تحت باب صدقة الفطر
تتمة فوائد حديث ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر ...).
ومن فوائد الحديث أن أداءها بعد الصلاة غير مجزئ ، لأنه خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) ، وبهذا نعرف ضعف قول من يقول من أهل العلم إنه إذا أداها بعد صلاة العيد في يوم العيد أجزأت مع الكراهة .
فنقول له : أين دليلك على الإجزاء ؟ والنبي عليه الصلاة والسلام أمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة وهو إذا أداها بعد الصلاة فقد فعل ما لم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم بل فعل ما يخالف أمر الرسول ، وإذا فعل ما يخالف أمر الرسول عليه الصلاة والسلام فهو مردود .
وأيضًا سيأتينا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ) وهذا نص صريح في موضع النزاع فيجب المصير إليه .
لأن النص سواء كان من القرآن أو من السنة إذا كان صريحا في موضع النزاع وجب المصير إليه ولا يمكن أن يكون مقبولًا رفضُهُ .
طيب من فوائد الحديث أيضًا : بيان حكمة الشرع في تسوية الناس في مقدار الزكاة وإن اختلفت أجناسها أو في التسوية في الواجب في الزكاة وإن اختلفت أجناسها ، لأنه قال : ( صاعا من تمر أو صاعا من شعير ) حتى لا يختلف الناس في ذلك فيقول : هذا أنا أخرج من جنس الجيد نصف صاع ويقول الثاني : أنا أخرج من جنس الرديء صاعين مثلًا ، نقول لا ، الشارع قدرها صاعًا لا زيادة فيه ولا نقص .
وبهذا نعرف ضعف قول من ذهب إلى أنه إذا كانت الزكاة زكاة الفطر من نوع جيد فإنه يجزئ نصف الصاع بدلًا عن الصاع ، وممن ذهب إلى ذلك معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه واختار هذا أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقال : إن صدقة الفطر من البر يجزئ فيها نصف الصاع وقال كذلك على الكفارات فإن الكفارات تجدون في كتب الفقهاء يقولون الواجب مد بر أو نصف صاع من غيره .
والصواب في هذه المسألة أعني زكاة الفطر أنه لابد فيها من الصاع ولو كان النوع جيدا لقول أبي سعيد رضي الله عنه أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
طيب لو أداها من اللباس ، يصح هاه ؟
الطالب : لا
الشيخ : ما يصح ، لأن الشارع فرضها من الطعام.
قال : "ولابن عدي والدارقطني بإسناد ضعيف ( أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم ) "
الطواف : معناه التردد على الشيء .
أغنوهم : الضمير يعود على الفقراء الهاء والواو تعود على الأغنياء الذين يدفعونها عن الطواف في هذا اليوم ، وهذا فيه إشارة إلى الحكمة من وجوب الزكاة وكونها في يوم العيد لأن الفقراء إذا أتاهم ما يكفيهم يوم عيدهم استغنوا عن الطواف ، وشاركوا الأغنياء في الفرحة بالعيد وهذا من حكمة الشارع .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :( كنا نعطيها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، أو صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، أو صاعاً من زبيب . متفق عليه . وفي رواية : أو صاعاً من أقط . قال أبو سعيد : أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ). ولأبي داود :( لا أخرج أبداً إلا صاعاً ).
وفي رواية : ( أو صاعًا من أقط ) قال أبو سعيد " أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، ولأبي داود " لا أخرج أبدا إلا صاعا " .
هذا الحديث فيه إشكال من حيث تركيب اللفظ كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم نعطيها من ؟ الفقراء وعلى هذا فالمفعول الثاني محذوف ، لدلالة السياق عليه والمفعول الأول ها نعطيها كذا ؟ توافقون على هذا
الطالب : ...
الشيخ : أو الأول الفقراء وهاء الثاني
الطالب : الأول الفقراء
الشيخ : الأول الفقراء والثاني هاء صح ؟
الطالب : الأول الفقراء ...
الشيخ : طيب المفعول الأول في كسا هل هو الآخذ أو المأخوذ
الطالب : الآخذ
الشيخ : الآخذ هذا المفعول الأول .
إذن الآخذ هنا الفقراء والمأخوذ الزكاة ، لو قلت كسوت دُبَّةً زيدًا أين المفعول الأول ؟
الطالب : زيدا
الشيخ : زيدا ؟ إيه لأنه هو الفاعل في المعنى فالفاعل في المعنى هو المفعول الأول في باب كسى وأعطى .
إذن نعطيها نقول المفعول الأول محذوف والثاني هاء ويعود على زكاة الفطر وقوله في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أضافها إلى زمن الرسول عليه الصلاة والسلام لأن زمنه وقت الحجة حيث فيه إقرار النبي صلى الله عليه وسلم له أما ما بعد زمن الرسول عليه الصلاة والسلام مما فعله الصحابة فهل هو حجة أم لا ؟ نقول إن أجمعوا عليه فهو حجة لإجماعهم وإن اختلفوا فيه رجعنا إلى ما يرجحه الدليل .
وقوله ( صاعا من طعام أو صاعا من تمر ) : في هذا إشكال لأن قوله أو صاعا من تمر هذا بعض من قوله أو صاعا من طعام ، فكيف أتى بأو ؟ قال بعض العلماء : إن المراد بقوله صاعا من طعام الذرة أو الحنطة ولكن هذا القول ليس بصحيح .
والصحيح : أن أو هنا للتفسير يعني صاعا من طعام وهذا الطعام هو التمر والشعير والزبيب والأقط كما تفسره الرواية الأخرى وقد جاء مثل هذا التركيب في حديث مرّ علينا في دعاء الهم والغم ، أي عبارة فيه ؟ ( اسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) : فإن "أو" هنا لا تدل على التقسيم لأن ما بعدها داخل في قوله : ( سميت به نفسك ) ، لأن ما سمى به نفسه إما أنه أنزله في كتابه أو علمه أحدًا من خلقه أو استأثر به في علم الغيب عنده ، فيكون ما بعد أو كالتفسير لما أُجمل فيما سبق .
هنا زاد على حديث ابن عمر الزبيب وش بعد والأقط ، الزبيب هو العنب المجفف والأقط هاه اللبن المجفف المرفع ولا لا ؟ سواء رفع ولا ما رفع وأظن مرة من المرات أشكل عليكم وأتينا بأنموذج منه هاه
الطالب : ...
الشيخ : أظن غانم إيه
الطالب : ما جابه
الشيخ : ما جئت بشيء
الطالب : لا
الشيخ : لا ، أنا أذكر واحد جاب إلينا
الطالب : ...
الشيخ : أنا أذكر واحد جاء إلينا
الطالب : ...
الشيخ : إيه هو من الأقط لكنه بس جاف والآن واضح عندكم الحين ولا يحتاج إلى أنموذج ؟
الطالب : ...
