تتمة الشرح الحديث : فزعم محمود أنه سمع عتبان بن مالك الأنصاري رضي الله عنه وكان ممن شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( كنت أصلي لقومي ببني سالم وكان يحول بيني وبينهم واد إذا جاءت الأمطار فيشق علي اجتيازه قبل مسجدهم فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له إني أنكرت بصري وإن الوادي الذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار فيشق علي اجتيازه فوددت أنك تأتي فتصلي من بيتي مكاناً أتخذه مصلى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سأفعل فغدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه بعد ما اشتد النهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنت له فلم يجلس حتى قال أين تحب أن أصلي من بيتك فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن أصلي فيه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر وصففنا وراءه فصلى ركعتين ثم سلم وسلمنا حين سلم فحبسته على خزير يصنع له فسمع أهل الدار رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فثاب رجال منهم حتى كثر الرجال في البيت فقال رجل منهم ما فعل مالك لا أراه فقال رجل منهم ذاك منافق لا يحب الله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقل ذاك ألا تراه قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله فقال الله ورسوله أعلم أما نحن فوالله لا نرى وده ولا حديثه إلا إلى المنافقين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) قال محمود بن الربيع فحدثتها قوماً فيهم أبو أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته التي توفي فيها ويزيد بن معاوية عليهم بأرض الروم فأنكرها علي أبو أيوب قال والله ما أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما قلت قط فكبر ذلك علي فجعلت لله علي إن سلمني حتى أقفل من غزوتي أن أسأل عنها عتبان بن مالك رضي الله عنه إن وجدته حياً في مسجد قومه فقفلت فأهللت بحجة أو بعمرة ثم سرت حتى قدمت المدينة فأتيت بني سالم فإذا عتبان شيخ أعمى يصلي لقومه فلما سلم من الصلاة سلمت عليه وأخبرته من أنا ثم سألته عن ذلك الحديث فحدثنيه كما حدثنيه أول مرة .
الشيخ : وكان النبي صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً ، حتى إن الجارية من أهل المدينة ، تأخذ بيده صلوات الله وسلامه عليه ، حتى تذهب به إلى بيتها ، فيقضي حاجتها ، كيف إذا جاءه مثل هذا الرجل الذي شهد بدراً ، وعرفه الرسول عليه الصلاة والسلام ؟ ( وددت أنك تأتي فتصلي من بيتي مكاناً أتخذه مصلى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سأفعل ) ، سأفعل ، يعني وعده ، وفي هذا الوعد إشكال : وهو أن الله قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : (( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله )) ، وهنا لم يقل : إن شاء الله ، فيقال : الآية ليست معارضة للحديث ، الآية : (( إني فاعل ذلك )) ، يعني واقع مني بالفعل ، وهذا لا يجوز ، إلا باستثناء ، إلا أن يشاء الله ، لأنك لا تدري ماذا يحدث ، فلا ترى نفسك معصوماً أنك ستفعل على كل حال ، الحديث يقول : ( سأفعل ) وهذا وعد ، إخبار عما في نفسه ، كما تقول لزميلك : سأزورك غداً ، هل أنت تريد بقولك سأزورك مثل ما تريد بقولك إني زائرك غداً ؟ لا ، لأن إني زائرك يعني الفعل ، إني سأزورك يعني الوعد ، فالوعد لا يجب فيه الاستثناء ، وأما إذا أراد الفعل نفسه فيجب أن يستثني ، لأنه لا يملك أن يفعل إلا بمشيئة الله ، أما الوعد فيملك أن يعد ، يملك أن يعد ، كثير من الناس يفرط في هذا ، حتى إذا قيل له : أتغديت اليوم ؟ يقول : إن شاء الله ، إن شاء الله ، يعني متغدي الآن ، لبست ثوبك الجديد ؟ قال : إن شاء الله ، هذا غلط ، ماذا يقول ؟ يقول : نعم ، كيف يقول : إن شاء الله ؟ لكن لو قال : نعم ، بمشيئة الله ، صح أو لا ؟ هذا صحيح ، لأنه لبسه بمشيئة الله ، لا شك ، نعم يقول : ( فغدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه ) ، غدا أي أتاني غدوة ، أي في أول النهار ، ومعه أبو بكر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر دائماً قرينان ، ويكفي من هذا الاقتران أن الله قال سبحانه وتعالى : (( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا )) ، فكان أبو بكر دائماً مع الرسول عليه الصلاة والسلام إلا أن يشغله شاغل ، يقول : ( بعد ما اشتد النهار ) ، يعني قوي وانتشر واتسع وقرب وقت الظهر ( فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنت له ) ، استأذن مع أنه مدعو ، لكن عتبان رضي الله عنه لا يدري متى يأتي ، فلذلك استأذن ( استأذن فأذنت له ، فلم يجلس حتى قال : أين تحب أن أصلي ) ؟ صلوات الله وسلامه عليه ، لأنه جاء لغرض ، ومن أتى لغرض فليبدأ به قبل كل شيء ، أين تريد أن أصلي ، ما جلس حتى قضى الحاجة التي جاء من أجلها ، وهذا كررته لكم مراراً ، وقلت : إن الإنسان ينبغي أن يعتني بما جاء من أجله ، أو بالغرض الذي يريد قبل كل شيء ، حتى ذكرت لكم إن الإنسان إذا أراد أن يراجع مسألة في كتاب وصار يطالع الفهرس ، بعض الناس يجد عنواناً يقول : هذا أريد أن أراه ، ثم يغفل المسألة التي من أجلها إيش ؟ راجع الكتاب ، وهذا غلط ، هذا يقطع عليك الوقت ، إبدأ أولاً بما تريد ، وإذا أعجبك شيء من العناوين لا تلتفت إليه ، لأنك تريد أن تراجع مسـألة معينة فابدأ بها ، قال : ( أين تحب أن أصلي من بيتك ؟ فأشرت له إلى المكان الذي أحب ) ، أشرت قد يقول قائل : كيف يشير إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولم يقل : هنا يا رسول الله ؟ لأن كون الإنسان يشير إلى من يقول : أين تريد أن أذهب ؟ أو أين تريد أن أصلي ؟ يقول كذا فقط بدون كلام ، هذا فيه نوع من الاستخفاف به ؟ لكن يقال : أن عتبان لا شك أنه جمع بين الإشارة والقول ، بأن قال : هنا يا رسول الله ، أما أن يكون عتبان اقتصر على الإشارة فهذا بعيد جداً ، لأنها لو كانت بيننا نحن وقلت للإنسان : أين تريد أن أكون ؟ وأشار ، قلت : هذا إما أنه أخرس ما يستطيع الكلام أو قد استهان بي واستخف بي ، يقول : ( فأشرت إلى المكان الذي أحب أن أصلي فيه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكبر ) . انتهى الوقت ، نخليه غدا إن شاء الله تعالى ، خذ يا دكتور صالح ، كتاب لك ، أستغفر الله وأتوب إليه ... أما الشروح صحيحة سكتنا عنها ، لأننا لا نحب أن نكثر عليكم ، يقولون : إن البعير إذا أثقلت عليه الحمل إيش يصير ؟ برك ، وأخشى أن أكثر عليكم تبركون . الطالب : هي الفوائد تقيد . الشيخ : إي ، أنت تقيد وغيرك ما يقيد ، إي نعم ، هو الحقيقة أهم شيء الأسباب والموانع ، أهم شيء الأسباب والموانع . القارئ : قرأنا الحديث . الشيخ : ها ؟ القارئ : قرأنا الحديث بالأمس . الشيخ : باب : صلاة النوافل جماعة . كذا ؟ القارئ : قرأنا نصفه . الشيخ : قرأنا إلى حديث عتبان . القارئ : إي نعم ... الشيخ : على قوله : ( ثم سلم وسلمنا ) ؟ القارئ : نعم . الشيخ :( حين سلم ) . القارئ : أكمل يا شيخ ؟ الشيخ : إي نعم . كمل .
إكمال الحديث : ثم سلم وسلمنا حين سلم فحبسته على خزير يصنع له فسمع أهل الدار رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فثاب رجال منهم حتى كثر الرجال في البيت فقال رجل منهم ما فعل مالك لا أراه فقال رجل منهم ذاك منافق لا يحب الله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقل ذاك ألا تراه قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله فقال الله ورسوله أعلم أما نحن فوالله لا نرى وده ولا حديثه إلا إلى المنافقين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) قال محمود بن الربيع فحدثتها قوماً فيهم أبو أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته التي توفي فيها ويزيد بن معاوية عليهم بأرض الروم فأنكرها علي أبو أيوب قال والله ما أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما قلت قط فكبر ذلك علي فجعلت لله علي إن سلمني حتى أقفل من غزوتي أن أسأل عنها عتبان بن مالك رضي الله عنه إن وجدته حياً في مسجد قومه فقفلت فأهللت بحجة أو بعمرة ثم سرت حتى قدمت المدينة فأتيت بني سالم فإذا عتبان شيخ أعمى يصلي لقومه فلما سلم من الصلاة سلمت عليه وأخبرته من أنا ثم سألته عن ذلك الحديث فحدثنيه كما حدثنيه أول مرة .