تحت باب قتال أهل البغي
الشيخ : طيب، أولياء المقتولين عيّنوا أحدًا؟
الطالب : من كلا الطّرفين؟
الشيخ : أي نعم.
الطالب : الذين قتلوا المقتولين!
الشيخ : يعني قتلوا بعد أن قتلوا؟
الطالب : إي نعم.
الشيخ : قتلوا بعد أن قتلوا؟!
الطالب : أي نعم.
الشيخ : هههه.
الطالب : ههههه.
طالب آخر : لا لا ركز .
الشيخ : هاه؟
الطالب : قتل بعد أن قتلوا .
الشيخ : من قتلهم؟
الطالب : قتلهم ! الله أعلم .
الشيخ : حرّر السّؤال وبعدين إن شاء الله.
الطالب : قتلهم الذين قتلوا .
الشيخ : الذين قتلوا انتهوا ما يمكن يقتلون! لكن أولياؤهم مثلا جاء أحد فقتل ذول ولا إيش ؟
الطالب : لا يا شيخ وهم يصطدمون كان القتل ما هو بنفس الدقيقة
الشيخ : يعني كلّ واحد يقتل الثاني؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب، القسامة ما قلنا: أنّها لا بدّ أن تكون على قوم معيّنين، إذا كان هؤلاء كلّهم ماتوا ما الذي يريدون، لا ندري الآن من القاتل ومن المقتول كلّهم ماتوا.
الطالب : انتهى الوقت يا شيخ.
الشيخ : انتهى .
ماذا تقول؟
الطالب : البيّنة يا شيخ.
الشيخ : هل يقبل وإلاّ لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : ويقتل؟
الطالب : لا يقتل.
الشيخ : لا يقتل؟
الطالب : ... ممكن يكون .
الشيخ : كان ، قضيّة القتيل في قصّة البقرة أحياه الله فقال: قتلني فلان.
الطالب : شيخ عمرو قتل ثم مات بعد ذلك ؟
الشيخ : كيف؟
الطالب : مات بعد !
الشيخ : ما ندري قد يكون مات، وقد يكون بقي وتزوّج وجاءه عيال .
الطالب : ...
الشيخ : كيف مات، هذا قتل نفس، زيد قتل عمروا وأزهق نفسه ثمّ أحياه الله.
الطالب : الآن يا شيخ البدل، المبدل منه حاصل الذي هو عمرو.
الشيخ : المهمّ على كلّ حال يقتل، كما قال أهل العلم: قالوا إنّ هذا آية، أكبر بيّنة أنّ الله يحييه ويقول: قتلني فلان واستدلّوا أيضا بقصّة؟
الطالب : البقرة.
الشيخ : البقرة، نعم تسميع؟ سمّ !
القارئ : بسم الله الرّحمن الرّحيم :
نقل المؤلّف -رحمه الله تعالى-: " عن أمّ سلمة رضي الله عنها " .
الشيخ : في " باب قتال أهل البغي ".
القارئ : " في باب قتال أهل البغي ".
الطالب : مراجعة يا شيخ .
الشيخ : نعم كيف؟
الطالب : تسميع يا شيخ.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين:
ما هي القسامة في اصطلاح الفقهاء؟
الطالب : هي أيمان مكرّرة في دعوى قتل معصوم.
الشيخ : أيمان مكرّرة في دعوى قتل معصوم، صورتها؟
الطالب : أن يوجد قتيل.
الشيخ : أن يوجد قتيل.
الطالب : في منطقة بين قبيلتين بينهما عداوة ظاهرة.
الشيخ : نعم، في منطقة بين قبيلتين بينهما عداوة ظاهرة، طيب.
الطالب : فلا يعلم !
الشيخ : فيدّعي أولياء المقتول.
الطالب : فيدّعي أولياء المقتول أنّ أهل القبيلة الأخرى هم الذين قتلوه .
الشيخ : نعم.
الطالب : فتجرى القسامة .
الشيخ : تمام.
طيب في الحديث الذي ساقه المؤلّف -رحمه الله- في هذا الباب يقول : ( إنّ عبد الله بن سهل ومحيّصة بن مسعود خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم ) ، عبد الله وش معنى جهد؟
الطالب : جوع.
الشيخ : هاه؟
الطالب : جوع.
الشيخ : أي نعم، الجوع والمشقّة، طيب، كيف قال: أصابهم مع أنّه ذكر اثنين فقط؟
الطالب : يجوز أن يكون يخبر بالجمع عن المثنى، أو يكون المقصود القبيلة.
الشيخ : يعني معه غيره؟ طيب هذا الثاني هو المتعيّن.
كيف قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( كبّر كبّر ) مع أنّ صاحب القضيّة المباشر هو عبد الرّحمن بن سهل؟
الطالب : إيش الإشكال فيه ؟
الشيخ : هاه؟
الطالب : إيش الإشكال فيه ؟
الشيخ : هاه؟
الطالب : إيش الإشكال فيه؟
الشيخ : الإشكال أنّ الرسول يقول: ( كبّر كبّر ) مع أنّ الذي يرث الدّم هو عبد الرحمن بن سهل؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : لا حويّصة ولا محيّصة.
الطالب : شيخ لأنّ شاهد القضيّة صغير السّنّ، والكبير هذا لا بدّ أن يكون قد علم من أخيه تفاصيل القضيّة، فلذلك قدّمه على أخيه.
الشيخ : يعني معناه أنّ هؤلاء صغار، أنّ عبد الرّحمن بن سهل صغير؟
الطالب : لأن المراد ذكر القضية دون مبالغة، أو يكون لم يحضر القصّة.
الشيخ : نعم.
الطالب : أو يكون صغيرا.
الشيخ : نعم، والأقرب أنّ الرّسول أراد أن يستبين القصّة ، والغالب أنّ الكبير هو الذي يحفظها.
طيب هل يؤخذ من هذا الحديث تقديم الكبير مطلقا؟ خالد بن حامد؟
الطالب : لا يؤخذ، إلاّ إذا كان علم أنّه أفصح وأبلغ .
الشيخ : لا أنا ما أريد في القضيّة هذه، مطلقا يعني في كلّ شيء؟
الطالب : قلناها يا شيخ .
الشيخ : إيش؟
الطالب : الإجابة .
الشيخ : بماذا؟
الطالب : إذا كان الصّغير أوعى وأحفظ وأبلغ وأفصح، فإنّه يقدّم.
الشيخ : يعني إذن مقيّدة بما إذا تساووا في الأوصاف التي يستحقّ بها العمل المعيّن: إمامة الصّلاة، أو أذان، أو غيرها، واضح؟
الطالب : واضح.
الشيخ : فلو كان مؤذّنان تشاحّا في الأذان، ابتداء أحدهما كبير السّنّ لكن صوته ضعيف، والثاني دونه في السّنّ لكن صوته قويّ، من نقدّم؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني طيب.
ما معنى قوله: ( إما أن يدوا صاحبهم وإما أن يأذنوا بحرب ) ؟
الطالب : ( إما أن يدوا صاحبهم ) : أي يقدمون ...
الشيخ : أن يدوا صاحبكم ؟
الطالب : يدوا صاحبكم يدوه .
الشيخ : وش معنى يدوا؟
الطالب : يعطون الدّية.
الشيخ : يعطون الدّية، نعم وإمّا؟
الطالب : أن يأذنوا بحرب أي: إذا لم يعطوا الدية فقد خلفوا الوعد الذي وعدوه فتقام عليهم الحرب .
الشيخ : يعني يأذنوا بحرب، يعلنوا الحرب؟ نعم؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لماذا كانت الأيمان في القسامة خمسين؟ الأخ الذي وراء؟
الطالب : نعم ؟
الشيخ : لماذا كانت الأيمان في القسامة خمسين يمينا؟
الطالب : لعظم شأن الدّماء.
الشيخ : نعم، لعظم شأن الدّماء، ولتأكيد جانب؟
الطالب : المدّعي.
الشيخ : المدّعي، تمام، إذا لم يرض أولياء المقتول بأيمان المدّعى عليهم ولم يحلفوا فماذا يكون الحكم يا جمال؟ إذا امتنعوا عن اليمين؟ لا كمال، الليلة صارت الجيم كاف!
الطالب : امتنعوا أن يحلفوا !
الشيخ : امتنعوا أن يحلفوا ، وأبوا أن يرضَوا بأيمان المدّعى عليهم.
الطالب : فإن على الإمام أن يدي المقتول.
الشيخ : إيش؟
الطالب : يدفع لهم الدية .
الشيخ : أن يدفع الدية من أين ؟
الطالب : من بيت مال المسلمين .
الشيخ : من بيت مال المسلمين طيب، فإن لم يكن للمسلمين بيت مال؟ أجب؟ عبد الله؟
الطالب : ليس عليه .
الشيخ : هاه؟
الطالب : ليس عليهم أن يدفع شيء.
الشيخ : إذا لم يكن من بيت المال؟
الطالب : يدفعها الوالي.
الشيخ : الوالي ما عنده شيء وما بيدفع ، طيب.
الطالب : يؤخذ من عامّة المسلمين لئلاّ يضيع دمه .
الشيخ : ما هم قابلين ، يقولون : نحن لسنا عاقلة ولا شيء.
الطالب : ما في جزية ولا شيء ؟
الشيخ : هاه؟
الطالب : ما في جزية ولا شيء ؟
الشيخ : ما فيه جزية ، أو الجزية تروح للمصارف الثانية، قد استنفدت.
الطالب : تسقط الدية .
الشيخ : تسقط الدّية لأنّه ما فيه أحد يتحمّل.
طيب ذكرنا هل يشترط في القسامة أن يدّعوا على شخص معيّن أو تصح الدّعوى ولو على القبيلة عموما؟
الطالب : تصح الدعوى ولو على القبيلة عموما .
الشيخ : ما الدّليل؟
الطالب : الدّليل أنّه قالوا أنّ اليهود هم الذين قتلوا .
الشيخ : أي نعم هل تحفظون سوى ذلك؟ خالد؟
الطالب : لا بدّ أن يكون على معيّن.
الشيخ : على معين واحد وإلاّ أكثر؟
الطالب : واحد.
الشيخ : ما هو الدّليل؟
الطالب : الدّليل ما جاء في بعض الرّوايات : ( يحلف خمسون منكم على رجل منهم ).
