" تتمة القراءة من فتح الباري لابن رجب " القارئ : " إن النداء كان في الجمعة مؤذنٌ واحدٌ حين يخرج الإمام، ثم تقام الصلاة، فأمر عثمان أن ينادى قبل خروج الإمام حتى يجتمع الناس، خرّجه ابن أبي حاتم. قال حربٌ: قلت لأحمد: فالأذان يوم الجمعة إذا أذن على المنارة عدة؟ قال: لا بأس بذلك، قد كان يوذن للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بلال وابن أم مكتوم، وجاء أبو محذورة، وقد أذن رجل قبله، فأذن أبو محذورة. وظاهر هذا: أنه لو أذن على المنارة مؤذن بعد مؤذن جاز، وهذا قبل خروج الإمام. وقال القاضي أبو يعلى: إنه يستحب أن يكون المؤذن للجمعة واحداً، فإن أذن أكثر من واحد جاز، ولم يكره. ومراده: إذا أذنوا دفعة واحدة بين يدي الإمام، أو أذنوا قبل خروجه تترى، فأما إن أذنوا بعد جلوسه على المنبر، مرةً بعد مرة، فلا شك في كراهته، وأنه لم يعلم وقوعها في الإسلام قط. وكذا قال كثيرٌ من أصحاب الشافعي: أنه يستحب أن يكون للجمعة أذان واحد عند المنبر، ويستحب أن يكون المؤذن واحداً، لأنه لم يكن يؤذن للجمعة للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا بلالٌ. ونقل المحاملي هذا الكلام عن الشافعي، والذي نقله البويطي عن الشافعي يخالف ذلك، فإنه نقل عنه أنه قال: النداء للجمعة هو الذي يكون والإمام على المنبر، يكون المؤذنون يستفتحون الأذان فوق المنارة جملة حين يجلس الإمام على المنبر، ليسمع الناس فيؤوبون إلى المسجد. وهذا تصريح بأنهم يكونون جماعة، وأنهم يؤذنون على المنارة لإسماع الناس، لا بين يدي المنبر في المسجد. وقد خرّج البخاري في صحيحه هذا في باب: رجم الحُبلى ، من حديث ابن عباسٍ قال: جلس عمر على المنبر يوم الجمعة، فلما سكت المؤذنون قام، فأثنى على الله ، وذكر الحديث. وروى عن المغيرة بن شعبة أنه كان له في الجمعة مؤذنٌ واحدٌ. وخرّج الإمام أحمد من روايةٍ ابن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي سعيدٍ الخدري، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد، يكتبون من جاء، فاذا أذن وجلس الإمام على المنبر طووا الصحف، ودخلوا المسجد يستمعون الذكر ) وهذا لفظ غريب. وروى عبد الرزاق بإسناده، عن موسى بن طلحة، قال: رأيت عثمان بن عفان جالساً على المنبر يوم الجمعة، والمؤذنون يؤذنون يوم الجمعة، وهو يسأل الناس عن أسعارهم وأخبارهم. ويحتمل أن يكون مراد من قال المؤذن بلفظ الإفراد: الجنس، لا الواحد، فلا يبقى فيهِ دلالة على كونه واحداً ". الشيخ : إلى الآن ما ...، الذي أريد هو ما هو الزمن الذي بين الأول والثاني؟ هذا من ينتدب لتحريره؟ أيوب؟ متى؟ إلى متى ؟ أسبوع؟ خير إن شاء الله، طيب أسبوع، ومن أراد أن يساعده فليساعده، ومن أراد أن يكتب وحده فليكتب. القارئ : الأخ يعرض المساعدة يا شيخ. الشيخ : من ؟ القارئ : يعرض المساعدة. الشيخ : يعرض المساعدة، طيب، ما في مانع، ساعده.
القارئ : باب : يؤذن الإمام على المنبر إذا سمع النداء. الشيخ : عندي أنا نسخة مصححة: يجيب الإمام. القارئ : هذا عندي، يقول: وفي نسخة يجيب الإمام أي يقول مثل ما يقول.
حدثنا محمد بن مقاتل قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا أبو بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال سمعت معاوية بن أبي سفيان وهو جالس على المنبر أذن المؤذن قال الله أكبر الله أكبر قال معاوية الله أكبر الله أكبر قال أشهد أن لا إله إلا الله فقال معاوية وأنا فقال أشهد أن محمداً رسول الله فقال معاوية وأنا فلما أن قضى التأذين قال يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المجلس حين أذن المؤذن يقول ما سمعتم مني من مقالتي .
