تتمة شرح الحديث : حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد عن خثيم بن عراك قال حدثني أبي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ح حدثنا سليمان بن حرب حدثنا وهيب بن خالد حدثنا خثيم بن عراك بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ليس على المسلم صدقة في عبده ولا في فرسه )
الشيخ : وأن الذهب يعتبر جنسا مستقلا، والفضة جنس مستقل، فلو كان عند الإنسان نصف نصاب من الذهب، ونصف نصاب من الفضة، فلا زكاة عليه، وقول من قال من العلماء أنه يضم الذهب إلى الفضة قول ضعيف، وعللوا هذا القول بأن المقصود بهما واحد وهو النقدية. فيقال : يلزمكم على هذا أن تضموا البر إلى الشعير فيما لو كان مزارع عنده نصف نصاب من البر، ونصف نصاب من الشعير، فإنه لا يضم أحدهما إلى الآخر، مع أن المقصود بهما واحد وهو الأكل، وبهذا يتبين لك أن الأقيسة المخالفة للنصوص متناقضة، لا في هذه المسألة ولا غيرها، متناقضة لا يمكن أن تثبت على شيء. السائل : الأنواع ... ؟ الشيخ : إي معلوم، لأن النخيل جنس، والذي لا يضم هو الأجناس، لا يضم بعضها إلى بعض، أما الأنواع فلا فرق بين هذا النوع وهذا النوع. السائل : ... ؟ الشيخ : إي نعم، محلات الذهب تزكى زكاة عروض وتجارة، لأن أهلها يتجرون بها.
بعض الناس عنده مصنع وفيه قطع يبيعها قبل أن يحول عليها الحول ويشتري بثمنها مواد خام لصناعة هذه القطع هل هذه القطع التي باعها يزكيها أم لا ؟
السائل : بعض الناس عنده مصنع مثلا وينتج قطع يبيعها قبل أن يحول عليها الحول، ولكن يشتري بثمنها خام لصناعة هذه القطع، هل هذه القطع التي باعها ... ؟ الشيخ : لا، يزكي ماله في وقته، كل المال يزكى في وقته، فما كان عنده وقت وجوب الزكاة فليزكى، سواء زاد عن قيمته أو نقص. السائل : لكن إذا باعها قبل أن يحول الحول، ما يزكيه؟ الشيخ : ما يزكيه، لأنه إذا باعها يبي يأتي ببدلها إلا إذا باعها فيما ليس فيه زكاة، كما لو باعها بالسيارة يستعملها، فحينئذ ينقطع الحول ولا زكاة عليه.
حدثنا معاذ بن فضالة حدثنا هشام عن يحيى عن هلال بن أبي ميمونة حدثنا عطاء بن يسار أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يحدث ( أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله فقال إني مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها فقال رجل يا رسول الله أويأتي الخير بالشر فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له ما شأنك تكلم النبي صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك فرأينا أنه ينزل عليه قال فمسح عنه الرحضاء فقال أين السائل وكأنه حمده فقال إنه لا يأتي الخير بالشر وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم إلا آكلة الخضراء أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ورتعت وإن هذا المال خضرة حلوة فنعم صاحب المسلم ما أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وإنه من يأخذه بغير حقه كالذي يأكل ولا يشبع ويكون شهيداً عليه يوم القيامة )
القارئ : حدثنا معاذ بن فضالة قال : حدثنا هشام عن يحيى عن هلال بن أبي ميمونة قال : حدثنا عطاء بن يسار أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يحدث ( أن النبي صلّى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر، وجلسنا حوله فقال : إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها ، فقال رجل : يا رسول الله، أو يأتي الخير بالشر؟ فسكت النبي صلّى الله عليه وسلم، فقيل له : ما شأنك تكلم النبي صلّى الله عليه وسلم ولا يكلمك، فرأينا أنه ينزل عليه، قال : فمسح عنه الرحضاء ). الشيخ : الرحضاء يعني العرق. القارئ : ( فقال : أين السائل ؟ وكأنه حمده، فقال : إنه لا يأتي الخير بالشر، وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم إلا آكلة الخضراء، أكلت حتى إذا امتدت خاصرتها استقبلت عين الشمس، فثلطت وبالت ورتعت، وإن هذا المال خضرة حلوة، فنعم صاحب المسلم ما أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل، أو كما قال النبي صلّى الله عليه وسلم، وإنه من يأخذْه بغير حقه ). الشيخ : يأخذُه. القارئ : ( وأنه من يأخذه بغير حقه كالذي يأكل ولا يشبع، ويكون شهيدا عليه يوم القيامة ). الشيخ : هذا يدل على خطر الدنيا إذا فتحت على الناس، واتبعوا زينتها وزخارفها، يقول عليه الصلاة والسلام : ( إنما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها )، إنما أخاف، هذه أداة حصر، جملة حصرية، كأنه قال : ما أخاف عليكم إلا هذا، فقال رجل : يا رسول الله أو يأتي الخير بالشر ؟ السائل يريد بالخير المال وما فتح على الناس من الدنيا، فسكت النبي صلّى الله عليه وسلم، فقيل له : ما شأنك ...، فرأينا أنه ينزل عليه، كعادته عليه الصلاة والسلام، إذا نزل عليه الوحي صار يتصبب عرقا، ثم يرفع عنه، يقول : فقال : أين السائل ؟ فمسح عنه الرحضاء يعني العرق، وفي هذ دليل على أن الإنسان إذا عرق ينبغي له أن يزيل العرق، لأنه قد يجتمع عليه أوساخ أو غير هذا مما يضره، وتأسيا بالرسول صلّى الله عليه وسلم، يقول : فقال : أين السائل ؟ وكأنه حمده، كيف عرف أنه حمده ؟ لأنه يؤخذ من الوجه، وأسارير الوجه ما يدل على الحمد أو الذم، وإن كانت الكلمات نفسها، لا يؤخذ منها ذلك، فقال : ( إنه لا يأتي الخير بالشر )، نعم، الخير خير لا يولد إلا خيرا، ثم ضرب مثلا قال : ( وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم )، يعني الربيع ينبت العشب، في هذا العشب مع أنه خير، ما يقتل البهيمة، أو يلم أي يقارب أن يقتلها، وهذا واقع، فإن الربيع إذا جاء بعد الجدب، وأكلت منه البهائم يخشى أن يقتلها، لأنها تأتي بشغف عظيمة، وتأكل كل ما أمامها، ويكون في هذا الذي أكلته مضره عليها، قال : ( إلا آكلة الخضراء )، يعني الأوراق، ( تأكلها حتى إذا امتدت خاصرتاها ) يعني شبعت وظهر بطنها مما أكلت، ( استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ) بمعنى أنه تتوقف إذا امتدت خاصرتاها، توقفت واستقبلت عين الشمس، لأن للشمس تأثيرا في هول هذا الربيع الذي أكلت، ولهذا قال : ( فثلطت وبالت ورتعت )، ثلطت ما يخرج من دبرها، وبالت ما يخرج من قبلها، ورتعت عادت إلى الأكل، هذه سلمت أو لم تسلم ؟ سلمت، لأنها قدرت على نفسها ما تحتاج ثم حاولت أن تزيل أذاه فسلمت. ( وإن هذا المال خضرة حلوة ) خضرة في المنظر، حلوة في المذاق، فإذن هو جاذب للنفس من جهتين : من جهة الرؤية، ومن جهة المذاق، والنفس تصبو إلى مثل هذا، فتنغمس فيه من غير أن تشعر، ولكنه قال : ( فنعم صاحب المسلم ما أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل )، أو كما قال، يعني أن المال إذا أنفق في هذه الجهات، فإنه نعم المال، وكما نعلم أن الناس في المال ينقسمون إلى أقسام : منهم من ينفقه في المعاصي، ومنهم من ينفقه في المباحات، ومنهم من ينفقه في الطاعات، ومنهم من يمسكه ولا ينفقه، الناس أنواع وأصناف، ثم قال عليه الصلاة والسلام : ( وأنه من يأخذه بغير حقه كالذي يأكل ولا يشبع )، اللهم صلّ وسلم عليه، صدق الرسول، والواقع شاهد بهذا، الذي يأكل المال بغير حقه كالذي يأكل ولا يشبع، إذن فتجد فيه نهمة على أخذ المال وأكل المال، ولكنه لا يشبع والعياذ بالله، واعتبر هذا بآكل الربا، فإن معه نهمة عظيمة على طلب الربا، حتى لو كانوا ذوي أموال طائلة، ويكون المال يكون شهيدا عليه يوم القيامة، إذا أخذه بغير حقه. السائل : في الكتاب عندي : ( وإن مما ). الشيخ :( وإن مما )، اي حتى عندي، ( وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم ). السائل : في الشرح يقول : ( إنما ) بالحصر. الشيخ :( وإن مما ) يعني ظننتها إنما صحيح، فهذا تنبيه طيب. السائل : ... ؟ الشيخ : هذا من قوله : ( يقتل أو يلم ).
