القارئ : بسم الله الرّحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : بسم الله الرّحمن الرحيم، كتاب الزكاة.
باب : وجوب الزكاة . وقول الله تعالى (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )) . وقال بن عباس رضي الله عنهما حدثني أبو سفيان رضي الله عنه فذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم فقال يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف .
القارئ : باب : وجوب الزكاة، وقول الله تعالى : (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )). وقال ابن عباس رضي الله عنهما : حدثني أبو سفيان رضي الله عنه، فذكر حديث النبي صلّى الله عليه وسلم فقال : ( يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف ). الشيخ : الزكاة ركن من أركان الإسلام، وهي قرينة الصلاة غالبا في القرآن الكريم، ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن تارك الزكاة ، أي الباخل بها، كافر خارج عن الإسلام، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، لكن الصحيح أنه لا يكفر، الذي لا يخرج الزكاة لا يكفر، بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها ) وذكر العقوبة ثم قال : ( حتى يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) كونه له سبيل إلى الجنة يدل على أنه ليس بكافر، إذا أن الكافر لا سبيل له إلى الجنة، ولحديث عبد الله بن شقيق " أن الصحابة لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة "، فالصواب أنه لا يكفر ولكنه على خطر عظيم، وإيجاب الزكاة في الأموال من الحكمة العظيمة في التشريع، وذلك لأن الدين الإسلامي إذا تأملت أفكاره وجدتها إما كف عن محبوب، وإما بذل لمحبوب، إما كف عن محبوب كالصيام، يكف الإنسان نفسه عن الأكل والشرب والنكاح، وإما بذل لمحبوب كالزكاة، فإن الإنسان يحب المال كما قال الله عز وجل : (( وإنه لحب الخير لشديد ))، وقال الله تعالى : (( وتحبون المال حبا جما ))، فإذا تنوعت التكليفات وكان الإنسان يفعل هذا وهذا علم أنه صادق، لأن بعض الناس قد يهون عليه بذل المال، ويشق عليه الامتناع عما يحب، أليس كذلك ؟ الكريم يهون عليه بذل المال، لكن قد يكون يصعب عليه جدا أن يمتنع عن الأكل والشرب والنكاح، ولهذا أفتى بعض أهل العلم بعض الخلفاء الذي وجبت عليه كفارة، عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، على الترتيب. أفتى بعض العلماء هذا الخليفة أن يصوم شهرين متتابعين، معللا ذلك بأن العتق سهل عليه، لو يعتق مئة رقبة لكان أهون عليه من صيام يوم، وهذا غلط، لا شك أنه غلط، فالشيء الذي عينه الله ورسوله يجب أن نأخذ به، ولا نقدم القياس على النص، فالمهم أن التكليفات متنوعة، الصلاة عمل بدني محض، والحج عمل بدني ومالي، وقد لا يكون ماليا، قد يكون الإنسان من مكة ولا يحتاج إلى مال، والزكاة عمل مالي محض، والصوم كف وليس بعمل، بل هو كف النفس عن محبوباتها، وهذا يدل على كمال حكمة الله جل وعلا فيما أمر به العباد، أنه متنوع، ليعلم المطيع الذي يتبع أوامر الله ورسوله، من الذي يتبع هواه، وقوله تعالى : (( أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )) واضح في الوجوب.
حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن زكرياء بن إسحاق عن يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن فقال ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم )
القارئ : حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن زكريا بن اسحاق عن يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( أن النبي صلّى الله عليه وسلم بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن، فقال : ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ).
