" تتمة القراءة من الشرح مع تعليق الشيخ " القارئ : " روي ذلك عن ابن عمر وأبي هريرة وأنس والحسن ونافع مولى ابن عمر. وكذلك قال عكرمة والحكم وعطاء والأوزاعي وأبو ثور. انتهى، وهو قول أبي خيثمة زهير بن حرب وسليمان بن داود الهاشمي، وحكى إسماعيل بن سعيد الشالنجي، عن أحمد نحوه، واختاره الجوزجاني. وفيه حديث مرفوع، من حديث أبي هريرة، وقد ذكره الترمذي، وبين ضعف إسناده، وأن أحمد أنكره أشد الإنكار. وفيه - أيضاً -، عن عائشة، وإسناده ضعيف. وفيه -أيضاً - من مراسيل أبي قلابة، وفي إسناده ضعف. وقالت طائفةٌ: تؤتى الجمعة من فرسخين، قاله النخعي وإسحاق -: نقله عنه حرب، لكنهما لم يصرحا بوجوب ذلك ". الشيخ : انتهى ... ؟ القارئ : بقي نص صفحة. الشيخ : ما في أثر أنس ؟ القارئ : هذا يقول: " روى عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس أنه كان يكون بينه وبين البصرة ثلاثة أميال فيشهد الجمعة بالبصرة، وقد ذكر البخاري عنه، أنه كان أحياناً لا يجمع. وكذلك روي عن أبي هريرة، أنه كان بالشجرة -وهي ذو الحليفة -، فكان أحياناً يجمع، وأحياناً لا يجمع، وقد روي عنه الأمران جميعاً، وكذلك سعد بن أبي وقاص، كان في قصره بالعقيق، فكأن أحياناً يجمع، وأحياناً لا يجمع، وكان بينه وبين المدينة سبعة أميالٍ أو ثمانية. وكذلك روي عن عائشة بنت سعد، أن أباها كان يفعل. قال البخاري ". الشيخ : بس؟ قال البخاري إيش؟ القارئ : قال البخاري إسناد جديد. الشيخ : من عندك ؟ القارئ : يتبع ما بعده لا ما قبله. الشيخ : طيب، والفتح الثاني ويش يقول ؟ القارئ : " وكان أنس إلى قوله: ( لا يجمع ) وصله مسدد في مسنده الكبير عن أبي عوانة عن حميد بهذا. وقوله: ( يجمع ) أي يصلي بمن معه الجمعة أو يشهد الجمعة بجامع البصرة. قوله: ( وهو ) أي: القصر، والزاوية موضع ظاهر البصرة معروف كانت فيه وقعة كبيرة بين الحجاج وابن الأشعث. قال أبو عبيد البكري: هو بكسر الواو موضع دان من البصرة. وقوله: ( على فرسخين ) أي من البصرة، وهذا وصله ابن أبي شيبة من وجه آخر عن أنس أنه كان يشهد الجمعة من الزاوية وهي على فرسخين من البصرة، وهذا يرد على من زعم أن الزاوية موضع بالمدينة النبوية كان فيه قصر لأنس على فرسخين منها، ويرجح الاحتمال الثاني. وعرف بهذا أن التعليق المذكور ملفق من أثرين، ولا يعارض ذلك ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن ثابت قال: كان أنس يكون في أرضه وبينه وبين البصرة ثلاثة أميال فيشهد الجمعة بالبصرة، لكون الثلاثة أميال فرسخا واحدا، لأنه يجمع بأن الأرض المذكورة غير القصر وبأن أنسا كان يرى التجميع حتما إن كان على فرسخ، ولا يراه حتما إذا كان أكثر من ذلك، ولهذا لم يقع في رواية ثابت التخيير الذي في رواية حميد ". الشيخ : الظاهر والله أعلم ( يجمع ) أنه يحضر الجمعة، وأحيانا لا يحضر، أما كونه يجمع يقيم الجمعة في قصره فهذا بعيد، لأنه لم يعرف أن الجمعة تعددت في أي بلد من بلاد المسلمين إلا بعد المئتين أظن... في ثلاثين سنة أو نحوها، وعلى هذا فيكون معنى قوله : ( يجمع ) أي يحضر الجمعة.
هل شأن الصلوات الأخرى شأن الجمعة إذا كان على بعد فرسخين مثلاً ولم يسمع النداء فهل يجب عليه حضور الجماعة ؟
السائل : شيخ بارك الله فيكم، هل شأن الصلوات الأخرى شأن الجمعة؟ الشيخ : بمعنى ؟ السائل : إذا كان على بعد فرسخين مثلاً ولم يسمع النداء ... فهل يجب عليه حضور الجماعة ؟ الشيخ : ظاهر السنة لا يجب عليه، لأنه قال: ( هل تسمع النداء ؟ ) قال: نعم، قال: ( فأجب ). السائل : ... يعني إذا نودي للصلاة وهؤلاء لم يسمعوا النداء. الشيخ : مو بشرط، ما قال: إذا سمعتم النداء، وقلت لكم إن الرسول لما أراد السماع قال: ( إذا سمعتم الإقامة ) قلت هذا؟ نعم.
