القارئ : " فلا يرى بادخار شيء أصلا، قال ابن عبد البر : وردت عن " . الشيخ : فلا يرى بادخار شيءٍ أصلا. القارئ : " فلا يرى بادخار شيءٍ أصلا، قال ابن عبد البر : وردت عن أبي ذر آثار كثيرة تدل على أنه كان يذهب إلى أن كل مال مجموع يفضل على القوت وسداد العيش فهو كنز يذم فاعله، وأن آية الوعيد نزلت في ذلك، وخالفه جمهور الصحابة ومن بعدهم، وحملوا الوعيد على مانع الزكاة، وأصح ما تمسكوا به حديث طلحة وغيره في قصة الأعرابي حيث قال : هل علي غيرها؟ قال : ( لا إلا أن تطوع ). انتهى . والظاهر أن ذلك كان في أول الأمر كما تقدم عن ابن عمر، وقد استدل به ابن بطال بقوله تعالى : (( ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو )) ، أي ما فضل عن الكفاية، فكان ذلك واجبا في أول الأمر ثم نسخ والله أعلم. وفي المسند من طريق يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه أنه قال : كان أبو ذر يسمع الحديث من رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيه الشدة ثم يخرج إلى قومه ثم يرخص فيه النبي صلّى الله عليه وسلم فلا يسمع الرخصة ويتعلق بالأمر الأول ".
حدثنا إسحاق بن يزيد أخبرنا شعيب بن إسحاق أخبرنا الأوزاعي أخبرني يحيى بن أبي كثير أن عمرو بن يحيى بن عمارة أخبره عن أبيه يحيى بن عمارة بن أبي الحسن أنه سمع أبا سعيد رضي الله عنه يقول ( قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمس ذود صدقة وليس فيما دون خمس أوسق صدقة )
القارئ : وصلّى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الزكاة من صحيحه في باب : ما أدي زكاته فليس بكنز : حدثنا إسحاق بن يزيد قال أخبرنا شعيب بن اسحاق قال الأوزاعي أخبرنا يحيى بن أبي كثير أن عمرو بن يحيى بن عمارة أخبره عن أبيه يحيى بن عمارة بن أبي الحسن أنه سمع أبا سعيد رضي الله عنه يقول : قال النبي صلّى الله عليه وسلم : ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ، وليس فيما دون خمس ذود صدقة ، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ) . الشيخ : قوله صلّى الله عليه وسلم : ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ) ، أواق : جمع أوقية، والأوقية أربعون درهما فيكون الخمس مئتي درهم، ومئة الدرهم مئة وأربعون مثقالا، وقد تتبعها بعض العلماء وقالوا : إنها أي هذه الأواقي ، إنها تساوي ستة وخمسين ريالا بالفضة، بالريال السعودي، وعلى هذا نقول : إذا بلغت الفضة هذا الوزن وجبت فيها الزكاة، سواء كانت مئتي درهم أو أقل أو أكثر، وهذا هو المذهب والمشهور عند أهل العلم. وقال شيخ الإسلام رحمه الله : " المعتبر في الدرهم في كل وقت بحسبه، وليس المعتبر الوزن " وعلى هذا فنقول : إذا كان عند الإنسان مئة ريال سعودي فضة فلا زكاة عليه، وإن بلغت مئة وأربعين مثقالا، وإذا كان عنده مئتان فعليه الزكاة وإن لم تبلغ مئة وأربعين مثقالا، يعني لو فرض أن الدرهم صار صغيرا أصغر من الدراهم الإسلامية وبلغ مئتين فإن فيه الزكاة، فشيخ الإسلام رحمه الله يعتبر العدد ولا يعتبر الوزن، لكن أكثر أهل العلم على اعتبار الوزن، هذا بالنسبة للأواقي. قال : ( وليس فيما دون خمس ذود صدقة )، يعني الإبل، يعني ما دون الخمس لا صدقة فيه، والخمس فما زاد فيها صدقة، لكن الأول ، ليس فيما دون خمس ذود صدقة، مخصص أو مخصوص بما إذا لم تكن للتجارة، فإن كانت للتجارة ففيها الزكاة إذا بلغت زكاة النقدين، لأن الآن خرجت عن كونها للتنمية إلى كونها للتجارة، وعلى هذا فربما يجب على الإنسان في بعير واحدة زكاة، فإذا قدرنا أن هذه البعير تساوي مئتي درهم وهي واحدة، وقد أرادها للتجارة ففيها الزكاة، ربع عشر القيمة، أما إذا كانت للتنمية والنسل فليس فيما دون خمس صدقة، فإذا قال قائل : إنه يعدها للتنمية ولكن يبيع أولادها، فهل هذه عروض؟ فالجواب لا، لأن هذه عادة الناس في أموالهم، أنها إذا نمت باعوها، كما أن الثمر، ثمر النخيل من التمر، إذا كان عند الإنسان ثمر فإنه إذا باعه بما هو أكثر من النصاب نصاب الفضة، فلا زكاة عليه، حتى يبلغ خمسة أوسق، وعلى هذا فلو كان عند الإنسان وسق واحد من التمر، وقد أعده للتجارة ففيه الزكاة.
