ذليلاً حقيرًا يسلّم الجزية عن يد، ذكرنا فيما سبق أنّ لها معنيين:
المعنى الأوّل: عن قوّة منكم، أي: أنّكم تظهرون أمامهم بمظهر القوّة.
والثاني: عن يد أنّه يسلّمها بيده لا يرسل بها الخادم أو أحدا من أصحابه.
وأمّا القول بأنّ المراد عن يد أي أنّك تأخذ بيده عندما يسلّم الجزية وتجرّه لتريه القوّة فهذا ليس بصحيح.
طيب إذن الجهاد نوعان: جهاد دفاع وجهاد طلب، جهاد الدّفاع: واجب فرض عين، بدون تفصيل، لأنّه يجب أن ندافع عن ديننا، أي: إنسان يهاجمنا عن ديننا يجب أن ندافعه لأنّه؟
الطالب : واجب.
الشيخ : لأنّه دفاع النّفس أوّلا، وعن بلاد المسلمين، فيجب أن يقاتِل يدافع، يدافع حتى من يستطيع أن يدافع من النّساء أو من المراهقين أو ما أشبه ذلك بشرط أن نأمن انهزامهم، فإن خفنا مِن انهزامهم كما هو الغالب من النّساء ومن لم يبلغ فإنّنا لا نمكّنه من القتال، ولهذا قال العلماء يجب القتال ويكون فرض عين في أمور أربعة:
الأوّل: إذا حضر الصف، فإنّ القتال يجب، لقول الله تبارك وتعالى: (( يا أيّها الذي آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفًا فلا تولّوهم الأدبار ومن يُوَلّهم يومئذ دبره إلاّ متحرّفًا لقتال أو متحيّزًا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنّم وبئس المصير ))، وجعل النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم التّولّي يوم الزّحف من كبائر الذّنوب، مِن الموبقات.
إلاّ أنّ الله تعالى خفّف عن عباده، وأذن للمسلمين إذا كان العدوّ أكثر من مثليهم، أذن لهم أن يفرّوا لقول الله تعالى: (( الآن خفّفَ الله عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفًا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله ))، ولهذا أجازَ العلماء الفرارَ من العدوّ إذا كان أكثر من الضعف ، طيب هذه واحدة.
ثانيًا: إذا استنفره الإمام، يعني إذا قال الإمام: اخرجوا قاتلوا فإنّه يجب على المسلمين أن يخرجوا ويقاتلوا، لقول الله تبارك وتعالى: (( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثّاقلتم إلى الأرض )): شفت كيف قال اثّاقلتم إلى الأرض، يعني ملتم إليها بثقل، ومعلوم أنّ الذي يختار الأرض على السّماء أنّه ضائع، (( أرضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدّنيا في الآخرة إلاّ قليل إلاّ تنفروا يعذّبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضرّوه شيئا والله على كلّ شيء قدير )) هذه الثانية، متى؟
إذا استنفرهم الإمام وجب عليهم النّفور.
الثالثة: إذا حاصر العدوّ بلدهم، وهذا هو الشاهد لما قلناه قبل قليل، إذا حاصر العدوّ بلدًا صار الدّفاع الآن؟
الطالب : واجباً.
الشيخ : واجباً، صار الجهاد واجباً، لأنّه جهاد دفاع، لأن العدو إذا حاصر البلد معناه أنّ أهلها يكونون عرضة للهلاك، لا سيما في مثل وقتنا الحاضر، إذا حاصر العدو البلد وقطّع الكهرباء، وقطّع المياه، وقطّع مصادر الغاز، وما أشبه ذلك معناه أنّ الأمّة سوف تهلك فيجب الدّفاع، ما دام عندهم ما يمكن يدافعوا به يجب عليهم أن يدافعوا.
الرابعة: إذا كان محتاجًا إليه، يعني إذا احتيج إلى هذا الرّجل بعينه وجب أن يقاتل، مثل أن يكون هذا الرّجل، نعم، مثل أن نغنم دبّابات أو طائرات من عدوّ ونحن لا نعرف كيف نشغّلها لكن فيه واحد من الناس قد عرف هذه الصّنعة وعرف كيف يشغّلها فهذا يجب عليه أو لا؟
الطالب : يجب.
الشيخ : يجب عليه بعينه، يجب عليه بعينه أن يقاتل، لا يقول: الناس كثيرين، نقول: نعم الناس كثيرين لكن ما يعرفون يشغلون هذه الدّبّابات وهذه الطائرات، فلا بدّ أن تخرج أنت بنفسك، فهذه أربعة مواضع ذكر العلماء -رحمهم الله- أنّ الجهاد فيها يكون؟
الطالب : واجبا.
الشيخ : فرض عين، يكون فرض عين، وما عدا ذلك فهو فرض كفاية، الجهاد فرض كفاية على المسلمين، لأمر الله تعالى به في آيات كثيرة من القرآن، أمر الله به بآيات كثيرة من القرآن، وأخبر النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( أنّ الجهاد ذروة سنام الإسلام ): يعني أعلاه، لأن المجاهدين يعلُون، أو بالأصحّ يعلون على أعدائهم، فلهذا شبّههم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بذروة السّنام لأنّه أعلى ما في البعير، فالجهاد فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وإن لم يقم به من يكفي، إيش؟
تعيّن عليه. ولكن اعلموا أنّ كلّ واجب لا بدّ فيه من شرط القدرة، كلّ واجب لا بدّ فيه من شرط القدرة، والدّليل على ذلك النّصوص من القرآن والسّنّة ومن الواقع أيضًا:
أما القرآن فقد قال الله تعالى: (( لا يكلّف الله نفسا إلاّ وسعها ))، وقال تعالى: (( فاتّقوا الله ما استطعتم ))، وقال تعالى: (( وجاهدوا في الله حقّ جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدّين من حرج )): يعني حتى لو أُمرتم بالجهاد ما فيه حرج، إن قدرتم عليه فهو سهل، وإن لم تقدروا عليه فهو حرج مرفوع.
طيب إذن لا بدّ من القدرة والإستطاعة، هذا من القرآن.
من السّنّة قال النبّيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( إذا أمرتكم بأمر ) أتمّوا؟
الطالب : ( فأتوا منه ما استطعتم ).
الشيخ : ( فأتوا منه ما استطعتم )، ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) وهذا عامّ في كلّ أمر، لأنّ قوله: ( بأمر ) نكرة في سياق الشّرط فيكون للعموم، سواء الأمر بالعبادات أو الجهاد أو غير ذلك.
وأمّا الواقع فقد كان النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في مكّة يدعو النّاس إلى توحيد الله وإلى الصّلاة، وبقيَ على هذا ثلاثَ عشرة سنة لم يُؤمر بالجهاد مع شدّة الإيذاء له ولمتّبعيه عليه الصّلاة والسّلام، وقلّة الأوامر أو قلّة التّكاليف، أكثر أركان الإسلام ما وجبت إلاّ في؟
الطالب : المدينة.
الشيخ : في المدينة، لكن هل أمروا بالقتال؟
لا، لماذا؟
لأنّهم لا يستطيعون، هم خائفون على أنفسهم، إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خرج من مكّة خائفًا على نفسه، وهذا معروف، ولذلك لم يوجِب الله عزّ وجلّ القتال إلاّ بعد أن صار للأمّة الإسلاميّة دولة وقوّة أُمروا بالقتال: (( أذن للذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وأنّ الله على نصرهم لقدير ))، وعلى هذا فإذا قال لنا قائل: لماذا لا نحارب أمريكا وروسيا وفرنسا وإنجلترا؟ لماذا؟ هاه؟
الطالب : لعدم القدرة.
