وعن جرير البجلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين ) . رواه الثلاثة وإسناده صحيح ورجح البخاري إرساله .
يعني أنّه منقطع عند البخاري.
الحديث يقول: ( أنا بريء ) والبراءة معناها التّخلّي، ومنها إبراء المدين من دينه أي: إسقاطه عنه، فالبراءة معناها: التّخلّي من كلّ مسلم يقيم بين المشركين، سواء أقام في بيت واحد مع المشركين أو أقام في بلد واحد مع المشركين، فالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم منه بريء.
وهذا الحديث يدلّ على تحريم إقامة المسلم في بلاد المشركين وأنّ ذلك من كبائر الذّنوب لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تبرّأ منه، وبراءة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مِن الفاعل تدلّ على أنّ فعله كبيرة من الكبائر، ولكنّ قوله: ( يقيم ) هل المراد الإقامة المطلقة أو مطلق الإقامة؟
الأوّل، أمّا من ذهب وأقام بين المشركين لحاجة شراء بضاعة أو ما أشبه ذلك فإنّ هذا لا بأس به، لأنّ هذه لا تعدّ إقامة مطلقة وإنّما هي مثل الزّيارة والعيادة وما أشبهها، ولكن هذا الحديث يقول: إنّ البخاري رجّح إرساله ففيه هذه العلّة وهو أنّ إمام المحدّثين أو من كان من أئمّة المحدّثين أعلّه بهذه العلّة، والإرسال يوجب القدح في الحديث ما لم تتلقّه الأمّة بالقبول، إن تلقّته بالقبول صار مقبولًا من حيث أنّ الأمّة تلقّته بالقبول، وهذا شأن كلّ مرسل، فإن قال قائل: إنّ هذا الحديث يُشكل في الوقت الحاضر، لأنّه لا بدّ من إقامة المسلم بدار المشركين في موضوع السّفارة، فإنّ السّفراء الآن، سفراء المسلمين مقيمون بين المشركين ولا شكّ.
فالجواب عن هذا أن يقال: إذا كان السّفير سفير خير يبيّن الحقّ ويدعو للإسلام ويدافع عن دولته ما يُلصق بها من التّهم والكذب والإفتراء، إذا كانت على ما وصف هنا، فإنّ هذا لا بأس به لما في ذلك من المصالح الكبيرة، لأنّ الآن السّفارات ليس مجرّد أنّ السّفير يتكلّم بلسان الحكومة في أمور سياسيّة بل فيها اقتصاديات وعسكريات وغيرها، فالنّاس لا بدّ لهم من هذا، لا بدّ لهم من ذلك فهو ضرورة.
أمّا إذا كان السّفير على اسمه، والسّفير نحن نعلم في اللّغة العاميّة ما هو؟
قشور الحبّ -حبّ البرّ- القشور ما فيها خير، نعم، إذا كان السّفير على اسمه بهذا المعنى فلا خير فيه، لأنّه يوجد من السّفراء من يشوّه سمعة دولته بل من يشوّه سمعة الإسلام ويكون وجوده في السّفارات ضررا عظيماً ليس على دولته فحسب بل على دولته وعلى المسلمين عموما، تجده والعياذ بالله لا يقوم بواجبه، لا يحضر إلاّ يوما بعد يوم، وإذا حضر لا يحضر إلاّ في بعض الدّوام، ثمّ إنّنا نسمع أنّ بعض السّفراء أنّهم يعربدون ويشربون الخمر وشيء يوحش، هؤلاء إقامتهم هناك حرام، لأنّ إقامتهم لا تزيدهم إلاّ شرّا ومعصية، فرجوعهم إلى بلاد الإسلام المحافظة واجب، لكنّ من السّفراء من يكونون سفراء خير، في الدّعوة إلى الله، في الدّفاع عن الإسلام، في الدّفاع عن دولتهم بما هي متّصفة به إلى غير ذلك من الأشياء التي يحمد عليها السّفير.
1 - وعن جرير البجلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين ) . رواه الثلاثة وإسناده صحيح ورجح البخاري إرساله . أستمع حفظ
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية ) . متفق عليه .
قوله: ( لا هجرة ) من يعرب لنا: لا هجرة؟ شرافي؟
الطالب : لا نافية لاسم الجنس.
الشيخ : نعم.
الطالب : هجرة اسمها.
الشيخ : منصوب بها.
الطالب : مبني.
الشيخ : مبني؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ليش؟
الطالب : بها.
الشيخ : ولا ما تنصب؟
الطالب : مبني في محل نصب.
الشيخ : أي ليش مبني؟
الطالب : ... الخبر.
الشيخ : لا.
الطالب : لأن اسم لا إذا جاء نكرة مفرد !
الشيخ : كيف إذا جاء نكرة، هو ما يكون إلاّ نكرة.
الطالب : هجرة نكرة.
الشيخ : إي، أقول ما يكون إلاّ نكرة.
الطالب : قد يكون
الشيخ : لا أبدا، لا النافية للجنس لا تعمل إلاّ في النّكرات.
الطالب : ...
الشيخ : طيب، ما المراد بالمفرد؟ انتقل السؤال إلى ؟
الطالب : المفرد ما ليس مضافا ولا شبيه بالمضاف.
الشيخ : صحيح؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب، وهذا كذلك، وبعد الفتح خبره، ( لا هجرة بعد الفتح ): الهجرة هي: " الإنتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، أو من بلد يغلب على أهله البدعة إلى بلد السّنّة " ، حتى وإن كانوا يدّعون الإسلام ولكنّ بدعتهم تكفّر فهم كبلاد الكفر يجب الهجرة من بلادهم ما دام الإنسان ما يستطيع أن يقيم السّنّة.
وقوله ( بعد الفتح ) : " أل " هنا للعهد، أي العهود؟
الطالب : الذّهني.
الشيخ : الذّهني، العهد الذّهني والمراد به فتح مكّة.
وقوله: ( لا هجرة بعد الفتح ) يعني من مكّة، يتعيّن هذا المعنى، لماذا؟
لأنّه لا علاقة بين فتح مكّة وبين بلاد الكفر الأخرى، بلاد الكفر الأخرى باقية على كفرها ولو بعد فتح إيش؟
الطالب : مكّة.
الشيخ : مكّة، ولو بعد فتح مكّة، أهل الطائف قريب من مكّة كانوا على الكفر بعد فتح مكّة، إذن يتعيّن أنّ المراد لا هجرة بعد الفتح مِن؟
الطالب : مكّة.
الشيخ : من مكّة، وبهذا يزول الإشكال الذي أورده بعض العلماء على هذا الحديث وقالوا : كيف يصحّ هذا الحديث مع أنّ الهجرة لا تنقطع حتى تطلع الشّمس من مغربها؟!
نقول: الأصل لا تعارض، لأنّ نفي الجنس هنا لبلد معيّن وهو مكّة، لا هجرة بعد الفتح، وذلك أنّ رجلاً استأذن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الهجرة فقال: ( لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونيّة ) : جهاد لمن؟
للأعداء، للكفّار، جهاد للقادر ونيّة لغير القادر، والجهاد للقادر والنّيّة لغير القادر تقوم مقام الهجرة، بل قد تكون أعظم، لأنّ المجاهد يأتي للكفّار يقاتلهم في بلدهم، والمهاجر؟
الطالب : يدع البلد.
الشيخ : يدع البلد ويتركها لكن لا يقاتلهم على كفرهم، فالجهاد أعظم.
وقوله: ( ونيّة ) قلت لكم: إنّ المراد نيّة لمن لا إيش؟
الطالب : لا يستطيع.
الشيخ : لمن لا يستطيع الجهاد، يستفاد من هذا الحديث .
الطالب : قبله .
الشيخ : هاه؟ كيف؟
الطالب : الحديث قبله .
الشيخ : قبله؟
الطالب : إيوا ...
الشيخ : أي طيب.
2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية ) . متفق عليه . أستمع حفظ
تتمة فوائد حديث:( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين ).
تحريم إقامة المسلم بين المشركين، بل هو من كبائر الذّنوب لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تبرّأ منه ولكن هذا مبني على إيش؟
على صحّة الحديث.
ومِن فوائد الحديث: أنّه وإن كان مطلقًا أو عامًّا فإنّه لا بدّ أن يخصّص أو يقيّد بما إذا أقام لمصلحة الدّعوة كما لو أقام في بلاد المشركين يدعوهم إلى الله فهنا لا يلحقه هذا الوعيد، ولكن إن وجد فائدة فليبق وإلاّ فلينصرف.
فوائد حديث : ( لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية ).
أوّلًا: الإشارة إلى أنّ مكّة ستبقى بلاد إسلام، وجهه؟
( لا هجرة بعد الفتح )، ولو عادت بلاد كفر -أجارها الله من ذلك-، لو عادت بلاد كفر لعادت الهجرة منها، لكن فيه بشارة بأنّها لا تعود بلاد كفر.
ومن فوائد الحديث: أنّ الجهاد يقوم مقام الهجرة، بل وكما قلت لكم أعظم من الهجرة، لأنّه هجوم على الكفّار في بلادهم، والهجرة؟
الطالب : خروج.
