الشيخ : الأحسن عدم هذا، بل بعض الناس يتجرأ، وقال: إن قلوب بني آدم كلها بين اصبعين من أصابع الرحمن، وأمسك بالقلم وقال هكذا، هذا يعني لو قطعت أصابعه لكان جيد، ما الذي أدراه أن الله تعالى فاعل بالقلوب هكذا ؟ لا أحد ولا يمكن، أنا الآن يكون الشيء بين أصابعي أحيانا بين الخنصر والإبهام، وأحيانا بين البنصر والابهام، وأحيانا بين الوسطى والإبهام، وأحيانا بين السبابة والإبهام، ما الذي أدراه أن الله قال هكذا ؟ هذه جرأة عظيمة والعياذ بالله.
حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا معبد بن خالد قال سمعت حارثة بن وهب ( قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول تصدقوا فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها يقول الرجل لو جئت بها بالأمس لقبلتها فأما اليوم فلا حاجة لي بها )
القارئ : حدثنا آدم قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا معبد بن خالد قال : سمعت حارثة بن وهب قال : سمعت النبي صلّى الله عليه وسلم يقول : ( تصدقوا فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها، ويقول الرجل : لو جئت بها بالأمس لقبلتها، فأما اليوم فلا حاجة لي بها ). الشيخ : بسم الله الرّحمن الرحيم، قوله : باب : الصدقة قبل الرد : يعني معناه أن يتصدق الإنسان قبل أن ترد صدقته لو تصدق، ففيه المبادرة إلى فعل الخير قبل فوات أوانه، وهذا أعني المبادرة إلى فعل الخير، من الأمور المشروعة، قال الله تعالى : (( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ))، ولذلك ينبغي للإنسان أن لا يفوت الفرصة، ألا يقول : معي وقت، أفعل هذا بعد، فإن الأوقات تفوت وربما يصاب بالكسل حتى بالمستقبل إذا لم يبادر، لا سيما في الأمور التي يخشى نسيانها، كإزالة النجاسة مثلا فإن بعض الناس يصيب ثوبه النجاسة ويقول : أدع غسلها إذا أردت الصلاة، ثم ينسى، ولهذا كان النبي صلّى الله عليه وسلم يبادر بغسل النجاسة، لما بال الأعرابي في المسجد، ماذا صنع؟ أمر أن يراق على بوله سجلة من ماء، أو ذنوبا من ماء، ولما بال الصبي في حجره، أمر صلّى الله عليه وسلم بماء فأتبعه إياه في الحال، فهكذا ينبغي الإنسان أن يبادر في الأمور حتى لا ينسى فيفوت عليه الأمر، طيب، أرأيتم لو لم يجد من يقبل الصدقة ؟ نقول : إذا لم تجد في بلدك فأرسلها إلى بلد آخر، فإن بلاد المسلمين لا تخلو من حاجة، فإذا قدر أنه لا يستطيع أن يرسلها إلى بلاد فقر، فليجعلها في أقاربه وتكون له صلة الرحم، لكن لو رد الأقارب فيقال : أنت ونيتك، مثل : لو ما حلف أو نذر أن يهب فلانا كتابا، وأبى أن يقبله فإنه لا حنث عليه، لأنه هو قام بما يجب.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي )
القارئ : حدثنا أبو اليمان قال : أخبرنا شعيب قال : حدثنا أبو الزناد عن عبد الرحمن عن أبي رضي الله عنه أنه قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم ). الشيخ : يهِم، أي يلحق الهم . القارئ : ( حتى يُهِمَّ ربَّ المال من يقبل صدقته ، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه : لا أرب لي ).
حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا أبو عاصم النبيل أخبرنا سعدان بن بشر حدثنا أبو مجاهد حدثنا محل بن خليفة الطائي قال سمعت عدي بن حاتم رضي الله عنه يقول كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجلان أحدهما يشكو العيلة والآخر يشكو قطع السبيل ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلا قليل حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير وأما العيلة فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له ثم ليقولن له ألم أوتك مالاً فليقولن بلى ثم ليقولن ألم أرسل إليك رسولاًفليقولن بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة )
القارئ : حدثنا عبد الله بن محمّد قال : حدثنا أبو عاصم النبيل قال : أخبرنا سعدان بن بشر قال : حدثنا أبو مجاهد قال : حدثنا محل بن خليفة الطائي قال : سمعت عدي بن حاتم رضي الله عنه يقول : ( كنت عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فجاءه رجلان، أحدهما يشكو إليه العيلة، والآخر يشكو إليه قطع السبيل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلا قليل، حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير، وأما العيلة فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه، ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له، ثم ليقولن له : ألم أوتك مالا ؟ فليقولن : بلى، ثم ليقولن : ألم أرسل إليك رسولا، فليقولن : بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار، ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار، فليتقيت أحدكم النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة ).
