تتمة فوائد حديث : ( سليمان بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً ، ثم قال : ( اغزوا باسم الله ، في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ...).
الشيخ : إي، على كلّ حال كما قلت: من أراد التّوسّع فقوله له وجه، نعم.
الطالب : شيخ بارك الله فيكم، ذكرنا أنّ الإقامة بين المشركين المنهيّ عنها الإقامة المطلقة!
الشيخ : نعم.
الطالب : وليس مطلق الإقامة، ألا يصحّ لمعترض أن يعترض علينا ويقول !
الشيخ : ألا ألا؟
الطالب : ألا يعني يصحّ ويسوغ لمعترض أن يعترض ويقول: أنّ الحديث عامّ.
الشيخ : نعم.
الطالب : وهذا تخصيص أو تقييد؟
الشيخ : كلمة مقيم يا أخي ما هي معاناها أنه يمر مسافر، أو يمر يتعلم ويمشي، كلمة مقيم معروفة ، يقيم بينهم، ما قال : يزورهم أو يسافر إليهم أو ما أشبه ذلك.
أظنّ أنّنا في حديث بريدة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : كمّلناه؟
الطالب : أخذنا فائدة واحدة يا شيخ.
الشيخ : هاه؟
الطالب : أخذنا فائدة واحدة يا شيخ، مشروعيّة التأمير.
الشيخ : إي، طيب إذن إن شاء الله نمشي في فوائده ونسأل الله أن يفتح علينا، ومن فوائد هذا الحديث:
أنّ من هدي النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم بعث السّرايا والجيوش.
فإن قال قائل لم يبعث السّرايا والجيوش ويتأخّر؟
قلنا: لأنّ الدّين الإسلامي له شعائر وله شرائع، يحتاج أن يقيم الإنسان بعضها ويقيم غيرُه بعضها، فهل كان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام مثلا يذهب مع كلّ جنازة؟
أبدًا، تمرّ الجنازة من عنده ولا يقوم يتبعها، لأنّه يشتغل بما هو أهمّ من اتّباع الجنازة، كذلك أيضاً في الجهاد، هل كان يغزو مع كلّ جيش وسريّة؟
لا، بل يبقى في المدينة يعلّم النّاس الخير.
وقد أشار الله جلّ وعلا في قوله: (( وما كان المؤمنون لينفروا كافّة )) : فالدّين الإسلامي لا بدّ يتكامل، والمؤمنون يكمّل بعضهم شيئا ويكمّل الآخرون شيئا آخر.
ومن فوائد هذا الحديث: مشروعية أو أنّه يشرع للإمام أن يوصيَ الأمراء بما أوصى به النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم الأمراء، وهو تقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا.
ومن فوائد الحديث: أنّه يجب على مَن كان أميراً أو وليًّا أن يختار لمأموره وموليّه ما هو الخير لقوله: ( أوصاه ومن معه من المسلمين خيرًا ) ، والوصيّة بالشّيء تدلّ على الإهتمام به.
ومن هنا أخذ العلماء -رحمهم الله- فائدة مهمّة قالوا : " إنّ من خيّر بين شيئين فإن كان التّخيير للتيسير على المكلّف فهو تخيير تشهٍّ ، يعني يفعل ما يريد مثل التّخيير في خصال الكفّارة، كفّارة اليمين، وإن كان تخيير مصلحة فالواجب أن يفعل ما هو الأصلح، وذلك فيمن يتصرّف لغيره، فكلّ من يتصرّف لغيره إذا قيل: يخيّر بين كذا وكذا وجب عليه أن يختار ما هو أصلح " ، انتبهوا لهذه القاعدة، إذن التّخيير بين شيء أو أشياء إذا كان المقصود منه التّيسير على المكلّف فالتّخيير؟
الطالب : تشهٍّ.
الشيخ : تشهٍّ يعني افعل ما تشتهي، مثاله خصال كفّارة اليمين، وإن كان التّخيير للمصلحة فهذا تخيير مصلحة، يفعل ما هو الأصلح، وهذا يكون فيمن يتولّى أو يتصرّف لغيره.
فالأمير مثلا على الجيش أو السّريّة يجب عليه أن يفعل الأصلح، إمام المسجد يجب عليه أن يفعل الأصلح، لا يقول: أنّا بالخيار إن شئت طوّلت وإن شئت قصّرت، لا، يجب عليه أن يتّبع من السّنّة ما يستطيع.
ومن فوائد الحديث: تشجيع الغزاة وتوجيههم إلى الإستعانة بالله عزّ وجلّ وإلى الإخلاص، تشجيعهم بقوله: ( اغزوا ) ثمّ أكّدها بقوله: ( اغزوا ) يعني اغزوا الغزو الحقيقي المبني على الشّجاعة والإقدام.
ومن فوائد الحديث: التّنبيه على الاستعانة بالله عزّ وجلّ بقوله: ( على اسم الله )، والإخلاص بقوله: ( في سبيل الله ).
قد يفوت الإنسان الإخلاص لله عزّ وجلّ ويقع في قلبه شيء من الرّياء أو ما أشبه ذلك، وقد يفوته الاستعانة بالله إذا رأى من نفسه القدرة والقوّة غاب عنه الإستعانة بالله وكلاهما يخلّ بالعمل، لا بدّ من إخلاص واستعانة، ولهذا إذا اعتمد الإنسان على نفسه فالغالب أنّه يخذل، ولا أدلّ على ذلك من قصّة حُنين حينما أعجبت المسلمين كثرتهم، فغلبوا مع أنّهم اثنا عشر ألفًا وعدوّهم ثلاثة آلاف وخمسمائة، فرق عظيم، ومع ذلك هزم المسلمون، لأنّهم أُعجبوا بالكثرة.
ومن فوائد الحديث: وجوب مقاتلة الكفّار لقوله: ( قاتلوا من كفر بالله )، وهذا العموم مخصّص بنفس الحديث وهو أنّه من بذل الجزية من الكفّار وجب إيش؟
الطالب : الكفّ عنه.
الشيخ : الكفّ عنه.
ومن فوائد الحديث: تحريم الغلول لقوله: ( ولا تغلوا )، وقد مرّ معنى الغلول وهو: أن يكتم الغالّ شيئا مما غنم .
طيب وهل للغلول عقوبة؟
نعم عقوبة أخرويّة وعقوبة دنيويّة، أما الأخرويّة فقد قال الله تعالى: (( ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة )).
وأمّا الدّنويّة، فإنّه يحرّق رحله إلاّ الحيوان، والمصحف، والسّلاح، وإلاّ فيحرّق رحله تنكيلاً به.
طيب وهل يدخل في ذلك السّرقة من بيت المال؟
الطالب : لا.
الشيخ : الجواب: لا، في هذا الحديث لا تدخل، يوجّه هذا النّهي إلى الغزاة، لكن من غلّ من بيت المال فإنّه شبيه به، لأنّه أخذ من مالٍ عام خلافًا لما يفهمه العامّة أهل الجشع الذين يقولون: إنّ مال الحكومة حلال، هذا غلط، مال الحكومة قد يكون أشدّ تحريمًا من مال الشّخص المعيّن، لأنّ مال الحكومة يتعلّق به حقّ كل إنسان حتى العجائز والشّيوخ والصّبيان، ثمّ إذا أراد الإنسان التّخلّص منه قد يصعب عليه ذلك، لكن حقّ المعيّن حقّ خاصّ لواحد يمكنه أن يستحلّه، يمكنه أن يعطيه عوضاً عمّا أخذ وما أشبه ذلك.
ومن فوائد الحديث تحريم الغدر لقوله: ( ولا تغدروا )، والغدر هو: الخيانة في موضع الأمانة، هذا غدر، الخيانة في موضع الأمانة هذا غدر.
فإن قيل: كيف يجاب عن المبارزة التي وقعت من الصّحابة مع أعدائهم وحصل فيها الغدر، ويذكر أنّ عليّ بن أبي طالب لما بارز عمرو بن ودّ -نقلها الفقهاء رحمهم الله- لما بارزه وخرج عمرو بن ودّ يريد أن يبارز عليّ بن أبي طالب صاح به عليّ ما خرجتُ لأبارز رجلين، فالتفت عمرو لعلّ أحدًا لحقه، فلمّا التفت ضربه عليّ حتى سقط رأسه على الأرض، هذه غدر وإلاّ لا ؟
الطالب : غدر.
الشيخ : هذا غدر في ظاهره، لكنّه ليس غدرًا إذ أنّ هذا الرّجل جاء ليقتله، ليس بينهما أمان، فليس بغدر، ولهذا جاء عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( الحرب خُدعة ).
طيب ما عقوبة الغادر؟
له عقوبة عظيمة فإنّ لكلّ غادر لواء يوم القيامة يعرف به، لواء الغدر، يقال: ( هذه غدرة فلان بن فلان ) في ذلك اليوم المشهود، وهذا من أعظم العقوبات.
ومن فوائد هذا الحديث: تحريم التّمثيل لقوله: ( ولا تمثّلوا )، وظاهر الحديث العموم، وأنْ لا نمثّل ولو كانوا يمثّلون بنا، لأنّه لم يستثنَ من ذلك شيئًا.
