تحت باب الوضوء
تتمة فوائد حديث ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء ...).
أنه يجب تطهير ما يشك في كونه نجسا لقوله : ( فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ) ، وهذا مبني على أن التعليل هذا يعني أنه ربما تلوثت يده بنجاسة وهو لا يدري لكن هذا القول ضعيف، ولذلك لما كان هذا التعليل هو الذي ذهب إليه بعض العلماء قال آخرون : إن النهي هنا ليس للتحريم وإنما هو للكراهة، لأن الأشياء لا تنجس بمجرد الظن .
ولكن الصواب أن معنى قوله : ( لا يدري أين باتت يده ) أنه ربما يكون الشيطان قد عبث بها وأبقى فيها الأوساخ والأقذار وهو لا يعرف .
ومن فوائد هذا الحديث : أن فيه إثبات نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن مثل هذا لا يعلم بالحس وإنما يعلم بالوحي إذ إن هذا حال الإنسان وهو نائم ولا يعلم أحد ماذا يحدث له .
ومن فوائد هذا الحديث : حسن تعليم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنه ذكر الحكم مقروناً بالعلة .
ومنها : سلوك جانب الاحتياط لقوله : ( فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ) ، بخلاف الأول الحديث الأول يقول : ( فإن الشيطان يبيت على خيشومه ) ففيه الجزم بأن الشيطان يبيت على خيشومه أما هذا فيقول : ( فإنه لا يدري أين باتت يده ) ، ففيه إيماء إلى سلوك جانب إيش ؟
الاحتياط، وأن الإنسان ينبغي له أن يبتعد عما يحتمل أن يكون فيه مضرة عليه.
طيب فإن غمس يده في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثا فهل يتغير الماء أو لا يتغير أو يأثم أو لا يأثم ؟
إذا قلنا : إن النهي للتحريم فهو آثم، وإذا قلنا للكراهة فليس بآثم أما الماء فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض له.
والصواب أنه يكون طهورا وأنه لا يتأثر بنجاسة ولا يتأثر بانتقال من طهورية إلى طاهر بل الأصح أنه ليس هناك قسم يسمى طاهرا .
وعن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في الإستنشاق إلا أن تكون صائماً ) . أخرجه الأربعة ، وصححه ابن خزيمة ، ولأبي داود في رواية : ( إذا توضأت فمضمض ).
( أسبغ الوضوء ) يعني اشمل به جميع الأعضاء التي أُمر بتطهيرها ، لأن الإسباغ معناه : الشمول والعموم كما قال الله تعالى : (( وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة )) ، وعلى هذا فهو إشارة إلى الكيفية لا إلى الكمية ، أي : فلا يدخل فيه تكرار غسل ما يشرع تكرار غسله وإنما المراد التعميم ، فإذا كان المراد التعميم كان الأمر هنا للوجوب ، وإذا كان يشمل التعميم ويشمل الكمية صار الأمر هنا مشتركاً بين الوجوب والاستحباب .
وقوله : ( أسبغ الوضوء ) والوضوء هو تطهير الأعضاء الأربعة على صفة مخصوصة .
( وخلل هذه الأصابع ) خلل بينها أي : أدخل أصابعك بين الأصابع .
وهل المراد أصابع اليد أو أصابع الرجل أو الجميع ؟
ظاهر الحديث الجميع ، أنه يخلل أصابع اليدين ويخلل أصابع الرجلين ، لكنه في الرجلين أوكد ، لأن تلاصق الأصابع في الرجل أشد من تلاصقها في اليد.
وقوله : ( وبالغ في الاستنشاق ) والاستنشاق هو جذب الماء بنفس إلى داخل الأنف .
( إلا أن تكون صائماً ) يعني فلا تبالغ في الاستنشاق حذرا من أن ينزل الماء من الأنف إلى المعدة ويكون هذا سببا للإفطار .
" أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة " .
3 - وعن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في الإستنشاق إلا أن تكون صائماً ) . أخرجه الأربعة ، وصححه ابن خزيمة ، ولأبي داود في رواية : ( إذا توضأت فمضمض ). أستمع حفظ
فوائد حديث ( أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ...).
وجوب الإسباغ في الوضوء، هذا إذا قلنا الإسباغ بمعنى الشمول والتعميم ، أما إذا قلنا أسبغه أي : ائت به كاملا ، فإنه يجب فيما فيه التعميم ويستحب فيما فيه الكمية .
ومن فوائد هذا الحديث : حِرص النبي صلى الله عليه وسلم على إتمام الوضوء، وعلى أنه لا ينبغي التهاون به .
ومن فوائده : أنه إذا كان الإنسان مأموراً بإسباغ الوضوء وهو مِن شروط الصلاة فإكمال الصلاة من باب أولى، يعني إذا كنا مأمورين بأن نحرص على شروط الصلاة ونعتني بها فالصلاة من باب أولى، فيكون فيه إشارة إلى أنه يجب الاعتناء بالصلاة .
ومن فوائد هذا الحديث : الأمر بتخليل الأصابع، وهل الأمر للوجوب ؟
في هذا تفصيل : إن كانت الأصابع متلاصقة جدا بحيث لا يصل الماء إلى ما بينها فالتخليل واجب ، وإن كانت متسعة فالتخليل ليس بواجب.
فإن قال قائل : وهل للتخليل صفة مشروعة أو هو مطلق خلل بأي إصبع شئت وعلى أي كيفية شئت ؟
فالجواب الثاني : أن الأمر واجب.
ولكن بماذا تبدأ ؟
نقول : ابدأ بالخنصر بالنسبة لليمنى، ثم البنصر ثم الوسطى ثم السبابة ثم الإبهام، بالنسبة لليسرى تكون بالعكس: يبدأ بالإبهام إلى الخنصر .
ومن فوائد هذا الحديث : مشروعية المبالغة في الاستنشاق ، لقوله : ( بالغ في الاستنشاق ) إلى حدٍ يصل إلى احتمال نزول الماء إلى المعدة ، ودليل أن هذا حد المبالغة هو الاستثناء في قوله : ( إلا أن تكون صائما ) .
ومن فوائد الحديث : أن ما وصل إلى المعدة من الشراب عن طريق الأنف كالذي يصل إليها عن طريق الفم ، واضح ؟ لقوله : ( إلا أن تكون صائماً ). ومن فوائد هذا الحديث : أن الصائم لا يُسن له المبالغة في الاستنشاق سواء كان صومه نفلًا أم فرضًا .
ومن فوائد هذا الحديث : الأخذ بالاحتياط ، لأن المبالغة في الاستنشاق للصائم ربما ينزل الماء إلى بطنه فيحتاط الإنسان ولا يبالغ .
فإن قال قائل : إذا كان الإنسان يتضرر بالمبالغة لأن بعض الناس يتضررون بها يحصل في هذا إما احتقان في بعض أجواب الأنف أو حساسية أو ما أشبه ذلك، فإنا نقول : يكفي من ذلك بأن يدخل الماء إلى منخريه.
وهل يستفاد من هذا أن الاستنشاق واجب ؟
قد يقول قائل : إنه يفيد أن الاستنشاق واجب، لقوله : ( بالغ فيه ) وصفة المبالغة لا تتحقق إلا إذا وجد الأصل.
وقد يقال : إنه لا يدل على الوجوب ، لأن الأمر بالصفة أمر بها إذا وقع الفعل ، فيقال : بالغ في الاستنشاق إن استنشقت ، ولكن سبق لنا أن الآية الكريمة تدل على وجوب المضمضة والاستنشاق لأنهما من الوجه .
ومن فوائد هذا الحديث : أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لواحد من الأمة أمر للجميع ، ولهذا يستعمل العلماء رحمهم الله الاستدلال بمثل هذه الأحاديث الموجهة إلى الواحد على أنها للعموم وهو كذلك ، فخطاب النبي صلى الله عليه وسلم لواحد من الأمة خطاب لجميع الأمة إلى يوم القيامة .
فإن قال قائل : أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد قال لأبي بردة بن نيار في العَناق : ( إنها لن تجزئ عن أحد بعدك ) وهذا تخصيص فما الجواب ؟
الجواب من أحد وجهين :
إما أن نقول : إن هذا نص النبي صلى الله عليه وسلم على خصوصيته، وكونه ينص على خصوصيته دليل على أنه لو لم يخصص بهذا لكان الحكم عاما ، ولهذا لما قال الله تعالى : (( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها )) قال : (( خالصة لك )) فدل ذلك على أن ما لم يخصص به الرسول عليه الصلاة والسلام فهو عام له وللأمة ، هذا وجه.
الوجه الثاني : أن المراد بالبعدية هنا بعدية الحال والصفة ، أي : لن تجزئ عن أحد لم تصل به الحال إلى حالك التي وصلت إليها ، وهذا الثاني اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ، لأنه يقول : " الأحكام الشرعية تبنى على الأوصاف والعلل والمعاني وليست على الأشخاص " ، لأن الناس في حكم الله عز وجل واحد فلا يخص أحدا بعينه لأنه فلان ، بل يخص بوصفه لا بعينه ، وما ذهب إليه الشيخ رحمه الله هو الحق ، أي : أن الشرع لا يمكن أن يخصص أحدًا بعينه لأنه فلان ، بل لا بد من وصف إذا وجد في غيره ثبت الحكم في حقه .