حدثنا علي بن أبي هاشم سمع هشيمًا أخبرنا حصين عن زيد بن وهب أنه قال مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر رضي الله عنه فقلت له ما أنزلك منزلك هذا قال كنت بالشأم فاختلفت أنا ومعاوية في الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله قال معاوية نزلت في أهل الكتاب فقلت نزلت فينا وفيهم فكان بيني وبينه في ذاك وكتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني فكتب إلي عثمان أن اقدم المدينة فقدمتها فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك فذكرت ذاك لعثمان فقال لي إن شئت تنحيت فكنت قريبًا فذاك الذي أنزلني هذا المنزل ولو أمروا علي حبشيًا لسمعت وأطعت
القارئ : حدثنا علي أنه سمع هشيما قال : أخبرنا حصين أي عن زيد بن وهب أنه قال : ( مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر رضي الله عنه فقلت له : ما أنزلك منزلك هذا؟ قال : كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في : (( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله )) ، قال معاوية : نزلت في أهل الكتاب، فقلت : نزلت فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني، فكتب إليّ عثمان أن أقدم المدينة فقدمتها، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان، فقال لي : إن شئت تنحيت فكنت قريبا، فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمروا علي حبشيا لسمعت وأطعت ). الشيخ : كثر الناس علي، لأن رأيه موافق للفقراء لأنه يرى أنه لا يجوز للإنسان أن يقتني من المال إلا مقدار حاجته والباقي ينفقه، فالناس اجتمعوا عليه لسببين : السبب الأول : شذوذ قوله رضي الله عنه ، فإنه مخالف لسنة النبي صلّى الله عليه وسلم ولسنة الخلفاء الراشدين، وعادة أن الناس يتجمعون حول المخالف. والثاني : أن ذلك من حظ الفقراء فكثروا عليه.
حدثنا عياش حدثنا عبد الأعلى حدثنا الجريري عن أبي العلاء عن الأحنف بن قيس قال جلست ح و حدثني إسحاق بن منصور أخبرنا عبد الصمد قال حدثني أبي حدثنا الجريري حدثنا أبو العلاء بن الشخير أن الأحنف بن قيس حدثهم قال جلست إلى ملإ من قريش فجاء رجل خشن الشعر والثياب والهيئة حتى قام عليهم فسلم ثم قال بشر الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم ثم يوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه يتزلزل ثم ولى فجلس إلى سارية وتبعته وجلست إليه وأنا لا أدري من هو فقلت له لا أرى القوم إلا قد كرهوا الذي قلت قال إنهم لا يعقلون شيئًا
القارئ : حدثنا عياش قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا الجريري عن أبي العلاء عن الأحنف بن قيس أنه قال : جلست .ح. وحدثني اسحاق بن منصور قال : أخبرنا عبد الصمد قال : حدثنا أبي قال : حدثنا الجريري قال : حدثنا أبو العلاء ابن الشخير أن الأحنف بن قيس حدثهم قال : ( جلست إلى ملأ من قريش، فجاء رجل خشن الشعر والثياب والهيئة حتى قام عليهم فسلم، ثم قال : بشر الكافرين برضف يحمى عليهم في نار جهنم، ثم يوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه، ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه يتزلزل، ثم ولى فجلس إلى سارية، وتبعته وجلست إليه، وأنا لا أدري من هو، فقلت له : لا أرى القوم إلا قد كرهوا الذي قلت. قال إنهم لا يعقلون شيئا ).