ولكن يقال إنّ هذا العموم يعارض بعموم آخر وهو قوله تعالى: (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثا ما اعتدى عليكم ))، ولقوله: (( فإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ))، ولأنّ في التّمثيل بهم إذا مثّلوا بنا كسر لهم وإهانة وذلّة وعلى هذا فيكون هذا العموم مخصوصًا بإيش؟
بعمومات أخرى.
طيب فإن قيل: هل يدخل في ذلك ما إذا أخذنا جسد حربيّ قتلناه من أجل إجراء التّجارب على الجسد للعلم، ما هو بقصد التّمثيل أو الإهانة أو الذّلّ، يعني مثلا يؤتى بجثّة كافر حربي إلى كليّات الطّبّ ويشرّح لفائدة العلم هل يدخل في التّمثيل أو لا يدخل؟
الطالب : لا يدخل.
الشيخ : نعم؟
الطالب : لا يدخل.
الشيخ : محلّ نظر، هذا محلّ نظر، وذلك لأنّ الشّرع حرّم بيع أجزاء الكافر على الكفّار، يعني مثل لو قال الكفّار: أنتم الآن قتلتم سيّدنا لكن أعطونا رأسه فقط، قلنا: لا نعطيكم رأسه إلاّ بكذا وكذا من القيمة، يقول العلماء: هذا حرام لا يجوز، فالإنتفاع بجثثهم كالانتفاع بعوض المال، فلا يجوز، وقد يقال: إنّ هذا جسد حربيّ لا حرمة له، وإذا لم يكن له حرمة ولنا منه فائدة فما المانع!؟
فالمسألة عندي يتجاذبها أصلان وأنا فيها متوقّف، نعم.
ومن فوائد الحديث: تحريم قتل الصّغار لقوله: ( ولا تقتلوا وليدًا )، ولأنّ في قتل الصّغار تفويت ماليّتهم على المسلمين لماذا؟
لأنّهم يسترقّون للسّبي فإذا قتلوا فوّتت ماليّتهم على المسلمين، ولأنّ الصّغار قريبون من الإسلام لأنّ الشاب والصّغير ميله أكثر من ميل الشّخص الكبير ولهذا جاء في الحديث عن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أنّه قال: ( اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم ) أي: صغارهم لأنّ الصّغار أقرب إلى الإجابة من الكبار.
ومن فوائد الحديث: أنّ الإنسان إذا لقي عدوّه فإنّه لا يباغته بالقتال ولكن يعرض عليه الخصال الثّلاث التي ذكرها النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لقوله: ( إذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ) إلى آخره. فإن قيل: ما الجمع بين هذا الحديث وبين إغارة النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم على بني المصطلق وهم غارّون؟
فالجواب: أن يقال: إمّا أنّ الدّعوة على سبيل الإستحباب، وأنّه إذا اقتضت المصلحة أن يُغِير على العدوّ بدون دعوة فليفعل.
وإمّا أن يقال: إنّ بني المصطلق قد بلغتهم الدّعوة وأصرّوا على ما هم عليه من الكفر وحينئذ تكون الدّعوة واجبة فيمن لم تبلغه، ومن بلغته فلا ندعوه إلاّ على سبيل الاستحباب.
ومن فوائد هذا الحديث أخذ الجزية من المشركين لقوله: ( إذا لقيت عدوّك من المشركين )، وعلى هذا فلا يختصّ أخذ الجزية باليهود والنّصارى والمجوس، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم -رحمهم الله- فقال أكثر أهل العلم: إنّها لا تؤخذ إلاّ من اليهود والنّصارى لقول الله تعالى: (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّمَ الله ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون )) ، فقال : (( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون )) ، وقال في غيرهم : (( فاقتلوهم حيث ثقفتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كلّ مرصد )) .
وقال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( أُمرت أن أقاتل النّاس حتى يشهدوا ألاّ إله إلاّ الله وأنّ محمّدًا رسول الله ويقيموا الصّلاة ويؤتوا الزّكاة ) .وعلى هذا فلا تكون الجزية إلاّ؟
الطالب : لليهود والنّصارى.
الشيخ : لليهود والنّصارى، ثمّ إنّه أُورد على هذا القول بأنّه قد ثبت أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أخذها مِن المجوس، مِن مجوس هجر وهم ليسوا من أهل الكتاب، أجابوا عن ذلك: بأنّ لهم شبهة كتاب وأنّ لهم كتاب أنزل لكنّهم ضلّوا عنه.
ولكنّ هذه الإجابة فيها نظر، والصواب أن يقال: إنّ كونه يخصّ الجزية بالذين أوتوا الكتاب لا يدلّ على أنّ غيرهم لا يؤخذ منه، بدليل هذا الحديث حديث بريدة : ( إذا لقيت عدوّك من المشركين ) ، لكن خُصّ أهل الكتاب لأنّ معهم علمًا في بعثة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ، فإذا أُخذت الجزية منهم وعاشوا في بلاد الإسلام فربّما يستجيبون، وهذا فيما سبق، أمّا الآن فإنّ النّصارى واليهود أشدّ عداوة من غيرهم في الوقت الحاضر، وأبعد النّاس عن الدخول في الإسلام والاستجابة ولا سيما العرب منهم فإنّ عندهم عنادً عظيما في البقاء على كفرهم، ولا تكاد تجد أحداً من نصارى العرب أو اليهود أسلم، لكن غير العرب يوجد كثير من النّصارى يسلمون، ومن المشركين، طيب إذن القول الرّاجح أخذها من جميع الكفّار.
ومن فوائد الحديث: أنّ فيه دليلاً على أنّه لا إكراه على الإسلام، لأنّه لو كان هناك إكراه ما قُبلت الجزية، فقبول الجزية يدلّ على أن لا إكراه في الإسلام، طيب إذن ما الواجب نحو الإسلام والله تعالى يقول: (( ليظهره على الدّين كلّه ))؟
الواجب: أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الظّهور للإسلام إمّا بالدّخول فيه وإمّا ببذل الجزية مع الصّغار لأنّه إذا بذل الجزية وصار يأتي إلينا ويعطينا الجزية بذلّ وخضوع فهذا هو العلوّ، ثمّ إنّ هذا الذي يعطي الجزية لو أنّه نقض العهد ولو بتعدّ على مسلم انتقض عهده ووجب أن يقتل، وحلّ دمه وماله وحينئذ يحصل إعلاء كلمة الله عزّ وجلّ.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ أوّل ما يدعى إليه النّاس الإسلام، فيكون فيه ردّ لقول من يقول: إنّ أوّل واجب هو النّظر، لأنّ هذا القول ضعيف، إذ أنّ الفطرة كافية في ذلك، فأوّل واجب أن يُدعى النّاس إلى التّوحيد، إلى الإسلام ولا حاجة إلى أن نقول: انظر في الآيات أوّلا ثمّ أسلم لأنّ هذا سوف يطيل المسألة ثمّ هو مخالف لسنّة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ودعوته إلى الإسلام بل كان يدعو إلى التّوحيد رأساً دون أن يقول انظر، انظر للمقدّمات والنّتائج وكيف حصل كذا وكيف حصل كذا، وهذا لا بدّ له من محدث والمحدث لا بدّ أن يكون واجب الوجود، ثمّ يدور راسهم ويقولون خلاص ما دام هذا الإسلام فالسّلام عليكم، نعم بل نقول أوّل ما ندعو إليه هو التّوحيد كما قال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لمعاذ بن جبل: ( فليكن أوّل ما تدعوهم إليه شهادة ألاّ إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله ) نعم.
ومن فوائد الحديث: أنّه يجب التّحوّل إلى دار الهجرة دون البقاء في البادية لما في ذلك من اجتماع الكلمة واجتماع النّاس في بلد واحد لكنّه يجب هذا أو أن يسقطوا حقّهم من الغنيمة والفيء فيقال: أنتم إن كنتم تريدون ما للمسلمين وعليكم ما عليهم فتحوّلوا إلى بلاد المهاجرين ولا تبقوا في البادية، وإن شئتم بقيتم ولكن لا حقّ لكم في الغنيمة إلاّ أن تشاركوا في الجهاد، إذا شاركتم في الجهاد فلكم من الغنيمة.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز أخذ الجزية على الكافر إذا لم يسلم، وهل هي عقوبة أو من أجل حمايته، لأنّ من له ذمّة تجب حمايته وعصمته، هاه؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني أو الأوّل؟
الطالب : الأول.
الشيخ : الظاهر الثاني ولهذا يجب علينا أن نحميهم، وإذا اعتدى عليهم أحد أخذنا بحقّهم ويجب علينا أن نكفّ عنهم أيضا لو اعتدى أحد على عرضهم، وغير ذلك.
فإن قيل: إنّها عقوبة على بقائه على الكفر فإنّنا نقفز منها إلى فائدة ثانية وهي جواز العقوبة بالمال.
والعقوبة بالمال ثابتة لا شكّ فيها، منها ما سبق في تحريق رحل؟
الطالب : الغال.
الشيخ : الغالّ، ومنها إضعاف القيمة على من كتم الضّالّة.
