القارئ : " فانههن فذكره وأخرجه ابن سعد عن وكيع وغير واحد عن الأعمش قوله ما لم يكن نقع أو لقلقة بقافين الأولى ساكنة وقد فسره المصنف بأن النقع التراب أي وضعه على الرأس واللقلقة الصوت أي المرتفع وهذا قول الفراء فأما تفسير اللقلقة فمتفق عليه كما قال أبو عبيد في غريب الحديث ، وأما النقع فروى سعيد بن منصور عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال النقع الشق أي شق الجيوب وكذا قال وكيع فيما رواه ابن سعد عنه وقال الكسائي هو صنعة الطعام للمأتم كأنه ظنه من النقيعة وهي طعام المأتم والمشهور أن النقيعة طعام القادم من السفر كما سيأتي في آخر الجهاد ، وقد أنكره أبو عبيد عليه وقال الذي رأيت عليه أكثر أهل العلم أنه رفع الصوت يعني بالبكاء وقال بعضهم هو وضع التراب على الرأس لأن النقع هو الغبار وقيل هو شق الجيوب وهو قول شمر وقيل هو صوت لطم الخدود حكاه الأزهري ، وقال الإسماعيلي معترضا على البخاري النقع لعمري هو الغبار ولكن ليس هذا موضعه وإنما هو هنا الصوت العالي واللقلقة ترديد صوت النواحة انتهى ، ولا مانع من حمله على المعنيين بعد أن فسر المراد بكونه وضع التراب على الرأس لأن ذلك من صنيع أهل المصائب ، بل قال ابن الأثير المرجح أنه وضع التراب على الرأس وأما من فسره بالصوت فيلزم موافقته للقلقة فحمل اللفظين على معنيين أولى من حملهما على معنى واحد وأجيب بأن بينهما مغايرة من وجه كما تقدم فلا مانع من إرادته ، تنبيه كانت وفاة خالد بن الوليد بالشام سنة إحدى وعشرين. " الشيخ : الظاهر والله أعلم أن أقرب الأقوال ما قاله البخاري رحمه الله أنها المرأة إذا أصيبت تضع على رأسها التراب وهو مطابق للمعنى ، نعم
حدثنا أبو نعيم حدثنا سعيد بن عبيد عن علي بن ربيعة عن المغيرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إن كذباً علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من نيح عليه يعذب بما نيح عليه )
القارئ : حدثنا أبو نعيم حدثنا سعيد بن عبيد عن علي بن ربيعة عن المغيرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن كذباً علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من نيح عليه يعذب بما نيح عليه ) الشيخ : لا شك أن الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ليس ككذب على أحد من الناس لما فيه من الافتراء على الرسول ، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم كلامه وحي بمعنى أنه سنة وشريعة فيكون هذا كاذبا على الشريعة ، ولذلك نقول ليس كذبا على العالم بأنه أباح أو حرم أو أوجب ككذب على العامة بل الكذب على العالم أعظم لأن من سمع هذا الكلام سيتخذه شريعة ، نعم
حدثنا عبدان قال أخبرني أبي عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن أبيه رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الميت يعذب في قبره بما نيح عليه ) تابعه عبد الأعلى حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد حدثنا قتادة وقال آدم عن شعبة ( الميت يعذب ببكاء الحي عليه )
القارئ : حدثنا عبدان قال أخبرني أبي عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن أبيه رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الميت يعذب في قبره بما نيح عليه ) تابعه عبد الأعلى حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد حدثنا قتادة وقال آدم عن شعبة : ( الميت يعذب ببكاء الحي عليه ) الشيخ : بابٌ ، هذا ذكرنا فيما سبق أنه بمعنى فصل.
باب حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا ابن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال ( جيء بأبي يوم أحد قد مثل به حتى وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سجي ثوباً فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع فسمع صوت صائحة فقال من هذه فقالوا ابنة عمرو أو أخت عمرو قال فلم تبكي أو لا تبكي فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع )
القارئ : بابٌ حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا ابن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : ( جيء بأبي يوم أحد قد مثل به حتى وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سجي ثوباً فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع فسمع صوت صائحة فقال من هذه ؟ فقالوا ابنة عمرو أو أخت عمرو قال فلم تبكي أو لا تبكي فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع ) الشيخ : الله أكبر ما شاء الله أبوها عبد الله بن حرام رضي الله عنه هو الذي كلمه الله تعالى كفاحا وقال له : ( تمنى علي ، قال أتمنى يا رب أن أرجع إلى الدنيا فأقتل فيك مرة أخرى قال : إني قد قضيت أنهم إليها لا يرجعون ) وهذا من فضائله ومناقبه رضي الله عنه نعم يا يحيى.