في بعض عروض التجارة بعض الأشياء تقارب الفساد فيخرجها صاحب العروض على أنها زكاة هل هذا جائز ؟
السائل : في عروض التجارة ... من بعض ... فيها فساد فيخرج هذه الأشياء على أساس إنها من الزكاة هل تجزئه ؟ الشيخ : كيف؟ عروض التجارة لا يجوز إلا الدراهم، لا يجوز أن يخرج من العروض. السائل : أصحاب المحلات ؟ الشيخ : أصحاب المحلات وغيرهم، العروض لا يجوز إخراج زكاتها إلا من النقود، لأن المقصود بها النقود، ولأنه لو فتح الباب وقيل : إن الإنسان يخرج من العروض، لكان بعض الناس يختارون من العروض ما هو كاسد، ولا. السائل : ... ؟ الشيخ : لا تجزئه، إلا من النقود، عروض التجارة.
حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال حدثني شقيق عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله رضي الله عنهما قال فذكرته لإبراهيم ح فحدثني إبراهيم عن أبي عبيدة عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله بمثله سواءً قالت ( كنت في المسجد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال تصدقن ولو من حليكن وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام في حجرها قال فقالت لعبد الله سل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيجزيء عني أن أنفق عليك وعلى أيتام في حجري من الصدقة فقال سلي أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت امرأةً من الأنصار على الباب حاجتها مثل حاجتي فمر علينا بلال فقلنا سل النبي صلى الله عليه وسلم أيجزيء عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري وقلنا لا تخبر بنا فدخل فسأله فقال من هما قال زينب قال أي الزيانب قال امرأة عبد الله قال نعم لها أجران أجر القرابة وأجر الصدقة )
القارئ : حدثنا عمر بن حفص قال : حدثنا أبي قال : حدثنا الأعمش قال : حدثني شفيق عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله رضي الله عنهما قال : فذكرته لابراهيم، فحدثني ابراهيم عن أبي عبيدة عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله بمثله سواء، قالت : ( كنت في المسجد فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم فقال : تصدقن ولو من حليكن وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام في حِجرها، فقالت لعبد الله : سل رسول الله صلّى الله عليه وسلم ). الشيخ : وأيتام في حَجرها. القارئ : كسرة عندي. الشيخ : بالفتح، الحجر بالكسر عقد. القارئ : ( وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام في حجرها فقالت لعبد الله : سل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أيجزئ عني أن أنفق عليك وعلى أيتام في حجري من الصدقة ؟ فقال : سلي أنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فانطلقت إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فوجدت امرأة من الأنصار على الباب، حاجتها مثل حاجتي، فمر علينا بلال، فقلنا : سل النبي صلّى الله عليه وسلم أيجزئ عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري، وقلنا : لا تخبر بنا، فدخل فسأله ، فقال : من هما ؟ قال : زينب، قال : أي الزيانب ؟ قال : امرأة عبد الله، قال : نعم، ولها أجران : أجر القرابة وأجر الصدقة ).
