تتمة فوائد حديث صلاة أبي بكر بالناس والرسول يراه ويبتسم .
الشيخ : ينبغي أن يجعلوا الاحتفال متى ؟ يوم الإثنين ، ثم إذا كانوا يحتفلون لمولده في اليوم الذي ولد فيه ، فليقيموا مأتماً لموته في اليوم الذي مات فيه ، لأنه مات يوم الإثنين ، وكلاهما غير مشروع ، أما الأول وهو الاحتفال لمولده فهو بدعة ، ( وكل بدعة ضلالة ) ، وأما الثاني فهو المأتم ، مكروه منهي عنه ، قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : ( كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت ، وصنعة الطعام من النياحة ) ، نعم
وقال الليث حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز قال قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نادت امرأة ابنها وهو في صومعة قالت يا جريج قال اللهم أمي وصلاتي قالت يا جريج قال اللهم أمي وصلاتي قالت يا جريج قال اللهم أمي وصلاتي قالت اللهم لا يموت جريج حتى ينظر في وجوه المياميس وكانت تأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم فولدت فقيل لها ممن هذا الولد قالت من جريج نزل من صومعته قال جريج أين هذه التي تزعم أن ولدها لي قال يا بابوس من أبوك قال راعي الغنم )
القارئ : وقال الليث حدثني جعفر عن عبد الرحمن بن هرمز قال : قال أبو هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نادت امرأة ابنها وهو في صومعة ، قالت : يا جريج ، قال : اللهم أمي وصلاتي ، قالت : يا جريج ، قال : اللهم أمي وصلاتي ، قالت : يا جريج ، قال : اللهم أمي وصلاتي ، قالت : اللهم لا يموت جريج حتى ينظر في وجه المياميس ، وكانت تأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم ، فولدت ، فقيل لها : ممن هذا الولد ؟ قالت : من جريج ، نزل من صومعته ، قال جريج : أين هذه التي تزعم أن ولدها لي ؟ قال : يا بابوس من أبوك ؟ قال : راعي الغنم ) . الشيخ : يقول : باب : إذا دعت الأم ولدها في الصلاة ، يعني هل يجيبها أو لا ؟ وهذا فيه تفصيل : أما إذا كان في فريضة فلا يجيبها ، لأن إجابته إياها معصية لله ، فإن الإنسان إذا كان في فريضة حرم عليه قطعها ، وإن كان في نافلة فليجبها ويقطع النافلة ، لأن إجابة الأم فرض ، والنافلة سنة ، لكن إذا علم أن أمه عاقلة إذا علمت أنه في صلاة سامحته ، فليعلمها أنه في صلاة ، وماذا يصنع ؟ يسبح أو يتنحنح أو يرفع صوته بما يقرأ به ، أما إذا علم أنها لا تعذره حتى ولو في صلاة ، كما يوجد من بعض الأمهات ، بعض الأمهات ما تعذر ، فهنا يقطع صلاته ، لأن المضي في النفل ليس بواجب ، أما هذه القصة فهي من آيات الله ، هذه امرأة نادت ولدها وهو في صومعة ، يعني في مكان خاص يتعبد فيه ، ولكنه يقول : يا رب أمي وصلاتي ، والظاهر أنه كان يقول هذا يحدث نفسه ، لا بلسانه ، يقول يا رب أمي وصلاتي ، فهل أمضي في صلاتي أو أجيب أمي ؟ ولكنه مضى ، فدعت عليه بدعوة سيئة ، وقالت : لا يموت حتى ينظر في وجه المياميس ، أي في وجوه المومسات الزانيات ، فاستجاب الله دعاءها ، فُتن هذا الرجل بهذه الفتنة العظيمة ، لكن فرَّج الله عنه ، لأنه لم يجب أمه متأولاً ، كان هذا الرجل تأوي إليه راعية غنم ، ولعله يحسن إليها بطعام أو شراب أو ما أشبه ذلك ، فولدت ، فقيل لها : من أين جاء الولد ؟ هي ، والعياذ بالله ، قابلت الإحسان بالإساءة ، قالت : إنه من جريج نزل من صومعته ، يعني ففعل بها الفاحشة وولدت ، لكن لثقته بربه وتوكله عليه قال : هاتوا الولد ، وهذا يدل على فقهه ، لأن الله أنجى مريم بماذا ؟ بنطق ابنها في المهد ، فقال : إن الذي أنجى مريم بنطق ابنها في المهد سينجيني ، وهذا من قوة توكله على الله عز وجل ، فدعا بالولد ، وهو في المهد ، قال : يا بابوس ، إيش بابوس ؟ هذه كلمة ينطق بها للصبي الرضيع ، مثل ما تنادى البهائم ، البهائم الآن ، الغنم لها نداء ، والبقر لها نداء ، والإبل لها نداء ، الصبيان لهم نداء ، يقول : يا بابوس ، من أبوك ؟ قال : راعي الغنم ، أنطقه الله الذي أنطق كل شيء سبحانه وتعالى ، فنجا الرجل الآن نجا بأقوى بينة ، نجا بأقوى بينة ، وهو أن هذا الطفل في المهد تكلم بأن أباه راعي الغنم فنجا ، فانظر في هذه القصة سبحان الله ، استجاب الله دعوة الأم ، وأنجى الله هذا ، لأنه متقٍ لله عز وجل ، وقد قال الله تعالى : (( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون )) ، شوف تكلم عن : يا بابوس ؟