الشيخ : فرار منهم من بلد الإنسان، نعم.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ النّيّة تقوم مقام الفعل لقوله: ( ونيّة )، وعلى هذا فتكون الواو هنا بمعنى أو، يعني أنّه جهاد لمن قدر أو نيّة لمن لم يقدر، ولكنّ النّيّة لا تقوم مقام الفعل إلاّ بشروط:
الشّرط الأوّل: أن تكون النّيّة صادقة بمعنى أنّه ينوي نيّة صادقة من القلب أنّه لولا المانع لفعل.
الشّيء الثاني أو الشّرط الثاني: أن يكون قد شرع في العمل ولكن عجز عن إتمامه لقوله تعالى: (( ومَن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثمّ يدركه الموت فقد وقع أجره على الله )) ، أمّا إذا نوى بدون أن يشرع في العمل فله أجر النّيّة فقط، ويكون هذا الأجر مساويًا لأجر نيّة هذا الفاعل، ودليل ذلك أي: دليل أنّه لا يحصل على الأجر كاملًا قصّة الفقراء الذين جاؤوا يشكون إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّ الأغنياء سبقوهم، فقال عليه الصّلاة والسّلام: ( ألا أخبركم بشيء تدركون به من سبقكم ولا يكون أحد أفضل منكم؟ ) ثمّ دلّهم على التّسبيح والتّحميد والتّكبير دبر كلّ صلاة، فعلم بذلك الأغنياء ففعلوا مثلهم، فرجع الفقراء مرّة ثانية إلى رسول الله صلّى الله عليه لى آله وسلّم فقالو: ( يا رسول الله سمع إخواننا الأغنياء بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال لهم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء )، ولم يقل: أنتم وهم سواء فدلّ ذلك على أنّ من لم يشرع في العمل لا يحصل له أجره.
ومِن فوائد هذا الحديث: أنّه ينبغي للإنسان إذا نفى شيئاً يتطلّع النّاس إليه أن يفتح لهم باباً آخر يكون قائماً مقامه، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لما نفى الهجرة بعد الفتح فتح للناس الرّاغبين في الخير بابا آخر وهو: الجهاد والنّيّة.
" وعن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه ".
السائل : سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ذاك الرجل .
الشيخ : إيش؟
السائل : سأل منه الرجل الذي في الحديث ...
الشيخ : نفس الشّيء، إذا كان محتاجًا نفسه كلّه واحد.
في قوله صلى الله عليه وسم ( أنا برئ من كل مسلم يقيم بين المشركين ) فيه الآن بعض المسلمين يقيم إقامة دائمة في بلاد الكفر وبعضهم يخرج من بلاد المسلمين إلى بلاد الكفر ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : في الحديث الشريف.
الشيخ : نعم.
السائل : الآن يا شيخ يوجد كثير من المسلمين يقيمون إقامة دائمة بين المشركين.
الشيخ : أي نعم.
السائل : بعضهم من تلك الديار، وبعضهم يخرج من بلاد المسلمين إلى بلاد الكفّار.
الشيخ : نعم، هذه مشكلة الحقيقة ولهذا نحن سنحرص على أن يكون هذا الحديث ضعيف.
السائل : هذا الحديث؟
الشيخ : أي نعم، سنحرص على أن يكون، ولعلّك إن شاء الله تحقّقه لنا.
السائل : سأبحث عنه.
الشيخ : إي، ابحث.
5 - في قوله صلى الله عليه وسم ( أنا برئ من كل مسلم يقيم بين المشركين ) فيه الآن بعض المسلمين يقيم إقامة دائمة في بلاد الكفر وبعضهم يخرج من بلاد المسلمين إلى بلاد الكفر ؟ أستمع حفظ
قوله صلى الله عليه وسلم ( أنا برئ ) ما معنى ذلك ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : من أيّ شيء يبرأ؟
الشيخ : مثل قوله: ( من غشّ فليس منّا ).
السائل : ممّا يتبرّأ يا شيخ؟
الشيخ : أي: أنّ هذا الرّجل ليس على سنّته وليس على هديه.
السائل : في الدّنيا؟
الشيخ : في الدّنيا وفي الآخرة، لكن البراءة قد لا تكون براءة كاملة لكنّ هذا الرّجل على خطر.
السائل : ليس على هديه.
الشيخ : نعم.
ما رأيكم فيمن لم يستطع إظهار دينه في بلاده المسلمة وأمكنه ذلك في بلاد الكفر ؟
الشيخ : والله واقع البلاد الإسلاميّة الآن فيه إشكال، لأنّه فيه بلاد إسلاميّة ما يستطيع الإنسان أن يطبّق ولا الواجب، يعني إذا رأوا الإنسان الذي له لحية أو الذي يرفع ثوبه عن كعبه فليس لهما إلاّ الحَجْر، لكن في البلاد الأخرى الكافرة نعم يقبلونه ويكون حرّا، والجواب: حتى يفتح الله علينا.
هل يستأذن الولد من والديه لأجل السفر وطلب العلم ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : بارك الله فيك نلاحظ أنه ربما يكون للوالد ثلاثة أولاد أو أربعة وإذا رغب أحدهم في الجهاد أو طلب العلم فيمنعه والده ليس خوفًا عليه ولكن حبّا له، فماذا تنصحه ؟
الشيخ : هو لولا أنّه يحبّه ما خاف عليه، يقول: الله لا يردّه!!
السائل : يعني ماذا يفعل ؟
الشيخ : على كلّ حال أمّا طلب العلم فلا حاجة لاستئذان الوالدين، ما داما مستغنيين عنه لأنّه ما فيه عرضة بينهما .
السائل : لا يمنعانه منه.
الشيخ : أنا أقول لك: ما يلزمك طاعتهما، سافر واطلب العلم ما لم يكونا محتاجين لك، وأمّا الجهاد فلا، لأنّ الجهاد فيه عرضة للتّلف والهلاك، انتهى الوقت.
السائل : ولو عنده قدرة يا شيخ ، يعني هو عنده رغبة قوية ؟
الشيخ : نقول: اخرج لطلب العلم.
السائل : بالنّسبة للجهاد؟
الشيخ : نعم؟
السائل : بالنّسبة للجهاد لو عنده ..
الشيخ : نعم إذا لم يكن متعيّنًا فلا تسافر، لأنّه حتى لو كان مستغن عنك فيبقى قلبه متعلّق بك، من القارئ اليوم؟
قلنا في الدرس الماضي أن استئذان الأبوين واجب في الذهاب إلى الجهاد فإذا ذهب شخص بدون إذنهما وقال إنه يغفر له بأول قطرة من دمه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل هذا يسلم من الإثم ؟
الطالب : الاستئذان.
الشيخ : هاه؟
الطالب : الاستئذان.
الشيخ : إي الإستئذان، لأنّ الإذن أنّه يجب عليهما هما أن يأذنا، أما استئذان الأبوين فواجب إلى الذّهاب إلى الجهاد، فإذا ذهب شخص بدون إذنهما وقال: ( إنه يغفر له بأول قطرة من دمه ) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل هذا يخرج من الإثم؟
إذا قلنا إنّ استئذانهما واجب صار ذهابه محرّماً ولم يكن جهاداً مقبولاً، لكن الذي ينبغي أن يقنعهما.
9 - قلنا في الدرس الماضي أن استئذان الأبوين واجب في الذهاب إلى الجهاد فإذا ذهب شخص بدون إذنهما وقال إنه يغفر له بأول قطرة من دمه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل هذا يسلم من الإثم ؟ أستمع حفظ
مناقشة ما سبق.
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
قال المؤلف فيما نقله: " عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) " .
قبل أن نبدأ الدّرس الجديد نرجع إلى مناقشة ما سبق، لماذا قال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم للرّجل: ( أحيّ والداك؟ ) ثمّ قال: ( ففيهما فجاهد )؟ نعم، عبد الرّحمن؟
الطالب : ليبين أن برهما أفضل من الجهاد.
الشيخ : يعني ليبيّن أنّ برّ الوالدين أفضل مِن الجهاد، هل لهذا شاهد في الحديث الصّحيح، شرافي؟
الطالب : نعم، حديث ابن مسعود في الصّحيحين .
الشيخ : نعم.
الطالب : سأل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( أيّ الأعمال أفضل؟ قال: الصّلاة على وقتها، قلتُ: ثمّ أي؟ قال: برّ الوالدين، قلت: ثمّ أيّ؟ قال: الجهاد في سبيل الله ).
الشيخ : طيب أحسنت، هل يستفاد من هذا الحديث أنّه ينبغي للمفتي أن يسأل فيما إذا احتيج إلى الاستفصال؟
الطالب : نعم يا شيخ، لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( أحيّ والداك؟ ).
الشيخ : نعم، من قوله: ( أحيّ والداك؟ ) هل لهذا شاهد من السّنّة؟
الطالب : الحديث الذي فيه : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد الجهاد فقال : كيف تركت والداك؟ قال: تركتهما يبكيان، قال: فارجع فأضحكهما كما أبكيتهما ).
الشيخ : لا، أنا ما أريد المسألة هذه، نعم سليم؟
الطالب : حديث رضي الله عنه أن الرجل الذي أتى قال: نذرت أن أذبح إبلا ببوانة .
الشيخ : نعم.
الطالب : فاستفسر النبي صلى الله عليه وسلم عنها .
الشيخ : إي صحيح.
طيب ( أنا بريء من كلّ مسلم ) كلّفنا به الأخ علي سلطان لكنّه تخلّف فهل منكم أحد بحثه؟
الطالب : يا شيخ!
