القارئ : " ... فاستدل بهذا الحديث على أن تبدل الصفة يؤثر في الموصوف، فكما أن تغير صفة الدم بالرائحة الطيبة أخرجه من الذم إلى المدح فكذلك تغير صفة الماء إذا تغير بالنجاسة يخرجه عن صفة الطهارة إلى النجاسة ، وتعقب بأن الغرض إثبات انحصار التنجيس بالتغير وما ذكر يدل على أن التنجيس يحصل بالتغير وهو وفاق لا أنه لا يحصل إلا به وهو موضع النزاع، وقال بعضهم مقصود البخاري أن يبين طهارة المسك ردا على من يقول بنجاسته لكونه دما انعقد، فلما تغير عن الحالة المكروهة من الدم وهي الزهم وقبح الرائحة إلى الحالة الممدوحة وهي طيب رائحة المسك دخل عليه الحل ، وانتقل من حالة النجاسة إلى حالة الطهارة كالخمرة إذا تخللت، وقال ابن رشيد : مراده أن انتقال الدم إلى الرائحة الطيبة هو الذي نقله من حالة الذم إلى حالة المدح فحصل من هذا تغليب وصف واحد وهو الرائحة على وصفين وهما الطعم واللون ، فيستنبط منه أنه متى تغير أحد الأوصاف الثلاثة بصلاح أو فساد تبعه الوصفان الباقيان ، وكأنه أشار بذلك إلى رد ما نقل عن ربيعة وغيره أن تغير الوصف الواحد لا يؤثر حتى يجتمع وصفان ، قال ويمكن أن يستدل به على أن الماء إذا تغير ريحه بشيء طيب لا يسلبه اسم الماء كما أن الدم لم ينتقل عن اسم الدم مع تغير رائحته إلى رائحة المسك لأنه قد سماه دما مع تغير الريح ، فما دام الاسم واقعا على المسمى فالحكم تابع له، انتهى كلامه، ويرد على الأول أنه يلزم منه أن الماء إذا كانت أوصافه الثلاثة فاسدة ثم تغيرت صفة واحدة منها إلى صلاح أنه يحكم بصلاحه كله وهو ظاهر الفساد ، وعلى الثاني أنه لا يلزم من كونه لم يسلب اسم الماء أن لا يكون موصوفا بصفة تمنع من استعماله مع بقاء اسم الماء عليه والله أعلم، وقال ابن دقيق العيد لما نقل قول من قال أن الدم لما انتقل بطيب رائحته من حكم النجاسة إلى الطهارة ومن حكم القذارة إلى الطيب بتغير رائحته حتى حكم له بحكم المسك وبالطيب للشهيد ، فكذلك الماء ينتقل بتغير رائحته من الطهارة إلى النجاسة قال هذا ضعيف مع تكلفه ". الشيخ : الذي يظهر لي ما قلته أولا ، إثبات أن الدم له رائحة فإذا تغير ما سقط فيه الدم بهذه الرائحة صار حكمه حكم الدم ، فإن كان الدم طيبا فالماء طيب ، وإن كان خبيثا فالماء خبيث . وهنا دماء طيبة دم الكبد طيب ودم القلب طيب ودم الحوت طيب ، فإذا سقط هذا الدم في ماء وتغير به فالماء باق على طهوريته . أما الدم المسفوح فهو نجس ، فإذا سقط في ماء وتغير به كان نجسا ، وهذا الذي ذكرته والله أعلم أقرب الاحتمالات ، لأن هذه الاحتمالات التي ساقها فيها شيء من التعسف ويبعد ان البخاري أرادها ،
السائل : تغيرت رائحته الكريهة بتغير الإنسان أم برائحة ... الشيخ : لا إذا تغير برائحة خبيثة يعني نجسه . السائل : ... الشيخ : لا نجسة ، نجسة . السائل : ... الشيخ : يعني لو فرضنا أن لحمة مذكاة سقطت في ماء وكانت قد أنتنت وتغير الماء بها فالماء طهور ، وإن كان رائحته كريهة .
