باب : من لم ير الوضوء إلا من المخرجين : من القبل والدبر
تتمة شرح الحديث : حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا ابن أبي ذئب حدثنا سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث فقال رجل أعجمي ما الحدث يا أبا هريرة قال الصوت يعني الضرطة
الشيخ : استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أنه يجوز للإنسان أن يحدث في المسجد بالضرطة أو الفسوة ، ولكن هذا الاستدلال فيه نظر ، ولو استدل به على أنه لا يجوز لكان له وجه، ووجه ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام جعل عقوبة من أحدث أن يحرم من أجر الصلاة ، وحرمان الأجر يشبه حصول الوزر ، ولأن الضرطة لها رائحة كريهة تؤذي الملائكة ، وتؤذي الناس إذا كان معه أناس ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام فيمن أكل بصلا أو ثوما قال : ( لا يقربن مساجدنا ) بل كانوا إذا وجدوا الرجل قد أكل بصلا أو ثوما في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام يخرجونه من المسجد يطردونه طردا إلى البقيع لئلا يؤذي الناس برائحته ، فالذي يظهر أنه لا يجوز للإنسان أن يخرج الفسوة أو الضرطة في المسجد .
لكن إن غلبته وخرجت فلا إثم عليه لأنه لم يتعمد ، واحيانا يكون في الإنسان غازات شديدة يعجز أن يملك نفسه فيمنعها .
2 - تتمة شرح الحديث : حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا ابن أبي ذئب حدثنا سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث فقال رجل أعجمي ما الحدث يا أبا هريرة قال الصوت يعني الضرطة أستمع حفظ
هل هناك دليل على أن أكل لحم الإبل ناقض للوضوء.؟
الشيخ : فيه ، أما بلغك حديث جابر بن سمرة والبراء بن عازب قال الإمام أحمد : " فيه حديثان صحيحان عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث البراء وحديث جابر بن سمرة " أن النبي صلّى الله عليه وسلم سئل : أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : ( نعم ) قال : أتوضـأ من لحوم الغنم ؟ قال : ( إن شئت ) والحديث في مسلم، ماذا يدل عليه ؟ على وجوب الوضوء ، لأنه لما جعل الأكل من لحم الغنم راجعا إلى مشيئته دل على أن الوضوء من لحم الإبل ليس راجعا إلى مشيئته بل يجب ، وكذلك بأحاديث أخرى أن الرسول أمر قال : ( توضؤوا من لحوم الإبل ) .
من أكل بصلا أو ثوما ثم صلى وحده هل يأثم.؟
الشيخ : لا، ما يأثم، لا يأثم إذا تخلف عن المسجد من أجل البصل والثوم إلا إذا كان أكله لهذا الغرض .
هل نلزم من صدر منه فساء أو ضراط أن يخرج من المسجد.؟
الشيخ : نعم، كل إنسان فيه رائحة تؤذي الناس نلزمه بالخروج من المسجد.
السائل : ... لكن إذا كان مسافرا أو ما أشبه ذلك وجلس في المسجد وليس له بيت، هل نقول يجب أن تخرج من المسجد الآن لئلا تؤذي الملائكة ؟ .
الشيخ : لا، ليس على كل حال ، هذا نائم على كل حال النائم ما عليه شيء يعني إذا خرج في حال نومه فليس عليه شيء، كان الصحابة ينامون في مسجد الرسول صلّى الله عليه وسلم
حدثنا أبو الوليد قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا
الشيخ : الصوت والريح خارج من أين ؟ . من السبيلين .
طيب لو قال قائل أن الرسول قال : ( لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) لكن لو بال ؟.
الطالب : ...
الشيخ : لو بال ؟، قال الرسول : ( حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) ؟.
نقول : لأن سبب هذا هو أن الإنسان يجد الشيء في بطنه فيشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ؟. فإذا أشكل عليه هل خرج منه صوت أو ريح فهذا هو موضوع الحديث ، ثم نقول لو فرض أن في الإنسان اسهالا وأحس ثم تيقن أنه خرج منه ، من هذا الإسهال ، فإنه سوف يجد الريح فيكون داخلا في الحديث .