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد : فقد قال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه ، في كتاب التطوع ، في باب صلاة النوافل جماعة ، في إكمال حديث عتبان بن مالك الأنصاري رضي الله عنه ، قال : فحبسته على خزير يصنع له ، فسمع أهل الدار .. الشيخ :( ثم سلم وسلمنا حين سلم ) . القارئ : ( ثم سلم وسلمنا حين سلم ، فحبسته على خزير يصنع له ، فسمع أهل الدار رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، فثاب رجال منهم حتى كثر الرجال في البيت ، فقال رجل منهم : ما فعل مالك ؟ لا أراه ، فقال رجل منهم : ذاك منافق لا يحب الله ورسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقل ذاك ، ألا تراه قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ؟ فقال : الله ورسوله أعلم ، أما نحن فوالله لا نرى وده ولا حديثه إلا إلى المنافقين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن الله قد حرم على النار من قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) ، قال محمود .. الشيخ : نقف على هذا ، قوله رضي الله عنه : ( ثم سلم وسلمنا حين سلم ) ، فيه إشارة إلى أنه ينبغي للمأموم أن يسلم فور سلام إمامه ، وأن لا يتأخر ، بعض الناس يطمع في الدعاء ، ويسلم الإمام ، ولكن يتأخر يدعو الله ، فيقال : هذا لك إذا كنت تصلي لنفسك ، أما إذا كنت مع الإمام فإنك مقيد به ، تابعه ولا تتأخر عنه ، ولذلك يفعل الإنسان أشياء من أجل المتابعة ، لو فعلها لغير المتابعة بطلت صلاته ، ألم تر إلى الرجل يدخل مع الإمام في صلاة الظهر في الركعة الثانية ، ماذا يصنع ؟ يجلس في الأولى وهو ليس محل جلوس له ، ويقوم في الثانية وهو محل جلوس له ، كل ذلك من أجل متابعة الإمام ، بل إن المأموم يترك الواجب إذا تركه الإمام سهواً ، كما لو قام الإمام عن التشهد الأول ناسياً ، فإن المأموم يتابعه ، ولذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله : " إذا صليت خلف إمام لا يجلس للاستراحة لا تجلس ولو كنت ترى هذا " ، لأن متابعتك للإمام أفضل من جلوسك ، حيث إن صلاتك الآن ارتبطت بصلاة الإمام ، وقوله : ( فحبسته على خزير يصنع له ) ، يعني نوع من الطعام ، ( حبسته ) يعني أبقيته جالساً ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الناس خلقاً ، لم يغضب ولم يكتئب ولم يقل : لماذا تؤخر الطبيخ ؟ جلس ينتظر هذا الطعام ، حتى نضج وأكل ، وقوله : ( فسمع أهل الدار ) يعني أهل الحي ، ما هي دار عتبان ، يعني أهل الحي ، كما جاء في الحديث : ( خير دور الأنصار دار بني فلان ) ، فالدار تطلق على الأحياء على الحي ، ومنه حديث : ( يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم ) ، طيب يقول : ( فثاب رجال منهم حتى كثر الرجال في البيت ) ، ثاب يعني اجتمع رجال ، والله كلٌ يحب أن يجلس مع الرسول عليه الصلاة والسلام ، لما سمعوا به اجتمعوا ، حتى كثر الرجال في البيت ( فقال رجل منهم : ما فعل مالك ) ؟ عندكم نسبه ؟ ابن الدغشم ؟ القارئ : ... الشيخ : نعم ؟ ابن الدخشم ، إي ( ما فعل مالك ؟ لا أراه ) ، وكأن هذا الرجل ، كأنه كبير فيهم ، يُفقد إذا لم يرُى ( لا أراه ، فقال رجل منهم : ذاك منافق لا يحب الله ورسوله ) ، نسأل الله العافية ، هذه الكلمة عند الرسول عليه الصلاة والسلام كلمة عظيمة ، كلمة عظيمة لا يجوز أن تقال ولا عند غير الرسول عليه الصلاة والسلام ، من يعلم ما في القلوب ؟ لا أحد يعلم إلا الله عز وجل ( ذاك منافق لا يحب الله ورسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقل ذلك ) ، ولم يغلظ له في القول ، لأنه صلى الله عليه وسلم علم أن هذا إنما قاله غيرة ، والغيرة قد يخرج الإنسان بها ما لا يرضاه ولا يحبه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كما تعلمون حكيماً ينزل كل شيء منزلته ( لا تقل ذلك ، ألا تراه قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) ؟ هذه شهادة من الرسول عليه الصلاة والسلام لهذا الرجل ، ( ألا تراه ) ، يعني تعلمه ، ( قال : لا إله إلا الله ، يبتغي بذلك وجه الله ) ، يعني يطلب وجه الله ، ولا إله إلا الله يعني : لا معبود حق يعبد ويقصد ويتذلل له إلا الله عز وجل وهذا حق لا يستحق الذل مطلقاً ، يعني لا يستحق أن يذل له مطلقاً إلا الله عز وجل ( فقال الرجل : الله ورسوله أعلم ) ، وهكذا يجب ، أن يوكل العالم إلى عالمه وهو الله تبارك وتعالى ، ورسوله في حياته ، أما بعد موته فالرسول عليه الصلاة والسلام لا يعلم عن الخلق شيئاً ، ولذلك من الخطأ ما يكتبه بعض الناس إذا عمل عملاً ، مسجداً أو داراً أو ما أشبه ذلك ، كتب : (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله )) ، هذا غلط ، نعم يراه الله لا شك ، لكن لا يراه رسوله عليه الصلاة والسلام ، لأنه مات ( قال : الله ورسوله أعلم ، أما نحن فوالله لا نرى وده ولا حديثه إلا إلى المنافقين ) ، فاستدل بالقرائن على أنه منافق ، لأنه يتحدث عن المنافقين ويودهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله قد حرم على النار من قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) ، حرم على النار تحريماً قدرياً أو شرعياً ؟ السائل : قدرياً . الشيخ : تحريماً قدرياً ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ) ، ( حرم على النار من قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) ، فلا يمكن للنار أن تأكل من قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله أبداً ، لأن الله حرمها ، حتى لو دخل النار فإنها لا تأكله ، ( حرم على النار من قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) هذا الحديث استدل به المرجئة ، استدلوا بذلك على أن جميع المعاصي لا تؤثر على الإنسان مهما عظمت ، لو ترك الصلاة والزكاة والصيام ، وزنى وسرق وشرب الخمر ، ما دام قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ، فإنه حرم على النار ، أفهمتم ؟ لكنهم تركوا النصوص المحكمة الواضحة البينة ، وهكذا كل من في قلبه زيغ يتبع المتشابه ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتم الذين يتبعون المتشابه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم ) حذر منهم ، يعني كيف نأتي إلى هذا الحديث المشتبه ، ونحكم به على النصوص المحكمة الدالة على عقوبة من فعل شيئاً من المعاصي ، حسب ما جاءت به النصوص ، ثم نقول لهم : إن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقل : من قال لا إله إلا الله وسكت ، قال : ( يبتغي بذلك وجه الله ) وهذا القيد يوجب لمن قال لا إله إلا الله ، أن يقوم بطاعة الله وأن يتجنب معصية الله ، وقد استدل بهذا الحديث من قال إن تارك الصلاة لا يكفر ، ولكن الحديث دليل عليه ، وليس دليلاً له ، لأن هذا القيد يستلزم أن يصلي ، وأن يزكي ، وأن يصوم ، وأن لا يزني ، وأن لا يسرق ، وأن لا يشرب الخمر ، كيف يبتغي وجه الله ويريد الوصول إلى الله ويبارز الله بالعصيان ؟ هذا لا يمكن ، طيب ، وفي هذا الحديث : ( يبتغي بذلك وجه الله ) ، إثبات وجه الله عز وجل ، وهو حق جاء في القرآن والسنة وأجمع عليه سلف الأمة ، لكنه وجه يليق بجلال الله عز وجل ، ولا يماثل أوجه المخلوقين أبداً ، الدليل أنه لا يماثل ؟ السائل :(( ليس كمثله شيء )) . الشيخ : قوله تعالى : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) ، وقوله : (( هل تعلم له سمياً )) ، وقوله : (( فلا تجعلوا لله أنداداً )) ، نعم
إكمال الحديث : قال محمود بن الربيع فحدثتها قوماً فيهم أبو أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته التي توفي فيها ويزيد بن معاوية عليهم بأرض الروم فأنكرها علي أبو أيوب قال والله ما أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما قلت قط فكبر ذلك علي فجعلت لله علي إن سلمني حتى أقفل من غزوتي أن أسأل عنها عتبان بن مالك رضي الله عنه إن وجدته حياً في مسجد قومه فقفلت فأهللت بحجة أو بعمرة ثم سرت حتى قدمت المدينة فأتيت بني سالم فإذا عتبان شيخ أعمى يصلي لقومه فلما سلم من الصلاة سلمت عليه وأخبرته من أنا ثم سألته عن ذلك الحديث فحدثنيه كما حدثنيه أول مرة .
