حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله أعطاه أو منعه )
القارئ : حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : ( والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن ياتي رجلا فيسأله أعطاه أو منعه ).
حدثنا موسى حدثنا وهيب حدثنا هشام عن أبيه عن الزبير بن العوام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه )
القارئ : حدثنا موسى قال : حدثنا وهيب قال : حدثنا هشام عن أبيه عن الزبير بن العوام رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : ( لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ). الشيخ : صدق رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم لأن الإنسان إذا استغنى عن الناس ولو بهذه المهنة التي لا يقوم بها إلا الفقراء، فهو خير له من أن يسأل الناس، ( أعطوه أو منعوه ) يعني سواء أعطوه أم منعوه فهو خير له، وذلك لاستغنائه بما أعطاه الله تعالى من القوة عن غير الله، ولهذا لما جاء رجلان يسألان النبي صلّى الله عليه وسلم من الصدقة فرآهما جلدين، قال : ( إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ).
حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن الزهري عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه كالذي يأكل ولا يشبع اليد العليا خير من اليد السفلى قال حكيم فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحداً بعدك شيئاً حتى أفارق الدنيا فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيمًا إلى العطاء فيأبى أن يقبله منه ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئاً فقال عمر إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم أني أعرض عليه حقه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه فلم يرزأ حكيم أحداً من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي )
القارئ : حدثنا عبدان قال : أخبرنا عبد الله قال : أخبرنا يونس عن الزهري عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : ( سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال : يا حكيم، إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه ، كالذي يأكل ولا يشبع، اليد العليا خير من اليد السفلى، قال حكيم : فقلت : يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا، فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيما إلى العطاء فيأبى أن يقبله منه، ثم إن عمرا رضي الله عنه دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئا، فقال عمر : إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم أني أعرض عليه حقه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه ، فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى توفي ). الشيخ : قول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( إن هذا المال خضرة حلوة ) سبق الكلام عليه، لكن قوله : ( من أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه )، يدل على أن الإنسان لا ينبغي أن يكون شحيحا في طلب المال، بل يكون طبيعيا، إن جاء المال بسهولة أخذه، وإلا تركه، حكيم بن حزام رضي الله عنه لما رأى النبي صلّى الله عليه وسلم قال له ذلك أقسم أن لا يرزأ أحدا بعد الرسول صلّى الله عليه وسلم شيئا، يعني أن لا يسأله شيئا، ومع ذلك تعفف رضي الله عنه حتى إن الخلفاء يدعونه لأخذ نصيبه ولكنه يأبى، عمر رضي الله عنه أشهد الناس عليه، إما يرجو أن يلين ويقبل، وإما رضي الله عنه من ورعه خاف أن يكون في نفسه شيء، أي في نفس حكيم ، فيطالب بحقه يوم القيامة، فأشهد المسلمين على ذلك حتى تبرأ ذمته تماما.
باب : من أعطاه الله شيئاً من غير مسألة ولا إشراف نفس .
القارئ : باب : من أعطاه الله شيئا من غير مسألة ولا إشراف نفس، (( وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم )). الشيخ : عندي بالحاشية يقول : بدل باب : من أعطاه الله، بابٌ : (( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم )). القارئ : سقطت للأكثر. الشيخ : سقطت ؟ القارئ : نعم.