الشيخ : هاه
الطالب : البقل أليس الأقط نفسه
الشيخ : إلا بس يكون مجفف ومرفع
الطالب : كيف يعني ؟
الشيخ : كلمة كيف هذه غير واردة لأن مهما وصفت لك ما أنت بعارف إلا بالرؤية نعم ؟
الطالب : موجود عندنا الأقظ .
الشيخ : هاه موجود عندكم إذن ما حاجة
الطالب : ... لكن المرصع ما أدري هل هو المرصع ولا غير
الشيخ : إيه مرصع هكذا حتى إنك تشوف أصابع المرأة ، وتشوف أيضا هاه مساقط الأصابع فيه أو الرجل عاد قد يكون رجل وقد يكون امرأة المهم إنه هذا المرصع يمكن فيه .
طيب هل ذكر البر ؟ البر ما ذُكِر ، ولم يثبت فيه حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام مع أن الفقهاء رحمهم الله يكادون يجمعون على أن البر من الأصناف التي جاءت بها السنة ، ولكن الظاهر أنها لم تأت بها السنة .
بدليل أن معاوية رضي الله عنه لما قدم المدينة وقد كثر فيها البر قال " أرى صاعا من هذا يعدل الصاعين " يعني من الشعير يعني أن البر نصف الشعير .
قال فعدل الناس بذلك وصار الناس في عهد معاوية يخرجون زكاة الفطر من البر نصف صاع لكن أبو سعيد رضي الله عنه قال " أما أنا فلا أزال أخرجه " أي الصاع " كما كنت أخرجه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
ولأبي داود " لا أخرج أبدا إلا صاعا " : فخالف معاوية في اجتهاده أيهما أصوب ؟ نعم أبو سعيد أصوب بلا شك ، لأننا نرى أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد فرضها صاعا من تمر أو صاعا من شعير مع أنها مختلفة في الغالب تختلف في القيمة وفي الرغبة .
3 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :( كنا نعطيها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، أو صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، أو صاعاً من زبيب . متفق عليه . وفي رواية : أو صاعاً من أقط . قال أبو سعيد : أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ). ولأبي داود :( لا أخرج أبداً إلا صاعاً ). أستمع حفظ
فوائد حديث ( كنا نعطيها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ...).
الطالب : القولية
الشيخ : لا ولا القولية
الطالب : التقديرية
الشيخ : نعم التقديرية وحديث ابن عمر من السنة القولية .
وفيه أيضا من فوائد حديث أبي سعيد أن اختلاف الأنواع لا يستلزم اختلاف التقدير كيف ذلك ؟ لأنه قال صاعا من تمر أو صاعا من شعير ولم يختلف المقدار مع اختلاف الأنواع. ومن فوائد الحديث أن الأولى بالمؤمن أن يأخذ بظاهر النص ، لفعل من ؟ لفعل أبي سعيد رضي الله عنه لأنك إذا أخذت بظاهر النص صار ذلك حجة لك عند الله لكن إذا خالفت ظاهر النص بمعقول رأيته فإن ذلك قد يكون حجة عليك فيقال لك ما الذي أعلمك أن الله أراد كذا أو أو الرسول أراد كذا ؟
هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كالزكاة ونحوها؟
الشيخ : لا مخاطبين بها
السائل : غير مخاطبين .
الشيخ : لا غير ملزمين بفعلها ولا مخاطبين
السائل : شيخ
الشيخ : نعم
إذا كان الطعام مما لا يكال فكيف تخرج صدقة الفطر منه؟
الشيخ : إيه وش تقولون في هذا ؟ إذا كان الطعام مما لا يكال يقدّر يقدّر بما يؤول إليه كيلا يعني مثلا إذا قال هذا الذي يبس وكيل كم يكون فإذا قال مثلا هذا يكون أربعة كيلو قلنا أعطه من هذا أربع كيلو جافًا .
مثل ما قلنا في تقدير نصاب العنب إذا كان لا يزبب فإنه يقدّر زبيبًا .
بعض الناس يخرج لمصلى العيد من صلاة الفجر فكيف يعمل؟
الشيخ : نعم
السائل : الآن بعض الناس يخرج إلى مسجد العيد من صلاة الفجر
الشيخ : نعم
السائل : كيف نقول قبل الخروج والناس معه
الشيخ : الظاهر يخرجوا جماعة مافي مانع
السائل : لا أقول بعض الناس
الشيخ : إيه
السائل : خرج إلى المسجد من صلاة الفجر
الشيخ : إيه نعم
السائل : وأنا ...
الشيخ : خذها معك خذها معك
السائل : يعني قبل صلاة الفجر ؟
الشيخ : ما يخالف يعني يقصد بذلك قبل أن يصل إلى المصلى أو اخرجه مثلا في آخر الليل قبل أن تخرج
السائل : لكن المقصد ... عموما
الشيخ : الظاهر العموم نخرج العموم .
يعني مثلا بعد طلوع الفجر هذا وقت إخراجها الأفضل سواء طلعت أنت على طول أو تأخرت هذا أحسن شي ، نعم
السائل : ... زكاة الفطر وأعطي هو وتصدق عليه في نفس الوقت
الشيخ : ما يخالف يخرجها نعم
السائل : ...
الشيخ : لأنها ملكه .
لماذا في الركاز يشترط وجود علامة الإسلام؟
الشيخ : نعم
السائل : لماذا يعني ، ماهو الدليل على اشتراط العلامة
الشيخ : لأنه إذا كان فيه احتمال أنه لأموال مسلمين صار لقطة صار لقطة .
ما حكم ما وجد من الركاز في أرض العدو؟ وهل تعود الناس جعل غير الذهب والفضة مدفونا؟
الشيخ : نعم
السائل : وجد المال
الشيخ : فالظاهر أنه من دفينهم هم مع وجوده في أرضهم فالظاهر أنه تابع لهم يصير كالذي وجد في بلاد المسلمين وليس عليه علامة الإسلام .
السائل : طيب هل تعود الناس أنهم يجعلون المال المدفون في غير الذهب والفضة ؟
الشيخ : إيه نعم ، ربما يكون مثلًا أواني من خزف ولا غيره ثمينة يمكن .
السائل : قلنا يخرجها صاع ...
الشيخ : يجوز أن يخرجها قبل العيد بيوم أو يومين لأن الناس كانوا يعطونها قبل العيد بيوم أو يومين
السائل : ...
الشيخ : إيه خير .
الآن نقول يا جماعة نقول يجوز أن يقدمها قبل العيد بيوم أو يومين بيوم يومين متى ؟ تسع وعشرين يوم تسع وعشرين ، يوم ثمانية وعشرين على خطر ، لأنه إن وفى الشهر صار قبله بثلاثة أيام وعلى هذا فهو على خطر فيخرج في اليوم التاسع والعشرين .
طيب بقي علينا أن نبحث الفوائد أخذناها أظن هاه .
السائل : ...
تتمة فوائد حديث ( كنا نعطيها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ...).
