الشيخ : الأول إذا كانت من أهل المملكة المقيمين أو المواطنين فإنها تخرج على ما بقي من إحرامها، بمعنى أنها حلت التحلل الأول فقط فلا يقربها زوجها في جماع، فإذا طهرت عاد بها، والثاني: إذا لم تكن من المملكة العربية السعودية فإنه لا شك أنه يشق عليها أن ترجع، فنقول: الضرورة تبيح المحظورات فتطوف طواف الإفاضة ولكنها تستثفر بثوب لئلا ينزل شيء من الدم على أرض المسجد فقط وتطوف، هذا اختيار شيخ الإسلام رحمه الله، وهو إن شاء الله هو الحق. وقال بعضهم : تكون محصرة فتتحلل بهدي ولا تحسب لها هذه الحجة، وهذا شيء عظيم. وقال بعضهم: تبقى على إحرامها حتى تقدر على البيت أو تموت، وهذا أيضاً مشقة عظيمة، فالقول الصواب ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله. لكن سمعت أن بعض طلبة العلم يفتون به مطلقاً حتى لو كانت المرأة من أهل المدينة يقول: تستثفر وتمشي، وهذا غلط، غلط على الشرع وغلط على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. فإن قال قائل: قولكم لها أن تخرج على ما بقي من إحرامها فإذا طهرت عادت، لماذا لم يقلها النبي صلى الله عليه وسلم في قضية صفية، لماذا لم يجعل الناس يخرجون إلى المدينة وإذا طهرت صفية رجع مع محرمها؟ فالجواب: أن ذهابها إلى المدينة ورجوعها يستغرق عشرين يوماً، وبقاؤهم حتى تطهر يستغرق ستة أيام أو سبعة، ولا يمكن أن النبي صلى الله عليه وسلم يختار الأشق مع وجود الأسهل. السائل : بعد خروج الدم أخذت ما يرفعه فارتفع؟ الشيخ : لا حرج، يعني لو أخذت ما يوقف الدم ثم وقف فلها أن تطوف، كما أنها تصلي وتصوم ويأتيها زوجها.
في إنتظار الرفقة بعضهم البعض يتأخرون الساعة والساعتان والثلاث ساعات فهل يجوز للمنتظرين أن يتسوقوا وأن يأكلوا ويشربوا ؟
السائل : في إنتظار الرفقة بعضهم البعض قد يتأخرون الساعة والساعتان والثلاث ساعات، فهل يجوز للمنتظرين أن يتسوقوا وأن يأكلوا ويشربوا؟ الشيخ : نعم، يعني إذا بقي الإنسان بعد طواف الوداع لانتظار الرفقة فله أن يأكل ويشرب وينام حتى يجتمعوا ويتسوق لا للتجارة، التجارة يشتري أشياء ليربح فيها.
إذا كان عادة المرأة أن تطهر شيء من اليوم ليس اليوم كامل ثم يعود إليها الدم فهل يسمى هذا طهر ؟
السائل : إذا كانت عادة المرأة أن تطهر شيء من اليوم ليس اليوم كامل ثم يعود إليها الدم فهل يسمى هذا طهر؟ الشيخ : لا، هذا حيض، هذا ليس بطهر، نصف اليوم أو اليوم كاملاً هذا ليس بطهر، لأنه جرت به العادة.
باب العمرة : وجوب العمرة وفضلها . وقال ابن عمر رضي الله عنهما : ليس أحد إلا وعليه حجة وعمرة . وقال ابن عباس رضي الله عنها : إنها لقرينتها في كتاب الله : (( وأتموا الحج والعمرة لله )) .
القارئ : "باب العمرة، وجوب العمرة وفضلها"، وقال ابن عمر رضي الله عنهما : ( ليس أحد إلا وعليه حجة وعمرة ). وقال ابن عباس رضي الله عنها : ( إنها لقرينتها في كتاب الله : (( وأتموا الحج والعمرة لله )) ) .
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )
القارئ : حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن سمي، مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).
فوائد حديث : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) مع الشرح .