6 - حدثنا أبو الوليد قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا أستمع حفظ
حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا جرير عن الأعمش عن منذر أبي يعلى الثوري عن محمد بن الحنفية قال قال علي كنت رجلا مذاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال فيه الوضوء ورواه شعبة عن الأعمش
الشيخ : ابن الحنفية ، هو ابن لعلي بن أبي طالب ، لكن كانت أمه من سبي بني حنيفة فسمي محمّد بن الحنفية ، وهو من خيار أولاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد الحسن والحسين ، وهو الذي سأل أباه قال له : يا أبي أي الناس خير بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر، قال : ثم أي ؟ قال : عمر، فلم يسأله عن الثالث، فقلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين.
القارئ : عن محمّد بن الحنفية قال : قال علي : ( كنت رجلا مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال : فيه الوضوء ).
ورواه شعبة عن الأعمش.
الشيخ : المذي هو ماء رقيق يخرج من غير أن يحس به الإنسان عقب الشهوة ، والناس يختلفون فيه ، فمنهم من لا يمذي أصلا ومنهم من يمذي كثيرا ، ومنهم من يمذي امذاء متوسطا ، لكن المذي إنما يكون عن شهوة ، وأما ما يصاب به الإنسان من الأمراض التي توجب خروج شيء لزج كالمذي لكن بدون شهوة فهذا ليس مذيا ، وإن كان بعض العامة يسألون عنه وكأنه مذي ، فليس كذلك ليس مذيا، المذي ما يكون عن شهوة ، لكن الذي يخرج دفقا بلذة هذا مني ، وهو منعقد ماء مهين، مهين يعني منعقد لا يسيل بخلاف المذي .
والمذي حكمه بين البول وبين المني لا من جهة أثره ولا من جهة موجبه، أما من جهة أثره فالمني يوجب الغسل ، والمذي يوجب غسل الذكر والانثيين والوضوء ، ولا من جهة أيضا إزالته، المنى لا تجب إزالته لأنه طاهر ، والمذي تجب إزالته لكنه ليس كالبول ، بل يكفي فيه النضح ، والنضح أن يصب الإنسان عليه ماء يعمه بدون غسل وبدون فرك ، لأن نجاسته خفيفة ، لكنه يوجب غسل الذكر والانثيين، البول لا يوجب غسل الذكر والانثيين إنما يوجب غسل ما أصابه البول فقط ، وهو رأس الذكر ، وقد يتعدى إلى الحشفة كلها أو إلى القصبة أحيانا ، لكن الواجب غسل ما أصابه البول فقط.
ساق المؤلف هذا الحديث رحمه الله ليستدل به على أن ما خرج من السبيل فإنه ناقض للوضوء لقوله صلّى الله عليه وسلم : ( فيه الوضوء ) .
وفي الحديث من الفوائد : الاستحياء ، وأن الحياء إذا لم يمنع الإنسان مما يجب عليه من السؤال فلا بأس به ، والحياء الذي أصاب عليا في هذه المسألة هل منعه من السؤال ؟ لا ، لأنه أمر المقداد بن الاسود أن يسأل .
7 - حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا جرير عن الأعمش عن منذر أبي يعلى الثوري عن محمد بن الحنفية قال قال علي كنت رجلا مذاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال فيه الوضوء ورواه شعبة عن الأعمش أستمع حفظ
فوائد
وفيه أيضا وجوب قبول خبر الواحد في الأمور الدينية، من أين يؤخذ ؟ . من أن عليا وكل المقداد بن الأسود ولم يوكله إلا ليقبل خبره ، ولأن المسلمين مجمعون على أنه يجوز الاقتصار على مفت واحد ، والإفتاء خبر .
هل تطهير المذي في الثوب يكون بالنضح.؟
الشيخ : إي نعم ، تطهير المذي بالنضح سواء في البدن أو في الثوب .
