تتمة فوائد حديث : ( علي أنهم تبارزوا يوم بدر ).
ويذكر أيضا أنّ عليّا رضي الله عنه بارز عمرو بن ودّ في أحد المغازي وأنّه لما خرج عمرو من صفّ القتال صاح به علي وقال: والله ما خرجت لأبارز رجلين! فظنّ عمرو أنّ معه رجل آخر فالتفت فضربه عليّ، وهذه خُدعة لكنّها خدعة جائزة، لأنّني ما خدعت رجلا آمنا بل هو خرج مغامرا بنفسه وخرج ليقتلني فإذا وجدت حيلة أن أقتله أنا فلا بأس، ولهذا جاء في الحديث: ( الحرب خدعة ).
إذن في حديث عليّ رضي الله عنه جواز المبارزة لكنّها بشرطين كما سمعتم.
وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال : إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار يعني : (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )) ( البقرة : 195 ) قاله رداً على من أنكر على من حمل على صف الروم حتى دخل فيهم . رواه الثلاثة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم .
قوله: ( إنّما أنزلت هذه الآية ) : أبهم المنزل للعلم به فإنّ الذي أنزلها هو الله عزّ وجلّ، وهذا نظيره في القدر قوله تعالى: (( وخلق الإنسان ضعيفا )) فإنّه أبهم الخالق للعلم به وهو الله.
وقوله: ( أنزلت هذه الآية فينا معشر ) : المعشر هم الطائفة وسمّوا بذلك لأنّ بعضهم يعاشر بعضا ويناصره ويؤيه.
وقوله: ( الأنصار ) : هم قبيلتان كبيرتان في المدينة إحداهما الأوس والثانية الخزرج، وسمّوا أنصارا لنصرهم النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
قوله تعالى: (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة )) : تلقوا بها أي: تضعوها أمام ما يهلكها ، كما يقال : " ألقى بالحبل " أي: وضعه أمام وجهه ، فالمعنى لا تلقوا بها أمام الهلاك.
وقوله: (( بأيديكم )) المراد بها النّفس، المراد بذلك النّفس لكن يعبّر بالأيدي عن النّفس كثيرا في اللّغة العربيّة ومنه قوله تعالى: (( بما كسبت أيديكم )) أي: بما كسبتم.
والتَّهلُكة تفعُلة من الهلاك، أي: ما يقوم به الهلاك.
قال رضي الله عنه: ( ردّا على من أنكر على من حمل على صفّ الرّوم حتى دخل فيهم ) : لأنّهم مع الرّوم كانوا في غزوة ، فحمل رجل من المسلمين على صفّ الرّوم وهم أمّة حتى دخل فيهم وقاتلهم ، فقال النّاس : ألقى بيده للتّهلكة، فبيّن أبو أيّوب رضي الله عنه أنّ هذا ليس من التّهلكة ، وأنّها نزلت فيهم حين كفّوا أيديهم عن الإنفاق في سبيل الله، وقالوا ننفق الأموال في غير هذا، فأنزل الله تعالى: (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة وأحسنوا إنّ الله يحبّ المحسنين )) : فبيّن رضي الله عنه، أنّه ليس الحمل على صفّ العدوّ من الإلقاء بالنّفس للتّهلكة.
طيب وقوله: ( حتى دخل فيهم ) : نعم يعني دخل فيهم وقاتلهم.
2 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال : إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار يعني : (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )) ( البقرة : 195 ) قاله رداً على من أنكر على من حمل على صف الروم حتى دخل فيهم . رواه الثلاثة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أبي أيوب رضي الله عنه قال : إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار يعني : (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )) ... ).
من فوائده: أنّ القرآن منزّل لقوله: " أنزلت فينا هذه الآية "، قال العلماء: ويتفرّع على هذه القاعدة فرعان عظيمان:
الفرع الأوّل: علوّ الله عزّ وجلّ، لأنّ النّزول لا يكون إلاّ من أعلى.
والثاني: أنّ القرآن كلام الله، لأنّه إذا نزل من عنده وهو صفة من الصّفات والكلام صفة المتكلّم ليس عيناً قائمة بنفسها، فهو إذا أضيف إلى الله لزم أن يكون كلام الله، وهو كذلك قال الله تبارك وتعالى: (( وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله )).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يجوز للإنسان أن يذكر نفسه بما قد يُلام عليه بيانًا للحقّ لأنّ أبا أيّوب الأنصاري رضي الله عنه بيّن سبب نزول هذه الآية، أو بيّن ما نزلت فيه هذه الآية، وهو أنّهم كفّوا أيديهم عن الإنفاق وقالوا إنّنا نضيع أموالنا في القتال فلماذا لا نصرفها إلى أشياء أخرى، ولا شكّ أنّ مثل هذا يلام عليه العبد، لكنّه رضي الله عنه ذكره بياناً للحقّ، والله يقول: (( كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم )).
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الحمل على صفّ الكفّار ولو واحدا، وجه ذلك أنّ أبا أيوب أقرّ هذا، وأنكر على من أنكره.
فإن قال قائل: هل يجوز الحمل ولو غلب على ظنّه أن يقتل؟
فالجواب: نعم، أمّا إذا تيقّن أن يقتل فإنّه لا يجوز، لأنّه يكون أعان على قتل نفسه، لكن مع احتمال ولو واحد بالمائة، مع احتمال النّجاة يجوز.
ومن فوائد هذا الحديث: بيان شجاعة الصّحابة رضي الله عنهم أو على الأقلّ نقول: بيان شجاعة جيوش المسلمين المقاتلة لأعدائهم، لأنّ هذا الرّجل وهو فرد حمل على صفّ الرّوم وهم أمّة، أمّة عظيمة.
ومن فوائد هذا الحديث: تحريم الإلقاء بالنّفس إلى التّهلكة، لقوله تعالى: (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة )).
ومن فوائده: أنّ الهلاك يكون حسيًّا بالجسد، ومعنويًّا بالعمل، لأنّها إذا كانت نزلت هذه الآية في هؤلاء الذين أرادوا أن يكفّوا أيديهم عن المساعدة في القتال فهذا هلاك إيش؟
معنوي، في العمل وليس بالجسد.
أمّا قوله تعالى: (( ولا تقتلوا أنفسكم )) فهو نهي عن قتل النّفس جسديّا، لكن يصلح أن نقول: حتى هذه الآية تدلّ على هذا، أي: على تحريم الإلقاء بالنّفس على التّهلكة.
3 - فوائد حديث : ( أبي أيوب رضي الله عنه قال : إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار يعني : (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )) ... ). أستمع حفظ
وعن ابن عمر قال : حرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير وقطع . متفق عليه .
الطالب : وقطّع.
الشيخ : هاه؟ أي نعم: ( وقطّع ) والظّاهر أنّه يجوز الوجهان، لكن عندي مشكولة بالتّشديد.
( حرّق نخل بني النّضير ) : بنو النّضير إحدى القبائل الثلاث اليهوديّة التي عاهدت النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حين قدم المدينة، ولكنّ كلّ هذه الطّوائف خانت، وهم بنو النّضير، وبنو قينقاع، وبنو قريظة وكلّهم خانوا .
لما حاصر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بني النّضير وخرجوا، قبل أن يخرجوا قطّع نخلهم وحرّقها، حرّقها بالنّار إذلالاً لهم وحملا لهم على الاستسلام أو الخروج، وقد كانوا يخرّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين كما في سورة الحشر.
( وقطّع ) : يعني بعضها حرّق، يعني أنّه حرّق البعض وقطع البعض الآخر فحصل من ذلك تشويه لسمعة المسلمين، وقالوا: ها هو محمّد ينهى عن إضاعة المال ثمّ يحرّق النّخيل ويقطّعها، وهذه إضاعة مال، فأنزل الله تعالى: (( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله )): يعني أنّ الله هو الذي أذن لنا، وإذا أذن الله بشيء صار حلالاً، حتى إن كان جنسه حراماً فإنّه يكون حلالا، أرأيتم السجود لغير الله ألم يكن شركا؟
الطالب : بلى.
الشيخ : ولما استكبر عنه من أُمر به أي: بأن يسجد لغير الله صار هذا الذي استكبر كافراً، فإنّ الله أمر الملائكة بالسّجود لآدم فسجدوا إلاّ إبليس.
قتل الأولاد من كبائر الذّنوب، ولمّا أمر الله به خليله إبراهيم صار قربة من أفضل القرب.
فقطع النّخيل أو إحراق النّخيل إضاعة مال لا شكّ، لكن إذا أذن الله به صار قربة، فالله تعالى أذن لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم بأن يحرّق النّخيل ويقطّعها، ثمّ قال: (( وليخزي الفاسقين )) هذه فائدة عظيمة إذلال المنافقين.
الطالب : وليخزي ...
الشيخ : نعم، فخزي الفاسقين أمر مطلوب للشّرع، حتى وإن ضاع به المال، فبيّن الله سبحانه وتعالى أنّ الله أباح له أن يفعل وأنّ من فوائد هذا إذلال الفاسقين يعني الكافرين.
فوائد حديث : ( حرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير وقطع ).
قلنا: نعم هذا إفساد مال لكن لمصلحة أهمّ وهي: إذلال الكفّار ونصر المؤمنين.
ومن فوائد هذا الحديث: الإشارة إلى قاعدة عظيمة عند العلماء وهو: " أنّه إذا وجد مفسدة ومصلحة يغلّب أقواهما، فإن تساويا غلّب دفع المفسدة " ، ولهذا نقول العبارة المشهورة: " درء المفاسد أولى من جلب المصالح " ، ليس على إطلاقها إنّما هذا مع تساوي الأمرين، وأمّا مع ترجّح المصلحة فإنّ المفسدة تنغمر فيها.
فهنا لا شكّ أنّ قطع النّخيل وإحراقها مفسدة، لكن يتحقّق به مصلحة أعظم، فإذا وجد في فعل من الأفعال مصلحة ومفسدة وكانت المصلحة أرجح أخذنا بماذا؟
الطالب : بالمصلحة.