القارئ : ( قال محمود : فحدثتها قوماً فيهم أبو أيوب ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته التي توفي فيها ، ويزيد بن معاوية عليهم بأرض الروم ، فأنكرها علي أبو أيوب ، قال : والله ما أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما قلت قط ، فكبر ذلك علي ، فجعلت لله علي إن سلمني حتى أقفل من غزوتي ، أن أسأل عنها عتبان بن مالك رضي الله عنه ، إن وجدته حياً في مسجد قومه ، فقفلت فأهللت بحجة أو بعمرة ، ثم سرت حتى قدمت المدينة ، فأتيت بني سالم فإذا عتبان شيخ أعمى يصلي لقومه ، فلما سلم من الصلاة سلمت عليه وأخبرته من أنا ، ثم سألته عن ذلك الحديث ، فحدثنيه كما حدثنيه أول مرة ) الشيخ : يقول : ( حدثها قوماً فيهم أبو أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته التي توفي فيها ) ، في غزوته غزوة أبي أيوب ، لأنه رضي الله عنه توفي في القسطنطينية ، وكان القائد فيهم يزيد بن معاوية ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له ) ويزيد هو قائدهم ، أول جيش ، لكن أبا أيوب رضي الله عنه أنكر أن يكون الرسول قال : ( إن الله حرم على النار من قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) يقول : ( فكبر ذلك علي ) ، يعني عظم حيث كذبني أمام الناس ، ( ولكن جعلت لله علي إن سلمني حتى أقفل من غزوتي أن أسأل عنها عتبان بن مالك ) ، الذي حدثه بهذا الحديث وقوله : ( جعلت لله علي ) ، هذا نذر لله أن أسأل ، ففيه إثبات النذر في غير الطاعة ، والنذر في غير الطاعة : إما أن يكون في معصية ، وإما أن يكون في غير معصية ، إن كان النذر في معصية فالوفاء فيه حرام ، وهل عليه كفارة أو لا ؟ في هذا خلاف بين العلماء ، والراجح وجوب الكفارة ، فإذا نذر شخص أن لا يصلي مع الجماعة فهذا نذر معصية ، يجب عليه أن يصلي ويكفر كفارة يمين ، وأما نذر المباح فهو يمين ، يخير الناذر بين فعله ، أي فعل المنذور وكفارة اليمين ، فإذا قال : لله علي نذر أن ألبس الثوب الفلاني ، أن ألبس الثوب الفلاني ، نقول له : أنت الآن مخير إن شئت إيش ؟ فالبسه ، وإن شئت فلا تلبسه ولكن كفر كفارة يمين ، وكذلك لو قال : إن كلمت فلاناً فلله علي نذر أن أصوم سنة ، فكلمه ، نقول : أنت الآن بالخيار ، إن شئت كفر كفارة يمين ، وإن شئت صم سنة ، لأن هذا نذر على مباح ، أما نذر الطاعة فيجب أن يوفي به ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) ، ولأن عدم الوفاء به سبب لنفاق يكون في القلب ، والعياذ بالله ، لا يفارقه حتى يموت عليه ، دليل هذا قوله تعالى : (( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون )) ، هذا الذي نذره محمود بن الربيع ، من أي الأقسام ؟ الطلاب : المباح . الشيخ : الظاهر أنه من قسم المباح ، ويحتمل أن يكون من قسم الطاعة ، لأن فيه إثبات سنة ، وفيه ندفع ملامة عن نفسه ، والإنسان مأمور بأن يدفع الملامة عن نفسه ، فيحتمل أن يكون نذر طاعة ويحتمل أن يكون نذر مباح ، لكنه رضي الله عنه فعل ، يقول : إنه قدم إلى الحجاز ، أهل بحجة أو عمرة ثم سار بعد أن وصل مكة حتى قدم المدينة ، فأتيت بني سالم فإذا عتبان شيخ أعمى يصلي لقومه ، فلما سلم من الصلاة سلمت عليه ، وأخبرته من أنا ، ثم سألته ، إلى آخره ، في هذا الحديث نوع من الإشكال : وهو أن عتبان ، كما سبق في أول الحديث ، إيش ؟ تعذر من الصلاة في قومه ، فإما أن يقال : إنه بعد ذلك صار يصلي في قومه ، أو أنه كان يصلي في قومه إذا لم يجر الوادي ، أو أن المراد بقومه : الذين حول بيته ، كما سبق ، وحينئذ لا تعارض نعم ، نكمل باقي باب واحد ، إذا كان في أسئلة ؟
قوله ( لا نرى وده ولا حديثه إلا إلى المنافقين ) أشكل علي أن المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعلمهم إلا هو ؟
السائل : قوله : ( لا نرى وده ولا حديثه إلا إلى المنافقين ) ، أشكل علي أن المنافقين ؟ الشيخ : إيش ؟ السائل : المنافقون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعلمهم إلا النبي صلى الله عليه وسلم ؟ الشيخ : لا ، لا ، يعلمونهم ، يعلمهم الرسول وكثير من الصحابة ، هو عمر رضي الله عنه لما أراد الرسول يصلي على عبد الله بن أبي ، جذبه وقال : لا تصلي عليه .
وجه الله عز وجل أحياناً نفسره بالوجه المعلوم وأحياناً نفسره بالذات ما هو الضابط ؟
السائل : وجه الله عز وجل أحياناً نفسره بالوجه المعلوم المعروف ، وأحياناً نفسره بالذات ، ما هو الضابط في هذا ؟ الشيخ : لا ، هو الوجه ، هو الوجه ، حتى الذين يفسرونه بالذات يقولون : هذا يدل على ثبوت الوجه ، لكن يعبر بالوجه عن الذات . السائل :(( ويبقى وجه ربك )) . الشيخ : إي نعم ، يعني يبقى الله عز وجل . السائل : يبتغي بذلك وجه الله . الشيخ : لكن يبقى الله عز وجل في الآية وإثبات الوجه ، فالذين يفسرونه بالذات مجرداً عن ثبوت الوجه هذا غلط ، ولا يجوز . السائل : يعني من باب إطلاق البعض على الكل . الشيخ : إي نعم ، لكن ما نقدر نقول بالنسبة لله البعض .
