تتمة ما دليل تحديد الاستحاضة بخمسة عشر يوما.؟
السائل : ...
الشيخ : والله جيد هذا ، اللهم إلا إذا استمرت عادة لها أو كانت كما قلت لك يجتمع حيضها في شهر واحد وتبقى طاهرة في ثلاثة أشهر مثلا .
أما شيخ الإسلام رحمه الله يرى أن المستحاضة هي التي يكون أكثر وقتها الدم ، ما يقيده بمجاوزة خمسة عشر يوما .
السائل : ...
الشيخ : هو الظاهر. الظاهر إذا كان يوم أو يومين لا ينقطع عنها إلا يسيرا ، وهذا هو كلام شيخنا رحمه الله عبد الرحمن السعدي في كتابه منهج السالكين ، يقول هي التي يستمر عليها الدم أو لا ينقطع عنها إلا يسيرا.
السائل : ...
الشيخ : هذا يدل على ما ذكره ابن رجب وغيره .
باب : غسل المني وفركه ، وغسل ما يصيب من المرأة
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الوضوء من صحيحه :
" باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة ".
الشيخ : " غسل المني وفركه "، غسله في حال ما إذا كان رطبا ، وفركه في ما إذا كان يابسا، ثم ما هو المني ؟ .
المني هو أحد ما يخرج من الذكر ، والذي يخرج أربعة أصناف : المني والمذي والودي والبول، عدها يا أخي ؟ ...
الطالب : المني والمذي والودي والبول .
الشيخ : أما المني فهو الذي يخرج عند اشتداد الشهوة دفقا ، ولذلك سمي منيا فهو فعيل بمعنى مفعول ، يعني أنه مدفوق يندفق بشدة أو بمعنى فاعل لأن فعيلا تأتي بمعنى فاعل كرحيم وتأتي بمعنى مفعول كجريح ، ولكن القرآن يدل على أنه بمعنى فاعل كما قال تعالى : (( خلق من ماء دافق )) هذا المني لا يجب غسله لكنه أفضل ، وليس لنجاسته بل لذهاب صورته ، فينظف الثوب منه كما ينظف من المخاط ، والحكمة في ذلك أن قوة الحرارة الذي بها خرج هذا الماء الدافق لطفته حتى لم يكن نجسا .
ورأيت في كتاب بدائع الفوائد وهو يتكلم على طاهرة المني ويأتي بأدلة وتعديلات ، قال أنه جرت مناظرة بين ابن عقيل رحمه الله وبين رجل آخر يقول أن المني نجس ، وابن عقيل يقول أن المني طاهر ، فقيل له ماذا بينكما ؟ قال أنا أحاول أن أجعل أصله طاهرا وهو يحاول أن يجعل أصله نجسا ، وهذا صحيح هذا واقع ، فالإنسان الحمد لله طاهر وأصله أيضا طاهر وهذا هو الصحيح .
أما المذي فإنه يخرج عقب الشهوة وبدون إحساس إلا في رطوبته فقط ، والناس يختلفون فيه : منهم من هو كثير المذي ، ومنهم متوسط ومنهم القليل ، ومنهم المعدم ، فقد حدثني بعض الأخوان أنه ما رأى المذي في حياته أبدا ، وهو أعني المذي بين البول وبين المني ، يعني أن نجاسته مخففة ، وما يجب من التطهير بسببه أكثر مما يجب من البول .
أما كون نجاسته مخففة فقد جاء في السنة بنضحه ، والنضح أن يصب الماء عليه بدون غسل ولا فرك ، ولعل الحكمة من ذلك من وجهين :
الوجه الأول : عدم التخلص منه فيكون في غسله مشقة كلما أمذى الإنسان ذهب يغسل ثيابه وما لوثه فيه مشقة لا سيما من المذاء .
والثاني : أنه خرج من الشهوة فخففت غلظه ونجاسته، وأما كونه يختلف عن البول بالتطهير فلأنه يجب فيه غسل الذكر والأنثيين يعني الخصيتين وإن لم يصبهما شيء من المذي .