هل العبرة في ترك المسجد هو أكل البصل أو وجود الرائحة.؟
الشيخ : لا، الرائحة ، ولهذا لو أنه أزالها فلا بأس .
السائل : لكن النبي صلّى الله عليه وسلم يقول : ( من أكل ثوما أو بصلا فلا يقربن مسجدنا ) قال : ( من أكل ) ولم يقل ...
الشيخ : علل ( فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان ) وإذا لم يكن رائحة فلا أذية .
قلتم أن المني طاهر والمذي نجاسته مخففة فما وجه التفرقة.؟
الشيخ : الذي هو المذي ؟، صح، ويتفقان أن المني دلت السنة على أنه طاهر .
السائل : ...
الشيخ : ( كان الرسول يغسل رطبه ويفرك يابسه ).
من به رائحة كريهة هل يؤمر بترك المسجد.؟
الشيخ : طبيعته ؟.
السائل : ...
الشيخ : ما يحاول أن ينظف نفسه ؟.
السائل : ...
الشيخ : إذا لا يأتي إلى المسجد إذا كان يؤذي الناس.
السائل : يصلي في البيت ؟ .
الشيخ : يصلي في البيت نعم .
حدثنا سعد بن حفص حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد أخبره أنه سأل عثمان بن عفان رضي الله عنه قلت أرأيت إذا جامع فلم يمن قال عثمان يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره قال عثمان سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألت عن ذلك عليًا والزبير وطلحة وأبي بن كعب رضي الله عنهم فأمروه بذلك
13 - حدثنا سعد بن حفص حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد أخبره أنه سأل عثمان بن عفان رضي الله عنه قلت أرأيت إذا جامع فلم يمن قال عثمان يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره قال عثمان سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألت عن ذلك عليًا والزبير وطلحة وأبي بن كعب رضي الله عنهم فأمروه بذلك أستمع حفظ
حدثنا إسحاق قال أخبرنا النضر قال أخبرنا شعبة عن الحكم عن ذكوان أبي صالح عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى رجل من الأنصار فجاء ورأسه يقطر فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلنا أعجلناك فقال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجلت أو قحطت فعليك الوضوء تابعه وهب قال حدثنا شعبة قال أبو عبد الله ولم يقل غندر ويحيى عن شعبة الوضوء
تابعه وهب قال : حدثنا شعبة . قال أبو عبد الله : ولم يقل غندر ويحيى عن شعبة : الوضوء .
الشيخ : هذا أيضا فيه دليل على ما ذكرنا أولا أنه لا ينقض إلا ما خرج من السبيلين ، ولكن الحديث الذي رواه عثمان رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم فيمن جامع ولم يمنِ ، يعني لم ينزل منيه قال : ( يغسل ذكره ويتوضأ كما يتوضأ للصلاة ) وقال أنه سمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وهذا مرفوع وليس رأيا لعثمان .
لكنه كان في أول الأمر ثم نسخ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم : ( إذا جلس بين شعبها الاربع ثم جهدها فقد وجب الغسل ) وفي رواية مسلم : ( وإن لم ينزل )، فهذا من الأحكام المنسوخة.
وفي هذا أيضا فيه دليل على وجوب غسل الذكر من الجماع لقوله : ( يتوضأ ويغسل ذكره ) وهذا مختلف فيه ، ومبنى الخلاف على أن رطوبة فرج المرأة هل هي طاهرة أو نجسة ؟ .
فمن قال أنها نجسة أوجب على من جامع ولم ينزل أن يغسل ذكره، ومن قال أنها طاهرة لم يوجب عليه أن يغسل ذكره لأنه التقى بشيء طاهر .