قال لي خليلي قال قلت من خليلك قال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر أتبصر أحدًا قال فنظرت إلى الشمس ما بقي من النهار وأنا أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسلني في حاجة له قلت نعم قال ما أحب أن لي مثل أحد ذهبًا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير وإن هؤلاء لا يعقلون إنما يجمعون الدنيا لا والله لا أسألهم دنيا ولا أستفتيهم عن دين حتى ألقى الله
القارئ : ( قال لي خليلي، قلت : ومن خليلك؟ قال : النبي صلّى الله عليه وسلم، يا أبا ذر أتبصر أحدا؟ قال : فنظرت إلى الشمس ما بقي من النهار وأنا أرى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يرسلني في حاجة له، قلت : نعم، قال : ما أحب أنني مثل لي أحد ذهبا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير، وإن هؤلاء لا يعقلون، إنما يجمعون الدنيا، لا والله لا أسألهم دنيا، ولا أستفيهم عن دين حتى ألقى الله ). الشيخ : أما قول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير ) فهذا من باب تواضعه عليه الصلاة والسلام ومحبته للصدقة، ولهذا مر علينا فيما سبق في قصة خيبر أن الرسول كان يدخر نفقته ونفقة أهله لمدة سنة، وهذا زائد على الكفاية.
هل قول معاوية أن أن هذه الآية نزلت في أهل الكتاب صحيح ؟
السائل : هل قول معاوية أن هذه الآية نزلت في أهل الكتاب ؟ الشيخ : اقرأ الآية التي قبلها. السائل :(( يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله )). الشيخ : معاوية رضي الله عنه قال : أن السياق يدل على التخصيص، وأن المراد هؤلاء الأحبار والرهبان، لكن السنة تدل على أنها عامة، كما في الحديث : ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة أخميت عليه ).
السائل : الريال السعودي الفضي ... ؟ الشيخ : هذا يختلف أحيانا تكون الفضة غالية فيصل إلى قريب المئة، وأحيانا تكون رخيصة فينزل ما أدري الآن كم يساوي يمكن أربع أو خمس ريالات. السائل : ... ? الشيخ : إي ، نعم، لو تسأل الصرافين يمكن يعلموك. السائل : بين الذهب والفضة يعني فرق كبير، فلماذا لم ... الزكاة الذي بلغ نصابه الذهب ؟ الشيخ : هو يقدر بالنسبة لعروض التجارة، يقدر بالأحظ للفقراء، إن كان الأحظ أن نقومه بالفضة قومناه بالفضة، إن كان الأحظ أن نقومه بالذهب قومناه بالذهب، أما إذا كان المقصود زكاة كل واحد بعينه، فهنا لا بد أن نعتبر كل واحد بعينه واضح طيب. السائل : ... الفقراء ... ؟ الشيخ : الأحظ للفقراء في عروض التجارة فقط، أما الآن لو قدرنا مثلا إنسان عنده خمسة دنانير، تساوي بالفضة أكثر من النصاب فلا زكاة عليه حتى يكون عنده عشرون مثقالا والعكس بالعكس، والغالب أن الذهب أغلى من الفضة.
حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى عن إسماعيل قال حدثني قيس عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلمها
القارئ : حدثنا محمّد بن مثنى قال : حدثنا يحيى عن إسماعيل قال : حدثني قيس عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : سمعت النبي صلّى الله عليه وسلم يقول : ( لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها ). الشيخ : قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا حسد ) لا غبطة يعني ما ينبغي أن يغبط أحد إلا هذان الرجلان، رجل آتاه الله المال فسلطه على هلكته بالحق، وصار ينفق منه في سبيل الله، في الفقراء، في إصلاح الطرق، في بناء المساجد، وما أشبه ذلك، هذا هو يحسد، أما ما سوى ذلك من الدنيا فليست بشيء حتى يحسد الإنسان عليها. والثاني : ( رجل آتاه الله الحكمة )، يعني العلم، ( فهو يقضي بها ) في نفسه ( ويعلمها ) الناس، وأيهما أغبط ؟ الثاني أغبط، لأن الثاني إذا وفق الإنسان له ونشره بين الناس وانتفعوا به بعد موته صار أجره دائما، وأما الصدقة على الفقراء والمساكين بالمال فهي وقتية تزول بزوال صاحبها، ولهذا انظر إلى أبي هريرة رضي الله عنه وهو ليس بخليفة، وليس ذا مال كثير إلا بعد الفتوح، هل نفعه هو أو أغنى واحد في ذلك الوقت ؟ هو رضي الله عنه، فالعلم لا يعدله شيء.
باب : الرياء في الصدقة . لقوله : (( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى )) إلى قوله (( الكافرين )) وقال بن عباس رضي الله عنهما (( صلدا )) ليس عليه شيء وقال عكرمة (( وابل )) مطر شديد و (( الطل )) الندى .
القارئ : باب : الرياء في الصدقة لقوله : (( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ))، إلى قوله : (( والله لا يهدي القوم الكافرين ))، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : (( صلدا )) ليس عليه شيء، وقال عكرمة : (( وابل )) مطر شديد، و(( الطل )) الندى. الشيخ : ما ذكر الشارح الآثار أحاديث ؟ السائل : ... ? الشيخ : من أول الباب .
