تحت باب الوليمة .
الشيخ : صح هذا شرعي، لكن في مقام الخطبة مثلا أو الكلام الذي ينبغي التوسع فيه هذا اختصار ينبغي أن يوسع، فإن الله ورسوله أمرا بذلك، أو فإن الله ورسوله أمرا بذلك، أو فإن الله أمر بذلك ورسوله ثلاثة أوجه .
الطالب : ...
الشيخ : إي نعم ، قال : ( بئس خطيب القوم أنت ) : قال العلماء لأن هذا الرجل أوجز في مقام يقتضي البسط ، لأن مقام الخطبة ينبغي فيه التوسع إيه نعم ولا هذا الرسول : ( فقد عصى الله ورسوله ).
تتمة شرح حديث : ( إذا دعي أحدكم فليجب ، فإن كان صائماً فليصل ، وإن كان مفطراً فليطعم ) . أخرجه مسلم أيضاً . وله من حديث جابر رضي الله عنه نحوه وقال : ( فإن شاء طعم ، وإن شاء ترك ) .
" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دعي أحدكم فليجب ) " :( إذا دُعي ) ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم ماذا دعي إليه ، وعلى هذا فيكون مطلقاً ، أي : غير مقيد بالدعوة إلى وليمة العرس .
وقوله: ( فليجب ) أي: فليجب الداعي والام هنا للأمر، وسُكِّنت لأن القاعدة : " أن لام الأمر إذا جاءت بعد الفاء والواو وثم فإنها تسكّن ، وفيما عدا ذلك تكسر ، أما لام التعليل فإنها تكسر دائماً حتى لو جاءت بعد الواو وثم والفاء " : قال الله تعالى : (( ليكفروا بما أتيناهم ولِيتمتعوا )) ، ولا يجوز أن تقول: ولْيتمتعوا، لأن اللام في قوله: (( ولِيتمتعوا )) للتعليل لو كانت للأمر لسكّنت، قال الله تعالى: (( فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر )) .
وقال تعالى: (( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم ولْيطوفوا بالبيت العتيق )) وهنا قال فليجب على القاعدة .
( فإن كان صائما فليصل ) : إن كان صائما أي المدعو فليصل أي : فليدعو، وليس المعنى فليصل: الصلاة المعهودة.
فإذا قال قائل: كيف نحملها على الدعاء مع أن الصلاة المطلقة في لسان الشارع تحمل على الصلاة الشرعية ؟
قلنا: لقرينة لفظية ومعنوية :
أما اللفظية فلأن الحديث رواه أبو داود بلفظ : ( فإن كان صائمًا فليدع ) ، بهذا اللفظ ، وهذا مفسّر لقوله: ( فليصل ) ، ولا يحتمل بعد هذا التفسير النبوي أن يكون المراد بها الصلاة الشرعية ، عرفت ؟
طيب فإن قال قائل: هل لهذا نظير أن تأتي الصلاة في النصوص الشرعية بمعنى الدعاء ؟
قلنا: نعم، مثل قوله تعالى: (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم )) : ليس المراد أن تصلي عليهم صلاة الجنازة ، بل المراد أن تدعو لهم ، وقد فعل النبي عليه الصلاة والسلام ذلك فكان إذا أتاه القوم بصدقاتهم قال : ( اللهم صل على آل فلان ) .
طيب إذن ( فليصلي ) يتعين أن المراد فليدع، القرينة اللفظية تفسير هذا اللفظ عند أبي داود.
القرينة المعنوية أنه لا علاقة بين الصلاة الشرعية وبين كون هذا المدعو صائمًا. ثم قد يقول قائل: كيف يؤمر بالصلاة في هذه الحال بحضرة الطعام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة بحضرة طعام ) ؟!
إذن يتعين المراد بالصلاة الدعاء.
( وإن كان مفطرا فليطعم ): إن كان مفطرا فليطعم فليأكل .
نعم وقوله: ( فليطعم ) يشمل الأكل والشرب، نحن قلنا: فليأكل والصواب فليأكل وليشرب، لأن الشرب يسمى طعامًا، قال الله تعالى: (( فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني )).
وقوله: ( فإن كان صائما فليصل وإن كان مفطرا فليطعم ) ظاهره الوجوب ، لكن له من حديث جابر نحوه وقال: ( إن شاء طَعِم وإن شاء ترك ) .
لكن من الذي إن شاء طعم وإن شاء ترك ؟
الصائم ، وإن كان ظاهر كلام المؤلف أنه يريد به المفطر من أجل أن يصرف الأمر في قوله: ( فليطعم ) إلى الاستحباب لا إلى الوجوب.
2 - تتمة شرح حديث : ( إذا دعي أحدكم فليجب ، فإن كان صائماً فليصل ، وإن كان مفطراً فليطعم ) . أخرجه مسلم أيضاً . وله من حديث جابر رضي الله عنه نحوه وقال : ( فإن شاء طعم ، وإن شاء ترك ) . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( إذا دعي أحدكم فليجب ... ) .
أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بإجابة الدعوة حتى وإن كان الإنسان صائما، ثم إذا حضر فإنه إذا كان صائما يدعو، ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم ما يدعو به، فيدعو بالدعاء المناسب: مثل أن يقول:
زادكم الله، أنعم الله عليكم، غفر الله لكم، هنأكم الله المهم الدعاء المناسب، وأمر أن من كان مفطرا أن يطعم ويأكل .
فيستفاد من هذا الحديث:
أولًا: وجوب إجابة الدعوة، من أين تؤخذ ؟
من قوله: ( فليجب )، وظاهر الحديث أنه عام في كل دعوة وبهذا أخذ الظاهرية، وقالوا: إنه يجب على من دعي أن يجيب بالشروط التي أشرنا إليها من قبل.
وجمهور العلماء على أن الإجابة في غير العرس سنة وفي العرس واجبة، ولكن التفريق ليس بظاهر، بل الظاهر وجوب إجابة الدعوة لاسيما إذا كان يترتب على عدم الإجابة مفسدة مثل أن يكون الداعي مِن الأقارب أو من الأصدقاء الذين إذا لم تجبهم فسّروه بتفاسير أخرى، فهنا يتعين الوجوب .
ومن فوائد الحديث: أن الإجابة واجبة حتى للصائم الذي لا يأكل، لقوله: ( فإن كان صائما فليصل، وإن كان مفطرا فليطعم ).
ومن فوائد الحديث: أنه إذا كان صائما فلا يأكل، بل يدعو، ولكن إذا رأى أن في ترك الأكل مفسدة فالأفضل أن يأكل، وإلا فالأفضل أن يبقى على صومه، ولاسيما إذا كان قد قال للداعي: إنه صائم.
ويمكن أن يحضر الإنسان إذا كان صائمًا ويجلس مع الناس ويكون خادما لهم، كيف يكون خادمًا؟
يعني يقرّب لهم الطعام يقطّع لهم اللحم ، إذا كان الطعام حارا يروّح عليه بالمروحة، يضع يده في الطعام ثم يضعها على رأس ركبته، ويتحدث كأن الذي ألهاه عن الأكل الحديث، المهم أن الإنسان يستطيع أمام الناس يعني يخفي صومه .
ومن فوائد الحديث: أن المشروع لمن كان مفطرًا أن يطعم لقوله: ( فليطعم )، وأنه لا ينبغي أن يحضر الناس إلى الدعوة ثم لا يأكلون.
واختلف العلماء في الأمر بالطعم هل هو للوجوب أو لا:
فقال بعضهم: إنه للوجوب لظاهر الأمر، ولأن الرجل إنما صنع الطعام من أجل أن يأكلوا، ولو أنه دعا عشرين نفرا إلى طعام الوليمة ثم قدمها، ثم جلس، فقال لهم: تفضلوا، قالوا: والله ما نحن بآكلين، يا جماعة أنا سويته الآن وقدمته لكم قالوا: ما نأكل نحن أجبنا نعم ويكفي، لعد ذلك نوعا من السفه، وربما إن كان أحمق ربما يضرب كل واحد سوطا ويقول اخرجوا، نعم وش معنى أن يصنع الطعام وما معنى إنه يدعو الناس إليه ؟
ليأكلوا ولهذا قال بعض العلماء: إن الأمر للوجوب لظاهر الحديث ولأن في ترك الأكل مفسدة.