الشيخ : في هذا الحديث فوائد : أولا : مشروعية بعث الدعاة إلى الله عز وجل وهذا واجب، أن يبعث الإمام من يدعو الناس إلى الإسلام، لأن هذا فعل النبي صلّى الله عليه وسلم، ولقوله تعالى : (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ))، وكان بعث معاذ في ربيع الأول في السنة العاشرة من الهجرة. ومن فوائد هذا الحديث التدرج في الدعوة إلى الله، فيبدأ بالأهم فالأهم، ولهذا أمر النبي صلّى الله عليه وسلم معاذا أن يدعوهم إلى الشهادتين، لأنهما مفتاح الإسلام، فيدعى الناس قبل كل شيء إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله، ثم بعد ذلك ننتقل إلى ما هو أهم بعد الشهادتين وهو الصلاة، قال : ( أعلمهم فإن أطاعوك لذلك ) أطاعوا بمعنى انقادوا لذلك، وهذا يسمى عند علماء النحو التضمين، بمعنى أن نضمن الفعل فعلا يتناسب مع المتعلق، فهنا لو قال قائل : فإن هم أطاعوك في ذلك، هذا التركيب ، نقول : لكن ضمن أطاعوا بمعنى انقادوا لذلك، ( فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ) فيعلم الداخل في الإسلام أن عليه خمس صلوات في كل يوم وليلة، وتبين الأوقات، ويبين ما يجب فيها، لكن إذا طمأنت نفوسهم إلى قبول هذا الفرض، أخبروا بالتفاصيل. وفي هذا الحديث دليل على أن الوتر ليس بواجب، لأن هذا في آخر حياة النبي صلّى الله عليه وسلم، ومع ذلك قال : ( خمس صلوات )، ولو كان الوتر واجبا لبينه النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن قال قائل : ماذا تقولون في صلاة وجبت لسبب؟ هل يمكن أم نقول : أنها تعارض هذا الحديث؟ فالجواب : لا، لأن ما وجب لسبب خارجا عن الذي يدور كل يوم وليلة، فصلاة الكسوف مثلا قال بعض أهل العلم أنها واجبة وجوب عين، وقال بعضهم : أنها واجبة وجوب كفاية، صلاة العيد قال بعض أهل العلم أنه واجبة وجوب عين، وقال بعض العلماء أنها واجبة وجوب كفاية، تحية المسجد الخلاف فيها معروف، فيقال إن هذه الصلوات التي لها أسباب لا تعارض حديث معاذ رضي الله عنه ، لأن الخمس صلوات هذه يومية تدور يوميا، والصلوات المشار إليها لها أسباب، كما أنه باتفاق العلماء أن الإنسان لو نذر أن يصلي ركعتين وجب عليه أن يصلي ركعتين وليست من الخمس، ثم قال : ( فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم ) يعني أطاعوا لذلك انقادوا له، ( فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة ) إلى آخره، فيه دليل على وجوب الزكاة، وهذا هو الشاهد من هذا الحديث لترجمة البخاري رحمه الله، وقوله : ( صدقة في أموالهم )، يدل على أن الصدقة ولو كانت فريضة تسمى صدقة، ويدل لهذا أيضا قول الله تعالى : (( إنما الصدقات للفقراء والمساكين )) أي الزكوات، قوله : ( في أموالهم ) تدل على أن الزكاة تتعلق بالمال لا بعين الرجل، ولذلك تجب الزكاة في مال الصبي، ومال المجنون، مع أن الصلاة لا تجب عليهما، لأن الزكاة حق المال. وقوله : ( في أموالهم ) عام، لكنه عام أريد به الخاص، وهو الأموال التي فيها الزكاة، وهي الذهب والفضة وعروض التجارة وبهيمة الأنعام، والخارج من الأرض من الحبوب والثمار كم هذه؟ خمسة ، السادس سائمة بهيمة الأنعام، على تفصيل فيها معروف، ربما تأتينا إن شاء الله في هذا الكتاب. ومن فوائد هذا الحديث : أن الزكاة إنما تجب على الغني، والغني هنا من يملك نصابا زكويا، وليس راجعا إلى العرف، بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ، ولا فيما دون خمس ذود صدقة، ولا فيما دون خمس أواق صدقة )، حتى لو فرض أن من يملك خمسة أوسق من التمر أو البر لا يسمى غنيا عرفا، فهو غني شرعا، فالغني هنا كل من يملك نصابا زكويا، ( وترد على فقرائهم ) الفقير الذي لا يجد كفايته وعائلته مدة سنة كاملة، وهل الإضافة هنا للتخصيص؟ بمعنى أنه لا يجوز إخراج الزكاة عن البلد الذي فيه فقراء؟ في هذا قولان لأهل العلم : منهم من قال : إن زكاة كل بلد في نفس البلد، فإذا كان الإنسان مثلا في المدينة فإنه لا يجوز إخراج زكاته إلى مكة، بل يجب أن يزكيها في المدينة، إلا إذا لم يجد أهلا للزكاة فلا بأس، ثم إذا لم يجد أهلا للزكاة، هل يفرقها في أقرب البلاد إليه؟ أو نقول : لما سقط الأصل فله أن يفرقها في أي مكان؟ الصحيح هو الثاني، أنه إذا سقط الأصل فرقها في أي مكان، على أن القول الراجح في هذه المسـألة أنه إذا كان من ليس في بلدك أشد حاجة، أو له صلة بك من قرابة أو نحوها فلا بأس أن تنقل الزكاة إليه، إلا أن يكون في البلد الذي أنت فيه مسبغة، وضرورة، فكشف الضرورة والمسبغة أوجب. السائل : أحسن الله إليك في حديث معاذ لم يذكر الصيام والحج مع أنه في آخر حياته . الشيخ : الجواب على هذا أن يقال إن الرسول صلى الله عليه وسلم بعثه في ربيع ربيع باقي على رمضان كم ؟ ربيع الثاني وجمادى وجمادى ورجب وشعبان خمسة فلم يباغتهم بكل الأركان حتى يطمئنوا والحج أبعد من رمضان .
السائل : هل يقدم الإنسان في الزكاة الأحوج أم الأقرب؟ الشيخ : يقدم الأحوج، وذلك لأن الاستحقاق علق بوصف، وهو الفقر، والحكم إذا علق بوصف كان تأكده بحسب ما في هذا من الوصف.
أحياناً تكون الأموال في غير بلد المزكي إذا أراد إخراج الزكاة في بلد المزكي يتأخرعن الوقت ؟
السائل : أحيانا تكون الأموال في غير بلد المزكي، فإذا أراد الإخراج بنفسه تأخر عن إخراجها ... وإن أخرجها في وقتها أخرجها في بلد ... . الشيخ : العلماء يقولون : إن الزكاة تابعة للمال، فإذا قدرنا أن هذا الرجل في المدينة، وماله وتجارته في مكة، يخرجها في مكة، لأنها تبع للمال ، وزكاة الفطر تبع للبدن.
السائل : ما وجد أحدا ... . الشيخ : في بلده يعني في بلد المال إذا لم يجد فعلى ما ذكره الفقهاء يجب هو يذهب بنفسه ويخرجها هناك، لكن الصحيح أن الأمر في هذا واسع.
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب عن موسى بن طلحة عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أخبرني بعمل يدخلني الجنة قال ما له ما له وقال النبي صلى الله عليه وسلم أرب ما له تعبد الله ولا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم وقال بهز حدثنا شعبة حدثنا محمد بن عثمان وأبوه عثمان بن عبد الله أنهما سمعا موسى بن طلحة عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا قال أبو عبد الله أخشى أن يكون محمد غير محفوظ إنما هو عمرو
القارئ : حدثنا حفص بن عمر قال : حدثنا شعبة بن عثمان بن عبد الله بن موهب عن موسى بن طلحة عن أبي أيوب رضي الله عنه ، ( أن رجلا قال للنبي صلّى الله عليه وسلم : أخبرني بعمل يدخلني الجنة؟ قال : ماله ماله، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم : أرب ماله تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم )، وقال بهذا حدثنا شعبة قال : حدثنا محمّد بن عثمان وأبوه عثمان بن عبد الله أنهما سمعا موسى بن طلحة عن أبي أيوب عن النبي صلّى الله عليه وسلم بهذا، قال أبو عبد الله : أخشى أن يكون محمّد غير محفوظ، إنما هو عمرو. الشيخ : هذا فيه أن هذا الرجل قال للنبي صلّى الله عليه وسلم : أخبرني بعمل يدخلني الجنة، قال : ( ماله ماله )، يتعجب منه، ثم قال : ( أرب ماله ) يعني حاجة عظيمة هي له يسأله عنها، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم في الجواب : ( تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم )، فذكر حق الله عز وجل وحق العباد، والرحم هم القرابة وهم من تجتمع بهم في الجد الرابع، فمثلا محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، هاشم وما بعده هم القرابة، والآخرون وإن سموا قرابة لكنهم ليس لهم من الحق مثل من دونهم، الشاهد من هذا الحديث قوله : ( وتؤتي الزكاة ).