الشيخ : على رجل منهم، صحّ، أصل الدّعوى على اليهود لكن لا بدّ أن تعيّن.
فإذا قال: القبيلة هؤلاء قتلوا قتيلنا، نقول: طيب عيّن من الذي قتله؟ ما يمكن يقتلوا القبيلة جميعا، عيّنوا من أجل أن تحلفوا عليه وتستحقّوا دمه.
نرجع الآن إلى درس جديد أخذناه ؟
الطالب : عندنا.
الشيخ : أهل البغي من هم في تعريف الفقهاء؟ خزرج !
الطالب : هم قوم لهم شوكة ومنعة يخرجون على الإمام بتأويل سائغ.
الشيخ : قوم لهم شوكة ومنعة يخرجون على الإمام بتأويل سائغ، هؤلاء هم أهل البغي، فما الواجب على الإمام نحوهم؟
الطالب : يجب عليه أن يقاتلهم.
الشيخ : أن يقاتلهم قبل كلّ شيء؟
الطالب : ويجب على الرعية أن يساعدوه .
الشيخ : لكن يجب أن يقاتلهم قبل أي شيء؟
الطالب : قبل ذلك يجب أن يكاتبهم حتى يعلم إذا كانوا عندهم مظلمة فيصلحها ، فإن أصروا على القتال يقاتلهم .
الشيخ : طيب، إذن الواجب المراسلة قبل كلّ شيء ليكشف ما لديهم من شبهات، أو يدفع ما لهم من مظالم فإن أبوا وأصرّوا قاتلهم، طيب فإن لم يكن لهم شوكة ؟ نعم ؟
الطالب : فهم خوارج .
الشيخ : إي نعم ، نحن ذكرنا ذلك في الدّرس الماضي، لكن الصّواب أنهم يكونون قطاع طريق ، الصواب أنهم قطّاع طريق إذا لم يكن لهم شوكة.
طيب لهم شوكة لكن خرجوا بغير تأويل، يعني عاندوا ورفضوا البيعة وخرجوا، شرافي؟
الطالب : هؤلاء خوارج.
الشيخ : نعم، إذا كانوا؟
الطالب : إذا كان ليس لهم تأويل سائغ.
الشيخ : نعم، ولكن لهم شوكة، فخرجوا على الإمام فهم خوارج، لكن يشترط بالإضافة إلى ذلك: أن يكفّروا المسلمين، يعني يخرجوا عليهم على أنّ الإمام ومن معه كفّار، فهؤلاء خوارج.
طيب هل يجب على الرّعيّة أن تساعد الإمام في قتالهم؟
الطالب : نعم ، يجب على الرّعيّة مساعدة الإمام.
الشيخ : الحاكم في؟
الطالب : في قتال أهل البغي.
الشيخ : أهل البغي، لأنّ الله أمر بذلك، قال: (( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )).
بيان حكم قتال الخوارج.
أظنّ أنّ هذا لم نتكلّم فيه؟
الطالب : لا.
الشيخ : نعم ، هذه المسألة فيها خلاف طويل عريض بين العلماء:
أوّلا: لا بدّ نعرف من الخوارج؟
الخوارج هم الذين خرجوا على الإمام ويعتقدون كفره، يعتقدون أنّه كافر، وليس بتأويل سائغ يقولون: إنّه كافر فيخرجون عليه يقاتلونه مقاتلة الكفّار.
الإمام لا بدّ أن يقاتلهم، فهل هم كفّار يعاملون معاملة الكافرين، وذلك لأنّهم استحلّوا دماء المسلمين المحرّمة بالنّصّ والإجماع؟ أو أنّهم بغاة فسقة يعاملون معاملة البغاة؟
فإذا قال قائل ما الفرق بين معاملة البغاة ومعاملة الخوارج؟
قلنا: الفرق ظاهر، البغاة يقاتلون حتى يفيؤوا إلى أمر الله لقوله تعالى: (( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )) ، وإذا فاؤوا إلى أمر الله تُركوا، والكفّار يقاتلون مقاتلة الحربيين، يعني يقتل من يقاتل منهم، الخوارج قصدي، والخوارج يقاتلون مقاتلة المرتدّين ، إذا قلنا إنّهم كفّار ، فيقتل المقاتل منهم، ويُلحق من يفرّ، و يجهّز على الجريح، وتسبى ذريّتهم، وتغنم أموالهم، كالحربيين تماما، والمسألة هذه فيها خلاف:
فالمشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- : أنّ الخوارج بغاة فسقة، وليسوا كفّارا، فيعاملون معاملة البغاة، إذا انكفّوا كففنا عنهم، ولا نجهّز على الجريح ولا نغنم الأموال ولا نسبي الذّريّة، لأنّهم فسّاق، والفاسق يقاتل على وجه الضّرورة حتى يندفع شرّه وضرره.
القول الثاني يقول: إنّ الخوارج كفّار مارقون عن الإسلام يقاتلون مقاتلة الحربيّين من أهل الكفر، وبناء على هذا القول: يكون كأنّ الذي أمامنا إيش؟ الطالب : كفار .
الشيخ : كأنّ الذين أمامنا مشركون، أو يهود، أو نصارى، إذا قدرنا عليهم قتلناهم، وإذا أدبروا تبعناهم، وإذا جرحوا أثخنا عليهم، ونغنم أموالهم، ونسبي نساءهم وذريّاتهم.
هذا إذا قلنا إنّهم كفّار، وقد اختار صاحب الإنصاف والتّنقيح أنّهم كفّار، وهو إحدى الرّوايتين عن الإمام أحمد -رحمه الله- : أنّهم كفّار مرتدّون، لاستحلالهم دماء المسلمين، وعلى هذا فيعاملون معاملة الكفّار المرتدّين.
قال صاحب الإنصاف : " هذا هو الصّواب الذي ندين الله به " ، واستدلّ بقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( إنّهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة ) ، وحثِّه صلّى الله عليه وسلّم على قتالهم، وهذا يدلّ على كفرهم .لكن الذين قالوا بأنّهم فسقة يعاملون معاملة البغاة قالوا : إنّهم يمرقون من الإسلام ، لكن عندهم شبهة فلا نخرجهم من الدّين إلاّ بيقين ، وعلى هذا القول يعاملون معاملة مَن؟
معاملة البغاة، ولا يعاملون معاملة المرتدّين.
مواصلة المناقشة السابقة.
الطالب : نعم يدلّ على تحريم الخروج على الإمام، هذا فيه تفصيل، إذا كان الإمام لم يأمرهم بمعصية وتقام شعائر الإسلام فيعبر هؤلاء خارجين عن الإسلام، أما إذا كان .
الشيخ : لا أنا أسأل، هل يدلّ على تحريم الخروج على الإمام فقط؟
الطالب : نعم يدلّ.
الشيخ : وجه الدّلالة؟
الطالب : الدّلالة أنّه لم يأمرهم بمعصية الله .
الشيخ : لا، وجه الدّلالة من الحديث؟
الطالب : ( من حمل علينا السّلاح فليس منّا ) ليس منا !
الشيخ : وجه الدّلالة أنّ الرّسول تبرّأ منه فقال: ( ليس منّا )، طيب، مضى علينا أنّ من خرج عن طاعة الإمام فإنّه يموت ميتة جاهليّة فما معنى الميتة الجاهلية؟
الطالب : أنا؟
الشيخ : أي أنت.
الطالب : على قولين : إما أنه على الجاهلية قبل الإسلام ، وإما إنه يموت على جاهلية .
الشيخ : طيب، وهل هذا يدلّ على المدح أو على الذّمّ؟
الطالب : يدلّ على الذّمّ.
الشيخ : يدل على الذم ، طيب هل هذا على عموم من خرج عن الطّاعة؟ نعم؟
الطالب : بل هو مقيّد.
الشيخ : بماذا؟
الطالب : بأن لا يأمرهم بمعصية، لأنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
الشيخ : أحسنت، بأن لا يأمرهم بمعصية، لأنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
طيب فارق الجماعة، ما معنى قوله فارق الجماعة؟
الطالب : فارق الجماعة ؟
الشيخ : أي نعم، فارق جماعة المسلمين، يعني فنقض البيعة التي للإمام، لأنّ من نقض البيعة فقد فارق الجماعة.
طيب ثمّ نبدأ درس الليلة الجديد .
الطالب : الراجح يا شيخ؟
الشيخ : هاه؟ إيش الرّاجح؟ هل هم خوارج؟
الطالب : الخوارج هل هم كفّار أم بغاة؟
الشيخ : نعم، والله أنا أتوقّف فيها في الحقيقة، لأنّ الأحاديث التي فيها أنّهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة تدلّ على أنّهم كفّار، والشّبهة التي ترد على الإنسان في أنّهم إنّما فعلوا ذلك فرارًا من الكفر كما قال عليّ بن أبي طالب في بعض الرّوايات عنه، قال: " إنّهم من الكفر فرّوا " ، فكيف نكفّرهم؟!
فأنا متوقّف في هذا، ونسأل الله تعالى أن لا نراهم حتّى نُلجأ إلى اختيار أحد القولين.
الطالب : شيخ !
الشيخ : نعم.
الطالب : شيخ في الدّرس الماضي قلنا: إذا اختل شرط فإنّهم خوارج.
الشيخ : لا، صحّحوها ، فإنّهم قطّاع طريق.
الطالب : نصحّحها؟
الشيخ : أي نعم ، صحّحوها جزاكم الله خيرا.
الطالب : أحسن الله إليكم ما هي شبهة ذو الخويصرة التّميمي؟
الشيخ : نعم؟
الطالب : أقول ذو الخويصرة التّميمي ما هي شبهته حينما خرج على النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام؟
الشيخ : حينما قال: " إنّك لم تعدل "؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : ما فيه شبهة إلاّ أنّه ظنّ أنّ هذا عدم عدل، ظنّ، وتعرف أنّ البادية والأعراب: (( أشدّ كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ))، مثل ما بعض الأنصار لما قسم الرّسول في غنائم حنين وأعطى المؤلّفة قلوبهم قال بعضهم: إنه الآن وجد قومه فصار يعطيهم وتركنا، فالإنسان بشر.
الطالب : شيخ !
الشيخ : نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : أي نعم.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تقتل عماراً الفئة الباغية ) رواه مسلمٌ.