ومنها أيضا إضعاف القيمة أيضًا على من سرق من الثّمر المعلّق قبل أن يؤويه إلى الجرين.
المهمّ أنّ القول الرّاجح سواء بنيناها على هذا أو أخذنا من أدلتها القول الرّاجح أنه يجوز التّعزير بأخذ المال.
ولكن لو قال قائل: التّعزير بأخذ المال جائز لأنّه يستفاد منه نأخذ من المال ونجعله في بيت المال، لكن كيف تعزّرون بإحراق المال أو بكسر آلات اللهو أو ما أشبه ذلك؟
يقال: إنّ التّعزير هو التّأديب، فإذا كان التّأديب بالإحراق أو بالكسر أو ما أشبه ذلك كان هو الواجب، ونحن أتلفنا هذه الماليّة على صاحبها إذن نتلفها على بيت المال، لأنّ بيت المال أعمّ، فإذا جاز إتلافها على الأخصّ جاز إتلافها؟
الطالب : على الأعمّ.
الشيخ : على الأعمّ، وهذا واضح، هذا هو القياس، نعم.
ومن فوائد الحديث: استحضار الإستعانة بالله عند قتال الكفّار لقوله: ( فاستعن بالله عليهم وقاتلهم ).
والإستعانة بالله تكون بالقلب وتكون باللّسان، أما بالقلب فواضح أنّ الإنسان يستعين بالله عزّ وجلّ، وأمّا باللّسان فأن يقول: اللهمّ أعنّي عليهم، اللهمّ إنّا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهمّ إنّا نقاتلهم بك، ونقاتلهم لك، ونقاتلهم فيك وما أشبه ذلك من الكلمات التي يتوسّل فيها الإنسان إلى ربّه عزّ وجلّ في الدعاء المفيد للإستعانة.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز محاصرة العدوّ بمعنى أن نحيط به ونطوّقه، لكن هل يجوز في محاصرتهم أن نقطع عنهم الماء؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : نعم، إذا كان هذا مصلحة قطعنا الماء، إذا كان هذا أقرب إلى إجابتهم فإنّنا نقطع الماء عنهم.
فإن قال قائل: قطعكم الماء يستلزم هلاك الصّبيان والنّساء والشّيوخ ومن لا يجوز أن يقتل؟
قلنا: هذا اللّازم يكون تبعا غير مقصود فإنّنا لم نقصد بذلك هلاك هؤلاء الذين لا يقاتلون وإنّما قصدنا هلاك المقاتلين وجاء هلاك هؤلاء تبعا غير مقصود، ولهذا يجوز أن نرمي العدوّ بالمنجنيق، تعرفون المنجنيق؟
الطالب : نعم.
الشيخ : معروف، ما هو يا عقيل؟
الطالب : سلاح.
الشيخ : هاه؟
الطالب : سلاح المدافع.
الشيخ : هو يعني المدافع الموجودة الآن بمنزلة المنجنيق، لكن المنجنيق فيما سبق عبارة عن خشبتين تنصبان، والثالثة تكون عرضًا، وتكون هناك حبال، بل يكون هناك حبلان، طرفهما في مكان يجعل فيه الحجر ثمّ يدار بشدّة ثمّ يطلق، إذا أدير بشدّة ثمّ أطلق فإنّ الحجر سوف ينطلق ويكون على حسب قوّة الرّامي، على كلّ حال المنجنيق بدله الآن المدفع والصواريخ وما أشبه ذلك، يجوز أن نفعل هذا بالكفار وإن قتلنا من لا نقاتله لأنّ هذا غير مقصود بل هو تبع ولأنّنا لا يمكن أن نصل إلى المقصود إلاّ بهذه الطّريقة.
طيب ويمكن أن يستدلّ لذلك بإغارة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على بني المصطلق، لأنّه إذا غار عليهم سوف يكون عندهم نساء وربّما يقتلن نساء أو أطفال.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه لا يجوز للقائد المحاصر للحصن إذا أرادوا أن ينزلوا على حكمه أن يجعل لهم ذمّة الله وذمّة رسوله، يعني عهد الله وعهد الرسول، لماذا؟
علّلها النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام قال: لأنّه ربّما تخفر الذّمّة، وخفر ذمّة الإنسان أهون من خفر ذمّة الله ورسوله، فإن قيل: إذا كان الإنسان واثقا من الوفاء فما الجواب؟
أقول: وإن كان واثقًا فإنّ إخفار الذّمّة وارد قد يكون بسبب مباح لكنّ العدوّ لا يعلم فيظنّه غادرًا فيخفر أمام العدوّ بذمّة الله وذمّة رسوله.
أو يقال: الإنسان بشر يمكن أن يكون عند نقض العهد واثقا من الوفاء ولكنّه يطرأ عليه الغدر والخيانة، فلذلك نقول: لا يجوز أن تجعل لهم ذمّة الله وذمّة رسوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الأحكام معلّلة، يعني أنّها ليست مجرّد حكم بل لا بدّ لها من علّة إمّا أن تكون معلومة أو مجهولة أو منصوص عليها أو غير منصوص فالأقسام أربعة:
علّة معلومة منصوص عليها، وعلّة معلومة مستنبطة، والثالث: علّة مجهولة لنا لكنّها معلومة عند الله عزّ وجلّ فهذه ثلاثة أقسام. الرّابع: أن تكون مجرّد امتحان للعباد.
والمعلومة يمكن أن نقسّمها: إلى معلومة عند جميع النّاس، ومعلومة عند بعض الناس.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه ينبغي للمتكلّم في الفقه أو الموعظة أن يعلّل ما يذكر من الأحكام مهما أمكن، لأنّ ذلك يستفاد منه فائدتان:
الفائدة الأولى: بيان سموّ الشّريعة الإسلاميّة وأنّ أحكامها كلّها مربوطة بالمصالح.
والثاني: اطمئنان المكلَّف، لأنّه إذا ذُكر لكم حكم معلّل اطمأننت أكثر أعرفتم؟
فينبغي للعالم والواعظ إذا ذكر حكمًا ولا سيما في الأحكام التي قد تخفى على كثير من الناس أن يبيّن الحكمة لهاتين الفائدتين: الأولى؟
الطالب : بيان سموّ الشّريعة.
الشيخ : بيان سموّ الشّريعة، والثانية؟
الطالب : اطمئنان المكلف.
الشيخ : نعم، اطمئنان المكلّف، وربّما نزيد ثالثة وهو: القياس على الحكم المنصوص عليه المعلّل، لأنّ الأحكام تتبع العلل، مثال ذلك قوله تعالى: (( قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرّمًا على طاعم يطعمه إلاّ أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير فإنّه رجس ))، علّل تحريم هذه الأشياء بأنّها رجس، إذن نأخذ من هذا أنّ كلّ ما كان رجساً فهو حرام، حتى روث الحمير مثلا وعذرة الإنسان وما أشبه من ذلك فهي حرام، لأنّها رجس، طيب.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز اشتراك الحكم الثابت لله ورسوله بدون اقتران ثمّ أو بدون ثمّ، لقوله: ( ذمّة الله وذمّة رسوله )، وهذا يحتاج إلى تفصيل فيقال: في الأمور القدريّة لا تشرّك الله مع رسوله بما يقتضي الاشتراك والتّساوي، في الأمور القدريّة.
في الأمور الشّرعيّة لا بأس، وذلك لأنّ ما شرعه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فهو شرع الله.
أمّا الأمور القدريّة فإنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام لا يستقلّ بشيء من الأمور القدريّة، الأمور القدريّة لله وحده، هذا هو الضابط الذي فيه التّفصيل.
ومن فوائد هذا الحديث: إثبات تفاضل الأعمال قبحًا وحسنًا، من أين تؤخذ؟ ( أهون من أن تخفر ذمّة الله وذمّة رسوله ).
طيب وهذا هو الذي عليه أهل السّنّة والجماعة: أنّ الأعمال تتفاضل قبحًا وحُسنًا وإذا تفاضلت الأعمال لزم من ذلك تفاضل؟
الطالب : العامل.
الشيخ : العامل، فالناس طبقات حسب أعمالهم، ولهم في الجنّة درجات حسب أعمالهم.
ومن فوائد هذا الحديث: منع تنزيل الحصن المحاصر على حكم الله، لقوله: ( فلا تفعل )، ولكن هل هذا خاصّ بزمن حياة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لأنّ الإنسان لا يدري هل بقي الحكم أم نُسخ أو إنّه عامّ؟
الطالب : الأول.
الشيخ : ما هو الأوّل؟
الطالب : خاص.
الشيخ : أنه خاص ؟ كيف قل ؟
الطالب : خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم لأن القرآن كان ينزل فلعلها تكون منسوخة .
الشيخ : إي، هو لا شكّ أنّ القول بأنّه خاصّ بزمن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام واضح، لأنّه قد تنسخ الأحكام، قد يفارق أميرُ الجيش النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم على حكم ثمّ يتغيّر الحكم فلا يدري أيصيب أم لا.
وإذا قلنا: إنّه عامّ نقول أيضاً حتى بعد وفاة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لا تنزلهم على حكم اجتهادي، لأنّ الحكم الاجتهادي فيه الإصابة وفيه الخطأ لقول النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران ).
