تتمة شرح حديث (إن الماء طهور لا ينجسه شيء )
تتمة فوائد حديث ( إن الماء طهور لا ينجسه شيء ).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الأصل في الماء الطّهارة لقوله: ( إنّ الماء طهور ) وعلى هذا فإذا شككنا في ماء هل هو طهور أو نجس فهو طهور.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الماء إذا تغيّر بطاهر فإنّه طهور لقوله: ( لا ينجّسه شيء ).
ومن فوائد الحديث: طهارة الماء إذا غمس الإنسان يده فيه بعد قيامه من نوم اللّيل مع أنّ الرّسول نهى أن يقوم الرّجل من نوم اللّيل أن يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، لكن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لم يقل إنّ الماء ينجس وإنّما نهى عن الغمس فقط، وإذا كان لم يقل إنّه ينجس دخل في عموم هذا الحديث أنّه يكون طهورًا باقيًا على طهوريّته.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز تخصيص السّنّة بالإجماع لقوله: ( لا ينجّسه شيء ) وقلنا أنّ هذا مخصوص بالإجماع في أنّ الماء إذا تغيّر بالنّجاسة فإنّه يكون نجسًا على أنّ هذا التّخصيص قد يعارض في كونه ثابتا بالإجماع، لأنّ هناك نصوصًا تومئ إلى أنّ ما تغيّر بالنّجاسة فهو نجس كما سنذكره إن شاء الله فيما بعد.
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الماء لا ينجسه شيء إلا ماغلب على ريحه وطعمه ولونه ) . أخرجه ابن ماجه ، وضعفه ابو حاتم . وللبيهقي : ( الماء طهور إلا إن تغير ريحه ، أو طعمه ، أو لونه بنجاسة تحدث فيه ) .
نعم يقول إن الماء لا ينجسه شيء قارن بينه وبين الحديث الأول حيث قال إنه طهور لا ينجسه شيء، وعلى هذا فيكون معنى ( إن الماء لا ينجسه شيء ) هو معنى إنّ الماء طهور لا ينجّسه شيء لأنه إذا كان لا ينجّسه شيء فهو طهور إذ ليس عندنا إلاّ طهور و نجس كما سيتبين من الأحاديث.
قال: ( إلاّ ما غلب على ريحه و طعمه ولونه ) غلب: أي تغير الماء به، لأنه إذا تغير الماء به فقد غلب بإيش؟ بالريح بأن غلبت رائحة النجاسة وبانت من الماء، ولكن هل يشترط أن تكون هذه الغلبة ظاهرة لكل أحد أو يكفي إذا ظهرت ولو لبعض الناس إذا كان غير موسوس؟ الظاهر الثاني، إذا ظهرت ولو لبعض الناس بشرط ألاّ يكون موسوس لأنّ الموسوس يتوهّم ما لم يتغير متغيرا، لكن إذا ظهرت ولو لبعض الناس ثبت الحكم كما أن الناس إذا رأى واحد منهم الهلال في رمضان إيش؟ ثبت الحكم، كذلك هذا إذا وجدنا اثنين أحدهما شمّه ضعيف والآخر شمّه قويّ فقال الثّاني إنه تغير بنجاسة كفى، والحديث يقول: ( إلاّ ما غلب على ريحه وطعمه ) وهذا أيضا المذاق يختلف فيه الناس اختلافًا عظيمًا، من الناس من هو دقيق في مذاقه لو يتغير الشيء أدنى تغير لعلم به، ومن الناس من يكون مذاقه ضعيفًا لا يميز ولا يفرق إلاّ إذا كان الشّيء فرقه قويّ فالعبرة بإيش؟ بوسط الناس أو بأقوى الناس إذا لم يكن موسوسًا ولو ، أيضا إدراك اللون يختلف الناس فيه أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : من الناس من نظره قوي ومن الناس من نظره غير قويّ فإذا أثبت أحدهم أنه تغير بشرط ألاّ يكون ذا وسواس فإنه يحكم به، وهذا الحديث إذا نظرنا إليه وجدنا أنه لابد أن يتغير الماء بالأوصاف الثلاثة وهي الريح والطعم واللون، فهل هذا مراد؟ نستمع إلى المؤلف إيش يقول: " وللبيهقي: ( الماء طهور إلا إن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه ) " فبين في هذه الرواية إيش؟ أنّه إذا تغير أحد الأوصاف ثبت الحكم دليل ذلك قوله: ( أو ) وأو هنا للتّنويع بخلاف رواية ابن ماجه فإنه ذكره بالواو الدالة على الجمع، وعلى هذا فنقيّد رواية ابن ماجه برواية البيهقي ونقول: إذا تغير الريح أو الطعم أو اللون بالنّجاسة حكم بنجاسته.
3 - وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الماء لا ينجسه شيء إلا ماغلب على ريحه وطعمه ولونه ) . أخرجه ابن ماجه ، وضعفه ابو حاتم . وللبيهقي : ( الماء طهور إلا إن تغير ريحه ، أو طعمه ، أو لونه بنجاسة تحدث فيه ) . أستمع حفظ
فوائد حديث ( إن الماء لا ينجسه شيء إلا ماغلب ... ).
ومنها: تقييد حديث أبي سعيد السابق، لأن حديث أبي سعيد مطلق وهذا مقيد بماذا؟
الطالب : بالتّغيّر.
الشيخ : بما إذا تغيّر طعمه أو لونه أو ريحه، ومنها أنّ الأدلة من الكتاب والسنّة يحمل بعضها على بعض، لأنّها خرجت من مشكاة واحدة ولا يمكن أن نجعلها متفرّقة متوزّعة فنكون ممّن جعلوا القرآن عضين، بل نقول أنّ القرآن يقيّد بعضه بعضًا، ويخصّص بعضه بعضًا، وكذلك السنة وهذا أمر متّفق عليه، لكن قد يختلف العلماء في بعض الأشياء لسبب من الأسباب، وإلاّ فإن العلماء مجمعون على أن الشريعة واحدة، وما أطلق منها في موضع وقيّد في موضع وجب اعتباره إيش؟ مقيّدًا.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الماء إذا تغيّر طعمه أو لونه أو ريحه تغيّرًا ظاهرًا بيّنًا انتقل من الطهورية إلى إيش؟ إلى النجاسة.
ومن فوائده: أن الماء ينقسم إلى قسمين فقط: طهور ونجس، وليس ثَمَّة قسم ثالث يسمّى طاهر خلافًا لما عليه كثير من الفقهاء من أن الماء إما طهور أو طاهر أو نجس، فإن كان طاهرًا بنفسه مطهرًا لغيره فهو طهور، وإن كان نجسًا بنفسه منجسًا لغيره فهو نجس، وإن كان طاهرًا بنفسه ولكنّه لا يطهّر فإنّه يكون طاهرًا غير مطهّر، ولكنّ هذا التقسيم أمر مهم، لو كان من شريعة الله لكان مبيّنًا في كتاب الله أو سنّة رسوله صلّى الله عليه وسلم، لأنّ هذا يترتّب عليه أمور عظيمة، ماذا يترتب عليه؟ يترتب عليه الصلاة التي هي من أعظم الأشياء ولو كان هذا من شريعة الله لبيّنه الله ورسوله بيانًا شافيًا كافيًا فلمّا لم يقع ذلك بل قال إن الماء لا ينجسه شيء، ( إنّ الماء طهور لا ينجّسه شيء ) علمنا أنه ليس هناك قسم يسمّى الطّاهر، وهذا التى دلّت عليه الأحاديث هو ما اختاره ابن تيميّة رحمه الله وقال: إنّ الماء إمّا طهور إمّا نجس وليس ثَمَّة قسم ثالث نعم؟
ما حكم ميتة الحيوانات البرمائية؟
السائل : شيخ بارك الله فيكم، في البحر حيوانات تسمّى برمائية.
الشيخ : برمائية، نعم.
السائل : تعيش في البحر وتعيش في البرّ.
الشيخ : نعم.
السائل : فإذا وجدناها ميتة في البرّ؟
الشيخ : فهي حرام. إذا كانت مما يحرم جنسه في البر تغليبًا لجانب الحظر، ولهذا قال العلماء: إن حيوان البحر مالا يعيش إلا في البحر.
السائل : فإذا وجدناها في البحر ميتة؟
الشيخ : لا تحلّ.
السائل : لا تحلّ؟
الشيخ : أي نعم، تغليبًا لجانب الحظر، إلا إذا كان ممّا لا دليل على تحريمه فالأصل الحلّ. نعم؟
ما الداعي لسؤال الصحابة عن حكم ماء البحر؟
الشيخ : ماء البحر يعني؟
السائل : ...
الشيخ : نعم، هاه؟
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : الذي ألجأهم إلى ذلك قال بعض العلماء إنه لمّا كان ماء البحر يختلف عن غيره يختلف اختلافًا عظيمًا في الملوحة والثقل وغير ذلك ظنّوا أنّه ... أو يقال إنّهم سألوا بدون إشكال لكن ليطمئنوا، الإنسان ربما يسأل عن الشّيء زيادة في الطمأنينة، نعم.
