تحت باب المياه
تتمة شرح حديث ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب ) . أخرجه مسلم ، وفي لفظ له : ( فليرقه ) ، وللترمذي : ( أخراهن ، أو أولاهن ) .
الطالب : على التّنويع.
الشيخ : إي على التّنويع أو التّخيير، حسب السّياق والقرينة، لماذا كان هذا أولى؟ لأنّ حملها على الشّكّ طعن في حفظ الرّاوي والأصل عدم الطّعن، لكن إذا وجدنا رواية في نفس الحديث فهنا نحملها على الشّكّ، لأنّ الرّواية التي لا شكّ فيها تعتبر من قبيل المحكم وانتفاء الشّك من قبيل المتشابه، والقاعدة الشّرعيّة فيما إذا كان محكم ومتشابه أن نحمل إيش؟ المتشابه على المحكم حتى يكون الجميع محكما، إذن فنقول هذه الرّوايات التي قد جاء بها المؤلّف والظّاهر أنّه إنّما أتى بها من أجل أن يبيّن أنّ الإنسان مخيّر بين أن يكون التّراب في أوّل غسلة أو آخرها لا نوافق المؤلّف على مراده هذا إذا كان مراده لا نوافقه عليه، بل نقول هي للشّكّ ويحمل هذا الشّكّ على ما لا شكّ فيه وهي أنّ الغسلة تكون في الأولى، وهذا كما أنّه أصحّ رواية فهو أيضا أصحّ من حيث المعنى لأنّ كون التّراب في الأولى يخفّف النّجاسة فيما بقي من الغسلات، إذ أنّ ما بعد الأولى لا يحتاج إلى تراب وهذا لا شكّ أنّه يخفّف لكن لو جعلناها في الأخيرة بقي الغسلات السّتّ التي قبلها كلّها تحتاج إلى تراب، وأضرب لكم مثلًا يبيّن بوضوح، إذا جعلنا التّراب في الأولى ثمّ غسلناه في الثانية وانساب شيء من الماء على ثوب إنسان أو على إناء إنسان فكيف يغسله؟ يغسله ستّ مرّات بدون تراب لماذا؟ لأنّ التّراب قد استعمل؟ أجيبوا يا جماعة؟
الطالب : في الأولى.
الشيخ : في الأولى طيب، لكن لو جعل التّراب في الأخيرة وانساب الماء في الثانية على شيء فكيف يغسل؟
الطالب : ...
الشيخ : ستّ إحداها بالتّراب، لأنّ التّراب لم يستعمل في الغسلة الأولى، فصار كون التّراب في الأولى أصحّ أثرًا وأصحّ نظرًا وعلى هذا فيكون هو المعتمد أولاهنّ بالتّراب، وهنا نسأل لماذا أتى المؤلّف رحمه الله في هذا الحديث في باب المياه مع أنّ الأنسب أن يكون في باب إزالة النّجاسة وبيانها؟ يقال: إنّما أتى به ليبيّن أنّ الماء القليل إذا ولغ فيه الكلب فإنّه يجب اجتنابه ويكون نجسًا حتى وإن لم يتغيّر، لأنّه إذا كان يجب تطهير الإناء الذي تلوّث بهذا الماء الذي ولغ فيه الكلب، فالماء نجاسته من باب أولى فلهذا جاء به المؤلف رحمه الله في هذا الباب.
2 - تتمة شرح حديث ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب ) . أخرجه مسلم ، وفي لفظ له : ( فليرقه ) ، وللترمذي : ( أخراهن ، أو أولاهن ) . أستمع حفظ
فوائد حديث ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب ...).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يجب إذا صاد الكلب صيدًا أن يغسل ما أصابه فمه سبع مرّات إحداها بالتّراب، لأنّ هذا من جنس الولوغ بل هذا يكون أشدّ تلوّثًا منها ما إذا شرب من الماء لأنّه سيأتي بالطّير ممسكًا بأنيابه على هذا الطير وربّما يتفاعل الرّيق مع شدّه على هذا اللّحم ويختلط باللّحم اختلاطًا بالغًا فيكون مثل الولوغ أو أشدّ أفهمتم الآن؟ طيب فهل هذا التّقرير مناسب للحال التي كان عليها النّاس في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وكانوا يصيدون بالكلاب ولم ينقل حرف واحد أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أمر أن يغسل ما أصاب فم الكلب؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ومن ثَمَّ اختلف العلماء في هذه المسألة، فمن العلماء من قال: إنّه يجب أن يغسل الصّيد فيما أصاب فم الكلب، لأنّ هذا مثل الولوغ أو أشدّ، ويغسل بإيش؟ سبع مرّات إحداها بالتّراب، ومعلوم أنّ التّراب يلوّث اللّحم وربّما يفسده فيكون في ذلك إفساد للمال، لكن يقولون الفاسد شيء يسير يكشط بالمدية وينتهي، لكن لنا تخلّص من هذا أي التّلوّث بالتّراب بأن نغسله بالصّابون، لأنّ العلماء يقولون إذا تعذّر استعمال التّراب فإنّه يحلّ محلّه الصّابون ونحوه ممّا يكون تنظيفه قويًّا، لكنّ القول الثاني في المسألة أنّه لا يجب لأنّ النّاس كانوا يصيدون بكلابهم في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، ويسألون الرّسول عن حكم ما أخذه الكلب ويخبرهم بالحكم ولا يشير لا من قريب ولا من بعيد إلى وجوب غسل ما أصاب فمه، وهذا يدلّ على أنّه معفوّ عنه، ولا تعجب أنّ الله تعالى يرفع الضّرر والحرج عن الأمّة بحيث يزول أثر النّجاسة بالكليّة، أرأيت لو اضطّر إنسان إلى ميتة وأكل منها هل تضرّه؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، لكن لو كان غير مضطرّ تضرّه، فالله سبحانه وتعالى يجعل الضّرر والمنفعة ويدفع الضّرر بأمره، فإذا تبيّن أنّ الصّحابة رضي الله عنهم كانوا يصطادون بكلابهم ويسألون الرّسول عن الأحكام ولم يبيّن لهم لا بحرف صحيح ولا ضعيف أنّه يجب عليهم الغسل دلّ ذلك على عدم الوجوب فيكون هذا معفوًّا عنه وهذا القول هو الرّاجح وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الكلب لو بال على شيء فإنّه يغسل سبع مرّات إحداها بالتّراب، يعني لو بال في الإناء وجب أن يراق بوله ويغسل الإناء سبع مرّات إحداها بالتّراب وجه ذلك؟ أنّه إذا كان الرّيق وهو أطهر من البول يجب غسل الإناء بعده سبع مرّات إحداها بالتّراب فالبول من باب أولى، العذرة؟
الطالب : من باب أولى.
الشيخ : من باب أولى أيضًا، وهذا هو الذي عليه الجمهور فقالوا إنّ جميع نجاسة الكلب لا بدّ أن تغسل سبع مرّات إحداها بالتّراب، وقال الظّاهريّة إنّه لا يجب التّسبيع في الغسل واستعمال التّراب إلاّ في الولوغ فقط، أمّا البول والعذرة فإنّهما كسائر النّجاسات وهذا ظاهر على مذهبهم وطريقتهم لأنّهم؟
الطالب : ...
الشيخ : يمنعون القياس، يمنعون القياس، وقال قوم من أهل القياس إنّ هذا الحكم في الولوغ فقط والبول والعذرة كسائر النّجاسات، وعلّلوا ذلك بأنّ الكلاب تقبل وتدبر وتبول في مسجد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وأيضًا الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يعلم أنّ الكلاب تبول في أمكنة النّاس ومجالسهم ولم ينبّه على ذلك، ثمّ علّلوا أيضًا تعليلًا طبّيًّا وقالوا: إنّ ريق الكلب فيه خصيصة لا توجد في بوله وروثه وهي عبارة عن فيروس أو شيء يعني يعرفونه أهل الطّبّ دودة شريطيّة هذه تكون في عنقه وتعلق بالإناء، ثمّ إذا استعمل الإناء بعد ذلك وهو قد تلوّث بهذا وأكل الإنسان من هذا الإناء أو شرب فإنّ هذه الدّودة الشّريطيّة تعلق بالمعدة وتخرّقها وأنّه لا يزيلها إلاّ التّراب، والمسألة عندي أنا متأرجحة، إن نظرنا إلى رأي الجمهور وإلى قبح البول والعذرة أكثر من الرّيق قلنا القول ما قال الجمهور، وإذا نظرنا إلى الأبوال والأرواث من الكلاب في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كثيرة ومع ذلك لم يأمر بغسلها سبع مرّات إحداها بالتّراب رجّحنا قول من يقتصر على الرّيق، طيب فإذا قلنا تعادلت الأدلّة عند الإنسان فما هو الأحوط؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم يعني التعارض من كلّ وجه، الحمد لله أنت إذا غسلت سبع مرّات إحداها بالتّراب من البول والعذرة لم يقل لك أحد إنّ المكان بقي نجسًا لكن لو لم تغسل لقال لك أكثر العلماء إنّ المكان صار نجسًا.
ومن فوائد الحديث: أنّه لا بدّ من استعمال التّراب في تطهير نجاسة الكلب على الخلاف الذي سمعتموه الولوغ أو البول أو العذرة يجب التّراب لقول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: ( أولاهنّ بالتّراب ).
