تحت باب التيمم
تتمة لفوائد حديث ( وإن كنتم مرضى أو على سفر ) قال ...).
فإن قال قائل: إذا لم يخف ضررًا ولا موت، لكن خاف أن يتأخّر البرء، بمعنى: أنّه إن غسله تأخّر برؤه وإن لم يغسله برئ سريعا فهل له أن يتيمّم؟
الجواب: نعم، له أن يتيمّم، لأنّ تأخّر البرء نوع من الضّرر، ثمّ لا يدري لعلّه إذا تأخّر برؤه عاد عليه، ولذلك نقول: إذا خشي الموت أو الضّرر أو تأخّر البرء.
طيب إذا خشي بقاء أثر شيء لو استعمل الماء، يعني: لا يخشى أن يتأخّر البرء ولا أن يتضرّر ولا أن يموت، لكن يخشى أن يؤثّر الماء فيبقى أثر شيء من مكان الجرح فهل له أن يتيمّم؟
الجواب: نعم، لأنّ هذا يتأذّى به بلا شكّ، فله أن يتيمّم، لأنّ الأمر والحمد لله واسع في هذه المسألة.
طيب إذا خاف أن يزكم وعليه جنابة من جماع ؟
الطالب : يتيمم.
الشيخ : كيف يتيمّم؟ هو ما يأتيه ضرر، يقول: لا يخشى الموت ولا يخشى الضّرر لكن يخشى من الزّكام.
الطالب : لعله مرض.
الشيخ : هاه؟
الطالب : لعلّه مرض.
الشيخ : لعلّه مرض ويمكن أن لا يكون مرضا؟
الطالب : الزّكام يا شيخ فيه تفصيل.
الشيخ : آه تفصيل، إيش التّفصيل؟
الطالب : فيه زكام لا يستطيع الإنسان أن يغتسل ، أو يصيبه بمرض بصداع في رأسه .
الشيخ : أي طيّب.
الطالب : أما الزكام العادي فيمكنه.
طالب آخر : إن كان الزكام سيضعفه فيتيمم، وإلا فيغتسل.
الشيخ : يعني: حول ما قال الأخ عبد الرّحمن، إذن نقول، إيش عند خالد؟
الطالب : الزكام واحد وهو مرض والله يقول: (( وإن كنتم مرضى )) .
الشيخ : هو أحيانا الزّكام صحيح يدوخ الإنسان ويؤلم رأسه وظهره، وأحيانا يكون بس يعني رطوبة الأنف فقط، المهمّ إذا كان يخشى من المرض أو من الألم فلا بأس، طيّب.
السائل : شيخ؟
الشيخ : ما فيه وقت سؤال يا أخي انتظر.
السائل : جاء الوقت.
الشيخ : هاه؟ جاء وقت السّؤال؟ ما سمعت السّاعة.
الطالب : جاءت.
الشيخ : من يسأل؟
هل يتيمم الإنسان لمجرد احتمال الإصابة بالبرد؟
السائل : إذا كان يخشى الزّكام يعني ما يمكن أن نلحقه بالمرض الي يخاف منه ، ثم كونه يخاف هذا احتمال غير جازم.
الشيخ : أيه.
السائل : يعني ليس متأكد أن يصاب بالزكام ، والزّكام مرض خفيف ، فإن قلنا بذلك فما في دليل !
الشيخ : أنت رأيك رأي ابن مسعود، ابن مسعود لما ناظره أبو موسى رضي الله عنه في أنّه إذا خاف البرد فإنّه يتيمّم، قال ابن مسعود: " إذن كلّما إذا رأى الإنسان ليلة باردة ذهب يتيمّم ، فأبو موسى رضي الله عنه قال له: ماذا تقول في قوله تعالى: (( إن كنتم مرضى أو على سفر ))؟ فلم يجد جوابا " ، نرى أنّ المرض سواء كان شديدًا أو خفيفا أنّه يبيح التّيمّم ، وهذا يمكن أن يعلم يا دكتور رشاد، يمكن أن يعلم بحال الإنسان ، إذا قدّرنا أنّ الرّجل إذا خلع ثيابه ليغتسل أصابه الهواء فبالتّأكيد سيأتيه زكام.
السائل : ليس بمؤكد.
الشيخ : ليس تأكيدًا؟
السائل : هو ممكن يأخذ احتياطه.
الشيخ : إذا كان في البرّ؟
السائل : إذا كان في البر يختلف ، الكلام إذا كان في المنزل .
الشيخ : إذا كان في المنزل ربّما يستيطع أن يغتسل ، وحينئذ لا يخشى الزّكام.
هل يتيمم على كل ما صعد من الأرض من تراب وحشيش ونحوه؟
السائل : أحسن الله إليك، ألم نقل بجواز التّيمّم على كلّ ما صعد على وجه الأرض من حشيش أو صخر أو تراب أو رمل ؟
الشيخ : كلّ ما كان على الأرض فإنّه يجوز التّيمّم به، إلاّ إذا كان ليس من الأرض، منفصلا عنها، من الفرش الآن ما يتيمّم عليها إلاّ إذا كان فيها غبار.
السائل : طيب إذن ما فيه إشكال لو أستطيع الوضوء إلى موضع الجرح، فممكن أن يتوضأ ، ويذهب إلى صخرة أو حشيش ويتيمّم عليه ما في مشقة ؟
الشيخ : من يجد صخرة أو حشيش وهو في منزله؟
سؤال عن قول من يقول بأن من عجز عن الوضوء في عضو يسقط عنه؟
الشيخ : نعم.
السائل : يقولون هذا هو المفروض لأنّ العبادات لا قياس فيه.
الشيخ : نعم.
السائل : وهذا كما ذكر الله في القرن سقط عنه الإثم.
الشيخ : لا ما يحتاج، هذا قياس جليّ، لأنّه الله تعالى جعل بدل الطّهارة بالماء التّيمّم، وهذا عجز عن الطّهارة بالماء على هذا العضو فنقول تيمّم، الآية عامّة.
ما ضابط المرض الذي يتيمم له؟
السائل : شيخ ما وجه التفسير للمرض، أي مرض في قوله تبارك وتعالى: (( وإن كنتم مرضى أو على سفر )) ...؟
الشيخ : المرض هذا ولو في البلد، والسّفر ذكره الله عزّ وجلّ لأنّه مظنّة لعدم الماء.
السائل : ...
الشيخ : هاه؟
السائل : المريض بالصيام ؟
الشيخ : أي نعم، المريض أيضا ليس مطلقا في الصوم، لا بدّ أن يشقّ عليه الصّيام أو يتضرّر به بطول المرض.
ما ذكره الحنابلة من شروط الصعيد الذي يتيمم به هل يجب توفرها جميعها؟
السائل : ذكر الحنابلة .
الشيخ : إيش؟
السائل : أحسن الله إليك، ذكر الحنابلة رحمهم الله تعالى في الصّعيد .
الشيخ : ذكر؟
السائل : ذكر الحنابلة، الحنابلة.
الشيخ : أي نعم.
السائل : في الصّعيد شروطاً : أن يعلق ، وأن يكون له غبار .
الشيخ : نعم نعم.
السائل : هل تتوفّر في كلّ شيء؟
الشيخ : شوف بارك الله فيك: الشّروط التي يذكرها بعض العلماء اعرضها على الكتاب والسّنّة، إن دلّ عليها الكتاب والسّنّة فهي حقّ، وإن لم يدلّ عليها الكتاب والسّنّة فهي مردودة، لأنّ زيادة الشّروط على ما أطلقه الله ورسوله تعني تضييق الحكم على النّاس، ومعلوم أنّه لا يجوز لأحد أن يضيّق ما وسّعه الله عزّ وجلّ.
من كان به جرح يتضرر بالغسل والمسح هل له أن يضع عليها خرقة ويمسح عليها؟
السائل : شيخ أحسن الله إليك هل من كان به جرح ويتضرّر بالغسل والماء هل عليه أن يضع مثل اللّزقة أو خرقة أو كذا ثمّ يمسح عليها أو لا؟
الشيخ : أي نعم، لكن إذا كانت هذه من مصلحة الجرح فليضع عليه جبيرة، وستأتينا إن شاء الله في حديث علي الذي بعد هذا.
من كان مجروحا في عضو من أعضاء الوضوء فانتقل للتيمم دون الوضوء فما الحكم؟
السائل : شيخ أحسن الله إليك إذا كان الإنسان مصابا في عضو من أعضاء الوضوء بجرح وانتقل مباشرة إلى التّيمّم ولم يتوضّأ؟
الشيخ : يعني بدأ بالتّيمّم قبل الوضوء؟
السائل : إذا كان لم يتوضأ ، تيمم !
الشيخ : أي ما يجوز، لأنّه قادر على استعمال الماء في بعض الأعضاء.
من اجتهد في البحث عن الماء فلم يجده فتيمم وصلى وقبل خروج الوقت بيسير وجد الماء فهل تبطل صلاته؟
الشيخ : نعم.
السائل : إذا ضاق عليه الوقت ولم يبق إلاّ وقت فقط يسع الصّلاة، فصلّى بالتّيمّم بعد أن اجتهد في البحث عن الماء، ثمّ وجد الماء في هذا الوقت.
الشيخ : نعم.
السائل : هل تبطل صلاته؟
الشيخ : أي نعم، أرأيت لو أحدث؟
السائل : نعم ، هو إذا كان على القياس على العلة التي ذكرناها تبطل يا شيخ .
الشيخ : نعم؟
السائل : على العلّة التي ذكرناها تبطل، لكن ليس لديه وقت الآن لم يبق من الوقت إلاّ ما يسع الصّلاة؟
الشيخ : ما يضرّ، نفس الشّيء، لو أحدث في أثناء الصّلاة ولم يبق من الوقت إلاّ بقدر نصف الصّلاة مثلا نقول توضّأ ثمّ صلّ.
الطالب : انتهى الوقت يا شيخ.
10 - من اجتهد في البحث عن الماء فلم يجده فتيمم وصلى وقبل خروج الوقت بيسير وجد الماء فهل تبطل صلاته؟ أستمع حفظ
إذا كان مجروحا فهل يشترط الموالاة بين الغسل والتيمم؟
السائل : حتى في الغسل؟
الشيخ : حتّى في الغسل، الغسل كلّه بالماء.
السائل : لا، حتى الموالاة في الغسل؟
الشيخ : الغسل الذي يغتسل بالماء فالطّهارة من جنس واحد، طهارة ماء فلا بدّ أن يتوالى.