القارئ : حدثنا محمد بن مقاتل ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا أبو بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: ( سمعت معاوية بن أبي سفيان وهو جالس على المنبر أذن المؤذن فقال : الله أكبر الله أكبر، قال معاوية: الله أكبر الله أكبر، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال معاوية: وأنا، فقال: أشهد أن محمداً رسول الله، فقال معاوية: وأنا، فلما أن قضى التأذين قال: يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المجلس حين أذن المؤذن يقول ما سمعتم مني من مقالتي ). الشيخ : وهذا الحديث ليس فيه إشكال في قوله : وأنا، لأن ما يعلم يجوز حذفه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال في إجابة المؤذن وأنا، فحذف ما كان معلوما، وهذا لا ينافي قوله عليه الصلاة والسلام : ( فقولوا مثل ما يقول المؤذن ) لأن المحذوف المعلوم كالموجود، ومعاوية رضي الله عنه يقول : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما سمعتم من مقالتي ) فلا يقال إن هذا اجتهاد من معاوية، وأن معاوية هو الذي اختزل الجملة واقتصر على قوله وأنا، لأن معاوية ثقة صحابي جليل من كتاب الوحي بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، نعم. السائل : هل السنة التي سنها عثمان رضي الله عنه بقيت متبعة في عهد الخلفاء بعده ؟ الشيخ : لا أدري، لكن الظاهر أنها بقيت. السائل : لو قال قائل إذا كان المراد من الأذان الثالث إسماع الناس ... فلماذا لا يدخل المؤذن للسوق ويؤذن ... الشيخ : ... السوق عشان الزوراء من أجل كلمة الزوراء؟ لا لا، لأن الآن مكبرات الصوت تغني الآن عن الذهاب إلى السوق، الآن مكبر الصوت يسمعه الذي في وسط السوق. السائل : ... هل نقول يشرع هذا أم يسد الباب على أن عثمان و... رضوان الله عنه مغفور له بفعله ... وفعل هذا يعتبر حجة قوية من عثمان ... الشيخ : إذا قال قائل هذا نقول نعم وعلى العين والرأس، لكن كن من الخلفاء الراشدين، عرفت لو قال نؤذن العصر قبل الوقت بنصف ساعة لأن الناس نايمين وبعضهم يتغذى أبغى أنبههم نفعل ؟ أسألك نفعل ولا لا ؟ قل لا نفعل يعني من يكون مثل عثمان رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين، خلكم عندكم تمييز وعقل، ليس معناه يجي كل واحد يجتهد بحط أذان بحط إقامة معناه صار الدين متفرع كل يشرع على ما يريد. العلة نقول أعلك الله أو أصحك، نقول العلة إذا كنت من الخلفاء الراشدين فعلى العين والرأس وإلا فنسأل الله لك الشفاء العاجل، عرفت. انتهى الوقت، لا راح دقيقة بعد الساعتين.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فقد قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الجمعة : باب : الجلوس على المنبر عند التأذين.
حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أن السائب بن يزيد أخبره أن التأذين الثاني يوم الجمعة أمر به عثمان بن عفان رضي الله عنه حين كثر أهل المسجد وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام
القارئ : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب أن السائب بن يزيد أخبره : ( أن التأذين الثاني يوم الجمعة أمر به عثمان بن عفان رضي الله عنه حين كثر أهل المسجد، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام ). الشيخ : ما في شيء، يعني ما فيه زيادة على ما سبق إلا أنه مر علينا أنه التأذين الثالث، ويجمع بينه وبين هذا أن من قال إنه هو التأذين الثالث اعتبر الإقامة أذانا.
حدثنا محمد بن مقاتل قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا يونس عن الزهري قال سمعت السائب بن يزيد يقول ( إن الأذان يوم الجمعة كان أوله حين يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه وكثروا أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث فأذن به على الزوراء فثبت الأمر على ذلك )
القارئ : حدثنا محمد بن مقاتل، أخبرنا عبد الله، أخبرنا يونس، عن الزهري قال: سمعت السائب بن يزيد يقول : ( إن الأذان يوم الجمعة كان أوله حين يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما كان في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه وكثروا أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث فأذن به على الزوراء، فثبت الأمر على ذلك ).
حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري القرشي الإسكندراني قال حدثنا أبو حازم بن دينار أن رجالاً أتوا سهل بن سعد الساعدي وقد امتروا في المنبر مم عوده فسألوه عن ذلك فقال ( والله إني لأعرف مما هو ولقد رأيته أول يوم وضع وأول يوم جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فلانة امرأة من الأنصار قد سماها سهل مري غلامك النجار أن يعمل لي أعواداً أجلس عليهن إذا كلمت الناس فأمرته فعملها من طرفاء الغابة ثم جاء بها فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بها فوضعت ها هنا ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها وكبر وهو عليها ثم ركع وهو عليها ثم نزل القهقرى فسجد في أصل المنبر ثم عاد فلما فرغ أقبل على الناس فقال أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا ولتعلموا صلاتي )
القارئ : حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري القرشي الإسكندراني، حدثنا أبو حازم بن دينار: أن رجالاً أتوا سهل بن سعد الساعدي وقد امتروا في المنبر مم عوده؟ فسألوه عن ذلك فقال : ( والله إني لأعرف مما هو، ولقد رأيته أول يوم وضع، وأول يوم جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فلانة امرأة قد سماها سهل: مري غلامك النجار أن يعمل لي أعواداً أجلس عليهن إذا كلمت الناس، فأمرته فعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بها فوضعت ها هنا ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها وكبر وهو عليها ثم ركع وهو عليها ثم نزل القهقرى فسجد في أصل المنبر ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي ).
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. هذا الحديث فيه مشروعية الخطبة على المنبر، وذلك لفائدتين، الفائدة الأولى: أنه أبعد للصوت أي لنفوذ الصوت، والثانية: أن الإنسان إذا رأى المتكلم كان ذلك أثبت في فهمه، أي فهم ما يتكلم به، وهذا واضح، قيسوا هذا الأمر بين أن تسمعوا الخطبة من المسجل وأن تسمعوها والخطيب يخطب أيهما أشد تأثيرا ؟ الثاني بلا شك، حتى إن بعض الناس يتأثر تأثيرا كبيرا أثناء الخطبة ثم يطلب الشريط ثم إذا سمع الشريط قال سبحان الله هذه الخطبة التي سمعت لأنها لا تؤثر عليه شيئا، لهذا كان الأولى أن الإنسان يقوم أمام الناس، لأن ذلك أشد تأثيرا. وفيه أيضا أنه لا بأس أن يسأل الإنسان المسألة ولا يدخل في النهي إذا كان يسأل للمصلحة العامة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المرأة الأنصارية أن تأمر غلامها أن يصنع له أعوادا من خشب لإيش؟ لمصلحته لبيته؟ لا للمصلحة العامة، ولا يعد هذا من السؤال المذموم، كما أنه لا يعد من السؤال المذموم إذا كنت ترى أن الذي تسأله يفرح بذلك ويرى أن لك المنة عليه، وهذا يقع كثيرا، كثير من الناس يتمنى أن فلانا يأمره بشيء فهل يدخل هذا في السؤال المذموم؟ لا، بل قد يدخل في السؤال الممدوح أن تدخل السرور على أخيك. وفيه أيضا من فوائده أولا قبل أن أذكر الفائدة هذه. فيه الطرفة تعرفونها ؟ مثل الأثل؟ الطرفة مثل الأثل، الأثل تعرفونه ؟ الطلاب : لا. الشيخ : لا! أجل ما تعرفون شيء، اطلعوا شوي هنا بس مع الطريق هذا، إذا انتهيت من النخل جاءتك الأثل، نعم كلنا نعرفها. على كل حال الأثل معروف، والطرفة قريب منه لكن الطرفة أقوى من الأثل، إلا أنها ليست تتضخم كما يتضخم الأثل يعني ما تكبر بالطول لكن أعوادها قوية جدا. وفيه أيضا في هذا الحديث دليل على جواز تسمية الخطبة كلاما لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كلمت الناس )، ثم فسر هذا الكلام بالخطبة عليه في يوم الجمعة. قد يقال: إن الرسول أراد إذا كلم الناس في الخطبة وغيرها وأنه من باب التغليب؟ فيقال: لا يمكن أن يفسر هذا من باب التغليب مع أنه أول ما فعل عليه الخطبة. وفيه أيضا من فوئد هذا الحديث جواز الحركة في الصلاة لمصلحة المصلين، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتحرك، كم يتحرك من مرة ؟ في كل ركعة يتحرك حركتين، في الرباعية ثماني حركات، يتحرك يقوم على المنبر ويركع ثم ينزل ويسجد ثم يقوم على المنبر ثم ينزل ويسجد، حركات كثيرة، فيكون فيه رد لقول من يقول إنه إذا تحرك في الصلاة ثلاث حركات بطلت صلاته إذا لم يقيدوها بأنها متوالية، أما إن قيدوها بأنها متوالية فالحديث لا يرد عليهم، لكن الصواب أن العبرة بذلك العرف. ومن فوائد هذا الحديث أيضا أنه ينبغي للإنسان إذا صنع أمرا غريبا عن الناس ولا سيما في العبادة فإنه ينبغي أن ينبههم على ذلك لتطمئن قلوبهم، ولئلا يبقوا في حيرة، ولنفرض أن الإمام سجد سجود السهو لسهو خفي على المأمومين فهنا ينبغي أن يقول: إنما سجدت لأني تركت التسبيح مثلا من أجل أن يطمئنوا وحتى لا يقال ما الذي حصل؟ وكل شيء يدخل الطمأنينة على إخوانك ويزيل القلق والحيرة فيهم فإنه أمر مطلوب، فالذي ينبغي للإنسان أن يشعر بشعور الناس. وفيه أيضا دليل على أن أفعال الرسول عليه الصلاة والسلام ولا سيما في العبادات أسوة يقتدى به فيها لقوله : ( ولتعلموا صلاتي )، وربما يكون في الحديث إشارة إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يفرق أو لا يميز بين التكبيرات في الصلاة لأنه لو كان هناك تمييز لعلم بصفة التكبير، ولهذا تجد الذي يستعمل التمييز ما يغلط الناس وراءه إذا قال: الله أكبر يعني جلوس وبعض الأئمة ما هو كثير منهم، بعض الأئمة يفرق بين كل تكبيرة، تكبيرة الإحرام له شكل والركوع له شكل والسجود له شكل والتشهد له شكل، يعني بحيث إن الإنسان يعرف تماما وإن لم يكن يرى الإمام ماذا عليه الآن. وفيه أيضا من فوائده وهي من أهمها حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم الأمة بالقول وبالفعل، والتعليم بالفعل قد يكون أشد تأثيرا من التعليم بالقول يا حامد أشد نعم لماذا ؟ لأن التعليم بالفعل يكون فيه السماع والرؤية، والرؤية توجب أن ينطبع ذلك إيش؟ في القلب، تجد الإنسان يقول ... كأنه يشاهده.
حدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثنا محمد بن جعفر قال أخبرني يحيى بن سعيد قال أخبرني ابن أنس أنه سمع جابر بن عبد الله قال ( كان جذع يقوم إليه النبي صلى الله عليه وسلم فلما وضع له المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشار حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه ) قال سليمان عن يحيى أخبرني حفص بن عبيد الله بن أنس أنه سمع جابر بن عبد الله
القارئ : حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا محمد بن جعفر ، أخبرني يحيى بن سعيد، أخبرني ابن أنس أنه سمع جابر بن عبد الله قال : ( كان جذع يقوم إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وضع له المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشار، حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه ) قال سليمان: عن يحيى أخبرني حفص بن عبيد الله بن أنس أنه سمع جابرا.
