باب : في الركاز الخمس .
من جهة من يعطى اجعله خمس زكاة ، لأن مصارف الزكاة أضيق من مصارف الفيئ إذ أن الفيئ مصارفه في كل مصلحة ، وفي هذا نكون قد احتطنا فيجب إخراج الخمس منه ، قليلا كان أو كثيرا ويصرف مصارف الزكاة حتى لو وجد ركازا قدره خمسة دراهم ، نقول : أخرج درهما واصرفه مصرف الزكاة .
ثم ذكر الآثار رحمه الله ، وأخذ هنا العديد من المعادن ، من كل مئتين خمسة ، والمراد معادن الذهب والفضة ، ومئتين خمسة يعني كم ؟ ربع العشر ، كل مئتين يجب فيها خمسة يعني ربع العشر، لأن عشر المئتين عشرون ، أليس كذلك ؟ الخمسة بالنسبة للعشرين ربع ، هذا إذا كانت من الذهب والفضة لا شك أن فيها ربع العشر، ولكن إذا كانت من غيرهما ، غير الذهب والفضة لا تجب الزكاة في غيرهم ، فإن استخرجه على أنه عروض تجارة وجبت فيه الزكاة ربع العشر، وإن استخرجه لا على هذه النية فليس فيه شيئ وهذا المعدن ليس الركاز، الركاز انتهى موضوعه.
وقال الحسن : " ما كان من الركاز في أرض الحرب ففيه الخمس ، وما كان من أرض السلم ففيه الزكاة "، فكأنه رحمه الله اعتبر الدار، إن كان الركاز في أرض حرب ، يعني في أرض قوم بيننا وبينهم حرب ففيه الخمس ، ويكون فيئا . وإن كان من أرض السلم فهو لقطة ، يعني يجب أن يعرف ، ففيه الزكاة، يعني ربع العشر إن كان من الذهب والفضة. نقرأ الآثار هذه.
قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ .
قوله : وقال مالك، هو ابن إدريس ، الركاز دفن الجاهلية إلى آخره ، أما قول مالك فرواه أبو عبيد في كتاب الأموال ، حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير عن مالك قال : المعدن بمنزلة الزرع ، تؤخذ منه الزكاة كما تؤخذ من الزرع حتى يحصد ، قال : وهذا ليس بركاز ، إنما الركاز دفن الجاهلية الذي يؤخذ من غير أن يطلب بمال ولا يتكلف له كثر عمل . انتهى.
وهكذا هو سماعنا من الموطأ رواية يحيى بن بكير ، لكن قال فيه : عن مالك عن بعض أهل العلم ، وأما قوله : في قليله وكثيره الخمس ، فنقله ابن المنذر عنه كذلك وفيه عند أصحابه عنه اختلاف .
وقوله : دفن الجاهلية ، بكسر الدال وسكون الفاء: الشيء المدفون ،كذبح بمعنى مذبوح ، وأما بالفتح فهو المصدر ولا يراد هنا .
وأما ابن إدريس فقال ابن التين قال أبو ذر :يقال : أن ابن إدريس هو الشافعي ، ويقال : عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي وهو أشبه ،كذا قال، وقد جزم أبو زيد المروزي أحد الرواة عن الفربري بأنه الشافعي ، وتابعه البيهقي وجمهور الأمة ، ويؤيده أن ذلك وجد في عبارة الشافعي دون الأودي ، فروى البيهقي في المعرفة من طريق الربيع ، قال : قال الشافعي : والركاز الذي فيه الخمس دفن الجاهلية ما وجد في غير ملك لأحد.
وأما قوله : في قليله وكثيره الخمس ، فهو قوله في القديم كما نقله ابن المنذر واختاره ، وأما الجديد فقال : لا يجب فيه الخمس حتى يبلغ نصاب الزكاة ، والأول قول الجمهور كما نقله ابن المنذر أيضا وهو مقتضى ظاهر الحديث .
قوله : وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " .
الشيخ : لكن سمعتم أن هذا مبني على ماذا ؟
على أن هل المراد بالخمس الفيء ؟ أو المراد بالخمس يعني النسبة ، يعني واحد من خمسة .
إن قلنا أنه النسبة صار المراد به الزكاة ، وإن قلنا أن المراد بالخمس الفيء صار مصرفه مصرف الفيء ، ولا يشترط فيه أن يبلغ النصاب .
القارئ : قوله : " وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( في المعدن جبار وفي الركاز الخمس ) ".
الشيخ : هنا يعني إذا قلنا المراد الزكاة صار هذا شيئا غير معلوم لكثير من الناس ، لأن أعلى سهم في الزكاة هو العشر ، وهذا الخمس ، فيقال : نعم الحكمة تقتضي هذا ، لأن أعلى شيء في الزكاة العشر ، في الزرع إذا سقي بلا مؤونة، والزرع يحتاج الى تعب ، تعب عند بذره ، وتعب أيضا عند حصاده وتيبيسه ، لكن الركاز لا يحتاج إلى شيء ، حفر ووجده ، فلذلك صار فيه الخمس، إذا نسبنا الخمس الى العشر، والعشر إلى نصف العشر تبينت الحكمة، إذا كان الزرع يسقى بمؤونة وتعب نصف العشر ، وبلا مؤونة العشر ، وإذا كان وجد بدون أي تعب فالخمس.
القارئ : قوله : " وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( في المعدن جبار وفي الركاز الخمس )،أي فغاير بينهما ، وهذا وصله في آخر الباب من حديث أبي هريرة ، ويأتي الكلام عليه .
قوله : وأخذ عمر بن عبد العزيز من المعادن من كل مئتين خمسة ، وصله أبو عبيد في كتاب الأموال ".
الشيخ : المعدن جبار ، معنى جبار هدر ، والمراد أن من استأجر أجيرا يقطع له المعادن فهلك الأجير ، فهو هدر لا يضمنه المستأجر ، اللهم إلا إذا كان في مكان المعدن خلل وعيب ولم يخبره به ، فانهدم عليه فيضمن ، أو كان المستأجر ناقص العقل ، أو صغيرا لا يدرك فيضمن .
القارئ : قوله : " فأخذ عمر بن عبد العزيز من المعادن من كل مئتين خمسة ، وصله أبو عبيد في كتاب الأموال من طريق الثوري عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم نحوه ، وروى البيهقي من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن عمر بن عبد العزيز جعل المعدن بمنزلة الركاز يؤخذ منه الخمس ثم عقب بكتاب آخر فجعل فيه الزكاة .
قوله : وقال الحسن : ما كان من ركاز في أرض الحرب ففيه الخمس ، وما كان في أرض السلم ففيه الزكاة ، وصله ابن أبي شيبة من طريق عاصم الأحول عنه بلفظ : إذا وجد الكنز في أرض العدو ففيه الخمس وإذا وجد في أرض العرب ففيه الزكاة . قال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا فرق هذه التفرقة غير الحسن .
قوله : وإن وجدت اللقطة في أرض العدو فعرفها وإن كانت من العدو ففيها الخمس ، لم أقف عليه موصولا وهو بمعنى ما تقدم عنه .
قوله : وقال بعض الناس : المعدن ركاز، إلى آخره ، قال ابن التين : المراد ببعض الناس أبو حنيفة ، قلت : وهذا أول موضع ذكره فيه البخاري بهذه الصيغة ، ويحتمل أن يريد به أبا حنيفة وغيره من الكوفيين ممن قال بذلك .
قال ابن بطال : ذهب أبو حنيفة والثوري وغيرهما إلى أن المعدن كالركاز ، واحتج لهم بقول العرب : أركز الرجل إذا أصاب ركازا ، وهي قطع من الذهب تخرج من المعادن ، والحجة للجمهور تفرقة النبي صلى الله عليه وسلم بين المعدن والركاز بواو العطف فصح أنه غيره ، قال : وما ألزم به البخاري القائل المذكور قد يقال لمن وهب له الشيء أو ربح بحا كثيرا أو كثر ثمره ، اركزت حجة بالغة ، لأنه لا يلزم من الاشتراك في الأسماء الاشتراك في المعنى ، إلا إذا أوجب ذلك من يجب التسليم له . وقد أجمعوا على أن المال الموهوب لا يجب فيه الخمس ، وإن كان يقال له : أركز فكذلك المعدن .