فمثلا إذا كان ولد في بيت ويستطيع أن يؤدي زكاة الفطر بنفسه فإن أباه لا يتحمل عنه هذه الزكاة ، بل يجب عليه أن يُخرج .
المرأة الزوجة تستطيع أن تدفع صاعًا عن نفسها لا يلزم زوجها أن يخرج عنها لأن ابن عمر يقول : فرضها على من على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير فهي فرض على الإنسان نفسه .
لكن لو تبرع صاحب البيت أو رب البيت بإخراجها عمن في بيته فهذا جائز ولا لا جائز لأن ابن عمر رضي الله عنهما كان يفعل ذلك : كان يخرج زكاة الفطر عمن في بيته .
قال وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال فرض تبون الأحاديث اللي فات ما أخذنا فوائده ؟
الطالب : لا
الشيخ : طيب فيه فوائد حديث أبي سعيد فيه من الفوائد :
أن الصحابة كانوا يخرجون زكاة الفطر من هذه الأجناس الأربعة من غير نظر للفرق بينها في القيمة ، فقد يكون صاع التمر في القيمة يساوي قيمة صاعين من الشعير ، فيُخرِج صاعًا أو نصف صاع ؟ صاعًا وكذلك نقول في الزبيب والأقط فلا عبرة بالقيمة العبرة بهذا القدر .
وفيه البقاء على ظاهر اللفظ دون تدخل العقل لقول أبي سعيد " أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم " لأننا لو أن العقل تدخل في هذا الأمر لقلنا إذا كان الزبيب أغلى من الشعير لوجب إخراج نصف صاع مثلا يعني إذا كانت قيمة الشعير أنقص من قيمة الزبيب بالنصف لقلنا إنه يجزئ أن يخرج من الزبيب نصف صاع وإذا كانت أدنى منها بثلاثة أرباع يخرج ربع الصاع وهكذا .
ولكن نقول إنه لا مدخل للعقل ولا للتقدير في هذا الباب .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ). رواه أبو داود وابن ماجه ، وصححه الحاكم .
(زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ) : طهرة هذه مفعول من أجله أي لأجل تطهير الصائم من اللغو والرفث اللغو الكلام الذي لا فائدة منه ، والرفث الكلام والفعل الذي يأثم فيه الإنسان .
والصائم لا يخلو من إحدى ثلاث حالات : إما أن يحفظ صومه فلا يتكلم إلا بما فيه الخير ولا يفعل إلا ما فيه خير وهذا أعلى الأقسام .
وإما أن يهمل صومه فيشتغل بالرفث والفسوق والعصيان فهذا شر الأقسام .
وإما أن يأتي بصومه في لغو لا فائدة فيه ولا مضرة فهذا لا إثم عليه لكنه حرم نفسه خيرًا كثيرًا لماذا ؟ لأنه كان بإمكانه أن يشغل هذا الشيء الذي جعله لغوًا يشغله بماذا ؟ بما هو خير ومصلحة .
فالإنسان الصائم لا يخلو من اللغو والرفث غالبا هذه الصدقة زكاة الفطر طُهرَةٌ له لأنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، فتكون هذه الصدقة كفارة لما حصل للصائم من اللغو والرفث وتطهيرًا له .
ثانيًا الفائدة الثانية : وطُعمَةً للمساكين يعني يطعمونها يوم العيد ، ويأكلون ويشربون مع الناس ويكون العيد عيدًا للجميع ، ولهذا قال العلماء إن الأفضل من أصناف زكاة الفطر ما كان أسهل مؤونة مثل التمر، فالتمر أسهل شيء مؤونة التمر إذا أعطيته الفقير على طول أكله . ولكن إذا كان التمر ليس بالشيء المفضل عند الفقير ويفضل عليه الرز مثلًا فإن الرّز يكون أولى.
وقوله بالمساكين المراد بهم ما يشمل الفقراء لأنه سبق لنا مرارا بأن الفقير إذا ذكر بدون ذكر المسكين فهو يشمل المسكين ، والمسكين إذا ذكر بدون الفقير يشمل الفقير ، وإذا اجتمعا هاه افترقا فصار الفقير أشدّ حاجةً من المسكين. في الحديث الذي معنا هل هما مجتمعان ؟ هاه لا إذن فالمسكين هنا بمعنى الفقير والمسكين أيضًا فهي طعمة للمساكين يطعمونها يوم العيد ويكون العيد عيدًا لهم كما هو عيد للأغنياء .
فإن قلت إذا كان الإنسان لم يصم إذا كان الإنسان لا يصوم إما لأنه صغير ليس من أهل الصيام ، وإلا لأنه مريض يصوم في أيام أخر فكيف يصح هذا التعليل طهرة للصائم وهذا ما صام ؟ فالجواب أن هذا بناء على الأغلب .
وإذا تخلفت هذه العلة في حقه ثبتت العلة الأخرى وهي طعمة للمساكين ، طعمة للمساكين.
يقول ( ومن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ) رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم .
قوله : ( فرض زكاة الفطر ) هذا لا شك أنه مرفوع ، لا شك أنه مرفوع .
وقوله : ( طهرة للصائم وطعمة للمساكين ) هل هو مرفوع أو أنه استنباط من ابن عباس ؟ هاه هل هو استنباط من ابن عباس أو هو مرفوع ؟ يعني أن الرسول هو الذي قال فرضت زكاة الفطر لهذا السبب هاه .
يحتمل أن يكون استنباطا من ابن عباس ويحتمل أنه من قول الرسول عليه الصلاة والسلام حين فرض الزكاة بيّن أنها طهرة للصائم وطعمة للمساكين .
طيب وقوله : ( فمن أداها قبل الصلاة ) هل هو من كلام الرسول عليه الصلاة والسلام يعني وقال من أداها أو هو استنباط من ابن عباس ؟
يحتمل أيضا يحتمل لكن الظاهر أنه هاه من قول الرسول بدليل قوله يعني ابن عمر : ( وأمر بها يعني أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ) .
11 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ). رواه أبو داود وابن ماجه ، وصححه الحاكم . أستمع حفظ
فوائد حديث ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم ...).
الطالب : طعمة للمساكين
الشيخ : إيه
الطالب : وطهرة للصائم
الشيخ : من اللغو والرفث كذا .
وفيه أيضا من الفوائد أنه لابد أن تصرف زكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة من أين تؤخذ ؟
الطالب : من قوله ( فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة )
الشيخ : فهي زكاة مقبولة ومن فوائدها من فوائد الحديث : أن العبادات المؤقتة إذا إذا أديت بعد خروج الوقت فإنها لا تُقبَل : لقوله ( ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ) ، إلا إذا كان لعذر فإنها تقبل لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) .
وهذه قاعدة ينبغي أن تعرفها أيها الطالب كل عبادة موقتة لا تصح بعد خروج وقتها إلا لعذر كما أنها لا تصح قبل دخول الوقت .