السائل : هل عدم بكائه أفضل ؟ الشيخ : هذا عاد يرجع إلى حال الإنسان هل عدم بكاءه لكونه قاسي القلب أو لكونه يتصير ويحتمل ، والإنسان إذا أتاه ما يوجب البكاء ينبغي أن يبكي لأن في البكاء تنفيس عن النفس ، وإذا لم يبك بقي مغموما ومن ثم قيل ينبغي إذا بكى الصبي ألا تسكته خليه يقضي نهمته من البكاء ، عشان ما يبقي في نفسه شيء من التحسر ، أما بعض الناس إذا بكى الصبي قال اسكت وإلا ضربتك وإن كذا وإن كذا لا الأحسن أن يأتيه بالتي هي أحسن ، نعم السائل : ... عمر يقول ... الشيخ : لا لا في بعض الألفاظ ببكاء الحي نعم.
بعض النساء يبكين على الميت ويذكرن الجرائم التي ارتكبها الميت فهل هذا جائز ؟
السائل : بعض النساء ويذكرن الجرائم التي ... الشيخ : يبكين على الميت ويرتكبن الجرائم ؟ السائل : يذكرن هذه الجرائم التي يرتكبها الميت. الشيخ : لا هذا لا يجوز يعني يذكرن جرائمه ومعاصيه لا لا يجوز كيف يبكين عليه ويذكرن مساوئه ؟ السائل : يظنون أن هذا من محاسنه هذا شجاع وكان يقتل الناس و... الشيخ : هذه عادة جاهلية لا لا ، هذا لا يفتخر به لا يجوز ، وإلا صحيح أن أهل الجاهلية والبادية يفخرون بأن الإنسان يكون سروقا ويكون قطاع طريق ويكون فيه مصائب لكن هذا لا يجوز. السائل : الميت يعذب. الشيخ : يعذب كما قال الرسول إذا كان أوصى به يعذب إذا كان من عادتهم ولم ينههم وهو قادر على نهيهم يعذب. السائل : هذا لا يعد من النياحة ؟ الشيخ : هذا قد يكون من باب الندب لأنهم يرون هذه المحاسن فيكون ندبا لأن الندب هو تعداد محاسن الميت مع البكاء.
القارئ : باب : ليس منا من شق الجيوب. حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان حدثنا زبيد اليامي عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ) الشيخ : قوله : ( ليس منا ) يعني التبرؤ من فاعل هذا وهو يدل على أن هذا من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتبرأ إلا من فاعل كبيرة وقوله : ( مَن لطم الخدود ) يعني عند المصيبة وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية ( وشق الجيوب ) أيضا عند المصيبة وكانوا يفعلون ذلك والثالث ( دعا بدعوى الجاهلية ) وهي دعاؤهم بالويل والثبور فيشق الجيب يقول وا ويلاه وا ثبوراه وما أشبه ذلك فتبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من هذا تحذيرا منه وعلى هذا فنقول إن شق الجيوب ولطم الخدود والدعاء بدعوى الجاهلية عند المصائب من كبائر الذنوب نعم.
حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان حدثنا زبيد اليامي عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية )
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى في كتابه الصحيح في كتاب الجنائز بابٌ : ليس منا من شق الجيوب حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان حدثنا زبيد اليامي عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ) الشيخ : قوله عليه الصلاة والسلام : ( ليس منا من شق الجيوب ) يعني عند المصيبة لأن وظيفة المؤمن أن يصبر ويحتسب ويقول ما قال الصابرون : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها ، وشق الجيب ولطم الخد وما أشبهه عنوان على عدم الرضا وعدم الصبر ، وفي هذا الحديث دليل على أن ذلك من كبائر الذنوب ، ووجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من فاعله نعم ، طيب ودعا بدعوى الجاهلية ؟ دعوى الجاهلية هم أنهم يقولون يا ويلاه يا ثبوراه وما أشبه ذلك يدعون على أنفسهم بالويل والثبور زيادة على ما وقع بهم كأنهم يقولون نحن لا نتحمل فهو مثل ما يفعله اليوم بعض الناس الذين إذا عجزوا عن الصبر ذهبوا ينتحرون وإلا فما معنى قول المصاب يا ويلاه ويا ثبوراه وا تعساه وما أشبه هذا ليس له معنى إلا أنه عنوان على عدم التحمل ، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم ذكر نوعين فعليا وقوليا فشق الجيوب ولطم الخدود فعلي والدعاء بدعوى الجاهلية قولي ، نعم
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه رضي الله عنه قال ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت إني قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة أفأتصدق بثلثي مالي قال لا فقلت بالشطر فقال لا ثم قال الثلث والثلث كبير أو كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالةً يتكففون الناس وإنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك فقلت يا رسول الله أخلف بعد أصحابي قال إنك لن تخلف فتعمل عملاً صالحاً إلا ازددت به درجةً ورفعةً ثم لعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة )
القارئ : حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت إني قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة أفأتصدق بثلثي مالي قال لا فقلت بالشطر فقال لا ثم قال الثلث والثلث كبير أو كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالةً يتكففون الناس وإنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك فقلت يا رسول الله أخلف بعد أصحابي قال إنك لن تخلف فتعمل عملاً صالحاً إلا ازددت به درجةً ورفعةً ثم لعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة )
فوائد حديث مرض سعد بن أبي وقاص في حجة الوداع مع الشرح .
الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد كثيرة منها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود أصحابه إذا مرضوا حتى في السفر لأنه عاد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حين مرض في حجة الوداع وهذا من حسن خلقه ، ومنها جواز الإخبار بما يجده الإنسان من المرض لكن بشرط ألا يكون ذلك شكوى لأنك إذا أخبرت الخلق بما فيك من المرض للشكاية إليهم فإنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم لكن مجرد خبر لا بأس به ، ومنها جواز ذكر الإنسان ما عنده من المال للحاجة إلى ذلك وإلا فالأولى ألا يخبر لا سيما إذا كان الزمان زمان خوف وسرقة واغتيال فلا تخبر ، لكن إذا كان لحاجة فأخبِر لقول سعد بن أبي وقاص : ( وأنا ذو مال ) والمعنى ذو مال كثير وليس المراد مطلق المال لأن كل إنسان عنده مال لكن المراد ذو مال كثير ، ومن فوائد هذا الحديث أن الإنسان إذا لم يكن له ورثة فإنه ينبغي له أن يصرف ماله فيما ينفع لقوله : ( ولا يرثني إلا ابنة ) وهل المراد أنه لا يرثه أحد إلا ابنته أو المراد لا يرثني من ذريتي إلا ابنتي ؟ الثاني لأن سعد بن أبي وقاص له أقارب من العصبات لكن من ذريته لا يرثه إلا ابنته ، ومن فوائد هذا الحديث أنه ينبغي عرض ما يفكر فيه الإنسان على أهل العلم والإيمان والثقة لأن سعدا رضي الله عنه عرض ما يريد أن يقوم به على النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه يستشيره في هذا ، ومن فوائد هذا الحديث جواز تصدق المريض ولو كان مرضه مخوفا لكن في الحدود الشرعية لقوله : ( أفأتصدق بثلثي مالي ؟ ) والمراد الصدقة الناجزة لا الوصية لكن يتصدق بها فورا ويخرجها من ماله ، ومن فوائد هذا الحديث منع من أراد ما ينكده ولو كان خيرا إذا كان لا يجيزه الشرع لأن سعدا أراد أن يتصدق بكم ؟ بالثلثين ثم بالنصف وفي النهاية أباح له النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدق بالثلث ، ومن فوائد هذا الحديث مراعاة الورثة في الغنى والفقر لقوله : ( إنك أن تذر ورثتك أغنياء ) إلى آخره ومن فوائد هذا الحديث أن ترك الإنسان ماله لورثته خير مع أنه سوف يتركه رغم أنفه لكن ما دام انتفع به الناس فهو خير ، ويترتب على هذه الفائدة فائدة أعظم منها وهي أن من فعل خيرا ولو بلا نية فإنه يثاب على الخير وله شاهد من القرآن وشاهد من السنة ، أما الشاهد من القرآن فقال الله تعالى : (( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس )) فهذا خير (( ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما )) ففرق الله عز وجل بين من يفعل هذا الشيء بدون نية وأن ذلك خير ومن يفعله بنية ابتغاء وجه الله فإنه يؤتى أجرا عظيما هذا من القرآن ، من السنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن من زرع زرعا أو غرس نخلا أو كما قال فأصاب منه حيوان أو أي أحد أو إنسان فإن له بذلك أجرا مع أن الرجل ما غرس لهذا الغرض غرس لينتفع بنفسه لكن لما تعدى نفع ماله إلى الآخرين صار له بذلك أجرا ، كذلك الميت يموت وله مال ربما لا يخطر بباله أن ينتفع ورثته من بعده بماله لكن إذا انتفعوا كان فيه خير له ، لهذا قال : ( إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة ) ويتفرع على الفائدة في الشطر الأول جهل بعض الناس الآن الذين إذا لم يكن لهم ورثة إلا بنو عم أو ما أشبه ذلك ذهبوا يبذرون أموالهم لئلا ينتفع ابن العم بذلك وهذا غلط لأن انتفاع أبناء عمك وأقاربك بمالك خير من أن ينتفع به من كان بعيدا عنك ، ومن فوائد هذا الحديث وانتظروا جواز مد الأكف إلى الناس عند الحاجة من أين تؤخذ ؟ من قوله : ( يتكففون الناس ) لكن هل هذا الخبر يعتبر إقرارا أو نقول هذا إخبار عن الواقع وإن لم يكن إقرارا ؟ الظاهر الثاني لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد يخبر عن الواقع ولا يريده مثل قوله : ( ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحد ) وكما في قوله : ( والله ليتمن الله هذا الأمر حتى تسير الظعينة من كذا إلى كذا لا تخشى إلا الله ) هذا ليس إقرارا لجواز سفر المرأة بلا محرم لكن هذا بيان للواقع ، ومثل قوله : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم اليهود والنصارى ) هذا خبر وليس بإقرار خبر عن الواقع ، فعليه نقول يتكففون الناس هذا خبر عن الواقع وليس إقرارا نعم لو وصل الإنسان إلى حد الضرورة فلا بأس أن يسأل أما بغير ضرورة فلا يسأل ، ومن فوائد هذا الحديث أن كل نفقة ينفقها الإنسان ابتغاء وجه الله فهو مأجور عليها حتى النفقة التي تكون معاوضة إذا ابتغى بها وجه الله أجر عليها كنفقة الزوجة مثلا نفقة الزوجة ليس للزوج منة بها لأنها في مقابل الانتفاع بالمرأة والاستمتاع بها ليس له منة ومع ذلك يؤجر عليها ما دام أراد بذلك وجه الله ، طيب لو أراد الإنسان في إطعام نفسه وجه الله يؤجر أو لا ؟ نعم يؤجر كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم طيب ، ولهذا قال : ( وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعله في في امرأتك ) أي في فمها ولكن إعراب الأسماء الخمسة بالحروف أفصح من إعاربها بالحركات ، ومن فوائد هذا الحديث خوف المهاجرين رضي الله عنهم من أن يتخلفوا في البلد الذي هاجروا منه لقول سعد : ( قلت يا رسول الله أخلف بعد أصحابي ؟ ) وهذا استفهام للإشفاق والخوف ، ومن فوائد هذا الحديث بيان آية من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله فيما بعد ( ثم لعلك أن تخلف ) ، ومن فوائد هذا الحديث أن من تخلف في البلد الذي هاجر منه لعذر فإن عمله لن يضيع ولهذا قال : ( فتعمل عملا صالحا إلا ازددت به درجة ورفعة ) ، ومن فوائد هذا الحديث أن الأعمال الصالحة يرفع الله بها الدرجات لقوله : ( فتعمل عملا صالحا ) لأن هذه نكرة في سياق النفي ( إلا ازددت به درجة ورفعة ) وهذا يسر الإنسان أنه كلما صلى ازداد رفعة ودرجة إذا صلى ثانية ازداد رفعة ودرجة وهلم جرا ، أي عمل صالح تعمله فإنك تزداد به درجة ورفعة ، ومن فوائد هذا الحديث ما أشرت إليه قبل قليل ظهور آية من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قوله : ( لعلك أن تخلف ) والتخلف هنا غير التخلف الذي نفاه الرسول صلى الله عليه وسلم الأول ( إنك لن تخلف فتعمل عملا صالحا ) يعني لن تتأخر عن أصحابك وهذا لعلك أن تخلف أي يمد لك في الحياة ويطول عمرك ، وهذا الذي توقعه الرسول صلى الله عليه وسلم وقع فإن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عمر طويلا بعد هذا المرض يعني شفي من المرض وعمر طويلا وكان له ما ستأتي الإشارة إليه ، ومن فوائده أيضا ظهور آية للرسول صلى الله عليه وسلم في أن الله سبحانه وتعالى نفع أقواما بسعد وضر آخرين من الذي نفعهم ؟ نفع المسلمين بزيادة الفتوحات لأن الله فتح على يديه بلادا كثيرة ، ويضر بك آخرون الذين قتلوا في الجهاد الذي سعد قائده على الكفر والعياذ بالله هؤلاء نعم أضر الله بهم بسعد ، ومن فوائد هذا الحديث شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه حيث قال : ( اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ) والمراد بأصحابي هنا كل الأصحاب ؟ ولا المهاجرون فقط ؟ المهاجرون لقوله هجرتهم ، ومن فوائد هذا الحديث تحريم رجوع المهاجر إلى بلده ليسكنه لقوله : ( ولا تردهم على أعقابهم ) فإن هذا يدل على أن المهاجر لو رجع إلى البلد لكان هذا ردة على العقب والعياذ بالله ، ويحتمل أن المعنى أمض لأصحابي هجرتهم يعني بقاؤهم على الإسلام لأنهم لو كفروا بطلت الهجرة ويكون ولا تردهم على أعقابهم بالكفر ، ومن فوائد هذا الحديث جواز رثاء من حصل له البؤس يعني التوجع له ، الرثاء هنا يعني التوجع لمن حصل له البؤس قال : ( لكن البائس سعد بن خولة ) رضي الله عنه فإنه كان من المهاجرين ومات بمكة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة ، طيب نرجع إلى الحديث مرة ثانية ( إنك أن تذر ) أو ( إن تذر ) ؟ الرواية عندنا أن تذر وفي لفظ إن تذر ، أما إن تذر فهي شرطية ولا إشكال فيها لكن ( إنك أن تذر ورثتك أغنياء ) كيف نعرب أن تذر ؟ نعرب أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر بدل اشتمال لأنك لو حذفت اسم أن وقلت إنّ تركك ورثتك أغنياء خير من تركك إياهم فقراء يستقيم الكلام ، إذًا فهي بدل اشتمال ، طيب وثانيا يقول إنك لن تخلف فتعمل عملا نعم لا ، حتى ما تجعله في في امرأتك ، قلنا أن في يعني فم فهل هناك لغة أخرى غير في ؟ الجواب نعم فيه أنها تعرب بالحركات بالميم وأشار إلى هذا ابن مالك رحمه الله حيث قال : " والفم حيث الميم منه بانت " طيب إذا كنت تخاطب عاميا فهل تقول أعجبني فوك نعم أو امسح الأذى عن فيك نعم أو تخاطبه بالميم ؟ بالميم أوضح ونحن إذا أتينا بلغة غير الفصحى لكنها عربية لتفهيم العوام فهو أحسن أو نأتي باللغة العربية الفصحى ثم نفسرها باللغة الأخرى فنقول في في امرأتك يريد في فم امرأتك أما تأتي بالحديث هكذا والعامي لا يدري ما معنى في فهذا قصور في التعليم ، ما تكلم الشارح. القارئ : على ماذا شيخ ؟ الشيخ : على قوله لا يرثني إلا ابنة لي. القارئ : ما في شيء. الشيخ : والقسطلاني ؟ هو على كل حال جاءه أولاد كثيرون أظن الذكور فوق العشرة ، نعم
ما هي علة تحريم رجوع المهاجر إلى بلده الذي هاجر منه ؟
السائل : أحسن الله إليكم علة تحريم رجوع المهاجر إلى البلد الذي هاجر منه ؟ الشيخ : علة التحريم أنه ترك هذا البلد لله عز وجل فهو كالذي أخرج دراهم صدقة فلا يمكن أن يعود في صدقته ولا يمكن أن يعود إلى وطنه الذي تركه لله عز وجل. السائل : لذلك النبي توجع على سعد ؟ الشيخ : كيف ؟ السائل : عندما قال لكن البائس. الشيخ : توجع لسعد بن خولة.