القارئ : قال ابن حجر رحمه الله تعالى : " قوله : باب : الرياء في الصدقة: قال الزين بن المنير : يحتمل أن يكون مراده إبطال الرياء بالصدقة، فيحمل على ما تمخض منها لحب المحمَدة والثناء من الخلق، بحيث لولا ذلك لم يتصدق بها، قوله : لقوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى )) إلى قوله : (( والله لا يهدي القوم الكافرين )) . قال الزين بن المنير : وجه الاستدلال من الآية أن الله تعالى مقارنة المن والأذى للصدقة أو إتباعها بذلك بإنفاق الكافر المرائي الذي لا يجد بين يديه شيئا منه ومقارنة الرياء من المسلم لصدقته أقبح من مقارنة الإيذاء وأولى أن يشبه بإنفاق الكافر المرائي في إبطال إنفاقه انتهى. وقال ابن رشيد : اقتصر البخاري في هذه الترجمة على الآية، ومراده أن المشبه بالشيء يكون أخفى من المشبه به، لأن الخفي ربما شبه بالظاهر ليخرج من حيز الخفاء إلى الظهور، ولما كان الإنفاق رياء من غير المؤمن ظاهرا في إبطال الصدقة شبه به الإبطال بالمن والأذى، أي حالة هؤلاء في الإبطال كحالة هؤلاء، هذا من حيث الجملة، ولا يبعد أن يراعى حال التفضيل أيضا، لأن حال المانّ شبيه بحال المرائي، لأنه لما منّ ظهر أنه لم يقصد وجه الله، وحال المؤذي يشبه حال الفاقد للإيمان من المنافقين، لأن من يعلم أن للمؤذي ناصرا ينصره لم يؤذه، فعلم بهذا أن حالة المرائي أشد من حالة المانّ والمؤذي، انتهى. ويتخلص أن يقال : لما كان المشبه به أقوى من المشبه، وإبطال الصدقة بالمن والأذى قد شبه بإبطالها بالرياء فيها كان أمر الرياء أشد. قوله : وقال ابن عباس : صلدا ". الشيخ : الظاهر المعنى الأول أن البخاري رحمه الله أشار إلى أن المانّ بالأذى والمن حالة تدل على أنه لم يرد وجه الله، فيكون بذلك مرائيا، هذا هو الأقرب، أن البخاري رحمه الله قال : يستدل بحال هذا الذي يبطل الصدقة بالمن والأذى، يستدل بحاله على أنه لم يرد وجه الله وهذا هو الرياء، وفي الآية إبطال ما وقع، والرياء لا يصح من الأصل. أما المنّ والأذى فإنه يكون بعد الصدقة، يبطلها بعد وجودها. وأما الرياء المقارن فإنه لم يحصل له أجر من الأول.
لو أن الإنسان تصدق بصدقة في بداية الأمر يبتغي وجه الله ثم بعد ذلك يسمع مديح الناس ثناءهم عليه يدخل في نفسه شيء من ذلك ؟
السائل : لو أن الإنسان تصدق بصدقة في بداية الأمر يبتغي وجه الله، ثم بعد ذلك ربما يسمع مديح الناس وثناءهم عليه، فيدخل في نفسه شيء من ذلك؟ الشيخ : هذا لا يضر، كون الإنسان يفرح بمدح الناس له بعد فعل العبادة لا يضر، لأن هذه من عاجل بشرى المؤمن، أن الناس يثنون عليه بعبادته، الضرر أن يقارن الرياء العبادة، إما سابقا أو في أثنائها، أما بعد فواتها ما يضر.
إذا أنفق الإنسان لا بقصد الرياء ثم طرأ عليه سبب من الأسباب كأن تشاجر مع من تصدق عليه لولا أعطيناك ما صدر منك كذا ؟
السائل : إذا أنفق هذا الإنسان أولا مخلصا لا بقصد الرياء ، ثم طرأ عليه سبب من الأسباب، كأن تشاجر مع من تصدق عليه، وقال له : لولا أعطيناك ما صدر كذا ؟ الشيخ : هذا يسمى من وأذى، ما هو رياء، الرياء أن الإنسان من أول الأمر يقصد بالعبادة أن يمدحه الناس عليها، فلا تقبل، أما هذا يعتبر مانّا ومؤذيا، أو يقول له مثلا إذا خاصمه وقد تصدق عليه : قال هذه صدق القائل سمن كلبك يأكلك، هذا أذى عظيم.