فلو صلى الظهر قبل الزوال ما صحت صلاته وماذا يصنع ؟ يعيدها بعد الزوال وإذا صلى بعد أن يصير ظل كل شيء مثله هاه ؟ بغير عذر هاه لم تصح لأنه أداها بعد خروج الوقت إلا لعذر فليصلها إذا ذكرها .
طيب ومن فوائد الحديث أنه يشترط لقبول العبادات موافقة الشرع من أين تؤخذ ؟ ( فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ) ( ومن أداها بعدها فهي صدقة من الصدقات ) وليست زكاة انتبه .
وهذا له قاعدة مرت علينا فيما سبق ما هي ؟ القاعدة : أن الشيء إذا فعل قبل وقته أن الأعمال تنقسم إلى مقبول وغير مقبول وأن المقبول ما وافق الشرع ، مر علينا أنه يشترط لكل عبادة أن تكون موافقة للشرع في ستة أشياء إيه نعم .
ومنها تقسيم الأعمال إلى مقبول ومردود لقوله هاه : ( فهي زكاة مقبولة ) .
ومنها أيضا أن الإنسان إذا نوى عبادة نية مرتبة من أمرين فبطل أحد الأمرين بقي الآخر هاه ، الآن هذا الرجل أدى زكاة الفطر بعد صلاة العيد يريد أن تكون صدقة إيش ؟ فطر صدفة فطر لغى كونها صدقة الفطر فبقي وصف الصدقة ، وصف الصدقة فصارت صدقة من الصدقات ماهي صدقة فطر .
وقد أخذ العلماء من ذلك قاعدة فقالوا من جملة الضوابط والقواعد : وينقلب نفلا ما بان عدمه يعني ما بان عدم فريضته ينقلب نفلا ما بان عدمه أي عدم فريضته فإنه ينقلب نفلا مثل أن يؤدي زكاة مالٍ يظن أنه قد بلغ النصاب فلم يبلغ النصاب وش تكون ؟ هاه تكون نفلا صدقة من الصدقات ومثل أن يصلي فيتبين أنه صلى قبل الوقت تكون تكون نفلا ولا تنفعه . ومثل هذا الحديث من أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات .
إذن ينقلب الفرض نفلا ما بان عدمه أي إذا تبين أنه لا يمكن أن يكون فرضا فإنه يكون نفلا وتؤخذ من هذه القاعدة .
ومن فوائد الحديث : تحريم تأخير زكاة الفطر إلى ما بعد الصلاة ، وجهه هاه ؟ أنها لا تقبل بعد الصلاة ، فإذا لم تقبل لم يكن قائمًا بالفرض وإذا لم يقم بالفرض صار آثمًا وصار ذلك حرامًا عليه .
خلافا للفقهاء الذين قالوا : إنها تُقبل بعد صلاة العيد في يومه وتكون مكروهة لا حرامًا وبعد يوم العيد تكون حرامًا ، فعندهم رحمهم الله أن وقت الدفع يكون واجبًا وجائزًا وحرامًا ومكروهًا يجب : قبل صلاة العيد ، ويستحب : يوم العيد قبل الصلاة ، ويجوز : قبل العيد بيوم أو يومين ويكره : في يوم العيد ، ويحرم : بعده .
فعندهم أن إخراج زكاة الفطر تجري فيه الأحكام الخمسة والصواب أنه ليس فيه إلا جائز ومستحب ، جائز ومستحب فقط وأن ما بعد الصلاة فحرام سواء في يوم العيد أو قبله . ويستفاد من الحديث : سمو الشريعة وأنها لا تأمر أو لا توجب الشيء إلا لحكمة من أين يؤخذ ؟ أنه بيّن العلة من وجوب زكاة الفطر هل يؤخذ منها هل يؤخذ من هذا الحديث وجوب إطعام الجائع هاه وجوب إطعام الجائع ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لأنه يقول فرضها طُعمة للمساكين ، فإذا كانت العلة موجبة للفريضة صارت عامة فكلما احتاج الفقراء إلى إطعام وجب علينا إطعامهم ، وهل هو فرض عين ولا فرض كفاية هاه ؟
الطالب : كفاية
الشيخ : فرض كفاية إذا وُجِد شخص يطعم هؤلاء المساكين الجياع فإنه لا يجب علينا إطعامهم لأنه فرض كفاية .
باب صدقة التطوع
الطالب : إلى نوعه
الشيخ : إيه إن قلت إلى سببه : فالمعنى الصدقة التي حمله عليها التطوع لله يعني لا أداء الفريضة ، وإن قلت إنه من باب إضافة الشيء إلى نوعه فمعناه أن الصدقة تكون تطوعا وتكون واجبة وهو كذلك ، فهي إذن من باب إضافة الشيء إلى نوعه الصدقة الواجبة مثل إيش
الطالب : زكاة المال
الشيخ : زكاة المال وزكاة الفطر أيضا وصدقة التطوع هي ما يتقرب به الإنسان إلى الله تعالى ببذل المال من غير وجوب عليه طيب .
صدقة التطوع من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده لأن الفريضة قد يؤديها ناقصة ، والنوافل تكمَّل بها الفرائض كما جاء ذلك في الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن فوائد صدقة التطوع : أن بها فيها زيادة الإيمان ، فإن الإنسان يزداد إيمانه بصدقته لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ومن حكمة الله عز وجل بعباده : أنه ما جعل عليهم فريضة إلا جعل لهم نافلة من نوعها كل الفرائض لها نافلة من نوعها .
نبدأ بالصلاة لها نافلة من نوعها ؟
الطالب : نعم
الشيخ : مثل الرواتب والوتر وصلاة الليل صلاة الضحى وما أشبه ذلك .
الصدقة هاه : لها الزكاة واجبة وما عداها تطوع الصوم كذلك فيه واجب وفيه تطوع ، الحج فيه واجب وفيه تطوع ، حتى يكمل الواجب بالتطوع .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ) فذكر الحديث ، وفيه : ( ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ). متفق عليه .
قوله سبعة : أشخاص بالتعيين ؟ بقصده هل تعيينهم هنا بالشخص أو بالوصف
الطالب : بالوصف
الشيخ : بالوصف يعني ماهو سبعة أشخاص فقط المراد سبعة هذا وصفهم يبلغون سبعين ولا أكثر ؟
الطالب : الله أعلم
الشيخ : يبلغون كثير ، كثير كل من اتصف بواحدة من هذه الأوصاف فهو داخل في الحديث .
وقوله ( يظلهم الله في ظله ) ليس المراد ظل ذاته لأن الله عز وجل نور وحجابه النور والمراد ظل يخلقه إما ظل العرش أو غيره المهم أن هذا ظل مخلوق وليس هو ظل الله عز وجل .
وقوله ( يوم لا ظل إلا ظله ) متى ؟ يوم القيامة فإن الظلال تتراءى وتضمحل وتذهب في ذلك اليوم لأن الله سبحانه وتعالى يقول (( ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا )) ، وكل ما على الدنيا سيزول (( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا )) .
صعيدًا : خاليا ليس فيه نبات ولا أشجار ولا بيوت ولا شيء .