وذكر العلماء من فوائد ذلك أن غسل الذكر والأنثيين يخفف خروج المذي وربما يقطعه بالكلية ، وهذه من الفوائد الشرعية والطبية .
أما البول فمعروف .
وأما الودي فإنه عصارة البول ، وهو ماء أبيض رقيق يخرج عند انتهاء البول ، وربما يستمر مع بعض الناس ويصير معهم كالسلس ، وحكم هذا أعني الودي حكمه حكم البول لا يختلف عنه .
وقوله رحمه الله : " وغسل ما يصيب من المرأة " مقتضاه أن رطوبة فرج المرأة نجسة ، وهذا أحد قولين في المسألة ، وقيل أن رطوبة فرج المرأة ليست بنجسة .
وهذا هو الصحيح ، وعلى هذا فلو أن الإنسان أتى أهله ولم ينزل ثم نزع ورأى على ذكره بللا فإن هذا البلل يكون طاهرا لا يجب غسله، وعلى قول من يرى نجاسة فرج المرأة يقول أنه يجب غسله ويغسل ما أصاب الثوب منه .
وظاهر كلام البخاري رحمه الله الثاني أو الأول ؟ .
الطالب : الأول .
الشيخ : ما هو الثاني ؟، وجوب الغسل، ظاهر كلامه رحمه الله وجوب الغسل ، وعلى هذا فيكون على رأيه نجسا ، لكن الصحيح أنه طاهر كما أشرت لكم من وجهين :
الوجه الأول : المشقة .
والوجه الثاني : أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يرد عنه أنه أوجب غسل ما أصابه .
حدثنا عبدان قال أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا عمرو بن ميمون الجزري عن سليمان بن يسار عن عائشة قالت كنت أغسل الجنابة من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه
3 - حدثنا عبدان قال أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا عمرو بن ميمون الجزري عن سليمان بن يسار عن عائشة قالت كنت أغسل الجنابة من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه أستمع حفظ
فوائد
وهذه المسألة يرى بعض العلماء أنه لا يجب على المرأة أن تخدم زوجها ، وأنها إن خدمت زوجها فهي من باب التطوع وإلا فلا يجب عليها ، وعلى هذا فإذا لم يأت الزوج بخادمة ودخل إلى البيت وقال سوي العشاء فقالت لن أخدمك، سوي العشاء أنت، تلزمه بذلك أم لا ؟ .
نعم تلزمه بذلك .
الطالب : على رأي هؤلاء ؟ .
الشيخ : اي على رأي هؤلاء تلزمه بذلك ، فتقول إما أن تسوي أنت وإلا اطالع للسوق وأحضر جاهز ، ولا شك أن هذا قول يعني حتى الطبائع البشرية تنفر منه ، والصواب في هذا أن الواجب بين الزوجين ما ذكره الله عز وجل حيث قال : (( وعاشروهن بالمعروف )) فما جرى به العرف فهو الواجب سواء كان من حق الزوج على الزوجة أو من حق الزوجة على الزوج .
فمثلا إذا كنا في بلاد لا تخدم النساء أزواجهن في البيوت ولا في الطبخ ولا في الغسل قلنا نعمل بهذا، وإذا كنا في بلاد بالعكس قلنا لا بد أن تلزم الزوجة بما جرت به العادة ، فمثلا عندنا - نسأل الله أن يديم هذه العادة الطيبة التي سأذكرها - عندنا النساء يخدمن الرجال في غسل البيت وفي الطهي وفي غسل الثياب ، وفي إصلاح حوش الغنم والبقر وما أشبه ذلك ، فنخشى الآن بسبب التوسع وكثرة الخادمات أن تضرب النساء فيما بعد ، وأن تقول سوي العشاء بيدك ، واغسل البيت أنت وهي نائمة على السرير ، وهذا الرجل المسكين يكد ، لكن هذا إن شاء الله لن يكون ، إن شاء الله نرجو الله ألا يكون .