تقتل عمّارا : المراد به عمّار بن ياسر رضي الله عنه.
الفئة: الطائفة.
الباغية: الخارجة على الإمام، فهذا الحديث فيه إخبار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن أمر غيبيّ مستقبل، وهو علم مِن أعلام نبوّته، لأنّ إخبار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عمّا يُستقبل يدلّ على أنّه أوحي إليه به، لأنّنا لو نظرنا إلى ذات الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لعلمنا علم اليقين أنّه لا يعلم الغيب، لقول الله تعالى: (( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنّي ملك )).
ولقوله: (( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرّا إلاّ ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسّني السوء )) .
فالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يعلم الغيب، فإذا أخبر عن شيء مستقبل كان هذا عَلمًا من أعلام نبوّته، لأنّه من أين جاءه هذا إلاّ عن طريق الوحي.
عمّار بن ياسر رضي الله عنه كان مع جيش عليّ بن أبي طالب حين قاتل معاوية رضي الله عنه، فقتل على أيدي جيش معاوية، وبهذا الحديث النّبويّ نعرف أنّ جيش معاوية هو الفئة الباغية، وأنّ جيش عليّ بن أبي طالب هو فئة أهل العدل، لأنّ العلماء يقولون الباغية ضدّها العادلة ، فالإمام ومن معه هم أهل العدل، ومن يقالتهم هم أهل البغي.
عمّار بن ياسر رضي الله عنه قتله جيش معاوية ، فيستحقّون هذا الوصف، وأمّا ما ذُكر أنّ بعضهم تأوّل الحديث وقال: إنّ الذي قتله عليّ بن أبي طالب لأنّه هو الذي أخرجه فكان سببًا في إخراجه، فإنّ هذا قد رُدّ عليه بردّ مفحم فقيل: إذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو الذي قتل حمزة، لأنّ حمزة بن عبد المطلّب مع جيش الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وقتله المشركون، وهذا إلزام واضح، إذا كان الذي مع الجيش إذا قتله المقابل يكون القاتل صاحب الجيش فهذا يلزم منه أن يكون النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو الذي قتل حمزة بن عبد المطلّب.
ولكن يبقى النّظر كيف كان جيش معاوية الفئة الباغية؟
كان ذلك لأنّه لا شكّ أن عليّا بن أبي طالب أحقّ بالخلافة من معاوية، لكن معاوية رضي الله عنه متأوّل.
وقد قال كثير من العلماء: إنّ سبب القتال الذي جرى بين جيشه وجيش عليّ بن أبي طالب، سببه من الجيش نفسه، في الجيش مَن عندهم نعرة وحميّة جاهليّة فاشتبك النّاس بدون أن يكون هناك رضًا وتأنّي فحصل ما حصل من الشّرّ.
وعلى كلّ حال فأصل خروج معاوية نحن نعتقد أنّه بتأويل، لكنّه بتأويل خاطئ غير صحيح، وعليّ رضي الله عنه أقرب إلى الصّواب من معاوية، لأنّه هو الخليفة، وبعد عثمان بلا شكّ هو الخليفة، فمِن ثمَّ صارت فئته هي العادلة وفئة معاوية هي الباغية.
فما موقفنا نحن من هذا الصّراع الذي حصل بين عليّ بن أبي طالب ومعاوية؟ موقفنا أن نقول كما عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- قال: " هذه دماء طهّر الله أسيافنا منها فيجب أن نطهّر ألسنتنا منها " -رحمه الله- كلام جيّد، نقول: تلك أمّة قد خلت لها ما كسبت ولنا ما كسبنا، الكلام فيهم الآن في أعيانهم وأشخاصهم لا يفيد، (( ردّوا إلى الله مولاهم الحقّ )) ، والله تعالى يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون.
أما نحن فعندنا قواعد شرعيّة، الإمام الذي بويع له بالإمامة هو صاحب الحقّ في أيّ زمن كان، ومن خرج عليه فهو الباغي في أيّ زمان ومكان.
أمّا أن نجعل بيننا عداوة مِن أجل أنّ معاوية خرج على عليّ بن أبي طالب وأنّ عليّاً قاتله وما أشبه ذلك، فإنّ هذا من الخطأ، ولا يمكن أن يسلكه ناصح للأمّة الإسلاميّة أبدًا، بل لا يسلكه إلاّ من أراد أن يشقّ عصا المسلمين، ويوقع الفتنة بينهم، وإلاّ فنحن نقول ما علينا من هؤلاء، هؤلاء إن كانوا مصيبين فلهم أجران وإن كانوا مخطئين فلهم أجر واحد، ونحن نحسن الظّنّ بصحابة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ونرى أنّ معاوية رضي الله عنه أحد كتّاب الوحي ائتمنه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام على كتاب الله وعلى وحي الله، والأصل بقاء ما كان على ما كان، فنحن لا يهمّنا ما حصل، الذي يهمّنا القاعدة الشّرعيّة وهي: أن من بويع له بالإمامة فهو الإمام، ومن خرج عليه فهو الباغي، وبهذا نسلم.
ونقول: نصلح أنفسنا اليوم وأمّا ما مضى فأمره إلى الله عزّ وجلّ.
4 - وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تقتل عماراً الفئة الباغية ) رواه مسلمٌ. أستمع حفظ
فوائد حديث :( تقتل عماراً الفئة الباغية ).
أوّلا: علم من أعلام نبوّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم هو إخباره بالغيب.
ومن فوائد هذا الحديث: بيان أنّ الفئة التي كان فيها عمّار هي الفئة العادلة وهي فئة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ومن فوائده: الإشارة إلى أنّ الفئة أخرى هي الفئة الباغية، لأنّها خرجت على الخليفة.
قال: " وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " .
الطالب : الأسئلة .
الشيخ : نعم؟ جاء وقت الأسئلة؟
الطالب : نعم .
هل يطلق على معين بأنه باغي ؟
الشيخ : باغٍ؟
السائل : معيّن.
الشيخ : لا نطلق على المعيّن بأنّه باغٍ لكن يطلق على العموم بأنّهم بواغي.
هل القول بأن حديث: ( تقتل عمارا الفئة الباغية ) فيه علة وهي أنه يستبعد أن لا يصل إلى معاوية رضي الله عنه؟
الشيخ : نعم .
السائل : ولترك القتال .
الشيخ : إي نعم ، الأخ يقول: هذا الحديث معلول، حديث: ( تقتل عمّارا الفئة الباغية )، العلّة أنّه لو كان هذا صحيحا لانتشر وبلغ معاوية وصار هذا قاطعا للنّزاع ، فهل هذه العلّة صالحة للطّعن في الحديث؟
الجواب: لا، وإلاّ بعض الناس قال هكذا ، نقول: ليست بقادحة في الحديث، لأنّه من الجائز أنّ معاوية لم يبلغه هذا، وما أكثر الأحاديث التي تخفى على الأفاضل والأكابر، فها هو حديث الطاعون خفي على مَن؟
السائل : عمر بن الخطاب.
الشيخ : على عمر والصّحابة، عمر والمهاجرين والأنصار وكلّ من معهم في الجيش، حتى جاء عبد الرحمن بن عوف وأخبرهم بذلك.
السائل : يا شيخ ما يبعد على الصّحابة إنه ما يبلغهم العلم في مثل هذا الموقف لأنّ الفتنة كبيرة؟
الشيخ : ربّما يكون، ربّما يخفى، وربّما إذا جاء من فريق جيش عليّ يَقدح فيه جيش معاوية يقولون: هؤلاء يشهدون لأنفسهم فلا نقبل.
7 - هل القول بأن حديث: ( تقتل عمارا الفئة الباغية ) فيه علة وهي أنه يستبعد أن لا يصل إلى معاوية رضي الله عنه؟ أستمع حفظ
ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى قال معاوية بلغه الحديث والذي أورد عليه قتل عمار هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه ؟
الشيخ : نعم.
الطالب : وأنّ الذي أورد عليه قتل حمزة هو عمرو بن العاص.
الشيخ : إيش؟
الطالب : وأنّ الذي أورد عليه قتله عمرو.
الشيخ : نعم، نعم.
الطالب : عمرو بن العاص.
الشيخ : أي نعم.
الطالب : فيكون بالغا له الحديث، ذكره الشّيخ رحمه الله.
الطالب : وكذا في: *البداية والنّهاية*.
الشيخ : إيه، أنّه بلغه الحديث؟
الطالب : نعم، قال عمرو بن العاص: " إنّما قتله من جاء به " ، فردّ عليهم عليّ هو نفسه الذي ردّ عليه.
الشيخ : إيه.
الطالب : قال: " إذن رسولكم هو الذي قتل عمّه حمزة ".
الشيخ : على كلّ حال يبقى هذا الأمر مشكلا : أنّه يبلغ معاوية ويستمرّ، لكن لعلّ المخرج من ذلك أن نقول: إنّ الجيش لم يكن باستطاعة معاوية أن يوقفهم حين خرجوا وتأهّبوا، والفتنة نسأل الله العافية مثل النار لا يستطيع الإنسان أن يطفئها بسهولة.
الطالب : يا شيخ الذي أبلغه عبد الله بن عمرو بن العاص.
الشيخ : نعم.
الطالب : وأبلغه بعد أن قُتل عمّاراً هكذا في *البداية والنّهاية لابن كثير.
الشيخ : هو على كلّ حال ما يمكن إبلاغه إلاّ بعد قتله، يعني لا يمكن أن يطبّق الحديث إلاّ بعد قتله وبعد وقوع الفتنة، لكن هل انكفّوا بعد هذا الحديث؟
نعم على كلّ حال كما قلت لكم أوّل : هذه فتنة يجب علينا أن نطهّر ألسنتنا منها، ونقول: الحمد لله على العافية، نحن نقول: إن كان معاوية رضي الله عنه بلغه الخبر قبل القتال ولكنّه صمّم عليه فهذه زلّة نسأل الله أن يعفو عنه.
وإذا كان لم يبلغه إلاّ بعد ما انتهى القتال فهذا عذرٌ له ولكنّه ومع ذلك عليّ أقرب منه للصّواب.