الشيخ : لعدم القدرة، الأسلحة التي قد ذهب عصرها عندهم هي التي بأيدينا، وهي عند أسلحتهم بمنزلة سكاكين الموقد عند الصّواريخ، ما تفيد شيئا، فكيف يمكن أن نقاتل هؤلاء؟!
ولهذا أقول: إنّه من الحُمْق أن يقول قائل: إنّه يجب علينا الآن أن نقاتل أمريكا وأنجلترا وفرنسا وروسيا، كيف نقاتل؟!
هذا تأباه حكمة الله عزّ وجلّ، ويأباه شرعه، لكن واجب علينا أن نفعل ما أمر الله عزّ وجلّ: (( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة )) هذا هو الواجب علينا ، أن نعدّ لهم ما استطعنا من قوّة، وأهمّ قوّة نعدّها هو الإيمان والتّقوى، الإيمان والتّقوى هو القوّة، لأنّنا بالإيمان والتّقوى سوف نقضي على أهوائنا ونقضي أيضا على تباطئنا وتخاذلنا، ونقضي على محبّتنا للدّنيا، لأنّنا الآن نحب الدّنيا ونكره الموت، الصّحابة رضي الله عنهم المجاهدون حالهم عكس حالنا، يريدون الموت ويكرهون الحياة في الذّلّ، فالواجب أن نُعدّ ما استطعنا من القوّة وأوّلها الإيمان والتّقوى، ثمّ التّسلّح، التّسلّح، الذي علّم هؤلاء ألا يعلّمنا؟!
يعلّمنا لكنّنا لم نتحرّك، ثمّ في الواقع لو تحرّكنا قطعت الرّؤوس، ما نستطيع، ولا حاجة إلى أن نعيّن لكم أنّهم إذا رأوا دولة يمكن أن تنتعش بالأسلحة، فعلوا ما فعلوا ممّا هو معلوم لكم، أقول: إنّ الواجب الآن أن نستعدّ بالإيمان والتّقوى وأن نبذل الجُهد، والشيء الذي لا نقدر عليه نحن غير مكلّفين به، ونستعين الله عزّ وجلّ على هؤلاء الأعداء، ونحن نعلم أنّ الله تعالى لو شاء الله لانتصر منهم كما قال الله تعالى: (( ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوَ بعضكم ببعض )) ثمّ: (( والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضلّ أعمالهم )): حتى لو ابتلى بعضنا ببعض وقُتل من قتل منّا فإنّ الله لن يضلّ أعمال هؤلاء الذين قتلوا في سبيل الله: (( سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم )) .
فالحاصل الذي أحبّ أن أقول وأؤكّد: أنّه لا بدّ من القدرة، أمّا مع عدم القدرة فإنّ الشّرع والقدر يتّفقان بأنّه لا يجب علينا أن نتحرّك ما دمنا لا نستطيع، الواقع والشّرع كلّه يدلّ على هذا، أظنّ جاء وقت الأسئلة؟
الطالب : ليس بعد.
الشيخ : طيّب، من المهمّ فيما نُعدّه لأعدائنا أن لا نتفرّق، أن لا نتفرّق ونحن تحت راية واحدة، وأن لا نتفرّق ونحن تحت رايات، يعني مثلا الأمّة الإسلامية الآن كم لها من دولة؟
الطالب : كثير.
الشيخ : دول كثيرة، بينما خي في صدر الإسلام كم دولة؟
الطالب : واحدة.
الشيخ : واحدة، لكن تعدّدت الدّول، هذه الدّول هل هي متّفقة أو مختلفة؟
الطالب : مختلفة.
الشيخ : مختلفة غاية الإختلاف، متباينة غاية التّباين، إذن كيف ننتصر على أعدائنا؟!
ثمّ الدّولة الواحدة هل اتّفق شعبها؟
الطالب : لا.
الشيخ : الغالب لا، أحزاب، طوائف، طوائف من النّاحية السّياسيّة، وطوائف من النّاحية الدّينيّة والأخلاقيّة والمنهجيّة، واخرج ترى، اخرج من بلادك هذه ترى العجب العجاب، يمكن أن يكون كلّ قرية ترى نفسها دولة مستقلّة في عقيدتها ومنهجها وأعمالها وأحكامها، فكيف مع هذا التّفرّق نريد أن ننتصر على أعدائنا؟!
ولهذا يُحكى لنا أنّ هناك كلمة حكيمة يطلقها الإنجليز وهم أهل السّياسة يقولون: " فرّق " إيش؟
الطالب : تسُد.
الشيخ : " تَسُد " ، " فرّق تسد " تكون أنت السّيّد، لأنّك إذا فرّقت النّاس صار النّاس يضرب بعضهم بعضاً، وأنت مستأنس تتفرّج، وهذا هو الواقع الآن بالنّسبة لنا، الواقع بالنّسبة لنا مع الأسف الشّديد على كثرة المسلمين وما عندهم من القوّة وإن كانت لا تضاهي ولا تقارب قوّة الكفّار لكنّنا متفرّقون، وليس هذا من إعداد القوّة لأعدائنا، بل هذا أسبابُ الفشل كما قال تعالى: (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إنّ الله مع الصّابرين ))، ولهذا نحن نحرص دائمًا على تأليف القلوب، وعدم الاختلاف، وعدم الفوضى الكلاميّة والقلبيّة، ونرى أنّ النّاس يُغضون عمّا يحصل من الأشياء التي قد يستنكرونها يرجون بذلك جمع الكلمة، لأنّ جمع الكلمة مهمّة جدّا جدّا، ولا بدّ أنّه مرّ على بعضكم مِن النّصوص ما يدلّ على أنّ الإجتماع مِن أهم ما يكون في الشرع، حتى الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يقول: ( لا يبع بعضكم على بيع بعض ) ليش؟ ( لا يبع بعضكم على بيع بعض ) لماذا؟
الطالب : لأنه يؤدي إلى التنازع.
الشيخ : لأنّه يؤدّي إلى التّباغض والتّنافر، فتجدون أنّ الشّرع سدّ كلّ طريق يكون فيه خلاف، نسأل الله أن يجمع قلوبنا على طاعته، نعم؟
سؤال عن مجاهدة الكفار في هذا الزمان ؟
الشيخ : ما جاء، ما جاء فيها القتال أبدًا إلا حين فارقهم.
السائل : والآية؟
الشيخ : أيّه؟
السائل : (( وأعدّوا لهم ))؟
الشيخ : نعم نحن نعدّ ما استطعنا، لكن أين الذي علينا ؟ وش أكبر ما عندك من سلاح؟ أجب إن كنت عسكريّا مَن يعرف؟ شرافي؟
الطالب : سؤال.
الشيخ : هههه سؤال، على كلّ حال يعني أقوى ما عندنا من سلاح لا يساوي أدنى ما عندهم من سلاح، وليس بشيء، نعم؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه به مات على شعبة من نفاق ) . رواه مسلم .
3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه به مات على شعبة من نفاق ) . رواه مسلم . أستمع حفظ
ما الفرق بين جهاد الطلب وجهاد الدفع ؟
الشيخ : إيش؟
السائل : إذا قلنا من الحمق أن نقاتل أمريكيا !
الشيخ : نعم نعم.
السائل : وروسيا !
الشيخ : نعم نعم.
السائل : في وقتنا هذا ، معناه أنّهم إذا هجموا علينا لا نقاتلهم .
الشيخ : إيش؟
السائل : إذا هجموا علينا.
الشيخ : لا، الهجوم يجب فيه الدّفاع.
السائل : ما عندهم قوّة؟
الشيخ : ما يخالف، أنت دافع الآن وإذا علمت أنك لن تجدي في دفاعك لا تجاهد، لكن أليست النّهاية الموت؟
السائل : بلى.
الشيخ : وقد تنجو، دافع وربّما تنجو، شرافي؟
السائل : بارك الله فيكم.