السائل : يتيمّم هو؟
الشيخ : لا ما هو تيمم، أنت ما تسأل عن اختيارنا في الغسل الذي هو بالماء؟
السائل : لا.
الشيخ : هاه؟
السائل : إذا كان عليه جرح؟
الشيخ : إذا كان فيه جرح، قلنا: لا يشترط فيه موالاة ولا ترتيب.
السائل : هذا في الوضوء يا شيخ.
الشيخ : في الوضوء والغسل أيضًا، الغسل أيضا ما فيه ترتيب.
السائل : لازم الموالاة.
الشيخ : ما فيه إلاّ الموالاة.
السائل : حتى الموالاة في التّيمّم لا تشترط .
الشيخ : أي نعم، لأنّ اختلاف الطّهارة، هذه طهارة ماء والأخرى تراب.
إذا كان الجرح في أحد أعضاء التيمم فهل يسقط عنه؟
الشيخ : كيف؟
السائل : لو قلنا له تيمّم لا يمكنه أن يتمه.
الشيخ : أي نعم، هذا يسقط، مثل لو عدم الماء أو التّراب، يعني لو فرضنا أنّه لا يستطيع مسح وجهه كإنسان محترق فيسقط عنه.
السائل : يتيمّم في يديه فقط أو يسقط عنه؟
الشيخ : يعني يتيمّم على الذي يستطيع؟
السائل : يعني يتيمّم على يديه فقط؟
الشيخ : لا بأس على القاعدة: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ).
وعن علي رضي الله عنه قال :( انكسرت إحدى زندي فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرني أن أمسح على الجبائر ). رواه ابن ماجه بسند واه جداً .
قوله: ( انكسرت إحدى زنديّ ) : الذّراع فيه عظمان متباريان ، كلّ واحد منهما تسمّى زندًا، فانكسرت إحدى زنديه رضي الله عنه فوضع عليها جبائر بأمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو بغير أمره، المهمّ أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أمره أن يمسح على الجبائر.
والجبائر هي: عبارة عن أعواد أربعة أو اثنان تشدّ على محلّ الكسر بعد أن يلائم الكسر بعضه إلى بعض، ثمّ تشدّ عليها الجبائر وتحتها خرقة وفوقها خرقة وذلك من أجل أن ينضبط العظم حتى لا يختلّ بعد أن كان متلائماً ، وهذا النّوع من الجبائر مفيد جدّا وهو أفيد بكثير ممّا يفعله الأطبّاء الآن من وضع الجبس، لأنّ الجبس ما يقدر يشدّ الرّجل جيّدًا، ثمّ إنّه يكون فيه رائحة كريهة، وهو أيضًا مؤذٍ للإنسان من جهة ثقله وتحمّله، لكن هذه الجبائر يسيرة جدّا ولا تكلّف ولا تتعب، والغالب أنّها أسرع نجاحًا ممّا يفعله الأطبّاء الآن.
قال: ( أن أمسح على الجبائر ) : الجبائر جمع جبيرة وهي كما قلت لكم ما يشدّ على الكسر، وسمّيت جبيرة بمعنى: جابرة تفاؤلا، لأنّ العرب يعبّرون عمّا يستكره باسمه بما يقابله تفاؤلا، ولذلك سمّوا المهلكة: سموها مفازة من باب التّفاؤل وهذا حسن، ( لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يعجبه الفأل ).
هذا الحديث يقول المؤلّف: " رواه ابن ماجه بسند واهٍ جدّا " : الواهي الضّعيف، وهى بمعنى: ضعف، وجدّا : مصدر عامله محذوف تقديره أُجدّه جدّا يعني: أجدّ هذا الحكم جدّا، أي: أحقّه إحقاقا، إذا كان كذلك فهل يمكن أن يُحتجّ بمثله على حكم من الأحكام ولا سيما الحكم الذي يتعلّق بالصّلاة وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشّهادتين؟
الطالب : لا.
الشيخ : الجواب: لا، ولكن يبقى أن ننظر هل له شواهد؟
إذا كان له شواهد تقوّيه صار حسنا لغيره كما قال أهل العلم بالمصطلح.
13 - وعن علي رضي الله عنه قال :( انكسرت إحدى زندي فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرني أن أمسح على الجبائر ). رواه ابن ماجه بسند واه جداً . أستمع حفظ
(وعن جابر رضي الله عنه في الرجل الذي شج ، فاغتسل فمات ، إنما كان يكفيه أن يتيمم ، ويعصب على جرحه خرقة ، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده ). رواه أبو داود بسند فيه ضعف ، وفيه اختلاف على رواته .
هذا الحديث خَفّف المؤلّف رحمه الله أمر ضعفه قال: " فيه ضعف " ، ولم يقل: إنّه ضعيف جدّا ، فربّما يقال: إنّه صالح لأن يكون شاهدًا لحديث عليّ رضي الله عنه، وقد يقال: إنّه ليس بشاهد لأنّ حديث عليّ ضعيف جدّا جدّا فلا يحتجّ به، وإذا كان ضعيفا ساقطا يبقى هذا فيه ضعف، وفيه اختلاف على رواته، لا في متنه ولا في سنده، وعلى هذا ففيه ضعف وفيه اضطراب، وحينئذ يبقى في الحكم في النّفس منه شيء، فهل هناك قياس يعضد هذا؟
لننظر، أوّلا: نشرح الحديث الذي ذكره المؤلّف:
هذا رجل بعثه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مع صحبه في سريّة، فشجّ وأصابته جنابة، فسأل أصحابه يعني: ماذا تقولون؟ قالوا: ما نرى إلاّ أن تغتسل، لأنّهم رضي الله عنهم ليس عندهم شيء يستندون إليه، فاغتسل فدخل الماءُ الشّجَّة. والشّجّة هي كما تعلمون الجرح في الرّأس والوجه خاصّة، وفي بقيّة البدن يقال: جرح ولا يقال: شجّة.
دخل الماء إلى رأسه فمات، فبلغ ذلك النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فقال فيهم: ( قتلوه قتلهم الله، هلاّ سألوا إذا لم يعلموا، فإنّما شفاء العِيّ -يعني الجهلة- السّؤال ) : هذا الحديث بكماله.
وقال عليه الصّلاة والسّلام: ( إنّما كان يكفيه أن يتيمّم ويعصب ) : يعني: يشدّ مأخوذ من العصابة وهي ما يعصب به الرأس ويحيط به.
( على جرحه خرقة ثمّ يمسح عليها ويغسل سائر جسده ) فقال : يتيمّم ويعصب، وظاهر اللّفظ أنّه يتيمّم أوّلا ثمّ يعصب على الجرح خرقة.
" ( ثمّ يمسح عليها ويغسل سائر جسده ) رواه أبو داود بسند فيه ضعف " : في بعض ألفاظه إسقاط : يتيمّم، وهذه الرّواية التي فيها إسقاط التيمّم أقرب من حيث القياس إلى الصّواب، فلننظر الآن إذا كانت الرّوايات ضعيفة عن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ننظر القياس، القياس نقول: هذا عضو سُتر بساتر مباح للضّرورة، فأيّهما أظهر : أن نلغي مسحه ونتيمّم، أو نلغي مسحه والتّيمّم، أم نجمع بينهما؟
نقول: له شيء يماثله بعض الشّيء: المسح على الخفّين، يمسح الخفّ ولا يلزم نزعه وغسل الرّجل، ولا يجمع بين المسح والتّيمّم، فأحسن ما يقال ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله في المشهور عنه : أنّه يضع الجبيرة أو العصابة على الجرح ويمسح عليه ، ويغسل الباقي، ولا حاجة للتّيمّم.
هذا أقرب ما يكون من الأقوال، وأقرب ما يكون إلى القياس، وعلى هذا فنقول: إذا حصل للإنسان جرح يضرّه الماء غسلا ومسحا وقد عصب عليه عصابة فإنّه يمسح هذه العصابة ويكفي.
فإن كان يضرّه الغسل والمسح والعصابة بمعنى: أنّ بقاءه هاوياً للهواء والشّمس أقرب إلى الشّفاء، فهنا يتعيّن التّيمّم، هذا أقرب الأقوال في هذه المسألة.
ويبقى النظر في مسائل: هل يشترط أن يضع هذه الجبيرة على طهارة كما قلنا ذلك في الخفّين؟
في هذا خلاف بين أهل العلم: منهم من قال: إنّه يشترط لأنّه ساتر ممسوح بدلا عن غسله فيجب أن يكون على طهارة كالخفّ.
ومنهم من يقول: لا يشترط أن يكون وضعه على طهارة، أوّلا: لأنّه لا يمكن القياس، لأنّ بين مسح الخفّين ومسح الجبائر فروقا كبيرة، وثانياً : أنّه يأتي الإنسان على حين غِرّة لا يتمكّن من الوضوء، إنسان سقط من السّيّارة وانكسرت رجله أو يده، كيف نقول يلزمه أن يذهب ويتطهّر ثمّ يجبّرها؟!
فيه مشقّة، وربّما إذا برد محلّ الكسر يصعب جدّا جبره، فالصّواب إذن: أنّه لا يشترط أن تكون على طهارة.
ثانيًا : هل تمسح في الحدث الأصغر والأكبر أعني الجبائر؟
الجواب: نعم تمسح في الحدث الأصغر والأكبر، لأنّ مسحها ضرورة ليس اختياريّا كالخفّ، فيجوز أن يمسح عليها في الحدث الأصغر والأكبر.
ثالثًا : هل لها مدّة معيّنة؟
الجواب: لا، ليس لها مدّة معيّنة لأنّ هذه ضرورة تتقيّد بقدرها.
وبناء على هذا نقول: متى برأ الجرح أو برأ الكسر وجبت إزالتها ولا يجوز إبقاؤها بعد ذلك.
فإذا جبر الكسر أو برأ الجرح فهل يلزمه أن يعيد الاغتسال إن كان قد اغتسل عن جنابة أو الوضوء أو لا يلزمه؟
لا، الصّواب لا يلزمه، لأنّ هذه الطّهارة طهارة كاملة ، وإذا كانت الطّهارة كاملة بحسب ما أمر فإنّه لا يلزمه أن يعيد الغسل ولا الوضوء.