القارئ : " وقوله فيه : يا بابوس ، بموحدتين بينهما ألف ساكنه ، والثانية مضمومه ، وآخره مهملة ، قال القزاز : هو الصغير ، وقال ابن بطال : الرضيع ، وهو بوزن جاسوس ، واختلف هل هو عربي أو معرب ، وأغرب الداودي الشارح فقال : هو اسم ذلك الولد بعينه ، وفيه نظر ، وقد قال الشاعر : حنت قلوصي إلى بابوسها جزعاً . وقال الكرماني : إن صحت الرواية بتنوين السين تكون كنية له ، ويكون معناه : يا أبا الشدة ، وسيأتي بقية الكلام عليه في ذكر بني إسرائيل ". الشيخ : لا ، الظاهر أن هذا مما ينادى به الصبيان ، مما ينادى به الصبيان ، يقال : يا بابوس ، يمكن في لغتهم نعم ، يمكن هذا هو الدارج على لغتهم . القارئ : لكن يعكر عليه ، أحسن الله إليك ، أن قول الشاعر : حنت قلوصي إلى بابوسها . الشيخ : نعم . القارئ : تصغير الإبن أيضاً يسمى . الشيخ : كأنه عربياً بعد . القارئ : إي نعم .
حدثنا أبو نعيم حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة قال حدثني معيقيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال ( إن كنت فاعلاً فواحدة )
القارئ : حدثنا أبو نعيم قال حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة أنه قال : حدثني معيقيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال : ( إن كنت فاعلاً فواحدة ) . الشيخ : يعني ( إن كنت فاعلاً ) ، بمعنى إن ألجأتك الضرورة إلى الفعل ، ( فواحدة ) ، وإلا فلا تمسح ، لماذا ؟ أولاً : لأنه ورد أن الرحمة تواجهه ، والثاني : أنه عبث في الصلاة ، فمتى أمكن أن تسجد بدون مسح فاسجد ، وأما إذا كان لا بد فلا بأس أن تمسح ، مثل أن يكون وجه الحصى حامياً ، فتريد أن تمسحه ليظهر باطن الحصى ، أو تكون الأرض فيها شوك ، فتمسحها ليزول الشوك ، المهم إن احتجت فافعل ، وإلا فلا تفعل .
حدثنا مسدد حدثنا بشر حدثنا غالب القطان عن بكر بن عبد الله عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ( كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه )
القارئ : حدثنا مسدد قال حدثنا بشر قال حدثنا غالب عن بكر بن عبد الله عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر ، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض ، بسط ثوبه فسجد عليه ) . الشيخ : قوله : ( كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر ، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض ) ، وفي لفظ : ( جبهته بسط ثوبه فسجد عليه ) ، هذا الحديث أشكل على بعض أهل العلم ، مع قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم ) ، فجمع بعضهم بينهما : بأن هذا قبل الأمر بالإبراد ، وأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما رآى أن الناس يشق عليهم أن يسجدوا على الأرض لحرارتها ، أمر بالإبراد ، وهذا واضح ، وقال بعضهم : إن قوله : ( في شدة الحر ) ، يعني شدة حر اليوم الذي هم فيه ، وأن الحجارة أو التي يفرش بها المسجد قد يشتد حرها ، بحيث لا يتمكن الإنسان من السجود عليها وإن لم يشتد الجو ، أي لم تشتد حرارته ، وهذا أيضاً وجه آخر ، ولكن إذا حصل هذا وكان الإنسان لا يستطيع أن يمكن جبهته من الأرض ، فإنه يبسط ثوبه ويسجد عليه ، أي الثياب ؟ الرداء أو الإزار ؟ الذي فيه فضل ، قد يكون الفضل في الرداء وقد يكون الفضل في الإزار ، نحن الآن قد يكون الفضل في الغترة ، وقد يكون في المشلح .