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن الزهري عن سالم أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت عمر يقول ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول أعطه من هو أفقر إليه مني فقال خذه إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك )
القارئ : حدثنا يحيى بن بكير قال : حدثنا الليث عن يونس عن الزهري عن سالم أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت عمر يقول : ( كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول : أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال : خذه، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك ). الشيخ :( غير مشرف ) يعني متطلع للشيء، ( ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك )، ولكن إذا قال قائل : إذا أخبر الرجل المستحق المسؤول عن العطاء، أخبره بحاله فقط دون أن يسأل، فهل يعتبر هذا من المسألة ؟ الجواب : لا، لا يعتبر من المسألة، وذلك لأن القائم على العطاء لا يمكن أن يعلم بكل أحد، لكن هل هو من الاستشراف ؟ نعم، هو من الاستشراف لكن لحاجة، وهو أهل لهذا، هل يقال في هذا الحديث أنه ينهى الإنسان عن طلب الترقية ؟ لأنها لا تأتي أحيانا تأتي بغير سؤال، لكن إذا كان لا تأتي إلا بسؤال، هل ينهى عنه مع عدم حاجته إليها ؟ الظاهر أنه ينهى عنها، لأنه داخل في الحديث. فيقال : اترك الطلب، إن قدر أن المسؤولين يرقونك لأنه مستحق فافعل، فخذ، وإلا فلا تفعل، هذا لا شك أنه من الورع، والبعد عن إرادة الدنيا، لا سيما إذا كان الإنسان يشغل منصبا دينيا. السائل : إنسان مثلا يسأل ... ؟ الشيخ : إذا كان المقصود ... . السائل : دراسة علمية ؟ الشيخ : لا، ما أظن ... ، لا سيما إذا كان هذا العلم الذي سأل الشفاعة به مما ينفع الأمة. السائل : ... ؟ الشيخ : نعم، نقول : إذا كنت بحاجة لا بأس، وإلا فدع. السائل : أحسن الله إليك قد يرى الشخص من نفسه أنه أهل لهذا المنصب، وأن غيره لا يستحقه، وإذا وجد غيره في هذا المكان قد يعبث وقد يسيء للمسؤولين ؟ الشيخ : لا، ما قصدي الترقية بالنسبة للوظيفة، الترقية بالنسبة لاستحقاق الزيادة. السائل : ... ؟ الشيخ : زيادة الراتب. السائل : بالنسبة للوظائف؟ لشيخ : بالنسبة للوظائف عاد ينظر، إذا كان القائم على هذه الوظيفة ليس أهلا لها، إما في قوته أو أمانته، فلا بأس أن تسأل، كما قال يوسف للعزيز : اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم، لأن الذي كان على الخزينة، يعني مثل ما نقول نحن وزير المالية، كان مضيعا لها، فطلب يوسف أن يكون عليها.
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر قال سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر قال سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم )
القارئ : حدثنا يحيى بن بكير قال : حدثنا الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر أنه قال : سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر قال : سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلم : ( ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم ).
وقال ( إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم ) وزاد عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني ابن أبي جعفر ( فيشفع ليقضى بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده أهل الجمع كلهم ) وقال معلى حدثنا وهيب عن النعمان بن راشد عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري عن حمزة سمع ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسألة .
القارئ : وقال : ( إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينا هو كذلك ). الشيخ : فبيناهم. القارئ : ( فبيناهم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمّد صلّى الله عليه وسلم ) وزاد عبد الله حدثني الليث قال : حدثني ابن أبي جعفر : ( فيشفع ليقضى بين الخلق، فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا يحمده أهل الجمع كلهم )، وقال معلى : حدثنا وهيب عن النعمان بن راشد عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري عن حمزة أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلم في المسألة. الشيخ : الشاهد من هذا قوله : ( ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم )، والعياذ بالله، ما عليه إلا العظام، لأنه كما أذل وجهه في الدنيا، عوقب بمثل ذلك، نزع اللحم الذي به جمال الوجه، واستنارة الوجه، وبهاء الوجه، نزع منه والعياذ بالله. ولهذا عند العوام يسمون السؤال ماذا ؟ نعم، دفق ماء الوجه، فيرون أن هذا إذلال للوجه، وفيه أيضا حديث آخر غير الأول، وهو ( إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبيناهم كذلك، استغاثوا ) إلى آخره، فيه اختصار في هذا الحديث، إما من الراوي الأول وهو الصحابي، أو ممن دونه، لأن العرق يبلغ الكعبين والركبتين، الحقوين، ثم الفم، يلجم الناس إلجاما، كذلك الاستغاثة بآدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ففيه اختصار.
باب : قول الله تعالى : (( لا يسألون الناس إلحافا )) وكم الغنى . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ولا يجد غنى يغنيه ) . لقول الله تعالى : (( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله )) - إلى قوله - (( فإن الله به عليم )) .
القارئ : باب : قول الله تعالى : (( لا يسألون الناس إلحافا ))، وكم الغنى، وقول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( ولا يجد غنى يغنيه )، (( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله )) إلى قوله : (( فإن الله به عليم )).
