تحت باب الحث على الخشوع في الصلاة .
تتمة المناقشة السابقة .
الطالب : بلى.
الشيخ : يجوز يكرّ ويفرّ، ويجوز للإمام أن يقسم الجيش إلى قسمين: قسم يصلّي معه ركعة فإذا قام الإمام للثانية كمّل بقيّة الصّلاة ثمّ انصرف وجاءت الطائفة الأخرى فدخلت مع الإمام في الرّكعة الثانية فإذا جلس للتّشهّد كمّلت قبل أن يسلّم وسلّم بها، فالخوف يغتفر فيه ما لا يغتفر في غيره، وهل مثل ذلك أن يفكّر الإنسان في مسألة علميّة أشكلت عليه؟ الأخ؟
الطالب : ليس مثله.
الشيخ : ليس مثله، لماذا؟
الطالب : ...
الشيخ : صحيح، لأنّ وقت البحث في المسائل العلميّة متّسع فإذا قال قائل لو حدثت حادثة، تستوجب ... فهل له أن يفكّر؟ أقول إنّ الظاهر أنّ له أن يفكّر لكن بشرط أن لا يخلّ بشيء من أركان الصّلاة والواجبات، يعني مثلا لو فرض أنّ مسألة يترتّب عليها قتل وإنّه لا بدّ في الحال من معرفة الحكم فللإنسان أن يفكّر في هذه الحال لأنّ العلم نوع من إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : من الجهاد في سبيل الله فإذا كانت الضّرورة تستدعي أن يفكّر فليفكّر أمّا إذا كانت المسألة في سعة فلا يفكّر، طيب لو قال قائل هل له أن يفكّر في معنى ما يقرأ وما يقول من تسبيح ودعاء؟ فالجواب نعم هذا من تمامه، كما قال عزّ وجلّ: (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبّروا آياته )) فمثلا إذا قال: (( الحمد لله ربّ العالمين )) استحضر أنّ الرّبّ عزّ وجلّ ربّ لكلّ العالمين، وإذا قال: (( مالك يوم الدّين )) يستحضر يوم القيامة الذي يزول فيه كلّ ملك إلاّ ملك الله عزّ وجلّ وهكذا لأنّ هذا من تمام القراءة وإحسان القراءة فلا يدخل في الوساوس الخارجة عن موضوع الصّلاة، طيب هل إذا رأينا شخصا يعبث بقلمه أو لحيته أو ساعته أو غترته أو مشلحه أو ما أشبه ذلك، هل نستدلّ بهذا على أنّ قلبه غافل؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، لأنّ هذه الحركة لا بد تصدر عن إرادة، والإرادة أين محلّها؟
الطالب : القلب.
الشيخ : القلب، فيكون القلب مشغولا بإرادة هذا الفعل فنقول هذا ليس بخاشع لكنّه يعفى ويتسامح عن الشّيء الذي يحتاجه الإنسان كما فعل النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام من كونه يحمل أمامة بنت زينب، فمعلوم أنّه يحملها بإرادة ويضعها بإرادة، طيب لو تذكّر الإنسان في صلاته شيئا وخاف أن ينساه مرّة أخرى فأخرج القلم ورسم بكفّه يجوز أو لا يجوز؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يجوز بشرط وهو الحاجة وأن لا يترتّب على ذلك ضرر، كيف الضّرر؟ ربّما يشاهده شخص فيقع في عرضه إن لم يكن فعله محلّ التّأسّي أو يتأسّى به فيما ليس من جنس فعله إذا كان أهلا لإيش؟
الطالب : للتأسّي.
الشيخ : للتّأسّي وهذه نقطة يجب على الإنسان أن يلاحظها، قد يكون الشّيء جائزا لكنّه يخفى على كثير من العوامّ فلو فعله الإنسان وهو ليس أسوة وقدوة في المجتمع لعدّوا ذلك إيش؟ نقصا في حقّه، وجعلوا يأكلون لحمه وإن كان قدوة وأسوة اتّخذ النّاس من هذا الفعل أن يفعلوا ما ليس يفعله الذي تأسّوا به، وهذه نقطة يجب على طالب العلم أن ينتبه لها لأنّ النّاس ينظرون إلى العالم الذي يعتبرونه أسوة ينظرون إليه بكم من عين؟
الطالب : بأربع عيون.
الشيخ : لا ما يكفي أربع عيون، إذا صار ينظر إليه مائة نفر كم يكون؟
الطالب : مائتين.
الشيخ : مائتي عين، فهذه ملاحظة يغفل عنها كثير من النّاس، ولذلك نسمع من بعض النّاس أنّهم يقولون فلان لا يخشع في صلاته، فلان يعني يتحرّك كثير وهو ربّما يتحرّك للعبرة فيسبّونه إن لم يكن أسوة ويتساهلون في الأمر إذا كان أسوة فلاحظوا هذه المسألة، طيب نأخذ الحديث؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب، قال: " باب الخشوع في الصّلاة " سبق أن قلنا أنّ العلماء اختلفوا في الخشوع هل هو واجب أو لا، وظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب " القواعد النورانيّة " وهو كتاب مختصر مفيد أنّ الخشوع واجب، والأدلّة التي استدلّ بها قويّة لكن يعكّر على هذا الحديث الصّحيح أنّ الشّيطان يأتي إلى الإنسان إذا دخل في الصّلاة ويقول اذكر كذا، اذكر كذا في يوم كذا، ولم يقل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فمن فعل ذلك فليعد صلاته كما قال حينما تكلّم عن أنّ ذبح الأضحية لا يكون إلاّ بعد صلاة العيد، قال: ( من ذبح قبل ذلك فليذبح مكانها أخرى ) طيب إنّما على الإنسان أن يحرص على الخشوع في الصّلاة بحضور القلب، لأنّه إذا حضر قلبه استفاد فائدة عظيمة من صلاته، سوف يتأثّر إذا انتهى من الصّلاة تأثّرا بالغا لكن إذا دخل فيها ثم من يوم ما يدخل ينفتح له باب الوساوس التي كان في الأوّل قبل الدّخول غافلا عنها ولم تطرأ على باله فإنّه سيخرج من الصّلاة بدون أن يتأثّر قلبه وسيبقى دائما على هذا الحال، لكن لو عالج نفسه وصار كلّما اتّجهت إلى شيء ردّها واستحضر ما يقول ويفعل وهو راكن معها مسألة ما هي هيّنة لكن إذا عوّد نفسه مرّة بعد أخرى ومرّة يستحضر نصف الصّلاة ومرّة يستحضر أقلّ ومرّة أكثر وعوّد نفسه سهل عليه، أمّا يستمرّ ويغفل عن هذا فإنّه لن يستفيد كثيرا من صلاته إلاّ إبراء الذّمّة فقط.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصراً . متفق عليه ، وللفظ لمسلم ، ومعناه : أن يجعل يده على خاصرته . وفي البخاري عن عائشة أن ذلك فعل اليهود في صلاتهم .
الطالب : ...
الشيخ : هاه كيف؟
الطالب : عن أبي هريرة.