السائل : شيخ بارك الله فيكم ما الجواب عن قوله عز وجل : (( مثل نوره كمشكاة )) ؟ الشيخ : هذا ضرب مثل محسوس، والمراد : أن الله يبين أن نور الله تعالى في قلب المؤمن كمشكاة فيها مصباح، وليس المراد مثل نور الله عز وجل، لأنه لا يمكن أن تشبه صفة الله تعالى، أو الله نفسه عز وجل، بشيء مخلوق، لكل مثل نوره في قلب المؤمن كما قاله عبد الله بن مسعود وغيره من السلف.
باب : لا يقبل الله صدقة من غلول ، ولا يقبل إلا من كسب طيب . لقوله : (( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم )) .
القارئ : باب : لا يقبل الله صدقة من غلول، ولا يقبل إلا من كسب طيب، لقوله : (( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله عني حليم )). الشيخ : عندكم ؟ القارئ : هذا الباب الذي بعده يا شيخ. الشيخ : باب : لا يقبل الله صدقة من غلول، ولا يقبل إلا من كسب طيب. هذا عندي، بعده لقوله : (( ويربي الصدقات )). القارئ : هذه عندنا في الباب الذي بعده. الباب الثامن : الصدقة من كسب طيب فيه الظاهر روايات . الشيخ : يمكن ... نسخ. السائل : ذكرها القسطلاني ? الشيخ : أيهن ؟ السائل : الآيات ? القارئ : نقرأ كلام القسطلاني . الشيخ : فيه إشكال. القارئ : لا بس اختلاف الآيات هذا على حسب الروايات. الشيخ : طيب. القارئ : باب : الصدقة من كسب طيب، لقوله : (( ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم )) إلى قوله . الشيخ : ما هي عندي. السائل : الباب ... ? الشيخ : باب : لا يقبل الله صدقة من غلول.
القارئ : يقول ابن حجر رحمه الله : " تنبيهان، الأول : دل قوله : لا تقبل صدقة من غلول، أن الغالّ لا تبرأ ذمته إلا برد الغلول إلى أصحابه بأن يتصدق به إذا جهلهم مثلا، والسبب فيه أنه من حق الغانمين، فلو جهلت أعيانهم لم يكن له أن يتصرف فيه بالصدقة على غيرهم. الثاني : وقع هنا للمستملي والكشميهني وابن شبوية : باب الصدقة من كسب طيب، لقوله تعالى : (( ويربي الصدقات )) إلى قوله : (( ولا هم يحزنون ))، وعلى هذا فتخلوا الترجمة التي قبل هذا من الحديث، وتكون كالتي قبلها في الاقتصار على الآية. لكن تزيد عليها بالإشارة إلى لفظ الحديث الذي في الترجمة، ومناسبة الحديث لهذه الترجمة ظاهر، ومناسبته للتي قبلها من جهة مفهوم المخالفة، لأنه دل بمنطوقه على أن الله لا يقبل إلا ما كان من كسب طيب، فمفهومه أن ما ليس بطيب لا يقبل، والغلول فرد من أفراد غير الطيب، فلا يقبل، والله أعلم. ثم إن هذه الترجمة إن كان باب بغير تنوين فالجملة خبر مبتدأ، والتقدير : هذا باب فضل الصدقة من كسب طيب، وإن كان منونا فما بعده مبتدأ، والخبر محذوف تقديره : الصدقة من كسب طيب مقبولة أو يكثر الله ثوابها ". الشيخ : لكن هل هو يقول أنا لا أدري أن الارتداد حرام ؟ أو يقول : أدري أنه حرام لكن لم أدري أنه يقتل المرتد ؟ لأنه بينهما فرقا، لأن القاعدة لدينا أن الإنسان يعذر إذا كان جاهلا بالحكم، ولا يعزر إذا كان عالما بالحكم لكنه كان جاهلا بعقوبته .