ولو قيل: بأن الأكل فرض كفاية يعني لا فرضُ عين إلا أن يكون ترك الأكل سببا لمفسدة مثل أن يكون بين الداعي وبين تارك الأكل عداوة وقطع صلة فهنا يتعين الأكل.
فإن قال قائل: ألا يصرف الوجوب قوله عليه الصلاة والسلام: ( فإن كان صائما فليصل )، لأنه لو كان الأكل واجبًا لم تعارضه السنة، ها؟
نعم، هذا يدل على أن الأمر ليس للوجوب، لأنه لو كان واجبًا لكان الصائم يجب عليه أن يفطر ليأكل.
لكن لا يمنع أن يكون فرض كفاية، يحصل الفعل من بعضهم .
طيب وقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن كان مفطرا فليطعم ) يظهر من التقسيم هذا أنه يراد بالصوم صوم النفل، لأن الغالب أن صوم الفرض يشترك فيه الناس، كلهم صائمون الفريضة، وإن كان يوجد أمثلة كثيرة وقضايا كثيرة بأن يكون الصوم واجبا على شخص ككفارة مثلا أو قضاء دون الآخرين.
" وله من حديث جابر نحوه وقال : ( فإن شاء طعم وإن شاء ترك ) " :
يعني الصائم إن شاء طعم وإن شاء ترك، ولكن أيهما أفضل؟
ها ينظر للمصلحة، إذا كانت المصلحة في الفطر أفطر وإن كانت المصلحة في البقاء على الصوم بقي على صومه.
ما لم يكن الصوم واجبا فإن كان الصوم واجبا فإنه لا يجوز أن يأكل بل يجب أن يبقى على صومه، لأن القاعدة الشرعية: " أن من شرع في عبادة واجبة وجب عليه إتمامها إلا لعذر شرعي يبيح له قطعها " ، طيب.
وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( طعام الوليمة أول يوم حق ، وطعام يوم الثاني سنة ، وطعام يوم الثالث سمعة ، ومن سمع سمع الله به ) . رواه الترمذي واستغربه . ورجاله رجال الصحيح ، وله شاهد عن أنس عند ابن ماجه .
يعني قال: غريب.
قال المؤلف : " ورجاله رجال الصحيح ، وله شاهد عن أنس عند ابن ماجه " :
نعم هذا الحديث من حيث السند فيه نظر ، وإن كان المؤلف رحمه الله قال: إن رجاله رجال الصحيح .
وقد أشار البخاري في صحيحه إلى ضعفه ، حيث ذكر الإيلام بثلاثة أيام أو سبعة أو نحو ذلك .
لكن على تقدير صحته يكون النبي عليه الصلاة والسلام قد قسّم الوليمة إلى ثلاثة أقسام:
الأول: وليمة حق.
والثاني: وليمة سنة.
والثالث: وليمة سمعة.
أما وليمة الحق فهي التي تكون في أول يوم، وظاهره أن المراد بالحق هنا الوجوب، فيكون دالاً على ما دلّ عليه حديث أنس في قصة مَن؟
عبدالرحمن بن عوف: ( أولم ).
وأما الوليمة في اليوم الثاني سنة وليست بواجبة .
وأما الوليمة في اليوم الثالث سمعةـ، وقد توعد النبي عليه الصلاة والسلام من صنعها سمعة بقوله: ( ومن سمّع سمّع الله به ).
تنبني إجابة هذه الوليمة على حكم إقامة الوليمة ، ففي اليوم الأول تجب الإجابة ، وفي اليوم الثاني تسن الإجابة ، وفي اليوم الثالث تكره أو تحرم الإجابة .
وهذا الحديث أيضًا إذا صح فلعله يُحمل على الحالة الوسطى من حال الناس، لئلا يكلف الإنسان نفسه ما ليس بمشروع، ولأن الغالب أن الذي يفعل ذلك يريد أن يكمل نفسه، فتكون في اليوم الثالث سمعة.
أما الإنسان الغني فإن الغني لا يسمع باليوم الثالث ولا يهمه، قد يولم أربعة أيام أو خمسة أيام ولا يعد ذلك سمعة في حقه، الذي يعد الثالثة سمعة في حقه هو الإنسان الفقير، هو الذي يقال: إنه زاد في هذا من أجل أن يقال: إن فلانا غني مثلا أو ما أشبه ذلك.
وفي الحديث : ( من سمّع سمّع الله به ) وهذه الجملة ثبتت عن النبي عليه الصلاة والسلام ( من سمّع سمّع الله به، ومن رآى رآى الله به ): فيه التحذير من أن يكون الإنسان مسمعًا بعمله أي: يقصد بعمله أن يسمعه الناس من أجل أن يمدحوه، لأن هذا نوع من الرياء .
والرياء إذا شارك العمل قلبه إلى عمل حرام فاسد لا يقبل ، لقوله تعالى في الحديث القدسي: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ).
وقد قسّم العلماء -رحمهم الله- مشاركة الرياء للعبادة إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكون مصاحِبًا للعبادة من أولها، ففي هذا القسم لا تصح العبادة، لأنه ليس فيها شيء خالص لله، هي من أولها رياء، فلا تصح.
والقسم الثاني: أن يطرأ على العبادة، بعد أن بدأ بها خالصة لله طرأ عليه الرياء، فهذا إن دافعه وأعرض عنه فالعبادة صحيحة، لأن هذا بغير اختياره وبغير إرادته، وهو الآن يدافعه كأنما يدافع العدو، فصلاته صحيحة ولا يؤثر ذلك في أجره شيئاً، لأنه مجاهد في هذه الحال.
وإن استمر فيها بإرادته فإنه ينظر: إن كانت العبادة ينبني آخرها على أولها فسدت العبادة كالصلاة، فإذا طرأ عليه الرياء في الركعة الأخيرة ولم يدافعه بل قَبِلَه واستلذَّه فإن الصلاة تبطل، لأنه إذا بطل آخرها بطل أولها.
وإن كانت العبادة لا ينبني آخرها على أولها بل آخرها منفصل عن أولها، فإن ما وقع فيه الرياء لا يصح وما كان خالصا يصح، مثال ذلك:
رجل عنده مئة ريال أعدها للصدقة، فتصدق بخمسين منها بدون رياء، ثم طرأ عليه الرياء في الخمسين الباقية: فهنا تكون الخمسون الأولى صحيحة مقبولة، وتكون الخمسون الثانية: باطلة، لأن المفسد حصل فيها وهي لا تنبني على أولها.
يعني بمعنى أنه يمكن أن يصح الأول دون الآخر والآخر دون الأول.
بقي علينا في القسم الأول: إذا شارك العبادة من أولها :
نحن ذكرنا أنها تبطل ، إلا أنه يستثنى من ذلك ما إذا دافعه وعالج نفسه فإنه لا يضره لأن هذا بغير اختياره ويتعلق بهذا بحث يسأل عنه الناس كثيرا وهي: أن بعض الناس يخشى من الرياء في عباداته، فيأتيه الشيطان ويقول: أنت إذا صليت فقد راءيت، إذا طلبت العلم فقد راءيت، إذا تصدقت فقد راءيت، كثيرا ما يأتي الشيطان للإنسان، فما دواء هذا؟
دواء هذا أن تعرض عن ذلك، وأن تتناساه وكأن شيئا لم يكن لأنك إن انخذلت أمامه لم يبق عليك الشيطان عبادة إلا أفسدها عليك، ولكن استمر وتعوذ من الشيطان وابق على ما أنت عليه ، وفي النهاية سيزول عنك .
4 - وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( طعام الوليمة أول يوم حق ، وطعام يوم الثاني سنة ، وطعام يوم الثالث سمعة ، ومن سمع سمع الله به ) . رواه الترمذي واستغربه . ورجاله رجال الصحيح ، وله شاهد عن أنس عند ابن ماجه . أستمع حفظ
إذا دعى أهل البيت جميعا فقال " إلى فرن وعائلته " فهل هذا تعيين أو تعميم ؟
الشيخ : ما تقولون في ذلك ؟
السائل : لم نسمعه.
الشيخ : إذا دعا أهل البيت جميعًا فقال: إلى فلان وعائلته هل هذا تعيين أو تعميم ؟
السائل : تعيين.
الشيخ : تعيين؟!
إذن يجب عليهم جميعا أن يأتوا، ننظر في هذا .
مناقشة ما سبق .
في الحديث الذي سبق: ( فإن كان صائما فليصل ) ما المراد بالصلاة هنا يا خالد المزيني؟
الطالب : الدعاء.