قال : " ولأبي داود في رواية : ( إذا توضأت فمضمض ) " :
فعلى هذا يكون في حديث لقيط ذكر الاستنشاق وذكر المضمضة ، والمضمضة صرح النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر بها : ( إذا توضأت فمضمض ) ، والمؤلف رحمه الله أراد بسياق هذه الأدلة الدالة على وجوب المضمضة والاستنشاق أراد بذلك التأكيد ، وإلا فلا شك أن الأنف والفم داخلان في الوجه .
وعن عثمان رضي الله عنه :( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء ). أخرجه الترمذي ، وصححه ابن خزيمة .
اللحية معروفة هي: الشعر النابت على اللحيين والخدين كما ذكر ذلك صاحب القاموس، وعلى هذا فالعوارض مِن اللحية، ولا غرابة أن تكون اللحية مشتملة على اسم يعم أجزاء لكل واحد منها اسم خاص، كما لو نقول اليد الآن فيها الكف فيها الأصابع فيها الذراع فيها المرافق فيها العضد وكلها يشملها اسم اليد، كذلك أيضا اللحية نقول : هي لكل شعر الوجه واللحيين ولا مانع من أن نقول : هذا عارض وهذا ذَقَن وهذا كذا وهذا كذا لا مانع، وإنما أشرت إلى هذا لأن بعض الناس قال : إن المراد باللحية الذقن فقط دون ما نبت على اللحيين ودون ما نبت على الخدين، لأن ذلك له اسم خاص، فيقال : إنه لا مانع من أن يكون الاسم يطلق على شيء له أجزاء لكل واحد منها اسم خاص ، كما ذكرنا لكم ، الرأس الآن فيه ناصية وفيه مؤخر وفيه يعني يمين وشمال وهو يطلق عليه اسم رأس .
قوله : ( كان يخلل لحيته في الوضوء ) أي : يدخل الماء فيما بين الشعر من أجل أن يصل الماء إلى جميع الشعر، وظاهر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخللها مع طولها، وكان من المعلوم أن لحية النبي صلى الله عليه وسلم كانت كثة عظيمة .
5 - وعن عثمان رضي الله عنه :( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء ). أخرجه الترمذي ، وصححه ابن خزيمة . أستمع حفظ
فوائد حديث ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء ).
ومن فوائد هذا الحديث : أنه ينبغي تطهير الشعر النابت على محل الفرض، طيب وأما الشعر الذي دونه كالشعر الذي على الرقبة فلا، ولم يذكر شعر الحاجب وشعر الأهداب، لأن هذه لا تحتاج إلى تخليل، إذ إنها قليلة والغالب أنها تكون خفيفة .
هذا وقد ذكر العلماء -رحمهم الله- : أن الشعر النابت على الوجه ينقسم إلى قسمين :
خفيف، والثاني كثيف:
فالخفيف هو الذي ترى من ورائه البشرة ، والكثيف هو الذي لا ترى من ورائه البشرة .
ثم قسموا تطهير هذا الشعر إلى ثلاثة أقسام فقالوا :
أما في التيمم فلا يجب إلا مسح ظاهر الشعر، ولا يجب أن يوصل الإنسان التراب إلى داخل الشعر، سواء كان التيمم عن جنابة أو كان عن حدث أصغر .
وأما إذا كانت الطهارة طهارة جنابة فإنه يجب إيصال الماء إلى الشعر ظاهره وباطنه سواء كان خفيفا أم كثيفا وهذان متقابلان : التيمم لا يجب مطلقا والغسل من الجنابة يجب مطلقا .
وأما الوضوء فإن كان خفيفا ترى من ورائه البشرة ، وجب إيصال الماء إليه ، وإن كان كثيفا لم يجب إيصال الماء إلى باطن الشعر واكتُفي بغسل ظاهره.
ثم اختلف العلماء رحمهم الله في المسترسل من شعر اللحية، هل يجب غسله أو لا يجب إلا ما كان على قدر اللحيين فقط ؟
والصحيح أن غسله واجب، لأنه داخل في عموم الوجه وقد قال الله تعالى : (( فاغسلوا وجوهكم )) ، وأن اللحية وإن طالت يجب في الوضوء أن يغسلها الإنسان ، إما أن يغسل ظاهرها إن كانت كثيفة ، أو ظاهرها وباطنها إن كانت خفيفة .
جات الأسئلة يلا سليم .
هل تنتقض الطهارة بنزع الخف بعد المسح؟
الشيخ : الصحيح أن الوضوء لا ينتقض بنزع الخف، وأن الطهارة باقية، لأنه لا دليل على انتقاض الطهارة بذلك، وعلى هذا فلو خلعه وهو يصلي فليستمر في صلاته .
السائل : هو ماسح عليه يا شيخ؟
الشيخ : ولو كان ماسحا، لأنه إذا مسح ثم خلع ما هو الدليل على أنه انتقض الوضوء ؟ ليس فيه دليل.
وقولهم لأن الممسوح عليه قد زال ، يقال : طيب هو زال، لكن المسح هنا طهر القدم، والقدم لم تزل، لأن هذا المسح على الخف بمنزلة غسل الرجل تماما، وعلى هذا فالقول الراجح أن الوضوء لا ينتقض بخلع الخف، ولا ينتقض إلا إذا وجد ناقض جديد كالبول والغائط والنوم وما أشبه ذلك.
إيش ؟
السائل : من يلبس الخف لمن استيقظ من النوم ، هل هو لمن أراد أن يتوضأ فهو على العموم ؟
الشيخ : لا، على العموم، حتى لو فرض أن الإنسان ليس عنده ماء وأن فرضه التيمم فليستنثر ثلاثا، آه ؟
السائل : وغمسها في الإناء؟
الشيخ : وكذلك غمسها في الإناء، أقول : لا تغسمها سواء كان الماء للشرب أو كان للوضوء، نعم .
كيف تغسل اللحية المسترسلة؟
الشيخ : إذا كان الماء لا يكفي يأخذ لها ماء، لكن في الغالب إنه يكفي إذا قال هكذا يكفي، يصب يعالجها .
السائل : يدلك ما تحت الشعر؟
الشيخ : لا مو بلازم .
ما حكم تخليل الأصابع؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : ما الذي صرف الأمر من الوجوب إلى ؟
الشيخ : نعم صرفه، لكن فيه تفصيل إذا كانت الأصابع متلاصقة فالأمر للوجوب وإذا كان غير متلاصقة فالأمر للاستحباب، لأنه إذا كانت غير متلاصقة ووصلها الماء فقد امتثل لما أمر الله به غسل يديه وغسل رجليه، نعم .
ألا يبقى التخليل على عمومه في الوجوب؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : ما يبقى التخليل على عمومه سواء كان !
الشيخ : إيش ؟
السائل : ما يبقى يا شيخ عفا الله عنك التخليل على عمومه ؟
الشيخ : الوجوب ما يجب على عمومه، على العموم ما يجب، نعم .
ألا يقال بأن علة غسل اليد قبل غمسها في الماء بعد الاستيقاظ هي التنجس فيقال إذا كان يتوضأ من الحنفية لا يجب غسل اليد؟
الشيخ : عدم إيش ؟
السائل : عدم تنجس الماء ، فإذا كانت الصنابير هذه فلا يجب غسل اليد بعد النوم؟
الشيخ : لا، ظاهر الحديث العموم، أنه يباشر الماء يباشر الأكل بها حتى في الصنابير .
11 - ألا يقال بأن علة غسل اليد قبل غمسها في الماء بعد الاستيقاظ هي التنجس فيقال إذا كان يتوضأ من الحنفية لا يجب غسل اليد؟ أستمع حفظ
ما حد اللحية؟
الشيخ : الحد ما بين اللحيين إلى اللحية ، ما بين اللحيين من اللحية وما نزل عن محاذاتهما فمن الرقبة .
ألا يقال أن الاستنثار خاص بمن لم يأت بما يبعد الشيطان عنه كما ورد في حديث أبي هريرة؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : الاستنثار .
الشيخ : إيش ؟
السائل : الاستنثار .
الشيخ : نعم .
السائل : هل نقول : إنه مخصوص بمن لم يحترز من الشيطان بشيء من الذكر؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : هل نقول : إنه مخصوص بمن لم يحترز من الشيطان بشيء من الذكر في حديث أبي هريرة : ( أنه من قرأ آية الكرسي لم يقربه الشيطان حتى يصبح ) ؟
الشيخ : لا، ما يخص، لأنه يقتضي أن يخرج أمة من الناس ما يشملهم الحديث نعم ؟
هل يصح ما روي من أن أحدهم لما سمع بحديث أبي هريرة قال كيف لا أدري أين باتت يدي فربط يده ونام بالليل فلما أصبح وجدها في دبره فبقي كذلك حتى رآه والناس واشتهر أمره؟
الشيخ : بيجينا انتظر .
