تحت باب حد القذف.
تتمة المناقشة السابقة.
الشيخ : (( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا )) (( فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ )) طيب ما هو عذابها ؟
الطالب : عذابها .
الشيخ : نعم الرجم أو الجلد ؟
الطالب : الرجم .
الشيخ : الرجم .
الطالب : إذا كانت محصنة الرجم وإذا كانت .
الشيخ : زوج .
الطالب : قد يكون زوج ولكن لم يجامعها .
الشيخ : أحسنت إذًا إما الرجم وإما الجلد مع التغريب، طيب إذا قذف الرجل زوجته بشخص فماذا تقول يا محمد بن سلامة ؟ هل يطالب بحق الشخص الذي قذفه الذي قذف زوجته به أو يسكت عنه ؟
الطالب : إذا لاعن .
الشيخ : إذا لاعن .
الطالب : إذا لاعنه فإنه لا يطالب .
الشيخ : لا يطالب .
الطالب : لا يطالب .
الشيخ : لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم .
الطالب : يطالب .
الشيخ : طيب لو قال قائل : إن شريك بن سحماء لم يطالب بحقه .
الطالب : نعم لكن هذا ... من الله سبحانه وتعالى في آية اللعان ... أنه حينما لاعن فقد ما دام سقط حق الزوجة ... .
الشيخ : ما هو من باب أولى كل يريد حقه .
الطالب : نعم الزوجة لم يسقط حقها .
الشيخ : طيب ذاك الرجل الذي قال إنه زنى بامرأته لطخ عرضه .
الطالب : لأنه لا يمكن أن يدنس فراشه برجل وهو يعلم يعني لا يمكن ان يدنس فراشه متهمًا الرجل وهو قد لعنه قصدي أنه إذا كان لعنه .
الشيخ : ما تحفظون شيئًا في هذا ؟ نعم ؟
الطالب : ... .
الشيخ : كيف ؟
الطالب : ما ذكرنا غير أنه إذا لاعن .
طالب آخر : ... .
الشيخ : معلوم لكن إذا طالب .
الطالب : ما يكون دليل على المسألة .
الشيخ : أقول إذا طالب هل يقام على الزوج حد القذف لهذا الرجل أو لا ؟
الطالب : إذا ما قامت البينة .
الشيخ : فيه هذه المسألة بعض العلماء يقول : إنه له الحق أن يطالب، وبعضهم يقول : ليس له الحق أن يطالب لأن أصل قذف الرجل امرأته بشخص آخر لا يريد أن يدنس الشخص الآخر إنما يريد أن يطهر فراشه، فهو ليس مقصودًا أصلًا، وبعضهم يقول : إن الملاعنة بمنزلة إقامة البينة بمنزلة إقامة البينة، فكونه لاعن وشهد على نفسه هذه الشهادات وقال : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين هذا بمنزلة البينة، ولهذا قال : (( ويدرأ عنها العذاب )) فلهذا لا يكون للرجل الذي قذف به الزوجة حق، والأقرب أنه ليس له الحق والأقرب أن ليس له الحق لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبره بذلك ولم يطالب به، وكأن هذا أمر معلوم عنده، طيب رقيق قذف حرًّا بالزنا أحمد ؟
الطالب : إن صح حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة فإنه يقام عليه الحد أربعين وإلا .
الشيخ : ها ؟
الطالب : وإلا يقام عليه .
الشيخ : طيب وما هو المشهور عند أكثر العلماء ؟
الطالب : أنه يقام عليه الحد أربعين .
الشيخ : يقام عليه الحد أربعون، طيب يقام عليه الحد أربعين وقام بعض العلماء : بل عليه ثمانون لأن هذا يحصل به تدنيس عرض المقذوف ولا فرق فيه بين العبد والحر، والذين فرقوا قالوا : إن قذف العبد لا يحصل به من الدنس ما يحصل بقذف الحر، ولكن هذا تعليل ليس بما ينهض به الاستدلال، لكن إن صح عن الخلفاء الثلاثة أنهم كانوا يضربون المملوك بالقذف أربعين فالحجة فيما ذهبوا إليه . أظن السرقة قرأنا عنها شيئًا نعم .
باب حد السرقة.
حد السرقة يعني عقوبة السارق يعني عقوبة السارق، وليس المراد بالحد هنا التعريف.
والسرقة أخذ المال على وجه الاختفاء من مالك أو نائبه، أخذ المال على وجه الاختفاء من مالك أو نائبه هذه هي السرقة.
فقولنا : أخذ المال خرج به أخذ ما ليس بمال فإنه لا يعد سرقة شرعًا، لأنه لا حرمة له كما لو سرق الإنسان آلة لهو فإنه ليس بسارق شرعًا، لأن هذه الآلة لا يقر عليها مالكها فهي حرام.
وقولنا : من مالك خرج به ما لو سرق من غير المالك، مثل أن يسرق من سارق فإنه لا يقطع، لماذا ؟ لأن بقاء المال بيد السارق الأول بقاء غير شرعي لا يقر عليه، فالسارق من السارق لا يقطع وليس كما قال العامة : السارق من السارق كالوارث من أبيه ! هذا مو صحيح لأن الوارث من أبيه يرث مالًا حلالًا وهذا لا يرث، اللهم إلا إذا كان يسرق من السارق ليوصله إلى صاحبه فهذا جزاه الله خيرًا.
وقولنا : أو نائبه أي : من ينوب مناب المالك كمستأجر العين ومن استودعت عنده والمرتهن وغير ذلك، المهم كل من قام مقام المالك فإذا سرق منه فهي سرقة شرعًا، إذًا هل السرقة شرعًا أعم أم السرقة لغة ؟ نقول : السرقة لغة أعم، والغالب في جميع التعريفات أن التعريف اللغوي أعم من التعريف الشرعي، لأن التعريفات الشرعية متلقاة من الشرع.
ثم إن السرقة من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن السارق، واللعن لا يكون إلا على كبيرة من كبائر الذنوب، ولأن فيها حدًّا في الدنيا، وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن كل ذنب فيه حد في الدنيا فإنه من كبائر الذنوب فهي حرام، ومنزلتها في المحرمات أنها من كبائر من كبائر الذنوب، وتوجب القطع قطع اليد لقول الله تعالى : (( والسَّارق والسَّارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالًا من الله والله عزيزٌ حكيمٌ )) (( السَّارق والسَّارقة )) يعني من ثبت أنه سارق أو سارقة.
(( فاقطعوا )) والخطاب للأمة ويقصد به أو بالقصد الأول ولاة الأمور.
(( أيديهما )) جمع يد ومعلوم أنه لا يقطع من الإنسان إلا يد واحدة، لكن المتعدد إذا أضيف إلى متعدد فالأفصح فيه الجمع.
وقوله : (( أيديهما )) لم يقيدها سبحانه وتعالى فتختص بالكف لأن اليد إذا لم تقيد فهي إلى الكف فهي الكف، والدليل على هذا قوله تعالى في التيمم : (( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه )) ومعلوم أن التيمم في الكف فقط.
وقوله : (( أيديهما )) في القراءة المشهورة اليد مجملة أو إن شئت فقل : مبهمة، لكنه لكنه فسرها قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما رضي الله عنه حين قال : ( فاقطعوا أيمانهما ) فيكون المراد باليد اليد اليمنى، ولأنها هي آلة الآخذ والإعطاء غالبًا فاختص الحكم بها.
(( جزاء بما كسبا نكالًا من الله )) أي : جزاء بكسبهما أي : بما كسباه من المال المحرم (( نكالًا من الله )) أي : عقوبة حتى ينكل الناس عن السرقة.