الشيخ : الدعاء ؟!
كيف يكون المراد بها الدعاء وهي واردة في لسان الشرع، والصلاة في لسان الشارع هي العبادة المعروفة؟!
الطالب : لا قد تأتي بمعنى الدعاء حتى في لسان الشارع، قال الله عز وجل: (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم )).
الشيخ : طيب.
الطالب : وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ زكاة قوم قال: ( اللهم صل عليهم ) .
الشيخ : يعني إذن هذه فسرت؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب والحديث الذي معنا؟
الطالب : والحديث أيضا بمعنى الدعاء.
الشيخ : هل هناك قرينة أو شيء يبين
الطالب : نعم لأنه ما يمكن أن يصلي عليهم.
الشيخ : ما يمكن ؟
الطالب : نعم؟
الشيخ : لا يمكن؟
الطالب : ما يمكن أن يصلي، كيف يصلي؟
الشيخ : لا فليصل ، ما قال : عليهم هنا في الحديث ، قال : ( فليصل ) .
الطالب : إيه نعم.
الشيخ : يعني يصلي ركعتين ويدعو لهم .
الطالب : يصلي ركعتين ويدعو لهم ؟
الشيخ : إيه نعم.
الطالب : ( وإن كان مفطرا فليطعم ) والله الظاهر يا شيخ هو جزما أن المراد هنا الدعاء ما هو الصلاة المعروفة.
الشيخ : ما هو جزمًا لأن العلماء فسروه بهذا وبهذا.
الطالب : والله الراجح إذن يا شيخ الدعاء.
الشيخ : ما الذي رجحه ؟
الطالب : الذي رجحه!
الشيخ : مع أن الأصل في الصلاة في لسان الشارع هي العبادة المعروفة ؟
الطالب : إيه نعم لكن الصلاة لها سبب والدعاء له سبب.
الشيخ : هو وجد السبب لأنه لما دعوه وأكرموه وكان لا يمكن أن يأكل وهو صائم ، صار من حقهم عليه أن يدعو الله لهم ، والدعاء في حال الصلاة أقرب للإجابة !
الطالب : لكن دعاء الصائم يا شيخ أولى !
الشيخ : كيف ؟!
إذا اجتمع سببان لإجابة الدعاء فهي أولى .
الطالب : ولو الصائم له دعوة مستجابة.
الشيخ : نحن نريد شيء دليل يعني واضح، يعني أنت كلما أردت تنقد ردينا عليك؟
الطالب : ما أكثر من أدلة يا شيخ التي ذكرناها .
الشيخ : طيب ، إيه نعم .
الطالب : يا شيخ يوجد قرينتان : قرينة لفظية وقرينة معنوية.
الشيخ : نعم .
الطالب : القرينة اللفظية: ورد عند أبي داود لفظ : فليدع .
الشيخ : نعم.
الطالب : فهو مفسر : ( فليصل ).
الشيخ : أحسنت.
الطالب : والقرينة المعنوية أن نقول: لا دخل للصلاة في الوليمة ، الصلاة الشرعية فتحمل على الدعاء .
الشيخ : إيه لا علاقة بين هذا وهذا طيب .
الطالب : ورد حديث: ( لا صلاة بحضرة طعام ) .
الشيخ : إي .
الطالب : كيف يصلي والطعام موجود ؟!
الشيخ : إي هذه أيضا قرينة معنوية ، أنه نهي عن الصلاة بحضرة الطعام .
طيب إذن فهناك قرينة ، وإلا فالأصل قاعدة شرعية أصولية فقهية : " أن الأصل حمل اللفظ على معناه في لسان المتكلم به " ، عرفت ؟
فيحمل الكلام من أهل اللغة على المعنى اللغوي ، ومن أهل الشرع على المعنى الشرعي ، ومن أهل العرف على المعنى العرفي ، عرفتم هذا ، ولهذا لو أن شخصا الآن أوصى لشخص بشاة قال : إذا مت فأعطوا فلانا شاة ماهي الشاة في لسان العرف ؟
الأنثى من الضأن، وهي في اللغة أوسع من هذا: الواحدة من الضأن أو المعز ذكر أو أنثى يسمى شاة، تمام، وهي كذلك أيضًا في لسان الشارع قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( في الغنم في سائمتها في أربعين شاةً شاةٌ ) : يشمل هنا الضأن والمعز والذكر والأنثى.
طيب حديث ابن مسعود رضي الله عنه، الترمذي استغربه، والمؤلف قال: رجاله رجال الصحيح كيف نجمع بين الكلامين ؟
الطالب : بكلام ابن حجر رحمه الله تبين رد قول الترمذي بأنه استغربه ، فقال : غريب.
الشيخ : كيف نجمع بينهم؟
الطالب : الغريب هو ما انفرد به.
الشيخ : إي نعم، لكن كون الترمذي يقول: غريب هذا يعتبر لمزا في الحديث أو غمزا فيه، نعم فكيف نجمع بينه وبين كلام ابن حجر ؟
الطالب : من الممكن أن يكون الحديث غريبًا ورجاله رجال الصحيح .
الشيخ : نعم سامي؟
الطالب : قد يكون قول الترمذي شيخ فيه انقطاع، ورجاله رجال الصحيح.
الشيخ : كيف ؟
الطالب : إذا قصد الترمذي أن يكون فيه انقطاع أثناء السند ، وابن حجر يقول: رجاله رجال الصحيح، الرجال ثقات لكنه يكون غير متصل يا شيخ، لا يمنع كون الحديث غريباً أن يكون رجاله رجال الصحيح، حيث ورد أيضا حديث : ( إنما الأعمال بالنيات ) غريب ، وأن الغريب ما انفرد به من طريق الواحد أو انفرد مثنى أيضًا .
الشيخ : إي طيب على كل حال الواقع، أحمد آخر واحد ؟
الطالب : قول الترمذي: غريب بمعنى أنه استغرب متنه لا إسناده، لمخالفة الأحاديث الأخرى .
الشيخ : على كل حال نحن ذكرنا أن هذا يشبه التناقض: أن يقول: غريب، أن ينقل استغراب الترمذي له ثم يقول: رجاله رجال الصحيح، ولكننا نجيب عنه بمثل ما أجبتم به:
أنه لا يلزم من كون الحديث غريبا أن يكون ضعيفا أو رجاله ضعفاء، فها هو حديث ابن عمر حديث عمر بن الخطاب: ( إنما الأعمال بالنيات ) غريب في أول السند ومع ذلك هو من أصح الأحاديث.
لكن الحديث متنه فيه شيء من النكارة والشذوذ، ولهذا ترجم البخاري رحمه الله في صحيحه بما ينافي هذا وقال : -إن يعني معنى كلامه- أن الوليمة على حسب حال الإنسان وعلى حسب من يتعلق، به قد يولم الإنسان بيومين وثلاثة وأربعة وحسب قوته وقدرته وحسب من يتعلق به من الناس، قد يكون رجلا له شأن كبير في الأمة، سيدعو أناسا كثيرين، لا يكفيهم اليوم ولا اليومان ولا الثلاثة ، نعم ؟
الطالب : ...
الشيخ : شلون ؟
الطالب : يقول : قال المصنف : "رواه الترمذي واستغربه ورجاله رجال الصحيح".
الشيخ : نعم اقرأ الذي قبله .
الطالب : " رواه الترمذي واستغربه، وقال: لا نعرفه إلا من حديث زياد بن عبد الله البكائي، وهو كثير الغرائب والمناكير ، قال المصنف كالراد على الترمذي ما لفظه : ورجاله رجال الصحيح " .
الشيخ : إي نعم هو كذلك كالراد عليهم لأن رجاله رجال الصحيح تعطي الحديث قوة ، واستغرابه تعطي الحديث ضعفا نعم .
الطالب : ... رجاله رجال الصحيح ، لكن يوجد فيه رجل منهم يقول عنه ضعيف !
الشيخ : نعم.
الطالب : ألا يوجد تناقض : يقول رجاله رجال الصحيح وفيهم ضعيف؟
الشيخ : يقول : عندنا قول البغوي : " لا أعلم لزهير بن عثمان غير هذا الحديث وذكر البخاري في باب إجابة الوليمة والدعوة ومن أولم السبعة أيام ولم يؤقت النبي صلى الله عليه وسلم يوما ولا يومين " .
الطالب : ...
الشيخ : ها؟
الطالب : رد عليه.