باب : قول الله تعالى (( وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله )) ويذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما يعتق من زكاة ماله ويعطي في الحج وقال الحسن إن اشترى أباه من الزكاة جاز ويعطي في المجاهدين والذي لم يحج ثم تلا : (( إنما الصدقات للفقراء ... )) الآية في أيها أعطيت أجزأت وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن خالدا احتبس أدراعه في سبيل الله ) ويذكر عن أبي لاس ( حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة للحج )
القارئ : بسم الله الرحمن الرّحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الزكاة من صحيحه : باب : قوله الله تعالى : (( وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله ))، ويذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( يعتق من زكاة ماله ويعطي في الحج )، وقال الحسن : " إن اشترى أباه من الزكاة جاز، ويعطي في المجاهدين والذي لم يحج، ثم تلا : (( إنما الصدقات للفقراء ))، الآية، في أيها أعطيت أجزأْت "، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم . الشيخ : عندي أجزأَت. القارئ : في أيها أعطيت أجزأَت، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم : ( إن خالدا احتبس أدراعه في سبيل الله )، ويذكر عن أبي لاس : ( حملنا النبي صلّى الله عليه وسلم على إبل الصدقة للحج ). الشيخ : هذه مسائل، باب : قول الله تعالى : (( وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله ))، هذه من أهل الزكاة، الرقاب ذكر العلماء أن لها ثلاثة أصناف : أن يشتري عبدا فيعتقه، والثاني : أن يكاتب عبده، والثالثة : أن يفدي أسيرا مسلما من الكفار، كل هذا في الرقاب، وكذلك لو كان عنده عبد فقدر قيمته وأعتقه، فإنه يجزئه، وقوله : (( والغارمين )) يعني الذي عليهم ديون، لا يستطيعون وفاءها، فإنه يوفى عنهم من الزكاة، ولكن إن كان هذا الغارم أمينا حريصا على وفاء دينه، فإنه يعطى بيده ويوفي، لأن ذلك أبعد عن الرياء وأولى بهذا المعطى، حتى لا يظهر لأحد منة، أما إذا كان الغريم الذي عليه الدين لا يوثق به، ويخشى إن أعطيناه لقضاء الدين أن يصرفه في غيره، فهذا لا نعطيه بنفسه، وإنما نذهب إلى غريمه الذي يطلبه، ونسدد عنه، أما قوله : (( في سبيل الله ))، فلا شك أن الجهاد في سبيل الله داخل فيه، ولكن كيف يصرف ؟ قيل أنه يعطى المجاهدين، ينفق على المجاهدين، ولا يصح أن يشترى به السلاح، وقيل : بل يصح أن يعطى المجاهدين وأن يشترى به سلاح، لأن المجاهد لا يجاهد إلا بالسلاح، وهذا القول هو الراجح، ويأتي له شاهد إن شاء الله تعالى، هل الحج داخل في قوله : (( في سبيل الله )) ؟ في هذا خلاف بين أهل العلم، بعضهم يقول : إنه داخل في قوله (( في سبيل الله )) ، لأن الحج نوع من الجهاد، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم لعائشة : ( عليهن جهاد لا قتال فيه )، لأن الله تعالى قال في القرآن الكريم : (( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ، وأتموا الحج والعمرة لله )) فذكر إتمام الحج بعد الأمر بالإنفاق في سبيل الله، ولكن هل يعطى في حج التطوع والحج الواجب كما هو في الجهاد ويعطى في الغزو التطوع والواجب أو يختص بالواجب ؟ ننظر إلى كلام السلف، قال : يذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( يعتق من زكاة ماله ويعطي في الحج )، وظاهر كلامه في قوله : يعطي في الحج، الإطلاق، كما كان ذلك في الجهاد، وقال الحسن : " إن اشترى أباه من الزكاة جاز ويعطى في المجاهدين والذي لم يحج "، وكلام الحسن أصح، أنه إذا قيل بجواز دفعها في الحج فإنه يعطى من لم يحج، لأن من لم يحج كالفقير يحتاج إلى الحج، بخلاف الذي أدى الفريضة، وقول الحسن : إن اشترى أباه من الزكاة جاز ، يشير إلى أن من كان من أهل الزكاة فلا فرق بين أن يكون من الأصول أو الفروع، ويشير أيضا إلى أنه يجزئ صرف الزكاة بالإعتاق، سواء عتق قهرا أم اختيارا، وذلك لأن الإنسان إذا اشترى أباه، أباه رقيق وهو حر، فاشترى أباه، فإنه أباه يعتق بمجرد الشراء، إذن كان الحسن رحمه الله أشار إلى شيئين مهمين، الأول : جواز صرف الزكاة فيمن يستحقها من الأصول أو الفروع، والثاني : أنه لا فرق في صرف الزكاة في الرقاب، بين من يعتق جبرا أو اختيارا، وقال : ويعطى في المجاهدين واضح، والذي لم يحج كذلك واضح، ثم تلا مستدلا بما قال : (( إنما الصدقات للفقراء )) الآية، الآيةَ أم الآيةُ أم الآيةِ ؟ الآيةَ بالنصب على أنها مفعول لفعل محذوف، التقدير اقرأ الآية، أو أكمل الآية. في أيها أعطيت أجزأت، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم : ( إن خالدا احتبس أدراعه في سبيل الله ) ، خالد بن الوليد، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم بعث عمر على الصدقة، يأخذها من الناس، فرجع فقيل : منع ثلاثة، منعوا من إعطاء الزكاة، أولهم : ابن جميل واسمه عبد الله، والثاني : خالد بن الوليد، والثالث : العباس بن عبد المطلب، ثلاثة لما أخبر النبي صلّى الله عليه وسلم أعطى كل ذي حق حقه، قال : ( ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيرا فأغناه الله ) وهذا قدح أو مدح ؟ نعم، قدح، قدح عظيم، يعني ما عذره ؟ عذره أن الله أغناه ويمنع الزكاة ؟ وقد قيل : إنه من المنافقين، ولكن هذا يحتاج إلى ثبوت، إلى دليل، ولا شك إن منعوا الزكاة غلط، وأما خالد، اسمع، ( وأما خالد، فإنكم تظلمون خالدا، فقد احتبس أعتاده وأدراعه في سبيل الله )، هذه مدح أو قدح ؟ مدح، ولهذا قال : تظلمون خالدا، ولم يقل : تظلمونه، فأظهر اسمه العلم رفعة له، وإظهارا لشرفه، يعني كأنه قال : خالد، من هو خالد هذا الذي تظلمونه ؟ إنكم تظلمون خالدا، ثم ذكر أنه احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، هل هذا يعني أن رجلا تطوع وحبس أدراعه يعني وقفها في سبيل الله، لا يمكن أن يمنع الزكاة ؟ أو أن المعنى أنه وضع زكاته في آلات الحرب ؟ إي نعم، فيه احتمال هذا وهذا، فإن كان على الأول، فالمعنى أن من تبرع بما ليس بواجب، فأولى أن يبذل ما كان واجبا، وأما على الثاني فهو دليل على أنه يجوز لصاحب الزكاة أن يشتري أسلحة وأعتادا يصرفها في الجهاد في سبيل الله، وأيا كان فإن النبي صلّى الله عليه وسلم دافع عنه أشد المدافعة، أما العباس، العباس عمه، قال : ( فهي علي ومثلها )، هي علي ومثلها، اللهم صلّ وسلم عليه، هذا من صلة الرحم، لكن لم قال : ( علي ومثلها )، في بعض السنن أن النبي صلّى الله عليه وسلم تعجل من الزكاة، من زكاة العباس سنتين، تعجل سنتين، ولكن هذا التأويل بعيد، لأنه لو كان الأمر كذلك لقال : وأما العباس فقد أداها، وتعجل، لكنه قال : ( هي علي ومثلها )، وسبب ذلك والله أعلم، أن العباس منع محتجا بقرابته من النبي صلّى الله عليه وسلم، فكأنه ممن توسل بجاهه إلى منع الزكاة، فأراد النبي صلّى الله عليه وسلم أن يبطل هذا التوسل بجاهه وقربه من الرسول صلّى الله عليه وسلم ، لأن الناس في أحكام الله سواء، فيكون هذا نوعا من التعزير، وهذا هو الأقرب، لكنه صلّى الله عليه وسلم لصلته لرحمه جعل هذا على نفسه، سياسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مثل هذا تماما، كان إذا نهى الناس عن شيء جمع حاشيته وأهله وقال لهم : ( إني نهيت الناس عن كذا، وإن الناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، يترقبون الفرصة، فلا يبلغني عن أحد منكم أنه فعل هذا إلا ضاعفت عليه الغرم )، سبحان الله، يعني معناه يشدد عليه تعزيرا، لأن القريبين من الخليفة إنما يسطون بسيف الخليفة وقربهم منه، فأراد عمر أن يردعهم، وقال : ليش أنكم تتوسلون إلى ... يعني لما أنهاكم عنه لقربكم مني، الشاهد من هذا الحديث قوله : أنه احتبس أدراعه في سبيل الله، ويذكر عن ابن لاس قال : ( حمل النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم على إبل الصدقة للحج )، لكن هذا الأثر كما رأيتم ضعيف عند البخاري، لماذا؟ لأنه قال بصيغة يذكر، الدالة على التمريض.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد وعباس بن عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله ورسوله وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله وأما العباس بن عبد المطلب فعم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليه صدقة ومثلها معها ) تابعه ابن أبي الزناد عن أبيه وقال ابن إسحاق عن أبي الزناد هي عليه ومثلها معها وقال ابن جريج حدثت عن الأعرج بمثله .
