باب : يفكر الرجل الشيء في الصلاة . وقال عمر رضي الله عنه إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة .
1 - باب : يفكر الرجل الشيء في الصلاة . وقال عمر رضي الله عنه إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة . أستمع حفظ
تتمة شرح الحديث : حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر قال أخبرني ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري قال قال أبو هريرة رضي الله عنه يقول الناس أكثر أبو هريرة فلقيت رجلاً فقلت بما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في العتمة فقال لا أدري فقلت لم تشهدها قال بلى قلت لكن أنا أدري قرأ سورة كذا وكذا
فأراد أن يمتحنهم ، سأل هذا الرجل : ماذا قرأ به النبي صلى الله عليه وسلم في العتمة البارحة ؟
فقال : لا أدري مع أنه حاضر ، فقال أبو هريرة : أنا أدري ، إذاً يكون فاق الناس في الكثرة ، لقوة حفظه رضي الله عنه ، والشاهد من هذا الحديث أن هذا الرجل نسي ما قرأه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ومن الاحتمال أن يكون نسيه ، لأنه كان يحدث نفسه حال قراءة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ويكون هنا محل الشاهد للباب .
2 - تتمة شرح الحديث : حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر قال أخبرني ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري قال قال أبو هريرة رضي الله عنه يقول الناس أكثر أبو هريرة فلقيت رجلاً فقلت بما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في العتمة فقال لا أدري فقلت لم تشهدها قال بلى قلت لكن أنا أدري قرأ سورة كذا وكذا أستمع حفظ
كتاب السهو .
باب : ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة .
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله ابن بحينة رضي الله عنه أنه قال ( صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم فسجد سجدتين وهو جالس ثم سلم )
5 - حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله ابن بحينة رضي الله عنه أنه قال ( صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم فسجد سجدتين وهو جالس ثم سلم ) أستمع حفظ
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله ابن بحينة رضي الله عنه أنه قال ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك )
الشيخ : السهو ، يقال : سها عن كذا ، وسها في كذا ، فالسهو عن كذا يعني الغفلة عنه ، وقد توعد الله سبحانه وتعالى المصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ، والسهو في كذا يعني نسيان شيء منه ، والسهو في الصلاة واقع من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه بشر مثلنا ، ينسى كما ننسى .
6 - حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله ابن بحينة رضي الله عنه أنه قال ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك ) أستمع حفظ
أسباب سجود السهو .
زيادة ونقص وشك ، هذه أسباب سجود السهو ، ولا تزيد ، زيادة ونقص وشك ، الزيادة : إن كانت من غير جنس الصلاة ، فهذه لا سهو فيها ، كالعمل والحركة ما أشبه ذلك ، فهذه لا سهو فيها ، حتى لو نسي مثلاً وفعل شيئاً مما ليس من جنس الصلاة ، فإنه ليس فيه سجود ، هذا يبحث فيه هل يبطل الصلاة أو لا يبطلها ؟ لكن الزيادة من جنس الصلاة ، قياماً أو قعوداً أو ركوعاً أو سجوداً ، النقص ينقسم إلى قسمين ، بل إلى ثلاثة : نقص ركن ونقص واجب ونقص سنة ، أما نقص الركن : فسيأتي إن شاء الله ، أنه لا بد أن يأتي بما نقص من الأركان ، ولا يجزئ عنه سجود السهو ، وأما نقص الواجب فيجزئ عنه سجود السهو ، وأما نقص السنة فالعلماء رحمهم الله يقولون : " لا يشرع سجود السهو ، ولا يُكره " ، لكن ينبغي أن يقال في نقص السنة إن كان من عادته أن يفعلها نسي ، فينبغي أن يسجد ولكن لا يجب السجود ، لأن هذه السنة لو تركها عمداً لصحت صلاته ، فإذا ترك جابرها عمداً صحت صلاته ، مثال ذلك : رجل نسي أن يقرأ سورة مع الفاتحة في الركعة الأولى ، وكان من عادته أنه يقرؤها ، فهذا نقص قولاً مشروعاً ، فينبغي أن يُجبر بسجود السهو ، ولكن لو ترك السجود فلا شيء عليه ، لأنه لو ترك المجبور عمداً لم يجب عليه سجو السهو ولا تبطل الصلاة ، فكذلك إذا ترك الجابر ، أما السجود لترك واجب فواجب ، لأن جبر الواجب واجب ، من ذلك ما ذكره المؤلف رحمه الله في ما إذا قام عن التشهد الأول ، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قام عن التشهد الأول ، ولما قضى الصلاة وانتظر المسلمون تسليمه سجد للسهو ، استدل بعض العلماء رحمهم الله على أن التشهد الأول ليس بواجب ، قالوا : " لأنه لو كان واجباً لرجع إليه النبي صلى الله عليه وسلم ليأتي به ، كما رجع لترك الركن ، ولكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يرجع " ، وهذا ليس بصواب ، يعني هذا القول ليس بصواب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرض التشهد على أمته ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد ) ، وهذا عام للتشهدين الأول والثاني ، فلما جُبر التشهد الأول بسجود السهو علمنا أنه إيش ؟ فرض ، ولكنه ليس بركن ، فنجمع بين الحديثين بأنه فرض ولكنه ليس بركن ، وكلما أمكنك أن تجمع بين الأدلة وجب عليك ، الخلاصة أن من قام عن التشهد الأول لم يلزمه العود ، ولكن يجب عليه سجود السهو ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد ، وكان يقول : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .
فوائد حديث عبد الله بن بحينة .
كيف يعطش وهو رسول الله ؟ كيف يمرض وهو رسول الله ؟ ومن فوائد هذا الحديث قوة استسلام الصحابة رضي الله عنهم في متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنهم قاموا معه
، ومن فوائده أيضاً أن الإنسان إذا قام فإنه لا يجلس لا يعود ، ولكن لو فُرض أنه ذكر قبل أن يستتم قائماً ، فماذا يصنع ؟ نقول يرجع ، ثم إن لزم من هذا القيام زيادة سجد للسهو ، وإن لم يلزم فلا سجود ، ومتى يلزم ؟ يلزم إذا فارق الجلوس ، وكان بين القيام والقعود ، فإنه قد زاد صفة فوق الجلوس فيسجد لها ، أما إذا كان هَمَّ أن ينهض ، ولكن لم يخرج عن حد الجلوس ، فإنه لا شيء عليه ، طيب وإذا قرأ ، قام حتى شرع في القراءة ، ثم ذَكر أو ذُكر ، أيرجع ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا يرجع ، بل نقول : لا يرجع من حين أن يستتم قائماً ، وأما تفريق الفقهاء رحمهم الله حيث قالوا : " إن استتم قائماً ولم يقرأ كُره الرجوع ، وإن قرأ حرم الرجوع " ، فقول لا دليل عليه ، والصواب : أنه متى استتم قائماً فإنه لا يرجع ، لأنه فارق محل الواجب الذي ترك ، ومن فوائد هذا الحديث مشروعية سجود السهو لترك التشهد الأول ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد ، وهل مثله كل واجب ؟ الجواب : نعم ، جميع الواجبات التي ذكرها الفقهاء رحمهم الله ، إذا تُركت سهواً فإنه إيش ؟ يسجد للسهو ، وعلى هذا لو ترك إحدى التكبيرات غير تكبيرة الإحرام سهواً فإنه يجب عليه سجود السهو ، طيب لو نسي أن يكبر للسجود ، ولم يذكر إلا حين سجد ، أيكبر أو لا ؟
الطالب : فيه خلاف .
الشيخ : لا يكبر ، لأن السجود ليس محلاً للتكبير ، فهو واجب فات موضعه ، كما لو قام عن التشهد الأول ، وعلى هذا يجب عليه إيش ؟ سجود السهو ، يجب عليه سجود السهو ، لأنه ترك واجباً ، وهكذا يقال فيما لو ترك سبحان ربي الأعلى أو سبحان ربي العظيم ، ومن فوائد هذا الحديث أن السجود لترك التشهد يكون قبل السلام ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سجد قبل السلام ، والحكمة من هذا ظاهرة ، لأن الخلل في الصلاة هنا نقص ، فكان من الحكمة أن يكون الجابر قبل السلام حتى لا يخرج من الصلاة إلا وقد أكمل الخلل ، وعلى هذا فنقول : كلما كان سجود السهو عن نقص واجب فإن محله متى ؟
الطلاب : قبل السلام .