(( والله عزيزٌ حكيمٌ )) فلعزته وحكمته وحكمه قطع، ويذكر أن أعرابيًّا سمع قارئًا يقرأ : والله غفور رحيم فأمره أي : الأعرابي أن يعيد الآية فقال : (( جزاء بما كسبا نكالًا من الله )) والله غفور رحيم فقال : أعد الآية فأعاد الثالثة فقال في الثالثة أو الرابعة فقال : (( والله عزيزٌ حكيمٌ )) قال الأعرابي : الآن، يعني الآن أصبت لأنه عز وحكم فقطع، ولو غفر ورحم ما قطع، وصدق الأعرابي لو غفر ورحم ما قطع، ولهذا قال في قطاع الطريق : (( إلَّا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أنَّ الله غفورٌ رحيمٌ )) قال العلماء : يؤخذ من هذا أنهم إذا تابوا قبل القدرة عليهم سقط عنهم الحد، وظاهر الآية الكريمة : (( والسَّارق والسَّارقة فاقطعوا أيديهما )) العموم وأن السارق يقطع سواء سرق من حرز أو من غير حرز، وسواء سرق قليلًا أو كثيرًا لأن الآية مطلقة السارق وبهذا أخذ الظاهرية وقالوا : كل سارق يقطع ولم يلتفتوا إلى السنة، وبعضهم التفت إليها في الذهب فقط فقالوا : الذهب لا يقطع إلا ما بلغ النصاب أي : نصاب القطع وما سوى ذلك فإنه يقطع فيه بالقليل والكثير، ولكن الصحيح أنه لا بد من بلوغ النصاب ويدل لذلك قوله .
عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا ) . متفق عليه ، واللفظ لمسلم . ولفظ البخاري : ( تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا ) . وفي رواية لأحمد : ( اقطعوا في ربع دينار ، ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك ) .
وقوله : ( فصاعدًا ) أي : فذهب القدر صاعدًا وقد أعربها النحويون على أنها حال حذف منها عاملها وصاحبها وتقدر في كل سياق بحسبه، الحديث يقول : ( لا تقطع إلا في ربع دينار فصاعدًا ) فلو سرق ثمن دينار فلا قطع، سدس دينار سدس دينار ثلث دينار فيه قطع لأن الثلث أكثر من الربع فيدخل في قوله : ( فصاعدًا ) طيب لفظ البخاري يقول : ( تقطع يد السارق ) وهو خبر بمعنى الأمر لأن الخبر قد يأتي بمعنى الأمر كما في هذه الآية كما في هذا الحديث وكما في قوله تعالى : (( والذين يتوفَّون منكم ويذرون أزواجًا يتربَّصن بأنفسهنَّ أربعة أشهرٍ وعشرًا )) وكما في قوله : (( والمطلَّقات يتربَّصن بأنفسهنَّ ثلاثة قروءٍ )) وكما في قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ) فقوله : ( تقطع ) هي خبر بمعنى الأمر، ولهذا أتى المؤلف رحمه الله برواية أحمد التي فيها ( اقطعوا في ربع دينار ) هذا يوافق إيش ؟ رواية البخاري : ( ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك ) يوافق رواية مسلم فتكون رواية أحمد جمعت بين الروايتين .
4 - عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا ) . متفق عليه ، واللفظ لمسلم . ولفظ البخاري : ( تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا ) . وفي رواية لأحمد : ( اقطعوا في ربع دينار ، ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك ) . أستمع حفظ
فوائد حديث :( ( لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا ).
وثانيًا : أنه لا بد من نصاب لقطع السرقة والنصاب هنا ربع دينار النصاب ربع دينار، فإذا سرق ما دون ذلك فلا قطع، فإن قال قائل : ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام : ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده ) فكيف نجمع بين الحديثين ؟ نقول : إن قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله السارق يسرق البيضة ) يحمل على بيضة تبلغ قيمتها آه ربع دينار، وهذا يمكن في زمن المسغبة يمكن أن تصل البيضة دنانير نعم وقد وقع هذا في زمننا في بعض الجهات، أو يقال : إن المراد بالبيضة : البيضة التي توضع على الرأس عند القتال، وهي عبارة عما يشبه الإناء يضعه الإنسان على رأسه يتقي به السهام، أما الحبل فالحبل من الحبال ما يبلغ ربع الدينار الحبل المطوي الطويل يبلغ ربع دينار، أو يقال : إن المراد بالحبل : الحبال الغليظة التي تربط بها السفن على الساحل وهو يبلغ هذه القيمة، المهم : أنه لا بد من تأويل الحديث مع ما يتناسب مع الحديث الثاني.
يستفاد من هذا الحديث أيضًا : أن سرقة ربع الدينار تهدر عصمة اليد، وقد اعترض بعض الزنادقة على الشريعة في هذا الحكم وقال : كيف تقطع اليد في ربع دينار وإذا قطعت اليد وجب فيها خمسمائة دينار ؟ فقيمة اليد كم ؟ خمسمائة دينار فكيف تقطع هذه التي قيمتها خمسمائة دينار في ريع دينار وهل هذا إلا تناقض وفي ذلك يذكر عن المعري أنه قال في ذلك :
" يد بخمس مئين عسجد وديت *** ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقض ما لنا إلا السكوت له "
وصدق في قوله : " إلا السكوت له " وكذب في قوله : " تناقض " ما فيه تناقض فأجيب :
" قل للمعري عار أيما عار *** جهل الفتى وهو عن ثوب التقى عار "
يعني معناه : أنك جاهل ولا عندك تقوى، لأن الجاهل الواجب عليه أن يسكت، وبين أنه إنما قطعت بربع دينار حماية للأموال، ووديت بخمسمائة دينار حماية للنفوس ولهذا قال :
" حماية النفس أغلاها وأرخصها *** حماية المال فافهم حكمة الباري "
وقال بعضهم : لما خانت هانت ولما كانت أمينة كانت ثمينة كانت ثمينة، فالحاصل : أن الحكمة واضحة جدًّا وأن الله تعالى جعل ديتها خمسمائة دينار حفظًا للنفوس حتى لا يجترئ أحد على قطع الأيدي وجعلها تقطع في ربع الدينار حماية للأموال حتى لا يجترئ السراق على أموال الناس .
وعن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع مجنٍ ثمنه ثلاثة دراهم . متفق عليه .
( قطع في مجن ) أي : بسبب فـفي هنا للسببية وهي أيضًا وفي الكلام محذوف والتقدير: في سرقة مجن، والمجن : ما يجتن به المقاتل عن القتال، ويقال له إيش ؟ ترس يتترس به المقاتل ثمنه ثلاثة دراهم فقطع في ثلاثة دراهم فهل هذا الحديث يخالف ما سبق ( لا تقطع إلا في ربع دينار ) ؟ نقول : لا، لا يخالف لأنه يجب أن نقول : ثلاثة دراهم قيمتها في ذلك الوقت ربع دينار وهو كذلك، ولهذا جاءت الدية ألف مثقال ذهبًا واثنا عشر ألف درهم فضة اثنا عشر ألف درهم فضة وألف مثقال ذهبًا فصار الآن ثلاثة درهم ربع دينار أليس كذلك؟ فهكذا كانت القيمة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قيمة الدينار اثنا عشر درهمًا، فيكون ربع الدينار فتكون ثلاثة دراهم تساوي ربع دينار، وحينئذ لا معارضة بين هذا الحديث وبين قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار ) فإن قال قائل : إن قول ابن عمر رضي الله عنهما ثمنه ثلاثة دراهم هذا مبني على ظنه قلنا : الأصل عدم الظن الأصل عدم الظن وأنه يعلم أن ثمنه لو بيع لكان ثلاثة دراهم، ولكن الجمع كما قلنا أن ثلاثة الدراهم في ذلك العهد تساوي ربع دينار، طيب لو سرق ثلاثة دراهم ليس شيئًا يساوي ثلاثة دراهم سرق ثلاثة دراهم تقطع أو لا ؟ تقطع لأن ثلاثة دراهم ربع دينار نصاب، واختلف العلماء رحمهم الله فيما لو اختلف السعر عن عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهل المعتبر الدراهم أو الدنانير أو الأعلى ثمنًا وقيمة ؟ فقيل : المعتبر الدراهم، وقيل : الدنانير، وقيل : الأرفع قيمة لأنه قد يكون ربع الدينار أربعة دراهم، وقد يكون ربع الدينار بدرهمين تختلف الأسعار من وقت إلى آخر، والصحيح أن المعتبر ربع الدينار فلو زادت الدراهم غلت الدراهم رخصت فلا عبرة بها، العبرة بالدنانير فإذا سرق ربع دينار أو ما يساوي ربع الدينار فإنه يقطع .