السائل : التخليل ؟
الشيخ : انتظر بارك الله فيك .
السائل : بارك الله فيكم، يقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا استيقظ أحكم فليغسل يده ثلاثا قبل أن يغمسها في الإناء فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ) فقال : أنا أدري أين باتت يدي ، فما نام ربط يده في جراب أو نحوه فلما قام وجده يده في دبره .
الشيخ : في إيش ؟
السائل : في دبره ، فلم يخرجها حتى رأوه الناس فاشتهر أمره ، هل هذا صحيح شيخ ؟
الشيخ : ما أدري والله ، نعم ما أدري ، نعم ؟
السائل : هل العنفقة من اللحية ؟
الشيخ : ظاهر كلام صاحب القاموس من اللحية ، لأنه قال : شعر الوجه عام.
14 - هل يصح ما روي من أن أحدهم لما سمع بحديث أبي هريرة قال كيف لا أدري أين باتت يدي فربط يده ونام بالليل فلما أصبح وجدها في دبره فبقي كذلك حتى رآه والناس واشتهر أمره؟ أستمع حفظ
ما هي عدة المختلعة؟
الشيخ : لا، لأن الخلع ليس بطلاق، المختلعة تكتفي بحيضة واحدة، نعم؟
السائل : أحسن الله إليكم هل ما تحت ... يدخل في حد الوجه فيجب غسله .
الشيخ : ما تحت ؟
السائل : ما تحت ...
الشيخ : لا ما يدخل ، لا ما يدخل ، لا ما يدخل .
إذا بالغ في الاستنشاق حتى وصل الماء إلى الجوف فهل يفطر؟
الشيخ : إذا بالغ ؟
السائل : إذا بالغ في الاستنشاق ، أو فعل كل ما يغلب وصوله إلى الجوف أو فطره به كالمباشرة ونحوها فهل يفطر إن فعل ذلك ؟
الشيخ : إذا كان قصد هذا لا بأس يفطر، أما إذا كان ما قصد فلا .
السائل : وإن كان يغلب عليه أنه لا يغلبه ؟
الشيخ : في هذه الحال إذا تناول بغير نية أن يفطر قوي المنع، لأنه قد يكون وقد لا يكون، لكن إذا غلب على ظنه أنه يصل إلى حد الإفطار فإنه يقوى المنع .
السائل : وإن لم يقصد ذلك ؟
الشيخ : أي نعم، والله في نفسي من هذا شيء إذا كان ما قصد الإفطار ، لأنه قد يصل وقد لا يصل .
قرأ بارك الله فيك، حديث عثمان ما شرحناه ؟
السائل : لا .
الشيخ : اقرأ حديث عثمان .
السائل : " عن عثمان رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته ) " .
الشيخ : لا .
السائل : " عن عثمان رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته ) " .
الشيخ : يخلل لحيته متى ؟
السائل : في الوضوء .
الشيخ : أي نعم ، " أخرجه الترمذي وصححه ابن خزيمة " ، بارك الله فيك طيب .
مراجعة ومناقشة تحت باب الوضوء
مناقشة في قوله : ( أسبغوا الوضوء ) هل الأمر للوجوب يا إبراهيم أو لا ؟
الطالب : يختلف باختلاف المعنى .
الشيخ : نعم .
الطالب : إن كان المقصود الشمول يكون الأمر للوجوب .
الشيخ : أسبع يعني يشمل جميع الأعضاء فهو للوجوب إن كان المراد الكمال فهو للاستحباب.
يترتب على هذا أنه يمكن أن يستعمل اللفظ المشترك في معنييه ؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب وماذا ترى في هذا القول ؟
الطالب : لعله الراجح .
الشيخ : لعله الراجح ، صحيح وهو الراجح ، الراجح أن الاسم المشترك يجوز استعماله في معنييه لكن بشرط ألا يتنافيان.
طيب لماذا قال : ( إلا أن تكون صائما ) ؟ من يعرف ؟ نعم ؟
الطالب : لئلا ينزل الماء من الأنف فيدخل في المعدة .
الشيخ : أحسنت، لئلا ينزل ماء من الأنف إلى المعدة فيفسد الصوم.
طيب هل يستفاد من هذا الحديث أن الصائم إذا وصل إلى معدته شيء عن طريق الأنف يفطر علي ؟
الطالب : نعم يفطر .
الشيخ : وجهه ؟
الطالب : الرسول عليه الصلاة والسلام استثنى .
الشيخ : استثنى إلا أن تكون صائما .
الطالب : قال: ( وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائمًا ).
الشيخ : طيب هذا صحيح؟
نعم ، لو وصل ماء أو دهن عن طريق الأذن إلى المعدة ؟
الطالب : فإنه لا يفطر.
الشيخ : فإنه لا يفطر لماذا ؟
الطالب : لأنه ليس منفذاً .
الشيخ : ليس منفذا معتاداً ، طيب صحيح ، ومن ذلك قول الفقهاء : لو أن الإنسان وطئ على حنظلة، والحنظلة: نبت معروف شديد المرارة وسريع النفوذ فوجد طعمها في حلقه لم يفطر، مع أنه من القدم إلى الحلق مرَّ على جميع البدن لكنهم قالوا: لم يفطر لأن ذلك ليس منفذاً معتاداً ، طيب.
هل يؤخذ من حديث لقيط اتباع الاحتياط ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : كيف ذلك ؟
الطالب : من قوله : ( إلا أن تكون صائمًا ) .
الشيخ : من قوله ؟
الطالب : ( إلا أن تكون صائمًا ) .
الشيخ : نعم ، إن هذا من أجل الاحتياط للصوم طيب.
هل يفهم من حديث عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذا لحية ؟ الطالب : نعم .
الشيخ : نعم من أين ؟
الطالب : كان يخلل بين لحييه .
الشيخ : إيش ؟
الطالب : كان يخلل بين لحيته .
الشيخ : كان ؟
الطالب : يخلل بين لحييه .
الشيخ : بين لحييه ؟
الطالب : بين لحيته .
الشيخ : بين لحيته ، وبين ؟ ما حفظت هذا مما يدل على أنك ما حفظت الحديث .
الطالب : إلا .
الشيخ : هذا هو ليس هذا لفظه: ( يخلل لحيته في الوضوء ) فرق بين هذه وهذه ، طيب .
ثم نأخذ درس جديد .
وعن عبدالله بن زيد رضي الله عنه قال :( إن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بثلثي مد ، فجعل يدلك ذراعيه ). أخرجه أحمد وصححه ابن خزيمة .
( أتى بثلثي مد ) : والمد ربع الصاع ، صاع النبي عليه الصلاة والسلام ، والصاع صاع النبي عليه الصلاة والسلام أقل من الأصواع المعهودة عندنا بالخمس وزيادة ، يعني ثمانين من مائة وخمسة ، هذا صاع النبي عليه الصلاة والسلام بالنسبة لأصواعنا فهو قليل ، والمد ربع الصاع ، وثلثا المد يعني الثلثين قليل ، ومع ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بثلثي مد ، وهذا أقل ما روي أنه توضأ به ، وأكثر ما يتوضأ بالمد ، ويغتسل بالصاع .
18 - وعن عبدالله بن زيد رضي الله عنه قال :( إن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بثلثي مد ، فجعل يدلك ذراعيه ). أخرجه أحمد وصححه ابن خزيمة . أستمع حفظ
فوائد حديث ( إن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بثلثي مد ، فجعل يدلك ذراعيه ).
وقوله : ( فجعل يدلك ذراعيه ) : الدلك هو مسح الشيء على وجه يعني فيه شدة حتى يُسبغ، لأن الماء قليل، فلا بد من دلك حتى يسبغ.
وذراعيه معروف: والذراع هو الساعد الذي بين المرفق والكف .
فيستفاد من هذا الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يسرف في استعمال الماء ، لأنه يقتصر على ثلثي مد .
فإن قال قائل : وهل هذا ممكن ؟
قلنا : نعم هذا ممكن، إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم فعله فهو ممكن، لأنه أسوتنا، أما على ما نحن عليه الآن من هذه الصنابير فإن الإنسان يتوضأ بكم ؟
يمكن أكثر من صاع، لأنه لا يزال الصنبور يمشي ولا يمكن تقدر قدره، ولهذا رأينا في بعض المناطق في الحجاز أنهم يستعملون استعمالا جيدًا ، جعلوا البزبوز الصمام الذي يكون للغاز ، صمام الغاز تعرفونه ؟
الطالب : نعم.
الشيخ : صمام الغاز ضيق فلا يسرف سرفا كثيرا ، وهذا لا شك أنه جيد خصوصا في الأماكن العامة التي لا يقدر الناس قدر الماء.
وفي هذا الحديث أيضا : استحباب دلك الأعضاء لقوله : ( فجعل يدلك )، نعم، فيستحب منه الدلك، ولكن هذا فيما إذا كان الماء كثيرا يُسبغ بدون دلك فالدلك يكون سنة، لأنه أبلغ في الإسباغ .
