تحت باب فضله وبيان من فرض عليه
طيب وقيل : بل يجزئه وإن كان قد سعى بعد طواف القدوم ، لكنه يعيد السعي .
وأظن هناك قولا ثالثا يقول : إنه يجزئ وإن سعى بعد طواف القدوم ، ويكون السعي هذا تابعا للوقوف .
لكن المذهب هو الأول : أنه إذا سعى بعد طواف القدوم فإنه لا ينقلب فرضًا.
طيب الذي قبل البلوغ هل نقول: إنه نفل انقلب فرضًا أو إنه بقي نفلا وما بعد البلوغ صار فرضًا؟
فيها قولان للعلماء :
القول الأول : أن ما قبله ينقلب فرضًا ، وليس هذا بغريب ، فإن الحج له عدة مخالفات في النية ، فنجد الرجل مثلا يأتي إلى مكة قارنًا فيطوف طواف القدوم على أنه نفل ولا ركن ؟
الطالب : ركن .
الشيخ : لا يا أخي ! طواف القدوم نفل على أنه نفل ، ويسعى بين الصفا والمروة على أنه ركن الحج والعمرة ، عرفت ؟
ثم نقول له : اجعله عمرة ، اجعل ذلك عمرة ، فيجعله عمرة ليصير متمتعًا ، فنجد الآن أن الطواف الذي كان نفلا انقلب ركناً ، صار طواف عمرة الآن.
ونجد أن هذا السعي الذي كان للحج والعمرة صار الآن للعمرة ، بل لو قدّرنا أن هذا الرجل قدم مكة مفردًا ، وطاف ، الطواف إيش ؟
نفل لأنه طواف قدوم ، وسعى للحج ، السعي ركن وللحج فقط ، ثم نقول له : اجعل ذلك عمرة لتكون متمتعًا فيجعله عمرة فينقلب طواف القدوم ركنًا ، وبعد أن كان طواف قدوم الحج صار الآن ركن عمرة وينقلب سعي الحج سعي عمرة ، واضح ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : إي نعم ، بل يصح أن يقع الإحرام بالحج مجهولاً فتقول : " لبيك اللهم بما أحرم به فلان " ، وأنت ما تدري وش أحرم به ، ثم صادفته مثلا في مكة أو في عرفة قلت : وش أحرمت به قال بالحج ، يكون إحرامك بالعمرة !
الطالب : بالعمرة !
الشيخ : لا هو قال : أحرمت بالعمرة يكون بالعمرة، بالحج والعمرة قرانًا يكون بالحج والعمرة قرانًا ، ولهذا لما قدم علي من اليمن قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( بم أهللت ، قال : بما أهلّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فإن معي الهدي فلا تحل ) : وصح إحرامه مع إنه مجهول .
وجاء أبو موسى فقال : ( بم أهللت ، قال : بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يجعله عمرة وألغى أن يكون قارنا ) ، لأن أبا موسى ليس معه هدي .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين ليس معهم هدي أن يجعلوها عمرة ، فتجد الآن أن الحج يختلف عن غيره ، فهذا الصبي الذي بلغ في عرفة ينقلب إحرامه من النفل إلى الفرض ، ولكن هل السابق يكون فرضًا أو هو نفل ؟
في هذا خلاف بين العلماء ، وهذا الخلاف ينبني عليه الثواب ، هل يثاب على السابق ثواب الفريضة ، أو يثاب ثواب النافلة ؟
إن قلنا : إنه ينقلب فرضاً أثيب ثواب الفريضة ، وإذا قلنا : لا يبقى على ما هو عليه ويكون ابتداء الفرض من البلوغ أثيب على الأول ثواب نافلة .
طيب العبد أيضًا يستفاد منه : أن العبد إذا حج وهو رقيق فحجه صحيح . وفائدة ثانية ولا رابعة والله ما أدري الآن !
الطالب : رابعة .
الشيخ : رابعة : أنه إذا حج في حال رقه ثم عَتق وجب عليه أن يحج حجة أخرى ، لماذا ؟
لأن الأولى وقعت نفلاً حيث لا يلزمه الحج ، لأنه لا مال له ، فلا يستطيع إليه السبيل.
فلذلك قلنا : يجب عليه أن يعيد الحج مع أن العبد هذا كان بالغا عاقلا فاهما واعيا ليس كالصغير الذي لم يبلغ ، وهذه المسألة الثانية اختلف فيها العلماء : منهم من يرى -بل والأولى أيضا اختلفوا فيها لكن الخلاف في الثانية أبين وأظهر- من العلماء من يرى أن العبد إذا حج في حال رقه بنية الفريضة فإنه لا يلزمه أن يحج حجة أخرى ، وذلك لأن سقوط الحج عنه ليس لخلل فيه ذاته ، يعني ليس لأن الرجل ليس من أهل الوجوب ، ولكن لأنه لا يستطيع ، لأنه مملوك ، فليس عنده مال ، وليس مالكا لنفعه ما يقدر يحج إلا بإذن سيده ، فلهذا نقول : إنه ليس عدم وجوب الحج عليه لخلل في نفسه وأنه ليس من أهل الوجوب ولكن لأنه غير مستطيع ، وهذا لا يمنع من إجزاء الحج عن الفريضة ، بدليل أن الفقير لا يلزمه الحج ولا لا ؟
هاه لا يلزمه الحج ، ولكن لو حج ، لو تكلف الحج وحج على قدميه أجزأ ولا لا ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : أجزأ حتى عن الفريضة، حتى عن الفريضة لأن ذلك ليس لمعنى يعود إلى الشخص نفسه ولكنه يعود إلى شيء خارج وهو عدم القدرة المالية ، فلهذا كان القول الراجح في هذه المسألة : أن العبد إذا حج قبل عتقه ونوى به الفرض فهو فرض ويجزئ عن الفريضة ولا يلزمه أن يحج حجة أخرى ، لأن هذا العبد من أهل التكليف ، وسقوط الحج عنه ليس لمعنى في نفسه ولكن لمعنى خارج وهو عدم القدرة عليه ، فإذا تكلف وأذن له سيده وحج فنعم .
طيب لكن لو حج بغير إذن سيده، سيده يقول : لا تحج ، ولكنه قال : ما عليّ منك أبي أحج وحج ، يجزئه ولا لا ؟
هذا لا يجزئه، لأن زمنه مغصوب، فإن زمنه كان مملوكا لمن ؟
لسيده ، فإذا غصب نفسه فإنه لا يجزئه.
فإن قلت : ألم يقل الفقهاء إن العبد الآبق من سيده تصح منه صلاة الفريضة ولا تصح منه صلاة النافلة ! فاهمين هذه ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : فالجواب : أن بينهما فرقاً ، لأن الحج في هذه الحال أي قبل أن يعتق نفل وليس بفريضة ، بخلاف الصلاة الفريضة ، فإنها فريضة عليه حتى في حال رقه ، فحصل الفرق ، نعم هو جاء وقت الأسئلة نعم ؟
السائل : ... قضية واضحة ، كيف نقدم حق الله على الآدمي ... ؟
الشيخ : هو هذا رجل ميت ، أما في حال الحياة وهو ما دام عليه دين ما يمكن يجب عليه الحج !
السائل : كيف يتزاحم حق الله مع حق الخلق ؟
الشيخ : ها ؟
السائل : كيف يتزاحم حق الله مع حق الآدمي ؟
الشيخ : كيف إيش ؟
السائل : أقول كيف تزاحم حق الله !
الشيخ : كيف يتزاحم هذا رجل كان غنيا !
السائل : لا في الحديث .
الشيخ : ما تزاحم مافي ذكر الزحام أبدًا
السائل : سبق أنه إذا تزاحم حق الله وحق آدمي !
الشيخ : إي .
السائل : يقدم حق الله لقوله صلى الله عليه وسلم : ( اقضوا الله فالله أحق بالوفاء ) .
الشيخ : نعم
السائل : كيف تزاحمت يعني ؟
الشيخ : هذا الحديث مافيه تزاحم ، لكن يقول ظاهر قوله : ( أحق بالوفاء ) أنه لو تزاحم حق الله وحق الآدمي قدّم حق الله ، أما الحديث ما فيه حق آدمي .
السائل : صلاة العبد ألا يجزئ فتكون نافلة ؟
الشيخ : لا ما تصح أصلا لا نافلة ولا فريضة ، نعم .
السائل : شيخ بارك الله فيك ذكرت أن شخص أوصى بماله وحج به !
الشيخ : نعم .
السائل : فإن حج من ... ؟
الشيخ : لا ما يصير ، لأن العبد مملوك لسيده بدنه مملوك لسيده ولا يتصرف في زمنه أبدا إلا لسيده أو بإذنه ، أما المال فليس له دخل في هذا ، لأن الإنسان قد يحج بلا مال ، نعم ؟
السائل : هل الراجح في حديث ابن عباس أنه موقوف ؟
الشيخ : إي نعم ، الراجح أنه موقوف ، نعم ، الراجح أنه من قول ابن عباس ، إي نعم تكلم !