6 - وعن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع مجنٍ ثمنه ثلاثة دراهم . متفق عليه . أستمع حفظ
وعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله السارق ، يسرق البيضة ، فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده ). متفق عليه أيضا .
( لعن الله السارق ) هذا يحتمل أن يكون خبرًا ويحتمل أن يكون دعاء وهذا واضح إذا صدر من النبي عليه الصلاة والسلام، أما إذا صدر عن غيره فإذا ثبت اللعن فهو خبر وإلا فهو دعاء، فقول الرسول : ( لعن الله السارق ) يحتمل أنه خبر عن الله، أي : يخبر بأن الله لعن السارق، ويحتمل بأنه دعاء وأيًّا كان فإنه دليل على أن السرقة من كبائر من كبائر الذنوب.
وقوله : ( يسرق البيضة ويسرق الحبل ) سبق لنا أن بعضهم قال : المراد بالبيضة إيش ؟ البيضة الخوذة التي توضع على الرأس عند القتال، وقال بعضهم : المراد بالبيضة إذا بلغت ربع دينار وفيه معنى ثالث ذكرته الآن أن المراد: أن السارق يسرق الأشياء الخفيفة أولًا ثم لا يزال يترقى حتى يسرق الأشياء الغالية الثمن فيكون المراد : أنه لعنه بابتداء تدربه على السرقة .
7 - وعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله السارق ، يسرق البيضة ، فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده ). متفق عليه أيضا . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( لعن الله السارق ، يسرق البيضة ، فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده ) والذي قبله.
ومن فوائد هذا الحديث والذي قبله أيضًا : قطع يد السارق وأن ذلك لا ينافي الرحمة.
ومن فوائده هو وفوائد ما قبله : أن مراعاة العام أو إن شئت فقل : مراعاة العموم أولى من مراعاة الخصوص، لأنه لا شك أن الضرر على السارق ضرر عظيم ستفقد يده اليمنى ويشل شيء كثير من عمله ويكون عارًا عليه بين الناس، لكن هذه المفسدة فردية والمصلحة العامة حماية أموال الناس أولى من مراعاته، فيؤخذ من هذا قاعدة مفيدة : وهي أننا لا ننظر إلى الشخص إذا كان في محاباته إضرار بالمصلحة العامة، الواجب أن ننظر للمصلحة العامة ولو ضر ذلك الشخص، بعض الناس مثلًا إذا حصل من شخص جناية قال : ارحموه هذا ما له وظيفة هذا له أولاد هذا له كذا وأتى بالمبررات فنقول : مراعاة المصلحة العامة أولى من مراعاة المصلحة الخاصة ولسنا بأرحم من الله ولا بأحكم من الله فالله عز وجل نجد أن في حدوده سبحانه وتعالى ما يكون ضررًا على شخص معين لكن للمصلحة العامة .
السائل : شيخ .
الشيخ : نعم .
السائل : شيخ ... .
الشيخ : نعم .
السائل : ... من الدولة هل تقطع يده ؟
الشيخ : لا من بيت المال لا تقطع يده نعم .
8 - فوائد حديث : ( لعن الله السارق ، يسرق البيضة ، فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده ) والذي قبله. أستمع حفظ
قلنا إنها تقطع اليد اليمنى لأنها آلة الأخذ ما الدليل على ذلك ؟
الشيخ : نعم .
السائل : تقطع يده اليمنى لأنها آلة الأخذ لو كان إنسان أشول ؟
الشيخ : اليمنى اليمينى التعليل بأنها آلة الأخذ والرد هذا في الغالب والعمدة القراءة (( اقطعوا أيمانهما )) وفعل النبي عليه الصلاة والسلام حيث قطع اليمنى .
إذا سقط حد لأجل تخلف شرط كأن يكون لم يسرق من مالك هل فيه تعزير ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : إذا سقط الحد لتخلف شرط كأن لم يكن السرقة من مالك .
الشيخ : نعم .
السائل : ففيه تعزير .
الشيخ : فيه تعزير أي نعم بيجينا إن شاء الله هذا .
السائل : شيخ .
الشيخ : نعم آه .
السائل : ... .
الشيخ : كيف ؟
السائل : ... .
الشيخ : أي نعم بعد الله أكبر الله أكبر .
الشيخ : الجنيه السعودي دينارين فإذا كان ربع دينار يكون ثمن دينار ثمن جنيه .
السائل : شيخ ؟
الشيخ : نعم .
السائل : هل اختلف ... .
الشيخ : هو مال ما دام ليس بمال لا تقطع يده .
السائل : ... .
الشيخ : أي نعم قلنا للأخ ثمن ثمن جنيه سعودي ثمن جنيه سعودي عاد يشوف ويش قيمته الآن الفضة رخيصة بالنسبة للذهب ليس كعهد الرسول عليه الصلاة والسلام آه .
سرق سرقتين كل واحدة لا تبلغ النصاب فهل تقطع يده ؟
الشيخ : سمعتم كلامه ؟ يقول : سارق سرق سرقتين كل واحدة لا تبلغ نصابا فليس عليه قطع لا بد أن يبنى كل سرقة تبلغ النصاب نعم .
سؤال عمن سرق من مال بيت المال فهل تقطع يده ؟
الشيخ : هذا غير صحيح لأن مال الدولة لعموم الناس هو بيت المال لعموم لعموم المسلمين ولهذا لو سرق منه سارق لا تقطع يده لأن له حق فيه فهو شبهة سليم .
السائل : عفا الله عنك ... .
الشيخ : نعم نعم .
السائل : أقول الحكمة ... .
الشيخ : هذه ستأتينا إن شاء الله بالشروط هل تشترط الحرية أو لا في قطع اليد انتهى الوقت الآن ما نقبل إلا سؤال واحد فقط .
هل يعتبر نقل المصاحف من المساجد الحكومية إلى مساجد أهل السنة والجماعة ؟
السائل : ... بعض المساجد ما فيها مصاحف .
الشيخ : أي نعم .
السائل : ... .
الشيخ : أي لا هذا لا يجوز إلا بموافقة المسؤولين .
ما الجمع بين قوله تعالى (( وإذا راوا تجارة أو لهو انفضوا إليها وتركوك قائما )) وبين قوله تعالى (( رجال لا تلهيم تجارة ولا يبع عن ذكر الله )) ؟
إن الله عز وجل لم يقر هؤلاء الذين انفضوا لم يقرهم الله بل وبخهم وقال لهم : (( وإذا رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها وتركوك قائمًا قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة )) .
14 - ما الجمع بين قوله تعالى (( وإذا راوا تجارة أو لهو انفضوا إليها وتركوك قائما )) وبين قوله تعالى (( رجال لا تلهيم تجارة ولا يبع عن ذكر الله )) ؟ أستمع حفظ
كيف نرد على من يقول إن البيع والتأجير بمكة جائز مستدلا بالحديث المتفق عليه لما قيل للنبي صىل الله عليه وسلم أين تنزل قال ( وهل ترك لنا عقيل من رباع ... ) وأن من الصحابة من باع داره كحكيم بن حزام دار الندوة ... ؟
15 - كيف نرد على من يقول إن البيع والتأجير بمكة جائز مستدلا بالحديث المتفق عليه لما قيل للنبي صىل الله عليه وسلم أين تنزل قال ( وهل ترك لنا عقيل من رباع ... ) وأن من الصحابة من باع داره كحكيم بن حزام دار الندوة ... ؟ أستمع حفظ
مناقشة ما سبق.