أما إذا كان الماء قليلًا لا يمكن أن يجزي على الأعضاء إلا بدلك، فالدلك واجب، وهذا القول وسط بين قولين :
الأول : أن الدلك واجب مطلقاً ، لأنه لا يتيقن أن الماء وصل إلى جميع العضو إلا بالدلك ، إذ أن الجلد فيه شيء من الدهون فقد يزل الماء عن موضع من الجلد فلا يدرك الواجب.
وبعض العلماء وهم الأكثر يقولون : إن التدلك سنة، وفي هذا يقول القحطاني في نونيته -رحمه الله- :
" الغسل فرض والتدلك سنة *** وهما بمذهب مالك فرضان ".
لكن الصحيح التفصيل :
إذا كان الماء كثيرا ينتشر على الجلد بلا إشكال فالدلك سنة، وإن كان قليلا فالدلك واجب.
إذا نزلنا هذا الحديث على ما ذكرنا من التفصيل يكون الدلك واجبا، نعم .
وعنه :( أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأذنيه ماء غير الماء الذي أخذه لرأسه ). أخرجه البيهقي، وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ :( ومسح برأسه بماء غير فضل يديه ). وهو المحفوظ .
وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ : ( ومسح برأسه بماء غير فضل يديه ) وهو المحفوظ " :
وعنه: يعني عبد الله بن زيد.
( أنه رأي النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ ماء لأذنيه ماء غير الماء الذي أخذه لرأسه ) : والماء الذي أخذه لرأسه مسح به الرأس، ثم أخذ لأذنيه ماءً جديدًا غير الماء الذي أخذ لرأسه.
يقول المؤلف معقباً على هذه الرواية : " أخرجه البيهقي، وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ : ( ومسح برأسه بماء غير فضل يديه ) وهو المحفوظ " : وعلى هذا تكون رواية البيهقي شاذة ، لأن المخرج واحد ، ورواية مسلم أقوى، والمعروف في علم المصطلح أنه يقدم الأقوى ولو كان الثاني ثقة، ويكون الأقوى محفوظا والثاني شاذا .
ولهذا نقول : المخالفة في الزيادة إن لم تكن منافية وجاءت من ثقة فهي مقبولة، كما لو روى الحديث مستقلا.
وإن جاءت الزيادة منافية نظرنا ، إن كانت منافية لمن هو أوثق مع ثقة ناقلها فهي شاذة ، وإن كان الزائد ضعيفاً فهي منكرة ، وغير الزائد يسمى معروفاً .
فعندنا المعروف يقابل بالمنكر ، والمحفوظ يقابل بالشاذ .
وأما حكم هذه المسألة فرواية البيهقي تدل على أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ لأذنيه ماء غير ما مسح به رأسه ، ولكنَّ هذا لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولولا أن الحديث أتى من وجه واحد لقلنا : لعل النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا تارة وهذا أخرى، أو لعله يأخذ ماء لأذنيه إذا نشفت يداه، وكان لا بد من أن يأخذ ماءً، لكن ما دام الوجه واحد والطريق واحدا وجاءت رواية مسلم: ( أنه أخذ ماء جديدا للرأس دون الأذنين ) فإنها مقدمة على رواية البيهقي.
أخذ الفقهاء -رحمهم الله- بما دلت عليه رواية البيهقي، وقالوا : يسن أن يأخذ ماء جديدا لأذنيه ولكن هذا القول ضعيف.
نعم لو فرض أن اليد يبست نهائيًا ولم يكن فيها بلل إطلاقا فحينئذ يحتاج إلى أن يبلها بماء جديد، لأنه يمسحها بأي شيء إذا يبس، وهذا يتصور فيما إذا كانت الريح شديدة وكان الشعر كثيفاً وإلا فإن الغالب أنه يبقى البلل .
20 - وعنه :( أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأذنيه ماء غير الماء الذي أخذه لرأسه ). أخرجه البيهقي، وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ :( ومسح برأسه بماء غير فضل يديه ). وهو المحفوظ . أستمع حفظ
فوائد حديث ( أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأذنيه ماء ...).
على رواية مسلم .
ومن فوائده : أنه يأخذ ماء جديدًا لكل عضو لقوله : ( غير فضل يديه ).
ولكن لو فرض أنه لم يأخذ فهل يصح الوضوء أو لا ؟ يعني لو أن إنسانا غسل يديه وبقي فيهما بلل ومسح بهما رأسه فهل يجزئ أو لا ؟
نقول : أما على قول من يرى أن الماء المستعمل في طهارة واجبة يكون طاهرا غير مطهر فإنه لا يصح أن يمسح رأسه بالماء الفاضل بعد غسل اليدين، لأن هذا الفاضل يستعمل في طهارة واجبة فيكون طاهرا غير مطهر .
وأما على القول الثاني : أنه ليس هناك قسم طاهر غير مطهر فإنه إذا بقي بلله يبتل به الرأس فلا حرج لأن المقصود مسح الرأس وقد حصل .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ). متفق عليه ، واللفظ لمسلم .
سمعته يقول : ( إن أمتي يأتون ) والمراد بالأمة هنا أمة الإجابة لأن الأمة يراد بها أمة الدعوة يعني الأمة التي وجهت إليها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يعم جميع الناس، منذ بعث الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة كلهم أمته.
وأمة الإجابة وهم الذين استجابوا للرسول عليه الصلاة والسلام .
فأمة الدعوة وجهت إليهم الدعوة فمنهم من آمن ومنهم من كفر، وأمة الإجابة هم الذين استجابوا فكل فضل ورد في الأمة أمة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يحمل على أمة الإجابة ، لأن أمة الكفر ليس لها فضيلة .
يقول : ( يأتون يوم القيامة ) يوم القيامة يعني يوم يبعث الناس وسمي يوم القيامة لوجوه ثلاثة :
الوجه الأول : أن الناس يقومون فيه من قبورهم لله عز وجل كما قال الله تعالى : (( يوم يقوم الناس لرب العالمين )) .
والثاني : أنه يقام فيه العدل لقول الله تعالى : (( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا )) .
والثالث : أنه يقوم فيه الأشهاد كما قال تعالى : (( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحيوة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد )) .
( يأتون غرا ) هذه حال من فاعل يأتون وهي جمع أغر، والأغر هو الفرس الذي في وجهه بياض.
وقوله : ( محجلين ) أيضا حال أخرى لكن التحجيل بياض يكون في الأرجل في أطرافها .
وقوله : ( من أثر ) من هنا للتعليل ( من أثر الوضوء ) يجوز فيه الوجهان : الوَضوء أي : الماء والوُضوء أي : الفعل وكلاهما صحيح، هذا لفظ النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي لفظ : ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين ) ولا منافاة لأنهم يدعون فيأتون، كما قال الله تعالى : (( كل أمة تدعى إلى كتبها )) .
( فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) فمن استطاع فليفعل، وهل يمكن أن يستطيل ؟
يقول الن القيم رحمه الله : " إنه لا يمكن إطالة الغرة لأن الغرة بياض الوجه والوجه محدود طولا وعرضا، فلا يمكن أن تطال الغرة " ، لو أنه خرج بالغسل عن حد الوجه لكان خرج إلى غير الغرة ، ولهذا قال في * النونية * :
" وإطالة الغرّات ليس بممكن *** أيضا وهذا واضح التبيان ".
فكيف نقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بما لا يمكن ؟
الجواب : أن هذا مُدرج من قول أبي هريرة رضي الله عنه، ولهذا جاءت رواية أخرى لهذا الحديث ليس فيها : ( فمن استطاع ) لكن أدرجه بعض الرواة ، وما قاله ابن القيم في هذا الحديث هو الصواب أنه مدرج ، والله سبحانه وتعالى حدد الغسل غسل الوجه فقال : ((فاغسلوا وجوهكم )) ، ولو أنا خرجنا عن حد الوجه لكنا تعدينا عن الحد الذي حده الله عز وجل .
أخذ بعض العلماء بهذه الزيادة كما سيأتي في الفوائد إن شاء الله .
22 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ). متفق عليه ، واللفظ لمسلم . أستمع حفظ
فوائد حديث ( إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين ...).
أولًا : أن هذه الأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم تأتي يوم القيامة على هذا الوصف، وجوههم بيض نور يتلألأ ، أيديهم كذلك ، أرجلهم كذلك.
ومن فوائد الحديث : أن هذا النور والبياض يختص بأعضاء الوضوء فقط التي تغسل وهي: الوجه واليدان والرجلان، وأما الرأس فمسكوت عنه، لأن الغرة لا تكون إلا في الوجه.
ومن فوائد هذا الحديث : أن الجزاء من جنس العمل، لأنهم لما طهروا هذه الأعضاء في الوضوء امتثالا لأمر الله عز وجل وتأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم كان جزاؤهم مثل العمل ولهذا تجدون في القرآن الكريم آيات كثيرة : (( جزاء بما كانوا يعملون )) وأمثال ذلك ، إشارة إلى أن الجزاء من جنس العمل. ولكن الله عز وجل بفضله ورحمته جعل الجزاء في الحسنات أكثر من العمل، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة .
ومن فوائد هذا الحديث : فضيلة هذه الأمة، حيث تأتي يوم القيامة على هذا الوجه الذي يشهد به الأولون والآخرون من عمل مضى في حين من الدهر سابق بعيد، فيأتون على هذا الوجه جعلنا الله وإياكم منهم.
ففيه فضيلة لهذه الأمة ولهذا جاء في الحديث : ( سيما ليست لغيركم ) وذكر الحديث.
سيما يعني علامة والحمد لله .
ومن فوائد هذا الحديث : فضيلة الوضوء حيث كان جزاؤه يوم القيامة ظاهرا بارزا للخلائق .
ومن فوائد هذا الحديث على ما ذهب إليه بعض العلماء : أنه ينبغي أن يزيد على محل الفرض لتزيد الغرة والتحجيل، وهذا القول ليس له حظ من النظر في هذا الحديث ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الناس سيأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء والوضوء محدد بالقرآن : (( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق )) : يعني لو أن الإنسان خرج وزاد إلى نصف العضد أو إلى الكتف ما كان للوضوء محل إذ أن الوضوء محدد بالمرافق وفي الرجلين محدد بإيش ؟
بالكعبين فلا نقول : توضأ إلى الركبة، الوضوء محدد فالحديث لا يقتضي زيادة ولا يدل على فضيلة الزيادة، وبهذا نعرف أن قوله : ( فمن استطاع منكم ) إلى آخره مدرج ولا يستقيم .
لكنه قد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( أنه توضأ فغسل يديه حتى أشرع في العضد، وغسل رجليه حتى أشرع في الساق ، وقال : هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ) : وهذا مرفوع ، لكن هل إشراعه في العضد إشراع زائد أو على قدر ما يتأتى به الفرض ؟
هذا هو، الثاني هو المتعين، لأنه لا يمكن أن يجزم بأنه غسل المرفق إلا إذا إيش ؟
غسل بعض العضد، وكذلك في الكعبين لا يمكن أن يتيقن أنه غسلهما إلا إذا شرع في الساق.
وما ذكرناه هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : أنه لا تسن الزيادة على موضع الفرض في الوضوء .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله ). متفق عليه .
يعجبه أي : يسره .
وهل الإعجاب الذي هو السرور والاستحسان شرعي أو طبعي ؟
قد يكون شرعيا وقد يكون طبعيا، فكون النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الحلوى والعسل هذا شرعي أو طبعي ؟
هذا طبعي.
وكونه يعجبه التيامن ؟
هذا شرعي لأنه هو صلى الله عليه وسلم أمر به وقال : ( ألا فيمنوا ألا فيمنوا ).
إذًا يعجبه يعني يسره ويستحسنه.
( التيامن ) يعني الأخذ باليمين .
( في تنعله ) أي : في لباس النعل ، إذا أراد أن يلبس النعل بدأ باليمين. وكذلك في ( ترجله ) : إذا أراد أن يرجل شعر رأسه بدأ باليمن ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان له رأس يصل أحيانا إلى فروع أذنيه وأحيانا إلى منكبيه ، لأن اتخاذ الشعر في زمنه يعتبر رجولة وقوة ونشاطا ، وأحيانا يكون أن يجعل ذوائب كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بذؤابته من خلفه ) ، وأحيانا لا يكون ذوائب ، لكن في حق الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصل إلى شحمة الأذنين وأحيانا إلى المنكبين.
( وطهوره ) يعني تطهره كالوضوء والغُسل ، إلا في العضو الواحد فإنه يبدأ به جميعا كالرأس مثلا فإنه لا يبدأ بالصفحة اليمنى قبل اليسرى اللهم إلا أن يقال : إذا كان ليس له إلا يد واحدة فربما يقول : ابدأ باليمين.
( وفي شأنه كله ) في شأنه أي : ما يهمه من أمور الدين والدنيا يبدأ باليمين. في هذا الحديث : أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يجب التيامن في شأنه كله، ونصت على ثلاثة أشياء : التنعل والترجل والطهور.
ولكن هذا الحديث ليس على عمومه قطعا، ليس على عمومه أنه في كل الشؤون يقدم اليمين، فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء باليمين، وكان يستنثر باليسار فليس على عمومه ، لكن لا مانع مِن أن يقال : إن النصوص تأتي عامة ولها ما يخصصها.
طيب ( يعجبه التيمن في شأنه كله ) نقول : هذا ليس على العموم كما سيأتي.
طيب ( في تنعله ) : من فوائد الحديث : أنه يستحب للإنسان إذا أراد أن يلبس النعل أن يبدأ باليمين.
وغير النعل؟
غير النعل مثلها فإذا أردت أن تلبس السراويل فأدخل الرجل اليمنى قبل اليسرى، إذا أردت أن تلبس القميص فأدخل اليد اليمنى في كمها قبل اليسرى وعلى هذا فقس نعم .
24 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله ). متفق عليه . أستمع حفظ
ما حكم الروافض في غسلهم الرجلين؟
الشيخ : لا ما يلزم ما يلزم أن لا يدخلوا النار نعم .
السائل : أحسن الله إليك الرافضة يا شيخ ما يغسلون .
الشيخ : إيش ؟ الروافض .
السائل : لا يغسلون أقدامهم هل يقال أنهم لا يأتون يوم القيامة غرا ؟
الشيخ : لا شك أنه إذا كانوا قالوا هذا عن اجتهاد فهم كغيرهم من الناس، أما إذا كانوا قالوا ذلك عن عناد ومخالفة للسنة فإنه يحرمون من تحجيل الرجلين ، نعم ؟
السائل : مسح الرأس غير مسح الأذنين ؟
الشيخ : إيش ؟ ما ذكر إيش ؟
السائل : ما ذكر ... .
الشيخ : الواضح .
السائل : ما هو ؟
الشيخ : ( يأخذ لأذنيه ماء غير الماء الذي أخذه لرأسه ) ها هذه في الأولى .
السائل : ... .
الشيخ : ( ومسح برأسه بماء غير فضل يديه ) يعني معناه أن التجديد لمسح الرأس فقط لا للأذنين .
هل يستدل بحديث أبي هريرة أنه يشرع في الرأس إذا غسل الوجه ؟
الشيخ : لا ، لأن الأذنين من الرأس .
السائل : حديث أبي هريرة أنه توضأ فأشرع في العضد .
الشيخ : نعم .
السائل : هل يستدل به لقول من قال : إنه يجب إذا غسل وجهه أن يشرع في رأسه لا بعضا منه ؟
الشيخ : لا لا ما يستدل به لأن أبا هريرة ما زاد في الوجه على على ما تحصل به المواجهة .
السائل : التعليل .
الشيخ : نعم .
السائل : الذي قلناه أنه غسل هكذا يريد تأكد الفرض .
الشيخ : نعم .
السائل : فهم يقولون أنه يفعل هذا ليتيقن مسح الرأس؟
الشيخ : لا ما حاجة، ما ما يدل على هذا نعم .
بأي يد يكون التسوك؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : التسوك .
الشيخ : التسوك ؟
السائل : التسوك هل يتيامن ؟
الشيخ : هو على كل حال ما كملنا الحديث ، والتسوك بعض العلماء يقول: باليسرى لأنه إزالة أذى، وبعضهم يقول: باليمنى لأنه سنة ، وبعضهم يقول: إذا كان لإزالة الأوساخ فهو باليسرى وهو إذا كان لفعل السنة فهو باليمنى ويأتينا إن شاء الله نعم .
هل يكفي المسح على العمامة عن مسح الرأس؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : هل يكفي المسح على العمامة أو مع الناصية ؟
الشيخ : المسح على العمامة يكفي وأما الناصية مع العمامة والأذنان فإنه يسن مسحهما ولا يجب .
هل يكفي إدخال الماء المنخرين؟
الشيخ : بعض الناس ؟
السائل : لا يفعل الاستنشاق .
الشيخ : لا إيش ؟
السائل : لا يستطيع الاستنشاق .
الشيخ : نعم .
السائل : يدخل الماء في منخريه ؟
الشيخ : في منخريه يكفي ، يكفي إذا أدخلهما المنخرين يكفي ، أحيانا ما يستطيع الإنسان يستنشق ، خصوصا بعض الناس يكون فيه زكام ما يستطيع إي نعم .
ألا يقال بأن ما ثبت عن ابن عمر من غسله اليدين إلى الكتفين سنة خصوصا وأن ابن عمر معروف بشدة اتباعه للسنة؟
الشيخ : بارك الله فيك إذا جاء الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام لا تعارضه بأي حال، أي شيء أبدا، وابن عمر وهو راوي الحديث الأمر بإعفاء اللحية كان يأخذ من لحيته إذا حج أو اعتمر، وقد ذكر ابن القيم في * أعلام الموقعين * -رحمه الله- نحو عشرين موضعا مما خالف فيه الراوي ما رواه ، فيحسن أن تراجعوها .