وأما قوله : ثم ناقض ، إلى آخر كلامه فليس كما قال ، وإنما أجاز له أو حنيفة أن يكتمه إذا كان محتاجا ، بمعنى أنه يتأول أن له حقا في بيت المال ، ونصيبا في الفيء ، فأجاز له أن يأخذ الخمس لنفسه عوضا عن ذلك لا أنه أسقط الخمس عن المعدن ، انتهى ".
الشيخ : الظاهر أن الصواب مع ابن حجر في هذه المسألة ، ما دام قيده أنه إذا كان محتاجا فله أن يأخذ ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع كفارة الجماع في رمضان إلى المجامع لأنه فقير. انتهى؟
القارئ : بقي الحكمة .
الشيخ : ها ؟
القارئ : بقي الحكمة في كون الخمس إذا قلنا أنه زكاة .
الشيخ : طيب .
القارئ : يقول : " وقد نقل الطحاوي المسألة التي ذكرها ابن بطال ، ونقل أيضا أنه لو وجد في داره معدنا فليس عليه شيء ، وبهذا يتجه اعتراض البخاري ، والفرق بين المعدن والركاز في الوجوب وعدمه أن المعدن يحتاج إلى عمل ومؤونة ومعالجة لاستخراجه بخلاف الركاز ، وقد جرت عادة الشرع أن ما غلظت مؤونته خفف عنه في قدر الزكاة ، وما خفت زيد فيه.
وقيل : إنما جعل في الركاز الخمس ، لأنه مال كافر فنزل من وجده منزلة الغنائم فكان له أربعة أخماسه .
وقال الزين ابن المنير : كأن الركاز مأخوذ من أركزته في الارض إذا غرزته فيها ، وأما المعدن فإنه ينبت في الأرض بغير وضع واضع ، هذه حقيقتهما ، فإذا افترقا في أصلهما فكذلك في حكمهما ".
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس )
الشيخ : العجماء البهيمة ، يعني أن ما أتلفت البهيمة فإنه هدر ، لأن البهيمة لا عقل لها ، وهذا ما لم تكن يد صاحبها عليها ، أو يقع منه تفريط ، فإن وقع منه تفريط أو تعدي فعليه الضمان ، لو أن صاحبها عقلها في وسط ... ، فأتلفت شيئا ، فالضمان على صاحبها ، لأنه هو المتعدي ، ولو فرط في حفظها وخرجت إلى مزارع الناس فأكلتها في الليل ، فإن عليه الضمان ، لأنه فرّط في عدم حفظها .
وإن كان يسوسها فجنحت إلى زرع وأكلته فعليه الضمان ، ليلا كان أو نهارا .
المهم أنّ ما نسب إليها نفسها فإنه هدر ، وما كان منسوبا إلى صاحبها بتعد أو تفريط أو تصرف ، فالضمان عليه .
3 - حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس ) أستمع حفظ
بعض فحول الإبل يعتدون على الناس وصاحبها لا يمسكها ألا يعتبر هذا إهمال ؟
وصاحبها ... يعرف أنه يعتدي على الناس ... ؟
الشيخ : إذا كان في الخلاء ؟
السائل : نعم ، إذا وجد شخص ... ؟
الشيخ : ما إيش ؟
السائل : ما تتركه تعتدي عليه فهذا يعتبر إهمال أم لا ؟
الشيخ : إذا علم أنّ ناقته يسمونها الضارية يعني أنّها تعتدي ، وجب عليه أن يربطها ، وإلا فهو ضامن .
السائل : بعض الجيران ... ؟
الشيخ : بعض إيش ؟
السائل : ... ؟
الشيخ : كما ذكرنا في القاعدة ، إذا كان متعديا أو مفرطا أو متصرفا فعليه الضمان وإلا فلا .