فوائد حديث الرجلان الذين يشكيان العيلة وقطع الطريق .
الشيخ : هذا فيه فضل الصدقة، وأن الصدقة ولو بالشيء القليل تقي من النار، وكما جاء في الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلم : ( إن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ).
قول النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان هل هو زمن عمر بن عبد العزيز ؟
السائل : قول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( في آخر الزمان )، هل هو زمن عمر بن عبد العزيز ؟ الشيخ : ما ندري، الله أعلم، إنما هذا سيكون، فإن كان قد وقع، فقد حصل تصديق الخبر بالواقع، وإن كان لم يقع فسيأتي علينا.
حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه قال ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب ثم لا يجد أحدًا يأخذها منه ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأةً يلذن به من قلة الرجال وكثرة النساء )
القارئ : حدثما محمّد بن العلاء قال : حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : ( ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، ثم لا يجد أحدا يأخذها منه، ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلذن به، من قلة الرجال وكثرة النساء ). الشيخ : قال أهل العلم رحمهم الله : قلة الرجال لها سببان : السبب الأول : الإنجاب، يكون إنجاب النساء أكثر، والسبب الثاني : الحروب التي تبلع الرجال ولا يبقى إلا النساء حتى كما جاء في الحديث أنه يتبعه أربعون امرأة، وفي حديث آخر : ( يكون الرجل قيم خمسين امرأة ).
باب : اتقوا النار ولو بشق تمرة والقليل من الصدقة . (( ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم )) ، الآية ، إلى قوله (( من كل الثمرات )) .
القارئ : باب : اتقوا النار ولو بشق تمرة والقليل من الصدقة، (( ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم )) الآية، إلى قوله : (( من كل الثمرات )).
حدثنا عبيد الله بن سعيد حدثنا أبو النعمان الحكم هو ابن عبد الله البصري حدثنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل عن أبي مسعود رضي الله عنه قال لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا مرائي وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا إن الله لغني عن صاع هذا فنزلت ((الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم )) الآية .
القارئ : حدثنا عبيد الله بن سعيد قال : حدثنا أبو النعمان الحكم هو ابن عبد الله البصري قال : حدثنا شعبة . الشيخ : عن سليمان، شعبة عن سليمان . القارئ : قال : حدثنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل عن أبي مسعود رضي الله عنه أنه قال : ( لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير، فقالوا : مرائي، وجاء رجل فتصدق بصاع، فقالوا : إن الله لغني عن صاع هذا، فنزلت : (( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم )) الآية ). الشيخ : قوله : (( والذين لا يجدون )) معطوفة على قوله : (( المطوعين )) يعني يلمزون هؤلاء وهؤلاء، وهؤلاء هم المنافقون، المنافقون لا يسلمون المؤمنون منهم أبدا، إن أكثروا العمل قالوا هؤلاء مراؤون، وإن أقلوا قالوا إن الله غني عن عملكم، فإذا جاء الرجل الفقر متصدقا بمال قالوا إن الله غني عنه، يعني ولا حاجة أن يتصدق به، مع أن الله سبحانه وتعالى قال في القرآن الكريم : (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ))، وقال عز وجل : (( وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ))، لكن المنافقين لا يؤمنون بهذا، وإن أتى بكثير قالوا إن هذا مرائي، ولذلك يجب على الإنسان يجب أن يربط لسانه عن مثل هذا الكلام، لأن بعض الناس والعياذ بالله إذا قيل : فلان تصدق بكذا أو بنى مسجدا أو ما أشبه ذلك، قالوا : إنه مرائي، وهذا من طريق المنافقين، هل شققت عن قلبه ؟ قال : إنه مرائي، لأنه صاحب معاصي، ونقول : إن صاحب المعاصي قد يخلص لله تعالى في عمله الصالح، رجاء أن يعفو الله عنه، فالمهم أن الواجب أن تحبس لسانك وأن لا تتهم المسلمين بالرياء، لأن هذا من طريق المنافقين. السائل : أحسن الله إليكم أحيانا يعمل عمل الخير مع الناس مع الجماعة يكون فيه نشاط هل هذا يكون فيه رياء ؟ الشيخ : أبدا، ليس فيه رياء يعني كون الإنسان يقتدي بغيره ليس منه، هذا داخل في قوله : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة )، الكلام على القلب بس ... ولا يهمك، حتى لو أورد عليك الشيطان أنك مرائي، لا تلتفت لهذا.