الشيخ : بالمصلحة، أمّا مع التّساوي : " فدرء المفاسد أولى من جلب المصالح " ، لأنّه لو لم يكن فيه إلاّ السّلامة لكان ذلك مرجّحا.
طيب فإن قال قائل وهل يلحق بذلك هدم القصور والبيوت؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم يُلحق بهذا، قال الله تعالى: (( يخربون بيوتهم )) وفي قراءة : (( يخرّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين )) : فدلّ ذلك على جواز هدم بيوت الكفّار.
فإن قيل: ألا يمكن أن يهرب هؤلاء عن ديارهم وعن حيطانهم وتبقى مصلحتها للمسلمين؟
قلنا بلى يمكن هذا، لكن إذلال هؤلاء الكفّار أهمّ، أهمّ من ذلك، والمسلمون إذا غنموا الأرض أمكنهم أن يعيدوا ما كان فيها من بناء وما كان فيها من غراس.
" وعن عبادة بن الصّامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تغلُّوا ، فإن الغُلول نارٌ وعارٌ على أصحابه في الدنيا والآخرة ) رواه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان " ، انتهى الوقت؟
الطالب : نعم يا شيخ.
الإعداد للكفار بالقوة الإيمانية يؤخذ وقتا ؟
السائل : شيخ بارك الله فيك قلنا العبرة فيمن يبارز مثلا القوة ، واستغلال قوة مطلوبة للإنسان في الجهاد .
الشيخ : نعم.
السائل : فهل ينبغي لنا أن الواحد يتمرن ، ترهنت الأجسام يا شيخ، الواحد ما يستطيع يجري عشرة أمتار؟
الشيخ : (( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة )) لا بدّ من هذا.
السائل : يا شيخ هذا يأخذ وقتا طويلا على طالب العلم.
الشيخ : أيهن ؟
السائل : القوة .
الشيخ : نحن نرجو الله سبحانه وتعالى أن يأتي اليوم الذي يفتح باب التّدريب على مصراعيه للمتطوّعين والمنتظمين، لأنّه فيه مصلحة عظيمة، لكن مع الأسف الأمور الآن ما تأتي على ما نحبّ، لكن مرّن نفسك أنت.
السائل : الوقت ، الوقت للطلب.
الشيخ : ولو على كلّ حال، الوقت نعم صحيح، لكن بإمكانك فيه الآن يعني أشياء معدّات يستعملها الإنسان في بيته، نعم أنا رأيت واحدًا عنده : " سيكل " ، تعرف " السيكل " ؟
السائل : نعم.
الشيخ : نعم، سيكل ثقيل بالحيل مرّة، يركب عليه ثمّ يمشّيه، ويأخذ تمارين عظيمة في هذا، لعلّك تفعل.
السائل : يمشي يا شيخ .
الشيخ : هذا أشدّ لأنّه يتحرّك بسرعة ولا بدّ من قوّة، نعم.
هل في حديث أبي أيوب هذا خرما للقاعدة المعروفة " أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ؟
الشيخ : لا، هو قصده بهذا الإنكار على من أنكر.
السائل : ولكن !
الشيخ : وبيّن أنّ هذا ليس من التّهلكة، هذا الغرض.
السائل : ولكن اللفّظ الظاهر يا شيخ، ظاهر الآية؟
الشيخ : ظاهر الآية العموم، لكن هل هذا من التّهلكة؟
السائل : ليس منها.
الشيخ : هذا مراده.
السائل : احتجّ عليهم بقوله: إنّما أنزلت فينا لماذا استدلّ بسبب النّزول؟
الشيخ : نعم.
السائل : لماذا لم يقل هذا ليس منها ؟
الشيخ : نعم لأجل أن يبعد فهمها على وجه الخطأ.
7 - هل في حديث أبي أيوب هذا خرما للقاعدة المعروفة " أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ؟ أستمع حفظ
إذا تيقن هذا المجاهد أنه يموت إذا دخل في صفوف الكفار ولكنه يقتل جماعة كبيرة منهم ؟
الشيخ : كأنّك تريد الإنسان الذي يضع على نفسه قنابل ويدخل بينهم، هكذا؟
السائل : لا ما قصدي هذا .
الشيخ : ما قصدت، إيش الذي قصدت؟
السائل : نعم ، يدخل فيهم يتمكن يعني يقتل بعض الكفّار ويقتلونه.
الشيخ : ليس بيقين هذا، يعني ربّما يكون عنده قوّة، نعم، يستطيع أن يتهرّب حتى ينجو، مثل ما فعل البراء بن مالك في يوم اليمامة.
السائل : ... حتى لو غلب على ظنه أنه مقتول فلا يفعل .
الشيخ : نعم.
السائل : في يا شيخ أحكام شرعية مبنية على غلبة الظن .
الشيخ : نعم.
السائل : فما الدليل على القاعدة هذه ؟
الشيخ : الدّليل على هذا أنّ الصّحابة أقرّوا مثل ذلك، لأنّ كونه رجلا واحدا على صفّ عظيم من الرّوم مجنّدة يغلب على الظّنّ أنّه يقتل.
السائل : لو كان مثلا معروف بالقوة والقتال ...؟
الشيخ : ما هو على كلّ حال، عندنا مثل عامّي يقول: " الكثرة تغلب الشّجاعة ".
السائل : وعندنا أيضا.
الشيخ : نعم؟
السائل : وعندنا أيضا.
الشيخ : وعندكم هذه.
لما كان الجزائريّون يقاتلون الفرنسيّين، كنّا خارجين في نزهة، ومعنا مدرّس، هذا ما يسجل!
سؤال عن كون الكسب إذا أضيف إلى اليد فما معناه ؟
الشيخ : إيش؟ أخذنا من اليد إيش؟
السائل : من اليد القوة .
الشيخ : نعم نعم.
السائل : فلماذا تسموننا بأهل التأويل ؟
الشيخ : أي نعم ، نقول : إنّ القرآن نزل بلسان عربيّ مبين، واللّسان العربي يقتضي أنّك إذا قلت: فعلت كذا بيدي فالمراد اليد الحقيقيّة، وأمّا إذا قلت: كسبت يدي، أو كسبت يداي، أو ما أشبه ذلك فالمراد أنا، هذا مقتضى اللّغة العربيّة، والقرآن نزل بلسان عربيّ، وفرق بين من يقول: ضربته بيدي، وبين من يقول مثلا: ضربته يدي أو كلمة نحوها، أو هذا بعمل يدي، فرق بينهما.
هل يدخل في الإعداد للكفار بالقوة الطائرات وأنواع الأسلحة الأخرى ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : شيخ بارك الله فيك قلنا إنه يشترط للمبارزة القوّة والعلم.
الشيخ : نعم.
السائل : من عنده علم وقوة فهل يقاس على ذلك يا شيخ الآن الطيران؟
الشيخ : إيش؟ الطّيران؟
السائل : هل يقاس على ذلك الطيران وكذا ؟
الشيخ : إيه كلّ شيء.
السائل : يقاس ؟
الشيخ : الطّيّرات تشبه الخيل في عهد الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.
السائل : المبارزة تقاس عليها ؟
الشيخ : إيش؟
السائل : المبارزة يقاس عليها.
الشيخ : لا لا لا، السّهام في عهد الرّسول يقاس عليها الصّواريخ وما أشبهها.
السائل : هل نقول ... بعض الشيء يقاس عليها ؟
الشيخ : المبارزة يسمّونها الآن : القتال بالسّلاح الأبيض.
السائل : السلاح الأبيض الخنجر والسيف.
الشيخ : الخنجر والسّيف مو يعني بس الأبيض، نعم.
السائل : أحسن الله إليكم الآن ...
الشيخ : إي، والله نقول فيها فائدة عظيمة، نقول فيها فائدة يستطيع الإنسان أن يروغ عن خصمه روغان الثّعلب مع قتله إيّاه، نعم؟
السائل : قال كل ما يقع من الأمور، وإن أكل السم فهو مقدّر أيضًا.
الشيخ : نعم.
السائل : فما الفرق يعني ؟
الشيخ : وإن أكل السّمّ ومات؟
السائل : فهو مقدّر.
الشيخ : وإن لم يأكله، أكل التّمر بدله ومات؟
السائل : فهو مقدّر.
الشيخ : كلّ شيء له سبب، نعم؟
ما حكم تحريق الزرع للحاجة وذلك إذا كان في الزرع هذا حشرات ؟
الشيخ : إي نعم .
السائل : وهذا له وجه يا شيخ ؟
الشيخ : ليس له وجاهة ، لكن له وجهة بأنّه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالا، فإذا قدّر أنّ في هذه النّخيل حشرات، أو طيور، أو ما أشبه ذلك فهذا بغير قصد، ونظير هذا ما يفعله بعض النّاس الآن من أهل المزارع إذا حصدوا الزّرع خافوا أن يحدث نبات سيّء يضرّ بالزّرع في المستقبل فيحرّقون أصول هذا الزّرع وربّما يكون فيه حشرات أو فيه أفراخ طيور أو ما أشبه ذلك، فهذا جائز ما فيه مانع، وذلك لأنّه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا، نعم فؤاد؟
إننا قلنا بجواز لبس القنابل المميتة ويدخل على بعض الزعماء فيقتلهم ؟
الشيخ : سمعتم كلامه؟
الطالب : لا.
الشيخ : يقول: أنّنا إذا قلنا بجواز أنّ الإنسان يلبس قنابل مميتة ويدخل على بعض الزّعماء أو غيرهم ويقتلهم ويقتل نفسه، قلنا بجواز هذا؟
الطالب : لا لا ، لم نقل بجواز هذا.
الشيخ : من أين أتيت بهذا يا فؤاد؟
الطالب : حصلت مصلحة عظيمة.
الشيخ : لكن هل أنا قلت ذلك؟
الطالب : قلنا جواز ذلك.
الشيخ : قلنا بالجواز؟
الطالب : إي إذا حصلت مصلحة عظيمة جدّا .