حديث ( اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ... ) فمن قُتل فإنه لا يملك قلبه عند القتل في أيام الفتن وذلك بتركهم ليقتلونه ؟
الشيخ : أي نعم.
السائل : فهل ما يكون في قلبه على بعض إخوانه من يخطئ خطأ قد يكون عمدًا يعني ... وكل إنسان يعاني هذا ؟
الشيخ : نعم، أما الحديث فنحن نطالبك بصحّته.
وأمّا الموضوع فهذا حقّ أنّ الإنسان قد لا يملك قلبه، قد يبغض الإنسان غصب ويكرهه، لكن نقول: لا تفّذ مقتضى هذه البغضاء لا تنفذها، اصبر واحتسب وأظهر وفاقه لا نفاقا ولكن إصلاحا، وربّما إذا فكّر الإنسان ونظر في العواقب وما يترتّب عليه من البغضاء والعداوة والتّفرّق ربّما أنّ الله يطهّر قلبه، وإلاّ لو لم نفعل لاستسلمنا لما يحصل في قلوبنا، وبقيت القلوب دائما في صدأ، نعم.
5 - حديث ( اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ... ) فمن قُتل فإنه لا يملك قلبه عند القتل في أيام الفتن وذلك بتركهم ليقتلونه ؟ أستمع حفظ
من يحدد قدرة المسلمين على الجهاد في هذا الزمان ؟
السائل : شيخ حفظكم الله، من الذي يحدّد قدرة المسلمين على أنّ الأمر فيه قتال أو لا ؟
الشيخ : الواقع، الواقع يحدّده.
السائل : قد تختلف أنظار النّاس فيه.
الشيخ : لا هذا ما يختلف فيه أحد، لو تسأل أيّ واحد ما عارضك في هذا.
الجهاد باللسان هل هو في كل وقت ؟
السائل : شيخ الجهاد باللّسان هل هو حسب الوقت أو هو على كلّ حال واجب ؟
الشيخ : لا، الجهاد الذي هو بيان الشّرع واجب، لكن قد يكون من المصلحة تأجيل البيان -تخطّيت الرّقاب وما علمنا بسماحه- طيب نعم؟
السائل : شيخ إذا نظرنا إلى المعد.
الشيخ : إلى إيش؟
السائل : إلى المعد من قوة.
الشيخ : نعم.
السائل : الصحابة قلة عدد ومعين، ومع ذلك ينتصرون.
الشيخ : ومع ذلك إيش؟
السائل : ينتصورن.
الشيخ : من؟
السائل : الصحابة.
الشيخ : أحيانا ينتصرون وأحيانا لا ينتصرون، في أحد وفي حنين وإن كان الله جعل ذلك نصرًا لكن في العاقبة، نعم.
سؤال عن كون طلب العلم مثل الجهاد أو أفضل منه ؟
الشيخ : إذا قتل شهيدًا في سبيل الله فهو من الشّهداء، وطالب العلم يعني قد يدخل في الشّهداء لأنّ بعض العلماء يقول إنّ قوله تعالى: (( الشّهداء )) يشمل العلماء، لأنّهم شهداء على الأمّة، الآن مَن يشهد أنّ الرّسول بلّغ بأنّ الأمّة بُلّغوا؟
الطالب : العلماء
الشيخ : هاه؟ أهل العلم، ثمّ لا يلزم أن كون الشّهيد يكون أفضل من طالب العلم في نيل الشّهادة إذا قتل في سبيل الله لا يلزم منه الفضل المطلق، وهذه مسألة أشار إليها ابن القيم في النّونيّة وهي: مسألة أنّ الإنسان إذا تميّز بخصيصة لا يلزم أن يكون أفضل على الإطلاق، أرأيت قول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام في خيبر: ( لأعطينّ الرّاية غدًا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ) من أعطاها؟
الطالب : علي.
الشيخ : عليّ بن أبي طالب، لكن هل يلزم أن يكون أفضل من أبي بكر وعمر؟
لا يلزم، فالفضل منه مطلق ومنه مقيّد، الذين يأتون في آخر الزّمان عند فساد الزّمان للواحد منهم أجر خمسين من الصّحابة، وهل يلزم من هذا أن يكون أفضل من الصّحابة؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، فيجب أن نعرف الفرق بين الفضل المطلق والفضل المقيّد، الشّهيد وإن تميّز بالشّهادة، لكن يكون على يد طالب العلم والعالم من مصلحة الأمّة ونشر الدّعوة ما لا يكون في ديوان الشّهيد، أرأيت ابن تيمية رحمه الله ماذا نفع الأمّة؟
آلاف الشّهداء ما حصل للأمّة نفع في الدين كما انتفعنا في هذا .
مناقشة ما سبق.
الطالب : جهاد الطّلب، وجهاد المدافعة.
الشيخ : نعم أحسنت، أيّها الواجب على كلّ حال؟
الطالب : جهاد الدّفاع.
الشيخ : جهاد الدّفاع، طيب وجهاد الطّلب ينقسم؟
الطالب : جهاد الطّلب ينقسم إلى قسمين.
الشيخ : نعم.
الطالب : جهاد لإعلاء كلمة الله وأنها هي العليا. وجهاد لبيان ونشر العلم.
الشيخ : يعني جهاد بالسّلاح وجهاد بالعلم والبيان.
طيب الجهاد بالسّلاح عقيل، فرض كفاية وإلاّ فرض عين وإلاّ سنّة؟
الطالب : الأصل فيه أنّه فرض كفاية.
الشيخ : الأصل أنّه فرض كفاية.
الطالب : ويكون عين بأربعة مواضع.
الشيخ : ويكون فرض عين في أربعة مواضع، طيب نعم؟ أخذت يا سعد.
الطالب : ...
الشيخ : لا.
الطالب : إذا حضر الصف.
الشيخ : إذا حضر الصف.
الطالب : إذا حصر العدوّ بلاده.
الشيخ : إذا حصر العدوّ بلاده.
الطالب : إذا استنفره الإمام.
الشيخ : إذا استنفره الإمام.
الطالب : إذا كان ممن يحتاج إلى شخصه.
الشيخ : إذا احتيج إليه بعينه، صحيح، نريد الأدلّة على هذا؟ سعد؟
الطالب : قول الرسول صلى الله عليه وسلم !
الشيخ : الأدلّة على الأوّل إذا حضر الصف ؟
الطالب : ...
الشيخ : لا لا، النّصيب عندي أنا.
الطالب : إذا حضر الصف ؟
الشيخ : أي نعم.
الطالب : قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من الموبقات الفرار يوم الزّحف.
الشيخ : التولي يوم الزّحف، طيب ما في القرآن دليل على هذا؟
اصبروا يا جماعة الرجل !
الطالب : ماني حافظ.
الشيخ : أي، حَسَن؟
الطالب : قوله تعالى : (( ومن يولهم يومئذ دبره )).
الشيخ : قبلها قبلها، الذي بجانب حسن؟
الطالب : قوله تعالى: (( يا أيّها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولّوهم الأدبار )).
الشيخ : نعم.
الطالب : (( ومن يولّهم يومئذ دبره )) .
الشيخ : إلاّ.
الطالب : (( إلا متحرفا لقتال أو متحيز إلى فئة )).
الشيخ : أي، أخذت أنت؟ يلاّ تعال كمّل الآية؟
الطالب : قوله عزّ وجلّ: (( يا أيّها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولّوهم الأدبار ومن يولّهم يومئذ دبره إلاّ متحرّفا لقتال أو متحيّزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله )).
الشيخ : أحسنت، طيب هل يستثنى من هذه الحال شيء بندر؟
الطالب : متحرّفا لقتال أو متحيز لفئة.
الشيخ : أي لكن هل يستثنى من هذا شيء؟ هذا مستثنى من الآية.