إمرأة أعطت زوجها الزكاة ليخرجها وكان قد احتاج هذا المال فهل يحل له أخذه ؟
السائل : امرأة أعطت زوجها مال الزكاة فجلس عنده ثم بعد فترة درات عليه دائرة فصار ... ؟ الشيخ : المرأة، ألست تقول : إنها أعطت زوجها الزكاة؟ السائل : لا، هي أعطته لكي يخرجها وكلته عنها في إخراجها، ثم بعد فترة ؟ الشيخ : افتقر. السائل : فهل يحل للرجل هذا أن يأخذ هذه الزكاة ؟ الشيخ : لا، لا يحل، هو أمين، الواجب عليه أن يفرقه بين أهل الزكاة، لكن إذا افتقر فلا حرج أن يقول لها : إنه في حاجة، وإذا قال : إنه في حاجة فلا بأس أن تقول : خذه لك، لأنه وكيل ولم تخرج الصدقة عن يده، ولهذا لو طلبت سحبها فلها ذلك.
حدثنا سعيد بن يحيى حدثنا أبي حدثنا الأعمش عن شقيق عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فيحامل فيصيب المد وإن لبعضهم اليوم لمائة ألف )
القارئ : حدثنا سعيد بن يحيى قال : حدثنا أبي قال : حدثنا الأعمش عن شقيق عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أنه قال : ( كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فتحامل، فيصيب المد وإن لبعضهم اليوم لمئة ألف ).
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت عبد الله بن معقل قال سمعت عدي بن حاتم رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( اتقوا النار ولو بشق تمرة )
القارئ : حدثنا سليمان بن حرب قال : حدثنا شعبة عن أبي إسحاق أنه قال : سمعت عبد الله بن معقل قال : سمعت عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : ( اتقوا النار ولو بشق تمرة ).
حدثنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن الزهري قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت ( دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له ستراً من النار )
القارئ : حدثنا بشر بن محمّد قال : أخبرنا عبد الله قال : أخبرنا معمر عن الزهري أنه قال : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل ، فلم تجد عندي شيئا غيرة تمرة فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلّى الله عليه وسلم علينا، فأخبرته فقال : من ابتلي من هذه البنات بشيء، كن له سترا من النار ).
الشيخ : هذا فيه عجائب : الأول : بيت النبي صلّى الله عليه وسلم ، أفضل البيوت وأشرف البيوت، ولا سيما بيت عائشة رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، ومع ذلك لا يوجد فيه إلا تمرة واحدة، سبحان الله ! أين نحن من هذا ؟ ثانيا : إيثارها رضي الله عنها على نفسها أن تتصدق بهذه التمرة، ويبقى بيتها ليس فيه شيء، فهذا أيضا من المناقب العظيمة لعائشة رضي الله عنها. ثالثا : الرحمة العظيمة في هذه المرأة، تمرة وهن ثلاث، من تعطى هذه التمرة ؟ إن قسمتها أثلاثا ضعف نصيب كل واحد، وإن أعطتها واحدة دون الأخرى صار في ذلك جور، فما بقي إلا أن تؤثر بناتها أو تؤثر ابنتيها على نفسها، وتشق التمرة بينهما نصفين، وهذا شيء عجيب، ولذلك لما دخل النبي صلّى الله عليه وسلم حدثته عائشة رضي الله عنها بهذا عجبا وتعجبا، فذكر النبي صلّى الله عليه وسلم هذا الحديث وهو : ( من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار )، ابتلي لا تظنوا أنها شر، يعني من قدر له ذلك، والله سبحانه وتعالى يقول : (( نبلوكم بالشر والخير فتنة )) ، فالابتلاء بمعنى الاختبار، ورب امرأة خير من ألف رجل، ولقد أدركنا امرأة عجوزا كان لها ولد، وله أولاد وحاله طيبة، وهي فقيرة، ولها بنت تخدم، ولم ينفعها إلا ابنتها فصارت هذه البنت أنفع من الرجل، فأحيانا تكون البنات خيرا من الذكور لآبائهن وأمهاتهن.