الشيخ : لا لا، نحن قلنا إذا حصلت مصلحة في الإسلام.
الطالب : للإسلام يعني؟
الشيخ : للإسلام صحّ، واستدللنا لذلك بقصّة الغلام، أما مسألة فرديّة ما يجوز هذا.
الطالب : طيب وإذا دخل في وسط العدوّ قد يحصل به مصلحة عظيمة.
الشيخ : أي، نحن نقول: ادخل ما دام عندك قدرة وقوّة ادخل، أمّا تروح تدخل وتقول يا جماعة اقتلوني لأكون شهيدا هذا ما يجوز، نعم؟
سؤال عن الضابط في تقدير المصالح والمفاسد ؟
الشيخ : في إيش؟
الطالب : ذكر ابن القيم في أحكام الشهادة، ذكر أن القاعدة في المصلحة والمفسدة !
الشيخ : إيش؟
الطالب : القاعدة في المصلحة والمفسدة.
الشيخ : أنّ إيش؟
الطالب : القاعدة في المصلحة والمفسدة.
الشيخ : إي نعم.
الطالب : في باب المصلحة والمفسدة غير واضحة .
الشيخ : نعم.
الطالب : التي ذكرها.
الشيخ : كلمة غير واقعة لا يستطيع الواحد أن يقول: غير واقعة، لأنّ المصالح والمفاسد تختلف، قد يكون الإنسان في عصره ما يرى أنّ المصلحة والمفسدة تتساوى من كلّ وجه لكن ربّما يحدث، هذه حوادث ما دام المسألة مقرونة بالمصالح يمكن الجزم بهذا، صحيح أنه ربّما يعتبر إنسان هذه مصلحة، وإنسان آخر يقول: هذه غير مصلحة هذه ممكنة، فتتعارض الأقوال، نعم؟
الطالب : إذا تبارز مسلمان بالسيف.
الشيخ : إيش؟
الطالب : إذا تبارز مسلمان بالسيف مزاح هل يدخل في حديث ابن عمر: ( من حمل علينا السلاح فليس منا ) ؟
الشيخ : إيش؟
الطالب : أقول: إذا تبارز مسلمان بالسيف مزاح ، تبارزا بالسّلاح، يتمازحون بالسلاح وآذى منها الآخر.
الشيخ : أي هذا لا يجوز.
الطالب : ولو كان مزحا؟
الشيخ : ولو كان مزحاً نعم، وقد نهى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك لأنّ الشّيطان ربّما يفلتها من يده حتى يقتل أخاه، نعم خلاص؟
الطالب : حديث سمرة بن جندب: ( اقتلوا شيوخ المشركين ).
الشيخ : كيف ؟
الطالب : الأوراق التي تطبع .
الشيخ : آه الأوراق التي تطبع: اقتلوا شيوخ المسلمين! من الذي كتبه؟! هاه؟
الطالب : فيها اقتلوا شيوخ المسلمين !
الشيخ : طيّب، صحّحها، هذه مشكلة كان أوّل ما نبدأ بك أنت.
الطالب : ههههه ...
الشيخ : لا لا، لكن هذه ما فيها إشكال يا أخي الرسول يقول: اقتلوا شيوخ المسلمين؟!
الطالب : خطأ .
الشيخ : خطأ واضح، إن شاء الله تعدّله، وأنتم أيضا الآن عدّلوها ، كلّ واحد يعدّل.
نقرأ درسًا جديدًا أظنّ ؟
مناقشة ما سبق.
ما تقول يا إبراهيم في المبارزة في الحرب أمحمودة هي أم مذمومة؟
الطالب : محمودة إذا توفّرت شروطها.
الشيخ : وهي؟
الطالب : العلم، والقدرة.
الشيخ : نعم، محمودة إذا توفّرت شروطها.
ما هي ثمرة المبارزة، ياسر؟
الطالب : ثمرة المبارزة أنّه إذا قتل أحد المتبارزين كان سبباً في إضعاف الجيش.
الشيخ : نعم.
الطالب : وتكون هزيمة نفسية.
الشيخ : نعم.
الطالب : وتنشيط.
الشيخ : وتنشيط؟
الطالب : وتنشيط للجيش الذي قَتَل !
الشيخ : مبارزه.
الطالب : مبارزه.
الشيخ : أي نعم طيب.
هل يجوز للإنسان أن يغامر فيدخل في صفّ المشركين، عقيل؟
الطالب : نعم، يجوز.
الشيخ : يجوز؟
الطالب : لا، لا يجوز.
الشيخ : لا يجوز؟
الطالب : لقوله تعالى: (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة )).
الشيخ : لقوله تعالى: (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة ))، لكن أبا أيّوب الأنصاري ينكر عليك ، ما راجعت، الظاهر أنّك ما راجعت، متى قدمت من الرّياض؟
الطالب : اليوم يا شيخ.
الشيخ : إذن أنت معذور، شرافي؟
الطالب : لا يا شيخ.
الشيخ : إيش لا؟ يجوز وإلاّ لا يجوز؟
الطالب : يجوز أن يدخل فيهم ، ويقتل المشركين.
الشيخ : طيب.
الطالب : لكن يشترط يا شيخ أن لا يكون يغلب على ظنه أنه يقتل .
الشيخ : أي، يعني يجوز إذا غلب على ظنّه أنّه سينجو، أو إذا غلب على ظنّه أنّه سيهلك، أو إذا تساوى عندك الأمران أم ماذا؟
الطالب : إذا تيقن الهلاك فلا .
الشيخ : نعم.
الطالب : وإن غلب النجاة فيجوز.
الشيخ : طيب، صحيح إن تيقّن الهلاك فإنّه لا يجوز وإن غلب على ظنّه النّجاة أو صار فيه احتمال للنّجاة فإنّه يجوز بشرط أن يكون فيه مصلحة عظيمة.
هل يمكن أن يستدلّ بالآية يا عبد الله عوض؟
الطالب : نعم.
الشيخ : هل يمكن الإستدلال بالآية: (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة )) على أنّه لا يجوز للإنسان أن يتصرّف في نفسه تصرّفاً يضرّها ؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : يجوز، بمعنى أنّ ما ذكرته لك الآن داخل فيها لفظاً أو قياساً؟
الطالب : لفظًا عامّ.
الشيخ : عامّ، يعمّ التّهلكة في الدّين والتّهلكة في البدن وفي المال وغير ذلك.
طيب لماذا لم يتسدلّ بها عمرو بن العاص حين قال له النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ( أصلّيت بأصحابك وأنت جنب؟ ) ؟
الطالب : اعتبر الآية الأخرى .
الشيخ : وهي؟
الطالب : قوله تعالى: (( ولا تقتلوا أنفسكم )) ، فإنها تفي : (( ولا تقتلوا أنفسكم إنّ الله كان بكم رحيما )).
الشيخ : أي أحسنت، طيب فيه شيء يا شرافي؟
السائل : نعم يا شيخ هذه الآية عامة في الدنيا ، وأما في ...
الشيخ : أيّها؟
السائل : (( ولا تقتلوا أنفسكم )).
الشيخ : واالله فيه احتمال ما قاله الأخ عبد الله أنه اكتفى بهذه الآية، وليس بلازم أن يستدلّ الإنسان بكلّ دليل.
طيب هل يجوز أن نقطّع نخل العدوّ ونحن يغلب على ظنّنا أن نغنم الأرض؟
الطالب : نعم.
الشيخ : قل: لا تدري.
الطالب : نعم يجوز .
الشيخ : لا ، أنت يا أخي، أنت الذي تلتفت أي نعم، يلاّ يا آدم؟
الطالب : يجوز إذا كان فيه مصلحة.
الشيخ : الدّليل؟
الطالب : الدّليل فعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مع الصّحابة .
الشيخ : مع الصّحابة؟!
الطالب : أي نعم.
الشيخ : يعني قطّع نخيلهم؟!
الطالب : لا قطع نخيل بني النضير .
الشيخ : وهم صحابة؟
الطالب : النبي صلّى الله عليه وسلّم !
الشيخ : بنو النّضير من هم؟
الطالب : يهود المدينة ، من قبائل المدينة .
الشيخ : قبيلة من قبائل اليهود الذين في المدينة.
الطالب : نعم.
الشيخ : هم كفار أم مسلمون؟
الطالب : هم كفّار.
الشيخ : طيب، إذن قطّع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نخيلهم مع أنّه يمكن أن تبقى للمسلمين؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب ما رأيك يا خالد لو قال قائل هذا إفساد؟
الطالب : هو صحيح إفساد.
الشيخ : أي نعم.
الطالب : لكن المصلحة أرجح من هذه المفسدة، المصلحة المترتّبة على تقطيع النّخيل وإعزاز المسلمين وإذلال أهل الشّرك والكفر لا شك أنها أفضل بكثير من إضاعة الأموال.
الشيخ : هل أجاب الله عن هذا الإيراد؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : في؟
الطالب : في سورة الحشر.
الشيخ : اتل الآية؟
الطالب : قال تعالى: (( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين )).
الشيخ : طيب، أحسنت، نأخذ درس جديد، أظنّ شرحنا الحديث يا إخوان؟
الطالب : لا ما شرحناه.
الشيخ : هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب لا بأس.
وعن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تغلوا ، فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة ) . رواه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان .
( لا تغلّوا ): لا: ناهية ولهذا جزم الفعل بعدها بحذف النّون.
والغلول: أن يكتم الغانم شيئا ممّا غنم.
وقوله: ( فإنّ الغلول ) إلى آخره ( نارٌ وعارٌ على أصحابه في الدنيا والآخرة ) : أمّا كونه نارا في الآخرة فظاهر، ولكن كيف يكون نارا في الدّنيا؟
يمكن أن يقال: إنّ قوله في الدّنيا والآخرة متعلّق بقوله: عار لا نار، وأنّه نار على أصحابه في الآخرة، وعار عليهم في الدّنيا والآخرة، لأنّه خِزي ونشر لغلولهم، فإنّ الغالّ يأتي يوم القيامة وهو يحمل على عنقه ما غلّه من حيوان أو متاع.