إذن هل على الأرض يستظل به هاه ؟ لا مافي شيء يستظل به والشمس تدنو من الخلائق في ذلك اليوم قدر ميل قريبة من رؤوسهم ، وستكون حارة لكن من وقاه الله سبحانه وتعالى وقاه ، فهؤلاء السبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فذكر الحديث ولم يسقه المؤلف رحمه الله لأنه إنما يريد الشاهد فقط ، ولكن لا حرج أن يستعرضه .
الأول : إمام عادل فهذا يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وإنما نال هذا الأجر وغيره من أهل العدل لا ينالونه لأن عدل الإمام دال على أن عدله أمر ذاتي وخِلقَة وليس تَخلّقا لماذا ؟ لأن الإمام ليس أحد فوقه لو جار يعارض ولا لا؟ لا يعارض لو جار فإنه لا يعارض فعدله دليل على حسن طويته وكمال نيته .
وما نوع العدل في الإمام ؟ نوع العدل في الإمام يكون في الحكم ويكون في المحكوم له ويكون في المحكوم عليه ، في نوع الحكم والمحكوم له والمحكوم عليه .
أما نوع الحكم : فالعدل فيه أن يكون مبنيًا على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى (( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا )) وأما في المحكوم له : فأن لا يراعي في الإلزام بالحق قرابة ولا شريفًا ولا صديقًا ولا قويًا ولا عزيزًا بل يكون حاكمًا بينه وبين الناس بماذا ؟ بالعدل ، لا يمنح القريب شيئًا من أموال الدولة دون البعيد ، لا يمنح الوجيه ومن هو من الأعيان شيئًا دون الوضيع ، ومن ليس من الأعيان بل يجعل الناس على حد سواء .
كذلك في المحكوم عليه لا يحمله بغضُ هذا الشخص على أن يحكم عليه لأن بعض الناس إذا أبغض شخصا والعياذ بالله ثم مَثُل بين يديه في حكومة يحكم له ولا عليه ؟ هاه يحكم عليه ولهذا قال الله سبحانه وتعالى (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين )) .
وقال عز وجل : (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا )) شنئان بمعنى : بغض .
(( على ألا تعدلوا اعدلوا )) .
(( وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت حرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا )) يعني لا يحملنكم صدكم عن المسجد الحرام على العدوان بل الزموا العدل . يعادله وش هو في الحكم هاه والمحكوم عليه والمحكوم له يجب أن يكون عادلا في هذه الأمور. أما عدله في الحكم فأن يحكم بما دل عليه الكتاب والسنة لأن ما دل عليه الكتاب والسنة هو العدل (( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا )) وأما المحكوم له فألا يحابيه لقرابة أو وجاهة أو قوة أو ما أشبه ذلك .
المحكوم عليه ألا يحملنه بغضه على أن يحكم عليه مع أنه ليس أهلا للحكم عليه نعم .
( وشاب نشأ في طاعة الله ) : شاب نشأ في طاعة الله يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وإنما كان له هذا الأجر العظيم لأن الشباب عادة يكون غير مستقيم إلا من هدى الله ، فإذا نشأ في طاعة الله وألِفها وأحبها وأقامها نال هذا الأجر العظيم .
الشاب من إلى من البلوغ إلى الثلاثين وقيل إلى الأربعين نعم ، ولكن يوجد بعض الناس يصل إلى الثلاثين وهو شاب وإذا جاوز الثلاثين بدأ به الهرم والضعف ، ويوجد من ليس كذلك .
المهم أن الشاب هو صغير السن الذي نشأ في طاعة الله . الله أكبر .
الطالب : المشهور أن صلاة العيد فرض عين
الشيخ : نعم
الطالب : إذا ضاق به الوقت في أداء زكاة الفطر إما أن يؤدي الزكاة وإما يصلي .
الشيخ : الظاهر أنه يقدم صلاة العيد لأنه أهم نعم ومن وفي، آمنت بالله .
الطالب : ...
الشيخ : قلنا لكم إذا كان المضاف إليه جنسًا للمضاف فهي على تقدير مِن
الطالب : ...
الشيخ : كيف معناهما واحد ؟ طيب وإذا كان ظرفا له على تقدير في تقول (( بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا )) وما سوى ذلك فهو على تقدير اللام .
طيب ( ورجل قلبه معلق بالمساجد ) : قلبه معلق بالمساجد هل المراد بالمساجد أمكنة السجود أو أزمنتها أو نفس السجود أو الجميع ؟ الظاهر أن المراد الجميع بمعنى أنه دائما يذكر سجوده لله عز وجل ويذكر أوقات السجود وكلما مضى وقت للصلاة تجده ينتظر الوقت الآخر بلهف وتشوق وأمكنة السجود المساجد كذلك إذا خرج من المسجد فقلبه باقٍ في المسجد يألفه ويرجع إليه ويحن إليه ، (( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وأتى الزكاة ولم يخش إلا الله )) فإذن نقول هذا الرجل معلّق بالمساجد في السجود وأوقات السجود وأمكنة السجود وإذا كان قلبه معلقا بالمساجد فإنه من باب أولى أن يكون معلقا بالمسجود له وهو الله عز وجل فيكون دائما يذكر الله سبحانه وتعالى بقلبه ولسانه وجوارحه ويذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ولا أشرح للصدر ولا أسرّ للقلب من تعلقه بالله سبحانه وتعالى وكونه دائما يذكره يذكره بآياته الشرعية وآياته الكونية لأنه ما من شيء أمامك إلا وهو دال على الله عز وجل وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد .
فكون الإنسان دائما مع الله سبحانه وتعالى يذكره بقلبه ولسانه وجوارحه هذا هو الحياة الطيبة وهو أسر ما يكون للقلب ومع ذلك ففيه هذا الأجر العظيم .
( ورجل قلبه معلّق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه ) : رجلان تحابا في الله لا لقرابة ولا لأمر دنيوي ولا لأمر شخصي ولكن لله عز وجل تحابا في الله ما أحبه إلا لأنه مطيع لله عز وجل مجتنب لمعاصيه .
والحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان بل هو لا يمكن أن يذوق الإنسان حلاوة الإيمان حتى يوالي في الله ويعادي في الله ، فإن هذا هو العروة الوثقى .
هذان رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه في الدنيا ما داما حيين وتفرّقا عليه يعني بالموت ماتا وهم على ذلك على أنهما متحابين ، متحابان في الله هل يحب الإنسان غيره بعد موته ؟ هاه ما يبي يتوقف مافي إشكال نحن نحب الرسول عليه الصلاة والسلام ونحب أبابكر وعمر وعثمان وعليا وسائر من سبقونا بالإيمان نعم ومع ذلك فإننا لم نعش معهم ، ونحب أيضًا من عشنا معه ومات قبلنا من المؤمنين ، هذا معنى تفرّقا عليه فالتفرّق لا يلزم منه التفرّق في المحبة .
( ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ) ، دعته امرأة لنفسها لينال شهوته منها وهي ذات منصب يعني ليست امرأة دنيئة من أسافل الناس حتى تعافها نفسه من أجل ذلك وهي ذات جمال أيضًا ذات جمال ليست قبيحة شوهاء ينفر منها من رآها ، بل هي جميلة وذات حسب ولم يقل ذات دين ليش ؟
الطالب : ...
الشيخ : إيه نعم لو كان لها دين قويم ما دعته لكنها لها حسب ، والمرأة قد تغلبها شهوتها حتى تدنس حسب قومها والعياذ بالله كما أن الرجل قد يكون كذلك وهي جميلة .
( فقال إني أخاف الله ) إذن : المكان خالٍ ما عندهما أحد والرجل قوي عنده شهوة وش الدليل الدليل أنه لم يذكر مانعا سوى خوفه من الله لم يقل والله ما عندي شهوة ، ولم يقل عندنا ناس ، ولم يقل أخشى أن يرانا أحد أو يسمع بنا أحد أبدا ما خاف إلا من الله عز وجل هذا الله يغفر لك يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله لكمال عفته فالأسباب للفتنة موجودة وهو هاه الحسب والجمال والموانع مفقودة مافي موانع من الخلق تمنعه ولكن يمنعه خوف الله فقال إني أخاف الله وتركها .
وهذا له أسوة بمن بيوسف عليه الصلاة والسلام فإن يوسف دعته امرأة العزيز وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك ولكنه امتنع امتنع من ذلك بلا شك خوفا من الله عز وجل وإلا فإن الرجل ليس مفقود الشهوة بل عنده قدرة همّت به وهمّ بها ولكنه عليه الصلاة والسلام بعد أن همّ رأى برهان الله عز وجل وهو ما جعل الله في قلبه من نور الإيمان واليقين فتركها ، وصرف الله عنه السوء والفحشاء لأنه كان من عباد الله المخلصين .
أما السادس أظن هاه
الطالب : نعم نعم السادس
الشيخ : السادس فهو رجل تصدق بصدقة فأخفاها
الطالب : السابع
الشيخ : السابع هو الأخير .
( تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ) تصدق بصدقة الصدقة هنا أعم من أن تكون نفلا فهي صادقة بالواجب وبالمستحب تصدّق بها فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه : قيل إن المراد بالشمال من على شماله يعني من الناس بحيث يمدها مثلا هكذا من اليمين ولا يطلع عليها أحد ، وقيل لا تعلم شماله أي يده الشمال ما تنفق يمينه وهذا أقرب .
ولكن من المعلوم أنه كناية عن شدة الإخفاء حتى إنه لو أمكن ألا تعلم اليد اليسرى ما أنفقت اليمنى لحصل ، لا يقال إن هذا مجاز نقول لأن كل أحد يعرف بأن اليد اليسرى ليس عندها علم لكن المعنى أنه لشدة إخفائها لا تعلم شماله ما تنفق يمينه .
وهذا لكمال إخلاصه لله عز وجل وكمال رحمته بأخيه الذي تصدق عليه حتى لا يخجِّله أمام الناس لأن كثيرا من الناس يكره أن يطلع الناس على أنه فقير يتصدق عليه ولا لا ؟ فهذا الرجل لشدة إخلاصه لله وأنه لا يريد أن يمدحه أحد لنفقاته أو صدقاته ولشدة رحمته بأخيه حتى لا يرى أحد من الناس أنه منّ عليه بالصدقة أخفى هذه الصدقة حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه .
أما السابع : ( فرجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ) : فاضت عيناه شوقا إلى ربه شوقا إلى الله عز وجل ومحبة للقائه ، لأنه ذكره خاليا، ، خاليا عن حضور الناس أو خالي القلب عما سوى الله أو الأمران الظاهر الأمران خاليًا عن حضور الناس فهو لم يبك رياء وسمعة خاليا قلبه عما سوى الله لأن القلب إذا صفا وخلا من غير الله صار عنده من الخشوع والشوق إلى الله عز وجل والخوف من عقابه ما لا يكون إذا كان متعلقا أو متوكلا لغير الله سبحانه وتعالى فهذا الرجل ذكر الله خاليا سواء كان يقرأ أو يصلي أو يتأمل أو يفكّر أو يقرأ في سلسلة النبي عليه الصلاة والسلام أو ما أشبه ذلك المهم أنه خالي ففاضت عيناه شوقا إلى ربه سبحانه وتعالى . والإنسان أحيانا يشتاق إلى الله سبحانه وتعالى حتى يود أنه ملاقيه الآن كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( أسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ) والشوق إلى الله عز وجل دليل على كمال إيش الإيمان والمحبة دليل على كمال الإيمان والمحبة .
فهذا الرجل كان في قلبه من محبة الله عز وجل ما أوجب له أن يشتاق إلى الله فذكر الله خاليا ففاضت عيناه من البكاء هذا يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .
واعلم أن هذه الأوصاف الحميدة قد يكون في الإنسان صفة واحدة أو صفتان أو أكثر بل قد تجتمع كل الصفات فيه قد تجتمع كل الصفات فيه : يكون إماما عادلا ويكون متصفا بالصفات الأخرى وفضل الله تعالى يؤتيه من يشاء .
14 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ) فذكر الحديث ، وفيه : ( ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ). متفق عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ...).
وهو قوله : ( رجل تصدق بصدقة ) كلمة رجل ليس لها مفهوم لماذا إما لأن التعبير بالذكور أشرف من الإناث أشرف من الإناث وهذا أمر معروف وأكثر ما عبّر الله في القرآن بصيغة الذكور لأنه أشرف .
أو يقال إن هذا مفهوم لقب ، مفهوم لقب يعني ليس أمرا مشتقًّا حتى يؤخذ منه أن ما لم يوجد فيه هذه الصفة فهو مخالف في الحكم ومفهوم اللقب عند الأصولين ليس له عبرة ما يعتبر ، المهم أن الرجل والمرأة في هذا سواء .وقوله : ( تصدق بصدقة ) يشمل الواجب والمستحب وقوله أخفاها أي كتمها فلم يبينها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ذكرناها . فيستفاد من هذا الحديث : فضيلة إخفاء الصدقة وأنه كلما أخفاها الإنسان كان ثوابه أكثر فإن قلت أليس الله سبحانه وتعالى يثني على العباد الذين أنفقوا مما رزقهم الله سرا وعلانية سرا وعلانية ، فما هو الجامع بين هذا الحديث وبين الآية ؟ وكذلك ما الجامع بين قوله تعالى (( إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم )) ؟
قلنا الأصل في الصدقة من حيث هي أن إخفاءها أفضل لأنه أبعد عن الرياء وأبعد عن إظهار المنة على المتصدق عليه وأبعد أيضًا عن كسر خاطره أمام الناس واضح ؟ هذا من حيث هي صدقة ، فإن اقترن بها ما يجعل إعلانها خيرا من إسرارها صار إعلانها خيرًا لأنه قد يعرض للمفهوم ما يجعله أفضل .