السائل : قوله : ( في أموالها ) ما الدليل على أن الزكاة تجب في عين المال من جنسه لا تجب في القيمة ... ؟ الشيخ : الجنس، المراد الجنس، مثلا إذا وجب عليه الشاة لا يخرج دراهم، إخراج القيمة في الزكاة، وهذه محل خلاف، ويمكن أن تأتينا إن شاء الله.
هل نأخذ من الحديث أن الإنسان إذا كان كافراً وأسلم وخشي أن يؤثر على إسلامه إخباره بالزكاة فهل يخبر ؟
السائل : هل الرجل إذا أسلم يؤمر أولا مثلا بالختان فيخاف ؟ الشيخ : لا، أرى أنه لا يباغت بها، لا يباغت بالختان ، وإنما بعد أن يستقر الإسلام في قلبه ويطمئن يبين له هذا. السائل : أشد من ذلك في مفارقة زوجته? الشيخ : إي نعم، هذا على كل حال ما نقول يفارقها من الآن وربما إذا انتظر حتى تنتهي العدة تتغير الأحوال. السائل : إذا سأل يا شيخ ? الشيخ : لا إذا سأل يجب أن نخبره، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعلي حين بعثه إلى أهل خيبر قال : ( أخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه )، ولا بد.
حدثني محمد بن عبد الرحيم حدثنا عفان بن مسلم حدثنا وهيب عن يحيى بن سعيد بن حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه ( أن أعرابيًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال تعبد الله لا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ) حدثنا مسدد عن يحيى عن أبي حيان قال أخبرني أبو زرعة ( عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا )
القارئ : حدثني محمّد بن عبد الرحيم قال : حدثنا عفان بن مسلم قال : حدثنا وهيب عن يحيى بن سعيد بن حيان، عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( أن أعرابيا أتى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال : دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة، قال : تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، قال : والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا، فلما ولّى قال النبي صلّى الله عليه وسلم : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ) . الشيخ : فإن قال قائل : لم يذكر الحج، والرجل قال : لا أزيد على هذا، فالجواب والله أعلم، أن النبي صلّى الله عليه وسلم علم عن حاله أنه لا يستطيع الحج، وإلا كان يجب عليه أن يزيد الحج، لأنه ركن من أركان الإسلام، ويأتي إن شاء الله التحقيق في كلام الشارح.
حدثنا حجاج حدثنا حماد بن زيد حدثنا أبو جمرة قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول قدم وفد عبد القيس على النبي صلى الله عليه وسلم (فقالوا يا رسول الله إن هذا الحي من ربيعة قد حالت بيننا وبينك كفار مضر ولسنا نخلص إليك إلا في الشهر الحرام فمرنا بشيء نأخذه عنك وندعو إليه من وراءنا قال آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع الإيمان بالله وشهادة أن لا إله إلا الله وعقد بيده هكذا وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا خمس ما غنمتم وأنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت ) وقال سليمان وأبو النعمان عن حماد الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله
القارئ : حدثنا حجاج قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثنا أبو جمرة قال : سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول : ( قدم وفد عبد القيس على النبي صلّى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله، إن هذا الحي من ربيعة قد حالت بيننا وبينك كفار مضر، ولسنا نخلص إليك إلا في الشهر الحرام، فمرنا بشيء نأخذه عنك وندعو إليه من وراءنا، قال : آمركم بأربع ). الشيخ : الشهر الحرام يعني الأشهر الحرم، وهي أربعة، ثلاثة متوالية وهي : ذي القعدة، وذي الحجة، ومحرم، وكانت متوالية ليفسح المجال للذين يأتون إلى البيت الحرام حجاج، والرابع رجب، بين جمادى الثانية وشعبان، وكانوا يأتون إليه، أي إلى البيت الحرام، في رجب عمارا، فجعل ذلك محرما، والعرب في هذه الأشهر الحرم يسيرون حيث شاؤوا، ولا يتعرض لهم أحد. القارئ : قال : ( آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع، الإيمان بالله، وشهادة أن لا إله إلا الله، وعقد بيده هكذا، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم، وأنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت )، وقال سليمان وأبو النعمان عن حماد : الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله. الشيخ : الشاهد قوله في هذا الحديث : ( وإيتاء الزكاة )، فجعلها النبي صلّى الله عليه وسلم مما يأمر به الذين حدث دخولهم في الإسلام، أما الدباء والحنتم والنقير والمزفق فهذه أواني كانوا ينبذون فيها، يعني يضعون فيها الماء وينبذون فيه الرطب أو العنب، وبعد ليلة أو بعد يوم وليلة يشربون هذا الماء، لأنه اكتسب حلاوة ونقاء، لكنه بعد ذلك نسخ هذا، وقال : ( انتبذوا فيما شئتم غير أن لا تشربوا مسكرا )، وإنما نهى عن هذه الأربع لأنه في الحجاز والجو حار فيسرع التخمر إلى النبيذ من حيث لا يشعرون.
حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة رضي الله عنه قال (لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب فقال عمر رضي الله عنه كيف تقاتل الناس وقد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله )فقال والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال عمر رضي الله عنه فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه فعرفت أنه الحق .
القارئ : حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال : أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال : حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة رضي الله عنه قال : ( لما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب، فقال عمر رضي الله عنه : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه وحسابه على الله ، فقال : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها، قال عمر رضي الله عنه : فو الله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه، فعرفت أنه الحق ).
فوائد حديث : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله )
الشيخ : في هذا الحديث دليل على مقاتلة من منع الزكاة، ولكن هذه المقاتلة لا تعني القتل، لأن المراد مقاتلته حتى يؤدي الزكاة، فإذا أدوا الزكاة وجب الكف عنهم، وفرق بين جواز المقاتلة وجواز القتل، نقاتل البلد الذي لا يؤذنون مثلا، أو نقاتل البلد الذين لا يصلون العيد، ولكن لا يجوز قتلهم، لأن المراد بالمقاتلة أن يلتزموا بالحكم الشرعي. وفيه أيضا دليل على جواز مناقشة ولاة الأمور، لا سيما ممن يكونوا مثلهم في المنزلة و المرتبة وقوة العلم، وذلك فيما حصل من عمر مع أبي بكر رضي الله عنهما. وفيه أيضا جواز القسم بدون استقسام، من أجل التأكيد، لقوله : ( والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ). وفيه أيضا دليل على أن ترك الصلاة مبيح للقتال، وأن ذلك أمر مسلّم، ولهذا قاس أبو بكر رضي الله عنه من ترك الزكاة على من ترك الصلاة.
السائل : هل المال إذا قدر عليه هل يؤخذ منه نصف المال قهرا؟ الشيخ : نعم، لا تؤخذ منه قهرا? السائل : ... ? الشيخ : إلا نقول : إذا شئت فامنعها في المستقبل، ليس لك عندنا إلا هذا، ولكن هل يؤخذ معها شطر ماله أو لا؟ في هذا خلاف، والصحيح أنه ينظر للمصلحة، ثم إذا قلنا بجواز أخذ شطر المال، هل المراد أن يأخذ نصف ماله كله؟ أو أن يأخذ نصف المال الزكوي الذي منع زكاته؟ وهذا أقرب، لأن الأصل أن المال معصوم، فإذا كان اللفظ محتملا أن يكون المراد هو أخذ شطر المال أي ماله الزكوي الذي منع زكاته، أو أخذ ماله كله، فالأصل عصمة المال، فنحملها على أقل تقدير. السائل : ... ? الشيخ : لا، لا، الأصل الالتزام بها.
باب : البيعة على إيتاء الزكاة . (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) .
القارئ : قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الزكاة من صحيحه : باب البيعة على إيتاء الزكاة ، (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )).