السائل : ... ؟
الشيخ : يقرنونها ؟
السائل : ... ؟
الشيخ : علشان اذا أصابت أحد خلاص مات، أليس كذلك ؟ ما يجوز هذا .
السائل : ... ؟
الشيخ : إي، لكن ماذا تغني القرون إذا كان بدنه ضعيفا ، وكانت الثانية أقوى ؟
السائل : ... ؟
الشيخ : نعم ؟ كيف ؟
السائل : ... القرون يعني حادة ... ؟
الشيخ : طيب وإن أصاب بعيرا أو إنسانا ؟
السائل : ... ؟
الشيخ : مشكلة هذه. وبماذا يحكم القضاة عندكم ؟
السائل : عندهم عوائد في العادة إذا قتل البهيمة بالبهيمة يأخذون الحي بدل الميت ... ؟
الشيخ : كيف يعني هذا الثور إذا طعن ثورا آخر ومات فإن صاحب الثور الذي مات يأخذه ، سواء كان أكثر قيمة أو أقل . لا هذا حكم ما هو بصحيح .
هل اللقطة إذا وجدت في أرض العدو تعرف ؟
الشيخ : لا لا ، ليس معنى تعرف ، يعني التعريف أن يقول : من هي ؟
السائل : أين يعرفها ؟
الشيخ : في نفس المكان.
السائل : هي بأرض العدو ؟
الشيخ : إي ، في أرض العدو.
السائل : ... ؟
الشيخ : لا يوصي أحد. لكن هذا إن وجدت اللقطة في أرض العدو يعرف ، هذه تنطبق فيما لو كان بينه وبين العدو عهد ، فيمكن أن يجدها في أرضهم ويعرف، ولا يقال : إن هؤلاء أعداء ، نقول : لأن بينك وبينهم عهد .
السائل : إذا لم يكن فيها عهد ؟
الشيخ : إذا لم يكن عهد فالعلماء يقولون : يجوز أن الانسان يتلصص على أرض العدو، ويأخذ من أموالهم، وهذه مثلها .
باب : قول الله تعالى : (( والعاملين عليها )) . ومحاسبة المصدقين مع الإمام .
باب قول الله تعالى : (( والعاملين عليها )). ومحاسبة المصّدّقين مع الإمام.
الشيخ : المصدّقين ؟
السائل : نعم .
الشيخ : المصدّقين، عندك بالتخفيف أم بالتشديد ؟
السائل : مشددة الصاد والدال.
الشيخ : الدال ، الصاد مخففة ، لأن المصّدّقين حسب التفسير اللغوي بمعنى المتصدقين ،والمصدّق ... الصدقة ، لكن لا بأس أن تراجعها .
حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال ( استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأسد على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه )
الشيخ : استعمل.
القارئ : ( استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأسد على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية ).
الشيخ : اللتبية .
القارئ : ( يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه ).
الشيخ : قال الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : (( والعاملين عليها )) يعني الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها .
العامل عليها هو من ينصبه الإمام لقبض الزكاة وصرفها في أهلها ، فهم هيئة تابعة لولي الأمر ، تجوب البراري أو المزارع أو ما أشبه ذلك ،وتقبض الزكاة ممن هي عليه ، وتصرفها لمن هي له.
وأما الوكيل الخاص لشخص معين فليس من العاملين عليها ،كما لو أعطيت زكاتك لشخص وقلت : يا فلان خذ هذه فرقها ، فإنه لا يعد من العاملين عليها ، لأن هذا وكيل خاص ،بخلاف الذين وكلهم الامام ، ولهذا قال الله عز وجل : (( العاملين عليها )) وعلى هذه تفيد الولاية .
طيب العاملون فيها في الزكاة ؟ لا ، لا يستحقون الزكاة ، العامل فيها مثل الراعي والحالب وما أشبه ذلك ، هذا عامل فيها وليس عليها، فلا بد من ولاية.