30 - ألا يقال بأن ما ثبت عن ابن عمر من غسله اليدين إلى الكتفين سنة خصوصا وأن ابن عمر معروف بشدة اتباعه للسنة؟ أستمع حفظ
هل الذين ورد فيهم الحديث (... إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك...) يأتون غرا محجلين؟
السائل : أحسن الله إليك أهل البدعة الذين يأتون للنبي صلى الله عليه وسلم والملائكة تطردهم فيقول : أمتي أمتي .
الشيخ : إيش ؟
السائل : الذي يطرد يقول : أمتي أمتي .
الشيخ : أي نعم .
السائل : فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك .
الشيخ : نعم .
السائل : هل هؤلاء يأتون غرا محجلين يعني ؟
الشيخ : والله ما أدري الله أعلم يحتمل هذا وهذا، يحتمل أن الذين بدلوا ، هم ارتدوا على أعقابهم كفرًا فما شك لا يدخلون في هذا ، وأما إذا كانوا ارتدوا على أعقابهم دون الكفر فالظاهر أنهم يأتون على هذه الصفة ، نعم .
هل يقال أن الأفضل لبس الساعة والخاتم باليمين؟
الشيخ : لا ، الخاتم كان الرسول يتختم باليمين وباليسار مع أنه ما جاء في الحديث هذا دعوه لأن فيه بحث كثير ، نعم .
إذا زاد الثقة زيادة لا تخالف غيره ولكن غيره أثبت وأكثر فهل يؤخذ بها؟
الشيخ : إذا ؟
السائل : إذا زاد الثقة زيادة لا تخالف غيره، لكن كان المخالفون أكثر !
الشيخ : نعم .
السائل : وأحفظ منه .
الشيخ : نعم .
السائل : فهل تقبل هذه الزيادة ؟
الشيخ : فيؤخذ بها ، يؤخذ بها لكنها ما هي إلى ذلك القوة ، ومن ذلك : ( إنك لا تخلف الميعاد ) في دعاء الأذان ، أكثر الرواة حذفوها وزادها من زادها وهو ثقة ، وكذلك أيضا في التشهد : ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) بعض الثقات زاد : ( وحده لا شريك له ) : لكن لا شك أن كون الأكثر يخالفها لاسيما في الأمور التعبدية كالأذكار يقتضي أن تكون شاذة ، لأن الأمور التعبدية يبعد أن الرواة يحذفون شيئا ثابتاً عندهم .
السائل : من تركها أنها لم تثبت .
الشيخ : نعم يعني رواية مسلم قصدك ؟
أي نعم لكن الوجه الآن واحد، والرواية واحدة، ثم إنه يعضده ذلك أن الأذنين من الرأس، وكأنك تشاهد حديث عثمان فيما سبق أيضا يقول : ( مسح برأسه ثم أدخل سبابتيه في صماخ أذنيه ) ولم ينقل ذلك، إذا كانت هذه الأحاديث مع وفرتها وكثرتها وأن الصحابة والخلفاء أما الناس يتوضؤون ولا يأخذون ماء جديدًا عُلم أن هذا شاذ، نعم .
ما حكم اتخاذ الشعر للرجال في هذا العصر؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : الشعر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم اتخاذه كان من علامات الرجولة وهو في عصرنا بعكس ذلك !
الشيخ : صحيح .
السائل : نعم بل وقد يكون من علامات الفسق .
الشيخ : من علامات إيش ؟
السائل : الفسق ، من علامة الفسق .
الشيخ : نعم .
السائل : قد يكون هذا ، لكن في بعض البلاد يعني هناك شباب يتخذون الشعر بل قد يجعلونه أيضا جدايل كالنساء وهم ليسوا قلة يعني .
الشيخ : نعم .
السائل : ثم إذا حاججناهم وكلمناهم قالوا : هذا سنة .
الشيخ : نعم ، هذا أمره بسيط ، أولاً نقول : هل هو سنة أو عادة ؟
فيه احتمال ، يعني تنزلنا أنه سنة تجد هؤلاء الذين اتخذوا شعور رؤوسهم قد حلقوا لحاهم، فنقول : أين اتباع السنة؟!
ثم تجدهم لا يصلون في المساجد إلا قليلا، ثم تجد عندهم إسبال في الثياب نعم وتغنج في الكلام، وتبختر في المشي أين السنة ؟!
هذه كلمة حق أريد بها باطل، وليست أيضا كلمة حق حقيقة ، لأن لقائل أن يقول : إنها على سبيل العادة ، وهذا هو الأقرب أنها على سبيل العادة ، نعم .
متى يحكم على رواية البخاري أومسلم بالشذوذ مع أن الأمة تلقتهما بالقبول؟
الشيخ : لو أن ؟
السائل : لو أن أحدا ... .
الشيخ : والله ما أدري ويش تقول، ولا الكلام طويل، لكن ما أدري ويش تقول ؟ لو أن ؟
السائل :مثلا أبو داود .
الشيخ : لو أن أحد المصنفين قل.
السائل : لو أن أحد المصنفين .
الشيخ : نعم .
السائل : أتى بإسناد فيه لفظة ثم خالفه غيره في الصحيحين هل نقول شاذ على الإطلاق ؟
الشيخ : لا ما نقول شاذ على الإطلاق ، إذا كان رجاله وسنده واتصاله أقوى ما نقول شاذ ، لكن كون العلماء علماء المسلمين يتلقون البخاري ومسلم بالقبول ويعتمدونهما ويحتاجون في غيرهما إلى مراجعة يدل على اعتبارهما .
السائل : الوقت يا شيخ !
الشيخ : الوقت انتهى ؟
السائل : نعم .
سائل آخر: (فجعل يدلك ) !
الشيخ : فجعل يدلك ؟
السائل : " ( فجعل يدلك ذراعيه ) أخرجه أحمد وصححه ابن خزيمة " .
الشيخ : طيب نعم .
السائل : قال -رحمه الله تعالى- : " وعنه: ( أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه ). أخرجه البيهقي.
وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظِ: ( ومسح برأسه بماء غير فضل يديه ) ، وهو المحفوظ " .
الشيخ : بلفظِ ( ومسح ) أقول : بلفظِ ومسح ، لا ما تنون لفظ نعم .
مراجعة ومناقشة تحت باب الوضوء
الطالب : بلفظ: جار ومجرور .
الشيخ : بلفظ جار ومجرور، وهو مضاف، ومسح برأسه بماء غير فضل يديه مضاف إليه، يعني مضاف إلى الجملة، بلفظ ومسح ؟
الطالب : بلفظ مضاف.
الشيخ : نعم ؟
الطالب : ومسح إلى آخره مضاف إليه .
الشيخ : بلفظ مضاف ومسح إلى آخره مضاف إليه، لأنه أريد بها اللفظ يعني بهذا اللفظ، نعم .
القارئ : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين، من أثر الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ). متفق عليه، واللفظ لمسلم " .
الشيخ : واللفظ لمسلم ، طيب ، نعم ؟
القارئ : " وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله، وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله ) متفق عليه " :
الشيخ : بارك الله فيك .
بسم الله الرحمن الرحيم .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
حكم دلك المتوضئ لأعضائه، نعم ؟
الطالب : فيه تفصيل .
الشيخ : نعم .
الطالب : إذا كان غسل العضو لا يصل إليه الماء إلا مع الدلك فيكون الدلك واجبًا .
الشيخ : نعم .
الطالب : وإذا كان الماء يصل إلى العضو بغير دلك فيكون مستحبًا .
الشيخ : أحسنت ، الدلك إذا كان الماء قليلا لا يصل إلى العضو إلا بدلك فهو واجب ، وإن كان كثيرا يصل إلى العضو بدون دلك فهو مستحب، هذا التفصيل هو الصواب.
طيب هل الأفضل الإكثار من استعمال الماء طلباً للنظافة والنزاهة أو التقليل؟ نعم، السؤال:
هل الأفضل أن يقلل الإنسان من استعمال الماء للطهارة أو أن يكثر ؟
الطالب : الإقلال من استعمال الماء .
الشيخ : الإقلال، أحسنت الدليل ؟
الطالب : الله تعالى يقول: (( إن الله لا يحب المسرفين )) .
الشيخ : نعم ، ومن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
الطالب : من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زيد : ( أتي النبي بثلثي مد ) .
الشيخ : مد .
الطالب : يتوضأ ّ!
الشيخ : ( يتوضأ به فجعل يدلك ذراعيه ) بارك الله فيك.
طيب في حديث أبي هريرة ( إن أمتي يدعون ) من المراد بالأمة ؟
الطالب : أمة الإجابة .
الشيخ : الدليل ؟
الطالب : الفضل ليس له فضل!
الشيخ : أن من لم يجب من هذه الأمة فليس له فضل، وثوابه باطل يعني عمله باطل .