8 - ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى قال معاوية بلغه الحديث والذي أورد عليه قتل عمار هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه ؟ أستمع حفظ
هل لو كفر الخوارج جماعة المسلمين وإمامهم هل هم كفارا ؟
الشيخ : إي نعم، نعم نعم كفّار، إذا خرجوا على الإمام وقالوا: نحن نرى أنّ الإمام كافر وأنّ المسلمين الذين معه كفّار، كفّار، نعم.
السائل : شيخ؟
الشيخ : خلاص؟
السائل : باقي.
الرسول صلى الله عليه وسلم صرح في الخوارج بقوله ( يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ) ....؟
السائل : عفا الله عنك الرّسول صلّى الله عليه وسلّم صرّح في الخوارج بقوله: ( يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة ).
الشيخ : نعم.
السائل : الرّسول صلّى الله عليه وسلّم يقصد التشبيه .
الشيخ : نعم.
السائل : وكما ذكر عن حاطب رضي الله عنه وأرضاه لما الصحابة كبر عليهم ما فعل حاطب ، وذكر يوم أنه قال : إنه كان في بدر يذبح الكفار ، قال إنه من أهل النار ، وكلام الرّسول صلّى الله عليه وسلّم يؤخذ على العموم لأنه خبر ما يخاض في التأويل .
الشيخ : يعني أنت ترى أنهم كما يرى صاحبكم ؟
السائل : لا، أنا .
الشيخ : لا لا ، ما يخالف، لا مانع، أنا في الواقع أنا متوقّف فيها .
السائل : لأنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم صرّح تصريحا واضحا.
الشيخ : لأنّ الأدلّة متكافئة ، لكن صاحب الإنصاف قال: " الذي ندين الله به أنّ الخوارج كفّار وهو الصواب بلا ريب ".
السائل : انتهى الوقت.
10 - الرسول صلى الله عليه وسلم صرح في الخوارج بقوله ( يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ) ....؟ أستمع حفظ
إذا اختل الشرط الأول فقط في تعريف البغاة فهم كفار وأما إذا اختل الشرط الثاني فهم خوارج لأن قطاع الطرق أي تأويل لهم سائغ في ذلك ؟
الشيخ : كلّها.
السائل : فإنّهم خوارج.
الشيخ : لا، كلّها، لا.
السائل : لأنّ يا شيخ قطّاع الطرق أي تأويل لهم ليقطعوا به الطّريق؟
الشيخ : لا، هو حكمهم، يعني حكمهم حكم قطّاع طريق، وليس المعنى أنّ هم قطّاع طريق، نعم حكمهم حكام قطاع الطريق، يعني يعاملون معاملة.
11 - إذا اختل الشرط الأول فقط في تعريف البغاة فهم كفار وأما إذا اختل الشرط الثاني فهم خوارج لأن قطاع الطرق أي تأويل لهم سائغ في ذلك ؟ أستمع حفظ
نقل كلام شيخ الإسلام عن قضية قتل الفئة الباغية لعمار .
الشيخ : نعم، طيب، تقرأه علينا؟
الطالب : كلام يسير بس.
الشيخ : طيب اقرأ ما يحتاج.
الطالب : ما يحتاج .
الشيخ : ما يحتاج.
الطالب : قال في الفتاوى .
الشيخ : صفحة؟ جزء؟
الطالب : الجزء: 35.
الشيخ : نعم.
الطالب : والصّفحة 76 ، قال -رحمه الله-: " ثمّ إنّ عمّارا تقتله الفئة الباغية ليس نصًا في أنّ هذا اللّفظ لمعاوية وأصحابه، بل يمكن أنه أريد به تلك العصابة التي حملت عليه حتى قتلته، وهي طائفة من العسكر، فمن رضي بقتل عمّار كان حكمه حكمها، ومن المعلوم أنّه كان في المعسكر من لم يرغب بقتل عمّار كعبد الله بن عمرو بن العاص وغيره، بل كلّ الناس كانوا منكرين لقتل عمّار حتى معاوية وعمرو، ويروى أنّ معاوية تأوّل أنّ الذي قتله هو الذي جاء به دون مقاتليه، وأنّ عليّا ردّ عليه هذا التّأويل بقوله: " فنحن إذن قتلنا حمزة " ، ولا ريب أنّ ما قاله عليّ هو الصّواب ".
الشيخ : نعم.
الطالب : وذكر في مواضع عديدة في: *منهاج السّنّة النّبويّة، كلاما يعني على القضيّة، أي نعم.
الشيخ : إي لكن الكلام هل إنّه علم به قبل قتله وإلاّ بعد؟
الطالب : هذا ما اطّلعت على شيء منه.
الشيخ : هذا ما فيه إشكال إذا كان بعد، الإشكال إذا كان قبل وأقدم على القتال، أي نعم.
الطالب : بالتّأويل الذي قال عنه شيخ الإسلام أنّ العصابة التي فقط التي اجتمعت على قتله.
الشيخ : ما هو الدّليل؟
الطالب : لكنّه ذكر أحسن الله إليكم أنّ كثيرا من الصّحابة الذين امتنعوا من القتال من القتال كأسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقّاص، إنّما رأوا أنّ هذا قتال فتنة، والذين كانوا مع عمّار قالوا إنّ النّبيّ صلّى الله قال تقتله الفئة الباغية فهو إذن من أهل العدل فنقاتل معه من الصّحابة.
الشيخ : نعم.
الطالب : وربّما هذا يشعر بعلم معاوية بالقضيّة.
الشيخ : مهو على كلّ حال مو بلازم، على كل حال : تأويل باطل يقول: تقتل عمّارا الفئة الباغية أي الباغية لقتله.
الطالب : ذكر هذا.
الشيخ : هذا ما له فائدة الحقيقة ، ما له فائدة .
الطالب : ذكر كلام الأئمّة في الحديث وأنّ بعضهم طعن في الحديث، ومنهم الإمام أحمد في أوّل الأمر.
الشيخ : نعم.
الطالب : وفي آخر الأمر أنّ الإمام -رحمه الله- يرى أنّ الحديث صحيح.
الشيخ : نعم.
الطالب : تفصيل هذا .
الشيخ : هو على كلّ حال فتنة، ونحن حتى ولو لم يرد هذا الحديث فنحن نرى أنّ عليّ بن أبي طالب أقرب إلى الصّواب من معاوية ، لكن معاوية متأوّل وطالب بدم عثمان ويقول: لا بدّ أنّهم يقتلون قبل مبايعة علي .
الطالب : ردّ الشّيخ على هذا وقال: حتى معاوية لمّا قدر وتولّى الخلافة لم يقتل قتلة عثمان .
الشيخ : ما فيه شكّ، الفتن الفتن، نسأل الله العافية، لا تبقي ولا تذر ، هذا الذي يجعلنا الآن نحبّذ جدّا السّكوت عن مساوئ ولاة الأمور ومناصحتهم سرّا، لأنّ العامّة ما يفهمون إلاّ رجل أمامك من ولاة الأمور تناقشه هذا شيء ثاني، الفتنة إذا قامت نسأل الله العافية عميت، لا تفرّق بين صحيح فقير، تسميع وإلاّ درس؟
الطالب : تسميع.
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين نبيّنا محمّد وعلى آله والتّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدّين :
نقل الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في كتابه بلوغ المرام : " باب قتال أهل البغي:
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( هل تدري يا ابن أم عبدٍ كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: لا يجهز على جريحها، ولا يقتل أسيرها، ولا يطلب هاربها، ولا يقسم فيئها ) رواه البزار والحاكم وصححه فوهم، لأن في إسناده كوثر بن حكيمٍ وهو متروكٌ، وصح عن علي من طرقٍ نحوه موقوفاً، أخرجه ابن أبي شيبة وعن عرفجة " .
الشيخ : والحاكم.
القارئ : " والحاكم.
وعن عرفجة بن شريح رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقول: ( من أتاكم وأمركم جميعٌ يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه ) أخرجه مسلمٌ ".
مناقشة ما سبق.
الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين:
حمل السّلاح على المسلم من أيّ أنواع الذّنوب؟
الطالب : من الكبائر.
الشيخ : من الكبائر، ما الدّليل؟
الطالب : قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( من حمل علينا السّلاح فليس منّا ).
الشيخ : نعم.
الطالب : وهذا الوعيد لا يكون إلا في الكبيرة .
الشيخ : إلاّ بالكبائر، طيب، هل المراد بالحمل حمل السّلاح إستعراضه أو القتال به؟
الطالب : القتال به.
الشيخ : المراد القتال به، ولهذا قال: ( علينا ) .
قوله: ( من خرج عن الطّاعة ) أيّ طاعة هي؟
الطالب : ولي الأمر.
الشيخ : طاعة وليّ الأمر.
الطالب : نعم.
الشيخ : وهل هذا على إطلاقه؟
الطالب : لا، طاعته في معروف.
الشيخ : الطاعة بالمعروف، ما الدّليل؟
الطالب : قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ).
الشيخ : وإنّما الطاعة؟
الطالب : الطاعة في المعروف.
الشيخ : طيب، ما المراد بقوله: ( فارق الجماعة )؟ أحمد؟
الطالب : جماعة المسلمين.
الشيخ : يعني في المساجد؟
الطالب : لا
الشيخ : هاه؟
الطالب : مفارقة الأمّة.
الشيخ : يعني؟
الطالب : التابعة للإمام.
الشيخ : الجماعة يعني الاجتماع على الإمام من فارقهم مات ميتة الجاهلية. هل المراد من جمع بين الأمرين يا كمال أو من فعل واحدًا منهما؟
الطالب : من فعل واحدا منهما.
الشيخ : من فعل واحدًا منهما، يعني من خرج عن الطاعة فمات؟
الطالب : مات ميتة الجاهلية.
الشيخ : ومن فارق الجماعة؟
الطالب : مات ميتة جاهليّة.
الشيخ : طيب ، هذا هو الظاهر يعني ليس بشرط أن يجتمع في حقه الأمران. تقتل عمّار الفئة الباغية فيه ما يشهد للفصل بين المتقاتلين ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : كيف ذلك؟
الطالب : يقتل عمّارا الفئة الباغية ، فإنها إن كانت باغية تخرج على ولي الأمر.
الشيخ : لا لا، عمّار مع فئة.
الطالب : فئة أخرى باغية تخرج على الإمام .
الشيخ : في هذا الحديث ما يحكم بأحد المتقاتلين، نعم؟
الطالب : يعني أن الفئة التي مع علي أنها على حقّ.