السائل : ... الشيخ : ... في مسألة إذا قال : إن فعلت كذا فلله علي أن أصوم كذا ، ها ؟ ، أو إن نجحت فلله علي أن أصوم ، لكن إذا قال : إن نجحت فلله علي أن أصوم هذا طاعة ، لأنه شكر لنعمة ، وشكر النعمة من الطاعة . السائل : ... الشيخ : المباح ، إذا قال : لله علي نذر أن ألبس الثوب هذا ، هذا مباح . السائل : ... الشيخ : هذا نقول : أنت بالخيار ، إن شئت تلبس الثوب ، وإن شئت لا تلبسه وعليك كفارة يمين ، لكن في صورة ثانية للمباح : المعلق ، مثل أن يقول : إن لبست هذا الثوب فلله علي نذر أن أصوم عشرة أيام ، هذا أيضاً حكمه حكم اليمين ، أفهمت ؟ السائل : نعم ، ... الشيخ : فالآن إن لبس الثوب لزمه الصوم ، وإن لم يلبسه لم يلزمه ، فإذا صام في هذه الحال ، نقول : هو يؤجر على هذا الصوم ، لأنه وفى بنذره ، كما يؤجر الإنسان إذا حلف وكفر على كفارته ، واضح أم غير واضح ؟ السائل : ... الشيخ : إيش ؟ السائل : ... الشيخ : على إيش ؟ السائل : ... الشيخ : أنكر عليه أنه يعني ، ظاهر الحديث : أنه سواء صلى أو صام أو زنى أو سرق أو أي شيء ، نعم ؟ السائل : بعضهم يعاهد الله سبحانه وتعالى على فعل عبادة من العبادات أو النوافل ، ثم يكسل عنها ، هل يكون هذا من باب النذر ؟ الشيخ : إي ، من باب النذر ، معاهدة الله نذر
حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا وهيب عن أيوب وعبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبوراً ) تابعه عبد الوهاب عن أيوب .
القارئ : حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا وهيب عن أيوب وعبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبوراً ) ، تابعه عبد الوهاب عن أيوب . الشيخ : كيف هذه ، ما هي ، التطوع في البيت ، ولا وقفنا على فضل الصلاة في مسجد مكة ؟ ها ؟ القارئ : التطوع في البيت . الشيخ : قال : باب التطوع في البيت ، يعني هل هو مشروع ، أو غير مشروع ؟ وكأن حديث : ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) ، ليس على شرطه وإلا فهو صحيح ، ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) لكن هذا الحصر قد وردت السنة باستثناء بعض الصلوات ، كصلاة الكسوف مثلاً على القول بأنها سنة ، وقيام رمضان ، والاستسقاء ، وما أشبهها ، وإلا فالأفضل أن تكون في البيت ، لأنه أقرب إلى الإخلاص ، ولأنه كالتعليم والتربية لمن في البيت ، فإن أهل البيت إذا رأوا القيم يصلي اقتدوا به وتربوا عليه ، حتى إنك لتجد الصبي الصغير الذي لم يصل إلى حد التمييز ، إذا رآك تصلي قام يصلي معك ، وهذا من حكمة الشرع ، أن جعل الأفضل في غير المكتوبات أن تصلي في البيت ، وأما حديث : ( اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبوراً ) ، قال : ( من صلاتكم ) ، ليخرج بذلك ما يسن فعله في المساجد ( ولا تتخذوها قبوراً ) ، أي لا تجعلوها كالقبور ، وفيه إشارة إلى أن القبور ليست محلاً للصلاة ، وهو كذلك ، فإن الصلاة في المقبرة لا تصح ، بل الصلاة إلى القبر وإن لم يكن في مقبرة ، لا تصح ، لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تصلوا إلى القبور ) .