أمّا ما كان معلومًا بدون اجتهاد فلا بأس أن تنزلهم على حكمه وعلى حكم الله أيضًا لأنّه معلوم، مثلاً إذا أنزلناهم على أن نأسرهم: (( فإمّا منّاً بعدُ وإمّا فداءً )) هل وافقنا حكم الله أو لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، (( حتى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق فإمّا منّا بعد وإمّا فداء )) وعلى هذا فيكون العلّة التي قالها الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: ( فإنّك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أو لا ) العلّة إذا انتفت انتفى الحكم، فإذا كان الإنسان قد علم أنّه قد أصاب فيهم حكم الله فإنّه لا بأس أن ينزلهم على حكم الله.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه لا ينبغي للعالم أن يقول في حكم من الأحكام: حكم الإسلام في كذا كذا وكذا، واضح؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم لا تقل هكذا لأنّك قد تخطئ فينسب الخطأ إلى من؟
الطالب : الإسلام.
الشيخ : إلى الإسلام، ولكن قيّد فقل: حكم الإسلام في ما أرى كذا وكذا، نعم، وبه نعرف تهاون بعض المتأخّرين الذين تجد في كتبهم: الإسلام يقول كذا، الإسلام يمنع كذا، وما أشبه ذلك، مع أنّ هذه القولة أو هذا المنع قول ضعيف في الإسلام ومع ذلك ينسبونه إلى الإسلام، فيجب الحذر من مثل هذه الكلمات، - لعل عبد الله العامري إن شاء الله يعذرنا في هذا القرار-
أسمعتم، ربّما صحّت الأبدان بالعلل.
الطالب : الأحكام الظاهرة الصلاة الزكاة !
الشيخ : ربّما الشّيء الواضح مثل الميتة حرام في حكم الإسلام مثلا، الزّنا حرام، الشّيء الواضح واضح.
الطالب : ...
الشيخ : لا ما حاجة، إذا صار واضحًا ما يحتاج، لكن حتى تعبير الإنسان عمّا يفتي به بأنّ هذا هو الإسلام في ظنّي أنّه فيه نوع من الإعجاب، إعجاب الإنسان بنفسه، وأنّه هو زعيم الإسلام، يكفي أن نقول: هذا حرام قد ذكره الله في القرآن الكريم ويذكر الآيات.
الطالب : السؤال !
الشيخ : إذا جاء السّؤال بارك الله فيك، نحن يأتينا هذا في: " نور على الدّرب " لكن قلنا للمذيع : لا تقول كذا ، قل ما هو رأي الإسلام في نظرك، أو ما هو حكم الإسلام في نظرك، نعم؟
1 - تتمة فوائد حديث : ( سليمان بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً ، ثم قال : ( اغزوا باسم الله ، في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ...). أستمع حفظ
سؤال عن حكم تغوير الماء في الجهاد عن الكفار ؟
الشيخ : لا لا، هذا ضروري لأنّه إذا غوّر المياه إلاّ ما يحتاج المسلمون إليه فيه مصلحة عظيمة، نعم.
السائل : ذكرتم قول: الإسلام في كذا ، بعض العلماء مثلا يقول: والحق الذي يجب أن لا يصار إلى غيره ؟
الشيخ : والله يحتاج إلى نظر، قد يقول: الحقّ يعني عندي هو أحسن، أو الذي أرى أنّه حقّ.
في كثير من الأذهان أن الجزية لا تعطى إلا لأهل الكتاب لكن فيه حديث عن عبد الرحمن بن عوف ( ... سنوا بهم سنة أهل الكتاب ... ) ؟
الشيخ : يعني؟
السائل : المعنى أنّه ليس في هذا دليل قصر الجزية فقط على أهل الكتاب وأنّ غيرهم من المشركين ..
الشيخ : هذا هو الصّحيح، الصّحيح أنّها عامّة.
الطالب : انتهى الوقت يا شيخ.
الشيخ : انتهى طيب، أظنّ مازلنا في؟
الطالب : الفوائد.
الشيخ : فوائد حديث بريدة.
الطالب : ...
الشيخ : هاه؟ أخذنا فوائده؟
الطالب : ...
الشيخ : هل بيّنّا أنّه إذا عرف حكم الله يجوز أن ينزلهم على حكم الله؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : طيب، بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد .
قال المؤلف ابن حجر رحمه الله في: " بلوغ المرام "
3 - في كثير من الأذهان أن الجزية لا تعطى إلا لأهل الكتاب لكن فيه حديث عن عبد الرحمن بن عوف ( ... سنوا بهم سنة أهل الكتاب ... ) ؟ أستمع حفظ
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها . متفق عليه .
سبق لنا أنّ كلمة كان تفيد الاستمرار لكن لا دائماً بل غالباً ، والدّليل على أنّها ليست دائما على سبيل الاستمرار، ما ورد في الأحاديث في الصّلاة إذ كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وسلّم يقرأ في صلاة الجمعة بسبّح والغاشية، وكان يقرأ بالجمعة والمنافقين، وكان يقرأ في العيدين بق واقتربت، وكان يقرأ فيهما بسبّح والغاشية، كلّ هذا يدلّ على أنّ كان لا تفيد الاستمرار، لكن إن وجد قرينة أفادت الإستمرار بهذه القرينة.
وقوله: ( كان إذا أراد غزوة ورّى بغيرها ) أي: أرى النّاس أنّه يريد غيرها، فإذا كان يريد الذّهاب إلى ناحية الشّمال سأل عن طريق الجنوب، هو لا يقول: أنا أريد الجنوب، لكن يسأل يقول ماذا تقولون مثلا في الطريق إلى الجنوب، كيف يذهب الإنسان وما أشبه ذلك، وليس المعنى أنّه يقول: أنا أريد أن أذهب إلى الجنوب، لأنّه لو قال أنا أريد أن أذهب إلى الجنوب صار؟
الطالب : كذبًا.
الشيخ : كذبًا صريحًا، لكن إذا جعل يسأل أين الطّريق إلى بني فلان، إلى قبيلة فلان التي في الجنوب يظنّ النّاس أنّه يريد؟
الطالب : الجنوب.
الشيخ : يريد الجنوب لكنّه يريد الشّمال، والحكمة من ذلك هو تعمية الأخبار عن الأعداء، لأنّ الأعداء إذا علموا بخبر فإنّهم سوف يتأهّبون على مقتضى ما علموا فيحصل بذلك مضرّة على المسلمين، ولهذا لم يكن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو لم يظهر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الجهة التي يريدها إلا في غزوة واحدة فقط وهي غزوة تبوك، فإنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم صرّح بأنّه يريد ذلك، لأنّها جاءت في وقت الحرّ، وفي وقت طيب الثّمار، فلا بدّ أن يصرّح للناس بهذا ولأنّ العدوّ بعيد عنهم فلهذا صرّح بذلك النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام.
4 - وعن كعب بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها . متفق عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( كعب بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها ... ).
ومن فوائده: جواز التّورية، ونحن إذا قلنا: جواز فلا ينفي أن تكون مستحبّة في بعض الأحيان، وذلك لأنّ كلّ حكم وصف بالجواز فإنّه قد ينقلب إلى مسنون، وقد ينقلب إلى واجب، وقد ينقلب إلى مباح، وقد ينقلب إلى محرّم، وقد ينقلب إلى مكروه، يعني أنّ الحكم بالإباحة لا ينفي أن يكون الشّيء محرّمًا أو واجباً أو مسنوناً أو مكروهًا بحسب ما تقتضيه الأدلّة، فالبيع مثلا من الأشياء؟
الطالب : المباحة.
الشيخ : المباحة، (( وأحلّ الله البيع )) وإذا باع الإنسان سلاحا في فتنة؟
الطالب : صار حراما.
الشيخ : صار حراما، وإذا باع عنبا لمن يتّخذه خمرا صار حراما.
وإذا اضطرّ الإنسان إلى مأكل أو مشرب صار البيع عليه؟
الطالب : واجبا.
الشيخ : واجبا، وهلمّ جرّا، ومثله أيضا كلّ المباحات يمكن أن تجد فيها الأحكام الخمسة، فإذا كانت جائزة فلا يعني أنّها لا تستحبّ في بعض الأحيان، وليعلم أنّ التّورية نوعان:
تورية بالفعل، وتورية بالقول:
فالتّورية في القول: أن يريد بلفظه ما يخالف ظاهره، هذه التّورية في القول. والتّورية في الفعل: أن يفعل ما يخالف ما يريد ظاهرًا، فكلاهما على خلاف المراد فيما يظهر للناس، وهل التّورية في القول جائزة؟
قال بعض العلماء: بل اتّفق العلماء على أنّ التّورية إذا كانت في شيء محرّم فهي حرام، التّورية في الشّيء المحرّم حرام، يعني لو أنّ صاحب حقّ ادّعى على المحقوق أنّ عنده وديعة فقال إنّي أودعت هذا الرّجل ألف درهم فأنكر الرّجل، فهل يجوز لهذا المنكر أن يورّي بالإنكار فيقول مثلا: ما له عندي شيء يريد ب" ما " الاسم الموصول أي: الذي عندي له شيء؟
نقول هذا حرام، وهذا متّفق عليه، متّفق على أنّ التّورية القوليّة إذا تضمّنت فعل محرّم أو إسقاط واجب للغير فهي حرام، فإن لم تتضمّن ذلك فهل هي جائزة أو لا؟
وإذا قلنا بالجواز فهل هي تصل إلى الاستحباب في بعض الأحيان أو لا؟ الصّواب أنّها ليست جائزة إلاّ إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو المصلحة، وإنّما قلنا بهذا، لأنّ هذا المورّي إذا ظهر فيما بعد خلافَ ما قال صار عند النّاس كاذبا وهذه مفسدة، فلهذا نرى أنّه لا تجوز التّورية إلاّ إذا كانت لحاجة أو لمصلحة وإلاّ فلا يجوز.