حدثنا ابن نمير قال حدثني أبي حدثنا إسماعيل عن قيس قال قال جرير بن عبد الله ( بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم )
القارئ : حدثنا ابن غير قال : حدثنا أبي قال : حدثنا اسماعيل عن قيس أنه قال : قال جرير بن عبد الله : ( بايعت النبي صلّى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ). الشيخ : بايعه على هذه، الشاهد ثلاث : إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، فكان ينصح لكل مسلم، وذكروا عنه أنه اشترى فرسا من شخص بمئتي درهم فأخذه وأعجبه، ورأى أنه يساوي أكثر فرجع إلى البائع وقال له : إن فرسك يساوي أكثر، فزاده في الثمن، ثم ذهب بالفرس وأعجبه أكثر، ورجع إلى البائع وقال : إن الفرس يساوي أكثر وأعطاه، وفي المرة الرابعة كذلك، وقال : ( إني بايعت الني صلّى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم )، وهذا من النصح، وأدركنا من الناس من يشتري السلعة من المرأة، كان النساء يبسطن في الأسواق، فإذا ذكرت له القيمة وكانت تساوي أكثر، قال لها : إنها تساوي أكثر، وهذا من تمام النصح. وفي الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم والآخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه )، بمعنى أنك لا تعامل الناس إلا بما تحب أن يعاملوك به، وهذا لا شك من تمام الإيمان والنصح.
أحياناً يكو في الأسو اق كالصفقة يجد الإنسان الشيء رخيصاً لو كان هو البائع ما باعه بهذا السعر هل هذا جائز ؟
السائل : أحيانا، يكون في الأسواق الإنسان يجد كالصفقة، فيأخذ الشيء رخيصا، لو كان هو البائع ما باعه هل هذا ...؟ الشيخ : لكن هل هو وجد هذا الشيء رخيصا وهو لا يبيعه بهذه القيمة هل لأن البائع غافل أو لأن هذا هو السعر؟ أحيانا يكون البائع من الغافلين، لا يدري عن تغير الأسعار، وربما يزيد السعر وهو لا يدري، وهذا يقع كثيرا، تزيد الأسعار يعني فترة واحدة، وكان البائع على السعر الأول فيجب أن يبلغ. السائل : ... ? الشيخ : هذا لا بأس، لأنه يعلم مثلا أن السلعة قيمتها عشرة لكنه جعلها بثمانية لأنه محتاج. السائل : ... ? الشيخ : لا، هو يعرف هذا، الرجل يعرف أنها تساوي عشرة، لكنه يقول : لست منتظرا أن يأتيني رجل يأخذها بعشرة. السائل : ... ? الشيخ : من النصح أن يقول : هي تساوي عشرة، هكذا يقول، إذا قال : تساوي عشرة ، وقال أنا ماني منتظر عشرة، رجعلي ثمانية، هذا المسلم. السائل : ... ? الشيخ : معلوم أنه أفضل، لكن هل نقول : إذا لم يعطه فقد غشه ؟
باب : إثم مانع الزكاة . وقول الله تعالى (( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون )) .
القارئ : باب : إثم مانع الزكاة، وقول الله تعالى : (( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون )). الشيخ : قوله : إثم مانع الزكاة، يفهم من هذه الترجمة أنه لا يرى أنه كافر، وإلا لقال : باب :كفر مانع الزكاة، واستدل بقول الله تعالى : (( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله )) قال أهل العلم : كنزها أن يمنع الواجب فيها، وليس أن يغيبها في الأرض، فإذا كان لا يؤدي الواجب فيها فهي كنز، ولو كانت على رأس جبل، وإذا كان يؤدي الواجب فيها فهي كنز، ولو كانت على رأس جبل، وإذا كان يؤدي الواجب فيها فليست بكنز، ولو كانت في قاع الأرض، وهذا حق. (( فبشرهم بعذاب أليم ))، إذا قال قائل : العذاب الأليم لا يبشر به، فكيف يكون مثل هذا التعبير؟ قلنا : هذا التعبير جاء كثيرا في القرآن الكريم، فقيل إنه وإن كان إخبارا بما يسوء يعتبر بشرى، لأن البشرة تتغير به، البشرة تتغير به، سواء كان خيرا أم شرا، وقيل : (( فبشرهم بعذاب أليم ))، إنهم لما منعوا الواجب كأنهم يرون أنهم غنموا وربحوا، فقال بشرهم بهذا على سبيل التهكم بهم، وعلى كل حال هي تدل على أن هؤلاء مآلهم إلى العذاب الأليم، نسأل الله العافية، ثم بين ذلك في قوله : (( يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ))، يعذبون هذا العذاب، ويوبخون هذا التوبيخ، فيزدادون حسرة إلى حسرتهم، وحزنا إلى حزنهم.