القارئ : " بابٌ البول في الماء الدائم ". الشيخ : لماذا نونت ؟ . القارئ : لأنه عندي مقطوع عن الإضافة . الشيخ : مقطوع ؟ . القارئ : نعم . الشيخ : الذي هو ؟ الماء مرفوعة عندك ؟ . القارئ : البول مرفوعة . الشيخ : البولُ ؟. الشيخ : نحن ما عندنا ذِكر البول ، ما ذُكر ، وعندي نسخة بالهامش مذكور البول لكن مذكورة بالجر ولا وجه للقطع ، لأنه ما معنى : بابٌ : البول في الماء الدائم، أين الخبر ؟ . هو ما يأتي الباب مقطوعا عما بعده إلا إذا كان هناك خبر ، يعني إذا صلحت الجملة أن تكون خبرية بعد ذكر الباب صارت بالتنوين . القارئ : " باب النهي عن البول في الماء الدائم " . الشيخ : اي " باب النهي " صح، إذن نقول باب : البولِ في الماء الدائم . القارئ : " باب البولِ في الماء الدائم ". الشيخ : أنتم عرفتم القاعدة متى ينون الباب ؟. إذا كان ما بعده جملة ، أما إذا كان ما بعده مفردا فإنه يضاف إلى ما بعده . الطالب : ينون اختيارا أم يجب أن ينون ؟ . الشيخ : لا يجب ، لأنه إذا أضيف بقي خبر المبتدأ متعلقا . الطالب : عندي مكسورة. الشيخ : اي وهو الصحيح أنه مكسور .
حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب قال أخبرنا أبو الزناد أن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج حدثه أنه سمع أبا هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نحن الآخرون السابقون
القارئ : حدثنا أبو اليمان قال : أخبرنا شعيب قال : أخبرنا أبو الزناد أن عبد الرحمن بن هرمز . الشيخ : مثلا البخاري مر علينا " بابٌ : العلم قبل القول والعمل " . هذا لا يستقيم أن تصيفه لا يصح أن تكون : بابُ العلمِ قبل القول والعمل . يتعين التنوين . القارئ : أن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج حدثه أنه سمع أبا هريرة أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : ( نحن الآخرون السابقون ) .
وبإسناده قال لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه
القارئ : وبإسناده قال : ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه ) . الشيخ :( نحن الآخِرون ) يعني زمنا في الدنيا، ( السابقون ) في الآخرة في كل مواقف الآخرة هذه الأمة ولله الحمد الأمة الأولى ، على الصراط وعلى دخول الجنة وعلى الميزان وعلى كل شيء . الشاهد قوله : ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ) فسر قوله : ( الدائم ) بقوله : ( الذي لا يجري ) . ( ثم يغتسل فيه ) وذلك لأنه إذا بال فيه وهو دائم لا يجري ثم اغتسل كان في هذا تناقض ، كيف تتطهر بماء أخبثته أنت ببولك ، ولا سيما إذا كان الماء قليلا ؟. وفهم منه أنه يجوز أن يبول الإنسان في الماء الذي يجري ثم يغتسل فيه أو يتوضأ فيه لأن البول جرى به الماء، وهل المراد بالماء الذي لا يجري المراد المستبحر الكثير ؟ . الجواب لا، الماء المستبحر الكثير كما لو كان في البحر أو في قطعة كبيرة منه لا تتأثر بهذا البول لا يضر . السائل : ... الشيخ : يصح
باب : إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة ، لم تفسد عليه صلاته ، وكان ابن عمر : إذا رأى في ثوبه دماً ، وهو يصلي ، وضعه ومضى في صلاته . وقال ابن المسيب والشعبي : إذا صلى وفي ثوبه دم أو جنابة ، أو لغير القبلة ، أو تيمم فصلى ، ثم أدرك الماء في وقته ، لا يعيد .