الشيخ : أي نعم صحيح عن أبي هريرة، صلّى الله عليه وعلى آله ، بعض النّاس يقول صلّى الله عليه وآله ولكن إدخال حرف الجرّ أولى لأنّه مطابق للحديث: ( اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ) ولأنّ صلّى الله عليه وآله من شعار الرّافضة فيبنغي أن نبتعد عن شعاراتهم ولهذا أشكل على بعض النّاس حينما نقول صلّى الله عليه وعلى آله قال يا أخي كيف تقول الكلام هذا؟ هذا شعار الرّافضة، قلنا بيننا وبينهم فرق في اللّفظ وفي المعنى، في اللّفظ إيش؟ نأتي بحرف الجرّ هم ما يأتون به، في المعنى هم يقصدون بالآل آل البيت، ونحن نقصد بالآل جميع الأتباع،
" ( نهى أن يصلّي الرّجل مختصرا ) متّفق عليه واللّفظ لمسلم ومعناه: أن يجعل يده على خاصرته
وفي البخاري عن عائشة أن ذلك فعل اليهود في صلاتهم "
يقول: ( نهى ) النّهي هو طلب الكفّ على وجه الاستعلاء وهل هو فعل أو ترك؟ نقول أمّا بالنّسبة لهمّ القلب فهو فعل لأنّ القلب يريد أن يترك وأمّا بالنّسبة للجوارح فهو إيش؟ ترك، انتبهوا ولهذا لا يصلح أن نطلق أنّ النّهي ترك لا يصلح أن نطلق أنّ امتثال النّهي ترك بل نقول أمّا بالنّسبة لما يقع في القلب من إرادة الترك فهو فعل لأنّه كفّ النّفس وأمّا بالنّسبة للجوارح فإنّه ترك، أي عدم
طيب وقولنا على وجه الاستعلاء، طلب الكفّ على وجه الاستعلاء أي أنّ النّاهي يشعر نفسه بأنّه فوق المنهيّ فوق المنهيّ بدون تكبّر، لكن فوق المنهيّ بدون تكبّر، خرج به ما إذا نهى عن شيء على وجه التّذلّل فإنّه يكون دعاء كقولنا (( ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) لاّء ناهية لا إشكال فيها لكنّها في هذا المقام وهو مقام تذلّل لا يصحّ أن نقول أنّها ناهية إذ أنّه لا يمكن أن يوجّه الإنسان النّهي إلى من فوقه ولا سيما أنّه بين الخالق والمخلوق، طيب إذا كان من شخص مماثل مساوٍ في الدّرجة فإنّهم يسمّونه التماسا التماسا ، ولهذا تجد حتى في معاملة الناس في كلامهم ... يا فلان من غير امر عليك افعل كذا من غير أمر لا تفعل كذا فيفرّقون بين الاستعلاء وبين غيره، فإن كانت من مماثل سمّاها البلاغيّون؟
الطالب : التماسا.
الشيخ : التماسا، وإن كانت من أدنى إلى أعلى فهي دعاء وسؤال، وإذا كانت من أعلى إلى أدنى؟
الطالب : فهو نهي.
الشيخ : فهو نهي، طيب، هل النّهي يقتضي التّحريم أو يقتضي الكراهة؟ سبق أن قلنا كلاما مفيدا وهو أنّه يقتضي الامتثال يقتضي الامتثال سواء كان للتّحريم أو للكراهة، وليس من حقّنا أن نقول هل هو للكراهة أو للتّحريم لأنّ من سلفنا من الصّحابة لم يقولوا إذا نهى النّبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم عن شيء أهو للتّحريم أو للكراهة وإنّما كان قولهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا، لكن إذا تورّط الأمر الإنسان في مخالفة حينئذ لا بأس أن يسأل لأنّه إذا كان للتّحريم وجب عليه التّوبة منه وإذا كان للكراهة فالتّوبة غير واجبة لأنّ فاعل المكروه لا إثم عليه، فحينئذ نقول إذا سمعت الله تعالى ينهى عن شيء أو سمعت الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ينهى عن شيء فما موقفك وأنت عبد تابع؟ موقفك إيش؟
الطالب : الاجتناب.
الشيخ : أن نجتنبه أن نجتنبه ، وبذلك تسلم الذّمّة ويسلم الإنسان من أن يتهاون، هذه نقطة مهمّة جدّا في مقام العبوديّة لأنّه حتّى في النّاس بعضهم مع بعض لو قال السّيّد لعبده يا فلان لا تفتح الباب، هل من الأدب أن يقول يا سيّدي أنهيتني نهي منع أو نهي تأديب؟ فالجواب أبدا ليس من الأدب بل لو أنّ العبد قال لسيّده مثل هذا لعدّ ذلك منقبة سوء وعاقبه عليه، وإنّما هل يقتضي النّهي التّحريم، بالنّسبة للتعبّد انتهينا منه وقلنا موقف العبد من ذلك أن إيش؟
الطالب : الاجتناب.
الشيخ : أن يتجنّب ويقول سمعنا وأطعنا لكن من ناحية الحكم بعضهم قال إنّ الأصل في النّهي التّحريم، الأصل في النّهي التّحريم لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ) وبعضهم قال الأصل في النّهي الكراهة، وبعضهم فصّل فقال أمّا ما يتعلّق بالأدب فهذا للكراهة وأمّا ما يتعلّق بالتّعبّد فهو أي النّهي للتّحريم، وهذا أقرب إلى الانضباط لأنّ كثيرا من المنهيّات نرى العلماء رحمهم الله يجمعون أنّها للكراهة أو يكون أكثرهم يرى أنّها للكراهة فلا تنضبط القاعدة، القاعدة غير منضبطة لكن أقرب انضباط لها أن يقال ما كان للتّعبّد فالنّهي فيه للتّحريم لأنّ الله ما نهى عنه إلاّ وهو لا يرضاه، لا يرضى لعباده أن يتعبّدوا له به، وما كان من الآداب بين النّاس والمروءة والأخلاق فهو للكراهة، هذا تفصيل جيّد وهو أقرب الأقوال الثّلاثة، جاء وقت السّؤال الآن أو نمشي؟
السائل : يا شيخ
الشيخ : نعم يا سليم؟
الطالب : عفا الله عنك
3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصراً . متفق عليه ، وللفظ لمسلم ، ومعناه : أن يجعل يده على خاصرته . وفي البخاري عن عائشة أن ذلك فعل اليهود في صلاتهم . أستمع حفظ
إمام ظاهر الفسق إما أنه حالق لحيته أو يشرب الدخان وهو جيد الإمامة وفيه إمام آخر ليس فاسقا ولكنه يتحرك كثيرا في صلاته فأيهما يقدم في الإمامة ؟
الشيخ : أمّا على قول من يقول إنّ الفاسق لا تصحّ إمامته فنقول صلّ مع الآخر وانصحه عن الحركات في الصّلاة إلاّ إذا كانت حركاته كثيرة متوالية تبطل الصّلاة فلا تصلّ خلفه، وأمّا على قول من يقول إنّه لا يشترط في الإمامة أن يكون الإمام عدلا وهو الصّحيح وهو الصّحيح المتعيّن خصوصا في عصرنا هذا فنقول صلّ مع الآخر الذي يتقن الصّلاة ويجيدها ولو كان يشرب الدّخّان، ولو قلنا باشتراط العدالة في الأئمّة ما ظننت أنّ عشرة في المائة تصحّ إمامتهم، لأنّه من يسلم من الغيبة؟ والغيبة من كبائر الذّنوب، وكبائر الذّنوب لا تغفر إلاّ بتوبة كذا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ومن يسلم من التّفريط في أداء الواجب تجده إماما ويتخلّف يومين ثلاثة في الأسبوع فيكون بذلك آثما وفاسقا، فالمهمّ أن اشتراط العدالة ضعيف خصوصا في زمننا هذا وقد ذكر العلماء رحمهم الله ومنهم شيخ الإسلام أنّه إذا تعذّر تولية العدل حتى في القضاء فإنّه يولّى أقرب الفاسقين إلى العدل ولو كان فاسقا، فهمت؟ لكن أنا أسألك يا سليم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : السّؤال منّي أنا لك، شارب دخّان وحالق لحية أيّهما الذي يقدّم وهما في القراءة سواء؟
الطالب : الظاهر يا شيخ أن حلق اللّحية أعظم الأمرين، وإن نظرنا للعقيدة هي عند الله ما هي عندنا.
الشيخ : هذه العقيدة في القلب.
الطالب : أي نعم.
الشيخ : طيب.
الطالب : الذي حلق لحيته ذقنه هذا شيء ظاهر.
الشيخ : لا ما حلق ذقنه! حلق لحيته.
الطالب : أي نعم.
الشيخ : بينهما فرق الذّقن هذا بس مجمع اللّحيين.
الطالب : اللّحية يا شيخ أعظم ..
الشيخ : المهم أيهما تقدّم؟
الطالب : أقدّم شارب الدّخان لأنّه ما هو ظاهر لكلّ أحد وهذا ظاهر لكلّ أحد.
الشيخ : كيف ما هو ظاهر ... وهو يقيم الصّلاة.
الطالب : هههه هذا جاهل يا شيخ.
الشيخ : جاهل إيه نعم، جاهل بس ...
الطالب : ههههه.
الطالب : والله أنا اشوف يا شيخ ... لأنّها ظاهرة لكلّ أحد ...