أحياناً إذا قام الإنسان بعمل بر أشار إليه بعض الناس بعبارات كقولهم لو أخفيت عملك نسأل الله الإخلاص والله المستعان ... ؟
السائل : أحسن الله إليكم أحيانا إذا قام الإنسان بعمل بر ... كأنهم يشيرون : لو أخفيت عملك لكان أفضل يقولون نسأل الله الإخلاص والله المستعان، فالعبارات هذه تجرح هذا الشخص، ... ؟ الشيخ : نعم، نعم، هؤلاء فيهم شبه من المنافقين، الذين إذا تصدق أحد قالوا : نسأل الله الإخلاص، هذا إشارة إلى أنه لم يخلص، والتورية قد تكون أشد تأثيرا من الصريح، ولهذا قال العلماء : لو تخاصم رجلان فقال أحدهما للآخر : أنا الحمد لله قد وقاني الله الزنا، فما زنيت أبدا، قالوا : إن هذا قذف، قذف للخصم، مع أن الرجل الخصم ما قيل له إنك زاني، لكن لما قال : الحمد لله الذي عصمني من الزنا، صار معناه القدح العظيم في هذا الرجل، فإذا قال عندما سمع فلان يتصدق قال : إيه، نسأل الله الإخلاص، فهذا رمي له بالرياء، فلا يحل، الآن لو تقول لواحد من الناس تكلم معه وتكلمت قال : قلت : الله يهديك، ما المعنى؟ أنك ضررته بهذا الكلام، ولهذا لما قلت : الله يهديك، قال : الله يهديك أنت، أما ما قلت شيء، هذا واقع، فأحيانا يكون التعريض أشد من التصريح، ... ، من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة.
ربما أحب الإنسان أن يأتيه ولد أكثر من البنت فهل عليه شيء ؟
السائل : ربما يحب الإنسان أن يولد الولد ويتطلع إلى ذلك ... . الشيخ : لا ، ما فيه شيئ، ليس فيه شيء، لكن كونه إذا ولد له أنثى يعني كره ذلك، وتوارى من القوم من سوء ما بشر به، هذا الذي يكون مثل الجاهلية، أما يتمنى أن الله يرزقه ولدا يعني ذكرا، فلا بأس.
باب : أي الصدقة أفضل ، وصدقة الشحيح الصحيح . لقوله : (( وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت ... )) الآية . وقوله : (( يأيها الذين ءآمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ... )) الآية .
القارئ : بسم الله الرّحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الزكاة من صحيحه : باب : فضل صدقة الشحيح الصحيح، لقوله : (( وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي )) . الشيخ : نحن : باب : أي الصدقة أفضل، وصدقة الشحيح ، عندكم هذا ؟ ترجم، نسخ، طيب خلاص امش. القارئ : باب : فضل صدقة الشحيح الصحيح، لقوله : (( وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت ))، الآية ، وقوله : (( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ))، الآية. الشيخ : أمر الله تعالى بالانفاق مما رزقنا عز وجل قبل أن تأتي القيامة الصغرى والقيامة الكبرى، القيامة الصغرى في قوله : (( من قبل أن يأتي أحدكم الموت )) ، لأن كل من مات قامت قيامته، ودخل في عالم الآخرة، والقيامة الكبرى قوله : (( من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ))، وهذه القيامة الكبرى، وعلى هذا فبادر بالإنفاق قبل الموت، وأنفق لتنجو في الآخرة.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا عمارة بن القعقاع حدثنا أبو زرعة حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجراً قال أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان )
القارئ : حدثنا موسى بن اسماعيل قال : حدثنا عبد الواحد قال : حدثنا عمارة بن القعقاع قال : حدثنا أبو زرعة قال : حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال : ( جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرا ؟ قال : أن تصدق أونت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمن الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان ) . الشيخ : أي الصدقة أعظم أجرا ؟ قال : أن تصدق وأنت صحيح الجسم، شحيح النفس، يعني معك رغبة في نفسك رغبة كبرى للمال، فالصحة في الجسم، والشح في النفس، كما قال عز وجل : (( وأحضرت الأنفس الشح ))، ( تخشى الفقر وتأمن الغنى )، الغنى يعني الزيادة، لأن كل إنسان في الدنيا خائف من الفقر ومؤمن للغنى، وفي رواية أخرى، ولعلها خير من هذه من حيث المعنى قال : ( تخشى الفقر وتأمن البقاء )، يعني أنك تخشى من فقر مع طول عمر، والفقر مع طول العمر، أعاذنا الله وإياكم من ذلك، أشد، ولهذا بعض العجائز إذا أردن أن يدعون على أحد قلن : أعطاك الله الفقر وطول العمر، وهذا أشد، فلفظ : ( تخشى الفقر وتأمن البقاء ) أشد، لأن الذي يأمن البقاء مع خشية الفقر يكون أشد شحا بالمال، ( ولا تمهل حتى إذا بلغت )، يعني الروح ، ( الحلقوم ) ، يعني إذا قرب الموت، ( قلت لفلان كذا ولفلان كذا )، يعني توصي، تقول : أعطوا فلانا مئة، أعطوا فلانا مئتين، ، ( وقد كان لفلان )، من هو فلان ؟ الوارث، وظاهر الحديث : أن من أوصى بعد بلوغ الروح الحلقوم قبلت وصيته، وهذا فيه تفصيل : إن كان الإنسان معه وعيه فلا بأس أن تنفذ الوصية، وإلا فلا، هذا التفصيل أحسن من قول من يقول : إنه إذا حضر الموت لا تقبل الوصية مطلقا، والأخير هذا لو وجه لا شك فيه، لأنه إذا بلغت الروح الحلقوم خلاص زهد في الدنيا كلها، ما تساوي عنده الدنيا شيئا أبدا، بل إن بعض الناس إذا ثقل به المرض رخصت عنده الدنيا كلها، ولا تساوي عنده فلسا. السائل : هذا يعني أن الوصية أقل من أجر الصدقة ؟ الشيخ : ما فيها شك، الوصية حتى وإن كنت صحيحا شحيحا أقل أجر من الصدقة، لأن الموصي متى تنفذ وصيته ؟ إذا فارق الدنيا وصار ما يريد المال، بخلاف الذي يتصدق الآن وهو صحيح شحيح.