القارئ : " بابٌ إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد عليه صلاته ". ( وكان ابن عمر إذا رأى في ثوبه دما وهو يصلي وضعه ومضى في صلاته ). وقال ابن المسيب والشعبي : " إذا صلى وفي ثوبه دم أو جنابة أو لغير القبلة أو تيمم فصلى ثم أدرك الماء في وقته لا يعيد ". الشيخ : الآثار هذه أثر ابن عمر رضي الله عنهما : " إذا رأى في ثوبه دما وهو يصلي وضعه ومضى في صلاته " ودليل هذا واضح وهو أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصلي بأصحابه فجاءه جبريل فأخبره أن في نعليه قذرا فخلعهما ومضى . ولكن إذا كان لا يمكنه وضع الثوب إلا بكشف العورة بحيث لا يكون عليه إلا قميص واحد ، وذكر أن فيه نجاسة أو رأى أن فيه نجاسة ، فماذا يصنع ؟ هل يخلعه ويصلي عريانا أو يبقى يصلي فيه وهو نجس ؟ . نقول يخرج من الصلاة ويغير الثوب أو يغسله ، ويستأنف الصلاة من جديد . كذلك أيضا أثر المسيب والشعبي : " إذا صلى وفي ثوبه دم أو جنابة فإن صلاته صحيحة " . وقوله : " أو لغير القبلة " كذلك صلاته صحيحة إذا كان جاهلا ولم يتمكن ممن يدله على القبلة ، فإن كان يتمكن كما لو كان في البلد ، وأمكنه أن يسأل الناس أين القبلة ، فإنه مفرط ويلزمه إعادة الصلاة . كذلك إذا تيمم وصلى ثم أدرك الماء في وقته لا يعيد كما جاءت به السنة في حديث أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلم بعث رجلين فتيمما حين لم يجدا الماء ثم وجدا الماء بعد الصلاة فأما أحدهما فتوضأ وأعاد الصلاة وأما الآخر فلم يعد الصلاة ، فقال للذي توضأ وأعاد الصلاة قال له : ( لك الأجر مرتين ) وقال للذي لم يعد الصلاة : ( أصبت السنة ) .
السائل : إذا كان دخل المسجد وظن أن القبلة إلى خلافه فصلى ثم تبين له بعد ذلك أن القبلة غير ذلك ؟. الشيخ : يعيد . السائل : ... الشيخ : لأن المساجد فيها علامة القبلة . السائل : ... الشيخ : هو عادة أن الأبواب الكثيرة لا تكون في قبلة المسجد . السائل : ... الشيخ : إذا لم تكن في القبلة عرف أن هذا خلف القبلة .
إذا ضاق وقت الصلاة ولا يسعه نزع الثوب النجس فهل يصلي فيه.؟
السائل : إذا كان الوقت ضيق ولا يسعه أن يخلع هذا الثوب ويلبس غيره ويعيد الصلاة مرة ثانية ، فهل نقول له أن يصلي فيه ؟ . الشيخ : إذا كانت تفوته بفوات الوقت فلا بأس ، وإن كانت لا تفوته بفوات الوقت فإنه يخلع الثوب ويصلي ، التي تفوت بفوات الوقت الجمعة مثلا . الجمعة رأى في ثوبه نجاسة وهو يصلي ولا يمكنه أن يذهب لأنه لو ذهب لفاتته الجمعة ولم يلزمه إلا الظهر ، فهذا يستمر في صلاته . كما قلنا أنه إذا أحدث ولا يمكنه أن يذهب ويتوضأ فإن ذهب فاتته الجمعة فإنه يتيمم ويصلي الجمعة .