الشيخ : يعني اللّحية، يعني تقدم شارب الدّخّان على حالق اللّحية، أحسنت إن شاء الله أصبت الصّواب لأنّ كما قلت يعني حالق اللّحية والعياذ بالله يقول للناس بفعله وبلسان حاله يقول للناس اشهدوا أنّي مخالف لهدي الرّسل موافق لهدي المجوس، أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : ظاهر واضح لكلّ أحد، شارب الدّخان ربّما يكون يستحيي ولا يضرّه إلاّ قليلا، ثمّ إنّ مسألة الدّخّان يعني وإن كانت سيّئة لكن ليست كمخالفة السّنّة الصّريحة الواضحة، نعم آدم؟
4 - إمام ظاهر الفسق إما أنه حالق لحيته أو يشرب الدخان وهو جيد الإمامة وفيه إمام آخر ليس فاسقا ولكنه يتحرك كثيرا في صلاته فأيهما يقدم في الإمامة ؟ أستمع حفظ
رجل صلى وتشاغل كثيرا في صلاته ولم يحصل له الخشوع أصلا ثم أراد أن يعيد الصلاة ؟
الشيخ : أي نعم.
السائل : وتشاغل كثيرا في صلاته يعني ما حصل له خشوع، يعني صلّى صلاة بدون خشوع ...
الشيخ : هاه؟
السائل : يعني صلّى بدون خشوع.
الشيخ : طيب.
السائل : وأراد أن يعيد مرّة ثانية ليحسنها؟
الشيخ : أي نعم، والله هذه ربّما أفتي بأنّه يعيدها وربّما أفتي بأنّه لا يعيدها وهذا عندي أقرب لأنّي أخشى إذا أمرته بالإعادة أن يقع في قلبه الوسواس يصير كلّما صلّى قال ما خشعت، ثمّ يصلّي الثانية ولا يخشع وهكذا يمضي عليه الوقت وهو يصلّي فأرى أن لا يعيد، حتى قراءة الفاتحة بعض العلماء قال إذا قرأ الفاتحة وقلبه غير حاضر ثمّ حضر فليعدها وأنا لا أرى هذا لأنّه يفتح بابا للوسواس، ومن يضمن أنّه إذا أعادها أنّه لا يوسوس من يضمن هذا؟ نعم ... وش تقول يا ...
الطالب : ...
الشيخ : وايش يقول الموضوع إن شاء الله منتهي الآن، سيكون القراءة إن شاء الله في كتاب: " المشكاة " المشكاة كتاب جيّد مفصّل مرتّب، الذي يقرأ على العامّة، العصر. نشرحه إن شاء الله .
تتمة شرح حديث : ( أبي هريرة رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصراً . متفق عليه ، وللفظ لمسلم ، ومعناه : أن يجعل يده على خاصرته . وفي البخاري عن عائشة أن ذلك فعل اليهود في صلاتهم .
وسبق لنا تفاصيل في هذا الموضع وخلاف العلماء فيه فنبدأ الآن بشرح حديث أبي هريرة : قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلّي الرجل مختصرا ) وسبق تعريف النّهي وأنّه طلب الكفّ على وجه الاستعلاء، وشرحناه أيضا، وتكلّمنا هل الأصل في النّهي التّحريم أو الكراهة أو في ذلك تفصيل؟
يقول: ( نهى أن يصلّي الرّجل ) والرّجل يطلق في الأصل على البالغ كالمرأة على البالغة، وقد يطلق على مجرّد الذّكوريّة والأنوثيّة
وقوله: ( مختصرا ) فسّره بقوله معناه أن يجعل يده على خاصرته، والخاصرة ما فوق الحقو هذا، ما فوق الحقو تسمّى خاصرة، وعلّله في حديث البخاري عن عائشة أنّ ذلك فعل اليهود، فهل قوله الرّجل وصف للاحتراز أو نقول هو لقب ليس وصفا فلا يدلّ على مفهوم ولكنّه علّق الحكم بالرّجال بناء على غالب الخطابات الشّرعيّة تكون للرّجال، لأنّ الرّجال هم أعظم مسؤوليّة من النّساء، والثاني هو المتعيّن، فالمرأة كالرّجل في هذا.
6 - تتمة شرح حديث : ( أبي هريرة رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصراً . متفق عليه ، وللفظ لمسلم ، ومعناه : أن يجعل يده على خاصرته . وفي البخاري عن عائشة أن ذلك فعل اليهود في صلاتهم . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أبي هريرة رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصراً ... ) .
7 - فوائد حديث : ( أبي هريرة رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصراً ... ) . أستمع حفظ
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قدم العشاء فابدأوا به قبل أن تصلوا المغرب ) . متفق عليه .
إذا قدم العشاء ، العشاء ، هو ما يؤكل في العشي ، والعشي هو آخر النهار ، والغداء ما يؤكل في الغُدُ والغُدُ أول النهار .
يقول ( إذا قدم ) سواءً قدمه الإنسان لنفسه أو قدمته زوجته أو قدمته أخته أو الخادم العشاء فابدأوا به قبل أن تصلي المغرب .
مثال هذه الصورة : رجل قدم له العشاء وقد أذن للمغرب فنقول تعشى ثم صلي المغرب ، والحكمة من هذا لأن لا ينشغل قلبه بالطعام الذي قدم له ، وانشغال قلبنا عن الخشوع .
8 - وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قدم العشاء فابدأوا به قبل أن تصلوا المغرب ) . متفق عليه . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( إذا قدم العشاء فابدأوا به قبل أن تصلوا المغرب ) .
منها أنّ العشاء كان في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في آخر وقت العصر قبل المغرب، وقد كان النّاس على هذا برهة من الزّمان وإلى عهد قريب، ثمّ لمّا صار النّاس يشتغلون عن أكل الغداء في أوّل النّهار قلّت رغبتهم في العشاء قبل اللّيل وصاروا يتعشّون بعد صلاة العشاء، فنقول لو قدّر أنّ أحدا يتعشّى قبل صلاة العشاء قلنا له إذا قدّم العشاء فابدأ به قبل صلاة العشاء.
ومن فوائد هذا الحديث مراعاة الشّريعة الإسلاميّة المطهّرة لحال الإنسان، ووجه ذلك أنّه إنّما أمر أن يقدّم العشاء قبل صلاة المغرب لأنّ نفسه متعلّقة به، مشتغلة به، فأعطي الإنسان الحريّة لتناول الطّعام.
ومن فوائد هذا الحديث أنّه إذا لم يقدّم العشاء ولكنّ الإنسان جائع والعشاء في القدر فإنّه يقدّم صلاة المغرب وذلك لأنّ تعلّق النّفس بالعشاء المقدّم أقوى من تعلّقها بالعشاء الذي على النّار فلا يقول الإنسان أنا جائع وأنتظر نضوج الطّعام ثمّ أتعشّى، نقول لا، لأنّ التّعلّق به وهو في القدر ضعيف فلا يكون هو المقدّم.
ومن فوائد هذا الحديث أنّ ظاهره لا فرق بين أن يخاف فوات صلاة الجماعة أو لا، لأنّ الحديث عامّ، وعلى هذا فيكون تقديم الطّعام وهو يشتهيه عذرا في ترك صلاة الجماعة، وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما على ورعه يتعشّى وهو يسمع قراءة الإمام ويبقى حتى ينتهي.
ومن فوائد هذا الحديث أنّ ظاهره أنّه يقدّم العشاء ولو خاف فوت الصّلاة أي خروج الوقت ولكنّ هذا غير مراد لأنّه لا يجوز إخراج الصّلاة عن وقتها وليس هذا من الأعذار التي تبيح إخراج الصّلاة عن وقتها
فإن قال قائل إذا كانت الصّلاة التي قدّم لها الطّعام بحضورها تجمع الى ما بعدها فهل له أن يجمع؟ فالجواب نعم له ذلك، لأنّ كلّ عذر يسقط الجماعة فإنّه يبيح الجمع.
ومن فوائد هذا الحديث أنّ ظاهره أنّ الإنسان يأكل حتّى يشبع ولا نقول كلّ لقمة أو لقمتين ثمّ قم لأنّه ربّما يزداد تعلّقا بالطّعام إذا أكل منه لقمة أو لقمتين وعليه فنقول له أن يأكل حتى يشبع ثمّ يقوم للصّلاة ليكون فارغ القلب.