الشيخ : في هذا الحديث أيضا دليل على أنه ينبغي للإمام الخطيب أن يقوم على شيء مرتفع، إن تهيأ المنبر فهذا المطلوب وإن لم يتهيأ فلو حجر، لأن الرسول كان عليه الصلاة والسلام قبل أن يوضع له المنبر يخطب على هذا الجذع. وفيه دليل على آية من آيات الرسول عليه الصلاة والسلام حيث صاح الجذع لفقد قدميه صلوات الله وسلامه عليه. وفيه إشارة أيضا دليل على أن الجمادات لها إحساس وإلا فهذا جذع جذع نخل ميت، وليس ينمو لكن لها إحساس، إذا كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول: ( أحد جبل يحبنا ونحبه ) فلا يبعد أن يكون للجمادات إحساس، وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام هو نفسه يقول ( إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي ) سبحان الله! حجر يسلم على الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا من آيات الله (( وقالوا لجلودهم لم شهدتم قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء )) كل شيء ينطقه الله عز وجل، لأنه رب كل شيء، وأمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. وفيه أيضا أن الرسول عليه الصلاة والسلام يحس بإحساس حتى الجماد، نزل الرسول من المنبر وضع يده عليه يسكته حتى سكت، سبحان الله يعني كأنه صبي صاح فهدأته أمه. فإذا قال قائل: كيف الرسول ينزل ويسكته وهو جماد ؟ قلنا لأنه لما صاح وصار له كصوت العشار يعني الإبل العشراء علم أن له إحساسا وأنه سوف يسكت إذا سكته، ونظيره ما حصل لموسى عليه الصلاة والسلام موسى تعلمون أن بني اسرائيل كانوا يغتسلون عراة وكان موسى عليه الصلاة والسلام يغتسل خاليا فقالوا إن موسى لم يختف عنا ويغتسل كما نغتسل عاريا إلا لأنه مصاب بالأدرة يعني كبر الخصية فآذوه فأراد الله عز وجل أن يريهم ذلك بغير اختيار من موسى، جعل يغتسل ووضع ثوبه على حجر فهرب الحجر بالثوب هرب به، فجعل موسى يشتد وراءه يناديه ثوبي حجر ثوبي حجر، والحجر سبحان الله يشتد في السعي حتى وصل إلى الملأ من بني إسرائيل وحينئذ ماذا يفعل موسى؟ اضطر إلى أن يشاهدوه، فلما أدركه جعل يضربه، موسى يضرب الحجر كيف يضرب حجرا وهو جماد؟ لأنه فعل فعل الحيوان ذي الإرادة، هرب بالثوب فأراد أن يعزره بالضرب، نعم، هل يؤخذ من ذلك ما نفعله ويفعله غيرنا إذا سقط الصبي على الأرض أو ضربته خشبة أو شيء جعلنا نضرب الأرض تبي نضربه فالصبي يقول نعم فنضربها تهدئة له، الظاهر أنه لا بأس به لكن في أخذها من هذا الحديث شيء من القلق لكن لا حرج ما دام الصبي يهدأ ففيه خير إن شاء الله نعم. المهم أن قصدي أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام رعايتهم للخلق أكمل رعاية حتى الجمادات يراعونها. السائل : في الحديث السابق وأول يوم جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ... هكذا عندي. الشيخ : لا، وأول يوم جلس عليه أرسل رسول الله إلى فلانة، ألحقه.
هل من حين وضع المنبر صلى عليه أم صلى في وقت الصلاة ؟
السائل : ... الشيخ : لا لا، صلى الصلاة في وقتها لما جاءت الصلاة، لا مو من حين وضع صلى عليه. السائل : ... الشيخ : إي نعم في الصلاة وكان الصحابة رضي الله عنهم خلف الرسول ينظرون إليه حتى لما قيل لهم ما الذي أعلمكم أنه يقرأ؟ قالوا عرفنا ذلك باضطراب لحيته، وحتى في صلاة الكسوف قال لما رأيتموني تقدمت لما رأيتموني تأخرت.
إذا زاد المنبر عن ثلاث درجات فهل من الوجب أن يزال ؟
السائل : إذا زاد المنبر عن ثلاث درجات فهل الواجب أن يزال ؟ الشيخ : قد يقال أنه بحسب الحاجة، ربما يكثر الناس ويتسع المسجد يحتاج إلى منبر كبير يعني رفيع، وأنا شاهدت منبر في المسجد الحرام يمكن فيه من 15 درجة إلى عشرين درجة مرتفع قبل أن تأتي مكبرات الصوت، كان يخطب عليه الخطيب وكان يرمي بكلماته رميا يعني ما يكون سلسا: الحمد لله بصوت مرتفع، الذي، لأن المسجد واسع، وتعرفون المسجد الحرام غير مسقف يتفرق فيه الصوت، لكن الحمد لله بعد أن جاء الله بهذه المكبرات ارتاح الناس.
حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه قال ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر فقال من جاء إلى الجمعة فليغتسل )
القارئ : حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال : ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر فقال من جاء إلى الجمعة فليغتسل ). الشيخ : الشاهد قوله : ( يخطب على المنبر ).
حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائمًا ثم يقعد ثم يقوم كما تفعلون الآن )
القارئ : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائمًا ثم يقعد ثم يقوم كما تفعلون الآن ).
الشيخ : في هذا الحديث مشروعية الخطبة قائما إلا إذا عجز فلا بأس أن يخطب قاعدا لقول الله تبارك وتعالى : (( فاتقوا الله ما استطعتم )). وفيه أيضا: أن للجمعة خطبتين مفصولتين بجلوس لقوله : ( يخطب قائما ثم يقعد ثم يقوم كما تفعلون الآن ) ونريد أن نشوف سبب أن المؤلف ساق حديث ابن عمر. القارئ : أيهما ؟ الشيخ : الفتح المتأخر.
" قراءة من فتح الباري لابن حجر " القارئ : " قوله باب الخطبة قائما، قال ابن المنذر: الذي حمل عليه جل أهل العلم من علماء الأمصار ذلك، ونقل غيره عن أبي حنيفة أن القيام في الخطبة سنة وليس بواجب، وعن مالك رواية أنه واجب فإن تركه أساء وصحت الخطبة، وعند الباقين أن القيام في الخطبة يشترط للقادر كالصلاة، واستدل للأول بحديث أبي سعيد ". الشيخ : هذا مو صحيح، مذهب الحنابلة عندنا أنه سنة وليس بواجب، أما أنه شرط لصحة الصلاة هذا ثقيل، والله المستعان. القارئ : " واستدل للأول بحديث أبي سعيد الآتي في المناقب: أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله، وبحديث سهل الماضي قبل: مري غلامك يعمل لي أعوادا أجلس عليها، والله الموفق، وأجيب عن الأول ". الشيخ : يقول في المناقب يأتي؟ حديث أبي سعيد؟ القارئ : إي الآتي في المناقب. الشيخ : عندكم، بعد الباب اللي ... . القارئ : " وأجيب عن الأول أنه كان في غير خطبة الجمعة، وعن الثاني باحتمال أن تكون الإشارة إلى الجلوس أول ما يصعد وبين الخطبتين، واستدل للجمهور بحديث جابر بن سمرة المذكور، وبحديث كعب بن عجرة أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن أبي الحكم يخطب قاعدا فأنكر عليه وتلا (( وتركوك قائما )) وفي رواية ابن خزيمة: ما رأيت كاليوم قط إماما يؤم المسلمين يخطب وهو جالس يقول ذلك مرتين، وأخرج بن أبي شيبة عن طاوس خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما وأبو بكر وعمر وعثمان، وأول من جلس على المنبر معاوية، وبمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على القيام وبمشروعية الجلوس بين الخطبتين، فلو كان القعود مشروعا في الخطبتين ما احتيج إلى الفصل بالجلوس، ولأن الذي نقل عنه القعود كان معذورا، فعند ابن أبي شيبة من طريق الشعبي أن معاوية إنما خطب قاعدا لما كثر شحم بطنه ولحمه، وأما من احتج بأنه لو كان شرطا ما صلى من أنكر ذلك مع القاعد فجوابه أنه محمول على أن من صنع ذلك خشي الفتنة أو أن الذي قعد قعد باجتهاد كما قالوا في إتمام عثمان الصلاة في السفر، وقد أنكر ذلك ابن مسعود ثم إنه صلى خلفه فأتم معه واعتذر بأن الخلاف شر. قوله: وقال أنس إلى آخره هو طرف من حديث الاستسقاء أيضا وسيأتي في بابه. ثم أورد في الباب حديث ابن عمر وقد ترجم له بعد بابين: القعدة بين الخطبتين، وسيأتي الكلام عليه ثمَّ. وفي الباب حديث جابر بن سمرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب أخرجه مسلم، وهو أصرح في المواظبة من حديث ابن عمر إلا أن إسناده ليس على شرط البخاري. وروى ابن أبي شيبة من طريق طاوس قال: أول من خطب قاعدا معاوية حين كثر شحم بطنه، وهذا مرسل يعضده ما روى سعيد بن منصور عن الحسن قال: أول من استراح في الخطبة يوم الجمعة عثمان، وكان إذا أعيا جلس ولم يتكلم حتى يقوم، وأول من خطب جالسا معاوية. وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة " . الشيخ : صار عثمان رضي الله عنه يلاحظ أنه إذا عيا وتعب جلس وسكت لئلا يخطب وهو قاعد، أما