الطالب : عرفتها اصطلاحًا .
الشيخ : عرفها لغة واصطلاحًا .
الطالب : يا شيخ أنت عرفتها اصطلاحًا .
الشيخ : لا ولغة لا حول ولا قوة إلا بالله .
الطالب : أنا كتبت يا شيخ .
الشيخ : طيب إذا لم تكتب هل معناها عدم الكتابة ليست كتابة للعدم .
الطالب : ... .
الشيخ : أحسنت .
الطالب : ... .
الشيخ : نعم ألم تذكروا هذا حين قلت لكم إن الغالب أن التعريفات اللغوية أعم .
الطالب : أعم من الشرعية .
الشيخ : أي نعم .
الطالب : لغة ما ذكرت .
طالب آخر : إلا .
الشيخ : الآن لغة أخذ المال على وجه الخفية طيب زين هل تعتبر هل يعتبر أخذ المال من الغاصب سرقة ؟
الطالب : لا لا يعتبر .
الشيخ : شوف السؤال هل يعتبر أخذ المال من الغاصب سرقة ؟
الطالب : من الغاصب لا يعتبر سرقة لأنه حق لا يعتبر سرقة لأنه حق .
طالب آخر : أما لغة فيعتبر .
الشيخ : نعم .
الطالب : أما شرعًا فلا .
الشيخ : فلا طيب وهذا صحيح نعم .
الطالب : ... .
الشيخ : طيب هل يجوز أخذ المال من الغاصب ؟ فيه تفصيل .
الطالب : إذا كان يريد ... .
الشيخ : جائز وقد يكون طيب .
الطالب : وإذا كان يريد ليتملكه هو .
الشيخ : فهذا حرام ولكن لا يقطع به لأنه ليس سرقة شرعا طيب ما هو الحديث الأول أو مر علينا في الحديث الأول والثاني والثالث أنه لا بد أن يكون المسروق نصابًا ما هو الدليل ؟
الطالب : الدليل ( لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدًا ) .
الشيخ : طيب المؤلف أتى بثلاث روايات مع أن المعنى واحد فلماذا ؟
الطالب : الرواية الأولى فيها الحصر ( لا تقطع إلا في ربع دينار فصاعدا ) .
الشيخ : نعم .
الطالب : وإلا الرواية الثانية تقطع تقطع السارق أو هذا الخبر بمعنى الأمر والرواية الثالثة رواية أحمد جمعت بين رواية مسلم والبخاري .
الشيخ : تمام أحسنت بارك الله فيك، طيب ربع الدينار كم يساوي في دنانيرنا الآن ؟
الطالب : ربع دينار الآن .
الشيخ : أي نعم وإن شئت أعطني إياه بالمثاقيل كم يساوي ربع الدينار بالمثقال ؟ نعم .
الطالب : ربع مثقال .
الشيخ : ربع مثال لأن الدينار الإسلامي مثقال من الذهب نعم .
الطالب : كم يساوي ؟
الشيخ : ربع مثقال الدينار الإسلامي مثقال من الذهب فربعه ربع مثقال طيب نعم .
الطالب : أكثر من الربع .
الشيخ : المثقال عندنا الدنانير الجنيهات السعودية الآن ثمانية مثاقيل ونص ثمان مثاقيل ونص طيب حديث ابن عمر هل يعارض حديث عائشة أو لا ؟ خالد .
الطالب : لا يعارضه يا شيخ .
الشيخ : كيف لا يعارضه وقطع في مجن ثمنها ثلاثة دارهم ؟
الطالب : ... ربع الدينار ثلاثة دراهم .
الشيخ : يعني كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ربع الدينار يساوي .
الطالب : ثلاثة دراهم .
الشيخ : طيب هل هناك دليل أو شاهد يؤيد ما قلت ؟ نعم .
الطالب : النبي صلى الله عليه وسلم فرض الدية على الذهب ألف دينار وعلى الفضة 12 ألف درهم .
الشيخ : تمام لو اختلف سعر الذهب والفضة فبأيهما نأخذ ؟
الطالب : الذهب .
الشيخ : الذهب هو الأصل طيب هل أحد يخالف في هذا ؟ نعم .
الطالب : فيه اللي يؤخذ الدنانير وفيه اللي يؤخذ بالدراهم وفيه اللي يؤخذ بالأعلى .
الشيخ : الآن اختلف مثلًا ربع الدينار يساوي أربع رداهم فسيرق إنسان ما يساوي ثلاثة دراهم هل يقطع أو لا أسألك ؟
الطالب : ما يقطع .
الشيخ : إذا اعتبرنا .
الطالب : اعتبرنا الدنانير .
الشيخ : إذا اعتبرنا بالدنانير طيب أيهما القول الراجح أن نعتبر بالدنانير أو بالدراهم ؟ بالدنانير لأن حديث عائشة صريح : ( لا تقطع إلا في ربع الدينار فصاعدا ) طيب ما الجمع بين حديث عائشة وحديث أبي هريرة ( فيمن يسرق البيضة فتقطع يده والحبل فتقطع يده ) ؟
الطالب : ... ربع دينار ... .
الشيخ : أي يعني من باب الاصطلاح .
الطالب : من باب الاصطلاح .
الشيخ : نعم .
الطالب : ... .
الشيخ : أي نعم طيب وهل يتعين هذا الحمل يعني لو قلنا إن البيضة المعتادة اللي قيمتها ثلاثة درهم أو أقل .
الطالب : لا بد من حمل الحديث .
الشيخ : أحسنت لا بد من حمل هذا الحديث على ما ذكرنا لئلا تختلف السنة نبدأ بالدرس الجديد الآن .
وعن عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أتشفع في حدٍ من حدود الله تعالى ؟)، ثم قام فخطب ، فقال : ( أيها الناس إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) . متفق عليه . واللفظ لمسلم ، وله من وجه آخر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كانت امرأة تستعير المتاع ، وتجحده ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها .
الطالب : يقول : يا أيها الناس وفي بعض الروايات ... .
الشيخ : هذه من كسيك ... على الروايتين طيب إذًا نقول : فائدة أعني النداء تنبيه إيش ؟ المخاطب حتى ينتبه ويعتني قال : ( أيها الناس إنما هلك الذين من قبلكم ) والمراد بالهلاك هنا يحتمل أنه الهلاك الحسي يهلكهم الله بسبب المعاصي أو أنه الهلاك المعنوي وهو هلاك المجتمع وقوله : ( أنهم كانوا ) أن هنا بالفتح لأنها على تقدير حرف الجر أي : بأنهم فالجملة إذًا تعليلية على تقدير حرف الجر ( أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ) الشريف يعني به ذا الشرف والرفعة والجاه عند قومه إذا سرق تركوه، لأنه شريف ( وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) لأنه لا ناصر له ولا جاه له فيقيمون عليه الحد، ولم يذكر المؤلف رحمه الله بقية الحديث لأن هذا لفظ مسلم، والمقصود منه في هذا الباب ما ذكر ولكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال كلمة يجب أن يسير عليها ولاة الأمر قال : ( وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) وفي لفظ : ( لقطع محمد يدها ) فأقسم وهو الصادق البار بدون قسم أنه لو كانت فاطمة وهي أجل قدرًا من المخزومية وأعلى نسبًا لو أنها سرقت لقطع يدها يعني لا بد من قطع اليد لا بد من تنفيذ حدود الله وهذا كقوله في قصة الربيع أخت أنس بن النضر أتكسر ثنية الربيع قال : ( يا أنس كتاب الله القصاص ) قال : ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) وفي لفظ : ( لقطع محمد يدها ) يقول : " متفق عليه واللفظ لمسلم : وله من وجه آخر عن عائشة قالت : ( كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقطع يدها ) " وقد تقدم الكلام عليه .