الطالب : متحرف لقتال .
الشيخ : وغيرها؟
الطالب : إذا كان عدد العدو أكثر من عدد المسلمين.
الشيخ : أكثر بالنّصف وإلاّ بالرّبع وإلاّ بالثّمن، هاه؟
الطالب : ثلثين.
الشيخ : يعني إذا كان ثلثين؟
الطالب : أكثر.
الشيخ : أكثر؟ أو ثلثين؟
الطالب : الثلثين أو أكثر.
الشيخ : الثلثين أو أكثر ، أو أقلّ؟ ما عرفنا، آدم؟
الطالب : إذا زاد على الضعفين .
الشيخ : أيه، إذا زاد على الضّعف، طيب ما هو الدّليل على هذا يا آدم؟
الطالب : قوله تعالى: (( الآن خفّف الله عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألفًا يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصّابرين )).
الشيخ : أحسنت طيب، الموضع الثاني الذي يكون فيه فرض عين آدم؟
الطالب : إذا استنفرهم الإمام.
الشيخ : إيش؟
الطالب : إذا استنفرهم الإمام.
الشيخ : نعم، الدّليل؟
الطالب : قول الله تعالى: (( يا أيّها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثّاقلتم إلى الأرض )).
الشيخ : كمّل.
الطالب : (( أرضيتم بالحياة الدّنيا )) .
الشيخ : (( من الآخرة )).
الطالب : (( من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل )).
الشيخ : كمّل لأنّه إلى الآن ما تمّ الدّليل.
الطالب : (( إلاّ تنفروا يعذّبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضرّوه شيئًا ))
الشيخ : (( والله على كلّ شيء قدير )) أحسنت بارك الله فيك، الموضع الثالث، الثالث من الذي ما أخذ؟ ناصر؟
الطالب : إذا احتيج إليه بعينه.
الشيخ : إذا احتيج لتعيينه، ما هو الدّليل؟
الطالب : قول الله تعالى: (( لا يكلّف الله نفسا إلاّ وسعها )).
الشيخ : كيف هذا؟! لا مو دليل هذا ، هذا نفي.
الطالب : (( وأطيعوا الله ورسوله )).
الشيخ : لا، سليم هاه؟
الطالب : الدليل تعليل يا شيخ .
الشيخ : علل ؟
الطالب : التعليل : إذا لم يقم مقامه أحد في الحرب فإنها تجب بعينه هو .
الشيخ : يعني أنّه كان فرض الكفاية إذا لم يقم به من يكفي صار فرض عين، فهذا الرّجل الذي احتيج إليه ولم تقم الحرب إلاّ به يكون فرض عين عليه كما هو القاعدة في فرض الكفاية، الرّابع يا خالد؟
الطالب : الرّابع إذا حاصر العدوّ بلدًا.
الشيخ : نعم، ما الدّليل؟
الطالب : الدّليل التّعليل.
الشيخ : التّعليل.
الطالب : أنّه يجب عليه أن يدافع عن نفسه.
الشيخ : أحسنت، وجوب الدّفاع عن النّفس وعن العِرض.
تتمة شرح حديث : ( أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه به مات على شعبة من نفاق ) . رواه مسلم .).
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بهِ -أي بالغزو- مات على شعبة من نفاق ) رواه مسلم " :
( من مات ): الجملة هذه شرطية فعل الشّرط فيها مات، وجواب الشّرط فيها مات الثانية.
( من مات ولم يغزُ ولم يحدّث نفسه به مات على شعبة من النّفاق ).
قوله: ( ولم يغز ) أي: بالفعل.
( ولم يحدّث نفسه بالغزو ) أي: لو قام الجهاد فإنّه سيجاهد، إذا قام الجهاد، من لم يفعل ذلك، ( مات على شعبة من نفاق )، وجه ذلك أنّ المؤمن حقّا هو المجاهد في سبيل الله .
وأمّا المنافق فهو أجبن النّاس ولا يمكن أن يجاهد، ولا أن يحدّث نفسه بالجهاد، ولهذا رجع من الجيش في غزوة أحد نحو الثلث لأنّهم كانوا منافقين، فالمنافق لا يريد الجهاد ولا يحدّث نفسه به لأنّه عكس ما يراد بالجهاد، إذ أنّه يريد أن تكون كلمة الله هي السّفلى فلا يمكن أن يحدّث نفسه بالغزو، فمن كان من المؤمنين على هذا الوجه مات على شعبة أي: على جانب، وشعبة الشّيء جانبه، على جانب من النفاق.
والنّفاق هو إبطان الشّرّ وإظهار الخير، فإن كان الذي أبطنه كفرًا هو الذي أظهره إيمانًا صار منافقًا نفاقًا أكبر من الذين في الدّرك الأسفل من النّار، وإن كان معصية صار منافقًا نفاقًا أصغر، طيب لماذا سمّي هذا النّوع من السّيء بالنّفاق؟ يعني إبطان الشّرّ وإظهار الخير لماذا سمّي بالنّفاق؟
قالوا: إنّه مأخوذ من النّافقاء وهي نافقاء اليربوع، واليربوع دويبة أكبر مِن الفأرة قليلاً رجلاه طويلة ويداه قصيرة لكنّه ذكي وله حيل، منها: أنّه يحفر له جحرًا في الأرض ويجعل له بابا يخرج منه ويدخل منه، ثمّ يحفر في أقصى الجحر صاعدًا إلى الأرض، حتى إذا بقي عليه مثل القشرة وقف، من أجل إذا حجره أحد من بابه فتح النّافقاء هذه، والذي ينظر إلى الجُحر من الأصل يقول: هذا ليس له إلاّ باب واحد فهو قد أخفى الباب الثاني خداعًا، ولذلك اشتقّ من هذه النّافقاء اشتقّ منها كلمة نفاق.
10 - تتمة شرح حديث : ( أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه به مات على شعبة من نفاق ) . رواه مسلم .). أستمع حفظ
فوائد حديث : ( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه به مات على شعبة من نفاق ).
وفيه أيضًا التّحذير مِن النّفاق، ولَعمرُ الله إنّه لعمل سيّء يجب الحذر منه، لأنّ المنافق يرائي النّاس بأعماله، يظهر للناس أنّه مستقيم وأنّه على الهدى وهو بالعكس، وقد قال الله تعالى: (( إنّ المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصّلاة قاموا كسالى يراؤون النّاس ولا يذكرون الله إلاّ قليلا )).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ النّفاق يتشعّب يكون أكبر وأصغر لقوله: ( على شعبة من النفاق ) وهل الإيمان يتبعّض؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، ( الإيمان بضع وسبعون شعبة -أو- بضع وستّون شعبة ).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يمكن أن يجتمع في الإنسان خصال إيمان وخصال كفر، فالنّفاق من خصال الكفر أو الإيمان؟
الطالب : الكفر.
الشيخ : من خصال الكفر، وهذا الذي قرّرناه هو مذهب السّلف وأئمّة الخلف، وعليه درج أهل السّنّة والجماعة: أنّ الإنسان يكون فيه خصلة إيمان وخصلة كفر.
وقال بعض أهل البدع: لا يمكن أن يجتمع إيمان وكفر فإمّا كفر خالص أو إيمان خالص، وهؤلاء هم الخوارج والمعتزلة وكذلك المرجئة.
الخوارج يقولون: ما يمكن أن يكون في الإنسان خصال إيمان وكفر، إمّا كفر وإمّا إيمان، ولهذا لا يزيد الإيمان عندهم ولا ينقص، ففاعل الكبيرة كالزّاني مثلا عند الخوارج؟
الطالب : كافر.