ومن فوائده أنّه يقاس على الطّعام إذا حضر كلّ ما ينشغل به القلب، والقياس حينئذ صحيح، قياس مماثل أو قياس مساواة وعلى هذا فإذا كان الإنسان ليس عليه إلاّ ثياب قليلة واشتدّ عليه البرد وقد سمع إقامة الصّلاة فهل يذهب ويصلّي مع انشغال قلبه وتألّمه من البرد أو نقول البس الثّياب ثمّ صلّ؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني، وكذلك لو كان حرّ مزعج يحتاج أن يغتسل حتى ينشط ويزول عنه الحرّ فنقول كذلك فنقول يعذر، فنأخذ قاعدة عامّة كلّ مشغل عن حضور القلب في الصّلاة فإنّه يبدأ به قبل الصّلاة ما لم يخش خروج الوقت.
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه ) ، رواه الخمسة بإسناد صحيح ، وزاد أحمد : ( واحدة ، أو دع ) . وفي الصحيح عن معيقب نحوه بغير تعليل .
( إذا قام أحدكم في الصّلاة فلا يمسح الحصى ) الحصى المراد به الذي فرش به المسجد، وكان في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تفرش المساجد بالحصى، الحصى الصّغار
وقوله ( فإنّ الرّحمة تواجهه ) يعني أنّه إذا سجد على الحصا مع شدّته وصلابته فإنّ الرّحمة تواجهه أي يكون ذلك سببا للرّحمة وذلك لمشقّة السّجود عليها لأنّ هناك فرقا بأن يسجد على حصى أو يسجد على فراشه فالحصى نقول لا تمسحه دعه على ما هو عليه واسجد عليه لتنال بذلك الرّحمة حيث قمت بالسّجود لله عزّ وجلّ مع صعوبته.
10 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه ) ، رواه الخمسة بإسناد صحيح ، وزاد أحمد : ( واحدة ، أو دع ) . وفي الصحيح عن معيقب نحوه بغير تعليل . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى ... ) .
من فوائد هذا الحديث أنّه لا ينبغي للإنسان أن يعبث في الصّلاة فيتحرّك إلاّ لحاجة لقوله: ( فلا يمسح الحصى )
ومنها أنّه إذا احتيج إلى الحركة فإنّها تتقدّر بقدرها وهذا تفيده رواية الإمام أحمد ( واحدة أو دع ).
ومنها أنّ المساجد في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم كانت تفرش بالحصى لأنّه أنظف من التّراب ولعلّ الرّمل حول المدينة قليل وإلاّ فالرّمل أسهل للناس وكانت المساجد إلى زمن قريب تفرش بالرّمل.
ومن فوائد هذا الحديث أنّه كلّما صعبت العبادة على وجه لا يمكن دفع الصّعوبة به فإنّه يزداد الأجر لقوله فإنّ الرّحمة تواجهه ولكن هل يطلب الإنسان المشقّة مع إمكان التّسهيل؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ولهذا لو كان الإنسان في البرّ والماء بارد وأمكنه أن يسخّن الماء فهل الأفضل أن يتوضّأ ويغتسل بالماء البارد أو نقول سخّن الماء؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني بلا شكّ لأنّ الله يقول: (( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم )) لكن إذا كان لا بدّ من مشقّة في العبادة فهنا نقول الأجر على قدر المشقّة.
" وفي الصّحيح عن عن معيقيب نحوه بغير تعليل " يعني بغير قوله إنّ الرحمة ..
الطالب : ...
الشيخ : كيف؟
الطالب : ...
الشيخ : ارفع صوتك.
الطالب : ... ان الرحمة ...
الشيخ : نعم، كيف؟
الطالب : التّعليل؟
الشيخ : ذكرنا التّعليل، قال: " وفي الصّحيح عن عن معيقيب نحوه بغير تعليل " بغير تعليل يعني في قوله: ( فإنّ الرّحمة تواجهه ).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة ؟ فقال : ( هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ) . رواه البخاري ، وللترمذي عن أنس وصححه : ( إياك والالتفاف في الصلاة فإنه هلكة ، فإن كان لابد ففي التطوع ) .
نعم ( هو اختلاس ) الاختلاس معناه أخذ الشّيء بخفية وكأنّ الشّيطان إذا أراد أن ينقّص صلاة الإنسان سوّل له فالتفت، وقوله الالتفات هنا عام، التفات بالجسد والتفات بالقلب، والالتفات بالجسد نوعان: التفات مبطل للصّلاة والتفات منقّص لها، يأتي في الفوائد إن شاء الله.
( اختلاس ) أي أخذ بخفية يختلسه الشّيطان من صلاة العبد، وعلّل في رواية التّرمذي أنّه هلكة أي فوات لخير كثير ( فإن كان لا بدّ ففي التّطوّع ) هذا يحتاج إلى مراجعة السّند وهل هذه الزّيادة صحيحة ( فإن كان لا بدّ ففي التّطوّع ) لأنّ الأصل أنّ الفرض والنّافلة سواء، فيحتاج إلى ثبوت ولم أتمكّن من مراجعته فليراجع. نعم
الطالب : ...
الشيخ : طيب، أنت أظنّ عندك مراجعة تقول ...، طيب
" سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الالتفات " السائل عائشة رضي الله عنها.
12 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة ؟ فقال : ( هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ) . رواه البخاري ، وللترمذي عن أنس وصححه : ( إياك والالتفاف في الصلاة فإنه هلكة ، فإن كان لابد ففي التطوع ) . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة ؟ ... ) .
ومن فوائد هذا الحديث أنّ للشّيطان سلطة على بني آدم في أعمالهم لقوله: ( هو اختلاس يختلسه الشّيطان ).
ومن فوائد هذا الحديث أنّ الشّيطان لا يقدر على صلاة المؤمن فيأخذها هكذا مجابهة ولكنّه يختلسها اختلاسا لأنّ المؤمن قلبه حاضر ولا يمكن أن يأتي بمنقّص لصلاته ولكن الشّيطان قد يسلّط عليه فيختلس منه.
ومن فوائد هذا الحديث التّحذير من الالتفات في الصّلاة التّحذير من الالتفات في الصّلاة ثمّ الالتفات نوعان:
نوع التفات بالقلب وهذا أشدّ وأخطر من الالتفات بالبدن لأنّه يضيّع فائدة الصّلاة وقد( شكى رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم الوسواس في الصّلاة فقال: إنّ ذلك شيطان يقال له خنزب ) ثمّ أمر من أصابه ذلك أن يتفل عن يساره ثلاث مرّات ويستعيذ بالله من الشّيطان الرّجيم قال الصّحابي: " ففعلت ذلك فأذهب الله عنّي ما أجد " وهل الالتفات بالقلب يبطل الصّلاة؟ سبق القول في هذا وأنّ العلماء اختلفوا فيما إذا غلب الوسواس على أكثر الصّلاة هل تبطل الصّلاة أو لا؟ ورجّحنا أنّ ذلك لا يبطلها ولكن ينقّصها، أمّا الالتفات بالبدن فهو نوعان: التفات بالبدن كلّه وهذا مبطل للصّلاة حيث اشترط استقبال القبلة انتبه، أمّا إذا سقط استقبال القبلة فهذا شيء آخر لكن حيث اشترط فإنّ الالتفات بجميع البدن يبطل الصّلاة وهذا يقع أحيانا ونشاهده في المسجد الحرام إذا كان النّاس متزاحمين تجد بعض النّاس يقف في الصّفّ والكعبة أمامه ثمّ تجده منحرفا من أجل أنّ إيش؟ أن يتّسع المكان لأنّ عرض الإنسان يأخذ مكان أكثر ممّا إذا كان طولا وعليه فيجب التّنبّه لهذا لأنّ هؤلاء قريبون من الكعبة وفرضهم الاتجاه إلى عين الكعبة أمّا لو كانوا بعيدين و ... إلى الجهة كان أهون
طيب أما الالتفات ببعض البدن كالالتفات بالعنق فهذا لا يبطل الصّلاة لكنّه ينقّصها إلاّ إذا كان هناك مصلحة أو حاجة، فإن كان هناك مصلحة أو حاجة فلا بأس
مثال الحاجة: ما أشرنا إليه قبل قليل من أنّ الإنسان إذا تسلّط عليه الشّيطان بالوساوس فإنّه إيش؟ يلتفت ويتبع ...