معاوية فالظاهر والله أعلم أنه يعجز عن القيام ولو مدة يسيرة، فلهذا كان يخطب قاعدا من أول الأمر. القارئ : " وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يخطبون يوم الجمعة قياما حتى شق على عثمان القيام فكان يخطب قائما ثم يجلس، فلما كان معاوية خطب الأولى جالسا والأخرى قائما، ولا حجة في ذلك لمن أجاز الخطبة قاعدا لأنه تبين أن ذلك للضرورة ". الشيخ : أحسنت. على كل حال الصحيح أن الخطبة قائما أفضل لا شك، أولا: لأنه أبين، ولأنه أعون للإنسان على الكلام الذي يريد أن يتكلم ارتجالا، وليتبين الفصل بين الخطبتين. أما أن نجعله شرطا لصحة الخطبة، والخطبة شرط لصحة الصلاة، وبناء على ذلك إذا خطب قاعدا فإنه لا تصح صلاته ويجاب عن ذلك بأن الناس صلوا خلف معاوية من أجل ألا يكون خلاف كما صلوا خلف عثمان من أجل ألا يكون خلاف ففيه نظر، فالصواب أن الخطبة قائما سنة وليست بواجب. لكن ينبغي للخطيب إذا عرف من نفسه أنه سيبقى دائما عاجزا أن يتنازل ويدع المنبر لغيره، اما إذا كانت وعكة يسيرة حصلت مثلا في يوم من الجمع فهذه ربما يقال يعفى عنه، والله أعلم. القارئ : أما بعد فقد قال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الجمعة : حدثنا آدم، حدثنا ابن ابي ذئب. الشيخ : في أي باب؟ القارئ : في باب الخطبة على المنبر، آخر حديث. حدثنا آدم، حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر فقال : ( من جاء إلى الجمعة فليغتسل ). الشيخ : الشاهد قوله : ( يخطب على المنبر ) فدل ذلك على استحباب صعود الإمام الذي يخطب على المنبر حتى يبدو للناس ويشاهدوه ويسمعوه أكثر مما لو كان غير مرتفع، نعم. القارئ : يعني باب الخطبة قائما والحديث الذي قبله قرأناه، وإنما القراءة باب يستقبل الإمام القوم.
حدثنا معاذ بن فضالة قال حدثنا هشام عن يحيى عن هلال بن أبي ميمونة حدثنا عطاء بن يسار أنه سمع أبا سعيد الخدري قال ( إن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله )
القارئ : حدثنا معاذ بن فضالة، حدثنا هشام، عن يحيى، عن هلال بن أبي ميمونة، حدثنا عطاء بن يسار أنه سمع أبا سعيد الخدري قال : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله ).
فوائد حديث جلوس النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر .
الشيخ : كأن البخار يرحمه الله استدل بقوله : ( وجلسنا حوله ) استدل بذلك على أنه ينظرون إليه ولو لا أنه يطلب ينظرون إليه لم يكن هناك فائدة للجلوس حوله إلا استماع الصوت واستماع الصوت قد يسمع ولو من بعيد. ولكن حكم المسألة: أن الإمام يستقبل المأمومين وهذا أحد المواضع الذي يشرع فيه استدبار القبلة، فهنا لو استقبل القبلة لقلنا أخطأت وخالفت السنة، السنة أن تتجه إلى المأمومين وتكون القبلة خلفك بالضرورة. أما المأمومون فإنهم يستقبلون الإمام ما أمكن، وقد روي أن النبي عليه الصلاة والسلام أن الصحابة كانوا إذا قام يخطب استقبلوه بوجوههم، لكن الحديث ليس على شرط البخاري. وهذا إذا أمكن مشاهدته، أما إذا لم تمكن وكان في المسجد سماعات فهل يستقبل المأمومون هذه السماعات، لأن الإنسان إذا استقبل الصوت كان أقوى لاستماعه وانتباهه؟ أو نقول في هذه الحال حيث لا يشاهدون الإمام وإنما يسمعون صوته الأفضل أن يستقبلوا القبلة في حال الجلوس اللهم إلا إذا كان لا يمكن أن يسمع سماعا جيدا إلا إذا استقبل السماعة فهنا نقول استقبل السماعة إذا لم تشوش على الناس فإن شوشت فلا، بعض الناس مثلا إذا وجد السماعة على يساره أو على يمينه ثم يلتفت صار الناس يشاهدونه وأزعجهم وشوش عليهم، وربما يتكلم عليه أحد من الناس. وعلق أثر ابن عمر وأنس أنهما كانا يستقبلان الإمام، نعم.