في بعض البلاد كثير من غير المسلمين يدخلون في الإسلام ثم يقال لهم لا تشترو الخمر لاتفعلو كذا لاتفعلو كذا من الأشياء المحرمه التي كانو يفعلونها فيأتون إلى المسلمين فيختلطون مع المسلمين فيجدون المسلمين يشربون الخمر ويفعلون الأشياء المحرمة ثم يعودون إلى أشيائهم فما يظهر من إسلامهم شيء إذا تركو الصلات يقولون فلان لايصلي والعلماء يقولون تارك لصلات ماهو كافر ويشربون الخمر فإذا قيل لهم لماذا شربتم الخمر يقولون فلان شرب من المسلمين ؟
السائل : أحسن الله إليك في بعض البلاد كثير من غير المسلمين يدخلون في الإسلام، ثم يقال لهم لا تشربوا الخمر، ويقال : لا تفعلوا كذا من الأشياء المحرمة التي كانوا يفعلونها، ثم يأتون إلى المسلمين، فيختلطون مع المسلمين فيجدون المسلمين يشربون الخمر ويفعلون كل الأشياء التي تركوها، ثم يعودون إلى أشيائهم، فما يظهر من إسلامهم شيء، إذا ترك الصلاة قلت له : أنت تركت الصلاة؟ يقول : فلان لا يصلي، والعلماء يقولون : ترك الصلاة ما هو كافر، ويشربون الخمر وفلان شرب من المسلمين ... ؟ الشيخ : لعلنا نستتيب المسلمين الآن ؟ أقول : لعلنا نستتيب المسلمين الآن، نعم، هؤلاء الذين يشربون الخمر ويعتقدون أنها حلال كفار ما في إشكال، هم كفار، لأن الخمر محرم بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، ولم يخالف أحد بتحريمها، فمثل هؤلاء يقال : إما أن تقلعوا عن الخمر، وإلا عزرناكم أول مرة ثم ثاني مرة ثم ثالث مرة، وفي الرابعة نقتلهم. السائل : مسلمين ؟ الشيخ : ولو كانوا مسلمين. السائل : ... ? الشيخ : ما يخالف اشرب، إذا شرب فالجلد، إذا قال : سهل وشرب فالجلد، إذا قال سهل وشرب فالجلد، ثلاثة، إذا شرب الرابعة فضع السيف في عنقه، عرفت هذا هو الحكم، وشيخ الإسلام رحمه الله قال : " إذا لم ينته الناس بدون قتل الشارب وجب قتله" . السائل : ... ? الشيخ : يطالب بالرجوع ما يخالف أنت الآن مسلم وفعلت هذه المعاصي بدون استحلال فأنت كسائر المسلمين. السائل : هل يفهم من الحديث ... ? الشيخ : على ماذا ؟ السائل : ... . الشيخ : كيف ذلك ؟ السائل : ... الشيخ : نقول : من أين أخذتها ؟ السائل : ... الشيخ : لا، ما هو أميران، لأنه لو كان أميران لامتنع الثاني، فإما أن يقال : إن معاذ أراد أن يبين السنة ويلزم بفعلها لا على أنه أمير، أو هو أمير فيما ولي فيه فقط.
باب : الصدقة من كسب طيب . لقوله : (( ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم إن الذين ءآمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وءآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )) .
القارئ : بسم الله الرّحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الزكاة من صحيحه : باب : لا يقبل الله صدقة من غلول، ولا يقبل إلا من كسب طيب، لقوله : (( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم )) . باب : الصدقة من كسب طيب، لقوله : (( ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم )) إلى قوله : (( ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )). الشيخ : قوله : لا يقبل الله صدقة من غلول، عبر البخاري بهذا التعبير موافقة للنص، وإلا المراد : كل ما أخذ بغير حق وتصدق به الإنسان تقربا إلى الله عز وجل فإنه لا يقبل، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وقوله : إلا من كسب طيب، في رواية مسلم : إلا من طيب، وطيب أعم من كلمة كسب طيب، لأنها تشمل ما كان طيبا لكسبه ولعينه، فما كان خبيثا لكسبه أو عينه فغير مقبول، ثم استشهد المؤلف بالآيات، وسبق الكلام عليها.
حدثنا عبد الله بن منير سمع أبا النضر حدثنا عبد الرحمن هو ابن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل ) تابعه سليمان عن ابن دينار وقال ورقاء عن ابن دينار عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه مسلم بن أبي مريم وزيد بن أسلم وسهيل عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
القارئ : حدثنا عبد الله بن منير أنه سمع أبا النضر قال : حدثنا عبد الرحمن هو ابن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : ( من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه ). الشيخ : عندكم لصاحبها، نسخة عندي لصاحبه. القارئ : ( ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل )، تابعه سليمان عن ابن دينار، وقال ورقاء عن ابن دينار عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم ، ورواه مسلم بن أبي مريم وزيد بن أسلم وسهيل عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم.