الشيخ : هذان الأثران يدلان على وجوب العمرة، حديث ابن عمر وحديث ابن عباس، وهو كذلك، والصواب أن العمرة واجبة، لكن ليس كوجوب الحج، لأن الحج ركن من أركان الإسلام، والعمرة ليست ركناً من أركانه، إلا أنها واجبة على القادر عليها، ويأثم من لم يعتمر. والعمرة مكونة من إحرام وطواف وسعي وحلق، أربعة أشياء، والحج أوسع من هذا. وقوله صلى الله عليه وسلم : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) ليس دليلاً على إكثار العمرة، بل دليل على أن الإنسان متى اعتمر فما بين عمرته هذه الأخيرة والتي قبلها كفارة. وأما كثرة العمرة يعني الإكثار منها فموضع خلاف بين العلماء، ولكنهم متفقون على أنه لا يسن فعل ما يفعله العوام الآن، يعتمرون في الأسبوع سبع مرات، كل يوم لهم عمرة، والشيء المطلق من الألفاظ يحمل على المقيد بالأفعال، فهل كان الصحابة يترددون على مكة ليكفر عنهم؟ لا، ولهذا كره الأئمة أن يعتمر في السنة أكثر من مرة، في السنة كلها أكثر من مرة، وقال شيخ الإسلام رحمه الله : " إن الموالاة بينها والإكثار منها مكروه باتفاق السلف "، وكلام شيخ الإسلام مقبول لأنه رحمه الله كثير الاطلاع على كلام السلف وحريص على اتباعهم. والمهم أن المطلق من القول يقيده الفعل، فما علمنا أن الرسول كرر العمرة، ولا أصحابه، وأعلى ما بلغنا من ذلك حديث عائشة وهو في قضية معينة. قوله : ( الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة ) سبق شرحه، أليس كذلك؟ سبق معنا المبرور.
ما المراد بقوله ( كنت طفت يوم النحر قالت : نعم ) ؟
السائل : شيخنا بارك الله فيك، ما المراد بقوله : ( كنت طفت يوم النحر؟ ) قالت : نعم؟ الشيخ : المراد أنها طافت طواف الإفاضة، لأن طواف الإفاضة الأفضل أن يكون يوم النحر. السائل : والذي تكلمنا عليه يا شيخنا؟ الشيخ : وهو ؟ السائل : قبل قليل أن المرأة إذا حاضت ولم تطف طواف الإفاضة قلنا يلزمها أن تبقى، إلى غير ذلك؟ الشيخ : أن تبقى إلى غير ذلك ؟ السائل : إلى غير ذلك من الأقوال ؟ الشيخ : آه. السائل : هذا ما هو على طواف الإفاضة؟ الشيخ : إلا. السائل : وهي كيف طافت طواف الإفاضة؟ الشيخ : طافت قبل أن تحيض، صفية طافت قبل أن تحيض. السائل : وبعد أن حاضت ما بقي عليها إلا طواف الوداع. الشيخ : والنبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم أنها طافت الإفاضة، ولهذا سأل أطافت يوم النحر. فيه إشكال؟ السائل : والله يا شيخ ما فهمت . الشيخ : وشلون ما فهمت! ماذا فهمت من الحديث الآن؟ فهمت أن صفية لو لم تطف طواف الإفاضة لانحبس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معها. طيب، لما قالت إنها طافت والمراد طافت قبل أن تحيض أذن بالرحيل، لأن طواف الوداع يسقط عن الحائض، اتضح؟ السائل : إن شاء الله. الشيخ : اتضح؟ السائل : إن شاء الله. الشيخ : اتضح؟ قل؟ السائل : ما اتضح. الشيخ : وش الإشكال عندك؟ السائل : نحن تكلمنا الآن قبل قليل على طواف الإفاضة أو لا يا شيخ؟ الشيخ : من أي ناحية؟ السائل : قولنا المرأة إذا حاضت ولم تطف طواف الإفاضة إذا جاءت الضرروة تتز وتطوف، الكلام هذا على طواف الإفاضة أو على طواف الوداع؟ الشيخ : على طواف الإفاضة، طواف الوداع ما فيه إشكال، إذا حاضت تمشي ما يحتاج تطوف. اتضح؟ السائل : إن شاء الله. الشيخ : اتضح؟ السائل : نعم.
حدثنا أحمد بن محمد أخبرنا عبد الله أخبرنا ابن جريج أن عكرمة بن خالد سأل ابن عمر رضي الله عنهما عن العمرة قبل الحج فقال لا بأس قال عكرمة قال ابن عمر ( اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج ) وقال إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق حدثني عكرمة بن خالد سألت ابن عمر مثله حدثنا عمرو بن علي حدثنا أبو عاصم أخبرنا ابن جريج قال عكرمة بن خالد سألت ابن عمر رضي الله عنهما مثله .