الشيخ : قبل السلام ، كلما كان سجود السهو عن نقص واجب فمحله قبل السلام ، ودليله هذا الحديث ، وحكمته أن النقص في الصلاة ينبغي أن يُجبر قبل الانتهاء منها ، ومن فوائد هذا الحديث أن التسليمتين ليستا من الصلاة ، لقوله فلما قضى صلاته ، وهذه المسألة فيها خلاف : فمن العلماء من قال : إن التسليمتين ركن ، كلتاهما ، ومنهم من قال : إن الركن هي الأولى ، والثانية سنة ، ومنهم من قال : إنهما واجبتان ، وليستا بركن ، ومنهم من قال : إنهما ليسا واجبتين ، وكل ذلك لقوله : فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه ، ولكن يقال : كل ما ذُكر فيه احتمال : فلما قضى صلاته يعني : أن التسليمتين ليستا من الصلاة ، ويحتمل قضى صلاته : أي أشرف على قضائها ، ويحتمل أن المعنى قضى صلاته دون التسليم ، كل هذه احتمالات ، ولدينا قاعدة أيها الطلبة وهي :
أنه إذا كان النص له احتمالات ، ولدينا نص لا احتمال فيه ، صار الأول متشابهاً ، والثاني محكماً ، ويجب أن يُحمل المتشابه على المحكم ، فإذا كان لدينا نصوص تدل على أن التسليم إما واجب وإما ركن ، فإن هذه الاحتمالات يتعين منها الاحتمال الموافق لهذا المحكم ، والراجح عندي أن التسليمتين كلتاهما ركن ، لا في الفريضة ولا في النافلة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم داوم عليهما ، حضراً وسفراً ، فرضاً ونفلاً ، وما رُوي عنه أنه اقتصر على تسليمة ، فهذا فيه احتمال أنه كان ناسياً للتسليمة الثانية ، أو أن الراوي لم يسمعها ، أو ما أشبه ذلك من الاحتمالات الكثيرة ، وعليه فالصواب : أن التسليمتين كلتاهما ركن ، لا تصح الصلاة إلا بهما ، لا في الفريضة ولا في النافلة ، ومن فوائد هذا الحديث : وجوب التكبير لسجود السهو ، لقوله : كبر قبل التسليم ، وهو كذلك ، فسجدتا السهو واجبتان في محل وجوبهما ، والتكبير فيهما واجب عند السجود ، وعند الرفع من السجود ، وفيه فائدة لغوية وهي : أنّ نظر تأتي بمعنى انتظر ، لقوله : نظرنا تسليمه ، يعني انتظرناه ، ومنه قول الله تبارك وتعالى : (( انظرونا نقتبس من نوركم )) ، يعني انتظرونا ، ومنه قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا )) ، يعني انتظرنا ، نعم
بعض الأئمة يطيل التسليمة الثانية كثيراً ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : بعض الأئمة يطيل التسليمة الثانية كثيراً ؟
الشيخ : يطيلها ؟
السائل : نعم ، ... ؟
الشيخ : إي ، هو السنة أن لا يطيلها ، وأن لا يسكت بين التسليمتين ، بعض الأئمة بعد ، يقول : السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ، ولا حاجة للفصل بينهما ، هما متواليتان ، وبعض الأئمة يقول : السلام عليكم ، ورحمة الله ، السلام عليكم ، ورحمة الله ، كأنما يومي إلى أحد أمامه ، هذا أيضاً لا أصل له ، فأنت من حين ما تقول السلام ، من حين ما تبدأ باللفظ ابدأ بحركة الالتفات ، حتى يكون تمام الالتفات عند الكاف ، عليكم ، لأنك تخاطب القوم الذين وراءك ، أما الذين يقومون قبل التسليمة الثانية ، فإن صلاتهم إن تعمدوها باطلة ، وإن كانوا جاهلين فلا شيء عليهم ، ويُنصحون ويُخبرون .
إذا لم يسلم الإمام التسليمة الثانية هل يلزمهم الرجوع ؟
الشيخ : إن علموا ، نعم يلزمهم الرجوع ، لا سيما إذا قلنا : إن التسليمتين كلتاهما ركن ، لأن صلاة الإمام لم تتم بعد ، نعم
السائل : ... الحديث من رواية مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد ... ؟
الشيخ : لا ، غلط ، لأنه معروف أن الجلوس ، الرسول ما يمكن يبقى في أي ركن من أركان الصلاة ، أو واجب من واجباتها بدون تسبيح ، أو قراءة ، أو ذكر ، ولهذا لما أسرّ الاستفتاح ، قال له أبو هريرة : ( أرأيت سكوتك بين الكتبير والقراءة ما تقول ) .