وما تقتضيه المصلحة كأنّ يشاهد المأموم إمامه من أجل أن يقتدي به فإنّ الصّحابة كانوا يشاهدون الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وإذا كانوا في أطراف الصّف لا بدّ أن يلتفتوا فيكون هذا لمصلحة، بل لمصلحة وحاجة أيضا وهي متابعة الإمام، ولهذا أوّل ما صنع له المنبر جاء ليصلّي عليه على درجاته وقال: ( إنّما فعلت هذا لتأتمّوا بي ولتعلموا صلاتي )، ومن ذلك أيضا ( أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعث عينا في إحدى غزواته يبحث عن العدوّ فجعل النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ينظر إلى الشّعب الذي يأتي منه هذا العين )، والعين هو الجاسوس، هذا لحاجة، فالمهمّ أنّ الالتفات ببعض البدن مكروه إلاّ لحاجة أو مصلحة.
ومن فوائد هذا الحديث التّحريم من الالتفات لأنّك إذا التفتّ فقد ائتمرت بأمر عدوّ لك وهو الشّيطان والواجب الحذر من هذا، ولكن إبطال الصّلاة وعدمه على حسب ما سمعتم، " وعن أنس رضي الله عنه "
نعم قوله: ( فإن كان لا بدّ فللتطوّع ) هذه الكلمة الزّائدة إن صحّت فهي أصل من الأصول في أنّ النّوافل تختلف عن الفرائض وقد جمعت الفروق فبلغت أكثر من عشرين فرقا بين صلاة النّافلة وصلاة الفريضة.
13 - فوائد حديث : ( عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة ؟ ... ) . أستمع حفظ
وعن أنس ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه ، فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه ، ولكن عن شماله تحت قدمه ) . متفق عليه ، وفي رواية : ( وتحت قدمه ) .
هذا أيضا يتعلّق بالخشوع في الصّلاة كما سنبين ( إذا كان أحدكم في الصّلاة ) يعني يصلّي، والصّلاة كلمة عامّة تشمل الفرض والنّفل
( فإنّه يناجي ربّه ) أي يكلّمه بخفاء لأنّ من أوصاف الصّوت أن يكون نداء وأن يكون مناجاة ويدلّ لهذا قول الله تبارك وتعالى في موسى (( وناديناه من جانب الطّور الأيمن وقرّبناه نجيّا )) فإذا كان المخاطب بعيدا فنداء وإن كان قريبا فمناجاة فقوله: ( يناجي ربّه ) أي يكلّمه والرّبّ عزّ وجلّ يكلّمه لكن بصوت مرتفع أو خفيّ؟
الطالب : خفيّ.
الشيخ : خفيّ، نعم ( فلا يبصقنّ بين يديه ) البصاق معروف، وما بين يديه يعني بينه وبين موضع سجوده وكلّما قرب فهو أقبح
( بين يديه ولا عن يمينه ) إذن أين يبصق؟ يقول: ( ولكن عن شماله تحت قدمه ) وفي رواية: ( أو تحت قدمه )، عن شماله بعيدا عن القدم أو تحت قدمه، أي القدمين؟ اليسرى ليجتمع الشّمال والبصق تحت الرّجل.
14 - وعن أنس ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه ، فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه ، ولكن عن شماله تحت قدمه ) . متفق عليه ، وفي رواية : ( وتحت قدمه ) . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه ... ) .
عظم شأن الصّلاة وأنّها صلة بين العبد وربّه لأنّه يناجي الله وما أحلى المناجاة من الحبيب فإنّ أحبّ شيء إلى الإنسان هو الله عزّ وجلّ، وإذا كان يناجيه فهذا قرّة عين، ولهذا كانت الصّلاة قرّة عين النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وكان يقول لبلال: ( أرحنا بها ) وما أكثر الذين يقولون أرحنا منها وهي عندهم أثقل من الجبال نسأل الله أن يعيذنا وإيّاكم من هؤلاء.
ومن فوائد هذا الحديث إثبات الرّبوبيّة لله عزّ وجلّ وهذا أمر في الحقيقة لا يحتاج إلى إثبات لأنّه واضح.
ومن فوائد النّهي عن بصق الإنسان بين يديه إذا كان يصلّي لماذا؟ علّل بأحاديث أخرى بأنّ الله تعالى قبل وجهه، وإذا كان الله قبل وجهه فهل من الأدب أن تبصق بين يديك والله تعالى قبل وجهك؟ لا والله، لو أنّ واحدا من النّاس، من عامّة النّاس كان قبل وجهك لاستحييت أن تبصق بين يديك فكيف بالرّبّ عزّ وجلّ؟ هذا النّهي هل هو للتّحريم أو للكراهة؟ قال بعض أهل العلم إنّه للكراهة والصّواب أنّه للتّحريم لما فيه من سوء الأدب مع الله عزّ وجلّ. لما في هذا البصق من سوء الأدب مع الله عزّ وجلّ.
ومن فوائد هذا الحديث أنّه إذا كانت العلّة باعثة على الامتثال فإنّه ينبغي أن تقدّم على الحكم وجهه؟ أنّه أخبر بأنّه يناجي الله ثمّ فرّع عليه ( لا يبصقنّ قبل وجهه ) فإذا كانت العلّة ممّا يبعث على الامتثال فقدّمها قبل الحكم ليرد الحكم على النّفس وقد تهيّأت لقبوله.
ومن فوائد هذا الحديث أنّه ينهى المصلّي عن البصق عن يمينه لكن ما العلّة؟ العلّة أنّ عن يمينه ملكا وهو الذي يكتب الحسنات والبصق عن اليمين أهون من البصق قبل وجهه وبذلك يتوقّف الإنسان في كونه للتحريم بخلاف الأوّل
فلو قال قائل كيف تحكم بجملة على أنّها للتحريم وبجملة أخرى على أنّها للكراهة؟ قلنا لا مانع لا مانع من هذا وليس فيه إلاّ أنّنا استعملنا المشترك في معنيين: المشترك النّهي استعملناه مرّة في الكراهة ومرّة في التّحريم لظهور الفرق بين قبح الفعلين فإنّ البصق قبل وجه المصلّي أشدّ بلا شكّ قبحا من البصق عن اليمين، طيّب إذا لم يبصق أمامه ولا عن يمينه أين يبصق؟ بيّن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ذلك.
من فوائد هذا الحديث أنّ من حكمة النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أنّه إذا ذكر الممنوع فتح الباب الجائز وجهه؟ أنّه قال: ( ولكن عن شماله تحت قدمه ) ولهذا نظائر وفي القرآن أيضا، لمّا قال الله تبارك وتعالى: (( يا أيّها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا )) قال (( وقولوا انظرنا )) ولمّا نهى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يقول القائل ما شاء الله وشئت قال: ( بل ما شاء الله وحده ) ولمّا جاءوه بالتّمر الجيّد الذين يأخذون الصّاع منه بالصّاعين والصّاعين بالثّلاثة نعم نهاهم عن هذا وقال بيعوا التّمر الرّديء بالدراهم واشتروا بالدّراهم تمرا طيّبا وهكذا ينبغي لطالب العلم إذا ذكر وجها ممنوعا أن يفتح باب المباح وما من وجه ممنوع إلاّ ويقابله المباح والحمد لله في كلّ شيء لأنّك إذا قلت هذا حرام ولا يجوز ولم تفتح للنّاس بابا مباحا فالناس لا بدّ أن يفعلوا ما كانوا يفعلون فإذا ذكرت المباح عدلوا عن المحرّم إلى المباح.
ومن فوائد هذا الحديث جواز الحركة للحاجة جواز الحركة للحاجة لقوله: ( ولكن عن شماله تحت قدمه ) وهذه حركة بلا شكّ، وهل يؤخذ من هذا الحديث تحريم بلع النّخامة لأنّه استبيحت الحركة في الصّلاة من أجل درئها؟ ربّما يؤخذ والفقهاء رحمهم الله صرّحوا بأنّ بلع النّخامة حرام على الصّائم وغير الصّائم وقالوا إذا ابتلعها الصّائم بعد أن وصلت إلى فمه أفطر، ولكن القول بأنّه يفطر فيه نظر والقول بالتّحريم ليس ببعيد لأنّها في الحقيقة مستقذرة ولأنّها قد لا تخلو من أمراض تعود إلى المعدة ثمّ تتسرّب إلى البدن.