5 - فوائد حديث : ( كعب بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها ... ). أستمع حفظ
وعن معقل أن النعمان بن مقرن قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس ، وتهب الرياح ، وينزل النصر . رواه أحمد والثلاثة وصححه الحاكم ، وأصله في البخاري .
هذا أيضًا من الحكمة في تدبير الجهاد، أن يتحرّى الأوقات التي تكون أقرب إلى النّصر، فمثلا: أوّل النّهار لا شكّ أنّه بعد برودة اللّيل ونشاط الجسم بعد النّوم فهو وقت مناسب للقتال، فإذا لم يحصل ذلك فلا ينبغي أن يَستقبل الإنسان القائلة، يعني شدّة الحرّ، لأنّ ذلك ضرر، بل يؤخّر إلى أن تزول الشّمس، ولا بدّ أيضًا أن نُلاحظ أنّه يؤخّر إلى أن تزول الشّمس ويحصل البرودة ، لأنّه عند زوال الشّمس المباشر لا يحصل بذلك برودة، بل إنّهم يقولون: أشدّ ما يكون من الحرارة بعد زوال الشّمس بنحو ساعة.
وقوله: ( حتى تزول الشّمس ) أي: تميل إلى جهة المغرب وذلك لأنّ الشّمس أوّل ما تطلع تكون في ناحية المشرق فإذا توسّطت السّماء زالت، أي مالت جهة المغرب، ثمّ أخذت بالبرودة بعد أن كانت في الحرارة.
وقوله: ( تهب الرّياح ): هذا شيء معتاد أنّه في آخر في النّهار تهبّ الرّياح، إمّا عواصف شديدة أو دون ذلك، لكن تتحرّك الرّياح بإذن الله في آخر النّهار، وهذه الرّياح التي تتحرّك في آخر النّهار تكون باردة لأنّ الجوّ قد برد.
وقوله: ( وينزل النّصر ) : هل إنّ هذا النّصر الذي ينزل أمر لا نعلم سببه، أو أنّ المراد ينزل النّصر لأنّ الناس قاتلوا في زمن يكون فيه النّشاط والقوّة والشّجاعة وهذا أقرب إلى النّصر؟
فيه احتمالان، فإن كان الله تعالى ينزل النّصر في آخر النّهار حُمل على ذلك، وإن كان المعنى أنّ القتال في آخر النّهار سبب للنّصر فهذا سبب حسيّ معلوم.
مُعدّات القتال اختلفت قد لا يتناسب مع هذا الوقت، قد يكون في اللّيل أحسن يعني .
الطالب : اجتهاديّة.
الشيخ : اجتهاديّة، إلاّ إذا ثبت أنّ نزول النّصر في آخر النّهار حكمًا كونيًّا لا يعلم سببه وهذا يحتاج إلى دليل، نعم؟
السائل : شيخ التورية ليست ابتداءًا .
الشيخ : إيش؟
السائل : ليست ابتداءًا؟
الشيخ : لا، لا بأس بها لكن لحاجة.
السائل : ...
الشيخ : نعم؟
السائل : ...
الشيخ : لا لا، الحرب خُدعة، من يسأل؟ نعم يا أخي؟
6 - وعن معقل أن النعمان بن مقرن قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس ، وتهب الرياح ، وينزل النصر . رواه أحمد والثلاثة وصححه الحاكم ، وأصله في البخاري . أستمع حفظ
ما حكم من يستعمل التورية في كل كلامه ؟
الشيخ : لا، نحن نرى أنّها لا تجوز إلاّ لحاجة أو مصلحة .
الطالب : قال في *سبل السّلام* : في معقل بن النعمان قال: وهذا سبق قلم ، يعني المكتوب .
الشيخ : النّعمان بن مقرن، إي نعم ، بارك الله فيك هذا تنبيه طيّب لكن لو راجعت: *الإصابة في تمييز الصّحابة* عشان يكمل البحث.
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : هو تكلم عليه .
الشيخ : كيف؟
الطالب : قال : عن معقل بن النعمان .
الشيخ : هذا من يقوله؟
الطالب : الشوكاني.
الشيخ : أيه، والذي عندنا؟
الطالب : عن معقل بن النعمان .
الشيخ : عن معقل بن النّعمان.
الطالب : نعم ، ...
الشيخ : هاه؟
الطالب : قوله إنه وهم .
الشيخ : نعم.
الطالب : قال هذا أيضا.
الشيخ : قال إيش؟
الطالب : نبّه على المسألة هذه.
الشيخ : نعم.
الطالب : أقرأ ما قال.
الشيخ : أي نعم.
الطالب : قال: " معقل بن يسار المزني ألحقناه تصحيحًا من الأطراف للمزّي وإلا فقد اختلفت نسخ بلوغ المرام في هذا، وقد جعل بعضهم ابن مكان أنّ فقال: عن معقل بن النّعمان، ولكن ما أثبتناه هو الصّحيح إن شاء الله تعالى، والذي أثبته هو وعن معقل بن يسار المزني أنّ النّعمان بن مقرّن رضي الله عنه ".
الشيخ : أحسنت، نعم؟
الطالب : وأراد يا شيخ في: *تهذيب التّهذيب.
نقل من سبل السلام مع تعليق الشيخ عليه : ( ولم يذكر ابن الأثير معقل بن مقرن في الصحابة إنما ذكر النعمان ابن مقرن وعزا هذا الحديث إليه وكذلك البخاري وأبو داود والترمذي أخرجوه عن النعمان بن مقرن فينظر فما أظن لفظ معقل إلا سبق قلم والشارح وقع له أنه قال هو معقل بن النعمان بن مقرن المزني ولا يخفى أن النعمان هو ابن مقرن ... ).
الطالب : لا لا ، الشارح .
الشيخ : " والشارح وقع له أنه قال : هو معقل بن النعمان ا لمزني ولا يخفى أن النعمان هو بن مقرن فإذا كان له أخ فهو معقل بن مقرّن لا ابن النّعمان " .
الطالب : الشوكاني .
الشيخ : هاه؟
الطالب : ثم قال !
الشيخ : قال ابن الأثير : " ابن النّعمان هاجر ومعه سبعة إخوة له يريد أنّهم هاجروا كلّهم معه فراجعت التّقريب للمصنّف فلم أجد فيه صحابيّا يقال له معقل بن النّعمان ولا ابن المقرّن بل فيه النّعمان بن مقرّن فتعيّن أنّ لفظ معقل في نسخ بلوغ المرام سبق قلم وهو ثابت فيما رأيناه من نسخه " ثابت يعني؟
الطالب : يعني في نسخ بلوغ المرام على هذا .
الشيخ : كلّ النّسخ على هذا يقول، أيضا راجع الإصابة.
الطالب : نصححه .
الشيخ : لا، حتى نحقّق شويّة، تسميع، الوقت راح، حديث معقل بن يسار عن النّعمان بن مقرّن، أخذنا فوائده؟
الطالب : لا ما أخذنا.
الشيخ : نعم؟
الطالب : ما أخذنا واحدة .
الشيخ : أخذنا الفوائد؟
الطالب : لا.
الشيخ : كلّها، ما أخذنا شيء أبد؟
الطالب : لا.
الشيخ : هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : يعني ما أخذنا شيء؟
الطالب : لا.
8 - نقل من سبل السلام مع تعليق الشيخ عليه : ( ولم يذكر ابن الأثير معقل بن مقرن في الصحابة إنما ذكر النعمان ابن مقرن وعزا هذا الحديث إليه وكذلك البخاري وأبو داود والترمذي أخرجوه عن النعمان بن مقرن فينظر فما أظن لفظ معقل إلا سبق قلم والشارح وقع له أنه قال هو معقل بن النعمان بن مقرن المزني ولا يخفى أن النعمان هو ابن مقرن ... ). أستمع حفظ
فوائد حديث :( النعمان بن مقرن قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال ... ).
من فوائد حديث معقل :
من فوائده: أوّلًا: أنّه ينبغي القتال في أوّل النّهار لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إذا لم يقاتل أخّر القتال حتّى تزول الشّمس.