15 - وعن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تغلوا ، فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة ) . رواه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( لا تغلوا ، فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة )
وفيه أيضًا أنّه من كبائر الذّنوب، ووجه كونه من كبائر الذّنوب الوعيد عليه، لأنّ كلّ ذنب توعّد عليه بوعيد خاصّ فإنّه يكون من كبائر الذّنوب، لأنّ المحرّمات نوعان:
منهيّات لم تذكر لها عقوبة. ومنهيّات ذكر لها عقوبة.
فالأوّل صغائر، والثاني كبائر، هذه القاعدة عند شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : " أنّ الكبيرة ما رتّب عليه وعيد خاصّ دون الوعيد العامّ على كلّ شيء ".
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الغُلول نار على صاحبه يوم القيامة، فإنّ ما غلّه يوقد عليه ناراً كما أخبر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في صاحب الشّملة الذي غلّها أنّها نار عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: حسن تعليم الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، حيث ربط الحكم بإيش؟
الطالب : بالعلة.
الشيخ : بالعلة، لما نهى عنه بيّن ما يترتّب عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يجوز التّرهيب عن العمل المحرّم بما يذكر من عقوبة الدّنيا والآخرة، ولا يقال: إنّ تارك المحرّم خوفاً من عقوبة الدّنيا لا يكون له أجر بل يكون له أجر حتى وإن تركه خوفاً من عقوبة الدّنيا، ولكنّ أجره ناقص عمّن تركه خوفاً من عقوبة الآخرة.
فإن قال قائل: فإذا غلّ الإنسان فماذا يكون الحكم؟
يقال: إنّ الحكم أن يحرّق رحله كلّه إلاّ السّلاح والمصحف والحيوان، أمّا السّلاح فلأنّه ينتفع به في القتال، وأمّا المصحف فاحتراما له، وأمّا الحيوان فلئلاّ يعذّب بالنّار مع أنّه لم يحصل منه شيء.
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل . رواه أبو داود وأصله عند مسلم .
( قضى ) : بمعنى حكم، والقضاء يطلق على أمور متعدّدة منها الفراغ من الشّيء، مثل قوله تعالى: (( فقضاهنّ سبع سماوات ))، ومنها: الفصل مثل قوله تعالى: (( وقضي بينهم بالحقّ )) أي: فصل بين النّاس، كما قال تعالى: (( يوم القيامة يفصل بينكم ))، ومنها: الحكم الشّرعي أو الكوني، ففي قوله تعالى: (( وقضينا على بني إسرائيل في الكتاب )) إيش؟
الطالب : كوني.
الشيخ : كوني، (( فلمّا قضينا عليه الموت ))؟
الطالب : كوني.
الشيخ : (( وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه ))؟
الطالب : شرعيّ.
الشيخ : شرعيّ، طيب.
ويطلق أيضا على الحكم بين النّاس وهو من الفصل، من معنى الفصل الذي أشرنا إليه أوّلا.
قوله: ( قضى بالسلب للقاتل )، السّلْب: ما على المقاتل من ثياب وسلاح ونحو ذلك، وهو على العدوّ يقتله المسلم، فقضى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالسّلْب لهذا القاتل ينفرد به من الغنيمة، من بين سائر الأعيان التي تُغنم. وقوله: ( قضى ) : هل المراد بالقضاء هنا أنّه حكم شرعيّ ثابت، أو حكم في قضيّة معيّنة تبعاً للمصلحة؟
في هذا للعلماء قولان:
القول الأوّل: أنّه قضاء شرعيّ، حكم شرعيّ، وعلى هذا فيكون السّلب للقاتل سواء شُرط له أم لم يشترط، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قضى به.
وقيل: إنّه قضاء تدبيري اقتضته المصلحة، وعلى هذا فإذا رأى الإمام أن يقول للمجاهدين: مَن قتل قتيلا فله سلْبه، استحقّ السّلب، وإن لم يقل فإنّ سلب المقتول يكون مع الغنيمة واضح؟
فأيهما الأصل أنّه قضاء تدبيري أو قضاء شرعيّ؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الظاهر أنّ الثاني أولى وأحوط، وذلك لأنّ الأصل اتّباع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والتّأسّي به، حتى لو فرض أنّه قضاء تدبيري فإنّه ينبغي لقائد الجيش أن يفي بهذا القضاء: (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )).
17 - وعن عوف بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل . رواه أبو داود وأصله عند مسلم . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ).
يستفاد منه أنّ السّلب للقاتل سواء شُرط له أم لم يشترط.
ويستفاد منه: تشجيع الإنسان على العمل الصّالح بأمر دنيوي، من أين يؤخذ؟ شجّع على القتال وعلى قتل عدوّ بجعل السّلب للقاتل.
وعلى هذا فالجوائز التي تجعل على المسابقات الشّرعيّة إذا دخل الإنسان مسابقة فإنّه لا يحرم الأجر ما دام يريد الوصول إلى العلم لكن جعل هذا العوض الذي في المسابقة جعله حافزًا له على الدّخول في البحث والمراجعة والسّؤال، واضح؟
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يشرع للإنسان أن يشجّع على الخير ولو بأمر دنيويّ، لأنّ النّفوس مجبولة على محبّة الدّنيا والآخرة، فلا حرج أن تجعل مثلاً مسابقة فيها عوض لمن سبق، لكن هل يجوز التّفريق بين المتسابقين فيقال: من كان أجود أُعطي أكثر، أو لا بدّ أن يتساووا؟
الطالب : الأول.
الشيخ : نعم؟
الطالب : الأوّل.
الشيخ : الأوّل، الأوّل هو الجواب الصّحيح، ولا يلزم التّساوي ولهذا قضى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالسّلب للقاتل مع أنّ المقتول من العدوّ قد يكون سلبه كثيراً وقد يكون سلبه؟
الطالب : قليلا.
الشيخ : قليلا.
ومن فوائد الحديث: حسن تدبير النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حيث كان يجعل المحفّزات عند الحاجة إلى ذلك كما فعل هنا في جعل السّلب للقاتل.
وعن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه في قصة قتل أبي جهل قال : فابتدراه بسيفيهما حتى قتلاه ، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه ، فقال : ( أيكما قتله هل مسحتما سيفيكما ؟ ) قالا : لا . قال : فنظر فيهما ، فقال : ( كلاكما قتله ) ، فقضى صلى الله عليه وسلم بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح ، متفق عليه .
قوله: " في قصّة قتل أبي جهل " :
أبو جهل من أكبر زعماء قريش وكان يكنى أبا الحكم، ولكنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كناه بأبي جهل، وهذه الكنية هي المطابقة تمامًا لحال هذا الرّجل، لأنّ من جهله أن يردّ دعوة النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، وليس من الحكمة أن يردّها فكيف يستحقّ أن يكنى بأبي الحكم؟ بل هو أبو جهل؟ وقوله: " في قصّة قتل أبي جهل " :
القصّة هو أنّ عبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنه كان بين شابّين صغيرين يعني ليس من الرّجال الأكابر، فسألاه عن أبي جهل فقال لهما: ماذا تريدان منه؟ فسارّه أحدهما، قال: والله لإن عرفتُه لأقتلنّه أو أموت دونه، وهو شاب صغير، ثمّ التفت إليه الآخر وسارّه أيضًا وقال مثل ما قال، فلمّا رآه عبد الرّحمن قال: هذا الرّجل الذي تريدانه، قال: فانطلقا من عندي كالصّقرين على الصيد، يريدان هذا الرّجل، فضرباه بسيفيهما فأردياه حتّى سقط على الأرض، ثمّ جاء بعدهما عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأجهز عليه وحزّ رأسه، وكان يخاطبه ويقول: لمن الدّائرة اليوم؟ يقول أبو جهل، فقال له عبد الله: لله ورسوله يا عدوّ الله، ثمّ وضع رجله على صفحة وجهه، ابن مسعود راعي غنم يضع رجله على صفحة وجه أبي جهل زعيم قريش، فقال له: " لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا روعي الغنم "، يحقّره، فهذا عزّة الإسلام.
جاء الشّابان إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبراه أنّهما قتلا أبا جهل، فقال : ( أيّكما قتله )، ولعلّه سأل عن ذلك ليقضي بالسّلب للقاتل، ثمّ قال: ( هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا ) ، فنطر في السّيفين وإذا كلاهم متضمخ بالدّم فعرف أنّهما قتلاه جميعا.
يقول: ( فقضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح ) لو تقرؤون الشّرح، طيب.
الطالب : من: *سبل السّلام* ؟
الشيخ : أي *سبل السّلام*.
19 - وعن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه في قصة قتل أبي جهل قال : فابتدراه بسيفيهما حتى قتلاه ، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه ، فقال : ( أيكما قتله هل مسحتما سيفيكما ؟ ) قالا : لا . قال : فنظر فيهما ، فقال : ( كلاكما قتله ) ، فقضى صلى الله عليه وسلم بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح ، متفق عليه . أستمع حفظ
قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ عليه : " ... وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في قصة قتل أبي جهل يوم بدر قال فابتدراه تسابقا إليه بسيفيهما أي ابني عفراء حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال: "أيكما قتله هل مسحتما سيفيكما قالا لا قال فنظر فيهما" أي في سيفيهما فقال: "كلاكما قتله فقضى صلى الله عليه وسلم بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح" بفتح الجيم آخره حاء مهملة بزنة فعول متفق عليه استدل به على أن للإمام أن يعطي السلب لمن شاء وأنه مفوض إلى رأيه لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن ابني عفراء قتلا أبا جهل ثم جعل سلبه لغيرهما وأجيب عنه أنه إنما حكم به صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن عمرو بن الجموح لأنه رأى أثر ضربته بسيفه هي المؤثرة في قتله لعمقها فأعطاه السلب وطيب قلب ابني عفراء بقوله كلاكما قتله وإلا فالجناية القاتلة له حصول معاذ بن عمرو ونسبة القتل إليهما مجاز أي كلاكما أراد قتله وقرينة المجاز إعطاء سلب المقتول لغيرهما وقد يقال هذا محل النزاع ... ".