القارئ : حدثنا أحمد بن محمد، أخبرنا عبد الله، أخبرنا ابن جريج : ( أن عكرمة بن خالد، سأل ابن عمر رضي الله عنهما عن العمرة قبل الحج؟ فقال: لا بأس )، قال عكرمة: قال ابن عمر: ( اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج )، وقال إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، حدثني عكرمة بن خالد : سألت ابن عمر مثله. حدثنا عمرو بن علي، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابن جريج، قال عكرمة بن خالد: سألت ابن عمر رضي الله عنهما مثله. الشيخ : مراده رحمه الله " العمرة قبل الحج " لا في سفر واحد، لأن هذا ما فيه إشكال، فقد أمر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من لم يسق الهدي أن يجعلوها عمرة، لكن مراده هل تقدم العمرة على الحج في سفر، مثل أن تعتمر في رجب، ثم تحج في ذي الحجة، فلا بأس ، يعني لا يقول قائل لماذا قدمتم غير الأوكد على الأوكد؟ نقول لا بأس، كما نقدم النفل على الفرض، واضح؟ وليس مراد البخاري من اعتمر قبل أن يحج في سفر واحد، لأن هذا شيء معلوم، أمر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع.
حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالس إلى حجرة عائشة وإذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى قال فسألناه عن صلاتهم فقال بدعة ثم قال له كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربعاً إحداهن في رجب فكرهنا أن نرد عليه .
القارئ: حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، قال: (دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد، فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، جالس إلى حجرة عائشة، وإذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى، قال: فسألناه عن صلاتهم، فقال: بدعة ، ثم قال له: كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعاً، إحداهن في رجب، فكرهنا أن نرد عليه ).
قال وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين في الحجرة فقال عروة يا أماه يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن قالت ما يقول قال يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب قالت يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرةً إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قط .
القارئ : قال: ( وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين في الحجرة، فقال عروة يا أماه: يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول: أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما يقول ؟ قال: يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات، إحداهن في رجب ، قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده، وما اعتمر في رجب قط ). الشيخ : الله أكبر، سبحان الله. اعتمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أربع عمر لا شك، العمرة الأولى عمرة الحديبية وصد عنها، والعمرة الثانية عمرة القضاء يعني المقاضاة أي المصالحة التي جرت بينه وبين قريش، وهي بعدها بسنة، وبقي في مكة ثلاثة أيام حتى أخرجه قريش، والعمرة الثالثة عمرة الجعرانة حين رجع من غزوة حنين، وهذه العمرة خفيت على كثير من الصحابة لأنها كانت ليلاً، نزل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى مكة واعتمر ولم يعلم به كثير من الصحابة، العمرة الرابعة في حجته، فإنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول : ( لبيك عمرة وحجة )، ولم يعتمر في رجب.
فوائد حديث عائشة في نفي عمرة النبي صلى الله عليه وسلم في رجب .
الشيخ : وفي هذا دليل على أن الإنسان الكبير قد يتوهم، فإن عبد الله بن عمر من أحرص الناس على سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن أورعهم، ومع ذلك يقول إنه اعتمر في رجب، وهذا وهم منه رضي الله عنه، ولهذا وهمته عائشة وساقت أن ابن عمر ما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم عمرة إلا وهو معه، ومع ذلك خفي عليه الأمر. والخلاصة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتمر أربع مرات كلها في أشهر الحج، لم يعتمر في رمضان ، ولا في رجب، ولم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم من التنعيم، يعني لم يخرج فيأت بعمرة من التنعيم، أبداً، ما اعتمر إلا من خارج الحرم، عليه الصلاة والسلام. وفي هذا الحديث دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يدعو لأخيه إذا أخطأ بالرحمة والعفو وما أشبه ذلك، خلافاً لما يفعله بعض الناس حيث يتتبع عورات إخوانه وينشرها ولا يترحم عليه، ولا يسأل الله له العفو، والذي ينبغي للمؤمن إذا أخطأ أخوه بشيء ولم يتمكن من مناقشته أن يسأل الله له الرحمة والعفو، لا سيما إذا كان عالماً يأخذ الناس بقوله فإن زلة العالم أشد من زلة الجاهل بلا شك. وفيه أيضاً الكنية، أن الكنية تكريم، لقولها: " يرحم الله أبا عبد الرحمن "، ولم تقل عبد الله بن عمر وهو المراد ، لكن الكنية عند العرب فيها تفخيم وتكريم، ولهذا قال الشاعر: أكنيه حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه والسوءة اللقب يعني لا ألقب حين يكون اللقب سوءة، وليس المعنى لا ألقبه أبداً، لا، الإنسان يلقب بما يستحق من صفات الكمال، فالله عز وجل لقب المسيح ابن مريم، وكذلك العلماء يلقبون الأئمة ويلقبون الخلفاء، فقول الشاعر : ولا ألقبه والسوءة اللقب، الواو هذه حال وليست استئنافية، خلافاً لما يظنه بعض قارئي البيت، فيقول إن اللقب سوء، وهذا غلط. المهم أن الكنية إيش؟ تعظيم وتفخيم للمكنى. قوله : " سمعنا استنان عائشة " استنانها إيش؟ تسوكها، وهذا يدل على قربها منهم ، لأنه لا يمكن أن يستمع استنانها إلا عن قرب. الشرح وش قال فيها.