الشيخ : نعم؟
الطالب : يا شيخ في الإرواء في المجلّد الخامس صفحة ثلاثين ، يرجّح الشّيخ الألباني إرساله.
الشيخ : نعم.
الطالب : لكنّه أتى بشواهد يعني !
الشيخ : تؤيّده.
الطالب : نعم نعم، وكذلك في صحيح الجامع.
الشيخ : ما يكفي هذا.
الطالب : إي لكن هذا الذي بحثت.
الشيخ : طيب لا بأس هذا أنموذج.
الطالب : سأبحثه.
الشيخ : هاه؟ لا بأس.
هل الهجرة منقطعة؟ نعم أنت، أي أنت؟
الطالب : الهجرة من مكّة منقطعة.
الشيخ : نعم.
الطالب : ولكن الهجرة باقية إلى قيام السّاعة وتكون !
الشيخ : يكون قوله: ( لا هجرة بعد الفتح ) يعني؟
الطالب : يعني من مكة .
الشيخ : يعني من مكّة.
طيب هل في هذا بشارة على أنّ مكّة لن تعود بلد كفر؟
الطالب : نعم، لأنّه قال: ( لا هجرة بعد الفتح ).
الشيخ : ولو عادت بلد كفر لعادت؟
الطالب : الهجرة.
الشيخ : لعادت الهجرة، تمام.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله ) . متفق عليه .
سبب هذا الحديث أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم سُئل عن الرّجل يقاتل حميّة: يعني حميّة لقومه ودفاعا عن قومه.
ويقاتل شجاعة: يعني يقاتل لأنّه شجاع والشّجاع يحبّ أن يقاتل، لأنّ الشّجاعة خلقه، فيحبّ أن يعمل بهذا الخلق كما يحبّ صاحب الصّيد أن يخرج إلى البرّ في الشّتاء والصيف لأجل أن يصطاد وإن لم يكن محتاجًا للصّيد بل ربّما يصطاد الصّيد ثمّ يهبه لأحد من النّاس، فالإنسان الشّجاع يحبّ أن يقاتل، لأنّه إيش؟
لأنّه شجاع يريد أن ينفّذ هذا الخلق الذي أعطاه الله إيّاه.
ويقاتل ليُرى مكانه، وفي رواية: ويقاتل رياء: يعني يرائي النّاس بأنّه شجاع وأنّه يقاتل في سبيل الله فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كلمة جامعة مانعة قال: ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ) :
فمن قاتل: هذه شرطيّة، ولتكون "اللام" : للتعليل، وكلمة الله هي: دينه، والعليا: يعني فوق كلّ الأديان، فهو في سبيل الله: هذا جواب الشّرط.
هذه الكلمة جامعة مانعة، لها منطوق ولها مفهوم :
منطوقها : أنّ من قاتل بهذه النّيّة الطّيّبة فهو في سبيل الله.
مفهومها : من قاتل على خلاف ذلك فليس في سبيل الله.
11 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله ) . متفق عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله )
وفيه أيضًا الإشارة أنّ الجهاد إنّما شرع لهذا الغرض، لتكون كلمة الله هي العليا، لا لإكراه النّاس على الدّين، ولهذا سيأتينا -إن شاء الله- في حديث بريدة أنّنا لا نكره النّاس على الدّين، ولكن نكرههم على أن لا يعارضوا هذا الدّين ولا أن يقوموا بوجهه، نقاتلهم على أن تكون كلمة الله هي العليا.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ النّاس يختلفون اختلافاً كثيراً في الجهاد في سبيل الله، منهم من يجاهد في سبيل الله، ومنهم من يجاهد في غير سبيل الله حسب النّيّة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ للنّيّة أثرًا بالغًا في قلب الأعمال إلى صالحة أو إلى فاسدة، حسب النّيّة لقوله: ( مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الإسلام دين عزيز، لا ينبغي للمسلم أن يرضى أن يكون دينٌ فوقه لقوله: ( أن تكون كلمة الله هي العليا ).
وعلى كلّ حال هذا منوط بالقدرة لقول الله تعالى: (( فاتّقوا الله ما استطعتم )) ، وهذا يشبه قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في طالب العلم : ( إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع )، وهذا عند الإخلاص، أمّا عند عدم الإخلاص فقد قال : ( من طلب علما ممّا يبتغى به وجه الله لا يريد به إلاّ أن ينال عرضا من الدّنيا لم يَرَح رائحة الجنّة ) وذلك لفساد النّيّة.
وعن عبدالله بن السعدي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو ) . رواه النسائي وصححه ابن حبان .
( لا تنقطع الهجرة ) : الهجرة هي: الخروج من بلد الكفر إلى بلد الإسلام إذا كان السّاكن في هذا البلد -أعني بلد الكفر- لا يستطيع إظهار دينه فإنّه يجب عليه أن يهاجر.
وقوله: ( ما قوتل العدوّ ) "ما": هذه مصدريّة ظرفيّة، وإذا حوّلناها إلى المصدر يكون المعنى مدّة قتال العدوّ، ومعلوم أنّ مقاتلة العدوّ واجبة إلى يوم القيامة لما روي عن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أنه قال: ( الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة )، فالجهاد لا يمكن أن يسقط بأيّ حال من الأحوال، وإن سَقَط عن المسلمين في حال الضّعف فإنّ الواجب أن يكون من نيّتهم أنّهم متى كانوا قادرين على قتال العدوّ فإنّهم سيقاتلون، ولا بدّ من هذا، وأمّا وضع الجهاد مطلقاً فهذا خلاف الدّين، خلاف الإسلام، ولا يجوز أن نصالح الكفّار صلحًا على أنّنا لا نقاتلهم وإن كنّا مثلهم أو خيرًا منهم في السّلاح والقوّة، ولكنّنا لنا أن نهادنهم، وقد سبق أنّ العلماء اختلفوا هل تقيّد بعشر سنوات، أو تقيّد بالحاجة، أو يصحّ أن تكون الهدنة مطلقة ؟
والصّحيح أنّها تصحّ أن تكون مطلقة، ولكنّه لا يعني أنّنا نضع الجهاد، بل لا بدّ أن يكون في نيّتنا أنّنا متى كنّا قادرين فسوف نجاهد، لأنّه ديننا يجب أن نحميه، ويجب أن نجعله فوق كلّ دين.
13 - وعن عبدالله بن السعدي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو ) . رواه النسائي وصححه ابن حبان . أستمع حفظ
فوائد حديث: ( لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو ).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ كلّ من ليس بمسلم فهو عدوّ، لقوله: ( ما قوتل العدوّ ).
ومن فوائده: أنّ المشروع مقاتلة العدوّ حتى يسلم أو يعطي الجزية عن يد وهو صاغر، وهو كذلك.
فإن قال قائل: لا شكّ أنّ الكافر عدوّ للمسلم لقول الله تبارك وتعالى: (( من كان عدوًّا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنّ الله عدوّ للكافرين ))، وإذا كان الله عدوًّا للكافرين، فالكافر عدوّ لكلّ مسلم ولقوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء )): يعني بذلك الكفّار، لكنّ هذا لا ينافي جواز محالفتهم إذا دعت الحاجة إلى ذلك، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حالف خزاعة في الصّلح الذي وقع بينه وبين أهل مكّة في الحديبية.
فإن قيل: ما الجمع بين هذا الحديث وبين ما سبق في حديث ابن عبّاس؟ الجواب إيش؟
الطالب : حديث ابن عباس في مكة.
الشيخ : أنّ حديث ابن عبّاس خاصّ بالهجرة من مكّة وأمّا هذا فعامّ.
وعن نافع قال : أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون ، فقتل مقاتلتهم ، وسبى ذراريهم حدثني بذلك عبدالله بن عمر . متفق عليه .
نعم، نافع هو مولى ابن عمر، وأورد المؤلف الحديث على هذه الصّيغة على خلاف العادة، لأنّ الحديث الآن متّصل وليس بمرسل إذ أنّه رواه نافع عن ابن عمر، لكن كأنّه لمّا ورد هكذا في الأمّهات ساقه على ما ورد.
قوله: ( أغار ): الإغارة هي: الاندفاع بسرعة على أيّ شيء كان، على عدوّ أو صديق.
وقوله: ( على بني المصطلق ): هم طائفة من العرب أو قبيلة من العرب.
( وهم غارّون ): أي غافلون، يعني أنّه لم ينذرهم قبل، بل غار عليهم وهم غافلون.
( فقتل مقاتلتَهم ): يعني قتل الذين يقاتلون وهم الرّجال البالغون العقلاء الذين ليس فيهم مانع من شيخوخة أو مرض أو ما أشبه ذلك.
( وسبى ذراريهم ): الذّراري هم الصّغار من الأولاد وكذلك النّساء مطلقا.
" حدّثني بذلك عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، متّفق عليه، وفيه: ( أصاب -أي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم- يومئذ جويرية ) " :
ومن جويرية هذه؟
هذه إحدى أمّهات المؤمنين رضي الله عنهم.
15 - وعن نافع قال : أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون ، فقتل مقاتلتهم ، وسبى ذراريهم حدثني بذلك عبدالله بن عمر . متفق عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث :( نافع قال : أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون ... ).