حدثنا حجاج بن منهال حدثنا شعبة أخبرني محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان ولكن المسكين الذي ليس له غنىً ويستحيي أو لا يسأل الناس إلحافاً )
القارئ : حدثنا حجاج بن منهال قال : حدثنا شعبة قال : أخبرني محمّد بن زياد قال : سمعت أبا هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : ( ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي ليس له غنى، ويستحي أو لا يسأل الناس إلحافا ). الشيخ : قوله صلّى الله عليه وسلم : ( ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان ) يعني ليس المسكين الذي يسأل عند الأبواب، ويعطى ما يسد رمقه بأكلة أو أكلتين، لكن المسكين حقيقة هو الذي يتعفف ولا يعلم عنه، لا يسأل ولا يعلم عنه، فهذا هو المسكين حقيقة، الأول وإن كان مسكينا لكنه ليس المسكين حقيقة، بل هذا هو المسكين حقيقة، والمقصود بذلك الحث على تفقد أحوال الناس، وأن لا يبقى الإنسان يقول : إن جاءني أحد أعطيته وإلا لست ملزوما، بل يقال : هناك أناس متعففون، لا يعلم عنهم، ولا يسألون، فينبغي لمن كان مسؤولا عن العطاء أن يبحث عن أحوال الناس، عن مثل هؤلاء المتعففين. وفيه : ( لا يسأل الناس إلحافا )، أي سؤال إلحاف، يعني إلحاح في المسألة.
حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا إسماعيل بن علية حدثنا خالد الحذاء عن ابن أشوع عن الشعبي حدثني كاتب المغيرة بن شعبة قال كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة أن اكتب إلي بشيء سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم فكتب إليه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الله كره لكم ثلاثاً قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال )
القارئ : حدثنا يعقوب بن ابراهيم قال : حدثنا إسماعيل بن علية قال : حدثنا خالد الحذاء عن ابن أشوع عن الشعبي قال : ( حدثني كاتب المغيرة بن شعبة قال : كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة أن اكتب إلي بشيء سمعته من النبي صلّى الله عليه وسلم فكتب إليه، سمعت النبي صلّى الله عليه وسلم يقول : إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال ). الشيخ : الشاهد الجملة الأخيرة، نعم الكلمة الأخيرة، كثرة السؤال، وقد سبق الكلام على هذا الحديث.
حدثنا محمد بن غرير الزهري حدثنا يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال أخبرني عامر بن سعد عن أبيه قال ( أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطاً وأنا جالس فيهم قال فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلاً لم يعطه وهو أعجبهم إلي فقمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فساررته فقلت ما لك عن فلان والله إني لأراه مؤمناً قال أو مسلماً قال فسكت قليلاً ثم غلبني ما أعلم فيه فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان والله إني لأراه مؤمناً قال أو مسلماً قال فسكت قليلاً ثم غلبني ما أعلم فيه فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان والله إني لأراه مؤمناً قال أو مسلماً يعني فقال إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه ) وعن أبيه عن صالح عن إسماعيل بن محمد أنه قال سمعت أبي يحدث بهذا فقال في حديثه ( فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فجمع بين عنقي وكتفي ثم قال أقبل أي سعد إني لأعطي الرجل ) قال أبو عبد الله فكبكبوا قلبوا فكبوا مكباً أكب الرجل إذا كان فعله غير واقع على أحد فإذا وقع الفعل قلت كبه الله لوجهه وكببته أنا .
القارئ : حدثنا محمّد بن غرير الزهري قال : حدثنا يعقوب بن ابراهيم عن أبيه عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب أنه قال : أخبرني عامر بن سعد عن أبيه أنه قال : ( أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطاً وأنا جالس فيهم قال فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلاً لم يعطه وهو أعجبهم إلي فقمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فساررته فقلت ما لك عن فلان والله إني لأراه مؤمناً قال أو مسلماً قال فسكت قليلاً ثم غلبني ما أعلم فيه فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان والله إني لأراه مؤمناً قال أو مسلماً قال فسكت قليلاً ثم غلبني ما أعلم فيه فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان والله إني لأراه مؤمناً قال أو مسلماً يعني فقال إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه ) ، وعن أبيه عن صالح عن اسماعيل بن محمّد انه قال : سمعت أبي يحدث بهذا، فقال في حديثه : ( ضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيده فجمع بين عنقي وكتفي، ثم قال : أقبل أي سعد، إني لأعطي الرجل ) ، قال أبو عبد الله : فكبكبوا : قلبوا، مكبّا أكب الرجل إذا كان فعله غير واقع على أحد، فإذا وقع الفعل قلت : كبه الله لوجهه، وكببته أنا.