القارئ : حدثنا أبو اليمان قال : أخبرنا شعيب قال : حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : ( أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالصدقة، قيل : منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس بن عبد المطلب، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله ورسوله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله ، وأما العباس بن عبد المطلب فعم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فهي عليه صدقة ومثلها معها )، تابعه ابن ابي الزناد عن أبيه، وقال ابن اسحاق عن أبي الزناد : هي عليه ومثلها معها، وقال ابن جريج : حدثت عن الأعرج مثله. الشيخ : الرابع ما ذكره، ( فهي علي ومثلها )، ... الفتح.
القارئ : " قوله : فهي عليه صدقة ومثلها معها، كذا في رواية شعيب، ولم يقل ورقاء ولا موسى بن عقبة صدقة، فعلى الراوية الأولى يكون صلّى الله عليه وسلم ألزمه بتضعيف صدقته ليكون أرفع لقدره وأنبه لذكره وأنفى للذم عنه، فالمعنى فهي صدقة ثابتة عليه سيصدق بها ويضيف إليها مثلها كرما. ودلت رواية مسلم على أنه صلّى الله عليه وسلم التزم بإخراج ذلك عنه لقوله : ( فهي علي ) وفيه تنبيه على سبب ذلك، وهو قوله : ( إن العم صنو الأب )، تفضيلا له وتشريفا، ويحتمل أن يكون تحمل عنه بها، فيستفاد منه أن الزكاة تتعلق بالذمة كما هو أحد قولي الشافعي، وجمع بعضهم بين رواية : عليّ، ورواية : عليه، بأن الأصل رواية : عليّ، ورواية عليه مثلها إلا أن فيها زيادة هاء السكت، حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر. وقيل معنى قوله : علي، أي هي عندي قرض، لأنني استلفت منه صدقة عامين، وقد ورد ذلك صريحا فيما أخرجه الترمذي وغيره من حديث علي، وفي إسناده مقال . وفي الدارقطني عن طريق موسى بن طلحة أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : إنا كنا احتجنا فتعجلنا من العباس صدقة ماله سنتين، وهذا مرسل، وروى الدارقطني أيضا موصولا بذكر طلحة فيه وإسناد المرسل أصح، وفي الدارقطني أيضا من حديث ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلم بعث عمر ساعيا، فأتى العباس فأغلظ له، فأخبر النبي صلّى الله عليه وسلم فقال : إن العباس قد استلفنا زكاة ماله العام، والعام المقبل، وفي إسناده ضعف. وأخرجه أيضا هو والطبراني من حديث أبي رافع نحو هذا وإسناده ضعيف أيضا. ومن حديث ابن مسعود إن النبي صلّى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقته سنتين، وفي إسناده محمّد بن زكوان وهو ضعيف، ولو ثبت لكان رافعا للإشكال ولرجح به سياق رواية مسلم على بقية الروايات، وفيه رد لقول من قال : إن قصة التعجيل إنما وردت في وقت غير الوقت الذي بعث فيه عمر لأخذ الصدقة، وليس ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيد في النظر بمجموع هذه الطرق، والله أعلم ".
الشيخ : الأقرب - والله أعلم - أن اللفظ الصحيح : ( فهي علي ومثلها ) وهو سياق مسلم، ولكن يمكن الجمع بين هذا اللفظ ويبن قوله : ( هي عليه ومثلها معها ) بأن الرسول تحملها ثم يرجع عليه فيما بعد، هذا إن صح اللفظ، إن كان اللفظ محفوظا ( فهي عليه ومثلها معها )، وأما إذا كان اللفظ المحفوظ هو : ( فهي علي ومثلها ) فلا إشكال.
السائل : قلنا في أثر الحسن جواز صرف الزكاة للفروع ؟ الشيخ : زكاة الأصول. السائل : الأصول يعني؟ الشيخ : نعم. السائل : والفروع؟ الشيخ : مثلها، إذا جاز للأعلى جاز للأسفل السائل : ولو كانوا أولاده صغار؟
قاعدة : لا تجزيء الزكاة إذا كان يدفع بها واجباً عنه .