وذلك أنّ العدوّ إمّا أن يكون قد بلغته الدّعوة، فهذا لنا أن نغير عليه بدون إنذار، وإمّا أن لا تكون الدّعوة بلغته فهذا يجب أن ندعوه أوّلاً، ثمّ نقاتله إذا امتنع كما يدلّ عليه حديث بريدة الآتي إن شاء الله.
وعلى هذا فيكون الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أغار على هؤلاء القوم بعد أن بلغتهم الدّعوة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يجوز تبييت الكفّار إذا بلغتهم الدّعوة، يعني أن نهاجمهم ليلًا ما دامت الدّعوة قد بلغتهم، لقوله: ( وهم غارّون ): أي غافلون لم يتأهّبوا لقتال ولم يحسبوا له حساباً.
ومن فوائد هذا الحديث: قتل المقاتلين، ولكن لو قال قائل: هل لنا أن نأسُرهم أو في ذلك تفصيل؟
الجواب: في ذلك تفصيل، يوضّحه قوله تعالى: (( فإذا لقيتمُ الذين كفروا فضرب الرّقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق ))، وقوله تعالى: (( ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتى يُثخن في الأرض ))، فإذا كنّا قد أثخنّاهم وكسرنا شوكتهم بقتال المقاتلين فلنا أن نأسر، وليس لنا أن نأسر ابتداءً، لأنّ ذلك هوان علينا وذلّ لنا، بل لا بدّ أن نُثخن أوّلاً بالقتل والجراح حتى إذا استسلموا وذلّوا فحينئذ يأتي دور الأسر، كما ذكر الله عزّ وجلّ في سورة القتال وفي سورة آل عمران.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: جواز سبي الذّرّيّة أي ذرّيّة العدوّ، وهم: النّساء والصّغار، ومن لا عقل له، ومن لا رأي له، ومن لا يستطيع القتال، كلّ هؤلاء يسبون ولا يجوز قتلهم، لأنّهم إذا سبوا صاروا غنيمة للمسلمين وقتلهم يوفوّت ماليتهم على المسلمين ولا فائدة منه، فلذلك هؤلاء يؤسرون، قال العلماء : " ويكونون أرقّاء بمجرّد السّبي "، يعني لا يحتاج أن يقول الإمام أو القائد إنّي قد استرققتهم، يكونون أرقّاء بمجرّد السّبي.
أمّا المقاتلون إذا جاز أسرهم فإنّ الإمام يخيّر فيهم بين أمور أربعة:
القتل، والفداء بمال، والفداء بأسير، والمنّ.
وقال بعض العلماء: يجوز استرقاقهم، يعني يكون هنا يخيّر بين خمسة أشياء: القتل واضح.
والثاني: الفداء بأسير، يعني يكون لدى العدوّ أسرى منّنا فنقول: أعطونا أسيرًا بأسير أو بأسيرين حسب الحال، أو بمال، نقول: نعطيكم أسيركم بشرط أن تدفعوا لنا كذا وكذا من المال وأيّهما الأولى؟
المفاداة بالمال أو بالأسير؟
الطالب : بالأسير.
الشيخ : نعم؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني أو الأوّل؟
الطالب : الأول.
الشيخ : لا، ينظر للمصلحة، قد يكون الأسرى عندهم في أمن، ونحن لدينا قدرة على أن نفكّ أسرانا بالقوّة وعندنا حاجة للمال، فينظر للمصلحة، فإن تساوت المصلحة رجّحنا الفداء بالأسير، لأنّ حرمة النّفس أعظم من تحصيل المال.
الثالث؟
الطالب : الرّابع.
الشيخ : الرّابع : المنّ، يعني أن نطلقهم بلا شيء، لكن هذا لا بدّ أن يترجّح عند الإمام أنّ فيه مصلحة كبيرة، وهذا قد يرد، قد يكون الأسير من زعمائهم ورؤسائهم، وإذا مننّا عليهم به كُفينا شرًّا عظيمًا منه، وإذا بقي أسيرًا عندنا قد يحصل بذلك مفسدة كبيرة، فينظر للمصلحة.
أمّا الإسترقاق فمن العلماء من أجازه ومنهم من قال: إنّه لا يجوز لأنّهم أحرار، ولم يذكر الله عزّ وجلّ في القرآن الكريم: (( إمّا منّا بعد وإمّا فداء )) .
أمّا أن نسترقّهم وهم أحرار ومقاتلون فلا، والمشهور من المذهب أنّه يجوز استرقاقهم.
ومن فوائد هذا الحديث: فضيلة جويرية حيث اختارها النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، وصارت من أمّهات المؤمنين مع أنّها من السّبي، صحّ؟
نعم، وفيه أيضًا دليل على جواز أشرف النّاس نسباً بمن جرى عليها الرّقّ، كذا؟ لأنّ جويرية جرى عليها الرّقّ حيث سُبيت مع النّساء، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم أشرف الخلق، لكنّها عتقت، وصارت حرّة وهي مِن العرب.
لكن فيه دليل أيضاً على مسألة أخرى وهي: جواز نكاح الهاشمي بغير الهاشميّة، وهذا هو الذي جاءت به السّنّة خلافًا لمن يدّعون الآن أنّهم أشراف، ويقولون: لا نزوّج إلاّ من كان شريفًا، وهذه حميّة جاهليّة، لأنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه من بني عديّ وعلي بن أبي طالب من بني هاشم، وعمر تزوّج أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب، وأيهما أشرف نسباً؟
الطالب : أم كلثوم.
الشيخ : نعم؟ أمّ كلثوم أشرف نسباً من عمر رضي الله عنه، ومع ذلك تزوّجها ولم يقل: لن نزوّجك، لكن الحميّة الجاهليّة العمياء صارت الآن: أوجبت أن لا يتزوّج أحد مِن مَن يقولون نحن من آل الرّسول لا يزوّجون ولا يتزوّجون، بقيت المساكين نساؤهم أرامل، عوانس، وبقي من شبابهم ربّما يختارون المرأة الدّيّنة المهذّبة ولكن لا تحصل له، لأنّه ممنوع عندهم عُرفًا أن يتزوّج أحد من بني هاشم من غير بني هاشم، نسأل الله العافية.
16 - فوائد حديث :( نافع قال : أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون ... ). أستمع حفظ
وعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً ، ثم قال : ( اغزوا باسم الله ، في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ، ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليداً ، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ، فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم : ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، فإن أبوا فأخبرهم بأنهم يكونون كأعراب المسلمين ، لا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية ، فإن هم أجابوك فاقبل منهم ، فإن هم أبوا فاستعن عليهم بالله تعالى وقاتلهم ، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تفعل ، ولكن اجعل لهم ذمتك ، فإنكم إن تخفروا ذممكم أهون من أن تخفروا ذمة الله ، وإذا أرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تفعل ، بل على حكمك ، فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله تعالى أم لا ؟ ) . أخرجه مسلم .
إلى آخر الحديث، هذا الحديث يقول فيه بريدة رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية ) .
الطالب : حديث عائشة ؟
الشيخ : عائشة إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، عن أبيه رضي الله عنه.
الطالب : من حديث عائشة !؟
الشيخ : لا لا، هو من حديث بريدة، نعم.
الطالب : عندنا عائشة !
الشيخ : لا، عائشة اشطبوا عليه.
( إذا أمّر أميرا ): يعني إذا نصبه أميرا.
وقوله: ( على جيش أو سريّة ) : أو : هنا للتنويع، والفرق بين الجيش والسّريّة أنّ ما زاد على أربعمائة فهو جيش، وما دون ذلك فهو سريّة.
( وأوصاه في خاصّة نفسه بتقوى الله ): أوصاه يعني عهد إليه عهدًا موثّقا لأنّ الوصيّة: العهد بالشّيء إلى الغير على وجه موثّق يعني مؤكّد.
وقوله: ( في خاصّته ) أي: في نفسه بتقوى الله، وتقوى الله سبحانه وتعالى هي اتّخاذ ما يقي من عذابه بفعل أوامره واجتناب نواهيه، هذه تقوى الله.
قال: ( وبمن معه من المسلمين خيرا ) : يعني وأوصاه بمن معه من المسلمين خيرا، يعني عهد إليه أن يختار لهم الخير لأنّه وليّ عليهم فيجب أن يختار ما يراه خيرا لهم.
ثمّ قال بعد هذه الوصيّة وهي وصيّة قليلة اللّفظ كثيرة المعنى، لأنّ تقوى الله تشمل القيام بكلّ أوامر الله وترك نواهيه، والخير للمسلمين يشمل كلّ خير لهم في دينهم ودنياهم، فهي وصيّة جامعة عظيمة على قلّة ألفاظها.
ثمّ قال: ( اغزوا على اسم الله ): اغزوا الخطاب هنا للأمير ومن معه.
( على اسم الله ): هو كقولنا: سر على بركة الله، فالمعنى اجعل غزوك مقرونا باسم الله عزّ وجلّ.
وقوله: ( في سبيل الله ): متعلّق باغزوا، وهو إشارة إلى إخلاص النّيّة، وقد سبق قبل قليل في حديث أبي موسى أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ).
( قاتلوا من كفر بالله ): ومن كفر بالله يشمل من كان كفره بجحود، أو شرك، أو استهزاء، أو غير ذلك.
( اغزوا ): هذا تكرار لقوله اغزوا على اسم الله للتّوكيد.
( اغزوا ولا تغلّوا ) أي: لا تأخذوا شيئا من الغنيمة.