" قراءة من فتح الباري لابن حجر " القارئ : " قوله : وسمعنا استنان عائشة، أي: حس مرور السواك على أسنانها، وفي رواية عطاء عن عروة عند مسلم : وإنا لنسمع ضربها بالسواك تستن ".
تتمة فوائد حديث عائشة في نفي عمرة النبي صلى الله عليه وسلم في رجب .
الشيخ : الله أكبر. فيه المبالغة في التسوك لكن بشرط أن لا يلحق اللثة ضرر كما نص عليه العلماء رحمهم الله، قالوا: يكره أن يتسوك بما يضر اللثة، لأن الإنسان مأمور بالمحافظة على بدنه. وقال العلماء أيضاً: يستاك عرضاً بالنسبة للأسنان، كذا؟ وقال الأطباء: لا يستاك طولاً، لأنه إذا استاك طولاً رفع اللثة عن أصول الأسنان، إلا إذا استاك طولا ينزل، يعني مثلاً يضع السواك على أعلى السن ثم ينزل فهذا لا بأس لأنه لا يضر اللثة، وربما يحتاج إليه الإنسان أكثر إذا كان فيما بين الأسنان شيء من الوسخ فهنا الطول أحسن، لكن لا يجعله كذا ، بعض الناس نشوفه يقول كذا هذا يرفع اللثة بل يضع السواك فوق وينزل به.
حدثنا أبو عاصم أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عطاء عن عروة بن الزبير قال سألت عائشة رضي الله عنها قالت ( ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب )
القارئ : حدثنا أبو عاصم أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عطاء عن عروة بن الزبير قال سألت عائشة رضي الله عنها قالت : ( ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب ).
الشيخ : في هذه المسألة مسألة أصولية، لو قال قائل : ابن عمر مثبت، وعائشة نافية، والقاعدة : أن المثبت مقدم على النافي ؟ نقول هذه القاعدة يستعملها بعض الناس استعمالاً سيئاً، معنى المثبت مقدم: ما لم يكن الفعل واحداً، فإن كان الفعل واحداً وجزم النافي بالنفي فهو مثبت في الواقع، مثلاً: ذكر ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يرفع يديه إلى حذو منكبيه حين كبر للصلاة وحين يركع وحين يرفع من الركوع وحين يقوم من التشهد الأول، قال : ( وكان لا يفعل ذلك في السجود )، فهنا نقول: أي حديث يريد على أنه يفعله في السجود ولا يقاوم أحاديث الصحيحين وغيرهما في أنه لا يفعل يعتبر شاذاً، أنتم فاهمين الآن؟ لأن ابن عمر يحكي جازماً بالنفي، ولا يحتمل أن يكون نفيه لعدم العلم، لا، هو هنا مثبت للنفي، متتبع للصلاة، يراه يرفع عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول ولا يفعل ذلك في السجود، متتبع الرجل، فنفيه هنا إثبات بخلاف الذي ينفي ويحتمل أن يكون النفي لعدم علمه فهنا نفدم المثبت، لاحظوا هذه القاعدة، وهذه تنفعكم عند المجادلة، لأن بعض الناس يجادل، ويقول مثلا: المثبت مقدم على النافي، وقد ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام يرفع يديه كلما خفض وكلما رفع، فيقال: إذا كان هذا الحديث يقاوم حديث ابن عمر صارت المسألة من باب تنوع العبادات، مرة يرفع الرسول صلى الله عليه وسلم ومرة لا يرفع ، لكن إذا كان لا يقاومه فيعتبر شاذاً.