الشيخ : كافر، خارج مِن الإيمان، هو ومن يسجد للصّنم سواء، وعند المرجئة؟
مؤمن كامل الإيمان لم ينقص إيمانه، لأنّ الإيمان عندهم هو المعرفة والإقرار سواء استلزم القبول والإذعان أم لا.
هناك طائفة تمحّلت وتمعرفت وتمعقلت وهم المعتزلة قالوا: لا نقول مؤمن ولا كافر، نقول: في منزلة بين المنزلتين، لا نسمّيه مؤمنًا ولا نسمّيه كافرًا، طيب وش نسمّيه؟
قالوا في منزلة بين المنزلتين، لو أنّ أحدًا سافر من المدينة إلى مكّة وفي أثناء الطريق وقف هل نقول إنّه من أهل المدينة؟
الطالب : لا.
الشيخ : لأنّه سافر عنها، ولا من أهل مكّة لأنّه لم يستوطنها بعد، خرج من المدينة وتركها، ترك الإستيطان فيها متّجّها إلى مكّة لكن لم يصلها، فنزل في أثناء الطّريق يقول: هذا في منزلة بين منزلتين، هذا فاعل الكبيرة لا يكون مؤمنا لأنّه خارج من الإيمان، ولا يكون كافرًا لأنّه لم يصل إلى الكفر، فيكون في منزلة بين منزلتين، طيّب وفي الآخرة؟
مخلّد في النّار كما يقول الخوارج تمامًا.
لكنّ أهل السّنّة والحمد لله هداهم الله تعالى الصراط المستقيم وقالوا : يجب أن نقول بالعدل، وأن نقول : هذا مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، أو مؤمن ناقص الإيمان، وليس كامل الإيمان وهذا هو الحقّ.
وعن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) . رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم .
( جاهدوا ) : فعل أمر، ومعناه ابذلوا الجهد يعني الطاقة في معاملة المشركين لأجل إعلاء كلمة الله.
( بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) : أما الأموال أن يدفع الإنسان شيئا من ماله للمجاهدين في سبيل الله، أو لشراء السّلاح ليجاهد به في سبيل الله، ( ومن جهّز غازياً فقد غزا ).
( أنفسكم ) : أن يباشر الإنسان نفسُه الجهاد في سبيل الله، يخرج بنفسه.
الثالث: ( ألسنتكم ) : وذلك بالخطب والأشعار وما أشبه ذلك كهجاء المشركين وتشجيع المسلمين المجاهدين وما أشبهها، ويحتمل أن يكون المراد بقوله: ( وألسنتكم ) : بيان الحقّ ، فيكون منفصلا عمّا قبله ، ويكون المراد بالجهاد باللّسان هو جهاد أهل العلم ، يجاهدون بألسنتهم فيبيّنون للناس شريعة الله ويدعونهم إليها ، وأيّهما أولى؟
أن نقول: المراد بالجهاد باللّسان الخطب التي تحثّ على الجهاد والتي توجب وهن أعدائنا وكذلك القصائد، وكم كلمة صارت أشدّ من السّيوف، وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحثّ حسّاناً على هجاء المشركين ويقول: ( اللهمّ أيّده بروح القدس )، أو أن نقول: إنّ المراد بالألسن بيان الحقّ، ويكون المراد بالجهاد هنا جهاد العلم، الجهاد بالعلم فيبيّن للناس ما نزّل إليهم، أو الأمرين؟
الطالب : الأمرين.
الشيخ : أو الأمرين، طيب، أو الأمرين، جرياً على القاعدة التي تقول: " إذا أمكن حمل اللّفظ على المعنيين بدون تناقض فهو أولى من الإقتصار على أحدهما " ، وعلى هذا فيكون هذا أعمّ.
قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( جاهدوا المشركين ) : هل هو خاصّ بالمشركين أو حتى الكفّار والمنافقين وغيرهم؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني، ويكون ذكر المشركين على سبيل التّمثيل، ويدلّ لهذا قوله تعالى: (( يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين واغلظ عليهم )) وهذا عامّ الكفّار.
12 - وعن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) . رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم . أستمع حفظ
فوائد حديث :( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ).
وجوب جهاد المشركين أي: بذل الجُهد في قتالهم حتى تكون كلمة الله هي العليا.
وفيه من الفوائد: أنّ الجهاد يكون بالمال والنّفس واللّسان لقوله: ( بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) ، وهل هذا ينزَّل على حالات أو على التّخيير؟
الطالب : على الأول.
الشيخ : نعم؟
الطالب : حالات.
الشيخ : الظاهر الثاني، لأنّنا إذا قلنا بأنّه على الحالات صار الجهاد بالمال واجباً على من لا يستطيع ببدنه، وصار الجهاد واجباً بالنّفس على من لا يستطيع بماله، وكذلك يقال على الجهاد باللّسان، أمّا إذا قلنا أنّه على التّخيير فصار من لم يجاهد بنفسه جاهد بماله، وربّما يكون الجهاد بالمال أنفع من الجهاد بالنّفس، قد يكون الإنسان جباناً أو ضعيف الجسم أو ما أشبه ذلك وعنده ثروة مالية يستطيع أن يبذل منها في الجهاد، فهنا نقول الأصل إيش؟
الطالب : المال.
الشيخ : الجهاد بالمال، لأنّ هذا الرّجل ضعيف لا يستطيع المقاومة، أو يكون جباناً، والجبان تعرفون أنه لا يستطيع المجابهة لأنّه جبان، إذا رأى العدوّ ألقى بالسّيف ثمّ هرب، هل هذا يدخل في الجهاد؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا يدخل، فعنده مال نقول: جاهد بمالك، ليس عنده مال ولا قوّة بدن نقول: جاهد بلسانك، وكم من إنسان يستطيع أن يجاهد بلسانه دون ماله ونفسه، فالظاهر والله أعلم أنّه على التّخيير ولكنّه ينظر فيه للمصلحة.
وعن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله على النساء جهاد ؟ قال : ( نعم جهاد لا قتال فيه ، هو : الحج والعمرة ) . رواه ابن ماجه وأصله في البخاري .
في هذا الحديث تقول : ( هل على النّساء جهاد؟ قال: نعم جهاد لا قتال فيه ) ، وفسّره بأنّه الحجّ، فالحجّ نوع من الجهاد ، لأنّه يبذل فيه المال والنّفس ويلحق فيه مِن المشقّة ولا سيما في أيّام الشّتاء أو أيّام الصّيف الحارّ ما يلحق من المشقّة والأذى ، فهو في الحقيقة جهاد ، ولهذا قال الله عزّ وجلّ: (( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة وأحسنوا إنّ الله يحبّ المحسنين * وأتمّوا الحجّ والعمرة لله )) ، فذكر إتمام الحجّ بعد ذكر الإنفاق في سبيل الله ، فدلّ هذا على أنّ الحجّ نوع من الجهاد في سبيل الله.
وقوله: ( هو الحجّ والعمرة ) الحجّ هو: التّعبّد لله تعالى بقصد مكّة والمشاعر لإقامة المناسك المعلومة، انتبهوا هو التّعبّد لله بإيش؟
الطالب : بقصد مكة.
الشيخ : بقصد مكّة والمشاعر لإقامة؟
الطالب : مناسك الحج.
الشيخ : أعمال معلومة، وهذا أحسن من تعريف من عرّفه بقوله: " قصد مكّة لعمل مخصوص " ، لأنّ هذا التّعريف: " قصد مكّة لعمل مخصوص " يشمل ما لو ذهب رجل إلى مكّة ليتّجر، فقد ذهب إلى مكّة لإيش؟
الطالب : لعمل مخصوص.
الشيخ : لعمل مخصوص، فالتّعريف هنا غير مانع، والصّواب أن يقال: " هو التّعبّد لله "، التّعبّد لله لا بد من هذا، طيب الحجّ إذن : " هو التّعبد لله بقصد مكّة والمشاعر لعمل مخصوص " .