الشيخ : وفي قوله : ( إذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه ) ما يدل على أنه لا يلجأ الإنسان إلى بسط ثوبه في الصلاة إلا إذا كان محتاجاً ، إذا لم يستطع أن يمكن جبهته ، إما لحرارة الأرض وإما لكونها شوكاً أو لكونها أحجاراً لا يستطيع أن يمكن جبهته منها ، فليضع ثوبه ، فإذا لم يكن حاجة فبسط الثوب مكروه ، إذا لم يكن حاجة فبسط الثوب مكروه ، لأننا نقول : دع الثياب تسجد والجبهة تسجد ، ولهذا نهي الإنسان إذا سجد أن يكف شعراً أو ثوباً ، ليكون محل السجود واسعاً ، يشمل الثياب والجسم .
فائدة : الحائل الذي يحول بينك وبين الأرض عند السجود ثلاث أقسام .
الشيخ : وذكر العلماء رحمهم الله في هذه المسألة أن الحائل ثلاثة أقسام ، الحائل الذي يكون بينك وبين الأرض عند السجود ثلاثة أقسام : القسم الأول : أن يكون أحد أعضاء السجود ، فهذا لا يجوز ، ولا يجزئ السجود معه ، مثل أن يضع يديه ويسجد عليهما ، هذا حرام ولا يجوز ، لأنه حال بينه وبين الجبهة عضو من أعضاء السجود ، فكأن الإنسان سجد على ستة أعضاء ، الثاني : أن يكون الحائل منفصلاً عن الإنسان ، كرجل وضع منديلاً يسجد عليه ، لحرارة الأرض أو شدتها أو ما أشبه ذلك ، فهذا لا بأس به ، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسجد على الخمرة ، القسم الثالث : السجود على شيء متصل بالمصلي ، كغترته وثوبه ومشلحه ، فهذا إن دعت الحاجة إليه فلا بأس به ، وإلا فهو مكروه ، نعم ، وفي قوله : ( أن يمكن وجهه من الأرض ) أو ( جبهته ) ، دليل على أنه لا بد من تمكين الجبهة ، فإن لم يمكنها لم يصح السجود ، لو كان الإنسان على فراش منقوش ، ووضع جبهته على نفس الفراش دون أن يضغط عليه ، فإن هذا السجود لا يجزئ ، لماذا ؟ لأنه لم يمكن جبهته ، فلم يسجد ، فلذلك لا بد من أن يكبس عليه حتى يمكن الجبهة ، طيب ، وإذا كان في الطيارة ، مشكلة ، بينه وبين الأرض مسافات ، هل يجوز السجود عليها ؟ الطالب : نعم . الشيخ : الطائرة ؟ الطالب : نعم . الشيخ : يجوز ؟ الطالب : نعم . الشيخ : مؤكد ؟ الطالب : نعم . الشيخ : نعم ، مؤكد ، لأنه إذا سجد في الطيارة ، فقد مكن جبهته من المكان الذي سجد فيه ، ما فيه إشكال .
السائل : بعض النساء يفرشون فرشة مبطنة بإسفنج ... ؟ الشيخ : والله أنا أكره هذا ، ولا أحبه ، لأنه يصل بالإنسان إلى حال ترف شديد ، والإنسان ما جاء ليُلَيِّن جلده ، أو لينام على وطاء ، الإنسان جاء يعبد الله ، فكوننا نصل إلى هذا الحد أكره هذا ، وربما يأتي بعض الجهال ولا يكبس على الفراش ، يكتفي بمماسته فقط ، وحينئذ لا تصح صلاته .
السائل : العلماء يذكرون في بعض الشروحات ... وحمل شيء بكمه ، ما الذي يقصدون به ؟ الشيخ : إي ، أكمامنا هذه ما يمكن نحمل فيها شيء ، لكن في الأولين ، وأدركنا هذا ، يكون الرجل له كم طويل ، يعني مقدار ، أنا ما أعرف السندي والسنجي هذا ما نعرفه ، نعرف الأصابع ، مقدار شبرين عرض وطويل ، أحياناً يربطون به رقابهم من طوله ، إذا اشترى الإنسان منهم حاجة ، إذا اشترى حاجة يضعها في هذا الكم ، وهذه تشغله .
حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت ( كنت أمد رجلي في قبلة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فإذا سجد غمزني فرفعتها فإذا قام مددتها )
القارئ : حدثنا عبد الله بن مسلمة قال حدثنا مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( كنت أمد رجلي في قبلة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فإذا سجد غمزني فرفعتها ، فإذا قام مددتها ) . الشيخ : أراد المؤلف رحمه الله بهذا الباب العمل الذي ليس لمصلحة الصلاة ، لأن العمل الذي لمصلحة الصلاة سبق ، لكن العمل الذي ليس لمصلحة الصلاة وليس له فيها تعلق ، وسنناقشه في حديث عائشة رضي الله عنها .
فوائد حديث عائشة : كنت أمد رجلي في قبلة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فإذا سجد غمزني فرفعتها فإذا قام مددتها
الشيخ : في حديث عائشة رضي الله عنها دليل على صغر حجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لأن عائشة إذا اضطجعت تمد رجليها في قبلة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ومن فوائد هذا الحديث أيضاً أن بيوت الرسول عليه الصلاة والسلام ليس فيها إضاءة ، ليس فيها مصابيح ، لأنها لو كان فيها ما احتاج إلى الغمز ، لكانت هي تعرف أنه يريد السجود فتكف رجليها ، ومن فوائده أن مس المرأة لا ينقض الوضوء ، كما استدل بذلك بعضهم ، لكن في الاستدلال في هذا نظر ، لإمكان أنه يمس رجليها من وراء الثياب ، وحينئذ لا يكون فيه دليل ، لكن لدينا دليل على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء ، وهو البراءة الأصلية ، لأن الإنسان إذا توضأ وضوءاً صحيحاً بمقتضى الكتاب والسنة ، فلا يمكن أن ينقض هذا الوضوء إلا إيش ؟ إلا بدليل ، أي إنسان يقول لك هذا من نواقض الوضوء ، قل هات الدليل ، لأن عبادتي الآن تمت بمقتضى الدليل الشرعي ، ولا يمكن أن تنقض إلا بدليل شرعي ، وهذه القاعدة تنفعك في كل المسائل المتعلقة بمفسدات العبادة ، طالِب من يقول بإفسادها بالدليل ، ولذلك بناءً على القاعدة : لا ينتقض الوضوء إذا خلع الإنسان ما يمسح من خف أو جورب ، ولا ينتقض الوضوء بحلق شعر الرأس ، ولا ينتقض الوضوء بمس الفرج ، ولا ينتقض الوضوء بمس المرأة ، وغير ذلك ، إلا بدليل ، المرأة لا دليل على نقض الوضوء بمسها ، ولو كان لشهوة ما لم يحدث ، وأما قوله تعالى : (( أو لامستم النساء )) ، وفي قراءة : (( لمستم )) ، فالمراد به الجماع بلا شك ، كما فسره بذلك ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، وكما هو مقتضى البلاغة ، لأن آية الوضوء ذكر الله فيها طهارتين وسببين ، طهارة الماء وطهارة التيمم ، سببين : الحدث الأصغر في قوله : (( أو جاء أحد منكم من الغائط )) ، والحدث الأكبر في قوله : (( أو لامستم النساء )) ، لو قلنا : (( لامستم النساء )) ، يعني لمستموهن فانتقض الوضوء ، لكان في ذلك خلل في البلاغة ، الخلل أنه أُهمل في الآية موجب الغسل ، وكرر موجب الوضوء ، وهذا خلاف البلاغة ، مع أن الله ذكر الطهارتين : الماء والتراب ، والحدثين : الأكبر والأصغر ، فلا بد أن يذكر السببين ، سبب الحدث الأصغر وسبب الحدث الأكبر ، فيتعين أن يكون المراد بالآية : (( لامستم )) أو (( لمستم )) : الجماع ، فنحن لا نحتاج إلى أن نستدل بحديث عائشة هذا ، لأن الاستدلال به يبطل باحتمال أن يكون يمسها من وراء الثياب ، نعم ، ومن فوائد هذا الحديث أن جلوس المرأة أمام المصلي بكل بدنها أو بعضه لا يبطل صلاته ، لا يبطل صلاته ، وقد احتجت عائشة رضي الله عنها بهذا الحديث على أن المرأة لا يقطع مرورها صلاة الرجل ، ولكنه لا دليل لها فيه ، لأن الجالسة أو النائمة غير مارة ، والذي ينقض هو المرور ، وما دام الحديث قد صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أن المرأة إذا مرت بين يدي الرجل انقطعت صلاته ) ، فإنه يجب أن نقول به وأن نجيب عن حديث عائشة وأشباهه بأن هذا ليس بمرور ، ومن فوائد هذا الحديث ما ترجم له البخاري رحمه الله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد غمز عائشة فرفعت رجليها ، وهو رحمه الله أراد أن يسوقه للعمل في الصلاة الذي لا يتعلق بها ، وعندي أن هذا عمل يتعلق بالصلاة ، لأنه لا يمكن السجود على إيش ؟ على رجليها ، فهو من مصلحة الصلاة ، حركته هذه من مصلحة الصلاة ، إلا أن يقال : بإمكان النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لعائشة : لا تفعلي أصلاً ، تكف رجليها سواءٌ كان قائماً أو ساجداً .