وأما المحاسبة فنعم، يجب على الإمام أن يحاسب كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ابن اللتبية واسمه عبد الله ، أرسله النبي صلى الله عليه وسلم لقبض الزكاة ، فلما رجع وحاسبه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، قال : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وخطب الناس ، وقال : ( ما بال أحدكم ) أو ( ما بال الرجل نستعمله على عمل ، فيرجع ويقول : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، فهلّا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر ماذا يهدى له ) أو ( فينظر أيهدى له أم لا ) شوف التوبيخ الشديد، ( جلس في بيت أبيه وأمه )كأنه أنثى ، ( فينظر أيهدى له أم لا )، لأن هذا العامل أهدي له من أجل إيش ؟ من أجل أنه عامل ، ما أهدوا لكل واحد، فالإهداء عليه من قبل أنه ولي منصوب من أولي الأمر .
وحذّر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ذلك ، وقال : ( إن هدايا العمال غلول ).
7 - حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال ( استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأسد على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه ) أستمع حفظ
قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ .
القارئ : العيني يقول : " وفيه محاسبة الامام مع المصدّق ، وأشار إليه بقوله : ومحاسبة المصدّقين بلفظ الفاعل ، جمع مصّدّق بالتشديد ، وهو الذي يأخذ الصدقات وهو الساعي الذي يعينه الإمام لقبضه ".
الشيخ : المصّدّق .
القارئ : بالتشديد.
الشيخ : بالتشديد ، هذا خلاف المعروف في اللغة ، نعم، أمّا أنا عندي بالتخفيف.
باب : استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل .
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه ( أن ناساً من عرينة اجتووا المدينة فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها وأبوالها فقتلوا الراعي واستاقوا الذود فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم وتركهم بالحرة يعضون الحجارة ) تابعه أبو قلابة وحميد وثابت عن أنس .
الشيخ : الشاهد واضح ، في الحديث أنه أمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها ، وهؤلاء قدموا المدينة فاجتووها ، يعني معناه أنهم مرضوا منها ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى إبل الصدقة يشربوا من أبوالها وألبانها .
هل المعنى أن يشرب اللبن وحده والبول وحده ؟ أو يخلط بعضهما ببعض ؟ الثاني ، يخلط بعضهما ببعض ، ولهذا قال العلماء : " يجوز التداوي ببول الإبل خاصة " أما غير الإبل لا يجوز التداوي ببولها ، لكن الإبل الحديث فيها صريح .
هؤلاء بدؤوا يعملون هذا العمل ، يشربون من أبوالها وألبانها ، وشفوا من المرض وصحوا ، فماذا كانت الحال ؟
قتلوا الراعي بعد أن سمروا عينيه، وسمر العين يعني أن يحمى المسمار بالنار، ثم تكحل به العين حتى تنفجر.
واستاقوا الابل ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم في أثرهم ، فجيء بهم والحمد لله ، وأمر أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، من خلاف يعني اليد اليمنى والرجل اليسرى ، لئلا تكون العقوبة في جنب واحد ، بل في الجنبين جميعا ، وتكون اليد اليمنى دون اليد اليسرى والرجل اليمنى ، لأن اليد اليمنى هي التي يؤخذ بها عادة ، يعني هي آلة الأخذ والإعطاء عادة .
بقوا في الحرّة ، والحرّة كما تعلمون حجارة سود ، حارّة على اسمها ، وجعلوا يستسقون الناس ، أسقونا ، أعطونا ، فمنع النبي صلى الله عليه وسلم من أن يعطوا ، حتى جعلوا يأكلون الحجارة ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم في مقام الحزم والأدب من أحزم الناس عليه الصلاة والسلام ،منع أن يعطيهم أحد لا ماء ولا طعام ولا شيء .
وسمل أعينهم ، سمل أعينهم يعني أحمى المسمار وكحل العين به حتى تنفجر لماذا ؟
لأنهم فعلوا بالراعي هذا الفعل ، وهذا من القصاص وماتوا ، هل هذا قبل نزول آية الحدود؟
أو أن هذا موافق لآية الحدود ؟
الواقع أنه موافق، لقول الله تعالى : (( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا )) إيش ؟ (( أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض )) ، هؤلاء فعل بهم كذلك ، قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وسملت أعينهم لأنهم فعلوا ذلك ، فسمل العين قصاص ، وتقطيع اليد والرجل من خلاف حد .