في حديث (ألقوها وما حولها) هل يختص ذلك بالسمن أم بكل مائع؟
السائل : شيخ أحسن الله إليك هل حديث ألقوا الفأرة وما حولها.
الشيخ : ( ألقوها وما حولها ) نعم.
السائل : ( ألقوها وما حولها ) ...
الشيخ : إيش؟
السائل : ...
الشيخ : لا، في كل مائع، في كلّ مائع، نعم؟
أليس من عموم الأدلة أنه يجوز أكل السمك ولو تعفن؟
السائل : ...
الشيخ : إيش؟
السائل : بعض أنواع السّمك ...
الشيخ : أي نعم.
السائل : ...
الشيخ : عموم الأدلة يجوز أكل السمك ولو تعفّن إلاّ إذا ثبت طبًّا أنّها تضرّ فالضّارّ محرّم، نعم؟
السائل : بارك الله فيك، ... دليل ضعيف؟
الشيخ : لا، نحن ذكرنا أنّ هناك أدلّة قويّة، سنذكرها إن شاء الله إذا استكملنا الرّوايات، نعم؟
إذا زال تغير الماء بالنجاسة فهل يطهر ؟
السائل : أحسن الله إليك، إذا تغير لون الماء أو ريحه أو طعمه بنجاسة ثم أزيلت هذه النجاسة إما بغليان أو بشيء طبيعي ...
الشيخ : هذا السؤال لا بأس أن نذكره وإن كان سيأتي أحاديث تدل عليه، يعني إذا زال تغير الماء بالنجاسة هل يطهر أو يفرق بين يزول بنفسه أو بمعالجة؟ الصحيح أنه يطهر سواء زال بنفسه أو بمعالجة وسواء كان قليلًا أو كثيرًا، وسواء نعم وسواء أضيف إليه مادة تحلّل النجس أو لا، وذلك أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا فمتى زال أثرها أي النجاسة صار طاهرًا وحلالًا إذا لم يضر.
السائل : هناك من يقول أن ماء البحر ...
الشيخ : أكثر إزالة، أقوى إزالة.
السائل : أقوى إزالة.
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : إيش؟
السائل : ...
الشيخ : هو يقال أنّ المالح أقوى في إزالة الأوساخ والنجاسة يقال هكذا، ولكن بالنسبة للحذف هو سواء لا فرق بينهم، نعم؟
ما حكم نقل حيتان البحر إلى برك أو بحيرات؟
السائل : كلّ ما في البحر ...
الشيخ : أيّهم؟
السائل : ...
الشيخ : الحيتان يعني؟
السائل : نعم.
الشيخ : أي نعم، يعني لو نقلنا حيتانًا وجعلناها في برك عندنا مثلًا فالحكم واحد، ولهذا الآن يأتون بالبرك يأتون بحيتان صغيرة تنمو وتتوارث في البرك.
السائل : ...
الشيخ : نعم؟
السائل : ...
الشيخ : أي نعم، صيد على القول الراجح.
السائل : شيخ بارك الله فيك، إذا تغيّر الماء بتغيّر أحد أوصافه ..
الشيخ : المحرم يصيد صرّح في القرآن: (( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ))
السائل : في مكة يا شيخ؟
الشيخ : حتّى في مكّة ، لكن لو كان هناك بحيرة في مكّة وفيها حيتان هل تحرم أو لا؟
الطالب : لا تحرم.
الشيخ : الصّحيح أنّها لا تحرم، وبعض العلماء يقول: تحرم لأنّ هذا المكان آمن، آمن لكل ذي حياة لكن ما فيها جزاء، لأن الذي فيه الجزاء هو صيد البر والصواب أنها حلال، نعم؟
ما حكم سقي الزرع بالماء النجس؟
السائل : بعض الناس يروي الزرع بالماء بعد ما تغير بنجاسة.
الشيخ : يسقى الزرع بماء نجس؟
السائل : يسقى الزرع بماء تغيّر بالنّجاسة تغيرًا ظاهرًأ.
الشيخ : طيب، وبعض الناس يجعل السماد من عذرة الإنسان، وكانوا عندنا يجعلون السماد من عذرة الحمير، نعم فما الحكم؟ أكثر العلماء على أنّ ذلك لا بأس به بناء على إيش؟ بناءً على أنّ النجاسة تطهر بالاستحالة وأنّ هذا الماء النجس أو العذرة النجسة إذا شربتها عروق الشجرة استحالت وهذا صحيح، الصّواب أنّه لا بأس به، لكن إذا تغيّرت الثّمرة وظهر أثر النجاسة عليها فحينئذ تحرم، يعني لو فرض أنّ النجاسة صار لها تأثير قويّ على الثمرة، تشمّ الرّائحة من داخل الثمرة مو من خارجها لأن من الخارج قد يكون الهواء ينقل الرائحة إلى الثمرة لكن من داخل هنا لا تأكلها لأنها خبيثة، نعم؟
السائل : ...
الشيخ : أي نعم يعني لو وجد سمك؟
السائل : ...
الشيخ : هاه؟
السائل : ...
الشيخ : مثل إيش؟
السائل : حشرات صغيرة.
الشيخ : والله ما أدري، هو يقول يوجد في المياه الحائرة حشرات صغيرة قصدك العلقة مثلًا؟ العلق؟
السائل : ...
الشيخ : نعم؟
السائل : يوجد ثعابين يوجد في التّرع.
الشيخ : والله ما أدري، هذه تحتاج إلى التأمّل.
السائل : بارك الله فيكم ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : أي نعم، لكن هل هو يأكل الآدميّ يعني يعدو مثل السباع وإلاّ لا؟
السائل : ...
الشيخ : ... لا بأس بذلك، لكن إذا مات ما يحل تغليبًا لجانب الحظر.
السائل : ...
الشيخ : هاه؟
السائل : ...
الشيخ : صغير يعني مرّة؟
السائل : لا يا شيخ، كبير.
الشيخ : هاه؟
السائل : كبير كبير.
الشيخ : إذا كان كبير فهو مما له نفس سائلة، لابدّ أن يكون له نفس سائلة.
السائل : ...
الشيخ : فيها سمّ؟
السائل : نعم.
الشيخ : طيب لو أعطيتك ثمرة فيها سم تحلّ أو ما تحلّ؟
السائل : ...
الشيخ : طيب تحلّ وإلاّ لا؟
السائل : ما تحلّ.
الشيخ : ما تحلّ، طيب السمك إذا ثبت أنها فيها سم ما تحلّ، أي نعم.
السائل : ...
الشيخ : المهم الظاهر محرم هذا الغالب، -اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته-.
تتمة مراجعة حديث ( إن الماء لا ينجسه شيء إلا ماغلب على ...).
ثانيًا: أن الماء لا ينجس إلاّ بالتغير لقوله: ( لا ينجّسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه ) ورواية في البيهقي بالتنويع: ( ريحه أو طعمه أو لونه ) طيب فإذا وقعت فيه نجاسة ولو تغيّره فبناء على هذه القاعدة المبنية على الحديث يكون طهورًا قلّ أو كثر.
القاعدة الثالثة: أنه إذا تغير أحد أوصافه الطعم أو اللون أو الريح بالنجاسة صار نجسًا صار نجسًا لقوله: ( إلا إذا تغيّر طعمه أو لونه أو ريحه ).
القاعدة الرابعة: أنّ النّجاسة التي تؤثّر في الماء هي التي تحدث فيه، وعلى هذا فلو تغيّر ريح الماء بميتة حوله فإنما يكون طهورًا لأن حديث البيهقي ( بنجاسة تحدث فيه ) وما كان خارج الماء فإنها ليست حادثة فيه، وقد حكى بعضهم إجماع العلماء على ذلك أي على أنّ الماء إذا تغيّر بالمجاورة من غير أن تحدث النّجاسة فيه فإنّه يكون طهورًا.
والقاعدة الخامسة: أنّ الأصل في الماء الطهارة لقوله: ( تحدث فيه ) والحادث ليس قديمًا بل هو متأخّر، وعلى هذا فإذا وجدت ماء وشككت هل هو طهور أو هو نجس فهو طهور لأنه لا يمكن أن ينتقل من الطهورية إلا بنجاسة تحدث فيه، والحدث يكون متأخّرًا عن القديم، فإن قال قائل بماذا نطهر الماء؟ يعني إذا عرفنا أنّه صار نجسًا فبماذا يطهر؟ قلنا يطهر بأيّ مزيل للنّجاسة، أيّ مزيل للنّجاسة فإنّه يطهر به لماذا؟ لأنّ الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فما دام الشارع قد علّق نجاسة الماء بتغير الطعم أو اللون أو الريح فإنه متى زال ذلك صار إيش؟ طهورا بأيّ سبب، فمثلًا لو أنّنا أضفنا إلى هذا الماء مواد كمياوية حتى زالت النجاسة لا طعم ولا لون ولا ريح فإنه يكون طهورًا يجوز الوضوء به، ويجوز سقي النّخل والزّرع، ويجوز شربه إذا لم يكن على الإنسان ضرر في ذلك لأن الحكم يدور مع علّته، كذلك أيضًا لو كان مع الرّياح والشّمس زالت النّجاسة بنفسها بدون أي عمل يكون أيضًا طهورًا لأنّ الحكم يدور مع علّته، كذلك أيضًا لو كانت النجاسة في جانب نرى أثرها في هذا الجانب اللون أو الطعم أو الريح لكن بقيّة الجوانب لم تتغيّر ثم أخذناها وما حولها مما تغير بقي الباقي إيش؟
الطالب : طهورًا.