ومنها: حسن رعاية النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم بمراعاة الأوقات المناسبة للقتال، وإذا كان هذا هو السّبب فإنّه يمكن أن يقال: إنّ هذا يختلف باختلاف الأحوال، فإذا قدّرنا أنّ مفعول السّلاح في اللّيل أبلغ منه في النّهار فليكن في اللّيل ولا حرج في تبييت الكفّار وإن قتل من لا يجوز قتله كما نصّ على ذلك أهل العلم، لأنّ هؤلاء الذين قتلوا إنّما قتلوا تبعا لا قصدًا.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الغالب أنّ آخر النّهار تهبّ الرّياح وتبرّد الأرض بعد حرارة الشّمس لقوله: ( حتى تزول الشّمس وتهبّ الرّياح ) .
ومِن فوائده: أنّه متى كان الجوّ مناسباً كان هذا أقرب إلى الظّفر والنّصر لقوله: ( وينزل النّصر ) هذا إذا قلنا إنّ نزول النّصر سببه إيش؟
الطالب : حسي.
الشيخ : حسّي، وهو برودة الجوّ ، وأمّا إذا قلنا أنّ نزول النّصر في آخر النّهار سببه أمر شرعيّ فهذا لا نعلم ما هو السّبب.
9 - فوائد حديث :( النعمان بن مقرن قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال ... ). أستمع حفظ
وعن الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم ، فقال : هم منهم . متفق عليه .
نعم قال: ( سئل عن أهل الدار من المشركين ) : المراد بأهل الدّار هم أهل القرية، أهل المنزلة، بل حتى لو كانوا مجتمعين في خيام فإنّهم يُسمّون أهل دار وذلك لأنّ هذه المنطقة تجمعهم.
وقوله: ( يبيّتون ): يعني يغار عليهم ليلا أي: في اللّيل يهاجمون.
وقوله: ( فيصيبون من نسائهم وذراريهم ): يعني يصيبون النّساء والذّريّة بالقتل فقال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( هم منهم ) هم الضّمير يعود على النّساء والذّريّة، منهم أي: من أهل القرية .
ولا شكّ أنّ هذا التّبييت سيؤدّي إلى قتل النّساء والذّريّة، وقتل النّساء والذّريّة في الحرب ليس بجائز إلاّ من شارك في الحرب فإنّه يقاتل كما لو شاركت امرأة في القتال فإنها تقتل كالرّجل.
10 - وعن الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم ، فقال : هم منهم . متفق عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الدار من المشركين يبيتون ... ).
ومن فوائده: الإشارة إلى ما ذكره العلماء أنّه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً ، وذلك بإباحة قتل النّساء والذّريّة في هذا التّبييت والأصل أنّ قتل النّساء والذّريّة لا يجوز، لأنّ النّساء والذّريّة يكونون أرقّاء بالسّبي، وعلى ملك المسلمين، ولا يجوز إتلاف أموال المسلمين لكن هذا للحاجة ولكون ذلك تبعا لا استقلالا.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ من كان مجتمعًا مع قوم فإنّه يكون منهم أي: له حكمهم، ولهذا جاء التّحذير من مجامعة المشرك والسّكنى معه، فإنّ ذلك يؤدّي إلى الاختلاط به وإلى الاصطباغ بدينه وأخلاقه وبالتّالي يكون الإنسان من هؤلاء المشركين الذين جامعهم.
واستدلّ بعض العلماء بهذا الحديث على أنّ الذّريّة يتبعون آباءهم فيحكم عليهم بالشّرك إذا كان آباؤهم مشركين، لعموم قوله: ( هم منهم ).
ولا شكّ أنّ المولود يولد على الفطرة لكنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه ) ، فيحكم على أولاد المشركين بأنّهم منهم في أحكام الدّنيا .
أمّا الآخرة فالصّحيح أنّهم يمتحنون فيها بما يريد الله عزّ وجلّ من التّكليف في الآخرة ، ثمّ من أطاع منهم دخل الجنّة ومن عصى دخل النّار، هذا ما لم يبلغ فإن بلغ فهو مستقلّ بنفسه يسلم أو يكفر يكون مستقلاّ.
11 - فوائد حديث : ( الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الدار من المشركين يبيتون ... ). أستمع حفظ
وعن عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل تبعه في يوم بدر : ( ارجع فلن أستعين بمشرك ) . رواه مسلم .
قولها: " قال لرجل تبعه في يوم بدر " : يوم بدر أوّلاً نسأل ما هو بدر؟
فيقال: هو مكان بين مكّة والمدينة، وهو معروف على الطّريق الأوّل لسالك طريق السّيّارات، ولا يزال موجودًا الآن قرية ومعروفة، وبوم بدر كان في سبعة عشر من رمضان في السّنة الثانية من الهجرة.
وسبب هذه الغزوة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم بلغه أنّ أبا سفيان قد أقبل إلى مكّة ومعه عير لقريش محمّلة مِن الشّام، فخرج صلّى الله عليه وسلّم إلى هذه العير ليأخذها لأنّ قريشًا حربيّون، والحربيّ يجوز أخذ ماله، لأنّه حربي كما يجوز قتله، فَعَلم بذلك أبو سفيان، فعدل عن الطّريق الأصليّ وسار من عند سيف البحر، وأرسل إلى قريش يستنجدهم، فخرجت قريش بكبرائها وزعمائها وحدّها وحديدها خرجوا كما وصفهم الله بقوله: (( بطرًا ورِئاءَ النّاس ويصدّون عن سبيل الله )) ، وجمع الله بينهم وبين النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم على غير ميعاد وكانوا نحو تسعمائة رجل، والنّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ومن معه كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا، وليس معهم إلاّ سبعون بعيرًا وفرسان فقط يتعاقبون عليهم، جمع الله بينهم وهم كما وصفهم الله أذلّة ليس معهم سلاح ولا استعداد، ولكنّ الله سبحانه وتعالى نصرهم.
في هذا اليوم تبعه رجل من المشركين فقال له: ( ارجع فلن أستعين بمشرك )، خوفا منه، أمره بالرّجوع وقال: ( لا أستعين بمشرك ) ، لأنّ المشرك لا يؤتمن، وكذلك غير المشركين كاليهود والنّصارى فإنّهم لا يؤتمنون.
ولهذا كتب أحد عمّال الأمصار إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه حين بلغ عمر أنّه قد اتّخذ -أي: هذا الأمير- قد اتخذ كاتبا نصرانيّا فكتب إليه أي عمر إلى هذا الأمير : " أن اعزله وقال: وكيف نأمنهم وقد خوّنهم الله ، فأرسل إليه يقول: هذا الرّجل عنده علم وحاسب وجيّد ومتابع، كأنّه يريد أن يبقيه، فكتب إليه: من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى فلان إنّ النّصرانيّ قد مات " ، بس والسّلام، معنى هذا الكلام :
إذا مات فماذا تفعل؟
وكأنّه يوبّخه على محاولة إبقاء النّصراني كاتبًا في شأن من شؤون المسلمين، ولهذا يعتبر من الغباوة أن يؤتمن النّصارى واليهود وغيرهم من الكفّار على أمور المسلمين، سواء كان في السّلاح أو غير ذلك، لأنّهم أعداء بنصّ القرآن، واليهود والنّصارى بعضهم أولياء بعض بنصّ القرآن، وإذا كان عدوّا لك كيف تأتمنه فلا يؤمنون، وما ضرّ الأمّة الإسلاميّة إلاّ ائتمان غير المسلمين، ولشيخ الإسلام رحمه الله كلام في: *الفتاوي كلام جيّد جدّا حول هذا الموضوع وهو ائتمان اليهود أو النّصارى أو غيرهم من الكفّار على أحوال المسلمين، بكتابة أو غيرها، ففي المسلمين من هو خير من هؤلاء، كما قال تعالى: (( ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم )).
12 - وعن عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل تبعه في يوم بدر : ( ارجع فلن أستعين بمشرك ) . رواه مسلم . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( ارجع فلن أستعين بمشرك ).
الفائدة الأولى: الحذر من المشركين حتى وإن تظاهروا بالمساعدة والمعاونة فالواجب الحذر منهم.
ومن فوائده أي: من فوائد الحديث: ردّ من خرج مع المسلمين بمساعدتهم في الغزو، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ردّه وقال: ( لن أستعين بمشرك ).
فإن قال قائل: أليس النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قد استعان بصفوان بن أميّة باستعارة الدّروع منه؟
قلنا: بلى لكن هذا استعانة بالمال، والذي نفاه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم هنا هو الاستعانة بالنّفس، لأنّه إذا أعاننا بنفسه لا نأمن خيانته أن يدلّ الأعداء على خفايا أسرارنا، أو أن يقاتل لا قتال الشجاع المدافع.
أمّا الاستعانة بماله فلا بأس لأنّ الذين استعملوا الدّروع من؟
المسلمون فلا ضرر علينا في ذلك، هذا خير محض فلا يعارض هذا الحديث.