طيب العمرة: " التعبّد لله بقصد البيت لعمل مخصوص " ، لأنّ عمل المعتمر لا يشمل كلّ مكّة فهو لا يخرج إلى مزدلفة ولا إلى منى ولا إلى عرفة.
14 - وعن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله على النساء جهاد ؟ قال : ( نعم جهاد لا قتال فيه ، هو : الحج والعمرة ) . رواه ابن ماجه وأصله في البخاري . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( نعم جهاد لا قتال فيه ، هو : الحج والعمرة ).
أوّلًا: حِرص الصّحابة على العلم، وذلك بسؤال عائشة النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلّم : ( هل على النّساء جهاد؟ )، وهل سؤال الصّحابة لمجرّد العلم أو للعلم والعمل؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني، خلافًا لكثير من النّاس اليوم يسأل لمجرّد أن يعلم فقط، ولكن العمل قليل إلاّ مَن شاء الله.
من فوائد هذا الحديث: رغبة النّساء في الجهاد، لأنّه من أفضل الأعمال بل : ( هو ذروة سنام الإسلام ) كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذلك، ووجهه أنّه سألت : هل عليهنّ جهاد.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الجهاد لا يجب على المرأة ، وهو كذلك ، فالمرأة لا يجب عليها الجهاد ، بل للحاكم أن يمنعها من الجهاد وذلك لأنّها ليست من ذوي العزائم والقُوى والجَلَد، إذ أنّ عزيمتها ضعيفة، وكذلك صبرها وقوّتها وجلدها ضعيف، فلا تستطيع أن تكون من أهل الجهاد، بل ربّما يكون وجودها ضرراً على المجاهدين، فإن قال قائل: في وقتنا الحاضر قد تكون المرأة قائدة لطائرة مسلّحة، أفلا يجب عليها أن تجاهد؟
نقول: لا يجب، لأنّها وإن كانت قائدة لطائرة مسلّحة فإنّها ربّما تجبن عند اللّقاء، فلا يجب عليها الجهاد ولكن هل تخرج مع المجاهدين؟
نقول: إن خرجت من أجل القيام بمداواة الجرحى وتضميدهم وما أشبه ذلك فلا بأس، كما فعل نساء الصّحابة، وأمّا إن خرجت للقتال فلا، تمنع، لأنّها لا تستطيع المواجهة والمقاومة، فإذا وُجد امرأة نادرة تستطيع ذلك فالنّادر لا حكم له، نعم.
ومن فوائد هذا الحديث: وجوب الحجّ والعمرة، يؤخذ من قوله؟
الطالب : ( عليهن جهاد ).
الشيخ : ( عليهنّ جهاد )، وعلى تفيد الوجوب، وهذا هو القول الرّاجح أنّ الحجّ والعمرة كلاهما واجب، ومن العلماء من قال: إنّ العمرة ليست بواجبة مطلقا ومنهم من قال: ليست بواجبة على المكّي وهي واجبة على الآفاقي الذي ليس من أهل مكّة، وهذا هو نصّ الإمام أحمد -رحمه الله- : أنّ أهل مكّة لا عمرة عليهم وأمّا غيرهم فعليه العمرة ، ولكن الذي يظهر لي من النّصوص وجوب الحجّ والعمرة على أهل مكّة وغيرهم.
قال: " وعن عبد الله بن عمر " أو جاء وقت الأسئلة يا جماعة؟
الطالب : جاء وقت الأسئلة.
الشيخ : إي، نعم؟
جهاد المرأة ألا يحمل على الكفاية ولا جهاد فرض العين ؟
السائل : يا شيخ جهاد المرأة يحمل على الكفاية وإلاّ جهاد فرض العين ؟
الشيخ : لا، فرض العين في المدافعة، في المدافعة واجب، نعم؟
إذا كان شخص مثلا يظهر للناس أنه حسن السيرة وهو كذلك يعني ما بينه وبين نفسه يقرأ القرآن ويجتهد أن يحفظ ولكن قد يعمل بعض الأعمال التي قد يخفيها عن الناس فهل هذا منافق ؟
السائل : شيخ إذا كان شخص مثلا يظهر للناس أنّه حسن السّيرة وكذا وهو كذلك يعني إذا كان بينه وبين نفسه يحفظ القرآن ويجتهد أنّه يحفظ وكذا، ولكن قد يعمل بعض الأعمال التي قد يكون فيها شيء يخفى عن أنظر النّاس!
الشيخ : نعم.
السائل : هل نقول عن هذا منافق؟
الشيخ : لا، لأنّه ما من إنسان إلاّ ويعمل سيّئة، ما من أحد معصوم، نعم جمال؟
السائل : أحسن الله إليكم شيخ الخنثى هل يلزم ؟
الشيخ : إيش؟
السائل : الخنثى؟
الشيخ : هاه؟
السائل : الخنثى.
الشيخ : إيه، الخنثى مشكل بارك الله فيك، إذا وجدته أعطيناك الجواب، نعم؟
السائل : هل يستفاد من قوله : ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) وجوب الجهاد بأحد هذه الأمور على شخص دون الآخر ؟
الشيخ : هذا هو الظاهر ، لا بدّ من الجهاد في واحد من الأمرين، عبيد؟
17 - إذا كان شخص مثلا يظهر للناس أنه حسن السيرة وهو كذلك يعني ما بينه وبين نفسه يقرأ القرآن ويجتهد أن يحفظ ولكن قد يعمل بعض الأعمال التي قد يخفيها عن الناس فهل هذا منافق ؟ أستمع حفظ
كيف يحدث نفسه بالحهاد ؟
الشيخ : هاه؟
السائل : حديث النفس يا شيخ.
الشيخ : أي نعم.
السائل : يحدث نفسه إذا قام الجهاد يا شيخ أو حتى لو كان غير موجود ؟
الشيخ : لا، يحدّث نفسه يقول في نفسه: لإن قام الجهاد لأجاهدنّ، أي نعم، أحمد؟
السائل : بارك الله فيكم، أسأل عن مسألة عدم وجوب المدافعة عن المال.
الشيخ : نعم.
السائل : في المناقشة رجّحنا أنّه لا يجب.
الشيخ : أنّه إيش؟
السائل : لا تجب عليه.
الشيخ : نعم.
السائل : لأنه يجوز أن يعطيها له بالمجاني.
الشيخ : ها؟
السائل : لأنّه يجوز أن يعطيه منه.
الشيخ : نعم نعم.
السائل : ولكن في الشّرح يعني كما فهمت أنا أنّنا رجّحنا خلاف ذلك.
الشيخ : لا، قلنا: لا يجب، النبي قال: ( لا تعطه ).
السائل : قلنا في الحديث.
الشيخ : قلنا ؟
السائل : فقاتله.
الشيخ : نعم.
السائل : كذلك إن المال محرم ، وكذلك لو قلنا بهذا الكلام !
الشيخ : لا لا.
السائل : ...
الشيخ : نعم؟
السائل : القول الآخر بالوجوب!
سؤال عن بعض أحكام مدافعة الصائل ؟
- اللهم ربّ هذه الدّعوة التامة والصّلاة القائمة آت محمّدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنّك لا تخلف الميعاد-.
هل من تاب من ذنب يكون إيمانه ناقصا لتلك المعصية ؟
الشيخ : نعم.
السائل : فهل يكون إيمانه ناقصاً ؟
الشيخ : التّوبة تهدم ما قبلها.
السائل : وإن لم يقم عليه الحد ؟
الشيخ : نعم ، ( هلاّ تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) حديث ماعز، نعم؟
هل يجب الجهاد على كل شخص بعينه ؟
الشيخ : على إيش؟
السائل : وجوب الجهاد على الشّخص بعينه.