فإن قال قائل: ألستم تقولون إنّه لو عدم الماء وتيمّم عن جنابة أو عن وضوء ثمّ وجد الماء فإنّه لا يصلّي إلاّ بعد استعماله؟
فالجواب: بلى، لكن الفرق بين طهارة التّيمّم وهذه الطّهارة، هذه الطّهارة تعتبر طهارة بماء لأنّه غسل بقيّة الجسد ومسح على الجبائر، فالطّهارة إذن طهارة ماء.
طهارة التّيمّم طهارة تراب بدل، فإذا وجد المبدل منه تعيّن استعماله، هذا هو الفرق.
المسح عليها: هل يجوز المسح عليها فيما لو وضع عليها شيئا من الحرير، يعني: جعل الرّبط على العصابة من الحرير وهو رجل، هل يجوز المسح عليه أو لا يجوز؟
نقول: يجوز المسح عليه إذا كان يتضرّر بحلّها، إذا كان يتضرّر بحلّها جاز المسح عليها، لأنّ المسح عزيمة وليس رخصة حتّى نقول: إنّه لا يستباح بالمعصية، بل نقول: هل يجوز المسح عليه ما دام يخشى الضّرر بحلّها.
لو قال قائل: إذا كان يمكنه أن يحلّها ثمّ يعيدها هل يلزمه ذلك؟
نقول: إذا كان لا يتضرّر بهذا ولا يخشى على نفسه من الضّرر يلزمه، لأنّ الحكم يدور مع علّته، مثل بعض اللزكات التي تكون على موضع الألم، أحيانا يكون في الإنسان ألم في ظهره أو في صدره أو أحد أعضائه فيضع عليه لزق، نقول: إذا كان لا يتضرّر بخلعها وجب عليه أن يخلعها، ثمّ يعيدها بعد ذلك، وإن كان يتضرّر أو يخشى الضّرر فإنّه لا يلزمه، وهذا يقع كثيرا فيمن يكون عليه لزقة في ظهره ويحصل عليه جنابة، ويقول: أنا إذا خلعتها لا أتضرّر، غاية ما هنالك أن تفوت عليّ هذه اللّزقة، فنقول: هذا لا يضرّ، لأنّ ثمنها قليل، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، والواجب غسل جميع البدن، أمّا إذا كان يخشى من الضّرر فإنّ الله تعالى قد رفع الحرج عن هذه الأمّة.
14 - (وعن جابر رضي الله عنه في الرجل الذي شج ، فاغتسل فمات ، إنما كان يكفيه أن يتيمم ، ويعصب على جرحه خرقة ، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده ). رواه أبو داود بسند فيه ضعف ، وفيه اختلاف على رواته . أستمع حفظ
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال :( من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى ). رواه الدار قطني بإسناد ضعيف جداً .
سبق القول في إعراب جدّا.
طيب يقول: " من السّنّة " : اعلم أنّ الصّحابيّ إذا قال من السّنّة فتارة يكون المراد بها الواجب، وتارة يكون المراد بها المسنون المستحبّ، ووجه ذلك أنّ السّنّة هي الطّريقة، والطّريقة إمّا أن تكون واجبة وإمّا أن تكون سنّة، مثال الأوّل الواجب: أنّ ابن عبّاس رضي الله عنهما سئل عن الرّجل يصلّي أربعًا مع الإمام وهو مسافر ويصلّي ركعتين وحده فقال: " تلك هي السّنّة " ، الواجبة أو المستحبّة؟
الطالب : الواجبة.
الشيخ : الواجبة، ومثالها في الواجب أيضا قول أنس رضي الله عنه: ( من السّنّة إذا تزوّج الرّجل البكر على الثّيّب أقام عندها سبعا ثمّ قسم -أو قال- ثمّ دار، وإذا تزوّج الثّيب أقام عندها ثلاث ) : قوله من السّنّة هنا يعني السنة؟
الطالب : الواجبة.
الشيخ : الواجبة، ومن ذلك أيضا قول ابن عبّاس رضي الله عنهما حينما جهر بالفاتحة في صلاة الجنازة قال: " إنّما فعلت ذلك ليعلموا أنّها سنّة " ، يعني : واجبة.
أمّا السّنّة التي تكون للاستحباب فهو ما جاء في حديث ابن مسعود وإن كان فيه شيء من النّظر: ( من السّنّة وضع الكفّ على الكفّ فوق الصّدر ) أو معنى هذا الحديث، هذا ليس بواجب، هذه سنّة غير واجبة، ولكنّها سنّة مستحبّة.
هذا الذي معنا إذا صحّ هذا الأثر : ( من السّنّة أن لا يصلّي ) هل هي من السّنّة الواجبة أو المستحبّة؟
الطالب : الواجبة.
الشيخ : نعم يحتمل الأمرين، يحتمل أن تكون من السّنّة الواجبة ويحتمل أن تكون من السّنّة المستحبّة وإنّما استحبّت على سبيل الاحتياط، أمّا معنى الحديث فظاهره أنّ الرّجل إذا تيمّم لصلاة فإنّه يتيمّم للصّلاة الأخرى، لكن هل المراد بالصّلاة الأخرى يعني إذا دخل وقتها، أو للصّلاة الأخرى ولو في وقت الأولى كالصّلاتين المجموعتبن؟
إن نظرنا إلى ظاهر الحديث وقلنا يتيمّم للصّلاة الأخرى فظاهره أنّه إذا سلّم من الصّلاة الأولى تيمّم للصّلاة الثّانية، لكنّ الظّاهر لي أنّه غير مراد، وأنّ المراد بالصّلاة الأخرى يعني: في وقتها، وهو بمعنى قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في المستحاضة: ( ثمّ توضّئي لكلّ صلاة ) أي: لوقتها ، ولكنّ هذا الأثر كما ترون أثر ضعيف جدّا ولم يذكر المؤلّف له شاهدا، وعلى هذا فنقول الحديث ضعيف فلا يعمل به.
ونبقى على الأصل أنّ الإنسان إذا تيمّم لصلاته وبقي على طهارته فإنّه لا يلزمه إعادة التّيمّم إذا دخل وقت الثّانية، وقد قرّرنا هذا في أوّل كتاب التّيمّم، وبيّنّا أنّ التّيمّم مطهّر رافع للحدث إلى متى؟
إلى أن يزول سبب إباحته إمّا بوجود الماء إن كان التّيمّم عن عدم الماء، وإمّا بزوال العذر إذا كان لعذر، هذا هو الصحيح.
ما حكم هذه الصّيغة إذا قالها الصّحابيّ، هل نقول إنّها موقوفة أو إنّها مرفوعة؟
قال علماء المصطلح: إنّها مرفوعة لكنّها مرفوعة حكما، لأن الرّاوي لم يصرّح بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قالها أو فعلها أو فُعلت عنده وأقرّها أو قيلت عنده وأقرّها وإنّما قال: من السّنّة، فإذا رأيتم من السّنّة من قول الصّحابيّ فإنّه مرفوع حكما، لأنّ الصّحابيّ ما يمكن أن يقول: من السّنّة إلاّ ويريد سنّة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لا سيما إذا قال ذلك على سبيل الاستدلال فإنّه إن قال ذلك على سبيل الاستدلال فمعلوم أنّ الدّليل إنّما هو قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.
طيّب وإذا قالها التّابعيّ فهل يقال إنّها مرفوعة حكماً لكنّ السّند منقطع ، أو نقول: إنّها موقوفة ؟
في هذا أيضا خلاف بين علماء المصطلح، منهم من قال: إنّها تكون موقوفة لأنّ التّابعيّ في الدّرجة الثانية، إذا قال: من السّنّة أي: من سنّة الصّحابة التي أدركها إذ أنّه لم يدرك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فيكون من السّنّة أي: من سنّة الصّحابة إمّا الخلفاء الرّاشدون أو غيرهم.
وقيل: إنّها مرفوعة حكما لكنّها مرسلة، لأنّ الصّحابيّ سقط منها فتكون من قسم الضّعيف، لأنّ المرسل من أقسام الضّعيف، وعليه فنقول: إن كانت مرفوعة حكما فهي ضعيفة، وإن كانت موقوفة فيبقى البحث هل قول الصّحابيّ حجّة أو ليس بحجّة، وهو محلّ خلاف أيضا.
15 - وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال :( من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى ). رواه الدار قطني بإسناد ضعيف جداً . أستمع حفظ
باب الحيض
الحيض مصدر حاض بمعنى: سال، تقول العرب: " حاض الوادي إذا سال ". وهو في الاصطلاح أو العرف : " سيلان الدّم الطّبيعي الذي ترخيه الرّحم عند البلوغ ، خلقه الله تبارك وتعالى لتغذية الولد، وهو مكتوب على بنات آدم منذ خلقهنّ الله إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة " ، والله أعلم ، لأنّه دم طبيعة ولذلك لا تجد المرأة تتضرّر به مع كثرته ، وإنّما يلحقها شيء من الضّعف ، ولكنّه إذا كان غير طبيعيّ لأضرّ بها كثيرا لأنّه يخرج بغزارة.
وهو معتاد ، والغالب أنّه يأتي كلّ شهر، والغالب أنّ أيّامه ستّة أو سبعة هذا هو الغالب، وإنّما قلنا إنّ هذا هو الغالب لأنّه يأتي على خلاف الغالب، أحيانا تكون المرأة لا تحيض إلاّ بعد شهرين، وأحيانا تحيض عشرة أيّام، وأحيانا خمسة أيّام يعني: تنقص أو تزيد، أحيانا لا يأتيها الحيض لمدّة ثلاثة أشهر، أربعة أشهر ثمّ يأتيها لمدّة شهر كامل، وهذا وقع، يعني بعض النّساء ما تحيض كلّ شهر ولا الثّاني ولا الثّالث ولا الرّابع وفي الخامس تحيض الشّهر كلّه، وكأنّه والله أعلم تجتمع وتخرج في مدّة طويلة، وهو يعتاد الأنثى عند البلوغ ولا يمكن أن يقع في سنّ صغير إلاّ نادرا جدّا ولهذا قال الفقهاء : لا حيض قبل تمام تسع سنين ، هذا ما قالوه، لكن الصّحيح يمكن تحيض قبل تمام التّسع حسب تكوين خلقة المرأة، بعض النّساء تكون لها تسع سنين أو داخلة في التّاسعة وتجد جسمها كبيرا يمكن أن ينزل منها الحيض وبعض النّساء بالعكس، المهمّ متى وجد هذا الحيض، هذا الدّم الذي يسيل عند البلوغ أو قريب منه فهو دم الحيض وله علامات:
منها اللّون، فلونه أسود قاتم، ومنها الغلظ فهو غليظ ثخين، ومنها الرّائحة فرائحته منتنة، ولهذا جاء في الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( إنّ دم الحيض أسود يُعْرَف -وفي لفظ- يُعْرِف ) أي: له عَرف أن رائحة، فهذه من علاماته: السّواد وش بعد؟
والغلظ والرّائحة.