10 - حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه ( أن ناساً من عرينة اجتووا المدينة فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها وأبوالها فقتلوا الراعي واستاقوا الذود فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم وتركهم بالحرة يعضون الحجارة ) تابعه أبو قلابة وحميد وثابت عن أنس . أستمع حفظ
باب : وسم الإمام إبل الصدقة بيده .
حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا الوليد حدثنا أبو عمرو الأوزاعي حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه قال ( غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة )
الشيخ : اللهم صل وسلم عليه ، نعم ، وسم الصدقة أي جعل علامة عليها بواسطة الكي.
والوسم كما تعلمون لا يزول ، يبقى ، يعني لو أننا قلنا : لماذا لا نجعل بدل الوسم لونا ، أخضر ، أحمر، أصفر ، نقول : هذا لا يصح ، لأنه يزول، والوبر والشعر يتبدل ، لكن الوسم لا يزول.
ولكل قوم وسم ، ولكل جهة من مصالح الأمة وسم ، كل له وسم معروف ، معروف في شكله، ومعروف في موضعه ، بعض الناس يسم الابل في أفخادها ، وبعضهم في رقبتها ، وبعضهم ، سليم كمّل ؟
السائل : ... .
الشيخ : الخد هذا ما يجوز ، على الخد لا يجوز ... .
السائل : ... ؟
الشيخ : لا بأس من فوق لا بأس ، المهم أن الوسم علامة ، مأخوذ من السمة وهي العلامة.
كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسم إبل الصدقة بيده ، صلوات الله وسلامه عليه .
وكان الخلفاء من بعده يفعلون هذا ، الخليفة بل كان عمر رضي الله عنه يطلي الإبل من الجرب بيده ، نعم وهو الخليفة، إمام على كل المسلمين في جميع الأقطار .
12 - حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا الوليد حدثنا أبو عمرو الأوزاعي حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه قال ( غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة ) أستمع حفظ
فوائد حديث وسم إبل الصدقة .
استحباب تحنيك المولود ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يحنك المواليد لأصحابه نعم لأصحابه ، وما فعله فهو سنة.
والحكمة من ذلك : أن يكون أول ما يصل إلى معدة المولود هو التمر ، والتمر مفيد للنفساء ، ومفيد للصبي أول ما يصل إلى معدته .
ومفيد للصائم أول ما يصل الى معدته بعد الجوع والعطش ، والنخلة شجرة مباركة طيبة ، فهل يقال : إن الغرض من التحنيك هو هذا ؟ أي إيصال التمر إلى معدة الصبي .
أو إن المراد بالتحنيك التبرك بريق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟
هذا محل خلاف بين العلماء، فمن قال : إن التحنيك فائدته وصول التمر أو طعمه إلى المعدة قال : هذا مشروع لكل أحد .
ومن قال : إن الحكمة منه التبرك بريق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو خاص به ، والأظهر العموم ، ولكن يجب أن لا يحنك الطفل من في فمه مرض ، أو في جسمه مرض ، لأن العدوى قد تنتقل بواسطة الريق إلى هذا الطفل ، والطفل جسمه لا يتحمل أن يمنع هذا المرض والأخ يحيى تعرف التحنيك كيف ؟
السائل : ... ؟
الشيخ : يمضغها ؟
السائل : ... ؟
الشيخ : تمام ، صحيح.
