باب : البول عند صاحبه ، والتستر بالحائط
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة قال رأيتني أنا والنبي صلى الله عليه وسلم نتماشى فأتى سباطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت منه فأشار إلي فجئته فقمت عند عقبه حتى فرغ
2 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة قال رأيتني أنا والنبي صلى الله عليه وسلم نتماشى فأتى سباطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت منه فأشار إلي فجئته فقمت عند عقبه حتى فرغ أستمع حفظ
باب : البول عند سباطة قوم
حدثنا محمد بن عرعرة قال حدثنا شعبة عن منصور عن أبي وائل قال كان أبو موسى الأشعري يشدد في البول ويقول إن بني إسرائيل كان إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه فقال حذيفة ليته أمسك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سباطة قوم فبال قائمًا
الشيخ : السباطة هي مجمع الزبل وما أشبهه .
4 - حدثنا محمد بن عرعرة قال حدثنا شعبة عن منصور عن أبي وائل قال كان أبو موسى الأشعري يشدد في البول ويقول إن بني إسرائيل كان إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه فقال حذيفة ليته أمسك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سباطة قوم فبال قائمًا أستمع حفظ
فوائد
الشرط الأول : أن يأمن التلوث ، فإن كان لا يأمن التلوث بأن تكون الأرض قوية إذا بال ترشرش البول على ثيابه وعلى عقبه وعلى ساقه فإنه لا يبول قائما ، لأن أدنى ما يقال في ذلك أنه سيلزمه مشقة الغسل، غسل الثوب وغسل ما أصاب البدن .
والشرط الثاني : أن يأمن ناظرا ، يعني بحيث لا يكون حوله أحد ممن يحرم نظره إليه ، فإن كان حوله أحد ممن يجوز نظره إليه كزوجته مثلا فلا بأس إذا تحقق الشرط الأول وهو أن يأمن من التلوث .
وفي هذا الحديث دليل على جواز البول على السباط ، ولكن كيف يبول ؟ هل يبول من أعلاها أو من أسفلها ؟ ، إن بال من أسفلها فإنه يخشى أن يرتد إليه البول ، وإن بال من أعلاها وحوله أناس فإنه لا يأمن النظر ؟.
ولكن حديث حذيفة بين في سياق آخر أن النبي صلّى الله عليه وسلم استقبل السباطة واستدبر الناس ، فإن قال قائل : لعل النبي صلّى الله عليه وسلم بال قائما في السباطة لأنه محتاج إلى ذلك ، لأنه إذا بال قائما فسوف يبول من الأسفل ، فإذا نزل البول فالإنسان قائم يتصرف بخلاف ما لو بال جالسا فإنه إذا نزل البول قد لا يتمكن من التصرف لأنه جالس ؟.
فيقال الأمر كذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلم بال قائما لأجل دفع هذه الحال ، ولكن هذا أعني دفع هذه الحال لا يبيح التبول قائما لو كان البول حراما لأن المحرم لا يجوز إلا عند الضرورة .
فالصواب جواز البول قائما وأنه لا كراهة فيه لكن بشرط أن يأمن من التلوث ، وأن يأمن النظر ممن يحرم عليه النظر إلى عورته .
وفيه دليل على أن الذي يقضي حاجته لا ينبغي أن يتكلم، من أين يؤخذ ؟ .
من قوله : ( فأشار إليه ) وهو كذلك ، وقد ورد الوعيد فيمن يتقابلان على قضاء الحاجة فيحدث أحدهما الآخر ، وأن الله يمقت على ذلك .
وفيه دليل على جواز البول على سباطة الغير أي مجمع زبلهم ، وهذا مشروط بما إذا لم يمنعوا من ذلك ، فإن منعوا من ذلك فإنه لا يحل لأحد أن يلوث عليهم سباطتهم ، وأما إذا لم يكن منع ولا ضرر فلا بأس .
ما هي السباطة.؟
الشيخ : لا لا ، الزبل يسموها الدمالة عندنا .