الشيخ : طهورًا، بقي الباقي طهورًا وهذا يكون إذا كان الماء خاثرًا بعض الشيء لا طبيعيًّا لأن النجاسة لا تمتد في مثل هذه الحال. ويدلّ لهذا أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الفأرة تموت في السمن فقال: ( ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم ) والحديث الذي فيه التّفصيل " إن كان مائعًا فلا تقربوه، وإن كان جامدًا فألقوها وما حولها " حديث لا يصحّ فالذي في الصحيحين هو أنه قال: ( ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم ) ثمّ إنّ الغالب في السّمن في الحجاز الغالب أنّه لا يكون جامدا لأنّ الحجاز منطقة حارّة، على كلّ حال إذن القاعدة في تطهير ما تنجّس ما هي؟ أنّه متى زالت النّجاسة بأيّ مزيل أو زالت بنفسها فإنّه يكون طهورًا مطهّرًا من الأحداث والأنجاس، أمّا مسألة الشرب إذا كان طهوريّته بالمعالجة بالكمياويات فهذا يرجع إلى نظرالأطباء إذا قالوا أنه لا يضر فليشرب لأنّه زالت نجاسته.
ثم نبدأ الآن الدرس الجديد.
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ) ، وفي لفظ ( لم ينجس ) . أخرجه الأربعة ، وصححه ابن خزيمة والحاكم وابن حبان .
" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا كان الماء قلّتين لم يحمل الخبث )، وفي لفظ: ( لم ينجس ) أخرجه الأربعة وصحّحه ابن خزيمة والحاكم وابن حبان ".
يقول: ( إذا كان الماء قلتين ) القلتان تسمية قلّة فما هي القلّة؟ القلّة تحمل على ما ذكره الرّسول عليه الصّلاة والسّلام في حديث المعراج حيث قال: ( إنّ أوراقها كآذان الفيلة وإن -أظنّه قال نبقها- كقلال هجر ) وهي تشبه ما يسمّى عندنا بالجابية يوضع فيها الماء، وكانوا بالأوّل يبرّدون الماء بهذه الجابية، وهي شيء يشبه البرميل المصنوع من الطوب يبرّد الماء، إذ القلتان تثنية قلة والمراد بها قلال هجر، وذكر العلماء أن القلّة تسع قربتين وشيئًا، قربتين وشيئًا، الشّيء قالوا يحمل على النصف لأنه لم يبين فيحمل على المناصفة، كما لو قلت في لاثنين هذا الطعام بينكما يكون بينهما مناصفة فإذا لم يتبين القسط فإنه يجعل على المناصفة، طيب إذا تسع قربتين وشيئًا وجعلنا الشيء بمعنى النصف كم تكون القلتان؟ خمس قرب متوسطة.
( لم يحمل الخبث ) وفي لفظ: ( لم ينجس )، لم يحمل الخبث يعني لم يتبيّن فيه أثره، هذا المراد بما لم يحمل الخبث ويفسّره اللّفظ الثّاني ( لم ينجس ) يعني إذا بلغ هذا المقدار فإنه وإن سقطت النجاسة فيه لم ينجس لأنّه بلغ حدًّا كبيرًا لا تؤثر فيه النجاسة.
13 - وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ) ، وفي لفظ ( لم ينجس ) . أخرجه الأربعة ، وصححه ابن خزيمة والحاكم وابن حبان . أستمع حفظ
فوائد حديث ( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ).
طيب فلننظر الآن إذا كان الماء قلّتين لم يحمل الخبث يعني لم ينجس فهل هذا على عمومه؟ لا شكّ أنّه ليس على عمومه بالإجماع، لأنّنا لو أخذنا بعمومه لكان ظاهره أنّه لا ينجس سواء تغيّر أم لم يتغيّر وهذا خلاف الإجماع، فإنّ العلماء مجمعون على أنّ الماء إذا تغيّر بالنّجاسة فهو نجس وعلى هذا فلا يصحّ الأخذ بعمومه، واضح؟
ثانيًا: له مفهوم وهو إذا لم يبلغ قلّتين صار نجسًا، لم يبلغ قلّتين صار نجسًا، وظاهره ظاهر المفهوم أنّه سواء تغيّر أم لم يتغيّر وحينئذ يكون مخالفًا لحديث أبي أمامة السّابق الدّالّ على أنّه لا ينجس الماء إلاّ بالتّغيّر، ودلالة حديث أبي أمامة على أنّ الماء لا ينجس إلاّ بالتّغيّر دلالة منطوق، ودلالة حديث ابن عمر هذا دلالة مفهوم، والعلماء يقولون إذا تعارضت الدّلالتان المنطوقيّة والمفهوميّة فإنّه يقدّم المنطوق، على أنّ المفهوم يكتفى بالعمل به بصورة واحدة، إذا صدق المفهوم بصورة واحدة كفى، فمثلًا نقول: مفهومه إذا لم يبلغ قلّتين لم يحمل الخبث، أو إذا بلغ قلّتين صار نجسًا فنقول هذا يعمّ ما تغيّر وما لم يتغيّر ويكفي أن نقول إنّه محمول على المتغيّر وحينئذ نكون قد عملنا بإيش؟
الطالب : بالمفهوم.
الشيخ : عملنا بالمفهوم، والمفهوم كما قال أهل الأصول: يكفي في العمل به صورة واحدة، على كلّ حال ما دام الحديث ضعيفًا وعندنا حديث سابق يؤيّده الدليل الأثري ويؤيّده الدّليل النّظري فإنّه لا يعمل به، ويقال: إنّه إذا بلغ قلّتين وحدثت فيه نجاسة فإن غيّرته؟ أجيبوا؟
الطالب : فهو نجس.
الشيخ : فهو نجس مطلقًا، وإن لم تغيّره فهو طهور، إن لم يبلغ قلّتين فالحكم كذلك، إذا حدثت فيه نجاسة إن غيّرته فهو نجس وإن لم تغيّره فهو طهور، ولكن لا شكّ أنّه كلّما قلّ الماء وكبرت النّجاسة كان تغيّر الماء بها أقرب وحينئذ لا بدّ أن نسلك سبيل الاحتياط، أن نسلك سبيل الاحتياط، لأنّه لا شكّ لو نزل نقطة صغيرة بقدر عين الجرادة في ماء يبلغ مثلًا قربة كاملة فهذا يغيّر أو لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا يغيّر ولا يؤثّر، فعلى مقتضى هذا الحديث إذا أخذنا بعموم المفهوم يكون نجسا ولكنّه لا يكون نجسًا، ولو سقطت نجاسة كبيرة فيما دون ذلك لكان تغيّر الماء بها؟
الطالب : واضحًا.
الشيخ : قويًّا، قويًّا، فأنت أيّها الإنسان احتط لنفسك الذي يغلب على ظنّك أنّ النّجاسة تؤثّر فيه احتط لا تستعمله إلاّ لحاجة، وأمّا الذي يغلب على ظنّك أنّ النّجاسة لا تؤثّر أو تأكّدت أنّها لا تؤثّر فيه فلا يهمنّك أن يكون قليلًا أو كثيرًا، هذا الذي تدلّ عليه الأدلّة والقواعد العامّة في الشّريعة ولا يكلّف الله نفسًا إلاّ وسعها.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب ). أخرجه مسلم ، وللبخاري : ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ، ثم يغتسل فيه ) ، ولمسلم : ( منه ) ، ولأبي داود : ( ولا يغتسل فيه من الجنابة ).
( لا يغتسل ) لا: ناهية والدّليل على أنّها ناهية إيش؟ جزم الفعل بها لأنّ لا النّاهية تعمل الجزم فيما تدخل فيه من الأفعال، هي تدخل وإن أخطأت فقوّموني تدخل على فعل الأمر والفعل الماضي والفعل المضارع ..
الطالب : ...
الشيخ : لا؟
الطالب : المضارع.
الشيخ : المضارع فقط، نعم لا تدخل إلاّ على المضارع فهي من علامات المضارع، وكذلك لم لا تدخل إلاّ على المضارع فإذا وجدت كلمة دخلت عليها لم فهي فعل مضارع.