فوائد حديث : ( إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه ... )
الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد منها : جواز اعطاء الناس مجتمعين، وأنه لا يعد ذلك إذلالا، ما دام العطاء للجميع، ومن فوائده أيضا : منقبة لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، حيث إنه شفع لهذا الرجل الذي لم يعطه النبي صلّى الله عليه وسلم من العطاء. وفيه حسن الأدب من سعد حيث لم يتكلم مع النبي صلّى الله عليه وسلم جهرا، وإنما قام فسارّه، وفيه أيضا : جواز تكرار المشورة إذا اقتضت الحال ذلك، لأن سعدا لما رآه، أي رأى النبي صلّى الله عليه وسلم يعطي الناس بعد أن قال له ويعطيه. وفيه دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يشهد لشخص بالإيمان، وإنما يشهد له بالإسلام، إلا من شهد له النبي صلّى الله عليه وسلم ، لأن سعدا قال : إني لأراه مؤمنا، فقال: أو مسلما، ثلاث مرات، وما الذي يظهر لنا؟ الإسلام أو الإيمان؟ الإسلام هو الذي يظهر، الإيمان في القلب، وكم من إنسان نراه مسلما، ولكنه والعياذ بالله ليس بمسلم. وفيه أيضا دليل على أن النبي صلّى الله عليه وسلم يراعي في العطاء تأليف القلوب على الإسلام، والتزام المعطى به، لقوله صلّى الله عليه وسلم : ( إني لأعطى الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه )، ومتى يكب؟ إذا ارتد عن الإسلام، فالنبي صلى الله عليه وسلم يعطي للتأليف على الإسلام. وفيه أيضا دليل على أنه ينبغي للإنسان إذا رأى من شخص إعراضا أو فسوقا، وغلب على ظنه أن إعطاءه المال يوجب له الاستقامة، فإنه ينبغي أن يعطيه، ويحتسب بذلك الأجر، لأننا إذا كنا نعطي الفقير لإقامة بدنه وغذاء بدنه، فإعطاء العاصي لإقامة دينه وغذاء روحه أولى. وفيه أيضا من فوائده : ان النبي صلّى الله عليه وسلم كان يحب بعض أصحابه أكثر من بعض، لقوله : ( وغيره أحب إلي منه )، وهذا شيء طبيعي، ليس الناس عند الإنسان سواء، وإن كان يحب الجميع، لكن تختلف المحبة. وفيه دليل على جواز ضرب المعلم من يريد أن يعلمه من أجل أن ينتبه، لكن يقول : جمع بين عنقي وكتفي، معناه أنه ضربه على الكتف والعنق، ولكن هل نقول : إن هذا مضطرد حتى في وقتنا الحاضر ؟ أو نقول : كل مقام له مقال ؟ هذا هو الواقع، لأنك لو ضربت أحد لم يعتد مثل هذا الشيء لكان بينم وبينه خصومة، لا سيما إن ضربته بقوة، وكانت يدك كبيرة، وكان نحيفا، فيا ويله من يدك، لكن أحيانا الإنسان قد يضرب ما هو على هذا المحل، يضرب على العضد، الضرب على العضد أهون. وفيه انتباه يعني فيه تنبيه، فإذا علم الإنسان أن صاحبه لن يعبأ بهذا العمل، ولن يكون في خاطره شيء وضربه لينبهه أو ليسكته أيضا فلا بأس.
السائل : ... ؟ الشيخ : العلماء يقولون : إنه لا يزيد في التعزير على عشر جلدات، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله )، والمسألة فيها خلاف، والصواب أنه إذا لم يتأدب إلا بما زاد، يزاد ولا حرج، لكن في حلقات القرآن ينبغي للإنسان أن يترفق بهم، لأن الحلقات كما تعلمون ليس يعني من قبل الدولة، ينبغي للإنسان أن يراعيهم مراعاة تامة.
إذا مات الإنسان على أثر إصابة أصابته هل يعتبر شهيد ؟
السائل : إذا مات شخص على أثر إصابة أصابته ؟ الشيخ : عن إيش ؟ السائل : عن أثر إصابة أصابته ... هل يعتبر شهيد؟ الشيخ : إي نعم، يعتبر شهيد، لكن بالنسبة إذا تأخر موته فإنه يجب أن يغسل ويكفن ويصلى عليه، إذا لم يمت في مكان المعركة.
من كان لا يعمل العمل مثله عادة ولم يجد مكاناً يترزق منه فهل يجب على عصبته أن ينفقوا عليه ؟
السائل : من لا يعمل العمل مثله عادة ولم يجد مكانا يترزق منه فهل يجب على عصبته أن ينفقوا عليه ؟ الشيخ : يعني نقول : إذا كان قادرا على التكسب لكنه قادر على تكسب لا يمارسه مثله ؟ السائل : ... ؟ الشيخ : الظاهر أنه ما يلزمهم، ما يلزمهم، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كما سمعت يقول : ( لأن يأخذ أحدكم حبله ويحتطب )، نقول لهذا الرجل : إذا كان حولك حطب، اطلع، اطلع احطبه، فإن قال : ما في حطب الآن، ولا أحد يستخدم الحطب، نقول له : جمل جرار الغاز، وخذ أجرة. السائل : يزدرى أمام الناس ؟ الشيخ : يزدرى ؟ أبدا، يزدرى عند الجهال، أما عند العقلاء فيقال : هذا الرجل أراد التعفف وعمل.
قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أقبل أي سعد ) قوله أي هل هذه للتنبيه ؟
السائل : بارك الله فيكم قال النبي صلّى الله عليه وسلم : ( أقبل أي سعد )، قوله : ( أي ) هل هذه للتنبيه ؟ الشيخ : لا ، هذه ( أي ) حرف نداء. السائل : نداء ؟ الشيخ : إي نعم، لأن حروف النداء : يا ، وأي، ووا، وآ، وأيا، وهيا، تأتينا إن شاء الله في الألفية.
السائل : إذا قتل الإنسان نفسه خطأ في المعركة هل يعتبر شهيدا ؟ الشيخ : إن شاء الله تعالى من الشهداء. السائل : يعني يغسل ويكفن ويصلى عليه ؟ الشيخ : نعم ؟ السائل : يغسل ويكفن ؟ الشيخ : أقول من الشهداء إذا كان في المعركة. السائل : قتل نفسه خطأ ؟ الشيخ : قتل نفسه خطأ نعم.
السائل : سؤال ؟ الشيخ : هل ؟ السائل : هل سؤال ... ؟ الشيخ : يعني يسأل مالا من عمه ؟ السائل : ... ؟ الشيخ : لا، إذا عرض عليه ما فيه إشكال، هذا طيب، قد يقال : إنه من صلة الرحم، لأنه إذا عرض عليك ورآك محتاجا ولم تأت إليه سوف يكون في قلبه شيء.
إذا كان الرجل يعلم أنه إذا زار رجلاً فيعطيه ماله هل يمتنع من زيارته ؟
السائل : إذا كان الرجل يعلم أنه إذا زار رجلا سيعطيه مالا، فهل يمتنع عن زيارته ؟ الشيخ : لا، لا يمتنع، يزوه، وإذا أعطاه إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل. السائل : ... ؟ الشيخ : لا لا، ما أدري، هو راح يزوره علشان القروش ولا إيش ؟ السائل : لا لا، كلما ... يعطيه مال. الشيخ : لا، لا يضر هذا، وإلا لقلنا لا تزر أحدا معروفا بالكرم.
حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنىً يغنيه ولا يفطن به فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس )
القارئ : قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى في باب : قوله تعالى : (( لا يسألون الناس إلحافا )) وكم الغنى، وقول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( ولا يجد غنى يغنيه ). قال : حدثنا اسماعيل بن عبد الله قال : حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : ( ليس المسكين الذي يطوف على الناس ). الشيخ : هذا قرأناه. القارئ : لا. الشيخ : قرأنا هذا. القارئ : ما قرأنا يا شيخ. الشيخ : قرأناه بارك الله فيكم وقرأنا حديث سعد. القارئ : قرأنا حديث حجاج بن منهال نفس الحديث، ( ليس المسكين ). الشيخ : نعم. القارئ : في أول الباب هو الذي قرأناه. حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال : حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه . الشيخ : حديث سعد نحن شرحناه وبينا فوائده ؟ القارئ : نعم. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : ( ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن به فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس ). الشيخ : النفي هنا للكمال، وإلا من المعلوم أن الفقير الذي يمر على الناس وترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، فقير بلا شك، لكنه ليس كمال الفقر، لأن هذا وجد ما يغنيه، أو ما يدفع حاجته بسؤال الناس، الفقير حقيقة هو الفقير الذي لا يفطن له، ولا يجد ما يكفيه، فلا يفطن له، فهذا يهلك.
حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا أبو صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يغدو أحسبه قال إلى الجبل فيحتطب فيبيع فيأكل ويتصدق خير له من أن يسأل الناس ) قال أبو عبد الله صالح بن كيسان أكبر من الزهري وهو قد أدرك ابن عمر .
القارئ : حدثنا عمرو بن حفص بن غياث قال : حدثنا أبي قال : حدثنا الأعمش قال : حدثنا أبو صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : ( لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يغدو، أحسبه قال إلى الجبل، فيحتطب فيبيع فيأكل ويتصدق، خير له من أن يسأل الناس ). قال أبو عبد الله : صالح بن كيسان أكبر من الزهري، وهو قد أدرك ابن عمر. الشيخ : هذا سبق.