فنحن نرى كما سمعتم أن الواجب الرجوع إلى العرف لأن الله أحالنا عليه قال : (( وعاشروهن بالمعروف )) وقال في آية أخرى : (( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف )) فعليهن ما جرى به العرف ولهن ما جرى به العرف، وهذه عائشة رضي الله عنها تخدم النبي عليه الصلاة والسلام ، ومع ذلك كان الرسول صلّى الله عليه وسلم أيضا يخدم أهله ( كان في مهنة أهله عليه الصلاة والسلام ، وكان يخصف نعله ، وكان يخيط ثوبه ) .
وقد كان عمل الصحابة على عرفنا اليوم حتى إن الزبير رضي الله عنه له حائط خارج المدينة وتحمل امرأته النوى من المدينة إلى حائطه على رأسها ، لأن ذلك مما جرى به العرف، فإذا قالوا لعل هذا تطرف وأنها لو شاءت لامتنعت ؟
قلنا نعم هذا وارد ، لكنه يمنعه أنه أمر مضطرد ، وأنه لا يمكن أن تلزم النساء بهذا أو يضطرد العرف بهذا دون أن تشعر المرأة بأنه من باب التبرع وليس من باب الواجب .
حدثنا قتيبة قال حدثنا يزيد قال حدثنا عمرو يعني ابن ميمون عن سليمان بن يسار قال سمعت عائشة ح و حدثنا مسدد قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا عمرو بن ميمون عن سليمان بن يسار قال سألت عائشة عن المني يصيب الثوب فقالت كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة وأثر الغسل في ثوبه بقع الماء
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الوضوء من صحيحه :
" باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة ".
وحدثنا مسدد قال : حدثنا عبد الواحد قال : حدثنا عمرو بن ميمون عن سليمان بن يسار قال : ( سألت عائشة عن المني يصيب الثوب ؟. فقالت : كنت أغسله من ثوب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة وأثر الغسل في ثوبه بقع الماء ).
5 - حدثنا قتيبة قال حدثنا يزيد قال حدثنا عمرو يعني ابن ميمون عن سليمان بن يسار قال سمعت عائشة ح و حدثنا مسدد قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا عمرو بن ميمون عن سليمان بن يسار قال سألت عائشة عن المني يصيب الثوب فقالت كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة وأثر الغسل في ثوبه بقع الماء أستمع حفظ
باب : إذا غسل الجنابة أوغيرها فلم يذهب أثره
حدثنا موسى بن إسماعيل المنقري قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا عمرو بن ميمون قال سألت سليمان بن يسار في الثوب تصيبه الجنابة قال قالت عائشة كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يخرج إلى الصلاة وأثر الغسل فيه بقع الماء
7 - حدثنا موسى بن إسماعيل المنقري قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا عمرو بن ميمون قال سألت سليمان بن يسار في الثوب تصيبه الجنابة قال قالت عائشة كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يخرج إلى الصلاة وأثر الغسل فيه بقع الماء أستمع حفظ
حدثنا عمرو بن خالد قال حدثنا زهير قال حدثنا عمرو بن ميمون بن مهران عن سليمان بن يسار عن عائشة أنها كانت تغسل المني من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم أراه فيه بقعةً أو بقعًا
8 - حدثنا عمرو بن خالد قال حدثنا زهير قال حدثنا عمرو بن ميمون بن مهران عن سليمان بن يسار عن عائشة أنها كانت تغسل المني من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم أراه فيه بقعةً أو بقعًا أستمع حفظ
فوائد
وفيه دليل على جواز التصريح بما يستحيا من ذكره إذا دعت الحاجة إليه ، لأن هذا من بيان الحق ، وقد قال الله تبارك وتعالى : (( والله لا يستحيي من الحق )).
وفيه أيضا ما أشرنا إليه البارحة من أن المرأة تخدم زوجها ، ولكن ذلك مقيد بالعرف .
هل في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يحتلم.؟
الشيخ : لا، ما فيه دليل .
السائل : لأنها إذا كانت تغسل الجنابة من الثوب فالنبي عليه الصلاة والسلام إما أن يجامع أو يحتلم ، فإن كان يجامع فلن يصيب الثوب .
الشيخ : الرسول صلى الله عليه وسلم أليس يباشر بدون جماع ؟.