السائل : السباطة ما هي مجمع الزبل ؟.
الشيخ : إلا ، ما هي السطل، السطل إناء .
السائل : يعني ليست الزبالة القمامة وإنما ...
الشيخ : إلا، القمامة هي القمامة .
هل يشترط لجواز البول قائما ألا يكون عادة.؟
الشيخ : ما يشترط للجواز أن يكون عادة ، نقول يجوز وإن كان عادة لكن الأولى ألا يفعل ، لأن الغالب أنه يتلوث .
السائل : نقول للحاجة ؟.
الشيخ : لكن ما هي ضرورة حتى تبيح المحرم لو كان حراما ما أبيحت بهذا .
إعادة شرح الباب
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الوضوء من صحيحه :
" باب البول عند سباطة قوم ".
حدثنا محمّد بن عرعرة قال : حدثنا شعبة عن منصور عن أبي وائل قال : ( كان أبو موسى الأشعري يشدد في البول ).
الشيخ : هذا قرأناه .
الطالب : ...
القارئ : ( يشدد في البول ويقول إن في بني إسرائيل كان إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه ) .
فقال حذيفة : ( ليته امسك أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم سباطة قوم فبال قائما ).
الشيخ : هذا ليس فيه زيادة على ما سبق إلا قوله : " كان أبو موسى الاشعري يشدد في البول ". يعني يشدد في تطهيره ، ويقول : ( إن بني اسرائيل كان إذا أصاب ثوب أحدهم ) يعني أصاب ثوب أحدهم البول ( قرضه ) يعني قصه، وهذا من الآصار التي كتبت عليهم ، ويقال أن هذا هو ما عند اليهود ، وأما ما عند النصارى فالأمر بالعكس ، أي أنهم لا يهتمون بالبول إطلاقا ولا يغسلونه ، فكانت هذه الأمة وسطا بين تشديد اليهود وتسهيل النصاى والله أعلم .
وقول حذيفة : " ليته أمسك " يعني ليته أمسك عن التشديد، ثم استدل لذلك بكون النبي صلّى الله عليه وسلم بال عند سباطة قوم بال قائما ، يعني وكأنه يقول إن الغالب أن الذي يبول قائما لا بد أن يصيبه شيء من الرشاش .
ولعل هذا أصل قول من قال أن جميع النجاسات يعفى عن يسيرها وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، يعني يرى أن جميع النجاسات البول والدم كل النجاسات يعفى عن يسيرها ، ولعل هذا يصلح أن يكون أصلا فيما ذهب إليه الشيخ .
والشرح ، في الفتح ؟.
قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ
القارئ : " قوله : باب البول عند سباطة قوم ، كان أبو موسى الأشعري يشدد في البول ، بين ابن المنذر وجه هذا التشديد فأخرج من طريق عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أنه سمع أبا موسى ورأى رجلا يبول قائما فقال : ويحك أفلا قاعدا ، ثم ذكر قصة بني إسرائيل ، وبهذا يظهر مطابقة حديث حذيفة في تعقبه على أبي موسى، قوله : ثوب أحدهم . وقع في مسلم جلد أحدهم، قال القرطبي : مراده بالجلد واحد الجلود التي كانوا يلبسونها ، وحمله بعضهم على ظاهره وزعم أنه من الإصر الذي حملوه ، ويؤيده رواية أبي داوود ففيها : كان إذا أصاب جسد أحدهم، لكن رواية البخاري صريحة في الثياب ، فلعل بعضهم رواه بالمعنى، قوله : قرضه . أي قطعه ، زاد الاسماعيلي : بالمقراض ، وهو يدفع حمل من حمل القرض على الغسل بالماء ، قوله : ليته أمسك . وللاسماعيلي : لوددت أن صاحبكم لا يشدد هذا التشديد . وإنما احتج حذيفة بهذا الحديث لأن البائل عن قيام قد يتعرض للرشاش ولم يلتفت النبي صلّى الله عليه وسلم إلى هذا الاحتمال ، فدل على أن التشديد مخالف للسنة ، واستدل به لمالك في الرخصة في مثل رؤوس الابر من البول وفيه نظر ، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم في تلك الحالة لم يصل إلى بدنه منه شيء ، وإلى هذا أشار ابن حبان في ذكر السبب في قيامه قال : لأنه لم يجد مكانا يصلح للقعود فقام لكون الطرف الذي يليه من السباطة كان عاليا فأمن أن يرتد إليه شيء من بوله ، وقيل لأن السباطة رخوة يتخللها البول فلا يرتد إلى البائل منه شيء ، وقيل إنما بال قائما لأنها حالة يؤمن معها خروج الريح بصوت ففعل ذلك لكونه قريبا من الديار ".