طيب هل يجزئ غير التّراب عنه؟ نعم هذا فيه خلاف أيضًا وفيه جملة معترضة قبل يقول: هل يقوم غير التّراب مقام التّراب؟ يرى بعض أهل العلم أنّ التّراب لا يقوم مقام التّراب لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( أولاهنّ بالتّراب ) فعيّن التّراب هذه واحدة، ولأنّ التّراب أحد الطّهورين، والطّهور الثاني؟ الماء، فإذا كان أحد الطّهورين وعيّنه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فلا بدّ من تعيّنه، ويرى آخرون أنّ غير التّراب يقوم مقامه إذا كان مثله في التّنظيف أو أشدّ، وأنتم تعلمون الآن أنّه وجد مواد كيماويّة أشدّ من التّراب في التّنظيف فتقوم مقام التّراب، وعلّلوا قولهم هذا بأنّ المقصود من إزالة النّجاسة هو زوال عينها وأثرها، فإذا زالت عينها وأثرها بأيّ مزيل حصل المقصود، وأجابوا عن الأوّل قالوا إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم عيّن التّراب لأنّه أيسر ما يكون على النّاس، والرّسول عليه الصّلاة والسّلام قد يعيّن الشّيء ليسره لا لذاته وعينه، ومعلوم أنّه في عهد الصّحابة التّراب من أيسر ما يكون فعيّن التّراب لأنّه أيسر ما يكون لا لأنّه مقصود لذاته، كما يعني لها نظير كما أمر بأن يصبّ على بول الأعرابيّ ماء مع أنّه يمكن إذا بقي أسبوعًا أو شبه ذلك زال أثر البول وطهرت الأرض، لكن أمر أن يصبّ عليه الماء لأنّه أسرع في التّطهير، طيب وأمّا قولهم إنّه أحد الطّهورين فنقول نعم هو أحد الطّهورين لكن طهارة التّيمّم لا يراد منها التّنظيف إنّما يراد بها التّعبّد لله عزّ وجلّ، ولمّا كان الإنسان يتعبّد لربّه عزّ وجلّ بأن يعفّر أشرف ما عنده من الأعضاء بالتّراب صارت هذه الطّهارة الباطنة تسري على الطّهارة الحسيّة الظّاهرة، وإلاّ فمن المعلوم أنّ التّيمّم بالتّراب لا ينظّف ولا يزيل شيئًا وإزالة النّجاسة هل عبادة أو غير عبادة؟
الطالب : ...
الشيخ : ليست عبادة، ولذلك لا يشترط لها نيّة، ويزول حكمها لو أزالها غير مكلّف، ويزول حكمها لو زالت بالمطر ونحوه وعليه فنقول إذا وجد ما يقوم مقام التّراب من الأشياء المنظّفة جيّدا فإنّه يقوم مقام التّراب ولكن لو قال قائل لماذا لا نتبع النّصّ والحمد لله ما يضرّنا نقول نعم حقيقة أنّ الأولى الأخذ بالنّصّ سواء قلنا إنّ غيره يجزئ أو لا يجزئ لماذا؟ لأنّك إذا جعلت التّراب في إزالة نجاسة الكلب فقد طهر المحلّ بالنّصّ والإجماع، لكن إذا استعملت غيره ممّا هو مثله أو أنظف صار في ذلك إيش؟ خلاف، وكلّما تجنّبنا الخلاف مع تساوي الدّليلين فهو أولى لكن لاحظوا الكلمة التي قلت مع تساوي الدّليلين أمّا إن ترجّح أحد القولين فلا عبرة بالخلاف.
طيب ومن فوائد الحديث: أنّه لو وقعت نجاسة الكلب على غير الأواني هل تغسل سبع مرّات؟ يعني مثلًا لو أنّ الكلب جعل يلحس ثوبك أو يلحس ساقك ماذا تقولون؟ يغسل سبع مرّات أولاهنّ بالتّراب إلاّ ما يضرّه التّراب فيستعمل غير التّراب واضح؟ لأنّه لا فرق بين الإناء وغيره، طيب هل يستثنى من ذلك كلب الصّيد والماشية والحرث؟
الطالب : لا.
الشيخ : ذهب بعض العلماء إلى استثناء ذلك وقالوا: المراد بالكلب الكلب السّبعيّ الغير أليف وأمّا الأليف فلا يجب في غسله التّسبيع أو استعمال التّراب، لكنّ هذا القول ضعيف لأنّ اختلاط الكلاب بالنّاس إذا كانت معلّمة أكثر من إيش؟ من اختلاطها إذا كانت غير معلّمة، فكيف نحمل كلام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام على الشّيء القليل وندع الشّيء الكثير؟! هذا بعيد، هذا بعيد، انتبه يا أخ إذن القول بأنّ هذا الحديث في الكلاب التي لا يجوز اقتناؤها قول ضعيف ما الذي يضعفه؟ أنّ اختلاط غير المباحة مع النّاس قليل فلا يمكن أن يحمل كلام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام على الشّيء القليل ويترك الشّيء الكثير.
طيب نظير هذا ولا بأنس أن نأتي به، نظير هذا قول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: ( من مات وعليه صيام صام عنه وليّه ) حمله بعض العلماء على أنّ المراد بذلك النّذر يعني من مات وعليه صيام نذر صام عنه وليّه، وأمّا من مات وعليه صيام رمضان فإنّ وليّه لا يصوم عنه فما تقولون فيه هذا الحمل؟ ضعيف وإلاّ؟
الطالب : ضعيف.
الشيخ : نعم ضعيف، لأنّه كيف نحمل كلام الرّسول على شيء نادر؟ لو سألنا سائل أيّهما أكثر أن يموت الإنسان وعليه أيّام من رمضان أو أن يموت وعليه نذر؟
الطالب : الأوّل.
الشيخ : الأوّل، لأنّ الأوّل يمكن يرد على كلّ واحد، لكن الثاني من يرد عليه على من نذر وما أقلّ النّذر بالنّسبة لصيام رمضان، على كلّ حال الذي يظهر العموم وأنّ هذا عامّ في الكلاب المباحة والكلاب غير المباحة.
الحديث من فوائده: أنّه يعمّ الكلب الصّغير والكبير، والأسود والأحمر والأبيض أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب، لعموم قوله الكلب، ولا يقال أنّ الكلب التي ظاهرها العموم مقيّدة بالكلب الأسود كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قطع الصّلاة أنّه يقطعها الكلب الأسود، وذلك لاختلاف الحكمين لأنّ هذا في محلّ وهذا في محلّ، فلا يمكن أن يحمل هذا المطلق على المقيّد هناك.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ من النّجاسات ما هو مغلّظ وما هو تعبّديّ، نجاسة الكلب الآن؟
الطالب : مغلّظة.
الشيخ : مغلّظة، كونها بسبع دون خمس أو ثلاث أو تسع هذا؟
الطالب : تعبّدي.
الشيخ : هذا تعبّديّ، يعني أوّلًا يرى كثير من الفقهاء أنّ تعداد تطهير ما ولغ فيه الكلب تعبديّ أصلًا هو تعبّديّ، ومن رأى أنّه لعلّة وهي ما يحصل من التّلوّث بريقه، يبقى عنده التّعبّديّ في إيش؟ في تعيين السّبع وأن تكون إحداها بالتّراب، طيب فهل النّجاسات الأخرى من حيوان أخبث من الكلب يكون حكمها حكمه؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، وبذلك يتبيّن ضعف من قاس الخنزير على الكلب في أنّ نجاسته تغسل سبع مرّات إحداها بالتّراب، لأنّ بعض أهل العلم رحمهم الله قالوا: نجاسة الخنزير أقبح من نجاسة الكلب، الخنزير معروف أنّه يأكل إيش؟
الطالب : العذرة.
الشيخ : العذرة النّجاسة، وهو أيضًا ديّوث ومن أبلغ الحيوانات في الدّياثة ما يبالي أنّ أحدا من الخنازير ينزو على أنثاه ولا يهتمّ بذلك فيقول ما دام أخبث من الكلب فيجب أن تلحق نجاسته بنجاسة الكلب فهل هذا القياس صحيح؟ لا، خصوصًا إذا قلنا إنّ النّجاسة نجاسة الكلب يجب غسلها سبع مرّات تعبّدًا، طيب بهذا نعرف أنّ النّجاسات منها مغلّظ ومنها مخفّف وهو كذلك، وإتمامًا للفائدة نقول النّجاسات ثلاثة أقسام: قسم مغلّظ وهو نجاسة الكلب، وقسم مخفّف وهو نوعان: بول الذّكر الصّغير الذي لم يأكل الطّعام يعني يتغذّى باللّبن وهو ذكر، إذن ذكر وهو إيش؟
الطالب : صغير.