فوائد حديث : ( اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبوراً )
الشيخ : فيستفاد من هذا الحديث الآن أنه ينبغي للإنسان أن لا يخلي البيت من الصلاة ، ويستفاد منه أيضاً أن القبور ليست محلاً للصلاة ، وبه نعرف أن ما يوجد الآن في بعض البلاد الإسلامية من بناء المساجد على القبور ضلال ، وأن هذه المساجد لا تصح الصلاة فيها ، لأنها كالمقبرة ، ولكن يقال في هذه المسألة إن كان القبر سابقاً على المسجد ، فالصلاة في المسجد غير صحيحة ، لأنه بني على غير التقوى ويجب هدمه ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وأما إذا كان المسجد هو السابق ودفن الميت فيه ، فالصلاة في هذا المسجد صحيحة ، لكن لا يصلى إلى القبر ، ويجب أن ينبش القبر ، فيما إذا كان المسجد سابقاً ، يجب أن ينبش ويدفن مع الناس ، نعم
ما الذي يمنعنا من القول بتحريم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر من باب سد الذرائع ثم في هذه العصور المتأخرة الناس يصلون فيها فساءت عبادتهم ؟
السائل : ما الذي يمنعنا من القول بتحريم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر من باب سد الذرائع ، ثم في هذه العصور المتأخرة الناس يصلون فيها فساءت عبادتهم ، فإذا رخص فيه الصلاة في المسجد الذي فيه قبر ، لأن بعض الناس ... ؟ الشيخ : ما نستطيع أن نقول لا تصلوا فيه ، ويعتبر القبر غصباً ، وكيف نبطل شيء أوقفه صاحبه لله عز وجل ، لإساءة بعض الناس في دفن الميت فيه السائل : سد الذرائع ؟ الشيخ : سد الذرائع مشكل ، لأنه كل الذرائع من قريب أو بعيد ، أو نبطل شيء ثابت لأجل سد الذرائع ، لكنه هنا ينبغي أن يجعل للقبر حاجز ، يكون على القبر حاجز ، حتى لا يضل الناس به .
إذا كان القبر ليس أمام الإمام ولكن أمام بعض المأمومين فهل تصح صلاتهم ؟
السائل : إذا كان القبر ليس في اتجاه الإمام ، ولكنه في اتجاه بعض المأمومين ، فهل تصح صلاة المأموم الذي في اتجاه القبر ؟ الشيخ : هذه محل نظر ، قد يقال إنها لا تصح ، لعموم ( لا تصلوا إليها ) ، وقد يقال إن سترة المأموم الآن وقبلة المأموم قبلة الإمام ، لكن كون الإنسان يتقصد أن يصلي خلف القبر لا شك أن صلاته لا تصح ، كما يوجد في المسجد النبوي حسب ما بلغنا ، أنه يوجد ناس يتقصدون أن يدَعوا الصف الأول ، ويصلوا خلف الحجرة ، ليستقبلوا النبي صلى الله عليه وسلم ، هذا لا تصح صلاتهم ، كما قلت لك هذا محل نظر ، لكن الأقرب عندي أنها تصح ، نعم
السائل : لو لم يعلم أيهما السابق ، هل هو القبر أم المسجد ؟ الشيخ إذا لم يعلم فالاحتياط أن لا يصلي فيه . السائل : ... ؟ الشيخ : هذه مسألة ، هذه ترجع إلى نظر الحكومة في البلد الذي فيه هذا القبر . السائل : إذا بنى المسجد ... ؟ الشيخ : ها ؟ السائل : إذا بنى المسجد ، ويريد أن يدفن فيه الصالحون ؟ الشيخ : أن يجعله مقبرة ؟ السائل : فهنا سبق المسجد يعني ؟ الشيخ : إي ، نعم ، هذا لا يدخل فيه ، ونخالف شرط الواقف ، لأنه شرط محرم .
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة قال أخبرني عبد الملك بن عمير عن قزعة قال سمعت أبا سعيد رضي الله عنه أربعاً قال سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم وكان غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوةً ح
القارئ : حدثنا حفص بن عمر قال حدثنا شعبة قال أخبرني عبد الملك عن قزعة قال سمعت أبا سعيد رضي الله عنه ( أربعاً ) قال : سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوةً ، ح .