14 - حدثنا إسحاق قال أخبرنا النضر قال أخبرنا شعبة عن الحكم عن ذكوان أبي صالح عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى رجل من الأنصار فجاء ورأسه يقطر فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلنا أعجلناك فقال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجلت أو قحطت فعليك الوضوء تابعه وهب قال حدثنا شعبة قال أبو عبد الله ولم يقل غندر ويحيى عن شعبة الوضوء أستمع حفظ
فوائد
وفيه أيضا صراحة الصحابة رضي الله عنهم حيث قال الرجل : ( نعم ) ولم يقل : لا الأمر سهل ما أعجلتموني ، كما نفعله نحن الآن، نحن ليس عندنا الصراحة كصراحة هذا الصحابي، لو أن أحدا قرع عليك الباب فخرجت وأنت تأكل تعلك التمرة أو اللحم، قال : عسى ما قومناك من أكلك، ماذا تقول له ؟ .
الطالب : أبدا.
الشيخ : تقول لا ، وأنت قائم من الأكل، أنت الآن تمضغ اللقمة في فمك وتقول : لا، الذي ينبغي للإنسان أن يكون صريح، يقول : نعم، أقمتني من أكلي ولكن الأمر سهل، أما أن يقول لا أبدا ما قومتني، كيف هذه ؟ .
فالمهم أن الصحابة رضي الله عنهم عندهم من الصراحة ما يجعلهم يقولون الشيء سواء كان عليهم أو لهم.
وذكر لنا أن رجلين من أهل هذا البلد قديما في زمن قديم ، قدما من الحج وكان الحج فيما سبق متعبا لأن الناس يحجون على الإبل ، فجاء الناس يهنئونهم بالقدوم كما هي العادة ، فقالوا لأحدهم : عسى ما تكلفت ؟ قال : أبدا لا الحمد لله ما تكلفت ، فقال له الثاني الذي شاركه في السفر: لا والله يا أخي إلا تكلفنا ، ولكن أعظم للأجر، فأيهما أصرح ؟ .
الثاني أصرح، فأنت يا أخي قل الواقع واعتذر منه إذا كان مما يعتذر منه.
وفي قوله : ( إذا أعجلت أو قحطت ) أعجلت : يعني أحد أعجلك فنزعت من الجماع قبل أن تنزل ، قحطت : يعني امتنع المني أن ينزل إما لكسل أو لغير ذلك ، وهو مأخوذ من قَحطت السماء أو قُحطت بمعنى امتنع المطر منها.
وقوله صلّى الله عليه وسلم ( فعليك الوضوء ) ذكرنا لكم أن هذا كان في أول الأمر ثم نسخ ووجب على الإنسان أن يغتسل إذا جامع زوجته سواء أنزل أو لم ينزل، يجب عليها وعلى الرجل أيضا .
ما فائدة الخلاف في غسل الذكر لكون رطوبة فرج المرأة طاهرة.؟
الشيخ : الحديث الذي معنا ما فيه إنزال، حديث عثمان ما فيه إنزال، وقال : يغسل ذكره ، أما فائدة الخلاف فظاهر ، لو أن الرجل جامع زوجته ونزع ولم ينزل فإذا قلنا بنجاسته رطوبة فرج المرأة وجب عليه غسل الذكر ، ووجب عليه أن يغسل ما لوثه من بدنه أو ثوبه، وإذا قلنا بالطهارة لا يجب عليه غسل الذكر إلا غسلا عن حدث ، ولم ينجس ثيابه أيضا ولا بدنه ، فالفرق ظاهر .
ما حكم غسل الذكر والأنثيين بعد المذي.؟
الشيخ : حكمه أنه واجب، يجب أن يغسل ذكره وأنثييه .
هل حديث :( إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ) هو ناسخ.؟
الشيخ : نعم ، هذا من النواسخ ، هذا مما نسخ الحكم الأول .
ما حكم الاستجمار بالنسبة المذي.؟
الشيخ : لا، لا يصح، لأن الحكمة من غسل الذكر والأنثيين في المذي ليس مجرد نجاسة ، ولهذا لو كان مجرد نجاسة لوجب غسل رأس الذكر فقط دون بقيته والأنثيين ، لكن قال العلماء أن من فوائد غسل الذكر والانثيين من الناحية الطبية أن هذا يقلص العروق حتى يخف المذي وربما ينقطع .