السائل : يا شيخ الموظف الذي يخرج من الوقت ولا يكمله هل هذا كالعبد ؟
الشيخ : إي نعم ، هو لا شك أنه حرام عليه ، لكنه يفرّق بينه وبين العبد أن مُلك الرئيس أو الدولة للموظف ليس كملك العبد ، لأن السيد مالك للعبد أصله وعمله ، أما هذا فإنه مالك لمنفعته هذه لا لجميع منافعه ، ولهذا الموظف لو تصرّف بعد أن ينتهي الدوام أو في نفس الدوام تصرفًا لا يخل بالعمل ، فله أن يفعل ذلك بخلاف العبد فهو في .
هل البلوغ شرط للصحة أو للوجوب ؟
الشيخ : نعم .
السائل : حج ، نعلم من هذا الحديث أنه يجوز الحج للصبي وصحيح ، بناءا على هذا الحديث ، وفيه صحة الحج للصبي ، فكيف يشترط البلوغ للصبي ؟
الشيخ : البلوغ شرط للوجوب لا للصحة ، يعني لا يجب إلا بعد البلوغ ، وليس المعنى لا يصح ، ولا يلزم من صحة الشيء كونه واجبا ، فهذا الصبي يؤمر بالصلاة لسبع وهو لا تجب عليه وتصح الصلاة منه ، نعم ؟
السائل : يا شيخ كون الإنسان يبلغ ولا يحج !
الشيخ : ما يجوز .
السائل : طيب أحج هو الحج !
الشيخ : الحج يصح ، إذا حج فحجه صحيح .
القول بالنيات في العبادات هل له ضابط متى يجوز ومتى لا يجوز " الانتقال من عبادة لعبادة من غير إبطالها " ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : شيخ قلب النيات يا شيخ ، هل يوجد ضابط مثلا لقلب النية هذه لهذه في العبادات ، مثلا يذكر البعض إذا قلب نيته في الصلاة تبطل صلاته ؟
الشيخ : لا ما تبطل .
السائل : يذكر بعض كلامكم في ذلك .
الشيخ : لا تبطل ، لكنها تنتقل يعني إذا كان الشيء معينا فإنه لا يصح أن ينتقل من مطلق إلى معين أو من معين إلى معين آخر لكن يبقى المعنى العام صحيحا .
السائل : لكن يا شيخ .
الشيخ : يعني لو انتقل من ظهر إلى عصر !
السائل : أنا أقصد النفل يا شيخ إذا تنفل شخص !
الشيخ : إي .
السائل : مثلا نوى ثلاث ركعات وفي أثناء الصلاة رأى أن يبدل النية مثلا إلى أكثر من ذلك .
الشيخ : هذا زيادة في الكمية فقط ، لكن الأصل موجود ، فإذا كان في ليل أو نهار على الأصح فإنه ما يصح ما يصح الزيادة ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) .
السائل : طيب هل يوجد مثلا ضابط يا شيخ على أن يعني قد يفعل الإنسان خلال نية الصلاة في عبادة من العبادات !؟
الشيخ : نحن ذكرنا الضوابط من قبل :
قلنا: إذا انتقل من معين إلى معين فإنه لا يصح ، لا الذي انتقل إليه ولا الذي انتقل منه، الذي انتقل منه لأنه أبطله ، والذي انتقل إليه لأنه لم يبتدئه من أوله .
وإذا انتقل من معين إلى غير معين صح ، كما لو جعل الظهر نفلا .
وإذا انتقل من مطلق إلى معين لم يصح ، لا المطلق ولا المعين ، أخذنا هذا .
السائل : شيخ !
الشيخ : نعم ؟
السائل : ... حج الوجوب أن هذا القيد ... ؟
الشيخ : إي يصح حجه ، نعم يا عبدالوهاب ؟
السائل : مثل هذا السؤال .
الشيخ : من معين إلى معين كما لو انتقل من صلاة الظهر إلى عصر تبطل الصلاتان ، ومن معين إلى مطلق كما لو ألغى نية الظهر إلى نية الصلاة فقط يعني جعل الظهر نفلا فلا يصح ، من مطلق إلى معين مثل أن ينوي وهو الآن يتنفل نفلا مطلقا يبي ينقلها إلى ظهر، فهو ما يصح ، يبطل المطلق لأنه أبطله ولا ينعقد الظهر ، لأنه لم يبدأه من أوله .
3 - القول بالنيات في العبادات هل له ضابط متى يجوز ومتى لا يجوز " الانتقال من عبادة لعبادة من غير إبطالها " ؟ أستمع حفظ
إذا كان يصلي صلاة العشاء مثلا ثم تذكر أنها صلاها ثم أراد أن ... ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : إذا صلى سنة العشاء مثلا ، في أثناء سنة العشاء تذكر أنه صلاها فأراد أن ينقلها إلى وتر مثلا ؟
الشيخ : ما يصح .
السائل : ما يصح ؟
الشيخ : ما يصح ، لا ، لأنه من معين إلى معين .
السائل : إذا حج فأعتقه في الحج ؟
الشيخ : إي نعم ، إذا عتق فهو كبلوغ الصبي ، أقول الرق زواله كزوال الصغر .
لو بلغ الصبي في أثناء الحج بعد طواف القدوم ؟
الشيخ : إي هذا هو ، إذا زال الرق أو الصغر وقد سعى بعد طواف القدوم فالمذهب ما يقبل .
السائل : ...
الشيخ : ما يخالف لو مشى لكن إن أعدناه لأجل أن يكون فريضة أما تكراره ما يقول : ما أتعبد لله تعالى بالسعي ، إي نعم وعلى كل حال العلماء لا يرون هذا ، والأقرب والله أعلم أنه ينقلب كله حتى بسعيه يكون فرضا ، وأنه إذا بلغ قبل فوات الوقوف ووقف أو عتق قبل فوات الوقوف ووقف فحجه صحيح فرضا لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( الحج عرفة ) .
هل إذا بلغ الصبي ليلة عرفة يرجع لعرفة فيقف ويكون حجه فريضة ؟
الشيخ : إي نعم يرجع ، يرجع إلى عرفة ويقف ويستمر .
السائل : ويتم حجه ؟
الشيخ : ويتم حجه نعم .
إذا ورد دعاء موقوف على الصحابي فهل يؤخذ بهذا الدعاء ؟
الشيخ : إذا ورد إيش ؟
السائل : دعاء موقوف على الصحابي !
الشيخ : نعم .
السائل : فهل يؤخذ بهذا الدعاء ؟
مثلا ورد عن التابعي عروة ، ورد عنه دعاء : " من كفر بالجبت والطاغوت أو كفرت بالجبت والطاغوت ، فهذا حرز من الشيطان " ، فهل يؤخذ بقول عروة وهو تابعي ؟
الشيخ : لا.
السائل : ما يؤخذ بقوله؟
الشيخ : لا يؤخذ ، لكن لو قاله: ابن الزبير، فهذا مما لا مجال للاجتهاد فيه ويكون له حكم الرفع.
السائل : لكن إن ثبت مثلا صلاحية هذا ؟
الشيخ : إن ثبت أن ابن الزبير قال هذا فله حكم الرفع ، يعني ابن الزبير رضي الله عنه من الصحابة .
السائل : لم يأت من ابن الزبير .
الشيخ : لا عروة تابعي ما له حكم الرفع .
السائل : ما يؤخذ أقواله فيها ؟
الشيخ : لا ، في الأمور الغيبية لا يؤخذ ، أما الأمور الحكميه يكون قوله كرأي من آراء العلماء وليس قول التابعي حجة ، نعم ؟
السائل : شيخ عطف العمرة والحج على المجهول !؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : عطف نية الحلف بالعمرة على نية المجهول .
الشيخ : على إيش ؟
السائل : على مجهول يعني ما عينه .
الشيخ : نعم .
السائل : وقال قائل : إن علي نوى على الرسول لأنه كان المشرع كانت أول عمرة له .
الشيخ : أبدًا لأن الحج معروف ، الحج والعمرة معروفة حتى قبل حجة الوداع أبو بكر حج .
مناقشة ما سبق أخذه.
قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس : ( حجي عنه ) ، ما المراد بهذا الأمر ؟ الإباحة ؟
الطالب : هو الظاهر .
الشيخ : إيه على الإباحة .
الطالب : الظاهر الإباحة .
الشيخ : أقول : الإباحة ، لماذا مع أن الأصل في الأمر الوجوب ؟
الطالب : لأن السؤال إذا أتى بعد الإباحة دل !
الشيخ : لأن ؟
الطالب : السؤال .
الشيخ : لا ، لأن ؟
الطالب : لأن الأمر إذا جاء .
الشيخ : لأن الأمر إذا جاء بعد السؤال أو الاستئذان كان للإباحة .
طيب في الأحاديث التي مرت أنه من نذر أن يحج لزمه الحج ولو بعد موته طلال ؟
الطالب : ولو بعد موته ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : حديث المرأة التي قالت ، أو الرجل الذي قال !
الشيخ : لا يا شيخ ها ؟
الطالب : ( إن أبي مات ، وقد أدركه الحج وهو شيخ لا يثبت على الراحلة ) .