الجمعة لم تتعدد إلا بعد المئتين وكان السلف يجلبون الناس من القرى حتى لو كان في المدينة و المساجد عندهم صغيرة هل كان الناس عندهم قليل في المدينة لكن المسجد يسع قليل وهل أن الناس يصلون داخل المسجد وخارجه ؟
السائل : الجمعة لم تتعدد إلا بعد المئتين وكان السلف يجلبون الناس من القرى حتى لو كان في المدينة والمساجد عندهم صغيرة هل كان الناس عندهم قليل في المدينة لكن ناسها قليل يسعهم مسجد واحد وهل أن الناس يصلون خارج المسجد ؟ الشيخ : لا، يصلون خارج المسجد، إذا كثروا صلوا خارج المسجد، ولهذا أجاز العلماء الذين يمنعون الصلاة في الطرقات أجاوزوا صلاة الجمعة في الطرقات عند ضيق المسجد، نعم.
في البلاد التي يصلى فيها الجمعة في كل مسجد فهل هذا صحيح ؟
السائل : في البلاد التي يصلى فيها الجمعة في كل مسجد ... فهل هذا صحيح ؟ الشيخ : لا، هذا غير صحيح، لكن المخاطب بذلك الولاة، أما عامة الناس ماذا يصنعون؟ لكن نرى أن عامة الناس يذهبون إلى المسجد الأول، لأنه هو الأم، ولا يصلون في المساجد الأخرى، الأول يعني بناء وإقامة الجمعة فيه، مو الأول لتكبيرة الإحرام، الأول الذي وضع أولا للجمعة.
مسافر سمع نداء الجمعة فصلى الظهر ظناً منه أن هذا صحيح ؟
السائل : أحسن الله إليكم، مسافر سمع نداء الجمعة لكنه صلى الظهر ظناً منه ... صلاته صحيحة ؟ الشيخ : نرجو أن يكون صحيحا، هل وقع ذلك منك من أي أحد ؟ السائل : من بعض الناس. الشيخ : من بعض الناس، لا أرجو ألا يكون عليه شيء.
عندنا في نجد ربما لا تقام الجمعة في المساجد الصغيرة لكن في الحجاز تجد مسجد صغير وفيه منبر وتقام فيه الجمعة ؟
السائل : عندنا في نجد ربما لا تقام الجمعة في المساجد الصغيرة لكن في الحجاز تجد مسجد صغير وفيه منبر وتقام فيه الجمعة. الشيخ : كما قلنا نرى أن الإنسان يذهب إلى المسجد الأول. السائل : ... الشيخ : فيه إيش؟ إي نعم. السائل : ... الشيخ : لا لا، صل في غيره.
السائل : ... الشيخ : أخبرتك لا لا، على كل حال جائز لا شك أن الأفضل هذا هو الأحوط لا ... هل قرأت في فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية؟ مو كثير؟ ما قرأت ولا حرف؟ كثير، تناقض الرجل مو كثير وقال كثير، طيب على كل حال شيخ الإسلام لا أنسب إلى شيء من علمه، ومع ذلك نجده دائما يقول اختلف فيه العلماء على قولين ويمشي، اجعل هذه أني مقتد به.
بعض الإخوه يقترح أن تجمع الآثار والأحاديث التي تدل أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ؟
السائل : ... الشيخ : يقترح أن تجمع الأحاديث التي تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب. على كل حال اقتراح جيد، لكني أقول في هذا: ما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون، اللي في القرآن ما هم مصدقين كيف يصدقون بالحديث؟ في القرآن أمره الله أن يعلن قل، مشكلة، لكن على كل حال اللي جزاه الله خيرا الذي يبحث فيها طيب، يستفيد أنه يراجع كتب الحديث ويجمع، ولعل المقترح أول فاعل، توكل على الله ما في بعضهم، أنت إن شاء الله.
حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد بن جعفر بن الزبير حدثه عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت ( كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي فيأتون في الغبار يصيبهم الغبار والعرق فيخرج منهم العرق فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسان منهم وهو عندي فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا )
السائل : بسم الله والحمد لله، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في باب : من أين تؤتى الجمعة وعلى من تجب : حدثنا أحمد، حدثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث، عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد بن جعفر بن الزبير حدثه عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : ( كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي فيأتون في الغبار يصيبهم الغبار والعرق فيخرج منهم العرق فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسان منهم وهو عندي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا ). الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم، البخاري رحمه الله أتى بالحديث من أجل قوله : ( كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي ) يعني من أمكنة بعيدة، يجتمعون على إمام واحد، وسبق لنا أنه لا يجوز تعدد الجمع إلا عند الحاجة أو الضرورة.