حدثنا عبدان قال أخبرني أبي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد ح قال و حدثني أحمد بن عثمان قال حدثنا شريح بن مسلمة قال حدثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق قال حدثني عمرو بن ميمون أن عبد الله بن مسعود حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس إذ قال بعضهم لبعض أيكم يجيء بسلى جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد فانبعث أشقى القوم فجاء به فنظر حتى سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضعه على ظهره بين كتفيه وأنا أنظر لا أغني شيئًا لو كان لي منعة قال فجعلوا يضحكون ويحيل بعضهم على بعض ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد لا يرفع رأسه حتى جاءته فاطمة فطرحت عن ظهره فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ثم قال اللهم عليك بقريش ثلاث مرات فشق عليهم إذ دعا عليهم قال وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة ثم سمى اللهم عليك بأبي جهل وعليك بعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعد السابع فلم يحفظ قال فوالذي نفسي بيده لقد رأيت الذين عد رسول الله صلى الله عليه وسلم صرعى في القليب قليب بدر
القارئ : حدثنا عبدان قال : أخبرني أبي عن شعبة عن أبي اسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال : ( بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ساجد ). ح . قال : وحدثني أحمد بن عثمان قال : حدثنا شريح بن مسلمة قال : حدثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي اسحاق قال : حدثني عمرو بن ميمون أن عبد الله بن مسعود حدثه : ( أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس، إذ قال بعضهم لبعض : أيكم يجيء بسلى جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمّد إذا سجد ؟ فانبعث أشقى القوم فجاء به ، فنظر حتى سجد النبي صلّى الله عليه وسلم وضعه على ظهره بين كتفيه ، وأنا أنظر لا أغني شيئا لو كان لي منعة ، قال فجعلوا يضحكون ويُحيل بعضهم على بعض ورسول الله صلّى الله عليه وسلم ساجد لا يرفع رأسه حتى جاءته فاطمة فطرحت عن ظهره، فرفع رأسه ثم قال : اللهم عليك بقريش . ثلاث مرات، فشق عليهم إذ دعا عليهم ، قال وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة ثم سمى : اللهم عليك بأبي جهل ، وعليك بعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وأمية بن خلف ، وعقبة بن أبي معيط - وعد السابع فلم نحفظه - قال : فوالذي نفسي بيده لقد رأيت الذين عد رسول الله صلّى الله عليه وسلم صرعى في القليب قليب بدر ). الشيخ : الحمد لله، اللهم لك الحمد .
الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد وأحكام : منها أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصلي في المسجد الحرام وفي الكعبة في أوقات الصلاة وغيرها لكن في المدينة قال : ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) . ومنها بيان عداوة قريش لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، هذه الفعلة البشعة لا يفعلها أحد ، وذلك لأن أأمن مكان في الأرض هو المسجد الحرام حتى عند قريش ، ثم أشد ما يكون من الجرأة أن يجترأ على عبد من عباد الله ساجد لله عز وجل تحت بيته ، ومع ذلك حملتهم الحمية حمية الجاهلية على أن يفعلوا هذا . ومن فوائد هذا الحديث إطالة النبي صلّى الله عليه وسلم السجود لأنه أمكن هؤلاء أن يذهبوا إلى الجزور ويأتوا بسلاها ويضعوه على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو ساجد . ومنها أن المتآمرين على الفعل كالمباشرين ، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم لم يدعو على من وضع عليه السلى فقط بل دعا على الجميع . ويتفرع على هذه المسألة مسائل كثيرة