طيب ( أحدكم في الماء الدّائم ) أحدكم هذه خطاب للرّجال، واعلم أنّ أكثر خطابات القرآن والسّنّة موجّهة للرّجال، لأنّ الرّجال هم وعاة العلم وهم رعاة الأمّة، فلهذا تجد أكثر الخطابات في القرآن والسّنّة موجّهة إلى الرّجال.
وقوله: ( في الماء الدّائم ) الدّائم سيأتي في الحديث الذي بعده أنّه الذي لا يجري لأنّه ساكن لا يتحرّك فهو دائم.
وقوله: ( وهو جنب ) هذه الجملة في موضع نصب على الحال من أحدكم أي من فاعل يغتسل، يعني والحال أنّه جنب، لماذا؟ لأنّ الجنب وإن كان طاهر البدن لكن قد يكون هناك إفرازات خفيّة بسبب الجنابة لا ندري ما هي فتؤثّر في الماء توسّخه، تقذّره فلهذا نهي عنه، نهي أن يغتسل في الماء الدّائم وهو جنب.
15 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب ). أخرجه مسلم ، وللبخاري : ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ، ثم يغتسل فيه ) ، ولمسلم : ( منه ) ، ولأبي داود : ( ولا يغتسل فيه من الجنابة ). أستمع حفظ
فوائد حديث ( لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب ).
ومنها: شمول الشّريعة التي جاء بها محمّد صلّى الله عليه وسلّم فهي شاملة لمصالح النّاس في المعاد والمعاش خلافًا لمن قال إنّ الشّريعة هي تنظيم العبادة فيما بين الإنسان وبين ربّه والباقي موكول إلى النّاس هذا غير صحيح، وهذا يخشى أن يكون من باب الكفر ببعض الشّريعة والإيمان ببعضها، الشّريعة شاملة لكنّ النّاس يختلفون في العلم والفهم، قد يقصر علم الإنسان عن الإحاطة بالشّريعة وهذا كثير، وقد يقصر فهمه عمّا أحاط به من الشّريعة فيظنّ أنّ الشّريعة مقصّرة أو قاصرة في هذا الباب.
ومن فوائد هذا الحديث: تحريم أو كراهة اغتسال الإنسان وهو جنب في الماء الدّائم من أين يؤخذ؟ من النّهي، وقد اختلف الأصوليّون في النّهي هل هو للكراهة أو للتّحريم أو يفرّق بين ما كان مبناه العبادة وما كان مبناه الأدب والنّظافة؟ فالأوّل محرّم النّهي يكون فيه للتّحريم والثاني للكراهة، قالوا: إنّما كان النّهي للتّحريم لأنّه في جانب العبادة والإنسان إنّما خلق لإيش؟ للعبادة، فلا بدّ أن يحقّقها فعلًا للمأمور وتركًا للمحظور، أمّا الأداب وما يعود للصّحّة وما أشبه ذلك فيحمل على الكراهة، والمتأمّل للأحاديث التي فيها النّهي يرى أنّ هذا القول أقرب ما يكون، لأنّه يمرّ بك أحاديث فيها نهي ولم تكن للتّحريم ولا يمكن أن تقول أنّها للتّحريم، ويمرّ بك تقول إنّها للتّحريم فإذا وجد نهي مطلق غير مقرون بما يدلّ على أنّه للتّحريم فأقرب الأقوال في ذلك الوسط أنّ ما كان شأنه شأن العبادة فهو للتّحريم، وما كان للنّظافة والآداب وما أشبه ذلك فهو للكراهة.
طيب من فوائد هذا الحديث جوزا الإغتسال في الماء غير الدّائم والماء غير الدّائم ينقسم إلى قسمين: قسم يجري الآن يجري كالأنهار والسّواقي، السّواقي التي تجري هذه يتطهّر بها الإنسان ولا إشكال في ذلك سواء جنب أو غير جنب فينوي الاغتسال ويغتسل ينغمس فيها، ولكن لا شكّ أنّ الذي يجري سوف يتجدّد الماء على البدن فهل نقول كلّ جرية عن غسلة؟ الجواب: نعم كلّ جرية عن غسلة ولهذا قال الموفّق رحمه في المغني إنّ الرّجل إذا حرّك يده في الماء فقد غسلها ثلاثا لأنّ الماء يتجدّد بالحركة فكذلك أيضًا إذا كان الماء يجري فكلّ جرية تغمر البدن تعتبر إيش؟ غسلة، طيب القسم الثاني من الماء غير الدّائم الذي هو الآن راكد لكن نعلم أنّه سوف يفتح له بعد ساعة أو ساعتين ويمشي ويخلفه آخر كما يوجد هذا في برك البساتين، تجد البركة الآن مملوءة لا تجري الآن لكنّه سوف يفتحها من ينوي توزيع الماء ويوزّعها على الحائط ويأتي ماء جديد هل نجعل هذا من الدّائم أو من الجاري؟
الطالب : الجاري.
الشيخ : من الجاري، هذا لا شكّ من الجاري لأنّ هذا الماء سوف يذهب إذن ما هو الماء الدّائم؟ الماء الدّائم ما يكون في الغدران، أتعرفون الغدران؟ هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : ما هي الآبار!
الطالب : المستنقعات.
الشيخ : المستنقعات، مستنقعات الأمطار هذه نعم دائمة لأنّ المطر قد ينزل وقد لا ينزل وقد يبقى الغدير دائمًا على هذا الوضع، فهذا هو الذي ينطبق عليه الحديث.
من فوائد هذا الحديث: وهو من مفهومه أنّه يجوز الاغتسال في الماء الدّائم عن غير جنابة كما لو اغتسل للتّنظيف أو اغتسل غسلًا مستحبًّا كما لو أفاق من إغماء واغتسل غسلًا فهذا مستحبّ، فهل نقول بهذا المفهوم أو نقول المفهوم فيه التفصيل؟ نقول المفهوم فيه التفصيل لأنّ الإنسان إذا اغتسل في الماء الدّائم من غير جنابة قد يكون جسده ملوّثًا بأذى كثير أذى كثير يؤذي النّاس برائحته وإن لم ينغمس في الماء فهذا نقول إنّه ينهى عن أن يغتسل في الماء الدّائم، لكن نأخذه من هذا الحديث أو من القواعد العامّة؟
الطالب : القواعد العامّة.
الشيخ : في أنّ الإنسان لا يجوز أن يؤذي المسلمين وهذا يؤذي المسلمين، لأنّه المفروض أنّه في غدير كلٌّ يأتي فيغتسل أو يشرب منه فإذا كان في الإنسان وسخ كثير يتغيّر به الماء حتى يطفو على سطح الماء ما يكون كالدّهن من الأذى الذي في الجلد فهذا لا شكّ أنّه ينهى عنه من أجل أنّه يقذّره ويكون هذا داخلًا في إيش؟ في القواعد العامّة أمّا إذا كان البدن نظيفًا واغتسل فيه من غير جنابة فالحديث يدلّ على الجواز.
ومن فوائد هذا الحديث: ذكر الجنب فما هو الجنب؟ الجنب من لزمه الغسل عن جماع أو إنزال هذا الجنب، وقد كان كثير من النّاس ولا سيما الشّباب الذي تزوّج أخيرا يظنّ أنّه لا غسل بالجماع المجرّد وهذا خطأ وينبغي لطلبة العلم أن ينشروا بين النّاس أنّ الجماع يوجب الغسل وإن لم يحصل إنزال، بعض الناس يسألنا له شهر أو شهران أو أكثر لا يغتسل من الجنابة إلاّ إذا كان هناك إنزال وهذا خطأ. طيب لماذا أتى المؤلف بهذا الحديث في هذا الباب؟ إشارة لقول بعض العلماء رحمهم الله أنّه إذا اغتسل في الماء الدائم وهو جنب فإنّه يكون نجسًا وبعضهم يقول إنّه يكون طاهرا غير مطهّر، ونحن نقول: الحديث لا يدلّ لا على هذا ولا على هذا، أمّا الأوّل فما أبعد دلالته عليه كيف يكون نجسًا وبدن الجنب؟
الطالب : طاهر.
الشيخ : طاهر، إنّ أبا هريرة كان مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في بعض الطّريق فانخنس يعني انسلّ بخفية واغتسل ثمّ حضر فقال له الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أين كنت يا أبا هريرة؟ قال كنت جنبًا فكرهت أن أجالسك على غير طهارة، فقال: ( سبحان الله! إنّ المؤمن لا ينجس ) فقال: إنّ المؤمن إشارة إلى أنّ أبا هريرة لمّا فهم أنّ الجنب لا يجالس الشّرفاء والعظماء بيّن أنّه لا ينجس إذن لا ينجس وهو جنب، فالقول بأنّ الماء ينجس قول ضعيف جدًّا.