الشيخ : من؟
الطالب : الشوكاني.
الشيخ : رد على من؟
الطالب : على ابن حجر، يقول: " إلا أنه قال المصنف: إن زيادا مختلف فيه، وشيخه عطاء بن السائب اختلط، وسماعه منه بعد اختلاطه انتهى. قلت: وحينئذ فلا يصح قوله إن رجاله رجال الصحيح " .
الشيخ : إيه تمام ، يعني هنا ابن حجر رحمه الله في هذا الكلام حصل له وهم. نبدأ الدرس الجديد قال : " وعن صفية بنت شيبة ".
الطالب : فوائد الحديث.
الشيخ : كيف؟
الطالب : ما أخذنا الفوائد.
الشيخ : نعم، نحن الآن نبحث عن صحته، إذا كان ضعيفًا كيف نبني على الضعيف فوائد؟!
فوائد الحديث : ( طعام الوليمة أول يوم حق ، وطعام يوم الثاني سنة ... ) .
حديث ابن مسعود يدل على أن الوليمة في أول يوم واجبة، لقوله: ( الوليمة حق )، ويؤيد هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالرحمن بن عوف : ( أولم ولو بشاة ).
ويدل أيضا على أنها في الثاني سنة يثاب الإنسان عليها.
وعلى أنها في الثالث سمعة يريد الإنسان بها المفاخرة، وأن يقول الناس: ما أكرمه ما أجوده.
( ومن سمّع سمّع الله به ) ، هذا إذا صح الحديث.
وإذا لم يصح الحديث ورجعنا إلى الأصول قلنا :
أما كونها واجبة في أول يوم فهذا يؤيده حديث عبدالرحمن بن عوف: ( أولم ولو بشاة )، ويؤيده أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعلن النكاح ) والوليمة من طرق إعلان النكاح .
وأما اليوم الثاني: فإن فيه منفعة للناس، وزيادة في إعلان النكاح، فيكون من هذا الوجه سنة مستحبة.
وأما اليوم الثالث: فالغالب أنه لا يحتاج إليه ، لكن مع ذلك لو احتيج إليه ولم يقصد الإنسان السمعة فإنه يدخل في حكم اليوم الثاني أي: أنه مستحب، والذي ينبغي أن نجعل الأمر مقيدًا بحال المولم، إن كان غنياً قادرا فلا بأس أن يولم يومين أو ثلاثة، وأما إذا كان قريب الحال فالذي ينبغي ألا يشق على نفسه .
وأما الفائدة التي تستفاد : من ( من سمّع سمّع الله به ) فهذه ثبتت بها الأحاديث، أن من سمّع وأراد بعمل الخير أن يسمع من الناس الثناء فإن الله يسمّع به أي: يبيّن للناس أمره ويكشفه.
وعن صفية بنت شيبة رضي الله عنها قالت : أولم النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه بمدين من شعير . أخرجه البخاري .
ها ؟
خُمسًا، الصاع النبوي كم مدا ؟
الطالب : أربعة .
الشيخ : أربعة أمداد ، الصاع النبوي ينقص عن الصاع المعروف عندنا الخمس وخمس الخمس، كيف ذلك ؟
يقول لنا مشائخنا : إن الصاع النبوي زنته بالبر الجيد ثمانون ريالا فرنسياً ، وصاعنا زنته بالبر الجيد مئة وأربعة ريالات فرنسية ، إذا نسبتَ الثمانين إلى مئة وأربعة تكون أربعة أخماس ، ولا لا ؟
ويكون النقص خمس وربع الخمس، أربعة من عشرين، إي خمس.
طيب وعلى هذا فنقول: إن المـُدَّين من الشعير بالنسبة للصاع العرفي يعتبران خمسي صاع، صح؟
الطالب : نعم.
8 - وعن صفية بنت شيبة رضي الله عنها قالت : أولم النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه بمدين من شعير . أخرجه البخاري . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أولم النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه بمدين من شعير ... ) .
أن الوليمة تصح بأدنى من الشاة، وأن قول الرسول عليه الصلاة والسلام لعبدالرحمن بن عوف: ( أولم ولو بشاة ) هذا يعني أكثر ما يولم وليس أقل كما زعم بعض أهل العلم إن أدنى الوليمة هي الشاة، نقول: هذا غير صحيح، لأن قوله ( أولم ولو بشاة ) يعني أدنى شيء وليست هي أكثر شيء.
طيب إذن فيستفاد أن كونها أدنى شيء ليس على سبيل الوجوب، بل يجوز أن يولم الإنسان بما هو أدنى منها، ويلاحظ في ذلك حال المولِم، إن كان غنيا قلنا أولم ولو بشاة، وإن كان دون ذلك قلنا: أولم بما تستطيع وتقدر عليه .
ومن فوائد هذا الحديث: مشروعية الإيلام، لكن هل يكون على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟
نقول: هذا فعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والفعل المجرد محمول على الاستحباب، لكن وجوب الوليمة يؤخذ من أدلة أخرى.
وعن أنس رضي الله عنه قال : أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر و المدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية ، فدعوت المسلمين إلى وليمته ، فما كان فيها من خبز ولا لحم ، وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت فألقي عليها التمر والأقط والسمن . متفق عليه ، واللفظ للبخاري .
قوله: ( أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ) :
خيبر : اسم لمكان فيه مزارع وبيوت وقلاع لليهود ، يبعد عن المدينة نحو مئة ميل من جهة الشمال الغربي ، وهو معروف ، فتحه النبي عليه الصلاة والسلام في السنة السادسة ، وطلب منه اليهود أن يبقيهم فيه على أن لهم نصف الثمرة وله نصف الثمرة ، فأقرهم على ذلك ، لكنه أقرهم على ذلك ما شاء الله ، أو ما شاء به النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة .
وفي خلافة عمر أجلاهم رضي الله عنه من خيبر، لأنهم اعتدوا على عبدالله بن عمر، وأساؤوا إلى الصحابة رضي الله عنهم، فطردهم عمر.
وقوله : ( يبنى عليه بصفية ) : صفية بنت حيي بن أخطب وهي من ذرية هارون بن عمران فعمها موسى عليه الصلاة والسلام ، وحيي بن أخطب أبوها من زعماء اليهود ، فاصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه جبراً لقلبها ، لأن كون أبيها رئيساً لو أنها صارت إلى أحد من الصحابة لكان في هذا كسر لخاطرها ، فأراد النبي صلوات الله وسلامه عليه أن يجبر قلبها فاصطفاها لنفسه.
وقوله : ( يبنى عليه بصفية ) : كيف سمى هذا بناء وهي مملوكة ؟
نقول : لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وجعل عتقها صداقها ، إذن فهي زوجة ومن أمهات المؤمنين .
وقوله : ( يبنى عليه بصفية ) : البناء نصب الخيمة ونحوها ، وكان النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك اليوم قد بُني عليه خيمة يدخلها هو وأهله .
وقوله : ( ثلاث ليال ) : يراد بها الليالي والأيام ، والعرب تطلق الأيام وتريد بها الأيام والليالي ، وتطلق الليالي ويراد بها الليالي والأيام ، إلا إذا وجد قرينة مثل : صم ثلاثة أيام ، فهنا الليل لا يدخل قطعا .
لكن : (( واذكروا الله في أيام معدودات )) يدخل فيها الليالي .
وقوله : ( فدعوت المسلمين إلى وليمته ) : يعني أنه طلبهم، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام من أكرم الناس بل هو أكرم الناس، فكان أنس يدعو من لقي هلم إلى وليمة النبي صلى الله عليه وسلم.
( فما كان فيها من خبز ولا لحم ) : يعني أنها وليمة بسيطة يعني خفيفة يسيرة ليس فيها خبز ولا لحم ، ومن خبز ولا لحم أظننا لا نشك في إعرابها :
أن من: زائدة ، وأن خبز هي اسم كان ، والأصل فما كان فيها خبز ولا لحم .
( وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت ) : الأنطاع جمع نطع وهي الجلود فتبسط ليوضع عليها الطعام .
وقوله : ( فألقي عليها التمر والأقط والسمن ) : ظاهر الحديث أن كل واحد على حدة ، فالأقط هو اللبن المجفف ، أتعرفونه ؟ وفؤاد ؟
الطالب : أعرفه .
الشيخ : تعرفه ؟ نعم ، هذا الأقط اللبن المجفف .