17 - وعن عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أتشفع في حدٍ من حدود الله تعالى ؟)، ثم قام فخطب ، فقال : ( أيها الناس إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) . متفق عليه . واللفظ لمسلم ، وله من وجه آخر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كانت امرأة تستعير المتاع ، وتجحده ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أتشفع في حدٍ من حدود الله تعالى ... ).
ومن فوائده : الإنكار على من فعل ما ينكر عليه فيه ولو كان أحب الناس إليك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أسامة والله تعالى لا يستحي من الحق لا تقول : هذا صديق هذا رفيق لا أحب أن أنكر عليه أنكر عليه لاسيما في الأمور العظيمة.
ومن فوائد هذا الحديث : أن الشفاعة تجوز في غير الحدود كما لو كان من باب التعزيرات فإنه يجوز أن يشفع فيها، والفرق أن الحدود فرائض والتعزيرات تبع للمصالح فقد يكون من المصلحة أن نشفع في هذا الذي يستحق التعزير لأجل أن يسقط عنه التعزير، ولهذا قال كثير من العلماء : إن التعزير ليس بواجب وإنما هو راجع إلى رأي الإمام إن رأى من المصلحة إقامة التعزير فعل وإلا فلا.
ومن فوائد هذا الحديث : حكمة الشرع في تحديد العقوبات وأنها مناسبة تماما للجرائم ولهذا أضيفت إلى الله تعالى قال : ( حد من حدود الله ) ومعلوم أن ما كان من حدود الله عز وجل فإنه في غاية الحكمة وفي غاية الرحمة.
ومن فوائد الحديث : أنه ينبغي للإنسان القدوة أن يخطب في المناسبات التي تستدعي الخطبة ولو كان ذلك في غير جمعة لقوله : ( ثم قام فخطب ).
ومن فوائده : أن الخطبة تكون عن قيام والحديث العادي يكون عن جلوس، ويتفرع على هذه الفائدة : ما يفعله بعض الإخوة الآن من القيام خطيبًا عند دفن الميت يعظ الناس مستدلًا بأن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ أصحابه حين جلسوا إليه وجعل يتكلم عن حال الإنسان عند الموت وبعد الموت، وترجم البخاري على ذلك بقوله : " باب الموعظة عند القبر " فيقال : هناك فرق بين الموعظة وبين الخطبة نحن لا نتكر أن يجلس رجل عند المقبرة ويجلس إليه الناس ينتظرون إلحاد القبر ثم يتكلم معهم بموعظة تلين القلوب وتذكر، لكن أن يقوم خطيبا يخطب في الناس فليس هذا موضعها.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه ينبغي استعمال الأسلوب الذي يكون أبلغ في الوصول إلى المقصود وهذا ما يسمى بالبلاغة أي : مطابقة الكلام لمقتضى الحال من أين يؤخذ ؟ من قوله : ( يا أيها الناس ) أو ( أيها الناس ) حيث وجه الخطاب بالنداء من أجل أن ينتبه الناس لما يقول.
ومن فوائد الحديث : أن الحيلولة دون تنفيذ الحدود سبب للهلاك لقوله : ( إنما هلك من كان قبلكم ).
ومن فوائدها : أن عقوبة الله عز وجل لا تختلف بالنسبة للأمم لأنه ليس بين الله وبين الخلق نسب حتى يراعيهم فإذا هلك من قبلنا بذنب فيوشك أن نهلك به لكن الفرق أن هذه أمة لا تهلك بعقوبة عامة لا تهلك بعقوبة عامة بخلاف الأمم السابقة، وقد قيل : إنه بعد نزول التوراة لم تهلك أمة بعامة لأن الله تعالى قال : (( ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى )) نعم فقيل : إنه بعد نزول التوراة لم تهلك أمة بعامة، وأما هلاك فرعون فإنه كان قبل نزول التوراة.
ومن فوائد هذا الحديث : أن حد السرقة ثابت في الأمم السابقة صح من أين يؤخذ ؟ ( إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) كما أن حد الزنا ثابت أيضًا في الأمم السابقة، وعلى هذا فإذا شنع النصارى أو اليهود على المسلمين بقطع يد السارق قلنا لهم : نحن أيضًا نشنع عليكم لأن هذا موجود في شريعتكم، لكن أنتم تجرأتم وأبطلتم شريعة الله لكن نحن التزامنا بشريعة الله، وكذلك إذا قالوا لنا في القصاص شنعوا علينا في القصاص قلنا : وأنتم أشد منا شناعة فاليهود يجب عليهم القصاص : (( وكتبنا عليهم فيها )) أي : فرضنا عليهم (( أنَّ النَّفس بالنَّفس والعين بالعين والأنف بالأنف )) إلى آخره إذًا نقول : حد السرقة بقطع يد السارق ثابت في الأمم السابقة.
ومن فوائد هذا الحديث : جوب العدل بين الناس في إقامة الحدود وأن الجور سبب لإيش ؟ للهلاك لقوله : ( إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ).
ومن فوائد ذلك : أن السرقة لا تختص بالحاجة بل قد تكون عن هوى وشهوة من أين يؤخذ ؟ من كون الشريف يسرق فالشريف في العادة يكون غنيا إما بنفسه أو بقومه، ولكن الشيطان يغوي ابن آدم ولهذا نجد أن الرجل المتزوج الذي عنده زوجة من أحسن النساء خلقًا وسمتًا وصورة نجده يستهويه الشيطان فيزني بمن ليست بشيء عند زوجته.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه لا يجوز أن يختلف الناس في إقامة الحدود بالمال يعني بالغنى أو الفقر قياسًا على إيش ؟ على الشرف والضعف لأن المراد بالضعيف هنا ما يقابل الشريف فلا يقال : هذا غني لا نقطعه وهذا فقير اقطعوه، لكن لو كان بالعكس وقالوا : نقطع الغني ولا نقطع الفقير لأجل أن نبقي له جوارحه يحصل بها الرزق ما تقولون في هذا ؟ لا يجوز أيضًا لوجوب العدل ووجوب إقامة الحد.
ومن فوائد هذا الحديث : ونتكلم على ما حذف منه : جواز إقسام الإنسان بدون أن يستقسم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم فقال : ( وايم الله ) مع أنه لم يستقسم.
ومن فوائده : أنه كلما عظم شأن المخبر عنه فإنه يستحسن أن يقسم عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم لعظم شأن هذا الأمر وإلا لو قال : لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها اكتفى بذلك.
ومن فوائده : فضيلة فاطمة رضي الله عنها ولا شك أن فاطمة أفضل بنات الرسول عليه الصلاة والسلام وأنها سيدة نساء أهل الجنة، لكن لا يعني ذلك أن نبالغ ونغلو فيها فإن الغلو فيها أو في غيرها مما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم
ومن فوائد هذا الحديث : أن جاحد العارية يقطع لحديث عائشة في اللفظ الثاني : ( كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر ) وجه الدلالة : أن الفاء في قوله : ( فأمر ) للسببية أي : فسبب ذلك أمرًا فيكون هذا الحكم مفرعًا على تلك العلة، وهي أنها كانت تستعير المتاع فتجحده، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة اختلافًا كثيرًا، والقول بأن جاحد العارية يقطع انفرد به الإمام أحمد رحمه الله وأكثر العلماء على أنه لا يقطع كما أن الخائن في الوديعة وغيرها لا يقطع فكذلك الخائن في العارية، ولكن يقال : إذا ثبت النص فلا قول لأحد فما دام الحديث ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقطع يدها لأنها كانت تستعير المتاع فتجحده فإنا نقول : هذا سبب مستقل فسموه سرقة أو لا تسموه نحن لا يهمنا إن كانت السرقة تنطبق على هذه الحال فالأمر ظاهر، وإن كانت لا تنطبق فإنها قسم مستقل برأسه جاءت به السنة فوجب الأخذ بها، وأما من قال : إن هذا الحديث على تقدير محذوف كانت تستعير المتاع وتجحده فسرقته فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها فهذا لا وجه له، لأنه إثبات علة لم توجد ونفي علة إيش ؟ موجودة وهذا تحريف، لأن رفع الوصف عن الحكم وإثبات وصف آخر لا شك أنه تحريف، وهذا كقول من قال : إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) قال هذا لمن كان جاحدًا وهذا تحريف لأننا إذا حملناه على الجحد ألغينا الوصف الذي رتب عليه الحكم وأتينا بوصف آخر جديد فيكون في هذا جناية على النص.