الشيخ : صغير لم يأكل الطّعام يعني لم يتغذّ به، والثاني المذي وهو الذي يخرج من الإنسان عقب الشّهوة فلا هو بول ولا هو منيّ، هو في منزلة بين منزلتين ولكنّها ليست منزلة المعتزلة، في منزلة بين منزلتين بين البول وبين المنيّ، لأنّ المنيّ طاهر وذلك لأنّ قوّة الشّهوة أنضجته وأزالت ما فيه من الأذى حتى صار طاهرًا، البول خبيث، المذيّ بينهما فلذلك صارت نجاسته مخفّفة كيف مخفّفة؟ يعني أنّه يكفي فيها النّضح أي أن تغمرها بالماء ويكفي، تأتي بالإبريق وتصبّه على المكان النّجس ما يحتاج عصر ولا فرك ولا شيء، هذه النّجاسة نقول إنها؟
الطالب : ...
الشيخ : ... الثالثة متوّسطة بين ذلك وهي باقي النّجاسات حتى نجاسة الخنزير، واضح يا جماعة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب، من فوائد هذا الحديث: أنّ الغسل لا بدّ أن يكون من مالك الإناء الذي ولغ فيه الكلب، توافقون على هذا؟
الطالب : ...
الشيخ : يا إخوان! إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله.
الطالب : هذا غالب.
الشيخ : نقول نعم، هذا للغالب، ولدينا قاعدة عند العلماء الأصوليّين يقولون القيد الأغلبيّ لا مفهوم له، وهذه فائدة تنفعك في مواطن كثيرة، القيد الأغلب لا مفهوم له، وبناء على ذلك لو رأيتُ كلبًا ولغ في إناء جاري وأخشى أنّ هذا الجار يأتي ويشرب من هذا الإناء وهو لا يدري فقمت وغسلته سبع مرّات إحداها بالتّراب يكفي وإلاّ ما يكفي؟
الطالب : يكفي.
الشيخ : يكفي؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ولو كان الإناء لغيره؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، لأنّ قيد إناء أحدكم بناء على الأغلب، طيب يستفاد من هذا الحديث أنّ الكلب محرّم الأكل، من أين عرفنا ذلك؟
الطالب : من باب أولى.
الشيخ : لدينا قاعدة يا جماعة أعطيتكم إياها من قبل، القاعدة ذكرنا قبل: كلّ نجس فهو حرام وليس كلّ حرام نجسًا، طيب إذن نقول هو حرام خلافًا لمن قال من العلماء إنّه مكروه لأنّ الأصل الحلّ، لأنّ بعض العلماء يقول إنّه مكروه لأنّ الأصل الحلّ، وغفل عن أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن كلّ ذي ناب من السّباع فإنّ الكلب بلا شكّ له ناب يفترس به، أليس يأتي بالصّيد؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب إذن داخل في الحديث، ثمّ هذا الحديث الذي معنا أيضًا يدلّ على أنّه حرام لأنّه إذا كان يجب علينا أن نتوقّى من ولوغه كيف ندخل لحمه في بطوننا؟ فإذا اضطرّ الإنسان إلى ذلك يأكله؟
الطالب : نعم.
الشيخ : كيف يأكله؟ طيب أكله هل يجب عليه أن يغسل فمه سبع مرّات إحداها بالتراب؟
الطالب : لا.
الشيخ : كيف؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب نشوف نبحث عن المسألة هذه، هل نقول لما أباحه الله ارتفعت النّجاسة عنه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، كالحمير حينما كانت مباحة ليست نجسة ولمّا حرّمت صارت نجسة، أو نقول إنّه يجوز أن يتبعّض الحكم فيقال من أجل الضّرورة أبحناه لك لكن النّجاسة باقية، فلا بدّ أن تغسل فمك إحداها بالتّراب.
الطالب : لا.
الشيخ : ويشكل على هذا شيء آخر هل يغسل بطنه سبعًا إحداها بالتّراب؟
الطالب : لا.
الشيخ : الظّاهر والله أعلم نظرًا للعلل الشّرعيّة أنّه إذا حلّ أكله ارتفعت نجاسته، هذا الظاهر كما قلنا ومن باب أولى كما قلنا في الصّيد إنّ الله لما أباح صيده ارتفعت النّجاسة وعفي عن النّجاسة في الصّحّ هذا هو الأصحّ.
ما حكم مس الكلب للثياب ونحوها؟
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : أي نعم.
السائل : يقاس على الصيد.
الشيخ : لا ما يقاس على الصيد لأنّ هذا قياسه على الماء أقرب، لأنّ حتّى الكلب أيضًا الكلب المباح اتّخاذه دائمًا يكون عند أهله يأكل ويشرب من أوانيهم ولم يرخّص فيها الشّرع.
السائل : ...
الشيخ : لا لحسه ما هو مسّه، المسّ إذا مسّه ..
السائل : ...
الشيخ : إيه إذا مسَّك بفمه ولم يحصل رطوبة بين فم الكلب والثّوب ما يضرّ. نعم.
السائل : أحسن الله إليكم.
الشيخ : لكنّي بلغني أنّ بعض النّاس يقتني الكلاب ويغسلها بالصّابون صحيح هذا؟
السائل : نعم.
الشيخ : طيب، إذا غسل بالصّابون ما تطهر؟ ما قلنا أنّ الصّابون يقوم مقام التّراب؟
السائل : ...
الشيخ : يا إخوان كونوا فقهاء!
السائل : ...
الشيخ : هذا إنسان عنده كلب كلّ يوم يغسله بالصّابون ويقول طهر.
الطالب : ...
الشيخ : ليش؟
الطالب : لأنّ نجاسته عينيّة.
الشيخ : إيه النّجاسة العينيّة لا تطهر أبدًا لو تضيف إليها ماء البحار كلّها ما طهرت أفهمت؟ هذا جملة معترضة.
السائل : ... التّراب ...
الشيخ : إيش؟
السائل : ... بالتّراب ...
الشيخ : نعم، لفظ الحديث.
السائل : إي اشتراط التّراب ما يرجح اشتراط التراب... في الحديث.
الشيخ : في الحديث اشتراط التّراب.
السائل : ...
الشيخ : طيّب نحن أجبنا عن هذا.
السائل : لكن ثبت بالطب الحديث يا شيخ.
الشيخ : إيش؟
السائل : ثبت بالطب الحديث أن لعاب الكلب.
الشيخ : بالطب الحديث! ما أعرفه، إذا ثبت بالطب الحديث أنّ البلاء الذي يصيب الإناء بولوغ الكلب فيه لا يزيله إلاّ التّراب هذا ممّا يقوّي القول بأنّه لا يجزئ غير التّراب، نعم؟
السائل : شيخ بارك الله فيك ...
الشيخ : طيب، نعم هذا ...
السائل : ...
الشيخ : هذا ... يا محمّد.
السائل : كذلك الكلب ..
الشيخ : الذي غير الكلب يطهر بأيّ مزيل ما عندنا إشكال.
في بعض البلاد قد يعدوا الكلب المقتنى في البيوت على بعض الطيور فهل يعفى عن نجاسته إذا ذكيت؟
الشيخ : إيش؟
السائل : في بعض البلاد يكثر اقتناء الكلاب للبيوت في غير حاجة.
الشيخ : نعم.
السائل : فإذا سطى الكلب على أحد الطّيور التي تكون في المنزل.
الشيخ : فإذا؟
السائل : سطى الكلب على بعض الطّيور التي في المنزل.
الشيخ : بعض الطّيور، نعم.
السائل : وجرحها ثمّ ذكّيت، فهل نقول أنّه يعفى عن غسله ...
الشيخ : شفيت؟
السائل : ذكّيت.
الشيخ : ذكّيت أي نعم، الظّاهر أنّه ما تعمل فيه الذّكاة لأنّ صيده حينئذ غير حلال، يعني لو ماتت من هذا الكلب ما حلّت.
5 - في بعض البلاد قد يعدوا الكلب المقتنى في البيوت على بعض الطيور فهل يعفى عن نجاسته إذا ذكيت؟ أستمع حفظ
هل التراب هنا نقول أنه كل صعيد على وجه الأرض كالتيمم ولو كان رملا؟
الشيخ : أي نعم، نعم؟
ما هو الضابط في كثرة الماء الذي لو ولغ فيه الكلب لم يؤثر فيه تنجيسا؟
الشيخ : إيش؟
السائل : ما هو الضّابط في كمّيّة الماء التي لو زيد قدرها.
الشيخ : التي إيش؟
السائل : لو زيد قدرها يعني.
الشيخ : يزاد؟
السائل : ...
الشيخ : خلي بعد الأذان. -اللهمّ ربّ هذه الدّعوة التامّة والصّلاة القائمة آت محمّدًا الوسيلة والفضيلة- نعم؟
الشيخ : الأخ كمّل سؤالك؟
السائل : يا شيخ الضّابط في الماء الكثير الذي ... قلنا ما يغسل سبعًا.
الشيخ : الماء الكثير الذي لا يتأثّر، يعني لو ولغ في بركة ماء واسعة عظيمة ما يجب، وسيأتينا إن شاء الله تعالى أنّ النّجاسة على الأرض مطلقًا يكفي فيها غسلة واحدة تزيل أثر النّجاسة، نعم؟
السائل : أحسن الله إليكم شيخ شعر الكلب إذا كان رطبًا؟
الشيخ : أي نعم ما كمّلنا الكلام عليه، نعم؟
السائل : شيخ هل نقول ...