ما هي ألفاظ التسليم ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : ألفاظ التسليم ؟
الشيخ : السلام عليكم ورحمة الله .
السائل : في بعض المتشددون : السلام عليكم ، وفي بعضهم يقول : سلام عليكم ورحمة الله .
الشيخ : يحذف الألف واللام ؟
السائل : نعم يا شيخ
الشيخ : لا ، لا تُحذف ، بالتعريف ، السلام عليكم ورحمة الله ، نعم
باب : إذا صلى خمساً .
حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمساً فقيل له أزيد في الصلاة فقال وما ذاك قال صليت خمساً فسجد سجدتين بعد ما سلم )
الشيخ : عبد الله بن مسعود ، البخاري رحمه الله ترتيبه جيد ، بدأ بالنقص أولاً ، ثم بالزيادة ثانياً ، إذا صلى خمساً ، صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمساً ، وتبعه الصحابة رضي الله عنهم على ذلك ، تبعوه متأولين ، كيف التأويل ؟ ظنوا أنه زيد في الصلاة ، لأن العصر عصر تشريع ، فيمكن أن يكون زيد في الصلاة ، ولهذا تابعوه ، فلما سلّم ، قيل له : أزيد في الصلاة ؟ قال : ( وما ذاك ) ؟ إذاً نسي الرسول عليه الصلاة والسلام أنه صلى كم ؟
الطالب : خمساً .
الشيخ : خمساً ، لما قال : ( وما ذاك ) ؟ يعني إيش الزيادة ؟ فنسي أن يكون خمساً ، حتى بعد أن دقوا دقّ الشعور ، نسي ، مما يدل على أن نسيانه حقيقة ، وأنه نسيان بمقتضى الطبيعة البشرية ، قالوا : صليت خمساً ، فسجد سجدتين بعد ما سلّم ، انصرف إلى القبلة ، ثم سجد سجدتين ، هنا لم يذكر التكبير ، لكن سبق أنه لا بد من التكبير .
13 - حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمساً فقيل له أزيد في الصلاة فقال وما ذاك قال صليت خمساً فسجد سجدتين بعد ما سلم ) أستمع حفظ
فوائد حديث صلاة الرسول صلى اله عليه وسلم خمساً .
الطلاب : بعد السلام .
الشيخ : بعد السلام ، طيب فإن سجد قبل أن يسلم في الزيادة ؟ فأكثر العلماء أن الصلاة صحيحة ، يقولون : " لأن محل سجود السهو قبل السلام أو بعده على سبيل الاستحباب " ،
واختار شيخ الاسلام ابن تيمية ، وناهيك به عالماً فقيهاً : " أن من تعمد أن يسجد للسهو قبل السلام في ما محله بعد السلام ، فصلاته باطلة ، لأنه زاد في الصلاة ما لم يكن مشروعاً فيها ، ومن تعمد أن يؤخر سجود السهو الذي قبل السلام إلى ما بعد السلام ، فصلاته باطلة ، لأنه نقص من الصلاة ما يجب أن يكون فيها " ، ولا شك أن كلامه رحمه الله أفقه ، وأقرب إلى القواعد ، لكن أنى لنا رجل من الأئمة يعرف أن سجود السهو هذا قبل السلام أو هذا بعده ، هذا قليل نادر ، نقول : أندر من الكبريت الأحمر ، إن كنتم تعرفونه ، يعني نادر نادر الذي يعرف هذا ، ثم إن بعض العارفين به يتلاعب بهم الهوى ، وأتحاشى أن أقول الشيطان ، يقولون : إذا فعلنا ذلك شوّشنا على الناس ، فما جوابنا على هذا ؟ أن نقول : لنشوِّش على الناس ، لأن الناس إذا وثقوا بالإمام بعلمه ، لم يتخذوا من ذلك انتقاداً عليه ، وإنما يتخذون من ذلك تأسياً به واقتداءً به ، ويبحثون متى يكون بعد السلام ، ومتى يكون قبل السلام ، ولقد عهدنا أئمة لا يعرفون السجود إلا قبل السلام ، حتى هيأ الله لنا شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله وجزاه خيراً ، وسجد بعد السلام ، واستنكر الناس ذلك وتعجبوا ، لكنه رحمه الله يحدث الناس ويخبرهم بسبب كون السجود قبل أو بعد ، فاستفاد الناس وعرفوا السنة ، وصاروا يسجدون قبل السلام في محله وبعد السلام في محله ، ولم يكن تشويش بل كان تثبيتاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، هل مثل ذلك لو زاد الإنسان سجدة في ركعة ، بأن سجد ثلاث مرات ، يسجد قبل السلام أو بعده ؟
الطلاب : بعد السلام .