السمن معروف التمر معروف.
هل المعنى أن الأقط موضوع في إناء والسمن في إناء والتمر في إناء أو أنها مخلوطة ؟
يحتمل ظاهر الحديث أن كل واحد على انفراد ، لكن الظاهر المعروف عند العرب أنها مخلوطة ، يخلط السمن والأقط والتمر ، ويوضع على النار حتى يسخن ثم يؤكل ، وهو من ألذ الأكلات التمرية ، وربما يجعل بدل الأقط الدقيق ، وهذا هو المعروف عند الحضر ، الحضر لا يعرفون الأقط لأنه قليل عندهم فيجعلون بدل الأقط دقيقا ، ويسمى حيسًا، لأنه يحاس بعضه مع بعض ، ويسمى عند عامتنا هنا : قشدة، والظاهر أن الأصل إيش؟
فيه شيء يسمى حول هذا الاسم ؟
الطالب : قشطة.
الطالب : قشدة.
الشيخ : ها؟
الطالب : قشطة يسمونها قشدة وقشطة.
الشيخ : قشطة لا هذه لغة مصرية كما قال حجاج، نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب على كل حال هذه وليمة الرسول عليه الصلاة والسلام على زوجه صفية .
وفي الأول مدين من شعير نصف الصاع ، إذن الوليمة تختلف بحسب الحال.
10 - وعن أنس رضي الله عنه قال : أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر و المدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية ، فدعوت المسلمين إلى وليمته ، فما كان فيها من خبز ولا لحم ، وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت فألقي عليها التمر والأقط والسمن . متفق عليه ، واللفظ للبخاري . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر و المدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية ... ) .
أولًا: جواز الدخول على المرأة في السفر، من أين يؤخذ ؟
من دخول الرسول على صفية بين المدينة وخيبر.
ومن فوائده أيضًا: أنه ينبغي أن يُبنى خيمة خاصة بالزوج وأهله، لفعل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن فوائد الحديث: أنه لا ينبغي الحياء أن يبنى للإنسان خيمة خاصة من بين القوم إذا كان ذلك من أجل الزواج ، قد يستحي بعض الناس ويقول : كيف أختص وحدي بخيمة ؟
فنقول : لست أشد حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك بني له خيمة أمام الناس ، ولا حرج أن يقال : الإنسان تزوج وبنينا له خيمة يبني بها بأهله .
ومن فوائد هذا الحديث: جواز التوكيل في الدعوة للوليمة ها؟
لقول أنس : ( فدعوت المسلمين إلى وليمته ).
ومن فوائد الحديث : أن ولائم الرسول عليه الصلاة والسلام ليست ولائم صعبة بل بحسب الحال، فمرة أولم بمدين من شعير ومرة أولم بالأنطاع وبسطت ووضعت إلى الأقط والسمن والتمر، وهذا أكثر من مدي شعير لا شك.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه يجوز أن يوضع التمر والأقط والسمن في إناء واحد ويخلط ، صح ؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم ، إيش ؟
الطالب : على طول إباحة.
الشيخ : على طول إباحة ، إذن لا نستنبطها ، يعني لا يقال : إن في هذا إهانة مثلا لبعض النعمة ، نقول : هذا الطعام يصنعه الإنسان كيف يشاء، قد يخلط شيئا بشيء وقد يخلط آخر شيئا آخر غير الذي خلطه به، فهذا يرجع إلى أذواق الناس وإلى أعرافهم.
ومن فوائد هذا الحديث : إشارة أنس بن مالك رضي الله عنه إلى أنه لا ينبغي الإسراف في الولائم لقوله : ( فما كان فيها من خبز ولا لحم ).
11 - فوائد حديث : ( أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر و المدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية ... ) . أستمع حفظ
وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا اجتمع داعيان ، فأجب أقربهما باباً ، فإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق ) . رواه أبو داود وسنده ضعيف .
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إذا اجتمع داعيان فأجب أقربهما بابا ) :
يعني إذا دعاك رجلان دعوة واحدة ، فأجب أقربهما باباً ، لأن أقربهما بابا أقربهما جواراً .
( فإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق ) : لأنه أحق ، ولكن كيف يتصور أن يجتمع داعيان بلا سبق ، كيف يتصور ؟
الطالب : أن يأتيه داعيان في وقت واحد.
الشيخ : ها، كيف يتصور؟
الطالب : أن يأتيني خطابان في آن واحد .
الشيخ : طيب أتاني خطابان فقرأت أحدهما قبل الآخر .
الطالب : ربما يسلمهما ساعي البريد في وقت واحد.
الشيخ : إيه عبدالرحمن ؟
الطالب : ممكن واحد يقول: لجاره ادعو لي فلان، والأخير يقول له: أدعوك أنا وجاري.
الشيخ : وشلون هذا؟
الطالب : الرجل الذي قال كلمة واحدة.
الشيخ : كيف؟
الطالب : يعني زيد وعمرو جاران لبكر.
الشيخ : زين.
الطالب : فيوكل زيد عمرو فيقول: له ادع بكرا.
الشيخ : نعم.
الطالب : فيقول له: أدعوك أنا وجاري يعني كل واحد منهما عنده دعوة.
الشيخ : يعني وكيلا وأصيلا آه طيب هذه صورة ما يخالف.
الطالب : ربما إذا كانا جاران قاعدين مع الرجل على طعامه هو.
الشيخ : إيه نعم.
الطالب : فقالا له : نحن ندعوك عندنا ، فقالا جميعا اتفقا في الكلام .
الشيخ : بلسان واحد.
الطالب : بلسان واحد نعم.
الشيخ : هذه صورة لكن هذه قليلة الوقوع.
الطالب : يا شيخ إذا جاء الواحد من العمال ، ووكله رجلان للدعوة.
الشيخ : إيش؟
الطالب : يعني استأجر رجلا ، وقال كلم فلان، واستأجره آخر وقال: كلّم فلان حتى يجيء إليّ، وهذا الرجل المدعو إذا جاء وقال: فلان وفلان يدعوانك.
الشيخ : هذا الداعي واحد مافي إشكال هذا .
الطالب : يعني لا ، قالا: موسى وأنا استأجرت رجلا ، ونبغى وليمة.
الشيخ : آه.
الطالب : وهذا الرجل قال : موسى وهداية الله يدعوانك .
الشيخ : صحيح ، يقول : الداعيان وكلا رجلا واحدا داعيان وكلا رجلا واحدا فقالا: ادع لنا فلان فذهب الرجل هذا الوكيل للرجلين، وقال للمدعو: إن فلانا وفلانا يدعوانك .
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم وش تقولون في هالصورة هذه؟
الطالب : يمكن من ذكره أولا.
الشيخ : لا لا أصلا الواو ما تقتضي الترتيب.
الطالب : هذا ينظر من الذي قال له أولا ؟
الشيخ : لا هما وكيلان ، الوكيل هذا نائب عن الأصيل.
الطالب : طيب أي الرجلين وكّل أولا؟
الشيخ : كله واحد الكلام إنه بلغني أن مرة واحدة ، على كل حال هي قد يبدو للإنسان أن تصوير المسألة صعب، قد يبدو للإنسان كيف يجتمع داعيان أن تصويرها صعب، ولكن لها صور يعني ليست بذات الصعوبة.
على كل حال إذا سبق أحدهما يجاب أقربهما بابا وقد علّل النبي عليه الصلاة والسلام ذلك في حديث آخر ( فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا ) ، وحينئذ يشكل علينا إذا اجتمع الداعيان : أقربهما بابا قد يكون أبعدهما جواراً ، مثاله: جاري الذي ليس بيني وبينه إلا الجدار بابه بعيد، بجانب البيت الطرف الذي يبعد عني، والرجل الآخر بيني وبينه بيت لكن بابه أقرب ، تصورتم هذا ولا لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : من نجيب ، تصورته من نجيب؟
الطالب : الأول.
طالب آخر : الثاني.
الشيخ : الثاني طيب إن نظرنا إلى قوله: ( أقربهما بابا ) قلنا هذا أقرب بابا ، وإن نظرنا إلى قوله ( فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا ) هاه قلنا إن النبي عليه الصلاة والسلام لاحظ قرب الجوار ، والغالب أن الباب يكون في البيت فإذا كان البيت أقرب صار الباب أقرب، يعني الغالب أن الباب قد لا يتطرف في أطرف البيت ، هذه المسألة تحتاج إلى تحرير :
إذا كان أحدهما أقرب جوارا وأبعد بابا فهل نعتبر قرب الجوار ولو بعد بابه أو نعتبر قرب الباب؟
ينظر فيه.