الشيخ : لا ... نعم؟
إذا حصل التعارض متى يؤخذ بالأيسر ومتى يؤخذ بالأحوط؟
السائل : أحسن الله إليك، ... قلنا إذا اختلف الحكمان نأخذ باليسير والأيسر، وفي بعض الأحيان بالاحتياط، متى يكون هذا؟ ومتى يكون هذا؟ إذا قلنا بقاعدة الاحتياط في مسألة ...
الشيخ : لأنّ الأصل ... عندنا أصل وهي النّجاسة في هذا الكلب، نعم.
السائل : ...
الشيخ : إيش؟
ورد في حديث عبد الله بن مغفل (وعفروه الثامنة بالتراب ) فكيف الجمع؟
السائل : أحسن الله إليك يا شيخ ورد في حديث عبد الله بن مغفّل.
الشيخ : إيش؟
السائل : ورد في حديث عبد الله بن مغفّل أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( وعفّروه الثامنة بالتّراب ).
الشيخ : نعم.
السائل : فما الجمع بينهما؟
الشيخ : ليس بينهما تناقض لأنّه سمّاها ثامنة لأنّها زائدة على الماء ليس الثامنة في العدد عفّروه الثامنة يجوز أن تكون هي الأولى، لأنّ المعنى عفّروه عددًا ثامنًا، والثّامن سواء في الأولى أو في الثّانية أو في السّابعة.
هل الحكم كذلك إذا ولغ في إناء سمن أو لبن؟
السائل : ...
الشيخ : إيش؟
السائل : إذا ولغ في إناء لبن أو سمن؟
الشيخ : إيش؟
السائل : إذا ولغ في إناء لبن أو سمن؟
الشيخ : في؟
السائل : إناء لبن أو سمن.
الشيخ : في إناء لبن، الحديث عامّ ( في إناء أحدكم ) سواء ماء أو لبن أو غيره.
السائل : يريقه؟
الشيخ : يريقه أي نعم.
إذا بال الكلب على الفرش الكبيرة التي تكون في المساجد هل يكفي غسلة واحدة؟
الشيخ : يريقه أي نعم.
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : الفرش الكبيرة ...
الشيخ : إيش؟
السائل : الفرش الكبيرة مثل ما يوجد في المساجد لو بال عليها كلب يكفيها غسلة واحدة أو سبع؟
الشيخ : لا ما يكفيها غسلة واحدة لا بدّ من سبع إحداها بالتّراب إلاّ إذا قلنا بأنّ بوله كغيره من النّجاسات.
ما حكم ولوغ الذئب؟
الشيخ : إيش؟
السائل : ...
الشيخ : الذئب؟ لا الذئب مثل غيره من ... الصّحيح أنّه لا ...
مراجعة ومناقشة تحت ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب ).
بسم الله الرّحمن الرّحيم .
الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين .
سبق لنا تقسيم النّجاسات أي تطهير النّجاسات ينقسم إلى أقسام ثلاثة هارون؟
الطالب : الأوّل مغلّظة.
الشيخ : مغلّظة.
الطالب : وهي نجاسة الكلب.
الشيخ : الكلب بس؟
الطالب : نعم هذا على الرّاجح.
الشيخ : نعم أحسنت، والثاني؟
الطالب : والثاني مخفف.
الشيخ : وهو شيئان.
الطالب : وهو شيئان: نجاسة الصغير الذي لم يأكل ..
الشيخ : بول الصّبيّ الذكر؟
الطالب : بول الصّبيّ الذكر الذي لا يأكل إلاّ من ثدي أمّه.
الشيخ : لا غلط، من ثدي أمّه مشكل ...
الطالب : بول الصّبيّ الذّكر ..
الشيخ : الذي يتغذّى باللّبن.
الطالب : نعم.
الشيخ : أحسنت، والثاني؟
الطالب : بول الرّجل!
الشيخ : إيش؟!
الطالب : والثاني مثل القذرات.
الشيخ : لا، المذي، أحسنت المذي، هذا المخفّف كيف يطهّر؟
الطالب : ...
الشيخ : الرّشّ؟
الطالب : النضح.
الشيخ : النّضح بالماء أحسنت، كيف النّضح والرّشح؟ الفرق بينهما؟
الطالب : أن يعمّ المكان بالماء.
الشيخ : أحسنت لكن بدون غسل وبدون فرك.
الطالب : ...
الشيخ : أحسنت، هذا هو الفرق وعلى هذا فيحمل بعض ألفاظ الحديث يرشّ من بول الغلام يعني ينضح، طيب، بمناسبة ذكر المنيّ ذكرنا أنّ الخارج من الإنسان من ذكره يسمّى عند العلماء بأربعة أسماء أي نعم؟
الطالب : المنيّ.
الشيخ : نعم.
الطالب : والمذيّ.
الشيخ : نعم.
الطالب : والبول.
الشيخ : نعم.
الطالب : والودي.
الشيخ : أحسنت، أربعة أشياء، ما الذي يكون حكمه واحدًا من هذه؟
الطالب : المنيّ.
الشيخ : لا.
الطالب : البول وكذلك المذي.
الشيخ : غلط ... نعم؟
الطالب : البول والودي.
الشيخ : البول و؟
الطالب : والودي.
الشيخ : والودي لأنّ الودي آخر البول، عصارة المثانة يسمّى وديًا، طيب المنيّ ما هو القول الرّاجح فيه مسعود؟
الطالب : طاهر.
الشيخ : أنّه طاهر، الدّليل؟
الطالب : الدّليل قول عائشة رضي الله عنها الذي رواه البخاري أنّها كانت تفركه من ثوب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويخرج فيصلي فيه.
الشيخ : طيب، حديث عائشة أنّها كانت تفركه من ثوب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فركا فيصلّي به، طيب المذيّ الدّليل على أنّه يكفي فيه النّضح؟
الطالب : حديث عليّ بن أبي طالب أنّه كان رجلًا مذّاء فأرسل إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأمرت المقداد فسأله قال ...
الشيخ : نعم.
الطالب : ... في بعض ألفاظ الحديث ...
الشيخ : نعم، طيب أمّا ... البول معروف، الآن نأخذ حديث أبي قتادة.
13 - مراجعة ومناقشة تحت ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب ). أستمع حفظ
وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الهرة : ( إنها ليست بنجس ، إنما هي من الطوافين عليكم ) . أخرجه الأربعة وصححه الترمذي وابن خزيمة .
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني نعم، الهرّة معروفة ولها أسماء كثيرة هي من أكثر الحيوانات أسماء لأنّها متداولة عند النّاس، وكلّ ما تداوله النّاس كثرت أسماؤه لأنّ كلّ أناس يسمّونه باسم، ولهذا أكثر ما يكون أسماء الأسد والهرّ، الهرّة تسمّى هرّة كما في الحديث، تسمّى أيضا قطّة، وتسمّى سنّورًا، وتسمّى بَسّ بفتح الباء قال في القاموس إنّ العامّة تكسره وإلاّ فهو بَسّ طيب ولها أسماء كثيرة يمكن من راجع كتاب الحيوان للدميري أو غيره ينظر أسماءها، لكن هذا العلم يعني ليس بذاك المهمّ، المهمّ أنّ الهرّة لو سئلنا ما هي؟ قيل: هذه المعروفة بين الناس المتداولة بين النّاس، الهرّة هل هي سبع أو لا؟ هي في الواقع من السّباع لأنّها؟ تفرس بنابها فهي من السّباع وكانت الهرّة فيما سبق في بلادنا هذه تأكل الدّجاجة أكلًا عظيمًا، تقبض عليها وهي معلّقة في مسراها أعني الدّجاجة وتنزّلها في الأرض وتأكلها، أما الآن فسبحان الله صارت تأكل معها في الإناء سويًّا ولا تقل لها شيئًا أبدًا، وهذا قيل إنّه من أجل أنّ الهرر ارتفع نظرها وصارت لا تريد الدّجاج ولكن تأكل الحمام فالله أعلم، على كلّ حال هداها الله وسخرها الآن، فهي في الحقيقة ممّا يألف البيوت.
يقول ليست بنجس يعني أنّها طاهرة لأنّ نفي الضّدّ إثبات لضدّه، فإذا نفى أن تكون نجسًا صارت طاهرة نعم ليست بنجس، ونجس هنا صفة مشبّهة كبطل اسم لشجاع، كذلك نَجَس اسم لما هو نجس بذاته ومنجّس لغيره، لكنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يقول: ( إنّها ليست بنجس ) ثمّ إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من عادته وحكمته وبلاغته في التّعليم أنّه إذا ذكر الحكم ذكر علّته، لا سيما إذا كان الحكم يحتاج إلى علّة من أجل أن يطمئنّ الإنسان إلى هذا الحكم، قال: ( إنّها ليست بنجس ) وعلّل ذلك لم يقل إنّها حلال قال: ( إنّها من الطّوافين عليكم ) لم يقل من الطّوّافات، الظاهر والله أعلم اتّباعًا للفظ القرآن في قوله تعالى: (( طوّافون عليكم بعضكم على بعض )) فهي من الطّوافين وإنّما قلت ذلك لأنّ المؤنّث لا يجمع جمع مذكّر، ومعلوم أنّ الهرّة مؤنّثة، من الطّوافين، ما معنى الطّوّاف؟ الطّواف هو كثير التّردّد، كثير التّردّد على الشّيء يسمّى طوّافًا فهذه هي العلّة التي علّل بها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كون الهرّة ليست بنجس.