الشيخ : عجيبة هذه، الله المستعان . يعني هو لازم يكون عند البول ريح، ما هو لازم .
القارئ : " ويؤيده ما رواه عبد الرزاق عن عمر رضي الله عنه قال البول قائما أحصن للدبر ، وقيل السبب في ذلك ما روي عن الشافعي وأحمد أن العرب كانت تستشفي لوجع الصلب بذلك ، فلعله كان به ، وروى الحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة قال : إنما بال رسول الله صلّى الله عليه وسلم قائما لجرح كان في مأبضه، والمأبض بهمزة ساكنة موحدة ثم معجمة باطن الركبة كأنه لم يتمكن لأجله من القعود ، ولو صح هذا الحديث لكان فيه غنى عن جميع ما تقدم ، لكن ضعفه الدارقطني والبيهقي ، والأظهر أنه فعل ذلك لبيان الجواز ، وكان أكثر أحواله البول عن قعود ، والله أعلم . وسلك أبو عوانة في صحيحة وابن شاهين فيه مسلكا آخر فزعما أن البول عن قيام منسوخ واستدل عليه بحديث عائشة الذي قدمناه : ما بال قائما منذ أنزل عليه القرآن ، وبحديثها أيضا : من حدثكم أنه كان يبول قائما فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعدا ، والصواب أنه غير منسوخ . والجواب عن حديث عائشة أنه مستند إلى علمها فيحمل على ما وقع منه في البيوت، وأما في غير البيوت فلم تطلع هي عليه ، وقد حفظه حذيفة وهو من كبار الصحابة ، وقد بينا أن ذلك كان بالمدينة فتضمن الرد على ما نفته من أن ذلك لم يقع بعد نزول القرآن ، وقد ثبت عن عمر وعلي وزيد بن ثابت وغيرهم أنهم بالوا قياما ، وهو دال على الجواز من غير كراهة إذا أمن الرشاش والله أعلم . ولم يثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلم في النهي عنه شيء كما بينته في أوائل شرح الترمذي والله أعلم ".
الشيخ : بارك الله فيك ، الأقرب والله أعلم هو أن الرسول عليه الصلاة والسلام احتاج إلى البول ولم يجد إلا تلك السباطة ، ولو بال قاعدا فإما أن يكون متجها إلى من حوله وهذا يؤدي إلى رؤية عورته ، وإما أن يكون مستدبرا من حوله فإذا كان جالسا فأن البول يرتد إليه لأن السباطة مرتفعة ، فإذا كان قائما إذا بال قائما صار البول أبعد عن مكان وقوفه ، فسلم من أن يرتد إليه البول .
لكن أبا موسى رضي الله عنه كان يشدد في البول وكأنه ينهى عن البول قائما خوفا من الرشاش ، فبين حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم فعله ، وقد سبق أنه جائز بشرطين :
الأول أن يأمن التلويث ، والثاني أن يأمن الناظر .
البول قائما غالبا يصيب الثوب فهل ينضحه.؟
الشيخ : لا من لم يدري ما فيه إشكال معفو عنه ، لكن إذا درى .
السائل : ...