حدثنا حسان بن حسان حدثنا همام عن قتادة ( سألت أنساً رضي الله عنه كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قال أربع عمرة الحديبية في ذي القعدة حيث صده المشركون وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة حيث صالحهم وعمرة الجعرانة إذ قسم غنيمة أراه حنين قلت كم حج قال واحدةً )
القارئ : حدثنا حسان بن حسان، حدثنا همام، عن قتادة: ( سألت أنساً رضي الله عنه، كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربع: عمرة الحديبية في ذي القعدة حيث صده المشركون، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة حيث صالحهم، وعمرة الجعرانة إذ قسم غنيمة - أراه - حنين قلت: كم حج؟ قال: واحدة ). الشيخ : ما ذكر الرابعة، مع أنه صرح بالأول بأنها أربعة، فيحتمل أن هذا ذهول ممن بعد أنس، وهو الأقرب. الرابعة ما هي ؟ عمرته مع الحج. قوله : "حج واحدة " هذا متفق عليه بالإجماع أنه لم يحج بعد الهجرة إلا واحدة، وسببها ظاهر، قبل الفتح مكة بيد من؟ بيد المشركين، وإذا كانوا صدوه عن العمرة وهي أقل من الحج، فسيصدونه عن الحج لو حج قبل الفتح، واضح؟ بعد الفتح لم يبادر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالحج أي لم يحج في السنة التاسعة، فإما أن فرض الحج تأخر إلى العاشرة كما قيل، وإما إنه فرض في التاسعة لكن تأخر من أجل الوفود، وهذا هو الأقرب، إيش الوفود؟ الوفود الذين كانوا يفدون إلى المدينة يتعلمون دينهم ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم لرأفته وحرمته بالمؤمنين أراد أن يبقى في المدينة لأنها وسط الجزيرة لأن الناس قد يشق عليهم الذهاب إلى مكة، فبقي بالمدينة لاستقبال الوفود، واستقبال الوفود مهم، لأنهم يتعلمون أمر دينهم، إي نعم.
حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك حدثنا همام عن قتادة قال سألت أنساً رضي الله عنه فقال ( اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث ردوه ومن القابل عمرة الحديبية وعمرةً في ذي القعدة وعمرةً مع حجته )
القارئ : حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، حدثنا همام، عن قتادة، قال: ( سألت أنسا رضي الله عنه، فقال: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث ردوه، ومن القابل عمرة الحديبية، وعمرة في ذي القعدة، وعمرة مع حجته ). الشيخ : صرح الآن، أما قبل الهجرة فقد أخرج الترمذي رحمه الله حديثاً فيه نظر: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حج مرة، هذا قبل الهجرة،، والذي أظن أنه لم يقتصر على حجة واحدة، لأنه بقي في مكة ثلاث عشرة سنة بعد البعثة ، والحج معروف عند العرب، فكيف يقال أنه كل هذه المدة ما حج إلا مرة ؟! مع أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد عرف بأنه يخرج إلى القبائل يدعوهم، والقبائل لا يجتمعون إلا في الحج أو في أسواق الجاهلية.
حدثنا هدبة حدثنا همام وقال اعتمر أربع عمر في ذي القعدة إلا التي اعتمر مع حجته عمرته من الحديبية ومن العام المقبل ومن الجعرانة حيث قسم غنائم حنين وعمرةً مع حجته
القارئ : حدثنا هدبة، حدثنا همام، وقال: ( اعتمر أربع عمر في ذي القعدة، إلا التي اعتمر مع حجته، عمرته من الحديبية، ومن العام المقبل ومن الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين، وعمرة مع حجته ). الشيخ : قوله رضي الله عنه : " إلا التي اعتمر مع حجته " يريد أنه لم يعتمر عمرة كاملة في ذي القعدة، لأنه ابتدأ عمرته في حجته في آخر ذي القعدة، لكن لم ينتها منها إلا حين طاف وسعى للحج.
حدثنا أحمد بن عثمان حدثنا شريح بن مسلمة حدثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق قال سألت مسروقاً وعطاءً ومجاهداً فقالوا ( اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج ) وقال سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما يقول ( اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين )
القارئ : حدثنا أحمد بن عثمان، حدثنا شريح بن مسلمة، حدثنا إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، قال: ( سألت مسروقاً، وعطاء، ومجاهدا، فقالوا: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج ). وقال: سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما، يقول: ( اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين ). الشيخ : هذا فيه نظر، " اعتمر مرتين " إلا أن يريد الاعتمار الذي حصلت فيه العمرة كاملة، وأما العمرة التي تعتبر عمرة مع عدم إتمامها فإن العمرة ثلاث: عمرة الحديبية ، وعمرة القضية، وعمرة الجعرانة.
على قول أن العمر واجبة كالحج في العمر مرة هل تجزي العمرة قبل الحج ؟
السائل : أحسن الله إليكم، على قولنا أن العمر واجبة كالحج في العمر مرة، هل فرضت العمرة قبل الحج؟ الشيخ : لا، ما فرضت قبل الحج. السائل : النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر قبل أن يحج. الشيخ : إي معلوم، عمرة تطوع.