حدثنا علي حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى )
القارئ : حدثنا علي قال حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومسجد الأقصى ) . الشيخ :( لا تشد الرحال ) يعني لا يسافر ، حتى وإن لم يشد الرحل ، إذا سافر ولو على قدميه فإنه لا يجوز إلى شيء من المساجد إلا هذا ، المسجد الحرام وهو أفضلها ، ومسجد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو الذي يليه ، والثالث المسجد الأقصى ، أما الأول : فتشد الرحال إليه فرضاً وهو الحج إليه ، لأنه ركن من أركان الإسلام ، وأما الثاني والثالث فلا تشد إليه فرضاً ، ولكنها من الأمور المستحبة ، نعم ؟ السائل : الذي عندنا نسخة ، قال : سمعت أبا سعيد قال : أربعاً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم . الشيخ : إيش بعدها ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ؟ السائل : ... ، قال : سمعت أبا سعيد أربعاً . الشيخ : اقرأ لفظ الحديث . السائل : الذي عندنا : قال : سمعت أبا سعيد قال : أربعاً ، قال : سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم . الشيخ : إي ، يعني قال ، أي الراوي ، يعني سمعت أربع مرات ، عندك هكذا بالشرح ؟ الشرح ؟ السائل : يقول : سمعت أبا سعيد أربعاً . الشيخ : أربع مرات يعني . السائل : في فرق بالنسخة الشيخ : ها ؟ السائل : في فرق بالنسخة . الشيخ : الفرق لا يتعارض في المعنى ، فرق لفظي
القارئ : " قوله : سمعت أبا سعيد أربعا أي : يذكر أربعا ، أو سمعت منه أربعا أي : أربع كلمات ، قوله : وكان غزا قائل ذلك هو قزعة ، والمقول عنه أبو سعيد الخدري ، قوله : ثنتي عشرة غزوة ، كذا اقتصر المؤلف على هذا القدر ولم يذكر من المتن شيئا ، وذكر بعده حديث أبي هريرة في شد الرحال ، فظن الداودي الشارح أن البخاري ساق الإسنادين لهذا المتن ، وفيه نظر ، لأن حديث أبي سعيد مشتمل على أربعة أشياء كما ذكر المصنف ، وحديث أبي هريرة مقتصر على شد الرحال فقط ، لكن لا يمنع الجمع بينهما في سياق واحد بناء على قاعدة البخاري في إجازة اختصار الحديث ، قال ابن رشيد : لما كان أحد الأربع هو قوله : لا تشد الرحال ، ذكر صدر الحديث إلى الموضع الذي يتلاقى فيه افتتاح أبي هريرة لحديث أبي سعيد ، فاقتطف الحديث وكأنه قصد بذلك الإغماض ، لينبه غير الحافظ على فائدة الحفظ ، على أنه ما أخلاه عن الإيضاح عن قرب ، فإنه ساقه بتمامه خامس ترجمه . " الشيخ : وسيأتينا في آخر الباب ، يقول : سمعت أبا سعيد يحدث بأربع عن النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبتني ، وذكر : ( لا تسافر المرأة ) ، إلى آخره ، يأتينا إن شاء الله ، أنا كنت أظن سمعته أربعاً يعني أنه حدثه به أربع مرات ، نعم
حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن زيد بن رباح وعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام )
القارئ : حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن زيد بن رباح وعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ) . الشيخ : قوله : ( في مسجدي هذا ) ، استدل بعض العلماء على أن ما زيد في المسجد النبوي لا يكون فيه هذا الفضل ، لأنه أشار إليه ( هذا ) والإشارة تعين المشار إليه ، ولكن في هذا نظر ، لأن الصحابة رضي الله عنهم زادوا في المسجد النبوي ، وصاروا يصلون في الزيادة دون المسجد النبوي ، فعثمان رضي الله عنه زاده من القبلة ، وصار الناس يصلون وراء عثمان في الصف الأول ويدعون الروضة ، ويدعون المسجد النبوي الأول ، فالصواب أن قوله : ( هذا ) من باب التوكيد فقط ، وليس من باب التعيين الذي معناه : أن ما زاد عليه فلا ينال هذا الفضل الثاني قال : ( خير من ألف صلاة ) ، وما يعبر به كثير من الناس اليوم ، صلاة في المسجد النبوي بألف صلاة غلط ، لأنه يخالف الحديث ، الحديث يقول : ( خير من ألف صلاة ) فرق بين بألف وبين خير ، الذي يحسن هو التعبير بما جاء في الحديث ، وقوله : ( إلا المسجد الحرام ) ، لا شك أن المراد به المسجد الذي تشد إليه الرحال ، كما في حديث أبي هريرة السابق وهو المسجد الذي فيه الكعبة ، ويدل لهذا ما جاء مصرحاً به فيما رواه مسلم عن إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة ) وهذا نص واضح صريح ، وهذا هو ظاهر كلام أصحاب الإمام أحمد رحمه الله ، كما حكاه عنه صاحب الفروع ، أن التفضيل خاص في مسجد الكعبة فقط ، أما بقية مكة : فهي أفضل مما كان خارج حدود الحرم ، لا شك في هذا ، بدليل أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما نزل الحديبية ، وبعضها حرم وبعضها حل صار في نفس الحل نازلاً ، لكن عند الصلاة يدخل فيصلي في الحرم ، وهذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم يدل على أن الصلاة في الحرم أفضل من الصلاة في الحل ، لكن التفضيل لا ، إنما هو في مسجد الكعبة ، فإذا قال قائل : إذا قلتم هكذا حصرتم الناس في أيام المواسم في المسجد الحرام ، وحصل الضيق والزحام ؟ فنقول : إذا حصل الضيق والزحام فالأفضل أن يصلوا في المساجد الأخرى ، لأن الضيق والزحام يخل بنفس العبادة ، والصلاة في المسجد الحرام يتعلق بالمكان ، وما يتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة مما يتعلق بمكانها أو زمانها ، فنقول للإخوان في أيام المواسم والزحام صلوا في مساجدكم ، لأنكم تصلون بطمأنينة لا تؤذُون ولا تؤذَون ، لكن في أيام السعة لا شك أن الفضل هو في مسجد الكعبة .