الشيخ : في هذا الحديث فوائد منها : أن الكسب الخبيث لا يقبل من الإنسان إذا تصدق منه أو به، منه يعني ببعضه، وبه أي كله، فإنه لا يقبل، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، فإن قال قائل : ما تقولون في رجل اكتسب مالا حراما، ثم منّ الله عليه بالتوبة، ثم أخرج هذا المال، هل يتقبل الله منه ؟ نقول : في هذا تفصيل : إن أخرجه ليتقرب به إلى الله على أنه ملكه فإن الله لا يقبله، وإن أخرجه ليتوب به إلى الله تخلصا منه، فإنه يثاب، لكن لا يثاب على الصدقة بهذا، وإنما يثاب على التوبة منه، والله تعالى يجب التوابين ويحب المتطهرين، فإذا قال قائل : إذا كسب رجل مالا حراما، ثم بنى به بيوتا للطلبة، أو مساجد للمسلمين يصلون فيها، فهل تجوز السكنى بهذه البيوت ؟ وهل تجوز الصلاة في هذه المساجد ؟ الجواب : في هذا تفصيل، إن كانت بعينها، لم تجز السكنى، يعني بمعنى أنه غصب عمارة ثم أسكنها الطلبة أو الفقراء، فإنه لا تجوز السكنى فيها، لأن عين هذه العمارة ليست مملوكة لهذا الذي تصدق فيها، والواجب عليه ماذا ؟ أن يردها إلى أصحابها، نعم لو تعذر معرفة أصحابها أو تعذر الوصول إليهم فحينئذ لا بأس في السكنى فيها، لأن لتعذر وصول هذه إلى أهلها. المسجد نقول : إن كان قد غصب أرضا وبنى عليها المسجد فهنا لا تصلي في المسجد بناء على قول كثير من العلماء : إن الصلاة في أرض مغصوبة غير صحيحة، أما إذا كان كسب المال على وجه محرم، ثم بنى به مسجد فلا شك في جواز الصلاة فيه، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( جعلت لي الأرض مسجدا ) وهذا شامل لكل الأرض. وفيه أيضا إثبات اليمين لله عز وجل، لقوله صلّى الله عليه وسلم : ( يتقبلها بيمينه )، وقد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلم أن كلتا يدي الله يمين، وورد ذكر اليمين والشمال، فهل نقول : أنا لا نصف الله تعالى بأن له يدا شمالا ؟ أو نقول : إن الله يوصف بأن له يد يمين ويد شمال ؟ الجواب : الثاني، لأن الحديث صحيح، ومعنى قوله : ( كلتا يديه يمين ) أن كلتا يديه خير وبركة، ولا مزية لإحداهما على الأخرى ، كما هو الشأن في ذوي اليدين، فإن الإنسان يجد الفرق بين اليد اليمين واليد الشمال، فبين الله عز وجل بل بينت السنة أن الله تعالى كلتا يديه يمين. وفيه أيضا وصف الله تعالى بأنه مربي، لقوله : ( يربيها ) يعني ينميها لصاحبها، ( حتى تكون مثل الجبل )، وأفعال الله تعالى لا تنتهي. ووصف الله تعالى بالأفعال ينقسم إلى أقسام : القسم الأول : أن يكون هذا مما وصف الله به نفسه، مثل قول الله تعالى : (( صنع الله الذي أتقن كل شيء ))، مثل قوله : (( فعال لما يريد ))، فهذا لا شك في جوازه . الشيء الثاني : أن يكون من الأفعال الدالة على الخير ، لكنه لم يرد وصف الله بها، فهذا أيضا يوصف الله له، ولكن لا يسمى ، مثل : صنع الله أتقن كل شيء، فأثبت الله لنفسه صنعا وما أشبه ذلك. الثالث : أن تكون الأفعال خيرا من وجه شرا من وجه، أو كمالا من وجه نقصا من وجه، فهذه لا يوصف الله بها على الإطلاق، مثل : المكر والكيد والخيانة والاستهزاء الخداع، الخيانة لا يوصف الله بها، ذكرتها سهوا، الخداع والمكر والسخرية والاستهزاء فهذه لا يوصف الله بها على الاطلاق، يعني لا تقول ان الله ماكر فقط، مستهزئ، خادع، لا يجوز، بل تقيد كما جاءت به النصوص، بماذا ؟ بإيش خادع بمن يخادعهم، ماكر بمن يمكر به، كما قال عز وجل : (( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ))، فصارت هذه الأوصاف التي تكون مدحا في حال وقدحا في حال، لا يوصف الله بها على الاطلاق بل يوصف بها في محلها. وفي هذا الحديث : جواز تشبيه الشيء المعقول أو الشيء الغائب بالشيء الحاضر، لقوله : ( كما يربي أحدكم فلوه ) والفلو هو الفرس الصغير ومعلوم أن الذي يربي فلوه سوف يحرص عليه غاية الحرص، أن لا يناله نقص، فالله تعالى يربيها تربية تامة كما يربي الإنسان فرسه الصغير حتى تكون مثل الجبل.