الشيخ : نعم، أنّ فئة عليّ كانت على الحقّ، وأنّ فئة معاوية كانت باغية، طيب، هل يلزم من البغاء التأثيم؟ شرافي؟
الطالب : نعم يا شيخ، نعم.
الشيخ : يلزم التّأثيم.
الطالب : الباغي آثم لا بد .
الشيخ : إذن معاوية آثم؟
الطالب : لا، متأوّل هو.
الشيخ : طيب إذن؟
الطالب : لا يلزم.
الشيخ : لا يلزم من البغي التأثيم، قد يكون الفعل باغيا والفاعل غير باغٍ للتأويل، طيب انتهى الكلام على المناقشة فيما سبق.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل تدري يا ابن أم عبدٍ كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟ ) قال: الله ورسوله أعلم، قال: ( لا يجهز على جريحها، ولا يقتل أسيرها، ولا يطلب هاربها، ولا يقسم فيئها ) رواه البزار والحاكم وصححه فوهم، لأن في إسناده كوثر بن حكيمٍ وهو متروكٌ، وصح عن علي من طرقٍ نحوه موقوفاً، أخرجه ابن أبي شيبة والحاكم.
" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل تدري يا ابن أم عبدٍ كيف حكم الله ) " :
هذا الحديث فيه إشكال، الحديث الآن من مسند ابن عمر، والخطاب من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقتضي أنّه يخاطب عبد الله بن مسعود، لأنّه هو المشهور بهذه الكنية، فما هو المخرج؟
المخرج نقول: لعلّه أي: ابن عمر يكنّى بهذه الكنية ولكن لم يشتهر بها وهذا ضعيف، أو يقال: لعلّ ابن عمر رواه عن ابن مسعود وحبس الواسطة بينه وبين الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وكان الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يخاطب في الأوّل؟
الطالب : ابن مسعود.
الشيخ : ابن مسعود، الأمر الثالث وهو خير من ذلك كلّه: أنّ الحديث متروك، وحينئذ نستريح، لكن على تقدير صحّته وهي بعيدة يكون فيه الإحتمالان السابقان.
قال: ( تدري كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمّة؟ قال: الله ورسوله أعلم ): فيمن بغى:
ذكر الله سبحانه وتعالى البغي في القرآن في طائفتين مقتتلتين تحت راية إسلاميّة، لقوله: (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي )) ، والغالب أنّه إذا خوطب بالجمع في مثل هذا أنّه يخاطب به أهل الحلّ والعقد، فالبغي الذي في القرآن بين طائفتين مقتتلتين تحت إيش؟
الطالب : راية واحدة.
الشيخ : تحت إمرة واحدة، خلافة إسلاميّة أو إمامة إسلامية، لكن قد تكون الباغية مع نفس الإمام أو الخليفة الشّرعي، تبغي عليه، فأيّا كان الباغي له الحكم الآتي :
قال: ( الله وسوله أعلم ) : أعلم هنا مفرد وهو خبر عن اثنين، الله ورسوله أعلم وذلك لأنّ اسم التّفضيل يلتزم فيه الإفراد والتّذكير إذا كان على تقدير من، أما إذا لم يكن على تقدير من، فإنّه يكون مطابقا للموصوف، فتقول: زيد وعمرو الأفضلان، ولا تقول: الأفضل، وتقول: زيد وعمرو أفضلان وليس على تقدير من ، أما إذا كان على تقدير أفضل من كذا أو أعلم من كذا فإنّه يلتزم فيه الإفراد والتّذكير.
قال: ( الله ورسوله أعلم ) : وهكذا ينبغي للإنسان إذا سئل عن شيء لا يعلمه أن يقول: الله ورسوله أعلم في الأمور الشّرعيّة يقوله الآن وقبل الآن، أما في الأمور الكونيّة فيقول: الله أعلم فقط.
والفرق أنّ الأمور الكونيّة علمها علم غيب محض، والرّسول عليه الصّلاة والسّلام ليس عنده من علم الغيب إلاّ ما أعلمه الله.
أما الأمور الشّرعيّة فعلمها علم شرع والرّسول عليه الصّلاة والسّلام أعلم النّاس بالشّرع حتى وإن كان ميّتا، فهو أعلم النّاس بالشّرع، فيجوز أن أقول الآن في حكم شرعي: الله ورسوله أعلم، أما لو قيل لي: هل يقدم فلان غدا فماذا أقول؟ الله أعلم فقط.
قال يعني في حكم الله : ( لا يجهز على جريحهم ) يعني أنّ الجريح من البغاة لا يقتل يترك، ولكن هل يداوى؟ نعم يداوى يعني يسعف، له حرمة ولذلك لم يجهز عليه بخلاف لو جرح كافر حربيّ فإنّنا إيش؟ نجهز عليه نقتله.
( ولا يقتل أسيرها ) : الأسير من الأمّة الباغية أو من الفئة الباغية لا يقتل، والأسير فعيل بمعنى مفعول أي: المأسور الذي أسرناه حيّا فإنّه لا يقتل، لماذا؟ لأنّه مسلم حرمته باقية، وإنّما جاز قتال الفئة الباغية لدفع شرّها فقط.
وأمّا أسير الكفّار المحاربين فإنّه إن كان من النّساء أو الذّريّة فهو رقيق، بمجرّد السّبي يكون رقيقا أي: مملوكا، وإن كان من المقاتلين خيّر فيه الإمام بين أمور أربعة:
القتل، والفداء بنفس أو مال، والثالث: المنّ مجانا، والرّابع: الإسترقاق على خلاف في الرابع .
هذا حكم الأسير المقاتل من المحاربين الكفّار، فإذا أسرنا من المحاربين الكفّار فلنا الخيار : إمّا أن نقتله صبرا فورًا ، وإمّا أن نمنّ عليه بدون شيء ، نقول : اذهب أنت طليق، وإمّا أن نفادي به بمال أو منفعة، أو أسير مسلم، وش معنى بمال؟
يعني نقول: نفكّ أسرك وتعطينا مثلا مائة ألف.
أو منفعة: نفكّ أسرك وتعلّمنا كيف نشغّل هذه الطائرة أو الدّبّابة التي غنمناها منكم، لأنّه ربما يكون عليما بها ونحن لا نعلم، وكما فعل النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام بأسرى بدر حيث طلب منهم أن يعلّموا صبيان أهل المدينة الكتابة. الثالث: أو فداء أسير مسلم: يكون عندهم أسرى لنا نقول: يلاّ أعطونا أسرانا ونعطيكم أسراكم.
الرّابع إيش؟ الإسترقاق : بأن يسترقّه الإمام كما يسترقّ النّساء والذّريّة وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء : منهم من أجازها ومنهم من قال: لا تجوز. ومع ذلك فإنّه لا ينبغي المنّ إلاّ إذا أثخن المسلمون بالقتال كما قال الله تعالى: (( ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض )) ، لأنّ القتل أنكى للعدوّ ، (( تريدون عرض الدّنيا والله يريد الآخرة )).
طيب البغاة؟
الطالب : لا يسترق .
الشيخ : لا يسترق أسيرهم ولا يقتل، الخوارج؟
الخوارج إن قلنا: بكفرهم فهم كالكفّار الحربيين، وإن قلنا: بعدم كفرهم فهم كالبغاة، طيب.
قال: ( ولا يطلب هاربها ) : الهارب من البغاة لا يطلب لأنّ المقصود إيش؟
الطالب : كفهم .
الشيخ : المقصود كفّ شرّه، كفّ شرّ هذه الفئة، والهارب ليس منه شرّ، واختلف العلماء فيما إذا هرب إلى فئة، إلى فئة من قومه ليقويّهم ويأتي بهم، هل يُطلب أو لا يطلب؟
فمن نظر إلى ظاهر هذا الأثر قال إنّه؟
الطالب : لا يطلب.
الشيخ : لا يطلب، ومن نظر إلى المعنى قال: إنّه يطلب، والصّحيح النّظر إلى المعنى، وأنّنا إذا علمنا أنّ هذا الهارب هرب إلى فئة أخرى ليأتي بها إلينا فإنّنا نطلبه، نأسره حتى يكفّ شرّه.
( ولا يقسم فيئها ) الفيء: ما غنم منهم من سلاح ومتاع، وغير ذلك، لا يقسم أي : كما تقسم الغنائم كما لو كانت من أهل الحرب الكفّار، فإنّ غنائم الكفّار تقسم، تقسم أوّلا خمسة أسهم، سهم من هذه الخمسة، يقسم خمسة أسهم أيضًا، (( واعلموا أنّما غنمتم من شيء فأنّ لله خمسه وللرّسول )) وهذا واحد، (( ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل )) خمسة أسهم، الخمس يقسم خمسة يوزّع هكذا، والذي لله ورسوله يحعل في الفيء أي: في المصالح العامّة للمسلمين، وذووا القربى:
قيل: إنّهم قرابة الرّسول وهو الصّحيح.
وقيل: قرابة الوالي ولكنّه مرجوح.
الأربعة الأخماس الباقية أين تصرف؟
تصرف للغانمين، للراجل سهم وللفارس ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه، هذا في غنيمة من؟
الطالب : الكفار.
الشيخ : الكفّار الحربيّين، أما البغاة فإنّه لا يقسم فيؤهم، بل يبقى مالهم لهم يردّ عليهم.
فإن جُهل مالكه جعل في بيت المال، وإن علم مالكه سلّم إليه.
قال: " رواه البزّار والحاكم وصحّحه فوهم " :
الحاكم صحّح الحديث ولكنّه وهم، أي: وقع في الوهم يعني في الغلط، لماذا؟ قال: " لأنّ في إسناده كوثر بن حكيم وهو متروك " :
في المصطلح أنّ معنى قوله متروك، أي متروك الرّواية لتهمته بالكذب، لأنّه متّهم بالكذب، فمن اتّهم بالكذب سمّي متروكًا تترك روايته ، وهو أشدّ من الفاسق تترك روايته لكنّه ليس كالمتّهم بالكذب ، لأنّ المتّهم بالكذب عيبه في صميم موضوع الخبر، يعني يتعلّق بصميم الموضوع بخلاف الفاسق ، فإنّ فسقه عامّ. لكن يقول: " وصحّ عن عليّ نحوه موقوفاً أخرجه ابن أبي شيبة والحاكم " : صحّ عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه موقوفا: أي: من قوله.