كيف يكون الإعلان خيرا من الإسرار ؟ إذا كان المقصود الاقتداء يعني هذا الرجل تصدق ليراه الناس فيقتدوا به هذا واحد ، ثانيا : ربما يكون هذا الرجل الذي تصدقت عليه محتاجًا ولا تكفيه صدقتي فأتصدق إظهارًا لحاجة هذا الرجل نعم لأجل أن يعطيه الناس لأجل أن يعطيه الناس . فإذن قد يكون في إظهارها خير إما للمتصدقين أو للمتصدق عليه .
إما للمتصدقين : إذا اقتدوا بهذا المتصدق وإما للمتصدق عليه : إذا أعطاه الناس كما أعطاه هذا الرجل وإلا فإن الأصل هو إيش الإخفاء نعم .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس ). رواه ابن حبان والحاكم .
كل امرئ هاه
الطالب : حتى يفصل
الشيخ : إيه ( حتى يفصل بين الناس ) رواه ابن حبان والحاكم.
( كل امرئ في ظل صدقته ) : كل هذه من ألفاظ العموم وامرئ نقول فيها مثل ما قلنا في رجل السابق يعني كل امرئ وامرأة في ظل صدقته يحتمل أن يكون المراد بالظل هنا الحماية ، يعني أن الله تعالى يحميه من أجل الصدقة ، ويحتمل أن يكون ظلا حقيقيا بمعنى أن الصدقة تُجعَل كالظل على رأسه أفهمتم ؟ طيب .
أيهما أولى ؟ الثاني أولى لأن الحقيقة هي الأصل والصدقة قد تكون ظلًا فإن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يجعل المعاني أعيانا والأعيان معاني ، قادر على هذا وهذا فهذه الصدقة وإن كانت عملًا ، عملًا مضى وانقضى وهو فعل من أفعاله لكن المتصدق به شيء محسوس قد يؤتى به يوم القيامة بصفة شيء محسوس .
بل قد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن البقرة وآل عمران تأتيان يوم القيامة كأنهما غياياتان أو غمامتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما يوم القيامة ، فهذا القرآن كلام الله عز وجل وهو فعل القارئ ومع ذلك يُجعل الثواب كأنهما فرقان من طير صواف فهذه الصدقة يجعلها الله تعالى شيئا محسوسًا يظل صاحبها .
وحدثني وأنا صغير رجل يقول إنه كان بخيلًا ، كان بخيلًا ولا يأذن لامرأته أن تتصدق بشيء من ماله فنام نومة ورأى في المنام كأنه في يوم القيامة وكأن الشمس قريبة من الناس والناس يموج بعضهم في بعض وحر شديد وخلاف ومشقة .
يقول فجاء شيء مثل الكساء فظلل عليّ لكن فيه ثلاثة خروق ثلاثة خروق تدخل منها الشمس يقول فرأى كأن شيئًا يشبه التمرات ثلاث تمرات جاءت وسدت هذه الخروق فانتبه ولما انتبه فإذا هو قد تأثر من الرؤيا فحكاها على زوجته وكان هو بخيلًا قال رأيت كذا وكذا وكذا ، قالت نعم الذي رأيت حق : إنه جاءنا فقير وإني أعطيته ثوب ثوب من عندنا
الطالب : وهي صادقة يا شيخ ؟
الشيخ : صادقة فأعطته ثوب ، أعطيته ثوبا وجاء بعده فقير فأعطيته ثلاث تمرات سبحان الله الثوب هو الكساء الأول والتمرات هذه الشقوق الثلاث جاءت هذه التمرات فرقعتها وهذا يعني هذا الحديث اللي معنى يشهد له يشهد لصحته .
16 - وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس ). رواه ابن حبان والحاكم . أستمع حفظ
فوائد حديث ( كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس ).
وفيه دليل على إثبات يوم القيامة وعلى الحساب والجزاء لقوله ( حتى يفصل بين الناس ) وما الذي يقضى فيه أول ؟ أول ما يُقضَى بين الناس في الدماء وأول ما يحاسب عليه الإنسان من حقوق الله الصلاة فالصلاة في حقوق الله هي أول ما يحاسب عليه العبد ، والدماء في حقوق الناس هي أول ما يُقضى بين الناس .
وقوله ( حتى يفصل ) هل المراد الحكم بين الناس بين المعتدي والمعتدى عليه أو الفصل بين الناس حتى في تمييزهم فريق إلى الجنة وفريق إلى النار ؟
الطالب : الظاهر الأخير
الشيخ : الأخير لكنه ملازم للأول طيب .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أيما مسلم كسا مسلماً ثوبا على عري كساه الله من خضر الجنة ، وأيما مسلم أطعم مسلماً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ، وأيما مسلم سقى مسلماً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ). رواه أبو داود وفي إسناده لين .
اللِّين أعلى من الضعف يعني لا يصل إلى درجة الحسن ، ولا ينزل إلى درجة ضعيف .
قوله ( أيما مسلم كسا ) : هذه أداة شرط أي أداة الشرط مبنية على الضم وما هاه زائدة زائدة طيب أيما ما يصح أن نقول أي مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة لأنها معربة هنا نعم هذا هو الظاهر وقوله : ( مسلم ) ، نقول أي مضاف ومسلم مضاف إليه أين فعل الشرط ؟ هاه
الطالب : ...
الشيخ : لا ، فعل الشرط
الطالب : ...
الشيخ : كسىا فعل الشرط موجود ( أيما مسلم كسا )
الطالب : ...
الشيخ : لا لا أيما مسلم كسا هذا فعل الشرط وجواب الشرط كساه الله طيب قوله أيما مسلم خصه بالمسلم لأن غير المسلم وإن كسا غيره فلا يستفيد من هذا لا يستفيد لأن الله يقول (( وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله )) .
ولهذا أجمع العلماء على أن من شرط صحة العبادة وقبولها أن تكون من مسلم ، فالإسلام شرط لجميع العبادات ، والردة إذا بقية إلى الممات تحبط جميع الأعمال .
الطالب : شيخ
الشيخ : نعم ( أيما مسلم كسا مسلم على عري كساه الله تعالى من خضر الجنة ، وأيما مسلم أطعم مسلمًا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة وأيما مسلم سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ) .
أما الجملة الأولى فقد تقدم الكلام عليها وأن الخضر خضر الجنة هي ما ذكره الله تعالى (( عاليهم ثياب سندس خضر )) : يعني من السندس الأخضر ، واللون الأخضر لون يريح النظر ويسر النفس ، ولهذا كانت عامة النباتات من اللون الأخضر ، والله عز وجل يقول (( وأنبتت من كل زوج بهيج )) فالأخضر لا شك أنه يسر العين يسر النفس وأن العين ترتاح له أكثر .