الشيخ : لا لا لا ، نعم ؟
الطالب : النبي عليه الصلاة والسلام لم يستفصل لما قالت : إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج ما سأل هل أدركت الحج أو لم تدركه ؟
الشيخ : يقضى عنه ولو بعد موته ؟
الطالب : يعني الآن !
الشيخ : نحن نسأل الآن أنه يقضى عنه ولو بعد موته بقطع النظر عن كونه أدرك أو لم يدركه .
الطالب : كيف عيد يا شيخ !
الشيخ : أقول : مر علينا في الأحاديث السابقة أن الإنسان إذا نذر أن يحج فإنه يجب عليه الحج ولو بعد موته -اصبروا يا جماعة ماهو قلنا بالأول لازم إن نسكت حتى يوجه إليه السؤال- ؟
الطالب : والله ما عندي يا شيخ إلا أنه جرى شيء ، اقضوا الله فالله أحق بالقضاء .
الشيخ : طيب ، نعم ؟
الطالب : قوله : نعم ، لما سألته المرأة هل أحج عنها قال : نعم ، هذا دليل .
الشيخ : لا .
الطالب : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( حجي عنها ) فعلل
الشيخ : لا .
الطالب : قوله : ( اقضوا الله فالله أحق بالوفاء ) .
الشيخ : سبحان الله !! ( نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت ) ، إذن معناه إنها ماتت قبل أن تحج فألزمها الرسول بالقضاء وأخبرها أنه دين .
طيب هل يشترط لوجوبه أن تدرك الحج أو أنه يُقضى عنها وإن لم تدرك وقته عبدالله الزيدان ؟
الطالب : ظاهر الحديث أنه لا يلزم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل .
الشيخ : طيب ، في الحديث يقول ؟
الطالب : قالت : ( إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت ) .
الشيخ : نعم .
الطالب : ولم تقل إنها أدركت أو لا .
الشيخ : وش مثال المسألة ؟
الطالب : ... نذر سيحج .
الشيخ : نعم، قال : لله عليّ أن أحج هذا العام .
الطالب : هذا العام وهو في محرم فمات قبل الحج .
الشيخ : نعم ، مات في ربيع ، هل يقضى عنه أو لا يقضى؟
الطالب : ظاهر الحديث أنه يقضى عنه .
الشيخ : كيف كان ظاهر الحديث ؟
الطالب : لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل عنها ، لم يسأل هل أدركت حج أو لم تدرك.
الشيخ : إي ، طيب توافقونه على هذا ؟
الطالب : على ظاهر الحديث نعم .
الشيخ : طيب الحديث نشوف لفظه يا جماعة !
صحيح استدل بعض العلماء بذلك لكن نشوف اللفظ : ( فلم تحج حتى ماتت ) وش يدل عليه ؟
الطالب : أدركت الحج .
الشيخ : أنها أدركته ، لم تقل : فلم تدرك الحج ، السؤال : أنها لم تحج حتى ماتت ، فظاهر الحديث خلاف ما استدل به بعض العلماء من أنه مطلقًا ، ولهذا نقول : إنها لو ماتت قبل إدراك الحج لم يجب عليها الحج ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث ) ، والأولون يقولون : إن الرسول لم يستفصل ، لكن نقول : ليس في اللفظ ما يحتاج إلى الاستفصال .
نعم طيب فيه دليل على جواز استعمال القياس وأنه حجة شرعية ، نعم ؟
الطالب : من قوله ( اقضوا الله فالله أحق بالوفاء ) .
الشيخ : لا.
الطالب : ( أرأيت لو أن على أمك دين أكنت قاضيته ) !
الشيخ : ( أرأيت لو أن على أمك دين أكنت قاضيته ؟ قالت : نعم ، قال : اقضوا الله فالله أحق بالوفاء ) .
طيب استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أنه إذا اجتمع واجب لله وواجب للعبد فتقديم حق الله أولى وش تقول يا بدر ؟
الطالب : ( اقضوا الله فالله أحق بالوفاء ) .
الشيخ : من أين يؤخذ ؟
الطالب : اقضوا الله فالله أحق بالقضاء .
الشيخ : من أي كلمة ؟
الطالب : فالله أحق .
الشيخ : أحق ، وأحق هذه اسم تفضيل ، طيب مثاله حسين ؟
الطالب : ترتب بعد موته إن كان عليه دين ، وكان عليه فريضة حج لم يحج .
الشيخ : عليه مئة درهم دين لفلان ، ومئة درهم زكاة ، ولم يخلّف إلا مئة درهم ، الدين مئتان والتركة مئة درهم ، هل نقضي الزكاة بالمئة أو نقضي دين الآدمي؟
الطالب : على هذا الحديث نقدم دين الله عز وجل وهو الزكاة.
الشيخ : ويسقط دين الآدمي ؟
الطالب : إي نعم .
الشيخ : إي طيب بناء على كلمت أحق ظاهر أحق .
طيب من عنده موافقة أو مخالفة ؟
الطالب : لا يدل هذا على حق الله ، إنما النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يقيس هذا القياس الأولوي ، ما دام أنه يقضى حق الله كذا حق الآدمي .
الشيخ : ما دام يقضى حق الآدمي !
الطالب : نعم.
الشيخ : فكذلك؟
الطالب : حق الله عز وجل ، ولا يدل على تقديم حق الله.
الشيخ : لأن السؤال ليس عن تزاحم دينين فيقول الرسول : الله أحق واضح ؟ طيب إذن نقول : في هذا المثال لا تقدم الزكاة ، ولكن هل يقدّم حق الآدمي أو يتحاصان ، لأن المسألة فيها ثلاث احتمالات نعم ؟
الطالب : يتحاصان .
الشيخ : يتحاصان ، طيب لماذا لا نقول : يقدم حق الآدمي لأنه مبني على الشح وحق الله مبني على العفو والتسامح ؟
الطالب : مبني على الشح حق الآدمي ، الله سبحانه وتعالى !
الشيخ : ها ؟
الطالب : الله سبحانه وتعالى يعفو عن حقه ، لكن الآدمي من يعفو ؟
الشيخ : والآن عنده مئة وله لله مئة ولزيد مئة ، لماذا لا نقول : يوفى زيد وتسقط الزكاة لأن زيدًا حقه مبني على المشاحاة وحق الله مبني على السهولة ؟
الطالب : مال زيد ... يوم القيامة .
الشيخ : إيه هذه هي ، إذن نقضيه .
الطالب : وحق الله سبحانه وتعالى على المسامحة .
الشيخ : إذن نقضي نقدّم مئة الريال الطلب الذي عليه لزيد أو ما فهمت ؟
الطالب : ما فهمت .
الشيخ : طيب .
الطالب : إيش كلامهم !
الشيخ : هاه؟
الطالب : هذا كلامهم يمكن يبدأ بزيد.
الشيخ : هذا ميت مات وعليه مئة ريال زكاة وعليه مئة ريال لزيد، ولم نجد وراءه إلا مئة ريال، فجاء زيد قال: أعطونيها، وجاء الوالي المحتسب وقال: أدوا الزكاة أيهما نقدم ؟
الطالب : نقول : يتحاصان.
الشيخ : لماذا يتحاصان لماذا لا يقدّم حق الآدمي ؟
الطالب : لأن ما يكفي الآن للحقين .
الشيخ : من حيث إنه ما يكفي نقول: عطوا الآدمي مئة الريال .
الطالب : كلاهما واجب حق الله واجب وحق الآدمي واجب .
الشيخ : إي .
الطالب : نقول : أنه أصلا عدم الإحصاص وإذا كان يمكن يكفي لأحدهما من غير إسقاط ، وكذلك المحاصة .
الشيخ : يعني نقول : كلاهما دين واجب ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : فيجب أن يتحاصان ويدخل النقص على كل واحد بقسطه ، نعم يا طلال ؟
الطالب : نقول يا شيخ : إن حق الله مبني على التسامح ليس على إطلاقه ، لأن مثلا مثل الصلاة لا يترتب عليها ضرر على العباد أما الزكاة فكان فيها حق الفقراء .
الشيخ : فيها شيء من حق الفقراء ، إي لكن ينتقد علينا هذا بالحج ، لو كان عليه حج وخلّف ما لا يتسع للحج والدين يتحاصان، لكن نقول: الذين قالوا بالتحآص يقولون: لأن كلا منهما دين واجب فيتساويان .
لكن كيف نوزع ؟
ننسب الموجود للمطلوب ، ماهو بعليه له ، ننسب الموجود للمطلوب ، الموجود مئة والمطلوب مئتان نسبته النصف إذن نعطي كل واحد خمسين والله أعلم .
طيب في حديث ابن عباس في مسألة الرقيق والصبي ذكرنا أن الصحيح أن الرقيق إذا حج فحجه مجزئ ، وأن هذا هو مذهب الظاهرية وعموم الأدلة تشهد له ، أما الصبي فنعم لا تجزئه لأنه ليس أهلا للوجوب ، فهو كما لو أدى زكاة المال قبل ملك النصاب ، لو قال واحد : أنا الآن أنا عندي نصف نصاب أبي أطلع الزكاة علشان في آخر الحول ما أطلعها ، نقول : ما تجزئ لأن هذا أداء شيء لم يجب .
طيب فيه نقرأ ، قرأنا بعد حديث ابن عباس هذا ؟ هاه لا يخلون قرأناه !
الطالب : لا ما قرأناه .
الشيخ : ولا شيء منه ؟
الطالب : ولا شيء .
وعنه رضي الله عنهما : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) ، فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ، إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، قال : ( انطلق فحج مع امرأتك ) . متفق عليه ، واللفظ لمسلم .
كلمة يخطب : يحتمل أن تكون هذه الخطبة على المنبر ويحتمل أن تكون من سائر خطبه العوارض ، لأن خطب النبي صلى الله عليه وسلم على قسمين : قسم عارض يخطبه النبي صلى الله عليه وسلم عند وجود حادثة تقتضيه.
وقسم راتب كخطب الجمعة، وخطب العيدين .
وهذا محتمل ولكنه لا يهمنا أن يكون هنا أو هنا ، لأن المقصود أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلن هذا الحكم على المنبر ، وهذا يدل على أهمية هذا الحكم ووجوب العناية به .
يقول : جملة يقول : حال من فاعل يخطب ، وجملة يخطب حال من رسول الله من كلمة رسول ، ( سمعت رسول الله يخطب يقول ) : وذلك لأن سَمع لا تنصب مفعولين، لأنها ليست من أفعال الظن ولا من أفعال اليقين، تنصب مفعولا واحدا فقط .
يقول : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ) ، نعرف أن الفعل يخلون مؤكد بنون التوكيد ، فتكون الجملة هنا التي هي نهي تكون مؤكدة بالنون ، ( لا يخلون رجل ) : الرجل هو البالغ بخلاف الذكر فإنه يطلق على البالغ والصغير ، ( بامرأة ) : أي : بالغة لأنها أي كلمة امرأة تطلق على الأنثى إذا بلغت.
( إلا ومعها ذو محرم ) : جملة معها ذو محرم مبتدأ وخبر وهي في محل نصب على الحال بدليل تقدم واو الحال .
المحرم زوجها وكل من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح، وإن شئت فقل: بنسب أو رضاع أو مصاهرة، هذا المحرم.
والمحرمات من النسب سبع ومن الرضاع مثلهن ومن الصهر أربع .
المحرمات من النسب ذكرهن الله في قوله : (( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت )) : هذه سبع، من الرضاع مثلهن لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) فتحرم الأم من الرضاع ، والبنت ، والأخت ، والعمة ، والخالة ، وبنت الأخ وبنت الأخت هذه سبع .
ومن الصهر أم الزوجة وإن علت وبنتها وإن نزلت ، طيب وزوجة الابن وإن نزل ، وزوجة الأب وإن علا : أربع .
أما أخت الزوجة فإن الزوج ليس محرمًا لها، لماذا ؟ لأنها لا تحرم على التأبيد وإنما يحرم الجمع بينها وبين أختها .
الملاعَنَة على الملاعن محرمة على التأبيد ها ؟ ليس بسبب مباح ، فليس محرمًا طيب .
يقول : ( إلا ومعها ذو محرم ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل ) كلمة رجل نكرة في سياق النفي ، وامرأة نكرة في سياق النهي أنا قلت النفي والصواب النهي ، مع أنه يجوز أن تكون نفيا لأن الفعل هنا مبني ، ما يتغير سواء كانت لا نافية أو ناهية ، مبني لاتصال نون التوكيد به .
على كل رجل عام يشمل الشاب والكهل والشيخ ، وذا الشهوة ومن لا شهوة له .
طيب امرأة تشمل الشابة والكهلة والعجوز والقبيحة والحسناء ، كذا ؟
طيب إذا قال قائل : ما هي الحكمة من ذلك الحكمة لأن الشيطان يدخل بينهما في هذه الحال فيسوس للرجل ويوسوس للمرأة وتحصل الفاحشة، ولا تحقرن شيئا لا تقل: هذه امرأة عجوز وهذا رجل شيخ كبير، لأن الشيطان قد يؤزّه .
ولهذا يوجد بعض الناس مع أهله شهوته ضعيفة لكن مع غير أهله شهوته قوية يمكن لو يكلم امرأة أجنبية مجرد كلام تحركت شهوته ، لكن مع أهله كل شيء تفعل فيه ما تحرك ساكنا ، لأن الشيطان يحرك الإنسان ، فالمرأة وإن كانت عجوزاً فإنه يقال: " لكل ساقطة لاقطة " ، ثم إن هذه المسائل ينبغي فيها سد الباب ، لأن الضابط فيها صعب وشاق ، فمن التي لا تشتهى وإلى أي حد يكون الكبر ، وإلى أي حد تكون انتفاء الفتنة أو الشهوة وما أشبه ذلك ، قال شيخ الإسلام : " العلة إذا كانت منتشرة فإنه يحكم بمظنتها وإن لم تتحقق " : منتشرة يعني لا يمكن انضباطها ، لأن كل واحد يقول : أنا الحمدلله أنا معصوم يعني حسب ما عندي إني معصوم ما أفعل هذا الشيء، وكذلك المرأة ولكن عند الاختبار يكون البلاء والفتنة ، فسد الباب أولى ، ولهذا لم يستثن من هذا شيء ، حتى لو كانت ابنة العم وزوجة الأخ ، تدخل ولا لا ؟
الطالب : تدخل .
الشيخ : لو كانت ابنة عمه زوجة أخيه فإنه لا يحل له أن يخلو بها ، لا يقول: والله هذا أخي أنا أحامي عليه كما أحامي على حرمي ، وهذه ابنة عمي أحامي عليها كما أحامي على أختي ، لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
طيب كذلك قوله : ( لا يخلون رجل بامرأة ) النهي عن الخلوة فإذا كان معهما ثالث فالخلوة تزول لا شك ، لكن هل الحكم يرتفع ؟
إذا زالت العلة زال الحكم ، لكن قد يحرم من ناحية ثانية وهو الفتنة ، وإذا كان جاء في الحديث : ( إلا كان الشيطان ثالثهما ) ، نقول: وإذا كان شيطان الإنس ثالثاً ثبت الحكم ، فإذا قدّر أن المرأة لم تخل برجل لكن خلا بها رجلان فاجران ، وش نقول؟
الطالب : أشد.
الشيخ : أشد، الفتنة هنا متحققة أكثر، ولهذا قال: " من يأمن الذئبين على الشاة الواحدة " ، إذا كان الذئب الواحد ما يؤمن فالذئبان من باب أولى.
أما إذا انتفت الفتنة وزال المحذور فهذا لا بأس به .
طيب وإذا كان رجل مع امرأتين ؟!
فالخلوة لا شك منتفية ، هل الحكم يزول ؟
نعم يزول الحكم لا شك لكنه إن خيفت الفتنة جاء الحكم من طريق آخر ، ولكن خلوة الرجل بامرأتين أهون من خلوة الرجلين بامرأة ، أليس كذلك ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : طيب وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إلا ومعها ذو محرم ) كلمة محرم عامة تشمل الصغير والكبير ، لكنَّ أهل العلم قالوا : لابد أن يكون بالغًا، ولابد أن يكون عاقلًا، وأخذوا هذا الشرط التماسًا من الحكمة في وجوب المحرم، الحكمة من وجوب المحرم هاه؟
هي الحفاظ على المرأة وصيانتها وحمايتها ، وليس كما يقول العامة لا نجيب الثانية .
طيب إذا كان كذلك فلابد أن تتوافر فيه الشروط فيكون بالغًا عاقلًا طيب هل يشترط أن يكون بصيرًا؟ وش تقول يا بخاري ؟
الطالب : أنا ؟
الشيخ : إي نعم ، وش هو الذي يشترط يكون بصير ؟
طيب نوجه السؤال عموما هل يشترط أن يكون بصيرا ؟
الطالب : لا .
الشيخ : الفقهاء لم يشترطوا ذلك ، نعم ، ولعلهم يعللون هذا بأن الرجل الذي معها ومع محرمها قد يهاب المحرم وإن كان حماية هذا الأعمى لمحرمه ضعيفة بلا شك ، إذ قد يشير ولا لا ؟
ربما يشير أو يضحك أو يغمز بعينه أو ما أشبه ذلك وهذا الرجل محرم لا يدري ، لهذا نقول : ينبغي أن نشترط أن يكون بصيرًا حيث دعت الضرورة إلى كونه بصيرًا.
الطالب : ...
الشيخ : إي نعم لكن ما طريقه الرؤية لا يمكن أن ينفع فيها ، أما ما طريقه الهمس والحس ربما .
طيب هل يشترط أن يكون سميعا؟
الطالب : لا يشترط.
الشيخ : الظاهر أنه لا يشترط ، البصر يعني إذا تعطيه وهو بصير، البصر يكفي في الحماية.
قال : ( ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) : وهذه لا ناهية ، ولما كانت هنا جازمة للفعل صار قولنا فيما سبق : ( لا يخلون ) إنها جملة نهي .
الطالب : أقرب .
الشيخ : نعم أصح أو أقرب ، لأن هذه الجملة معطوفة على ما سبق .
وقوله : ( لا تسافر المرأة ) : السفر مفارقة الإقامة ، سواء كنت في بلد أو كنت في مكان ، ولنفرض أنه بدوي ليس في بلد في البر ، ساكن بخيمته ، فسفره مفارقة محل الإقامة .
فالسفر إذن هو مفارقة محل الإقامة ، وسمي سفرًا لأنه يسفر عن الإنسان حيث يبرز بعد الخفاء .
وقال بعض الأدباء : " إنما سمي السفر سفرا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال " ، كم من إنسان لا تدري عنه عن خلقه عن صدقه وعن شهامته وعن رجولته إلا إذا سافرتَ معه ، ولكنَّ المراد السفر المعروف سابقًا، أما سفر اليوم فإنك لا تعرفه خصوصًا في الطائرات، الطائرات تخرج أنت وإياه على الطائرة ويكون على الكرسي وأنت على الكرسي ما تدري هل هذا الرجل رجلا شهم كريم يخدم قومه يريحهم أو لا ، أليس كذلك ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : صحيح أنك إذا جلست إليه وتحدثت إليه ربما تفهم شيئا من خلقه لكن هذا يحصل حتى في القهوة ، لكن في الزمن السابق لما كان الناس يسافرون على الإبل ومسافات طويلة وتعب نعم صار الناس يعرفون .
قال : أظنه نافعًا : " صحبت ابن عمر لأخدمه فكان يخدمني " ، شف كيف السفر .
وشاهدنا نحن لما كنا نسافر بالسيارات في المسافات ليست في الطرق المسفلتة نجد بعض الناس إذا نزلوا من السيارة على طول ذهب يحتطب ويشب الضوء ويسخن الماء في أيام الشتاء ، ويقرب الماء ويروي ، وبعضهم إذا نزل نزّل فراشه ونام .
نعم أيهما الرجل الشهم ؟
الطالب : الأول .
الشيخ : الأول هذا علاقة على الناس ، الذي نزل ينام فقط هذا ليس بشيء . طيب نعم ، فإياكم أن تكونوا من القسم الثاني الذي إذا نزل ، نزل بفراشه واصطحبه ، خل كل واحد منكم يخدم الثاني ، وخليكم أيضا تخدمون الناس بالتوجيه والإرشاد وحسن المعاملة والأخلاق ، لأن الناس سيذكرونكم بخير إذا أحسنتم ، ويذكرونكم بعكسه إذا أسأتم ، مع أن هذه الأماكن أماكن مُقدسة ، يعني أماكن آمنة ، لا يوجد بقعة على الأرض آمَن من المسجد الحرام ، لكن ليست أمنا على النفوس فقط : ( إن دماءكم وأموالكم أعراضكم عليكم حرام ) : على كل شيء على الأموال والنفوس والأعراض فإياكم أن تؤذوا الناس في أموالهم أو أعراضهم أو أبدانهم ، بل كونوا خير الناس للناس .
طيب يقول: ( لا تسافر المرأة ) : إذن لا تفارق محل إقامتها بما يسمى سفرا إلا مع ذي محرم ، وهذا هو الموضع الذي قال فيه الفقهاء -رحمهم الله- : ( إنه يشمل السفر الطويل والقصير ) : بينما الرخص الأخرى كالقصر والفطر والمسح ثلاثا يقولون : هذه خاصة بالسفر الطويل ، أما هذا فهو عام للسفر الطويل والقصير المهم أن يسمى سفرا.
( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) : وسبق معنى المحرم .
( فقام رجل ) : اسمه لازم أن نعرفه ؟
لا المهم القصة .
( فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، فقال : انطلق فحج مع امرأتك ) متفق عليه واللفظ لمسلم :
الرجل لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) : وقد علم أن زوجته ليس معها ذو محرم بيّن سأل النبي عليه الصلاة والسلام فقال : إنه اكتتب في غزوة كذا وكذا يعني كتب مع الغزاة .
( وأن امرأته خرجت حاجة ) : فماذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( انطلق فحج مع امرأتك ) : وانطلق هذه فعل أمر ، وحج فعل أمر ، انطلق فحج .
وقد أمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يدع أمرًا مرغوبا فيه هو ذروة سنام الإسلام وهو الجهاد ليحج مع امرأته ، وهذا يدل على وجوب اصطحاب المحرم.
هل سأله النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هل امرأتك كبيرة أو صغيرة ؟
لا، خذ هذا عموما اجعل هذا عموما أي: أنه يشمل المرأة الكبيرة والصغيرة .
هل سأله أهي آمنة أم غير آمنة ؟
هاه لا ، خذ هذا عموما آخر .
هل سأله هل هي حسناء أو قبيحة ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا ، خذ هذا أيضا عموما ثالثا .
فإذن نهي المرأة عن السفر بلا محرم شامل للمرأة سواء كانت كبيرة أو صغيرة وسواء آمنة أو غير آمنة وسواء كانت قبيحة أو حسناء .
طيب فيه عموم رابع : سواء معها نساء أو ليس معها نساء ، نعم ، وهذا عام ، ولذلك كان هذا النص القولي كان واضحًا في أنه شامل لكل امرأة ، وعلى كل حال .
طيب يقول : ( انطلق فحج مع امرأتك ) : انطلق الرجل ولا لا ؟
الطالب : انطلق .
الشيخ : كيف انطلق وش الذي يدريكم ؟
هو ما سأل إلا ليفعل ، هل يمكن أن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يعصيه هذا بعيد بل ممتنع ، طيب .
9 - وعنه رضي الله عنهما : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) ، فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ، إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، قال : ( انطلق فحج مع امرأتك ) . متفق عليه ، واللفظ لمسلم . أستمع حفظ
فوائد حديث: ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم... ).
الفائدة الأولى : حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إبلاغ الشريعة ، وأنه صلوات الله وسلامه عليه يستعمل كل أسلوب يمكن أن يبلغ به الخلق ، لقوله : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول ) .
طيب الفائدة الثانية : تحريم خلوة الرجل بالمرأة إلا مع ذي محرم لقوله : ( لا يخلون رجل بامرأة ) ، والأصل في النهي التحريم لاسيما وأنه أُكد بماذا بالنون : ( لا يخلون ) طيب .
ثلاثة : عموم هذا النهي لكل رجل ولكل امرأة ، لأنه نكرة في سياق النهي فيعم .
ثالثا : -أو نقول ومنها عشان ما نغلط- ومنها : جواز خلوة الصغير بالمرأة لقوله : ( لا يخلون رجل ) ، فالصغير الذي لا شهوة له لا تضر خلوته .
طيب لو خلت امرأة بامرأة ؟
يفهم من الحديث جواز خلوة المرأة بالمرأة، لقوله : ( لا يخلون رجل ) ، لكن هنا لو خيفت الفتنة وجب منعها من طريق آخر، كذا ؟
إي نعم ، لأن بعض النساء نسأل الله الحماية يبتلى بمساحقة النساء ، كما يبتلى بعض الرجال بالتعلق بالرجال .
نعم بالمرد أيضا يتعلق بعض النساء تتعلق بالنساء الجميلات وتفتتن أشد من افتتانها بالرجل .
طيب في هذا دليل ، يؤخذ من الحديث جواز خلو القرد بالمرأة .
الطالب : ما يجب .
الشيخ : إي نعم من أين تؤخذ من كلمة : رجل ، لكن يقول شيخ الإسلام : " إذا خيفت الفتنة بأن كانت هذه المرأة تستعمل القرد كما يستعمله الرجل فإنها تمنع " ، لأن بعض القرود يتعلق بالنساء .
إي نعم أنا حُدثت أن النساء إذا رحن يتفرجن على القرود وصارت إحداهن جميلة صار القرد ما ينظر إلا إليها ولا يتبع إلا إياها ، إي نعم ، إذن إذا خيفت الفتنة هاه نمنع .
طيب ومن فوائد الحديث : جواز خلو الرجلين بالمرأة . ها ؟
الطالب : لا .
الشيخ : هاه هل نقول يعني كيف يكون الحديث دليلا على جواز خلو الرجلين بالمرأة؟
الطالب : لقوله: رجل .
الشيخ : لقوله : ( لا يخلون رجل ) وإذا كان معه آخر فلا خلوة ، ولكن كما قلنا في أثناء الشرح : إنه إذا خيفت الفتنة وجب المنع من باب ثاني .
ومن فوائد الحديث : عناية الشرع بالمرأة حيث حرص على حمايتها وحفظها باصطحاب المحرم ، ولا لا ؟
طيب صحيح هذا، هذا لا شك امرأة قال: ما تروح إلا مع رجال هذا لا شك إنه من أكبر ما يكون من الإكرام، يعني الواحد يروح وحده الرجل، لكن المرأة !
الطالب : مع محرم .
الشيخ : لا ، لابد لها إنسان يحميها ويحفظها كالحارس كالجندي مع الأمير ، الجندي مع الأمير يحرسه ليش إكرامًا له إذن محرم المرأة لا شك أن اصطحابها إياه لا شك أنه من مكرمتها وحمايتها وعناية الشرع بها ، واضح طيب .
ومن فوائد الحديث أيضًا : أنه لابد أن يكون المحرم ممن تمكنه صيانتها لكونه بالغا عاقلا بصيرًا إن احتجنا إلى ذلك.
طيب فإن كان صغيرًا ، فليس بمحرم، هو محرم لكنه ليس كافياً ، العلة من ذلك ذكرنا في الشرح أن العلة حماية المرأة وصيانتها وكرامتها ، وعند العامة يقول : " إن العلة من أجل إذا ماتت يفك حزائم كفنها إذا نزلت في القبر " ، شف كيف العوام !
أولاً : يقدرون أنها ماتت وهذا تشاؤم ، أيضًا عشان يفك الحزائم إذا نزلت في القبر وهذا ليس بشرط لأنه ممكن يفك الحزائم أي إنسان ، ولعله مر عليكم حديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام : ( دُفنت إحدى بناته وفيهم زوجها عثمان والنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أيكم لم يقارب الليلة، فقال أبو طلحة أنا يا رسول الله ، فقال : انزل ) : فنزل في قبرها أبو طلحة وليس من محرمها والنبي صلى الله عليه وسلم من محارمها وزوجها أيضًا من محارمها.
وعنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : لبيك عن شبرمة ، قال : ( من شبرمة ؟ قال : أخ لي ، أو قريب لي ، فقال : ( حججت عن نفسك ؟ قال : لا . قال : ( حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) . رواه أبو داود وابن ماجه ، وصححه ابن حبان ، والراجح عند أحمد وقفه .
جملة خبرية متضمنة للاستفهام أي : أحججت عن نفسك ، والشاهد لمثل هذا التعبير كثير في القرآن وكلام العرب أي أنهم يحذفون أداة الاستفهام لعلمها من المقام .
" ( قال : لا ، قال : حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) رواه أبو داود وابن ماجه ، وصححه ابن حبان ، والراجح عند أحمد وقفه " :
أي أنه موقوف ، قال الإمام أحمد : " إن رفعه خطأ " ، وهذا إحدى الروايتين عنه ، لكنه صحح في رواية أخرى أنه مرفوع ، ولعله اطلع أخيرًا على رفعه فصحح رفعه .
وقد مرَّ علينا أنه إذا اختلفت الأئمة الحفاظ في رفع الحديث أو وقفه فإن الحكم للرافع ، لسببين :
السبب الأول : أن مع الرافع زيادة علم ، لأن الرفع وقف وزيادة.
السبب الثاني : أنه قد يتكلم الراوي الرافع بالحديث كدرس مثلا ، أو كبيان حكم ، فيُسمع منه على أنه من قوله ، كما لو قلت أنا مثلا : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) هذا الحديث مرفوع لا شك ، لكن أنا إذا سقته على هذا النحو فالذي يسمعني يظن أنه من قولي ، فلهذا نقول : إذا تعارض الحفاظ في وقف الحديث ورفعه قُدم الرافع لهذين الوجهين ، أحدهما : أن مع الرافع زيادة علم .
والثاني : أن الرافع له قد يحدث به غير منسوب حكماً بما دل عليه فيسمعه من يسمعه فيظنه موقوفا طيب .
الطالب : ما فهمت الثاني يا شيخ.
الشيخ : نعم؟
الطالب : الثاني ما فهمته.
الشيخ : الثاني أن الراوي راوي الحديث قد يتكلم بلفظ الحديث ليبين حكما للناس .
الطالب : ولا يرفع الراوي؟
الشيخ : ولا يرفعه ما يقول : قال الرسول عليه الصلاة والسلام .
الطالب : وهو عنده مرفوع.
الشيخ : وهو رافعه في موضع آخر ، فهذا يدل على أن الراوي أحياناً يتكلم به مرفوعا وينسبه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، وأحيانا يتكلم به على أنه بيان حكم ، فيظنه السامع موقوفا فيرويه عنه موقوفا.
المهم نرجع إلى الحديث : يقول : ( سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول : لبيك عن شبرمة ) : لبيك بمعنى إجابة لك ، لكنه مثنى ومعناه الكثرة ، ولهذا قال العلماء في تفسيره : إجابة بعد إجابة ، وإنما يقول الحاج : لبيك أي : إجابة ، لأن الله تعالى قال في كتابه : (( وأذن في الناس بالحج )) يعني أعلمهم به وادعهم إليه (( يأتوك رجالا )) ، فكأنك تلبي هذه الدعوة بأنك أجبتها ، وهنا قال : ( لبيك عن شبرمة ) : فقيد هذه التلبية بأنها عن شبرمة ، كأنه نائب عنه ، فالنبي عليه الصلاة والسلام استفهم هل حج عن نفسه ؟
وهذا الاستفهام هل يمكن وروده أو لا يمكن ؟
إن قلنا : إن الحج إنما فُرض في السنة العاشرة ففي وروده شيء من الإشكال، لماذا ؟
لأن هذا القائل إنما سمعه النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، وإذا قلنا: إن الحج إنما فرض في العاشرة فإنه لا يمكن أن يحج هذا الرجل عن نفسه، لماذا؟ لأنه لم يجب من قبل، ولكن سبق لنا أن القول الراجح : أنه مفروض في السنة التاسعة ، وبناء على ذلك فإنه يمكن أن يكون هذا الرجل قد حج عن نفسه ، وهذا مما يرجح القول بأنه فُرض في السنة التاسعة ، وإلا لم يكن لاستفهام النبي صلى الله عليه وسلم محل .
طيب وقال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( من شبرمة ) : يعني من شبرمة الذي لبيت عنه ؟
هذا الاستفهام يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرف هل هذا الرجل قريب من الملبي أو بعيد ، أو يريد أن يعرف هل هو مسلم أو كافر ؟
الطالب : الثاني .
الشيخ : الثاني ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب نشوف الجواب، الجواب قال : ( أخ لي أو قريب لي ) هاه الظاهر الأول لأن هذا الصحابي فهم ذلك ، والصحابي أقرب إلى فهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم من غيره وقوله: ( أو قريب لي ) هذا شك ولكن هذا الشك لا يؤثر لأن الأخ من القرابة ، فقال النبي له : ( حججت عن نفسك ) يعني أديت الفريضة عن نفسك ؟
لأن كلمة عن تدل على أن الشيء مفروض على الإنسان فيريد أن يؤدي عن نفسه ، قال : ( لا ) : يعني لم أحج ، ولكنه بدأ بأخيه ، لعله كان ميتا فقدمه على نفسه وقال كما يقول بعض العامة : أنا حي والدهر أمامي طويل ولكن هذا ميت ومفتقر إلى الحج فأحج عنه ، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام قال له : ( حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) وفي رواية : ( هذه عنك ثم حج عن شبرمة ) نعم .
ورواية : ( هذه عنك ) : أصرح بأن النسك الذي كان هذا الرجل يقول فيه لبيك عن شبرمة انقلب عن نفس الملبي .
طيب قال : " ( حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) رواه أبو داود " .
11 - وعنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : لبيك عن شبرمة ، قال : ( من شبرمة ؟ قال : أخ لي ، أو قريب لي ، فقال : ( حججت عن نفسك ؟ قال : لا . قال : ( حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) . رواه أبو داود وابن ماجه ، وصححه ابن حبان ، والراجح عند أحمد وقفه . أستمع حفظ
فوائد حديث: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : لبيك عن شبرمة ... ).
الفائدة الأولى : الجهر بالتلبية ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمع هذا الرجل يلبي ، ولا يسمع إلا ما كان - محمد نور - إلا ما كان ؟
الطالب : نعم ؟
الشيخ : إلا ما كان ؟ شف الأخ محمد نور دائمًا يسرح ، لا يسمع إلا ما كان جهرًا، لأنه سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة وهو كذلك، فإن الجهر بالتلبية سنة كما سيأتي إن شاء الله تعالى لما فيه من إظهار الشعائر .
ومن فوائد الحديث : أن الرجل إذا حج عن غيره فإنه يصرّح بذكره فيقول: لبيك عن فلان، لأن التلبية عند الإطلاق تنصرف إلى نفس الملبي حتى تقيد فيقال لبيك عن فلان .
فإذا استنابك رجل أن تؤدي عنه الحج فإنك تقول: لبيك حجا عن فلان، استنابك في العمرة تقول: لبيك عمرة عن فلان، وهل تسميه وإن كان امرأة؟ نعم ؟
لو كانت امرأة لبيك عن رقية عن عائشة عن ؟
الطالب : نعم نعم.
الشيخ : نعم ربما نقول: هذا ظاهر الحديث ولا مانع ، لا مانع من أن المرأة يعرف اسمها ، ولكن لو قلت: لبيك عمّن أنابتني في الحج ، يجوز ولا لا ؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : يجوز والله سبحانه وتعالى يعلمها ، فإذا كنت تستحي أو تخجل من أن تقول : لبيك عن رقية أو ما أشبه ذلك أو عن عائشة فلا حرج أن تقول : لبيك عمن أنابتني في الحج .
طيب فإن نسيتها نسيت من وكلك أو نسيت من استنابك فماذا تقول ؟ عمن استنابني أو عمن أنابني والله سبحانه وتعالى يعلم ذلك .
ومن فوائد الحديث : أنه ينبغي لطالب العلم أن يسأل في المواضع التي يكون فيها السؤال متجهًا، نعم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل هذا الرجل : ( من شبرمة ؟ ) ، فإذا رأيت شخصًا يفعل أمرًا تدعو الحاجة إلى السؤال عنه فإن الأفضل أن تسأل ، لا يقال: إن هذا من باب سؤال الإنسان عما لا يعنيه، لأن العالم يعنيه أحوال العباد حتى يعلمهم مما علمه الله عز وجل.
طيب ومن فوائد الحديث : أنه لا يجوز أن يحج الإنسان عن غيره مع قدرته عن الحج عن نفسه إذا لم يحج عن نفسه ، الدليل : ( حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة ) .
طيب فإن كان لا يلزمه الحج ، كرجل فقير ، أعطاه شخصًا مالا يحج به عنه فهل يجوز أن يحج؟
الجواب: نعم، نعم يجوز لأن هذا الرجل لا يجب عليه الحج، فالله عز وجل يقول: (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) ، وهذا الرجل الآن لا يستطيع إليه السبيل لأنه ليس عنده مال ، فيجوز أن يحج عن غيره .
نعم ومن فوائد الحديث : أن الحج يمتاز عن غيره بجواز تغيير النية ، نعم ، فالحج يمتاز عن غيره بجواز تغيير النية فيه وجواز الإبهام فيه ، نعم ، وجواز الانتقال من نسك إلى نسك هذا هو تغيير النية ، فهذا الرجل كان أول ما حج عن شبرمة ، ثم نواه عن نفسه في أثناء العبادة ، ومثل هذا لا يمكن أن يكون في العبادات الأخرى ، لكن هذا خاص في الحج ، كذلك نجد الرجل يحرم بالحج ثم يقلبه إلى العمرة ليصير متمتعًا، يصح؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يصح ، يحرم بالعمرة أولا ثم يضيق عليه الوقت فيدخل الحج عليها فيصير قارنا لا بأس .
كما أن الحج يخالف غيره في النية بأنه لو نوى الخروج منه لم يخرج منه ، واحد الآن محرم بالحج لما رأى التعب قال أشهدكم يا جماعة أني هونت وفسخت الحج هل ينفسخ حجه ؟
الطالب : لا ينفسخ .
الشيخ : لا ينفسخ بينما العبادات الأخرى ينفسخ.
طيب إذا فعل محرما فيه؟
في العبادات الأخرى يبطل العبادة المحرّم في العبادة يبطلها كما لو أكل أو شرب أو تكلم في الصلاة لكن في الحج المحظورات فيه لا تبطله، فيه الجماع قبل التحلل يفسده ولا يبطله، ولهذا يجب المضي فيه، وقضاؤه من السنة الأخرى، بخلاف غيره من العبادات.
فالمهم الحج له أحوال يخالف غيره يقتصر فيها على ما ورد .
طيب ومن فوائد الحديث : حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث سأله قبل أن ينكر عليه ، ثم دله على الهدى حين عرف أنه أخطأ .
طيب هل يستفاد من الحديث أن من أحرم بنسك عن شخص ثم تبين أنه يجب أن يقدم نفسه فإنه يلزمه أن يحج عن هذا الشخص الذي أحرم بنسكه لأنه التزمه له بإحرامه ، أو نقول إن قوله : ( ثم حج عن شبرمة ) من باب الإباحة ، لأنه إنما ذكر له الممنوع ثم ذكر له الجائز ؟!
الطالب : الثاني أظهر .
الشيخ : فيه احتمال يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوجب عليه أن يحج عن شبرمة لأنه تلبس بالنسك عنه فوجب عليه أن يقضيه عنه ، إذ أنه لما تلبس بالنسك كان كأنه نذره، فلزمه أن يوفي به .
ويحتمل أن قوله : ( حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) : من باب الإباحة والإذن ، فهو لما منعه أولا أن يحج عن شبرمة أذن له أن يحج عنه بعد أن يحج عن نفسه .
وعندي أن هذا هو الأقرب، ونجيب عن الأول: بأن الإنسان إنما تلبَّس به ظنا منه أنه جائز، فإذا تبين أنه ليس بجائز فهو تلبس غير مشروع، فلا يلزم الوفاء به .
طيب ومن فوائد الحديث : أنه يجوز الحج عن الغير بلا إذنه ، بلا إذن الغير ، وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل : هل استأذنته ، فإذا حج إنسان عن غيره بنية أنه للغير فلا بأس.
طيب لو رفض الغير بعد أن رجع هذا الرجل وقال: والله أنا حججت عنك ادع الله لي ؟
قال: لا قبول، رفض ها ؟
الطالب : يصير عنه.
الشيخ : يصير عنه غصبا عليه ؟
الطالب : لا عن الذي أدى الفريضة.
الشيخ : إي ، يعني هل يشترط قبوله ؟
عندنا إذن أمران :
أولاً : هل يشترط إذن الغير بالحج عنه ؟
نقول : ظاهر الحديث لا .
طيب هل يشترط قبوله؟
الطالب : لا يشترط .
الشيخ : على كلامكم يشترط ، وأنه لو رفض لم يكن له أجره ، وكان الأجر للفاعل ، ألا نكل هذا الأمر إلى الله عز وجل ؟!
الطالب : هذه هي .
الشيخ : ها ؟ ونقول : إذا رفضه فالله عز وجل أعلم ما يترتب على هذا حكم في الدنيا هذا لا يترتب عليه حكم في الدنيا ، اللهم إلا إذا كان المحجوج عنه مريضا مرضا لا يرجى برؤه فإنه يحج عنه الغير بلا شك ، ولكن لو رفض هذا الغير لو رفض المحجوج عنه فهل نقول : إن رفضه غير معتبر وأن الفريضة سقطت عنه ، هذا هو محل الإشكال !
اختلف في هذا العلماء في مسألة الفريضة فمنهم من يقول : إنه لا يصح أن يحج الإنسان عن غيره فريضة إلا بإذنه لأن المطالب بها الغير.
ومنهم من قال: بل يصح بلا إذنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل للمرأة التي سألته أن أباها لا يثبت على الراحلة لم يقل: هل استأذنتِ منه؟
وأنه إذا حج عن غيره ثم بلّغه بذلك ورفض فإننا نقول له : رفضت أم لم ترفض الحج لك والفريضة سقطت عنك ، وهذا هو الأقرب من الأحاديث.
ومن فوائد الحديث : أن الإنسان ينبغي له أن يبدأ بنفسه لقوله : ( حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ).
وتأتي هنا مسألة الإيثار، الإيثار بالقرب، هل هو جائز أو مكروه أو محرّم ؟
سبق لنا الكلام عليه، وبينا أنه ينقسم الإيثار إيثار غيره إلى أقسام :
القسم الأول : ما يحرم فيه الإيثار وهو الإيثار بالواجب .
والثاني : ما يكره فيه الإيثار إلا لمصلحة تربو على الكراهة .
والثالث : ما يباح فيه الإيثار ، وهو ما سوى العبادات من الأمور العادية .
ما الذي يحرم فيه الإيثار ؟
الطالب : الواجب.
الشيخ : مثل : لو كان معي ماء يكفيني للوضوء فلو آثرت به غيري وتوضأ به بقيت بلا ماء ، فهنا يحرم الإيثار ، لأنني قادر على استعمال الماء وهو في ملكي فلا يجوز لي أن أوثر به غيري ، واضح ؟
الطالب : واضح .
الشيخ : طيب إذا كانت القربة مستحبة مثل الصف الأول فيه مكان رجل ، وسبقت إليه أنا وواحد معي ، فهل أوثره ؟
قال العلماء : إنه يكره أن يوثر غيره بمكانه الفاضل ، وهو كذلك ، لكن القول بالكراهة يتوقف فيه الإنسان إنما يقال : لا ينبغي أن توثر ، لأن هذا يدل على زهد في الخير والسبق إليه .
لكن إذا اقتضت المصلحة أن تؤثره مثل أن يكون أباك أو أخاك الكبير أو صاحب فضل عليك وعلى الناس فهنا يكون الإيثار لا بأس به ، بل قد تربو المصلحة ونقول : إن الإيثار هنا مستحب .
أما الإيثار في الأمور العادية فهذا لا بأس به والأصل فيه الحل والجواز .
قلنا تبدأ بنفسك ، ينبني على هذا مسألة إهداء القرب للأموات فنقول : الأفضل أن لا تهدي القرب للأموات ، الأفضل أن تجعل القرب لك وللأموات الدعاء لأن هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) : ولم يوجّه الرسول عليه الصلاة والسلام الأمة إلى عمل يعملونه للميت ، مع أن الحديث في سياق العمل ، فاجعل الأعمال الصالحة لنفسك ، ومن سواك أدع الله له ، إي نعم .
قبل أن أبدأ الدرس أنا أستسمحكم ثلاث ليال نعم ، الأحد والإثنين والثلاثاء والأحد والإثنين .
وعنه رضي الله عنهما قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن الله كتب عليكم الحج ) فقام الأقرع بن حابس فقال : أفي كل عام يا رسول الله ؟ قال : ( لو قلتها لوجبت ، الحج مرة ، فما زاد فهو تطوع ) . رواه الخمسة غير الترمذي . وأصله في مسلم من حديث أبي هريرة .
قال -رحمه الله تعالى- " وعنه " : أي عن ابن عباس رضي الله عنها قال : " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن الله كتب عليكم الحج ، فقام الأقرع بن حابس فقال : أفي كل عام يا رسول الله ؟ قال : لو قلتها لوجبت الحج مرة فما زاد فهو تطوع ) رواه الخمسة غير الترمذي " :
انتهى النسخة التي عندي .
الطالب : ...
الشيخ : هاه كيف ؟
نعم وأصله في مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، يقول ابن عباس رضي الله عنه : ( خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : وهذه الخطبة يحتمل أن تكون من الخطب الراتبة ، ويحتمل أن تكون من الخطب العارضة ، وقد سبق لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب أصحابه خطباً راتبة كخطبة يوم الجمعة والعيدين والاستسقاء ، وأحيانا خطبة عارضة يكون لها سبب، فيقوم يخطب .
فقال: ( إن الله كتب عليكم الحج ) كتب بمعنى : أوجب كقوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام )) وقوله : (( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا )) .
وسمي الفرض كتابة لأنه كلما أريد أن يوثق الشيء فإنه يكتب ، كما قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه )) ، فالمفروض مكتوب كأنه وثق بهذه الكتابة .
وقوله : الحج ، قال العلماء إن الحج لغة القصد ، وشرعاً : " قصد مكة للتعبد لله سبحانه وتعالى بأداء المناسك " .
( فقام الأقرع بن حابس ) : وهو من زعماء بني تميم ومن المؤلفة قلوبهم.
فقال : ( أفي كل عام يا رسول الله ) : وهذا السؤال من الأسئلة التي لا تنبغي ولهذا كان الحديث في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه لما قال أفي كل عام يا رسول الله قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ، ذروني ما تركتكم ، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ، إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ) .
فقوله عليه الصلاة والسلام : ( ذروني ما تركتم ) : تفيد أنه كان لا ينبغي أن يسأل هذا السؤال ، ولكن على كل حال قد يكون في هذا السؤال خير لئلا يشتبه على من يأتي من بعده من الأمة .
قال : ( يا رسول الله أفي كل عام ؟ قال : لو قلتها لوجبت ) : يعني لو قلت في كل عام لوجبت يعني لثبتت وصار الحج فريضة كل عام ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بيّن فيما رواه مسلم قال : ( ولما استطعتم ) ، فإنه لو وجب على الناس كل عام ما استطاعوا ، أولًا : ما استطاعوا أن يأتوا كل عام إلا بمشقة شديدة .
ثانيًا : لو استطاعوا ما استطاعوا أن يؤدوا المناسك ، لأنه لو فرضنا أن المسلمين في مثل هذا العصر يمثلون كم ؟
الطالب : ألف مليون .
الشيخ : ألف مليون ها ؟
الطالب : مليار .
الشيخ : طيب إذا مثلوا هذا ولنقل أن القادر منهم على الحج نصف هذا العدد لو جاء نصف هذا العدد إلى مكة مثلا هل يستطيعون أن يقوموا بشيء ؟ لا يستطيعون .
لهذا هم لا يستطيعون لا باعتبار أفرادهم أنه يشق عليهم أن يأتوا كل عام إلى مكة لاسيما من البلاد البعيدة ، ولا باعتبار اجتماعهم حول الكعبة ، فإن هذا مشقة شديدة أيضا .
وهذا من نعمة الله عز وجل أنه لم يجب إلا كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( الحج مرة ) مرة واحدة ، ( فما زاد فهو تطوع ) : يعني الحج واجب مرة واحدة ، فما زاد على المرة الواحدة فهو تطوع ، إن شاء الإنسان أتى به وإن شاء لم يأت به .
13 - وعنه رضي الله عنهما قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن الله كتب عليكم الحج ) فقام الأقرع بن حابس فقال : أفي كل عام يا رسول الله ؟ قال : ( لو قلتها لوجبت ، الحج مرة ، فما زاد فهو تطوع ) . رواه الخمسة غير الترمذي . وأصله في مسلم من حديث أبي هريرة . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( إن الله كتب عليكم الحج ... ).
منها : إعلان الأحكام الشرعية عن طريق الخطابة ، والخَطابة أحد المجالات التي بها تنشر الدعوة ، فإن الدعوة تنشر بطرق متعددة :
منها الخطابة والكتابة والمشافهة وغير ذلك من الأشياء التي تكون مجالًا للدعوة.
ومنها حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تبليغ أمته، فإنه كان لا يخفي تبليغ الأحكام بل يعلنها إعلانًا بواسطة الخطابة.
ومنها فرضية الحج من قوله : ( كتب عليكم الحج ) ، وفرضه بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين إجماعا قطعياً .
ففي القرآن : (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )) .
وفي السنة كما في هذا الحديث وكما في قوله عليه الصلاة والسلام : ( بني الإسلام على خمس ) وذكر منها حج البيت .
أما الإجماع ، فالعلماء مجمعون على ذلك ، ولهذا قالوا : من أنكر فرضية الحج فهو كافر مرتد إلا إذا كان حديث عهد بكفر ، ولم يعرف فرائض الإسلام ، فإنه لا يكفر إلا بعد أن يعرّف ، فإذا عُرف وذكرت له الدلائل وأصر على إنكار الفرضية صار كافرًا .
أما من تركه أي : الحج بدون إنكار فرضيته ، ولكن تهاونا وكسلا ، فأكثر أهل العلم على أنه لا يكفر ، لأنه لا كفر بترك شيء من الأعمال إلا واحدًا فقط وهو الصلاة .
وقال بعض أهل العلم : -وهو رواية عن الإمام أحمد- إن من تركه تهاونا فهو كافر ، لأن الله قال : (( ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )) ، وهذا يدل على أن ترك الحج مع القدرة عليه كفر ، وكذلك ما أُثر عن عمر رضي الله عنه : " أنه هم أن يبعث عمالا إلى البلاد فمن وجدوه ذا جدة أي ذا غنى فلم يحج قال : فليأخذوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين " .
ولكن الجمهور على أنه ليس بكفر أي : ليس ترك الحج تهاونًا بكفر ، ولكن هل يقضى عنه ؟
أيضا جمهور العلماء يقولون : إنه يقضى عنه لأنه كالديون التي يتهاون بوفائها فإذا مات قضيت عنه .
وكلام ابن القيم -رحمه الله- في تهذيب سنن أبي داود يدل على أنه لا يقضى عنه ، قال : لأن هذا الرجل تركه تركا معرضا عن فعله ، أما لو أنه يقول : سأحج العام القادم ويمنّي نفسه ولكن باغته الأجل فلم يحج فهذا يُحج عنه بلا شك، ومن فوائد الحديث .
الطالب : الراجح يا شيخ ؟
الشيخ : الراجح أنه يعني إذا تركه على أنه ليس بحاج فكلام ابن القيم جيد ، لكني والله أتوقف في ترجيحه .
طيب ومن فوائد الحديث أيضًا : أنه يجوز أن يُقاطع الخاطب فيُسأل ، لأن الأقرع بن حابس قاطع النبي صلى الله عليه وسلم فسأله في أثناء الخطبة ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث : أن في المسائل ما لا ينبغي أن يسأل عنه ، كما في هذا الحديث ، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : فيما رواه أبو هريرة قال : ( ذروني ما تركتكم ) .
وفي قصة عويمر العجلاني مع امرأته أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله عَدي الذي وصاه عُويمر كره المسائل وعابها فيما لو وجد الإنسان مع امرأته رجلا . ومن فوائد الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم يحكم بغير وحي ، لقوله : ( لو قلتها لوجبت ) ، وهذا محل خلاف بين أهل العلم ، فمنهم من قال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحكم من عند نفسه ، وإنما يحكم من عند نفسه بمسائل الاجتهاد ، أما مسائل التشريع فلا .
والصحيح أنه يحكم من عند نفسه بالمسائل الاجتهادية كتدبير الحروب وغيرها ، وبالمسائل الشرعية ، لكن إقرار الله له تشريع ، ولهذا يعتبر وحيا.
ومن فوائد الحديث : أن الحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة ، لقوله : ( الحج مرة ) .
ومن فوائده : استحباب الزيادة على المرة لقوله : ( وما زاد فهو تطوع ) .