وقوله رضي الله عنه هو محض القياس، يعني هذه الأحكام الآن ثابتة، لكن هل ثبتت بحديث مرفوع أو موقوف؟
نقول: ثبتت بحديث موقوف، لكنّه محض القياس، والموافق للحكمة، وعليّ رضي الله عنه أحد الخلفاء الرّاشدين الذين لهم سنّة متّبعة حتى وإن لم نعلم حكمتها إذا لم تخالف سنّة الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
وعلى هذا فالأحكام الموجودة ثابتة.
أرجو الآن أن نأخذ من هذا الأثر الفوائد،، انتهى الوقت؟
الطالب : نعم .
الشيخ : دخل الوقت؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب.
14 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل تدري يا ابن أم عبدٍ كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟ ) قال: الله ورسوله أعلم، قال: ( لا يجهز على جريحها، ولا يقتل أسيرها، ولا يطلب هاربها، ولا يقسم فيئها ) رواه البزار والحاكم وصححه فوهم، لأن في إسناده كوثر بن حكيمٍ وهو متروكٌ، وصح عن علي من طرقٍ نحوه موقوفاً، أخرجه ابن أبي شيبة والحاكم. أستمع حفظ
سؤال عن قوله صلى الله عليه وسلم ( ... ولا يطلب هاربها ... )؟
السائل : في قوله ( ولا يطلب هاربها ).
الشيخ : نعم.
السائل : قلنا إذا علمنا، والحقيقة أنّ الهارب، ما يهرب إلا بعد أن يقبض عليه و ؟
الشيخ : لا لا، ما يمكن يقتل لأنّه مسلم.
السائل : قلنا يا شيخ إذا علم .
الشيخ : إذا علم فإنّه يطلب، لكن لا يطلب يقتل ويحصر حتى يقتل .
السائل : كيف يعلم !
الشيخ : إذا علمنا أنّ هناك فئة وراء الأكمة، أو وراء الجبل مثلا.
قلنا إن النساء والذرية يتركون لكن في الوقت الحاضر قد تكون المرأة محاربة وتقود الطائرة ؟
الشيخ : نعم شرافي؟
السائل : بارك الله فيك، قلنا إنّ النّساء والذّريّة يتركون، ولكن في الوقت الحاضر قد تكون بعض النّساء أفضل من الرّجال، قد تكون مسلّحة، وقد تكون طيّارة، قد تكون عندها صناعات وما أشبه ذلك؟
الشيخ : أحسن، ولو كانت في قسمك تكون طيّبة يا محمّد!
السائل : يا ليت! لكن يا شيخ قد تكون خطيرة .
الشيخ : لا، الرّقيق ما يقدر يتحرّك، لكن على كلّ حال يجب أن تلاحظ هذا، الشّيخ الفاني والكبير وما أشبه ذلك ذكروا أنّهم لا يقتلون إلاّ إذا كان لهم رأي في الحرب أو مكيدة، والنّساء كما قلت لك: تسترقّ، نعم.
السائل : شيخ بارك الله فيكم في القديم كان يعطى للفرس سهمين وللفارس سهم، وللراجل سهم !
الشيخ : نعم.
السائل : هذا في القديم، الآن يا شيخ الطيّار بطيارته يأخذ من الأعطيات أكثر ؟!
الشيخ : نعم، هذا وجيه نعم، أي نعم، الإنسان الذي يقود الطائرات القاذفات مو مثل الذي على الدّبّابة أو على سيّارة عاديّة ما فيه شكّ، يعني الفرس يقابل الطّيّارة النفّاثة، يأخذ أكثر، سعد؟
16 - قلنا إن النساء والذرية يتركون لكن في الوقت الحاضر قد تكون المرأة محاربة وتقود الطائرة ؟ أستمع حفظ
سؤال عن بعض أحكام المغانم ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : الغنائم في الوقت الحاضر اختلفت عن غنائم قبل !
الشيخ : نعم.
السائل : مثل الطائرة كيف نعطيها لرجل، تكون فائدتها في الجيش أكثر!
الشيخ : لا، هو بارك الله فيك في الغنائم حتى لو غنمها واحد ما تكون له ، الغنيمة إذا غنم الإنسان شيئا ولو نعلاّ واحدة فهي في جملة المغنم.
السائل : طيب يا شيخ الآن لو كانت رواتب للجنود .
الشيخ : إيش؟
السائل : ... ياخذوه من الفيء ؟
الشيخ : حسب رأي الإمام، نعم؟
هل يقال إن الإمام ينفل قائد هذه الطائرة أكبر من غيره ؟
الشيخ : كيف ينفل ؟
السائل : يعني ينفّلهم زيادة في الطائرة مثلا ولا يقال: إنّه يأخذ مثل الفرس لأنّ الدّبّابة ألصق بالفرس منها بالطائرة يعني أشبه بالقياس .
الشيخ : سبحان الله!
السائل : الدّبّابة التي تدبّ ..
الشيخ : لا إله إلاّ الله، الدّبّابة أشبه منها إلى الجمل، نعم؟
هل حكم المرتدين كحكم المحاربين ؟
قال: ثم لم ينقضي عصر الصّحابة حتى أجمعوا على منع ذلك، فهل هذا الإجماع حجّة؟
الشيخ : هذا في المرتدّين؟
السائل : نعم.
الشيخ : هذا في المرتدّين الذين قاتلهم أبو بكر رضي الله عنه، أمّا الحربيّون بالإجماع، (( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فللّه ولرسوله )) معروف.
السائل : هل الحكم هذا صحيح ؟
الشيخ : هاه؟
السائل : فهل الحكم هذا على المرتدّين صحيح؟ بالنّسبة للمرتدّ؟
الشيخ : الصّحابة رضي الله عنهم سألوا هذا لأنّهم يرونهم متأوّلين، نعم؟
هل للإمام أن يطبق على البغاة آية الحرابة ؟
الشيخ : هاه؟
السائل : هل للإمام أن يطبّق على البغاة آية الحرابة؟
الشيخ : على إيش؟
السائل : على البغاة آية الحرابة؟
الشيخ : على البغاة لا، البغاة : قوم لهم شوكة ومنعة، ونحن ذكرنا إذا اختلّ شرط من الشّروط التي ذكرناها صار حكمهم حكم قطّاع الطريق الذين هم أهل الحرابة.
السائل : شيخ؟
الشيخ : نعم.
الحافظ يقول رواه الحاكم وصححه وقد وهم والحافظ في التلخيص الحبير يقول الحاكم سكت على هذا الحديث فكيف الجمع ؟
الشيخ : نعم.
الطالب : أنّه سكت عليه وما صحّحه.
الشيخ : أي نعم.
الطالب : فكيف الجمع؟
الشيخ : لعلّها فيه نسختين للحاكم، أو تكلّم عليه كلام خارج المستدرك.
الطالب : ...
الشيخ : كمّل.
الطالب : لفظ الحديث؟
الشيخ : أي نعم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المصنّف -رحمه الله تعالى-: " عن ابن عمر رضي الله عنهما " .
الشيخ : فيما نقله.
القارئ : " فيما نقله عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل تدري يا ابن أمِ عبدٍ كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: لا يُجهز على جريحها، ولا يقتل أسيرها، ولا يطلب هاربها، ولا يقسم فيئها ) رواه البزار والحاكم وصححه فوهم، لأن في إسناده كوثر بن حكيمٍ وهو متروكٌ، وصحَّ عن علي من طرقٍ نحوه موقوفاً، أخرجه ابن أبي شيبة والحاكم " :
الشيخ : بسم الله الرحمن الرّحيم:
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين:
الحديث هذا ( هل تدري يا ابن أمّ عبد ) وجدته في القرطبي: ( هل تدري يا عبد الله؟ ) ، فإذن لا بدّ أن يرجع إلى الأصول إذا كان أحد عنده أصل الحاكم أو البزّار فليراجعه ويعلّمني.
21 - الحافظ يقول رواه الحاكم وصححه وقد وهم والحافظ في التلخيص الحبير يقول الحاكم سكت على هذا الحديث فكيف الجمع ؟ أستمع حفظ
فوائد حديث :( هل تدري يا ابن أم عبدٍ كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟ )... ؟
الفائدة الأولى: عرض المسائل على الطالب للتّنبيه لقوله ( هل تدري كيف حكم الله؟ ).
ومنها أنّ الإنسان إذا كان لا يعلم يقول: الله ورسوله أعلم وهو أحسن من قوله لا أعلم، وإن كان لا أعلم لا بأس بها وهي كما قيل: نصف العلم، لكن إذا قال: الله ورسوله أعلم كان هذا ألصق في الجواب وفي إسناد العلم إلى عالمه وهو الله عزّ وجلّ ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ البغاة لا يجوز الإجهاز على جريحهم لقوله: ( لا يجهز على جريحهم ) وذلك لأنّهم لم يكفروا وإنّما خرجوا بتأويل.
ومن فوائده: أنّه أيضا لا يقتل أسير البغاة، وإنّما يؤسر حتى تنطفئ الفتنة ثمّ يطلق.
ومن فوائده: أنّه لا يطلب هارب البغاة بخلاف هارب الحربيّين فإنّه يطلب فيقتل، قلنا: إنّ بعض العلماء استثنى ما إذا هرب إلى طائفة يقوّيها فحينئذ يطلب ولكن لا يقتل، يؤسر حتى تزول الفتنة.
ومن فوائد الحديث أيضا: أنّه لا يقسم ما غنم من أموالهم لقوله: ( ولا يقسم فيئها ) ، ولكن ماذا نعمل به؟
يردّ إلى صاحبه إن كان معلوماً ، وإلاّ صرف في بيت المال.
ومن فوائد الحديث: الإشارة إلى أنّه لا ضمان بين أهل العدل والبغاة فيما تلف من نفس ومال، بمعنى: أنّهم لا يضمنون ما أتلفوا لنا من الأنفس والمال ولا نضمن ما أتلفنا لهم من الأنفس والمال، وهذا هو الذي حصل من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ التّأويل له شأن في تغيير الحكم، فمثلا هؤلاء الذين قاتلوا المسلمين لما كان قتالهم بتأويل كان لهم هذه الأحكام، ولو خرجوا بغير تأويل لكان لهم أحكام أخرى غير هذه، ولوجب عليهم أن يضمنوا ما أتلفوا على المسلمين من مال ودم.