ومن فوائد هذا الحديث أنّ النّخامة طاهرة وجه ذلك؟ أنّه قال: ( تحت قدمه ) وإذا بصق تحت قدمه فلا بدّ أن يلصق منها شيء في القدم ولو كانت نجسة ما أرشد النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إلى أن يبصقها الإنسان تحت قدمه
فإذا قال قائل هل تقيسون على ذلك كل ما خرج من البدن؟ قلنا نعم الأصل أنّ كلّ ما خرج من البدن فهو طاهر لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( إنّ المؤمن لا ينجس ) إلاّ ما دلّ الدّليل على نجاسته مثل؟ البول والغائط لأن الحديث لأنّ الدّليل دلّ عليه
طيب الدّم؟ الدّم أكثر العلماء على أنّه نجس من الآدميّ ولكنّه يعفى عن يسيره والصّحيح أنّه ليس بنجس والدّليل على هذا العدم يعني عدم الدّليل، أين الدّليل من الكتاب والسّنّة على أنّ دم الآدميّ نجس؟ لا تجد، وإذا وجد الإنسان دليلا على هذا فعليه أن يأخذ به، لكن إذا لم يجد دليلا فإنّه لا يضيّق على عباد الله ويلزمهم بما لم يلزمهم الله عزّ وجلّ.
طيب القيء؟ القيء أكثر العلماء على أنّه نجس لكنّه لا دليل على هذا وكيف يكون نجسا ولم ترد السّنّة الصّحيحة الصّريحة بنجاسته مع أنّه ممّا يبتلى به النّاس كثيرا فما أكثر المتقيّئين وما أكثر أن يتقيّأ الصّبيّ على أمّه ومثل هذا الذي تتوافر الدّواعي على نقله ويحتاج النّاس إلى بيانه لا يمكن إلاّ أن يكون مبيّنا واضحا، فالقاعدة إذن أنّ كلّ ما خرج من الآدميّ فهو طاهر لأنّ الآدميّ طاهر إلاّ ما دلّ الدّليل على نجاسته وليس لنا بدّ من أن نقول ما قال الله ورسوله في هذا وغيره.
ومن فوائد هذا الحديث جواز النّخامة في المسجد وجهه؟ أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يستثن ولكن الفقهاء قالوا إذا كان في المسجد فلا يبصقنّ فيه لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ( البصاق في المسجد خطيئة ) ولا سيما المساجد المفروشة المفروشة بالفرش لأنّ إذا بصق سوف يبقى أثرها حتى ولو حكّها برجله لا بدّ أن يبقى أثر، نعم؟
بعض الناس يضع المنديل الذي يتنخم فيه إما في القبلة وإما في أرض القبلة ؟
الشيخ : نعم.
السائل : يضعها إمّا في القبلة وإمّا في عرض القبلة لكنّه ...
الشيخ : يعني التي يلقى بها ... ما يتنخّم فيه؟
السائل : نعم.
الشيخ : يعني على كلّ حال من النّاحية الأدبيّة ما تنبغي وإلاّ فهي طاهرة يعني ما يقال أنّ الإنسان استقبل نجسا ولا يقال أنّه امتهن المصاحف لما كانت بينها لكن من النّاحية الأدبيّة قد نقول أنّه لا ينبغي ولكن لا أستطيع أن أقول أنّه مكروه أو أن ننهى عنه. نعم يحيى؟
من فاتته الجماعة باشتغاله بالطعام أيحصل على أجر الجماعة ؟
الشيخ : إذا كان من عادته أن يصلّي مع الجماعة لكن صادف أنّ الطّعام حضر في هذا اليوم فنرجو أن نقيسه على قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ( من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما ) ولذلك يجب أن لا تجعل تقديم الطّعام عادة لك تقدّمه بعد الأذان عشان ما تصلّي مع الجماعة هذا لا شكّ أنّه ليس له أجر الجماعة لكن لو صادف فقد يقال أنّ له أجر الجماعة لأنّه إنّما تركها لعذر، أي نعم.
لا اجعله في الأيسر اجعله في الأيسر هذا هو الأدب كان بناء على الأغلب ولأن الرسول يخاطب أبا هريرة وهو مؤمن والدليل على هذا أن الله أباح لنا طعام الذين أوتوا الكتاب وأباح لنا نساءهم والرجل مع اهله يخالطها تمام المخالطة
ذكرت في الفوائد أن النخامة طاهرة استدلالا بحديث ( تحت قدمه ) لو قال قائل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون بالأحذية ؟
الشيخ : نعم.
السائل : استدلالا بحديث: ( تحت قدمه ).
الشيخ : نعم.
السائل : لو قال قائل في عهد الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كانوا يصلّون بالأحذية؟
الشيخ : نعم.
السائل : فما قولكم؟
الشيخ : ليس كلّهم كذلك، ليس كلّهم كذلك، ثمّ إنّ كونه يتنخّم في المسجد يدلّ على أنّها طاهرة، يعني الدلالة على طهارة النّخامة مو من أجل أنّها تحت قدمه بل حتى في المسجد، نعم صالح؟
السائل : ... يقدم الطعام على الصلاة
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : إيش؟ ايش؟
السائل : ألا يدلّ هذا القول على وجوب الخشوع في الصّلاة لأنه لاينشغل عن الواجب إلا بواجب؟
الشيخ : ألم نذكر هذا يا جماعة؟
18 - ذكرت في الفوائد أن النخامة طاهرة استدلالا بحديث ( تحت قدمه ) لو قال قائل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون بالأحذية ؟ أستمع حفظ
هل الخشوع واجب ؟
هل أسمي ولدي توحيد إسلام ؟
سؤال عن حكم تأخير صلاة الجماعة لأجل الطعام ؟
الشيخ : نعم
السائل : ...
الشيخ : لا لا اخراج الصلاة عن وقتها ... الجمع، الذي تبيحه الجمع
السائل : ...
الشيخ : أمّا مثلا لو كان ضاقت كالعصر وقدّم العشاء فيصلّي العصر.
السائل : ... عموما.
الشيخ : طيب.
السائل : ... لو اغتسل خرج الوقت ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : لا، هذا صحيح يتيمم ويصلي نعم.
السائل : ...
الشيخ : نعم؟
السائل : ...
الشيخ : أبدا، إلاّ مجموعة بتجمعها إلى ما بعدها لا بأس.
مناقشة ما سبق .
الالتفات في الصّلاة ذكرنا أنّه ينقسم نعم وليد؟
الطالب : التفات جسديّ والتفات قلبيّ.
الشيخ : نعم، الالتفات القلبي وش معناه؟
الطالب : أنّه يتفكّر في الأشياء يا شيخ.
الشيخ : أي، أن يفكّر في صلاته في أشياء لا علاقة لها في الصّلاة، طيب التفات البدن نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : التفات مبطل للصّلاة هو الالتفات بالبدن كلّه طيب، والثاني؟
الطالب : ...
الشيخ : فهذا لا يبطل الصّلاة، طيب ما هو الدّليل على أنّ الأوّل مبطل للصّلاة؟ الالتفات بالبدن كلّه.
الطالب : الأول
الشيخ : نعم.
الطالب : قول الله تعالى: (( فولّ وجهك شطر المسجد الحرام )).
الشيخ : وهو قول الله تعالى: (( فولّ وجهك شطر المسجد الحرام )) وهو إذا التفت بجميع البدن انحرف عن هذا الاتجاه أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب، ما معنى قوله: ( اختلاس يختلسه الشّيطان ) فؤاد؟
الطالب : اختلاس يختلسه الشّيطان يعني ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : يعني نقصا يدخله عليه ...
الشيخ : وأصل الاختلاس إيش؟ أخذ الشّيء بخفية فكأنّ الشّيطان يراقبه أو يترقّبه حتى يدخل عليه من هذه النّاحية طيب، متى يجوز الالتفات؟ فيصل.
الطالب : يجوز للحاجة والمصلحة.
الشيخ : نعم تمام.
الطالب : أما الحاجة فأن ... على الإنسان في الصّلاة، وأمّا المصلحة كأن ينظر للإمام.
الشيخ : نعم، ليقتدي به، قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( فإنّه يناجي ربّه ) ما وجه هذه المناجاة؟ نعم ... ما حضرت؟ ماحضرت الدّرس؟ أجب نعم وإلاّ لا.
الطالب : لا.
الشيخ : لا، طيب نشوف واحد نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : لكن المناجاة تقتضي أن تكون من الجانبين ونحتاج إلى شرح هذه المسألة.
الطالب : حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( إذا قال العبد الحمد لله ربّ العالمين، قال الله عزّ وجلّ: حمدني عبدي، وإذا قال: الرّحمن الرّحيم، قال: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال مالك يوم الدين، قال: مجّدني عبدي، فإذا قال: إيّاك نعبد وإيّاك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي وإذا قال اهدنا الصراط المستقيم قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ).