باب : الرجل يوضئ صاحبه
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الوضوء من صحيحه :
" باب الرجل يوضئ صاحبه ".
الشيخ : بابٌ الرجل يوضِئ صاحبه .
القارئ : أنا عندي بالإضافة .
الشيخ : ليست واضحة : بابُ الرجل .
القارئ : " بابٌ الرجل يوضئ صاحبه " .
حدثني محمد بن سلام قال أخبرنا يزيد بن هارون عن يحيى عن موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاض من عرفة عدل إلى الشعب فقضى حاجته قال أسامة بن زيد فجعلت أصب عليه ويتوضأ فقلت يا رسول الله أتصلي فقال المصلى أمامك
21 - حدثني محمد بن سلام قال أخبرنا يزيد بن هارون عن يحيى عن موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاض من عرفة عدل إلى الشعب فقضى حاجته قال أسامة بن زيد فجعلت أصب عليه ويتوضأ فقلت يا رسول الله أتصلي فقال المصلى أمامك أستمع حفظ
حدثنا عمرو بن علي قال حدثنا عبد الوهاب قال سمعت يحيى بن سعيد قال أخبرني سعد بن إبراهيم أن نافع بن جبير بن مطعم أخبره أنه سمع عروة بن المغيرة بن شعبة يحدث عن المغيرة بن شعبة أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وأنه ذهب لحاجة له وأن مغيرة جعل يصب الماء عليه وهو يتوضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على الخفين
الشيخ : بسم الله الرّحمن الرحيم ، هذا الباب عقد المؤلف له ترجمة لكنها أخص من الدليل ، لأن الترجمة : " باب الرجل يوضئ صاحبه "، والدليل إنما هو في الصب على المتوضئ وبينهما فرق ، لأن معنى يوضئ صاحبه يعني يباشر وضوءه ، فيأخذ بيده ويغسل وجه صاحبه ، ويأخذ بيده ويغسل يديه ، ويأخذ بيده ويمسح رأسه ، ويأخذ بيده ويغسل رجليه ، وهذا أخص أعني الترجمة أخص من الدليل ، ولكن كأن البخاري رحمه الله أراد أن يقيس أو أن هناك حديثا يدل على ذلك لكنه ليس على شرطه ، ولهذا نحتاج الآن إلى قراءة الفتح .
22 - حدثنا عمرو بن علي قال حدثنا عبد الوهاب قال سمعت يحيى بن سعيد قال أخبرني سعد بن إبراهيم أن نافع بن جبير بن مطعم أخبره أنه سمع عروة بن المغيرة بن شعبة يحدث عن المغيرة بن شعبة أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وأنه ذهب لحاجة له وأن مغيرة جعل يصب الماء عليه وهو يتوضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على الخفين أستمع حفظ
قراءة من الشرح مع التعليق
الشيخ : على كل حال قياس توضئة الرجل على صب الماء عليه ليس بواضح ، لأن القياس الحركات الفعلية للغير أم للمتوضئ ؟ .
للغير . أما الصب فإن الحركات في هذه العبادة تكون من المتوضئ فبينهما فرق ، ولهذا لو قيل إنه يكره أن يوضئ الإنسان غيره إلا لحاجة لكان وجيها ، ولا يكره أن يصب على غيره لأن ذلك ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلم .
وأما تقديم الماء فهذا واضح أنه ليس فيه كراهة ، ولا يقال أن عدمه أولى ، اللهم إلا إذا خاف الإنسان من منة عليه بتقديم الماء إليه فهنا يقال الأولى أنك أنت تباشر على نفسك وتخدم نفسك .
القارئ : فيه كلام على حديث المغيرة .
الشيخ : نعم ؟.
القارئ : " والمراد منه هنا الاستدلال على الاستعانة وقال ابن بطال ".
الشيخ : ما هو المراد ؟
القارئ : المراد من يعني من حديث المغيرة .