السائل : أي نعم لكنه كان .
الشيخ : المباشرة ...
السائل : يملك الإرب ؟.
الشيخ : اي المباشرة يخرج منها الشي ، أما الاحتلام فمن خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام أنه لا يحتلم .
السائل : وتفصيل بعض العلماء أحسن الله إليك في أن احتلام النبي عليه الصلاة والسلام ينقسم إلى قسمين : إما احتلام من تلاعب الشيطان فهذا محفوظ منه .
الشيخ : نعم .
السائل : والقسم الثاني أن يكون فيه زيادة من الماء فيخرج هذا الزائد، هذا يقع من النبي .
الشيخ : العلماء الصحيح أنه على عمومه ، لكن مسألة أن يخرج المني ويكون على ثيابه سهل جدا ما فيه إشكال .
باب : أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها ، وصلى أبو موسى في دار البريد والسرقين : والبرية إلى جنبه ، فقال : ههنا وثم سواء .
( وصلى أبو موسى في دار البريد والسرقين والبرية إلى جنبه ، فقال : ها هنا وثم سواء ).
11 - باب : أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها ، وصلى أبو موسى في دار البريد والسرقين : والبرية إلى جنبه ، فقال : ههنا وثم سواء . أستمع حفظ
حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال قدم أناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا النعم فجاء الخبر في أول النهار فبعث في آثارهم فلما ارتفع النهار جيء بهم فأمر فقطع أيديهم وأرجلهم وسمرت أعينهم وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون قال أبو قلابة فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله
قال أبو قلابة : ( فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله ).
12 - حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال قدم أناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا النعم فجاء الخبر في أول النهار فبعث في آثارهم فلما ارتفع النهار جيء بهم فأمر فقطع أيديهم وأرجلهم وسمرت أعينهم وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون قال أبو قلابة فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله أستمع حفظ
حدثنا آدم قال حدثنا شعبة قال أخبرنا أبو التياح يزيد بن حميد عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل أن يبنى المسجد في مرابض الغنم
الشيخ : هذا الباب يقول رحمه الله : " باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها ". يعني هل هي نجسة أو لا ؟ .
ثم استدل رحمه الله لطهارة الإبل بطهارة أبوال الإبل بأن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر هؤلاء الرهط من عكل أو عرينه ، وإنما قال أو عرينه ليس للشك بل لأنهم من هؤلاء وهؤلاء ، فـ : أو ، بمعنى الواو .
ووجه الدلالة واضحة أن الرسول صلّى الله عليه وسلم أمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها ولم يأمرهم بغسل ما أصابهم من هذه الأبوال ولو كانت الأبوال نجسة لكانت الحاجة داعية إلى أن يبين ذلك لهم ، فهل يقاس عليها بقية الدواب ؟ .
يقال في ذلك تفصيل : أما الدواب المأكولة فتقاس عليها إذ لا فرق ، وأما الدواب غير المأكولة فلا تقاس مثل : الحمار والكلب والهر وغير ذلك ، كل ما لا يؤكل لحمه فبوله وروثه نجس .
فيكون قول البخاري : " والدواب " يعني التي تؤكل .
قال : " والغنم " واضح أن أبوال الغنم طاهرة .
" ومرابضها " يعني ما تربض فيه ، والذي تربض فيه الدواب في الغالب يكون فيه بول وروث ، فهل ما تربض فيه نجس ؟ .
الجواب لا، ليس بنجس حتى معاطن الإبل ليست بنجسة ، لكن قد نهي عن الصلاة في معاطن الإبل لسبب غير النجاسة ، وهي أن الإبل خلقت من الشياطين ، والشياطين تألفها ، ويقال أنها تأوي إلى معاطنها ، فلهذا نهي عن الصلاة في معاطن الإبل لا لنجاستها ولكن لأن الشياطين تأوي إلى المعاطن ، ثم المعاطن ليست كالمرابض التي تربض فيها الليلة ثم تغادر هذا لا يسمى عطنا ، يعني لو أن إبلا عرس أهلها وباتوا في هذا المكان وبالت وراثت ، ثم قاموا من هذا المكان وانصرفوا عنه ، فهل تجوز الصلاة في هذه المرابض ؟ .