باب : حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها ( أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن للنبي صلى الله عليه وسلم أينا أسرع بك لحوقاً قال أطولكن يداً فأخذوا قصبةً يذرعونها فكانت سودة أطولهن يداً فعلمنا بعد أنما كانت طول يدها الصدقة وكانت أسرعنا لحوقاً به وكانت تحب الصدقة )
القارئ : قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الزكاة من صحيحه : باب : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا أبو عوانة عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها : ( أن بعض أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم قلن للنبي صلّى الله عليه وسلم : أينا أسرع بك لحوقا ؟ قال : أطولكن يدا، فأخذوا قصبة يذرعونها فكانت سودة أطولهن يدا، فعلمنا بعد أنما كانت طول يدها الصدقة، وكانت أسرعنا لحوقا به، وكانت تحب الصدقة ). الشيخ : أطولكن يدا ، ظنوا المراد : الطول الحسي، ولهذا أخذن قصبة يذرعونها فكانت سودة أطولهن يدا ، لكن علموا فيما بعد أن المراد بطول اليد كثرة الصدقة، إذا قال قائل : ما هذا السؤال ؟ أينا أسرع بك لحوقا ؟ ما الذي حمل عليه ؟ فالجواب : الذي حمل عليه شدة اشتياقهن لمصاحبة النبي صلّى الله عليه وسلم ، لأنه إذا مات الميت ... ، فسألن أيهن أسرع لحوقا به، لاشتياقهن إلى مصاحبته عليه الصلاة والسلام.
كأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم يعلمن أن النبي صلى الله عليه وسلم يموت قبلهن ؟
السائل : يعني فيه إشعار بأن نساء الرسول صلّى الله عليه وسلم كن يعلمن أن وفاته صلّى الله عليه وسلم ستكون قبلهن ؟ الشيخ : يحتمل، أو على التقدير يعني ، ما يدل على اليقين، لأنه إذا فرض بأنك مت أينا أسرع ؟
هل الأفضل أن يدعو الإنسان أن يكون ذو غنى حتى ينفق في سبيل الله أم يدعو أن يكون رزقه كفافاً لا له ولا عليه ؟
السائل : أيها أفضل أن يدعو الإنسان أن يكون ذا غنى حتى يستخدم المال في فعل الخير أو يدعو الله بأن يكون رزقه كفافا لا له ولا عليه ؟ الشيخ : إن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : ( اللهم اجعل رزق آل محمّد كفافا )، وأنه قال : ( لا حسد إلا في اثنتين ) وذكر إحداهما : ( الرجل يعطيه الله مالا فيسلطه على هلكته بالحق )، فالثاني أولى، أن يسأل الله أن يرزقه مالا ويسلطه على نفقته بالحق.