وقال محمود : حدثنا أبو أسامه قال : حدثنا هشام بن عروة قال : أخبرتني فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : دخلت على عائشة رضي الله عنها ، والناس يصلون ، قلت : ما شأن الناس .؟ فأشارت برأسها إلى السماء ، فقلت : آية ؟ فأشارت برأسها : - أي نعم - قالت ( فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم جدا حتى تجلاني الغشي ، وإلى جنبي قربة فيها ماء ، ففتحتها فجعلت أصب منها على رأسي ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس ، فخطب الناس ، وحمد الله بما هو أهله ، ثم قال : ( أما بعد ) . قالت : ولغط نسوة من الأنصار ، فانكفأت إليهن لأسكتهن ، فقلت لعائشة : ما قال ؟ قالت : قال : ( ما من شيء لم أكن أريته إلا قد رأيته في مقامي هذا ، حتى الجنة والنار ، وإنه قد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور ، مثل - أو قريبا من - فتنة المسيح الدجال ، يؤتى أحدكم فيقال له : ما علمك بهذا الرجل ؟ فأما المؤمن - أو قال الموقن ، شك هشام - فيقول : هو رسول الله ، هو محمد صلى الله عليه وسلم ، جاءنا بالبينات والهدى ، فآمنا وأجبنا واتبعنا وصدقنا ، فيقال له : نم صالحاً ، قد كنا نعلم إن كنت لتؤمن به ، وأما المنافق - أو قال المرتاب ، شك هشام - فيقال له : ما علمك بهذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ) . قال هشام : فلقد قالت لي فاطمة فأوعيته ، غير أنها ذكرت ما يغلظ عليه .
القارئ : وقال محمود : حدثنا أبو أسامه : حدثنا هشام بن عروة قال : أخبرتني فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : ( دخلت على عائشة رضي الله عنها ، والناس يصلون ، قلت : ما شأن الناس؟ فأشارت برأسها إلى السماء ، فقلت : آية ؟ فأشارت برأسها: أي نعم، فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم جدا حتى تجلاني الغشي ، وإلى جنبي قربة فيها ماء ، ففتحتها فجعلت أصب منها على رأسي ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس ، فخطب الناس ، وحمد الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد. قالت : ولغط نسوة من الأنصار ، فانكفأت إليهن لأسكتهن ، فقلت لعائشة : ما قال ؟ قالت : قال : ما من شيء لم أكن أريته إلا قد رأيته في مقامي هذا ، حتى الجنة والنار ، وإنه قد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور ، مثل - أو قريبا من - فتنة المسيح الدجال ، يؤتى أحدكم فيقال له : ما علمك بهذا الرجل ؟ فأما المؤمن - أو قال: الموقن ، شك هشام - فيقول : هو رسول الله ، هو محمد صلى الله عليه وسلم ، جاءنا بالبينات والهدى ، فآمنا وأجبنا واتبعنا وصدقنا ، فيقال له : نم صالحاً ، قد كنا نعلم إن كنت لتؤمن به ، وأما المنافق - أو قال المرتاب ، شك هشام - فيقال له : ما علمك بهذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ). قال هشام : فلقد قالت لي فاطمة فأوعيته ، غير أنها ذكرت ما يغلظ عليه. الشيخ : يعني هذا الذي قال سمعت سمعت الناس يقولون شيئا فقلت هشام نسي إلا أنه ذكر أنه يغلظ عليه، والذي جاء في الحديث أنه يضرب بمرزبة من حديد يصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنس والجن. الشاهد من هذا قوله : ( أما بعد ) وكلمة أما بعد كلمة مستعملة عند العرب في خطبهم إذا أراد الإنسان أن ينتقل إلى صلب الموضوع بعد الحمد والثناء قال أما بعد، وعبر عنها بعض العلماء بأنه يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر وليس بصحيح، لأننا الخطب تنتقل من أسلوب إلى آخر، من أمر إلى نهي، من خبر إلى استفهام، وما أشبه ذلك.