الشيخ : إذا تيقن ، وأما إذا كان فيه شك مثل أحس برشة على ساقه فقال أخشى أن تكون أصابت السروال مثلا ، نقول له اغسل الساق لأنه متيقن ، والسروال ما هو على كل حال أصابه الرشاش أيضا .
ما هي السباطة.؟
الشيخ : الزبل المجمع .
ما وجه قول البخاري والتستر بالحائط.؟
الشيخ : السباطة خلف الحائط، الحائط المراد الجدار.
السائل : ...
الشيخ : مستتر من جهة، السباطة يمكن خارج الجدار .
باب : غسل الدم
حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا يحيى عن هشام قال حدثتني فاطمة عن أسماء قالت جاءت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت أرأيت إحدانا تحيض في الثوب كيف تصنع قال تحته ثم تقرصه بالماء وتنضحه وتصلي فيه
14 - حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا يحيى عن هشام قال حدثتني فاطمة عن أسماء قالت جاءت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت أرأيت إحدانا تحيض في الثوب كيف تصنع قال تحته ثم تقرصه بالماء وتنضحه وتصلي فيه أستمع حفظ
حدثنا محمد هو ابن سلام قال حدثنا أبو معاوية حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي قال وقال أبي ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت
الشيخ : عندي بالكسر : ( ذلكِ ) عندكم بالكسر ؟.
القارئ : عندي بالفتح .
الشيخ : طيب يصح .
القارئ : فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : ( لا إنما ذلكَ عرق وليس بحيض ، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا ادبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي ) قال : وقال أبي : ( ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت ).
الشيخ : قال البخاري رحمه الله : " باب غسل الدم " والدم هنا يحتمل أن يراد به العموم يعني الدم من حيث هو دم ، فتكون أل هنا إما للعموم أو لبيان الحقيقة ، ويحتمل أن يكون المراد بالدم : الدم المعهود الذي وقع السؤال عنه بالحديث ، وهو دم الحيض .
وأكثر العلماء يستدلون بحديث فاطمة بنت أبي حبيش وغيره على أن الدم مطلقا نجس ، وأنه يجب غسله إلا ما بقي بعد ذكاة البهيمة في الدم والعروق فإنه طاهر وليس بنجس ، لأنه بقي بعد أن كانت الذبيحة حلالا ، وينبغي أن نفصل فنقول مثلا : الدم من حيوان نجس نجس ، ولا يعفى عن يسيره ، ويغسل كدم الحمار ودم الكلب والسباع ودم الخنزير وما أشبه ذلك ، هذا نجس لقول الله تبارك وتعالى : (( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس )) .
والقسم الثاني : الدم مما ميتته طاهرة ، أي دم ما ميتته طاهرة ، فهذا ليس بنجس كدم السمك وكذلك الدم الذي يكون من بعض الحيوانات الصغيرة التي تكون ميتتها طاهرة مثل الذباب، الذباب فيه شيء من الدم لكنه ليس بنجس لأن ميتته طاهرة ، فكل شيء ميتته طاهرة فدمه طاهر إلا الآدمي على رأي الجمهور ، فإن ميتته طاهرة ودمه نجس لكن يعفى عن يسيره .
القسم الأول نجس .
والثاني ما ميتته طاهرة فدمه طاهر .
الثالث الطاهر الذي ميتته نجسة فهذا دمه نجس لكن يعفى عن يسيره كدم الشاة والبعير والبقرة والدجاجة وما أشبه ذلك ، هذه دمها نجس لأن ميتتها نجسة ، ولكن يعفى عن يسيره لمشقة التحرز منه غالبا ، هذه أنواع الدماء .
وبقي دم الآدمي، أكثر العلماء على أنه نجس ، وقال بعض العلماء أنه ليس بنجس إلا ما خرج من السبيلين ، واستدلوا لذلك بأن ميتته طاهرة فهو كدم السمك فهو أي دم الآدمي كدم السمك ، واستدلوا أيضا بحديث : ( ما أبين من حي فهو كميتته ) فإذا كان العضو إذا قطع مع اشتماله على الدم يكون طاهرا فالدم من باب أولى ...