الشيخ : نريد القصّة، ما ذكر القصّة؟
الطالب : لا ما ذكر القصّة.
الشيخ : لأنّ القصّة معوّذ ومعاذ.
الطالب : ذكرت يا شيخ في البلوغ.
الشيخ : في البلوغ؟
الطالب : نعم.
الطالب : أشار إليها الشيخ عبد الله بن بسّام .
الشيخ : نعم.
الطالب : يقول: " سبب مقتل أبي جهل: هو أنّ شابّين من الأنصار هما معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعوّذ بن عفراء أخذا يتعرّفان أبا جهل يوم بدر ليقتلاه، فلمّا بصرا به انطلقا إليه فضربه معاذ وبتر قدمه فسقط يتخبّط في دمه، ثمّ ضربه معوّذ فأوجعه طعنًا، ثمّ انصرفا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبراه، ثمّ نظر في سيفيهما فقال: ( كلاكما قتله ) ، ولكنّه قضى بالسّلب لمعاذ، وقال بعض العلماء: لأنّ ضربته هي القاضية، ثمّ مرّ بأبي جهل عبدُ الله بن مسعود فوجده في آخر رمق، فاحتز رأسه وجاء به إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فلمّا رآه قال: ( هذا فرعون هذه الأمّة ) ، وقضى بسيفه لابن مسعود رضي الله عنه " هذا الذي ذكره.
الشيخ : مشكل .
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : زيادة كلام في الشرح !
الشيخ : إيش؟ إيش يقول؟
الطالب : يقول: " فقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح لأنّ رفيقه الثاني معوّذ بن عفراء الذي كان قد اشترك في قتل أبي جهل قد قتل شهيدًا في نفس الغزوة ".
الشيخ : كيف؟ جاءا جميعًا إلى الرّسول وأرياه السّيف؟
الطالب : في كلام يا شيخ ...
الشيخ : طيب.
الطالب : قال : " اشتركا في قتل أبي جهل معوّذ ومعاذ ابنا عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح " يعني ثلاثة.
الشيخ : نعم.
الطالب : " ووجد عبد الله بن مسعود حين بعثه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ينظر ماذا فعل أبو جهل، وعفراء أمّهما، وأبوهما الحارث بن رفاعة ".
الشيخ : على كلّ حال يحتاج إلى تحقيق، طيب.
الطالب : فيه رواية للحديث : ( أنّه رأى سيفيهما فوجد أحد السيفين فيه أثر الطعان فقال: أنت قتلته ).
الشيخ : على كلّ حال المسألة مشكلة من جهة أنّ الرّسول قضى به لمعاذ، ثمّ معاذ ومعوّذ في بعض سياق الأحاديث أنّهما أخوان، وفي نفسي من هذا شيء، عندك شيء يا بندر؟
الطالب : في الشرح يا شيخ .
الشيخ : وش يقول؟
الطالب : يقول: " إنّما حكم به صلّى الله عليه وسلّم " .
الشيخ : نعم؟
الطالب : " إنّما حكم به صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ بن الجموح لأنّه رأى أثر ضربته بالسّيف هي المؤثرة ".
الشيخ : هي إيش؟
الطالب : هي المؤثّرة.
الشيخ : نعم.
الطالب : " في قتله لعمقها فأعطاه السلب وطيب قلب ابني عفراء بقوله : كلاكما قتله وإلا فالجناية القاتلة له ضربة معاذ بن عمرو ونسبة القتل إليهما مجاز أي كلاكما أراد قتله ".
الشيخ : إي، على كلّ حال يكون الذي قتله أربعة: معاذ ومعوّذ ابني عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح، إلاّ أن يكون عمرو بن الجموح زوج عفراء ونسب معاذ إلى أمّه مرّة وإلى أبيه مرّة ثانية .
الطالب : يا شيخ يقول في الحاشية : " وأبوهما الحارث بن رفاعة ".
الشيخ : هاه؟
الطالب : وأبوهما الحارث بن رفاعة.
الشيخ : إذن صار الإحتمال الذي قلت غير صحيح، من يحرّر لنا الموضوع؟
الطالب : يا شيخ؟
الشيخ : نعم.
الطالب : الرّسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( كلاكما قتله ) فيكون الذي قتله آخر، لكن قضى لابن الجموح لأنّ عمرو بن الجموح هو الذي أجهز بالقتل وقال: ( كلاكما قتله ) تطييبا لنفس الآخر.
الشيخ : أي هذه ما هي، هكذا قال، على كلّ من يحرّر لنا الموضوع؟
الطالب : أنا يا شيخ .
الشيخ : نعم؟ منصور؟
الطالب : ...
الشيخ : هاه؟ الليلة الاثنين، يعني معناه ليلة السّبت؟ طيب إن شاء الله تعالى.
20 - قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ عليه : " ... وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في قصة قتل أبي جهل يوم بدر قال فابتدراه تسابقا إليه بسيفيهما أي ابني عفراء حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال: "أيكما قتله هل مسحتما سيفيكما قالا لا قال فنظر فيهما" أي في سيفيهما فقال: "كلاكما قتله فقضى صلى الله عليه وسلم بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح" بفتح الجيم آخره حاء مهملة بزنة فعول متفق عليه استدل به على أن للإمام أن يعطي السلب لمن شاء وأنه مفوض إلى رأيه لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن ابني عفراء قتلا أبا جهل ثم جعل سلبه لغيرهما وأجيب عنه أنه إنما حكم به صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن عمرو بن الجموح لأنه رأى أثر ضربته بسيفه هي المؤثرة في قتله لعمقها فأعطاه السلب وطيب قلب ابني عفراء بقوله كلاكما قتله وإلا فالجناية القاتلة له حصول معاذ بن عمرو ونسبة القتل إليهما مجاز أي كلاكما أراد قتله وقرينة المجاز إعطاء سلب المقتول لغيرهما وقد يقال هذا محل النزاع ... ". أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أيكما قتله هل مسحتما سيفيكما ؟ ).
منها أنّ الشّجاعة قد تكون في قلوب الصّغار، لأنّ هذين الشّابّين سألا عبد الرّحمن بن عوف عن أبي جهل وقالا هذه الكلمة العجيبة: " لأقتلنّه أو لأموت دونه "، وهذا يدلّ على التّصميم التّامّ في قتلهما أبا جهل.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يجوز للإنسان أن يتخلّف عن فرض الكفاية إذا قام به من يكفي، لأنّ عبد الرّحمن يشاهد أبا جهل وليس بذاك الرّجل الجبان، لكنّه لما رأى هذين الشّابّين يريدان قتله اكتفى بهما، وهذا هو القاعدة في فرض الكفاية: أنّه إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لا يعلم الغيب لقوله: ( أيكما قتله )، فيكون فيه ردّ لقول الخرافيّين الذين يدّعون أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعلم الغيب حتّى بعد موته، يقولون: إنّه يعلم الغيب! ويحتجّون بشبهات مثل قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ( فإنّ صلاتكم معروضة عليّ ) ، وكذلك ما ورد في بعض الآثار أنّ أعمال الأمّة تعرض عليه، فيقال: لا يلزم من عرضها عليه أن يكون عالما بها قبل وقوعها، ولا عالما بها قبل أن تعرض عليه أيضًا، فهو صلّى الله عليه وسلّم لا يعلم الغيب لا حيّا ولا ميّتا.
ومن فوائد هذا الحديث: العمل بالقرائن، من أين يؤخذ؟
أنّه استدلّ بما على سيفيهما من الدّم على أنّهما قتلاه، وقد ثبت العمل بالقرائن بالكتاب والسّنّة :
أمّا في الكتاب فقصّة يوسف مع امرأة العزيز حيث شهد الشّاهد : (( إن كان قميصه قدّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قدّ من دبر فكذبت وهو من الصّادقين )) ،كيف القرينة هنا يا أخي؟
الطالب : لأنه لو كان هو الذي يطلبها لكان الشّد من الخلف ولكان انقطع ثوبها .
الشيخ : لا، ثوبها ما جاءه إلاّ العافية، ثوب يوسف.
الطالب : ثوب يوسف لأنه المطلوب لأنّها هي التي تطلبه فانقطع ثوبه من الخلف.
الشيخ : أي.
الطالب : فهو يهرب منها .
الشيخ : وإن كان من الإمام؟
الطالب : إن كان من الأمام فهي تمنعه.
الشيخ : توافقون على هذا؟
طيب ورد أيضا في السّنّة، حكم سليمان عليه الصّلاة والسّلام في قصّة المرأتين اللّتين تحاكمتا إلى داود بابن إحداهما حيث أكل ابن إحداهما الذّئب فاختصمتا في الابن الباقي إلى داود، فرأى عليه الصّلاة والسّلام أن يحكم به للكبيرة بناء على أنّها أحوج للولد من الصّغيرة، وبناء على أنّ الصّغيرة يمكن أن تنجب ولكن سليمان عليه الصّلاة والسّلام خالفه في الحكم، فلمّا تحاكمتا إليه دعا بالسّكّين وقال: أريد أن أشقّ الولد نصفين، كلّ واحدة تأخذ نصفًا، فقالت الصّغرى : هو لها يا نبيّ الله، وقالت الكبرى : شقّه، فحكم به لمن؟
الطالب : للصّغرى.
الشيخ : للصّغرى، أين القرينة؟
الطالب : الحنان.
الشيخ : الرّحمة والحنان من الصّغرى، الصّغرى لا يهمّها أن يفارقها ولكن يبقى حيّا، والكبرى لا يهمّها أن يقتل ويموت لأنّ ابنها قد أكله الذّئب، واضح؟ هذا حكم بالقرائن، وهذا أيضًا من الذي معنا من الحكم بالقرائن على يد الرّسول خاتم الأنبياء عليه الصّلاة والسّلام، ولكن لا بدّ أن تكون القرائن قويّة لا مجرّد شبهة، فإنّ مجرّد الشّبهة لا يكفي، لا بدّ أن تكون القرينة قويّة جدّا، مثلا: لو تنازع الزّوجان بعد الفراق في أثاث البيت فقالت الأنثى الزّوجة : دلال القهوة لي، وقال الزّوج لي، القرينة مع من؟
الطالب : الزوج.