ذكر بعض المعاصرين من الأطبّاء أنّ له علامة رابعة وهي: أنّه لا يتجمّد، يقول: إنّه لا يتجمّد، لأنّه في علم الله هو عبارة عن دم في الرّحم متجمّد ثمّ يذوب وينزل، فذكروا أنّه لا يتجمّد، وقيل: إنّه لابد أن يتجمّد لكن لا يتجمّد إلاّ ببطء بخلاف الدّم العادي، الدّم العادي يتجمّد بسرعة.
ويثبت به أي: بالحيض أحكام كثيرة جدّاً:
أحكام شرعيّة تتعلّق بالعبادات، وأحكام اجتماعيّة تتعلّق بالمعاملات كالحكم ببلوغها وإعطائها مالها إذا كانت محجورا عليها، وأحكام شخصيّة كعقد النّكاح، وتمام العدّة وغير ذلك.
المهمّ أنّ للحيض أحكام كثيرة جدّا تعرف بالتّتبّع، تتبّع كلام العلماء رحمهم الله وبعض العلماء يجمعها أو يجمع أكثرها في مكان واحد.
عن عائشة رضي الله عنها :( أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن دم الحيض دم أسود يعرف ، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة ، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي ). رواه أبو داود والنسائي ، وصححه ابن حبان والحاكم . واستنكره أبو حاتم . وفي حديث أسماء بنت عميس عند أبي داود :( ولتجلس في مركن فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر فسلاً واحداً ، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلاً واحداً . وتغتسل للفجر غسلاً واحداً . وتتوضأ فيما بين ذلك ).
قول عائشة رضي الله عنها: ( كانت تستحاض ) : كلمة استحاضة أو استحيضت فيها زيادة عن حاضت وش الزّيادة؟
الهمزة والسّين والتّاء، وقد قيل: " إنّ زيادة المباني تدلّ على زيادة المعاني "، وعلى هذا فتكون استحاضة زائدة على الحيض كمّيّة وزمنيّة، ولهذا نقول: الاستحاضة هو أن يستمرّ الدّم على المرأة أكثر الشّهر، هذه الاستحاضة، وحدّده بعضهم بخمسة عشر يومًا، قال فما زاد فهو استحاضة.
ولدم الاستحاضة علامات ضدّ علامات الحيض، فمثلا: إذا قلنا أسود لدم الحيض، نقول: في دم الاستحاضة أحمر، إذا قلنا دم الحيض غليظ، فدم الاستحاضة رقيق، إذا قلنا دم الحيض له رائحة فدم الاستحاضة ليس له رائحة ولهذا قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ( إنّه دم عرق ) كسائر الدّماء.
وقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( إنّ دم الحيض دم أسود يعرف ) : أسود يعني في اللّون، وغير دم الحيض أحمر.
وقوله: ( يُعرف ) أي: يعرفه من يباشره وهنّ النّساء، ولهذا نقول: النّساء في معرفة الحيض والاستحاضة أعلم من الرّجال، حتى إنّ بعض التّابعين رحمهم الله إذا سئلوا عن أحكام الحيض، قال اذهب واسأل النّساء، لأنّ النّساء يمارسن هذا الشّيء ويباشرنه فلهم خبرة به ، لكن مع ذلك إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يضف المعرفة للنّساء قال: ( أسود يُعرف -وفي رواية- يُعْرِف ) أي: له عَرف، أي: رائحة، وأمّا دم الاستحاضة فليس له رائحة.
17 - عن عائشة رضي الله عنها :( أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن دم الحيض دم أسود يعرف ، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة ، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي ). رواه أبو داود والنسائي ، وصححه ابن حبان والحاكم . واستنكره أبو حاتم . وفي حديث أسماء بنت عميس عند أبي داود :( ولتجلس في مركن فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر فسلاً واحداً ، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلاً واحداً . وتغتسل للفجر غسلاً واحداً . وتتوضأ فيما بين ذلك ). أستمع حفظ
من كانت عليه خرقة في ظهره ونسيها واغتسل ووصلها الماء ولم يمسحها فما الحكم؟
السائل : شيخ بارك الله فيكم، لو أنّه نسي اللّزقة التي على ظهره.
الشيخ : نعم.
السائل : أو في يده ثمّ توضّأ، واغتسل مع نسيانه.
الشيخ : نعم.
السائل : فلم يمسحها، فماذا عليه؟
الشيخ : لكن جرى عليها الماء؟
السائل : جرى عليها الماء.
الشيخ : نعم، هذا ينبني على الخلاف هل يجزئ الغسل بدلا عن المسح؟
إذا قلنا بذلك فإنّه يجزئه، وهذا هو الأقرب أنّ الغسل يجزئ عن المسح إذا كان لا يريد مخالفة الشّريعة.
ما حكم ما يبقى من أثر اللصقة الذي يشق إزالته؟
السائل : أحسن الله إليكم، الرّجل لا يتضرّر من خلع اللّصقة ولا يتأثّر بمالها، لكنّه يشقّ عليه إزالة الأثر الذي يبقى بعد إزالة اللّصقة، الأثر يلصق!
الشيخ : نعم.
السائل : وشديد.
الشيخ : نعم.
السائل : أليست هذه مشقّة؟
الشيخ : يعني معناه أنّه لا فائدة من نزعها سيبقى الماء لا يصل إلى ما تحتها.
السائل : لا سيما أيضا إذا كانت اللّصقة في الظّهر فربّما لا يستطيع هو بنفسه أن يزيل أثر اللّصقة من ظهره.
الشيخ : المهمّ إذا كان فيه مشقّة تبقى، لكن إذا كان ما فيه مشقّة، اللّصقة لا شكّ أنّه سيبقى أثر اللزوق عليها على اليد مثلا لكن يصل الماء إلى ما تحتها.
السائل : هي فيها يعني !
الشيخ : فيها خروق، الخروق ما تؤثّر الظّاهر، ما يصل الماء إلى كلّ الذي تحتها.
السائل : أي.
الشيخ : الخروق الظّاهر أنّهم يريدون أن تكون لأجل البخار الذي يخرج من الجسم.
ما حكم ما يبقى من آثار الدهان على عمال الدهانات وهناك مشقة في إزالته؟
السائل : بارك الله فيك قياسًا !
الشيخ : إيش؟
السائل : أقول: قياسا على السّؤال الماضي، الآن أصحاب الدّهانات -البوية- هذه يا شيخ.
الشيخ : نعم.
السائل : تبقى عليه أثناء الصّلوات ما يعلق في أيديهم .
الشيخ : لكن ما يتضرّرون.
السائل : لكن فيه مشقّة عظيمة، لا سيما إذا كان عمله طول اليوم في هذا.
الشيخ : أوّلا بارك الله فيك، الآن ما فيه مشقّة فيه أكمام لليد.
السائل : الإنسان يعني سائر جسده يتعكر بهذا الدّهان.
الشيخ : لا، هذه ما نرخّص فيها لا بدّ أن يزيلها، لكن ربّما نأخذ بقول شيخ الإسلام رحمه الله عند الحاجة إذا كان قد صلّى وليس في عضو الطّهارة إلاّ الشّيء اليسير، فهذه عند شيخ الإسلام رحمه الله يعفى عنها ممن يمارسونها.
من المعلوم أن الجبيرة تزيد على موضع الجرح فكيف يعمل في المسح؟
السائل : أحسن الله إليك، العادة أنّ الجبيرة تزيد على الجرح.
الشيخ : نعم.
السائل : تكون هنا ويزيدون !
الشيخ : نعم.
السائل : فكيف تكون بالنّسبة للمسح، يمسح أو يغسل؟
الشيخ : أي نعم هذا سؤال مهمّ، الجبيرة تشمل محلّ الجرح، وكلّ ما يحتاج إليه في شدّها، لأنّه يصعب أن تجعل الجبيرة في مقدار الجرح، ولا تنجبر أيضا، لا بدّ أن تمتدّ الجبائر من يمين وشمال.
السائل : يعني زي كدة يا شيخ ، جرح لفوق !
الشيخ : نعم.
السائل : ... هل يجب أن يغسل ؟
الشيخ : أي نعم، إذا لفّها على الذّراع ما يُغسل، كيف يغسل وهو ملفوف عليه؟
السائل : ما من جراح .
الشيخ : أي لكن ما يمكن يشدّ عليه إلاّ بهذه الصّفة، إلاّ اللّصقة يمكن أن يحدّد موضعها لكنّ لفّها ما يمكن لا بدّ أن يلفّ.
ما الفرق بين الرخصة والعزيمة؟
السائل : ما الفرق بين الرّخصة والعزيمة؟
الشيخ : أي نعم، الفرق بين الرّخصة والعزيمة :
أنّ الرّخصة للتّسهيل، والعزيمة الإلزام، مثل قول أمّ عطيّة: ( نهينا عن اتّباع الجنائز لكن لم يعزم علينا ) يعني: ما فيه إلزام.
قول الصحابي: من السنة كذا ، أمرنا ، كنا نفعل هل كلها في مرتبة واحدة؟
السائل : أحسن الله إليك، قول الصّحابيّ : من السّنّة كذا، أو كنّا نرى كذا أو يعني ؟
الشيخ : كنّا نفعل كذا.
السائل : نعم؟
الشيخ : كنّا نفعل كذا.
السائل : كنّا نفعل كذا، فهل هذه كلّها في درجة واحدة أو بعضها أقوى من بعض؟
الشيخ : والله قد يكون بعضها أقوى من بعض، لأنّ: من السّنّة أقوى من قوله: كنّا نفعل ، لأنّ قوله من السّنّة جزم بأنّها من سنّة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وكنّا نفعل ولم يكن الرّسول اطّلع ، أمّا إن ذكر أنّ الرّسول اطّلع فهو مرفوع صريحا فهذا أقلّ.
رجل بعد المسح على الجبيرة سقطت قبل الصلاة فما العمل؟
السائل : شيخ أحسن الله إليك بعد أن مسح على الجبيرة قبل أن يصلّي سقطت.