حدثنا سهل بن بكار حدثنا وهيب عن عمرو بن يحيى عن عباس الساعدي عن أبي حميد الساعدي قال ( غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فلما جاء وادي القرى إذا امرأة في حديقة لها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه اخرصوا وخرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق فقال لها أحصي ما يخرج منها فلما أتينا تبوك قال أما إنها ستهب الليلة ريح شديدة فلا يقومن أحد ومن كان معه بعير فليعقله فعقلناها وهبت ريح شديدة فقام رجل فألقته بجبل طيء وأهدى ملك أيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بغلةً بيضاء وكساه برداً وكتب له ببحرهم فلما أتى وادي القرى قال للمرأة كم جاء حديقتك قالت عشرة أوسق خرص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني متعجل إلى المدينة فمن أراد منكم أن يتعجل معي فليتعجل فلما قال ابن بكار كلمةً معناها أشرف على المدينة قال هذه طابة فلما رأى أحداً قال هذا جبيل يحبنا ونحبه ألا أخبركم بخير دور الأنصار قالوا بلى قال دور بني النجار ثم دور بني عبد الأشهل ثم دور بني ساعدة أو دور بني الحارث بن الخزرج وفي كل دور الأنصار يعني خيراً )
القارئ : حدثنا سهل بن بكار قال : حدثنا وهيب عن عمرو بن يحيى عن عباس الساعدي عن أبي حميد الساعدي أنه قال : ( غزونا مع النبي صلّى الله عليه وسلم غزوة تبوك، فلما جاء وادي القرى، إذا امرأة في حديقة لها، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم لأصحابه : اخرصوا ، وخرص رسول الله صلّى الله عليه وسلم عشرة أوسق، فقال لها : أحصي ما يخرج منها، فلما أتينا تبوك قال : أما إنها ستهب الليلة ريح شديدة فلا يقومن أحدـ ومن كان معه بعير فليعقله، فعقلناها، وهبت ريح شديدة، فقام رجل فألقته بجبل طيء، وأهدى ملك أيلة للنبي صلّى الله عليه وسلم بغلة بيضاء، وكساء بردة، وكتب له ببحرهم، فلما أتى وادي القرى قال للمرأة : كم جاء حديقتك ؟ قالت : عشرة أوسق خرص رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : إني متعجل إلى المدينة، فمن أراد منكم أن يتعجل معي فليتعجل، فلما قال ابن بكار كلمة معناها أشرف على المدينة، قال : هذه طابة، فلما رأى أحدا قال : هذا جبل يحبنا ونحبه، ألا أخبركم بخير دور الأنصار ؟ قالوا : بلى، قال : دور بني النجار، ثم دور بني عبد الأشهل، ثم دور بني ساعدة أو دور بني الحارث بن الخزرج، وفي كل دور الأنصار يعني خيرا ).
وقال سليمان بن بلال حدثني عمرو ( ثم دار بني الحارث ثم بني ساعدة ) وقال سليمان عن سعد بن سعيد عن عمارة بن غزية عن عباس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أحد جبل يحبنا ونحبه ) قال أبو عبد الله كل بستان عليه حائط فهو حديقة وما لم يكن عليه حائط لم يقل حديقة .
القارئ : وقال سليمان بن بلال : حدثني عمرو : ( ثم دار بني الحارث ثم دار بني ساعدة )، وقال سليمان : عن سعد بن سعيد عن عمارة بن غزية عن عباس عن أبيه عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : ( أحد جبل يحبنا ونحبه )، قال أبو عبد الله : كل بستان عليه حائط فهو حديقة، وما لم يكن عليه حائط لم يقل حديقة.
الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد كثيرة منها : أن جواز تملك النساء الحدائق كالرجال، فالمرأة لها أن تكون حارثة، زارعة، ذات حديقة، ولا يعاب عليها هذا. ومنها : جواز خرص الثمار، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم خرص عشرة أوسق، وعشرة أوسق كم من النصاب ؟ نصابان، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ). وفيه دليل على أنه لا حرج على الإنسان أن يعرف هل وافق الصواب أو لم يوافقه، بدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلم لهذه المرأة : ( أحصي ما يخرج منها )، ولما رجع سألها، فإذا عمل الإنسان عملا وأراد أن يتحقق من إصابته فلا حرج، كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلم . وهل في قوله : ( أحصي ) إشكال ؟ لا، لأنه فعل أمر، والياء موجودة، لماذا ؟ السائل : ياء المخاطب. الشيخ : لأن هذه ضمير، ياء المخاطب. ومن فوائد هذا الحديث : ما ظهر من آية النبي صلّى الله عليه وسلم حيث أخبر أنها ستهب ريح شديدة فهبت. ومنها : الإرشاد إلى أنه إذا عصفت الريح ألا يقوم الإنسان، بل يقعد أو ينبطح على الأرض، لأن ذلك أسلم. ومنها : أن الذي قام احتملته الريح إلى جبل طيء، يعني حول حائل من تبوك، سبحان الله، مما يدل على أن هذه الريح قوية جدا، وأنها قوية باندفاع مضطرد، لأن الرياح تكون شديدة باندفاع لكن سرعان ما تهون ، لكن سبحان الله صارت باندفاع دائم مستمر. ومن فوائد هذا الحديث أيضا : أنه ينبغي في حال الريح الشديدة أن تعقل الإبل، لئلا تنزعج فتقوم وتهرب، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( من كان معه بعير فليعقله ). ومنها : قبول الهدية من أي إنسان أهداها، هو سواء كان في المصانعة ، أو من باب المودة، أو لغير ذلك، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم قبل هدية من ؟ ملك أيلة. ومن فوائد هذا الحديث : جواز تعجل قائد القوم إلى البلد، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم أخبر أصحابه أنه متعجل، ومن أراد أن يتعجل معه فليتعجل. ومن فوائد هذا الحديث : أن من أسماء المدينة ، زادها الله شرفا ، طابة، ومنها أيضا : طيبة، يقال طابة وطيبة، ومعناهما واحد. ومن فوائد هذا الحديث : أن جبل أحد له شعور، وذلك لقول النبي صلّى الله عليه وسلم : ( أحد جبل يحبنا ونحبه )، ومنها جواز التصغير للتمليح أو للعطف، إن كانت اللفظة محفوظة، وهو قوله : ( جبيل ). ومن فوائد هذا الحديث : حسن رعاية النبي صلّى الله عليه وسلم لأصحابه، وذلك لقوله : ( ألا أخبركم بخير دور الأنصار ؟ ) قال هذا ورتبها هو صلّى الله عليه وسلم لينقطع النزاع، حتى لا يقول أحد : أنا خير منك، رتبها لئلا يكون نزاع، وأنتم تعرفون أنه ما زال الناس يتفاخرون بالأحساب والأنساب، فأراد النبي صلّى الله عليه وسلم أراد أن يقطع هذا، حيث رتبها هو صلّى الله عليه وسلم. ومن فوائد هذا الحديث : أن خلق النبي صلّى الله عليه وسلم القرآن، يتأدب بآدابه، ويحذو حذوه، لأنه لما ذكر المفاضلة يبن دور الأنصار قال : ( وفي كل خير )، اقتداء بالقرآن الكريم، فإن الله سبحانه وتعالى قال : (( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم على القاعدين درجة )) بعدها : (( وكلا وعد الله الحسنى ))، وقال جل وعلا : (( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى )). وهكذا ينبغي للإنسان إذا فاضل بين الناس بما يستحقونه من المزية، ألا يكسر قلب الآخر، ويبقي المفاضلة مفتوحة، بل يأتي بمعنى شامل يشمل الجميع، لئلا ينكسر قلب الآخر، ويكون ذلك أيضا يكون فيه تقليل من شأنه، فتأدب يا أخي بأدب القرآن، وأدب السنة في مثل هذه الأمور. ولما خرج النبي صلّى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يترامون قال : ( ارموا بني اسماعيل، فإن أباكم كان راميا، وأنا مع بني فلان )، قالوا : يا رسول الله، إذن ما نعمل ؟ ما دمت مع بني فلان لا أحد يغالبك، قال : ( ارموا وأنا معكم كلكم ) صلّى الله عليه وسلم. فمثل هذه الأمور ينبغي للإنسان أن يلاحظها وأن يعرف أن النفوس قد تحمل الشيء على غير محمله، لأن هناك شيطان يؤزها ويحركها، فلاحظ هذه الأمور، فإن في ذلك خيرا كثيرا. وفي هذا الرد على أولئك القوم الذين أنكروا أن يكون من صفات الله المحبة منه أو له، وعللوا بأن المحبة لا تكون إلا بين متناسبين، فيقال : هذا أحد جماد، يحبنا ونحبه. وفيه أيضا رد لقول من قال : إن قوله تعالى : (( فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه )) قالوا : لا إرادة للجدار، فنحن نقول : كيف لا إرادة للجدار، له إرادة، لكن إرادة كل شيء بحسبه، فإذا وجدنا الجدار مائلا عرفنا أنه يريد السقوط، وأي مانع من هذا ؟ أليس الله تعالى قال : (( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ولكن لا تفقهون تسبيحهم )) ، (( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ))، وهل تسبح السماوات والأرض إلا بإرادة ؟ لا يمكن إلا بإرادة.
حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر وما سقي بالنضح نصف العشر ) قال أبو عبد الله هذا تفسير الأول لأنه لم يوقت في الأول يعني حديث ابن عمر وفيما سقت السماء العشر وبين في هذا ووقت والزيادة مقبولة والمفسر يقضي على المبهم إذا رواه أهل الثبت كما روى الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في الكعبة وقال بلال قد صلى فأخذ بقول بلال وترك قول الفضل .
القارئ : حدثنا سعيد بن أبي مريم قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني يونس بن يزيد عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : ( فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر ، وما سقي بالنضح نصف العشر ). قال أبو عبد الله : هذا تفسير الأول، لأنه لم يوقت في الأول يعني حديث ابن عمر فيما سقت السماء العشر، وبين في هذا ووقت، والزيادة مقبولة، والمفسر يقضي على المبهم إذا رواه أهل الثبْت. الشيخ : أهل الثبَت. القارئ : إذا رواه أهل الثبَت، كما روى الفضل بن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلم لم يصل في الكعبة، وقال بلال : قد صلى، فأخذ بقول بلال، وترك قول الفضل. الشيخ : يقول رحمه الله : باب : العشر فيما يسقى من ماء السماء، وفي الماء الجاري، الذي يسقى من الزروع ومن النخيل أيضا، تارة يسقى بالمؤونة بمعنى مؤونة على استخراج الماء، لا على تصريف الماء، لأنه ما من شيء إلا يصرف، لكن المؤونة في استخراج الماء وتارة يسقى بلا مؤونة. وتارة يكون عثريا لا يحتاج إلى ماء إطلاقا. فالذي يسقى بمؤونة يجب فيه نصف العشر. والذي يسقى بلا مؤونة أو يكون عثريا يجب فيه العشر، العشر واحد من عشرة، ونصف العشر، واحد من عشرين. قال : ولم ير عمر بن عبد العزيز في العسل شيئا، ولكن جده عمر بن الخطاب يرى فيه العشر، وهنا نشوف الشرح على هذه المسألة.
القارئ : " قوله : ولم ير عمر بن عبد العزيز في العسل شيئا - أي زكاة، وصله مالك في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال : جاء كتاب من عمر بن عبد العزيز إلى أبي وهو بمنى ألا تأخذ من الخيل ولا من العسل صدقة، وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الرزاق باسناد صحيح إلى نافع مولى ابن عمر قال : بعثني عمر بن عبد العزيز على اليمن، فأردت أن آخذ من العسل العشر فقال المغيرة بمن حكيم الصنعاني : ليس فيه شيء، فكتبت إلى عمر بن عبد العزيز فقال : * صدق، هو عدل رضا، ليس فيه شيء *. وجاء عن عمر بن عبد العزيز ما يخالفه ، أخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج عن كتاب ابراهيم بن ميسرة قال : ذكر لي بعض من لا أتهم من أهلي أنه تذاكر هو وعروة بن محمّد السعدي فزعم عروة أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن صدقة العسل، فزعم عروة أنه كتب إليه : إنا قد وجدنا بيان صدقة العسل في أرض الطائف، فخذ منه العشر. انتهى. وهذا إسناد ضعيف لجهالة الواسطة، والأول أثبت. وكأن البخاري أشار إلى تضعيف ما روي أن في العسل العشر، وهو ما أخرجه عبد الرزاق بسنده عن أبي هريرة قال : كتب رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن : ( أن يؤخذ من العسل العشر )، وفي إسناده عبد الله بن محرّر وهو بمهملات وزن محمّد، قال البخاري في تاريخه : عبد الله متروك، ولا يصح في زكاة العسل شيء. قال الترمذي : لا يصح في هذا الباب شيء. قال الشافعي في القديم : حديث إن في العسل العشر ضعيف، وفي أن لا يؤخذ منه العشر ضعيف، إلا عن عمر بن عبد العزيز. انتهى. وروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق طاووس أن معاذا لما أتى اليمن قال : ( لم أومر فيهما بشيء )، يعني العسل وأوقاص البقر، وهذا منقطع. وأما ما أخرجه أبو داوود والنسائي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : جاء هلال أحد بني متعان ، أي بضم الميم وسكون المثناة بعدها مهملة ".