القارئ : " قوله : ( وكانت أسرعنا ) كذا وقع في الصحيح بغير تعيين ". الشيخ : أعد، أعد، أينا أسرع ؟ من أول أينا أسرع ؟ القارئ : من أول الباب ؟ الشيخ : أينا أسرع ؟ القارئ : " قوله : أسرع بك لحوقا ، مضروب على التمييز، وكذا قوله يدا، وأطولكن مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، قوله : فأخذو قصبة يذرعونها ، أي يقدرونها بذراع كل واحدة منهن، وإنما ذكر بلفظ جمع المذكر بالنظر إلى لفظ الجمع لا بلفظ جمع النساء ، وقد قيل في قول الشاعر : وإن شئت حرمت النساء سواكم *** أنه ذكره بلفظ جمع المذكر تعظيما. وقوله : ( أطولكن )، يناسب ذلك، وإلا لقال : طولاكن، قوله : فكانت سودة، زاد ابن سعد عن عفان عن أبي عوانة بهذا الإسناد : بنت زمعة بن قيس، قوله : ( أطولهن يدا ) : في رواية عفان : ( ذراعا )، وهي تعين أنهن فهمن من لفظ اليد الجارحة، قوله : فعلمنا بعد، أي لما ماتت أول نسائه به لحوقا، قوله : أنما، بالفتح، والصدقة بالرفع، وطول يدها بالنصب، لأنه الخبر، وقوله : ( وكانت أسرعنا )، كذا وقع في الصحيح بغير تعيين، ووقع في التاريخ الصغير للمصنف عن موسى بن إسماعيل بهذا الإسناد، فكانت سودة أسرعنا إلى آخره، وكذا أخرجه البيهقي في الدلائل، وابن حبان في صحيحه، من طريق العباس الدوري عن موسى، وكذا في راوية عفان عن أحمد وابن سعد عنه، قال ابن سعد : قال لنا محمّد بن عمر، يعني الواقدي، هذا الحديث، وهل في سودة " . الشيخ : وهِلَ يعني وهِلْ، وَهِلْ، عندكم باللام ؟ القارئ : نعم. الشيخ : وَهِلَ ما هي ب وَهَل، وهِل بمعنى وهم . القارئ : " وهِل في سودة، وإنما هو في زينب بنت حجش، فهي أول نسائه به لحوقا، وتوفيت في خلافة عمر ، وبقيت سودة إلى أن توفيت في خلافة معاوية في شوال سنة أربع وخمسين، قال ابن بطال : هذا الحديث سقط فيه ذكر زينب لاتفاق أهل السير على أن زينب أول من مات من أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم، يعني أن الصواب : وكانت زينب أسرعنا إلى آخره، ولكن يعكر على هذا التأويل تلك الروايات المتقدمة المصرح فيها بأن الضمير لسودة، وقرأت بخط الحافظ أبي علي الصدفي : ظاهر هذا اللفظ أن سودة كانت أسرع، وهو خلاف المعروف عند أهل العلم، أن زينب أول من ماتت من الأزواج، ثم نقله عن مالك من روايته عن الواقدي، قال : ويقويه رواية عائشة بن طلحة، وقال ابن الجوزي : هذا الحديث غلط من بعض الرواة، والعجب من البخاري كيف لم ينبه عليه ولا أصحاب التعاليق ولا علم بفساد ذلك الخطابي، فإنه فسره وقال : لحوق سودة بن من أعلام النبوة، وكل ذلك وهم ، وإنما هي زينب ، فإنها كانت أطولهن يدا بالعطاء كما رواه مسلم من طريق عائشة بنت طلحة عن عائشة بلفظ : ( فكانت أطولنا يدا زينب لأنها كانت تعمل وتتصدق )، انتهى. وتلقى مغلطاي كلام ابن الجوزي فجزم به، ولم ينسبه له، وقد جمع بعضهم بين الروايتين، فقال الطيبي : يمكن أن يقال فيما رواه البخاري : المراد الحاضرات من أزواجه دون زينب، وكانت سودة أولهم موتا، قلت : وقد وقع نحوه في كلام مغلطاي، ولكن يعكر على هذا أن في رواية يحيى بن حماد عند ابن حبان ( أن نساء النبي صلّى الله عليه وسلم اجتمعن عنده لم تغادر منهن واحدة )، ثم هو مع ذلك إنما يتأتى على أحد القولين في وفاة سودة، فقد روى البخاري في تاريخه باسناد صحيح إلى سعيد بن هلال أنه قال : * ماتت سودة في خلافة عمر *، وجزم الذهبي في التاريخ الكبير بأنها ماتت في آخر خلافة عمر، وقال ابن سيد الناس : إنه المشهور، وهذا يخالف ما أطلقه الشيخ محيي الدين حيث قال : * أجمع أهل السير على أن زينب أول من مات من أزواجه *، وسبقه إلى نقل الاتفاق ابن بطال كما تقدم، ويمكن الجواب بأن النقل مقيد بأهل السير، فلا يرد نقل قول من خالفهم من أهل النقل ممن لا يدخل في زمرة أهل السير، وأما على قول الواقدي الذي تقدم فلا يصح، وقد تقدم عن ابن بطال أن الضمير في قوله : فكانت لزينب، وذكرت ما يعكر عليه، لكن يمكن أن يكون تفسيره بسودة من بعض الرواة لكون غيرها لم يتقدم له ذكر، فلم يطلع على قصة زينب وكونها أول الأزواج لحوقا به جعل الضمائر كلها لسودة، وهذا عندي من أبي عوانة، وقد خالفه في ذلك ابن عيينة عن فراس كما قرأت بخط ابن رشيد أنه قرأه بخط أبي القاسم بن الورد، ولم أقف إلى الآن على رواية ابن عيينة هذه، لكن روى يونس بن بكير في زيادات المغازي والبيهقي في الدلائل بإسناده عنه عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي التصريح بأن ذلك لزينب، لكن قصر زكريا في إسناده فلم يذكر مسروقا ولا عائشة، ولفظه : ( قلن النسوة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم : أينا أسرع بك لحوقا ؟ قال : أطولكن يدا )، فأخذن يتذرعن أيتهن أطول يدا، فلما توفيت زينب علمن أنها كانت أطولهن يدا في الخير والصدقة، ويؤيده أيضا ما روى الحاكم في المناقب من مستدركه من طريق يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة أنها قالت : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأزواجه : ( أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا )، قالت عائشة : ( فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم نمد أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة، ولم تكن أطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي صلّى الله عليه وسلم إنما أراد بطول اليد الصدقة، وكانت زينب امرأة صناعة باليد، وكانت تدبغ وتخرز وتصدق في سبيل الله )، قال الحاكم على شرط مسلم ، انتهى. وهي رواية مفسرة مبينة مرجحة لرواية عائشة بنت طلحة في أمر زينب. قال ابن رشيد : والدليل على أن عائشة لا تعني سودة قولها : فعلمنا بعد، إذ قد أخبرت عن سودة بالطول الحقيقي، ولم تذكر سبب الرجوع عن الحقيقة إلى المجاز إلا الموت، فإذا طلب السامع سبب العدول لم يجد إلا الإضمار مع أنه يصلح أن يكون المعنى : فعلمنا بعد أن المخبر عنها إنما هي الموصوفة بالصدقة لموتها قبل الباقيات، فينظر السامع ويبحث فلا يجد إلا زينب، فيتعين الحمل عليه، وهو من باب اضمار ما لا يصلح غيره، كقوله تعالى : (( حتى توارت بالحجاب ))، قال الزين بن المنير : وجه الجمع أن قولها : فعلمنا بعد، يشعر إشعارا قويا أنهن حملن طول اليد على ظاهره، ثم علمن بعد ذلك خلافه، وأنه كناية عن كثرة الصدقة، والذي علمنه آخرا خلاف ما اعتقدنه أولا، وقد انحصر الثاني في زينب، للاتفاق على أنها أولهن موتا، فتعين أن تكون هي المرادة وكذلك بقية الضمائر بعد قوله : فكانت، واستغني عن تسميتها لشهرتها بذلك، انتهى. وقال الكرماني : يحتمل أن يقال أن في الحديث اختصارا أو اكتفاء بشهرة القصة لزينب، ويؤول الكلام بأن الضمير رجع إلى المرأة التي علم رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنها أول من يلحق به وكانت كثيرة الصدقة، قلت : الأول هو المعتمد وكأن هذا هو السر في كون البخاري حذف لفظ سودة من سياق الحديث لما أخرجه في الصحيح، لعلمه بالوهم فيه، وإنه لما ساقه في التاريخ بإثبات ذكرها ذكر ما يرد عليه من طريق الشعبي أيضا، عن عبد الرحمن بن أبزى قال : ( صليت مع عمر على أم المؤمنين زينب بنت جحش، وكانت أول نساء النبي صلّى الله عليه وسلم لحوقا به )، وقد تقدم الكلام على تاريخ وفاتها في كتاب الجنائز، وأنه سنة عشرين، وروى ابن سعد من طريق برزة بنت رافع قالت : ( لما خرج العطاء أرسل عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها، فتعجبت وسترته بثوب وأمرت بتفرقته، إلى أن كشف الثوب فوجدت تحته خمسة وثمانين درهما، ثم قالت : اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا، فماتت فكانت أول أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم لحوقا به )، وروى ابن ابي خيثمة من طريق القاسم من معن قال : ( كانت زينب أول نساء النبي صلّى الله عليه وسلم لحوقا به )، فهذه روايات يعضد بعضها بعضا، ويحصل من مجموعها أن في رواية أبي عوانه وهنا، وقد ساقه يحيى بن حماد عنه مختصرا ولفظه : ( فأخذن قصبة يتذارعنها، فماتت سودة بنت زمعة وكانت كثيرة الصدقة فعلمنا أنه قال أطولكن يدا بالصدقة )، هذا لفظه عند ابن حبان من طريق الحسن بن مدرك عنه، ولفظه عند النسائي عن أبي داود وهو الحراني عنه : ( فأخذن قصبة فجعلن يذرعنها فكانت سودة أسرعهن به لحوقا وكانت أطولهن يدا، وكأن ذلك من كثرة صدقتها )، وهذا السياق لا يحتمل التأويل إلا أنه محمول على ما تقدم ذكره من دخول الوهم على الراوي في التسمية خاصة والله أعلم ". الشيخ : هذا هو المعتمد أنه وهم من الراوي حيث سماها سودة وهي زينب، واللفظ الذي معنا : فعلمنا بعد، يدل بظاهره على ذلك أنهم علموا أن المراد كثرة الصدقة، لأن زينب ماتت فهي الأولى.