حدثنا محمود حدثنا شبابة حدثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه صلى صلاةً قال إن الشيطان عرض لي فشد علي ليقطع الصلاة علي فأمكنني الله منه فذعته ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول سليمان عليه السلام (( رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي )) فرده الله خاسياً ) ثم قال النضر بن شميل فذعته بالذال أي خنقته وفدعته من قول الله يوم يدعون أي يدفعون والصواب فدعته إلا أنه كذا قال بتشديد العين والتاء .
القارئ : حدثنا محمود قال حدثنا شبابة قال حدثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه صلى صلاةً ، قال : إن الشيطان عرض لي ، فشد علي ليقطع الصلاة علي ، فأمكنني الله منه فَذَعَّتُّه ، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه ، فذكرت قول سليمان عليه السلام : (( رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي )) ، فرده الله خاسئاً ) ، ثم قال النضر بن شميل : فَذَعَّتُّه بالذال أي : خنقته ، فَدَعَّتُّه : من قول الله : (( يوم يدعون ))، أي يدفعون ، والصواب : فَدَعَّتُّه ، إلا أنه كذا ، قال : بتشديد العين والتاء . الشيخ : دَعَّتُّه ، يعني من الدع ، وهو الدفع بشدة وعنف ، الشاهد من هذا هو أن الرسول عليه الصلاة والسلام عمل هذا العمل ، لأن الشيطان أراد أن يقطع عليه صلاته فيفسدها عليه .
فوائد حديث : ( إن الشيطان عرض لي فشد علي ليقطع الصلاة علي فأمكنني الله منه فذعته ... )
الشيخ : وفي هذا الحديث من الفوائد أن الشيطان قد يعرض لأتقى عباد الله ، وإذا كان قد يسلط على أتقى عباد الله ، فما بالك بمن دونهم ؟! فالشيطان قد يسلط على بني آدم ، ولذلك ينبغي لنا أن نستعمل دائماً الأوراد الشرعية التي تحمينا من الشيطان ، ومن فوائد هذا الحديث حرص الشيطان على إفساد عبادة بني آدم ، لأنه أراد أن يقطع على النبي صلى الله عليه وسلم صلاته ، ومن فوائد هذا الحديث : جواز مقاتلة من أراد أن يفسد عليك الصلاة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فدعه ، ومن فوائد هذا الحديث تواضع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، حيث لم يفعل ما هم به من ربط هذا الشيطان بسارية من سواري المسجد ، لأن سليمان قال : (( رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي )) وهذا من تواضع الرسول عليه الصلاة والسلام ، وإلا فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لو أوثقه لم يحصل على ملك سليمان ، لأن الله سخر الشياطين لسليمان في كل شيء ، كما قال الله تعالى : (( والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد )) ، لكن هذا جزء من شيء كثير ، تركه النبي عليه الصلاة والسلام تواضعاً منه ، ومن فوائد هذا الحديث أنه يجوز للإنسان في صلاته أن يفكر فيما لا يتعلق بها ، لأن قوله : ( ذكرت قول سليمان ) ، هذا لا يتعلق بالصلاة ، فإذا فكر الإنسان في صلاته بشيء فهذا لا يضر ، لكن إذا غلب على الصلاة ، وصار أكثر صلاته يفكر ، فقد اختلف العلماء في بطلان صلاته ، وأكثرهم يرون أنها لا تبطل ، فإذا قال قائل : كيف يقول سليمان عليه الصلاة والسلام : (( هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي )) ؟ بعض العلماء والعياذ بالله ، يعني بعض الناس يقول : هل هذا حسد من سليمان ؟ فالجواب : لا ، ليس حسداً ، لكن من أجل أن يذكر به هو ، ويكون هو مضرب المثل في الملك التام ، الذي ملك به من سلط عليه من الجن والإنس ، نعم
هل يؤخذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم ( فذكرت قول سليمان عليه السلام ) أنه يصلى ويسلم على كل نبي أم هذا من تصرف الرواة ؟
السائل : شيخ أحسن الله إليك يؤخذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فذكرت قول سليمان عليه السلام ) ، أنه يصلى ويسلم على كل نبي ، أو هذا من تصرف الرواة ؟ الشيخ : كيف ؟ السائل : أو هذا من تصرف الرواة ؟ الشيخ : ... ، وعلى كل حال ، كل نبي يجوز أن يصلى ويسلم عليه .