القول بأنّه طاهر غير مطهّر من أين لكم ذلك؟ أوّلا أنّنا لا نسلّم وجودا قسما من الماء يسمّى طاهرًا لأنّه ما فيه دليل، وثانيًا: لو سلّمنا هذا أو كان فيه دليلًا عليه فإنّ هذا الحديث لا يدلّ عليه، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يتعرّض لحكم الماء إطلاقًا وإنّما وجّه الخطاب لمن؟ لمن اغتسل أمّا الماء فلم يتعرّض له.
نعم قال: " وللبخاري: ( لا يبولنّ أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه ) " هذا فيه خصوص وعموم مثل ما سبق، هنا قال: ( ثمّ يغتسل فيه ) ولم يقل من الجنابة بل قال: ( ثمّ يغتسل فيه ) لكنّه قيّد هذا النّهي عن الاغتسال بما إذا بال فيه، إذا بال فيه، فقوله: ( لا يبولنّ ) البول معروف، وقوله: ( في الماء الدّائم ) فسّرها بقوله: ( الذي لا يجري ) وقوله: ( ثمّ يغتسل فيه ) أي: ينغمس لأنّ في للظّرفيّة والظّرف يكون عامًّا للمظروف، فإذا جعلنا الماء ظرفًا لزم من ذلك أنّ الإنسان إيش؟ ينغمس فيه، طيب إذن هذا الحديث ليس الحديث لأنّ الحديث الأوّل نهي الرّجل أن يغتسل وهو جنب أمّا هذا فهو نهي الرّجل أن يبول في الماء ثمّ يغتسل فيه، ولا شكّ أنّ هذا النّهي موافق للحكمة لأنّه كيف تبول فيه والبول نجس ثمّ تذهب لتتطهّر به أو تتنظّف به؟! هذا غير لائق حتى الفطرة والطّبيعة تنافي ذلك.
فيستفاد من هذا الحديث فوائد منها ما سبق والذي قبله وهي مراعاة الشّرع للصّحّة وشموله لمصالح العباد في المعاش والمعاد.
ومنها: نهي الإنسان أن يبول في الماء الدّائم الذي لا يجري ثمّ يغتسل فيه، فيفهم منه جواز البول في الماء الذي يجري وهذا المفهوم فيه تفصيل: إذا كان الماء الذي يجري لا يمرّ بأحد يتلوّث بالنّجاسة لو أصابه فلا حرج أن تبول فيه لأنّ هنا لم تضرّ أحدًا، أما إذا كان الماء سوف ينزل إلى أحد ينتفع به شربًا أو طهارة فهنا لا يجوز أن تبول إذا كان يمكن أن يتغيّر هذا الماء بالبول، أما إذا لم يمكن مثل إنسان بال في وادٍ عظيم أو في نهر هذا لا يؤثّر لا بأس به.
هل يؤثر جهاز الفيلتر على تطهير الماء؟
السائل : شيخ.
الشيخ : نعم؟
السائل : ...
الشيخ : إيش؟
السائل : ...
الشيخ : أي نعم.
السائل : ...
الشيخ : أي نعم.
السائل : ...
الشيخ : أي.
السائل : ...
الشيخ : يكون إيش؟
السائل : ...
الشيخ : يعني ينظّف الماء؟ يعيده؟ لكن هل يطهّر؟ يعني هل يزيل النّجاسة؟
السائل : ...
الشيخ : هاا، الظاهر أنّ هذا الفيلتر ينقّيه من الأشياء أي نعم الشّوائب، يعني مثلًا تراب، أشياء ممّا ذرته الرّياح وما أشبه ذلك.
السائل : ...
الشيخ : لا يؤثّر على لونه ولا على طعمه.
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : أي نعم، وهذا الذي قلناه، قلنا ما يدخل إلاّ إذا كان يفسد الماء.
السائل : ...
الشيخ : إذا كان الإنسان فيه أوساخ كثيرة وانغمس في هذا الماء يتأثّر به، المهمّ قلنا ما لم يتأذّ به.
هل يصح ذكر بعض المسائل التي يستحيا منها في كل مجلس؟
السائل : شيخ بارك الله فيكم بيان موجبات الغسل... من أراد أن يتكلّم في هذا الموضوع قال لا تفتح الأبواب ...
الشيخ : لماذا أتيت بهذا السّؤال؟ الذين عندي كلّهم ... كلّ الذين عندي ما شاء الله في الجامعات.
السائل : ...
الشيخ : هو في الحقيقة لكلّ مقام مقال، لكلّ مقام مقال، قد لا يحسن التّكلّم في هذا في وصف الماء الدافق وما أشبه ذلك لأنّه يفتح لهم أبواب خصوصًا في الابتدائي في السّنّة السّادسة وما دونها، المتوسّطة يمكن بعضهم قد يحتلم.
السائل : ...
الشيخ : والله ما أدري، قلنا أنّ الإنسان ينظر إلى المصلحة، نعم؟
ما حكم البول في الماء الراكد الكبير؟
الشيخ : لا، لكن هذا ذكره الرّسول لأنّه يخاطب بالرّجال والرّجال ليس عندهم حيض وهو بناء على الأغلب.
السائل : ...
الشيخ : هي كالجنب، كالجنب، نعم؟
السائل : ...
الشيخ : إيش؟
السائل : ...
الشيخ : إذا إيه؟
السائل : ...
الشيخ : أي نعم.
السائل : ...
الشيخ : لا، ليس مكروهًا، ما فيه بأس وهو يجري.
السائل : ...
الشيخ : لا لا، اختلفوا على الكراهة لأنّه لو نقول مثلًا جائز على سبيل المباح جاء واحد وبال، والثاني وبال، والثالث وبال.
السائل : ...
الشيخ : ولو، عندك الأرض يا أخي، الأرض أحسن لك.
هل هذا الحكم خاص بالواحد أم الجماعة كذلك؟
الشيخ : هاه؟
السائل : ...
الشيخ : أي نعم، نقول نعم لا تبل في الماء.
السائل : ...
الشيخ : إذا كان؟
السائل : ...
الشيخ : أي نعم، لأنّه يقذره عليه.
السائل : ...
الشيخ : إن كان مستعمل فهو مكروه ليش؟ لأنك تخاطب واحد، لكن إذا قلنا الواحد هذا مباح ما فيه مانع وجاء الثاني والثالث وهو مباح ربّما يفعلون هذا.
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : الغسل من الجنابة مطلقًا سواء واحد أو جماعة.
السائل : ...
الشيخ : نعم؟
السائل : ...
الشيخ : سيأتينا إن شاء الله في مسألة البول لأنّنا ما كمّلنا شرحها، نعم؟
السائل : أحسن الله إليكم، إذا كان الإنسان على جنابة ...
الشيخ : غدير؟
السائل : أي.
الشيخ : لا، لا ينغمس فيه، الحديث يدلّ على أنّه لا ينغمس فيه، الإنسان على جنابة وحوله غدير نقول لا تنغمس فيه خذ من الإناء واغتسل، وإلاّ اجلس عند الغدير وخذ بيدك واغترف واغتسل، هاه؟
إنسان عليه جنابة وحوله غدير فما العمل؟
الشيخ : أيّه؟
السائل : ...
الشيخ : ما هو؟
السائل : ...
الشيخ : لا، الحديث هذا حديث أبي هريرة ما تكلّم على الماء، يتكلّم على الاغتسال أنّه لا يغتسل في الماء، أمّا نجس أو غير نجس هذا شيء آخر، نعم؟
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : أي نعم.
السائل : ...
الشيخ : نعم ... يغتسل فيه.
السائل : ...
الشيخ : لا.
تتمة شرح حديث ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ، ثم يغتسل فيه). ولمسلم : ( منه ) ، ولأبي داود : ( ولا يغتسل فيه من الجنابة ) .
( لا يبولنّ أحدكم ) هذه " لا " ناهية ويبول فعل مضارع منصوب بلا النّاهية، إن أخطأت فقوّموني.
الطالب : لا ...
الشيخ : لا؟ ليش؟
الطالب : لا النّاهية تجزم.
الشيخ : مجزوم؟
الطالب : ...
الشيخ : لماذا فتح؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : لاتّصاله بنون التّوكيد.