14 - وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الهرة : ( إنها ليست بنجس ، إنما هي من الطوافين عليكم ) . أخرجه الأربعة وصححه الترمذي وابن خزيمة . أستمع حفظ
فوائد حديث ( إنها ليست بنجس ، إنما هي من الطوافين عليكم ).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الهرّة طاهرة، الهرّة طاهرة مع أنّها محرّمة الأكل وكلّ محرّم الأكل فإنّه نجس، هذا هو الأصل أنّ جميع محرّم الأكل من الحيوان نجس، هذا الأصل، ولكن هناك أشياء تزول نجاستها لسبب من الأسباب، الهرّة الأصل فيها أنّها نجسة لأنّها محرّمة الأكل، لكن علّل الرّسول عليه الصّلاة والسّلام بعلّة لا توجد في غيرها، فإذن من فوائد الحديث: أنّ محرّم الأكل نجس لأنّ الرّسول أخرج الهرّة عن النّجاسة لسبب لا يوجد في غيرها.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الهرّة ليست نجسة فهل هذا على عمومه؟ الجواب: لا، ليست نجسة في ريقها وفيما يخرج من أنفها، وفي عرقها، وفي سؤرها أي بقيّة طعامها وشرابها، في بولها؟
الطالب : نجسة.
الشيخ : نجسة، في روثها نجسة، في دمها نجسة، لأنّ هذه الأشياء كلّها من محرّم الأكل نجسة، فكلّ ما يخرج من جوف محرّم الأكل فإنّه نجس كالبول والعذرة والدّم والقيء وما أشبهها.
طيب من فوائد هذا الحديث: أنّ الهرّة لو شربت من ماء وهذا هو وجه سياق الحديث في هذا الباب، لو شربت من ماء فإنّ الماء لا ينجس قليلًا كان أو كثيرًا لأنّ الإناء الذي كان يتوضّأ به أبو قتادة قليل.
ومن فوائده: أنّه لا فرق بين أن تكون هذه الهرّة أكلت شيئًا نجسًا أم لم تأكل لماذا؟ لإطلاق الحديث فلا يقال مثلًا لو رآها تأكل فأرة ثمّ شربت من الماء صار الماء نجسًا، نقول الحديث عامّ أنّها ليست بنجسة سواء أكلت ما هو بنجس عن قرب أو عن بعد، نعم لو رأيت أثر الدّم الذي في شفتيها في هذا الماء يكون نجسًا، لكن إذا لم تر شيئًا فهي طاهرة.
من فوائد هذا الحديث: أنّ المشقّة تجلب التّيسير، وجهه: أنّ الله تعالى رفع النّجاسة عنها لمشقّة التّحرّز منها حيث إنّها إيش؟
الطالب : من الطّوّافين.
الشيخ : من الطّوّافين، ولو كانت نجسة وهي في البيت تشرب من الإناء، تشرب من اللّبن، تأكل من الطّعام لكان في ذلك مشقّة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ النّجاسات التي يشقّ التّحرّز منها معفوّ عنها، وذكر العلماء من ذلك يسير الدّم النّجس غير الخارج من السّبيلين يعفى عنه، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: جميع النّجاسات يعفى عن يسيرها مع مشقّة التّحرّز منها، وما قاله رحمه الله ينطبق على القاعدة فعلى هذا الذين يستخدمون الحمير والحمار تعرفون أنّه يبول ويروث، أحيانًا يقف وهو على ظهره الحِمل يقف ويبول على أرض صلبة ماذا يصيب صاحبه؟
الطالب : الرّشاش.
الشيخ : سيصيبه الرّشاش، يقول شيخ الإسلام: إنّ مثل هذا يعفى عنه لمشقّة التّحرّز منه، وأخذ هذا القول من هذا التّعليل إنّها من الطّوّافين عليكم.
طيب من فوائد هذا الحديث أنّ الفأرة طاهرة الدّليل؟
الطالب : من الطّوافين عليكم.
الشيخ : ( من الطّوّافين عليكم ) علّلوا بالحديث أحسن، ( إنّها من الطّوّافين عليكم ) فهي طوّافة علينا فإذا قال قائل أليس النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال في الفأرة تموت في السّمن ( ألقوها وما حولها )؟ بلى نعم هو قال هكذا لكن هذه ميتة، والفأرة إذا ماتت تكون نجسة والهرّة أيضًا إذا ماتت تكون نجسىة، وذلك لأنّ العلّة التي من أجلها خفّفت زالت الآن، الآن ما تكون طوّافة واضح؟
طيب من فوائد هذا الحديث أنّه لو شرب حيوان محرّم الأكل وهو دون الهرّة لكنّه لا يرى إلاّ نادرًا فإنّه يكون نجسًا، توافقون؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم وهذا هو الصّحيح، وما ذكره بعض العلماء من أنّ مناط الحكم هو حجم الحيوان دون مشقّة التّحرّز منه فهو ضعيف، لأنّ بعض العلماء رحمهم الله جعلوا مناط الحكم الجرم وقالوا: الهرّة وما دونها في الخلقة طاهر، وهذا لا يدلّ عليه الحديث، الحديث يدلّ على أنّ العلّة إيش؟ مشقّة التّحرّز، فإن قال قائل: ينتقض ذلك عليكم بالكلب كلب الصّيد، كلب الحرث، كلب الماشية طوّاف علينا والتّحرّز منه شاقّ وقد ثبت أنّ نجاسته مغلّظة أيضًا، يقال: إنّ الشّريعة الإسلاميّة فيها عموم وخصوص، أيهما الذي يقضي على الآخر؟
الطالب : الخاصّ.
الشيخ : الخاصّ نعم يقضي على العامّ فيقال: الكلب مستثنى، الكلب مستثنى بدلالة الحديث ونحن ليس لنا أن نحكم بالقياس على النّصّ وإنّما نحكم بالنّصّ على القياس.
نعم ومن فوائد هذا الحديث: رحمة الله عزّ وجلّ بالخلق حيث خفّف عنهم ما يشقّ عليهم اجتنابه لقوله: ( إنّها ليست بنجس إنّها من الطّوافين ) وهذه يا إخواني قاعدة مطّردة في هذه الشّريعة الإسلاميّة مبنيّة على الرّحمة، على التّيسير، حنيفيّة سمحاء، ليس فيها تعسير إطلاقًا وهذه خذوها قاعدة من كلام الله وكلام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، أما كلام الله فقد قال: (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) وقال: (( وما جعل عليكم في الدّين من حرج )) وأمّا السّنّة فقال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( إنّ الدّين يسر ) الدّين عامّ، كلّ الدّين يسر ( ولا يشادّ أحد الدّين إلاّ غلبه ) وكان يبعث البعوث ويقول: ( يسّروا ولا تعسّروا، وبشّروا ولا تنفّروا فإنّما بعثتم ميسّرين ولم تبعثوا معسّرين ) هذه قاعدة، ثمّ إنّ الإنسان أحيانًا تأخذه الغيرة إذا رأى المعاصي والمنكرات فيغضب ويشتدّ نقول جزاك الله خيرا الغيرة لا شكّ أنّها مطلوبة ومن لا غيرة عنده فقلبه ميّت، لكن هل أنت إذا غرت تريد أن تطفئ نار الغيرة بما يصدر منك من قول جافّ أو فعل نكد أو تريد أن تصلح الخلق؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني هو الذي يجب أن يكون، وإذا كان المقصود الإصلاح فيجب أن نسلك أقرب طريق إلى الإصلاح، أنا عندما أرى رجلا عاصيًا لا شكّ أنّي أكرهها له، أكره المعصية وأكره المعصية لهذا الشّخص أيضًا لكن كيف نعالج هذا؟ هل الإنسان إذا وجد شخصًا فيه جروح ورم، هل يأتي بالسّكين السّيّئة ويشقّه ويدع يهرق دما أو أنّه يأتي بألطف ما يكون ممّا تحصل به العمليّة وينظّفه؟
الطالب : الثانية.
الشيخ : الثانية لا شكّ في هذا، والأدواء المعنويّة يا جماعة، الأدواء المعنويّة كالأدواء الحسّيّة، فيجب علينا ولا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه المعاصي أن نستعمل أرفق ما يكون بقدر ما نستطيع، الإنسان صحيح أنّه بشر قد يثور ويغضب ويتألّم لكن يجب أن يهدّئ نفسه لأنّه يريد إيش؟ إصلاح الغير.
نعم طيب إذن نقول هذا الدّين والحمد لله يسر من جميع جوانبه والمقصود إصلاح الخلق بأيّ وسيلة وهذا التّشريع في الهرّة يدلّ على ذلك، طيب فيه مثلًا أشياء تعتاد المنازل ويكثر تردّدها من طيور محرّمة مثلًا، هذه الطّيور المحرّمة التي يكثر وجودها في البيوت حكمها حكم إيش؟ الهرّة، أمّا إذا كانت لا تأتي إلاّ نادرًا وليست من الطّوّافين فكما قلت لكم كلّ محرّم الأكل فهو نجس إلاّ أنّه يستثنى شيء واحد بيّنّاه وربّما يأتي، ما ليس له دم، ما ليس له دم من الحشرات هذا ليس بنجس، هذا طاهر حيًّا وميّتًا.
وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال :( جاء أعرابيٌ فبال في طائفة المسجد ، فزجره الناس ، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء ، فأهريق عليه ). متفق عليه
هذا الحديث يعني فرد من أفراد القاعدة التي ذكرناها وهي؟
الطالب : التّيسير.
الشيخ : التّيسير واستعمال اللّين، يقول: " جاء أعرابيّ " والأعرابيّ هو ساكن البادية، والغالب على سكّان البادية، الغالب عليهم الجهل، لكن نبشّركم أنّهم الآن والحمد لله عندهم علم كثير بواسطة الإذاعات، يسمعون الإذاعات ويفهمون المعاني وصار عندهم وعي كبير، لكن في الأوّل لا يتّصلون بالنّاس ولا سيما النّساء منهم والصّغار، والكبار الذين يأتون للبلاد تجده يبيع سلعته ويمشي عندهم جهل كثير، هذا الأعرابي ساكن البادية، دخل المسجد، ومسجد النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام بعضه مسقّف وأكثره مفتوح برحة حتى أنّه تضرب فيه الخيام، أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب، الرّجل دخل المسجد فانحاز إلى طائفة منه، أي إلى جانب من المسجد فجعل يبول قياسًا على إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : على البرّ، في البرّ متى يحتاج جلس وقضى حاجته، فجلس في هذا يبول، والصّحابة رضي الله عنهم رأوا هذا منكرًا عظيمًا وهو منكر، صاحوا به، زجروه كيف يفعل المنكر، ولكنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الذي أوتي الرّحمة والحكمة نهاهم أي أمرهم أن يكفّوا عن ذلك، لأنّ النّهي هو طلب الكفّ كمّل؟
الطالب : على وجه الاستعلاء.
الشيخ : على وجه الاستعلاء بصيغة مخصوصة نهاهم قال: ( لا تزرموه ) يعني: لا تقطعوا عليه بوله دعوه يبول، لأنّ قطع البول ليس بالأمر الهيّن صعب، فنهاهم النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام فلمّا قضى بوله دعاهم النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام وأمر أن يراق على البول ذنوب من ماء من أجل أن يطهّر، لمّا طهّر المكان زالت العلّة، تنظف المكان فرفعت النّجاسة زالت العلّة الآن، بقي علينا الآن قضيّة الأعرابي، الأعرابيّ دعاه النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام ولم يوبّخه ولم يكفهرّ في وجهه بل قال له: ( إنّ هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر ) ثمّ بيّن له لماذا بنيت؟ ( إنّما بنيت للصّلاة وذكر الله وقراءة القرآن ) أو كما قال، الأعرابيّ اطمأنّ، انشرح صدره، الصّحابة رضي الله عنهم زجروه، والرّسول عليه الصّلاة والسّلام كلّمه بكلام معقول يفهم ويطمئنّ إليه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر، إذن لماذا بنيت؟
الطالب : للصّلاة.
الشيخ : للصّلاة والذّكر وقراءة القرآن أو كما قال، الأعرابيّ انشرح صدره وكما يقول العامّة انبسط فقال: " اللهمّ ارحمني ومحمّدًا ولا ترحم معنا أحدًا " على فطرته، ارحمني ومحمّدًا لأنّ محمّدًا عليه الصّلاة والسّلام لم يزجره ولم يوبّخه بل كلّمه بكلام رقيق معقول مفهوم " ولا ترحم معنا أحدًا " لمن يشير؟
الطالب : للصّحابة.
الشيخ : الظّاهر أوّل ما يكون الصّحابة لأنّ الصّحابة زجروه، ومع ذلك لم ينكر عليه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لأنّه يعرف أنّ هذا لم يصدر عن بغض ولا عن كراهة، لكن أناس زجروه وأرادوه أن يقوم من بوله فيتضرّر فقال هكذا.
16 - وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال :( جاء أعرابيٌ فبال في طائفة المسجد ، فزجره الناس ، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء ، فأهريق عليه ). متفق عليه أستمع حفظ
فوائد حديث ( جاء أعرابيٌ فبال في طائفة المسجد ...).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يجب تطهير أرض المسجد لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر أن إيش؟
الطالب : يراق.
الشيخ : يراق عليه.
ومن فوائده: تحريم البول في المسجد لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم ينكر إنكار الصّحابة على الأعرابيّ وإنّما قال: ( لا تزرموه ).
ومن فوائد هذا الحديث: وجوب المبادرة لإنكار المنكر، لماذا؟ لأنّ الصّحابة بادروا بإنكار المنكر، لكن نقول في هذه المسألة ما لم يكن تأخيره أصلح، فإن كان تأخيره أصلح كان أولى، فهذا الأعرابيّ بقي يبول في المسجد لأنّه أصلح، وبناء على ذلك لو رأينا شخصًا عند قبر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يدعو النّبيّ يا محمّد! يا محمّد! يا محمّد ارزقني افعل افعل، هل نصيح به؟ أجيبوا؟
الطالب : لا.
الشيخ : ما نصيح به، ندعه خلّيه يطيب خاطره وإذا انتهى أمسكناه وقلنا يا أخي، نعم أقول يا أخي لأنّه لم يكفر، هذا جاهل وإلاّ ما نقول يا أخي وهو مشرك، هذا ما يصلح، ما يصلح، دعاء غير الله غلط ما أقول شرك حتى يطمئنّ أكثر، أرأيت هل الرّسول يقدر أن يجيبك أو الله يقدر؟ هو سيقول الله، إذا كان يقول الله نقول ادع الله وحده لا تدع الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، ادع الله فهو خير لك من دعاء الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لأنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم لا يملك لنا ضرًّا ولا رشدًا، ولا يعلم الغيب، ولا يقول إنّي ملك، فادع الله وحده وحينئذ حين اطمأنّ وارتاح يبيّن له أنّ هذا شرك وأنّه لو مات على ذلك لكان من أهل النّار.
من فوائد هذا الحديث: حسن رعاية النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم للأمّة وذلك لأنّه نهى الصّحابة أن يزجروه لما يترتّب عن قيامه من بوله من المضارّ، فمن المضارّ أنّهم يقطعون عليه بوله وقطع البول مع استعداده للخروج ضرر ويضرّ المثانة ويضرّ مجاري البول، وأيضًا لو قام فهو بين أمرين إمّا أن يقف البول وإمّا أن يستمرّ،، قصدي إمّا أن يبقى مكشوف العورة وحينئذ إيش؟ تنكشف عورته أمام النّاس، وإمّا أن يسترها وحينئذ يتلوّث ثوبه إزاره أو ما أشبه ذلك، وإن بقي أيضا رافع الثّوب والبول ينزل تنجّس بذلك مساحة أكثر.
ومن فوائد الحديث: أنّ الأرض لا تطهر إلاّ بالماء يعني فلا تطهر بالشّمس والرّيح، وجه ذلك أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أمر أن يراق على بوله ذنوب من ماء، وقال بعض أهل العلم: إنّ الأرض تطهر بالشّمس والرّيح وأجابوا عن الحديث بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أراد المبادرة بالتّطهير، لأنّه لو تركها حتى تطهر بالشّمس والرّيح قد تبقى يومين أو ثلاثًا أو أكثر، وإزالة النّجاسة من المسجد واجبة على الفور وهذا لا يحصل إلاّ بالماء.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ تطهير المساجد من النّجاسة فرض كفاية، وجهه: أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أمرهم ولم يشارك ولو كان فرض عين لكان أوّل الفاعلين له، لكنّه فرض كفاية وعلى هذا فمن رأى نجاسة في المسجد وجب عليه أن يزيلها فإن لم يتمكّن وجب عليه أن يخبر المسؤول عن تطهير المسجد وتنظيفه.
ومن فوائد هذا الحديث: الأخذ بالقاعدة المشهورة المعروفة أنّه إذا لم يمكن إزالة المنكر إلاّ بما هو أنكر فإنّنا لا ننكر لماذا؟ لأنّ ارتكاب أخفّ المنكرين أولى من ارتكاب أعظم المنكرين وهذا واضح، لأنّه إذا كان ينتقل إلى منكر أعظم معناه أنّه جاء بالمنكر الأوّل وزيادة وهذا لا شكّ أنّه زيادة في المعصية والنّكارة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه ينبغي لمن أنكر المنكر أن يبيّن السّبب، لأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لمّا بيّن للأعرابيّ أنّ هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر بيّن لماذا بنيت، والأعرابي لا يدري جاء إلى برحة واسعة يحسبها كسائر المحلاّت الواسعة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه ينبغي بل يجب على الإنسان أن ينزّل كلّ إنسان منزلته، لو أنّ هذا الذي حصل له بول في المسجد كان رجلا من أهل المدينة ممّن يعرفون الأحكام الشّرعيّة ما نعاملهم هذه المعاملة لكن عاملنا هذا الأعرابيّ لأنّ الغالب عليه؟
الطالب : الجهل.