ومن فوائد هذا الحديث : جواز التوكيل في إقامة الحدود من أين يؤخذ ؟ ( فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها ).
ومن فوائده : أن يد السارق إنما تقطع من الكف لا من المرفق وجهه أن اليد إذا أطلقت فالمراد بها الكف وإذا أريد بها ما زاد عليه قيدت به، ولهذا جاءت الآية في الوضوء مقيدة : (( إلى المرافق )) فوجب أن تغسل في الوضوء إلى المرفق وجاءت في التيمم مطلقة فلم يجب إلا مسح الكفين فقط .
بعض طلبة العلم يرون المنكر ثم يتركون الإنكار ويقول أستحي من هذا ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : الإنكار يا شيخ .
الشيخ : نعم .
السائل : بعض طلبة العلم يرون المنكر ثم يتركون الإنكار لا اتباعا للحكمة ... إنما جبنا وخورا فهل يأثم بهذا ؟ ولا أستطيع أن أنكر أستحي
الشيخ : كيف ؟
السائل : ... يعني هم يرجى منهم إنكار المنكر يتركون المنكر جبنا وخورا وينكرون أقول أستحي ما أقدر أتكلم على الناس هل هذا يأثم بهذا أم يقول ما دام يستحي ؟
الشيخ : لا لا الحياء لا يجوز الحياء من الحق (( إن الله لا يستحي من الله )) لكن أحيانا يمنع الإنسان عن الإنكار كثرته مثلًا افرض أنه مثلًا في السوق هذا يشرب في الدخان وهذا حالق لحيته وهذا يجر ثوبه فلو أراد أن يقف مع كل إنسان وينصحه ضاعت أوقاته، أما إذا لكن بإمكانك أن تتقي الله ما استطعت تمسك ولو واحد من هؤلاء تنصحه يهديه الله على يدك نعم زكي .
بعض يقول إن إبطال الحدود في زمن معين جائز لأن عمر رضي الله عنه أبطل حد السرقة في حد الرمادة فما رأيكم ؟
الشيخ : نعم .
السائل : لأن عمر رضي الله عنه أبطل حد السرقة عام الرمادة .
الشيخ : نعم .
السائل : فما رأيكم يا شيخ ؟
الشيخ : أي نعم رأينا أنه لا بد من انتفاء الشبهة وعام الرمادة الناس جوعى والذي عنده مال يجب عليه أن يبذله لمن احتاجه، فرأى رضي الله عنه أن هذه الشبهة مركبة من وجوب بذل المال لمن احتاج إليه وكون المحتاج لا يملك نفسه هو يريد أن يأكل ليحيا فجعل هذه شبهة ومنع من إقامة الحد .
السائل : ... .
الشيخ : نعم .
السائل : الآن مرفوض .
الشيخ : مرفوض إي نعم ما في شك هؤلاء يريدون إيطال الحد مطلقًا، لكن لو حلت مجاعة مثلما حصل في عهد عمر قلنا ترفع نعم .
20 - بعض يقول إن إبطال الحدود في زمن معين جائز لأن عمر رضي الله عنه أبطل حد السرقة في حد الرمادة فما رأيكم ؟ أستمع حفظ
قلنا الشفاعة تجوز في الحدود قبل أن ترفع للحاكم فهل يجوز الآن ذلك قبل المحكمة في السجن وثبت عليه الحكم ولم تصل الأوراق للمحكمة ؟
الشيخ : هو الظاهر اللي في السجن بلغت الحدود يعني بلغت السلطان الذين في السجن قد بلغوا السلطان، نعم عبد الله ؟
21 - قلنا الشفاعة تجوز في الحدود قبل أن ترفع للحاكم فهل يجوز الآن ذلك قبل المحكمة في السجن وثبت عليه الحكم ولم تصل الأوراق للمحكمة ؟ أستمع حفظ
جاءت الروايات في حديث عائشة فسرقت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها ألا تعتبر مفسرة للأخرى ؟
الشيخ : لا، لأن ( فسرقت ) ما هي في " الصحيحين " لكن جاء في حديث آخر أن امرأة من بني مخزوم سرقت بدون أنها كانت تستعير المتاع فتجحده فسرقت .
السائل : هي نفسها يا شيخ ؟
الشيخ : نعم .
السائل : هي نفس المرأة ؟
الشيخ : لا اختلفوا عاد في التخريج بعضهم قال القصة متعددة وبعضهم قال : إنها كانت جامعة بين السرقة وبين جحد العارية، لكن ذكر جحد العارية وحدها يدل على أنه سبب فيكون اجتمع فيها سببان السرقة وجحد العارية .
22 - جاءت الروايات في حديث عائشة فسرقت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها ألا تعتبر مفسرة للأخرى ؟ أستمع حفظ
جحد العرية لايدخل في التعريف الذي عرفناه في السرقة فكيف تقطع اليد فيه ؟
الشيخ : أي نعم إيش تقولون ؟ ما قلنا أجبنا عن هذا بأن هذا قسم مستقل برأسه جاءت به السنة فوجب أن ينفذ، أو نقول كما قال بعض العلماء : إن السرقة نوعان سرقة بحيلة كالعارية يعني بدل أن يأتي يفتح الأقفال ويأخذ ما يريد يجي لصاحبه ويغره ويقول : أعطني ثم يجحد فهي حيلة قريبة، نعم ؟
هل يؤخذ من حديث عائشة في قصة المخزومية جواز لمس بشرة الأجنبية للضرورة ؟
الشيخ : أي ويش تقولون ؟ هل يجوز هل يؤخذ من الحديث جواز مس بشرة الأجنبية للضرورة ؟
السائل : لا .
الشيخ : آه ؟
السائل : يؤخذ .
سائل آخر : لا إذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال .
الشيخ : آه ؟
السائل : فيه احتمال فيبطل الاستدلال .
الشيخ : كيف ؟
السائل : هناك احتمال .
الشيخ : ما هو ؟
السائل : أنه تمسكها مرأة فتقطع .
الشيخ : طيب أو محرمها .
السائل : أو محرمها ... .
الشيخ : أو يجعل حائلًا فإذا فإذا انتفت هذه الاحتمالات قلنا للحاجة لا بأس لا بأس أن يمسها للحاجة .
السائل : شيخ ؟
الشيخ : نعم إيش ؟
السائل : ... .
الشيخ : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود .
السائل : ... .
الشيخ : أي نعم .
سؤال عن جحود العرية هل يشترط فيها ما يشترط في حد السرقة ؟
السائل : ... .
الشيخ : أي لكن حتى لو قلنا إنها قسم مستقل برأسه فهي لا بد أن تلحق بالسرقة من حيث النصاب من حيث ثبوت هذا ومن حيث الحرز، لكن هي الآن ما تحتاج إلى حرز لأن هي التي طلبت ... نعم .
هل تقطع يد المودع إذا جحد الوديعة قياسا على جحد العرية ؟
الشيخ : نعم .
السائل : ... هل يقطع يدها ؟
الشيخ : ما تقطع يده.
السائل : ما الفرق؟
الشيخ : الفرق ظاهر المودع قبض لمصلحة مالكها ومالكها هو الذي أتى بها إليه والمستعير قد وضعها لمصلحته وهو الذي أتى إلى صاحبها وطلبه .
هل كانت بنو مخزوم أشرف من بني هاشم قبل وجود النبي صلى الله عليه وسلم وما معنى قول أبي سفيان كان أو سطنا ... ؟
الشيخ : لا بنو عمه .
السائل : يعني في الشرف سواء .