نعم لأنها ليست معاطن، المعاطن قال بعض العلماء هي ما تقيم فيه وتأوي إليه يعني مثل الأحواش ، وقيل أن المعاطن ما تعطن فيه إذا شربت ، لأن من عادة الإبل إذا شربت أن تتأخر أو تتقدم عن مكان الشرب ثم تتبول وتروث ، هذه من عادتها ، والناس لا يزالون يسمون ما حول الموارد يسمونه عطنا ، ولعل الأمر يشمل هذا وهذا ، أنها ما تقيم فيه وتأوي إليه وكذلك ما تقف فيه بعد الشرب .
وقوله : " وصلى أبو موسى في دار البريد والسرقين " السرقين هو الذي يسمى عندنا السرجين، عرفتم ؟ ويسمى الزبل ، عرفتم ؟ .
طيب، هذا السرقين ، يعني أنه صلى على السرقين ، لأن السرقين إذا لم نتيقن أنه من نجاسة فهو طاهر ، لكن قوله : " في دار البريد " ما أدري لماذا ذكرها ، في الشرح، ماذا يقول ؟ . كلمة أو كلمتين ؟.
الطالب : ...
الشيخ : لكن ما وجه الإشكال فيها .
13 - حدثنا آدم قال حدثنا شعبة قال أخبرنا أبو التياح يزيد بن حميد عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل أن يبنى المسجد في مرابض الغنم أستمع حفظ
قراءة من الشرح مع التعليق
الشيخ : يكفي، عرفنا صار قوله : " في دار البريد والسرقين " يعني أن معناها شيء واحد ، يعني كأنه قال صلى على السرقين في دار البريد ولم يخرج إلى البرية ، وبهذا يزول الإشكال .
تتمة الشرح
ثم ذكر حديث الجماعة الذين قدموا المدينة من عكل أو عرينة ( فاجتووا المدينة ) يعني لم يصحوا فيها فأصابهم المرض ( فأمرهم النبي صلّى الله عليه وسلم بلقاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها ، فانطلقوا إلى إبل الصدقة وشربوا من الأبوال والألبان ) وكيف ذلك ؟ . هل يشربون اللبن وحده والبول وحده أو يخلط ؟ .
المعروف أنه يخلط ، وقد كان الناس يتداوون بذلك ، وأكثر من يتداوى به من يصاب بداء البطن، داء البطن أحيانا يكون فيه يعني ينتفخ ويمتلئ ماء في غير المعدة، وهذا بإذن الله من أسباب الشفاء إذا استعمل.
يقول : ( فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم واستاقوا النعم )، وفي رواية : ( أنهم سمروا أعين الراعي بمخايط الحديد ) وهذا جزاء النعمة :
جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر .. وحسن فعل كما يجزي سنمار.
أتعرفون قصة سننمار ؟ . سننمار بنى لملك من الملوك قصرا عظيما فخما لا يماثله شيء ، فلما انتهى من القصر ، قال هذا الرجل أخشى أن يذهب ويبني لغيري مثله أو أحسن منه ، فما هو الطريق ؟ .
قال الطريق اقتله ، اصعد به إلى فوق وألقيه من أعلى شرفات القصر وينتهي الموضوع ، ما يبني بعد ذلك لأحد، ففعل نسأل الله العافية .
والعوام يقولون جزاء ناقة الحج ذبحها، يعني ناقة الحج التي توصله للحج إذا رجع جزاؤها أن يذبحها، هؤلاء والعياذ بالله جزاء هذه النعمة التي أنعمها النبي صلّى الله عليه وسلم عليهم أنهم : ( قتلوا الراعي وسمروا عينيه واستاقوا الإبل ، وجاء الخبر في أول النهار فبعث النبي صلّى الله عليه وسلم في آثارهم ) وكأن ناحيتهم قريبة لأن الخبر جاء مبكرا والاتيان بهم أيضا يقول : ( لما ارتفع النهار جيء بهم ) .