الشيخ : الجهل، وعلى هذا فيكون من قواعد الشّريعة أنّ الإنسان ينزّل النّاس منازلهم، هل يؤخذ من هذا الحديث نجاسة البول؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، يؤخذ من هذا نجاسة البول لأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أمر بتطهير الأرض منه، وعلى هذا فالذي يخرج من الإنسان من بول أو غائط يكون نجسًا، أمّا العرق والرّيق والقيء والدّم وما أشبه ذلك فمحلّ خلاف بين العلماء ولكن الذي يتبيّن أنّه ليس بنجس لأنّه ليس في الكتاب والسّنّة ما يدلّ على نجاسته والأصل الطّهارة وقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( إنّ المؤمن لا ينجس ) وإذا كان الإنسان إذا قطع منه عضو كيده أو رجله فإنّ هذا العضو المقطوع طاهر مع أنّه مشتمل على الدّم، فالدّم الذي يخلفه غيره من باب أولى، لكن جمهور العلماء على نجاسة دم الإنسان إلاّ أنّه يعفى عن يسيره فمن احتاط لدينه وقال إنّ غسله أحوط فلا حرج عليه.
هل إزالة النجاسة من المسجد فرض كفاية؟
السائل : عفا الله عنك، أحيانًا يكون في المسجد بعض القاذورات اليسيرة.
الشيخ : نعم.
السائل : مثل المناديل الصّغيرة أو ... هل هذا يقال أيضًا فرض كفاية؟
الشيخ : النّجس لا شكّ أنّه فرض كفاية وغير النّجس ليس فرض كفاية لأنّه لا يضرّ المسجد شيئًا ويمكن للنّاس أن يصلّوا عليه، نعم؟
بعض العلماء قال بأن طهارة الهرة لعلتين الطوافة والخدمة وعليه فلا يقاس عليها الفأرة فكيف الجواب؟
الشيخ : الخدمة؟
السائل : الخدمة.
الشيخ : نعم.
السائل : وعليه لا يقيسون الفأرة.
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : الرّسول قال: ( إنها من الطّوّافين عليكم فقط ) والطّوّاف معناه المتردّد وإن كان الخدم يجمعون بين التّردّد والخدمة لكن هي أيضًا لا تخدم.
السائل : يعني تأكل الفئران والحشرات.
الشيخ : ما هو على شانك أنت علشان هي تحبّ أكل الفأر.
19 - بعض العلماء قال بأن طهارة الهرة لعلتين الطوافة والخدمة وعليه فلا يقاس عليها الفأرة فكيف الجواب؟ أستمع حفظ
هل تعليل العلماء لفعل النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لأجل المبادة للتطهير صحيح؟
السائل : ...
الشيخ : أي نعم.
السائل : ...
الشيخ : إيش؟
السائل : تعليل العلماء لفعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم للمبادرة لتطهير المسجد.
الشيخ : نعم.
السائل : تعليل صحيح؟
الشيخ : صحيح نعم، لأنّ النّجاسة بارك الله فيكم عين خبيثة فمتى زالت بأيّ مزيل.
السائل : تطهر يا شيخ؟
الشيخ : أي تطهر، إذا صارت مثلًا في السّطح فمع الشّمس يزول أثرها، ما يبقى لها أثرًا، لكن إذا كان الجرم باقيًا فهو نجس، يعني مثلًا عذرة لو يبست مرّة فهي باقية هذه نجسة لكن أكثر ما يكون في البول، البول مع طول المدّة يزول أثره لا يبقى له أثر إطلاقًا.
السائل : يا شيخ؟
الشيخ : نعم، محمّد؟ -اللهمّ ربّ هذه الدّعوة التّامّة والصّلاة القائمة آت محمّدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودًا الذي وعدت- نعم يا جمال؟
ألا يشكل على قولنا كل محرم الأكل فإن ريقه وعرقه نجس بأن الإنسان لحمه حرام ولكن ريقه وعرقه طاهر؟
السائل : ... كلّ محرّم الأكل.
الشيخ : إيش؟
السائل : كلّ محرّم الأكل.
الشيخ : نعم.
السائل : فإنّ عرقه وريقه نجس.
الشيخ : فإنه نجس نعم.
السائل : ألا يشكل على هذا الإنسان يا شيخ فإنّ أكل لحمه حرام؟
الشيخ : إيش؟
السائل : الإنسان.
الشيخ : نعم.
السائل : بني آدم.
الشيخ : نعم.
السائل : أكل لحمه حرام لكن عرقه وريقه طاهر.
الشيخ : ذكرنا لكم أنّه طاهر إلاّ البول والغائط، كلّ ما يخرج منه طاهر.
السائل : ... قاعدة؟
الشيخ : الرّسول قال: ( إنّ المؤمن لا ينجس ).
السائل : لهذا النّصّ يعني؟
الشيخ : إيه، نعم؟
21 - ألا يشكل على قولنا كل محرم الأكل فإن ريقه وعرقه نجس بأن الإنسان لحمه حرام ولكن ريقه وعرقه طاهر؟ أستمع حفظ
ما حكم شعر الكلب؟
السائل : شعر الكلب ما حكمه؟
الشيخ : شعر الكلب يرى شيخ الإسلام رحمه الله أنّه طاهر، لكن في النّفس منه شيء فالظاهر أنّه إذا أصاب الإنسان وهو رطب أو أصابه الإنسان وهو رطب أنّه نجس يتلوّث به ...
السائل : ...
الشيخ : نعم؟
السائل : ...
الشيخ : الأحوط على التّسبيع.
بعض الشراح إذا جاء إلى ذكر هذا الأعرابي سماه ثم قال هو من جفاة البادية أليس صحابيا فكيف يقال له هذا؟
السائل : شيخ بعض المحقّقين رحمهم الله إذا جاء إلى ذكر حديث الأعرابيّ يذكر أنّه فلان بن فلان وهو من جفاة البادية.
الشيخ : إيش؟ أنّه؟
السائل : وهو من جفاة البادية وهذا يعتبر صحابيّ أليس هذا ..
الشيخ : وش يقول؟
السائل : يذكر في الحديث جاء أعرابيّ إلى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.
الشيخ : أي.
السائل : يذكر مثلًا أنّه فلان بن فلان وهو من جفاة البادية يعرف هذا الأعرابي.
الشيخ : ما يضرّ يعني تسميته؟
السائل : تسميته، يعني قوله من جفاة البادية.
الشيخ : هاه؟ من جفاة إيه، أي نعم.
السائل : وهو صحابيّ.
الشيخ : على كلّ حال إذا قال فقد قال الله تعالى: (( الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا وأجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله )) لكن الأحسن لا شكّ أن لا يصف الصّحابيّ بالجفاء لكن لا بأس.
السائل : شيخ؟
الشيخ : نعم.
23 - بعض الشراح إذا جاء إلى ذكر هذا الأعرابي سماه ثم قال هو من جفاة البادية أليس صحابيا فكيف يقال له هذا؟ أستمع حفظ
إذا بال الصبي على الفراش فهل يكفي إراقة الماء عليه أم لابد من غسله؟
الشيخ : لا، إذا كان يمكن غسله إذا كان يمكن غسله بأن تحمل الفراش وتغسله اغسله، وإذا كان مثل هذه المفورشة على الأرض اللّازق بها فهذا يصبّ عليه أوّلًا ينشّف البول بالإسفنج.
السائل : قبل إراقة الماء؟
الشيخ : يعني إذا أرقت عليه الماء وهو باقٍ يكون سعته أكبر، يعني أوّلًا نشّفه بالإسفنج ثمّ صبّ عليه مرّتين أو ثلاثًا، تصبّ وتجفّف، تصبّ وتجفّف ثلاث مرّات.
السائل : يا شيخ؟
الشيخ : نعم، انتهى الوقت؟
مراجعة و مناقشة تحت حديث ( إنها ليست بنجس ، إنما هي من الطوافين عليكم ) و( جاء أعرابيٌ فبال في طائفة المسجد ، فزجره الناس ).
الطالب : قُدم إليه رضي الله عنه ماء ليتوضّأ.
الشيخ : نعم.
الطالب : فجاءت هرّة فقرّب إليها الإناء لتشرب فرأى في وجه امرأته إنكارًا.
الشيخ : نعم.
الطالب : فحدّث بهذا الحديث.
الشيخ : نعم، الجواب خطأ، نعم يا سليم؟
الطالب : عفا الله عنك يا شيخ، هو لمّا جاء أهله رضي الله عنه وأرضاه قدمت له ماء.
الشيخ : نعم.
السائل : فجاءت الهرّة وشربت من الإناء.
الشيخ : نعم.
السائل : ... ولما رأى أبو قتادة رضي الله عنه شاف أنّها استنكرت هذا الفعل أراد أن يزيل استنكارها بمثل ما قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.
الشيخ : أي الجواب خطأ.
السائل : ... أبو قتادة رضي الله عنه قدّم له ماء ليتوضّأ منه فجاءت هرّة فأصغى إليها ..
الشيخ : الجواب خطأ.
السائل : ...
الشيخ : أحسنت، إذن الحديث ليس له سبب، وإنّما السّبب لسياقه الحديث ذكرنا لكم هذا، لأنّ السّبب سبب الحديث هو الذي يكون السّبب المثير لقول الرّسول إيّاه هو كذا وكذا، وهذا لا ليس فيه، هذا فيه سبب سياق أبي قتادة للحديث.