الشيخ : مع الزّوج وإلاّ مع الزّوجة؟
الطالب : مع الزّوج.
الشيخ : هل النّساء يكثرن من شرب القهوة؟
الطالب : لا.
الشيخ : من الذي يكثر؟
الطالب : الرّجال.
الشيخ : الرّجال، إذن يحكم بأنّها للرّجل بناء على الظّاهر، وإن كان فيه احتمال أنّ المرأة هي التي اشترتها.
تنازع الزّوج والزّوجة في بندق أو مسدّس، قال الزّوج: هو لي، وقالت الزّوجة: هو لي، القرينة مع من؟
الطالب : مع الزّوج.
الشيخ : مع الزّوج يحكم له به.
تنازع الرّجل والمرأة في حليّ سوار من الذّهب، قال الزّوج لي وقالت الزّوجة لي، مع من؟
الطالب : الزّوجة.
الشيخ : القرينة مع الزّوجة، مع أنّه فيه احتمال أنّه للزّوج وأنّه أعارها إيّاه كما يفعل بعض الأزواج الآن يشتري ذهبًا ويعيره زوجته ويكتب بأنّي أعرت الزّوجة كذا وكذا، إذن العمل بالقرائن إذا كانت قويّة عمل مشروع وطريق صحيح إلى الحكم بين النّاس ودليله من القرآن والسّنّة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ مَن اشتركا في عمل استحقّا ما جعل عليه ولا حاجة إلى الإقراع بينهما ما دامت القسمة ممكنة، واضح؟
الطالب : ما هو واضح .
الشيخ : هاه ؟
إذا اشترك اثنان في عمل واستحقّا عليه عوضاً لو كان يمكن أن يقسم هذا العوض فإنّه يقسم بينهما ولا يحتاج إلى إجراء القرعة ، فإن كان لا يمكن احتيج إلى إجراء القرعة بينهما.
ووجه الاستدلال من هذا الحديث يترتّب على تحرير الحديث، فيؤجّل إلى الدّرس القادم إن شاء الله.
- اللهم ربّ هذه الدّعوة التامّة والصّلاة القائمة آت محمّدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته -.
نعم؟
السؤال للذي وراءك، نعم؟
سؤال عن عقوبة الغال ؟
الشيخ : إذا كان هو الذي أتى للإمام وأخبره يكون قد تاب ويتوب الله عليه، أمّا إذا لم يكن، فظاهر الحديث هذا وغيره أنّه يجمع له بين العقوبتين.
السائل : ...
الشيخ : يخصّص، نعم؟
سؤال عن ضابط العمل بالقرائن ؟
الشيخ : لا بدّ من اليمين كلّ من قلنا أنّ القول قوله فلا بدّ من اليمين، نعم خالد؟
إذا قلنا إن القتل الآن بالرصاص فلمن يكون السلب ؟
الشيخ : فلمن إيش؟
السائل : لمن يكون السّلب؟
الشيخ : بالرّصاص؟ وشلون بالرّصاص؟
السائل : يعني اثنان أطلقا الرّصاص على ..
الشيخ : شخص.
السائل : شخص مشرك فقتلاه.
الشيخ : نعم.
السائل : ما فيه قرينة الآن تبيّن من القاتل، فلمن يكون السّلب.
الشيخ : لا هو على كلّ حال، إذا كانا أطلقا رصاصتين كلّ واحد رصاصة نعم ولم نجد في القتيل إلاّ رصاصتين فهنا يقينا أنّهما قتلاه.
السائل : لكن لمن يعطي؟
الشيخ : يكون بينهما.
السائل : بينهما؟
الشيخ : أي نعم.
جاء في الحديث أن الغلول نار وعار في الدنيا والآخرة قلنا إنه نار في الآخرة وعار في الدنيا والآخرة ، ألا نقول إن فعل الغلول في الدنيا سبب لدخول النار في الآخرة ؟
الشيخ : نعم، نار وعار.
السائل : نار وعار في الدّنيا والآخرة.
الشيخ : نعم.
السائل : قلنا إنّه عار في الدّنيا ونار في الآخرة.
الشيخ : نار في الآخرة، وعار في الدّنيا والآخرة.
السائل : في الدّنيا والآخرة.
الشيخ : نعم.
السائل : ما نقول يا شيخ أنّ فعل الغلول في الدّنيا أنّه سبب لدخول النّار في الآخرة فيكون أنّه ما دخل ..
الشيخ : لا لا، ما يحتاج، ظاهر الحديث أنّ النّار تكون في الدّنيا، نعم يا محمّد؟
25 - جاء في الحديث أن الغلول نار وعار في الدنيا والآخرة قلنا إنه نار في الآخرة وعار في الدنيا والآخرة ، ألا نقول إن فعل الغلول في الدنيا سبب لدخول النار في الآخرة ؟ أستمع حفظ
قوله صلى الله عليه وسلم :( ... فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة ) هذا خاص بالدنيا لماذا لا يقال إن معنى نار في الدنيا أنه لا يبارك له فيه ؟
الشيخ : إيه، ما يظهر هذا، ما يظهر هذا، لو أردنا أن نقول لقلنا نار في الدّنيا بأنّه يحرق أصله لكن حتى ما تفيد بهذا نعم؟
26 - قوله صلى الله عليه وسلم :( ... فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة ) هذا خاص بالدنيا لماذا لا يقال إن معنى نار في الدنيا أنه لا يبارك له فيه ؟ أستمع حفظ
هل يسلب أهل البغي إذا قتلوا ؟
الشيخ : لا، أهل البغي إذا كفّوا عن القتال ما يعاملون معاملة الكافر أموالهم ليست بغنيمة.
السائل : ورد عن الَّذين قتلا عمّار بن ياسر أنّهما ذهبا إلى عمرو بن العاص ليحكم بينهما ولكن طردهما، فهل هذا يدل على أنّه كان جائزاً بينهم؟
الشيخ : لا، ما هو جائز، البغاة بجب الكفّ عنهم وأموالهم ليست بغنيمة، نعم يا عبد الله؟
السائل : الراجح أنا لم أفهمه هل هي ... هل هي حكم شرعي ولاّ تدبيري؟
الشيخ : نعم.
السائل : سألتَ قالوا الأول، والأول كان هو الشرعي ، ثم قلت أنت الثاني ، ثم لما أتيت بالفوائد كأنه يعني .
الشيخ : الفوائد مترتّبة على هل هو تدبيري أو شرعي، وحتى لو قلنا: إنّه شرعيّ يدلّ على أنّه يجوز أن نشجّع من عمل عملا يشجّع على القيام بها العمل.
السائل : انتهى الوقت يا شيخ.
بحث في قضية قتل أبي جهل ومن أباح له النبي صلى الله عليه وسلم سلبه.
الشيخ : قصّة أبي جهل ولاّ قتل؟
الطالب : في قصّة قتل أبي جهل.
الشيخ : نعم.
الطالب : ولكن هذه هي أهمّ نتائج البحث:
أوّلاّ: أنّ أصحّ رواية في قصّة قتل أبي جهل هي رواية الصّحيحين: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال فيه: ( كلاكما قتله، وقضى بالسّلب لمعاذ بن عمرو بن الجموح )، ويتفرّع على هذه النّتيجة أنّ هناك رواية ذكرها ابن القيّم في كتابه *الطرق الحكمية* ولم يخرجها عند كلامه عن الاستدلال بالقرائن : أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال عندما أتاه معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء، وقال في الحديث عندما رأى السّيفين قال: ( هذا قتله، ثمّ قضى بالسّلب لمعاذ بن عمرو ) وهذه الرّواية لم أجدها إلى الآن وهي تحت البحث.
الشيخ : وهي؟
الطالب : تحت البحث رواية ، رواية الإفراد: ( هذا قتله ).
الشيخ : نعم.
الطالب : وأيضا روى ابن عبد البرّ في *الاستيعاب* و *التّمهيد* بسنده في ذكر قصّة قتل أبي جهل وقال في آخره: ( وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح والآخر معاذ بن عفراء ) ، وفهم ابن عبد البرّ في *الاستذكار* أنّه قضى بالسّلب لهما من هذا اللفظ، أما اللفظ هذا فليس فيه تعارض لما فيه وفي رواية الصحيحين ، وأما الفهم من هذه الرّواية بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : قضى لهما فهو واضح أنه غير صحيح.
وأمّا النّتيجة الثّانية: أنّ بعض أهل العلم أجاب عن رواية الصّحيحين وغيرهما بأنّهم قالوا: أنّ القاتل الذي أثخن هو معاذ بن عمرو بن الجموح لذا قضى له بالسّلب ، وقال : ( كلاكما قتله ) تطييبا لخاطر معاذ بن عفراء ، وهذا التخريج فيه ضعف لما فيه من مخالفة ظاهر النّصّ.
والذي ذهب إليه كثير من الأئمّة كأصحاب مالك والإمام ابن حزم وابن حبّان والبيهقي وغيرهم إلى أنّ قوله : ( كلاكما قتله ) على ظاهره ، لكنّه قضى بالسلب لمعاذ بن عمرو بن الجموح لأنّه كان في غزوة بدر يقضي على حسب ما يراه من المصلحة.
وأمّا حديث أبي قتادة وغيره في قوله: ( من قتل قتيلا له عليه بيّنة فله سلبه ) كان في غزوة حُنين كما في الصّحيحين وغيرهما.
ثمّ اختلفوا هل هذا من الحكم الشّرعي أو أنّه راجع إلى رأي الإمام إذا اشترطت الغزوة .