12 - وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا اجتمع داعيان ، فأجب أقربهما باباً ، فإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق ) . رواه أبو داود وسنده ضعيف . أستمع حفظ
مناقشة ما سبق .
الطالب : قول أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب عبد الرحمن بن عوف وهو من أغنياء الصحابة .
الشيخ : نعم أن الوليمة تكون على قدر يسر الزوج وعسره ، وقد قال الله تعالى: (( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله )). طيب مرَّ علينا في الحديث أنه يجوز إلقاء الطعام على السفرة والسماط وما أشبه ذلك، يعني بدون أن تكون الطعام بصحون أو أواني من أين تؤخذ ؟
الطالب : قول الرسول : ( وما كان فيها ).
الشيخ : من قول النبي ؟
الطالب : من قول أنس !
الشيخ : نعم.
الطالب : ( فما كان فيها أي: الأنطاع من خبز ولا لحم ).
الشيخ : من خبز ولا لحم.
الطالب : ( وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت فألقي عليها التمر والأقط والسمن ).
الشيخ : صحيح يا جماعة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب ماذا يسمى هذا الطعام مجتمعا فؤاد ؟ الأقط والسمن والتمر ماذا يسمى ؟
الطالب : قشطة !
الشيخ : نعم لا لا بغير لغة أهل القصيم، باللغة العربية نعم يا سلامة؟
الطالب : يسمى حيسة.
الشيخ : يسمى حيسة، وفي لغتك ؟
الطالب : قشدة.
الشيخ : تسمى قشدة، إي نعم.
طيب مرَّ علينا أيضا أنه إذا اجتمع داعيان فمن يجاب يا خالد ؟
الطالب : يجاب الأقرب بابا.
الشيخ : الأقرب بابا، طيب فإن تساويا؟
الطالب : فإن تساويا ؟
الشيخ : نعم في قرب الباب ؟
الطالب : فإن تساويا في قرب الباب!
الشيخ : نعم.
الطالب : وصارت الدعوة منهما جميعا يعني؟
الشيخ : فصّل .
الطالب : من سبق إن كان في القرب سواء !
الشيخ : نعم.
الطالب : وإن سبق أحدهما الآخر يجاب الذي سبق .
الشيخ : إذا استويا في القرب يجاب الذي سبق بإيش؟
الطالب : بالدعوة.
الشيخ : بالدعوة، نعم، أظن نمشي ؟
الطالب : في بحث يا شيخ .
الشيخ : إي نعم بحث .
الطالب : إذا كان له جاران أحدهما قاطع البيت بشارع، أو الباب من جهة أخرى .
الشيخ : ما في شك .
الطالب : الجدار وأقرب بابا.
الشيخ : هاه؟
الطالب : إذا كان على الجدار وأقرب بابا؟
الشيخ : إيه قلنا ظاهر الحديث أنه الأقرب باب.
الطالب : هذا إذا كان الأقرب.
الشيخ : ...
الطالب : إذا كان بعيد يا شيخ ؟
الشيخ : هاه عندك علم بحث ؟
الطالب : يوجد كلام.
الشيخ : نعم يا سلامة؟
الطالب : نحن قلنا: إذا نظرنا إلى قوله: ( أقربهما بابا ) قلنا هذا أقرب بابا، وإذا نظرنا إلى قوله: ( أقربهما جوارا ) قلنا النبي صلى الله عليه وسلم لاحظ قرب الجوار.
والغالب أن الباب في نفس البيت، فإذا كان البيت أقرب في الغالب أن الباب يكون بطرف البيت هذه المسألة تحتاج إلى تحرير ، إذا كان أحدهما أقرب جوارا وأبعد بابا فنعتبر قرب الجوار ولو بعد بابه أو نعتبر قرب الباب.
الشيخ : نعم أما حديث أنس فهو يقتضي أننا نعتبر قرب الباب مطلقا إيه نعم.
وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا آكل متكئاً ) . رواه البخاري .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا آكل متكئا ) : الاتكاء هو الاعتماد وهو على نوعين :
اعتماد على اليد ، واعتماد على الظهر.
فالاعتماد على اليد يعني إما اليمنى وإما اليسرى، يستلزم أن يكون البدن مائلا إلى أحد الشقين، والاعتماد على الظهر لا يستلزم ذلك، لكنه يدل على أن الإنسان سوف يستريح استراحة كاملة على الأكل، وحينئذ يملؤ بطنه، وملء البطن من الطعام خلاف ما ينبغي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( حسب ابن آدم لقيماتٌ يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ).
فهاتان صفتان :
الصفة الأولى: الاتكاء على إحدى اليدين.
والثانية: الاتكاء على الظهر، هناك صفة ثالثة عند ابن القيم رحمه الله في *زاد المعاد وهي التربع، التربع هكذا ، يقول إن هذا من الاتكاء ، لأن فيه شيء من الراحة والطمأنينة التي توجب أن يأكل كثيرًا، والأكل كثيرًا خلاف السنة إلا في بعض الأحيان، في بعض الأحيان لا بأس أن يأكل الإنسان كثيرا.
14 - وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا آكل متكئاً ) . رواه البخاري . أستمع حفظ
فوائد حديث : ( لا آكل متكئاً ) .
أن النبي صلى الله عليه وسلم يكره الأكل متكئا لقوله: ( لا آكل ).
ولكن هل هذا بمعنى النهي بحيث نقول: إن الاتكاء عند الطعام منهي عنه إما نهي كراهة وإما نهي تحريم ؟
الذي يظهر لي أنه لا يقتضي النهي، وإنما يقتضي أن يكون ذلك من من الآداب التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يتحاشاها، يتحاشى أن يأكل متكئا، لأنه لو صلى الله عليه سلم لو أراد النهي لصرّح به لقوله تعالى: (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك )) .
فإذا لم يصرّح به لم يقل: لا تأكلوا متكئين، عُلم أن هذا من باب الآداب المستحبة، ولا يستلزم الكراهة.
أما الحكمة من ذلك، فقال العلماء :
إن المتكئ على إحدى اليدين لا يسهل نزول الطعام في هذه الحال مع المريء، المريء الذي هو مجرى الطعام، لأنه يكون الجسد مائلًا إلى أحد الجانبين.
وهل يدخل في ذلك الشرب ؟
نقول: أما على قواعد أهل الظاهر فإنه لا يدخل الشرب، لماذا؟
لأن الحديث خصه بالأكل، والأكل غير الشرب، فيقتضي أن يكون الشرب حال الاتكاء ليس مما يكرهه النبي عليه الصلاة والسلام.
ويحتمل أن يقال: إن الشرب كالأكل لأن العلة واحدة ، خصوصا إذا عللنا الاتكاء على إحدى اليدين ، فإن الشارب إذا كان متكئا على إحدى اليدين اتكاء كبيراً ربما يشرق ، فيتضرر بذلك ، لكن الاحتياط أن نأخذ بالظاهر هنا ونقول : الأكل متكئا يكرهه النبي عليه الصلاة والسلام بخلاف الشرب ، وقد يقال إن الفرق من وجهين :
الوجه الأول: أن الآكل متكئا سوف يكثر من الأكل.
ثانيًا: أن نزول الطعام مع المريء أشق من نزول الماء، لأن الماء أهون وأسهل وهذا معنى يقتضي ألا يصح القياس .
بقينا في الصورة الثالثة للاتكاء وهي : التربع :
ابن القيم رحمه الله يرى أنها من الاتكاء، والفقهاء لا يرونها من الاتكاء، يقولون: إن المتربع لم ينحني بل هو قائم الجسد، يعني أن جسده مستقيم، فهو لم يتكئ فلا يدخل في الحديث، وإذا كان هذا أعني التربع لا يقتضيه اللفظ من حيث اللغة ولا من حيث الشرع فالاحتياط عدم إدخاله، لماذا؟
لأن الأصل في غير العبادات الحل والإباحة حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك.
وعن عمر بن أبي سلمة قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ) . متفق عليه .
فلما انتهت العدة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فكان خيرًا لها من أبي سلمة .