طيب ، هذا ولد عبد الله بن أبي طلحة جعل الله فيه بركة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بالبركة ، وسببه أن أبا طلحة دخل على زوجته وعندها طفل مريض فسأل عنه ، لما دخل على زوجته وإذا قد تجملت وتهيأت له، على خلاف العادة سألها : ما حال الطفل ؟
قالت : هو بخير ، هو بخير ، وهو ميت ، فلما رآها متجملة ، وتقول : الولد بخير، أتاها ، فلما أصبحوا غدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،فأخبروه الخبر، فدعا لهما بالبركة ، قال : ( بارك الله لكما في ليلتكما ) فكان بهذا الولد عبد الله عشرة ،كلهم يحفظون القرآن، وحفظ القرآن في الصحابة ما هو هين ، يقول عبد الله بن عمر : ( إن الرجل اذا حفظ البقرة وآل عمران جدّ فينا
) أي صار ذا حظ .
فالمهم أنّ في هذا الحديث استحباب التحنيك ، تحنيك المولود أوّل ما يولد .
فإن قال قائل: كيف يجوز أن نعذب بالنار وقد نهي عن التعذيب بالنار ؟
فالجواب : أن المصلحة من ذلك أكثر من تألم الحيوان بهذا الوسم ، المصلحة ما هي ؟
حفظها علامة ، هذه البعير التي وسمت بهذا الوسم لو ذهبت وشردت ووجدت عرف أنها للصدقة ، فهذه المصلحة أكثر من مفسدة تألمها بالنار ، ولهذا في سوق الهدي يشرع إشعار الإبل والبقر ، إشعارهما يعني أن يشق جانب السنام حتى يسيل منه الدم وهذا مؤلم ، لكن له فائدة ، والفائدة أنّ من رأى هذا، هذه البهيمة البعير أو البقرة عرف أنها هدي فاحترمها ، وإذا كان فقيرا تابعها حتى تذبح ويأتيه منها .
طيب هل يؤخذ من هذا جواز يعني الكي بالنار أو ما أشبه ذلك للمصلحة؟
الجواب : نعم ، ولا بأس به .
كذلك أيضاً لو أنه عذّب بالنار ما يُسن أن يُعدم ، لكن ليس له طريق إلا النار، فهل يفعل أو لا ؟
الجواب : نعم يفعل ، لأنه لو دخلت حية في جحر في البر ، ولم يتوصل إلى قتلها إلا بالنار فلا بأس ، وذلك لأن ما يشرع إتلافه يتلف بأي وسيلة.
طيب ، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر أن يحرّق نخل بني النضير، والنخل عادة لا يخلو من وجود شيء فيه ، إما حشرات ، وإما طيور ، أو غير ذلك ، لكن لا طريق إلى تحريق النخل إلى إتلاف النخل إلا بهذا ، فتنبه لهذا ، لا تظن أن استعمال النار في كل شيء محرم .
نعم ، لو أن شيئا ممكن أن نعاقبه بغير النار ويحصل المقصود، ويمكن أن نعاقبه بالنار، فهنا نقول : لا نعدل إلى النار ، لا نعدل إلى النار ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك .
هل تجوز أبوال البقر قياساً على أبوال الإبل ؟
الشيخ : نعم .
السائل : أبوال البقر أيضاً ... دواء ... هل يقاس عليه ؟
الشيخ : العلماء قالوا : لا يجوز إلا في أبوال الإبل فقط ، لكن إذا ثبت من الناحية الطبية ، فلا بأس ، لأن بول البقر طاهر ، فإذا ثبت نفعه فلا بأس ، لكن هذا مجرب عندكم ؟
السائل : إي نعم.
الشيخ : سبحان الله ، يعني مثلاً الذي فيه مغص؟
السائل : ... .
الشيخ : سبحان الله ، غريب ، نعم يا سليم ؟
السائل : منافع التمر في الصيام ... ؟
الشيخ : عند العضد يعني ؟
السائل : ... ؟
الشيخ : عجيب، التمر ... .
السائل : ... .
الشيخ : وفيه حلا هذا صحيح، يعني العروق تقبل التمر لحظة ، من حين ما ينزل التمر على طول ، سبحان الله ، هكذا قال الأطباء الآن .
ينتشر في البدن مثل الماء أو أشد، الماء اذا شربت وأنت عطشان مرة تحس أن الماء يدخل في عروقك على طول ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا صام في الحر، يقول : ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ).