تحت باب صفة الحج ودخول مكة
تتمة الحديث السابق ( وعنه رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم ارحم المحلقين ) قالوا : والمقصرين يا رسول الله ، قال في الثالثة : ( والمقصرين ) . متفق عليه .
في حديث عبدالله بن عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين كم يا خالد ؟
الطالب : ثلاثة.
الشيخ : وللمقصرين؟
الطالب : واحدة.
الشيخ : واحدة ، ما الذي يدل عليه هذا ؟
الطالب : يدل على أن المحلق أفضل من المقصّر.
الشيخ : يدل على أن الحلق أفضل من المقصر .
طيب ما هي الحكمة في أنه أفضل من المقصر ؟
الطالب : فيها أنه !
2 - تتمة الحديث السابق ( وعنه رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم ارحم المحلقين ) قالوا : والمقصرين يا رسول الله ، قال في الثالثة : ( والمقصرين ) . متفق عليه . أستمع حفظ
وعن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر قبل أن يحلق ، وأمر أصحابه بذلك . رواه البخاري .
هذا الحديث فيه سنة فعلية وسنة قولية ، الفعلية قال : ( نحر قبل أن يحلق ) . والقولية : ( وأمر أصحابه بذلك ) : أي بأن ينحروا قبل أن يحلقوا .
وهذا الحديث الذي ذكره المؤلف هنا إنما كان في صلح الحديبية ووضعه هنا فيه إيهام لأن من قرأه يظن أن ذلك كان في حجة الوداع ، والأمر ليس كذلك ، وإنما هذا الحديث في صلح الحديبية ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صالح قريشًا على أن يرجع ذلك العام ويأتي من العام المقبل أمرَ أصحابه أن ينحروا ثم يحلقوا نحر هو ثم حلق وأمر أصحابه بذلك فنحروا ثم حلقوا ، وفي هذا يقول الله تعالى : (( ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي مَحِله )) والآية أيضا ظاهرة في أنها في سياق الحديبية ، لأنه قال : (( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله )) : وعلى هذا فنقول : إن الإنسان إذا أُحصر في العمرة ومنع من الوصول إلى البيت فإنه يجب عليه أن ينحر الهدي الذي معه ، ويجب عليه أن يحلق رأسه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وأمرَ به ، فإن لم يكن معه هدي وجب عليه شِراؤه حتى يذبحه لقوله تعالى : (( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي )) .
فإن لم يكن معه شيء يعني أنه فقير فالصحيح أنه لا شيء عليه خلافًا لمن قال من أهل العلم : إنه يجب عليه أن يصوم عشرة أيام قياسًا على هدي التمتع ، وذلك لأن الفرق بينهما ظاهر ، فإن هدي الإحصار كالفدية عن عدم إتمام النسك ، وأما هدي التمتع فهو كالشكر على إتمام النسك ، لأن الإنسان يتم له فيه في التمتع عمرة وحج فبينهما فرق ، فلا يمكن أن يقاس أحدهما على الآخر ، ولهذا لم يأمر النبي عليه الصلاة والسلام أحدًا من الصحابة أن يصوم مع أن كثيرًا من الصحابة فقراء ، ليس معهم هدي ولم يأمرهم بالصوم .
إذن نقول هذا الحديث فيمن أُحصر ، إذا أُحصر عن العمرة عن إتمامها فإنه ينحر الهدي إن كان معه ويشتريه إن لم يكن معه ثم ينحره ثم يحلق امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم واقتداء بفعله.
3 - وعن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر قبل أن يحلق ، وأمر أصحابه بذلك . رواه البخاري . أستمع حفظ
فوائد حديث :( المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر قبل أن يحلق ... ).
أولًا: جواز التحلل عند الحصر، لأن الحلق علامة التحلل، ولكن ما هو الحصر الذي يبيح التحلل ؟
هل هو كل حصر أو الحصر بالعدو خاصة ؟
في هذا خلاف بين أهل العلم فمنهم من قال : إن المراد به حصر العدو فقط، يعني إذا حصره عدو منعه من الوصول للبيت فإنه يتحلل ، واستدل بأن الآية نزلت بسبب حصرهم في الحديبية ، واستدل أيضًا بقوله : (( فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج )) : والأمن ضد الخوف ، وعلى هذا فقوله : (( إن أحصرتم )) وإن كان مطلقًا غير مقيد يقيده السياق ويقيده السبب الذي نزلت فيه الآية ، أعرفتم ؟ طيب .
فإذا أحصر بعدو منعه عن الوصول إلى البيت فإنه يفعل كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام ، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
أما إذا أُحصر بمرض فإنه لا يتحلل بل يبقى على إحرامه حتى يُشفى ثم ينهي نسكه ، فلو أن أحدًا مُرض وقد أحرم بالعمرة فإننا نقول : لا تتحلل تبقى محرمًا حتى يشفيك الله عز وجل ثم تقضي يعني تكمّل العمرة.
وكذلك لو كسر الإنسان، إنسان أحرم بالعمرة ثم صار عليه حادث وانكسر ويعرف أنه لن يتمكن من قضاء أو من إتمام العمرة إلا بعد شهرين أو ثلاثة فإنه يبقى على هذا القول -على قول من يخصون الحصر بالعدو- يبقى محرمًا إلى أن يبرأ.
والقول الثاني في المسألة: أن الحصر عام، وأن كل إنسان حُصر عن إتمام نسكه فإنه يحل منه إن شاء لإطلاق الآية : (( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي )) ، وأما تفريع حكم يختص ببعض أفراد هذا المطلق فإنه لا يدل على إيش؟ لا يدل على التخصيص ، وكذلك السبب لا يدل على التخصيص، " لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب " .
ثم على فرض أن الحصر بغير العدو لا تتناوله الآية بلفظها فإنها تتناوله بمعناها بجامع أن في حصر العدو منعاً من إتمام النسك ، وكذلك في حصر المرض والكسر وما أشبه ذلك ، فيلحق به من باب القياس على فرض أن اللفظ لا يشمله ، وهذا القول هو الراجح ، أن الحصر عام ، فإذا حصر الإنسان قلنا له: انحر هديا واحلق رأسك .
وفي هذا دليل على وجوب حلق الرأس ووجوب الهدي ، أما الهدي فإنه بنص القرآن : (( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي )) .
وأما الحلق فإنه بالسنة : ( أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلقوا ) ، وقد يقول قائل : إن في القرآن إشارة إليه وهو قوله : (( ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله )) فإن هذا يدل على أن الحلق مشروع ، لكن الوجوب ثبت بالسنة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بذلك ، وعلى هذا فيكون الهدي واجباً وكذلك الحلق .
طيب فإن قصر أجزأ أو لا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : اجزأ ، طيب فإن خالف الترتيب ؟
فالظاهر أن هذا ليس بجائز ، الظاهر أنه لا يجوز لقوله : (( ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله )) ولم يرد الترخيص في التنكيس إلا في الأنساك في يوم العيد، طيب.
4 - فوائد حديث :( المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر قبل أن يحلق ... ). أستمع حفظ
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء ) . رواه أحمد وأبو داود . وفي إسناده ضعف .
5 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء ) . رواه أحمد وأبو داود . وفي إسناده ضعف . أستمع حفظ
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس على النساء حلق ، وإنما يقصرن ) . رواه أبو داود بإسناد حسن .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس على النساء حلق وإنما يقصرن ) رواه أبو داود بإسناد حسن " :
تقول الحديث الأول : وإن كان في إسناده ضعف لكن يؤيده الحديث الثابت في الصحيحين كما سنذكر إن شاء الله .
يقول : ( إذا رميتم ) أي الرمي ؟ يعني رمي جمرة العقبة يوم العيد .
( وحلقتم ) : وكذلك لو قصر الإنسان فهو بدل عن الحلق .
( فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء ) : الطيب يعني ما يتطيب به الإنسان من دهن أو بخور أو غيرها .
وكل شيء يعني من محظورات الإحرام ، ما هو بكل شيء من الموجود لأن الحل لا يحل كل المحرمات وإنما يحل إيش ؟
المحظورات فقوله ( وكل شيء ) يعني من محظورات الإحرام، ومحظورات الإحرام معروفة نعم مثل : الطيب ، والنساء ، والصيد ، وحلق شعر الرأس ، ولبس السراويل ، والبرانس ، والعمائم ، والخفاف ، والسراويل نعم والمرأة لبس القفازين ، تغطية الرأس أيضًا ، النقاب للمرأة.
الطالب : العمائم .
الشيخ : ذكرناها ، عقد النكاح ، الخطبة خطبة النكاح ، طيب هذه كلها تحل المحظورات ( إلا النساء ) قوله : ( إلا النساء ) يعني بذلك كل ما يتعلق بالنساء من الجماع والمباشرة والنكاح والخطبة كل ما يتعلق بالنساء ، فإنه لا يحل لكن متى يحل ؟
إذا طاف وسعى حلَّ الحل كله وإن لم يرم .
6 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس على النساء حلق ، وإنما يقصرن ) . رواه أبو داود بإسناد حسن . أستمع حفظ
فوائد حديث: ( إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب ... ).
( إذا رميتم فقد حللتم من كل شيء إلا من النساء ) ، واستدلوا أيضا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قطع التلبية عند رمي جمرة العقبة وهذا يدل على أنه شرع في التحلل وانتهى نسكه ، لأن التلبية تقال حتى ينتهي النسك ، ولكن القول الراجح ما دل عليه هذا الحديث وإن كان ضعيفا ، لكنه يعضد بحديث عائشة الثابت في الصحيحين : ( كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت ) :
لحله قبل أن يطوف: فجعلت الطواف مباشرا للحل ، وهذا يدل على أن الحلق كان سابقا إيش؟
الطالب : الطواف .
الشيخ : لا ، كان سابقاً للحل ، لأنها جعلت الذي يلي الحل هو الطواف ، إذن فالحلق سابق على الحل ، وهذا يدل على أنه لا حل إلا بعد الحلق ، وهذا أصح لهذا الحديث ، وللحديث الذي أشرنا إليه في الصحيحين والذهاب إليه أولى ، لأنه أحوط ، وكلما كان أحوط مع اشتباه الأدلة كان سلوكه أولى إن لم نقل أوجب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ) .
ويستفاد من هذا الحديث يستفاد منه : أن الطيب يحل بالتحلل الأول ، لقولها: ( فقد حل لكم الطيب )، وللحديث الذي ثبت في الصحيحين : ( كنت أطيب النبي لحله قبل أن يطوف بالبيت ) : خلافا لمن قال من أهل العلم إنه لا يحل له الطيب حتى يحل التحلل الثاني .
وفيه أيضا دليل على عظم محظور النساء ، وجهه ؟
أنه لا يحل له النساء إلا بعد التحلل الكامل بخلاف غيره من المحظورات.
فإن قلت: هل يشمل هذا الصيد ؟
فالجواب : ولا نعم ؟
الطالب : نعم.
الشيخ : الجواب نعم يشمله فيحل له الصيد .
فإن قلت : كيف يصيد وهو في منى ، ومنى من الحرم والحرم صيده حرام ؟
فالجواب : يمكن أن يخرج إلى عرفة وعرفة من الحل ويصيد .
طيب هل يجوز أن يخرج من الحرم وهو لم يؤد النسك ؟
الجواب: نعم لا مانع أن يخرج من الحرم وهو لم يؤد النسك، لأنه لا دليل على المنع.
فوائد حديث: ( ليس على النساء حلق ، وإنما يقصرن ).
ويستفاد منه : وجوب التقصير على النساء لقوله : ( وإنما يقصرن )، ولكن كيف تقصر؟
قال العلماء : تأخذ من كل ظفر من الظفائر التي عليها يعني الجدايل قدر أَنملة وش هي الأنملة؟ ها؟
الطالب : مفصل الأصبع .
الشيخ : مفصل الأصبع ، قدر أنملة ، وإنما وجب عليها ذلك لئلا يجتاح رأسها، لئلا يجتاح التقصير رأسها، والمرأة تحب أن يبقى رأسها لأنه جمال لها، فلو أُمرت بالحلق أو بالتقصير الكبير لفات المقصود من تجملها وجمالها .
طيب فإن قلت: هل لها أن تقصر أكثر من ذلك ؟
الجواب: لا مانع، لكن المعروف عند أهل العلم أنها لا تقصر إلا بهذا المقدار قدر أنملة .
وهنا نستطرد لنبحث هل يجوز للمرأة أن تقص شعر رأسها أو لا يجوز ؟
نقول : هذا على نوعين :
نوع لا يجوز، ونوع يذكر حكمه :
النوع الذي لا يجوز أن تقص رأسها حتى يكون كرأس الرجل ، هذا حرام ، لأنه من باب التشبه بالرجال ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال.
وكذلك أيضًا لو قصته على وجه يشبه قص الكافرات ، بحيث لا يميز بين هذا القص وقص الكافرات فإن هذا لا يجوز ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) .
أما إذا قصته على وجه يشبه قص العاهرات فهذا لا شك أنه منهي عنه ، والعلماء حذَّروا منه ، يعني لأن بعض الفاسقات العاهرات يكون لهن زي معين في الشعر ، فإذا قصته على هذا الوجه وإن لم تكن هي عاهرًا فإن العلماء نهوا عن ذلك نهيًا شديدًا يقرب من التحريم هذا نوع.
النوع الثاني: أن تقص على وجه لا يشبه ذلك أي: لا يشبه رؤوس الرجال ولا رؤوس الكافرات ولا رؤوس العاهرات فاختلف العلماء في هذا على ثلاثة أقوال:
قول بالتحريم وهو قول صاحب المستوعب من أصحاب الإمام أحمد، وقالوا : إن هذا شهرة ، لأن المعروف من عادة النساء أن لا يقصصن رؤوسهن ، فإذا قصته صار شهرة والشهرة منهي عنها .
وقال بعض العلماء : إنه مكروه ووجه ذلك أنه يفوّت جمال المرأة الداعي إلى رغبة الزوج فيها ، فلا ينبغي أن تفعل .
والقول الثالث : أنه لا بأس به ، " لأن زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام بعد موته كن يفعلن ذلك يقصصن رؤوسهن " ، ولو كان حراما أو مكروها لم يفعلنه .
وعلى كل حال لا تجد في الواقع دليلا واضحا لا على التحريم ولا على الكراهة، ولكن الذي يُخشى منه أنه إذا رخص للنساء في ذلك صِرن يتلقفن كل جديد يأتي من الخارج من غير تمييز بين الصالح والفاسد، والمرأة إذا فُتح لها الباب لقلة عقلها ونقصِ دينها لم يبق لها حاجز يمنعها مِن أن تتلقى كل ما يرد من خير وشر، وهذا هو الواقع الآن، ولهذا تجد النساء يعتدن أشياء لا تمت إلى اللباس الشرعي بصلة : منها ألبسة النعال وكذلك بعض القمصان وما أشبهها ، كل ذلك من أجل أنها أي المرأة تتلقى وتتلقف ما يرد إليها من غير حاجز ، ولاسيما وأن كثيرا من الناس أصبحوا الآن في بيوتهم كالنساء بل أدنى من النساء ، تسيطر عليه المرأة وهي قوامته ، عكس ما عليه الفطرة والشرع من أن الرجل هو القوام على المرأة .
طيب إذن نقول : قص شعر المرأة نوعان : نوع حرام ، ونوع ليس بحرام ، لكن فيه خلاف.
قال لي بعض الإخوة : إنما ثبت في الصحيح من حديث معاوية رضي الله عنه : ( أنه أخذ قصة من شعر وهو على المنبر يخطب الناس وقال : إنما هلك بنو إسرائيل من أجل اتخاذ نسائهم هذه ورفعها ) :
وقال : إن هذا دليل على تحريم ما يسمى عند النساء بالقِصة أو القصَة وهي أن تقص مقدم الرأس ، لكن يحتاج هذا إلى بحث ، ونكله إلى من منكم ، من هو مستعد لذلك ؟
الطالب : من أي كتاب ؟
الشيخ : شرح صحيح مسلم ، في صحيح مسلم الحديث .
الطالب : شيخ !
الشيخ : نعم ؟
الطالب : أنا.
الشيخ : أنت ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : وتحققه تماما ؟
الطالب : إن شاء الله .
الشيخ : طيب . نعم .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن العباس ابن عبدالمطلب رضي الله عنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته ، فأذن له . متفق عليه .
العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه كان يتولى سقاية الحاج ماء زمزم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل السقاية فيهم ، حتى إنه لما نزل في يوم عيد وشرب قال : ( انزعوا بني عبدالمطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم ) :
يعني لولا أن يتبادر الناس إلى السقاية لأنني يعني نزعت الدلو معكم فيتخذها الناس عبادة ، والعبادة لا تختص بأحد دون أحد ، لولا ذلك لنزعت معكم ، كان رضي الله عنه يتولى سقاية الحاج فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة من أجل سقايته ، لأنه يريد أن يسقي الناس ليلا ونهارا ، فأذن له أذن له النبي صلى الله عليه وسلم من أجل السقاية.
9 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن العباس ابن عبدالمطلب رضي الله عنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته ، فأذن له . متفق عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث: ( أن العباس ابن عبدالمطلب رضي الله عنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ... ).
الفائدة الأولى: مشروعية المبيت بمنى ليالي أيام منى وهي: الحادية عشرة، والثانية عشرة، والثالثة عشرة لمن تأخر، وهذا متفق عليه بين العلماء.
ولكن هل المبيت واجب يأثم الإنسان بتركه ويلزمه دم بذلك أو ليس بواجب ؟
هذا محل خلاف بين أهل العلم فمنهم من قال : إنه واجب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بات بمنى وقال للناس : ( خذوا عني مناسككم ) .
ثانيًا: لأن العباس استأذن من رسول صلى الله عليه وسلم فأذن له، ولو لم يكن واجباً ما احتاج إلى الاستئذان .
ثالثًا: أنه داخل في عموم قوله تعالى: (( واذكروا الله في أيام معدودات )) فإن ذكر الله يكون بالقول ويكون بالفعل وهو المبيت.
ومن العلماء من قال: إنه سنة واستدل لذلك بأنه مراد لغيره، فإن المقصود الأعظم هو رمي الجمرات لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله )، ولم يقل: والمبيت في منى لإقامة ذكر الله.
ولأن الأصل براءة الذمة وعدم التأثيم بالترك .
وأما قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( خذوا عني مناسككم ) فمن المعلوم أن هذا الحديث ليس على عمومه بالاتفاق ، وإلا لوجبت الإشارة إلى الحجر الأسود، ووجب الرمل، وجب الاضطباع وغير ذلك من الأشياء التي ليست بواجبة .
وأما استئذان العباس فلا يمتنع أن يستأذنه في ترك مستحب، فيقول: ائذن لي وإن كان ليس بواجب.
ولكن الذي يظهر وجوب المبيت في منى، وأنه لا يجوز للإنسان أن يدع المبيت، ولكن ما مقدار الواجب منه ؟
قال العلماء : مقدار الواجب منه أن يبيت معظم الليل ، يعني أن يبقى في منى معظم الليل من أوله أو من آخره ، فإذا وصل إلى منى مثلا من مكة وهو في مكة في النهار ووصل إلى منى قبل منتصف الليل بساعة وبقي إلى الفجر يكون أتى بالواجب ها ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم لأنه بقي معظم الليل ، ولو بقي في منى إلى ما بعد منتصف الليل بساعة مثلا أجزأه ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : أجزأه لماذا ؟
لأنه بقي في منى معظم الليل .
طيب إذا قلنا بالوجوب فهل يلزمه دم بترك ليلة أو بترك الليلتين جميعاً أو بترك الثلاث إن تأخر ؟
نقول : لا يلزمه دم بترك ليلة ، إنما يلزمه الدم بترك الليلتين إن تعجل أو الثلاث إن تأخر ، فأما إذا ترك ليلة واحدة فلا يلزمه دم.
لكن قيل: لا يلزمه شيء لأنه لم يترك الواجب كاملا إذ الواجب المبيت هذه الليالي فإذا ترك ليلة لم يلزمه الدم لأنه لم يترك الواجب كله وهو لا يتجزأ.
وقيل: يلزمه أن يتصدق بشيء أي شيء يكون ، مدًا من طعام أو قبضة من طعام أو أي شيء وهذا رواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- ، وأما أن يلزم بدم مع أنه لم يدع الواجب كله فلا وجه له .
طيب إذا قلنا بالوجوب فهل يسقط هذا الواجب عن أحد ؟
نقول: إن الإنسان إذا تركه للتشاغل بمصالح الحجاج فلا بأس به ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للعباس أن يدع المبيت من أجل السقاية ، وأذن للرعاة الذين يرعون إبل الحجاج أذن لهم أن يدعوا المبيت أيضًا لأنهم يشتغلون بحاجة عامة .
ومثل ذلك في وقتنا الحاضر الجنود، جنود الأمن أو جنود تسيير الحجاج، ومن ذلك أيضًا : الأطباء الذين يتلقون المرضى في المستشفيات، فإنه يسمح لهم في ترك المبيت.
كل من يشتغل بمصلحة عامة يعذر في ترك المبيت قياسًا على إيش ؟
الطالب : على السقاية والرعاة .
الشيخ : على السقاية وعلى الرعاة أيضا .
طيب فإن كان لمصلحة خاصة مثل أن تضيع بعيره فيخرج من منى يطلبها أو يضيع ولده مثلا فيخرج من منى يطلبه ، أو يكون مريضًا يحتاج إلى أن ينقل إلى المستشفى خارج منى فهل يلحق بهذا أو لا يلحق ؟
الطالب : يلحق .
الشيخ : قال بعض العلماء: إنه يلحق لأن هذا عذره عام وهذا عذره خاص وقد تكون الضرورة في العذر الخاص أشد .
وقال بعض العلماء: لا يلحق وذلك لأن من يشتغل بالمصلحة العامة لا يشتغل في الواقع لنفسه إنما يشتغل لغيره ، ولهذا يرخص للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يدع صلاة الجماعة ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا يرخص للإنسان على وجه الانفراد إلا بعذر يبيح ترك الجماعة .
ولكن الذي يظهر أن الشارع يخفّف في هذا الواجب، لأنه ما دام أذن للرعاة والغالب أن الراعي يشتغل مجانا ولا بأجرة ؟
الطالب : بأجرة .
الشيخ : بأجرة فيكون لمصلحته ، الظاهر أن الشارع يرخّص في هذا الشيء ويسهل فيه فإذا كان للإنسان عذر خاص من مرض أو غيره فإنه يعذر في ترك المبيت ولا شيء عليه وترى ما معي ساعة .
الطالب : الوقت .
الشيخ : ماهي بمعي ماهي بمعي إي راح نعم
10 - فوائد حديث: ( أن العباس ابن عبدالمطلب رضي الله عنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ... ). أستمع حفظ
بعضهم ينزل للطواف إلى مكة يوم النحر ولا يتمكن الرجوع إلى منى إلابعد ذهاب أغلب الليل وذلك لشدة الزحام ؟
الشيخ : نعم.
السائل : يعني إذا نزل بعد العصر لا يتمكن من الرجوع إلى منى إلا قبيل الفجر أو معه ؟
الشيخ : إي نعم ، هذا الذي نزل للطواف وصار زحام ولا تمكن من الخروج إلى منى إلا بعد منتصف الليل إن كان لعذر فلا بأس يسقط عنه ، إن كان لغير عذر فلا يسقط عنه ، يعني مثلا رجل خلص من الطواف والسعي وركب السيارة لكن نظر لزحام السيارات ما وصل إلا عند طلوع الفجر هذا لا شيء عليه ، لأنه معذور ، ثم كما قلنا قبل قليل : الليلة الواحدة ما فيها شيء يعني ما فيها فدية، نعم يا عبدالوهاب ؟
11 - بعضهم ينزل للطواف إلى مكة يوم النحر ولا يتمكن الرجوع إلى منى إلابعد ذهاب أغلب الليل وذلك لشدة الزحام ؟ أستمع حفظ
بعضهم يقدم الرمي ويخرج سريعا من منى قبل الوقت يعني خرج قبل إنهاء الرمي الواجب ووكل غيره بالرمي عليه لأجل أنه لو تأخر عن موعد الطائرة لحقه الضرر ؟
الشيخ : إي نعم ، يعني يقول : مثلا لو ترك مبيت الثالثة ؟
السائل : يقدم الرمي.
الشيخ : كيف ؟
السائل : يقدم الرمي .
الشيخ : هو ما مرّ علينا أن الرمي في الأيام الثلاثة بعد الزوال ؟
السائل : لا .
الشيخ : إلَّا، أن الرسول رمى جمرة العقبة ضحى وما بعد ذلك فإذا زالت الشمس، إذن لا يجوز أن يقدمه قبل الزوال .
السائل : لا رمى يا شيخ في اليوم الحادي عشر بعد الزوال ، ولكن رمى يومين وتعجل ؟
الشيخ : ما يمكن يقدّم .
السائل : لكن لو وكل يا شيخ ؟
الشيخ : هاه؟
السائل : لكن لو وكّل ؟
الشيخ : ما ينفع إذا وكّل يبقى هو .
السائل : وكل وترك المبيت فقط.
الشيخ : لا ما يوكل ، لو وكل ، لأنه الآن إذا خرج من مكة معناه إنه خرج قبل الرمي ، لأن وكيله يقوم مقامه ، فإذا خرج هو قبل أن يرمي وكيله فإنه كالخارج قبل أن يرمي ، ولهذا ما فيها حل هذه وإن كانت هذا العام في الواقع حصلت ، لأن دخول الشهر حسب الرؤية الشرعية كان بعد دخوله في التقويم ولا لا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : وكان الناس قد رتبوا أمورهم على حساب التقويم فصار اليوم العاشر في حساب التقويم هو اليوم ؟
السائل : الحادي عشر.
الشيخ : لا، التاسع هو اليوم التاسع تأخر فلذلك حصل الإشكال، وعندي في مثل هذا أن يقال: إنه إذا كان لا يمكنه البقاء مثل أن تكون الطائرة إذا تأخر عن هذه الرحلة ما تقوم إلا بعد شهر أو شهرين وهو يتضرر بذلك، يتضرر عمله ويتضرر انتظاره في مكة، فهذا يعتبر كالمحصر، بمعنى أنه يذبح هدي عن ترك الرمي والوداع نعم، وأما المبيت فهو ليلة واحدة يطعم عنها، مع أن الوداع لو وادع في هذه الحال قد يقال: إنه يسقط عنه الوداع الدم .
نعم يا إبراهيم ؟
12 - بعضهم يقدم الرمي ويخرج سريعا من منى قبل الوقت يعني خرج قبل إنهاء الرمي الواجب ووكل غيره بالرمي عليه لأجل أنه لو تأخر عن موعد الطائرة لحقه الضرر ؟ أستمع حفظ
ما حكم حلق شعر البنت الصغيرة كالطفل ؟
الشيخ : حلق إيش؟
السائل : حلق البنات الصغار حلق كامل أحيانا تصير كالولد!
الشيخ : إي نعم.
السائل : ما حكمه ؟
الشيخ : سألني بعض الناس قال: إني أريد أن أحلق لحيتي لتخرج، وحلق اللحية حرام، وحلق المرأة غاية ما فيه أنه مكروه، الظاهر إنه إن شاء الله ما فيه بأس.
السائل : تصير كالولد؟
الشيخ : لأنه موقّت لكن إن شاء الله ما في بأس.
مناقشة ما سبق.
الرمي والحلق والطواف :
أما الرمي والحلق فهذا دليله وعرفتموه.
وأما الطواف فليس فيه دليل من السنة، لكن قالوا : إنه لما كان له تأثير في الحل الثاني فإن له تأثيرًا في الحل الأول.
الحل الثاني كيف ؟ لأنه إذا رمى وحلق حل التحلل الأول ، فإذا طاف وسعى حل التحلل الثاني ، إذن فللطواف تأثير في الحل ، فلما كان له تأثير في الحل قلنا : إنه إذا فعله مع الرمي أو مع الحلق فإنه يحل التحلل الأول ، هذا وجهه، ومع هذا فإنه ينبغي ألا يحل حتى يرمي ويحلق اتباعًا للنص.
لكن لو أفتى مفتي بذلك بناء على هذا القياس لم يكن بعيدًا ، ولكن الأول المحافظة على ما جاءت به السنة .
طيب فيما مرَّ علينا أيضًا أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه نعم أو بعبارة أصح : أنه يجوز للإنسان المشتغل بما ينفع عامة الناس أن يدع المبيت بمنى ، دليله يا عبد الرحمن ؟
المبيت بمنى من واجبات الحج أو من أركانه أو من سننه ؟
قيل إنه سنة نعم طيب الراجح أنه ؟
الطالب : الراجح أنه واجب .
الشيخ : الراجح أنه واجب ، ما دليله ؟ ما دليل رجحانه ؟
الطالب : لأنه رخص فيه للمشتغلين .
الشيخ : طيب
قراءة الطالب لتخريج حديث معاوية رضي الله عنه في نهيه عن وصل الشعر. مع تعليق الشيخ عليه.
وأخرجه البخاري في صحيحه جيم عشرة صفحة ثلاثمئة وثلاثة وسبعين في كتاب اللباس سبعة وسبعين باب وصل الشعر ثلاثة وثمانين ، حديث ثلاثة وتسعمئة اثنان وثلاثين .
وأخرجه الترمذي في سننه جيم خمسة صفحة مئة وأربعة كتاب الأدب أربعة وأربعين : باب ما جاء في كراهة اتخاذ القبعة ، اثنان وثلاثين حديث ألفين وسبعمئة وواحد وثمانين والنِّسائي جيم " .
الشيخ : والنَّسائي .
القارئ : " والنسائي جيم سبعة صفحة مئة وستة وثمانين كتاب الزينة ثمانية وأربعين باب الغسل في الشعر سبعة وستين حديث خمس آلاف وستمئة وخمسة وأربعين وأحمد في مسنده جيم أربعة صفحة سبعة وتسعين " .
الشيخ : أحسنت ، سمعنا ؟
الطالب : نعم ، رواه البخاري .
الشيخ : ظاهر صنيع المحدثين الآن أن المراد بالقصة ما يوصل به الشعر .
الطالب : ليس الذي يقص .
الشيخ : ليس الذي يقص ، نعم ليس الذي يقص ونحن إشكالنا هل يراد به الذي يقص أو لا .
الطالب : لا يا شيخ لا يراد به .
الشيخ : ها ؟
الطالب : ذكر ابن حجر أنه لا يراد به ذلك ، إنما يراد به وصل الشعر بالشعر.
الشيخ : إي ، وأشار إلى أن بعض العلماء مثلا قال إنه يراد به قص الشعر ؟
الطالب : لا يا شيخ ما أشاروا أبدًا .
الشيخ : إي طيب .
الطالب : شيخ ؟
الشيخ : ها ؟
الطالب : لو نقل كلام ابن حجر والنووي ؟
الشيخ : إي هو الحقيقة هو قالي هو المقصود التخريج ولا الفقه فقه الحديث ؟ وقلت أنا : المقصود التخريج ، الخطأ مني أنا .
يبدؤون بالأقوى فالأقوى ، إلا الإمام أحمد فإن المتأخرين يقدمونه ، أفترض أنه إمامته أظهر من إمامة البخاري .
الطالب : لكن أليس ...
الشيخ : لا لا ، كيف ، طيب ، ها ؟
15 - قراءة الطالب لتخريج حديث معاوية رضي الله عنه في نهيه عن وصل الشعر. مع تعليق الشيخ عليه. أستمع حفظ
وعن عاصم بن عدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ، ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين ، ثم يرمون يوم النفر . رواه الخمسة ، وصححه الترمذي ، وابن حبان .
قال : ( رخص لرعاء الإبل ) : رخّص : الرخصة في اللغة بمعنى السهولة ، وعند الأصوليين : " ما ثبت على خلاف دليل شرعي بمعارض راجح " ، ولو قالوا : ما ثبت على خلاف الأصل بمعارض راجح لكان أولى وأوضح وهو كذلك هذا هو مرادهم ، ما ثبت على خلاف الأصل بمعارض راجح هذا يسمى رخصة ومنه رخّص كالمسح على الخفين ، لأنه على خلاف الأصل ماهو الأصل ؟
الغسل ، ومنه رخص في العرايا أن تباع بخرصها تمرًا، رخص بمعنى سهّل وجاز قلنا الأصل وش هو الأصل ؟
الأصل التحريم في العرايا ، والعرايا ما هي ؟
أن تبيع الرطب بالتمر هذه العرايا تبيع رطبا بتمر لأنه يشترط التماثل والتماثل بين الرطب والتمر مستحيل .
المهم أن الرخصة هي ما ثبت على خلاف الأصل إيش ؟
لمعارض راجح، وهو السهولة .
فهنا رخّص لهم أن يدعوا المبيت ، وترك المبيت في منى على خلاف الأصل لأن الأصل هو المبيت .
وقوله : ( لرعاء الإبل ) : جمع راعي وهم الذين يرعونها في أماكن النبات ، والمراد بالإبل هنا إبل الحجاج ، لأن الحجاج في منى نازلون لا يحتاجون إلى إبلهم والإبل تحتاج إلى الأكل فيذهب بها الرعاة إلى مواضع القطر والنبات لترعى.
( رخص لهم في البيتوتة عن منى ) : كان مقتضى التركيب أن يقول : في البيتوتة في منى ، لكن عن منى يحتاج إلى تأويل إما بـ عن وإما بالبيتوتة كما مر علينا في هذا وأمثاله :
أن العلماء علماء النحو اختلفوا ، هل التجوّز في الحرف أو في الفعل الذي قبله ؟ يعني في العامل الذي قبله أو في العامل الذي قلبه :
وقلنا: إن مذهب البصريين أن التجوز في العامل الذي قبله، والكوفيين في الحرف فمثلا يقولون: عن هنا بمعنى الباء ، في البيتوتة بمنى.
وأما البصريون فيقولون: إن البيتوتة هنا ضمنت معنى النزوح يعني في النزوح عن منى والبعد عنها، ومعلوم أنهم إذا نزحوا عن منى فلن يبيتوا بها.
على كل حال رخص لهم في أن يدعو منى لا يبيتون بها ويبيتون مع إبلهم ، لكن الرمي قال : ( يرمون يوم النحر ) :
يرمون يوم النحر وهذا لابد منه لأن الحجاج على رواحلهم يوم النحر ، فلم يسلموها للرعاة ، وليس الرعاة في حاجة إلى أن يؤجلوا رمي يوم النحر أليس كذلك ؟
قال : ( يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين ) : يعني يجمعون رمي الغد وهو اليوم الثاني من أيام العيد واليوم الأول من أيام التشريق ليومين : يعني اليوم الثاني عشر .
إذن سيتركون المبيت ليلة إحدى عشر وليلة اثني عشر ، والرمي يوم إحدى عشر ما يرمون ، يؤجلونه إلى يوم الثاني عشر ، ثم يرمون يوم الغد متى ؟
في يوم الغد ، لأنهم إذا جاؤوا يوم الثاني عشر ما يذهبون للرعي إذ أن من الناس من يتعجل فيحتاج إلى إبله ، ومن الناس من يتأخر فلا يحتاج إلى إبله وهؤلاء لا يذهبون خارج منى يرعون إبلهم ، ولو كانوا يبقون في المرعى إلى اليوم الثالث عشر لأخروا رمي الجمرات إلى اليوم الثالث عشر، لكنهم يأتون اليوم الثاني عشر من أجل من يتعجل .
16 - وعن عاصم بن عدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ، ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين ، ثم يرمون يوم النفر . رواه الخمسة ، وصححه الترمذي ، وابن حبان . أستمع حفظ
فوائد حديث: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ... ).
منها : العناية بالرواحل الإبل وألا تترك بدون رعي لهذه المدة ، لأن في ذلك تعذيبا لها وإيلاما لها بالجوع ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يقوت ) ، فلا يجوز للإنسان أن يحبس البهائم في مثل هذه المدة وإن كانت الإبل قد تصبر هذه المدة لكن تصبر مع التحمل والمشقة ، والله عز وجل أوجب علينا أن نرعى ما تحت أيدينا رعاية تامة .
ومن فوائد الحديث : شمول الإسلام، شمول الشريعة الإسلامية وأنها تلاحظ حتى البهائم العجب كيف ذلك ؟
الطالب : ترك المبيت لها .
الشيخ : ها ؟ ترخيص بترك هذه الشعيرة من أجل مراعاة هذه الإبل.
طيب ومن فوائد الحديث: أن المشتغل بالمصالح العامة يسقط عنه وجوب المبيت في منى نعم لأن هؤلاء الرعاة سقط عنهم المبيت بمنى ولو قلنا : الفائدة التي قبلها لكان أحسن وجوب المبيت بمنى ، لقوله : رخص ، والترخيص بمعنى التسهيل ولو لم يكن المبيت بمنى واجبًا لكان رخصة لهؤلاء ولغيرهم ، لأن غير الواجب لا يلزم به الإنسان فهو في سهولة منه أليس كذلك ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : إذن ضم هذا الدليل إلى ما سبقه من الأدلة الثلاثة وربما يكون هذا الدليل أقواها في إفادة الوجوب ، أقوى الأدلة السابقة في إفادة الوجوب .
طيب ومن فوائد الحديث : وجوب الرمي ، رمي الجمرات ، لأنه لم يسقط عن هؤلاء لإمكان قضائه ، لكن المبيت يمكن قضاؤه ؟
الطالب : لا.
الشيخ : ما يمكن ؟
ما يمكن يبيت ليلة ثلاثة عشر عن الثلاث ؟
الطالب : ما يمكن يا شيخ.
الشيخ : ما يمكن ، لكن الرمي فعل عمل يمكن قضاؤه .
طيب إذن فيستفاد منه وجوب الرمي لأنه لو لم يجب لقلنا إنه سنة فات محلها بيومها فلا تقضى ولكنه يجب قضاؤه .
ومن فوائد الحديث : منع الاستنابة في الرمي ، وجهه أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرخص لهم أن يستنيبوا غيرهم في الرمي عنهم ، مع أن الحاجة قد تكون داعية لذلك ، ولو كانت الاستنابة جائزة في الرمي لأجازه النبي صلى الله عليه وسلم لهم .
فيتفرّع على هذا فائدة أخرى : وهي خطأ أولئك القوم الذين يتساهلون في رمي الجمرات اليوم ، فتجد الواحد منهم يقول : وبكل سهولة خذ يا فلان حصاي ارمِ بهن ، وإن كان قادرًا نعم لكن جالس عشان يسوي الشاهي للجماعة ، نعم هذا نقول : حرام .
طيب وفيه أيضًا بيان خطأ من يبيحون للنساء الاستنابة في الرمي مطلقاً ، كيف ذلك ؟
لأن الواجب لا يسقط بهذه السهولة، لا يسقط عن المرأة لأنها امرأة، وإلا لقلنا بسقوط طواف الوداع مع الزحام، نعم، ولكن نقول: إنه يجب على المرأة أن ترمي بنفسها، والزحام الذي يكون يمكن أن يتلافاه الإنسان بأي شيء؟ بتأخر الوقت، يؤخر، بدل ما يرمي عند الزوال يرمي بعد العصر إن لم يمكن بعد المغرب إن لم يمكن بعد العشاء، ولهذا لم يأذن الرسول عليه الصلاة والسلام لسودة والضعفة ومن أهله أن يوكلوا من يرمي عنهم، بل أذن لهم أن يدفعوا قبل الفجر مِن أجل أن يرموا بأنفسهم .
ومن فوائد الحديث : أنه يجوز جمع رمي أيام التشريق لكن تأخيرًا لا تقديمًا، جمع الرمي تأخيرًا لا تقديمًا نعم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لهؤلاء أن يجمعوا تأخيرا أو تقديما ؟
الطالب : تأخيرا .
الشيخ : تأخيرا ولو كان تقديما لرموها يوم العيد لكن تأخيرا .
ومن فوائده : أنه لا يجوز للقادر أن يؤخر رمي يوم إلى اليوم الذي بعده وجه الدلالة أنه قال: رخّص ، والترخيص يدل على إيش ؟
على أنه في غير هذه الحال ممنوع، لأن الترخيص خص بحالة معينة تقتضي التسهيل، وعلى هذا فلا يجوز أن نجمع أيام التشريق أي: رمي أيام التشريق إلى آخر يوم، بل نرمي كل يوم في يومه، ومن ذهب إلى ذلك من أهل العلم فمذهبه ضعيف لهذا الحديث، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرمي كل يوم في يومه ، ويقول : ( خذوا عني مناسككم ) ، ولأنه أظهر في العبادة وأطيب للقلب ، كيف ذلك ؟
لأن الإنسان يتعبد لله تعالى بهذه العبادة كل يوم ، وإذا جمعها فاتت عليه أن يتعبد لله تعالى بها كل يوم ، وهذا أمرٌ له شأنه ، لأن الشارع له نظر في أن يتعبد الناس لله عز وجل في الأوقات التي شَرع لهم أن يتعبدوا لله فيها ، وإلا لكنا نقول : تجمع الصلوات الخمس عند النوم ، هو آخر اليوم ، ويكون عبادته لله تعالى في هذه الصلوات في آخر اليوم لأجل أن يختم بها يومه ، لكن نقول : للشارع نظر في أن تتوزع العبادات على الزمن حتى يبقى القلب عامرًا بهذه العبادة في اليومين أو الثلاثة مثلا ، إذن فجمعها مع مخالفته لهدي النبي عليه الصلاة والسلام يفوت به هذا المعنى العظيم وهو : إشغال القلب بهذه العبادة في كل الأيام الثلاثة.
طيب ومن فوائد هذا الحديث : أن هذا الدين يسر، وأنه كلما وُجد سبب التيسير حل التيسير، ولهذا قال صاحب النظم:
" جميع ما يشرعه قد يُسِّرا *** من أصله وعند عارض طرا " .
يعني الشرع ها ؟
الطالب : وكل ما كلفه .
الشيخ : ارفع صوتك يا أخي !
الطالب : وكل ما كلفه .
الشيخ : وكل ما كلفه ؟
ما أدري ، على كل حال إنه كل شيء شرعه هذا الدين فهو ميسر من أصله . " وعند عارض طرا " : يعني إذا وجد عارض يقتضي التيسير أكثر فإنه ييسره ، ( صلّ قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب ) .
هذا من التيسير بدل من أن يكلف الرعاة أن يأتوا فرضا كل يوم ليرموا رخص لهم أن يؤخروا .
هل يقاس على الرعاة من يشبههم ممن يشتغلون بمصالح المسلمين العامة كجنود المرور وجنود الأمن وجنود الإطفاء والمشتغلين بالبريد وما أشبه ذلك ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم لا شك في هذا أنهم يلحقون بهم، فلهم أن يدعو المبيت ولهم أن يؤجلوا الرمي أو أن يجمعوا الرمي جمع تأخير في آخر يوم.
طيب هل يلحق بهم في تأخير الرمي من كان معذورًا بمرض أو نحوه ، مثل أن يصيب الإنسان زكام في اليوم الثاني ويؤخر إلى اليوم الثالث ؟
الجواب : نعم للمشقة ، وما دمنا نعلم -والعلم عند الله- أن العلة في جواز التأخير لهؤلاء الرعاة هو المشقة ، كذا نقول : إذن من شق عليه أن يرمي كل يوم في يومه فله أن يؤخر .
طيب من لم يستطع أن يرمي أبدًا ماذا يصنع ؟
قال بعض العلماء : إنه يسقط عنه الرمي ، يسقط عنه لماذا ؟
قال : لأن الرمي واجب ، والواجبات تسقط بالعجز عنها بنص القرآن : (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) ، (( فاتقوا الله ما استطعتم )) ، فإذا عجز فإنه لا يلزمه .
وقال آخرون : بل إذا عجز فإنه يوكِّل ، يستنيب ، واستدلوا بأن الحج تجوز الاستنابة في جميعه ، ففي بعضه أولى ، تجوز الاستنابة في جميعه عند العجز يعني ففي بعضه أولى .
المرأة التي جاءت للرسول وقالت : ( إن أبي أدركته فريضة الله على عباده شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : نعم ) ، فإذا جاز في جميعه جاز في جزئه .
ثانيًا : ورد عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم رموا عن الصبيان ، وهذا يدل على أن الاستنابة في الرمي عن العاجز عنه جائزة ، أن الاستنابة في الرمي للعاجز عنه جائزة وهذا هو الأقرب، الأقرب أنه يجوز أن يستنيب عنه أي: أن يقيم نائباً عنه في الرمي .
طيب وإذا قلنا بالجواز فهل نقول للنائب ارم أولا عن نفسك ثم اذهب إلى الخيمة وارجع لترميَ عن صاحبك ؟
الطالب : لا يجب .
الشيخ : لا ، لا يجب ، لأن السعي إلى الجمرات واجب لغيره لا واجب لذاته واجب لغيره لا لذاته ، انتبه إلى هذه النقطة وإذا كان واجبا لغيره فهو وسيلة فإذا حصل المقصود بدونه سقط .
ننتقل من هذه النقطة إلى نقطة مهمة أهم منها وهي : إذا وجب الحج على إنسان في القصيم ، فهل له أن يوكل أو أن يستنيب من يحج عنه من مكة أو لا ؟
الطالب : فيه خلاف .
الشيخ : فيه خلاف ، ولكن الأقرب للقواعد أنه يجوز ، لأن سعي الإنسان من القصيم إلى مكة مقصود لغيره ، ولا لا؟
الطالب : بلى .
الشيخ : ما هو مقصود إنك تمشي ، مقصود لغيره ، ولهذا لو سافرت إلى مكة لا للحج ثم بدا لك وأنت هناك أن تحج لا نقول : اذهب إلى القصيم وارجع حاجًا ، نقول: حج من مكانك .
إذن فالقول الراجح في المسألة الأخيرة أن الإنسان يجوز أن ينيب عنه من يحج ولو من مكة لأن السعي من مكان الوجوب إلى مكة وسيلة مقصود لغيره .
على هذا نقول للرجل الذي استناب غيره ليرمي عنه نقول : إن الذي استنبته إذا رمى عن نفسه فله أن يرمي عنك دون أن يرجع إلى مكان رحله .
طيب سؤال ثاني : هل يلزمه أن يرمي الجمرات الثلاث عن نفسه أولاً ثم يرجع من الأولى لمن استنابه ؟
فيه خلاف هذا فيه خلاف من العلماء من يقول :
لابد أن يرمي الثلاثة عن نفسه أولاً ثم يعود من الأولى لمستنيبه ، حُجتهم في ذلك يقولون : إن رمي الجمرات الثلاث عبادة واحدة ، ليس كل واحدة عبادة مستقلة ، والدليل لذلك : أنه يشرع الدعاء بين الأولى والوسطى والوسطى والثالثة ، وإذا رمى الثالثة لا يشرع الدعاء ، وهذا دليل على أنها عبادة واحدة يشرع الدعاء في جوفها لا بعد الانفصال عنها ، إذن فلابد أن ترمي أولا عن نفسك واحد اثنين ثلاثة ، ثم تعود وترمي عن موكلك أعرفتم ؟
وعللوا أيضا قالوا : لأنه إذا رمى عن نفسه أولاً في الجمرة الأولى ثم عن وكيله فاتت الموالاة ، لأنه فصل بين رميه الأولى والثانية بالرمي عن صاحبه ، فأدخل عبادة في جوف عبادة فلا تصح .
وقال بعض العلماء : بل يجزئ أن يرمي عنه وعن وكيله في مكان واحد واستدلوا لذلك بظاهر فعل الصحابة رضي الله عنهم : أنهم كانوا يرمون عن الصبيان، وظاهر النقل أنهم لا يرمون أولاً عن أنفسهم ثم يعودون، لأنهم لو كانوا يفعلون ذلك لبينوه ونقلوه .
وكان شيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله يرى الرأي الأول، ويفتي به، فأخبرته برأي شيخنا الثاني عبدالعزيز بن باز واستدلاله بهذا الحديث فاستحسنه، استحسن هذا الرأي والاستدلال بالحديث عليه، على أنه يجوز أن يرمي الرجل عنه وعن موكِّله في مكان واحد في موقف واحد، لاسيما في مثل حال الناس اليوم في هذا الزحام الشديد المرير، فإن إلزام الناس بأن يكمِّلوا عن أنفسهم ثم يرجعوا لموكلهم وإذا كان وكلهم اثنين ، وإذا كان قد وكلهم اثنان هذا الصواب إذا كان قد وكلهم اثنان فإنهم يرجعون مرتين ، إذا وكلهم ثلاثة ثلاث مرات المهم وهلم جرا يوكل عشرة يرجعون عشر مرات ، نعم ؟
ليش نقول هذا فيه مشقة في مثل هذه العصور ، وكل شيء فيه مشقة لا ينبغي أن تلزم الناس به إلا بدليل لابد منه ، لابد من العمل به ، فما دامت الأدلة متكافئة أو متقاربة والمسألة ليس فيها رجحان بيّن ، فإلزام الناس بهذا العمل الشاق قد يتوقف فيه الإنسان ، لأن الإنسان ليس له أن يمنع عباد الله ما أحله لهم ، ولا أن يلزمهم بما لم يلزمهم الله به إلا بدليل ، لأنك مسؤول ، يعني الحقيقة العالم مسؤول عن توجيه الناس كما أن الأمير الذي ينفذ ويؤدب مسؤول ، لو يضرب زيادة سوط سئل عنه ولا لا ؟
الطالب : يضمن.
الشيخ : دعنا من الضمان، يسأل عند الله عز وجل، يسأل عنه، القاضي يجلد ثمانين جلدة لو قال : حطوا واحد وثمانين سئل عن ذلك يوم القيامة .
أنت أيها العالم إذا قلت: عن شيء مستحب إنه واجب كم زدت من سوط ؟
الطالب : واجد.
الشيخ : إي نعم واجد ، ولا لا واجد ، يعني فرق بين الواجب والمستحب كبير فالمسألة ما هي سهلة هذه .
ولهذا نحن بالحقيقة نوجه أنفسنا أولًا وإخواننا طلبة العلم ثانيًا إلى أن يتثبتوا في مسألة الإلزام ، مسألة الاحتياط أو الاستحباب هذا أمره أهون ، لكن مسألة الإلزام تحليلا أو تحريما أو إيجابًا هذه مسألة تحتاج إلى شيء تثبت به قدمك عند الله إذا سألك يوم القيامة ، المسألة ما هي هينة ، بعض الناس تجده من شدة غيرته على دين الله يغلّب جانب التحريم ، كل شيء حرام ، نعم وبعض الناس لمحبته لتأليف الناس وعرض الدين عليهم ميسرًا تجده يتساهل ، ويقول : كل شيء زين وكل شيء خله يمشي هذا غلط ، الواجب أنك تمشي على دين الله وثق بأنك إذا مشيت على دين الله فلن يصلح عباد الله إلا دين الله أبدًا مهما فكرت إي نعم .
17 - فوائد حديث: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ... ). أستمع حفظ
سؤال عن كون الرسول صلى الله عليه وسلم رخص لرعاة الإبل في عدم المبيت بمنى ؟ مع سؤال عن التوكيل في الرمي ؟
الشيخ : نعم .
السائل : لرعاة الإبل ماهي رعاء !
الشيخ : إي نعم.
السائل : وفي الأخير ثم يكون الغداة ليومين مافي من بعد الغد !
الشيخ : لا عندنا حنا رخّص وعندنا لرعاء بالهمز.
السائل : إيه هذا هو ...
الشيخ : ها ؟
السائل : لو إنه استدل على وجوب الفصل في الرمي لقول الرسول عليه الصلاة والسلام عندما كان أحد الصحابة عن الحج عن الغير قال له: ( هل حججت عن نفسك ) أو بمعنى الحديث ، وقال : ( لا ، قال : حج عن نفسك ) .
الشيخ : نعم .
السائل : نقول : أن هذا نقيس عليه هذا الحديث !
الشيخ : إي طيب قس .
السائل : نقول : كما قسنا مثلا القضية الأولى قسنا عليها هذا الحديث؟
الشيخ : طيب قس ، ماذا تقول إذا قست ؟ ماذا تقول ؟
السائل : نقول : إنه يعني .
الشيخ : نقول : لو رمى عن موكله قبل رميه عن نفسه ما صح ، هذا الصحيح .
السائل : يا شيخ شيخ !
الشيخ : نعم ، إي نعم .
18 - سؤال عن كون الرسول صلى الله عليه وسلم رخص لرعاة الإبل في عدم المبيت بمنى ؟ مع سؤال عن التوكيل في الرمي ؟ أستمع حفظ
ما حجة من يقول إنه لابد أن في التوكيل في الرمي أن يوزع الرمي ولا يجمعه مع رميه ؟
الشيخ : قد يعارض هؤلاء قد يعارضهم .
السائل : لكن أليس الرمي نسك واحد كل الرمي ؟
الشيخ : قد يقولون : كل واحدة منفردة بنفسها ، وهذا ماهو شيء مسلم ، لأن بعض العلماء عللوا عدم الوقوف للدعاء في رمي جمرة العقبة عللوا لذلك بأن المكان ضيق ، إي نعم .
السائل : فيه غيره يا شيخ !
الشيخ : نعم.
إذا دفعت الفلوس للشركات التي تقبض الفلوس من أجل ذبح الهدي ورميت هل تتحلل ؟
الشيخ : وش تقولوا هذا سؤال جيد ؟
السائل : الرمي !
الشيخ : ها فك جزاك الله خير.
يقول : إذا دفعت الفلوس للشركات التي تقبض الفلوس من أجل ذبح الهدي هذا موجود الآن ورميت هل تتحلل ؟
السائل : لا .
الشيخ : أنا دفعت قروشي ، دفعت قروشي فهل أتحلل ؟
السائل : لا يتحلل يا شيخ .
سائل آخر : يتحلل .
الشيخ : آه طيب ما يخالف ، خلوا المذهب ، هذه مسألة مهمة الحقيقة : إذن نقول تسليم الفلوس ليس ذبح الهدي توافقون على هذا ؟
السائل : إي نعم .
الشيخ : تسليم الفلوس ليس ذبح الهدي ، إذن نحتاج إلى أن نعلم أنه ذبح الهدي كذا ولا لا؟
السائل : إي نعم.
مناقشة ما سبق.
الطالب : لا يترتب عليه.
الشيخ : سمعت الجواب يا أخ ؟
الطالب : أي نعم .
الشيخ : يقولون : ذبح الهدي لا يترتب عليه الحل ، يعني أنه يحل سواء ذبح الهدي أم لم يذبحه ، فلو كانت الشاة عندك لها ثغاء ، أو البعير لها رغاء ورميت وحلقت فالبس ثوبك ، نعم عرفت يا ؟
الطالب : إي نعم .
الشيخ : إذن سقط هذا السؤال من أصله .
لكن يرد علينا حديث : أن الرسول عليه الصلاة والسلام سألته إحدى أمهات المؤمنين قالت : ( ما بال الناس حلوا من عمرتهم ولم تحل أنت ؟ فقال : إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر ) : فلا أحل حتى أنحر فظاهر هذا أن الحل متوقف على النحر ؟
الطالب : لمن ساق الهدي !
الشيخ : لإيش ؟
الطالب : لمن ساق الهدي .
الشيخ : إي نعم ، نقول : هذا إن دل على شيء فإنما يكون لمن ساق الهدي جمعًا بينه وبين حديث عائشة : ( إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء ) .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
سبق لنا ما يدل على أن رعاة الإبل يسقط عنهم وجوب المبيت في منى ؟
الطالب : من يا شيخ !
الشيخ : لا الذي ورى.
الطالب : رخص لهم في ذلك .
الشيخ : من رخص لهم ؟
الطالب : رخّص لهم النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : في البيتوتة عن منى .
الطالب : في البيتوتة عن منى .
الشيخ : طيب هل يلحق بهم غيرهم عليان ؟
الطالب : إذا قلنا أن فيه هناك مشقة عليه فيلحق بهم .
الشيخ : طيب خليل ؟
الطالب : من كان مثلهم لوجود المصلحة العامة.
الشيخ : نقول : أما من كان مثلهم في المصلحة العامة فيلحق بهم ، مثل ؟
الطالب : مثل رجال المرور .
الشيخ : رجال المرور رجال الأمن ، ها ؟
الطالب : أيضًا الذين يتعلق بهم الإطفاء .
الشيخ : الإطفاء طيب ، وإذا كانت خاصة يا عبدالرحمن ؟
الطالب : لا يلحق بهم.
الشيخ : لا يلحق بهم إذن ماذا نعمل ؟
الطالب : ...
الشيخ : ها ؟
الطالب : بدون معنى .
الشيخ : يعني مثلا إنسان مريض يحتاج إلى أن يرقّد في المستشفى وليس في منى مستشفى يصلح أن يرقّد فيه ؟
الطالب : ما في
الشيخ : مثلا ؟
الطالب : يعني يسقط عليه لكن فإنه كل مكلف لا يقدر عليه يسقط منه ، ويلحق بهم ويسقط عنه وعليه دم .
الشيخ : ها ؟
الطالب : يسقط عنه وعليه دم.
الشيخ : يسقط عنه وعليه دم ؟
الطالب : أو يوكّل.
الشيخ : يوكّل ما يمكن هذا يتعلق ببدنه .
الطالب : نقول: وعليه يذبح شاة.
الشيخ : إذا قال أنا معذور ؟
الطالب : هذا واجب .
الشيخ : ها ؟
الطالب : يجبر بدم إذا لم يستطع.
الشيخ : هل هناك أصل تقيس عليه ما قلت؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لأن عبد الرحمن جاب له أصل قال : يسقط عنه لأن الواجبات تسقط ، نعم؟
الطالب : قياسًا على الشعر .
الشيخ : إي .
الطالب : في حديث كعب بن عجرة لما .
الشيخ : قياسًا على حديث كعب بن عجرة ؟
طيب قياسًا على ما ذكره الله : (( فمن كان منكم مريضًا أو به أذى من رأسه ففدية )) :
فهنا أباح له حلق الرأس للضرورة ولكن أوجب الفدية ، وأيضًا إذا عجز عن استعمال الماء يسقط عنه ولا يتيمم ؟
الطالب : يتيمم.
الشيخ : يتيمم ، فنقول : هذا الواجب إذا عجز عنه وجب عليه بدله وهو الفدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء لأنها ترك واجب .
ويرى بعض العلماء أنه يلحق ذكرناها ما حاجة تسجلونها لأنها مذكورة ، أما المريض وشبهه يلحق بذلك !
الطالب : من باب أولى .
الشيخ : ها ؟
الطالب : من باب أولى .
الشيخ : لأنه إذا كان يجوز للمصلحة العامة فالمصلحة الخاصة من باب أولى نعم.
طيب سبق لنا ما يدل على أنه يمتنع التوكيل في رمي الجمرات ، وأن الواجب أن يباشرها الإنسان بنفسه ، من أين يا شاكر ؟
الطالب : رعاة الشاة !
الشيخ : لم خصص لسودة وأشباهها من الضعفاء أن يوكلن ، وهذا يجب عليكم أنتم يا طلبة العلم أن تركزوا عليها ، لأن عامة الناس الآن يعني يستعملون الرمي كأنه ليس بواجب ، أي واحد يقول : خذ حصاي هذا الرأي وارمي بها عني .
وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ، الحديث . متفق عليه .
يقول : ( خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ) : وذكرهم عليه الصلاة والسلام بحرمة هذا اليوم ، وحرمة الدماء والأموال والأعراض ، إلى أن تلقوا ربكم ، وقرر هذا التحريم حين صار يسأل الصحابة : أي يوم هذا ؟ أي بلد هذا ؟ أي شهر هذا ؟
والحديث معروف ، الشاهد من هذا خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم.
22 - وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ، الحديث . متفق عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث :( أبي بكرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ...).
وهي استحباب خطبة الناس يوم النحر ولكن لأي شيء؟
أولًا : ليقرروا ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من تحريم الدماء والأموال والأعراض ، لأن أحسن ما نتكلم به ما تكلم به الرسول عليه الصلاة والسلام. ثانيًا : أن نذكرهم بما يفعل هذا اليوم من الأنساك وأحكامها ، نعم لأن الناس محتاجون إلى بيان ذلك .
هذه خطبة ، فيه خطبة قبل ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : متى ؟
الطالب : في عرفة .
الشيخ : في عرفة نعم.
23 - فوائد حديث :( أبي بكرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ...). أستمع حفظ
وعن سراء بنت نبهان رضي الله عنها قالت : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرءوس ، فقال : ( أليس هذا أوسط أيام التشريق ؟ ) الحديث . رواه أبو داود بإسناد حسن .
متى يوم الرؤوس ؟
هو اليوم الحادي عشر، وسمي يوم الرؤوس -والله أعلم- لأن الناس يأكلون رؤوس الأضاحي والهدايا في ذلك اليوم، فيسمى هذا اليوم يوم الرؤوس، فخطبهم النبي عليه الصلاة والسلام، وهذه الخطبة لماذا ؟
لتعليمهم الرمي في ذلك اليوم، لأن الرمي في ذلك اليوم يختلف عن الرمي في اليوم الذي قبله، الرمي في اليوم الذي قبله فيه رمي جمرة واحدة فقط وهي العقبة .
وهذا فيه رمي الجمرات الثلاث فيحتاج الناس إلى تفهيمهم الشرع في هذا، وربما تكون مسائل أخرى تدعو الحاجة إلى ذكرها فيشير إليها الخطيب ، ففيه أيضًا هذه الخطبة الثانية في منى يوم العيد واليوم الثاني .
طيب اليوم الذي بعده وش يسمى ؟
الطالب : يوم النفر الأول .
الشيخ : يسمى يوم النفر الأول، والثالث يسمى يوم النفر الثاني .
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( أليس هذا أوسط أيام التشريق ) قال بعض العلماء يؤخذ من هذا الحديث أن يوم العيد يدخل في أيام التشريق ولكن هذا من باب التغليب ، وإلا فإن أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر.
24 - وعن سراء بنت نبهان رضي الله عنها قالت : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرءوس ، فقال : ( أليس هذا أوسط أيام التشريق ؟ ) الحديث . رواه أبو داود بإسناد حسن . أستمع حفظ
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : ( طوافك بالبيت وسعيك بين الصفا و المروة يكفيك لحجك وعمرتك ) . رواه مسلم .
عائشة رضي الله عنها أنها كانت أحرمت بالعمرة من ذي الحليفة ، فلما وصلت السرف حاضت ، فدخل عليها النبي عليه الصلاة والسلام وهي تبكي فقال : ( ما شأنك لعلك نفست ؟ قالت : نعم ، فقال لها مسليا لها : هذا شيء كتبه الله على بنات آدم ، ثم قال : افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ) .
وفي موطأ مالك : ( ولا بين الصفا والمروة ) وهذا وإن لم يذكر فقد صح في البخاري وغيره أنها حين طهرت طافت بالبيت وبالصفا وبالمروة ، وهذا دليل على أنها لم تسع بين الصفا والمروة.
على كل حال قال لها وبقيت تفعل ما يفعل الحاج ، ولم تطف بالبيت ، ولما كان يوم عرفة طهُرت من الحيض ، فأمرها النبي عليه الصلاة والسلام أن تغتسل ، وأن تدع العمرة يعني لا تعتمر لأنها فات وقتها ، وأن تجعله حجًا فأحرمت بالحج ، وهل أمره أن تدع العمرة أن تدعها!