وأمّا معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء ليسا أخوين إنّما معاذ بن عفراء له أخ اسمه معوّذ بن عفراء أبناء الحارث، ووقع الوهم في إدخاله في القصّة كما رواها ابن إسحاق.
الشيخ : أبناء الحارث ولاّ ابنا الحارث ؟
الطالب : ابنا.
الشيخ : نعم.
الطالب : ووقع الوهم في إدخاله في القصّة كما رواها ابن إسحاق وهذا مشهور في كتب التاريخ ، ومعوّذ هذا قُتل في نفس الغزوة هذا ما أشار إليه الحافظ في الفتح في إحدى التخريجات في رواية !
الشيخ : إحدى وإلاّ أحد؟
الطالب : إحدى التخريجات.
الشيخ : هي تخريجة وإلاّ تخريج.
الطالب : تخريج.
الشيخ : نعم.
الطالب : أحد التّخريجات، وهناك مسائل تتعلّق بهذه المسائل ولكن كتبتها في البحث الذي لم أكمل كتابته سهّل الله عزّ وجلّ إتمامه.
الشيخ : آمين.
الطالب : هذا والحمد لله ربّ العالمين.
الشيخ : أعطنا الخلاصة؟
الطالب : الخلاصة: ذكرتها في الأخير أنّ قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قضائه بالسلب لمعاذ بن عمرو بن الجموح أنّه كان على حسب ما يراه للمصلحة.
الشيخ : يعني كان قبل أن يقضي بذلك؟
الطالب : أي نعم، ذكر ابن حزم أنّ في غزوة تبوك قبل تقسيم الغنائم ، وفي غزوة بدر قبل تقسيم الغنائم وقبل أيضا قوله: ( من قتل قتيلا فله سلبه ).
الشيخ : يعني هذا قبل الحكم؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : المشكل أنّه قال إذا كان اللّفظ هو المحفوظ : ( كلاكما قتله، فقضى بسلبه ) والفاء تدلّ على التفريع، لكن استكمل البحث إلى الدّرس المقبل إن شاء الله.
وعن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف . أخرجه أبو داود في المراسيل ، ورجاله ثقات ، ووصله العقيلي بإسناد ضعيف عن علي رضي الله عنه .
قوله عن مكحول -رحمه الله-، وفي بعض النّسخ رضي الله عنه، وهذا يوهم أن يكون مكحول من الصّحابة وليس كذلك بل هو من التّابعين، وعلى هذا يحسن أن تغيّر رضي الله عنه إلى رحمه الله.
( أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى آخره ): نصب المنجنيق على أهل الطّائف، المنجنيق هو: عبارة عن سلاح يعمّ، ينصب على أعمدة من خشب أو غير الخشب ثمّ يوضع في شيء مثل القبّة، حجر يكبير ثمّ يومئ به رجال أقوياء، ثمّ يطلقونه بعد أن يومؤوا به بقوّة فتنطلق الحجر الكبير إلى الهدف المقصود، ويشبه في وقتنا الحاضر؟
الطالب : المدافع.
الشيخ : يشبه المدافع.
وقوله: ( على أهل الطائف ) : لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حاصرهم نحو عشرين ليلة أو ثلاثين أو أربعين، على اختلاف الرّوايات، حاصرهم حتى نزلوا على ما أراد النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
29 - وعن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف . أخرجه أبو داود في المراسيل ، ورجاله ثقات ، ووصله العقيلي بإسناد ضعيف عن علي رضي الله عنه . أستمع حفظ
فوائد حديث :( مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف ).
وفيه دليل أيضًا على أنّه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المستقلّ، وجه ذلك: أنّ هذا المنجنيق سوف يهلك النّساء والذّرّيّة، ومعلوم أنّ قصد إهلاكهم محرّم حتى في الحروب لكن إذا جاء تبعًا فإنّه يثبت في التّبع ما لا يثبت في الإستقلال.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه لا ينبغي لنا أن نفوّت الفرصة من أجل خوف إصابة من لا تجوز إصابتهم، لأنّه من الممكن أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يديم الحصار حتى يستسلموا، ولكنّه عليه الصّلاة والسّلام اختار هذا إن صحّ الحديث.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ ما يفعله النّاس اليوم في المزارع حيث يحرقونها إذا حصدوا الزّرع لأن لا يكون فيها نوابت ضارّة في الزّرع المستقبل، فإنّه لا بأس به وإن أدّى ذلك إلى إحراق بعض الحشرات التي تكون فيها وذلك لأنّه إيش؟
الطالب : تبع.
الشيخ : تابع غير مقصود، وقد مرّ علينا أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حرّق نخل بني النّضير، والنّخل قد يكون فيه فراخ الطيور أو غير ذلك من الأشياء لكنّها لم تقصد.
وهذا الحديث يقول: " أخرجه أبو داود في المراسيل " :
والمراسيل جمع مرسل، والمرسل له اصطلاحان:
المصطلح الأوّل المشهور : وهو ما رفعه التّابعي إلى النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أو رفعه الصّحابي الذي لم يسمع من الرّسول:
فهو صنفان: مرفوع تابعي، أو صحابي لم يسمع من النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وسواء لم يسمع مِن الرّسول لصغر سنّه أو لتيقّننا أنّه غاب عنه في هذا المشهد، فمثلا لو روى أحد من الناس حديثا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة من الغزوات ونحن نعلم أنّ هذا الرّاوي لم يشهد هذه الغزوة فإنّه يكون إيش؟
الطالب : مرسلا.
الشيخ : مرسلا، لأنّنا نعلم أنّ بين الرّاوي وبين الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم واسطة.
كذلك لو رواه الصّحابي الذي لم يسمع من الرّسول كمحمّد بن أبي بكر رضي الله عنه وعن أبيه، فإنّ محمّد بن أبي بكر ولد عام حجّة الوداع، أمّه أسماء بنت عُميس وضعته في ذي الحليفة، فإذا روى محمّدٌ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حديثًا فإنّه مرسل.
أما النّوع الثاني من المرسل في الاصطلاح: فهو كلّ ما لم يتّصل سنده فإنّ بعضهم يسمّيه مرسلا فيقول: أرسله فلان عن فلان، لأنّ بينهما واسطة، وهو يشبه المرسل المصطلح عليه المشهور من حيث سقوط إيش؟
الطالب : الواسطة.
الشيخ : الواسطة، ولذلك يطلق عليه بعض المحدّثين أنّه مرسل.
أمّا حكم المرسل فحكمه الضّعف إلاّ في حالين:
الحال الأولى: إذا رفعه الصّحابي، قالوا: فإن مرسل الصّحابي مقبول، وذلك لشدّة تحرّي الصّحابة في النّقل عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهو لم يرسله إلى الرّسول مباشرة إلاّ لعلمه أنّ الواسطة ثقة.
والثاني: إذا علمنا أنّ هذا التّابعي لا يروي إلاّ عن صحابي، كما يذكر عن سعيد بن المسيَّب أنّ مراسيله عن أبي هريرة رضي الله عنه، هذا أيضًا يكون مقبولًا، وما عدا ذلك فإنّ المرسل يعدّ من قسم؟ من قسم الضّعيف.
ثمّ قال المؤلفّ: " ووصله العقيلي بإسناد ضعيف عن عليّ " :
فصار هذا الحديث إمّا ضعيفًا من حيث اتّصال السّند، وإمّا ضعيفًا من حيث الرّواة، ضعيف لاتّصال السّند لكون مكحول أرسله، أو ضعيف من حيث الرّواة كما قال الحافظ ابن حجر: " وصله العقيلي بإسناد ضعيف عن عليّ رضي الله عنه " .
لكن على كلّ حال إذا لم يصحّ سندًا عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فإنّ القواعد الشّرعيّة تقتضي جواز ذلك، لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، وإذا لم يتمّ الوصول إلى غزو هؤلاء الكفّار وإثخانهم إلاّ بذلك كان هذا جائزاً ولا شكّ.
وعن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر ، فلما نزعه جاءه رجل فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال : ( اقتلوه ) . متفق عليه .
قوله: ( دخل مكّة ) : يعني في غزوة الفتح، وكان ذلك في رمضان في السّنة الثّامنة من الهجرة، وروى أهل التّاريخ أنه في يوم الجمعة العشرين من شهر رمضان، فيكون النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أدرك تسعة أيّام مِن رمضان في مكّة، ومع ذلك فقد صحّ في *البخاري* أنّه لم يصم هذه الأيّام التّسعة وإن كان في مكّة، لأنّه مسافر ومشغول بتدبير شؤون الفتح وما يتعلّق به.
وقوله: ( وعلى رأسه المغفر ) الجملة من حيث الإعراب في محلّ؟
الطالب : نصب
الشيخ : في محلّ نصب على الحال.
والِمغفر: آلة الغفر أي: السّتر، لأنّ مِفعل تطلق على معاني منها الآلة مثل مِقلاة، مِسحاة، مِحراث آلة الحرث، مِغفر على وزن مِفعل يعني آلة الغَفر، والغفر هو: السّتر مع الوقاية، وهو شيء يلبس على الرأس يقي سهام المقاتلين فلمّا نزعه يعني انتهت الحرب ونزعه، جاءه رجل فقال: " ( ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال: اقتلوه ) متّفق عليه ":
جاء النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم رجل فقال : ابن خطل واسمه عبد الله، قال: إنّه متعلّق بأستار الكعبة، متعلّق بها تأمينا على نفسه، لأنّ هذا البيت من دخله كان آمنا، فالمتعلّق بأستار الكعبة يكون أشدّ أمنا، فهذا الرّجل تعلّق بأستار الكعبة ولكنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ( اقتلوه ): فقتل لا شكّ، وكان ذلك ضحى يوم الفتح، وقد أحلّ الله لنبيّه مكّة من طلوع الشّمس إلى صلاة العصر.
وهذا معنى قوله: ( وإنّما أحلّت لي ساعة من نهار ): ساعة من طلوع الشّمس إلى العصر حوالي ثمان ساعات، لكنّها ليست السّاعة الاصطلاحيّة.