طيب قول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: ( إنّها ليست بنجس ) أهو على إطلاقه؟ الأخ؟ أي أنت؟
الطالب : نعم على إطلاقه.
الشيخ : يعني حتّى بولها وروثها؟
الطالب : لا ليس على إطلاقها.
الشيخ : إذن ليس على إطلاقها، صحيح، ما تقول فيما يخرج من الهرّة، يعني على سبيل العموم لأجل نعرف الموضوع ريقها؟
الطالب : طاهر.
الشيخ : عرقها؟
الطالب : ...
الشيخ : عرقها؟
الطالب : هل تعرق؟
الشيخ : جزاك الله خيرًا هذا طيب تطالب بصحّة النّقل، نعم هي تعرق لا شكّ في هذا، طيب عرقها؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب، نجّاري؟
الطالب : عرقها طاهر.
الشيخ : نعم، عرقها طاهر، ما يخرج من أنفها؟ نجّاري؟
الطالب : نجس.
الشيخ : نجس.
الطالب : ...
الشيخ : أي طيّب، محمّد حامد؟
الطالب : طاهر.
الشيخ : طيب، وما يخرج من دبرها أو قُبلها؟
الطالب : نجس.
الشيخ : نجس، تمام، إذن العرق والرّيق وما يخرج من الأنف كلّه طاهر، ما يخرج من الدّبر فهو نجس، طيب الدّم وشبهه؟
الطالب : نجس.
الشيخ : نجس؟
الطالب : نعم.
الشيخ : هل يعفى عن يسيره؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يعفى عن يسيره.
الطالب : يعفى عن يسيره مع مشقّة التّحرّز منه.
الشيخ : إيه.
الطالب : أما على المذهب فلا.
الشيخ : إيه.
الطالب : أمّا شيخ الإسلام فإنّه ...
الشيخ : إيه، المذهب يقولون نعم يعفى عن يسيره لأنّ كل حيوان طاهر في الحياة فدمه يعفى عن يسيره، ليس طاهرًا بل نجس لكن يعفى عن يسيره، شيخ الإسلام يقول كلّ يسير النّجاسات معفوّ عنه لأنّ هذا غالبًا يشقّ التّحرّز منه، طيب ما تقول في الفأرة، حجّاج؟
الطالب : طاهرة.
الشيخ : كالهرّة؟ حكمها حكم الهرّة.
الطالب : ...
الشيخ : حكم الهرّة طيب، ما تقول في بعرها؟
الطالب : نجس.
الشيخ : نجس، بولها؟
الطالب : كذلك.
الشيخ : طيب، البعر معلوم أنّه أحيانًا يشقّ التّحرّز منه لأنّها تأتي على المكاتب وتبعّر على الكتب وربّما تبول، فعلى قاعدة شيخ الإسلام رحمه الله نقول اليسير منها يعفى عنه، وعلى المشور من المذهب لا يعفى عنه، طيّب ما هي العلّة في كونها طاهرة؟ إبراهيم؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب، أنت؟
الطالب : لأنّها من الطّوّافين عليكم.
الشيخ : طيب الطّوّافين هل المراد بالطّوّافين الخدم أو المكثر للتّردّد؟
الطالب : المكثر للتّردّد.
الشيخ : المكثر للتّردّد، هذه العلّة هل يلحق فيها ما يساويها فيها؟
الطالب : ...
الشيخ : أسألك هل يلحق بهذه العلّة ما ساوتها في العلّة؟
الطالب : ...
الشيخ : هذه ما يمكن يساويها في العلّة إلاّ إذا كان الطّواف فيها.
الطالب : يلحق.
الشيخ : يلحق، مثاله؟
الطالب : ...
الشيخ : الفأرة.
الطالب : البغال والحمير.
الشيخ : نعم، وكذلك على القول الرّاجح البغال والحمير، طيب أحسنت، ويؤيّد هذا الحمير والبغال أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كان يركبها والصّحابة يركبونها أيضًا وهي لا تخلو من؟
الطالب : عرق.
الشيخ : من عرق، ولا تخل من عرق ولا تخل من ريق، ولا تخل من شراب الماء ولم يثبت عن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أنّه أمر بالتّحرّز منها، طيب في حديث أنس فائدة مهمّة فيما يتعلّق بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وخالد حامد يبيّنها لنا؟
الطالب : استعمال الحكمة في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وتختلف باختلاف الأحوال.
الشيخ : فيه شيء ثاني وهو واضح يعني، نعم؟ أنت.
الطالب : استعمال الرّفق واللّين يا شيخ.
الشيخ : نعم؟
الطالب : الرّفق واللّين.
الشيخ : لا هذه، أنا أريد شيئًا مهمًّا يستنكره العامّة إذا نقوله. نعم أحمد؟
الطالب : إنكار المنكر إذا ترتّب عليه منكر أكبر فلا يجوز ...
الشيخ : يعني جواز إقرار المنكر إذا كان يترتّب عليه أو على تغييره ما هو أشدّ منه نكرًا كذا؟ وجه الدّلالة؟
الطالب : أن البول في المسجد حرام ورغم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم سكت عن هذا.
الشيخ : أقرّه أن يبقى على بوله وهو حرام.
الطالب : ... لأن زجر الأعرابي مفسدة أكبر.
الشيخ : إذا ترتّب عليه مفسدة أكبر ... من المفاسد لو قام هذا الرّجل؟
الطالب : أوّلا أن تتلوّث البقعة أكثر.
الشيخ : نعم.
الطالب : ثانيا أن يتلوّث ثوب الأعرابيّ نفسه.
الشيخ : نعم.
الطالب : لأنّه يكون فيه ...
الشيخ : أنّه إمّا أن يستر عورته ...
الطالب : تنكشف عورته.
الشيخ : ... أو يبقى مكشوف العورة فتبدو عورته للنّاس، تمام، طيب يستفاد من حديث أنس في قصّة الأعرابي أنّه لا يشترط تكرير غسل الأرض وأنّه يكفي فيها غسلة واحدة؟ نعم؟
الطالب : أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أمرهم أن يصبّوا عليه ذنوبًا من ماء.
الشيخ : ولم يثلّث، أحسنت طيب، ويستفاد منه وجوب المبادرة إلى النّهي عن المنكر يا علي سلطان؟
الطالب : الرّسول صلّى الله عليه وسلّم حينما ...
الشيخ : لا، تغيير المنكر، المبادرة بتغيير المنكر؟
الطالب : تغيير المنكر بإنكاره عليه ...
الشيخ : الرّسول صلّى الله عليه وسلّم يقول لا تنهوه.
الطالب : ...
الشيخ : أي المبادرة بإنكار المنكر.
الطالب : ...
الشيخ : أحسنت، صحيح الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ما قال لماذا تتعجّلون لأنّ هذا هو الأصل، طيب الفائدة من ذكر أنس أنّه أعرابيّ؟ الفائدة من ذكر أنّه أعرابيّ إيهاب؟
الطالب : ذكر أنّه من أهل البادية والذي يغلب عليهم أنّهم جفاة.
الشيخ : ... المقصود من قول أنس أعرابيّ ليكون في ذلك إقامة لعذره أنّه رجل جاهل، هل يستفاد من حديث أنس أنّ إزالة النّجاسة عن المساجد فرض كفاية؟
الطالب : نعم يا شيخ.
الشيخ : وجهه؟
الطالب : أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر أن يصبّوا عليه ذنوبًا من ماء ولم يشارك هو صلّى الله عليه وسلّم.
الشيخ : والأمر يقتضي؟
الطالب : والأمر يقتضي الوجوب.
الشيخ : يقتضي الوجوب طيب، استدلّ به بعض العلماء على أنّه لا يكفي في إزالة النّجاسة إلاّ الماء وأنّ الأرض لا تطهر لا بالشّمس ولا بالرّيح، ما وجه الاستدلال؟
الطالب : أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر أن يراق عليه ذنوب من ماء.
الشيخ : طيب أحسنت ولم يذكر شيئًا سواه، طيب من العلماء من نازع في هذا وقال إنّ الأرض تطهر بالشّمس والرّيح، فبما نجيب عن هذا الحديث يا محمّد حامد؟
الطالب : نجيب عن هذا الحديث بأنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ... إزالة النّجاسة عن المسجد لأنّه قد يأتي النّاس يصلّون وتكون النّجاسة موجودة ...
الشيخ : يعني لو زالت بالشّمس والهواء لتأخّرت إزالتها.
السائل : نعم.
الشيخ : إذن الفائدة من تخصيص الماء هو المبادرة بإزالة النّجاسة عن المسجد، هل يستفاد من هذا الحديث وجوب طهارة البقعة في الصّلاة؟ يعني الإنسان لا يجوز له أن يصلّي في محلّ نجس؟ ما أدري ذكرته أو لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : ما ذكرته، إذن أنا الذي يجيب، يستفاد من هذا أنّه يجب في البقعة التي يصلّى عليها أن تكون طاهرة ولكن ما الواجب؟ هل الواجب أن تكون جميع البقعة كما لو كان يصلّي على سجّادة طرفها نجس هل الواجب أن تكون جميع البقعة التي يصلّى عليها طاهرة أو المقصود ما يباشره في صلاته؟ الثاني، الثاني.