واستدلوا أيضا بأن الصحابة كانوا يجرحون في الجهاد ويصلون في جراحاتهم لا يغسلونها من أبدانهم ، ولا يغسلون ثيابهم من الدم .
وأما ما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام من أن فاطمة كانت تغسل الدم عن وجهه في غزوة أحد فليس هذا متعينا أن يكون من أجل نجاسته ، قد يكون من أجل تنظيف الوجه عن الدم .
والذي يظهر لي أنه ليس هناك دليل على نجاسة دم الآدمي إلا ما خرج من السبيل ، لكن مراعاة لقول جمور العلماء ينبغي للإنسان أن يتنزه منه ، وإذا أصابه أن يغسله وينظفه .
أما الحديثان اللذان ذكرهما المؤلف قال : ( جاءت امرأة النبي صلّى الله عليه وسلم ) تقوله أسماء فقالت : ( أرأيت إحدانا تحيض في الثوب كيف تصنع ؟ قال : تحته ) تحت ماذا ؟ الحيض يعني دم الحيض ، لأن الدم يتجمد فإذا تجمد فإنه يحت لأن له عنيا .
وهذه الجملة أعني قوله : ( تحته ) فيها دليل على رد قول من يقول إن دم الحيض لا يتجمد ، لأن بعض الأطباء المعاصرين قال أن الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة أن دم الحيض لا يتجمد ، وأن دم الاستحاضة يتجمد ، قال لأن دم الحيض هو عبارة عن انفجار الأكياس التي في الرحم ، وقد تجمدت من قبل ، لكن هنا الحديث يدل على أنه يتجمد .
قال : ( ثم تقرصه بالماء ) القرص هو الدلك بأطراف الأصابع ، والناس يسمونه عندنا إذا مسكت يد الإنسان هكذا ، ما تسمونه ؟ .
يسمونه قرص ، هذا القرص يعني هذا الثوب مثلا تقرصه هكذا بأصابعها ، وتنضحه بعد ما تقرصه بالماء، تنضحه يعني تغسله وتصلي فيه ، فصارت المراتب :
أولا الحت ثم القرص ثم النضح الذي هو الغسل، ثلاث مراتب .
أما قولها : ( ثم تصلي فيه ) فهذا يدل على أن المرأة يجوز أن تصلي بثياب الحيض بعد أن تطهرها .
15 - حدثنا محمد هو ابن سلام قال حدثنا أبو معاوية حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي قال وقال أبي ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت أستمع حفظ
فوائد
ويستفاد منه أن إزالة النجاسة واجبة لمن أراد أن يصلي ، وهذا يدل عليه أيضا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم صلى ذات يوم في نعليه ، وفي أثناء الصلاة خلع نعليه فخلع الصحابة نعالهم ثم سألهم : ( ما بالكم ؟ ) قالوا : رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا ، فقال : ( إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا ) فخلعه ، فهذا يدل على أنه لا يجوز للإنسان أن يصلي في لباس نجس .
وفي هذا الحديث أيضا من الفوائد أنه إذا كانت النجاسة عينا فلا بد من إزالتها قبل الغسل ، من أين يؤخذ ؟ .
من قوله : ( تحته ثم تقرصه بالماء ) .
ومن فوائد هذا الحديث أنه ينبغي عند غسل النجاسة أن تبدأ أولا بصب ماء خفيف عليه ، لأنك لو صببت ماء كثيرا وهي موجودة فهذا الماء بالضرورة سوف ينتشر في المكان انتشارا كثيرا أكثر مما لو كان قليلا ، فأنت أولا أزلها بالماء القليل ثم بعد ذلك بالماء الكثير .
ما فائدة تسمية الصحابية مع أنها لا تضر الجهالة بها.؟
الشيخ : كيف؟ .
السائل : يعني ما فائدة تسمية عائشة ؟ .
الشيخ : هذا السؤال يرد على كل حديث روته امرأة ؟ .