النبي صلى الله عليه وسلم إعتمر في ذي القعدة هل في هذا فضل العمرة في أشهر الحج ؟
السائل : ألا يدل وقوع عمراته صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة على فضل الاعتمار في ذي القعدة؟ الشيخ : بلى، يدل على فضل العمرة في أشهر الحج، وقد توقف ابن القيم رحمه الله: هل العمرة في رمضان أم في أشهر الحج؟ توقف في هذا، لأن ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) هذا قاله النبي عليه الصلاة والسلام لأم سنان، وقد قال بعض العلماء: إنه خطاب لامرأة فاتها الحج مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقالها لها خاصة، وليس على الإطلاق، لكن أكثر العلماء يقولون العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، إنما إذا قلنا أن العمرة في رمضان لا شك أن فيها فضل عظيم، فهل هي أفضل من العمرة في أشهر الحج؟ ابن القيم توقف في هذا.
هل يفهم من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا في السنة العاشرة أنه ليس واجب على الفور؟
السائل : قلنا إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا في السنة العاشرة ، هل يؤخذ من هذا دليل على أن الحج ليس واجباً على الفور؟ الشيخ : لا، ما يأخذ منه دليل، لأنه إذا قلنا إنه إنما وجب في العاشرة فلا إشكال، وإذا قلنا وجب في التاسعة قلنا إن النبي صلى الله عليه وسلم أخره لغرض أهم من تقديمه وهو تلقي الوفود.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج عن عطاء قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يخبرنا يقول ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار سماها ابن عباس فنسيت اسمها ما منعك أن تحجي معنا قالت كان لنا ناضح فركبه أبو فلان وابنه لزوجها وابنها وترك ناضحاً ننضح عليه قال فإذا كان رمضان اعتمري فيه فإن عمرةً في رمضان حجة أو نحواً مما قال )
القارئ : حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما، يخبرنا يقول: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار، - سماها ابن عباس فنسيت اسمها -: ما منعك أن تحجي معنا؟، قالت: كان لنا ناضح، فركبه أبو فلان وابنه، لزوجها وابنها، وترك ناضحاً ننضح عليه، قال: فإذا كان رمضان اعتمري فيه، فإن عمرة في رمضان حجة )، أو نحواً مما قال.
فوائد حديث : ( فإذا كان رمضان اعتمري فيه فإن عمرةً في رمضان حجة )
الشيخ : في هذا الحديث دليل على أن عمرة في رمضان تعدل حجة. وفيه أيضاً دليل على فائدة مهمة وهي أنك إذا نسيت اسم الشخص الصحابي أو غيره كني عنه بما يعم، يعني مثلاً نسيت الصحابي تقول: بعض الصحابة، فقام رجل من الصحابة، لأنك أحياناً تعينه وتخطئ فيه وأنت الحمد لله في حل، التعيين ليس واجباً إلا إذا تعلقت القضية بهذا المعين، فهنا يقول : " سماها ابن عباس فنسيت اسمها "، وفي الأول قال: " لامرأة من الأنصار ". ابن حجر يذكرنا باسمها.
" قراءة من فتح الباري لابن حجر " القارئ : " قوله: لامرأة من الأنصار سماها بن عباس فنسيت اسمها القائل: نسيت اسمها، ابن جريج، بخلاف ما يتبادر إلى الذهن من أن القائل عطاء، وإنما قلت ذلك، لأن المصنف أخرج الحديث في باب حج النساء من طريق حبيب المعلم عن عطاء فسماها، ولفظه : ( لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته قال لأم سنان الأنصارية: ما منعك من الحج ) الحديث، ويحتمل أن عطاء كان ناسياً لاسمها لما حدث به ابن جريج وذاكراً له لما حدث به حبيبا. وقد خالفه يعقوب بن عطاء فرواه عن أبيه عن ابن عباس قال: (جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: حج أبو طلحة وابنه وتركاني، فقال: يا أم سليم عمرة في رمضان تعدل حجةً معي ) أخرجه بن حبان وتابعه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء، أخرجه ابن أبي شيبة، وتابعهما معقل الجزري، لكن خالف في الإسناد قال: عن عطاء عن أم سليم فذكر الحديث دون القصة، فهؤلاء ثلاثة يبعد أن يتفقوا على الخطأ، فلعل حبيباً لم يحفظ اسمها كما ينبغي".