ومن فوائد الحديث الأخير وأظنّ شرحناه؟
الطالب : لا
الشيخ : كيف؟
وعن عرفجة بن شريحٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من أتاكم وأمركم جميعٌ يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه ) أخرجه مسلمٌ.
( من أتاكم ) يعني: أيّ إنسان يأتيكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يفرّق جماعتكم فاقتلوه، حدّا ولا يغتر به، ولا يحبس ، وإنّما يقتل فوراً دفعا لشرّه، وقوله: ( وأمركم جميع ) : يعني مجتمع على أمير واحد.
وذكر العلماء المتأخّرون أنّه لا يشترط أن تكون الأمّة الإسلامية كلها على إمام واحد، لأنّ هذا قد اندثر من زمان، من آخر الخلافة العبّاسيّة والمسلمون ليسوا على إمام واحد.
قالوا: " ومن كان في إمام في جهته مطاعا فله حكم الخليفة العامّ " ، وهذا هو الذي عليه العمل الآن فإنّ كلّ قوم لهم إمام في جهتهم يكون حكمه حكم الخليفة العامّ لجميع المسلمين، وليس هو أميرا فقط، لأنّنا لو قلنا أنّه أمير، والثاني في جهته أمير، والثالث في جهته أمير بقي النّاس لا إمام لهم، وضاعت الأمور، لكن إذا قلنا : كلّ إنسان في جهته يعتبر بمنزلة الإمام العامّ كما هو شأن المسلمين من الأزمنة المتقادمة زال الإشكال وزال ما يطالبه به بعض النّاس اليوم من أنّه لا بدّ أن يكون الإمام اليوم إماما عامّا يبايعه جميع المسلمين ، فإنّ هذا في الوقت الحاضر متعذّر ولو قلنا بهذا ما بقي لولاة أمورنا الآن سلطة ولا كلمة مطاعة ، إذا قلنا أنّه لا بدّ أن يكون هناك أميرا عامّا خليفة عامّ على جميع المسلمين ، ولكان في هذا خرق للإجماع ، لأنّ المسلمين أجمعوا على أنّ كلّ إنسان يكون بمنزلة الإمام في جهته.
فهاهم الأئمّة كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم كلّهم يقرّون بهذا، ويقرّون هذا الوضع.
23 - وعن عرفجة بن شريحٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من أتاكم وأمركم جميعٌ يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه ) أخرجه مسلمٌ. أستمع حفظ
فوائد حديث :( من أتاكم وأمركم جميعٌ يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه ).
الحثّ على الإجتماع وعدم التّفرّق، لأنّه لا يكون خروج على الإمام إلاّ باجتماع عليه، لقوله: ( وأمركم جميع ).
ومنها: حلّ قتل الخارج على الإمام، حلّ قتله لقوله: ( فاقتلوه )، بل وجوب قتله لأنّ الأمر هنا للوجوب بلا شكّ لما يترتّب على ترك قتله من المفاسد العظيمة، وهذا معنى حديث ابن مسعود المشهور: ( لا يحلّ دم امرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث ) وذكر منها؟
الطالب : التارك لدينه.
الشيخ : ( التاركَ لدينه المفارق للجماعة ) .
ومن فوائد هذا الحديث : أنّ ظاهره يشمل ما إذا كان الخارج واحدا أو كانوا جماعة، لكن سبق أنّهم إذا كان لهم شوكة ومنعة وخرجوا بتأويل سائغ فهم بغاة، أما إذا لم يكن لهم شوكة ومنعة أو خرجوا بغير تأويل بل قالوا: نحن نريد السّيطرة على الحكم بغير تأويل فإنّ حكمهم كقطّاع الطّريق، نعم.
باب قتال الجاني ، وقتل المرتد.
الأوّل قال: قتال، والثاني قال: قتل، وبينهما فرق، فالقتل ليس فيه مغالبة، والقتال فيه مغالبة من الجانبين، لأنّ المفاعلة تكون بين اثنين فصاعدا، أمّا المرتدّ فيقتل بدون مقاتلة ولا ، ثم عاد ينظر في قبول توبته كما سيأتي إن شاء الله.
فمن هو الجاني؟
الجاني : هو كلّ معتدي، ومنه أي: من الجاني أو من الجناة الصّائل على الإنسان، إذا صال إنسان عليك يريد نفسك، يريد مالك، يريد أهلك فهذا جاني لك أن تقاتله، وتدافعه بالتي هي أحسن، فإن لم يندفع إلاّ بالقتل فلك قتله، لأنّه جانٍ معتدٍ، فإذا لم يندفع ودافعته بالتّهديد أو بأيّ شيء آخر لكنّه أبى إلاّ أن يعتدي ويجني عليك فلك قتله.
عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قتل دون ماله فهو شهيدٌ ) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه.
وليت المؤلف ذكر الحديث الآخر الذي أوفى من هذا : ( أنّ رجلا سأل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عمّن أراد ماله أو نفسه قال: قاتله، قال: أرأيت يا رسول الله إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت يا رسول الله إن قتلته؟ قال: فهو في النّار ) : وهو أوفى الحديث الذي ذكره المؤلّف، لأنّ الحديث الذي ذكره المؤلف يدلّ على أنّ الذي يقتل دون ماله، يعني رجل يدافع عن ماله فقتل أنّه شهيد لأنّه قتل ظلما.
26 - عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قتل دون ماله فهو شهيدٌ ) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه. أستمع حفظ
فوائد حديث: ( من قتل دون ماله فهو شهيدٌ ).
أوّلا: جواز مدافعة الإنسان عن ماله، جواز مدافعته عن ماله، والتّعبير بالجواز هل هو لنفي التّحريم فلا ينافي الوجوب أو هو جائز حكمًا؟ والفرق بينهما واضح، إذا قلنا الجواز لنفي التّحريم ، صار لا ينافي الوجوب وعلى هذا فيجب عليه أن يدافع عن ماله، ولكنّ الأمر ليس كذلك، بل المدافعة عن المال جائزة وليست بواجبة، ووجه هذا : أنّ للإنسان أن يتبرّع بماله لأيّ واحد من النّاس، ولو كان يجب عليه أن يحفظ ماله لنفسه حرم عليه أن يتبرّع به لأحد، إذن فله أن يدافع عن ماله ويقاتل، فلو جاءك إنسان وقال: أعطني السّيّارة أنا أريد سيّارتك غصب تقول لا، إن قاتلك فقاتله فإن لم يندفع إلاّ بالقتل فاقتله، فإذا قتلته فهو في النّار، وإذا قتلك فأنت شهيد.
وهل يلزمه الدّفاع عن نفسه وعن حرمته؟
الجواب: نعم يلزمه أن يدافع عن نفسه وعن حرمته، إلاّ إذا كان في زمن فتنة فإنّه لا يلزمه الدّفاع، لأنّه إذا دافع فربّما تراق دماء كثيرة بسبب مدافعته لأنّ المقام مقام فتنة، ربّما إذا قتل هذا الصّائل في الفتنة تقتل جميع قبيلته، ولهذا لما طلب من أمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي الله عنه أن يقاتل دونه حينما حصر في بيته أبى وقال: " لا تقاتلوا " ، لأنّه خاف أن يكون بالمقاتلة تراق دماء كثيرة في مدينة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ، فاستسلم رضي الله عنه حتى قتل، وهذا لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( إنّها ستكون فتنة فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل ) ، لأنّ الفتنة -نسأل الله أن يقينا وإيّاكم شرّها- ليست بهيّنة، غوغاء النّاس وعامّتهم والجهّال السّفهاء كلّها تطيش كما يطيش القدر من فوق النّار فيراق يمينا وشمالا، إذن يلزم الدّفع عن نفسه إلاّ في؟
الطالب : في الفتنة.
الشيخ : إلاّ في الفتنة، فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل، أمّا إذا كان في غير فتنة فيجب أن يدافع عن نفسه، لأنّه مأمور بحفظ نفسه قال الله تعالى: (( ولا تقتلوا أنفسكم )) ، (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة )).
طيب هل يلزمه أن يدافع عن حرمته؟
نعم يلزمه، لو أنّ أحدا حاول أن يزني بامرأته والعياذ بالله فيجب أن يدافع فإن لم يندفع الجاني إلاّ بالقتل فله؟
الطالب : قتله.
الشيخ : قتله ، " له " نفي للتّحريم أو للإباحة؟
الطالب : نفي للتحريم.
الشيخ : نفي للتحريم، يعني لا يحرم القتال لكن يجب القتال، يجب أن يقاتل دفاعا عن حرمته.
واختلف العلماء في الدّفاع عن مال غيره، والصّحيح أنّه لا يلزم الدّفاع عن مال غيره كما لا يلزم الدّفاع عن مال نفسه، لأنّ مال غيره إذا كان بيده أمانة فأقلّ ما فيه أنّه سيضمنه إذا كان متعدّيا مفرّطا وضمانه من ماله.
من فوائد هذا الحديث: أنّ من قتل دون ماله فهو شهيد وكذلك من قتل دون نفسه أو قتل دون حرمته من باب أولى.
ومن فوائده: أنّه لا يغسّل ولا يكفّن ولا يصلّى عليه ويدفن مع المسلمين، أعني المقتول ظلما، لا يغسّل ولا يكفّن ولا يصلّى عليه ويدفن مع المسلمين، لماذا؟
الطالب : لأنّه شهيد.
الشيخ : لأنّه شهيد، والشّهداء لا يغسّلون ولا يكفّنون ولا يصلّى عليهم ويدفنون إن كانوا في قتال في مصارعهم، ولهذا لما جيء بشهداء أحد إلى المدينة أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بردّهم إلى مصارعهم في أحد، حتى يخرجوا يوم القيامة من المكان الذي قتلوا فيه.
طيب وهذا الذي قلته الآن هو المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- أنّ المقتول ظلما حكمه حكم المقتول في سبيل الله في أنّه شهيد دنيا وأخرى.