الشيخ : نعم ؟.
القارئ : " الاستدلال على الاستعانة، وقال ابن بطال هذا من القربات التي يجوز للرجل أن يعملها عن غيره بخلاف الصلاة، قال واستدل البخاري ".
الشيخ : هذا أيضا خطأ ، أن التي يجوز للإنسان أن يعملها عن غيره، خطأ، لأنه ما توضأ عني ، ولكنه وضّأني ، فالوضوء والغسل للمعين أم للمعان ؟ .
للمعان ، فكيف يقال يعملها عن غيره ؟ . لكن لو قال رحمه الله : يعملها في غيره ، لكان أوضح ، يعني هذا توضأ لكن الوضوء في غيره ليس في نفسه هو ، الله المستعان .
القارئ : " قال : واستدل البخاري من صب الماء عليه عند الوضوء أنه يجوز للرجل أن يوضئه غيره لأنه لما لزم المتوضئ الاغتراف من الماء لأعضائه وجاز له أن يكفيه ذلك غيره بالصب والاغتراف بعض عمل الوضوء كذلك يجوز في بقية أعماله ، وتعقبه ابن المنير بأن الاغتراف من الوسائل لا من المقاصد لأنه لو اغترف ثم نوى أن يتوضأ جاز ، ولو كان الاغتراف عملا مستقلا لكان قد قدم النية عليه وذلك لا يجوز ، وحاصله التفرقة بين الإعانة بالصب وبين الإعانة بمباشرة الغير لغسل الأعضاء ، وهذا هو الفرق الذي أشرنا إليه قبل ، والحديثان دالان على عدم كراهة الاستعانة بالصب وكذا احضار الماء من باب أولى، وأما المباشرة فلا دلالة فيهما عليها، نعم، يستحب أن لا يستعين أصلا، وأما ما رواه أبو جعفر الطبري عن ابن عمر أنه كان يقول : ما أبالي من أعانني على طهوري أو على ركوعي وسجودي . فمحمول على الإعانة بالمباشرة للصب بدليل ما رواه الطبري أيضا وغيره عن مجاهد : أنه كان يسكب على ابن عمر وهو يغسل رجليه، وقد روى الحاكم في المستدرك من حديث الربيع بنت معوذ أنها قالت : أتيت النبي صلّى الله عليه وسلم بوضوء فقال : اسكبي ، فسكبت عليه . وهذا أصرح في عدم الكراهة من الحديثين المذكورين لكونه في الحضر ولكونه بصيغة الطلب ، لكنه ليس على شرط المصنف والله أعلم ".
الشيخ : المهم أن المسألة كما عرفتم ليس في حديث المغيرة رضي الله عنه، ولا كذلك في حديث أسامة ليس فيهما دلالة على أن الإنسان يوضئ غيره لكن يصب، وكما قال النووي رحمه الله : المسألة لها ثلاث أمارات أو أحوال : تقريب الماء ، والثاني صبه ، والثالث مباشرة الفعل .
لكن لو قال قائل : إذا طلب الولد من أبيه أن يغسل رجليه ، فهل نقول أنه ينبغي للأب في هذه الحال أن يجبر قلب ولده وأن يمكنه من غسل رجليه ؟ . لأن بعض الأولاد يفعل هذا ، وربما يقبل أسفل أقدام أبيه كم نسمع عن بعض الناس، فهل نقول في مثل هذه الحال أنه لو قبل الأب ومكن ابنه من غسل رجليه تزول الكراهة من أجل ما يحصل من تطييب قلب الولد ؟ .
الظاهر نعم، الظاهر أن ذلك لا بأس به، وأما بدون حاجة ولا مصلحة مراعاة فإنه لا ينبغي أن يمكن الإنسان غيره من أن يوضئه .