الشيخ : هذه قاعدة، لا تجزئ إذا كان يدفع بها واجبا عنه، فلو فرضنا أن له أخا تلزمه نفقته وأراد أن يدفع لأخيه زكاته فإنه لا يجزئه، لأنه إذا أدى إليه الزكاة وفر على نفسه النفقة. فالقاعدة أن كل من أسقط بالزكاة واجبا عليه فإنها لا تجزئه، واضح، كذلك لو نزل به ضيف فأطعمه من التمر، واحتسب ذلك من الزكاة فإنه لا يجزئه، لأنه دفع عن نفسه واجبا، كذلك لو كان له أب فقير وهو غني، وأراد أن يعطي أباه لفقره من الزكاة لينفق على نفسه منها، فإن ذلك لا يجزئه، لأنه يجب عليه أن ينفق على أبيه، أما لو قضى دينا على أبيه أجزأ، السبب ؟ لأنه لا يلزمه أن يقضي دين أبيه، وكذلك يقال في الابن لو كان إنسان له ابن فقير واحتاج إلى النفقة الابن، فإنه لا يجوز أن ينفق عليه من الزكاة، لكن لو حصل حادث منه، وألزم بغرامة جاز لأبيه أن يدفع في هذه الغرامة، لأنه لا يلزمه أن يدفع غرامة عن ابنه. السائل : شيخ بارك الله فيكم ما هو الضابط الذي يكون به الإنسان غنيا فيجب عليه الإنفاق على أخيه مثلا ؟ الشيخ : نعم. السائل : يعني هل يقاس بالسنة أم بالشهر أم باليوم ؟ الشيخ : لا لا، هم يقيسونها بالسنة، يقيسونها بالسنة، يقول لأن اليوم ربما مثلا تكسب اليوم ما تحصل به النفقة واليوم الثاني ما تكسب. السائل : إذا كان الإنسان ... ؟ الشيخ : والحقيقة أن النفقة لسنة أو أكثر ما لها ضابط أيضا، لأنه ربما ترتفع الأسعار، يكون قدر الإنسان ما ينفق كل شهر ألف ريال، ثم ترتفع الأسعار ويحتاج إلى ألفين، أو بالعكس، لكن بالتقدير مثلا لو قدرنا إنسان عنده وظيفة بألفين ريال، ونفقته بألفين ريال، هذا غني ما يعطي من الزكاة، ولو فرض أن نفقته ألف وخمسمئة أيضا لا يعطى. السائل : ... ؟ الشيخ : لا ، نفقته ألف وخمسمئة وعنده ألفين، بالعكس. السائل : ... ؟ الشيخ : عليه صدقة، وليس معناه أنه يبي يتصدق عليه، يعني يلزمه صدقة، الذي يلزمه زكاة المال ومثلها أيضا. السائل : ... ؟ الشيخ : لا ، ليس الراجح أنه هذا، الراجح أنه يجوز أن تشرى آلة الحرب أو تعطى المجاهدين. السائل : ... ؟ الشيخ : الدواب التي يغزى عليها، لا دخل لها بهذا. السائل : الدواء ؟ الشيخ : الدواء، الدواء يدخل في الحاجة، إذا كان ما عندهم ما يشترون به الدواء فنعم. السائل : بناء الحصون أو حفر الخنادق ؟ الشيخ : لا، هذه ما تدخل في الزكاة، ما تدخل في المجاهدين ، هذه من أعمال البر العامة. السائل : أحد التجار تبرع بحوالي أكثر من مليون لبناء سور على الحدود طبعا للدولة، فهل هذه تعتبر زكاة ؟ الشيخ : لا، ما تعتبر، هذه من أعمال الخير العامة. السائل : ترميم المساجد يا شيخ ؟ الشيخ : ليس من الزكاة.