حدثنا الحكم بن نافع أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد أن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول ( قال النبي صلى الله عليه وسلم تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا هو لم يعط فيها حقها تطؤه بأخفافها وتأتي الغنم على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها وقال ومن حقها أن تحلب على الماء قال ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يعار فيقول يا محمد فأقول لا أملك لك شيئًا قد بلغت ولا يأتي ببعير يحمله على رقبته له رغاء فيقول يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئًا قد بلغت )
القارئ : حدثنا الحكم بن نافع قال : أخبرنا شعيب قال : حدثنا أبو الزناد أن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال النبي صلّى الله عليه وسلم : ( تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا هو لم يعط فيها حقها، تطؤه بأخفافها، وتأتي الغنم على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها تطؤه بأظلافها، وتنطحه بقرونها، قال : ومن حقها أن تحلب على الماء، قال : ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يعار، فيقول : يا محمّد، فأقول : لا املك لك شيئا، قد بلغت، ولا يأتي ببعير يحمله على رقبته له رغاء، فيقول : يا محمّد ، فأقول : لا أملك لك شيئا، قد بلغت ) . الشيخ : هذه في الغلول فيما يظهر، أنه يغل الإنسان فيها، فيأخذ من الغنيمة شاة أو يأخذ بعيرا، فيعاقب بهذا، كما قال عز وجل : (( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة )).
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من آتاه الله مالًا فلم يؤد زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعًا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه يعني بشدقيه ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا لا يحسبن الذين يبخلون الآية )
القارئ : حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا هاشم بن القاسم قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح السمان عن ابي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : ( من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه، ثم يقول : أنا مالك أنا كنزك، ثم تلا : (( ولا يحسن الذين يبخلون )) الآية ). الشيخ :( من آتاه الله مالا ) يعني أعطاه مالا، فلم يؤد زكاته فإنه يمثل له هذا المال، يعني يجعل على مثال الشجاع الأقرع، والشجاع : هو ذكر الحيات الشديد، والأقرع الذي ليس على رأسه شعر، لأن شعره تمزق من كثرة سمه والعياذ بالله، وقوله : ( له زبيبتان ) أي له غدتان مثل الزبيبة، قال أهل العلم : وهاتان الغدتان مملوءتان من السم، وقوله : ( يطوقه يوم القيامة ) يعني يجعل طوقا على عنقه. ( ثم يأخذ ) أي هذا الشجاع الأقرع ( بلهزمتيه يعني بشدقيه ثم يقول : أنا مالك أنا كنزك )، يأخذ بالشدقين، لأنه يأكل الماء ويمنع ما يجب فيه، فيقول هذا الشجاع : أنا مالك أنا كنزك، فما أعظم حسرته تلك الساعة، أن يكون بخل بالمال يتخذه لنفسه، فإذا به يعذب به يوم القيامة، نسأل الله العافية. وهذا الوعيد يدل على أن منع الزكاة من كبائر الذنوب، لكن القول الراجح أنه لا يكفر بها.
السائل : ما معنى قوله : ومن حقها ... . الشيخ : يعني معناه أن من حقها أنه إذا جاء الفقير وهي على الماء فإنها تحلب وتعطى إياه، لأنه محتاج. السائل : فسر قوله تعالى الكنز بأنه ... ? الشيخ : هذا تفسير وعطف بيان .