الشيخ : أحسنت، يعني هو ما ثبت في الصّحيح عن أبي هريرة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ( إنّ الله تعالى قال: قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين ) وهذه مناجاة، طيب ما مناسبة ذكر هذا الحديث في باب الخشوع في الصّلاة إبراهيم؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم
الطالب : فإنّه يحتاج إلى حركة، والحركة ...
الشيخ : هذه حركة لحاجة، لم نذكرها نحن؟
الطالب : ... يبين الحركة للحاجة ...
الشيخ : طيب.
الطالب : النّهي إنّما هو عن البصاق ...
الشيخ : عن إيش؟
الطالب : النّهي إنّما هو عن البصاق ...
الشيخ : نعم.
الطالب : قبل وجهه، قبل وجه المصلّي أثناء الصلاة .
الشيخ : يحيى؟
الطالب : ما دام أنّه يناجي ربّه فلا ينبغي له أن ينشغل بأمور أخرى.
الشيخ : نعم، يعني كونه يناجي ربّه يقتضي أن يتأدّب مع الله عزّ وجلّ وأن لا يلتفت إلى سواه واضح؟ هو لو التفت إلى غير الله ما حصل الخشوع فإذا آمن بأنّه يناجي الله عزّ وجلّ فسوف يخشع لأنّ الله يعلم ما في قلبه، هل في الحديث حديث أنس ( إذا كان أحدكم ) ما يدلّ على طهارة البصاق؟ فجري؟
الطالب : ...
الشيخ : وجه الدّلالة؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب وجه ذلك؟
الطالب : ...
الشيخ : افرض أنّه في غير المسجد.
الطالب : ...
الشيخ : لو كانت نجسة ما أذن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن تلامسها القدم. نأخذ درسا جديدا الآن؟
وعنه رضي الله عنه قال : كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( أميطي عنا قرامك هذا ، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي ) . رواه البخاري . واتفقا على حديثها في قصة أنبجانية أبي جهم وفيه : ( فإنها ألهتني عن صلاتي ) .
واتفقا على حديثها في قصة أنبجانية أبي جهم وفيه: ( فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي ) ".
قوله: " قرام لعائشة سترت به بيتها " القرام قالوا إنّه السّتر الرّقيق يستر به الباب،
وقوله: " سترت به عائشة بيتها " يعني إذا جعل على الباب فإنّه يمنع من مشاهدة ما وراءه ،وقوله: " بيتها " أي بيتها التي هي ساكنة فيه، وسيأتي الخلاف هل بيوت أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ملك لهنّ أو أضيفت البيوت إليهنّ باعتبار السّكنى فقط لا باعتبار الملك
فقال لها النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( أميطي عنّا قرامك هذا ) أميطي بمعنى أزيلي ومنه الحديث: ( تميط الأذى عن الطّريق صدقة ) أي تزيله ( فإنّه -أي القرام- لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي ) يعني أنّه عليه الصّلاة والسّلام ينظر إلى هذه التّصاوير التي فيه، والمراد بالتّصاوير هنا مجرّد النّقوش وليست تصاوير الحيوان لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أمرها حينما رأى النّمرقة التي بها الصّورة أمرها أن تمزّقها.
واتفقا أي البخاري ومسلم على حديثها أي حديث عائشة في قصة أنبجانية أبي جهم، وهذه الأنبجانيّة كان أبو جهم رضي الله عنه أهدى إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خميصة، والخميصة كساء معلّم له أعلام ونظر النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إلى أعلامها نظرة واحدة فلمّا انصرف من صلاته أمر أن تردّ الخميصة إلى أبي جهم وأن تؤخذ منه الإنبجانيّة، والإنبجانيّة كساء ليس فيه خطوط وهو أيضا فيه نوع من الغلظة
وفيه ( فإنّها ألهتني آنفا عن صلاتي ) ألهتني أي شغلتني، عن صلاتي أي عن الإقبال عليها بالقلب وإلاّ ففي البدن هو يصلّي عليه الصّلاة والسّلام.
23 - وعنه رضي الله عنه قال : كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( أميطي عنا قرامك هذا ، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي ) . رواه البخاري . واتفقا على حديثها في قصة أنبجانية أبي جهم وفيه : ( فإنها ألهتني عن صلاتي ) . أستمع حفظ
فوائد حديثي : ( كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها ... ) وحديث : ( فإنها ألهتني عن صلاتي ) .
جواز ستر البيت بالقماش، وجه هذا أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أقرّها على ستره لكنّه أمرها أن تميطه لأجل أنّه يشغله في صلاته، وهذ مقيّد بما إذا لم يصل إلى حدّ السّرف، فإن وصل إلى حدّ السّرف دخل في النّهي المستفاد من قوله تبارك وتعالى: (( ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين )) فإن كان لحاجة بأن يكون الجدار باردا ويكسى بالقماش لتوقّي برودته في الشّتاء وحرارته في الصّيف فهذا جائز ولا إشكال فيه، وذلك لأنّه قد علم الآن أنّ كسوة الجدران بالقماش تجعله لطيفا أي تجعل الجدر لطيفة، لا تكون شديدة البرودة في الشّتاء ولا شديدة الحرارة في الصّيف.
ومن فوائد هذا الحديث إضافة البيت الذي تسكنه عائشة إليها لقوله: " بيتها " فهل هذا البيت ملك لها أو إنّه أضيف إليها لأنّها ساكنة فيه؟ الظاهر الأوّل أنّه ملك لها، ودليل ذلك أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لمّا توفّي بقيت النّساء في بيوتهنّ، ومن المعلوم أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لا يورث ولو كانت ملكا له أي للرّسول لم يرثنها أي لم ترث المرأة بيتها التي هي ساكنة فيه
فإذا قال قائل إذا قلتم أنّه بيت ملك لها فيرد عليه إشكال وهي هل بيوت أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم متساوية بحيث لا يدخل أحدهما على الآخر؟ إن قلتم نعم فهذا يحتاج إلى إثبات ودليل وإن قلتم لا وهو الغالب ورد إشكال وهو أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لم يعدل بين زوجاته فيما يملك العدل فيه والجواب على هذا أن نقول إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم علم برضاهم وإذا رضيت الزّوجات أن تفضّل إحداهما على الأخرى في المنزل فلا حرج لأنّ الحقّ لمن؟ الحقّ لمن؟
الطالب : الحق لهنّ.
الشيخ : لهنّ، فإذا رضين بالمفاضلة فلا حرج
ومن فوائد هذا الحديث أنّه لا ينبغي للإنسان أن يصلّي إلى شيء يشغله لقوله: ( أميطي قرامك عني ) ومن ثمّ كره العلماء رحمهم الله أن يكتب في قبلة المسجد شيء قالوا لأنّه يلهي المصلّي وصدقوا هذا بقطع النّظر عن المكتوب، فإذا كان المكتوب شيئا منكرا ازداد ظلمة إلى ظلمته، ومن هذا ما يكتب في بعض المساجد " الله، محمّد " لفظ الجلالة يكون عن يمين المحراب، ومحمّد عن يسار المحراب فإنّ هذا منكر ولا شكّ ووجه كونه منكرا أنّ وضعهما مكتوبين على حدّ سواء نوع من جعل النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ندّا لله تعالى ولهذا لمّا قال له الرّجل ( ما شاء الله وشئت قال: أجعلتني لله ندّا بل ما شاء الله وحده ) والرّجل الذي لا يعرف المنزلة، منزلة الرّبّ عزّ وجلّ ومنزلة الرّسول إذا رآهما هكذا مكتوبين يظنّ أنّهما إيش؟ في منزلة واحدة وهذا منكر
وكذلك لو كان في مكتوب في الجدران أشياء لا يستقيم معناها كالذين يكتبون على المحراب (( فلمّا دخل عليها زكريّا المحراب وجد عندها رزقا )) هذا لا يجوز لأنّ المحراب موضع الصّلاة وليس الطاق الذي في القبلة وهم يجعلون هذه الآية منزّلة على إيش؟
الطالب : على الطاق.