في رواية ( يدعون ) وفي رواية ( يأتون ) ؟
الطالب : لا تعارض .
الشيخ : لا تعارض يعني يدعون فيأتون على هذا الوصف.
ما الفرق بين غرا ومحجلين ؟ عبيد الله ؟
الطالب : الغرة تكون في الوجه .
الشيخ : الغرة تكون في الوجه .
الطالب : والتحجيل في الأيدي والأرجل .
الشيخ : والتحجيل في الأيدي والأرجل.
طيب كيف نعرب من ؟ من أثر ؟ المعنى يعني ؟
الطالب : ما حضرت !
الشيخ : ما حضرت، نعم يا عبد الله ؟
الطالب : معناه السببية .
الشيخ : السببية ؟
الطالب : معناه يكون من سبب .
الشيخ : يعني من سبب الوضوء، طيب الوضوء تقرؤها بالفتحة أو بالضمة ؟
الطالب : الفعل بضم الواو .
الشيخ : لا تقرأ الحديث الآن الوُضوء أو الوَضوء ؟
الطالب : الوُضوء .
الشيخ : ولا يجوز الوَضوء؟
الطالب : الوُضوء.
الشيخ : أي نعم ، الظاهر أنك ما حضرت ما كنت حاضرا .
الطالب : يجوز الوجهان .
الشيخ : يجوز الوجهان: الوَضوء أي الماء الذي يتوضؤون به، والوُضوء الفعل. حديث عائشة رضي الله عنها ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شانه كله ) ، هل قولها : ( في شأنها كله ) عامة شأنه كله مؤكد بكل ؟
الطالب : يستثنى بعض الأفعال كان يستخدم فيها النبي صلى الله عليه وسلم الشمال .
الشيخ : ليست عامة ، الدليل يعني هل هناك دليل يدل على التخصيص ؟
الطالب : نعم بعض الأفعال كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم باليسار .
الشيخ : مثل ؟
الطالب : دخول الخلاء والخروج من المسجد ، أجيب أمثلة أخرى ؟
الشيخ : أي، جيب أمثلة نص عليها الرسول نفسه ؟
الطالب : أي نعم نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنجى .
الشيخ : ( لا يتمسح من الخلاء بيمينه ، ونهى أن يستنجى باليمين ) ، كذا طيب صحيح.
كذلك أيضا أمر بالتكبير ، يعني بأن يبدأ بالأكبر وذلك فيما إذا لم يكن هناك يمين ويسار ، فإنه يبدأ بالأكبر .
فمثلا الرأس عضو واحد ما فيه يمين ويسار لأنه عضو واحد، ولهذا لا نقول : ابدأ بمينك قبل يسارك، اللهم إلا إذا كان لا يمكن مسح الجميع فإنه يبدأ باليمين.
كذلك أيضًا إذا إذا كان معك ماء وأمامك رجال، ليسوا عن يمينك ولا عن يسارك، فتبدأ بالأكبر، ( لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يده سواكًا فأراد أن يعطيه أو ناوله الأصغر فعلا فقيل له : كبر، فناوله الأكبر ) : قال العلماء : وهذا فيما إذا لم يكن هناك يمين ويسار ، واضح ؟ أما إذا كان يمين ويسار ، يعني يكون أحدهما عن يمينك والثاني عن يسارك فهنا تبدأ باليمين ولو كان أصغر.
هل في حديث عائشة ما يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم يتخذ الشعر، نعم ؟
الطالب : نعم فيه دليل.
الشيخ : من أين ؟
الطالب : لأنه يحب التيامن في ترجله .
الشيخ : لأنها ذكرت الترجل، والترجل لا يكون إلا في الشعر.
طيب ما هو الترجل ؟
الطالب : الترجل هو تسريح الشعر.
الشيخ : تسريح الشعر ودهنه وإصلاحه.
طيب نأخذ الفوائد، أخذنا الفوائد أظن ؟
الطالب : بس واحد .
الشيخ : واحدة ؟
تتمة فوائد حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن ...).
نأخذ الفوائد حتى نبدأ بدرس جديد إن شاء الله تعالى:
قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله ) : يستفاد من هذا :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن، لأن الإعجاب هنا بمعنى المحبة والسرور .
ومن فوائده : تقديم اليمين على اليسار لقولها : ( يعجبه التيمُّن ) ، قال العلماء -رحمهم الله- : " إلا في مواطن الأذى والقذر فتقدم اليسرى " ، وأخذوا هذا الاستثناء من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء باليمين والتمسح بها ، وعلى هذا فاليسرى تقدم للأذى واليمنى لما سواه هذه القاعدة ، والأشياء ثلاثة أقسام :
أذى ، ونزاهة ، ولا أذى ولا نزاهة ، تقدم اليمين في موضعين: في النزاهة وفي إيش ؟
وفي ما ليس بأذى ولا نزاهة لفضلها ، أما ما فيه أذى وقذر فإنه تقدم له اليسرى.
طيب السواك هل يبدأ بيمين فمه أو بشماله ؟
نقول : يبدأ بيمين الفم، لدخوله في قوله : ( وطهوره ) أو في قوله : ( وشأنه كله ).
وهل يمسك السواك باليمنى أو باليسرى ؟
قال بعض العلماء : يمسكه باليسرى مطلقا، وقال بعضهم : باليمنى مطلقا، وفصل آخرون :
فمن قال : باليسرى قال : إن السواك آلة تنظيف وآلة تطهير، فهي كالحجر يستجمر به الإنسان، والحجر الذي يستجمر به الإنسان يأخذه باليسار، فيستاك باليسار وهذا هو المذهب عندنا عند الحنابلة، أنه يستاك بيده اليسرى. وقال بعض العلماء : بل باليمين، لأن السواك عبادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( السواك مَطهرة للفم مرضاة للرب ) : فهو عبادة ولا ينبغي للإنسان أن يفعل العبادة إلا باليمين، ما يفعلها بآلة القذر .
وفصل آخرون فقالوا : إن كان السواك لتطهير الفم فيأخذه باليسار كما لو كان بعد الأكل بعد النوم بعد تغير الفم تغير رائحته فيكون باليسار.
وإذا كان لمجرد التطوع فهو باليمين، كما لو توضأ الإنسان واستاك ثم جاء إلى الصلاة فورًا فهنا الفم لا يحتاج إلى تطهير لكنه يستاك عند الصلاة تسننا وتعبدا لله عز وجل فيأخذه باليمين .
ولو قيل : إن الأمر في هذا واسع وأن الإنسان إن شاء باليمين وإن شاء باليسار لم يكن بعيدًا، لأن هذه علل قد لا يستطيع الإنسان أن يجزم ببناء الحكم عليها.
فنقول : الأمر واسع.
وأما البداءة بالفم فيبدأ باليمين الجانب الأيمن .
طيب ومن فوائد هذا الحديث : جواز التنعل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان.
الترجل قلنا فيه استحباب الشعر اتخاذ الشعر، لكن هل هو سنة عبادة أو سنة عادة ؟
قال الإمام أحمد -رحمه الله- : " هو سنة لو نقوى عليه اتخذناه، ولكن له كلفة ومؤونة " : كلفة ومؤونة : كلفة بالعمل، مؤونة بثمن الدهن ونحوه.
فالإمام أحمد -رحمه الله- ترك اتخاذ الشعر لهذا وإلا فهو سنة عنده.
وقيل : إنه سنة عادة، وأن الناس إذا اتخذوه عادة فلا ينبغي للإنسان أن يخرج عن عادتهم، وإن لم يتخذوه فلا ينبغي أن يخالف عادتهم، وهذا عندي أقرب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به، بل قال في الغلام الذي حُلق بعض رأسه : ( احلقه كلَّه أو اتركه كله ) .
ومن فوائد هذا الحديث : أنه ينبغي للإنسان أن يعتني بنفسه في النظافة، وجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرجل شعره، وهذا لا شك أنه تنظيف له، فالذي ينبغي للإنسان ألا يكون أشعث أغبر، بل يُصلح من شعره ما استطاع إصلاحه، لما في ذلك من النظافة والتجمل والله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال .
وأما أن يبقي نفسه رثًّا كريه المنظر فهذا ليس من الأدب الإسلامي، الأدب الإسلامي أن يكون الإنسان متجملا كما قال الصحابة رضي الله عنهم : ( يا رسول الله: إن أحدنا يحب أن يكون وجهه حسنا ونعله حسنة، فقال : إن الله جميل يحب الجمال ) .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز التنعل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنعل.
لكن هل الأفضل التنعل أو الحفاء أو في ذلك تفصيل ؟
نقول : أما إذا كان الإنسان سيمشي على أرض تضره فلا شك أن التنعل أولى، بل قد يكون واجباً، لأن الله تعالى قال : (( ولا تقتلوا أنفسكم )) كما لو كانت الأرض ذات حصى له أَسِنَّة فهنا لا يجوز أن يمشي عليها بلا نعال، مثل أرض الحرة في المدينة هذه لو مشى الإنسان عليها أمتارا غير بعيدة تقطعت رجله ، فهنا نقول : لا يجوز للإنسان أن يخاطر بنفسه ويمشي على هذه الأرض التي تضره ، لأن الإنسان مأمور بحفظ نفسه .