( ولا تغدروا ) أي: لا تغدروا بالعهد إن جرى بينكم وبين أعدائكم عهد.
( ولا تمثّلوا ) أي: تقطّعوا الأعضاء إن ضفرتم بعدوّكم.
( ولا تقتلوا وليدًا ) أي: صغيرا في السّنّ إلى آخره.
17 - وعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً ، ثم قال : ( اغزوا باسم الله ، في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ، ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليداً ، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ، فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم : ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، فإن أبوا فأخبرهم بأنهم يكونون كأعراب المسلمين ، لا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية ، فإن هم أجابوك فاقبل منهم ، فإن هم أبوا فاستعن عليهم بالله تعالى وقاتلهم ، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تفعل ، ولكن اجعل لهم ذمتك ، فإنكم إن تخفروا ذممكم أهون من أن تخفروا ذمة الله ، وإذا أرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تفعل ، بل على حكمك ، فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله تعالى أم لا ؟ ) . أخرجه مسلم . أستمع حفظ
سؤال عن الكفار المجاورين للمسلمين هل بلغتهم الدعوة فهل يجوز الهجوم عليهم من غير إنذار ؟
الشيخ : انتهى الوقت، نعم.
السائل : بارك الله فيك في بعض الأسلحة الآن... فلابد يكون فيه علم، فهل يجوز وضع هذا ؟
الشيخ : كيف؟
السائل : هل يجوز وضع هذا ، السلاح هذا ؟
الشيخ : كيف؟
السائل : في سلاح يا شيخ !
الشيخ : نعم.
السائل : كطيارة قليل منها !
الشيخ : أي نعم نعم، طيب.
السائل : ...
الشيخ : هو محارب؟
السائل : هو محارب نعم.
الشيخ : أي طيّب.
السائل : نعم .
سائل آخر : إذا كان يقاتل الأعداء بغتة .
الشيخ : كيف؟
السائل : إذا هاجم المسلمون الأعداء بغتة وقتلوهم، هل يمكن مثلا أن يقال: لو لم نباغتهم بالقتل ، وأوقفناهم يعني ودعوناهم للإسلام فربما يسلم .
الشيخ : هو الآن بارك الله فيك الغالب في جميع الكفار، خصوصًا القريبين من المسلمين يعرفون الإسلام بلغتهم الدّعوة، فلن أن نبغتهم ونقاتلهم.
السائل : إذا عرفوا خلق الإسلام ربما يسلموا .
الشيخ : ربّما إيش؟
السائل : يسلمون .
الشيخ : هو الأصل أنّهم لن ينقادوا ما دام الدّعوة بلغتهم ولكنّهم أبوا.
السائل : لكن لو يعني !
الشيخ : لو فرض أنّهم راسلونا وقالوا نحن نريد أن نسلم مثلا يجب الكفّ عنهم.
18 - سؤال عن الكفار المجاورين للمسلمين هل بلغتهم الدعوة فهل يجوز الهجوم عليهم من غير إنذار ؟ أستمع حفظ
قلتم يا شيخ إنه جائز مباغتة المشركين الذي بلغتهم الدعوة فهل هذا مطلقا ؟
الشيخ : نعم.
السائل : فهل يعني مطلقًا يجوز مباغتتهم، أو لا بدّ أن يكون قد عينوا بعينهم فرفضوها، يعني أرسل لهم هم ؟
الشيخ : هو على كلّ حال، ما دام نعلم أنّهم بلغتهم الدّعوة ولكنّهم معاندون ويريدون أن يقاتلوا، نقاتلهم.
السائل : يا شيخ ابن حجر في حديث ابن مسعود الذي يقول : ( أقمنا عليهم ثلاثة أيام ) في شرح هذا الحديث يقول: " إنه يجوز مباغتتهم إذا كان بلغتهم الدّعوة ".
الشيخ : إذا؟
السائل : إذا كان يعني عينوا بعينهم ثمّ كذّبوه هو اشترط هذا.
الشيخ : وش معنى بلغتهم الدّعوة؟
السائل : يعني ...
الشيخ : ما هو شرط، إذا بلغتهم ولو عن طريقٍ سابق، إذا بلغتهم نعم.
السائل : يا شيخ حفظك الله قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم .
الشيخ : لا، أنا أريد شرافي.
سؤال عن ضابط قتل الأسارى في الجهاد ؟
الشيخ : إذا؟
السائل : إذا احتلّ المسلمون بلدًا من بلاد الكفار .
الشيخ : إذا ؟
السائل : إذا احتلَّ
الشيخ : نعم.
السائل : ثمّ وجد فيهم يا شيخ يعني المعوقين من الكفار، سواء من أهل الكتاب أو الأمم السابقة ككبار السّنّ أو المعوقين أو المجانين شيخ هل يقتلون أو ماذا ؟
الشيخ : هؤلاء لا يقتلون، لكن من كان فيه جرح من القتال فلنا أن نجهز عليه.
السائل : هؤلاء يا شيخ يعني عالة.
الشيخ : كيف؟
السائل : سوف يكونون عالة.
الشيخ : ما قلنا أنّ المسألة ترجع إلى المصلحة؟
السائل : نعم.
الشيخ : قد تكون المصلحة أن لا نقتله الآن.
السائل : لكن هؤلاء شيخ المعوقين وأشباههم ؟
الشيخ : قلنا لك إنّ الذين لا يقاتلون لا يجوز قتلهم، ألم نقل هذا يا جماعة؟
الطالب : بلى.
الشيخ : نعم؟
سؤال عن حكم الرياء الذي يكون بعد العبادة ؟
الشيخ : أما الرّياء الذي يكون بعد العمل فهذا لا يؤثّر على العمل ، إلاّ إذا أُعجب الإنسان به فإنّ الإعجاب بالعمل قد يحبط العمل، لأنّ الإنسان إذا أعجب بعمله كأنّه يقول في نفسه: إنّ له على الله فضلا، وهذا يبطل العمل، لأنّه إذا كان المنّ بالصّدقة على الآدميّ يبطل أجر الصّدقة فالمنّ على الله؟
الطالب : من باب أولى.
الشيخ : من باب أولى، وقد أنكر الله على الذين يمنّون عليه فقال: (( يمنّون عليك أن أسلموا قل لا تمنّوا عليّ إسلامكم بل الله يمنّ عليكم )).
الطالب : انتهى الوقت.
السائل : يا شيخ هل الرّياء متعلّق بالكبر ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : أليس يا شيخ .
الشيخ : لكن الرّياء الذي يكون بعد العبادة، العبادة تمّت على وجه صحيح ما يؤثّر فيها ، لكن قد يبطلها من حيث الإعجاب ، ويكون إثم إعجابه مثل ثواب هذه العبادة أو أعظم.
السائل : هنا يا شيخ ما رآءى أعجب ؟
الشيخ : كيف؟
السائل : هنا ما رآءى لكنه أعجب به .
الشيخ : على كلّ حال، لا، قد لا يكون معجبًا به، لكن ودّه أنّ الناس يطّلعون عليه فقط، وليس معجبًا به على الله عزّ وجلّ لا، لكن يحبّ أن يطّلع النّاس عليه.
الطالب : انتهى الوقت.
قراءة بحث من الطالب عن صحة حديث : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين ) مع تعليق الشيخ عليه.
الشيخ : أي بحث؟
الطالب : بحث حديث جرير : ( أنا بريء من كلّ مسلم يقيم بين المشركين ).
الشيخ : طيب، اقرأه علينا.
الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم :
" هذا بحث كلّفني به شيخنا وفّقه الله أثناء القراءة في: - بلوغ المرام - وهو عن حديث : جرير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( أنا بريء من كلّ مسلم يقيم بين المشركين ) رواه الثلاثة وإسناده صحيح ورجّح البخاري إرساله قاله ابن حجر.
رجال الحديث كما هو عند أبي داود والتّرمذي:
حمّاد: قال ابن حجر في التقريب: ثقة. أبو معاوية: قال ابن حجر في التّهذيب: قال أيوب بن إسحاق المسافري: سألت أحمد ويحيى عن أبي معاوية وجرير؟ قالا: أبو معاوية أحبّ إلينا يعنيان في الأعمش.
وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: أبو معاوية الضّرير في غير حديث الأعمش مضطرب.
إسماعيل بن أبي خالد: قال ابن حجر في التّقريب: ثقة " .
الشيخ : هو من حديث الأعمش؟
الطالب : لا ليس من حديث الأعمش، من حديث إسماعيل بن أبي خالد.
الشيخ : نعم.
الطالب : " إسماعيل بن أبي خالد: قال ابن حجر في التقريب ثقة.
قيس بن أبي حازم: قال ابن حجر في التّقريب ثقة.
وقد أخرج التّرمذي الحديث في باب: ما جاء في كراهة المقام بين أظهر المشركين:
حدّثنا حمّاد، قال: حدّثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله: ( أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث سريّة إلى خثعم فاعتصم ناس بالسّجود فأسرع فيهم القتل فبلغ ذلك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأمر لهم بنصف العقل، وقال: أنا بريء من كلّ مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول الله ولم؟ قال: لا تراءى نارهما ) .
وحدّثنا هنّاد -والكلام للتّرمذي- قال حدّثنا عَبدة عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، مثل حديث أبي معاوية، ولم يذكر فيه عن جرير.
قال أبو عيسى: وهذا أصحّ، وفي الباب عن سمرة.