السائل : نعم .
الشيخ : ليس بلازم ، لأنه فرق بين المجهول الذي حكم بعدالته حكما ، وبين المعين الذي علمت عدالته ، فالمجهول من الصحابة عدل حكما ، لكن المعلوم عدل عينا نعرفه ، هذا الفرق فلا بد .
قول أن دم الحيض لا يتجمد فكيف أمرها بحته.؟
الشيخ : كيف هذا ؟
السائل : لأنه قوله صلّى الله عليه وسلم ( تحته ) فربما يبس الدم ...
الشيخ : إذا يبس بارك الله فيك وهو ليس له جرم يعني ما تجمد ما احتاج إلى حت .
السائل : ...
الشيخ : لا ، إذا يبس تجمد .
السائل : ...
الشيخ : ما أعرف فرق بين التيبس والتجمد .
السائل : ...
الشيخ : لكن هل أنت تقر هذا الآن ؟
السائل : نعم أقر .
الشيخ : على أن دم الحيض لا يتجمد ؟.
السائل : لا يتجمد صحيح .
الشيخ : لا يتجمد أبدا ؟ .
السائل : لا يتجمد ، لكن يعني إذا خلا من الماء والرطوبة ينشف وييبس لكن ما نقول تجمد أما الدم المعتاد الذي يخرج من العروق ييبس بنفسه بعوامل التجمد .
الشيخ : زين ، نحن نود أن يكون الحديث لا يعارض الطب .
السائل : هم يقولون هذا لأن عوامل التجمد ...
الشيخ : الحمد لله ، هذا الذي نبغي .
تتمة الشرح
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الوضوء من صحيحه :
" باب غسل المني وفركه ".
الشيخ : حديث فاطمة أظن ما شرحناه ؟.
طيب ، فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها أتت إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقالت : ( إني امرأة أستحاض فلا أطهر ) وهذا هو الاستحاضة أن يبقى الدم معها دائما أو لا ينقطع عنها إلا يسيرا أو يتجاوز الخمسة عشر يوما ، فهذه ثلاثة أحوال ، فما جاوز خمسة عشر يوما فهو استحاضة ، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال أن المرأة ناقصة في دينها وعقلها ، وذكر من نقصان الدين أنها إذا حاضت لم تصلي ولم تصم ، قال العلماء وهذا دليل على أن الحيض إذا جاوز الخمسة عشر فإن المرأة لا تدع الصلاة ، لئلا يكون أكثر وقتها ترك الصلاة .
وقيل أن الاستحاضة أن يستمر معها الدم ولا ينقطع في الشهر إلا يوما أو يومين أو نحو ذلك ، وقيل أن الاستحاضة أن لا تطهر أبدا ، وظاهر حديث فاطمة بنت حبيش أنها لا تطهر لأنها قال : امرأة استحاض فلا أطهر ، لكن للاحتياط أن يجعل ذلك إلى الخمسة عشر يوما ، وما زاد على ذلك فإنه يعتبر استحاضة إلا إذا كانت المرأة ممن يجتمع حيضها ، فإن بعض النساء تطهر ثلاثة أشهر وتحيض شهرا كاملا ، يعني يجتمع الحيض لها ، فهذه على حسب عادتها .
وقوله صلّى الله عليه وسلم : ( إنما ذلك دم عرق ) يجوز في الكاف الفتح والكسر ، وذلك أن كاف المخاطب باسم الاشارة يستعمل في اللغة العربية على وجوه ثلاثة :
الأول : أن يتبع المخاطب وهو الأفصح ، فإن كان مفردا مذكرا كان مفردا مفتوحا ، وإن كان مفردا مؤنثا كان مفردا مكسورا ، وإن كان مثنى كان مثنى في المذكر والمؤنت ، وإن كان مجموعا كان بالميم في جمع المذكر وبالنون في جمع المؤنث ، قال الله تعالى : (( قالت فذلكن الذي لمتنني فيه )) وقال الله تبارك وتعالى : (( ذلكما مما علمني ربي )) وقال تعالى : (( وتلكم الجنة التي أورثتموها )) فهذا هو الأفصح .