حدثنا عبدان قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا يحيى بن سعيد أنه سأل عمرة عن الغسل يوم الجمعة فقالت قالت عائشة رضي الله عنها كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم
القارئ : حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا يحيى بن سعيد أنه سأل عمرة عن الغسل يوم الجمعة؟ فقالت: قالت عائشة رضي الله عنها : ( كان الناس مهنة أنفسهم، وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم، فقيل لهم لو اغتسلتم ).
حدثنا سريج بن النعمان قال حدثنا فليح بن سليمان عن عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن أنس بن مالك رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس )
القارئ: حدثنا سريج بن النعمان، حدثنا فليح بن سليمان، عن عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس ). الشيخ : تميل الشمس يعني تزول، لأنها إذا زالت مالت إلى المغرب.
حدثنا عبدان قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا حميد عن أنس بن مالك قال ( كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة )
القارئ : حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا حميد عن أنس بن مالك قال : ( كنا نبكر بالجمعة، ونقيل بعد الجمعة ). الشيخ :( كنا نبكر ) الظاهر أن مراده على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه هو العهد الذي يستدل بالأفعال فيه. ومعنى ( نبكر ) نأتي بها بكرة، ومعنى ( نقيل ) أي ننام عند منتصف النهار، لأن القيلولة هي النوم عند منتصف النهار. وهذه المسألة اختلف فيها العلماء، ولهذا سنقرأ فتح الباري الأول، لعله يذكر الخلاف في هذا هات. هاتوا ؟ معكم الفتح الأول؟
" قراءة من فتح الباري لابن رجب " القارئ : بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد. قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في شرحه لصحيح البخاري المسمى فتح الباري : " باب وقت الجمعة إذا زالت، وكذلك يروى عن عمر، وعلي، والنعمان بن بشيرٍ، وعمرو بن حريثٍ. أما المروي عن عمر: فروى مالكٌ في الموطإ ، عن عمه أبي سهيل، عن أبيه، قال: كنت أرى طنفسةً لعقيل بن أبي طالبٍ يوم الجمعة ". الشيخ : طنفسة نوع من اللباس. القارئ : " تطرح إلى جدار المسجد الغربي، فاذا غشي الطنفسة كلها ظل الجدار خرج عمر بن الخطاب فصلى الجمعة. قال: ثم نرجع بعد الجمعة فنقيل قائلة الضحى. وأما المروي عن عليّ: فمن طريق إسماعيل بن سميع ". الشيخ : الحمد لله يعني هذه التي يفعلونها بدلا عن الساعات، الآن كما تشاهدون كل إنسان معه ساعة وبالدقيقة وبالثانية أيضا، نعم. القارئ : " وأما المروي عن عليّ: فمن طريق إسماعيل بن سميع، عن أبي رزينٍ، قال: صليت خلف علي بن أبي طالب الجمعة حين زالت الشمس. وأما المروي عن النعمان بن بشيرٍ وعمرو بن حريثٍ: فخرجه ابن أبي شيبة من طريق سماكٍ، قال: كان النعمان بن بشيرٍ يصلي بنا الجمعة بعدما تزول الشمس، ومن طريق الوليد بن العيزار، قال: ما رأيت إماماً كان أحسن صلاةً للجمعة من عمرو بن حريث، وكان يصليها إذا زالت الشمس. وقد روي هذا - أيضاً - عن معاذ بن جبل، لكن من وجهٍ منقطعٍ، وهو قول أكثر الفقهاء، منهم: الحسن، والنخعي، والثوري، وأبو حنيفة، ومالكٌ، والشافعي ". الشيخ : كم الأئمة ؟ الأئمة الثلاثة كلهم يقولون لا تصح الجمعة إلا بعد الزوال، نعم. القارئ : " وذهب كثير من العلماء إلى أنه يجوز إقامتها قبل الزوال، وسنذكر ذلك فيما بعد - إن شاء الله تعالى. خَّرج البخاري في هذا الباب ثلاثة احاديث: الحديث الأول: ثنا عبدان: أنا عبد الله -هو: ابن المبارك -: أنا يحيى بن سعيد؟ أنه سأل عمرة عن الغسل يوم الجمعة، فقالت: قالت عائشة: كان الناس مهنة أنفسهم، وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم، فقيل لهم: ( لو اغتسلتم ). هذا مما يستدل به على أن الغسل للجمعة غير واجبٍ، كما سبق، والمراد بالمهنة: الخدمة، وقضاء الحوائج والأشغال، وذلك يوجب الوسخ والشعث. ووجه احتجاج البخاري به في هذا الباب: أن فيه ذكر رواح الناس إلى الجمعة، والرواح إنما يكون بعد الزوال، فدل على أن الجمعة إنما كانت تقام في عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد الزوال، وقد يقال: ذكر الرواح في هذا الحديث كذكر الرواح في قوله: ( من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنةً ) - الحديث، ولم يحمله أكثر العلماء على ما بعد الزوال، كما سبق، فالقول في هذا كالقول في ذاك ". الشيخ : هذا هو المتعين أن من راح الجمعة يعني ذهبوا إليها بقطع النظر عن كونه قبل الزوال أو بعد الزوال، وعلى هذا فلا وجه للاستدلال به. القارئ : " الحديث الثاني: نا سريج بن النعمان: ثنا فليح بن سليمان، عن عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، عن أنس بن مالكٍ، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس ومعنى ( تميل ) : أي تزول عن كبد السماء، بعد استوائها في قائم الظهيرة. وهذا يدل على أن هذه كانت عادة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الغالبة، ولا يدل على أنه لم يكن يخل بذلك ". الشيخ : وجه هذا أن العادة الغالبة، لأن كان تفيد الدوام غالبا، مو دائما، والدليل على أنه لا تفيد دائما أن الصحابة يذكرون عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الجمعة بسبح والغاشية، و يقولون كان يقرأ أيضا بالجمعة والمنافقون، إي نعم. القارئ : " وقد قال أنسٌ: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي العصر والشمس مرتفعةٌ. وقالت عائشة: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي العصر والشمس في حجرتي. وقال أبو برزة: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي الهجير حين تدحض الشمس، الحديث بطوله. وإنما أرادوا: أن ذلك كان الغالب عليه، وإلا فقد يؤخرها عن ذلك أحياناً، كما أخرها لما سأله السائل عن مواقيت الصلاة، وأخرها يوم الخندق، وغير ذلك. الحديث الثالث: ثنا عبدان: أنا عبد الله: أنا حميد، عن أنس: قال: كنا نبكر بالجمعة، ونقيل بعد الجمعة. هذا ما يستدل به من يقول بجواز إقامة الجمعة قبل الزوال، لأن التبكير والقائلة لايكون إلا قبل الزوال. وقد تقدم أنهم كانوا في عهد عمر يصلون معه الجمعة، ثم يرجعون فيقيلون قائلة الضحى، وهذا يدل على أن وقت الضحى كان باقياً. وكل ما استدل به من قال: تمنع إقامة الجمعة قبل الزوال ليس نصاً صريحاً في قوله، وإنما يدل على جواز إقامة الجمعة بعد الزوال أو على استحبابه، أما منع إقامتها قبله فلا، فالقائل بإقامتها قبل الزوال يقول بجميع الأدلة، ويجمع بينها كلها، ولا يرد منها شيئاً. فروى جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، عن عبد الله بن سيدان، قال: شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق، فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر، فكانت صلاته وخطبته إلى أن نقول: انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان، فكانت صلاته وخطبته إلى أن نقول: مال النهار، فما رأيت أحداً عاب ذلك ولا أنكره. خرّجه وكيع في كتابه عن جعفر، به وخرّجه عنه ابن أبي شيبة في كتابه، وخرّجه عبد الرزاق في كتابه عن معمر، عن جعفر، به. وخرّجه الأثرم والدارقطني، ورواه الإمام أحمد -في رواية ابنه عبد الله -، عن وكيع، عن جعفر، واستدل به. وهذا إسنادٌ جيدٌ، وجعفر حديثه عن غير الزهري حجةٌ يحتج به، قاله الإمام أحمد والدارقطني وغيرهما. وثابت بن الحجاج جزري تابعيٌ معروفٌ، لا نعلم أحداً تكلم فيه، وقد خَّرج له أبو داود. وعبد الله بن سيدان السلمي المطرودي، قيل: إنه من الربذة، وقيل: إنه جزريٌ، يروي عن أبي بكر وحذيفة وأبي ذر، وثقه العجلي، وذكره ابن سعدٍ في طبقة الصحابة ممن نزل الشام، وقال: ذكروا أنه رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال القشيري في تاريخ الرقة : ذكروا أنه أدرك النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأما البخاري، فقال: لا يتابع على حديثه - كأنه يشير إلى حديثه هذا، وقول ابن المنذر: إن هذا الحديث لا يثبت، هو متابعة لقول البخاري. وأحمد أعرف بالرجال من كل من تكلم في هذا الحديث، وقد استدل به واعتمد عليه، وقد عضد هذا الحديث: أنه قد صح من غير وجه أن القائلة في زمن عمر وعثمان كانت بعد صلاة الجمعة، وصح عن عثمان أنه صلى الجمعة بالمدينة وصلى العصر بمللٍ، خرّجه مالك في الموطإ، وبين المدينة ومللٍ اثنان وعشرون ميلاً، وقيل: ثمانية عشر ميلاً، ويبعد أن يلحق هذا السائر بعد زوال الشمس. وروى شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، قال: صلى بنا عبد الله بن مسعود الجمعة ضحى، وقال: خشيت عليكم الحر. وروى الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن سويد، قال صلى بنا معاوية الجمعة ضحى. وروى إسماعيل بن سميع، عن بلالٍ العبسي، أن عماراً صلى للناس الجمعة، والناس فريقان، بعضهم يقول: زالت الشمس، وبعضهم يقول: لم تزل. خرّج ذلك كله ابن أبي شيبة، وخرّج -أيضاً - من طريق الأعمش، عن مجاهد، قال: ما كان للناس عيدٌ إلا أول النهار ومن طريق يزيد بن أبي زياد، عن عطاءٍ، قال: كان من كان قبلكم يصلون الجمعة وإن ظل الكعبة كما هو. وروى عبد الرزاق في كتابه عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، قال: كل عيد حين يمتد الضحى: الجمعة، والأضحى، والفطر، كذلك بلغنا. وروى وكيع في كتابه عن جعفر بن برقان، عن حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاءٍ، قال: كل عيد في صدر النهار. وعن شعبة، عن الحكم، عن حماد، قال: كل عيد قبل نصف النهار. وروى أبو سعدٍ البقال، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعودٍ، قال: ما كان عيدٌ قط إلا في صدر النهار، ولقد رأيتنا وإنا لنجمع مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ظل الخطبة، أبو سعدٍ فيه ضعفٌ. وحكى الماوردي في كتابه الحاوي عن ابن عباسٍ، أنه يجوز صلاة الجمعة قبل الزوال وهو مذهب أحمد وإسحاق -: نقله عنهما ابن منصورٍ، وهو مشهورٌ عن أحمد، حتى نقل أنه لا يختلف قوله في جواز إقامة الجمعة قبل الزوال، كذا قاله غير واحد من أصحابه، ومنهم: ابن شاقلا وغيره. وقد روى حنبل، عن أحمد، قال: صلاة الجمعة تعجل، يؤذن المؤذن قبل أن تزول الشمس، وإلى أن يخطب الإمام، وتقام الصلاة، قد قام قائم الظهيرة، ووجبت الصلاة، ويقال: إن يوم الجمعة صلاةٌ كله لا يتحرى فيه الصلاة، وكان أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتحرون بصلاة الجمعة، إلا أنه لا ينبغي أن تصلى حتى تزول الشمس لأول الوقت، هذه السنة التي لم يزل الناس يعملون عليها بالمدينة والحجازٍ، ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه على ذلك. وظاهر هذه الرواية: أنه إنما يقدم على الزوال الأذان والخطبة خاصة، وظاهرها: أنه يجوز الصلاة في وقت الزوال يوم الجمعة خاصةً. وقال صالح بن أحمد: سألت أبي عن وقت الجمعة؟ فقالَ: إذا زالت الشمس، ونقل صالح - أيضاً -، عن أبيه - في موضع أخر -، أنه قال: إن فعل ذلك قبل الزوال فلا أعيبه، فأما بعده فليس فيه شكٌ، ونحوه نقل ابن منصورٍ، عن أحمد وإسحاق. ونقل أبو طالب، عنه، قال: ما ينبغي أن يصلي قبل الزوال، وقد صلى ابن مسعودٍ. ونقل عنه جماعة ما يقتضي التوقيت ". الشيخ : على كل حال إذا قلنا بالجواز قبل الزوال فلا يعني أن نبكر بها التبكير الذي يختاره الفقهاء رحمهم الله بحيث يكون من حين ارتفاع الشمس قيد رمح بل نقول قبل الزوال بنحو ساعة او نحوها، وهذا أيضا ما يدل عليه فعل أبي بكر رضي الله عنه وعمر وعثمان أنه قبل الزوال بشيء قليل، أما أن نقول من أول النهار ففي القلب من هذا شيء.
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فقد قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الجمعة: باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة.
حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال حدثنا حرمي بن عمارة قال حدثنا أبو خلدة هو خالد بن دينار قال سمعت أنس بن مالك يقول ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة يعني الجمعة ) قال يونس بن بكير أخبرنا أبو خلدة فقال بالصلاة ولم يذكر الجمعة وقال بشر بن ثابت حدثنا أبو خلدة قال صلى بنا أمير الجمعة ثم قال لأنس رضي الله عنه كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر
القارئ : حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا حرمي بن عمارة، حدثنا أبو خلدة هو خالد بن دينار قال سمعت أنس بن مالك يقول : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة يعني الجمعة ) قال يونس بن بكير أخبرنا أبو خلدة: فقال بالصلاة ولم يذكر الجمعة، وقال بشر بن ثابت حدثنا أبو خلدة قال: صلى بنا أمير الجمعة، ثم قال لأنس رضي الله عنه كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر. الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. لما ذكر وقت الجمعة إذا زالت الشمس في الباب السابق ذكر هل يبرد بالجمعة أو لا؟ ثم ساق الحديث، وذكر اللفظ الأول: ( إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة يعني الجمعة )، ثم ساق كلام يونس قال: في الصلاة ولم يذكر الجمعة. ثم ساق السبب: صلى بنا أمير الجمعة ثم قال لأنس كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر؟ وكأن البخاري رحمه الله يشير إلى أن لفظ الجمعة غير محفوظ، وبناء على ذلك يكون التبكير في زمن البرد والتأخير في زمن الحر إنما هو في صلاة الظهر، أما الجمعة فليس فيها إبراد، لأن الإبراد في الجمعة يشق على الناس الذين جاؤوا مبكرين، وفي الجمعة يندب للناس أن يأتوا من أول النهار فيكون الإبراد في حقهم إعسار وليس تسهيلا. ثم إن الجمعة ليس كالظهر، الظهر لا يمكن أن تقام إلا بعد الزوال، والجمعة سبق أنه يجوز أن تقام قبل الزوال، وشدة الحر في زمن الصيف إنما تكون بعد الزوال، ولهذا نقول: إن الجمعة ليس فيها إبراد. ثم الإبراد المشروع ليس أن يتأخر عن العادة ثلاثين دقيقة، أن يتأخر حتى تتبين الأفياء، يعني إذا قرب صلاة العصر، مثلا بمعنى أنه إذا بقي نصف ساعة على العصر أو نحو ذلك صلوا الظهر. وأما الإبراد الذي كان الناس يفعلونه سابقا فهو في الحقيقة ليس إلا تأخير الصلاة عن أول وقتها ولا إبراد فيه، لأنهم يفعلونه في شدة الحر، نعم.
باب : المشي إلى الجمعة . وقول الله جل ذكره : (( فاسعوا إلى ذكر الله )) . ومن قال : السعي العمل والذهاب ، لقوله تعالى : (( وسعى لها سعيها )) . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : يحرم البيع حينئذ . وقال عطاء : تحرم الصناعات كلها . وقال إبراهيم بن سعد ، عن الزهري : إذا أذن المؤذن يوم الجمعة ، وهو مسافر ، فعليه أن يشهد .
القارئ : باب : المشي إلى الجمعة . وقول الله جل ذكره : (( فاسعوا إلى ذكر الله )) . ومن قال : السعي العمل والذهاب ، لقوله تعالى : (( وسعى لها سعيها )) . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ( يحرم البيع حينئذ ) . وقال عطاء : ( تحرم الصناعات كلها ) . وقال إبراهيم بن سعد ، عن الزهري : ( إذا أذن المؤذن يوم الجمعة ، وهو مسافر ، فعليه أن يشهد ).
حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا يزيد بن أبي مريم الأنصاري قال حدثنا عباية بن رفاعة قال أدركني أبو عبس وأنا أذهب إلى الجمعة فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار )
القارئ : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا يزيد بن أبي مريم الأنصاري قال حدثنا عباية بن رفاعة قال: أدركني أبو عبس وأنا أذهب إلى الجمعة فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار ).