الشيخ : سقطت؟
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : ماذا عليه؟
الشيخ : سمعتم سؤاله؟
يقول: مسح على الجبيرة ثمّ سقطت قبل أن يصلّي ماذا عليه؟
الطالب : يصلي.
الشيخ : ليس عليه شيء، الصّحيح أنّه ليس عليه شيء، كالخفّ إذا نزعه.
هل يكون المسح على الجبيرة جميعها؟
الشيخ : نعم.
السائل : هل يلزمه أن يعمّ؟
الشيخ : أي نعم، هذه أيضا من الفروق بين الجبيرة والخفّ، الخفّ رخصة وتسهيل فيكون محلّ المسح أعلى الخفّ.
والجبيرة عزيمة فيكون المسح على الجميع، وهذا ظاهر حديث عليّ إن صحّ : ( على الجبائر ) يعني عليها جميعها.
متى يتيمم الذي به جرح في عضو هل قبل الوضوء أو بعد الوضوء؟
السائل : إذا تيمّم على موضع الجرح ؟
الشيخ : إيش؟
السائل : إذا تيمّم على موضع الجرح الذي لم ... متى يتيمم ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : متى يتيمّم عند وصوله إلى العضو أو آخر الوضوء؟
الشيخ : ما ذكرنا هذا؟
الطالب : ذكرناه.
الشيخ : ذكرناه، وبيّنّا أنّ القول الرّاجح أنّه ما يلزم التّرتيب.
لو قال قائل كيف تقيسون المسح على الجبيرة على المسح على الخف ثم تقولون بينهما فروق؟
السائل : شيخ أحسن الله إليكم بالنّسبة للجبيرة قلنا أن المسح عليها مقاس على مسح الخفّ، لو قال قائل: كيف تقيسون عليها ثمّ تذكرون الفروق التي ذكرناها قبل قليل؟
الشيخ : أي نعم، نحن ما قلنا المشابهة من كلّ وجه، أشرنا إلى هذا، أقرب شيء تلحق به هي مسألة الخفّ، وإلاّ ما هي مساوية له ، لا شكّ بينهما فروق.
لكن ماذا نعمل ، لأننا إذا قلنا إنّها ساتر ومباح أذن فيه الشّارع أشبه الخفّ، لكنّه يفرّق بينهما من حيث إنّها عزيمة، وأنّها في الحدث الأكبر والأصغر، وأنّ المسح على جميعها، ولا يتوقّـت، ولا يشترط أن يكون على طهارة.
من مسح على الجبيرة في غسل الجنابة ثم لما برىء هل يجب عليه الاغتسال من جديد؟
السائل : الآن موضع جرح.
الشيخ : نعم.
السائل : ثمّ أصابته جنابة.
الشيخ : نعم.
السائل : وبعد أن يبرأ الجرح هذا هل يجب عليه الاغتسال؟
الشيخ : أي، لا ما يجب عليه، ما يجب عليه الاغتسال لأنّ العبرة بالأكثر، هذا يعتبر التّيمّم موضعي.
ماذا نقول لمن أفطر ولم يغادر البيوت فلما قيل له قال السنة واستدل بحديث أنس؟
السائل : شيخ بارك الله فيك، حديث أنس لما أراد أن ، فأفطر قبل أن يغادر البلاد.
الشيخ : نعم.
السائل : فقيل له في ذلك، فقال من السّنّة.
الشيخ : نعم.
السائل : هل له حكم المرفوع ؟
الشيخ : أي نعم، لأنّه رضي الله عنه تأوّل، لأنّه تأوّل قوله: (( على سفر )) أنّ الذي يتأهّب للسّفر وربط أمتاعه وأناخ بعيره أنّه على سفر، مثل ما يلقاك صاحبك وأنت ستمشي، تقول: والله أنا على سفر ماشي، لكنّ الصّحيح أنّه لا يجوز الفطر حتّى يدخل في السّفر.
هل يشترط في الجبيرة أن تكون طاهرة؟
الشيخ : ما ذكرنا هذا؟
السائل : ذكرنا أنّ .
الشيخ : يا عبد الرّحمن!
السائل : ذكرنا إذا كان حريرا أو كذا فهذا يجوز .
الشيخ : لا.
السائل : ...
الشيخ : أنت تقصد بطاهر نفس العصابة؟
السائل : أي نعم.
الشيخ : وإلاّ أنّ الإنسان متطهّر.
السائل : لا، أقصد نفس العصابة.
الشيخ : أي نعم، لا بدّ أن تكون طاهرة، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لما أتاه جبريل وقال له: ( إنّ في نعليك قذرا ) خلعهما أو لا؟
الطالب : خلعهما.
الشيخ : خلعهما، لا بدّ أن تكون طاهرة، لكن قل لي: لو أنّه جبر عظم الإنسان بعظم نجس مثل أن يجبر بعظم كلب، يعني: مثلا العظم سقط منه شيئا ووضعنا بدله عظم كلب، وعظم الكلب نجس، ماذا يصنع؟
نقول: إن غطّاه اللّحم ما يحتاج شيء يغسل الجلد وانتهى، وإلاّ يجب إزالته إلاّ إذا كان عليه ضرر، فهمت؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم .
هل يحصل أن يؤخذ من غير عظم الإنسان ويلصق به ويجبر؟
السائل : شيخ هل العظم يوضع فوق اليد، فوق مكان الكسر لكي يشد وإلاّ يؤخذ شيء منه؟
الشيخ : لا، يؤخذ شيء منه ويوضع في مكان الكسر، والكسر هنا ليس الإنكسار فقط، يسقط منه شيء من العظم.
السائل : هذا يحصل يا شيخ؟
الشيخ : يحصل.
من انكسرت قدمه ووضع عليها جبيرة فهل له أن يضع عليها خفا ويمسح؟
الشيخ : نعم، يقول انكسرت رجله ووضع عليها جبيرة فهل له أن يضع عليها خفّا ويمسح؟
نعم لكن في الغالب ما لها فائدة، إنّما يجوز ما فيه إشكال.
لو لبس خفا واحدا هل له أن يمسح عليه؟
الشيخ : إيش؟
السائل : لو لبس خفّا واحدا على رجله هل له أن يمسح عليه؟
الشيخ : لا، على الخفّين كليهما، قصدي على الرجلين كلاهما، لكن واحدة مكسورة والأخرى غير مكسورة، واحدة مجبّرة والأخرى غير مجبّرة.
الأطراف الصناعية هل تأخذ حكم الخف فيمسح عليها أو لا حكم لها؟
السائل : شيخ الأطراف الصّناعيّة، الأطراف الصّناعيّة يعني يد صناعيّة أو رجل صناعية، هل تأخذ حكم الخفّ يمسح عليها أو لا حكم لها مطلقا؟
الشيخ : هي من فوق الفرض أو من تحته؟
السائل : لا من فوق، يعني تكون ذراعا أو تكون
الشيخ : هاه؟
السائل : تكون ذراعا أو تكون ساقا.
الشيخ : نعم، ما يلزمه شيء.
السائل : إزالة النّجاسة منها تكون أثناء الوضوء أو؟
الشيخ : إزالة النّجاسة من هذه؟
السائل : لا شكّ أنّه يمشي بها وما يدري هل يطأ بها نجاسة أو لا.
الشيخ : ما عليه شيء، حتّى يتيقّن أنّه وطأ نجاسة، فإذا تيقّن يلزمه أن يطهّرها.
هل يصح أن يقال بعض اللحوم والعظام لا حياة فيها فلا تلحقها النجاسة؟
السائل : أحسن الله إليك يا شيخ، بالنّسبة للعظم ، لا حياة فيه فما حكم نجاسته ؟
الشيخ : إيش؟
السائل : بعض اللّحوم والعظام لا حياة فيها فلا تلحقها النّجاسة.
الشيخ : نعم.
السائل : هل القول صحيح يا شيخ؟
الشيخ : ليس صحيحا، القصد أو المعنى أنّنا لا نرى أنّه صحيح وإلاّ قد قيل به، قد قيل إنّ العظم مثل الظّفر، ولكن ما هو صحيح هذا، الآن العظم يحسّ الإنسان به، لو أنّ أحدا برد سنّه أحسّ بالألم لكن لو قصّ ظفره؟
السائل : ما يحسّ.
الشيخ : ما يحسّ.
مراجعة ومناقشة تحت باب التيمم
التّيمّم من خصائص هذه الأمّة، الدّليل يا محمود؟
الطالب : ( وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ).
الشيخ : الدّليل؟
الطالب : حديث جابر رضي الله عنه.
الشيخ : نعم.
الطالب : ( نصرت بالرّعب مسيرة شهر ) .
الشيخ : هذا يقوله جابر؟
الطالب : نعم جابر.
الشيخ : يقوله جابر؟ من يقوله؟
الطالب : رواه جابر.
الشيخ : من يقوله؟ عمّن؟
الطالب : عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
الشيخ : طيب قل هكذا، الدّليل قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، هاه؟
الطالب : ( نصرت بالرّعب مسيرة شهر ).
طالب آخر : وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ( وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيّما رجل أدركته الصّلاة فليصلّ ).
الشيخ : نعم؟
الطالب : الدّليل: ( أعطيت خمسا لم يعطهنّ أحد من الأنبياء قبلي ).
الشيخ : أحسنت، وذكر فيه؟
الطالب : وذكر فيه : ( وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيّما رجل أدركته الصّلاة فليصلّ ).
الشيخ : أحسنت.
هل في الحديث ما يدلّ على أنّ التّيمّم رافع للحدث، سامح؟
الطالب : في قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( مسجدا وطهورا ).
الشيخ : ( وطهورا ) وجه الدّلالة؟
الطالب : أنّ الطّهور هو الذي يتطهّر به.
الشيخ : الطّهور هو ما يتطهّر به، تمام.
هل في القرآن شاهد لهذا؟
الطالب : قوله تعالى بعد أن ذكر التّيمّم (( ما يريد الله أن يجعل عليكم من حرج ولكن يريد أن يطهّركم )).
الشيخ : أحسنت طيب، رجل تيمّم لصلاة الفجر وأدركته صلاة الظّهر فهل يصلّي بتيمّم أو بدونه؟
الطالب : ...
الشيخ : تيمّم لصلاة الفجر، أدركته صلاة الظهر!
الطالب : إذا ما وجد الماء !
الشيخ : ما وجد الماء هو في مفازة يصلّي الظّهر؟ نعم؟
الطالب : إذا لم يحدث ، وكان على ما مضى !