( فأمر فقطع أيديهم وأرجلهم ) وظاهر هذا اللفظ أنه قطع الأربعة ، وفي بعض سياقاته ( قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ) أي قطع اليمنى اليد واليسرى الرجل .
( وسمرت أعينهم ) يعني كحلت بالمسامير ، تحمى المسامير حتى تكون جمرا ثم تكحل بها العين والعياذ بالله، تنفقع ، لأنهم فعلوا ذلك براعي النبي صلّى الله عليه وسلم .
( وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون ) عقوبة صارمة ، ألقوا في حرة المدينة، وتعرفون أن الحرة حجارة سود حارة جدا ، ألقوا فيها فاشتد عليهم الحر والعطش ، وجعلوا يستسقون ولكن الناس لا يسقونهم حتى ماتوا .
وهذه عقوبة غليظة لأن الجزاء من جنس العمل، فعلتهم والعياذ بالله شنيعة ، فلذلك عوقبوا بهذه العقوبة ، قال بعض العلماء : إن هذه العقوبة نسخت بالحدود ، لأن الحدود أغلظ ما فيها حد قطاع الطريق ولا يفعل بقاطع الطريق كما فعل بهؤلاء ، قالوا فهذا تعزير حصل قبل أن تنزل الحدود فلما نزلت الحدود اكتفي بها، وقد ذكر الله عز وجل في كتابه : (( إن الذي يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا )) جزاؤهم ماذا ؟ (( أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض )) وليس فيه أنهم تقطع أيديهم وأرجلهم ، ثم يجعلون في مكان حار يستسقون فلا يسقون حتى يموتوا .
وقد يقال أنه إذا وجد مثل هذه المسألة بالعين قلنا أن نعاقب بهذه العقوبة سواء كان قبل الحدود أو بعدها.
قال أبو قلابة : " فهؤلاء سرقوا "، سرقوا ماذا ؟ سرقوا الإبل لأنهم استاقوها، " وقتلوا " الراعي .
" وكفروا بعد إيمانهم " وهذا ليس في الحديث ما يدل عليه ، لكن كأن حالهم أو قرينة حالهم تدل على أنهم ارتدوا والعياذ بالله وكفروا بعد إيمانهم .
والرابعة : " حاربوا الله ورسوله " لأنهم سعوا في الأرض فسادا ، والسعي في الأرض فسادا حرب لله ورسوله .
الشاهد من هذا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمرهم أن يشربوا من أبوال الإبل ، ولم يأمرهم بالتنزه منها فدل هذا على أن أبوالها طاهرة .
وأما الحديث الثاني فهو : ( كان النبي صلّى الله عليه وسلم يصلي قبل أن يبنى المسجد في مرابض الغنم ) فدل ذلك على أن أرواث الغنم وأبوالها طاهرة وإلا لم يصلي فيها .
وقوله : ( قبل أن يبنى المسجد ) أي مسجد هذا ؟.
مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام المسجد النبوي ، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم قدم المدينة وأول ما سعى أن بنى المسجد ، وكان فيه قبور المشركين نبشها وطهر المكان منها ثم بناه .
الطالب : ... يقول أنها رواية ثانية : ( وكفروا بعد إيمانهم ) .
الشيخ : رواية ؟
الطالب : ثابتة وليست موقوفة على أبي قلابة .
الشيخ : كيف يقول ؟
الطالب : في الشرح : " قوله : وكفروا . هو في رواية سعيد عن قتادة عن أنس في المغازي ، وكذا في رواية وهيب عن أيوب في الجهاد في أصل الحديث وليس موقوفا على أبي قلابة كما توهمه بعضهم ".
الشيخ : أحسنت .
في قصة العرنيين هل عوقبوا قصاص أو تعزيرا.؟
الشيخ : هو أظنه الزهري قال هذا ، لكن لم يعاقبوا بمثل ما فعلوا إلا في سمر الأعين ، فإنه جاء في رواية مسلم أنهم فعلوا ذلك ، لكن هل قطعوا أيدي الراعي وأرجله ؟ .