حدثنا محمد بن سلام أخبرنا أبو معاوية حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موافين لهلال ذي الحجة فقال لنا من أحب منكم أن يهل بالحج فليهل ومن أحب أن يهل بعمرة فليهل بعمرة فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة قالت فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وكنت ممن أهل بعمرة فأظلني يوم عرفة وأنا حائض فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ارفضي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج فلما كان ليلة الحصبة أرسل معي عبد الرحمن إلى التنعيم فأهللت بعمرة مكان عمرتي )
القارئ : حدثنا محمد بن سلام، أخبرنا أبو معاوية، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موافين لهلال ذي الحجة، فقال لنا: من أحب منكم أن يهل بالحج فليهل، ومن أحب أن يهل بعمرة، فليهل بعمرة، فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة . قالت: فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج، وكنت ممن أهل بعمرة، فأظلني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ارفضي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج ، فلما كان ليلة الحصبة أرسل معي عبدالرحمن إلى التنعيم، فأهللت بعمرة مكان عمرتي ). الشيخ : هذا الحديث فيه أمور فيها إشكال، قوله في الحديث: " موافين لهلال ذي الحجة "، والمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم خمس وعشرين من ذي القعدة، وليس في خمس وعشرين موافاة للهلال. ثانياً أن الحديث يقول : ( فأظلني يوم عرفة وأنا حائض فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارفضي ) والمعروف أنها أصابها الحيض قبل أن تصل إلى مكة في سرف، فلا أدري هل هو محفوظ أو لا. القارئ : شرحه بعد بابين يا شيخ. الشيخ : شرحه ؟
" قراءة من فتح الباري لابن حجر " القارئ : في باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي. قوله: " خرجنا موافين لهلال ذي الحجة أي قرب طلوعه وقد تقدم أنها قالت: خرجنا لخمس بقين من ذي القعدة ، والخمس قريبة من آخر الشهر، فوافاهم الهلال وهم في الطريق لأنهم دخلوا مكة في الرابع من ذي الحجة". الشيخ : يعني في نصف الطريق، إذا أخذنا خمس وأربع صار في نصف الطريق تقريبا فكيف يقال خرجنا، فالظاهر أن هذا من جنس ما سبق أن الإنسان قد ينسى، الرواة، وما دامت هي قد صرحت بأنهم قد خرجوا خمس وعشرين من ذي القعدة، يتبين أن هذا فيه شيء، على كل حال إن شاء الله البحث يأتي إن شاء الله في المستقبل لأنه انتهى الوقت. الشيخ : نعم. القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب العمرة: "باب العمرة ليلة الحصبة وغيرها". حدثنا محمد بن سلام، أخبرنا أبو معاوية، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موافين لهلال ذي الحجة، فقال لنا: من أحب منكم أن يهل بالحج فليهل، ومن أحب أن يهل بعمرة، فليهل بعمرة، فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة . قالت: فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج، وكنت ممن أهل بعمرة، فأظلني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ارفضي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج ، فلما كان ليلة الحصبة أرسل معي عبدالرحمن إلى التنعيم، فأهللت بعمرة مكان عمرتي). الشيخ : هذا الحديث سبق لنا الإشارة إلى أن سياقه مخالف لسياق الأحاديث الأخرى من عدة وجوه: منها : أنها قالت : " موافين لهلال ذي الحجة " والمعروف أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من حديث عائشة أيضاً أنه خرج وقد بقي من ذي القعدة خمسة أيام، " ونحن موافين "أي مقاربين " لهلال ذي الحجة " فيه نظر. ثانياً: قال: ( من أحب منكم أن يهل بالحج فليهل، ومن أحب أن يهل بعمرة فليهل بعمرة )، قال: ( لولا أني أهديت لأهللت بعمرة ) هذا ما قالها إلا حينما طاف وسعى عليه الصلاة والسلام، ما قالها قبل أن يصل لمكة بل قالها حينما طاف وسعى، وظاهر السياق أنه قالها قبل ذلك، على أنه يمكن أن يؤول على أن الراوي اختصر الحديث ثم انتقل من تخيير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصحابه أن يهلوا بواحد من الأنساك الثلاثة ثم بعد ذلك قال : ( لولا أني أهديت لأحللت معكم )، لكن السياق يبعد هذا. ثالثاً : قالت : " فأظلني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت ذلك إلى النبي "، وهذا لا يستقيم أبداً، لأن المعروف المشهور أن حيضها كان بسرف قبل أن تصل إلى مكة، وأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمرها أن تدخل الحج على العمرة هناك لا في يوم عرفة. ومنها : أنه قال : ( ارفضي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ) وهذا الكلمة شاذة، لأنها لو نقضت عمرتها لكانت مفردة لا قارنة، وهي بلا شك صارت قارنة، لكن لولا أن السياق فيه اضطراب لأمكن بسهولة أن نقول: ( ارفضي عمرتك ) أي أفعالها، لا تكمليها، لكن أصل الحديث وسياق الحديث فيه هذا الاضطراب، والرواة كغيرهم بشر قد ينسى الإنسان وقد يتوهم. طيب، ويغني عن هذا الحديث الأحاديث الأخرى التي في صحيح البخاري على غير هذا السياق. وأما قولها : " لما كانت ليلة الحصبة أرسل معي عبد الرحمن إلى التنعيم " ليلة الحصبة هي ليلة الرابع عشرة، والحصبة هي الحصى الصغار، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نزل في المحصب، حينما تأخر في منى وخرج نزل هناك. وقولها : " أرسل معي " من المعروف أن عائشة هي التي طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم وألحت عليه، لكن هذا لا يمنع أن يقال: أرسل معي أخي بعد الإلحاح. لا بد علي نور يشوف كلام القارئ: فيه كلام لابن القيم على قوله : ( انفضي رأسك وامتشطي ). قال ابن القيم رحمه الله تعالى : "وأما قوله ( انفضي رأسك وامتشطي ) فهذا مما أُعضل على الناس، ولهم فيه أربعة مسالك: أحدها: أنه دليل على رفض العمرة. المسلك الثاني: أنه دليل على أنه يجوز للمحرم أن يمشط رأسه، ولا دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع على منعه من ذلك ولا تحريمه، وهذا قول ابن حزم وغيره. المسلك الثالث: تعليل هذه اللفظة وردها بأن عروة انفرد بها وخالف بها سائر الرواة، وقد روى حديثها طاوس والقاسم والأسود وغيرهم فلم يذكر أحد منهم هذه اللفظة، قالوا وقد روى حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها حديث حيضها في الحج، فقال فيه : حدثنا غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : ( دعي عمرتك وانفضي رأسك وامتشطي ) وذكر تمام الحديث، قالوا فهذا يدل على أن عروة لم يسمع هذه الزيادة من عائشة. المسلك الرابع: أن قوله ( دعي العمرة ) أي دعيها بحالها لا تخرجي منها، وليس المراد تركها، قالوا ويدل عليه وجهان، أحدهما قوله : ( يسعك طوافك لحجك وعمرتك )، الثاني قوله : ( كوني في عمرتك ) قالوا وهذا أولى من حمله على رفضها لسلامته من التناقض، قالوا وأما قوله : ( فهذه مكانة عمرتك ) فعائشة أحبت أن تأتي بعمرة مفردة، فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أن طوافها وقع عن حجتها وعمرتها، وأن عمرتها قد دخلت في حجها فصارت قارنة، فأبت إلا عمرة مفردة كما قصدت أولا، فلما حصل لها ذلك قال : ( هذه مكان عمرتك ). وفي سنن الأثرم عن الأسود قال: قلت لعائشة : اعتمرت بعد الحج؟ قالت : والله ما كانت عمرة، ما كانت إلا زيارة زرت البيت . قال الإمام أحمد : إنما أعمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة حين ألحت عليه فقالت: يرجع الناس بنسكين وأرجع بنسك، فقال : يا عبد الرحمن أعمرها، فنظر إلى أدنى الحل فأعمرها منه ". القارئ : الكلام على موضع الحيض والطهر الشيخ : نعم القارئ : قال رحمه الله تعالى : "فصل" "وأما موضع حيضها، فهو بسرف بلا ريب، وموضع طهرها قد اختلف فيه، فقيل: بعرفة هكذا روى مجاهد عنها، وروى عروة عنها أنها أظلها يوم عرفة وهي حائض، ولا تنافي بينهما، والحديثان صحيحان، وقد حملهما ابن حزم على معنيين، فطهر عرفة: هو الاغتسال للوقوف بها عنده، قال: لأنها قالت: تطهرت بعرفة ، والتطهر غير الطهر، قال: وقد ذكر القاسم يوم طهرها أنه يوم النحر، وحديثه في صحيح مسلم، قال: وقد اتفق القاسم وعروة على أنها كانت يوم عرفة حائضاً، وهما أقرب الناس منها. وقد روى أبو داود: حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عنها قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موافين هلال ذي الحجة.. فذكرت الحديث، وفيه: فلما كانت ليلة البطحاء طهرت عائشة، وهذا إسناد صحيح، لكن قال ابن حزم: إنه حديث منكر، مخالف لما روى هؤلاء كلهم عنها، وهو قوله: إنها طهرت ليلة البطحاء، وليلة البطحاء كانت بعد يوم النحر بأربع ليال، وهذا محال إلا أننا لما تدبرنا وجدنا هذه اللفظة ليست من كلام عائشة، فسقط التعلق بها، لأنها ممن دون عائشة، وهي أعلم بنفسها. قال: وقد روى حديث حماد بن سلمة هذا وهيب بن خالد، وحماد بن زيد، فلم يذكرا هذه اللفظة. قلت: يتعين تقديم حديث حماد بن زيد ومن معه على حديث حماد بن سلمة لوجوه: أحدها: أنه أحفظ وأثبت من حماد بن سلمة. الثاني: أن حديثهم فيه إخبارها عن نفسها".