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ( إن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد ما عنده فقال ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر )
القارئ : حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ( أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال : ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن ). الشيخ : ... أحسن. القارئ : ( ومن يستعفف يعفُه ). الشيخ : يعفّه ... . القارئ : ( ومن يستعفف يعفّه الله ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر ). الشيخ : اللهم صل وسلم عليه الاستعفاف عن المسألة واجب إلا عند الضرورة القصوى، وإلا فالواجب أن يستعف الإنسان عن المسألة، لأن المسألة ذل، وتعلق بغير الله عز وجل، واستعانة بغير الله، وما أكثر ندم الإنسان إذا ذكر يوما من الأيام أنه جاء يسأل إنسان لكن الرخصة جائزة، كل من جاز له شيء جاز له سؤاله، لكن كلما استعف الإنسان فهو أفضل وأرفع وأنزه. حتى لو فرض أنه لا يأكل في اليوم والليلة إلا وجبة واحدة، فلا يسأل، يبقى عزيزا، ولهذا امتدح الله تعالى هؤلاء في قوله : (( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا ))، وأما الذي يسأل تكثرا فإنه قد أتى الكبيرة، قال النبي صلّى الله عليه وسلم : ( من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر ) ، لكن من سأل من بيت المال هل يدخل في هذا الحديث ؟ أو يقال بيت المال للمسلمين عموما ؟ وما سؤال الإنسان من بيت المال إلا تنبيه المسؤولين عن بيت المال بأنه من أهله، بأنه مستحق، ما تقولون ؟ مو بواضح، يعني إنسان مثلا يريد أن يسأل من بيت المال ترقية، ترقية وظيفة، الآن الذي عنده كافية وزيادة، لكن يريد ترقية، فهل له أن يسأل أو لا ؟ لأنه الآن إنما يسأل تكثرا في الواقع، ما هو للضرورة، ولا دفع حاجة ولكن تكثرا، هل يدخل في هذا الحديث : ( من سأل الناس أموالهم تكثرا ) ؟ أو يقال : هذا تنبيه للمسؤولين على أنه مستحق ؟ الأول أقرب، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لعمر : ( ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ، وما لا فلا تتبعه نفسك ) . طيب سؤال آخر، الحكومة توزع كتب لطلبة العلم، فهل إذا قدمت طلبا يكون من هذا النوع ؟ أو هذا تنبيه للحكومة بأنك من أهل الاستحقاق ؟ الثاني، هذا نعم، هذا الثاني، أنك من أهل الاستحقاق، الحكومة ما يدريها مثلا عن كل واحد أنه طالب علم مستحق ؟ فلا حرج أن تكتب بأني أنا مستحق لهذا الكتاب مثلا، لأن هذا تنبيه فقط، والمهم أنه كلما أمكنك ألا تسأل الناس شيئا فافعل، حتى أن النبي صلّى الله عليه وسلم بايع الصحابة على ألا يسألوا الناس شيئا، فكان الرجل يسقط عصاه من يده وهو على بعيره، فينزل ويأخذ العصا، ولا يقول للثاني : أعطني العصا، وجرب تجده عزة نفس، وعلو مكانة، واحترام من الناس، إذا كففت عنه، إلا فإنه حق لك تريد التنبيه عليه هذا شيء آخر، وفي هذا الحديث كرم النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم، حيث قال : ( ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم )، اللهم صلّ وسلم عليه، لأنهم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، وقوله : ( من خير ) يعني من مال، كما في قول الله : (( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية ))، يعني مالا، وقال تعالى : (( وإنه لحب الخير لشديد ))، أي المال.
فوائد حديث : ( ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم ... )
الشيخ : وفيه أيضا من فوائده : أن من استعف أعفه الله، يعني أعانه على العفاف، واستغنى بما عنده في يده ، طيب بعض الناس يكون سؤاله صريحا يقول : يا فلان أعطني كذا وكذا، وبعض الناس يكون تلميحا مثل أن يجد مع شخص كتابا، والله هذا الكتاب زين، أنا ما عندي مثله، ويش المعنى أعطني إياه ، صاحبه قد يكون خجولا، ويخجل ويعطيه إياه، فهل يجوز له قبوله ؟ لا يجوز، لأن العلماء نصوا رحمهم الله وأصابوا : أن من أهداك هدية خجلا وحياء فلا تقبلها ، يحرم عليك قبولها، وهذا واضح ، لأنه لولا الخجل ما أعطاك. القارئ : بسم الله الرّحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الزكاة من صحيحه : باب الاستعفاف عن المسألة قال : حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : ( والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا فيسأله أعطاه أو منعه ).