وقوله ( على عري ) إنما خصّ هذا لأن هذا هو موطن الحاجة إذ أنه إذا كساه على كسوة فإن هذا فيه إحسان إليه لكن ليس فيه دفع لضرورته بخلاف ما إذا كساه على عري .
وقوله ( أيما مسلم أطعم مسلما على جوع ):يعني وجد إنسانا جائعا فأطعمه فإن الله يطعمه من ثمار الجنة وثمار جمع ثمر وهو ما ينتجه الشجر ومعلوم أن الجنة فيها أنواع متنوعة من الثمرات قال الله تبارك وتعالى (( فيهما من كل فاكهة زوجان )) وقال في الجنتين الأخريين (( فيهما فاكهة ونخل ورمان )) فإذا أطعمت مسلما على جوع فإن الله تعالى يطعمك من ثمار الجنة ( وأيما مسلم سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ) الرحيق معناه الخالص من كل شيء الصافي .
ومعلوم أن أنهار الجنة أربعة أنواع (( فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى )) .
والمختوم : بيّن الله عز وجل بماذا هو مختوم فقال (( ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون )) .
18 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أيما مسلم كسا مسلماً ثوبا على عري كساه الله من خضر الجنة ، وأيما مسلم أطعم مسلماً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ، وأيما مسلم سقى مسلماً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ). رواه أبو داود وفي إسناده لين . أستمع حفظ
فوائد حديث ( أيما مسلم كسا مسلماً ثوبا على عري كساه الله من خضر الجنة ...).
وفيه أيضا إثبات الجزاء ، لقوله من فعل كذا فعل الله به كذا .
وفيه أيضًا : أن الجزاء من جنس العمل كسى فكسي أطعم فأطعم سقى فسقي .
وفيه أيضًا : إثبات الجنة وهذا أمر معلوم بالضرورة في دين الإسلام ، وهي الآن موجودة لقوله تعالى (( أعدت للمتقين )) وستبقى دائم الأبد فإنها منذ خلقت لا تفنى وكذلك النار منذ خلقت لا تفنى .
وفيه أيضا إثبات الأفعال الاختيارية للعبد لقوله كسا وأطعم هاه وسقى ، ولولا أنها اختيارية ما حث النبي عليه الصلاة والسلام عليها ولا كان للجزاء عليها فائدة .
وفيها أيضا أن هذه الأعمال لا تنفع إلا إذا كان الإنسان مسلمًا ، لقوله ( أيما مسلم ) فإن وقعت هذه الأعمال من الكافر لم تنفعه ولكن هل يجاز عليها ؟ نعم قد يجازى عليها في الدنيا فيوسع له في الرزق ويكشف عنه السوء ويشفى من المرض وما أشبه ذلك أما في الآخرة فلا حظ له فيها .
وقوله : ( أيما مسلم كسا مسلما ) هل يؤخذ منه أن هذا الثواب لا يكون إلا إذا كان المنعم عليه مسلمًا ؟ هاه الجواب نعم لأن الإنعام على المسلم خير من الإنعام على غير المسلم .
ولكن هل في الإنعام على غير المسلم أجر ؟ الجواب نعم إلا الحربي ، الكافر الحربي فالإنعام عليه يكون بدعوته إلى الإسلام وإلا يقتل نعم وأما الذمي والمعاهد والمستأمن والحمار والكلب والبعير وما أشبه ذلك ففيه أجر .
حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا عن امرأة بغي رأت كلبا يلهث من العطش فنزلت وأخرجت بخفها من الماء حتى شرب فغفر الله لها لأنها سقت هذا الكلب على ظمأ ، قيل يا رسول الله هل لنا في البهائم من أجر قال ( في كل ذات كبد حرّاء أجر ) .
طيب هل يؤجر الإنسان إذا أطعم ذرة أو نملة ؟
الطالب : نعم
الشيخ : يؤجر
الطالب : إن كانت تؤذي ما يؤجر
الشيخ : صح إن كانت تؤذي لا يؤجر نعم وإن كانت لا تؤذي فيؤجر نعم .
وقد حكيت عليكم قصة ذكرها ابن القيم عن رجل رأى ذرة تمشي فوضع لها طعامًا لكنها تعجز عن حمله فلما رأت الطعام وعجزت عن حملها ذهبت إلى صاحباتها ودعتهم فجاؤوا ، فلما أقبلت الذر رفع الطعام فجاءت الذر تطلب الطعام وهذه التي ذهبت تستصرخهم جعلت تبحث ما وجدت شيء فرجعت الذر ، ثم وضعه مرة ثانية ورأته هذه الذرة وتيقنت فرجعت إلى صاحباتها فدعتهم فجاؤوا فلما أقبلوا رفعه فجعلوا يطلبونه ما وجدوه ، فانصرفوا هذه المرة الثانية ثم وضعه فلما تيقنته الذرة المرة الثالثة ذهبت ودعت أخواتها فجئن إليه فلم يجدنه لما أقبلن عليه رفعه في المرة الثالثة يقول اجتمعن عليها فقتلنها الذرة
الطالب : سبحان الله .
الشيخ : هذا حكاية ابن القيم ... عليه رحمه الله يقول فحكيت ذلك لشيخنا فقال رحمه الله شيخ الإسلام : نعم يعني كل ما له إرادة فإنه يكره الكذب ويجازي على الظلم ، الذر هذولي قالوا هذه المرة تكذب علينا ... علينا وقتلنها .
طيب ما تقولون في هذا الرجل هل عليه دية هذه الذرة ؟ نعم
الطالب : عليه إثم .
الشيخ : عليه إثم .
الطالب : نعم
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : لأنه ظلمها
الشيخ : تسبب بقتلها طيب إذن نقول كل شيء يستفيد من الطعام فلك فيه أجر إيه نعم نعم .
الطالب : ديتها إيش ؟
الشيخ : ديتها أن يتوب إلى الله .
طيب ويستفاد من هذا الحديث : أن هذا الجزاء مشروط بكون المنعم عليه به محتاج إليه من أين يؤخذ ؟ من قوله على عُري وعلى جوع وعلى ظمأ .
طيب فإن لم يكن كذلك مثل أن يكسو إنسانا عنده كسوة لكن كساه نافلة ، فهل يحصل هذا الأجر ؟ الظاهر لا لأن القياس هنا قياس مع الفارق لأنه ليس دفع الحاجة كتحصيل الكمال النافلة .
قال وعن حكيم بن حزام رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( اليد العليا خير من اليد السفلى ) هذه مبتدأ وخبر يد عليا ويد سفلى .
اليد العليا خير من اليد السفلى لأن العليا عالية والسفلى نازلة وما هي اليد العليا ؟ فسرها النبي عليه الصلاة والسلام في حديث آخر بأن اليد العليا يد المعطي ، واليد السفلى يد الآخذ المُعطى ، وهذا ظاهر لأن المعطي أعلى رتبة من المعطى على كل تقدير ، فتكون يده هي اليد العليا .
وقيل إن اليد العليا هي يد المعطى بلا سؤال واليد السفلى يد المعطى بسؤال ولكن .