الاستعمال الثاني : أن تكون بالفتح للمذكر مطلقا يعني سواء أكان مفرد أو مثنى أو مجموعا، وبالكسر للمؤنث مطلقا سواء كان مفردا أو مثنى أو مجموعا.
الاستعمال الثالث : أن تكون بالفتح مطلقا سواء كان المخاطب رجلا أو امرأة واحد أو مثنى أو جمعا .
وقوله : ( إنما ذلك دم عرق ) إذا قال قائل : والحيض أليس دما ؟ .
فيقال بلى الحيض دم ، لكنه ليس دم عرق بل هو دم طبيعة وجبلة يعتاد الأنثى إذا بلغت ، وليس له سبب ، ودم العرق له سبب إما مرض أو أن تحمل شيئا ثقيلا أو ما أشبه ذلك، المهم أن دم العرق له سبب ودم الحيض دم طبيعي .
قال : ( فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي ) وإقبال الحيضة دخول زمنها ، وإدبار الحيضة انتهاء زمنها ، وعلى هذا فتكون المرأة المعتادة التي لها حيضة معلومة ترجع إلى عادتها ، وهذا لا شك أنه أريح .
وقال بعض العلماء ترجع إلى التمييز ، فإن دم الحيض له ميزة ليست لدم العرق ، الميزة يكون علامات دم الحيض أنه أسود ثخين منتن ، ودم العرق ليس كذلك ، لكن المشهور عند الحنابلة رحمهم الله أن المرجع إلى العادة أولا ، فإن لم يكن لها عادة بأن استحيضت ابتداء من أول ما جاءها الحيض فترجع إلى التمييز ، وكذلك لو كان لها عادة ولكن نسيتها لا تدري متى وقتها فإنها ترجع إلى التمييز .
طيب فإن لم يكن لها تمييز لا عادة ولا تمييز ؟.
فإنها ترجع إما إلى غالب النساء وإما إلى غالب نسائها ، والفرق بين القولين واضح ، إلى غالب النساء وهو ستة أيام أو سبعة، إلى غالب نسائها وهو أنه إذا كان لها قريبات عادتهن تسعة أيام فإنها ترجع إلى تسعة أيام ، وهذا أقرب من حيث الطبيعة ، لأن الغالب أن المرأة تكون طبيعتها كطبيعة قريباتها لأن هذه وراثة ، فتكون في الغالب ترجع إلى عادة أقاربها ، فإن لم يكن لها أقارب أو كانت عادة أقاربها مضطربة فإنها ترجع إلى عادة غالب النساء .
فالآن عندنا خلاف : هل يقدم التمييز أو يقدم العادة ؟ .
والصحيح تقديم العادة ، لأنها أقل اضطرابا وأقل تشويشا ، والتمييز ربما مع تغير الطبيعة ربما يتغير أيضا ، فتجد مثلا يحصل لها دم أسود في يوم أو يومين ثم أحمر ثم أسود ثم أحمر ثم تبقى مرتبكة ، فإذا قلنا ترجع إلى العادة انتهى الأمر ، عادتها ستة أيام من أول كل شهر ، نقول إذا اجلسي من أول كل شهر ستة أيام .
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( ثم اغسلي عنك الدم وصلي ) أي دم ؟ .
دم الحيض لأنه قال : ( وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي ) ، فهل دم الاستحاضة يجب التنزه منه والتطهر منه أو لا لأنه دم عرق ؟ .
الظاهر أن دم الاستحاضة كدم الحيض يجب التنزه منه لأنه خارج من السبيل ، إما من الرحم من أدناه أو من الطريق بين الرحم وبين الفرج الله أعلم .
وقوله : ( ثم صلي ) استدل به العلماء على أنه لا تمكن الصلاة مع النجاسة لأن ( ثم ) تفيد الترتيب .