فوائد
وفيه أيضا أنه لا بأس أن الإنسان يتوضأ الوضوء الذي لا إسباغ فيه حتى تحين الصلاة ثم يتوضأ الوضوء الذي فيه إسباغ ، لأن الرسول صلّى الله عليه وسلم لما وصل إلى مزدلفة توضأ فأسبغ الوضوء بخلاف ما كان في الطريق ، وكأن النبي صلّى الله عليه وسلم يحب أن يكون على طهارة لكنه في الطريق لم يسبغ لأن الحال تقتضي المبادرة والمشي.
وهل يسن للحاج أن يذهب إلى الشعب ويبول ويتوضأ اقتداء برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ؟ .
الصحيح لا، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يفعل ذلك، يعني يتتبع الأماكن التي بال فيها النبي صلّى الله عليه وسلم فيبول فيها ، ويتوضأ فيها .
لكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول : " لم يوافقه أحد من الصحابة على هذا الأصل لأن النبي صلّى الله عليه وسلم إنما فعله اتفاقا " يعني وافق أنه احتاج إلى نقض الوضوء هناك أو إلى قضاء الحاجة .
وأنا عدلت عن كلمة نقض الوضوء لأن الفقهاء رحمهم الله قالوا : الأولى أن يقول أبول ولا يقول أنقض الوضوء .
أسئلة
الشيخ : عندنا : ( ومسح برأسه )، ( فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ).
السائل : ...
الشيخ : بدون : ثم . ( ومسح على الخفين )، يعني ذكر الأعضاء الأربعة عندنا .
السائل : قدم هنا في الحديث وجهه قبل يديه .
الشيخ : نعم صحيح .
السائل : المعلوم أنه يقدم يديه قبل وجهه .
الشيخ : لا، المعلوم يقدم الوجه قبل اليدين (( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق )) أما الغسل الذي يسبق غسل الوجه فهذا غسل الكفين .
قال بعض العلماء أن من توضأ ولم يصل لا يشرع له تجديد الوضوء مع أن الوضوء عبادة مستقلة.؟
الشيخ : يعني تجديد الوضوء ، قالوا لا بد أن يكون بعد صلاة ، وهو كذلك ، لكن الوضوء الأول الذي فعله النبي عليه الصلاة والسلام كأنه لم يرد به الوضوء للصلاة ، ولهذا كان وضوءا خفيفا لم يسبغ فيه .
السائل : أليس الوضوء عبادة مطلوبة ؟ .
الشيخ : بلى، كونه يكون الإنسان على طهارة أمر مطلوب ، لكن ليس كالذي يتوضأ من أجل أن يصلي ، فكأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يرد بهذا الوضوء أن يصلي فيه ، ولهذا جعله خفيفا لم يسبغه .
26 - قال بعض العلماء أن من توضأ ولم يصل لا يشرع له تجديد الوضوء مع أن الوضوء عبادة مستقلة.؟ أستمع حفظ
باب : قراءة القرآن بعد الحديث وغيره ، وقال منصور عن إبراهيم : لا بأس بالقراءة في الحمام ، ويكتب الرسالة على غير وضوء . وقال حماد عن إبراهيم : إن كان عليهم إزار فسلم ، وإلا فلا تسلم .
وقال منصور عن إبراهيم : " لا بأس بالقراءة بالحمام ، وبكتب الرسالة على غير وضوء ". وقال حماد عن إبراهيم : " إن كان عليهم إزار فسلِّم وإلا فلا تسلِّم ".
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله تعالى : " باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره " يعني أنها تجوز قراءة القرآن بعد الحدث وبعد غيره أو وفي غير هذا الحال ، وظاهر كلام البخاري رحمه الله أنه يجوز للجنب أن يقرأ القرآن ، لأن الحدث يشمل الأصغر والأكبر ، وهذا مبني على أن الحديث الوارد في ذلك لا يدل على التحريم أو أنه غير صحيح .