الشيخ : لاتّصاله بنون التّوكيد، طيب، وهو إذا اتّصل بنون التّوكيد لفظًا وتقديرًا صار مبنيًّا على الفتح، أمّا إذا اتّصل بها لفظًا لا تقديرًا فإنّه يرفع يعني يكون غير مبني مثل: (( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولُنّ الله )) ولم يقل ليقولَنّ لأنّ النّون قد فصل بينها وبين الفعل بفواصل لكن حذفت لأسباب تصريفيّة. طيب ( لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم ) وفسّره بقوله: ( الذي لا يجري ثمّ يغتسل فيه ) ذكر المحدّثون أنّ هذه الجملة الأخيرة رويت على ثلاثة أوجه: على الرّفع والنّصب والجزم، فعلى رواية الجزم نقرؤها هكذا ( لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم ثمّ يغتسلْ فيه ) وتكون معطوفة على يبولنّ، لكنّها جزمت لأنّها لم يتّصل بها نون التّوكيد، ويكون معنى الحديث لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم الذي لا يجري ولا يغتسل فيه فيكون هذا الحديث مشتملًا على مسألتين كلّ واحدة مستقلّة عن الأخرى، الأولى: النّهي عن البول، والثانية: النّهي عن الاغتسال في الماء الدّائم الذي لا يجري أفهمتم؟ على رواية النّصب تكون ثمّ هنا ملحقة بواو المعيّة، وواو المعيّة بعد النّهي يكون فعلها منصوبًا تقول: لا تأكل السّمكَ وتشربَ اللّبن، أي: مع شرب اللّبن، حملوا ثمّ هنا في العمل على إيش؟ على الواو فقالوا: لا يبولنّ ثمّ يغتسلَ وعلى هذا فيكون المعنى لا يجمع بين البول والاغتسال، لا يجمع بين البول والاغتسال.
طيب على رواية الرّفع يكون النّهي عن مسألة واحدة وهي البول ويكون يغتسل مستأنفة غير معطوفة على يبولنّ ولا منصوبة إلحاقًا بثمّ بواو المعيّة ولكنّها مستأنفة أي: ثمّ هو يغتسل فيه، المعنى أنّه من أقبح الأشياء أنّ شخصًا يبول بماء ثم يذهب يغتسل منه هذا منافٍ للفطرة لأنّ المفروض أنّ الماء إمّا أن يتنجّس بالبول أو تتقذّر منه النّفس، فكيف تبول في الشّيء ثم تذهب تتطهّر به هذا منافٍ للفطرة، ونظيره أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى أن يجلد الرّجل امرأته جلد العبد ثمّ يضاجعها هكذا ( لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثمّ يضاجعها ) المعنى ثمّ هو يضاجعها يعني هذا إيش؟ منافٍ للفطرة والنّفوس، كيف في الصّباح تجلدها جلد العبد وتأتي في اللّيل تضاجعها لتستمع بها؟! هذا تأباه النّفوس في الواقع، وعلى هذا كأنّه يقول لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم ثمّ بعد ذلك يحتاج فيغتسل فيه وهذا ممّا تأباه النّفوس وتنفر منه.
على كلّ حال لنجعلها على المعنى الأوّل ( يغتسلْ فيه ) فيكون هذا الحديث تضمّن النّهي عن مسألتين، الأولى: البول في الماء الدّائم الذي لا يجري، لأنّه إذا بال فيه استقذرته النّفوس وربّما مع كثرة البول وقلّة الماء إيش؟ يتغيّر الماء بالنّجاسة فيفسد، والمسألة الثانية: لا يغتسل في الماء الدّائم وظاهره لا يغتسل لا من جنابة ولا لنظافة بل النّهي عامّ، النّهي عامّ، لكن سيأتي في بعض ألفاظ الحديث التّقييد بالجنابة ليوافق حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم، طيب إذن يكون في هذا الحديث نهي عن مسألتين: عن البول في الماء الدّائم وعن الاغتسال فيه، وهل يقيّد بالجنابة أو يؤخذ على إطلاقه؟ يؤخذ على إطلاقه لأنّنا إذا أخذناه على إطلاقه شمل الغسل من الجنابة والغسل للتّبرّد ونحوه، وهذه جملة معترضة.
ثمّ قال في رواية مسلم: " ولمسلم: ( منه ) " والفرق بين منه وفيه أنّ فيه تدلّ على الانغماس في الماء ومنه تدلّ على الاغتراف وبينهما فرق.
قال: " ولأبي داود: ( ولا يغتسل فيه من الجنابة ) " فهي موافقة لرواية مسلم في حرف الجرّ من، كذا عندكم؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، فيه، طيب ولا يغتسل فيه موافقة لرواية البخاري إلاّ أنّها مقيّدة لها بأنّ المراد يغتسل فيه من الجنابة، وعلى هذا القيد يكون موافقًا للفظ مسلم الذي جعله المؤلّف أصلًا وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( لايغتسل أحدكم في الماء الدّائم وهو جنب ).
22 - تتمة شرح حديث ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ، ثم يغتسل فيه). ولمسلم : ( منه ) ، ولأبي داود : ( ولا يغتسل فيه من الجنابة ) . أستمع حفظ
تابع لفوائد حديث ( لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب ... ).
من فوائد هذا الحديث: أنّه لا يجوز للإنسان أن يغتسل في الماء الدّائم وهو جنب بناء على إيش؟ على أنّ الأصل في النّهي التّحريم، وإذا اغتسل في الماء الدّائم وهو جنب فهل ترتفع جنابته؟ إذا أخذنا بالقاعدة المعروفة أنّه ما نهي عنه لذاته فإنّه لا يصحّ وهنا وقع النّهي عن الغسل لذاته لا يغتسل في الماء وهو جنب، وعليه فإذا اغتسل في الماء وهو جنب فإنّه لا يصحّ اغتساله، وهو ظاهر جدًّا على قول من يرى أنّ الماء المستعمل يكون طاهرًا غير مطهّر، ومن العلماء هنا من يقول إنّ النّهي للكراهة وعلى هذا القول لو اغتسل لارتفع حدثه لأنّه لم يفعل محرّمًا بل إنّما فعل مكروهًا والمكروه كراهة تنزيه ليس فيه إثم.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الاغتسال للتّبرّد والتّنظّف في الماء الدّائم دليله؟ قوله: ( وهو جنب ) ولكن قد يعارض معارض ويقول إنّه قيّد الجنابة لأنّ الإنسان يكون في حاجة إلى الاغتسال فإذا نهي عن الاغتسال في الماء الدّائم مع الحاجة فالنّهي عنه من دون حاجة إيش؟ من باب أولى وعلى هذا فنقول إنّ هذا القيد وإن دلّ بمفهومه على جواز الاغتسال في غير جنابة لكن يقال إنّ الاغتسال لغير الجنابة من باب أولى، ويؤيّد هذا القول العموم في رواية البخاري ثمّ يغتسل فيه، وهذا هو الأقرب أنّه ينهى عن الاغتسال في الماء الدّائم من الجنب وغير الجنب.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه لو اغتسل في ماء جارٍ من جنابة أو غير جنابة فإنّه إيش؟ فإنّه جائز ولا نهي فيه لأنّ هذا القيد الدّائم وصف مناسب للنّهي، وإذا كان وصفا مناسبا للنّهي، وإذا كان وصفا مناسبًا للنّهي صار وصفًا لا بدّ من العمل به فيقال إذا اغتسل من الجنابة أو غير الجنابة في الماء الجاري فلا بأس، وأمّا رواية البخاري ففيها دليل على تحريم البول في الماء الدّائم الذي لا يجري، ويفهم منها جواز البول في الماء الذي يجري، نعم لأنّ قيده بالدّائم يدلّ على أنّ غير الدّائم لا بأس به، لكن بشرط أن لا يفسده على غيره أو يكدّره عليه، فإن كان هذا الماء يجري على أناس مصطفّين على السّاقية يتوضّأون أو ما أشبه ذلك فهنا لا يحلّ له أن يفعل لا لأنّه يشمل النّهي ولكن من أجل إيذاء المسلمين وأذيّة المسلمين لا تجوز.
ومن فوائد الحديث: أنّه يجوز الغائط في الماء الدّائم الذي لا يجري.
الطالب : لا.
الشيخ : كيف؟
الطالب : من باب أولى.
الشيخ : يقول داود الظّاهري رحمه الله أنّه يجوز، وقالوا هذا من أقبح ما ينتقد عليه في ظاهريّته يعني البول الذي ربّما يختلط في الماء وينحلّ لا يجوز، وهذا يجوز يعني الغائط! لكن له أن يدفعه يقول الغائط مشاهد ويمكن التّحرّز منه لكن البول يختلط بالماء ولا يمكن التّحرّز منه نعم لكن لا تنفعه هذه المدافعة لأنّه حتى وإن كان يشاهد سوف يستقذره النّاس فالصّواب تحريم هذا وهذا وعليه جمهور الأمّة، لكن ذكرناه من أجل الاطّلاع فقط وأنّ الجامدين على الظّاهر أحيانًا يأتون بالعجب العجاب، كقولهم: يجوز أن يضحّي بالجذع من الضّأن ولا يجوز أن يضحّي بالثّنيّة تعرفون الجذع؟ الصّغير الثّنيّة أكبر منه لأنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قال: ( إلاّ أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة ) قال: ( لا تذبحوا إلاّ مسنّة فتعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضّأن ) أفهمتم؟ وأيّهما أولى؟
الطالب : الثّنيّة.