إذا كان عند رجل ذهب وفضه مكنوز من خمسين سنة لم يزكى كسلاً وهو عالم بالوجوب إذا أراد أن يزكي عن السنين السابقة ممكن أن تكون الزكاة أكثرمن المال فهل يزكي بكل المال ؟
السائل : إذا كان عند رجل ذهب وفضة مكنوز من خمسين سنة ولم يزك كسلا وهو عالم بالوجوب، مال الزكاة تجاوز يعني سعر . الشيخ : تجاوز ما عنده، يعني مثلا قدرنا عشرة آلاف، وبقيت السنوات كثيرة وصارت الزكاة أكثر من هذا، فعلى قول بأن الدين يمنع الزكاة؟ نقول : إذا وصلت لحد النصاب وقفت ما عاد تجب، وحينئذ يبقى له من هذا المال كثير بمقدار النصاب، وعلى القول بأنه لا يمنع نقول : يبقى شيء بذمته ويكون هذا هو الذي تسبب لنفسه بهذا الفناء.
حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن خالد بن أسلم قال خرجنا مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال أعرابي أخبرني عن قول الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله قال ابن عمر رضي الله عنهما من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما أنزلت جعلها الله طهرًا للأموال.
القارئ : وقال أحمد بن شبيب بن سعيد قال : حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن خالد بن أسلم قال : ( خرجنا مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال أعرابي : أخبرني عن قول الله : (( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ))، قال ابن عمر رضي الله عنهما : من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، فلما نزلت جعلها الله طهرة للأموال ). الشيخ : شوف الأثر هذا.
القارئ : " قوله : وقال أحمد بن شبيب كذا للأكثر، وفي رواية أبي ذر حدثنا أحمد وقد وصله أبو داوود في كتاب * الناسخ والمنسوخ * عن محمّد بن يحيى وهو الذهلي، عن أحمد بن شبيب بإسناده، ووقع لنا بعلو في جزء الذهلي وسياقه أتم مما في البخاري، وزاد فيه سؤال الأعرابي : أترث العمة ؟ قال ابن عمر : لا أدري، فلما أدبر قبل ابن عمر يديه ثم قال : نعم ما قال أبو عبد الرحمن - يعني نفسه - سئل عما لا يدري فقال : لا أدري، وزاد في آخره بعد قوله : طهرة للأموال، ثم التفت إلي فقال : ما أبالي لو كان لي مثل أحد ذهبا أعلم عدده أزكيه وأعمل فيه بطاعة الله تعالى، وهو عند ابن ماجه من طريق عقيل عن الزهري. قوله : ( من كنزها فلم يؤد زكاتها )، أفرد الضمير إما على سبيل تأويل الأموال ، أو عودا إلى الفضة، لأن الانتفاع بها أكثر، أو كان وجودها في زمنهم أكثر من الذهب، أو على الاكتفاء ببيان حالها عن بيان حال الذهب، والحامل على ذلك رعاية لفظ القرآن، حيث قال : (( ينفقونها ))، قال صاحب الكشاف : أفرد ذهابا إلى المعنى دون اللفظ، لأن كل واحد منهما جملة وافية، وقيل : المعنى ولا ينفقونها ، والذهب كذلك، وهو كقول الشاعر : وإني وقيار بها لغريب، أي : وقيار كذلك. قوله : إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة ، هذا مشعر بأن الوعيد على الاكتناز، وهو حبس ما فضل عن الحاجة عن المواشاةبه، كان في أول الإسلام ثم نسخ بفرض الزكاة لما فتح الله الفتوح، وقدرت نصب الزكاة، فعلى هذا المراد بنزول الآية بيان نصبها ومقاديرها لا إنزال أصلها، والله أعلم، وقول ابن عمر : ( لا أبالي لو كان لي مثل أحد ذهبا )، كأنه يشير إلى قول أبي ذر الآتي آخر الباب، والجمع بين كلام ابن عمر وحديث أبي ذر أن يحمل حديث أبي ذر على مال تحت يد الشخص لغيره، فلا يجب أن يحبسه عنه، أو يكون له لكنه ممن يرجى فضله وتطلب عائدته كالإمام الأعظم، فلا يجب أن يدخر عن المحتاجين من رعيته شيئا، ويحمل حديث ابن عمر على مال يملكه قد أدى زكاته فهو يحب أن يكون عنده، ليصل به قرابته ويستغني به عن مسألة الناس، وكان أبو ذر يحمل الحديث على إطلاقه فلا يرى بادخار شيء أصلا. قال ابن عبد البر ".