الشيخ : يسجد بعد السلام ، طيب إذا قام الإمام إلى خامسة في عهدنا الآن ، هل ننبهه أو لا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم ، يجب أن ننبهه ، ويجب عليه أن يرجع ، إلا إذا تيقن صواب نفسه ، فإنه لا يمكن أن يرجع لقول غيره ، مع تيقنه صواب نفسه ، لكن هذا نادر ، يعني لا يمكن أن يكون هو صواباً ، والمنبهون له على صواب ، لا يمكن ، لكن لو فُرض أن الرجل تيقن صواب نفسه ، وهم تيقنوا صواب أنفسهم أنه قام إلى زائدة ، فماذا نعمل ؟ نقول : أما هو فيمضي في صلاته في ما زاد ، وأما المأمومون فيجلسون ولا يتابعون ، لكن هل يسلمون أو ينتظرون ؟
نعم ، نقول : لو تيقنوا أنه زائد فليفارقوه ، لأن صلاته صارت في نظرهم إيش هي ؟ باطلة ، ولا يمكن أن ينتظروه وصلاته باطلة ، بل يلزمهم المفارقة ، وأما إذا كان فيه احتمال أنّ عمله صواب فلينتظروا ، ينتظروا ليسلموا معه ، وإن سلموا في هذه الحال ، لاحتمال الحال الأولى ، فلا بأس ، كثيراً ما يقع أن الإمام يقوم إلى خامسة في الظهر ، فينبهه الناس ، ولكن يستمر ، فإذا سلّم قال : إنه نسي أن يقرأ الفاتحة في إحدى الركعات ، إذاً هذه الزيادة ، زيادة في حقه أم غير زيادة ؟
الطلاب : ليست زيادة .
الشيخ : ليست زيادة في حقه ، لأن إحدى الركعات وقعت باطلة ، يعني ناقصة ، فجاء بهذه بدلاً عنها ، لكن المأمومين الذين تيقنوا أنه زائد لا يمكن أن يتابعوه ، ما شاء الله صارت ست دقائق ! ، ما أخبرتمونا ! ، لا ما في سؤال ، أكملنا الآن ...
باب : إذا سلم في ركعتين أو في ثلاث فسجد سجدتين مثل سجود الصلاة أو أطول .
فقد قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه :
أبواب السهو .
باب : إذا سلم في ركعتين أو في ثلاث ، فسجد سجدتين مثل سجود الصلاة أو أطول .
حدثنا آدم حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر فسلم فقال له ذو اليدين الصلاة يا رسول الله أنقصت فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أحق ما يقول قالوا نعم فصلى ركعتين أخريين ثم سجد سجدتين ) قال سعد ورأيت عروة بن الزبير صلى من المغرب ركعتين فسلم وتكلم ثم صلى ما بقي وسجد سجدتين وقال هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
قال سعد : ( ورأيت عروة بن الزبير صلى من المغرب ركعتين فسلم وتكلم ، ثم صلى ما بقي ، وسجد سجدتين ، وقال : هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ) .
الشيخ : هذا فيما إذا سلّم الإنسان عن نقص ، يعني قبل أن يتم صلاته ، سواء سلّم من ثلاث في رباعية ، أو من ركعتين في رباعية أو ثلاثية ، فإنه إن ذكر قريباً ، ولم يحدث أتم ما بقي وسلّم ، ثم سجد سجدتين وسلّم ، وإن طال الفصل أو أحدث ، فإنه يستأنف الصلاة ، لوجود ما يبطل الصلاة ، وهذا الحديث كما ترون مختصر .
16 - حدثنا آدم حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر فسلم فقال له ذو اليدين الصلاة يا رسول الله أنقصت فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أحق ما يقول قالوا نعم فصلى ركعتين أخريين ثم سجد سجدتين ) قال سعد ورأيت عروة بن الزبير صلى من المغرب ركعتين فسلم وتكلم ثم صلى ما بقي وسجد سجدتين وقال هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم . أستمع حفظ
فوائد حديث ذي اليدين .