فإن قال قائل: أليس قد استعان النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم بمشرك في أخطر موقف له وهو الهجرة، فإنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم اتّخذ هادياً أي: دليلا رجلا يقال له: عبد الله بن أُريقط من بني الديل وكان مشركًا، فكيف نجيب عن هذا الحديث؟
نجيب عنه بأنّ لكلّ مقام مقاله، ففرق بين الاستعانة بالكفّار في حال الحرب، وبين الاستعانة بالكفّار في مثل الدّلالة على الطّريق أو ما أشبه ذلك، أو يقال: -جواب آخر- أنّنا متى أمنّا من خيانتهم واستفدنا منهم بالرّأي أو بالقتال فلا بأس، لأنّ الحكم يدور مع العلّة وجودا وعدما، ولعلّ هذا الوجه أقرب لأنّ عبدالله بن أُريقط لو شاء لخان أعظم خيانة فإنّ قريشا قد جعلت لمن جاء بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر، قد جعلت له مائتي بعيرا، ومائتا بعير في ذلك الوقت لها شأن كبير، فالذي يظهر أن يقال الأصل منع الإستعانة بالمشركين في الحرب، هذا الأصل لكن إذا كان هناك مصلحة أو منفعة محقّقة مع الأمن من غدرهم ومكرهم فإنّ ذلك لا بأس به لأنّه مصلحة بلا مضرّة، والحكم يدور مع علّته وجودا وعدما.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة في بعض مغازيه ، فأنكر قتل النساء والصبيان . متفق عليه .
قوله: ( رأى امرأة مقتولة في بعض مغازيه ): ولم تعيّن لكن لا يهمّنا تعيين الغزوة إنّما المقصود معرفة الحكم.
وقوله: ( فأنكر قتل النّساء ) : أنكر يعني أنّه نهى عنه لكن بشدّة ، لأنّ الإنكار أخص من النهي، قد ينهى عن الشّيء بدون إنكار ولكن إذا أنكر فقد تضمّن النّهي وزيادة.
وقوله: ( قتل النّساء والصّبيان ) : النّساء مطلقا حتّى البالغات، وأمّا الصّبيان فهم الذّكور غير البالغين، وإنّما نهى عن ذلك ، لأنّ النّساء والصّبيان يكونون أرقّاء بالسّبي، وإذا قتلوا فوّت على المسلمين خيرًا كثيرًا.
14 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة في بعض مغازيه ، فأنكر قتل النساء والصبيان . متفق عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث :( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة في بعض مغازيه ... ).
أوّلاً: أنّه يجب إنكار المنكر حتى وإن كان فاعله جاهلا بالحكم وذلك لأنّ الذين قتلوا هذه المرأة لا شكّ أنّهم جاهلون ولو كانوا عالمين بذلك ما قتلوها.
والثاني: تحريم قتل النّساء والصّبيان في حال الحرب .
فإن قيل: لو فعلوا ذلك بنا بأن قتلوا صبياننا ونساءنا فهل نقتلهم؟
الطالب : لا.
الشيخ : الظاهر أنّه لنا أن نقتل النّساء والصّبيان ولو فاتت علينا الماليّة، لما في ذلك من كسر قلوب الأعداء وإهانتهم، ولعموم قوله تعالى: (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) .
وتفويت المال على المسلمين ليس بشيء غريب، ولهذا يُحرَّق رحل الغالّ مع ما فيه تفويت مال على أحد الغزاة.
فإن قال قائل: لو هتكوا أعراض نسائنا فهل نهتك أعراض نسائهم؟
لا، هذا لا نفعله، لماذا؟
لأنّ هذا محرّم لنوعه، ولا يمكن أن نفعله، يعني ليس محرّماً لاحترام حقّ الغير ولكنّه محرّم بالنّوع فلا يجوز أن نهتك أعراض نسائهم، ولكن إذا حصلت القسمة ووقعت المرأة منهم سبيًا صارت ملك يمين يطؤها الإنسان حلالا ولا شيء فيه.
طيب وهل يخصّص من النّساء من كانت تحارب؟ الجواب؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، لو فُرض أنّ المرأة تحارب كما هو في عصرنا الحاضر الآن ففي النّساء من تقود الطّائرة، وترمي بالمدفع والصّاروخ وغير ذلك فإنّها تقتل لأنّه ليس بينها وبين الرّجل فرق.
ألا يمكن أن نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم استعانة بالمشركين إجارة ؟
السائل : ألا يمكن الجواب عن قصّة عبد الله بن أريقط أنّ هذا من باب الإجارة ؟
الشيخ : نعم.
السائل : وليس من باب الاستعانة به .
الشيخ : نعم، هو مستعين به، لكنّه بالأجرة، والإستعانة بالمشرك محرّمة سواء بأجرة أو بغير أجرة إذا لم يكن في ذلك مصلحة وأمن، نعم؟
سؤال عن حكم التمثيل بالكفار ؟
الشيخ : لا أعلم هذا، أنا أعلم ما جاء في حديث بريدة سابقاً أنّه إذا كان إذا أمّر أميرا على جيش أو سريّة نهاه عن التّمثيل.
السائل : ما في إشكال .
الشيخ : نعم؟
السائل : يا شيخ إذا قتلوا النساء والصبيان فيصير تمثيل !
الشيخ : نعم.
السائل : ما الفرق بين التّمثيل والقتل؟
الشيخ : قلنا في التّمثيل إذا مثّلوا بقتلانا مثّلنا بقتلاهم.
السائل : شيخ؟
الشيخ : نعم يا أحمد؟
إذا قتل الكفار نسائنا وذراريننا فنحن نقتل نسائهم وذراريهم لكن رجالهم هم الذين قتلوا ونسائهم لا ذنب لهم ؟
الشيخ : نعم.
السائل : فلنا أن نقتل نساءهم وذراريهم، لكن يا شيخ هم الرّجال الذين قتلوا النّساء!
الشيخ : نعم.
السائل : ونساؤهم لا ذنب لهم، فكيف يؤخذ بجريرتهم؟!
الشيخ : هذا لأجل المصلحة العامّة.
السائل : هنّ ما أذنبن؟
الشيخ : لا، المصلحة العامّة في هؤلاء المقاتلين، لأنّنا لو لم نفعل بهم ما فعلوا بنا صار هذا ذلاّ، نعم.
18 - إذا قتل الكفار نسائنا وذراريننا فنحن نقتل نسائهم وذراريهم لكن رجالهم هم الذين قتلوا ونسائهم لا ذنب لهم ؟ أستمع حفظ
هل تحريم قتل النساء والصبيان الكافرين حتى أثناء المعركة ؟
الشيخ : كيف المعتبر؟
السائل : في أثناء المعركة مثلا ؟
الشيخ : كيف؟
السائل : في أثناء المعركة.
الشيخ : حتى في أثناء المعركة، ما دامت لم تقاتل فلا تقتل.
السائل : إذا قتلوا نساءنا وصبياننا ، فكيف نقتل نساءهم وصبيانهم يعني هذه خسارة ثانية لنا لأنّ هذا .
الشيخ : إي لكن فيه مصلحة وهي عزّ المسلمين، لأنّ في عدم قتلهم ذلّ لنا وعزّ المسلمين أهمّ من المال.
سؤال عن حكم أطفال المشركين في الآخرة ؟
الشيخ : نعم.
السائل : إذا قتلنا الذرية وهم منهم هل يكونون على الفطرة أم يكونون على الكفر؟
الشيخ : نقول: الله أعلم، هم في الدّنيا حكمهم حكم آبائهم، لكن في الآخرة كما سمعتم القول الرّاجح: أنّهم يمتحنون بتكاليف الله أعلم بها، نعم.
هل ملك اليمين تكون تملك بمجرد القسمة وهل لمن كانت له أربع زوجات أن يسترى وما حكم اليمين إذا كن من المجوس ؟
الشيخ : كيف؟
السائل : بدون ملكة ؟
الشيخ : أي نعم بدون ملكة، إذا صارت من نصيب أحد الغزاة فهي ملكه.
السائل : متزوج أربعة ويأخذها جارية يا شيخ ؟
الشيخ : كيف؟
السائل : متزوّج أربعة .
الشيخ : أي نعم.
السائل : وثلاثة .
الشيخ : سبايا؟
السائل : أي نعم.
الشيخ : أي نعم، لا بأس.
السائل : ولو مجوس يجوز ؟
الشيخ : هاه؟
السائل : لو كانوا مجوس؟
الشيخ : أي نعم، ولو كانوا مجوس، في ملك اليمين، المحرّم النّكاح يعني ما يجوز نكاح الكافرات إلاّ الكتابيّات، يوسف؟
21 - هل ملك اليمين تكون تملك بمجرد القسمة وهل لمن كانت له أربع زوجات أن يسترى وما حكم اليمين إذا كن من المجوس ؟ أستمع حفظ
هل من العدل في قتل نساء وأطفال الكفار إذا قتلوا نسائنا وأطفالنا ؟
الشيخ : من اعتدى عليكم؟
الطالب : فاعتدوا عليه.
الشيخ : (( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )).
الطالب : وإذا كان يفوت العدل؟
الشيخ : أيّ عدل؟
الطالب : العدل مع النّساء ؟
الشيخ : أبدا ما يفوت العدل، هم قتلوا نساءنا نقتل نساءهم، هذا هو العدل، ليس العدل أن نقول: إذا قتلوا نساءنا فلا نقتل نساءكم، لأنّه لاحظ أنّ هذا يؤثّر عليهم تأثيرا عظيما، نعم آدم؟
السائل : بارك الله فيك قتل المشركين وذراريهم هل يكون ذلك من غير قصد ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : من غير قصده ؟
الشيخ : إي من غير قصد.