حدثنا آدم قال حدثنا ابن أبي ذئب قال الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ح و حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون عليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا )
القارئ : حدثنا آدم، حدثنا ابن أبي ذئب، قال الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. الشيخ : قال البخاري : باب المشي إلى الجمعة، ثم ذكر قول الله تعالى : (( فاسعوا إلى ذكر الله )) ثم بين أن السعي هنا ليس هو السعي أي المشي الشديد، واستدل لذلك بقوله تعالى : (( وسعى لها سعيها )) يعني قوله : (( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها )) ليس المعنى أنه جاء يركض يشتد، بل المعنى عمل لها عملا، فدل ذلك على أن المراد بقوله تعالى : (( فاسعوا إلى ذكر الله )) أي فانصرفوا واتجهوا إلى ذكر الله تعالى وأدوا الصلاة. ثم ذكر أثر عبد الله بن عباس قال : " يحرم البيع حينئذ " لقوله تعالى : (( وذروا البيع )) والأمر هنا للوجوب، وإذا وجب ترك البيع صار البيع حراما. وقال عطاء : " تحرم الصناعات كلها "، وعلى هذا فيكون لفظ البيع هنا إما على سبيل المثال أو لأن ذلك هو الواقع والأكثر، وإذا كان كذلك فإن قضية الصناعات تدخل، لكن هل العقود التي ليست معاوضة وليست اكتساب مال هل تدخل في ذلك ؟ يحتمل هذا وهذا يعني كعقد النكاح مثلا والهبة والعارية وما أشبه ذلك مما ليس بمعاوضة، فهل يدخل في ذلك؟ يحتمل أن يكون داخلا لأن العلة واحدة، فمثلا لو أن أناسا كانوا جالسين في مكان ينتظرون الزوج ليعقد له فأذن لصلاة الجمعة هل نقول لا بأس أن تبقوا وتعقدوا النكاح أو لا بد أن تقوموا ؟ الظاهر الثاني وأنه إنما نص على البيع لأن ذلك هو الأكثر والأغلب. وقال إبراهيم بن سعد عن الزهري : " إذا أذن المؤذن يوم الجمعة وهو مسافر فعليه أن يشهد " لعموم قوله تعالى : (( يا أيها الذين أمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله )) والمسافر من المؤمنين وعلى هذا فإذا كان المسافر في بلد يريد أن يمشي في آخر النهار وأذن لصلاة الجمعة فيجب عليه أن يحضر الجمعة وكثير من الناس يغفل عن هذا، تجده يقول إنه مسافر ليس عليه جمعة، فنقول نعم المسافر الذي ليس عليه جمعة الذي يمشي في البر أما من كان في البلد وسمع النداء فإن الله يقول : (( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله )). ثم ذكر حديث أبو عبس، لكن ما هو الشاهد منه ؟ الشاهد قوله : " وأنا أذهب إلى الجمعة " هذا هو الظاهر أنه استشهد به، ويحتمل أنه أراد أن يبين أن الذهاب إلى الجمعة من سبيل الله لأنه امتثال لأمر الله عز وجل، فلننظر في الفتح. القارئ : الأول ولا الثاني ؟ الشيخ : والله يمكن الثاني أقرب.
القارئ : هنا يقول : " أدركني أبو عبس: بفتح المهملة وسكون الموحدة، وهو ابن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة واسمه عبد الرحمن على الصحيح، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد. قوله: - وأنا أذهب - كذا وقع عند البخاري أن القصة وقعت لعباية مع أبي عبس، وعند الإسماعيلي من رواية علي بن بحر وغيره عن الوليد بن مسلم أن القصة وقعت ليزيد بن أبي مريم مع عباية، وكذا أخرجه النسائي عن الحسين بن حريث عن الوليد، ولفظه: حدثني يزيد قال: لحقني عباية بن رفاعة وأنا ماش إلى الجمعة زاد الإسماعيلي في روايته: وهو راكب، فقال احتسب خطاك هذه. وفي رواية النسائي فقال أبشر فإن خطاك هذه في سبيل الله، فإني سمعت أبا عبس بن جبر فذكر الحديث، فإن كان محفوظا احتمل أن تكون القصة وقعت لكل منهما، وسيأتي الكلام على المتن في كتاب الجهاد. وأورده هنا لعموم قوله: ( في سبيل الله ) فدخلت فيه الجمعة، ولكون راوي الحديث استدل به على ذلك. وقال ابن المنير في الحاشية: وجه دخول حديث أبي عبس في الترجمة من قوله أدركني أبو عبس لأنه لو كان يعدو لما احتمل وقت المحادثة لتعذرها مع الجري، ولأن أبا عبس جعل حكم السعي إلى الجمعة حكم الجهاد، وليس العدو من مطالب الجهاد، فكذلك الجمعة انتهى. وحديث أبي هريرة تقدم الكلام عليه في أواخر أبواب الأذان، وقد سبق في أول هذا الباب توجيه إيراده هنا ". الشيخ : اتضح، صار يحتمل أنه رآه وهو يمشي، والمشي ليس هو السعي، فيكون فيه شاهد للترجمة واضح، ويحتمل أنه أراد أن يبين أن المشي إلى الجمعة أفضل، لأن ذلك في سبيل الله، ومن اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار، أفضل من الركوب، نعم.
السائل : مسافر ترك حضور الجمعة لأن إمام الجمعة مبتدع ؟ الشيخ : هذه البدعة هل تكفر أو تفسق؟ السائل : تكفر. الشيخ : تكفر؟ إذا كانت تكفر لا يصلي معه لا مسافر ولا مقيم، لأن المبتدع بدعة مكفرة لا تصح صلاته، إي نعم. السائل : بارك الله فيكم ... يجعل هذا في سبيل الله ... الشيخ : في آية الصدقة؟ لأنه هو الذي يحتاج إلى المال وتنصر به الأمة، هو الجهاد في سبيل الله، الغزو. السائل : ... الشيخ : هو ما قلت لك، لأن اللي يحتاج إلى المال، أصل الزكاة لدفع الحاجة، ولا يمكن نقول كل باب خير يدفع به الحاجة، مع أن الفقراء يموتون جوعا ونتركهم نبني مساجد ونصلح طرق وما أشبه ذلك. السائل : .... الشيخ : كل شيء بحسبه.