الشيخ : أي تقريبًا .
السائل : ما معنى قول أبي سفيان : ( كان أوسطنا من أوسطنا نسبًا ) ما معنى ( من أوسطنا نسبا ) ؟
الشيخ : من خيارنا ومن للتبعيض .
السائل : أفضلنا نسبًا .
الشيخ : من أوسطنا من خيارنا .
27 - هل كانت بنو مخزوم أشرف من بني هاشم قبل وجود النبي صلى الله عليه وسلم وما معنى قول أبي سفيان كان أو سطنا ... ؟ أستمع حفظ
إذا بلغت القضية إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تكون قد بلغت للسلطان ؟
الشيخ : الظاهر لي أن السلطان هو الذي ينفذ .
السائل : المحكمة تكون .
الشيخ : لا ما هي المحكمة، المحكمة تحكم فقط لكن اللي ينفذ هو الأمير نعم .
مناقشة ما سبق.
الطالب : لأسامة .
الشيخ : أسامة بن زيد، ولماذا وجه الخطاب إليه ؟ نعم .
الطالب : لأنه شفع في المخزومية .
الشيخ : لأنه .
الطالب : لأن المخزومية عندما سرقت المتاع وأمر الرسول قطع يدها أتوا إلى أسامة وقالوا : أنت حب الرسول قال : اشفع لنا فيه فأتى أسامة .
الشيخ : ليشفع .
الطالب : عند الرسول .
الشيخ : ألا تقطع يد هذه المرأة ألا تقطع يد هذه المرأة طيب، ( إنما هلك من كان قبلكم ) الهلاك هنا حسي أو معنوي ؟
الطالب : يحتمل الأمرين .
الشيخ : نعم .
الطالب : أن يكون حسيًّا أو معنويًّا .
الشيخ : نعم .
الطالب : إن كان حسيًّا فالمعنى أن الله ... عذبهم ... .
الشيخ : نعم إن كان حسيًّا فذلك لأنهم أضاعوا أمر الله نعم .
الطالب : وإن كان معنويًّا ... هلاكهم في الدين ... .
الشيخ : ويجعلونه تبعًا لأهوائهم أحسنت طيب، لماذا خطب النبي صلى الله عليه وسلم خالد ؟
الطالب : خطب النبي صلى الله عليه وسلم ليكون هذا أمرًا عامًّا بين المسلمين لأن هذا أمر يتفشى وينتشر بين المسلمين .
الشيخ : نعم ليكون هذا أمرًا عامًّا ويتبين عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر وأيضًا عظم طيب . ما المراد بمن قبلنا ؟
الطالب : على الإطلاق اليهود والنصارى .
الشيخ : نعم اليهود والنصارى ويحتمل أنه أعم ثم قال .
تتمة شرح حديث : ( عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أتشفع في حدٍ من حدود الله تعالى ؟)، ثم قام فخطب ، فقال : ( أيها الناس إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) . متفق عليه . واللفظ لمسلم ، وله من وجه آخر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كانت امرأة تستعير المتاع ، وتجحده ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها .
" وله " أي : لمسلم " من وجه آخر عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقطع يدها ) ".
كانت امرأة ومعروف أنها من بني مخزوم، لكن أحيانًا يذكر الراوي الاسم مبهمًا سترًا عليه إذا كان لم ينسه، أو نسيانًا إن كان قد نسيه ولكن الذي يظهر أنه كان من باب الستر، لأنه قد ورد مصرحًا به في وجه آخر ( تستعير المتاع ) الاستعارة طلب الإعارة كالاستغفار طلب المغفرة والغالب أن السين والتاء المزيدتين فيهما استدعاء وطلب وقولنا : ( الغالب ) احترازًا من غير الغالب في مثل ( استقر ) فإنه ليس معناه طلب القرار ولكنه بمعنى قر، لكن الغالب أن الاستفعال يفيد الطلب فقوله : ( تستعير ) أي : تطلب الإعارة، وما هي الإعارة ؟ الإعارة بذل المال لمن ينتفع به ورده بعينه هذه الإعارة، بذل المال لمن ينتفع به ورده بعينه فقولنا : لمن ينتفع به خرج به سائر البذل فخرج به الهبة، لأن باذلها يريد بذلك إيش ؟ تمليك الموهوب له وخرجت الوديعة لأن معطيها لا يريد أن ينتفع بها المودع وإنما يريد منه أن يحفظها، وخرج بقولنا : ( لمن ينتفع به ) الإجارة لأن المؤجر يسلم العين المستأجرة ليملك المستأجر منافعها، وبه يظهر الفرق الدقيق بين العارية وبين الإجارة، فالإجارة يملك المستأجر المنافع والعارية يملك الانتفاع وبينهما فرق، يظهر في شيء في بيان حكم من الأحكام التي تترتب على هذا الفرق، المستأجر له أن يؤجر العين بشرط إلا يكون لشخص أكثر منه ضررًا، المستأجر له أن يعير العين بشرط ألا يكون ذلك أشد ضررًا من انتفاعه هو المستعير لا يملك تأجيرها ولا يملك إعارتها لأنه يملك إيش ؟ الانتفاع ومن الفروق على المذهب أن المستعير ضامن لكل حال والمستأجر لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط، والصحيح أن المستعير كالمستأجر في مسألة الضمان لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط اللهم إلا إذا اشترط عليه الضمان الضمان مطلقًا والتزم فعلى ما اشترط طيب تجحده الجحد بمعنى الإنكار فمعنى جحد أي : أنكر تأخذ المال من الناس استعارة ثم تنكر تقول : ما أخذته ولا استعرته ( فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقطع يدها ) أي : بقطع كفها لأن اليد عند الإطلاق معناها الكف، ولم يبين في الحديث أي اليدين ولكن ثبت أن المراد بها اليد اليمنى لقراءة عبد الله بن مسعود في رضي الله عنه : (( فاقطعوا أيمانهما )) والقراءة لا شك أنها حجة .
30 - تتمة شرح حديث : ( عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أتشفع في حدٍ من حدود الله تعالى ؟)، ثم قام فخطب ، فقال : ( أيها الناس إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) . متفق عليه . واللفظ لمسلم ، وله من وجه آخر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كانت امرأة تستعير المتاع ، وتجحده ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها . أستمع حفظ
تتمة فوائد حديث: ( ... كانت امرأة تستعير المتاع ، وتجحده ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها ).
ومن فوائد الحديث : وجوب الإنكار على من شفع حتى وإن كان جاهلا وذلك لأن هذه المسألة عظيمة فيجب الإنكار حتى وإن كان جاهلًا.
ومن فوائد الحديث : إعلان إنكار الشفاعة في الحدود لأهميتها حتى لا يتلاعب الناس بفرائض الله عز وجل.
ومن فوائد هذا الحديث : الإنكار على من هو أحب الناس إليك فلا تحابي أحدًا في دين الله قريبًا ولا صديقًا ولا غنيًّا ولا فقيرًا : (( يا أيها الَّذين آمنوا كونوا قوَّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما )) يعني إن يكن غنيًّا فحابيتموه لغناه أو فقيرًا فحابيتموه لفقره فالله أولى بهما، وولاية الله تعالى خير من ولايتكم التي تحابون بها هؤلاء ولا تقومون بالشهادة بالقسط طيب.
من فوائد هذا الحديث : أنه أنه ينبغي للخطيب استعمال الألفاظ التي تستدعي الانتباه لقوله : ( يا أيها الناس ) وكذلك ينبغي للخطيب استعمال الإلقاء الذي يستدعي انتباه الناس، مثل لو فرضنا أنه يغير الصوت في بعض الأحيان من أجل انتباه الناس فإن هذا لا بأس به، وقد كثر السؤال عن استعمال بعض الخطباء عند تلاوة الآيات أن يتلوها على حسب التلاوة المجودة وهو في أثناء الخطبة وأشكل هذا على بعض الناس، فما هو الجواب أن هذا جائز أو غير جائز ؟ الجواب : أنه جائز يعني لا بأس أن تحول النغمة أو الأداء من الأداء المعتاد في الخطبة إلى الأداء المعتاد في القراءة عند تلاوة الآيات، وربما يكون في هذا تنبيه للخطباء.