ورد الله سبحانه وتعالى أولاد أبي سلمة في حَجر النبي صلى الله عليه وسلم ، كان عمر صغيراً فجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم على الطعام ، فجعلت يده تتخبط في الصحفة يمينا وشمالا ، لأنه صغير لم يتربى .
فقال له: ( يا غلام ) والغلام : اسم للذكر الصغير ، والأنثى الصغيرة يقال لها جارية.
( يا غلام سم الله ) أي: قل بسم الله، وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب في الأصل عند أكثر الأصولين، لقول الله تعالى: (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )) ، فتوعد الذين يخالفون عن أمره، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ) فقوله: ( لأمرتهم ) : يدل على أن الأصل في الأمر الوجوب لأنه أي: الوجوب هو الذي يكون فيه المشقة، إذ أن المستحب لا مشقة فيه ، لماذا ؟
لماذا لا يكون المستحب لا مشقة فيه ؟
لجواز تركه ، الذي فيه المشقة هو الواجب .
فقوله : ( لولا أن أشق لأمرتهم ) يدل على أنه لو أمرنا لكان واجبا لأنه هو الذي يشق تركه.
المهم أن قوله: ( سم الله ) أمر والأصل في الأمر الوجوب، فهل هذا الأمر للوجوب ؟
في هذا قولان لأهل العلم :
منهم من قال: إنه للوجوب. ومنهم من قال: إنه للاستحباب :
فالذين قالوا إنه للاستحباب نظروا إلى أنه من آداب الأكل، والأصل في الآداب أنها للتهذيب والتربية لا للوجوب والإلزام.
ومن قال إنه للوجوب قال: هذا هو الأصل في الأمر، الأصل في الأمر الوجوب والقول الثاني أي: أنه للوجوب هو الأصح ،
أولًا: لأن الأصل في الأمر الوجوب.
وثانيًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من لم يسم فإن الشيطان يشاركه في طعامه، ومعلوم أن تمكين الشيطان من المشاركة في الطعام لا تجوز، وأيضا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان ذات يوم على طعام هو وأصحابه، فجاءت جارية، بنت صغيرة كأنما تدفع دفعاً ، فألقت بيدها إلى الطعام فأمسك بها النبي عليه الصلاة والسلام وأمرها أن تسمي وقال : ( إن الشيطان قد دفعها دفعا ) ، لتأكل بدون تسمية حتى يشاركهم في الطعام وأخبر أن يدها ويد الشيطان بيد النبي عليه الصلاة والسلام ، يعني معنى الشيطان قدّم يده مع تقديم هذه الجارية يدها ، فهذا يدل على أن الأمر للوجوب وهو كذلك فيجب على الإنسان أن يسمي على الأكل وجوبا، فإن لم يفعل فهو آثم وراضٍ بمشاركة الشيطان له في طعامه.
فإن نسي سمى حين يذكر، يقول : بسم الله أوله وآخره ، أو بسم الله فقط. طيب وقوله : ( يا غلام سم الله ) : يقتضي أنه لا تكفي التسمية من واحد عن الجميع ، ووجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم سيكون قد سمى على الطعام ، ومع ذلك أمر هذا الغلام أن يسمي ، وهذا فيما إذا كان الثاني لم يسمع تسمية الأول ظاهرًا ، يعني بأن جاؤوا متتابعين ، لم يجلسوا على الطعام مرة واحدة ، فالثاني الذي جاء لابد أن يسمي ، لكن إذا كان جلوسهم على الطعام واحدًا وسمى أحدهم تسمية أسمعها الآخرين فهل يجزئ ؟
يرى بعض العلماء أنه يجزئ ، لأن هذه التسمية تمنع مشاركة الشيطان ، فهي عنده سنة كفاية .
والذي يظهر من النصوص أن لكل إنسان تسميته، ووجه كون هذا هو الظاهر هذا الحديث الذي معنا فإن الظاهر أن الغلام كان مع النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا قدم الطعام فإنه سيشارك فورا .
وقوله: ( سم الله ) هل هذا يدل على أنك لا تزيد على قول : بسم الله ؟
يحتمل، أن تكتفي بقول: بسم الله، ولاشك أن هذا كافي.
لكن هل ننكر على من قال: بسم الله الرحمن الرحيم؟
الجواب: لا، لا ننكر، لأن بسم الله الرحمن الرحيم تسمى تسمية، فلا ننكر، لكن بعض أهل العلم قال: إنك لا تقول: أو لا تزيد: الرحمن الرحيم على الذبيحة، لأن الرحمة تقتضي العطف والحنان، وأنت الآن تريد أن تذبحها، فلا مناسبة بين هذا .
وعندي أن في هذا التعليل نظرا ووجهه، أن من رحمة الله بنا نحن، ونحن أشرف من الحيوان أن أحل لنا أن نذبح هذه البهيمة لمصالحنا، فهو في الحقيقة رحمة وكأنك تشير بقولك: الرحمن الرحيم إلى رحمة الله بنا، فإنه لرحمته بنا أحلّ لنا هذه الذبيحة، إي نعم.
وقوله: ( كل بيمينك ): هذا أمر والمراد باليمين اليد اليمنى، فأمره أن يأكل باليمين، والأمر هنا هل هو للوجوب أو للاستحباب؟
فيه الخلاف السابق في قوله: ( سم الله )، فمن العلماء من قال:
إن الأكل باليمين سنة وليس بواجب، وأن الإنسان لو أكل بشماله لم يأثم، لأن الأمر ليس للوجوب.
ومن العلماء من قال: إن الأمر للوجوب ( كل بيمينك ) ، وعلل هذا بأن الأصل في الأمر الوجوب، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأكل بالشمال فقال: ( لا يأكل أحد بشماله ولا يشرب بشماله )، وبأن هذا من اتباع خطوات الشيطان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ).
وهذا القول أصح من القول بأن الأمر بالأكل باليمين على سبيل الاستحباب، فالصواب إذن إيش؟
الصواب وجوب الأكل باليمين، وأنه لا يجوز الأكل باليسار إلا لضرورة، وأقبح من ذلك أن يمنعه من الأكل باليمين الكبرياء، فإنه إذا فعل ذلك استحق أن يدعا عليه، ( لأن رجلا أكل عند النبي صلى الله عليه وسلم بشماله فقال له: كل بيمينك، قال: لا أستطيع، ما منعه إلا الكبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا استطعت، فما رفع يده اليمنى إلى فيه بعد ذلك ) :
شلت والعياذ بالله ولا يدعو النبي عليه الصلاة والسلام على شخص إلا لأنه فعل إثما ومعصية .
وقبيح من ذلك أيضا أن يأكل باليسار تشبها بالكفار، واعتقادا أن هذا هو المدنية كما يفعله بعض الناس الذين غرّتهم أحوال الكفار، وظنوا أنهم لم يستطيعوا أن يصنعوا الطائرات والقنابل إلا من أجل أنهم يأكلون بالشمال، فظن أن هذا هو التقدم، فصار يأكل بشماله تقليدا لهم، وهذا يزيده قبحا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من تشبه بقوم فهو منهم ).
وقوله: ( وكل مما يليك ): كل مما يليك هذا أيضا أمر، يعني كل من الذي يليك لا الذي يلي صاحبك، وهذا الأمر الظاهر أنه للاستحباب كما عليه جمهور العلماء، إلا أن يحصل من ذلك أذية ومضايقة على شريكك في الأكل، فهنا يتوجب وجوب الأكل مما يليك، لأنه من المعلوم أنه لو تخطت يدك إلى جهة شريكك وأكلت منه مما يلي الشريك ربما يتقزز من هذا ويتأذى، فالأصل أن الأمر هنا للاستحباب: ( كل مما يليك ) ، ما لم يكن بذلك مضايقة أو أذى لشريكك فيجب أن تأكل مما يليك .
ويستثنى من ذلك إذا كان الطعام أنواعا، مثل أن يكون على الصحفة لحم ودباء ولوبيا وباميا فتجاوزت ما يليك إلى هذه الأشياء لتأخذ منها، فإن ذلك لا بأس به، لقول أنس رضي الله عنه : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء ) :
الدباء القرع فيأخذها ، وهذا لا شك أنه مما لا يمكن الوصول إلى ما تريد إلا بهذا ، إذا كانت اللحمة من الجانب الذي يلي صاحبك ، وقلنا: كل مما يليك ماذا يقول:
يقول ما عندي شيء، الذي أريده مما يلي صاحبي، فهو في هذه الحال يكون معذورا ولا حرج عليه.