قال : ( وقال أبي ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت )، توضئي لكل صلاة : قيل أنها تتوضأ لكل صلاة ولو في وقت واحد ، وقيل أن المراد أن تتوضأ لوقت كل صلاة ، فمثلا لا تتوضأ لصلاة الظهر قبل الزوال ولا لصلاة المغرب قبل الغروب ، وهل لها أن تجمع ؟ .
الجواب نعم لها أن تجمع ، لأن تطهرها لكل وقت بدون جمع يشق عليها بلا شك ، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما حين حكى : ( أن النبي صلّى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر ، قالوا : ما أراد إلى ذلك ؟ ) لماذا جمع ؟ ( قال : أراد ألا يحرج أمته . يعني أن لا يلحق بها الحرج بترك الجمع ).
ومعلوم أن المستحاضة يلحقها الحرج لو قلنا توضئي إذا دخل وقت الظهر ثم إذا دخل وقت العصر ثم إذا دخل وقت المغرب ثم إذا دخل وقت العشاء وصلي كل صلاة في وقتها ، سيشق عليها لا سيما وأن النساء يذكرن أن استعمال الماء في غسل الفرج يؤثر على المرأة ، وعلى هذا نقول لها أن تجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما حسب ما يتيسر لها ، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما حسب ما يتيسر لها ، وبين العشاء والفجر ؟ .
الطالب : لا .
الشيخ : لا تجمع بين العشاء والفجر ؟.
الطالب : النبي صلّى الله عليه وسلم ما جمع إلا بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء .
الشيخ : لكن جوابك أنت ، جوابك بالأول يفيد الجواز .
السائل : لا هذا قلت قيام الليل إذا أرادت أن تقوم بالليل .
الشيخ : لا، نسأل عن الجمع بين العشاء والفجر ، ما فيه جمع .
الجمع بين العصر والمغرب ؟. ما فيه .
أما امتناع الجمع بين العشاء والفجر فظاهر ، لأن بينهما وقتا ليس وقتا للصلاة ، إذ أن وقت العشاء ينتهي بنصف الليل، فما بعد نصف الليل ليس وقتا للعشاء .
وأما امتناع الجمع بين العصر والمغرب فلأن المغرب من صلاة الليل لكنه تختم بها صلاة النهار ، ولهذا جاء في الحديث أنها وتر النهار ، وليست من جنس صلاة العصر لأنها جهرية وصلاة العصر سرية .
والأصل الامتناع بعد هذا كله هو أنه لم يرد الجمع بين العصر والمغرب .
هل الجمع في حق من به سلس بول أو استطلاق ريح.؟
الشيخ : نعم ، إذا شق عليه .
من كانت في مدة حيضها فتوقف عنها الدم ثم عاد فهل هي استحاضة.؟
الشيخ : لا، تكون حيضة .
السائل : تميز ؟
الشيخ : ولو تميز ، لأنه ما زالت في عدة الحيض .
السائل : ...
الشيخ : العبرة بالتميز إذا زاد عن خمسة عشر يوما أو صار أكثر الوقت ، ثم لم تكن لها عادة أو لها عادة منسية .
ما دليل تحديد الاستحاضة بخمسة عشر يوما.؟
الشيخ : ما فيه دليل ، لكن فيه إشارة وهو نقصان الدين لكونها إذا حاضت لم تصلي ولم تصم ، حمله جماعة من العلماء ومنهم ابن رجب رحمه الله على أنها نصف الوقت ، لأن غالب التفاضل بين الرجال والنساء يكون على النصف .
السائل : ...
الشيخ : والله جيد هذا ، اللهم إلا إذا استمرت عادة لها أو كانت كما قلت لك يجتمع حيضها في شهر واحد وتبقى طاهرة في ثلاثة أشهر مثلا .
أما شيخ الإسلام رحمه الله يرى أن المستحاضة هي التي يكون أكثر وقتها الدم ، ما يقيده بمجاوزة خمسة عشر يوما .
السائل : ...
الشيخ : هو الظاهر.