هل في عدم تعيين اسمها حث لزوجاته على الإكثار من الصدقة ؟
السائل : هل في عدم تعيينها باسمها إنما بوصفها، هل فيه حث لبقية النساء أن يتصدقن ؟ الشيخ : إي نعم، يعني كون الرسول ما عينها. السائل : الاجتهاد وفي الصدقة ؟ الشيخ : إي نعم. السائل : ... ؟ الشيخ : لا ما فيه دليل.
باب : صدقة العلانية . قوله : (( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية )) إلى قوله (( ولا هم يحزنون )) .
القارئ : باب : صدقة العلانية وقوله عز وجل : (( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية ))، إلى قوله : (( ولا هم يحزنون ))، باب : صدقة السر، وقال أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم . الشيخ : باب : صدقة العلانية، ما عندي، وقوله ، قوله : (( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية )) ، قوله : (( الذين ينفقون أموالهم بالليل )) الباء هنا للظرفية، كقوله تعالى : (( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين، وبالليل )) يعني وفي الليل، (( سرا )) هذه مفعول مطلق ، أي ينفقون إنفاقا سرا، (( وعلانية )) جهرا، إلى قوله : (( ولا هم يحزنون ))، (( فلهم أجرهم )) أي ثوابهم، وسماه الله تعالى أجرا من باب المنة على هؤلاء، أنهم استحقوه كما يستحق العامل أجره على من عمل عنده، فلا خوف عليهم في المستقبل، ولا هم يحزنون في الماضي، العجب أن المؤلف رحمه الله ما ذكر أحاديث، مع أنه في أحاديث على شرطه، بل هو رواها أيضا، تكلم عليها الشارح؟ القارئ : قال : " سقطت هذه الترجمة للمستملي وثبتت للباقين، وبه جزم الاسماعيلي، ولم يثبت فيها لمن ثبتها حديث، وكأنه أشار إلى أنه لم يصح فيها شيء على شرطه ". الشيخ : أقول قصة القوم الذين وفدوا من مضر، وأمر النبي صلّى الله عليه وسلم بالصدقة لهم، فأتى الناس بصدقاتهم علانية، وتصدق أبو بكر بجميع ماله علانية، وعمر بشطره علانية، ولكن أيهما أفضل ؟ الأصل أن الأفضل هو السر، لوجهين : الوجه الأول : أنه أقرب إلى الإخلاص وعدم الرياء. والثاني : أنه أنفع للفقير المتصدق عليه حتى لا يخجل بالمنة عليه ظاهرا، لكن إذا اقترن بالعلانية مصلحة صارت أفضل، فقد يعرض للمفضول ما يجعله فاضلا. السائل : ... ؟ الشيخ : يدخل في هذا أن يعلنها ليقتدي بذلك غيره، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة )، وهذا الحديث له وجهان : الوجه الأول : أن تكون السنة قد نسيت فيحييها هذا الرجل، فيكون قد سن سنة حسنة، ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه في قيام رمضان جماعة قال : ( نعم البدعة هي )، فهي ليست بدعة شرعية، لكن بدعة باعتبار أنها تركت ثم أعيدت. والوجه الثاني : أن يكون المراد ( من سن سنة ) أي من تقدم وسبق إليها، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم ذكر هذا الحديث حين جاء رجل بصرة معه، فألقاها بين يدي النبي صلّى الله عليه وسلم فقال : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة )، وعليه فيبطل قول من يقول : إن السنن التي ترقق القلوب وتهيج الناس على العمل أنها سنة حسنة، كما يفعل بعض الصوفية، وبعض أهل الزهد، الذين يخرجون عن طور السنة، فهؤلاء لا يقال أنهم سنوا سنة حسنة، بل ابتدعوا بدعة ضلال.