الشيخ : أي ما أحدث.
الطالب : فعليه!
الشيخ : كمّل؟
الطالب : يصلّي.
الشيخ : يصلّي؟ إيش الدّليل؟
الطالب : قال : ( مسجدا وطهورا )
الشيخ : وإذا كان التّراب طهورا بقي الإنسان على طهارته به حتى ينتقض وضوؤه تمام.
طيب هذا الحكم فيه خلاف أو لا؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : ما هو؟
الطالب : أن الطهارة مبيحة للوقت .
الشيخ : إيش؟
الطالب : أن التيمم يبطل بخروج الوقت !
الشيخ : فيه قول: أنّه إذا خرج وقت الصّلاة التي تيمّم لها بطل تيمّمه ما دليلهم؟
الطالب : على أنّ التّيمّم مبيح لا رافع.
الشيخ : نعم؟
الطالب : التّيمّم مبيح لا رافع.
الشيخ : هذا تعليل، نعم؟
الطالب : حديث ابن عباس.
الشيخ : حديث ابن عبّاس ما هو؟
الطالب : أن الرجل لا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة.
الشيخ : أن لا يصلّي الرّجل بالتّيمّم إلاّ صلاة واحدة.
طيب بماذا تردّ هذا الدّليل لأنّه أثر عن ابن عبّاس؟
الطالب : ضعيف.
الشيخ : هاه؟
الطالب : ورد أنّه أثر ضعيف.
الشيخ : نردّه بأنّه ضعيف؟ هاه؟
نردّه بأنّه ضعيف طيب، والضّعيف لا يحتجّ به،، طيب، رجل تيمّم لفقد الماء وصلّى ثمّ وجد الماء؟ قل يا أخي؟
الطالب : إذا وجد الماء ينقسم إلى ثلاثة أقسام.
الشيخ : نعم.
الطالب : إذا كان في أثناء الصّلاة فيجب عليه قطع الصّلاة والوضوء من الماء، وإذا كان بعد خروج الوقت فإنّه لا شيء عليه، وإذا كان بعد الصّلاة وفي أثناء الوقت فيه خلاف والصّحيح أنّه لا شيء عليه.
الشيخ : أحسنت، الصحيح أنه لا شيء عليه لأنّه لا يجب عليه؟
الطالب : فعل العبادة مرّتين.
الشيخ : أن يصلّي مرّتين.
الطالب : أي نعم.
الشيخ : وهذا قد أتمّ الصّلاة الأولى فبمقتضى الشّريعة فلا يمكن أن نلزمه بالإعادة، بارك الله فيك.
هل في هذا دليل؟ محمّد نور لهذا دليل؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ما هو؟
الطالب : ...
الشيخ : أنّ الرّسول بعث رجلين في سفر ، نعم .
الطالب : ثمّ تيمّما.
الشيخ : حضرت الصّلاة فتيمّما وصلّيا.
الطالب : نعم. ثمّ جاء الماء فقام أحدهما .
الشيخ : ثمّ وجد الماء في الوقت.
الطالب : نعم، فأعاد أحدهما الصّلاة والوضوء، والآخر لم يعد، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم للذي أعاد: ( لك الأجر مرّتين، وأمّا الذي ما أعاد قال أصبت السّنّة ).
الشيخ : طيب ماذا يدلّ هذا الحديث على أنّ الأصل الإعادة أو عدمها؟
الطالب : لا إعادة.
الشيخ : عدم الإعادة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : وكيف يقول لك الأجر مرّتين؟ كلّنا يحبّ أن يؤجر مرّتين.
الطالب : أصبت السّنّة، موافقة السّنّة.
الشيخ : نعم.
الطالب : أولى من الاجتهاد، لأنّ هذا الذي أعاد مجتهد.
الشيخ : أولى من الاجتهاد.
الطالب : نعم، وهذا مجتهد.
الشيخ : تمام، يعني هذا أجر لأنّه مجتهد لكن السّنّة أفضل. نظيره لو أطال في سنّة الفجر وأكثر من القراءة والدّعاء نقول: بناء على أنه ظنّ أن ذلك هو الأفضل يثاب على عمله لكن إصابة السّنّة أولى، نعم.
المسح على الجبيرة هل يتوقت كالمسح على الخفّين أو لا؟
الطالب : يعني ؟
الشيخ : يعني يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيّام للمسافر؟
الطالب : ما يقاس.
الشيخ : ما يوقت، إلى متى؟
الطالب : إلى أن يبرأ هذا الجرح.
الشيخ : إلى أن يجبر هذا الكسر فيزيل الجبائر، إي، علّل؟
الطالب : لأن
الشيخ : قلنا علّل لأنّ حديث جابر ضعيف.
الطالب : كيف؟
الشيخ : أقول : قلت : علّل لأنّ الأحاديث في هذا ضعيفة فنرجع للتّعليل، لأنّها طهارة إيش؟ ضرورة أو رخصة؟
الطالب : ضرورة.
الشيخ : طيب لأنّها طهارة ضرورة فتتقيّد؟
الطالب : بالكسر هذا.
الشيخ : فتتقيّد بقدر الضّرورة بارك الله فيك جيد.
هل تمسح الجبيرة في الحدث الأكبر؟
الطالب : نعم.
الشيخ : تمسح؟ لماذا؟
الطالب : لقوله تعالى: (( فاتّقوا الله ما استطعتم )).
الشيخ : هاه؟
الطالب : لقوله تعالى: (( فاتّقوا الله ما استطعتم )) .
الشيخ : لعموم الأدلّة الدّالّة على أنّه لا يوجب على الإنسان إلاّ ما استطاع، أي نعم، أما حديث صاحب السّريّة ضعيف وإلاّ لكان فيه دليل واضح، الحيض نأخذه الآن؟
يقول: " باب الحيض " فعرّفه لنا يا محمّد؟
الطالب : نعم الحيض مأخوذ من حاض الوادي إذا سال.
الشيخ : نعم.
الطالب : وهو دم طبيعة يعتاد المرأة من الرحم .
الشيخ : إذا بلغت، طيب هل هو كما يقال: إنّه من عقوبات بني إسرائيل أنّهم عوقبوا بحيض نسائهم أو هو دم طبيعة وجبلّة؟
الطالب : لا، الثاني.
الشيخ : الثاني.
الطالب : لحديث عائشة.
الشيخ : بدليل حديث عائشة.
الطالب : لما حاضت قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنه شيء كتبه الله على بنات آدم ) .
الشيخ : أحسنت، كتبه الله كتابة شرعيّة وإلاّ قدريّة؟
الطالب : قدريّة.
الشيخ : كتابة قدريّة نعم، المتن؟
لا أنت تعلّق عليه.
بسم الله الرّحمن الرّحيم:
الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين:
المؤلّف -رحمه الله- كغيره من أهل العلم ذكروا باب الحيض في آخر كتاب الطّهارة، لكن ما هو الحيض؟
الطالب : الحيض في اللّغة بمعنى: سال.
الشيخ : السّيل، سيل الشّيء، نعم.
الطالب : ومنه قولهم: حاض الوادي بمعنى سال.
الشيخ : نعم.
الطالب : وفي الاصطلاح: دم فطرة وجبلّة .
الشيخ : في الاصطلاح والشّرع.
الطالب : نعم وفي الشّرع.
الشيخ : نعم، دم؟
الطالب : طبيعة وجبلّة.
الشيخ : نعم.
الطالب : يخرج من قاع الرّحم.
الشيخ : نعم.
الطالب : فيه فائدة وهي تغذية المولود.
الشيخ : متى يكون؟
الطالب : بعد البلوغ.
الشيخ : عند بلوغ المرأة لأنّه هو يحصل به البلوغ.
طيب ذكر العلماء حكمة في خلق هذا؟ سامح؟
الطالب : الحكمة في ذلك أنّ المولود يتغذّى به.
الشيخ : المولود؟! المولود يتغذى باللبن.
الطالب : الجنين.
الشيخ : الجنين، يتغذّى به، وذكروا علامة لهذا: قالوا لأنّ الحامل إذا حملت لا تحيض، نعم طيب.
هل الحيض حادث لبنات آدم أو قديم؟
الطالب : دم الحيض قديم.
الشيخ : كيف؟
الطالب : قديم.
الشيخ : قديم، ما هو الدّليل؟
الطالب : الدّليل قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعائشة: ( هذا أمر كتبه الله على بنات آدم ).
الشيخ : هذا أمر أو شيء؟
الطالب : ( هذا شيء كتبه الله تعالى على بنات آدم ).
الشيخ : على بنات آدم أحسنت.
طيب هل للحيض سنّ معيّن في ابتدائه وانتهائه، وهذا لم نتكلّم عليه:
هذه المسألة اختلف فيها العلماء رحمهم الله فمنهم من قال: إنّ الحيض له سنّ معيّنة ابتداء وانتهاء.
ولكن الصّواب أنّه ليس له سنّ معيّن، لأنّ النّساء تختلف، فقالوا: ابتداؤه إذا تمّ للأنثى تسع سنوات، وما قبل التّسع فليس بحيض، وانتهاؤه إذا تمّ لها خمسون سنة، فما بعد الخمسين فليس بحيض، حتّى لو أنّ الدّم استمرّ معها بعد الخمسين على وتيرة واحدة وباللّون والرّائحة وكلّ طبيعة الحيض، فإنه لا يكون حيضاً فتجب عليها الصّلاة والصّيام ولا تنتهي به العدّة، والصّحيح أنّه لا حدّ لذلك لا ابتداءً ولا انتهاءً، لأنّ الله سبحانه وتعالى قال: (( يسألونك عن المحيض قل هو أذى )) وأطلق، وكذلك السّنّة جاءت بذلك مطلقا، وأيّ شيء يأتي في القرآن والسّنّة مطلقا فإنّ تحديده تحكّم يحتاج إلى دليل في هذا وفي غيره، كلّ من حدّد شيئا مطلقا في الكتاب والسّنّة فإنّه يحتاج إلى دليل، وهذا له أمثلة منها: الحيض، ومنها الماء هل ينجس أو لا ينجس إذا بلغ قلّتين أو لا، ومنها السّفر هل له مدّة معيّنة، هل له مسافة معيّنة، وغير ذلك كثير.
البحث الثاني: هل له مدّة معيّنة في أقلّه وأكثره ؟
في هذا خلاف أيضا، فمن العلماء من قال: له مدّة في أقلّه وأكثره، أقلّه: يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوما.