إذن يستثنى من الأمر بالأكل مما يليك ؟
إذا كان أنواعا فلا حرج عليه أن يختار النوع الذي يريده ، ولو كان مما يلي صاحبه .
طيب فإن كان صاحبه لا يهتم إذا أكلت مما يليه، بل ربما يرغب أن تأكل مما يليه هو ليأكل مما يليك، فما الحكم؟
فالظاهر رفع الحرج ، ما دمت تعلم أن الرجل لا يهتم بهذا الأمر بل هو ربما يفرح من أجل أن يأكل مما يليك فإن هذا لا بأس به ، ولا حرج فيه.
وقوله: ( كل مما يليك ) : هل يشمل ما إذا كان لك شريك أو لا ؟
بمعنى إذا كنت تأكل وحدك فهل نقول: إن الأفضل أن تأكل مما يليك أو لك أن تأكل من الجانب الآخر إذا كنت وحدك ؟
أما ظاهر الحديث فالعموم ، وأما قرينة الحال فهي لمن له شريك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب هذا الغلام وهو يأكل معه ، فيكون هذا النوع من الأدب إنما هو لمن له شريك ، أما من ليس له شريك فليأكل مما شاء إلا ما استثني مما سيذكر في الحديث الآتي.
16 - وعن عمر بن أبي سلمة قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ) . متفق عليه . أستمع حفظ
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بقصعة من ثريد ، فقال : ( كلوا من جوانبها ، ولا تأكلوا من وسطها ، فإن البركة تنزل في وسطها ) . رواه الأربعة ، وهذا لفظ النسائي وسنده صحيح .
( أُتي بقصعة من ثريد ) : القصعة هي الصحفة ، والثريد هو ما ذكره الشاعر بقوله ، أو الناظم بقوله :
" إذا ما الخبز تأدمه بلحم *** فذاك أمانةِ الله الثريدُ " .
إذن الثريد هو الخبز المؤدم باللحم ، ثم قد يكون مرققًا وقد يكون نعم مجففًا، فإذا كان خبز يغمس بالإدام ويؤكل فهو ثريد مجفف، وإذا كان مطازيز أو مرقوق يعني طبخ مع اللحم فهذا ثريد مرقق، يقول أحد الشعراء :
" جارية لم تأكل المرققَا *** ولم تذق من البقول الفستقا " :
يعني أنها حالتها رديئة ، ليس عندها غنى حتى تأكل مرقق.
وقوله فقال: ( كلوا من جوانبها ) : هذا يتضمن أمرين :
الأمر الأول : الإباحة إباحة الأكل منها.
والأمر الثاني: أن يكون الأكل من الجوانب، وكل إنسان يأكل من الجانب الذي يليه.
( ولا تأكلوا من وسطها ) وسطها يعني أعلاها.
( فإن البركة تنزل في وسطها ): سبحان الله قد يقول قائل : هذا التعليل يناقض الحكم لأنه قال : ( لا تأكلوا من وسطها ) ثم قال: ( فإن البركة تنزل في وسطها ) يعني إذا كانت البركة تنزل في الوسط ليش ما أكل من الوسط من أجل الحصول على البركة ؟
نقول: إذا كانت البركة تنزل في الوسط فأنت إذا أكلت الوسط من أول ما تأكل نزعت البركة وراحت ، فلهذا يبقى الوسط قائما ويؤكل من الجوانب، فإن كانوا كثيرين أو كانوا شرهين واسعي البطون وقضوا على الوسط والجوانب لا بأس، أو نقول: خل الوسط لا تأكل منه أبدا؟ ها؟
يأكل حتى لو أكل الوسط لكن يكون الوسط هو الآخر.
الطالب : شيخ !
الشيخ : نعم ؟
الطالب : خطاب النبي صلى الله عليه وسلم للغلام أي نوع من الخطاب ؟
الشيخ : نعم؟
الطالب : خطاب النبي للغلام ؟
الشيخ : ما أخذنا الفوائد إلى الآن، الفوائد ما أخذناها.
17 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بقصعة من ثريد ، فقال : ( كلوا من جوانبها ، ولا تأكلوا من وسطها ، فإن البركة تنزل في وسطها ) . رواه الأربعة ، وهذا لفظ النسائي وسنده صحيح . أستمع حفظ
سؤال عن من نسي البسملة في أول الأكل كيف يصنع ؟
الشيخ : يقول بسم الله ، أو يقول بسم الله أوله وآخره.
السائل : لو تركها ثم قالها ؟
الشيخ : بسم الله؟
السائل : أوله وآخره؟
الشيخ : أوله وآخره، ما نسي لأنه ذهب أوله، ذهب أوله وهو في حال عذر معذور .
إذا كان الصحن في أنواع كثيرة فهل لي أن آخذ من غير الذي يليني ؟
الشيخ : بعض الناس يتحرج من هذا ، ما هو لازم ، إذا كان في صحن كبير فيه دباء ولحم متناثر كما قلت فلي أن أتقدم بيدي وآخذ مما أريد، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء، يتببعها يدورها ويأخذها .
السائل : لو أن العرف يا شيخ يمنعه ؟
الشيخ : العرف أخشى من الناس يكون عنده تنطع إنه يتقزز مثلا إنك تقدم يدك لتأخذ اللحم مما حوله، وربما ينظر إليك بنظر غاضب، لاسيما إن كان اللحم قليلا، إنما العرف لا عبرة به .
لماذا لا نأكل من وسط الصحفة ؟
الشيخ : ما يأكل من وسطها ، إيه نعم لأجل البركة حتى لا تنزع البركة منها .
السائل : طيب الذي يأكل ويترك الدعاء عليه؟
الشيخ : كِبرا؟
السائل : ...
الشيخ : إيه .
السائل : بعض ... جاء
الشيخ : ما جاء ما مرت عليّنا ، ما مرت عليّنا.
هل الأمر في الآداب دائما للاستحباب ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : ...
الشيخ : بعض العلماء يقول قاعدة : كل ما كان من باب الآداب فهو للاستحباب، حتى يقوم دليل على الوجوب، أما ما كان من باب التعبد فهو للوجوب حتى يقوم دليل على الاستحباب عرفت، هذه في الحقيقة قاعدة تريح الإنسان من مسائل كثيرة لا يظهر فيها الوجوب، مثلا: البدء باليمين عند اللباس، والبدء باليسار عند الخلع، هذا فيه أمر هل نقول: يجب عليه أن تبدأ باليمين عند اللباس وباليسار عند الخلع ؟
القاعدة هذه تطمئن إليها النفس كثيرا، أن ما كان من باب الآداب فهو للاستحباب، وما كان من باب التعبد فهو للوجوب.
وهذا ما لم يوجد قرينة تصرف الأمر التعبدي للاستحباب أو قرينة تصرف الأمر الأدبي للوجوب.
السائل : حديث ... ألفاظ النبي لم يصرح بقول النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال، يعني قال: ورجل من أصحابه صلى الله عليه وسلم قال.
الشيخ : إيه الظاهر أن فيها حذف
السائل : من قول النبي؟
الشيخ : من قول النبي نعم.
إذا كان الأمر في الآداب للاستحباب فيعني هذا أننا لا ننكر على من أكل بشماله ؟
الشيخ : إيش؟
السائل : ما ننكر على الذي يأكل متكئا؟
الشيخ : إي: من آكل متكئاً نرشده، لكن لا ننكر عليه أنه فعل منكرًا، بل نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل متكئا هكذا نقول.
السائل : شيخ : ( أُخلفني خيرا منها ).
الشيخ : أَخلف لي !
السائل : ( أَخلف لي خيراً منها ) ما يتعلق بالآخرة؟
الشيخ : لا ظاهره أنها في الدنيا ، مثل قوله تعالى : (( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه )) : في الدنيا.
للل
الطالب : لا.
الشيخ : فلنأخذها الآن إن شاء الله:
يقول : وعن عمر بن أبي سلمة إلى آخره :
في هذا الحديث فوائد عديدة :
منها تواضع النبي صلى الله عليه وسلم بأكل الصبيان معه .
ومنها أنه ينبغي في الخطاب أن ينادى المخاطب وإن كان قريبا للتنبيه، لقوله: ( يا غلام ) إذ من الممكن أن النبي صلى الله عليه وسلم ينبهه بدون أن يناديه لكن النداء يوجب تنبه المخاطب.