وهو : أن الردء والمعين كالمباشر ، وهذا دلت عليه أصول كثيرة من الشريعة . ومنها أن ابن مسعود رضي الله عنه عنده من الشفقة على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما تمنى أن يكون له منعة - أي قوة - حتى يدافع عن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ولهذا قال : " لو كان لي منعة " فـ : لو ، هنا للتمني كقول لوط : (( لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ))، يعني تمنيت أن لي منعة - أي قوة - حتى أمنع هؤلاء من فعلتهم القبيحة . ومنها تصديق قول الله تعالى : (( إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون )) فإن هؤلاء القوم لما أتو بهذه الفعلة التي يظنون أنهم أهانوا بها رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم جعلوا يضحكون حتى أن بعضهم يميل إلى بعض من شدة الضحك قاتلهم الله . ومنها أن الرسول عليه الصلاة والسلام تأخر في السجود لما وضعوا عليه ذلك ، والله أعلم لماذا تأخر ؟ حتى جاءت ابنته فاطمة فأزالت عنه هذا السلى . ومنها جواز جهر الإنسان بمن يدعو عليه لأن الرسول صلّى الله عليه وسلم جهر بالدعاء على هؤلاء ، وهل كان ذلك بعد أن فرغ من صلاته أو قبل ذلك ؟ . إن كان بعد أن فرغ من صلاته فيستدل به على جواز الدعاء بعد صلاة النافلة ، لأن الرسول دعا بعد صلاة النافلة، وإن كان قبل ذلك فلا إشكال، وإذا كان الحديث محتملا رجعنا إلى النصوص المحكمة ، وهي أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم أمر الناس إذا أرادوا أن يدعو أن يدعوا قبل السلام فقال في التشهد - لما ذكر التشهد -: ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء ) . ولهذا نقول الدعاء بعد السلام على وجه راتب دائم كما يفعله كثير من الناس هنا في صلاة النافلة ، كلما صلى نافلة رفع يديه يدعو هذا من البدع ، لأن عمل رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم بين أيدينا وما كان يفعل ذلك، وإذا وجد سبب الحكم في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام فلم يفعله دل على أن السنة تركه ، ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام أرشدنا إلى مكان الدعاء وهو قبل السلام . ثم إن النظر يقتضي ذلك أيضا ، لأن الإنسان ما دام يصلي فهو بين يدي الله عز وجل يناجي ربه ، فهل من الحكمة أنه بعد أن تفرغ من الصلاة وتنقطع المناجاة بينك وبين ربك أن تدعو، أو أن الحكمة أن تدعوا ما دامت المناجاة قائمة ؟ . الثاني لا شك ، ولهذا نقول اعتياد هذا ليس من السنة ، لكن إن فعله الإنسان أحيانا على وجه نأمن من الاقتداء به فلا بأس ، يعني مثلا في بيته عندما سلم استدرك وأراد أن يدعو بشيء لم يدع به من قبل فلا بأس . أما في المسجد فإذا كان الإنسان ممن يقتدى به فلا يفعل ولو لم يكن ذلك راتبة ، لأنه قد يراه أحد إلا في هذه المرة فيتخذ من هذا سنة إذا كان الإنسان ممن يقتدى به . وفيه أيضا آية من آيات الله عز وجل ومن آيات الرسول صلّى الله عليه وسلم ، وهو أنه لما سمى هؤلاء القوم الذين فعلوا هذه الفعلة الشنيعة فلان وفلان وفلان قتلوا في يوم بدر ، وسحبوا في قليب بدر مع أنهم جاؤوا إلى بدر على أساس أنهم يريدون بذلك الانتصار على رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، وأن العرب تسمع بهزيمة محمّد وانتصار هؤلاء فلا يزالون ...
باب : البزاق والمخاط ونحوه في الثوب ، قال عروة ، عن المسور ومروان : خرج النبي صلى الله عليه وسلم زمن حديبية ، فذكر الحديث : وما تنخم النبي صلى الله عليه وسلم نخامة ، إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده .
القارئ : وصلّى الله وسلم على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الوضوء من صحيحه : " باب البزاق والمخاط ونحوه في الثوب ". قال عروة عن المسور ومروان : ( خرج النبي صلّى الله عليه وسلم زمن حديبية ) فذكر الحديث، ( وما تنخم النبي صلّى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده ).
حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا سفيان عن حميد عن أنس بن مالك قال بزق النبي صلى الله عليه وسلم في ثوبه قال أبو عبد الله طوله ابن أبي مريم قال أخبرنا يحيى بن أيوب حدثني حميد قال سمعت أنسًا عن النبي صلى الله عليه وسلم
القارئ : حدثنا محمّد بن يوسف قال : حدثنا سفيان عن حميد عن أنس قال : ( بزق النبي صلّى الله عليه وسلم في ثوبه )، طوله ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا يحيى بن أيوب قال : حدثني حميد قال : سمعت أنسا عن النبي صلّى الله عليه وسلم . الشيخ : هذه فضلات الإنسان ، يقول رحمه الله : " باب البزاق والمخاط ونحوه في الثوب " يعني هل هو نجس أو لا ؟ . ثم ذكر حديث صلح الحديبية ، وأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا مع النبي صلّى الله عليه وسلم : ( ما تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده ) . وتعلمون في صلح الحديبية أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم صده المشركون حمية الجاهلية عن الوصول إلى مكة مع أنه لو جاء لكع بن لكع ليعتمر لم يصده المشركون ، لكن حمية الجاهلية أوجبت أن يصدوه ، وصارت المراسلة بينهم . وكان النبي عليه الصلاة والسلام ينهى أن يقوم الرجل على الرجل كما تفعل الأعاجم على ملوكها إلا في ذلك اليوم ، فإن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه كان واقفا على رأس النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ومعه السيف احتراما وتعظيما ، وكان إذا تكلم أنصت ما أحد يتكلم ، وإذا تنخم بنخامة استقبلوها بأيديهم ودلكوا بها وجوهم وصدورهم ، وما كانوا يفعلون هذا في الأيام العادية لكن من أجل إغاظة المشركين ، لأن كل شيء تغيظ به المشركين فإنه ثواب لك عند الله كما قال الله تعالى : (( ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين )) . ففي هذا الحديث دليل على أن النخامة طاهرة ، وكذلك كل ما يخرج من الإنسان ما عدا ما يخرج من الدبر فإنه نجس ، فما يخرج من الريق والأنف والأذن والعين والجلد كل هذا طاهر إلا ما يخرج من السبيلين ، والدم عرفتم الخلاف فيه فيما سبق هل هو طاهر أو نجس ؟. واستدل أيضا بحديث آخر حديث أنس : ( أن النبي صلّى الله عليه وسلم بزق في ثوبه )، طوله ابن أبي مريم أي ساقه مطولا، هذا الذي يظهر لي، الشرح ماذا يقول طوله ؟.
القارئ : " قوله : طوله ابن أبي مريم ، هو سعيد بن الحكم المصري أحد شيوخ البخاري نسب إلى جده ، وأفادت روايته تصريح حميد بالسماع له من أنس خلافا لما روى يحيى القطان عن حماد بن سلمة أنه قال : حديث حميد عن أنس في البزاق إنما سمعه من ثابت عن أبي نضرة ، فظهر أن حميدا لم يدلس فيه ، ومفعول سمعت الثاني محذوف للعلم له ، والمراد أنه كالمتن الذي قبله مع زيادات فيه ، وقد وقع مطولا أيضا عند المصنف في الصلاة كما سياتي في : باب حك البزاق باليد في المسجد ".
السائل : هل يا شيخ يستثنى فضلات النبي صلّى الله عليه وسلم من بول وغائط ؟ . الشيخ : لا ، ما ثبت للنبي صلّى الله عليه وسلم فهو ثابت للأمة ، فبوله كغيره وكذلك ما يخرج منه . السائل : إحدى زوجات النبي صلّى الله عليه وسلم لما شربت بوله ؟ . الشيخ : هذه مسألة نادرة ، ولهذا لولا أننا نقول بهذا ما صح أن نستدل على أن المني طاهر بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام ، لو قلنا أن فضلاته طاهرة ما صح أن نستدل و، كان عليه الصلاة والسلام يستجمر ويستنجي بالماء ويتطهر . والحالات النادرة لا عبرة بها، والصواب أن فضلات النبي صلّى الله عليه وسلم كغيره ، الطاهر من غيره طاهر منه ، والنجس من غيره نجس منه .
حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا الزهري عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل شراب أسكر فهو حرام
القارئ : حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا الزهري عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : ( كل شراب أسكر فهو حرام ) . الشيخ : لا يجوز الوضوء بالنبيذ لأنه خرج عن كونه ماء إلى كونه نبيذا ، والنبيذ هو الذي ينبذ فيه التمر أو الزبيب أو الشعير أو البر أو ما أشبه ذلك ، فينبذ فيه أي يطرح ، ويبقى يوما أو يومين ثم يشرب ، فلا يجوز أن يتوضأ الإنسان بالنبيذ ، لأنه شراب خرج عن كونه ماء ، وكذلك المسكر الخمر ، يعني إذا غلى هذا النبيذ حتى أسكر فإنه لا يجوز أن يتوضأ به ، لأنه خرج عن كونه ماء ، ولكن هل المسكر نجس أو لا ؟ . في هذا خلاف ، وما هو المسكر أيضا ؟ هل كل ما غطى العقل فهو مسكر ؟ . لا، ولهذا نقول البنج ليس مسكرا ، لأنه يغطي العقل لكن ليس مسكرا ، لأن المسكر ما غطى العقل على وجه اللذة والطرب ، يعني يجد الإنسان نشوة ولذة، الذي يبنج هل يجد هذا ؟ . لا ، فالبنج ليس مسكرا ، وأما المسكر فهو ما غطى العقل على وجه اللذة والطرب ، وهذا محرم بالكتاب والسنة والإجماع ، لكن هل هو نجس ؟ . أكثر العلماء وجمهور الأمة على أنه نجس ، والصحيح أنه ليس بنجس أي نجاسة حسية ، وقد ذكرنا فيما سبق أدلة ذلك . وقال عطاء : " التيمم أحب إلي من الوضوء بالنبيذ واللبن " وهذا واضح ، بل لا يجوز التوضؤ بالنبيذ واللبن لأنه ليس بماء ، وعلى هذا يكون قوله : " أحب " اسم تفضيل مما ليس في الجانب الثاني منه شيء ، لأن اسم التفضيل يدل على اشتراك المفضل والمفضل عليه في أصل الوصف . وأحيانا لا يكون للمفضل عليه شيء من الوصف إطلاقا ، ومنه قوله تعالى : (( آلله خير أما يشركون )) وقوله تعالى : (( أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا )) ولا خيرية في مستقر النار ولا مقيل النار . ثم قال : ( كل شراب أسكر فهو حرام ) ومفهومه كل شراب لم يسكر فهو حلال ، إذن المدار على الإسكار ، متى أسكر الشراب فهو حرام و، كذلك لو أسكر المأكول ، لو كان هناك عجينة فيها خمر إذا أكل الإنسان منها سكر فالحكم فيها كالشراب .
السائل : بعض المشروبات كالقهوة والشاي أحيانا إذا زاد الإنسان في كمية طبخها فيكون لها نشوة في الجسم، فالشاي مثلا يكثر ورقه الشاهي ثم يغلي كثيرا يؤدي إلى ازدياد نشاط جسم الإنسان ؟. الشيخ : عجيبة ، مؤكد ؟ . السائل : أكيد ويغلى حتى يسود ، ويكون كثير الشاي الورق . الشيخ : ويخفف الحلا ؟. السائل : لا بغض النظر عنه، هل هذا يدخل في المسألة هذه ؟ . الشيخ : لا ما يدخل ، المنشط ليس مسكرا . السائل : ... الشيخ : والله هذا يرجع للأطباء هل إن هذا التنشيط يؤثر على الجسم رد فعل أو لا ، فيرجع للأطباء . السائل : ... متى أسكر الشراب فهو حرام الآن بعض المدمنين على الخمر يعني يشرب خمر ولكن لا يؤثر فيه ... الشيخ : العبرة بالشراب لا بالشارب ، فإذا شرب ما يسكر وإن لم يسكر ، فإنه ينظر في أمره .
السائل : شيخ بارك الله فيكم ، دائما نسمع قول أهل الكوفة أنهم يجيزون النبيذ ولو كان مسكرا ، فما حجتهم ، ألم يبلغهم شيخ مثل هذا الحديث ؟. الشيخ : لا هم يرون أن المسكر خاص بالأنواع الخمسة فقط ، وبعضهم يقول خاص بالعنب فقط . السائل : ... الشيخ : الصحيح لا شك أن قولهم رحمهم الله ضعيف . السائل : كيف ردوا على مثل هذا الحديث ... ؟ الشيخ : يقولون طيب : ( كل شراب ) من كذا ( أسكر فهو حرام ) .
حدثنا محمد قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي حازم سمع سهل بن سعد الساعدي وسأله الناس وما بيني وبينه أحد بأي شيء دووي جرح النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما بقي أحد أعلم به مني كان علي يجيء بترسه فيه ماء وفاطمة تغسل عن وجهه الدم فأخذ حصير فأحرق فحشي به جرحه
القارئ : حدثنا محمّد قال : أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي حازم سمع سهل بن سعد الساعدي : ( وسأله الناس وما بيني وبينه أحد : بأي شيء دووي جرح النبي صلّى الله عليه وسلم ؟ فقال : ما بقي أحد أعلم به مني ، كان علي يجيء بترسه فيه ماء ، وفاطمة تغسل عن وجهه الدم ، فأخذ حصير فأحرق فحشي به جرحه ). الشيخ : اللهم صل وسلم عليه، الله أكبر .