ومن فوائد هذا الحديث : أن إضاعة إقامة الحدود من أسباب الهلاك إنما أهلك أو ( هلك الذين من قبلكم أنهم ).
ومن فوائد الحديث : أنه تجب إقامة الحدود على الشريف والوضيع وجه الوعيد بالهلاك على من أقامه على الوضيع دون الشريف.
ومن فوائد الحديث : أن السرقة قد تقع من ذوي الشرف والسيادة لقوله : ( إذا سرق فيهم الشريف ) فإذا قال قائل : كيف يسرق وهو شريف ذو جاه إما لغناه أو نسبه أو غير ذلك ؟ قلنا : السرقة مرض من الأمراض، والمرض قد يعتري الإنسان ولو كان بعيدًا عنه فهي مرض يكون الإنسان به مملوء القلب والعياذ بالله بالطمع والجشع، فيسرق أو لمجرد أن يسرق ولو ألقى ما سرقه في الأرض المهم أنها مرض من الأمراض، ولا تستغرب أن يكون هذا المرض يسري في الشرفاء.
ومن فوائد الحديث : الإشارة إلى أن سنة الله عز وجل في الخلق واحدة يعني لا نقول : نحن من أمة محمد لا يصيبنا البلاء ولا يصيبنا العذاب، بل نقول : سنة الله في الأولين والآخرين واحدة لأن الله عز وجل لا يحابي أحدًا ليس بيننا وبين ربنا عز وجل نسب، ولكن بيننا وبينه عبادة إذا حققنا العبادة والتقوى فنحن أكرم الخلق عنده ولهذا قال : ( إنما هلك من كان قبلكم ) تحذيرًا أن يقع الهلاك فينا كما وقع فيمن سبق.
ومن فوائد هذا الحديث : ضرب الأمثال عند الوعظ ترغيبًا أو ترهيبًا من أين تؤخذ ؟ من قوله : ( إنما هلك الذين من قبلكم ) فهذا ضرب أمثال، ولهذا قال الله تعالى : (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم )) - انتبه يا ولد - (( دمر الله عليهم )) ويش بعدها ؟ (( وللكافرين أمثالها )) سيروا في الأرض انظروا ولا تظنوا أنكم سالمون من عذاب الله طيب.
ومن فوائد هذا الحديث : أن العقوبات المقدرة شرعًا حد، ومعنى كونها حدًّا أنها لا يقصر عينها ولا تتجاوز لا يقصر عينها ولا تتجاوز، فمثلًا لو أن رجلًا زنى وهو شريف وثبت زناه وأردنا إقامة الحد عليه فقلنا : هذا الرجل شريف نريد أن نقيم عليه الحد خمسين جلدة فقط هل يجوز ؟ لا، حتى لو كان ضعيف البنية إذا كان ضعيف البنية نستعمل طريقًا آخر ما هو ؟ (( وخذ بيدك ضغثًا فاضرب به ولا تحنث )) طيب كذلك أيضًا لو كثر الزنا في الناس وأراد إنسان أن يستعمل ما استعمله عمر في شرب الخمر حين كثر الشرب من الناس فضاعف عليهم العقوبة هل نفعل هذا ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لماذا ؟ نفعله لا لأن هذا حد ومعنى حد أنه لا يقصر عنه ولا يتجاوز مهما كثر الناس في الزنا ما نتجاوز مائة جلدة وتغريب عام، حتى ولو تكرر من الشخص نفسه شوف السرقة إذا تكررت أربع مرات فإنه يغلظ عليه إذا سرق تقطع اليد اليمنى ثم الرجل اليسرى ثم اليد اليسرى ثم الرجل اليمنى حتى يبقى ما له يدين ولا رجلين نعم، وفي الحديث : ( إن سرق بعد ذلك فاقتلوه ) لكن قال بعض العامة لما سمع هذا الحديث : بأي شيء يسرق ؟ نعم بفمه أو يجره بذراعه مثلًا، المهم على كل حال ممكن لكن الزنا لا لو تكرر منه ليس له إلا الجلد ما دام غير محصن طيب.
ومن فوائد هذا الحديث في الوجه الآخر الذي أخرجه مسلم : بيان كيد النساء كيف الكيد ؟ أنها بدل أن تسطو على الناس في بيوتهم نعم تستعير المتاع وتجحده، وهذا بمعنى السطو لكنه سطو يعني إيش ؟ مؤدب سطو مؤدب مؤدب نعم طيب.
ومن فوائد هذا الحديث : جواز الاستعارة يعني لا غضاضة عليك إذا استعرت من إنسان شيئًا ولا يعد هذا من المسألة المذمومة، لكن كلما استغنى الإنسان عن الخلق ولاسيما في عهدنا وعصرنا فإنه أولى، لأن الناس اليوم لا يهتمون إذا حصل أدنى شيء أدنى يعني اختلاف أن يمن عليك بما أعطاك من قبل حتى ولو كان يريد به الأجر، لهذا مهما استغنيت عن الناس فافعل وكان مما بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ألا يسألوا الناس شيئًا حتى إن الرجل يسقط عصاه وهو على راحلته فينزل ويأخذه ولا يقول يا فلان أعطني إياه لماذا ؟ لكمال الغنى عن الخلق، لكن لا حرج أن تستعير فقد استعار النبي صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية دروعًا وما زال المسلمون يستعيرون.
ومن فوائد هذا الحديث : وجوب قطع اليد بجحد العارية لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بقطع يد المرأة.
ومن فوائد الحديث : جواز استتابة الغير في إقامة الحد يعني يجوز للإمام الذي يتولى إقامة الحدود أن ينيب غيره في إقامة الحد لقوله : ( فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقطع يده ) فإن قال قائل : هل الأولى أن يأمر الإمام بقطع اليد أو أن يباشر القطع بيده ؟ حسب حسب المصلحة إذا كان من المصلحة أنه إذا تولى بنفسه قطع يد السارق كان أعظم شأنًا وأشد على الناس فليفعل وله في ذلك أجر، لأن إقامة الحدود قيام بفريضة من فرائض الله يثاب عليه الإنسان ثواب الفريضة.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه يجوز للإمام إذا وكل أحدًا في إقامة الحد أن يتغيب لأن الظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحضر طيب، فإذا قال قائل : هل يقاس على العارية جحد ما سواها من الأمانات كجحد الشيء المستأجر وجحد الوديعة وما أشبه ذلك ؟ فالجواب : لا، لا قياس لماذا لا قياس ؟ لأنه لا يمكن أن تتحقق العلة التي ثبت بها قطع يد المستعير في أي صورة أو في أية مسألة من مسائل الجحد ما يمكن أن تحقق ومن شرط القياس أن يتساوى الأصل والفرع في العلة فلنأت أولًا إلى الوديعة تعرفون الوديعة سليم ما هي ؟
الطالب : ... .
الشيخ : شلون ؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا يا أخي هذه استعارة ذي جمل ولا سيارة راح الجمل الحين لا الوديعة الوديعة .
الطالب : ... خذ هذا معك احفظه لي حتى .
الشيخ : طيب هذه هي هو استحفاظ الإنسان على الشيء أعطيه دراهم أعطيه إناء أعطيه سيارة أي شيء نقول خذ هذه عندك إلى حين، هذه لا يمكن أن نقيسها على العارية لأن قابض العارية قبضها لمصلحتها، والمودع لمصلحة الآخذ المعطي ما له مصلحة طيب الإجارة لو أن الإنسان استأجر شيئًا ثم جاء مالكه وقال : أعطني ملكي قال : أبدًا ما هو لك لا يمكن أن يقاس على العارية لأن لأن المستأجر قبضها لمصلحة مالكها .