الشيخ : الثّنيّة، لأنّ الرّسول قال هذا على سبيل النّزول، ومثل ذلك أيضًا قولهم: لو أنّ رجلًا لو استأذن بنته البكر وقال إنّه خطبك فلان وهو رجل طيب مستقيم ذو مال وجاه فقالت هذا ما أريد وزوّجني إيّاه فإنّه لا يحلّ أن يزوّجها، ولو قال لها خطبك رجل ذو خلق ودين ومال وعلم وجاه فسكت فإنّه يزوّجها، الأولى لا يزوّجها ليش؟
الطالب : تكلّمت.
الشيخ : ما سكتت، والرّسول قال عليه الصّلاة والسّلام في البكر: إذنها أن تسكت، مثل الجمود على هذه الظّاهريّة لا شكّ أنّه خطأ فادح لكن ذكرنا لأنّه ربّما يأتي بعض النّاس ليس في مثل هذا القبح لكن أقلّ فيأخذ بالظّاهر ولا يلتفت إلى القواعد العامّة للشّريعة، إلاّ أنّي بعد هذا أقول لكم إنّ ابن القيّم رحمه الله في " إعلام الموقّعين " قال إنّ مذهب الظّاهريّة خير من مذهب أهل التّأويل المولعون بالمعاني وذلك لأنّ هؤلاء يردّون النّصوص بعقيدتهم الفاسدة، فمثلًا يقولون: يجوز أن تزوّج المرأة نفسها بغير وليّ كما يجوز أن تبيع مالها بغير وليّ وهذا مصادم للنّصّ مصادمة صريحة، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( لا نكاح إلاّ بوليّ ) وتعبيرات القرآن الكريم تدلّ على ذلك (( لا تعضلوهنّ )) (( أنكحوا الأيامى منكم )) وما أشبه ذلك لكن لا يسعنا في هذا المقام إلاّ أنّنا لسنا هنا لنفاضل بين الناس، لكن نريد أن نبيّن الأمثلة لأجل أن يعرف الإنسان كيف يسير في استعمال الأدلّة من الكتاب والسّنّة.
طيب من فوائد هذا الحديث: النّهي عن الاغتسال في الماء الدّائم مطلقًا سواء من جنابة أو لا، لقوله: ( ثمّ يغتسل فيه ).
ومن فوائد هذا الحديث: النّهي عن البول ثمّ الاغتسال، نعم لأنّه من باب أولى إذا نهي عن البول وحده والاغتسال وحده فالنهي عن الجمع بينهما؟ أجيبوا يا جماعة؟
الطالب : من باب أولى.
الشيخ : من باب أولى، ثمّ إنّ ظاهر تعبير الحديث إذا تأمّلته وجدته إنّما يتعلّق بهذه الصّورة فقط، وهي البول ثمّ الاغتسال هذا هو مقتضى سياق اللّفظ.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه لا يجوز أن يبول في الماء ثمّ يغتسل منه، هذا بناء على إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : رواية النّصب، والفرق بين منه وفيه ذكرناه في الشّرح.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يجوز للإنسان أن يبول في إناء ثمّ يصبّه في الماء الذي لا يجري.
الطالب : لا.
الشيخ : اتّقوا الله! الرّسول يقول لا يبولنّ في الماء وهذا يقول إنّما بال في الإناء ثمّ صبّه في الماء.
الطالب : المؤدى واحد.
الشيخ : أي نعم مذهب الظّاهريّة هكذا يقول لو بال في إناء ثمّ صبّه في الماء فإنّه لا يتناوله النّهي، وليس معنى ذلك أنّه جائز عندهم لا لكن يقولون لا يتناوله النّهي يعني بصيغته، لذلك نقول: الصّواب أنّه لا فرق بين أن يبول فيه مباشرة أو بإناء ثمّ يصبّه فيه.
طيب من فوائد هذا الحديث أيضًا في رواية أبي داود: أنّه لا يغتسل في الماء الدّائم من الجنابة وظاهره أنّه إذا بال في الماء يعني الجمع بينهما، لكن رواية مسلم السّابقة التي جعلها المؤلّف أصلًا في الحديث تدلّ على أنّه لا يجوز الإغتسال فيه من الجنابة وهو دائم.
وخلاصة هذا الحديث وألفاظه: أوّلًا: أنّ الإنسان لا يبول في الماء الدّائم الذي لا يجري مطلقًا نعم، إلاّ أنّنا استثنينا الأنهار والأودية الكبار وما أشبه ذلك، فإنّ هذا جائز بالاتّفاق واستثنينا أيضًا من الماء الدّائم إيش؟ البحر البحار أو البحيرات الشّيء الكثير الذي لا يؤثّر فيه البول شيئًا قال العلماء هذا لا بأس به لأنّ خطاب النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إنّما ينصرف إلى الشّيء المعهود وليس في المدينة بحار ولا أنهار.
طيب هذه واحدة، ثانيًا: أنّه لا يبول فيه ويغتسل منه لأنّ ذلك مستقذر مستقبح عرفًا وفطرة لقوله: لا يبولنّ ثمّ يغتسل.
ثالثًا أنّه لا فرق بين الاغتسال فيه والاغتسال منه لأنّ الألفاظ تدلّ على ذلك، وحتى لو فرض أنّه ما فيه لفظ منه، نقول إذا نهي عن الاغتسال فيه فالاغتسال منه بمعناه، ونهي عن الاغتسال منه فالاغتسال فيه بمعناه.
وعن رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل المرأة بفضل الرجل أو الرجل بفضل المرأة ، وليغترفا جميعا ). أخرجه أبوداود والنسائي وإسناده صحيح.
24 - وعن رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل المرأة بفضل الرجل أو الرجل بفضل المرأة ، وليغترفا جميعا ). أخرجه أبوداود والنسائي وإسناده صحيح. أستمع حفظ
الكلام على النهي أصوليا
الثاني: طلب الكفّ خرج به الأمر لأنّ الأمر طلب الفعل لا طلب الكفّ، وقولنا على وجه الاستعلاء خرج به الدّعاء والالتماس، فقول الإنسان ربّنا لا تؤاخذنا لا يمكن أن نقول إنّه نهي، لأنّ القائل ربّنا لا تؤاخذنا هل قاله على وجه الاستعلاء؟ لا، العكس قالها على وجه الاستذلال والاستعطاف. خرج به أيضًا الالتماس، الالتماس أن يقول الإنسان لزميله أو من كان في درجته أو قريب منه يقول لا تفعل، مثلًا رأيت إنسانًا يعبث فقلت يا أخي لا تعبث أنت ما لك سلطة عليه لأنّه إذا قلت لا تعبث وعبثه قليل أن يزيد لأنّه ليس لديك سلطة لكن تقول لا تعبث التماسًا.
طيب خرج به الدّعاء والالتماس، بصيغة مخصوصة فما هذه الصّيغة؟ صيغة النّهي واحدة وهي المضارع المقرون بلا النّاهية، فيه غيرها؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، هي المضارع المقرون بلا النّاهية، تقول لا تفعل هذا نهي أمّا ما دلّ على الكفّ بصيغة الأمر فهو أمر، كقوله تعالى: (( فاجتنبوا الرّجس من الأوثان واجتنبوا قول الزّور )) لا شكّ أنّ هذا نهي أن نمارس الرّجس من الأوثان لكنّه لا يسمّى نهيًا اصطلاحًا لماذا؟ لأنّه بغير صيغة النّهي بل هو أمر، اجتنبوا هذا طلب كفّ على وجه الاستعلاء وهذا هو الأمر، إذن النّهي آدم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يلاّ كمّل.
الطالب : هو طلب الكفّ على وجه الاستعلاء بصيغة مخصوصة.
الشيخ : ما هي الصّيغة؟
الطالب : الصّيغة هي لا تفعل.
الشيخ : لا تفعل طيب، فإذا قال الصّحابي نهى رسول الله هل نجعله كالصّيغة الصّريحة أو نقول هذا في حكم الصّيغة الصّريحة؟
الطالب : الثّانية.
الشيخ : الثانية نعم، لأنّ كلمة نهى ليس ككلمة لا تفعل، قد يفهم الإنسان من شخص تكلّم معه بكلام أنّه نهى وهو لم ينه، لكن لثقتنا بالصّحابة وثقتنا بمعرفتهم لخطاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقرائن اللّفظ وقرائن الحال يجعلنا نجزم بأنّ النّهي وإن ورد بلفظ نهى أو كان ينهى فهو مثل النّهي الصّريح، فإذا قال قائل: قد يفهم الإنسان ما ليس بنهي نهيًا؟ قلنا هذا بالنّسبة للصّحابة إيش؟
الطالب : ممتنع.
الشيخ : ممتنع وغير وارد، لأنّ الصّحابة أعلم النّاس بصيغ النّهي وأعلم النّاس بمراد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، ولا يمكن لأمانتهم أن يطلقوا هذا اللّفظ من غير أن يفهموا أنّ النّهي صريح، طيب فإذا قال قائل: إذا قلتم هذا لماذا لم يسوقوا اللّفظ لفظ الرّسول وهو لا يغتسل الرّجل بفضل المرأة، نقول ربّما يكون طرأ عليه نسيان، نسوا اللّفظ فرووه بإيش؟
الطالب : بالمعنى.