بعض أهل العلم أنكر على من يخرجون إلى الدعوة ويقولون أن هذا جهاد في سبيل الله ؟
السائل : بعض أهل العلم ... الخروج إلى الدعوة في سبيل الله ... الشيخ : هذا فيه نظر، أقول هذا فيه نظر، إن أراد ليس في سبيل الله أنه ليس بجهاد فصدق، وإن أراد ليس في سبيل الله الدعوة إلى الله، فليس بصحيح. السائل : ... الشيخ : أقول بارك الله فيك هذا خطأ، إذا أرادوا أنهم يقولون أنهم خرجوا في سبيل الله كالمجاهدين المقاتلين فهذا غلط، ليسوا كالمجاهدين المقاتلين، وإن أرادوا في سبيل الله أنهم يدعون إلى الخير، هذا بالمعنى العام لا بأس، لكن هم يقولون في سبيل الله من أجل الترغيب في طريقهم عشان يحملوا الناس يخرجون معهم.
حدثنا عمرو بن علي قال حدثني أبو قتيبة قال حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة لا أعلمه إلا عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تقوموا حتى تروني وعليكم السكينة )
القارئ : وحدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون عليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ). حدثنا عمرو بن علي ، حدثني أبو قتيبة ، حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة لا أعلمه إلا عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوموا حتى تروني، وعليكم السكينة ). الشيخ : الشاهد من هذا قوله : ( عليكم السكينة ) لأنه إذا كان المسلمون مأمورين بأن يأتوا بسكينة بعد إقامة الصلاة فكذلك إذا أتوا إلى صلاة الجمعة بعد الأذان من باب أولى. وأما قوله : ( لا تقوموا حتى تروني ) فلأنهم كانوا يقومون إذا قاربت الإقامة، فنهاهم الرسول عليه الصلاة والسلام أن يقوموا حتى يروه وذلك لأن الإمام قد يتأخر لشغل، أحيانا ربما ينصرف من المسجد بعد أن دخل لشغل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما تقدم ووقف مكانه فذكر أنه لم يغتسل فذهب واغتسل ثم رجع نعم.
حدثنا عبدان قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه عن ابن وديعة حدثنا سلمان الفارسي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر ثم ادهن أو مس من طيب ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له ثم إذا خرج الإمام أنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى )
القارئ : حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري عن أبيه عن ابن وديعة حدثنا سلمان الفارسي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر ثم ادهن أو مس من طيب، ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له ثم إذا خرج الإمام أنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ). الشيخ : الشاهد قوله : ( لم يفرق بين اثنين ) وهو ظاهر في أن الاثنين كانا متراصين، لأنه لو كان بينهما فرجة لكان الفرق بينهما حاصلا قبل مجيء هذا الرجل، وعلى هذا فلا ينبغي للإنسان أن يشق على الناس بمضايقتهم بحيث يدخل بين اثنين ليس بينهما فرجة. أما إذا كان هناك فرجة فالحق له لأن الذين تركوا هذه الفرجة هم، ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله : ولا يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة إلا أن يكون الإمام أو إلى فرجة تركوها، لأنهم إذا تركوا الفرجة فقد أسقطوا حق أنفسهم، ويكون هو محسنا أن تقدم إلى هذه الفرجة ليجلس فيها. وقد سبق بقية الكلام على أنه ينبغي للإنسان أن يغتسل بل يجب أن يغتسل يوم الجمعة ويدهن ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه.
فوائد حديث : ( من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر ثم ادهن أو مس من طيب ... )
الشيخ : وفي قوله : ( فصلى ما كتب له ثم إذا خرج الإمام ) دليل على أن يوم الجمعة إذا واصل الإنسان الصلاة فإنه لا نهي فيها. أما ما يفعله بعض الناس الآن إذا قارب مجيء الإمام وهو جالس في المسجد من أول الأمر فإذا قارب مجيء الإمام قام يصلي فهذا غلط، ولا يحل لأن الشمس عند زوالها يكون هناك وقت نهي، فلا يجوز للإنسان أن يقوم. وعلى هذا فنقول إذا دخل الإنسان المسجد يوم الجمعة ولو وقت النهي فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين، إذا دخل قبل وقت النهي واستمر في صلاته فهل نقول إن له ذلك إلى أن يأتي الإمام؟ نقول فيه نصوص تدل بظاهرها على هذا.