السائل : حتى في الصلاة يا شيخ ؟ الشيخ : ها ؟ السائل : حتى في الصلاة ؟ الشيخ : حتى في الصلاة ، لو مثلاً : (( صحف إبراهيم وموسى )) ، تقول : عليهما الصلاة والسلام ، ما في مشكلة ، جائز . السائل : ... ؟ الشيخ : مكروه ، إلا فيما يحتاج الناس إليه ، ولهذا ذكر عن عمر رضي الله عنه أنه قال : إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة ، فهذا جائز ، لأنه في الحرب إذا جازت أعمال كثيرة ، أعمال بدنية جوارحية في صلاة الخوف ، من أجل إقامة الجهاد ، فهذا من باب أولى ، نعم
السائل : ... ؟ الشيخ : نعم ؟ السائل : ... ؟ الشيخ : إيش ؟ السائل : هل يقطع الشيطان عليه صلاته ، ... ؟ الشيخ : لا ، ما يقطع ، ما يقطع ، الصحيح أن الشيطان لو مر من بين يدي المصلي لا تنقطع صلاته ، وأما من قال : إنها تنقطع ، لقوله : ( الكلب الأسود شيطان ) ، فيقال : إنه أراد عليه الصلاة والسلام شيطان باعتبار بقية الكلاب ، فهذا يحتمل أنه في الوسوسة أو يحتمل أنه لأجل أن يفعل به ما يقطع صلاته ، إما مثلاً من إصابته بحدث أو باختلال توازن ، أو يعني أشياء كثيرة ، ما عندك الشرح ، وقد يكون المراد يقطع عليه كمالها .
القارئ : " ذكر أحسن الله إليكم ، ابن رجب قال : وخرج الإمام أحمد بإسناد جيد ، عن أبي سعيد الخدري ( أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام فصلى صلاة الصبح ، فالتبست عليه القراءة ، فلما فرغ من الصلاة قال : لو رأيتموني وإبليس .. ) " الشيخ : لو ؟ القارئ : ( لو رأيتموني وإبليس ، فأهويت بيدي ، فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصبعي هاتين ، الإبهام والتي تليها ، ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطاً بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيان المدينة ) الشيخ : إي ، هذا غير الذي معنا ، الحديث الذي معنا حديث أبي هريرة ، الفتح الثاني . القارئ : " قال : تقدم في باب ربط الغريم في المسجد ، من أبواب المساجد من وجه آخر عن شعبة بلفظ : ( أن عفريتاً من الجن تفلت علي ) ، وهو ظاهر في أن المراد بالشيطان في هذه الرواية غير إبليس كبير الشياطين ، وقوله : فشد علي بالمعجمه ، أي : حمل ، قوله : ليقطع ، في رواية الحموي والمستملي : بحذف اللام ، قوله : فذعته ، يأتي ضبطه بعد . " الشيخ : إيش ؟ القارئ : " قوله : فذعته ، يأتي ضبطه بعد ، قوله : فتنظروا ، في رواية الحموي والمستملي : أو تنظروا إليه بالشك ، وقد تقدم بعض الكلام على هذا الحديث في الباب المذكور ، ويأتي الكلام على بقيته في أول بدء الخلق ، إن شاء الله تعالى . " الشيخ : الحوالات أحياناً تكون على غير مليء ، أحياناً ما نلقاها الحوالات القارئ : قوله إن الشيطان . الشيخ : هذا من ؟ القارئ : هذا القسطلاني . الشيخ : نعم . القارئ : " قوله : ( إن الشيطان عرض لي في صفة هر ) وفي رواية شعبة السابقة ، من وجه آخر في باب : ربط الغريم في المسجد ( أن عفريتاً من الجن تفلت علي ) ، فظاهره : أن المراد بالشيطان في هذه الراوية : غير إبليس كبير الشياطين فشد بالشين المعجمة أي : حمل علي حال كونه : يقطع الصلاة علي ، ولغير الحموي والمستملي : ليقطع بلام التعليل ، فإن قلت : قد ثبت أن الشيطان يفر من ظل عمر ، وأنه يسلك في غير فجه ، ففراره من النبي صلى الله عليه وسلم أولى ، فكيف شد عليه ، عليه الصلاة والسلام وأراد قطع صلاته عليه الصلاة والسلام ؟ أجيب : بأنه ليس المراد حقيقة الفرار ، بل بيان قوة عمر رضي الله عنه ، وصلابته على قهر الشيطان ، وقد وقع التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم قهره وطرده كما قال : ( فأمكنني الله منه ) ، لكونه مشخصا في صورة يمكن أخذه معها وهي صورة الهر ، فذعته : بالذال المعجمة والعين المهملة المفتوحتين والمثناة الفوقية المشددة ، فعل ماض للمتكلم وحده ، والفاء عاطفة أي : غمزته غمزاً شديدا ، وعند ابن أبي شيبة : بالدال المهملة ، أي دفعته دفعا شديدا ، ولقد هممت أن أوثقه أي : قصدت ربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا فتنظروا إليه ، وللحموي والمستملي : أو تنظروا إليه ، بالشك ، فذكرت قول أخي سليمان عليه السلام : (( رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي )) ، فرده الله حال كونه خاسئاً مطروداً مبعداً متحيرا ً، زاد في رواية كريمة عن الكشميهني هنا : ثم قال النضر بن شميل : فذعته بالذال المعجمة وتخفيفها أي : خنقته ، وأما فدعته بالدال والعين المشددة المهملتين مع تشديد المثناة ، فـمن قول الله تعالى (( يوم يدعون إلى نار جهنم دعا )) ، أي يدفعون والصواب فدعته ، بالمهملة وتخفيف العين ، إلا أنه يعني شعبة كذا قال : بتشديد العين والتاء ، وهذه الزيادة ساقطة عند أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر ، ومطابقة الحديث للترجمة من قوله : فدعته على معنى : دفعته من حيث كونه عملا يسيرا ً، واستنبط منه : أن العمل اليسير غير مبطل للصلاة كما مر هذا " الشيخ : خلص ؟ القارئ : نعم الشيخ : ظاهر : ليقطع علي ، ليفسدها علي إما إفساداً تاما ًوإما إفساد كمال . القارئ : لكن كأنه جعله في صورة هر ، أحسن الله إليك ؟ الشيخ : نعم ؟ القارئ : كأنه جعله في صورة هر ؟ الشيخ : الله أعلم ، بعيد هذا ، بعيد هذا ، لأن الهر ما يؤثر هذا التأثير ، حتى لو شاط الهر ما يؤثر هذا التأثير . القارئ : نقرأ ؟ الشيخ : باقي الآن نصف دقيقة .
كيف يهرب الشيطان من عمر ولا يهرب من النبي صلى الله عليه وسلم ؟
السائل : الإشكال ... ؟ الشيخ : إيش ؟ السائل : الإشكال ، يرى القسطلاني يقول إشكال أن الرسول أولى بالفرار من عمر ، كيف يجاب عنه ؟ الشيخ : الإشكال كما قال : الفضل المطلق غير الفضل المقيد ، يعني لو كان عمر يهرب من الشيطان لقوته ، فقد لا يهرب من الرسول ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أوجه عند الله من عمر لا شك ، لكنه عليه الصلاة والسلام أقل من عمر في القوة والنشاط ، وقد ذكر العلماء : أن الفضل هي خصيصة واحدة ، لا يقتضي الفضل المطلق .
باب : إذا انفلتت الدابة في الصلاة . وقال قتادة إن أخذ ثوبه يتبع السارق ويدع الصلاة .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد : فقد قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : كتاب العمل في الصلاة باب : إذا انفلتت الدابة في الصلاة ، وقال قتادة : إن أُخذ ثوبه يتبع السارق ويدع الصلاة
حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا الأزرق بن قيس قال كنا بالأهواز نقاتل الحرورية فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي وإذا لجام دابته بيده فجعلت الدابة تنازعه وجعل يتبعها قال شعبة هو أبو برزة الأسلمي فجعل رجل من الخوارج يقول اللهم افعل بهذا الشيخ فلما انصرف الشيخ قال إني سمعت قولكم وإني غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات أو سبع غزوات وثماني وشهدت تيسيره وإني إن كنت أن أراجع مع دابتي أحب إلي من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق علي
القارئ : حدثنا آدم قال حدثنا شعبة قال حدثنا الأزرق بن قيس قال : ( كنا بالأهواز نقاتل الحرورية ، فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي .. ) الشيخ : أعد ، فبينا القارئ : ( فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي ، وإذا لجام دابته بيده ، فجعلت الدابة تنازعه وجعل يتبعها ، قال شعبة : هو أبو برزة الأسلمي ، فجعل رجل من الخوارج يقول : اللهم افعل بهذا الشيخ ، فلما انصرف الشيخ قال : إني سمعت قولكم ، وإني غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات أو سبع غزوات وثمان ، وشهدت تيسيره ، وإني إن كنت أن أراجع مع دابتي ، أحب إلي من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق علي ) الشيخ : قوله : قال كنا بالأهواز نقاتل الحرورية ، الحرورية : طائفة من الخوارج مشددة ، قاتلت علي رضي الله عنه في مكان يقال له : حَرَوْرى ، في ظهر الكوفة ، وذكر هذه القصة : أن أبا برزة الأسلمي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يصلي ولجام دابته بيده ، إلى آخره .