السائل : ...
الشيخ : إذن ما هو قصاص .
السائل : ...
الشيخ : لعظم فعلهم عوقبوا بهذه العقوبة الغريبة .
هل في الحديث أن الجماعة إذا اتفقوا على القتل يعاقبوا جميعا.؟
الشيخ : إي نعم ، يستفاد من هذا الحديث أن الجماعة إذا اتفقوا وإن لم يباشروا الفعل كلهم ، فإن الحكم فيهم واحد .
ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله : يقتل الجماعة بالواحد ، بأحد أمرين ما هما ؟ .
إذا تمالؤوا على ذلك أو صلح فعل كل واحد لقتله ، فإنه تقتل الجماعة بالواحد . فاهمين يا منصور؟ .
إذا تمالؤوا وإن لم يباشر الباقون القتل .
الثاني : أو صلح فعل كل واحد لقتله وإن لم يعلم كل واحد بالآخر . مثل أن يكون اثنان حذفا شخصا بحجارة قاتلة لكن بدون أن يعلم كل واحد منهما بالآخر ، إنما كل واحد منهم رميته قاتله ، فهنا يقتل الرجلان .
أو تمالؤوا وإن لم يباشر الآخر فإنهم يقتلون، لو قال أحدهما للآخر : اذهب بنا نقتل فلان ، فذهبا وقتلاه فإنهما يقتلان وإن كان المباشر للقتل أحدهما .
وكذلك الردء الذي يكون عينا للقتلة ، ما معنى عينا لهم ؟ .
يعني يرقب المكان حتى لا يأتي أحد فإنه يقتل .
فالقاعدة إذن أنه تقتل الجماعة بالواحد إذا تمالؤوا على ذلك أو صلح فعل كل واحد للقتل ، فإن لم يصلح فعل كل واحد للقتل ولا تمالؤوا فإن كل واحد منهم يعاقب بما يقتضيه فعله .
ولهذا قال العلماء : لو أن رجلا أمسك شخصا فقتله آخر فإنه يقتل القاتل ويحبس الممسك حتى يموت ، لأن الممسك ما قتل ولا مالأ .
نقف على : باب ما يقع من النجاسات .
قراءة من الشرح
الطالب : ...
الشيخ : الزهري في عظام الموتى : " أدركت ناسا من سلف العلماء يمتشطون بها ويدهنون فيها "؟.
الطالب : ...
الشيخ : لا، لا بد أن يذكر شيئا كيف ؟.
الطالب : " قوله : وقال الزهري في عظام الموتى نحو الفيل وغيره أي مما لا يؤكل : أدركت ناسا أي كثيرا ، والتنوين للتكثير ، قوله ويدهنون بتشديد الدال من باب الافتعال ويجوز ضم أوله وإسكان الدال ، وهذا يدل على أنهم كانوا يقولون بطهارته ، وسنذكر الخلاف فيه قريبا ".
الشيخ : يمكن في مبحث الباب .
الطالب : ...
الشيخ : بعده بخمسة أسطر ؟.