باب : من لم يتشهد في سجدتي السهو . وسلم أنس والحسن ولم يتشهدا وقال قتادة لا يتشهد .
عندي بالضم يا شيخ .
الشيخ : نعم ؟
القارئ : من لم يتشهدُ .
الشيخ : لا ، بالسكون ، عندي أنا بالسكون .
القارئ : بابُ من لم يتشهدْ في سجدتي السهو .
وسلم أنس والحسن ولم يتشهدا ، وقال قتادة : لا يتشهد .
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك بن أنس عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق ذو اليدين فقال الناس نعم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع ) حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن سلمة بن علقمة قال قلت لمحمد في سجدتي السهو تشهد قال ليس في حديث أبي هريرة .
الشيخ : السَّختياني .
القارئ : السَّختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين ، فقال له ذو اليدين : أَقُصرت الصلاة ، أم نسيت يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أصدق ذو اليدين ؟ فقال الناس : نعم ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين ، ثم سلم ، ثم كبر ، فسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع ) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد عن سلمة بن علقمة قال : قلت لمحمد : في سجدتي السهو تشهُد ؟ قال : ليس في حديث أبي هريرة .
الشيخ : وهذا هو الراجح ، أن سجدتي السهو بعد السلام ليس فيهما تشهد ، بل يسجد سجدتين ويسلم ، والحديث الوارد في إثبات التشهد ضعيف شاذ ، مخالف للأحاديث الصحيحة ، فالصواب : أنه لا تشهُد بعد سجدتي السهو .
19 - حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك بن أنس عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق ذو اليدين فقال الناس نعم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع ) حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن سلمة بن علقمة قال قلت لمحمد في سجدتي السهو تشهد قال ليس في حديث أبي هريرة . أستمع حفظ
باب : من يكبر في سجدتي السهو .
حدثنا حفص بن عمر حدثنا يزيد بن إبراهيم عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي قال محمد وأكثر ظني العصر ركعتين ثم سلم ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فهابا أن يكلماه وخرج سرعان الناس فقالوا أقصرت الصلاة ورجل يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم ذو اليدين فقال أنسيت أم قصرت فقال لم أنس ولم تقصر قال بلى قد نسيت فصلى ركعتين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر ثم وضع رأسه فكبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر )
الشيخ : فهذا أطول ما ساقه البخاري رحمه الله في هذا الحديث ، وهو بتمامه أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى إحدى صلاتي العشي ، العشي هو آخر النهار ، كما قال تعالى : (( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً )) ، وصلاتا العشي هما : الظهر والعصر ، يقول محمد بن سيرين رحمه الله : أكبر ظني أنها العصر ، والحكم لا يختلف ، لأن الظهر والعصر كلتاهما رباعية ،
يقول : صلى ركعتين ، ثم سلّم ، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد ، معروضة على مقدم المسجد ، واتكأ عليها عليه الصلاة والسلام ، وشبّك بين أصابعه ، ووضع خده على ظهر كفه ، كأنه غضبان ، يعني لم ينشرح صدره ، وهذا من رحمة الله عز وجل بعبده ، أنه إذا لم تتم العبادة يجد الإنسان انقباضاً ، حتى يحدث نفسه ماذا جرى ، ماذا حصل ؟ فينتبه لماذا حصل ؟ وإلا فكيف ينصرف الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم من صلاته التي يناجي فيها ربه ، ثم ينصرف وهو غضبان ؟! لا بد أنّ هناك سبب ، اتكأ عليها ، وفي القوم أخص الناس به ، أبو بكر وعمر ، هما أخص الناس به ، ولكن للنبي صلى الله عليه وسلم هيبة في القلوب ، هابا أن يكلماه ، لكن هناك رجل له يدان طويلتان ، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يداعبه ، يسميه ذا اليدين ، يا ذا اليدين ، فتكلم بكلام يعجز كثير من أهل المنطق أن يتكلموا بمثله ، قال : أنسيت ، أم قُصرت الصلاة ؟ في هذه الجملة سبر وتقسيم وأدب ، لأن حال النبي عليه الصلاة والسلام : إما أن ينسى ، وإما أن تُنسخ الصلاة من أربع إلى ركعتين ، هناك قسم ثالث ، لكن لا يمكن أن يقع من الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهو أن يسلم قبل إتمامها عمداً ، هذا لا يمكن ، ولذلك لو قال قائل : إن هذا السبر ناقص ؟ نقول : هو ليس بناقص بالنسبة لمقام الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن القسم الثالث ممتنع عن الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولذلك لم يذكره ، وهذا يدل على ذكاء الصحابة رضي الله عنهم مع شدة أدبهم ، وهو شاهد لقول شيخ الإسلام رحمه الله : " كنت أظن دائماً أن المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكي ، ولا ينتفع به البليد " ، إذاً فهو علم خائر ، ما دام الذكي لا يحتاج إليه ، والبليد لا ينتفع به ، إذاً ما قيمته ؟! فالمهم أن ذا اليدين رضي الله عنه قال : أنسيت ، أم قُصرت الصلاة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لم أنس ولم تُقصر ) ، وهذا خبر من أصدق الخلق خبراً ، أنه ما نسي ، ولا قُصرت الصلاة ، إخباره عن كونه لم ينس إخبار عن ظن ، وهذا شاهد لما قلناه قبل قليل بالنبسة إيش ؟ للأيمان ، أن الإنسان إذا تكلم عما يظنه فإنه لا يعد كاذباً ، ولا يحنث به إن كان مستقبلاً ، قال : ( لم أنس ، ولم تُقصر ) ، ذو اليدين رضي الله عنه لما نفى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون الحكم قد نُسخ ، وأثبت أن الصلاة باقية على أربع ، ماذا يتعين ؟
الطلاب : النسيان .
الشيخ : النسيان ، يتعين النسيان ، فقال : بلى قد نسيت ، فصار عند النبي عليه الصلاة والسلام الآن شيئان : ظنه ، وكلام ذي اليدين ، وهو يرى نفسه متيقناً عليه الصلاة والسلام ، لأنه قال : ( لم أنس ) ، نفى نفياً باتاً ، إذاً لا بد من حَكَم ، لا بد من حكم وقرينة ، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس ، وسألهم ، قال : ( أحق ما يقول ذو اليدين ) ؟ قالوا : نعم ، بعضهم قال : نعم ، بهذا اللفظ ، وبعضهم أومأ ، يعني نعم ، وحينئذ تبين للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه نسي ، فيقول : فصلى ركعتين ، في بعض الروايات المطولة : تقدم وصلى ركعتين ، تقدم إلى أين ؟ إلى مكان صلاته ، لأنه الآن تقدم إلى مقدم المسجد ، تقدم يعني إلى مكانه الذي كان يصلي فيه ، فصلى ركعتين ، ثم سلّم ، ثم سجد سجدتين ، وسلّم ، هذه هي القصة .
21 - حدثنا حفص بن عمر حدثنا يزيد بن إبراهيم عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي قال محمد وأكثر ظني العصر ركعتين ثم سلم ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فهابا أن يكلماه وخرج سرعان الناس فقالوا أقصرت الصلاة ورجل يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم ذو اليدين فقال أنسيت أم قصرت فقال لم أنس ولم تقصر قال بلى قد نسيت فصلى ركعتين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر ثم وضع رأسه فكبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر ) أستمع حفظ
فوائد حديث ذي اليدين برواية أبي هريرة .
، منها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجوز عليه النسيان في أفعاله ، وهل يجوز عليه النسيان في تبليغ الرسالة ؟ قال بعض العلماء : نعم ، قد ينسى ، لقوله تعالى : (( سنقرؤك فلا تنسى إلا ما شاء الله )) ، فقد ينسيه الله عز وجل الآية ، ولكن هذا النسيان يسمى نسخاً ، ولهذا جعل بعض العلماء من أدلة النسخ قوله تعالى : (( سنقرؤك فلا تنسى إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى )) ، أما في أفعاله فلا شك أنه بشر ، يقع منه النسيان كما يقع من سائر البشر ، ومن فوائد هذا الحديث شدة هيبة النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب أصحابه ، ولو كانوا أخص الناس به ، الدليل أن الناس هابوا أنْ يكلموه ، حتى أبو بكر وعمر هابا أنْ يكلماه ، ومن فوائد هذا الحديث أنّ الإنسان إذا كان له دعابة مع أحد ، فإن هذا يكون من أجرأ الناس عليه ، ولهذا لا ينبغي أنْ تكثر الدعابة مع شخص ، لأنه ربما يمتهنك في موضع لا تحب ذلك .