وأما إذا كانت الأرض عادية فالأفضل أن يحتفي أحياناً وينتعل أحياناً كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن كثرة الإرفاه، ويأمر بالاحتفاء أحياناً ) ، ومن هنا نعرف أن ما يذهب إليه المترفون الذين يلبسون الجوارب والخفين حتى في أحر الأيام صيفاً هذا لا داعي له، اللهم إلا أن يكون أحد في رجله شيء يحب أن يستره، أو أن فيها مرضاً لو كشفها لتأثرت بالكشف هذا معذور، أما أن يعود نفسه إلى هذا الحد فإن رجله ستكون أرق من يده، لأنها في هذه الحال لا تبدو للشمس ولا للهواء، فتكون رقيقة لا يستطيع أن يخرجها ويمشي عليها كما قال لي ذلك بعضهم، قال : إني إذا مشيت على رجلي كأنما أمشي على خدي من شدة الألم ، من شدة الألم ما يستطيع أن يمشي أبدًا، لأنه عود نفسه على هذه الرفاهية، ( والرسول عليه الصلاة والسلام كان ينهى عن ذلك ويأمر بالاحتفاء أحيانا ) .
ومن فوائد هذا الحديث : استحباب البداءة باليمين في الطُّهور، يعني في التطهر، اليدان والرجلان لا شك أن الإنسان يبدأ باليمين فيهما كما تواترت به السنة.
الأذنان هل يمسحهما جميعا أو نقول : هما جزء من الرأس ؟ نعم هل يمسحهما اليمنى قبل اليسرى أو نقول هما جزء من الرأس يمسحهما جميعا ؟
الثاني هو الحق : أن الأذنين لا ترتيب بينهما أي : بين اليمين واليسار ، اللهم إلا إذا كان لا يستطيع أن يمسحهما جميعاً فهنا نقول ابدأ باليمين .
طيب الخفان ؟ إذا كان على الإنسان خفان هل يمسحهما جميعًا أو يمسح اليمنى قبل اليسرى ؟
هذا فيه احتمال، حديث المغيرة بن شعبة ذكر أن النبي صلى الله عليه سلم لما أهوى المغيرة لينزع خفيه أنه قال : ( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما ) ، وهذه الجملة يحتمل أنه مسح عليهما بالترتيب ويحتمل أنه مسح عليهما جميعاً .
والعلماء رحمهم الله اختلفوا في هذا:
فمنهم من قال : يمسحان مرة واحدة، لأن هذا شأن كل ممسوح، وهو ظاهر حديث المغيرة .
ومنهم من قال : يبدأ باليمنى لأن المسح عليهما بدل عن الغَسل، والغسل يبدأ فيه باليمنى قبل اليسرى.
والذي يظهر أن الأمر في هذا واسع، إلا إذا كان لا يستطيع المسح إلا بيد واحدة فهنا يبدأ باليمين.
طيب في حال الغُسل ، الغُسل من الطهور بلا شك هل يبدأ بالجانب الأيمن قبل الأيسر أو يغسل الجسم جميعا مرة واحدة ؟
الأول ، أنه يبدأ بالجانب الأيمن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأم عطية وهي ممن شارك في غسل إحدى بناته قال : ( ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ) .
وقيل : إنه في الغسل لا يرتب ، بل يغسل الجسم جميعاً ، لأن الجسم عضو واحد ، والعضو الواحد ما فيه ترتيب ، ولكن الأول أولى أنه يتيامن حتى في الغسل .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا توضأتم فابدأوا بميامنكم ). أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة .
هو للاستحباب في الواقع ، لأن الله قال : (( وأيديكم إلى المرافق )) ولم يرتب وإنما رتب بين الأعضاء دون العضوين الذين هما في مقام العضو الواحد .
38 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا توضأتم فابدأوا بميامنكم ). أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة . أستمع حفظ
فوائد حديث ( إذا توضأتم فابدأوا بميامنكم ).
أن التيامن في الوضوء ثابت بالسنة الفعلية والسنة القولية، أما ثبوته بالسنة الفعلية ففي حديث عائشة، وأما ثبوته بالسنة القولية ففي هذا الحديث .
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه :( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين ). أخرجه مسلم .
قوله رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ) : الظاهر أن هذا حين كان معه في غزوة تبوك ، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قد خدمه المغيرة بن شعبة في تلك الغزوة .
وقوله : ( فمسح بناصيته ) : الناصية مقدم الرأس ، كما قال الله تعالى : (( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها )) .
( وعلى العمامة ) : التي على الرأس .
( وعلى الخفين ) وهما معروفان .
ففي هذا الحديث : جواز المسح على العمامة لقوله : ( وعلى العمامة ) ، وفيها مباحث :
المبحث الأول : هل يشترط لهذه العمامة أن تكون على صفة معينة أو نقول : كل ما صدق عليه اسم العمامة فإنه يمسح ؟
في هذا قولان :
الأول : أنه يشترط أن تكون العمامة مُحنكة أو ذات ذؤابة، أما كونها محنكة فمعناه أن يوضع لفة منها تحت الحنك حتى تثبت.
وأما كونها ذات ذؤابة: فأن ترخى إحدى ذؤابتيها من الخلف حتى تنسدل على الظهر.
ومن العلماء من قال : إن ذلك ليس بشرط وهذا الثاني هـو الصحيح ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو أن كل ما يطلق عليه اسم العمامة فهو داخل في هذا .
ثانيا : هل يشترط أن تكون طاهرة ؟
الجواب : نعم لا شك في هذا، ( لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يصلي وأخبره أن في نعليه قذراً فخلعهما عليه الصلاة والسلام ) وإذا كان هذا شرطا في الخفين فالعمامة مثلهما أو أولى.
وهل يشترط أن تكون مباحة، بحيث لا يصح المسح على العمامة المسروقة أو مقبوضة بعقد فاسد ؟
قولان : الأول : أنه لا بد أن تكون مباحة ، وذلك لأن المسح عليها رخصة والرخصة لا ينبغي أن تباح بالمعصية .
والقول الثاني : أن ذلك ليس بشرط، وأنه يجوز أن يمسح الإنسان على عمامة محرمة كالمسروقة والمقبوضة بعقد فاسد والحرير على الرجل.
ولكن الإنسان إذا نظر إلى التعليل فقد يرجح أنه لا بد أن تكون مباحة، لأننا إذا أذنا له أن يمسح على المحرمة فهذا إذن له بإبقائها وألا يبالي بها، وإذا قلنا بالمنع فإنه سوف يحرص على أن يزيلها، أو على الأقل ألا يسمح عليها ويبقيها، فالمسألة عندي فيها تردد.
وهل يشترط أن يلبسها وهذا المبحث الثالث ولا الرابع ؟
الطالب : الرابع .
الشيخ : الرابع : وهل يشترط أن يلبسها على طهارة ؟
في هذا قولان :
القول الأول : أنه يشترط أن يلبسها على طهارة قياسا على الخفين.
والقول الثاني : لا يشترط، لأن الشرط لا بد له من دليل، ولا دليل على هذا، ولا يصح أن تقاس على الرجلين، ذلك لأن طهارة العضو الذي عليه هذه العمامة طهارة مخففة وهي المسح ، والمسح على العمامة من جنس المسح على الرأس كلاهما مسح ، فالطهارة لا تشترط.
أما الخف فإن العضو الذي عليه الخف طهارته الغسل ، فهو أشد ، ثم إن مسح الخف ليس من جنس غسل الرجل ، فهو طهارة من جنس آخر وهذا القول أصح ، أنه لا يشترط في العمامة أن يلبسها على طهارة ، لأننا إذا تجاوزنا وقلنا : بجواز القياس في العبادات فالقياس لا بد من اتفاق الأصل والفرع فيه ، وهنا لم يتماثل أو لم يتفق الأصل والفرع .
البحث الخامس : هل لها مدة ، أو نقول : ما دام الإنسان معتما فليمسح على العمامة وإذا أزالها فليمسح الرأس ؟
قولان : ما شاء الله اليوم عندي القولان كثيران ، قولان :
القول الأول : أنه لا بد لها من مدة قياسا على الخفين .
والقول الثاني : أنه لا مدة لها لعدم الدليل على ذلك، ولو كانت المدة من شريعة الله لبينها النبي صلى الله عليه وسلم.
والقياس على الخفين صحيح ولا غير صحيح ؟
غير صحيح كما علمتم ، وعلى هذا فنقول : ما دمت لابسا للعمامة فامسح عليها ، وإذا خلعتها فامسح على الرأس وليس هناك توقيت.
البحث السادس : هل يجوز المسح عليها في الجنابة في الغسل يعني ؟
الجواب : لا ، لا يجوز المسح عليها في الغُسل، لقول الله تعالى : (( وإن كنتم جنبا فاطَّهروا )) وليس في طهارة .