الشيخ : نعم.
السائل : سواء بالدّعوة أو بالعلم أو الجهاد بالسّلاح.
الشيخ : يعني على كلّ شخص بعينه؟
لا يمكن أن يقول أحد بذلك أبدًا، لأنّنا إذا قلنا أنّه يجب على كلّ شخص بعينه لأثّمنا جميع المسلمين ولعطّلنا مصالح عظيمة.
السائل : هو يقول: بالوسائل كلّها يعني بالدّعوة أو بالعلم بنشر العلم؟
الشيخ : يعني لو قلنا: يجب على كلّ المسلمين تعطّلت أشياء كثيرة من أحوال المسلمين، هو فرض عين في المسائل الأربعة التي ذكرنا لكم، نعم؟
السائل : القول بالتخيير يا شيخ ما يمكن أن يؤدي إلى أن الناس كلها تختار مثلا المال أو أحد هذه الأصناف الثلاثة ؟
الشيخ : ما فيه مانع.
السائل : ممكن يسبب ضرر.
الشيخ : نعم؟
السائل : لو كان الناس كلها بتقدم مال !
الشيخ : إي، على كلّ حال هذه إذا رأى الإمام أن يوقف أحد الجهاد فللمصلحة، نعم؟
السائل : ...
الشيخ : على حسب القرآن نصّ الله على الأموال والأنفس.
السائل : ...
الشيخ : أي نعم، هو مثله مثل القرآن تماما إلاّ أنّ الألسن ما جاءت في القرآن.
السائل : أي جهاد في القرآن عام ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : هل الجهاد في القرآن بالثلاثة ؟
الشيخ : بالثلاثة إي، في قوله: (( يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار )) ما ذكر لا بالمال ولا بالنفس، لكن في آي كثيرة يذكر الله المال والنّفس، نعم؟
السائل : شيخ الآن في بعض الدّول التّجنيد الإجباري هل هذا جائز بالنّسبة للحاكم ويدخل تحت عموم قوله: (( وأعدّوا لهم ما استطعتم )) ؟
الشيخ : أي نعم.
السائل : لأن لو العدو اقتحم البلاد كثير من الشباب لا يستطيع يمسك سلاح .
الشيخ : صحيح.
السائل : وعموم قوله صلى الله عليه وسلّم: ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم ).
الشيخ : أي نعم.
سؤال عن التهيء والإعداد للجهاد في سبيل الله ؟
السائل : إجباري يا شيخ؟
الشيخ : إجباري نعم، لأنّه ما فيه إلاّ هذا الآن، الآن شوف نسأل الله العافية ما يحصل من النّزاعات الدّاخليّة كيف يتحصّن الواحد؟
يهجمون على البيت المخربين أو المتأوّلين، نعم.
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد ، فقال : ( أحي والداك ؟ ) قال : نعم : قال : ( ففيهما فجاهد ) . متفق عليه . ولأحمد وأبي داود من حديث أبي سعيد نحوه ، وزاد : ( ارجع فاستأذنهما ، فإن أذنا لك وإلا فبرهما ) .
( رجل ): مبهم، وكثير ما ترد هذه المبهمات ولكن قد اعتنى بعض العلماء ببيانها، ومنهم من وصلت به الحال إلى حدّ التّكلّف، والحقيقة أنّ بيان المبهم إذا كان فيه مصلحة فجدير أن يبذل الإنسان وقته فيه، أي: في بيانه، وإلاّ فالمهمّ هو معرفة الحكم.
وقوله: ( يستأذنه في الجهاد ) أي: يطلب الإذن .
فقال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم : ( أحيّ والداك؟ ) الجملة استفهاميّة للإعلام أو للإستعلام على الأصحّ، يعني يستعلم الرّسول منه عن ذلك، وقوله: ( أحيّ والداك؟ ) هذا التّركيب ممّا يتعيّن فيه أن يكون الفاعل نائبًا مناب الخبر، فلماذا؟ نعم؟
الطالب : لأن ...
الشيخ : لا، عبيد؟
الطالب : لأنّه وصف ...
الشيخ : هاه؟
الطالب : لأنّه وصف ...
الشيخ : خطأ، يعني قاصد، عبد الله عوفي؟
الطالب : لأنّهما استويا في الإفراد .
الشيخ : خطأ.
الطالب : الوصف هو الخبر.
الشيخ : خطأ.
الطالب : لأنّه وصف اعتمد عليه.
الشيخ : خطأ. نعم؟
الطالب : لأن الوصف مفرد .
الشيخ : أي، نعم لأنّ الوصف مفرد والفاعل؟
الطالب : مثنى.
الشيخ : مثنّى، فيتعيّن أن يكون الوصف مبتدأ ووالداك خبر، لأنّنا لو قلنا والداك مبتدأ مؤخّر لم يطابق الوصف للمبتدأ وهذا متعذّر، ولا يقال: أحيّان والداك ؟
الطالب : جاز
الشيخ : جاز ، لكن تقول: حيّان خبر مقدّم ووالداك مبتدأ مؤخّر، ولا يجوز أن يكون والداك فاعل سدّ مسدّ الخبر إلاّ على لغة؟
الطالب : أكلوني البراغيث.
الشيخ : أكلوني البراغيث ، نعم وقانا الله شر البراغيث.
طيب ( أحيّ والداك؟ ) : إذن حيّ مبتدأ ووالداك فاعل سدّ مسدّ الخبر، وقوله : والداك يعني أمّه وأباه، وهل هذا من باب التّغليب أو لا؟
الطالب : من باب التغليب .
الشيخ : هل يطلق كلمة والد على الأب والأمّ أو على الأمّ وحدها؟
الطالب : على الأب.
الشيخ : (( إنّ أمّهاتهم ))؟
الطالب : (( إلاّ اللّائي ولدنهم )).
الشيخ : (( إلاّ اللّائي ولدنهم )) الولادة تطلق للأم، لكن هل الأب يقال: وَلَدَ؟
الطالب : نعم.
الشيخ : الشاهد؟
الطالب : (( يوصيكم الله في أولادكم )).
الشيخ : طيب أولاد تكون من باب التّغليب، أنا أسأل هل يقال للأب إنّه والد؟
الطالب : نعم.
الشيخ : أي نعم إيه.
الطالب : (( ووالد وما ولد )).
الشيخ : أي الأمّ أو الجنس؟ نعم؟
الطالب : قوله تعالى: (( واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا )).
الشيخ : والوالد تشمل؟
الطالب : الجنسين.
الشيخ : تشمل الذّكر والأنثى.
طيب ( لا يحلّ لواهب أن يرجع فيما وهب أو في هبته إلاّ الوالد فيما يعطي ولده )، والمراد به هنا الأب كما ذكر أهل العلم.
على كلّ حال والداك إذن ليست من باب التّغليب لأنّ الوالد يطلق على الأب وعلى الأمّ، قال: ( نعم ) حرف جواب أي: أنّهما حيّان، قال: ( ففيهما فجاهد ) : يعني اجعل جهادك فيهما، وقوله: ( ففيهما ) الفاء عاطفة، وقوله: ( فجاهد ) : الفاء زائدة لتحسين اللّفظ، والأصل ففيهما جاهد، هذا هو الأصل، لكن تأتي أحيانا الفاء لتحسين اللّفظ كما هي في قولك : فقط ، الفاء هذه زائدة، لأنّ اللّفظة أصلها قط، هذا الحديث يفيد أنّ حقّ الوالدين مقدّم على الجهاد فهل هو على إطلاقه؟
سننظر إن شاء الله في الفوائد.