وأكثر أصحاب إسماعيل قالوا عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث سريّة ولم يذكر جريرًا.
وروى حمّاد عن الحجّاج بن أرطاة عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير، مثل حديث أبي معاوية، قال أبو إسماعيل: وسمعت محمّدا يقول -يعني البخاري- الصّحيح حديث قيس عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مرسلًا.
وروى سمرة بن جندب عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم ) .
هذا كلّه في جامع أبي عيسى التّرمذي الجزء الثالث، صفحة ثمانين، أبواب السير.
- وروى أبو داود أيضا في: باب النّهي عن قتل من اعتصم بالسّجود :
حدّثنا هنّاد، أخبرنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله، ثمّ ساق الحديث بلفظ التّرمذي، ثمّ قال: رواه هشيم ومعمر أو معتمر وخالد الواسطي وجماعة لم يذكروا جريرا .
عون المعبود شرح سنن أبي داود الجزء السّابع كتاب الجهاد.
- قال الشّوكاني في: نيل الأوطار : ولكن صحّح البخاري وأبو حاتم وأبو داود والترمذي والدارقطني إرساله إلى قيس بن أبي حازم.
قال الألبانيّ في الإرواء: حديث: ( أنا بريء من كلّ مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا تراءى نارهما ) :
صحيح رواه أبو داود والتّرمذي، ثمّ قال بعد أن ذكر إسناد الحديث عند أبي داود والتّرمذي:
هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشّيخين، لكنّهم أعلّوه بالإرسال، ثمّ ذكر قول أبي داود المتقدّم، وقال في إحدى متابعاته: عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن خالد بن الوليد: ( أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث خالد بن الوليد إلى ناس من خثعم فاعتصموا بالسّجود ) الحديث، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: قال حدّثنا أبو الزّنباع، روح بن الفرج وعمر بن عبد العزيز بن مخلاف، قال أخبرنا يوسف بن عدي، قال أخبرنا حفص بن غياث به.
قال الألبانيّ: وهذا سند رجاله ثقات رجال البخاري إلاّ ابن غياث كان تغيّر حفظه قليلا كما في التّقريب.
ثمّ ذكر الألباني بعض الشّواهد: أخرج البيهقي وأحمد بسند صحيح عن أعرابي: ( إنّكم إن شهدتم أن لا إله إلاّ الله، وأقمتم الصّلاة وآتيتم الزّكاة، وفارقتم المشركين، وأعطيتم مِن الغنائم الخمس، وسهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والصفيّ، وربما قال: وصفيّه فأنتم آمنون بأمان الله وأمان رسوله ) قال: وجهالة الأعرابي لا تضرّ.
شاهد آخر: عن بَهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه مرفوعا بلفظ: ( كلّ مسلم على مسلم محرّم أخوان أسيران، لا يقبل الله عزّ وجلّ من مشرك بعد ما أسلم عملا أو نفارق المشركين إلى المسلمين ) :
أخرجه النّسائي وابن ماجه، وابن ماجه أخرج شطره الثاني، قال الألباني: وإسناده حسن.
وفي الباب عن سمرة بن جندب مرفوعا بلفظ: ( من جامع المشرك وسكن معه فإنّه مثله ) :
أخرجه أبو داود، قال الألباني: وسنده ضعيف .
راجع الإرواء الجزء الخامس صفحة 29 والألباني أطال يا شيخ ثلاث صفحات ".
الشيخ : نعم، وهل يرتقي إلى درجة الحسن بهذه الشّواهد؟
الطالب : ربما يكون .
الشيخ : هاه؟
السائل : الحسن موصول؟
الشيخ : كيف؟
السائل : الحسن موصول أو مرسل؟
الشيخ : قصدك الحسن ؟
السائل : يرتقي إلى الحسن .
الشيخ : يعني إذا روى الحسن عن الرسول ؟
السائل : قلت : يرتقي إلى الحسن.
الشيخ : أي نعم حسن.
السائل : الموصول أو المرسل ؟
الشيخ : لا لا الموصول ، أنا ظننت رواية الحسن .
نقرأ ؟
الطالب : ثلاثة أحاديث.
الشيخ : ثلاثة؟
22 - قراءة بحث من الطالب عن صحة حديث : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين ) مع تعليق الشيخ عليه. أستمع حفظ
مناقشة ما سبق.
الطالب : عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( أنّه سئل عن الرّجل يقاتل حميّة، ويقاتل شجاعة، ويقاتل ليرى مكانه ) وفي رواية: ( ويقاتل رياء، فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ).
الشيخ : طيب أحسنت، كيف نجمع بين حديث عبد الله بن السّعدي وحديث ابن عبّاس: ( لا هجرة بعد الفتح ) يحيى؟
الطالب : حديث ابن عبّاس خاصّ بالهجرة من مكّة.
الشيخ : نعم.
الطالب : وحديث عبد الله بن السّعدي هو أعمّ.
الشيخ : طيب صحّ.
كيف أغار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على بني المصطلق وهم غارُّون مع أنّ الواجب الدّعوة قبل، نعم؟
الطالب : بلغتهم الدّعوة.
الشيخ : الذي وراءك، أنت إي.
الطالب : بلغتهم الدّعوة.
الشيخ : بلغتهم الدّعوة، في هذا الحديث ما يدلّ على جواز استرقاق العرب العوفي ، عبد الله؟
الطالب : عبد الله .
الشيخ : إيش؟
الطالب : عبد الله.
الشيخ : ... العوفي ؟
الطالب : أنا العوفي .
الشيخ : إي أنا قلت العوفي إي.
الطالب : في الحديث ما يدل على جواز استرقاق العرب، لكون النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أغار على بني المصطلق وهم من العرب.
الشيخ : وسبى؟
الطالب : وسبى ذراريهم وقتل مقاتلتهم.
الشيخ : طيب.
الطالب : والدليل: سبى ذراريهم.
الشيخ : أحسنت.
أما حديث بريدة فقد شرحنا أوّله، ما الفرق بين الجيش والسّريّة عبد الرحمن؟
الطالب : الجيش ما زاد على أربعمائة.
الشيخ : نعم.
الطالب : والسّريّة ما دون ذلك.
الشيخ : ما دون ذلك طيب.
وهي أيضا تنفصل من الجيش، السّريّة تنفصل من الجيش بأقل من أربعمائة.
ما معنى قوله: ( وبمن معه من المسلمين خيرًا ) آدم؟
الطالب : نعم، أصحابه الذين كانوا معه.
الشيخ : ما معنى أوصى بهم خيرًا؟
الطالب : أن يقبل منهم، والإحسان إليهم.
الشيخ : أن يقبل الإحسان إليهم؟!
الطالب : أن يقبل الإحسان منهم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : أن يقبل من أصحابه إحسانهم ، ويعاملهم معاملة حسنة.
الشيخ : نعم.
الطالب : شيخ أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، وأن لا يشقّ عليهم.
الشيخ : طيب، لماذا لا نقول: أن يعمل ما هو خير لهم، عموما؟
الطالب : هذا عامّ.
الشيخ : نعم، وأوصاه بمن معه خير : يعني اعمل ما هو خير بالكيف والتّأهّب وغير ذلك.
ما الفرق بين اغزوا على اسم الله في سبيل الله، سعد؟
الطالب : نعم شيخ ؟
الشيخ : اغزوا على اسم الله في سبيل الله، وش الفرق بينهما؟
اغزوا على اسم الله.
الطالب : ...
الشيخ : على اسم الله، هاه؟
الطالب : بسم الله.
الشيخ : عندنا على.
الطالب : عندنا على.
الشيخ : على، على اسم الله.
الطالب : على اسم الله : ...
الشيخ : طيب، وفي سبيل الله؟
الطالب : في سبيل الله : أي الجهاد في سبيل الله ...
الشيخ : شرافي؟
الطالب : اغزوا على اسم الله أي: مستعينين بالله.
الشيخ : نعم.
الطالب : وفي سبيل الله: إشارة إلى الإخلاص.
الشيخ : إلى الإخلاص، فيكون متضمن لقوله: (( إيّاك نعبد وإيّاك نستعين )) .
طيب قوله: ( قاتلوا من كفر بالله ) يا إبراهيم هل هو عام أم خاصّ بأهل الكتاب؟
الطالب : لا، عامّ.
الشيخ : عامّ، كلّ من كفر من أهل الكتاب وغيرهم.
هل يدلّ هذا على أنّ سبب القتال هو الكفر بناء على أنّ الحكم إذا علّق بوصف تخصّص به؟
الطالب : لا يعني الإكراه على الدّين.
الشيخ : نعم؟
الطالب : لا يعني الإكراه على الدّين.
الشيخ : إي، لكن يعني أنّ سبب قتال أهل الكفر؟
الطالب : كفرهم ودينهم الباطل ومقاتلتهم عليه.
الشيخ : لكن له مراحل أخرى، طيب انتهى الذي وقفنا عليه؟
الطالب : لا .
الشيخ : نعم، قوله: ( اغزوا )، عقيل ما الفائدة من قوله: اغزوا وهو في الأوّل قال: ( اغزوا على اسم الله )؟
الطالب : التّأكيد يا شيخ.
الشيخ : نعم؟
الطالب : التّأكيد يا شيخ.