هل هذا الحديث في مسلم (( إن الله لايمل حتى تملوا )) الملل هنا لله يثبته الحديث ولو رجعنا إلى معناه في اللغة يعني التعب ؟
السائل : هل هذا الحديث في مسلم أنه صلّى الله عليه وسلم قال : ( إن الله لا يمل حتى تملوا ) ؟ الشيخ : وفي البخاري أيضا. السائل : وفي البخاري، فالملل هنا يعني فيه إثبات في الحديث، ولو رجعناه لمعناه في اللغة، بمعنى التعب، ... (( وما مسنا من لغوب )) فكيف الجمع ? الشيخ : ما فيه مشكلة، أولا : أثبت أن الحديث دال على ثبوت الملل. السائل : لا يمل حتى تملوا . الشيخ : فإذا مللتم. السائل : ملّ ... ? الشيخ : طيب ، لو قلت : لا أقوم حتى تقوم، ثم قمت أنت، هل يلزم من هذا أن أقوم ؟ الآن معنى الحديث انتفاء، معنى قولي : لا أقوم حتى تقوم : انتفاء قيامي قبلك، ثم إذا قمت أنت فأنا بالخيار، فليس فيه نص صريح على ثبوت الملل لله، لو قلنا : إنه صريح في ثبوته، إذا مللنا ثبت الملل لله، فالجواب من وجهين : أحدهما أن يقال : إن ملل الله تعالى ليس كمللنا، نعم، مللنا : نتعب، نكسل، ونفتر، لكن ملل الله لا يلحقه شيء، لا يلحقه شيء من هذا، لقوله تعالى : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ))، أرأيت الغضب، غضبنا نحن ، تختل أفكارنا وتختل أفعالنا، أليس كذلك ؟ حتى يفعل الإنسان ما يعده أحموقة، وهل غضب الله كذلك ؟ لا ، إذن نقول : إن لله مللا ليس كمللنا، الوجه الثاني : أن بعض الناس قال : إن مثل هذه العبارة يراد بها أن الجزاء من جنس العمل، فمتى عملتم فالله تعالى يثيبكم، لا يمل يعني لا يمنعكم فضله ما دمتم عاملين له، ولكن أسلم الطرق أن نقول : إن دل الحديث على ثبوت الملل بمثل هذه الصيغة، فهو ملل لائق بالله تعالى، لا يماثل ملل المخلوقين، كما قلنا في الغضب أنه غضب لا يماثل غضب المخلوقين.
السائل : الذي حج بمال حرام، هل حجه باطل أم صحيح ؟ الشيخ : الصحيح أنه حجه ليس بباطل، لكنه لا شك أنه آثم، وذلك لأن الإنسان سوف يسير سواء كان معه مال أو غير مال، ولا علاقة للمال بالحج، نعم، لو فرض أن الرسول صلّى الله عليه وسلم قال : لا تحجوا بمال حرام، صار النهي واردا على الفعل، فيبطله، فالصواب : أن الصلاة في ثوب مغصوب وفي مكان مغصوب، والحج بمال مغصوب والوضوء بماء مغصوب كلها صحيحه لكنه آثم.
هل الكلام في صفات الله عز وجل مفصلاً هل يخص به طلبة العلم أم يشمل العامة ؟
السائل : الكلام في صفات الله تبارك وتعالى تفصيلا ... عند العامة أو عند طلبة العلم؟ الشيخ : لا، لا، لا، عند طلبة العلم، العامة ربما لو قلت لهم شيئا مفصلا لوقعوا في التمثيل، لأن عقله لا يدرك الجمع بين حقيقة الصفات وانتفاء التمثيل. السائل : بعض الطلاب إذا اعتنى بالتدريس ... ? الشيخ : لا، الأحسن عدم هذا، بل بعض الناس والعياذ بالله يتجرأ وقال : ان قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن، وأمسك بالقلم وقال هكذا، هذا يعني لو قطعت أصابعه لكان جيد، ما الذي أدراه أن الله تعالى فاعل بالقلوب هكذا ؟ لا أحد، ولا يمكن، أنا الآن يكون الشيء بين أصابعي، أحيانا بين الخنصر والإبهام وأحيانا بين البنصر والإبهام، وأحيانا بين الوسطى والابهام، وأحيانا بين السبابة والإبهام، ما الذي أدراه أن الله قال هكذا ؟ هذه جرأة عظيمة والعياذ بالله.