31 - وعن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر ، فلما نزعه جاءه رجل فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال : ( اقتلوه ) . متفق عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر ... ).
أوّلا: مشروعيّة فعل الأسباب الواقية من الضّرر، وأنّها لا تنافي التّوكّل، من أين تؤخذ؟
الطالب : لبس المغفر.
الشيخ : من لبس الرّسول صلّى الله عليه وسلّم المغفر على رأسه وقاية من السّهام.
وقد ظاهر صلّى الله عليه وسلّم في غزوة أحد ظاهر بين درعين يعني لبس درعين ليكون ذلك أشدّ حماية، ففعل الأسباب النّافعة الثّابتة شرعا أو حسّا من الأمور المطلوبة، فعل الأسباب إيش؟
الطالب : النافعة.
الشيخ : ثانيًا: الثابتة شرعًا أو حسًّا من الأمور المطلوبة لأنّها نافعة، فالثابتة شرعًا كالرّقى التي يرقيها الإنسان على المرضى أو على نفسه والأوراد وما أشبهها، هذه نافعة ثابتة بالشّرع.
والثابتة بالحسّ: كالذي يثبت بالتّجارب، كثير من الأدوية ثبت نفعه بالتّجارب فمتى ثبت حسًّا بأنّ هذا نافع فإنّه مأمور به.
أمّا ما كان ينفع وهما ولا أثر له في الواقع فإنّ الإعتماد عليه من باب الشّرك بالله كلبس الحلقة لدفع البلاء أو رفعه، فإنّ هذا من باب الشّرك لكنّه شرك أصغر، ووجه كونه شركاً أنّه إثبات سبب لم يثبت شرعًا ولا حسًّا، وهذا يقتضي أن يكون المثبت إيش؟ مقدّرا مع الله وربّا مع الله، فإذا كان هذا لا يثبت أنّه سبب لا شرعًا ولا حسًّا فإنّه لا يجوز الاعتماد عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ للأسباب تأثيرا من أين تؤخذ؟
من أنّ النّبيّ لبس المغفر، ولولا أنّه تحصل به الوقاية لكان لبسه عبثاً لا فائدة منه، فالأسباب لها تأثير لا شكّ في هذا، سواء كانت أسبابًا شرعيّة أو أسبابًا حسّيّة، أمّا الشّرعيّة فمثل قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: ( من أحبّ أن يُنسأ له في أثره ويبسط له في رزقه فليصل رحمه ).
وأمّا الأسباب الحسّيّة فكثيرة، وبهذا نردّ على الذين قالوا: إنّ الأسباب لا أثر لها ولا تؤثّر، لأنّ من العلماء من قال: إنّ الأسباب ليس لها أثر أبدًا، حتى لو رميت زجاجة بحجر فانكسرت فإنّها لم تنكسر بإصابة الحجر، الحجر ما يمكن يكسر، كيف ما يكسر؟! انكسرت أمامك، قال: لا، هذه انكسرت عند، عند الإصابة وليس بالإصابة، الإصابة هذه أمارة علامة أنّه إذا التقى الحجر بالزّجاج هاه؟ انكسر، أمارة ما له تأثير، ولا أدري كيف تكون هذه أمارة ولو ضربنا الحديد بالحجر هاه؟
الطالب : لم ينكسر.
الشيخ : لم ينكسر، ويأتي إن شاء الله بقيّة الكلام على هذا.
-اللهم ربّ هذه الدّعوة التّامّة والصّلاة والقائمة آت محمّدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته- فيه أسئلة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب.
الطالب : هل دفع الخطر ...
الشيخ : بعد، ما كمّلنا الحديث، نعم.
في مسألة قتل الداوب بعض أهل العلم استدل بحديث النبي الذي حرق قرية النمل فعاتبه الله أن حرقهم بالنار ؟
الشيخ : نعم.
السائل : على أنّ الله وبّخه على قتلهم كلّهم ولم يوبّخه على تحريقهم بالنّار.
الشيخ : نعم.
السائل : كيف نوجّه هذا؟
الشيخ : صحيح، هذا مما يدل على جواز التّحريق بالنّار.
السائل : ويحمل النّهي على التّحريق بالنّار على بني آدم يا شيخ فقط؟
الشيخ : كيف؟
السائل : يحمل النّهي على التّحريق بالنّار على بني آدم فقط؟
الشيخ : آه، بس فرق بين التّعذيب وبين دفع الأذى، الآن مثلا لو كان يمكن أن تقتل هذا المؤذي بغير النّار، تقول: لا أنا أقتله بالنار! لا، لكن دفعًا لأذاه ولا يندفع إلاّ بذلك وبما أشبهه لا بأس به، نعم يا؟ سبحان الله!
33 - في مسألة قتل الداوب بعض أهل العلم استدل بحديث النبي الذي حرق قرية النمل فعاتبه الله أن حرقهم بالنار ؟ أستمع حفظ
إذا حاصر المسلمون أهل قرية كفار وكان فيها مسلمون فهل يجوز للمسلمين أن يرموا بالمنجنيق ؟
الشيخ : إذا حاصر المسلمون أهل كفّار! إيش أهل كفّار؟!
السائل : إذا حاصر المسلمون كفّارًا.
الشيخ : نعم.
السائل : وكان في هذه القرية مسلمون، هل يجوز لهؤلاء المسلمين، هل يجوز لهم أن يرموا بالمنجنيق إذا كان في هذه القرية مسلمين؟
الشيخ : إيه، إذا لم يمكن إلاّ بهذا فلا بأس، حتى قال العلماء لو تترّس الكفّار بالمسلمين وجعلوهم بينهم وبين المسلمين، فاختلفوا في هذا العلماء، هل يجوز قتلهم دون أن يقصد المسلمين؟
فمنهم من قال أنّه إذا لم يمكن القضاء عليهم إلاّ بذلك وكان يحتمل أن يداهموا المسلمين ويقتلوا هؤلاء فلهم ذلك، لأنّ تركهم أعظم ممّا لو قتل من بين أيديهم من المسلمين فالمسألة للضّرورة.
السائل : شيخ ذكرتم في الإرسال عن التابعي والصّحابي أنه التعريف قلتم كما ذكرتم أنّ عامّة الإرسال هو سقوط الرّاوي، طيب ما الفرق بين الإرسال وبين وتدليس التسوية؟
الشيخ : إيش؟
السائل : وتدليس التسوية.
الشيخ : يأتينا إن شاء الله في المصطلح بإذن الله، أصلاً تدليس التّسوية هذا يحتاج إلى تفهّمه حتّى في درس المصطلح، نعم؟
34 - إذا حاصر المسلمون أهل قرية كفار وكان فيها مسلمون فهل يجوز للمسلمين أن يرموا بالمنجنيق ؟ أستمع حفظ
هل يؤخذ من كون النبي صلى الله عليه وسلم أفطر في مكة أيام الفتح أنه كذلك كان يقصر الصلاة ؟
الشيخ : إيش؟
السائل : هل يؤخذ من ذلك عند الرّجوع إلى الموطن الأصل أن يترخص برخص السّفر؟
الشيخ : إي ما فيه شكّ، الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كان يقصر الصّلاة مدّة إقامته في مكّة في عام الفتح وفي حجّة الوداع.
35 - هل يؤخذ من كون النبي صلى الله عليه وسلم أفطر في مكة أيام الفتح أنه كذلك كان يقصر الصلاة ؟ أستمع حفظ
هل يمكن أن تكون ساعة الإجابة يوم الجمعة كساعة ....؟
الشيخ : لا، لأنّ الأحاديث التي ثبتت فيها : ( أشار بيده يقلّلها )، واضح؟ نعم.
الغال إذا أرجع ما أخذه فهل يأخذ نصيبه من الغنيمة ؟
السائل : شيخ بارك الله فيك بالنّسبة للغالّ إذا ... فهل يأخذ نصيبه من الغنيمة ؟
الشيخ : هل؟
السائل : هل يأخذ نصيبه من الغنيمة؟
الشيخ : أي نعم يأخذها.
السائل : بعض الناس يأخذ من هذا الحديث قاعدة: " الغاية تبرر الوسيلة " هل هي صحيحة ؟
الشيخ : على كلّ حال هذه بدل منها أن يقال الوسائل؟
السائل : لها أحكام المقاصد.
الشيخ : لها أحكام المقاصد، أحسن، لأنّ الغاية تبرّر الوسيلة يتواصل بها أهل الباطل إلى باطلهم، نعم، فيقلبون المسألة، الوسيلة هي الدّرجة، وهنا جعلوا الغاية هي الأصل، جعلوا الغاية كأنّها درجة تبرّر الوسيلة.
السائل : يا شيخ الحديث واضح في هذا !
الشيخ : ما هو واضح.
السائل : انتهى الوقت.
الشيخ : نعم؟
السائل : بارك الله فيك ...
الشيخ : هاه؟
السائل : ...
الشيخ : أي نعم، مثلها، نعم انتهى الوقت.
مناقشة ما سبق.
هل يجوز أن ينصب المنجنيق على مدينة كفّار في حالة الحرب؟ جمال؟
الطالب : أنا؟
الشيخ : أي.
الطالب : نعم يجوز.
الشيخ : يجوز؟ طيب إذا اعترض معترض أنّ هذا يؤدّي إلى قتل النّساء والصّبيان؟
الطالب : يقال له: يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا.
الشيخ : إي، هذا بغير قصد.
في حديث أنس لم نتكلّم عليه؟ نعم؟
الطالب : بقي الفوائد.
الشيخ : بقي الفوائد، من فوائده أظنّ ذكرنا العمل بالأسباب؟
الطالب : أنّ الأسباب لها تأثير.
الشيخ : هاه؟
الطالب : أنّ الأسباب لها تأثير سواء كانت أسبابا شرعيّة أو حسيّة.
الشيخ : طيب، العمل بالأسباب هذا الأول.
والثاني للأسباب تأثيرًا، وذكرنا أنّ للناس في هذه المسألة ثلاثة أقوال: طرفان ووسط.