وقد اختلفت مسالك العلماء في ذلك ، فمنهم من قال أن أحاديث أو إن حديث النهي عن قراءة القرآن في حال الجنابة ضعيف ، ومنهم من قال أنه ليس فيه تصريح بتحريم القراءة على الجنب ، لأن أحسن ما فيه حديث علي : ( كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن ما لم نكن جنبا - وفي لفظ - ما لم يكن جنبا )، وهذا لا يدل على أنه يحرم، اللهم إلا من وجه بعيد بأن يقال تعليم القرآن واجب ولا يترك الواجب إلا لواجب ، فإذا قيل بهذا استقام الدليل على أنه لا يجوز للجنب أن يقرأ القرآن ، وهذه مسألة مختلف فيها . وهي غير مسألة مس المصحف فإن مس المصحف له حكم آخر.
وقد اختلف العلماء في حكم مس المصحف بغير طهارة ، فمنهم من قال أنه لا يجوز أن يمس القرآن إلا وهو طاهر لحديث عمرو بن حزم المشهور وفيه : ( ألا يمس القرآن إلا طاهر ) وهذا الحديث وإن كان ضعيفا من حيث السند لكن قواه العلماء لاشتهاره والعمل به ، وقالوا إن المرسل إذا اشتهر وعمل به الناس كان دليلا على أنه صحيح، طيب وفيه ( ألا يمس القرآن إلا طاهر ) .
ومع ذلك اختلف المصححون للحديث في كلمة : ( طاهر )، فقيل معناه إلا مؤمن لقول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا ) فيكون ( إلا طاهر ) أي إلا مؤمن ، ولكن التعبير عن المؤمن بطاهر غير معروف ولا مألوف في الشرع ، وإنما المعروف التعبير عن المؤمن بوصفه ، وعن التقي بوصفه، ثم إن كلمة الطهر في القرآن الكريم جاءت في الطهارة من الحدثين ، فقال الله تعالى بعد أن ذكر آية الوضوء، بعد أن ذكر الوضوء والغسل قال : (( ما يريد الله يجعل عليكم في الدين من حرج ولكن يريد ليطهركم )) وجاء في الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلم : ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور ) أي بغير وضوء.
وكنا نرى أنه لا يجب الوضوء لمس المصحف لكن بعد التأمل يتبين لنا أن القول قول جمهور أنه لا يجوز مس المصحف بغير طهارة ، ولكن يرد على هذا إذا احتاج الإنسان إلى القراءة في المصحف فماذا يصنع وهو على غير وضوء ؟ .
نقول يضع حائلا لأنه إذا وضع حائلا لم يصدق عليه أنه مسه لوجود الحائل بينه وبين المصحف.
ثانيا : هل هذا الحكم يشمل الصغار الذين يدرسون في المدارس الابتدائية ؟ .
قال بعض العلماء يشملهم إلا أنه يستثنى من ذلك مسهم لجوانب اللوح الذي ليس فيه كتابة ، يعني يكتب القرآن في اللوح ويجعل حاشية من أجل أن يمسكه الصبي فلا يمس القرآن بل يمس هذا اللوح، وقال بعض العلماء بل يجوز للصبيان أن يمسوه مطلقا لأن الصبيان غير ملزمين ولا مكلفين بالعبادات ، وهذا مبني على أصل أن ما وجب على المكلف لا يجب على الصبي.
ولهذا أجاز القائلون بهذا أجازوا للصبي إذا دخل في النسك حجا كان أم عمرة أن يتحلل منه بدون أي شيء ، وهذا فيه تفريج للناس وتسهيل عليهم ، لأن إلزام هؤلاء الصغار بالطهارة فيه مشقة لا سيما في أيام الشتاء.
لكن القلب قد لا يطمئن إلى هذا من جهة أن المقصود بالطهارة تعظيم القرآن ، وتعظيم القرآن مطلوب من البالغ وغير البالغ بخلاف من شرع في النسك من الصغار وأراد أن يتحلل فهذا لم ينتهك حرمة شيء معين، على كل حال المسألة فيها خلاف، المذهب عندنا أنه يجوز للصغير أن يمس اللوح الذي كتب فيه القرآن لكن مع الخالي، ماذا ؟ يمس الخالي من الكتاب .