السائل : يعني الأصل أنّهم .
الشيخ : الأصل أنّه لا يجوز أن تقصد قتل النّساء والذّريّة.
السائل : لهذا الحديث يا شيخ؟
الشيخ : لهذا الحديث، والرّسول أنكر قتل المرأة نعم.
الآن الوضع الغالب في الدول الإسلامية يكون فيها الجيش مسلين وغير مسلمين فهل هؤلاء الجنود يقاتلون مع عامة الجيش المسلم ؟
الشيخ : الآن القتال في غالب الدّول الإسلاميّة ليس للإسلام، للوطنيّة، فهؤلاء الكفّار يعتقدون أنّهم مواطنون وأنّهم يدافعون عن وطنهم كما يدافع المسلم.
السائل : إذا أمكن تعديله ؟
الشيخ : إذا أمكن تعديله طيب.
السائل : يعني يخرجوا من الجيش ؟
الشيخ : إذا أمكن التّعديل وتنقية الجيش من هؤلاء فهو طيب، كذلك أيضا إذا أمكن تعديل الجيش من أهل البدع المكفّرة فهذا طيب لأنّهم لا يؤمنون لكن أنّى ذلك اليوم؟ اليوم أنّى ذلك؟
السائل : بيد القيادة فقط .
الشيخ : ما هو بأيدينا هذا، ليس بأيدينا.
23 - الآن الوضع الغالب في الدول الإسلامية يكون فيها الجيش مسلين وغير مسلمين فهل هؤلاء الجنود يقاتلون مع عامة الجيش المسلم ؟ أستمع حفظ
هل نساء الكفار اللاتي يداوين جرحى الكفار يجوز قتلهم في الحرب ؟
الشيخ : نعم.
السائل : الممرّضات من المشركات يا شيخ؟
الشيخ : نعم.
السائل : يكونون في المعركة ويعالجون المرضى والجرحى حكمهم حكم المقاتلات ؟
الشيخ : الظاهر أنّ هذا أهون من المقاتلات، أوّلا أنّ المرأة هنا لا تباشر القتال لكن الرّجل إذا باشر القتال ربّما ينهزم من العدوّ وحينئذ يتفرق الجيش، تنكسر قلوبهم ولهذا حرّم الله عزّ وجلّ الفرار من الزّحف، نعم خالد؟
السائل : شيخ إذا خرجت فئة باغية على الإمام .
الشيخ : نعم.
السائل : والإمام ضعيف، وهذه الفئة إذا لم تقاوم مباشرة قامت، هل يجوز للإمام أن يستعين بالمشركين على الفئة الباغية؟
الشيخ : تحتاج إلى نظر، ما دامت هذه الفئة الباغية إذا استولت وظهرت على الإمام ستبغي أيضًا هذه ينظر فيها، ينظر فيها، نعم؟
هل تقتل المرأة الكافرة إذا شك حالها أنها شاركت في القتال ضد المشركين ؟
الشيخ : إيش؟
السائل : أم لابد من التيقن ؟
الشيخ : إذا إذا؟
السائل : إذا اشتبه علينا أمر المشركة في أرض المعركة .
الشيخ : أمر؟
السائل : إذا اشتبه علينا أمر المشركة هل هي مقاتلة أو غير مقاتلة ؟
الشيخ : هي في الصّفّ وإلاّ خارج الصّف؟
السائل : خارج الصّفّ.
الشيخ : ما نقتلها.
السائل : مررنا بها ؟
الشيخ : ما نقتلها، الأصل البراءة، الأصل أنّها لا تقتل حتّى نتيقّن أنّ لها مشاركة في القتال، نعم؟ يلاّ يا سليم .
سؤال عن المرأة الكافرة التي وجدت مقتولة في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم ؟
الشيخ : نعم .
السائل : أم الذين فعلوا ذلك كانوا جاهلين في الحكم ؟
الشيخ : أي نعم.
السائل : فهل يربط ... ؟
الشيخ : لأنّ المسلمين الذين قتلوها لو كانوا عالمين بالنّهي ما قتلوها، اللهم إلاّ إذا كان بغير قصد، خطأ، فربّما، أما عمدًا وهم يعرفون النّهي لا يمكن، نعم.
سؤال عن النهي الذي ورد الصيد ليلا ؟
الشيخ : إي، ورد حديث في النّهي عن الصّيد ليلا، فقيل: أنّه من أجل أنّ الصّيد هادئ وساكن وآمن، وقيل: إنّ ذلك خوفا على الصّائد من أن يناله أذى من الصّيود أو من السّباع أو من الدّواب، وإلاّ فالأصل الحلّ: (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً )) فإذا أمن فلا بأس.
السائل : بعض الصيود لا تخرج إلاّ في اللّيل.
الشيخ : نعم؟
السائل : التي لا تخرج إلاّ ليلا؟
الشيخ : كيف؟
السائل : هناك صيود لا تخرج إلاّ ليلا.
الشيخ : أي لا بأس، حتى التي تخرج في النّهار لا بأس أنّ الإنسان يصيدها، لكن خوفا من أن يتضرّر بمتابعتها نقول: لا تلق بيدك إلى التّهلكة.
وعن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقتلوا شيوخ المشركين ، واستبقوا شرخهم ) . رواه أبو داود وصححه الترمذي .
" وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اقتلوا شيوخ المشركين ، واستبقوا شرخهم ) " :
الشّيوخ: كبار السّنّ يعني من زادوا على الأربعين، ولكن المراد بذلك من بلغ وهو أهل للقتال، هذا المراد به هنا.
وقوله: ( واستبقوا شرخهم ) الشّرخ هم: الصّغار الذين لم يبلغوا.
ففي قوله عليه الصّلاة والسّلام: ( اقتلوا شيوخ المشركين ) يعني: في الغزو، أو في غير الغزو إذا لم يكن بيننا وبينهم عهد، لأنّ المشرك إذا لم يكن بيننا وبينه عهد فهو مباح الدّم بالنّسبة لنا.
28 - وعن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقتلوا شيوخ المشركين ، واستبقوا شرخهم ) . رواه أبو داود وصححه الترمذي . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( اقتلوا شيوخ المشركين ، واستبقوا شرخهم ).
وفيه أيضا من الفوائد: وجوب استبقاء الصّغار لقوله: ( استبقوا شرخهم )، وقد سبق أنّه يجب استبقاء النّساء أيضاً، وأنّ النّساء لا يقتلن إلاّ إذا قتالن، وفي عصرنا الحاضر نجد أنّ نساء العدوّ يشاركن في القتال، فإذا كان كذلك فإنّهنّ كالرّجال تماماً، يعني أنهن يقتلن.
وعن علي أنهم تبارزوا يوم بدر . رواه البخاري وأخرجه أبو داود مطولاً .
المبارزة: مشتقّة من البروز وهو الظّهور، ومعناها أن يطلب أحد رجال الجيش من رجال العدوّ أن يبارزه في القتال، يبرز له فيقاتله، وفائدة هذا التّبارز أنّه إذا قُتل أحد المتبارزين صار في ذلك قوّة للقوم الذين منهم القاتل، وصار في ذلك ضعف وذلّ للذين منهم المقتول، ويكون هذا مِن أسباب النّصر، ونوعًا من أنواع الجهاد، يعني بدلا من أن يكون بالسّيف، بدلا ما يكون بالرّصاص يكون بمثل هذا، لأنّ ضعف قلب العدوّ من أكبر أسباب النّصر، ولهذا قال النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( نُصرت بالرّعب مسيرة شهر ).
لكن شرط المبارزة أن يكون لدى الإنسان علم بكيفيّة المبارزة وأن يكون عنده قوّة يستطيع بها أن يقضي على خصمه، أمّا أن يخرج رجل ليس عنده علم بذلك أو ليس عنده قوّة فإنّه لا يجوز ويجب أن يمنع.
فوائد حديث : (علي أنهم تبارزوا يوم بدر ).
الطالب : المقاتلة.
الشيخ : المقاتلة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لا، لأنّني أنا رأيتك صاد عن الدّرس تنظر إلى شيء آخر، المبارزة؟
الطالب : البروز والظهور.
الشيخ : ومعناها؟
الطالب : خروج المقاتل !
الشيخ : أن يطلب أحد؟
الطالب : أحد المقاتلين من الآخر أن يبرز له أحد ليقاتله بالسيف .
الشيخ : نعم أحسنت، وفائدتها علمتموها، ولكن شرطها شيئان: الشّيء الأوّل إيش؟
الطالب : العلم.
الشيخ : العلم بكيفيّة المبارزة، والشّيء الثاني: القوّة، لأنّه إن لم يكن عالما فإنّه يُخدع ويُغلب، وإن كان عالما لكن ليس عنده قوّة فإنّ الثاني في الغالب يغلبه، يقول:
" أخرجه أبو داود مطوّلا " نعم.
ويذكر أيضًا أنّ عليّا رضي الله عنه بارز عمرو بن ودّ في أحد المغازي وأنّه لما خرج عمرو من صفّ القتال صاح به علي وقال: والله ما خرجت لأبارز رجلين.