وقال بعض العلماء: إنّه لا حدّ لذلك، لأنّ النّصوص الواردة في الحيض مطلقة لم تحدّد زمنا معيّنا، ولا شكّ أنّ هذا القول أصحّ وأريح للنّساء، لأنّ القائلين بتحديد المدّة يتعبون النّساء، يقولون: لا بدّ أن يتكرّر ثلاث مرّات من غير أن يختلف، فإن اختلف فما تكرّر ثلاثا فهو حيض وما زاد فليس بحيض حتى يتكرّر ثلاثا، ولهم في ذلك تفاصيل، حتى إنّ بعض العلماء جعل باب الحيض مئة وخمسين صفحة لكثرة التّفاريع التي ليس عليها سلطان.
فالصّواب أنّ الحيض دم معروف، متى وجد ثبت حكمه، ومتى انتفى انتفى حكمه.
لكن إذا طرأت عليه الزّيادة على خمسة عشر يوماً ، فهنا ينبغي أن نقول ما زاد عن خمسة عشر يوما فإنّه استحاضة لأنّه استوعب أكثر الزّمن فيكون استحاضة ترجع بعد ذلك إلى عادتها.
أما لو كان من أوّل الأمر يأتيها الحيض لمدّة سبعة عشر يوما فكلّه واحد إذا استمرّ، كذلك إذا علمنا أنّ الزّائد على خمسة عشر كان نتيجة لتأخّر الحيض، لأنّ بعض النّساء كما حدّثتكم بذلك يتوقّف عن الحيض لمدّة ثلاثة أشهر أو أربعة ثمّ يأتيها الحيض شهرا كاملا ، هذه نقول : كلّ شهرها حيض، لأنّنا نظرنا إلى القرينة فوجدناها تدلّ على أنّ الحيض بقي في الرّحم وانحبس ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر ثمّ خرج مرّة واحدة.
تابع لشرح حديث ( أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ...).
ذكر المؤلّف -رحمه الله- حديث عائشة : ( أنّ فاطمة بنت أبي حُبيش رضي الله عنها كانت تستحاض ) وهذا شرحناه أوّلا.
وقلنا إنّ العلماء رحمهم الله اختلفوا في حكمه :
فمنهم من قال: إنّ هذا الحديث في المبتدأة، إيش المعنى المبتدأة؟
يعني التي أتاها الحيض أوّل مرّة واستمرّ معها، فهذه ترجع إلى التّمييز يعني تمييز الدّم هل يختلف أو لا يختلف ، فإذا كان بعض دمها يتميّز عن الآخر فما كان له صفات الحيض فهو حيض، وما لم يكن له صفات الحيض فليس بحيض، فما هي العلامات؟ ذكرناها فيما سبق، نعم؟
الطالب : الحيض أسود اللوّن.
الشيخ : الحيض أسود.
الطالب : منتن الرائحة.
الشيخ : منتن الرّائحة.
الطالب : ثخين.
الشيخ : ثخين.
الطالب : لا يتجمد.
الشيخ : نعم، ولا يتجمّد كما ذكره بعض العلماء المعاصرين، طيب فهذه نقول ترجع إلى التّمييز ، لكن لو كان التّمييز يزيد على خمسة عشر يوما وينقص، يزيد وينقص، حينئذ يكون ما زاد عن خمسة عشر يوما حكمه حكم الاستحاضة ، كما لو لم تكن مستحاضة أصلا.
وهذا الذي ذكرته في أنّ هذه المرأة فاطمة كانت مبتدأة، وأنّ المبتدأة تعمل بالتّمييز هو مذهب الإمام أحمد -رحمه الله-، وعنه رواية أخرى: أنّها تعمل بالتّمييز حتى ولو كانت معتادة، يعني: فنرجع إلى التّمييز مطلقا.
طيب إذن مذهب الشّافعي ورواية عن أحمد أنّ المستحاضة تعمل بالتّمييز سواء كانت معتادة أو غير معتادة، يعني سواء سبق لها الحيض المعتاد أو لا، وعلّلوا ذلك بأنّ هذا الحديث مطلق ما فيه أنّ فاطمة كانت معتادة أو غير معتادة، وعلّلوا أيضا بأنّه لعلّها اختلفت عادتها لما استُحيضت، يعني قد تكون عادتها ستّة أيّام أو سبعة في أوّل الشّهر، ولما استحيضت صار الدّم المتميّز خمسة أيّام في وسط الشّهر فتغيّر في العدد وتغيّر في المكان، فقالوا: ربّما يكون تغيّر بسبب الاستحاضة.
ويظهر أثر الخلاف في امرأة معتادة تحيض ستّة أيّام أوّل كلّ شهر هذه عادتها ثمّ طرأت عليها الاستحاضة، وكان لها تمييز خمسة أيّام في آخر الشّهر، فهنا تعارض عندنا إيش؟
عادة وتمييز، فمن العلماء من قال: نقدّم التّمييز وهو رواية عن الإمام أحمد ومذهب الشّافعي.
ومنهم من قال: نقدّم العادة لما سيأتي إن شاء الله من الأحاديث:
أمّا الأوّلون فعلّلوا ذلك بأنّه ربّما يختلف محلّ الحيض بسبب الاستحاضة، ربّما يكون الحيض فيما سبق في أوّل الشّهر والآن تأخّر إلى آخر الشّهر لوجود هذا المرض وهو الاستحاضة.
وأمّا الذين قالوا: تغلّب العادة ، فقالوا: إنّ هذا هو مقتضى الحديث الآتي إن شاء الله، وقالوا: إنّ هذا أضبط وأريح للمرأة، أن يقال: اجلسي عادتك وما زاد على ذلك فهو استحاضة سواء كان أسود أو غير أسود، ولا شكّ أنّ هذا أريح للمعتادة، أما المبتدأة فنعم التّمييز لا بدّ من العمل به.
" وفي حديث أسماء بنت عميس رضي الله عنها عند أبي داود : ( ولتجلس في مركن ) " :
يقول: هو الإجّانة التي تغسل فيها الثّياب، كأنّها والله أعلم الطّشت الكبير.
( فإن رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظّهر والعصر غسلا واحدا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحدا، وتغتسل للفجر غسلا واحدا، وتتوضّأ فيما بين ذلك ) يعني: بذلك المستحاضة.
إذا استحيضت تجلس في مركن يعني: طشت كبير واسع، فإذا رأت أثر الدّم في هذا، الصّفرة فوق الماء فهذا تكون مستحاضة فتغتسل ثلاث مرّات في اليوم واللّيلة: الغسل الأوّل الظّهر والعصر، والثاني في المغرب والعشاء، والثالث في الفجر.
وفي هذا الحديث دليل على أنّ المستحاضة تجمع بين الظّهر والعصر، وبين المغرب والعشاء ولكنّ هذا على سبيل الاستحباب إذا طلبنا منها أن تغتسل، أمّا إذا لم نطلب أن تغتسل فإنّ لها أن تجمع لمشقّة الوضوء ، ولها أن لا تجمع، لكنّنا نأمرها بالجمع إذا أمرناها بالاغتسال.
وعلى هذا فنقول: المستحاضة تؤمر بالاغتسال لكلّ صلاة، وإذا شقّ عليها أن تغتسل للصّلوات الخمس، تغتسل ثلاث مرّات وتجمع بين الظّهر والعصر، وبين المغرب والعشاء.
لكنّ هذا الاغتسال ليس بواجب وإنّما هو سنّة كما سنذكره إن شاء الله ، وحينئذ نقول: إذا لم تغتسل فالأفضل أن تصلّي كلّ صلاة في وقتها، فإن قالت: إنّه يشقّ عليها قلنا لها أن تجمع ولو تطهّرت بالوضوء.
37 - تابع لشرح حديث ( أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ...). أستمع حفظ
وعن حمنة بنت جحش قالت :( كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه ، فقال : إنما هي ركضة من الشيطان ، فتحيضي ستة أيام ، أو سبعة أيام ، ثم اغتسلي ، فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين ، أو ثلاثة وعشرين ، وصومي وصلي ، فإن ذلك يجزئك ، وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء ، فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر ، ثم تغتسلي حين تطهرين ، وتصلين الظهر والعصر جميعا ، ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي . وتغتسلين مع الصبح وتصلين . قال : وهو أعجب الأمرين إلي ). رواه الخمسة إلا النسائي ، وصححه الترمذي وحسنة البخاري .
كثيرة في الكمّ، شديدة في الاندفاع ، يعني معناه تطول مدّتها وهي شديدة أي يخرج منها دم كثير.
" ( فأتيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أستفتيه، فقال: إنما هي ركضة من الشيطان ، فتحيضي ستة أيام ) " إلى آخره :
قولها: ( أستفتيه ) أي : أطلب منه الفتيا، والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مفتي، والله تعالى أيضا مفتي، والفتيا هي الإخبار عن حكم شرعيّ، وحينئذ يكون معنى أستفتيه أي: أطلب منه أن يخبرني عن حكم شرعيّ فيما نزل بها.
وقولها: ( ركضة ) الرّكضة بمعنى: الرّفسة كما قال تعالى: (( اركض برجلك )) يعني ارفس بها.
( من الشّيطان ) يعني: أنّ الشّيطان حصلت منه رفسة في الرّحم فنزل منه الدّم.
( فتحيّضي ستّة أيّام أو سبعة أيّام ثمّ اغتسلي ) : تحيّضي أي: اجلسي للحيض، ستّة أيّام أو سبعة، وأو هنا ليست للتّخيير ولكنّها للتّنويع، لأنّ غالب النّساء يجلسن ستّة أيّام أو سبعة، فتنظر إلى أقاربها هل عادتهنّ سبعة أيام أو ستّة أيّام فتجلس كما هي عادة الأقارب.
( ثمّ اغتسلي ) اغتسلي بعد أن تتحيّض ستّة أيّام أو سبعة وجوبا، لأنّنا حكمنا أنّ هذه السّتّة أو السّبعة حيض.
( ثمّ اغتسلي فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين، أو ثلاثة وعشرين ) :استنقأت يعني: من الحيض وذلك بالاغتسال منه.
( فصلّي أربعة وعشرين يوما أو ثلاثة وعشرين ) إن تحيّضت سبعة أيّام؟
الطالب : ثلاثة وعشرين.
الشيخ : تصلّي ثلاثة وعشرين، وإن تحيّضت ستّا فأربعة وعشرين.