الشيخ : التّأكيد طيب، لا يدل على معنى آخر ؟
الطالب : بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : لا لا، كلمة اغزوا فيها توكيد لكن تدلّ على تحقيق الغزو، يعني اغزوا غزواً حقيقيّاً ليس فيه تواني ولا كسل.
طيب ما هو الغلول الذي نهى عنه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم عبد المنّان؟
الطالب : الأخذ من الغنيمة قبل قسمتها.
الشيخ : الأخذ، أو كتم؟
الطالب : شيئا من الغنيمة قبل قسمتها.
الشيخ : نعم، الغلول أن يأخذ شيئا من المغنم هذا الغلول .
وقوله: ( لا تغدروا ) سليم؟
الطالب : سمّ.
الشيخ : وش المعنى الغدر؟
الطالب : لا تخونوا .
الشيخ : لا تغدروا، ما معنى الغدر؟
الطالب : الغدر الخيانة.
الشيخ : ما هي الخيانة؟
الطالب : الخيانة كتم الشّيء ومنعه عن الباقين.
الشيخ : لا ، لا نريد هذا .
الطالب : الخيانة ضدّ الوفاء.
الشيخ : إيش؟
الطالب : ضدّ الوفاء.
الشيخ : يعني لا تنقضوا العهد؟
الطالب : أي.
الشيخ : يعني لا تغدروا العهد هذا معنى الغدر، الغدر نقض العهد.
( لا تمثّلوا )، التّمثيل؟
الطالب : هو تقطيع الأعضاء.
الشيخ : نعم، قطع الأعضاء أحسنت.
( لا تقتلوا وليدا ) من هو الوليد؟
الطالب : الصغير.
الشيخ : الصغير ، انتهى ما تكلمنا عليه أولاّ.
تتمة شرح حديث : ( سليمان بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً ، ثم قال : ( اغزوا باسم الله ، في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ، ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليداً ، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ، فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم : ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، فإن أبوا فأخبرهم بأنهم يكونون كأعراب المسلمين ، لا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية ، فإن هم أجابوك فاقبل منهم ، فإن هم أبوا فاستعن عليهم بالله تعالى وقاتلهم ، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تفعل ، ولكن اجعل لهم ذمتك ، فإنكم إن تخفروا ذممكم أهون من أن تخفروا ذمة الله ، وإذا أرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تفعل ، بل على حكمك ، فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله تعالى أم لا ؟ ) . أخرجه مسلم .
وقوله: ( عدوّك ) ولم يقل: إذا لقيت أحدا، بل أتى بالعدوّ من أجل إثارته وإغرائه على ما يراد بهذا المشرك.
وقوله: ( من المشركين ): المراد بذلك المشرك شركا أكبر الذين يقاتلون على شركهم.
( فادعهم إلى ثلاث خصال ) يعني اطلب منهم أن ينزلوا إلى هذه الخصال.
( فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم ): ثمّ بيّنها بقوله: ( ادعهم إلى الإسلام ): والإسلام هو شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدا رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت، هذا الإسلام عند الإطلاق كما أجاب به النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم جبريل حين سأله عنه.
( فإن أجابوك فاقبل منهم، ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين ): يعني إذا أسلموا فاطلب منهم التّحوّل إلى دار المهاجرين، إلزامًا أو اختيارًا؟
الطالب : اختيارا.
طالب آخر : إلزاما.
الشيخ : اختيارا، لأنّه قال: ( فإن أبوا فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين )، ولو كان إلزاما لم يقبل منهم هذا.
يقول: ( ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين ) والظاهر أنّه المراد بها المدينة لأنّها هي التي هاجر المسلمون إليها كما قال تعالى: (( والذين تبوّؤوا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ))، ولأنّ هجرتهم إلى المدينة في تكثير للمسلمين واجتماعهم في مكان واحد، حتى يصدروا عن رأي واحد. يقول: ( فإن أبوا فأخبرهم بأنهم يكونون كأعراب المسلمين، لا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء ): إن أبوا التحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين، يعني فلهم أن يبقوا في دارهم ولكنّهم يكونون كأعراب المسلمين، يعني البادية.
( ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلاّ أن يجاهدوا مع المسلمين ): فإن جاهدوا وهم في ديارهم استحقّوا ما يستحقّه المجاهدون مِن الغنيمة، والغنيمة هي: ما أُخذ من مال المشرك بقتال وما أُلحق به، هذه الغنيمة، ما أخذ من مال المشرك أو الكافر بقتال وما ألحق به.
وأمّا الفيء فهو: ما أخذ بغير قتال، وله موارد متعدّدة منها ما يؤخذ من الكفار بغير قتال كالجزية والخراج وشبههما.
ومنها الأموال المجهولة، أي: من موارد الفيء الأموال المجهولة التي لا يعلم مالكها، فهذه تجعل في بيت المال.
ومنها دية ما لا وارث له لأنّها أيضًا تجعل في بيت المال.
ومنها خمس خمس الغنيمة يعني واحدًا من خمسة وعشرين جزءً من الغنيمة أيضا يكون فيئا في بيت المال.
ومصرف الفيء: المصالح العامّة، أمّا الغنيمة فقد سبق بيان أنّها تقسم إلى خمسة أسهم، أربعة منها للغانمين، وواحد يقسم إلى خمسة أسهم أيضًا.
( فإن هم أبوا ): أبوا إيش؟
يعني أبوا الإسلام والتّحوّل ، بل أبوا الإسلام.
( فإن هم أبوا فاسألهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم ): وهذه هي الخصلة الثانية، إن أبوا أن يسلموا فاسألهم الجزية، والجزية هي: مال يضعه ولاة الأمر على كلّ ساكنٍ تحت ذمّة المسلمين، مثل لو كان أهل بلد فتحناها واستولينا عليها، ثمّ إننا قلنا لأهلها إذا كانوا كفّارا: تبقون فيها وتدفعون الجزية، كلّ واحد منكم يبذل الجزية التي تجعل عليه فيدفع الجزية ويبقى على دينه، ويثبت له من الحقوق ما يقتضيه هذا العقد ممّا هو معروف عند أهل العلم.
( فإن هم أجابوك فاقبل منهم ) هاتان اثنتان.
( فإن هم أبوا فاستعن عليهم بالله تعالى وقاتلهم ): إن أبوا إيش؟
الطالب : الجزية.
الشيخ : إن أبوا الجزية، ( فاستعن عليهم بالله ) أي: اطلبوا العون من الله تعالى عليهم وقاتلوهم.
فبدأ أوّلًا بالإستعانة بالله حتى ينبني عليها الفعل، لأنّ الإستعانة بالله قبل كلّ شيء، لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ): يعني لا تقاتل بقوتك استعن عليهم بالله وقاتلهم، هكذا قال شراح الحديث في هذه الخصال:
الإسلام أوّلاً، ثمّ الجزية ثانياً، ثمّ القتال.
لكنّه يشكل على هذا قوله: ( فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم )، لأنّ الخصلة الثالثة على هذا الشّرط ليس فيها مكفّر، بل فيها قتال، أفلا يمكن أن تكون الخصلة الثانية هي أن يتحوّلوا من دارهم إلى دار الإسلام، إلى دار المهاجرين، والثالثة سؤال الجزية؟
يمكن، لكن يشكل على هذا أنّهم لو امتنعوا عن التّحوّل من دارهم إلى دار المشركين لم يجز؟
الطالب : قتالهم.
الشيخ : قتالهم، فالحديث فيه شيء من الإشكال، وعلى هذا فيكون: ( فإن هم أجابوك عليها فاقبل منهم وكفّ عنهم ) يراد به الأكثر، لا الكلّ، وذلك لأنّ قتالهم ليس فيه ذنب، وعدم تحوّلهم من دارهم إلى دار المهاجرين ليس فيه؟
الطالب : قتال.
الشيخ : قتال، فيتعيّن أن يكون المراد بقوله فإن أجابوك إليها يعني باعتبار؟
الطالب : الأغلب.
الشيخ : الأغلب والأكثر وإلاّ لبقي الحديث مشكلا.
ثمّ قال: ( وإذا حاصرت أهل حصن ): الحصر بمعنى التّضييق، ومعنى حاصرت: يعني أحطت بهم حتى منعتهم من الخروج من حصنهم.
( وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تفعل ): يعني إذا قالوا لك ننزل ونسلّم أنفسنا على ذمّة الله وذمّة رسوله فلا تفعل لهم ذلك.
والذّمّة يعني العهد، لا تجعل لهم ذمّة الله ولا ذمّة رسوله، وعلّل النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ذلك: ( فإنكم أن تخفروا ذممكم أهون من أن تخفروا ذمة الله ).
قوله: ( أَن تخفروا ): بفتح الهمزة وليست بالكسر لأنّها لو كانت بالكسر لكانت شرطيّة تحتاج إلى جواب، ولكنّها بالفتح على أنّها مصدريّة، وهي بدل اشتمال من الكاف من قوله: ( فإنّكم ) يعني فإنكم خفركم، وعلى هذا فتكون أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر إيش؟
الطالب : بدل.
الشيخ : منصوبة على أنّها؟
الطالب : بدل.
الشيخ : بدل اشتمال من الكاف في قوله: ( فإنّكم ).
وخفر الذّمّة يعني: نقض العهد.
ومعلوم أنّ نقض الإنسان عهده أهون من أن ينقض عهد الله وعهد رسوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
ولهذا نهاهم النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أن يجعلوا لهم ذمّة الله وذمّة نبيّه.