الشيخ : هذا يدل على أن الدم نجس بدليل أن فاطمة كانت تغسله عن وجه النبي صلّى الله عليه وسلم . وقد سبق أنه لا دلالة في ذلك لاحتمال أن يكون غسلها إياه من أجل التنظيف ، تنظيف الوجه ، لأن الإنسان لا يريد أن يبقى وجهه ملطخا بالدم ، وإذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال . وفي هذا دليل على أن مما يوقف الدم ما ذكر في هذا الحديث ، أن يؤخذ حصير يعني من خوص النخل ويحرق ثم يدك به الجرح ، فهذا يمسكه وهو مجرب، كنا صغارا نعمل هذا . وكذلك أيضا بعض الناس يحرق الخرق يحرقها ثم يذرها على مكان الجرح ويقف ، وكذلك بعض الناس يأخذ عش العنكبوت الذي يكون في السقوف سابقا ، الآن السقوف الحمد لله ما فيها عش ، لكن سابقا فيؤخذ العش ويضمد به الجرح ويقف الدم ، لكن الآن الحمد لله ظهرت أدوية توقف الدم تماما بدون أي مشقة .
حدثنا أبو النعمان قال حدثنا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته يستن بسواك بيده يقول أع أع والسواك في فيه كأنه يتهوع
القارئ : حدثنا أبو النعمان قال : حدثنا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه قال : ( أتيت النبي صلّى الله عليه وسلم فوجدته يستن بسواك بيده يقول : أع أع . والسواك في فيه كأنه يتهوع ).
حدثنا عثمان قال حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك
القارئ : حدثنا عثمان قال : حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة قال : ( كان النبي صلّى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك ). الشيخ : صلّى الله عليه وسلم، " باب السواك "، السواك يطلق على الآلة التي يتسوك بها ، ويطلق على التسوك الذي هو الفعل ، لكنه على الآلة لا إشكال فيه . وعلى الفعل يكون اسم مصدر لأن المصدر من تسوك هو تسوكا، والسواك اسم مصدر مثل الكلام اسم مصدر لتكلم ، والمصدر تكليم ، فيطلق السواك إذن على فعل التسوك وعلى الآلة التي يتسوك بها . والسواك سنة في كل وقت لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : ( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ) ففيه فائدتان : الفائدة الأولى : أنه يطهرالفم . والفائدة الثانية : أنه يرضي الرب ، ولو لم يكن منه إلا رضا الرب عز وجل لكان كافيا ، فهو مسنون كل وقت ، لكنه يتأكد في مواضع : منها إذا قام الإنسان من النوم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( بت عند النبي صلّى الله عليه وسلم فاستن ) ، وقال حذيفة : ( كان النبي صلّى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك ) يشوص أي يدلكه بالماء، وفاه : أي فمه ، يشمل الأسنان واللثة واللسان ، كل هذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يتسوك عليه . وكان صلّى الله عليه وسلم أحيانا يبالغ في السواك كما قال أبو موسى : ( إنه أتى النبي صلّى الله عليه وسلم فوجده يستن بسواك بيده يقول : أع أع . والسواك في فيه كأنه يتهوع ) . أي يتقيأ لأنه يبالغ . لكن مبالغة قد تشمئز منها النفوس إذا كان عندك أحد ، ويكفي في السنة أن تأتي بها في البيت ، ولا سيما عند القيام من النوم ، فإن الإنسان يحتاج إلى المبالغة في التسوك . إذن يتأكد السواك عند القيام من الليل لفعل النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولأن الفم يتغير كثيرا، نعم انتهى الوقت ؟. السائل : ... الشيخ : لا ، شف لاحظ الآن باقي دقيقة لو كان يؤذن على سبع، الآن يؤذن على ست وتسع وخمسين دقيقة . السائل : إذن ما بقي شيء . الشيخ : ما بقي شيء ...