وقيل: لا، بل هو شهيدٌ أخرى وليس شهيدٌ دنيا، وعلّلوا ذلك بأنّ هناك فرقا بين هذا الذي قتل ظلما وبين المقتول في سبيل الله، المقتول في سبيل الله بذل نفسه اختيارا، وعرض رقبته اختيارا لأعداء الله لتكون كلمة الله هي العليا، وهذا الرّجل الذي قتل ظلما، قتل اختيارا وإلاّ اضطرارا؟
الطالب : اضطرارا.
الشيخ : اضطرارا، فبينهما فرق عظيم، ولهذا لما قال الفقهاء -رحمهم الله- : " إنّه يقاس على المقتول في سبيل الله لأنّ كلاّ منهما قتل بغير حقّ " ، قلنا لكن هناك فرق، فرق عظيم بين هذا وهذا، فرق بين من عرض رقبته لأعداء الله لإعلاء كلمة الله ومن دافع عن نفسه حتى قتل، فالصّواب أنّه شهيد أخرى، وليس شهيد دنيا، وأنّه يجب أن يغسّل ويكفّن ويصلّى عليه كما يجب ذلك في سائر الأموات.
ولو أنّا قلنا : كلّ من أطلق الشارع عليه شهيد فإنّ حكمه حكم الشّهيد في سبيل الله ، لقلنا: المبطون والمطعون والميّت بغرق أو هدم أو حرق يكون حكمه حكم الشّهداء في سبيل الله، ولا قائل بذلك.
طيب إذا قتل الجاني في المدافعة فهو كما قلنا؟
الطالب : في النار.
الشيخ : في النار، ولكن إذا اختلف أولياء الجاني والقاتل دفعًا عن نفسه، فقال أولياء الجاني: إنّه لم يصل عليك، وقال المدافع: بل صال عليّ فماذا نعمل؟ نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : المذهب يقولون إنّنا لا نصدّق دعوى القاتل: ( لو يُعطى الناس بدعواهم لادّعى رجال دماء قوم وأموالهم ) ، ولَكَان كلّ واحد يقتل من يريد قتله ويدّعي أنّه صائل عليه، فلا بدّ من بيّنة.
البيّنة في الواقع في مثل هذه الحال متعذّرة، لأنّ الصّائل لا يمكن أن يصول على شخص وحوله أحد، هذا لا يمكن، فالبيّنة إمّا أن تكون متعذّرة وإمّا متعثّرة جدّا ، فإقامة البيّنة في مثل هذا بعيدة.
وقال بعض أهل العلم: بل ينظر في القرائن فإذا كان المقتول الذي اتُّهم بالصّول أهلا لذلك لكونه معروفا بالشّرّ والفساد، وكان القاتل الذي ادّعى الدّفاع عن نفسه رجلا صالحا أهلا للصّدق فإنّنا إيش؟
نصدّقه، ولكن هل تجرى القسامة في هذه الحال؟ أو بدون قسامة؟
يرى بعض العلماء أنّه لا بدّ من القسامة، وذلك لأنّه توجد قرينة على صدق من؟
الطالب : دعوى القاتل.
الشيخ : أي نعم على صدق دعوى القاتل، فهذه كالعداوة، بل إنّنا قلنا : إن الرّاجح في مسألة القسامة أنّه كلّما يغلّب على الظّنّ صدق المدّعي تجرى فيه القسامة ، وعلى هذا فتجرى القسامة فيحلف المدّعي خمسين يمينا أنّه صال عليه.
وقيل: لا حاجة للقسامة، لأنّ القسامة يدّعيها أولياء المقتول ليأخذوا بالثّأر، وهنا الذي يدّعي أنّه قتل بحقّ هو القاتل حتى يسلم من الضّمان، وهذا هو ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في أنّه يُقبل قول معروف بالصّدق في هذه المسألة.
طيب إذا قال قائل: هل له أن يقتله مبادرة أي المصول عليه، هل للمصول عليه أن يقتل الصائل مبادرة أو يدافعه بالأسهل فالأسهل؟
الطالب : بالأسهل فالأسهل.
الشيخ : نعم الواجب عليه أن يدافعه بالأسهل فالأسهل، لأنّ المقصود كفّ شرّه إلاّ إذا خاف أن يبدره بالقتل فله أن يبدره بالقتل، يعني لو كان قد أشهر المسدّس أمامه وخاف أن يطلق عليه الرّصاص، فله أن يبادره بالقتل، لكن إذا أمكنه أن يكسر يده التي أشهر بها المسدّس مثلا، فإنّه يفعل ذلك ولا يقتله، لأنّ كسر اليد قد يحصل به المقصود، إذا كسرها سقط منها المسدّس أو السّلاح، وسلم من القتل، نعم.
ثمّ قال: " وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: " قاتل يعلى بن أمية رجلاً فعض أحدهما صاحبه، فانتزع يده من فمه فنزع ثنيته، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : ( يعض أحدكم كما يعض الفحل؟ لا دية له ) متفقٌ عليه واللفظ لمسلمٍ " :
القصّة معروفة ، قاتل يعلى بن أميّة رجلا: والمقاتلة المشادّة والإمساك بالأيدي وما أشبه ذلك ولا يلزم أن يكون بالسّلاح، فعضّ أحدهما يد صاحبه، فعض أحدهما صاحبه فانتزع يده من فمه: كأنّه والله أعلم أنّ أحدهما لما أهوى بيده التقمها الثاني بفمه ثمّ عضّها، فالثاني أخرج يده من فمه ، لأنّه ما يمكن يبقي يده حتى يمضغها الرّجل ويقطّعها ، فهو لا بدّ أن يخرج يده، فانتزع ثنيّته، نقف هنا. نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : كيف؟
الطالب : إذا دافع عن نفسه .
الشيخ : أي له، إي نعم نعم ما دام مسلما، أي نعم، نعم خالد؟
الطالب : أحسن الله إليكم، ذكرتم في الدّرس الماضي إشكالا على حديث عبد الله بن عمر وابن مسعود .
الشيخ : نعم.
الطالب : كيف الرسول يقول : يا ابن أمّ عبد، وأنا لا أدري يعني ما هو الإشكال؟
الشيخ : ما تدري؟! ونحن أجبنا عنه بثلاثة أجوبة!
الطالب : أنا سمعتها لكن، وسمعتها على الشّريط ولكن ما ظهر لي أنّه فيه إشكال.
الشيخ : لا إله إلاّ الله! ما هو الإشكال؟ سعود؟
الطالب : الذي روى الحديث هو ابن عمر .
الشيخ : وهو كنية ابن أمّ عبد؟
الطالب : على ابن مسعود .
الشيخ : ابن مسعود.
الطالب : ما فيها شيء.
الشيخ : هاه؟
الطالب : ما فيه مانع.
الشيخ : ما فيه مانع؟
الطالب : أبدا.
الشيخ : سبحان الله!
الطالب : لو أنّ عبد الله بن عمر مثلا سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول أتدري يا ابن عمّ عبد كيف حكم الله؟
الشيخ : إيه.
الطالب : ثمّ قال الحديث، قال الذي سمعه، وش المانع؟
الشيخ : هذا أحد الوجهين الذي استدللنا به.
الطالب : لكن إيش الإشكال يا شيخ؟
الشيخ : الآن ما يمكن الرّسول يخاطب ابن عمر ويقول: يا ابن أمّ عبد.
الطالب : لا ، هو يخاطب ابن مسعود .
الشيخ : إذن صار ابن عمر رواه عن ابن مسعود.
الطالب : إي نعم .
الشيخ : هذا الذي أجبنا به، على أنّ الحديث من الأصل قلنا: إنّه متروك، نعم فيه راوٍ متروك وهو ضعيف، نعم.
الطالب : هل يحكم للمقتول الشهيد بالجنة ؟
الشيخ : إيش؟
الطالب : يحكم له بالجنة لأنه شهيد ؟
الشيخ : شوف بارك الله فيك النّصوص العامّة ما تطبّق على الأعيان.
الطالب : أيوا العام بأنه شهيد !
الشيخ : إيه.
الطالب : ...
الشيخ : نعم نقول هذا حكمه حكم الشّهداء في الآخرة .
الطالب : طيب يا شيخ أنه يطلب إذا خشي أنه سيرجع على خلاف.
الشيخ : أي.
الطالب : شيخنا هل يقاس على هذا بالنّسبة للبيت إذا علمنا أنّه ...
الشيخ : أي نعم.
الطالب : هل يقاس على هذا ؟
الشيخ : لا، لأنّ هذا مال فإذا أخذناه مثلا أتلفناه عليه، لكن مسألة الأسر بس نتّقي شرّهم فقط.
قلنا إنه لا يحكم على شخص بعينه أنه شهيد فكيف يقول المذهب إن المصول عليه إذا قتل لا يغسل ولا يكفن ؟
الشيخ : أي نعم.
السائل : والمفروض لا يحكم على شخص بعينه بأنّه شهيد.
الشيخ : أي نعم، أحكام الدّنيا يحكم بها، ولهذا إذا قتل الإنسان في سبيل الله في الجهاد فإنّنا نحكم له بهذا في الدّنيا لكن في الآخرة لا.
السائل : المقصود بعدم الحكم ؟
الشيخ : في الآخرة، أي نعم، أما أحكام الدّنيا نجريها عليه، لأنّ أحكام الدّنيا على الظاهر، أرأيت المنافق أليس يحكم له بأنّه مسلم؟
السائل : نعم.
الشيخ : نعم؟
السائل : ذكرت أنه لازم للإنسان أن يدافع عن نفسه إذا صيل عليه .
الشيخ : إلاّ في فتنة.
السائل : نعم ؟
الشيخ : إلاّ في فتنة.
السائل : إلا في الفتنة ، الآن بني آدم ... ما ذكر المدافعة بينهم ؟
الشيخ : كيف؟
28 - قلنا إنه لا يحكم على شخص بعينه أنه شهيد فكيف يقول المذهب إن المصول عليه إذا قتل لا يغسل ولا يكفن ؟ أستمع حفظ
سؤال عن الآية (( وتل عليهم نبأ بني آدم ... )) ؟
الشيخ : أي نعم، لكنّه وبّخه : (( قال لأقتلنّك قال إنّما يتقبل من المتّقين )) ، ثمّ إنّ الحامل له ما هو صيالة !
الحامل الحسد، يعني ما صال عليه ليأخذ ماله أو ما أشبه ذلك أو يقتل نفسه حسد وغيرة .