الشيخ : ففي هذا دليل على مسائل ، منها جواز إمساك الإنسان دابته بيده وهو يصلي ، ولا نقول له : اجعلها في رجلك ، نقول لا بأس أن تجعلها في اليد ، وإن كان إذا جعلها في اليد سيفوته أشياء ، لا تفوته لو جعلها في الرجل ،ومنها جواز العمل اليسير ، للحفاظ على ماله ، كان أبو برزة رضي الله عنه يفعل هذا ، ولا شك أن هذا هو عين الحكمة ، لأن التشاغل بالجوارح أهون من شغل القلب ، لأنها لو ذهبت الدابة انشغل قلبه بها ، وصار لا يدري ما يقول ولا ما يفعل ، ودخل في قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة بحضرة الطعام ، ولا وهو يدافعه الأخبثان ) ، ولا شك أن حركة البدن أهون من حركة القلب ، ومنها أن من الناس من يشدد في دين الله ، حتى يمنع ما أحل الله له ، كهذا الخارجي الذي دعا على هذا الشيخ حين رآه يفعل ما يفعل ، ومنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يحب التيسير على الأمة ، بل كان يأمر بالتيسير ، فكان إذا بعث البعوث يقول : ( يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا ، فإنما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين ) ، ومنها جواز إخبار الإنسان بما صنع من الأعمال الصالحة ، يعني أن يخبر عن نفسه بما صنع ، للحاجة إلى ذلك ، فإن أبا برزة رضي الله عنه ذكر أنه غزا مع الرسول صلى الله عليه وسلم ستة غزوات أو سبع غزوات ، وعرف سيرته عليه الصلاة والسلام ومحبته للتيسير .
حدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن الزهري عن عروة قال قالت عائشة ( خسفت الشمس فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ سورةً طويلةً ثم ركع فأطال ثم رفع رأسه ثم استفتح بسورة أخرى ثم ركع حين قضاها وسجد ثم فعل ذلك في الثانية ثم قال إنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتم ذلك فصلوا حتى يفرج عنكم لقد رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدته حتى لقد رأيت أريد أن آخذ قطفاً من الجنة حين رأيتموني جعلت أتقدم ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً حين رأيتموني تأخرت ورأيت فيها عمرو بن لحي وهو الذي سيب السوائب )
القارئ : حدثنا محمد بن مقاتل قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا يونس عن الزهري عن عروة أنه قال : قالت عائشة : ( خسفت الشمس ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ سورةً طويلةً .. ) الشيخ : عندك : كسفت أم خسفت ؟ القارئ : خسفت . القارئ : ( خسفت الشمس ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ سورةً طويلةً ، ثم ركع فأطال ، ثم رفع رأسه ثم استفتح بسورة أخرى ، ثم ركع حين قضاها وسجد ، ثم فعل ذلك في الثانية ، ثم قال : إنهما آيتان من آيات الله ، فإذا رأيتم ذلك فصلوا حتى يفرج عنكم ، لقد رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدته ، حتى لقد رأيت أريد أن آخذ قطفاً من الجنة حين رأيتموني جعلت أتقدم ، ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً حين رأيتموني تأخرت ، ورأيت فيها عمرو بن لحي وهو الذي سيب السوائب ) . الشيخ : هذا سبق الكلام عليه في باب صلاة الخسوف .
الشيخ : وفيه من الفوائد المناسبة لهذه الترجمة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تقدم وتأخر ، تقدم حين رآى الجنة ، ليأخذ قطفاً من الجنة ، وفي رواية أنه قال : ( لو أخذت منه لأكلتم منه ما بقيت الدنيا ) ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، واختلفوا في قوله : ( منه ) ، هل المراد من جنسه أو منه عينه ؟ والظاهر الأول والله أعلم ، وفيه أيضاً إثبات عذاب القبر ، وأن المعذبين في القبور قد ينقلون من قبورهم إلى نار جهنم والعياذ بالله ، كما في حديث عمرو بن لحي الخزاعي ، هو أول من نصب الأصنام ، وأدخل الشرك على العرب ، وسيّب السوائب ، السوائب : هي عبارة عن إبل ..