الشيخ : بالمعنى، وهذا جواب واضح جدًّا وإلاّ فقد يقول قائل: إذن لماذا عبّروا بنهى أو عبّروا عن الأمر بأمر ولم يأتوا بالصّيغة المعيّنة؟ نقول ربّما ينسى الإنسان ويعبّر بما كان يعلمه علم اليقين.
تتمة شرح حديث ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل المرأة ...).
الطالب : الله أعلم.
الشيخ : الصّحبة بالنّسبة للرّسول خاصّة يكتفى فيها بساعة واحدة، ساعة واحدة، ما لكم تعليق على الكلام على هذا؟
الطالب : ...
الشيخ : آه أقلّ من هذا، ولهذا قالوا الصّحابي من اجتمع بالنّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مؤمنًا به ولو لحظة ومات على ذلك ولو لم يعلم به الرّسول، حتى لو لم يعلم به كما لو كان في جمع كبير لكن رأى الرّسول نقول هو صحابي ولو لم ير الرّسول لكن اجتمع به، مثل أن يكون أعمى أو في مكان بعيد لم يشاهده لكنّه في مجمع الذي فيه الرّسول، طيب إذن الصّحابي من اجتمع بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مؤمنا به ومات على ذلك، انتبه لكلمة اجتمع بالنّبيّ لتعرف أنّه يقتضي أن يكون اجتماعه به بعد أن كان نبيًّا، فلو اجتمع به قبل الرّسالة بل قبل النّبوّة ثمّ لم يره بعد ذلك وآمن به بعد أن سمع بخبره آمن به لكنّه بعد إيمانه به بعد النّبوّة لم يجتمع به هل يكون صحابيًّا؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا يكون صحابيًّا، فنقول اجتمع بالنّبيّ بوصف كونه نبيًّا ومات على ذلك فهو صحابي، طيب لو ارتدّ بعد موت الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أو في أثناء حياته ثمّ عاد إلى الإسلام فصحبته باقية على الأرجح، لأنّ الله لم يذكر أنّ الرّدّة تحبط الأعمال إلاّ إذا مات الإنسان عليها قال الله تعالى: (( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدّنيا والآخرة )).
هل يقاس على النهي عن البول في الماء الدائم إخراج بعض ما يستقذر كفضلات الأنف؟
الطالب : نعم.
الشيخ : أي نعم طيب.
السائل : شيخ بارك الله فيكم هل يقاس ..
الشيخ : هل؟
السائل : هل يقاس على حديث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( لا يبولنّ أحدكم في الماء وهو جنب ثمّ يغتسل فيه ) يقاس عليه يا شيخ ...
الشيخ : كيف؟
السائل : بعض النّاس يتوضّأ في الماء الدّائم.
الشيخ : إيه.
السائل : فيخرج فضلات يستقذرها النّاس.
الشيخ : لا، إذا صار يستقذرها لا، معلوم مثل ما يخرج من الأنف؟
السائل : أي نعم.
الشيخ : لا، هذا ما يجوز يقذّرها ... الإنسان يستقذر ما يستقذره من غيره.
سؤال عن تحقيق الصحبة؟
الشيخ : أي نعم، نقول الذين اجتمعوا بالرّسول.
السائل : ...
الشيخ : كلّ من اجتمع به، قد يكون واحد من الحجّاج في ظلّ شجرة بعيد ولم يحضر الاجتماع.
مراجعة ومناقشة تحت حديث ( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ) و ( لا يغتسل أحدكم في الماء ...) و ( لا يبولن أحدكم ...) و ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل المرأة بفضل الرجل ...).
القارئ : قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في كتاب الطّهارة في سياق الأحاديث الواردة في باب المياه:
" وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب ) أخرجه مسلم.
وللبخاري: ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه ).
ولمسلم: ( منه ).
ولأبي داود: ( ولا يغتسل فيه من الجنابة ).
وعن رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل المرأة بفضل الرجل أو الرجل بفضل المرأة ، وليغترفا جميعًا ) أخرجه أبوداود والنسائي وإسناده صحيح.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة رضي الله عنها ) أخرجه مسلم.
ولأصحاب السنن: ( اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة فجاء ليغتسل منها، فقالت: إني كنت جنباً، فقال: إن الماء لا يجنب ) وصححه الترمذي وابن خزيمة ".
الشيخ : الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين .
سبق لنا قول أو ما يروى عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ( إذا كان الماء قلّتين لم يحمل الخبث ) فما معنى قلّتين؟ الأخ؟ أي نعم.
الطالب : ...
الشيخ : قلّتين إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : تثنية قلّة.
الطالب : ...
الشيخ : القلّة ما هي؟ ... تصنع من الفخّار يبرّد بها الماء وتسمّى عندنا فيما سبق إيش؟ الزّير أي نعم، كم مقدار القلّة؟
الطالب : ...
الشيخ : المراد بالقلّة سمير؟ أيّ القلل؟
الطالب : التي ذكرها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قلال هجر.
الشيخ : أي، هي قلال هجر لأنّها هي المعهودة عندهم، طيب كم تسع؟
الطالب : خمس قرب.
الشيخ : القلّة تسع خمس قرب، فتكون القلّتان عشر قرب.
الطالب : لا يا شيخ.
الشيخ : نعم؟
الطالب : القلّة الواحدة قربتين وشيئًا.
الشيخ : طيب.
الطالب : الشيء قدّروه بالنصف.
الشيخ : طيب، القلّة الواحدة تسع قربتين وشيئًا وجعلوا الشّيء النّصف احتياطًا وعلى هذا تكون القّلتان خمس قرب متوسّطة، ما معنى قوله: ( لم يحمل الخبث )؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب إذن؟ نقول لم يحمل الخبث يعني لم ينجس وهذا فائدة أنّه أتى بالرّواية الثّانية، بارك الله فيك مفهوم الحديث أنّه لو؟
الطالب : ...
الشيخ : لكن أريد المفهوم وليس المنطوق؟
الطالب : ...
الشيخ : إذا بلغ قلّتين لم ينجس.
الطالب : ...
الشيخ : كيف ولم ... أعطني مفهومه بالضّبط.
الطالب : ...
الشيخ : صار نجسًا تغيّر أم لم يتغيّر، توافقون على هذا؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب، عمومه يشمل ما تغيّر وما لم يتغيّر إذا بلغ قلّتين؟ صالح؟
الطالب : ...
الشيخ : عموم الحديث إذا بلغ قلّتين وسقطت فيه نجاسة فإنّه لا ينجس سواء تغيّر أم لم يتغيّر طيب، وهذا منقوض بالإجماع على أنّه إذا تغيّر صار نجسًا، طيب كيف نجمع بين هذا الحديث وبين حديث أبي أمامة السابق سامح؟
الطالب : حديث أبي أمامة السابق يدل على أن...
الشيخ : نعم.
الطالب : ...
الشيخ : طيب تمام، دلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم، وذكرنا أيضًا جوابًا آخر، نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : أنّ من المعروف في الفقه أنّ المفهوم يدخل ولو بصورة واحدة، طيب ما هي الصورة الواحدة التي يمكن ... بها المفهوم؟
الطالب : ...
الشيخ : تمام، هذا كلّه بناء على إيش؟
الطالب : على صحّة الحديث.
الشيخ : على صحّة الحديث، أمّا إذا قلنا بعدم الصّحّة ... وذكرت لكم أنّ ابن القيّم رحمه الله بحث هذا بحثًا مستفيضًا مفيدًا لطالب العلم في أصول المصطلح وأصول الفقه، طيب في حديث أبي هريرة ( لا يغتسل أحدكم في الماء الدّائم وهو جنب ) المراد بالماء الدّائم؟ أحمد؟
الطالب : الذي لا يجري.
الشيخ : الذي لا يجري، من فسّره بهذا؟
الطالب : الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.
الشيخ : الرّسول طيب، إذا اغتسل في الماء الدّائم من غير جنابة ولكن للنظافة يحيى؟
الطالب : لا بأس به يا شيخ.
الشيخ : ظاهر الحديث أنّه لا بأس به، وهل هذا على إطلاقه؟
الطالب : لا.
الشيخ : هاه؟
الطالب : إذا كان على جسده مثلًا نجاسة، إذا كان جسده ملوّثًا بالنّجاسة لا يجوز ...
الشيخ : أعطنا شيء واضح.
الطالب : يعني يجوز أن يغتسل فيه للنّظافة إلاّ إذا كان جسده ملوّثًا بالنّجاسة.
الشيخ : بنجاسة أو وسخ.
الطالب : أي نعم.
الشيخ : فإنّه؟
الطالب : لا يغتسل.
الشيخ : لا يغتسل، طيب هل من الماء الدّائم أو الجاري ما يعرف عند النّاس الحدائق الصّغيرة يكون الماء فيها محبوسًا.