( وإذا أرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تفعل ولكن أنزلهم على حكمك ): ثمّ علّل ذلك، إذا قالوا: ننزل على حكم الله فلا تنزلهم، بل أنزلهم على حكمك واجتهادك، ( وذلك لأنّك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا ): لأنّك قد تجتهد فتخطأ ، وحينئذ لا تكون مصيبا لحكم الله ، وقد تجتهد وتصيب حكم الله ولكن ينسخ الحكم ، لأنّ العصر عصر تشريع فلهذا قال: ( فإنّك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا ) -انتبهوا الآن- نحن علّلنا بأنّه قد يجتهد؟
الطالب : ويخطيء.
الشيخ : وقد يحكم بصواب ويكون؟
الطالب : نسخ.
الشيخ : قد نسخ ما دام الوقت وقت تشريع ، وسيأتي عند بيان الفوائد ما سيترتّب على اختلاف هذين التّقديرين.
هذا الحديث يعتبر أساساً في توجيه وليّ الأمر لمن يمكنه في الجهاد، لأنّه ذكر فيه كلّ ما يحتاج إليه من وكّل بالجهاد، ففيه فوائد: أوّلا مشروعيّة التّأمير .
حان وقت السّؤال، نعم؟
24 - تتمة شرح حديث : ( سليمان بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً ، ثم قال : ( اغزوا باسم الله ، في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ، ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليداً ، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ، فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم : ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، فإن أبوا فأخبرهم بأنهم يكونون كأعراب المسلمين ، لا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية ، فإن هم أجابوك فاقبل منهم ، فإن هم أبوا فاستعن عليهم بالله تعالى وقاتلهم ، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تفعل ، ولكن اجعل لهم ذمتك ، فإنكم إن تخفروا ذممكم أهون من أن تخفروا ذمة الله ، وإذا أرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تفعل ، بل على حكمك ، فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله تعالى أم لا ؟ ) . أخرجه مسلم . أستمع حفظ
سؤال عن قوله صلى الله عليه وسلم ( ... فإن أبوا فأخبرهم بأنهم يكونون كأعراب المسلمين ...) ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : هو قال: ( فإن أبوا فاسألهم الجزية ).
الشيخ : نعم.
السائل : فتكون هذه هي الخصلة .
الشيخ : حتى هذه ما فيها قتال، هي المشكلة أن ما ذكر بعد الإسلام ما فيه قتال .
السائل : يكونون كأعراب المسلمين ؟
الشيخ : ما يقاتلون .
السائل : يا شيخ؟
الشيخ : نعم.
السائل : يا شيخ : ( وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تفعل ، ولكن اجعل لهم ذمتك ) كيف ؟
الشيخ : ترى ما فيه أسئلة على الحديث ما أخذنا فوائده، حتى الآن ما أخذنا فوائده، كيف نسأل عن شيء لم نأخذ فوائده.
25 - سؤال عن قوله صلى الله عليه وسلم ( ... فإن أبوا فأخبرهم بأنهم يكونون كأعراب المسلمين ...) ؟ أستمع حفظ
إذا غزا الكفار بلد المسلمين فهل تجب على المسلمين الهجرة ؟
الشيخ : إيش؟
السائل : قال : ( فبرهما ).
الشيخ : بَرهما .
السائل : تكون مصدر ؟
الشيخ : فبرهما : بر فعل أمر .
السائل : ما يمكن تكون مصدر يا شيخ ؟
الشيخ : ما تكون مصدر .
السائل : شيخ !
الشيخ : نعم ؟
السائل : شيخ في حديث : ( أنا بريء من كلّ مسلم يقيم بين المشركين ) قولك : لو احتلت دولة مسلمة وبقي المسلمون في بلادهم تحت حكم المشركين كما في فلسطين الآن هل تجب عليهم الهجرة؟
الشيخ : لا، لا تجب لأنّ هؤلاء ورد عليهم الكفّار وهم لم يردوا على الكفار.
السائل : ولا يدخل في الحديث؟
الشيخ : لا يدخل في الحديث ، ما دام قادر على تطبيق دينه ، أما إذا لم يقدر فيجب عليه.
السائل : الذي يأتي للكفار ، الحديث يدلّ على الذي يأتي ويقيم بين الكفّار.
الشيخ : أي نعم، هذا معنى الحديث.
سؤال عن قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ... ).
الشيخ : أي نعم.
السائل : قلت أنت باعتبار الأكثر ما فهمت وش معناها؟
الشيخ : معناه : أيتهن أجابوك بعضهم قال : إذا أتوا بالثّلاث كفّ عنهم، وإذا تركوا واحدة قاتلهم.
السائل : وشلون بالثّلاث ما فهمت؟
الشيخ : الثالثة إذا قلنا : أنّ الثالثة استعن بالله وقاتلهم ما صحّت ، كيف يقول قاتلهم ثمّ يقول كفّ عنهم؟
السائل : شيخ؟
الشيخ : نعم.
السائل : في الحديث : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين ) لو قلنا بلفظ الحديث ألا يشهد له قوله تعالى : ... ؟
الشيخ : يشهد لبعضه .
السائل : يشهد لبعضه.
الشيخ : طيب، هذه الآية إذا عجز عن إظهار دينه ، الآية فيمن عجز عن إظهار دينه، نعم.
السائل : قال : ( اغزوا على اسم الله ) هل يكون قصده في سبيل الله أو يقول في أول الذهاب باسم الله ؟
الشيخ : من عنده السّؤال؟
السائل : شيخ.
الشيخ : نعم يا أخي.
27 - سؤال عن قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ... ). أستمع حفظ
سؤال عن قوله صلى الله عليه وسلم: (أيتهن أجابوك ... ) ؟
الشيخ : نعم.
السائل : ففي حالة القتال هم ما أجابوا .
الشيخ : نعم.
السائل : أليس هناك ...
الشيخ : كيف؟
السائل : أقول: ( فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم ).
الشيخ : طيب.
السائل : في الحالة الأخيرة الكف متعلق بالقبول.
الشيخ : نعم.
السائل : ما قبلوا.
الشيخ : إذا جعلنا الخصلة الثالثة !
السائل : الإجابة ما أجابوا.
الشيخ : إذا جعلنا الخصلة الثالثة: فإن هم أجابوك لذلك وإلاّ فاستعن بالله وقاتلهم ، أجابوا لأي شيء ؟
السائل : الجزية.
الشيخ : أجابوا الجزية وإلاّ قاتلهم.
السائل : طيب.
الشيخ : فهذه الخصلة الثالثة هذه الخصلة فيها قتال، يعني عندنا إسلام ثمّ جزية، يكفّ عنهم.
السائل : طيب.
الشيخ : الخصلة الثالثة: إن أجابوك لها فكفّ عنهم، إذا جعلنا الجزية الخصلة صارت الثانية، نعم شرافي.
بعض العلماء يقول إنه لاجهاد الآن لأنه صعب ؟
الشيخ : هذا من جهله، الآن في سبيل الله ما له فلوس خاص، وزارة الحربيّة التي تسمى وزارة الحربيّة هذه الله أعلم بماذا تجاهد، وهناك مجاهدون في سبيل الله الآن ليسوا تحت هذه الراية.
السائل : يعني يا شيخ يصرف لمن ليس لهم ديوان؟
الشيخ : يصرف لمن يقاتلون في سبيل الله ولو كان ليس لهم ديوان على الصّحيح ما دام يشجّعهم على الجهاد.
السائل : يعني الدّعوة ليس لها ؟
الشيخ : الدّعوة إذا قلنا إنّها من الجهاد، وهو الجهاد بالعلم والجهاد بالسّلاح صحّ أن يعطوا من الزّكاة، لأنّ هذا نوع من الجهاد: (( يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين )): وجهاد المنافقين لا يكون بالسّلاح، فسمّاه الله جهادًا فمن أراد أن يتوسّع ويقول: إنّ صرف الزّكاة لطلاّب العلم وفي الدّعوة إلى الله عزّ وجلّ داخل في سبيل الله فليس ببعيد.
سؤال عن التفضيل بين الجهاد والعلم ؟
السائل : عفا الله عنك يا شيخ بالنّسبة للدّعوة والتحريض على الجهاد من أهل العلم، لأنّ العلم أشمل من الجهاد يا شيخ، لأنّ الجهاد يصير فيه أوقات مخصوصة وأوقات محدودة، والعلم مستمرّ مع طلبة العلم .
الشيخ : إي، على كلّ حال كما قلت: من أراد التّوسّع فقوله له وجه، نعم.
ذكرنا أن الإقامة بين المشركين المقصود منها الإقامة الدائمة ألا يصح أن يقول قائل إن هذا تخصيص للنص العام بغير دليل ؟
الشيخ : نعم.
السائل : وليس مطلق الإقامة، ألا يصحّ لمعترض أن يعترض علينا ؟
الشيخ : ألا ألا؟
السائل : ألا يعني يصحّ ويسوغ لمعترض أن يعترض ويقول: أنّ الحديث عامّ.
الشيخ : نعم.
السائل : وهذا تخصيص أو تقييد؟
الشيخ : كلمة مقيم يا أخي ما هي معاناها أنه يمر مسافر، أو يمر يتعلم ويمشي، كلمة مقيم معروفة ، يقيم بينهم، ما قال : يزورهم أو يسافر إليهم أو ما أشبه ذلك.