القارئ : " قوله وقال الزهري في عظام الموتى نحو الفيل وغيره أي مما لا يؤكل، أدركت ناسا أي كثيرا والتنوين للتنكير، قوله ويدهنون بتشديد الدال من باب الافتعال ويجوز ضم أوله وإسكان الدال ، وهذا يدل على أنهم كانوا يقولون بطهارته وسنذكر الخلاف فيه قريبا، قوله وقال ابن سيرين وإبراهيم لم يذكر السرخسي إبراهيم في روايته ولا أكثر الرواة عن الفربري، وأثر ابن سيرين وصله عبد الرزاق بلفظ : أنه كان لا يري بالتجارة بالعاج بأسا، وهذا يدل على أنه كان يراه طاهرا لأنه لا يجيز بيع النجس ولا المتنجس الذي لا يمكن تطهيره ، بدليل قصته المشهورة في الزيت والعاج هو ناب الفيل، قال ابن سيده لا يسمى غيره عاجا ، وقال القزاز أنكر الخليل أن يسمى غير ناب الفيل عاجا وقال ابن فارس والجوهري العاج عظم الفيل فلم يخصصاه بالناب ، وقال الخطابي تبعا لابن قتيبة العاج الذبل وهو ظهر السلحفاة البحرية وفيه نظر، وفي الصحاح المسك السوار من عاج أو ذبل فغاير بينهما ، لكن قال القالي العرب تسمي كل عظم عاجا فإن ثبت هذا فلا حجة في الأثر المذكور على طهارة عظم الفيل ، لكن إيراد البخاري له عقب أثر الزهري في عظم الفيل يدل على اعتبار ما قال الخليل ، وقد اختلفوا في عظم الفيل بناء على أن العظم هل تحله الحياة أم لا، فذهب إلى الأولى الشافعي واستدل له بقول الله تعالى : (( قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة )) فهذا ظاهر في أن العظم تحله الحياة، وذهب إلى الثاني أبو حنيفة وقال بطهارة العظام مطلقا ، وقال مالك هو طاهر إن ذكي بناء على قوله أن غير المأكول يطهر بالتذكية وهو قول أبي حنيفة ".
الشيخ : لا، الصواب أن يقال في العظم إنه لا يكون فيه الدم الذي هو أصل النجاسة وأما الحياة فهي تحله بلا شك ، والدليل على هذا أنك لو بردت السن بمبرد أحسست بالألم ، أليس كذلك ؟ .
إذن فالحياة تحله ، وما استدل به الشافعي رحمه الله من قوله تعالى : (( قال من يحيي العظام وهي رميم )) على أن العظم تحله الحياة صحيح ، لكن نحن لا نجعل العبرة هي حلول الحياة، العبرة هو الدم، والدليل على هذا أن أكثر الفقهاء إن لم يكن كل الفقهاء يقولون إن ما لا نفس له سائلة فميتتة طاهر ، لأنه ليس له نفس سائلة .
هل عظم الإنسان حي.؟
الشيخ : والله على كل حال سواء نباتية أو حياتية هو يتألم الإنسان به ، لو كسر لتألم ولو ضرب لتألم ، وهذا شيء مشاهد حتى نفس العظم فيه ثقب في وسطه ، يعني مجوف في وسطه نفس السن ، قصدي مجوف في وسطه ، ما أدري هذا عروق تمسكه أم دم يحله ، الله أعلم ما أعرف في هذا شيئا .
ما قرأنا يا جماعة .
هل عظام الميتة طاهرة.؟
الشيخ : صارت العظام طاهرة ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ويستدل أيضا بعموم : ( إنما حرم من الميتة أكلها ) .
السائل : ...
الشيخ : ... لكن ذكرنا كلام شيخ الإسلام .
السائل : ...
الشيخ : ما رجحنا ، كما قلنا لكم سابقا أن الإنسان يسوق أقوال العلماء وليس ملزما بالترجيح .
السائل : ...
الشيخ : والله في القلب منه شيء ، أن كل ما ذكي فإنه يكون طاهرا .
السائل : ولو يؤكل ؟
الشيخ : ولو يؤكل، لكن مالك رحمه الله يتوسع كثيرا في حل الحيوانات حتى إن الكلب ذكر عنه فيه روايتان : الكراهة وأظن التحريم ، هو يتوسع رحمه الله ، والحق ما دل عليه الكتاب والسنة .
باب : ما يقع من النجاسات في السمن والماء
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الوضوء من صحيحه في :
" باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء ".
حدثنا أحمد بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل كلم يكلمه المسلم في سبيل الله يكون يوم القيامة كهيئتها إذ طعنت تفجر دمًا اللون لون الدم والعرف عرف المسك
الشيخ : الله أكبر ، وجه المناسبة هنا أن الدم له رائحة ولهذا قال : ( والعرف ) يعني رائحته ( عرف المسك ) وعلى هذا فإذا وقع في شيء وتغيرت رائحته بالدم صار نجسا ، هذا ما يظهر لي من إيراد البخاري هذا الحديث .
ولعل الشيخ الشارح يبين لنا وجه إدخاله في هذا الباب .