23 - وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد ، فقال : ( أحي والداك ؟ ) قال : نعم : قال : ( ففيهما فجاهد ) . متفق عليه . ولأحمد وأبي داود من حديث أبي سعيد نحوه ، وزاد : ( ارجع فاستأذنهما ، فإن أذنا لك وإلا فبرهما ) . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أحي والداك ).
أوّلاً: وجوب استئذان ولي الأمر في الجهاد، انتبهوا لا تتسّرعوا، هل يفيد الوجوب أو يفيد أنّه الأولى والأفضل؟
الطالب : الأولى.
الشيخ : الثاني، أنّه ينبغي لمن أراد الجهاد أن يستأذن مِن ولي الأمر لئلاّ يجاهد مَن لا يصلح للجهاد.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لا يعلم الغيب لقوله: ( أحيّ والداك؟ ) وهذا أمر يكاد يكون معلومًا بالضّرورة لدلالة الكتاب والسّنّة عليه دلالة صريحة واضحة ، وأنّه لا يعلم الغيب عليه الصّلاة والسّلام.
ومن فوائد هذا الحديث: مشروعيّة استفهام المفتي حتى لا يجيب بكلام مطلق أو عام مع وجوب التّقييد أو التّخصيص لقوله: ( أحيّ والداك؟ ).
فإن قال قائل: الأصل عدم التّخصيص إلاّ فيما دعت إليه الضّرورة، فيقال: لعلّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فهم من حال الرّجل السائل أنّه لا بدّ من الاستفهام، فعندي أنّه يحتمل أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم لمـَّا رأى هذا الرّجل غسر صالح للجهاد أراد أن يعرف هل له والدان حتى يكون جهاده في والديه مغنياً عن جهاد الأعداء لأنّ من النّاس من نأذن له أن يجاهد لكونه أهلا للجهاد في القوّة والشّجاعة ومن النّاس من لا نأذن له ونوجّهه إلى جهاد آخر حسب ما تقتضيه حاله، وإلاّ فلو جاء أحد يستأذنني ويقول : أأجاهد وأنا أرى أنّه رجل شجاع قويّ فلا حاجة للاستفصال، لكن يظهر لي والله أعلم أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم رأى من حال الرّجل أنّ جهاده في والديه أفضل من جهاده للكفّار.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الاقتصار على نعم في الجواب دون إعادة السّؤال يحصل به المقصود، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بنى على كلامه حين قال: نعم، وكذلك الإشارة تقوم مقام العبارة إذا كانت مفهومة، ولكن هل يشترط لقيام الإشارة مقام العبارة أن تكون العبارة ممتنعة شرعاً أو حسّاً أو لا يشترط؟ يرى بعض العلماء أنّ الإشارة لا تقوم مقام العبارة إلاّ إذا تعذّرت العبارة شرعًا كما لو كان الإنسان في صلاة واستأذنه أحد أو سلّم عليه فهنا يتعذّر الرّدّ بالعبارة فلا بدّ من الإشارة.
أو تعذّرت حسّاً كالأخرس، أمّا إذا أمكن النّطق فإنّه لا تقوم الإشارة مقامه، والصّحيح أنّها تقوم مقامه مطلقاً إلاّ ما اشترط فيه النّطق كإيجاب النّكاح والطّلاق وما أشبه ذلك.
ولهذا لو أنّ امرأة سألت زوجها الطلاق قالت: طلّقني قال: هكذا، يكفي وإلاّ ما يكفي؟
الطالب : ما يكفي.
الشيخ : لا يكفي، لأنه لا بدّ من اللّفظ، لفظ الطلاق أو ما يقوم مقامه من العبارات، الكتابة تقوم مقام النّطق؟
نعم تقوم مقام النّطق، حتى وإن أمكن النّطق، ولهذا لو كتب الإنسان: في ذمّتي لفلان كذا وكذا أو زوجتي طالق أو عبدي حرّ أو بيتي وقف نفذ وإن لم يكن عاجزًا عنه.
ومن فوائد هذا الحديث: تقديم الوالدين أو تقديم القيام بحقّ الوالدين على الجهاد لقوله: ( ففيهما فجاهد ).
ولكنّ هذا ليس على إطلاقه كما تفيده الأدلّة الشّرعية ، فإذا كان حقّ الوالدين واجباً فهو مقدّم على الجهاد لا شكّ ، لأنّه واجب عينيّ لشخص خاص مثل أن لا يوجد أحدٌ يقوم بحاجة الوالدين إلاّ هذا الولد فالواجب تقديم حقّ الوالدين هنا على الجهاد ، ولو كان فرض عين ، اللهمّ إلاّ في المسائل التي سَبَقت إذا حضر الصّف أو احتيج إليه حاجة ضروريّة أو ما أشبه ذلك.
وأمّا إذا كان عندهما من يقوم مقام هذا فلينظر إلى المصلحة، وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّه سأل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( أيّ الأعمال أحبّ إلى الله؟ قال: الصّلاة على وقتها، قال: ثمّ أي؟ قال: برّ الوالدين، قال: ثمّ أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله )، فجعل الجهاد مؤخّرًا على برّ الوالدين، لأنّ وجوبه عامّ بخلاف وجوب برّ الوالدين فهو خاصّ.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ القيام ببرّ الوالدين يقوم مقام الجهاد في سبيل الله لقوله: ( ففيهما فجاهد ).
ومن فوائد هذا الحديث: حِرص الدّين الإسلامي على ائتلاف الأسرة وعدم تفرّقها وتمزّقها خلافاً لما كان عليه الكفّار اليوم وقبل اليوم من تفكّك الأسر، حتى إنّ الواحد منهم إذا بلغ سنّ الثمانية عشرة انفصل ولا بدّ ويكون مع أبيه كالرّجل الأجنبي، لأنّه ليس عندهم دين يبيّن لهم ويحثّهم على التّآلف والإجتماع.
" ولأحمد وأبي داود من حديث أبي سعيد نحوه، وزاد : ( ارجع فاستأذنهما، فإن أذنا لك وإلا فَبَرهما ) " :
هذه الزّيادة تدل على أنّ الرّجل كان أهلاً للجهاد لكنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فضّل قيامه ببرّ الوالدين على الجهاد ، ولهذا قال: ( استأذنهما ).
ومن فوائد هذه الرّواية: أنّ ما وجب لحقّ الغير فأسقطه الغير فإنّه يسقط لقوله : ( استأذنهما فإن أذنا لك وإلاّ فبرّهما )، فلو أنّ الأب أو الأمّ أسقطا عن الولد برّهما وقالا : نحن نسمح لك أن تفعل كذا، فإذا قال : أنتما محتاجان لي؟ قالا : نحن نسمح لك اذهب، ففي هذه الحال نقول : يجوز أن يفعل إلاّ إذا علم أنّهما قالا ذلك حياء وخجلا، أو قالا ذلك لقوّة رحمتهما للولد ، وأنّهما في حاجة، مثل لو قالا : ما فيه حاجة تبيت عندنا، اذهب بت حيث شئت عند زوجتك، عند من تريد وهو يعلم أنّهما قالا ذلك شفقة عليه ورحمة به ، ففي هذه الحال لا يطيعهما ما داما محتاجين لأن يبيت عندهما.
وعن جرير البجلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين ) . رواه الثلاثة وإسناده صحيح ورجح البخاري إرساله .
يعني أنّه منقطع عند البخاري.
الحديث يقول: ( أنا بريء ): والبراءة معناها التّخلّي، ومنها إبراء المدين من دينه أي: إسقاطه عنه ، فالبراءة معناها : التّخلّي من كلّ مسلم يقيم بين المشركين، سواء أقام في بيت واحد مع المشركين ، أو أقام في بلد واحد مع المشركين، فالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم منه بريء.
25 - وعن جرير البجلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين ) . رواه الثلاثة وإسناده صحيح ورجح البخاري إرساله . أستمع حفظ