السائل : أحسن الله إليكم هل يجب الرضا والصبر عند المصيبة ؟ الشيخ : ما سبقنا هذا ؟ سبق هذا قلنا مقام الإنسان عند المصيبة له مقامات أربع ما ذكرناها. ؟ السائل : الأسبوع الماضي ما كنت موجود. الشيخ : الأسبوع الماضي القريب ذا ؟ لا من زمان نعم يا عبد الله ، اصبر السؤال الآن هل نحن ذكرنا مقامات الإنسان عند المصيبة ؟ ما حضر ، لا ذكرناها كثيرا ، دكتور رشاد الطالب : المرتبة الأولى الشكر أعلى المراتب المرتبة الثانية الرضا الثالثة الصبر الرابعة الجزع. الشيخ : والجزع إذا أصيب الإنسان بمصيبة فله أربع حالات من أعلى إلى أسفل الشكر الرضا الصبر الجزع ومن أسفل نقول الجزع الصبر الرضا الشكر فهمت ؟ السائل : أيهما المحرم ؟ الشيخ : الجزع ، طيب الجزع أن يتسخط بمقاله أو فعاله هذه واحدة ، الثاني الصبر أن يتحمل المصيبة وتكون عليه عظيمة ويكره وقوعها ويحب ألا تقع لكنه لا يفعل المحرم هذا نقول صابر وهذا واجب ، الرضا أن تكون المصيبة وعدمها عنده على حد سواء بالنسبة لقضاء الله وقدره فإذا نظرها من منظار الربوبية لم يهتم بها وقال أنا عبد الله يفعل بي ما شاء ولا يهتم وليس المعنى أنه يتساوى عنده الأمران هذا شيء غير ممكن ، لكن بالنظر إلى أنها من تقدير الله لا يتكلف في تحملها ، الرابعة الشكر أن يشكر الله لا على المصيبة لكن على أنها أهون من مصيبة أعظم أو على المصيبة باعتبار أن أجرها عظيم ، أفهمت ؟ هذه مراتب الإنسان عند المصيبة نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم الصبر والاحتساب. السائل : ... الشيخ : هذه تكون شرطية وجواب الشرط محذوف دل عليه السياق.
وقال الحكم بن موسى حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن بن جابر أن القاسم بن مخيمرة حدثه قال حدثني أبو بردة بن أبي موسى رضي الله عنه قال ( وجع أبو موسى وجعا فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق قال أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة )
القارئ : وقال الحكم بن موسى حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن بن جابر أن القاسم بن مخيمرة حدثه قال حدثني أبو بردة بن أبي موسى رضي الله عنه قال : ( وجع أبو موسى وجعا فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق قال أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة ) الشيخ : الشاهد قوله الحالقة وهذا الحديث رواه البخاري رحمه الله معلقا وفي المصطلح أن ما وراه البخاري معلقا بصيغة الجزم فهو عنده صحيح ولا يلزم من صحته عنده أن يكون صحيحا عند غيره وعلى كل حال الحديث هذا صحيح لأن له شواهد أخرى موصولة ، برئ من الصالقة وهي التي ترفع صوتها عند المصيبة والحالقة التي تحلق شعرها إما كله أو بعضه والثالثة الشاقة التي تشق جيبها عند المصيبة ، لأن هذه الأفعال عنوان على عدم الصبر والواجب على المرء أن يصبر نفسه على قضاء الله لأنه مربوب عبد يفعله به سيده عز وجل ما شاء فليصبر وليحتسب أما كونه يفعل هذه الأمور المنكرة التي تعبر تعبيرا ظاهرا عن السخط فهذا يجب البراءة منه ، وهل البراءة من هذا براءة كاملة أو براءة ناقصة ؟ الثاني براءة ناقصة لأن البراءة الكاملة هي البراءة من الكفار كما قال الله تعالى : (( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله )) أما من ليس بكافر فالبراءة منه براءة ناقصة بمعنى أننا نبرأ منه في هذا العمل الذي عمله ولكن لا نبرأ منه بكونه مؤمنا وهذا هو العدل أن يعطى كل إنسان ما يستحقه من أوصاف وأعمال.
حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية )
القارئ : حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ) الشيخ : قوله عن عبد الله من هو ؟ القارئ : ابن مسعود الشيخ : ويش الدليل ؟ القارئ : مسروق. الشيخ : تلاميذه ولهذا من علامات المبهم أن ينظر إلى شيوخه أو تلاميذه فيعرف أنه فلان بن فلان ، قوله ليس منا هذا كما قلنا أولا براءة تامة أو ناقصة ؟ ناقصة.
حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية )
القارئ : حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ) الشيخ : ما في إشكال. القارئ : لكن أحسن الله إليكم مثال على دعوى الجاهلية. الشيخ : تقبيح التأكيد على دعوى الجاهلية للتقبيح والتنفير. القارئ : لكن مثل ماذا ؟ الشيخ : مثل دعاهم بالويل والثبور وا ويلاه وا ثبوراه وما أشبه ذلك.
حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب قال سمعت يحيى قال أخبرتني عمرة قالت سمعت عائشة رضي الله عنها قالت ( لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزن وأنا أنظر من صائر الباب شق الباب فأتاه رجل فقال إن نساء جعفر وذكر بكاءهن فأمره أن ينهاهن فذهب ثم أتاه الثانية لم يطعنه فقال انههن فأتاه الثالثة قال والله لقد غلبننا يا رسول الله فزعمت أنه قال فاحث في أفواههن التراب فقلت أرغم الله أنفك لم تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء )
القارئ : حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب قال سمعت يحيى قال أخبرتني عمرة قالت سمعت عائشة رضي الله عنها قالت : ( لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزن وأنا أنظر من صائر الباب شق الباب فأتاه رجل فقال إن نساء جعفر وذكر بكاءهن فأمره أن ينهاهن فذهب ثم أتاه الثانية لم يطعنه فقال انههن فأتاه الثالثة قال والله لقد غلبننا يا رسول الله فزعمت أنه قال فاحث في أفواههن التراب فقلت أرغم الله أنفك لم تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء )
الشيخ : في هذا الحديث دليل على أنه لا بأس أن يحزن الإنسان عند المصيبة وأن يظهر ذلك في وجهه لكن هل هذا يعني أن يبدل الثياب الجميلة بالثياب غير الجميلة ؟ لا لكن كل إنسان بشر لا بد أن يعرف فيه الحزن عند المصيبة لا سيما إذا عظمت وهذه المصيبة عظيمة قتل فيها ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل فيها حبه زيد بن حارثة وقتل فيه خطيبه عبد الله بن رواحة فهي صعبة عليه عليه صلى الله عليه وسلم لكن لا بأس ، فهل يستفاد من هذا أنه يجوز للإنسان أن يجلس للناس ليعزوه في بيته ؟ الجواب لا ، لا يستفاد الرسول جلس في المسجد ما جلس في بيته ليأتيه الناس ولا ذكر في الحديث أن الناس كانوا يأتونه ليعزوه مع أن صلوات الله وسلامه عليه يعرف في وجهه الحزن ومع ذلك لم ينقل أنه جلس في بيته ولا أن الناس جاؤوا يعزونه في بيته ، وفيه أيضا التعزير بما يردع من أي نوع إلا أن يكون حراما بذاته فإنه لا يمكن أن يزال الحرام بالحرام فهنا التعزير مناسب ما هو ؟ أن يحثو في أفواههن التراب لأنهن يندبن ويبكين بكاء غير مباح فلهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تحثى في أفواههن التراب.