الشيخ : على الطاق الذي في القبلة، والطاق الذي في القبلة قد اختلف النّاس فيه في جوازه، فمنهم من يرى أنّه لا يجوز لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ( نهى عن مذابح كمذابح النّصارى ) وفسّروا ذلك بالمحاريب والصّحيح أنّ المحرّم إنّما هو ما أشبه محاريب النّصارى، لأنّه قيّد نهى عن مذابح كمذابح النّصارى وأمّا المحاريب التي لا تشبه محاريب النّصارى فليس فيها كراهة بل فيها مصلحة وهي الدّلالة على القبلة وعلى مكان الإمام، إذن إذا رأينا هذه الآية مكتوبة على المحراب فإنّنا نتّصل بالمسؤولين ونبلغهم بذلك وإذا أبلغناهم بهذا برأت الذّمّة، ومنها أن تكتب أسماء لله عزّ وجلّ لم تثبت أو أسماء للرّسول صلّى الله عليه وسلم لم تثبت فهذا ينهى عنه ويزداد النّهي حيث إنّ هذه الأسماء لم تثبت.
ومن فوائد هذا الحديث أنّ النّبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم كغيره من البشر قد يلهيه الشّيء عمّا هو أهمّ منه لقوله صلّى الله عليه وسلّم ( فإنّه لا تزال تصاويره تعرض لي ).
ومنها أنّه إذا غلب الوسواس على أكثر الصّلاة لم تبطل لقوله: ( لا تزال تعرض لي في صلاتي ) ولا تزال من الأفعال الدّالّة على إيش؟
الطالب : الاستمرار.
الشيخ : الاستمرار، وهذا القول هو الرّاجح من أقوال العلماء لأنّ السّنّة تدلّ عليه ولأنّ القول ببطلان الصّلاة إذا غلب الوسواس على أكثرها مشقّة على النّاس.
ومن فوائد هذا الحديث أنّه إذا حصل للإنسان ما يخل بكمال صلاته من فعل فاعل فإنّه يطلب من هذا الفاعل أن يزيله لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أمر عائشة أن تزيله.
ومنها حسن خلق النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حيث إنّه لم يزل هذا القرام بنفسه لأنّه لو أزاله بنفسه لكان في ذلك مشقّة عليها لكن أمرها أن تزيله لأنّها هي التي وضعته.
ومنها الإشارة إلى أنّه ينبغي إذا رأى الإنسان شيئا منكرا أو سمع شيئا منكرا من شخص أن يتّصل بهذا الشّخص ليبيّن له المنكر حتّى يزيله الشّخص بنفسه، وهذا يقع كثيرا تسمع بشخص أنّه كتب مقالا أو تكلّم بكلام ليس بصواب فهل الأولى أن تردّ عليه؟ أو الأولى أن تتّصل به وتبيّن له الخطأ ليكون هو الذي يباشر تصويب ما قال؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني بلا شكّ أنّ هذا أحسن، أمّا إذا أصرّ وعاند والأمر منكر لا يدخل فيه الاجتهاد فيجب عليك أن تبيّن الحقّ.
قال: " واتفقا على حديثها في قصة أنبجانية أبي جهم وقوله: ( فإنّها ألهتني عن صلاتي ) " الأنبجانية ذكرنا أنّها كساء غليظ، وأمّا الخميصة فهي كساء معلّم له أعلام وذلك أنّ أبا جهم لمّا أهدى الخميصة إلى رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وكان من عادة النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أنّه يقبل الهديّة ويثيب عليها، يقبل الهديّة ويثيب عليها، فيحتمل أن تكون هذه الأنبجانيّة أثاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أبا جهم على هديّته ويحتمل أنّها لأبي جهم فعلى الاحتمال الأوّل لا إشكال، وعلى الاحتمال الثاني يقال كيف يطلب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أبي جهم الإنبجانيّة؟ وسيأتي الجواب عن هذا الإشكال.
فمن فوائد الحديث المتّفق عليه جواز صلاة الإنسان بالثّياب الرّفيعة، رفيعة المنزلة والقيمة لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم صلّى في الخميصة ومحلّ ذلك ما لم يشغله عن صلاته، إن شغله عن صلاته فلا يفعل.
ومن فوائد ذلك حسن خلق النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حيث إنّه لمّا ردّ على أبي جهم هديّته طلب منه ما عند أبي جهم وهو الأنبجانيّة سواء قلنا إنّها من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو لا، ووجه كون ذلك من حسن الخلق أنّه إذا طلب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم منه الإنبجانيّة طاب قلبه ولم ينكسر خاطره وهذا أمر يجب على الإنسان أن يراعيه فيما إذا حصل ما يوجب كسر القلب أن يحرص على التئام القلب.
ومن فوائد هذا الحديث جواز سؤال الإنسان إذا علمنا أنّ المسؤول يسرّ بهذا السّؤال لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم طلب إنبجانيّة أبي جهم لأنّه يعلم علم اليقين أنّ أبا جهم إيش؟ يسرّ بذلك ولا يستثقله.
ومن فوائده كراهة كلّ ما يلهي عن الصّلاة لقوله: ( فإنّها ألهتني آنفا عن صلاتي ). ( فإنّها ألهتني عن صلاتي ).
ومن فوائده أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم كغيره من البشر يعرض له ما يلهيه عمّا هو أهمّ.
24 - فوائد حديثي : ( كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها ... ) وحديث : ( فإنها ألهتني عن صلاتي ) . أستمع حفظ
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم ) . رواه مسلم . وله عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان ) .
قوله: ( لينتهينّ أقوام ) في هذه الجملة إشكال في إعراب الفعل لأنّ الفعل الآن مفتوح ولم نر ناصبا ينصبه، صالح ...
الطالب : نعم.
الشيخ : ليش؟ لأنّه فعل مضارع اتّصلت به نون التّوكيد المباشرة، طيب متى يبنى المضارع؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : إذا اتّصل بنون الإناث.
الشيخ : طيب إذن يبنى الفعل المضارع في موضعين إذا اتّصلت به نون التّوكيد أو نون الإناث
( أقوام يرفعون أبصارهم إلى السّماء في الصلاة ) يعني لينتهنّ عن هذا
( أو لا ترجع إليهم ) وهذا مثل قوله في هذا المعنى ( أو لتخطفنّ أبصارهم ) الجملة في قوله: ( لينتهينّ ) جملة مؤكدّة بثلاث مؤكّدات: القسم واللاّم والنّون، القسم واللاّم والتّقدير والله لينتهينّ أي يتركنّ
25 - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم ) . رواه مسلم . وله عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان ) . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة ... ) .
ومن فوائده أن رفع البصر إلى السّماء في الصّلاة محرّم، بل لو قال قائل إنّه من الكبائر لم يكن قوله بعيدا لأنّه رتّب عليه وعيد واختلف العلماء رحمهم الله هل تبطل الصّلاة إذا رفع الإنسان بصره إلى السّماء أو لا تبطل؟ أكثر العلماء على أنّ الصّلاة لا تبطل، وقال بعض العلماء ومنهم الظاهريّة إنّ الصّلاة تبطل لأنّه فعل فعلا منهيّا عنه في الصّلاة فكما تبطل الصلاة بالكلام تبطل برفع البصر إلى السّماء، لكنّ القول الصّحيح ما عليه الجمهور أنّ الصّلاة لا تبطل لكنّ الرّجل قد فعل محرّما وعرّض نفسه لايش؟ للعقوبة.
ومن فوائد هذا الحديث الإنكار على من يشاهدهم إذا رفعوا رؤوسهم من الرّكوع رفعوا هكذا وجوههم إلى السّماء وهذا غلط وعلى من رآهم أن ينصحهم ويبيّن لهم لأنّهم جهّال لا يعرفون وأنت عالم فبلّغ كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( بلّغوا عنّي ولو آية )
فإن قال قائل الحديث: ( يرفعون أبصارهم ) فما قولك فيما لو رفع وجهه وأغمض عينيه؟ الظاهر أنّه لا فرق، وأنّ قوله يرفعون أبصارهم من باب الأغلب أنّ الإنسان إذا رفع وجهه رفع بصره، وعليه فلو رفع وجهه وهو مغمض عينيه دخل في النّهي
فإن قال قائل لو رفع بصره إلى السّماء دون وجهه هل يشمله الحديث؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : اقرأوا الحديث؟
الطالب : أبصارهم.
الشيخ : أبصارهم، فالظاهر أنّه يدخل في الحديث وإن كان الأغلب أنّ المعنى رفع البصر مع الوجه.