( وصومي وصلي، فإن ذلكِ ) : عندكم بكسر الكاف ولاّ الفتح؟
الطالب : بالفتح.
الشيخ : بالفتح، ( فإنّ ذلكَ يجزئك ) أي: يجزئك، أي: يكفيك في العمل بما يلزمك شرعاً .
( وكذلك فافعلي كلّ شهر ) وقوله : وكذلك افعلي أي: تجلس ستّة أيّام أو سبعة تتحيّض ثمّ بعد ذلك تغتسل وتصلّي.
( كما تحيض النّساء ) قوله: كما تحيض النّساء يعني: لأن الغالب أنّ النّساء يحضن ستّة أيّام أو سبعة .
( فإن قويت على أن تؤخّري الظّهر وتعجلي العصر ثمّ تغتسلي حين تطهرين، وتصليّن الظهر والعصر جميعا، ثم تؤخّرين المغرب وتعجّلين العشاء، ثمّ تغتسلين وتجمعين بين الصّلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الصّبح وتصلّين ) :
قوله عليه الصّلاة والسّلام: ( فإن استطعت ) أي: أن تقومي بهذا العمل وهو الاغتسال ثلاث مرّات للظّهر والعصر والمغرب والعشاء، والثّالث الفجر، وقوله: ( تؤخّري الظّهر وتعجّلي العصر، وتؤخّري المغرب وتعجّلي العشاء ) يعني معناه : تصلّين الظّهر في آخر وقتها، والعصر في أوّل وقتها، هكذا فسّره بعض علماء الحديث ويأتي إن شاء الله الكلام عليه في الفوائد.
قال: ( وتغتسلين مع الصّبح وتصلّين، قال: وهو أعجب الأمرين إليّ ) : أعجب الأمرين: ما هو الأمر الأوّل؟
الأمر الأوّل: أن تغتسل مرّة واحدة، متى؟
عند انتهاء الحيض، وبعد ذلك تتوضّأ لكلّ صلاة، أمّا هذا فأمرها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن تغتسل، لكن للمشقّة تجمع بين الظّهر والعصر وبين المغرب والعشاء، فيكون قوله: ( وهو أعجب الأمرين إليّ ) يعني: أن تجمع وتغتسل، والأمر الثاني ما هو؟
أن تغتسل مرّة واحدة عند انتهاء الأيّام السّتّة أو السّبعة.
" رواه الخمسة إلاّ النّسائي، وصحّحه التّرمذي، وحسّنة البخاري ".
38 - وعن حمنة بنت جحش قالت :( كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه ، فقال : إنما هي ركضة من الشيطان ، فتحيضي ستة أيام ، أو سبعة أيام ، ثم اغتسلي ، فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين ، أو ثلاثة وعشرين ، وصومي وصلي ، فإن ذلك يجزئك ، وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء ، فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر ، ثم تغتسلي حين تطهرين ، وتصلين الظهر والعصر جميعا ، ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي . وتغتسلين مع الصبح وتصلين . قال : وهو أعجب الأمرين إلي ). رواه الخمسة إلا النسائي ، وصححه الترمذي وحسنة البخاري . أستمع حفظ
فوائد حديث ( كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه ...).
أوّلًا: أنّ الاستحاضة تعدّدت في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في النّساء لأنّ الأولى من هي؟
فاطمة بنت أبي حبيش، وهذه حمنة بنت جحش، أخت زينب بنت جحش، وقد ذكر بعض العلماء أنّ اللّاتي استُحضن في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بلغن عشر نسوة، وعدّوهن.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه ينبغي للجاهل أن يستفتي العالم بل يجب عليه، لكن الوجوب لا نأخذه من هذا الحديث إنّما نأخذه من أدلّة أخرى مثل قوله تعالى: (( فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون )).
ومن فوائد هذا الحديث: جواز إطلاق الفتيا في سؤال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، بمعنى: أنّه يصحّ أن نقول: أنّ الرّسول مفتي، وهذا أمر لا إشكال فيه لأنّه إذا جاز في حقّ الرّبّ عزّ وجلّ فجوازه في حقّ الرّسول من باب أولى، أليس الله تعالى يقول: (( ويستفتونك في النّساء قل الله يفتيكم فيهنّ )) ، (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكَلالة )).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الشّيطان قد يسلّط على بني آدم تسليطا حسّيّاً، لأنّ التّسليط المعنويّ واضح يعني: إلقاء الوسوسة في القلب بالوساوس الخبيثة الرّديئة هذا ثابت ولا إشكال فيه، لكن هذا تسليط حسّيّ، لأنّ كون هذا الدّم ركضة من الشّيطان يدلّ على أنّ للشّيطان تسلّطا وهو كذلك، ولذلك إذا ولد المولود فإنّ الشّيطان يضربه في خاصرته، ولذلك يبكي عند الولادة كما جاء في الحديث: ( إذا استهلّ المولود صارخاً ورث ).
وربّما يكون أيضا من تسليط الشّيطان أن يغفل الإنسان حتى يقع في حفرة، أو يضربه حجر أو ما أشبه ذلك، وهذا يقع كثيرا، يكون الإنسان ذكيّا فطنا لكن لا يدري في يوم من الأيّام إلاّ وهو قد صدم جدارًا أو وقع في حفرة أو صدم حجراً غفلة منه، وهذا يمكن من تسلّط الشّيطان يغفله حتّى يوقعه في هذا الضّرر، وقد قال غلام موسى لموسى: (( إنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلاّ الشّيطان أن أذكره )).
ومن فوائد هذا الحديث: رجوع المستحاضة إلى عادة النّساء لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ( كما تفعل النّساء ) ، ولكن متى يكون هذا؟
يكون في المرأة التي ليس لها عادة ولا تمييز، يكون في المستحاضة التي ليس لها عادة ولا تمييز فهذه ترجع إلى إيش؟
إلى عادة النّساء، ولكن من أين تبتدأ من نصف الشّهر، من أوّله، من آخره؟
تبتدأ من أوّل يوم أتاها الدّم فيه، مثلا إذا كان أتاها أوّل مرّة في اليوم العاشر من الشّهر، يكون الشّهر الثاني تجلس من اليوم العاشر ستّة أيّام أو سبعة، وإن أتاها من أوّل يوم من الشّهر جلست من أوّل يوم.
فإن نسيت متى أتاها ؟
تبتدأ من أوّل الشّهر الهلالي، مثلا هي علمت أنّه أتاها الحيض في محرّم واستحيضت من حين أتاها الحيض لا عادة ولا تمييز، ولكنّها تقول: لا أدري هل أتاني في أوّل الشّهر أو وسطه أو آخره تجعله؟
من أوّله، تجعل ذلك من أوّله من باب الاحتياط (( فاتّقوا الله ما استطعتم )).
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الصّوم والصّلاة محرّمان على الحائض، لقوله: ( وصومي وصلّي ) ، وهذا أمر مجمع عليه ، وظاهر هذا الحديث أنّها لا تصوم حتّى تغتسل وتستنقِ، لأنّه قال: ( إذا استنقأت فصلّي فصلّي أربعة وعشرين، أو ثلاثة وعشرين، وصومي وصلّي )، لكنّه باعتبار الصّوم غير مراد، لأنّ الحائض يصحّ منها أن تصوم إذا طهرت من الحيض قبل الاغتسال، كامرأة طهرت قبل الفجر بربع ساعة، ولم تغتسل إلاّ بعد الفجر فهل لها أن تشرع في الصّوم قبل الاغتسال؟
الجواب: نعم، لأنّ شأنها حينئذ كشأن الجنب، والجنب قد صحّ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه كان يصبح صائما وهو جنب من جماع صلوات الله وسلامه عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ عادة النّساء قد تكون ستّة أيّام أو سبعة، وهل المرأة مخيّرة بين هذا وهذا؟
الجواب: لا، لأنّ تخييرها مشكل، لأنّها في اليوم السّابع إمّا أن نقول: إنّ الصّلاة حرام عليها أو نقول: إنّها واجب عليها، وهذا تناقض، إذن كيف نعمل والرّسول يقول هذا أو هذا؟
نقول: أو هنا للتنويع، وعليه فلتنظر إلى عادة نسائها إمّا ستّة أو سبعة وتعمل بذلك.
الطالب : سؤال؟
الشيخ : ما كمّلنا الفوائد.
ومن فوائد هذا الحديث: الرّجوع إلى الغالب، وهل يتناول هذا جميع الأحكام؟
الجواب: نعم، يتناول جميع الأحكام، فمثلا: رجل حلف أن لا يفعل شيئاً، وفعله، ولكنّه شكّ هل هو استثنى في الحلف، وقال: إن شاء الله أو لا، لأنّه إن استثنى فلا حنث عليه، وإن لم يستثن فقد حنث وعليه الكفّارة؟
نقول: انظر إلى الغالب ما غالب أيمانك، هل الغالب أنك إذا حلفت استثنيت، فالحكم للغالب، وأمّا إذا كان الغالب أن لا تستثني أو تردّدت أيّهما أغلب فإنّه تجب عليك الكفّارة لأنّ الأصل عدم الاستثناء.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الغالب في النّساء أن يحضن في كلّ شهر مرّة، لقوله: ( فافعلي كلّ شهر )، وهذا هو الواقع: أنّ الغالب في النّساء أن يحضن كلّ شهر مرّة، ويدلّ لذلك أنّ الله جعل عدّة المطلّقة التي تحيض ثلاث حيض، وعدّة من لا تحيض ثلاثة أشهر، وهذا يدلّ على أنّ الحيض يأتي النّساءَ في كلّ شهر.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ المستحاضة مخيّرة بين أمرين:
إمّا أن تغتسل عند انتهاء الحيض حكماً، متى يكون هذا؟
الطالب : إذا مضى ستّة أيّام أو سبعة.
الشيخ : إذا مضى ستّة أيّام أو سبعة، ثمّ تتوضّأ لكلّ صلاة.
وإمّا أن تغتسل لكلّ صلاة، ولكن فيما إذا طلبنا منها أن تغتسل لكلّ صلاة ينبغي لها أن ترفق بنفسها، وذلك بأن تجمع بين الظّهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، -ما هو ممدينا-.
-لا إله إلاّ الله، اللهمّ ربّ هذه الدّعوة التّامّة والصّلاة القائمة آت محمّدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته- نعم؟
السائل : أحسن الله إليك، ما يكون في أوّل الحيض من نقطة ونقطتين ما جرت به عادة النّساء.